Professional Documents
Culture Documents
المام أبوعمرو :هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الموى بالولء القرطبى المولد و النشأة عرف هو و أبوه قبله بابن
الصيرفى ،ثم غلب عليه نسب الدانى بعد أن صار الى شرق الندلس و نزل بدانية ،قال القاسم بن يوسف التجيبى فى برنامجه :
"و لم يكن ــ رحمه ال ــ من دانية و لكنه نزلها و أقرأ بها فشهر بذلك ،و كان قرطبيا سكن منها بربض قوته راشة بحومة مسجد
ابن أبى لبدة ،و كان أبوه صيرفيا رحمة ال عليهما " انتهى )برنامج التجيبى.(36:
مولده و نشأته :اختلفت الروايات اختلفا يسيرا فى تحديد سنة ميلده ،فروى ابن بشكوال بسنده إليه قال :
"قال أبوعمرو :سمعت أبى رحمه ال ــ غير مرة يقول :
إنى ولدت سنة إحدى و سبعين و ثلثمائة" انتهى ) الصلة لبن بشكوال 2/386:ترجمة رقم . (876
و على هذا درج الحافظ الذهبى و ابن الجزرى فى كتابيهما فى القراء .
و روى ياقوت فى معجمه من طريق أبى داود صحب أبى عمرو الدانى قال :
" كتبت من خط أستاذى عثمان بن سعيد بن عثمان المقرىء بعد سؤالى عن مولده :
أخبرنى أبى أنى ولدت فى سنة اثنتين و سبعين و ثلثمائة و ابتدأت فى طلب العلم سنة ست و ثمانين ،و توفى أبى فى سنة ثلث و
تسعين فى جمادى الولى" انتهى ) معجم الدباء لياقوت.(127-12/125 :
و عاش أبوعمرو طفولته بقرطبة ،و هى يومئذ فى أوج نهضتها العلمية التى ورثتها عن عهود الزدهار من خلفة المويين
بالندلس على عهد عبدالرحمن الناصر و ابنه الحكم المستنصر الذى توفى سنة 366هـ فخلفه ولده هشام ،و كان غلما صغيرا ،
فولى أمر تدبير الدولة باسمه المنصور محمد بن أبى عامر الحاجب ،فولد أبوعمرو فى عهده ،و تدل أخبار أبوعمرو على أنه
حفظ القرءان فى سن مبكرة ،و أخذ فى طلب العلم بعد سنة خمس و ثمانين و هو فى نحو الخامسة عشرة ) .الصلة(2/386:
طلبه للعلم :و ما أن بلغ العشرين حتى كان قد استكمل قرائته للسبعة بالخذ من قراء بلده ،و أهمهم خاله محمد بن يوسف
النجاد ،و سمع الكثير فى الفقه و الحديث و السير و اللغة و الدب و غيرها من علوم الرواية ،ثم رحل فسمع بأستجة و بجانة و
سرقسطة و غيرها من بلد الثغر و شرق الندلس .
كما أنه رحل إلى ألبيرة فقرأ على أبى عبد ال بن أبى زمنين أحد كبار شيوخ الحديث و الثار ) الحاطة لبن الخطيب-4/109:
. (110
ثم تاقت نفسه إلى المزيد ،فأخذ يعد العدة للرحلة خارج البلد ،فاتجه إلى أفريقية ثم منها إلى مصر و الحجاز .
قال أبوعمرو :
" فرحلت إلى المشرق فى اليوم الثانى من المحرم يوم الحد سنة سبع و تسعين ،و مكثت بالقيروان أربعة أشهر و لقيت جماعة و
كتبت عنهم ".
" ثم توجهت إلى مصر ،و دخلتها فى الثانى من الفطر من العام المؤرخ ،و مكثت بها إلى باقى العام و العام الثانى ،و هو عام
ثمانية إلى حين خروج الناس إلى مكة ".
" و قرأت بها القرءان ،و كتبت بها الحديث و الفقه و القراءات و غير ذلك عن جماعة من المصريين و البغداديين و الشاميين و
غيرهم ".
" ثم توجهت إلى مكة ،وحججت ،و كتبت بها عن أبى العباس أحمد البخارى و عن أبى الحسن بن فراس ،ثم انصرفت إلى مصر
و مكثت بها أشهرا ".
" ووصلت إلى الندلس أول الفتنة بعد قيام البربرعلى ابن عبدالجبار بستة أيام ،فى ذى القعدة سنة تسع و تسعين .و مكثت بقرطبة
إلى سنة ثلث و أربعمائة ".
" و خرجت منها إلى الثغر ،فسكنت سرقسطة سبعة أعوام ،ثم خرجت منها إلى ألوطة ،و دخلت دانية سنة تسع و أربعمائة ،و
مضيت منها إلى ميورقة فى تلك السنة نفسها فسكنتها ثمانية أعوام " .
" ثم انصرفت إلى دانية سنة سبع عشرة و أربعمائة ") .معجم الدباء.(127-12/125:
تلك هى تفاصيل المعالم الكبرى من تنقلت أبى عمرو فى رحلته العلمية التى لقى فيها و قرأ على من قرأ عليه من رجال مشيخته
فى الندلس و إفريقية و القيروان و طرابلس و مصر و مكة المكرمة .
و قد اجتمع فى رحلته بالقيروان بكبار مشيخة المدرسة المالكية فى الفقه ،و من أهمهم الشيخ أبوالحسن القابسى و أبوعمران الفاسى
،و قد صحبه هذا الخير بها و حج معه فى السنة التى حج فيها ،و لكنه فارقه فى رحلة العودة فلم يتح لبى عمرو ما أتيح لبى
عمران من دخول العراق و لقاء شيوخ الرواية به ،و قد قال الدانى فى ترجمته له فى الحديث عن هذه الحداث :
" كتب معنا بالقيروان و بمصر و بمكة المكرمة ،و توجه إلى بغداد ،و أنا بمكة سنة تسع و تسعين و ثلثمائة و أقام اشهرا ،و قرأ
بها القرءان و سمع الحروف ،و كتب عن جماعة من محدثيها حديثا منثورا " )غاية النهاية322-2/321:ترجمة .(3691
و هكذا كانت خاتمة المطاف بعد هذا التجوال و التجواب أن ألقى أبوعمر عصا الترحال ،و مد أطناب القامة فى كنف أمير دانية و
الجهات الشرقية من الثغر بالندلس المير مجاهد العامرى ،إلى أن توفى هذا المير سنة 436هـ ،ثم فى رعاية ولده الموفق إقبال
الدولة بقية حياته إلى أن لبى أبوعمرو داعى ربه هنالك ،فمات عن سن يشارف الثالثة و السبعين عاما رحمه ال تعالى.
و كان رحمه ال لما حضرته الوفاة أوصى ابنه أبا العباس بأن يصلى عليه بعد وفاته عبدال بن خميس فأنفذ وصيته بذلك فى
النصف من شوال سنة اربعمائة و أربعة و أربعين .
ووافق ذلك يوم الثنين ،و كان دفنه عند صلة العصر فى اليوم الذى توفى فيه .
"و مشى السلطان ابن مجاهد أمام نعشه ،و كان الجمع عظيما فى جنازته" .
فرحم ال حافظ القراءات و إمام المقرئين بالمغرب و المشرق عثمان بن سعيد الدانى ،و بوأه ال منازل الصديقين ،و خلد ذكراه
فى العالمين بين الئمة المجتهدين .
تيســيــــــــره و بيـانه و الجـــامع يا حافظ الدنيا و من بـهــر النـــهى
بده العقول فما لديـــه منــــــــازع و بمقنع بــــذ الفحـــول و مــحـــكم
فيه البدور سمت لهن مطــــــــالع و بديــــــع إســــناد كـــأن رجــــاله
بر تخـــــــــيـــــره إمـــــــام بارع مــــن كل حــبــر للمــــقارىء بارع
كالنبــــــع يدفق سـيـــبه المتدافع يتفجر التنزيـــــل بين ضــــلوعــــه
فذا فمالك فى النــــــبوغ مضارع قد جئت فى علم المقارىء واحــــدا
زهراء جللها الضيــــــاء الساطع و برزت كالشمس المنيرة بالضحى
و رمى المقادة و استراح الطامع حتى تقاصر عن مـــــداك مــــحاول
من شاء ما دون المواهــب وازع و كذاك يخــــــتص اللـه بفـــــضله
تزهـــــو بها لك فى الجنان مراتع جادت أباعـــــــمـــــرو ثراك مراحم
و تصدر السبع المقارىء نافــــــع ما حبر السبـــــع المــــثانى قارىء
) الترجمة بأكملها و كذا القصيدة منقولة من كتاب معجم شيوخ الحافظ أبى عمرو الدانى لفضيلة الدكتور عبدالهادى حميتو حفظه
ال (