Professional Documents
Culture Documents
18658622
18658622
الوجود وما فيه من عوال الادة والطبيعة والفكر والجتمع ف حركة دائمة متواصلة ،والركة هي
عملية تكامل ،وبناء ف هذه الوجودات ،الطبيعية الادية ،والنسانية الجتماعية .
والركة تري على الوجود غي الرادي ،بصورة إضطرارية ول إرادية ،كما تري ف عال
النسان باتاهي :إختياري واضطراري .والركة ،كما يقول الفلسفة ،هي ف حقيقتها
وف عملية الركة تفاعل وتاس وترابط متواصل بي الشياء ،فل شيء ف هذا العال منفصل عن
الوجودات الخرى ،من عال الذرّة والكواكب والجرّات ،إل عال النسان والنبات واليوان
وف مسار التكامل والتصاعد ،يدث السقوط والتساقط والفناء ،كما تدث الولدة والتكوّن
وف عال النسان الجتماعي ،تتجلّى حركة السي والتكامل ،والسقوط والنم ّو والتغيي والتبدّل
بشكل متواصل ،كما تدث ف خليا السم البشري وأجهزته ،وتركيب النسان الفكري
والنفسي .فعال الفكر والجتمع والضارة حركة دؤوبة ،تتحرّك باتاه الصعود والتكامل تارة ،
ويهمّنا ف هذا الوضوع أن نتحدّث باياز عن الدوث والتغيّر ،والتحوّل الفكري والضاري ف
الجتمع ،وعلقة ذلك بالرسالة والتراث والبادئ والنسان العاصر .فكثيا ماتتردّد قضية
(العاصرة والتجديد) و (العقل السلم) و (أزمة العقل السلم) و (إعادة تكوين العقل السلم) و
(الوقف من التراث) ،وغي ذلك من العناوين والصطلحات الت تدور حول موضوعات متشابة
.
ولكي نعطي صورة واضحة عن هذا الوضوع ،لبدّ من أن نشي إل أن مسألة الصراع بي
السلم والفكر السلمي وبي خصومه ،مسألة قدية ضاربة ف القِدَم ،فقد بدأ الصراع مع
الفكر الوثن التخلّف من بدء الدعوة ،وبدأت الثارات الوثنية بسذاجتها ،وتلّف وعيها للطبيعة
والفكر والجتمع ،ث اتذ الصراع الفكري درجة أعقد من الثارات والشبهات ،كان أهل
الكتاب من اليهود والنصارى يطلقونا ،ول تستطع تلك الشبهات أن تقف بوجه الردّ العلمي
والعقول السلمي ،فخرج هذا العملق من تلك الواجهة بنجاح خالد ،ث بدأت معركة
الصراع الفكري تأخذ أبعادا من التخطيط والكيد والواجهة ،طوّرت القوى العادية فيها ،
وسائلها وأساليبها ،وكانت على درجة خطية من النتائج والثار .
فبعد أن استعصت الصون السلمية على الختراق من خارجها ،انتقلت تلك القوى وف
مقدّمتها اليهود ،لختراق البُنية الفكرية ،والعمل على هدم البناء السلمي من داخله ،فتبنّوا
دسّ الحاديث والروايات ،وتدريب الوضّاعي والقصّاصي على افتعال القصص ،ووضع
وتواصل ذلك الصراع على مدى السـار التأريي ،فمل البيئـة السلمية بالرباك والتشويه،
وتسلّلت تلك الروايات الوضوعة إل بُنية الفكر السلمي ،وف مقدّمتها السرائيليات الت
دخلت التفسي ف مال القصص والتأريخ والعقيدة ،بل والطبيعة ،فكانت من أكثر الدسوسات
تشويها وتريفا ،ث تطوّرت وسائل القاومة والصّراع ،فبدأ اُولئك الخرّبون ينقلون إفرازات
فبدأ هذا الفكر النحرف يغزو حلقات الدرس على شكل آراء فلسفية منظّرة ،وأخذ يدخل
كحوارات وإثارات ف الساجد ،وبي طلبة العلوم السلمية ،فاُثيت نظرية الب والقدر
وهكذا تسلّل الفكر اليهودي والسيحي الحرّفي ،إل ساحة الفكر السـلمي ،عن طـريق دسّ
الروايات والحاديث ،وعن طريق التفسي ،والتفلسف العقيدي .ظهر ذلك بشكل أكثر وضوحا
ف أواخر النصف الوّل من القرن الوّل الجري ،ث اتّسع ،واتّخذ أبعادا خطرة ف النصف الثان
منه .
وهكذا وجد السلمون حالة الرباك والتشويه ف (النصّ السلمي) ،أي ف السنّة النبويّة ،با دُسّ
كما وجـدوا هذا الرباك والتحريف ف تفسـي القـرآن ،وفهم نصوصه ،بسبب تلك
الدسوسات والحاولتّ ،ث واجهوا ذلك التحريف والتخريب ف مال الفكر العقـيدي على
شكل نظريات متفلسـفة ،كنظرية الب والقدر ،على يد غيلن الدمشقي ،ومعبد الهن،
وأمثالم.
ول يقف العقل السلمي متفرّجا أمام تلك الحاولت الدّامة ،بل تصدّى أئمة السلمي
لتنقية ما تسلل إل التفسي والفهم من خرافة وغريب مدسوس ،وما اُثي من شبهات ،
وأفكارها الفسّرة لسلوك النسان ،وعلقته بإرادة النسان والشيئة اللية .
وتطوّرت مناهج ونظريات علماء السلم ،ف الردّ على تلك الحاولت والشّبهات ،فاتذت
صيغا علمية منظّرة ،وف تلك الفترة برز تيار العتزال الذي بالغ ف استخدام العقل مقابل النصّ ،
كما برز تيار أهل الظاهر والتوقّف السّلفي ،مقابل العقلنية ،والتعامل العقلي مع الضمون
والحتوى .وف خضم تلك التيارات ظهر التيار الباطن ،كنظرية لفهم السلم ،فهما باطنيا
ث جاء عصر الترجة والفلسفة ،وتوسعت الفتوحات ،ووفدت النظريات والفكار الفلسـفية ،
فحمل الداخلون إل السلم من أصحاب الفكر والنظريات ،ما آمنوا به ف جاهليتهم من تلك
الفكار والراء ف مال العقيدة والسلوك ،فوجدت تلك الفكار طريقها لختراق الفكر
السلمي ،ونشأ تيار الفلسفة والتصوّف التأثر بتلك الفكار والنظريات ،ونشأت فلسفات
وهكذا مرّ الصراع الفكري ،وعمليات الختراق الثقاف براحل ،ول ترّ هذه الجمة
والحاولت ،دون ر ّد ومواجهة من العلماء والفكرين السلميي .وكان الردّ علميا ومنظّرا ،
فتصدّى العلماء لتفسي القرآن ،وبيان متواه ،وتثبيت الضوابط والقواعد العلمية للتفسي
والتأويل ،فنما علم التفسي والتأويل ،ث علوم القرآن الُخرى لماية النصّ القرآن من العبث
والتلعب ،ولكتشاف متواه ،واستنباط معانيه ،وتنظيم عمليات التعامل مع القرآن ،قراءةً ،
وتفسيا ،وتأويل ،واستنباطا .وردّ العلماء على عملية الدس ف الروايات والحاديث والسية
النبوية ،بتأسيس علم الديث والرجال الذي قام بدراسة شخصيات الرّواة وغربلة الرّواية ،
ووضعت الُسس والقواعد العلمية لقبول الرّواية والتعامل معها .ورغم أن هذا العلم قد مارس
دوره بشكل فعّال ف غربلة الرّواية ،وتثبيت الصحيح ،إلّ أنّ تعدّد مدارسه ومذاهبه ،قد حال
ور ّد علماء السلم بتأسيس علم الكلم،على ماولت التحريف العقيدي،لماية العقيدة والفكر
وآراء ونظريات متعدّدة.وهذا العلم كغيه من العلوم النسانية،كان قد تأثّر بآراء واتاهات
متعدّدة كثية،كما تأثّر بنهج الفهم والسلّمات القَبْلية للعلماء والفكرين السلميي.
وللتعامل مع النصّ ،واكتشاف العن والدللة فيه ،أسّس علماء السلم علم اُصول الفقه ،
وعلم اُصول الفقه هو النهج العلمي للستنباط الفقهي،أو هو منطق الفقه،كما يقول العلماء،
ومنهج التفكي الفقهي الذي يفظ عمليّة الستنباط من الطأ والفوضى والرتباك والذاتية .
وكما كان لعلماء السلم تلك الهود العلمية العملقة ف حفظ العقيدة والتشريع والسنّة
والسية ،كانت لم جهود علمية خالدة ف مال (علم السلوك) أو (علم الخلق) لدراسة
السلوك البشري ،وتليله تليل علميا ،ومعالة الانب العملي من حياة النسان ،على ضوء
ومن خلل الترجة والنقل من اللّتينية والندية والصينية والفارسية ،عرف علماء السلم
الفلسفة ،وشكّل دخول الفلسفة إل الفكر السلمي ،حدثا فكريا هائل ،جُوبِهَ بردود فعل
متفاوتة .
وقد حلت تلك الفلسفة آراء ونظريات متعارضة مع الفكر السلمي ،ل سيّما ف مال العقيدة،
كما رفدت الفكر السلمي بنهج ورؤية فكرية جديدة ،إمتازت بالستدلل ،والبهان العلمي
النظّم.
ولقد اسُت ْقبِلَ الفكر الفلسفي ،بعد ترجته ف عهد الأمون ،كما تشي دراسات تأريخ الفلسفة
السلمية ،استُ ْقبِ َل الفكر الفلسفي ف عهد نضج الفكر السـلمي ،وتبلور النظريات الكلمية
والتفسيية والفقهية والُصولية ،أي ف القبة الت دخل فيها الفكر السلمي مرحلة التنظي
والنهجية النظّمة ،فحي تناول الفكر السلمي ،الفلسـفة اليونانية وفلسـفة الُمم الخرى
الندية والصينية والفارسية ،كان ف مرحلة تبلور الشخصية النهجية ،وتنظي الفكر ،والتعامل مع
وتفيد الدراسات التأريية للفكر السلمي ،أن ردود الفعل ف أوساط السـلميي تاه الفلسفة
2ـ التأ ثّر والقبول غي اللتزم ،وقد كان لذا التيار خطره ،إذ حاول هؤلء التأثرون بوجة
التيار الفلسفي ،العمل على تطويع الفكر السلمي للنظريات الفلسفية ،واعتبار الراء الفلسفية
أساسا مسلّما با ،ثّ حاولوا ترير تلك الراء بأدلّة وأساليب توهم بأنا إسلمية ،وهي ليست
كذلك .
3ـ الوقف النقدي :وتضمّن هذا العمل العلمي ،مناقشة الفلسفة ،وآراء الفلسـفة ،والرد
عليهم ،كما فعل التكلّمون عند تنـاولم للموضوعات الشتركة ف البحث ،كموضوع
4ـ تأسيس الفلسفة السلمية :بلغ الوقف العلمي ،من قبل علماء السلم وفلسـفتهم
اللتزمي ذروته ف التعامل مع الفلسـفة الوافدة بتأسيس الفلسفة السلمية ،بعد أن اطّلعوا على
الفلسـفة اليونانية ،ودرسوا مباحثها وموضوعاتا ،ووجدوها تتأ لّف من أربعة عناصر أساسية
هي :
وعلى اُسس هذا التحليل العلمي قاموا ببناء نظرياتم الفلسفية ،فبحثوا الوضوعات ،والباحث
الفلسفية ذاتا ،بنهج تفكي اسلمي ،وبادة فكرية اسلمية استفيدت من الكتاب والسنّة،
ومسلّمات العقل السلم ،مستخدمي الصطلح الفلسفي الحايد تارة ،كالقِدَم ،والدوث،
والصطلح السـلمي الصيل تارة اُخرى ،وف الوارد الت يكون للمصطلح دللته الاصّة،
متّبعي الطريقة الفلسفية ف البحث والستنتاج والتنظي .فشادوا فلسفة اسلمية ،ونبغ منهم
ول يكن هؤلء مقلّدين ،ول فاقدي الويّة الضاريّة ،بل انطلقوا من مبادئ ومسلّمات
إسلمية ،وساروا ف بوثهم وفق منهج تفكي اسلمي ،فتوصّلوا إل نتائج فلسفية وفكرية
اسلمية ،وبذا عزّزوا البناء الضاري ،وأضافوا جهدا علميا جديدا لتنمية الفكر السلمي،
وتصـينه ف آن واحد ،وتعريض الوافد الفكري الديد للمُساءلة والنقد ،والعمل على كشف
ومع هذا النفتاح الفكري ،واللتزام بالصالة ،والفاظ على الويّة السلمية ،إنطلق الفكر
الفلسفي بادّة إسلمية على شكل نظريات ،وآراء فلسـفية متعدّدة ،فأعطت تلك الدلية
الفلسـفية ،والنفتاح العلمي ،والوار النقدي التواصل زخا ،وتنمية جديدة للفكر الفلسفي
السلمي .
ومع ذلك كلّه فل يعن أن هذا التاه الفلسفي قد صار فكرا مصونا من النقد والطأ،لذا تصدّى
كثيا من آرائهم،فأنتج هذا الوار خصوبة فكرية جديدة،وأحدث تفاعلت حضارية ،كتثبيت