You are on page 1of 3

‫بعض التأويلت فى أية‬

‫اللتفات‬
‫اااا‪ :‬ااا ااااااا‬
‫‪1‬‬
‫)قال تعالى‪ :‬وليلتفت منكم أحد إل إمرأتك(‬
‫لقد كرم الله تعالي المسننلمين بالعلمنناء العنناملين الننوارثين للنننبيين‬
‫المتاناولين لجامع المسائل فى الدين‪ .‬فل يتركون الثغر إل و قدسددوه و ل‬
‫مشاكل إل و قد بينوه‪ .‬و ساهموا فى بناء السلم حننتى ترسننخ القنندم فننى‬
‫تاريخ المم‪ .‬خصوصننا فيمننا يتعلننق بننالقرآن كمحننور البيننان إذ عننالجوا كننل‬
‫موضننوعاته بالقواعنند المثبننة المسننبورة مننن تننأملتهم نحننو النصننوص‬
‫المخصوص‪.‬‬
‫و من ضمنها قوله تعننالى و)ول يلتفت منكتتم أحتتد إل إمرأتتتك(‬
‫التى تأخذ من رحمها بعض الفوائد فى مسننائل السننتثناء‪ .‬و السننتثناء كمننا‬
‫قال ابن مالك فى التسهيل هو التعبير عنن المخنرج تحقيقنا أو تقنديرا منن‬
‫مذكور أو متروك بإل أو ما بمعناها بشرط الفننائدة انتهى‪ 2‬فيكننون متصننل و‬
‫منقطعا‪ 3‬و يكننون موجبننا إن كننانت الجملننة مثبننة و غيننر مننوجب إن كننانت‬
‫الجملة منفية و ما تشبهها من النهي و السننتفهام و يكننون مفرغننا إن كننان‬
‫المستثناء منه غير مذكور فيعامل حسب العوامل‪.4‬‬
‫و جملة )ول يلتفت منكم أحد إل إمرأتك( منفيننة و )إمرأتتتك(‬
‫أى المستثناء ليس بعض )أحد( المستثناء منه لنه نظير قننوله تعننالى فننى‬
‫قصة نوح )إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح(‪ 5‬فعلى هذا يكننون‬
‫السننتثناء منقطعننا‪ .‬و إن جعننل )إمرأتك( المسننتثناء جنننس مننن )أحتتد(‬
‫المستثناء منه فعلي هذا يكون الستثناء متصل‪.‬‬
‫فكننون الجملننة )ول يلتفتتت منكتتم أحتتد إل إمرأتتتك( متصننل أو‬
‫منقطعا أشكل بعنض العلمناء فنى تأوينل منا يتولند منن نصنب المنرأة أو‬
‫رفعهننا‪ .‬فالجملننة المتصننلة المنفيننة يجننوز فيننه وجهننان‪ :‬أحنندهما أن يجعننل‬
‫المستثناء تابعا للمستثناء منه على أنه بدل بعض من كل عند البصننريين أو‬
‫عطف نسق عند الكوفيين والثانى‪ :‬أن ينصب المستثناء كما أجاز أبو حيننان‬
‫مستدل بقراءة ابن عامر فى قوله تعالى )ما فعلوه إل قليل منهتتم( و‬
‫هو عربي جيد و التباع أجود منه‪ .‬و الجملة المنقطعننة المنفيننة فيننه قننولن‬
‫أولها وجوب النصننب عننند أهننل حجنناز و كمننا سننمي علمنناء البصننرة بلكننن‬
‫الستدراكية و الثانى جواز النصب و الرفع على لسان بنى تميم‪ .‬و البنناحث‬
‫مع سادة علماء البصرة و الكوفة في ترجيح القولين لنهم السواد العظم‪.‬‬
‫ولكن هذا الترجيح قد خالفه نصب المرأة فى )ول يلتفتتت منكتتم‬
‫أحد إل إمرأتك( حيث رجح فيه رفع المرأة على أصل القاعدة و إن كان‬
‫‪ 1‬سورة هود‪81 :‬‬
‫‪ 2‬فإن كان بعض المستثنى منه حقيقة فمتصل و إل فمنفصل مقدر الوقوع بعد لكن عند البصريين و بعد‬
‫سوى عند الكوفيين‪ :‬شرح التسهيل لبن مالك طبعة هجر للطباعة و النشر و التوزيع و لعلن‬
‫‪ 3‬على اصطلح ابن هشام فى قطر الندى ول مشاحة فى لصطلح‬
‫‪ 4‬و لسهاب فى ذلك فى قطر الندى لبن هشلم‬
‫‪ 5‬سورة هود‪46 :‬‬

‫‪1‬‬
‫أصل الرواية قد جاء على الوجهين‪ :‬فقرأ ابنن كنثير و أبنو عمنروا بنالرفع و‬
‫الباقون من القراء السبعة بالنصب و لهذا الترجيح أيضننا حنرج الزمخشننرى‬
‫فى نصب المرأة فى قنوله‪ :‬ويجنوز أن ينتصنب عنن ل يلتفنت علنى أصنل‬
‫الستثناء و إن كان الفصيح هو البدل‪ 6‬فأول المستثناء منه من )أحد( إلنننى‬
‫)أهلك( ليكون الجملة مثبننة فحينئذ وجننب نصننب المننرأة‪ .‬أمننا مننن حيننث‬
‫الرواية ل شيء بين نصب المرأة أو رفعه لن الرواية سنة متبعة و العننبرة‬
‫فى القراءة هى الرواية و ليس الدراية‬
‫أما من حيث المعنى فقد أشكل على العلماء فى تحديد ما وقع فى‬
‫قصة لوط عليه السلم‪ .‬و هذا أبو حيان صاحب بحر المحيط يستدرك على‬
‫الزمخشرى على أن فى إقباله على الرواية التى روى أنه أخرجها معهننم و‬
‫الرواية أنها تخلف مع قومهننا سننبب فننى اختلف القننراءة و قننال أنننه وهننم‬
‫فاحش من الشيخ إذ وجد فيه التننناقض بيننن السننير و عنندم السننير‪ 7‬و هننذا‬
‫العتراض حسن‪.‬‬
‫و الروايننة الننتى يسننتدل بهننا الزمخشننرى مثبتننة فننى درر المنثننور‬
‫للسيوطى‪ :‬أخرج ابن جرير و ابن امنذر و ابن أبننى حنناتم عننن مجاهنند فننى‬
‫قوله ‪) :‬ول يلتفت منكم أحد( قال لينظر وراءه أحنند )إل إمرأتتتك( و‬
‫أخرج أبو عبيد و ابن جرير عن هارون قال فى حرف ابن مسعود‪) :‬فأسر‬
‫بأهلك بقطتتع متتن الليتتل إل امرأتتتك(‪ 8‬و أسننقط ابننن مسننعود )ول‬
‫يلتفت منكم أحد( و هذه قراءة شنناذة لنهننا خننالفت رسننم العثمننانيى و‬
‫الشروط فى قبول القراءة ثلثة‪ :‬اتصال السند و موافقته لرسننم العثمننانى‬
‫و موافقته للغة العربية فلو أخلت واحنندة مننن تلننك الشننروط لننم تعنند مننن‬
‫القراءة المتواترة فترجح رواية السير على رواية عدم السير‪.‬‬
‫وقال أنصار الزمخشرى بأن إخرجها مننن جملننة النهنني ل ينندل علننى‬
‫أنها مسري بها بل على أنهنا معهنم و قند روى أنهنا تبعتهنم و قند فنند ابنن‬
‫هشام إعراب الزمخشننرى و قننال إنننه خلف الظنناهر‪ .9‬و علننى هننذا النهننج‬
‫يسير تأويل العلماء على أن امرأة لوط يسننير معهننم ثننم تلتفننت لسننماعها‬
‫هدة العذاب فقاتلها حجر من السماء كما صننرح فننى روايننة عننن ابننن أبننى‬
‫حاتم و أبو الشيخ عن قتادة قال‪ :‬ذكرلنا أنها كانت مع لننوط لمننا خننرج مننن‬
‫القرية فسمعت الصوت فالتفتت فأرسل الله عليها حجرا فأهلكها‪.10‬‬
‫و أيد القرآن هذا التأويل بقوله تعالى )فأسر بأهلك بقطع من‬
‫الليتتل و اتبتتع أدبتتارهم ول يلتفتتت منكتتم أحتتد وامضتتوا حيتتث‬
‫تؤمرون(‪ 11‬فل يحمل مطلق هذه الية لمقيد )إل امرأتك( لن مقتضنننى‬
‫الحديث تفصح عن حدوث قصة لوط بالتفصيل ل بالجمننال فكننأن الحننديث‬
‫مبين للقرآن على سبيل العكس‪.‬‬
‫و أحسننن الننرازى حيننن قننال‪ :‬واعلننم أن القننراءة بننالرفع أقننوى لن‬
‫القراءة بالنصب تمنع من خروجها مع أهله لكن على هذا التقنندير السننتثناء‬
‫يكون من الهل كأنه أمر لوطا بأن يخرج بأهله و يننترك هننذه المننرأة فإنهننا‬
‫هالكة مع الهالكين‪ ,‬و أما القراءة بالنصب فإنها أقوى من وجه أخننر و ذلننك‬
‫‪ 6‬الكشلف للزمخشرى الجزء الثالث\‪ 222‬مكتبة عبيكان الطبعة الولى\ ‪1998‬‬
‫‪ 7‬البحر المحيط لبى حيان الندلوسى الجزء الخامس\‪ 249‬دار الكتب العلمية الطبعة الولى\‪1993‬‬
‫‪ 8‬الدر المنثور للسيوطى الجزء الثامن\‪ 118‬مركز الهجر الطبعة الولى\‪2003‬‬
‫‪ 9‬والظاهر فى هذه الية أن المستثناء منه )أحد( لجري العادة أنه وقع قبل حرف )إل( الستثناء‬
‫‪ 10‬الدر المنثور للسيوطى الجزء الثامن\‪ 118‬مركز الهجر الطبعة الولى\‪2003‬‬
‫‪ 11‬سورة الحجر‪65 :‬‬

‫‪2‬‬
‫لن مع القراءة بالنصب يبقى الستثناء متصل و مننع القننراءة بننالرفع يصننير‬
‫‪12‬‬
‫الستثناء منقطعا‪.‬‬
‫و أنصف صاحب التحرير و التنوير عند قننوله )إل امرأتك( اسننتثناء‬
‫من )أهلك( و هو منصوب فى قراءة الجمهننور اعتبننارا بننأنه مسننتثنى مننن‬
‫)أهلك( و ذلك كلم موجب و المعني ل تسر بها أريد أن ل يعلمها بخروجه‬
‫لنها كانت مخلصة لقومها فتخبرهم عن زوجها و قرأ ابن كثير و أبننو عمننرو‬
‫برفع )امرأتك( على أنه استثناء من )أحد( الواقع فى سياق النهنني و هننو‬
‫فى معنى النفي قيل إن امرأته خرجت معهم ثم التفت إلي المدينة فحننت‬
‫إلى قومها فرجعت إليهم و المعنى أنه نهاهم عننن اللتفننات فننامتثلوا و لننم‬
‫تمتثل امرأته للنهي فالتفتت و على هذا الننوجه فالسننتثناء مننن كلم مقنندر‬
‫‪13‬‬
‫دل عليه النهي و التقدير‪ :‬فل يلتفتون إل امرأتك تلتفت‪.‬‬
‫و خلصة القننول‪ :‬فننى )إل امرأتك( يجننوز بالنصننب و الرفننع علننى‬
‫السواء لن الرواية متبعة و قواعد اللغننة بننأي وجننه مننن الوجننوه موجننودة‬
‫فنجعله من باب الصحيح و الصح‪ ,‬فل بأس بقراءة الجمهور بالنصنب خلفنا‬
‫للقواعد لن العبرة فى القراءة هى الرواية ولسننيما صننحت هننذه القننراءة‬
‫فى لسان العرب سواء كانت الجملننة متصننلة أو منقطعننة‪ ,‬و ل بننأس أيضننا‬
‫فى تأويل المستثناء منه إلى )أهلك( لكننى يصننير النصننب واجبننا‪ .‬و معنننى‬
‫الية أن امرأة لوط خرجت و سرت مع نوح إل أنهننا سننمعت هنندة العننذاب‬
‫فننالتفتت فأدركتهننا الحجننر فقتلننت‪ .‬و فننى روايننة المننر بتركهننا فننى دارهننا‬
‫فمحمول على سبيل الختياط لنها مخلصننة لقومهننا فتخننبر أمننر زوجهننا‪ .‬و‬
‫واقع المر أنها أدركت أخيرا بسننير زوجهننا بننأهله فننى الصننبح فشننكت بيننن‬
‫التباع و السكون حتى كأنها تبعتهم فى السير فرجحننت المننوالة لقومهننا و‬
‫رجعت لتنال العذاب‪ .‬فمرجع هذا الخلف كون تعيين المستثناء منه و تعيين‬
‫جنس المستثناء من المستثناء منه‪ .‬و قد رخص أهل الحديث فننى الختلف‬
‫فى المننناقب و الخبننار بنندليل تسنناهلهم فننى السننناد و عملهننم للحنناديث‬
‫الضعيفة المنجبرة‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫تفسير الكبير للرازى الجزء الثامن عشر\‪ 38‬دار الفكر الطبعة الولى\‪1981‬‬ ‫‪12‬‬

‫التحرير و التنوير لبن عاشور الجزء ‪ 12 \33‬الساداد التونسية للنشر\‪1984‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪3‬‬

You might also like