Professional Documents
Culture Documents
مؤسس الديانة الشيعية - إبن سبأ اليهودى1
مؤسس الديانة الشيعية - إبن سبأ اليهودى1
على أن المصادر التاريخية ال تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين ،و الذي ينتسب إليھم عبد ﷲ بن سبأ ،و
من المحتمل أنھم كانوا في األصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي
) 800ق م ( ،و ھي عادة العرب في التجوال ،أو نتيجة ضغط اآلشوريين عليھم من الشمال ،واستقروا
أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع .راجع :محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي ). (21/1
و منھم من ينسب ابن سبأ إلى ) حمير ( ،و ھي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن
مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ األصغر بن لھيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب ھو حمير األكبر ،و
حمير الغوث ھو حمير األدنى و منازلھم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء .أنظر :معجم البلدان
لياقوت الحموي ). (306/2
ومن الذين قالوا بذلك :ابن حزم في كتابه الفصل في الملل واألھواء ) ، (46/5حيث يقول :والقسم الثاني
من فرق الغالية يقولون باإللھية لغير ﷲ عز وجل ،فأولھم قوم من أصحاب عبد ﷲ بن سبأ الحميري .
أما البالذري في أنساب األشراف ) ، (240/5و األشعري القمي في المقاالت والفرق )ص ، (20والفرزدق
في ديوانه ) ص (243-242فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة ) ھمدان ( ،و ھمدان بطن من كھالن من
القحطانية و ھم بنو ھمدان ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كھالن ،و
كانت ديارھم باليمن من شرقيه .معجم قبائل العرب لرضا كحالة ) . (1225/3فھو ) عبد ﷲ بن سبأ بن وھب
الھمداني ( كما عند البالذري ،و ) عبد ﷲ بن سبأ بن وھب الراسبي الھمداني ( كما عند األشعري القمي
،أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى ھمدان في قصيدته التي ھجا فيھا أشراف العراق و من انضم
إلى ثورة ابن األشعث في معركة دير الجماجم سنة )82ھـ ( و يصفھم بالسبئية حيث يقول :
تَعَرّفُ ھمدانية سبئية و تُكره عينيھا على ما تنكّرا .إلى آخر القصيدة .
و يروي عبد القاھر البغدادي في الفرق بين الفرق ) ص ، (235أن ابن سبأ من أھل ) الحيرة ( ،قال :إن
عبدﷲ بن السوداء كان يعين السبأية على قولھا ،و كان أصله من يھود الحيرة ،فأظھر اإلسالم .
و يروي ابن كثير في البداية والنھاية ) ، (190/7أن أصل ابن سبأ من الروم ،فيقول :و كان أصله رومياً فأظھر
اإلسالم و أحدث بدعاً قولية و فعلية قبحه ﷲ .
أما الطبري و ابن عساكر ،فيرويان أن ابن سبأ من اليمن .قال الطبري في تاريخه ) : (340/4كان عبدﷲ بن
سبأ يھودياً من أھل صنعاء .و قال ابن عساكر في تاريخ دمشق ) : (3/29عبد ﷲ بن سبأ الذي ينسب إليه
السبئية وھم الغالة من الرافضة أصله من أھل اليمن كان يھودياً .
و الذي أميل إليه و أرجحه ھو :أن ابن سبأ من اليمن ؛ و ذلك أن ھذا القول يجمع بين معظم أقوال العلماء
في بلد ابن سبأ ،و لو نظرنا في األقوال السابقة لم مجد تعارضاً بين ھذا القول و بين القول األول الذي
ينسب ابن سبأ إلى قبيلة ) حمير ( ،و القول الثاني الذي ينسبه إلى قبيلة ) ھمدان ( ،إذ القبيلتان من
اليمن ،و لم يخالف في أن أصل ابن سبأ من اليمن إال البغدادي الذي ينسبه إلى ) الحيرة ( ،و ابن كثير
الذي ذكر أنه ) رومي ( األصل .
أما البغدادي فقد اختلط عليه ابن السوداء بابن سبأ ،فظن أنھما شخصان ،يقول :و قد ذكر الشعبي أن عبد
ﷲ بن السوداء كان يعين السبأية على قولھا ..ثم تحدث عن ابن السوداء و مقالته في علي رضي ﷲ عنه
،إلى أن قال :فلما خشي – أي علي رضي ﷲ عنه – من قتله – أي ابن السوداء – و من قتل ابن سبأ
الفتنة التي خافھا ابن عباس ،نفاھما إلى المدائن ،فافتتن بھما الرعاع .الفرق بين الفرق ) ص . (235
والذي ذكر أنه من أھل الحيرة ھو عبد ﷲ بن السوداء و لم يتعرض البن سبأ بشيء ،لھذا ال يمكننا أن نجزم
بأن البغدادي نسب ابن سبأ المشھور في كتب الفرق و مؤسس فرقة السبأية إلى الحيرة ،فلعله قصد
شخصاً آخر غيره ،و مما يدل على أنه ال يعني ابن سبأ ،أنه قال عند حديثه عن عبد ﷲ بن السوداء ) :كان
يعين السبأية على قولھا ( ،فدل على أنه غير مؤسس السبأية .
أما ابن كثير فال أعلم أحداً من المؤرخين وأصحاب المقاالت وافقه في نسبة ابن سبأ إلى ) الروم ( ،و قد جاء
في بعض النسخ المطبوعة من البداية والنھاية كلمة ) ذمياً ( بدل ) رومياً ( أنظر الطبعة الثانية ) ، (173/7
فلعل أصل الكلمة ذمياً و لكن حدث في الكلمة تصحيف من قبل النساخ ،وكون ابن سبأ ذمياً ال ينافي ما
تناقله العلماء من كونه يھودياً .و لھذا ال يعارض قوله ھذا ما اشتھر نقله في كتب التاريخ والفرق من أن أصل
ابن سبأ من اليمن .
فترجح بھذا أن ابن سبأ من اليمن و نحن ال نقطع بنسبته إلى قبيلة معينة لعدم توفر األدلة على ذلك .و ﷲ
أعلم .
و قد اختلف المؤرخون وأصحاب المقاالت أيضاً في نسبة ابن سبأ ألبيه ،فمنھم من ينسب ابن سبأ من جھة
أبيه إلى ) وھب ( كما عند البالذري في أنساب األشراف ) ، (240/5و األشعري القمي في المقاالت والفرق
) ص (20والذھبي في المشتبه في الرجال ) (346/1و المقريزي في الخطط ). (356/2
أما من قال أنه ) :عبد ﷲ بن وھب الراسبي ( كما ھو عند األشعري القمي في المقاالت ) ص ، (20فلعل
ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدﷲ بن سبأ ھذا و بين عبد ﷲ بن وھب الراسبي صاحب الخوارج ،و ھناك
فرق بين الشخصيتين ما ال يخفى على مطلع ،فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و
الممات ،نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم ،فھو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي ﷲ عنه ،
شرح صحيح مسلم للنووي ) ، (172/7و ھو المقتول في وقعة النھروان ،العبر في خبر من غبر للذھبي
) ، (44/1و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ ،فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع
علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً .أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي )ص . (94
و مما يؤكد الفرق بين االسمين ما نص عليه السمعاني في األنساب ) (24/7بقوله ) :عبدﷲ بن وھب
السبئي رئيس الخوارج ،و ظني أن ابن وھب ھذا منسوب إلى عبد ﷲ بن سبأ ( .
و ھناك من ينسب ابن سبأ من جھة أبيه أيضاً إلى حرب ،كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين ) ، (81/3و ھو
ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال ) :قدمت المدائن بعد ما ضرب علي ابن أبي طالب كرم ﷲ وجھه
،فلقيني ابن السوداء و ھو ابن حرب . ( ..
ومعظم أھل العلم ينسبون ابن سبأ من جھة أبيه إلى سبأ ،فيقولون ) :عبد ﷲ بن سبأ ( ،ومن ھؤالء
البالذري في أنساب األشراف ) (382/3ابن قتيبة في المعارف ) ص (622و الطبري في التاريخ ) (340/4وأبو
الحسن األشعري في مقاالت اإلسالميين ) ، (86/1والشھرستاني في الملل والنحل ) ، (174/1والذھبي
في الميزان ) (426/2وابن حجر في لسان الميزان ) ، (290/3وابن عبد ربه في العقد الفريد ) (405/2و شيخ
اإلسالم ابن تيمية في مجموع الفتاوى ) ، (483/28وابن حبان في المجروحين ) (253/2والجوزجاني في
أحوال الرجال )ص (38و المقدسي في البدء والتاريخ ) (129/5والخوارزمي في مفاتيح العلوم )ص (22وابن
حزم في الفصل في الملل والنحل ) (186/4و األسفرايني في التبصرة في الدين ) ص ( 108وابن عساكر
في تاريخ دمشق ) ، (3/29والسمعاني في األنساب ) (24/7و ابن األثير في اللّباب ) ، (98/2و غيرھم
الكثير .و من الرافضة :الناشئ األكبر في مسائل اإلمامة ) ص ، ( 23 -22و األشعري القمي في المقاالت
والفرق ) ص ( 20و النوبختي في فرق الشيعة )ص . ( 22
أما نسب ابن سبأ ) ألمه ( فھو من أم حبشية ،كما عند الطبري في التاريخ ) (327-326/4و ابن حبيب في
المحبر )ص ، ( 308و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه ) ابن السوداء ( ففي البيان والتبيين ) ... ) : (81/3فلقيني
ابن السوداء ( و في تاريخ الطبري ) ) : (326/4و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة ( ،وفي
تاريخ اإلسالم للذھبي ) ) : (122/2ولما خرج ابن السوداء إلى مصر ( ،و ھم بھذا يتحدثون عن عبد ﷲ بن
سبأ ،و لذلك قال المقريزي في الخطط ) ) : (356/2عبد ﷲ بن وھب بن سبأ المعروف بابن السوداء ( ،
وابن عساكر في تاريخ دمشق ) (8/29من قول علي رضي ﷲ عنه ) :من يعذرني من ھذا الحميت األسود
الذي يكذب على ﷲ ورسوله يعني ابن السوداء ( .و مثل ھذا كثير ...
وكما وقع الخلط واإلشكال في نسبة ابن سبأ ألبيه ،وقع الخلط و تصور من غفلوا عن ھذه النسبة ألمه ،أن
ھناك شخصين :ابن سبأ ،وابن السوداء ،ففي العقد الفريد البن عبد ربه ) .. ) : (241/2منھم عبد ﷲ بن
سبأ نفاه إلى ساباط ،و عبد ﷲ بن السوداء نفاه إلى الخازر ( .
و يقول االسفرايني في التبصرة ) ص ) : (108و وافق ابن السوداء عبد ﷲ بن سبأ بعد وفاة علي في
مقالته ھذه ( .
ومثل ھذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق ) ص ) : ( 235فلما خشي علي من قتل ابن السوداء
وابن سبأ الفتنة نفاھما إلى المدائن ( .
والذي يترجح من مناقشة الروايات :أن ابن سبأ غير ابن وھب الراسبي ،وأنه ھو نفسه ابن السوداء ،وﷲ
أعلم .
و مما يحسن ذكره ھنا أيضاً أن ابن سبأ كان أسود اللون ،و ھذا يرجح كون أمه من الحبشيات ،ذكر ابن
عساكر في تاريخه ) : ( 8-7/29عن عمار الدھني قال :سمعت أبا الطفيل يقول :رأيت المسيب بن نجبة
أتى به ملببة – أي مالزمه -يعني ابن السوداء و علي على المنبر ،فقال علي :ما شأنه ؟ فقال :يكذب
على ﷲ وعلى رسوله ،و جاء من طريق زيد بن وھب عن علي قال :ما لي ومال ھذا الحميت األسود ،و
من طريق سلمة قال :سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي ،قال :ما لي ومال ھذا الحميت األسود ،و جاء
أيضاً من طريق زيد قال :قال علي بن أبي طالب :ما لي ولھذا الحميت األسود ،يعني عبد ﷲ بن سبأ وكان
يقع في أبي بكر و عمر .
و يبقى بعد ذلك األصل اليھودي البن سبأ ،ھل ھو محل اتفاق أم تتنازعه اآلراء ؟
يفترض المستشرق Hodgesonأن ابن سبأ ليس يھودياً في أغلب االحتماالت ،مشايعاً في ذلك
للمستشرق اإليطالي Levi Della Vidaالذي يرى أن انتساب ابن سبأ إلى قبيلة عربية ھي ) ھمدان ( كما
في نص البالذري الذي وقف عنده ) ليفي ديال فيدا ( يمنع من أن يكون يھودياً .و ھو كما يقول الدكتور عبد
الرحمن بدوي في مذاھب اإلسالميين ) ) : (30/2استنتاج ال مبرر له ،فليس ھناك من تناقض بين أن يكون
المرء يھودياً وأن يكون من قبيلة عربية .
وابن قتيبة رحمه ﷲ أشار إلى يھودية بعض القبائل كما في المعارف ) ص ( 266حيث يقول ) :كانت
اليھودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة .
و فوق ذلك فإن االتجاه الغالب في يھود اليمن أن أكثرھم من أصل عربي ،كما قال الدكتور جواد علي في
تاريخ العرب قبل اإلسالم ) . (26/6
و مع ذلك فليس مقطوعاً بانتساب ابن سبأ إلى ھمدان – كما مر معنا – و حتى لو قطع بذلك ،فھل ھذا
االنتساب لھمدان ،انتساب على الحقيقة أم بالوالء ؟!
و لئن كان ھذا الشك في يھودية ابن سبأ عند بعض المستشرقين ،إنما جاء نتيجة اعتراض يقيني بأن ابن
سبأ في تصوراته عن المھدي كان متأثراً باإلنجيل أكثر من تأثره بالتوراة ،و ھو اعتراض قد يقلل من يھودية
ابن سبأ ،إال أن ھذا االعتراض يضعف حينما نتبين رأي بعض الباحثين في طبيعة اليھودية في بالد اليمن –
في تلك الفترة – وأنھا امتزجت فيھا المسيحية بالموسوية ،و كانت يھودية سطحية ،وأن يھودية ابن سبأ
ربما كانت أقرب إلى يھودية ) الفالشا ( و ھم يھود الحبشة ،و ھذه اليھودية شديدة التأثر بالمسيحية
الحبشية .مذاھب اإلسالميين لعبد الرحمن بدوي ). (28/2
و ھذا األصل اليھودي البن سبأ لم يكن محل خالف في الروايات التاريخية ،أو لدى كتب الفرق ،و في آراء
المتقدمين ،أمثال :الطبري وابن عساكر وابن األثير والبغدادي وابن حزم ،وأمثال شيخ اإلسالم ،عليه رحمه
ﷲ.
و في رأيي أن تلك السرية التامة التي أطبقھا ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختالف المؤرخين
والمحققين في نسبة ابن سبأ ،و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض ھذه األسماء التي ذكرھا
المؤرخون ،بل واستعمل بعض األسماء األخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر
الدولة اإلسالمية .
- 1بتغليب الروايات السابقة نجد أن ابن سبأ نشأ في اليمن ،سواء كان من قبيلة حمير أو ھمدان ،وال
نستطيع الجزم بأيھما .
– 2كان لليھود وجود في اليمن ،غير أنه ال نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة ،و قد رجح بعض
األساتذة أنه يرجع إلى سنة )70م ( و ذلك حينما نزح اليھود من فلسطين بعد أن دمرھا اإلمبراطور الروماني
) تيتوس ( و حطم ھيكل ) أورشليم ( وعلى إثر ذلك تفرق اليھود في األمصار و وجد بعضھم في اليمن بلداً
آمناً فالتجأوا إليه ،و بعد أن استولى األحباش على اليمن سنة )525م ( بدأت النصرانية تدخل اليمن .اليمن
عبر التاريخ ألحمد حسين )ص . (159 -158
– 3على إثر ھذا امتزجت تعاليم ) التوراة ( مع تعاليم ) اإلنجيل ( و كانت اليھودية في اليمن يھودية سطحية
.مذاھب اإلسالميين لعبد الرحمن بدوي ). (28/2
– 4و لكن اليھودية و إن ضعفت في اليمن بدخول األحباش فيھا ،فإنھا بقيت مع ذلك محافظة على كيانھا ،
فلم تنھزم و لم تجتث من أصولھا .تاريخ العرب قبل اإلسالم لجواد علي ). (34/6
و لعلنا من خالل تلك اإلشارات ،نستطيع أن محدد المحيط الذي نشأ فيه عبد ﷲ بن سبأ ،والبيئة التي
صاغت أفكاره ،خاصة في عقيدة ) الرجعة ( و ) الوصية ( حينما قال ) :لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و
يكذب بأن محمداً يرجع ،و قد قال ﷲ عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ،فمحمد أحق
بالرجوع من عيسى ،و إنه كان ألف نبي و وصي و كان على وصي محمد ،ثم قال :محمد خاتم األنبياء و
علي خاتم األوصياء . ( ..تاريخ الطبري ). (340/4
على كل حال فھي معلومات ضئيلة ال تروي غليال ً ،وال تھدي سبيال ً ،و لعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين
أيدينا ،فھي ال تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ ،كما أن المعلومات عن فتوة ابن سبأ قبل ظھوره غير موجودة ،
و نحن ھنا مضطرون للصمت عما سكت عنه األولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش و تكشف المكنون .
لكن أين و متى كان أول ظھور لعبد ﷲ بن سبأ بين المسلمين ؟
جاء في البداية والنھاية البن كثير ) (183/7ضمن أحداث سنة )34ھـ ( ،أن عبد ﷲ بن سبأ كان سبب تألب
األحزاب على عثمان .ثم أورده في أحداث سنة )35ھـ( مع األحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى
خلع عثمان .البداية والنھاية ). (190/7
أما الطبري ) (331/4وابن األثير) (147/3فنجد عندھما ذكر البن سبأ بين المسلمين قبل سنة ) 34ھـ ( في
الكوفة ) ،فيزيد بن قيس ( ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عامل عثمان ) سعيد بن
العاص ( إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبھم .
و ھذا يعني ظھور ابن سبأ قبل ھذا التاريخ ،و تكوين األعوان الذين اجتمعوا إلى يزيد بن قيس ،و تأكيد ذلك
عند الطبري ) (326/4وابن األثير) ، (144/3ففي سنة ) 33ھـ ( و بعد مضي ثالث سنين من إمارة بعد ﷲ بن
عامر على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على ) حكيم بن جبلة ( و تكون المقابلة بين ابن عامر وابن السوداء
والتي ذكرتھا في بداية الموضوع .
ونستمر في االستقراء فنجد ظھوراً البن سبأ بين المسلمين قبل ھذا التاريخ ،ففي الطبري ) (283/4و ابن
األثير ) ، (114/3و ضمن حوادث سنة )30ھـ ( يرد ابن السوداء الشام ،و يلتقي بأبي ذر و يھيجه على
معاوية – و سنأتي على تحقيق القول في قضية تأثير ابن سبأ على أبي ذر فيما بعد . -
و بقية خبر الطبري يفيدنا أنه لقي آذاناً صاغية في البصرة ،و إن كان لم يصرح لھم بكل شيء ،فقد قبلوا
منه واستعظموه ،و شاء ﷲ أن تحجم ھذه الفتنة و يتفادى المسلمون بقية شرھا و ذلك حينما بلغ والي
البصرة ابن عامر خبر ابن سبأ ،فأرسل إليه و دار بينھما ھذا الحوار ) :ما أنت ؟ فأخبره أنه رجل من أھل
الكتاب رغب في اإلسالم والجوار ،فقال ابن عامر :ما يبلغني ذلك ! اخرج عني ،فأخرجه حتى أتى الكوفة .
تاريخ الطبري ). (327-326/4
لكنه وإن كان قد دخل الكوفة ثم أخرج منھا سنة ) 33ھـ ( ،إال أن صلته بالكوفة لم تنته بإخراجه ،فلقد بقيت
ذيول الفتنة في الرجال الذين بقي يكاتبھم و يكاتبونه .الطبري ) (327/4وابن األثير ). (144/3
بينما يفھم من النص اآلخر :أن ابن سبأ لم يكن له دور يذكر في الشام ،وإنما أخرجه أھلھا حتى أتى مصر ،
بقوله ) :أنه لم يقدر على ما يريد عند أحد من أھل الشام ( تاريخ الطبري ). (340/4
و يمكننا الجمع بين النصين في كون ابن سبأ دخل الشام مرتين ،كانت األولى سنة )30ھـ ( ،و ھي التي
التقى فيھا بأبي ذر ،و كانت الثانية بعد إخراجه من الكوفة سنة ) 33ھـ ( ،و ھي التي لم يستطع التأثير
فيھا مطلقاً ،و لعلھا ھي المعنية بالنص الثاني عند الطبري .
كما و يمكننا الجمع أيضاً بين كون ابن سبأ قد التقى بأبي ذر سنة )30ھـ ( ،و لكن لم يكن ھو الذي أثر عليه
و ھيجه على معاوية ،و يرجح ھذا ما يلي -:
- 1لم تكن مواجھة أبي ذر رضي ﷲ عنه لمعاوية رضي ﷲ عنه وحده بھذه اآلراء ،و إنما كان ينكر على كل
من يقتني ماال ً من األغنياء ،و يمنع أن يدخر فوق القوت متأوال ً قول ﷲ تعالى } والذين يكنزون الذھب
والفضة { ]التوبة [34
- 2حينما أرسل معاوية إلى عثمان رضي ﷲ عنه يشكو إليه أمر أبي ذر ،لم تكن منه إشارة إلى تأثير ابن
سبأ عليه ،و اكتفى بقوله ) :إن أبا ذر قد أعضل بي و قد كان من أمره كيت و كيت . ( ..الطبري ). (283/4
- 3ذكر ابن كثير في البداية ) (180 ، 170/7الخالف بين أبي ذر ومعاوية بالشام في أكثر من موضع في كتابه
السابق ،و لم يرد ذكر ابن سبأ في واحد منھا ،و إنما ذكر تأول أبي ذر لآلية السابقة .
- 4ورد في صحيح البخاري ) (111/2الحديث الذي يشير إلى أصل الخالف بين أبي ذر و معاوية ،و ليس فيه
أي إشارة ال من قريب وال من بعيد إلى ابن سبأ ،فعن زيد بن وھب قال ) :مررت بالربذة ،فإذا أنا بأبي ذر
رضي ﷲ عنه ،فقلت له ما أنزلك منزلك ھذا ؟ قال :كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في } والذين يكنزون
الذھب والفضة وال ينفقونھا في سبيل ﷲ { قال معاوية :نزلت في أھل الكتاب ،فقلت :نزلت فينا و فيھم ،
فكان بيني و بينه في ذلك ،و كتب إلى عثمان رضي ﷲ عنه يشكوني ،فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة
،فقدمتھا ،فكثر علي الناس حتى كأنھم لم يروني قبل ذلك ،فذكرت ذلك لعثمان ،فقال لي :إن شئت
تنحيت فكنت قريباً فذاك الذي أنزلني ھذا المنزل . ( ..
- 5و في أشھر الكتب التي ترجمت للصحابة ،أوردت المحاورة التي دارت بين معاوية وأبي ذر ثم نزوله الربذة
،و لكن شيئاً من تأثير ابن سبأ على أبي ذر ال يذكر .االستيعاب البن عبد البر ) (214/1و أسد الغابة البن
األثير ) (357/1واإلصابة البن حجر ). (62/4
- 6وأخيراً فإنه يبقى في النفس شيء من تلك الحادثة ؛ إذ كيف يستطيع يھودي خبيث حتى و لو تستر
باإلسالم أن يؤثر على صحابي جليل كان له من فضل الصحبة ما ھو مشھود .
ومن العجب أن ھؤالء المستشرقين وذيولھم من الرافضة والمستغربين في عصرنا أنكروا شخصية عبد ﷲ بن
سبأ ،وأنه شخصية وھمية لم يكن لھا وجود ،فأين بلغ ھؤالء من قلة الحياء والجھل ،وقد مألت ترجمته
كتب التاريخ والفرق ،وتناقلت أفعاله الرواة وطبقت أخباره اآلفاق .
لقد اتفق المؤرخون والمحدثون وأصحاب كتب الفرق والملل والنحل والطبقات واألدب واألنساب الذين تعرضوا
للسبئية على وجود شخصية عبد ﷲ بن سبأ الذي ظھر في كتب أھل السنة -كما ظھر في كتب الشيعة -
شخصية تاريخية حقيقية .و لھذا فإن أخبار الفتنة ودور ابن سبأ فيھا لم تكن قصرا على تاريخ اإلمام الطبري و
استنادا إلى روايات سيف بن عمر التميمي فيه ،و إنما ھي أخبار منتشرة في روايات المتقدمين و في ثنايا
الكتب التي رصدت أحداث التاريخ أإلسالمي ،و آراء الفرق و النحل في تلك الفترة ،إال أن ميزة تاريخ اإلمام
الطبري على غيره أنه أعزرھا مادة وأكثرھا تفصيال ال أكثر .و لھذا كان التشكيك في ھذه األحداث بال سند
وبال دليل ،إن يعني الھدم لكل تلك األخبار ،والتسفيه بأولئك المخبرين والعلماء ،وتزييف الحقائق التاريخية .
فمتى كانت المنھجية ضربا من ضروب االستنتاج العقلي المحض في مقابل النصوص الروايات المتضافرة؟ و
ھل تكون المنھجية في الضرب صفح ًا و اإلعراض عن المصادر الكثيرة المتقدمة و المتأخرة التي أثبتت البن
سبأ شخصية واقعية!
و في ما يلي ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد ﷲ بن سبأ أو السبئية – طائفته -في
الكتب والمصادر المتقدمة ) السنية والشيعية ،المتقدمة منھا والمعاصرة ( ؛ ألن ورود أي ذكر للسبئية دليل
على انتسابھا له ،و ھذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة ،مع الرد على محاوالت التشكيك في
وجود عبد ﷲ بن سبأ ،و ما ينسب إليه من أعمال ،و سأتّبع فيه الترتيب الزمني لألحداث -:
- 2و جاء ذكر السبئية في كتاب اإلرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية )ت95ھـ ( – راجع كتاب ظاھرة اإلرجاء
في الفكر اإلسالمي للدكتور سفر الحوالي ) ، (361 -345/1حيث تحدث عن معنى اإلرجاء المنسوب للحسن
،و ذكر كالم أھل العلم في ذلك فليراجع لألھمية – ما يلي ) :و من خصومة ھذه السبئية التي أدركنا ،إذ
يقولون ھُدينا لوحي ضل عنه الناس ( .رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب اإليمان ) ص . (249
- 3و ھناك رواية عن الشعبي ) ت 103ھـ ( ذكرھا ابن عساكر في تاريخه ) ، (7/29تفيد أن ) :أول من كذب
عبد ﷲ بن سبأ ( .
- 4و ھذا الفرزدق )شيعي الوالء سني المذھب( ) ت 116ھـ ( يھجو في ديوانه ) ص ، (243-242أشارف
العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن األشعث في معركة دير الجماجم ،و يصفھم بالسبئية ،حيث
يقول :
تَقَعّرا نخل أعجاز أو حصائد * منھم الجماجم دير على كأن
تنكرا ما على عينيھا تُكره و * سبئية ھمدانية تَ َعر ُ
ّف
تعفّرا رأته مع القتلى و غيّر بعلھا * عليھا تراب في دم قد
أحزرا بالخيانة طرفا بعيدن * كانتا وعينين رأس من أراحوه
أغدرا الذئب من زبيري وإما * سبئية من العھد الناكثين من
ولو أنھم إذ نافقوا كان منھم * يھوديھم كانوا بذلك أعذرا
و يمكن االستنتاج من ھذا النص أن السبئية تعني فئة لھا ھوية سياسية معنية و مذھب عقائدي محدد
بانتمائھا إلى عبد ﷲ بن سبأ اليھودي المعروف ،صاحب المذھب .
- 5و قد نقل اإلمام الطبري في تفسيره ) (119/3رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري ) ت 117ھـ ( ،
في النص التالي } :فأما الذين في قلوبھم زيغ فيتبعون م تشابه منه ابتغاء الفتنة { ]آل عمران ، [7و كان
قتادة إذا قرأ ھذه اآلية قال ) :إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فال أدري ( .
- 6وفي الطبقات الكبرى البن سعد ) ت 230ھـ ( ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمھا وإن لم يشر إلى ابن سبأ
باالسم .الطبقات ). (39/3
– 7و جاء عند ابن حبيب البغدادي ) ت 245ھـ ( في المحبر ) ص ، (308ذكر لعبد ﷲ بن سبأ حينما اعتبره
أحد أبناء الحبشيات .
- 8كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم ) ت 253ھـ ( ،خبر إحراق علي رضي ﷲ عنه لجماعة من أصحاب
ابن سبأ في كتابه االستقامة .أنظر :منھاج السنة البن تيمية ) . (7/1
- 9و جاء في البيان والتبيين ) (81/3للجاحظ )من كبار زعماء المعتزلة( ) ت 255ھـ ( ،إشارة إلى عبد ﷲ بن
سبأ .
و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب
الصحاح والسنن و المساند .أنظر على سبيل المثال :سن أبي داود ) (126/4والنسائي ) (104/7و الحاكم
في المستدرك ). (538/3
- 10فقد ذكر اإلمام البخاري ) ت 256ھـ ( في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه ) (50/8عن عكرمة قال :
) أتي علي رضي ﷲ عنه بزنادقة فأحرقھم ،فبلغ ذلك ابن عباس فقال :لو كنت أنا لم أحرقھم لنھي النبي
صلى ﷲ عليه وسلم ) :ال تعذبوا بعذاب ﷲ ( ،و لقتلتھم لقول رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ) :من بدل
دينه فاقتلوه ( .
ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقھم علي رضي ﷲ عنه ھم أتابع عبد ﷲ بن سبأ حينما قالوا بأنه اإلله .
- 11ذكر الجوزجاني ) ت 259ھـ ( في أحوال الرجال ) ص (38أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علي ًا
إلھاً حتى حرقھم بالنار إنكاراً عليھم واستبصاراً في أمرھم حين يقول :
لما رأيت األمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا .
- 12و يقول ابن قتيبة ) 276ھـ ( في المعارف ) ص ) : (267السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد ﷲ بن
سبأ ( .و في تأويل مختلف الحديث ) ص (73يقول ) :أن عبد ﷲ بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي ،فأحرق
علي أصحابه بالنار .
- 13و يذكر البالذري ) ت 279ھـ ( ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي ﷲ عنه يسألونه من رأيه في
أبي بكر و عمر ،فقال :أو تفرغتم لھذا .أنساب األشراف ) . (382/3
– 14و يعتبر اإلمام الطبري ) ت 310ھـ ( من الذي أفاضوا في تاريخھم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في
ذلك على اإلخباري سيف بن عمر .تاريخ الطبري ) ، 494 – 493 ، 398 ، 349 ، 340 ، 331 ، 326 ، 283/4
. ( 505
- 15وأكد ابن عبد ربه ) ت 328ھـ ( أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا :ھو ﷲ
خالقنا ،كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السالم .العقد الفريد ) . (405/2
- 16و يذكر أبو الحسن األشعري ) ت 330ھـ ( في مقاالت اإلسالميين ) (85/1عبد ﷲ بن سبأ وطائفته من
ضمن أصناف الغالة ،إذ يزعمون أن علياً لم يمت ،و أنه سيرجع إلى الدنيا فيمأل األرض عدال ً كما ملئت جوراً .
- 17و يذكر ابن حبان ) ت 354ھـ ( في كتاب المجروحين ) ) : (253/2أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد ﷲ
بن سبأ ،من أولئك الذين يقولون :إن علياً لم يمت ،وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة ( .
– 18يقول المقدسي ) ت 355ھـ ( في كتابه البدء والتاريخ ) ) : (129/5إن عبد ﷲ بن سبأ قال للذي جاء
ينعي إليه موت علي بن أبي طالب :لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه ال يموت حتى يسوق العرب بعصاه
(.
- 19و يذكر الملطي ) ت 377ھـ ( في كتابه التنبيه و الرد على أھل األھواء و البدع ) ص (18فيقول ) :ففي
عھد علي رضي ﷲ عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له :أنت أنت !! ،قال :من أنا ؟ قالوا :الخالق البارئ ،
فاستتابھم ،فلم يرجعوا ،فأوقد لھم ناراً عظيمة وأحرقھم .
- 20و ذكر أبو حفص ابن شاھين ) ت 385ھـ ( أن علياً حرّق جماعة من غالة الشيعة ونفى بعضھم ،و من
المنفيين عبد ﷲ بن سبأ .أورده ابن تيمية في منھاج السنة ). (7/1
- 21و يذكر الخوارزمي ) ت 387ھـ ( في كتابه مفاتيح العلوم )ص ، ( 22أن السبئية أصحاب عبد ﷲ بن سبأ
.
- 22و يرد ذكر عبد ﷲ بن سبأ عند الھمذاني ) ت 415ھـ ( في كتابه تثبيت دالئل النبوة ). (548/3
- 23و ذكر الغدادي ) ت 429ھـ ( في الفرق بين الفرق ) ص 15و ما بعدھا ( :أن فرقة السبئية أظھروا
بدعتھم في زمان علي رضي ﷲ عنه فأحرق قوماً منھم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نھاه ابن
عباس رضي ﷲ عنھما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى ال تختلف عليه
أصحابه ،السيما و ھو عازم على العودة إلى قتال أھل الشام .
- 24و نقل ابن حزم ) ت 456ھـ ( في الفصل في الملل والنحل ) ) : (186/4و القسم الثاني من الفرق
الغالية الذين يقولون باإللھية لغير ﷲ عز وجل فأولھم قوم من أصحاب عبد ﷲ بن سبأ الحميري لعنه ﷲ ،
أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافھة :أنت ھو ،فقال لھم :ومن ھو ؟ فقالوا :أنت ﷲ ،فاستعظم
األمر و أمر بنار فأججت وأحرقھم بالنار ( .
- 25يقول األسفرايني ) ت 471ھـ ( في التبصرة في الدين ) ص ) : (108إن ابن سبأ قال بنبوة علي في
أول أمره ،ثم دعا إلى ألوھيته ،و دعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي ( .
- 26و يتحدث الشھرستاني ) ت548ھـ ( في الملل والنحل ) (155 ،116/2عن ابن سبأ فيقول ) :و منه
انشعبت أصناف الغالة ( ،و يقول في موضع آخر ) :إن ابن سبأ ھو أول من أظھر القول بالنص بإمامة علي (
.
– 27و ينسب السمعاني ) ت 562ھـ ( في كتابه األنساب ) (24/7السبئية إلى عبد ﷲ بن سبأ .
- 28و ترجم ابن عساكر ) ت 571ھـ ( في تاريخه ) (3/29ألبن سبأ بقوله :عبد ﷲ بن سبأ الذي تنسب
إلى السبئية ،و ھم الغالة من الرافضة ،أصله من اليمن ،و كان يھودياً وأظھر اإلسالم .
- 29و يقول نشوان الحميري ) ت 573ھـ ( في كتابه الحور العين ) ص ) : (154فقالت السبئية إن علياً حي
لم يمت ،وال يموت حتى يمأل األرض عدال ً كما ملئت جوراً ،و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة ( .
- 30و يؤكد فخر الدين الرازي ) ت 606ھـ ( في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين )ص ، (57كغيره
من أصحاب المقاالت والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية .
- 31و يذكر ابن األثير ) ت 630ھـ ( في كتابه اللباب ) ص (98/2ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد ﷲ بن
سبأ .كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدھا في كتابه الكامل ) 154 ،147 ،147 ،144 ،114/3إلى
غيرھا من الصفحات ( .
- 32و ذكر السّكْسَكي ) ت 683ھـ ( في كتابه البرھان في معرفة عقائد أھل األديان ) :أن ابن سبأ و
جماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت ( .
- 33و يذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ت 727ھـ ( أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة ،فإنه ابتدعه ابن
سبأ الزنديق ،و أظھر الغلو في علي بدعوى اإلمامة والنص عليه ،وادعى العصمة له .أنظر مجموع الفتاوى
) (435/4و ) (483/28و في كثير من الصفحات في كتابه :منھاج السنة النبوية .
- 34و يرد ذكر عبد ﷲ بن سبأ عند المالقي ) ت 741ھـ ( في كتابه التمھيد والبيان في مقتل الشھيد
عثمان ) ص ، (54بقوله ) :و في سنة ثالث و ثالثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي ﷲ عنه ..و كانوا
جماعة منھم ،مالك األشتر ،و األسود بن يزيد ..و عبد ﷲ بن سبأ المعروف بابن السوداء .
- 35و عند الذھبي ) ت 748ھـ ( في كتابه المغني في الضعفاء ) (339/1و في الميزان ) ) : (426/2عبد ﷲ
بن سبأ من غالة الشيعة ،ضال مضل ( ،و ذكره أيضاً في تاريخ اإلسالم ) . (123-122/2
- 36وذكر الصفدي ) ت 764ھـ ( في كتبه الوافي بالوفيات ) (20/17في ترجمة ابن سبأ ) :عبد ﷲ بن سبأ
رأس الطائفة السبئية ..قال لعلي أنت اإلله ،فنفاه إلى المدائن ،فلما قتل علي رضي ﷲ عنه زعم ابن
سبأ أنه لم يمت ألن فيه جزءاً إلھياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي ،و أن علياً في
السحاب ،و الرعد صوته ،و البرق سوطه ،وأنه سينزل إلى األرض ( .
- 37و ذكر ابن كثير ) ت 774ھـ ( في البداية و النھاية ) (183/7أن من أسباب تألب األحزاب على عثمان
ظھور ابن سبأ و صيرورته إلى مصر ،و إذاعته على المأل كالماً اخترعه من عند نفسه .
- 38و جاء في الفرق اإلسالمية )ص (34للكرماني ) ت 786ھـ ( أن علياً رضي ﷲ عنه لما قتل زعم عبد
ﷲ بن سبأ أنه لم يمت ،وأن فيه الجزء اإللھي .
- 39و يشير الشاطبي ) ت 790ھـ ( في كتابه االعتصام ) (197/2إلى أن بدعة السبئية من البدع
االعتقادية المتعلقة بوجود إله مع ﷲ ،و ھي بدعة تختلف عن غيرھا من المقاالت .
- 40و ذكر ابن أبي العز الحنفي ) ت 792ھـ ( في شرح العقيدة الطحاوية ) ص (578أن عبد ﷲ بن سبأ
أظھر اإلسالم و أراد أن يفسد دين اإلسالم كما فعل بولص بدين النصرانية .
- 41و يعرف الجُرجاني ) ت 816ھـ ( في كتابه التعريفات )ص (79عبد ﷲ بن سبأ بأنه رأس الطائفة
السبئية ..و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون :عليك السالم يا أمير المؤمنين .
- 42و يقول المقريزي ) ت 845ھـ ( في الخطط ) ) : (357-356/2أن عبد ﷲ بن سبأ قام في زمن علي
رضي ﷲ عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ ( .
- 43و قد سرد الحافظ بن حجر ) ت 852ھـ ( في كتابه لسان الميزان ) (290/3أخبار ابن سبأ من غير طريق
(. سيف بن عمر ،ثم قال ) :و أخبار عبد ﷲ بن سبأ شھيرة في التواريخ ،و ليس له رواية و الحمد
- 44و ذكر العيني ) ت 855ھـ ( في كتابه عقد الجمان ) ) : (168/9أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورھا
،و أظھر األمر بالمعروف ،و تكلم في الرجعة ،و قررھا في قلوب المصريين .
- 45و أكد السيوطي ) ت 911ھـ ( في كتابه لب األلباب في تحرير األنساب ) (132/1نسبة السبئية إلى
عبد ﷲ بن سبأ .
- 46و ذكر السفارني ) ت 1188ھـ ( في كتابه لوامع األنوار ) (80/1ضمن فرق الشيعة فرقة السبأية و قال :
) و ھم أتباع عبد ﷲ بن سبأ الذي قال ألمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه :أنت اإلله حقاً ،
فأحرق من أصحاب ھذه المقالة من قدر عليه منھم فخدّ لھم أخاديد وأحرقھم بالنار .
- 47و يروي الزﱡبيدي ) ت 1205ھـ ( أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مُسيك المرادي ھو والد عبد ﷲ بن
سبأ صاحب السبئية من الغالة .تاج العروس ) ، (76-75/1و كالم الزبيدي ھذا غير مقبول و يرده حديث فروة
بن مسيك ،راجع صحيح سنن أبي داود )برقم ) (3373و الترمذي ) برقم (3220كتاب تفسير سورة سبأ ،و
في الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من األنبناء :سكن منھم ستة في اليمن و
أربعة في الشام ،و ھم أصول القبائل العربية :لخم و جذام و غسان ..الخ ،مما يدل على أن سبأ رجل
متقدم جداً من أصول العرب ،فما عالقة ذلك بسبأ والد عبد ﷲ صاحب السبئية ؟ !
- 48و تحدث عبد العزيز بن ولي ﷲ الدھلوي ) ت 1239ھـ ( في كتابه مختصر التحفة االثنى عشرية ) ص
( 317عن ابن سبأ بقوله ) :و من أكبر المصائب في اإلسالم في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة
اليھود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاھر لھم باإلسالم وادعى الغيرة على الدين والمحبة ألھله ..و
إن ھذا الشيطان ھو عبد ﷲ بن سبأ من يھود صنعاء ،و كان يسمى ابن السوداء ،و كان يبث دعوته بخبث
و تدرج و دھاء .
- 49و محمد صديق حسن خان ) ت 1307ھـ ( في خبيئة األكوان في افتراق األمم على المذاھب واألديان )
ص . ( 44 ، 33 ، 8
ھذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء ،و من سلف األمة ،و ھناك الكثير غيرھم ،و كلھا تأكد و تجمع على
ثبوت شخصية عبد ﷲ بن سبأ اليھودي بكونه حقيقة ال خيال ،و كوني آثرت ذكر المتقدمين ،ألنه إذا ثبت
عندھم ؛ فھم أعرف منا ،ألنه تسنى لھم االطالع على الكثير من الكتب التي تعد في زمننا ھذا في عداد
المفقود ،فھم األصل الذي نحن عيال عليه ،نقتبس منه و نثبت ،كما وأن ھناك الكثير من المثبتين لھذه
الشخصية من المعاصرين ،راجع لألھمية كتاب :العنصرية اليھودية وآثارھا في المجمع اإلسالمي و الموقف
منھا للدكتور أحمد بن عبد ﷲ بن إبراھيم الزغيبي ) ، ( 531-530 / 2حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين
لشخصية ابن سبأ من المعاصرين .
- 2األصفھاني ) ت 283ھـ ( ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليھودية ) . (528/2
- 3أورد الناشئ األكبر ) ت 293ھـ ( في كتابه مسائل اإلمامة ) ص ( 23-22ما يلي ) :و فرقة زعموا أن
علياً رضي ﷲ عنه حي لم يمت ،و أنه ال يموت حتى يسوق العرب بعصاه ،و ھؤالء ھم السبئية أصحاب
عبد ﷲ بن سبأ ،و كان عبد ﷲ بن سبأ رجال ً من أھل صنعاء يھودياً ..و سكن المدائن . ( ..
– 4و نقل القمي ) ت 301ھـ ( في كتابه المقاالت و الفرق ) ص 20طھران 1963م تحقيق الدكتور محمد
جواد مشكور فيروي ( أن عبد ﷲ بن سبأ أول من أظھر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة ،و تبرأ
منھم ،وادّعى أن علياً أمره بذلك .و ) أن السبئية قالوا للذي نعاه ) أي علي بن أبي طالب ( :كذبت ياعدو
ﷲ لو جئتنا وﷲ بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدال ً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وإن ال
يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك األرض ثم مضوا …(
- 5و يتحدث النوبختي ) ت 310ھـ ( في كتابه فرق الشيعة ) ص ( 23عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ
ابن سبأ نعي علي بالمدائن ،قال للذي نعاه :كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله
سبعين عدال ً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل ،و ال يموت حتى يملك األرض.
و يقول في ) ص ( 44وحكى جماعة من أھل العلم من أصحاب علي عليه السالم أن عبدﷲ بن سبأ كان
يھودياً فأسلم ووالى علياً عليه السالم وكان يقول وھو على يھوديته في يوشع بن نون وصي بعد موسى
على نبينا وآله وعليھما السالم بالغلو فقال في إسالمه بعد وفاة النبي صلى ﷲ عليه وآله في علي عليه
السالم بمثل ذلك وھو أول من شھر القول بفرض إمامة علي عليه السالم وأظھر البراءة من أعدائه وكاشف
مخالفيه .يقول النوبختي :فمن ھنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليھود.
- 6و يقول أبو حاتم الرازي ) ت 322ھـ ( في كتابه الزينة في الكلمات اإلسالمية ) ص ) : ( 305أن عبد ﷲ
بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً ھو اإلله ،و أنه يحيي الموتى ،وادعوا غيبته بعد
موته .
- 7و روى الكشي ) ت 340ھـ ( في الرجال ) ص (99-98بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله :أن عبد
ﷲ بن سبأ كان يدّعي النبوة ،و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السالم – ھو ﷲ ،تعالى عن ذلك علواً كبيراً
.و ھناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيھا عبد ﷲ بن سبأ في ) ص 100 ، 70
( من نفس الكتاب .
و يروي الكشي في ) رجال الكشي ص 98ط مؤسسة األعلمي للمطبوعات كربالء ( بسنده إلى أبي جعفر
) أن عبدﷲ بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين ھو ﷲ تعالى ﷲ عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك
أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال :نعم أنت ھو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت ﷲ وأني نبي
فقال له أمير المؤمنين :ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن ھذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه
ثالثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أنه نفاه بالمدائن …(
- 8و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي ) ت 381ھـ ( في كتاب من ال يحضره الفقه ) ، (213/1موقف
ابن سبأ و ھو يعترض على علي رضي ﷲ عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء .
- 9و جاء عند الشيخ المفيد ) ت 413ھـ ( في كتاب شرح عقائد الصدور ) ص (257ذكر الغالة من
المتظاھرين باإلسالم – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي واألئمة من ذريته إلى األلوھية
والنبوة ،فحكم فيھم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار .
- 10و قال أبو جعفر الطوسي ) ت 460ھـ ( في كتبه تھذيب األحكام ) (322/2أن ابن سبأ رجع إلى الكفر
وأظھر الغلو .
- 12و ذكر ابن أبي الحديد ) ت 655ھـ ( في شرح نھج البالغة ) (99/2ما نصه ) :فلما قتل أمير المؤمنين –
عليه السالم – أظھر ابن سبأ مقالته ،و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه .
- 13و أشار الحسن بن علي الحلّي ) ت 726ھـ ( في كتابه الرجال ) (71/2إلى ابن سبأ ضمن أصناف
الضعفاء .
- 14و يرى ابن المرتضى ) ت 840ھـ ( – و ھو من أئمة الشيعة الزيدية ، -أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن
سبأ ،ألنه أول من أحدث القول بالنص في اإلمامة .تاج العروس البن المرتضى ) ص . ( 6 ، 5
- 15و يرى األردبيلي ) ت 1100ھـ ( في كتاب جامع الرواة ) (485/1أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوھية
علي و نبوته .
- 16المجلسي ) ت 1110ھـ ( في بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطھار ). ( 287-286/25
- 17يقول نعمة ﷲ الجزائري ) ت 1112ھـ ( في كتابه األنوار النعمانية ) ) : (234/2قال عبد ﷲ بن سبأ
لعلي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه أنت اإلله حقاً فنفاه علي عليه السالم إلى المدائن و قيل إنه كان يھودياً
فأسلم وكان في اليھودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي .
- 18طاھر العاملي ) ت 1138ھـ ( في مقدمة مرآة األنوار و مشكاة األسرار في تفسير القرآن )ص . ( 62
- 19و عند المامقاني ) ت 1323ھـ ( في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال ) (183/2جاء ذكر ابن سبأ
ضمن نقوالت عدة ساقھا المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه .
- 20أما محمد حسين المظفري ) ت 1369ھـ ( و ھو من الشيعة المعاصرين الذين ال ينكرون وجود ان سبأ
وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال .تاريخ الشيعة ) ص . ( 10
- 21أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ التھامه
بالكذب والتزوير .روضات الجنات ). (141/3
- 2الدكتور :علي سامي النشار ،و ھو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارھا
شخصية وھمية .راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم ). ( 39 – 38 /2
- 3الدكتور :حامد حنفي داود ،و ھو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودھا ،
و ذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب ) عبد ﷲ بن سبأ و أساطير أخرى ( و من ضمن ما قال ) :و
أخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بھذا السفر الجليل لصاحبه العالمة المحقق السيد مرتضى العسكري ( ،أما
رأيه في عبد ﷲ بن سبأ فأوضحه بقوله ) :و لعل أعظم ھذه األخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام ھؤالء
الباحثين وغمّ عليھم أمرھا فلم يفقھوھا و يفطنوا إليھا ھذه المفتريات التي افتروھا على علماء الشيعة حين
لفقوا عليھم قصة عبد ﷲ بن سبأ فيما لفقوه من قصص . ( 21 ، 18 /1) .
و ضمن كتابه :التشيع ظاھرة طبيعية في إطار الدعوة اإلسالمية ) ص . ( 18
– 4و ھناك أيضاً الدكتور :محمد كامل حسين في كتابه :أدب مصر الفاطمية ) ص . ( 7
– 5و أيضاً :عبد العزيز الھالبي في كتابه عبد ﷲ بن سبأ ) ص ، (73حيث حجب ھذا الشخص الغموض
الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فالزم اإلنكار .
– 6و الشيء بالشيء يذكر يعتبر األستاذ حسن بن فرحان المالكي )شيعي المذھب( تلميذ المذكور أعاله
من المنكرين لوجود ابن سبأ ،و في أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة .راجع كالمه في جريدة
المسلمون األعداد ) . ( 658 ، 657
- 7ومن المنكرين و المتشكيين والمترددين في إثبات و نفي شخصية عبد ﷲ بن سبأ ،الدكتور :جواد علي
في مقال له بعنوان ) عبد ﷲ بن سبأ ( منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس ) ص
( 100 ، 84و أيضاً في مجلة الرسالة العدد ) ) ( 778ص . ( 610-609
- 8و أيضاً الدكتور :محمد عمارة )من مؤيدي المعتزلة و المرجئة( في كتابه الخالفة و نشأة األحزاب
اإلسالمية ) ص ، ( 155-154فيقول ) :وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر اإلسالمي إلى ابن السوداء ھذا
نشاط عظيماً و جھداً خرافياً ( ،و يقول ) :فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده ( إلى غيرھا من
النقوالت .
- 9و الدكتور :عبد ﷲ السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة اإلسالمية ) ص ، ( 86إال أنه
يثبت وجود األفكار التي تنسب إلى عبد ﷲ بن سبأ ،من غير جزم بوجود صاحبھا .
- 2مرتضى العسكري و له كتابان في ھذا الموضوع ،ينفي فيھما وجود ابن سبأ من األصل ،و يعتبر مرتضى
ھذا من أكثر الشيعة المحدثين اھتماماً بمسألة عبد ﷲ بن سبأ .الكتاب األول بعنوان ) :عبد ﷲ بن سبأ
بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الھجري ( .و رمز له بالجزء األول .الكتاب
الثاني بعنوان ) :عبد ﷲ بن سبأ وأساطير أخرى ( .
- 3محمد جواد مغنيه ،و قد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد ﷲ بن سبأ و أساطير أخرى لمرتضى العسكري
) . ( 12/1و كتاب التشيع ) ص . ( 18
- 4الدكتور علي الوردي ،في كتاب و عاظ السالطين ) ص ، ( 276 -273يقول ) :يخيل إلى أن حكاية ابن
سبأ من أولھا إلى آخرھا كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير ( ،و يعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول
بأن ابن السوداء و ھو عمار بن ياسر رضي ﷲ عنه ) ،ص . (278
– 5عبد ﷲ الفياض في كتابه تاريخ اإلمامية وأسالفھم من الشيعة ) ص ، ( 95يقول ) :يبدوا أنابن سبأ كان
شخصية إلى الخيال أقرب منھا إلى الحقيقة ( .
- 6الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع ) ص ، ( 41و قد تابع الدكتور علي
الوردي في كالمه حول كون عمار بن ياسر ھو ابن السوداء ) ،ص . ( 88
و لعل ھذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد ﷲ بن سبأ ،ھو بغرض نفي
التأثير اليھودي في عقائد الشيعة ،و تبرئة ساحتھم من عبد ﷲ بن سبأ ،و لكن أنى لھم ذلك .
و قد أعجبتني مقولة للدكتور سعدي الھاشمي يقول فيھا ) :و بھذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من
كتب القوم ) الشيعة ( تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليھودي ،و من طعن من الشيعة في ذلك فقد
طعن في كتبھم التي نقلت لعنات األئمة المعصومين – عندھم – على ھذا اليھودي ) ابن سبأ ( و ال يجوز و
ال يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجھول ،و كذلك ال يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم ( .
ابن سبأ حقيقة ال خيال ) ص . ( 76
- 1المستشرق األلماني :يوليوس فلھاوزن ) 1918 -1844م ( ،يقول ) :ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان
علي و الحسن ،و تنسب إلى عبد ﷲ بن سبأ و كما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً و الواقع
أنه من العاصمة صنعاء ،و يقال أنه كان يھودياً ( .في كتابه :الخوارج والشيعة ) ص . ( 171-170
- 2المستشرق :فان فلوتن ) 1903 -1866م ( ،يرى أن فرقة السبأية ينتسبون إلى عبد ﷲ بن سبأ فيقول
) :وأما السبأية أنصار عبد ﷲ بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخالفة منذ أيام عثمان ،فكان يعتقدون
أن جزءاً إلھياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده .السيادة العربية والشيعية و اإلسرائيليات في عھد
بني أمية )ص . ( 80
- 3المستشرق اإليطالي :كايتاني ) 1926-1869م ( ،يخلص ھذا المستشرق في بحثه الذي نشره في
حوليات اإلسالم الجزء الثامن من سنة )35-33ھـ ( إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات
سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية ،كما
وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلھة لعلي قد حدثت في أيامه ،و ينتھي إلى القول بأن ھذه اآلراء وليدة
تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للھجرة .
- 4المستشرق :ليفي ديالفيدا ) المولود عام 1886م ( ،حيث مرّ بعبد ﷲ بن سبأ و ھو يتحدث عن خالفة
علي من خالل كتاب أنساب األشراف للبالذري .
- 5المستشرق األلماني :إسرائيل فريد لندر ،وقد كتب مقاال ً عن عبد ﷲ بن سبأ في المجلة اآلشورية
العددين من سنة )1909م ،ص (322و )1910م ،ص (23بعنوان ) :عبد ﷲ بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله
اليھودي ( و قد خلص في بحثه ھذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه ال يتشكك مطلقاً في
شخصية ابن سبأ .
– 6المستشرق المجري :جولد تسيھر ) 1921م ( ،يقول ) :كما أن اإلغراق في تأليه علي الذي صاغه
في مبدأ األمر عبد ﷲ بن سبأ ( .في كتابه :العقيدة والشريعة في اإلسالم ) ص . ( 205
- 7رينولد نكلس ) 1945م ( ،يقول في كتابه تاريخ األدب العربي )ص ) : ( 215فعبد ﷲ بن سبأ الذي
أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن ،و قد قيل إنه كان من اليھود و قد أسلم في عھد
عثمان و أصبح مبشراً متجوال ً ( .
- 8داويت .م .رونلدسن ،يقول ) :فقد ظھر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد ﷲ بن سبأ قطع
البالد اإلسالمية طوال ً و عرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري ( .عقيدة الشيعة ) ص . ( 85
- 9المستشرق اإلنجليزي :برنارد لويس ،فھو يرى أن عبد ﷲ بن سبأ ھو أصل التشيع .راجع كالمه في
كتابه :أصول اإلسماعيلية ) ص . ( 86
ھذه أھم الكتابات االستشراقية في موضوع عبد ﷲ بن سبأ ،و ھناك غير ھؤالء الكثير ،راجع لألھمية كتاب
:عبد ﷲ بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر اإلسالم للدكتور سليمان العودة ) ص . ( 73
أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين ،فھم فئة قليلة و الذين وقفوا في شخصية ابن سبأ و
أصبحت عندھم مجرد خرافة و محل شك ،و ليس ھناك من داع لذكرھم ،لعدم انتشار أفكارھم بخالف
المثبتين فھم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليھم الكثير ممن تأثر بفكر االستشراق ،و كان
ھدف ھؤالء المستشرقين من ذلك التشكيك أو اإلنكار ھو ادعاء أن الفتن إنما ھي من عمل الصحابة
أنفسھم ،و أن نسبتھا إلى اليھود أو الزنادقة ھو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليھا اإلخباريون والمؤرخون
المسلمون ليعلقوا أخطاء ھؤالء الصحابة على عناصر أخرى ،على أن إنكار بعضھم لشخصية ابن سبأ إنما
يرجع إلى رغبتھم في االنتھاء إلى النتيجة التالية :ال حاجة لمخّرب يمشي بين الصحابة ،فقد كانت نوازع
الطمع و حب الدنيا والسلطة مستحوذة عليھم ،فراحوا يقاتلون بعضھم عن قصد و تصميم ،و القصد من ذلك
اإلساءة إلى اإلسالم و أھله ،و إلقاء في روع الناس أن اإلسالم إذا عجز عن تقويم أخالق الصحابة و
سلوكھم وإصالح جماعتھم بعد أن فارقھم الرسول صلى ﷲ عليه وسلم بمدة وجيزة ،فھو أعجز أن يكون
منھجاً لإلصالح في ھذا العصر .أنظر :تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور :محمد أمحزون ). (314/1
الرد عليه :إن المؤرخين عند حديثھم عن موضوع معين ال يلتزمون بذكر كل تفاصيل ما جرى في األحداث
والوقائع التي ذكروھا في كتبھم ،ھذا على افتراض مشاركة ابن سبأ في حرب صفين ،و على افتراض عدم
مشاركته في حرب صفين ،ھل يعد ذلك دليال ً على عدم وجوده ،فيعارض به ما أثبته المؤرخون من وجود ابن
سبأ و ما كان له من دور ؟! و في اعتقادي أن ھذه الشبھة ال تقوى على ما أثبته المؤرخون والمحققون من
سنة و شيعة من وجود ابن سبأ .
ثانياً :قالوا :إن أخبار ابن سبأ إنما انتشرت بين الناس عن طريق الطبري ،والطبري أخذھا عن سيف بن
عمر ،إذاً فسيف ھو المصدر الوحيد ألخبار ابن سبأ ،و سيف ھذا كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل .
الرد :ھذه شبھة باطلة إذ لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف ،بل ھناك روايات لسيف تتحدث عن ابن
سبأ ال توجد عند الطبري ،و مثاله :
- 1من طريق ابن عساكر ) ت 571ھـ ( في تاريخه ) ، ( 9/29وقد أورد رواية من طريق سيف بن عمر ليست
عند الطبري .
- 2من طريق المالقي ) ت 741ھـ ( في كتابه التمھيد و البيان ) ص ( 54و قد أورد رواية ليست عند الطبري
من طريق سيف بن عمر .
- 3من طريق الذھبي ) ت 748ھـ ( في كتابه تاريخ اإلسالم ) (123-122/2و ھذه الرواية أيضاً غير موجودة
في الطبري .
فھذه الطرق الثالثة تدلنا على أن الطبري لم ينفرد بروايات سيف بن عمر عن ابن سبأ ،و أنه ليس المصدر
الوحيد لھذه األخبار .
الرد :ھذه الشبھة أيضاً غير صحيحة ،فقد ثبتت روايات ذكر فيھا ابن سبأ لم يكن سيف في سندھا ،و إن
الذي يتبين لنا من خالل البحث والتنقيب أن سيف بن عمر ليس ھو المصدر الوحيد ألخبار عبد ﷲ بن سبأ ،
و سأورد ھنا عدد من النصوص البن عساكر تذكر ابن سبأ ال ينتھي سندھا إلى سيف بن عمر ،و قد اخترت
تاريخ ابن عساكر بالذات ألنه يعتمد في روايته لألخبار على السند كما ھو حال الطبري في تاريخه .
الرواية األولى :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى الشعبي ،قال :أول من كذب عبد ﷲ بن سبأ .
الرواية الثانية :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى عمار الدھني ،قال :سمعت أبا الطفيل يقول :رأيت المسيب
بن نجبة أتى به يلببة -يعني ابن السوداء ، -و علي على المنبر ،فقال علي :ما شأنه ؟ فقال :يكذب
على ﷲ وعلى رسوله .
الرواية الثالثة :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى زيد بن وھب عن علي قال :ما لي و ما لھذا الحميت األسود
؟.
الرواية الرابعة :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة قال :قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن
علي عليه السالم قال :ما لي وما لھذا الحميت األسود ؟ .
الرواية الخامسة :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة بن كھيل عن زيد قال :قال علي بن أبي
طالب ما لي ولھذا الحميت األسود ؟ -يعني عبد ﷲ بن سبأ – وكان يقع في أبي بكر وعمر .
الرواية السادسة :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى سلمة بن كھيل عن حجية بن عدي الكندي قال :رأيت
علياً كرم ﷲ وجھه وھو على المنبر ،وھو يقول :من يعذرني من ھذا الحميت األسود ،الذي يكذب على
ﷲ ورسوله ؟ -يعني ابن السوداء – لوال أن ال يزال يخرج عليّ عصابة تنعى عليّ دمه كما أدّعيت عليّ دماء
أھل النھر ،لجعلت منھم ركاماً .
الرواية السابعة :ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى أبو األحوص عن مغيرة عن سماك قال :بلغ عليا أن ابن
السوداء ينتقص أبا بكر وعمر ،فدعا به ،ودعا بالسيف -أو قال :فھمّ بقتله -فكُلّم فيه ،فقال :ال يساكني
ببلد أنا فيه .قال :فسيره إلى المدائن .تاريخ دمشق البن عساكر ) . ( 10-7 /29
للمزيد حول ورود روايات عبد ﷲ بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر راجع ما ذكرناه سابقاً.
جـ – كون سيف بن عمر ) ت 180ھـ ( كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل .
الرد :مكانة سيف بن عمر )ت 180ھـ ( بين الجرح والتعديل ،حتى تكون الصورة واضحة للقارئ .
يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين ) ص ) : ( 14سيف بن عمر الضبي ضعيف ( .وذكر ابن أبي حاتم
في الجرح والتعديل ) ( 278/2أن سيف بن عمر ) :متروك الحديث ،يشبه حديثه حديث الواقدي ( .و عند
ابن معين في نفس المصدر ) ( 278/2أن سيفاً ضعيف الحديث .و ذكره الذھبي فيمن له رواية في الكتب
الستة ،واكتفى بالقول ) :ضعفه ابن معين و غيره ( .الكاشف ) . ( 416/1و في المغني في الضعفاء ) ص
(292قال الذھبي ) :سيف بن عمر التميمي األسدي له تواليف متروك باتفاق ( .و عند ابن حجر في
التقريب ) ) : ( 344/1سيف ضعيف الحديث ( .و يقول ابن حبان في المجروحين ) ) : (345/1سيف بن عمر
الضبي األسدي من أھل البصرة اتھم بالزندقة ..يروي الموضوعات عن األثبات ( .
ھذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً ،لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً ؟!
ھنا ال بد و قبل أن أذكر أقوال أھل العلم فيه أن أنبه أنه ال بد من التفريق بين رواية ) الحديث ( و رواية األخبار
األخرى ،فعلى األولى تبنى األحكام و تقام الحدود ،فھي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع ،و من
ھنا تحرز العلماء –رحمھم ﷲ – في شروط من تأخذ عنه الرواية ،لكن يختلف األمر بالنسبة لرواية األخبار ،
فھي وإن كانت مھمة – ال سيما حينما يكون مجالھا اإلخبار عن الصحابة – إال أنھا ال تمحص كما يمحص
الحديث ،و من ھنا فال بد من مراعاة ھذا القياس و تطبيقه على ) سيف ( بكونه محدثاً ،و إخبارياً .راجع
لألھمية كتاب :تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون ) (143-82/1فقد تحدث عن ھذا الموضوع
فأجاد .
يقول الذھبي في ميزان االعتدال ) ) : ( 255/2كان إخبارياً عارف ًا ( .و يقول ابن حجر في تقريب التھذيب )
) : ( 344/1عمدة في التاريخ ( .أما اتھام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب
) ( 344/1بقوله ) :أفحش ابن حبان القول فيه ( .وال يصح اتھام سيف بالزندقة دون دليل ،إذ بكيف نفسر
رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة ،فأسلوبه الذي روى به تلك األحداث أبعد ما يكون عن
أسلوب الزنادقة ،و ھو الذي فضح و ھتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ !!
و بعد ھذا ال يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من اإلخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن
الكلبي ،و غيرھم الكثير ،فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات ،عالوة
على أنھا صادرة و مأخوذة عمن شاھد تلك الحوادث أو كان قريباً منھا .للمزيد حول ھذا الموضوع راجع كتاب
:استشھاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر ،للدكتور خالد بن محمد الغيث ) ص ، ( 40 -19و عبد
ﷲ بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر اإلسالم للدكتور :سليمان العودة ) ص . ( 110 -104
ثالثاً :قالوا :لم يكن البن سبأ وجود ،و إنما ھو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر ،ثم ساقوا عدد
من الدعائم التي تؤيد ھذا القول ،منھا -:
- 1كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء ،و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً .
- 2كالھما من أب يماني ،و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أھل اليمن .
- 3كالھما كان شديد الحب لعلي ،و من محرضي الناس على بيعته .
- 4ذھاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان ،و مثل ھذا ينسب إلى ابن سبأ .
- 5ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخالفة بغير حق ،و أن صاحبھا الشرعي ھو علي ،و ھذا
نفسه كان يقول به عمار .
الرد :ھذا الرأي الذي خلصوا إليه ،إنما يدل على جھل صاحبه ،و ھذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب
الرجال الموثقة عند الشيعة ،فھي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه ،و ھو أحد األركان
األربعة عندھم ،ثم ھي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد ﷲ بن سبأ في معرض السب واللعنة .أنظر :رجال
الطوسي ) ص ( 51 ، 46و رجال الحلي ) ص . ( 469 ، 255فھل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد
ذلك ؟!
كما وأن عوامل توافق الشخصيتين ذھاب كل منھما إلى مصر زمن عثمان ،فإن استقراء النصوص ومعرفة
تاريخھا يعطي مفھوماً غير الذي فھمه النافين لوجود ابن سبأ ،و بالتالي ينتصب ھذا العامل دليال ً على
استقالل كل من الشخصيتين ،فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة ) 35ھـ ( ،بينما كان ظھور ابن سبأ
سنة ) 30ھـ ( كما في الطبري ) ، (241/4و ھو الذي ساق الخبرين ،و شيء آخر و ھو أن الطبري نفسه
أورد أن من الذين استمالوا عمار ًا في مصر قوم منھم عبد ﷲ بن سبأ .الطبري ) ، (341/4وانظر أيضاً :
البداية والنھاية البن كثير ) (167/7و الكامل في التاريخ البن األثير ) (77/3و تاريخ ابن خلدون ) (1034/2
فھؤالء ھو كبار المؤرخين و ھم جميعاً أثبتوا الشخصيتين ؛ شخصية ابن سبأ و شخصية عمار بن ياسر ،
فكيف لعاقل بعد ذلك أن يقول إنھما شخص واحد ؟!
و أما قولھم بأن عمار كان يمانياً ،فكل يماني يصح أن يقال له ابن سبأ ،فھذا غير صحيح ،فليست سبأ إال
جزءاً من بالد اليمن الواسعة كما قال بذلك ياقوت في معجم البلدان ). ( 181/3
وأما قولھم بأن عمار كان يقول بأن عثمان قد أخذ الخالفة بغير حق ،و أن صاحبھا الشرعي ھو علي ،فإن
ھذه المقولة زَعْم يحتاج إلى دليل ،بل الثابت أن عثمان رضي ﷲ عنه كان يثق بعمار و ھو الذي أرسله إلى
مصر لضبط أمورھا .راجع الطبري ) . (341/4
كما وأن التشابه في الكنى ال يجعل من الرجلين شخصية واحدة ،كما وأن الظروف التاريخية وطابع كل من
الشخصيتين ال تسمحان لنا بقبول ھذا الرأي .وإن نظرة واحدة إلى كتب التراجم والرجال لتعطي القارئ فكرة
واسعة في سبب قيام علماء الجرح والتعديل بتأليف الكتب التي تحتوي على المتشابه من األسماء والكنى
.
و شيء مھم آخر و ھو أن عمار قتل يوم صفين ،في حين بقي ابن سبأ إلى بعد مقتل علي رضي ﷲ عنه ،
فھل بعد ھذا يكون عمار بن ياسر ھو عبد ﷲ بن سبأ ؟!
رابعاً :قالوا :لم يكن البن سبأ وجود في الحقيقة ،و إنما ھو شخصية وھمية انتحلھا أعداء الشيعة بھدف
الطعن في مذھبھم و نسبته إلى رجل يھودي .
الرد :إن ھذه دعوى ال تقوم عليھا حجة ،فكما أنكم ادعيتم ھذا ،فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء ،لكن
العبرة بالحجة والدليل ،فزعمكم أن ھذه القصة قد اختلقھا أھل السنة للتشنيع على الشيعة ،ليس لھا
دليل ،و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظالل الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على األقل من أن ھذه
القصة لم ينفرد بھا أھل السنة فقط ،فھذا الزعم باطل ألن مصادر الشيعة ھي األخرى أثبتت – كما سلف –
وجود ابن سبأ .و بھذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنھا من مفتريات أھل السنة .
و بعد ھذا الذي ذكرت و ھذه الشبھات التي أبطلت ،أستطيع أن أقول :إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن
سبأ إلى عقيدتھم التي بثھا و تسربت إلى فرق الشيعة ،و ھي عقيدة تتنافى مع أصول اإلسالم ،و تضع
القوم موضع االتھام والشبھة ،ھذا من جھة ،و من جھة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو
الصحابة ،و رغبة إلظھارھم بأنھم ھم الذين أثاروا الفتنة بينھم .
و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد ﷲ بن
سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية ،و تفيض فيه كتب العقائد ،و ذكرته كتب الحديث والرجال
واألنساب والطبقات و األدب واللغة ،و سار على ھذا النھج كثير من المحققين والباحثين المحدثين.