You are on page 1of 19

‫إبن سبأ اليھودي مؤسس الديانة الشيعية‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬


‫إن من أكبر الفِرَق التي كانت و ما تزال وباال ً و شراً على المسلمين على طول تاريخھم و في جميع مراحل‬
‫حياتھم ‪ ،‬ھي فرقة الشيعة على تعدد طوائفھا و اختالف نحلھا ‪ ،‬بدءاً بالسبئية أتباع بعد ﷲ بن سبأ اليھودي‬
‫‪ ،‬الذي كان رأساً في إذكاء نار الفتنة والدس بين صفوف المسلمين ‪ ،‬و الذي وصل األمر بھم إلى تأليه علي‬
‫رضي ﷲ عنه ‪ ،‬و قبل أن أبدأ بالموضوع البد من مقدمة توضح الموضوع و تشرح المضمون ‪.‬‬

‫أصل ابن سبأ و منشأه ‪-:‬‬


‫اختلف أصحاب المقاالت والتاريخ في ھوية عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬و من ذلك اختلفوا في بلده و قبيلته ‪ ،‬يذكر‬
‫القلقشندي في قالئد الجمان )ص ‪ : ( 39‬أن يعرب بن قحطان ولد يشجب ‪ ،‬و ولد ليشجب ) سبأ ( و اسم‬
‫سبأ ھذا عبد شمس ‪ ،‬و قد ملك اليمن بعد أبيه ‪ ،‬و أكثر من الغزو والسبي ‪ ،‬فسمي ) سبأ ( وغلب عليه‬
‫حتى لم يسم به غيره ‪ ،‬ثم أطلق االسم على بنيه ‪ ..‬و ھم الوارد ذكرھم في القرآن ‪.‬‬

‫على أن المصادر التاريخية ال تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين ‪ ،‬و الذي ينتسب إليھم عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬و‬
‫من المحتمل أنھم كانوا في األصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي‬
‫) ‪ 800‬ق م ( ‪ ،‬و ھي عادة العرب في التجوال ‪ ،‬أو نتيجة ضغط اآلشوريين عليھم من الشمال ‪ ،‬واستقروا‬
‫أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع ‪ .‬راجع ‪ :‬محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي )‪. (21/1‬‬

‫و منھم من ينسب ابن سبأ إلى ) حمير ( ‪ ،‬و ھي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن‬
‫مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ األصغر بن لھيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب ھو حمير األكبر ‪ ،‬و‬
‫حمير الغوث ھو حمير األدنى و منازلھم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء ‪ .‬أنظر ‪ :‬معجم البلدان‬
‫لياقوت الحموي )‪. (306/2‬‬

‫ومن الذين قالوا بذلك ‪ :‬ابن حزم في كتابه الفصل في الملل واألھواء ) ‪ ، (46/5‬حيث يقول ‪ :‬والقسم الثاني‬
‫من فرق الغالية يقولون باإللھية لغير ﷲ عز وجل ‪ ،‬فأولھم قوم من أصحاب عبد ﷲ بن سبأ الحميري ‪.‬‬

‫أما البالذري في أنساب األشراف )‪ ، (240/5‬و األشعري القمي في المقاالت والفرق )ص ‪ ، (20‬والفرزدق‬
‫في ديوانه ) ص ‪ (243-242‬فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة ) ھمدان ( ‪ ،‬و ھمدان بطن من كھالن من‬
‫القحطانية و ھم بنو ھمدان ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كھالن ‪ ،‬و‬
‫كانت ديارھم باليمن من شرقيه ‪ .‬معجم قبائل العرب لرضا كحالة )‪ . (1225/3‬فھو ) عبد ﷲ بن سبأ بن وھب‬
‫الھمداني ( كما عند البالذري ‪ ،‬و ) عبد ﷲ بن سبأ بن وھب الراسبي الھمداني ( كما عند األشعري القمي‬
‫‪ ،‬أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى ھمدان في قصيدته التي ھجا فيھا أشراف العراق و من انضم‬
‫إلى ثورة ابن األشعث في معركة دير الجماجم سنة )‪82‬ھـ ( و يصفھم بالسبئية حيث يقول ‪:‬‬

‫كأن على دير الجماجم منھم حصائد أو أعجاز نخل تقعّرا‬

‫تَعَرّفُ ھمدانية سبئية و تُكره عينيھا على ما تنكّرا ‪ .‬إلى آخر القصيدة ‪.‬‬

‫و يروي عبد القاھر البغدادي في الفرق بين الفرق ) ص ‪ ، (235‬أن ابن سبأ من أھل ) الحيرة ( ‪ ،‬قال ‪ :‬إن‬
‫عبدﷲ بن السوداء كان يعين السبأية على قولھا ‪ ،‬و كان أصله من يھود الحيرة ‪ ،‬فأظھر اإلسالم ‪.‬‬

‫و يروي ابن كثير في البداية والنھاية )‪ ، (190/7‬أن أصل ابن سبأ من الروم ‪ ،‬فيقول ‪ :‬و كان أصله رومياً فأظھر‬
‫اإلسالم و أحدث بدعاً قولية و فعلية قبحه ﷲ ‪.‬‬
‫أما الطبري و ابن عساكر ‪ ،‬فيرويان أن ابن سبأ من اليمن ‪ .‬قال الطبري في تاريخه )‪ : (340/4‬كان عبدﷲ بن‬
‫سبأ يھودياً من أھل صنعاء ‪ .‬و قال ابن عساكر في تاريخ دمشق ) ‪ : (3/29‬عبد ﷲ بن سبأ الذي ينسب إليه‬
‫السبئية وھم الغالة من الرافضة أصله من أھل اليمن كان يھودياً ‪.‬‬

‫و الذي أميل إليه و أرجحه ھو ‪ :‬أن ابن سبأ من اليمن ؛ و ذلك أن ھذا القول يجمع بين معظم أقوال العلماء‬
‫في بلد ابن سبأ ‪ ،‬و لو نظرنا في األقوال السابقة لم مجد تعارضاً بين ھذا القول و بين القول األول الذي‬
‫ينسب ابن سبأ إلى قبيلة ) حمير ( ‪ ،‬و القول الثاني الذي ينسبه إلى قبيلة ) ھمدان ( ‪ ،‬إذ القبيلتان من‬
‫اليمن ‪ ،‬و لم يخالف في أن أصل ابن سبأ من اليمن إال البغدادي الذي ينسبه إلى ) الحيرة ( ‪ ،‬و ابن كثير‬
‫الذي ذكر أنه ) رومي ( األصل ‪.‬‬

‫أما البغدادي فقد اختلط عليه ابن السوداء بابن سبأ ‪ ،‬فظن أنھما شخصان ‪ ،‬يقول ‪ :‬و قد ذكر الشعبي أن عبد‬
‫ﷲ بن السوداء كان يعين السبأية على قولھا ‪ ..‬ثم تحدث عن ابن السوداء و مقالته في علي رضي ﷲ عنه‬
‫‪ ،‬إلى أن قال ‪ :‬فلما خشي – أي علي رضي ﷲ عنه – من قتله – أي ابن السوداء – و من قتل ابن سبأ‬
‫الفتنة التي خافھا ابن عباس ‪ ،‬نفاھما إلى المدائن ‪ ،‬فافتتن بھما الرعاع ‪ .‬الفرق بين الفرق ) ص ‪. (235‬‬

‫والذي ذكر أنه من أھل الحيرة ھو عبد ﷲ بن السوداء و لم يتعرض البن سبأ بشيء ‪ ،‬لھذا ال يمكننا أن نجزم‬
‫بأن البغدادي نسب ابن سبأ المشھور في كتب الفرق و مؤسس فرقة السبأية إلى الحيرة ‪ ،‬فلعله قصد‬
‫شخصاً آخر غيره ‪ ،‬و مما يدل على أنه ال يعني ابن سبأ ‪ ،‬أنه قال عند حديثه عن عبد ﷲ بن السوداء ‪ ) :‬كان‬
‫يعين السبأية على قولھا ( ‪ ،‬فدل على أنه غير مؤسس السبأية ‪.‬‬

‫أما ابن كثير فال أعلم أحداً من المؤرخين وأصحاب المقاالت وافقه في نسبة ابن سبأ إلى ) الروم ( ‪ ،‬و قد جاء‬
‫في بعض النسخ المطبوعة من البداية والنھاية كلمة ) ذمياً ( بدل ) رومياً ( أنظر الطبعة الثانية ) ‪، (173/7‬‬
‫فلعل أصل الكلمة ذمياً و لكن حدث في الكلمة تصحيف من قبل النساخ ‪ ،‬وكون ابن سبأ ذمياً ال ينافي ما‬
‫تناقله العلماء من كونه يھودياً ‪ .‬و لھذا ال يعارض قوله ھذا ما اشتھر نقله في كتب التاريخ والفرق من أن أصل‬
‫ابن سبأ من اليمن ‪.‬‬

‫فترجح بھذا أن ابن سبأ من اليمن و نحن ال نقطع بنسبته إلى قبيلة معينة لعدم توفر األدلة على ذلك ‪ .‬و ﷲ‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫و قد اختلف المؤرخون وأصحاب المقاالت أيضاً في نسبة ابن سبأ ألبيه ‪ ،‬فمنھم من ينسب ابن سبأ من جھة‬
‫أبيه إلى ) وھب ( كما عند البالذري في أنساب األشراف )‪ ، (240/5‬و األشعري القمي في المقاالت والفرق‬
‫) ص ‪ (20‬والذھبي في المشتبه في الرجال )‪ (346/1‬و المقريزي في الخطط )‪. (356/2‬‬

‫أما من قال أنه ‪ ) :‬عبد ﷲ بن وھب الراسبي ( كما ھو عند األشعري القمي في المقاالت ) ص ‪ ، (20‬فلعل‬
‫ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدﷲ بن سبأ ھذا و بين عبد ﷲ بن وھب الراسبي صاحب الخوارج ‪ ،‬و ھناك‬
‫فرق بين الشخصيتين ما ال يخفى على مطلع ‪ ،‬فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و‬
‫الممات ‪ ،‬نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم ‪ ،‬فھو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي ﷲ عنه ‪،‬‬
‫شرح صحيح مسلم للنووي )‪ ، (172/7‬و ھو المقتول في وقعة النھروان ‪ ،‬العبر في خبر من غبر للذھبي‬
‫)‪ ، (44/1‬و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ ‪ ،‬فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع‬
‫علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً ‪ .‬أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي )ص ‪. (94‬‬

‫و مما يؤكد الفرق بين االسمين ما نص عليه السمعاني في األنساب )‪ (24/7‬بقوله ‪ ) :‬عبدﷲ بن وھب‬
‫السبئي رئيس الخوارج ‪ ،‬و ظني أن ابن وھب ھذا منسوب إلى عبد ﷲ بن سبأ ( ‪.‬‬

‫و ھناك من ينسب ابن سبأ من جھة أبيه أيضاً إلى حرب ‪ ،‬كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين )‪ ، (81/3‬و ھو‬
‫ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال ‪ ) :‬قدمت المدائن بعد ما ضرب علي ابن أبي طالب كرم ﷲ وجھه‬
‫‪ ،‬فلقيني ابن السوداء و ھو ابن حرب ‪. ( ..‬‬

‫ومعظم أھل العلم ينسبون ابن سبأ من جھة أبيه إلى سبأ ‪ ،‬فيقولون ‪ ) :‬عبد ﷲ بن سبأ ( ‪ ،‬ومن ھؤالء‬
‫البالذري في أنساب األشراف )‪ (382/3‬ابن قتيبة في المعارف ) ص ‪ (622‬و الطبري في التاريخ )‪ (340/4‬وأبو‬
‫الحسن األشعري في مقاالت اإلسالميين )‪ ، (86/1‬والشھرستاني في الملل والنحل )‪ ، (174/1‬والذھبي‬
‫في الميزان ) ‪ (426/2‬وابن حجر في لسان الميزان )‪ ، (290/3‬وابن عبد ربه في العقد الفريد )‪ (405/2‬و شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية في مجموع الفتاوى )‪ ، (483/28‬وابن حبان في المجروحين ) ‪ (253/2‬والجوزجاني في‬
‫أحوال الرجال )ص‪ (38‬و المقدسي في البدء والتاريخ )‪ (129/5‬والخوارزمي في مفاتيح العلوم )ص ‪ (22‬وابن‬
‫حزم في الفصل في الملل والنحل ) ‪ (186/4‬و األسفرايني في التبصرة في الدين ) ص ‪ ( 108‬وابن عساكر‬
‫في تاريخ دمشق ) ‪ ، (3/29‬والسمعاني في األنساب )‪ (24/7‬و ابن األثير في اللّباب )‪ ، (98/2‬و غيرھم‬
‫الكثير ‪ .‬و من الرافضة ‪ :‬الناشئ األكبر في مسائل اإلمامة ) ص ‪ ، ( 23 -22‬و األشعري القمي في المقاالت‬
‫والفرق ) ص ‪ ( 20‬و النوبختي في فرق الشيعة )ص ‪. ( 22‬‬

‫أما نسب ابن سبأ ) ألمه ( فھو من أم حبشية ‪ ،‬كما عند الطبري في التاريخ )‪ (327-326/4‬و ابن حبيب في‬
‫المحبر )ص ‪ ، ( 308‬و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه ) ابن السوداء ( ففي البيان والتبيين ) ‪ ... ) : (81/3‬فلقيني‬
‫ابن السوداء ( و في تاريخ الطبري ) ‪ ) : (326/4‬و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة ( ‪ ،‬وفي‬
‫تاريخ اإلسالم للذھبي )‪ ) : (122/2‬ولما خرج ابن السوداء إلى مصر ( ‪ ،‬و ھم بھذا يتحدثون عن عبد ﷲ بن‬
‫سبأ ‪ ،‬و لذلك قال المقريزي في الخطط ) ‪ ) : (356/2‬عبد ﷲ بن وھب بن سبأ المعروف بابن السوداء ( ‪،‬‬
‫وابن عساكر في تاريخ دمشق )‪ (8/29‬من قول علي رضي ﷲ عنه ‪ ) :‬من يعذرني من ھذا الحميت األسود‬
‫الذي يكذب على ﷲ ورسوله يعني ابن السوداء ( ‪ .‬و مثل ھذا كثير ‪...‬‬

‫وكما وقع الخلط واإلشكال في نسبة ابن سبأ ألبيه ‪ ،‬وقع الخلط و تصور من غفلوا عن ھذه النسبة ألمه ‪ ،‬أن‬
‫ھناك شخصين ‪ :‬ابن سبأ ‪ ،‬وابن السوداء ‪ ،‬ففي العقد الفريد البن عبد ربه )‪ .. ) : (241/2‬منھم عبد ﷲ بن‬
‫سبأ نفاه إلى ساباط ‪ ،‬و عبد ﷲ بن السوداء نفاه إلى الخازر ( ‪.‬‬

‫و يقول االسفرايني في التبصرة ) ص ‪ ) : (108‬و وافق ابن السوداء عبد ﷲ بن سبأ بعد وفاة علي في‬
‫مقالته ھذه ( ‪.‬‬

‫ومثل ھذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق ) ص ‪ ) : ( 235‬فلما خشي علي من قتل ابن السوداء‬
‫وابن سبأ الفتنة نفاھما إلى المدائن ( ‪.‬‬

‫والذي يترجح من مناقشة الروايات ‪ :‬أن ابن سبأ غير ابن وھب الراسبي ‪ ،‬وأنه ھو نفسه ابن السوداء ‪ ،‬وﷲ‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫و مما يحسن ذكره ھنا أيضاً أن ابن سبأ كان أسود اللون ‪ ،‬و ھذا يرجح كون أمه من الحبشيات ‪ ،‬ذكر ابن‬
‫عساكر في تاريخه ) ‪ : ( 8-7/29‬عن عمار الدھني قال ‪ :‬سمعت أبا الطفيل يقول ‪ :‬رأيت المسيب بن نجبة‬
‫أتى به ملببة – أي مالزمه ‪ -‬يعني ابن السوداء و علي على المنبر ‪ ،‬فقال علي ‪ :‬ما شأنه ؟ فقال ‪ :‬يكذب‬
‫على ﷲ وعلى رسوله ‪ ،‬و جاء من طريق زيد بن وھب عن علي قال ‪ :‬ما لي ومال ھذا الحميت األسود ‪ ،‬و‬
‫من طريق سلمة قال ‪ :‬سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي ‪ ،‬قال ‪ :‬ما لي ومال ھذا الحميت األسود ‪ ،‬و جاء‬
‫أيضاً من طريق زيد قال ‪ :‬قال علي بن أبي طالب ‪ :‬ما لي ولھذا الحميت األسود ‪ ،‬يعني عبد ﷲ بن سبأ وكان‬
‫يقع في أبي بكر و عمر ‪.‬‬

‫و يبقى بعد ذلك األصل اليھودي البن سبأ ‪ ،‬ھل ھو محل اتفاق أم تتنازعه اآلراء ؟‬

‫يفترض المستشرق ‪ Hodgeson‬أن ابن سبأ ليس يھودياً في أغلب االحتماالت ‪ ،‬مشايعاً في ذلك‬
‫للمستشرق اإليطالي ‪ Levi Della Vida‬الذي يرى أن انتساب ابن سبأ إلى قبيلة عربية ھي ) ھمدان ( كما‬
‫في نص البالذري الذي وقف عنده ) ليفي ديال فيدا ( يمنع من أن يكون يھودياً ‪ .‬و ھو كما يقول الدكتور عبد‬
‫الرحمن بدوي في مذاھب اإلسالميين ) ‪ ) : (30/2‬استنتاج ال مبرر له ‪ ،‬فليس ھناك من تناقض بين أن يكون‬
‫المرء يھودياً وأن يكون من قبيلة عربية ‪.‬‬

‫وابن قتيبة رحمه ﷲ أشار إلى يھودية بعض القبائل كما في المعارف ) ص ‪ ( 266‬حيث يقول ‪ ) :‬كانت‬
‫اليھودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة ‪.‬‬

‫و فوق ذلك فإن االتجاه الغالب في يھود اليمن أن أكثرھم من أصل عربي ‪ ،‬كما قال الدكتور جواد علي في‬
‫تاريخ العرب قبل اإلسالم ) ‪. (26/6‬‬
‫و مع ذلك فليس مقطوعاً بانتساب ابن سبأ إلى ھمدان – كما مر معنا – و حتى لو قطع بذلك ‪ ،‬فھل ھذا‬
‫االنتساب لھمدان ‪ ،‬انتساب على الحقيقة أم بالوالء ؟!‬

‫و لئن كان ھذا الشك في يھودية ابن سبأ عند بعض المستشرقين ‪ ،‬إنما جاء نتيجة اعتراض يقيني بأن ابن‬
‫سبأ في تصوراته عن المھدي كان متأثراً باإلنجيل أكثر من تأثره بالتوراة ‪ ،‬و ھو اعتراض قد يقلل من يھودية‬
‫ابن سبأ ‪ ،‬إال أن ھذا االعتراض يضعف حينما نتبين رأي بعض الباحثين في طبيعة اليھودية في بالد اليمن –‬
‫في تلك الفترة – وأنھا امتزجت فيھا المسيحية بالموسوية ‪ ،‬و كانت يھودية سطحية ‪ ،‬وأن يھودية ابن سبأ‬
‫ربما كانت أقرب إلى يھودية ) الفالشا ( و ھم يھود الحبشة ‪ ،‬و ھذه اليھودية شديدة التأثر بالمسيحية‬
‫الحبشية ‪ .‬مذاھب اإلسالميين لعبد الرحمن بدوي )‪. (28/2‬‬

‫و ھذا األصل اليھودي البن سبأ لم يكن محل خالف في الروايات التاريخية ‪ ،‬أو لدى كتب الفرق ‪ ،‬و في آراء‬
‫المتقدمين ‪ ،‬أمثال ‪ :‬الطبري وابن عساكر وابن األثير والبغدادي وابن حزم ‪ ،‬وأمثال شيخ اإلسالم ‪ ،‬عليه رحمه‬
‫ﷲ‪.‬‬

‫سبب االختالف في تحديد ھوية ابن سبأ ‪-:‬‬


‫ال غرابة أن يحدث ھذا االختالف الكبير بين أھل العلم في تحديد ھوية و نسب ابن سبأ ‪ ،‬فعبد ﷲ بن سبأ قد‬
‫أحاط نفسه بإطار من الغموض والسرية التامة حتى على معاصريه ‪ ،‬فھو ال يكاد يعرف له اسم وال بلد ‪ ،‬ألنه‬
‫لم يدخل في اإلسالم إال للكيد له ‪ ،‬و حياكة المؤامرات والفتن بين صفوف المسلمين ‪ ،‬و لھذا لما سأله عبد‬
‫ﷲ بن عامر والي البصرة لعثمان بن عفان رضي ﷲ عنه ‪ ،‬قال له ‪ :‬ما أنت ؟ لم يخبره ابن سبأ باسمه و‬
‫اسم أبيه ‪ ،‬و إنما قال له ‪ :‬إنه رجل من أھل الكتاب رغب في اإلسالم و رغب في جوارك ‪ .‬تاريخ الطبري‬
‫)‪. ( 327-326/4‬‬

‫و في رأيي أن تلك السرية التامة التي أطبقھا ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختالف المؤرخين‬
‫والمحققين في نسبة ابن سبأ ‪ ،‬و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض ھذه األسماء التي ذكرھا‬
‫المؤرخون ‪ ،‬بل واستعمل بعض األسماء األخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر‬
‫الدولة اإلسالمية ‪.‬‬

‫نشأة ابن سبأ ‪-:‬‬


‫على ضوء ما تقدم من المعلومات السابقة – في المقال السابق ‪ ، -‬أمكننا الوقوف على األجواء التي نشأ‬
‫فيھا ابن سبأ ‪ ،‬و نستطيع أن نحدد عدد من النقاط ‪-:‬‬

‫‪ - 1‬بتغليب الروايات السابقة نجد أن ابن سبأ نشأ في اليمن ‪ ،‬سواء كان من قبيلة حمير أو ھمدان ‪ ،‬وال‬
‫نستطيع الجزم بأيھما ‪.‬‬

‫‪ – 2‬كان لليھود وجود في اليمن ‪ ،‬غير أنه ال نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة ‪ ،‬و قد رجح بعض‬
‫األساتذة أنه يرجع إلى سنة )‪70‬م ( و ذلك حينما نزح اليھود من فلسطين بعد أن دمرھا اإلمبراطور الروماني‬
‫) تيتوس ( و حطم ھيكل ) أورشليم ( وعلى إثر ذلك تفرق اليھود في األمصار و وجد بعضھم في اليمن بلداً‬
‫آمناً فالتجأوا إليه ‪ ،‬و بعد أن استولى األحباش على اليمن سنة )‪525‬م ( بدأت النصرانية تدخل اليمن ‪ .‬اليمن‬
‫عبر التاريخ ألحمد حسين )ص ‪. (159 -158‬‬

‫‪ – 3‬على إثر ھذا امتزجت تعاليم ) التوراة ( مع تعاليم ) اإلنجيل ( و كانت اليھودية في اليمن يھودية سطحية‬
‫‪ .‬مذاھب اإلسالميين لعبد الرحمن بدوي )‪. (28/2‬‬

‫‪ – 4‬و لكن اليھودية و إن ضعفت في اليمن بدخول األحباش فيھا ‪ ،‬فإنھا بقيت مع ذلك محافظة على كيانھا ‪،‬‬
‫فلم تنھزم و لم تجتث من أصولھا ‪ .‬تاريخ العرب قبل اإلسالم لجواد علي )‪. (34/6‬‬
‫و لعلنا من خالل تلك اإلشارات ‪ ،‬نستطيع أن محدد المحيط الذي نشأ فيه عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬والبيئة التي‬
‫صاغت أفكاره ‪ ،‬خاصة في عقيدة ) الرجعة ( و ) الوصية ( حينما قال ‪ ) :‬لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و‬
‫يكذب بأن محمداً يرجع ‪ ،‬و قد قال ﷲ عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ‪ ،‬فمحمد أحق‬
‫بالرجوع من عيسى ‪ ،‬و إنه كان ألف نبي و وصي و كان على وصي محمد ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬محمد خاتم األنبياء و‬
‫علي خاتم األوصياء ‪ . ( ..‬تاريخ الطبري )‪. (340/4‬‬

‫على كل حال فھي معلومات ضئيلة ال تروي غليال ً ‪ ،‬وال تھدي سبيال ً ‪ ،‬و لعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين‬
‫أيدينا ‪ ،‬فھي ال تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ ‪ ،‬كما أن المعلومات عن فتوة ابن سبأ قبل ظھوره غير موجودة ‪،‬‬
‫و نحن ھنا مضطرون للصمت عما سكت عنه األولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش و تكشف المكنون ‪.‬‬

‫ظھور ابن سبأ بين المسلمين ‪-:‬‬


‫جاء في تاريخ الطبري )‪ (340/4‬و الكامل البن األثير )‪ (77/3‬و البداية والنھاية البن كثير)‪ (167/7‬و تاريخ‬
‫دمشق البن عساكر )‪ ( 8-7 /29‬و غيرھم من كتب التاريخ ضمن أحداث سنة )‪35‬ھـ ( ‪ :‬أن عبد ﷲ بن سبأ‬
‫كان يھودياً من أھل صنعاء وأنه أسلم زمن عثمان بن عفان رضي ﷲ عنه ‪ ،‬و أخذ يتنقل في بالد المسلمين‬
‫يريد ضاللتھم ‪ ،‬فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم بالشام ‪ ،‬فلم يقدر على شيء فيھا ‪ ،‬فأتى مصر واستقر‬
‫بھا و وضع لھم عقيدتي الوصية و الرجعة ‪ ،‬فقبلوھا منه و كوّن له في مصر أنصاراً ممن استھواھم بآرائه‬
‫الفاسدة ‪.‬‬

‫لكن أين و متى كان أول ظھور لعبد ﷲ بن سبأ بين المسلمين ؟‬

‫جاء في البداية والنھاية البن كثير )‪ (183/7‬ضمن أحداث سنة )‪34‬ھـ ( ‪ ،‬أن عبد ﷲ بن سبأ كان سبب تألب‬
‫األحزاب على عثمان ‪ .‬ثم أورده في أحداث سنة )‪35‬ھـ( مع األحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى‬
‫خلع عثمان ‪ .‬البداية والنھاية )‪. (190/7‬‬

‫أما الطبري )‪ (331/4‬وابن األثير)‪ (147/3‬فنجد عندھما ذكر البن سبأ بين المسلمين قبل سنة ) ‪34‬ھـ ( في‬
‫الكوفة ‪ ) ،‬فيزيد بن قيس ( ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عامل عثمان ) سعيد بن‬
‫العاص ( إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبھم ‪.‬‬

‫و ھذا يعني ظھور ابن سبأ قبل ھذا التاريخ ‪ ،‬و تكوين األعوان الذين اجتمعوا إلى يزيد بن قيس ‪ ،‬و تأكيد ذلك‬
‫عند الطبري ) ‪ (326/4‬وابن األثير)‪ ، (144/3‬ففي سنة ) ‪33‬ھـ ( و بعد مضي ثالث سنين من إمارة بعد ﷲ بن‬
‫عامر على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على ) حكيم بن جبلة ( و تكون المقابلة بين ابن عامر وابن السوداء‬
‫والتي ذكرتھا في بداية الموضوع ‪.‬‬

‫ونستمر في االستقراء فنجد ظھوراً البن سبأ بين المسلمين قبل ھذا التاريخ ‪ ،‬ففي الطبري )‪ (283/4‬و ابن‬
‫األثير )‪ ، (114/3‬و ضمن حوادث سنة )‪30‬ھـ ( يرد ابن السوداء الشام ‪ ،‬و يلتقي بأبي ذر و يھيجه على‬
‫معاوية – و سنأتي على تحقيق القول في قضية تأثير ابن سبأ على أبي ذر فيما بعد ‪. -‬‬

‫ابن سبأ في الحجاز ‪-:‬‬


‫لما كان ظھور ابن سبأ في الحجاز قبل ظھوره في البصرة والشام ‪ ،‬فالبد أن يكون قد ظھر في الحجاز قبل‬
‫سنة ) ‪30‬ھـ ( ‪ ،‬ألن ظھوره في الشام كان في ھذا التاريخ ‪ ،‬و في الحجاز ال تكاد تطالعنا الروايات التاريخية‬
‫على مزيد من التفصيل ‪ ،‬و لعل في ھذا داللة على عدم استقرار أو مكث البن سبأ في الحجاز ‪ ،‬عدا ذلك‬
‫المرور في طريقه التخريبي ‪ ،‬لكنه كما يبدو لم يستطع شيئاً من ذلك فتجاوز الحجاز إلى البصرة ‪ .‬تاريخ‬
‫الطبري ) ‪. (341-340/4‬‬

‫ظھوره في البصرة ‪-:‬‬


‫و في البصرة كان نزول ابن سبأ على ) حكيم بن جبلة العبدي ( ‪ ،‬و خبره كما ورد في الطبري )‪) : ( 326 /4‬‬
‫لما مضى من إمارة ابن عامر ثالث سنين بلغه أن في عبد القيس رجال ً نازال ً على حكيم بن جبلة ‪ ،‬و كان‬
‫حكيم رجال ً لصاً إذا قفلت الجيوش خنس عنھم ‪ ،‬فسعى في أرض فارس فيغير على أھل الذمة ‪ ،‬و يتنكر لھم‬
‫و يفسد في األرض و يصيب ما يشاء ثم يرجع ‪ ،‬فشكاه أھل الذمة وأھل القبلة إلى عثمان ‪ ،‬فكتب إلى عبد‬
‫ﷲ بن عامر أن احبسه و من كان مثله فال يخرج من البصرة حتى تأنسوا منه رشداً ‪ ،‬فحبسه فكان ال‬
‫يستطيع أن يخرج منھا ‪ ،‬فلما قدم ابن السوداء نزل عليه ‪ ،‬و اجتمع إليه نفر فطرح لھم ابن السوداء ولم يصرح‬
‫‪ ،‬فقبلوا منه واستعظموه ‪.‬‬

‫و بقية خبر الطبري يفيدنا أنه لقي آذاناً صاغية في البصرة ‪ ،‬و إن كان لم يصرح لھم بكل شيء ‪ ،‬فقد قبلوا‬
‫منه واستعظموه ‪ ،‬و شاء ﷲ أن تحجم ھذه الفتنة و يتفادى المسلمون بقية شرھا و ذلك حينما بلغ والي‬
‫البصرة ابن عامر خبر ابن سبأ ‪ ،‬فأرسل إليه و دار بينھما ھذا الحوار ‪ ) :‬ما أنت ؟ فأخبره أنه رجل من أھل‬
‫الكتاب رغب في اإلسالم والجوار ‪ ،‬فقال ابن عامر ‪ :‬ما يبلغني ذلك ! اخرج عني ‪ ،‬فأخرجه حتى أتى الكوفة ‪.‬‬
‫تاريخ الطبري )‪. (327-326/4‬‬

‫ظھوره في الكوفة ‪-:‬‬


‫الذي يبدو أن ابن سبأ بعد إخراجه من البصرة وإتيانه الكوفة ‪ ،‬لم يمكث بھا طويال ً حتى أخرجه أھلھا منھا ‪،‬‬
‫كما في بقية خبر الطبري )‪ ) : (327/4‬فخرج حتى أتى الكوفة ‪ ،‬فأخرج منھا فاستقر بمصر و جعل يكاتبھم و‬
‫يكاتبونه ‪ ،‬و يختلف الرجال بينھم ( ‪.‬‬

‫لكنه وإن كان قد دخل الكوفة ثم أخرج منھا سنة ) ‪33‬ھـ ( ‪ ،‬إال أن صلته بالكوفة لم تنته بإخراجه ‪ ،‬فلقد بقيت‬
‫ذيول الفتنة في الرجال الذين بقي يكاتبھم و يكاتبونه ‪ .‬الطبري )‪ (327/4‬وابن األثير )‪. (144/3‬‬

‫ظھوره في الشام ‪-:‬‬


‫في ظھور ابن سبأ في الشام يقابلنا الطبري في تاريخه نصان ‪ ،‬يعطي كل واحد منھما مفھوماً معيناً ‪ ،‬فيفيد‬
‫النص األول أن ابن سبأ لقي أبا ذر بالشام سنة )‪30‬ھـ ( و أنه ھو الذي ھيجه على معاوية حينما قال له ‪) :‬‬
‫أال تعجب إلى معاوية ! يقول المال مال ﷲ ‪ ،‬كأنه يريد أن يحتجزه لنفسه دون المسلمين ؟ وأن أبا ذر ذھب‬
‫إلى معاوية وأنكر عليه ذلك ( ‪ .‬تاريخ الطبري )‪. (283/4‬‬

‫بينما يفھم من النص اآلخر ‪ :‬أن ابن سبأ لم يكن له دور يذكر في الشام ‪ ،‬وإنما أخرجه أھلھا حتى أتى مصر ‪،‬‬
‫بقوله ‪ ) :‬أنه لم يقدر على ما يريد عند أحد من أھل الشام ( تاريخ الطبري )‪. (340/4‬‬

‫و يمكننا الجمع بين النصين في كون ابن سبأ دخل الشام مرتين ‪ ،‬كانت األولى سنة )‪30‬ھـ ( ‪ ،‬و ھي التي‬
‫التقى فيھا بأبي ذر ‪ ،‬و كانت الثانية بعد إخراجه من الكوفة سنة ) ‪33‬ھـ ( ‪ ،‬و ھي التي لم يستطع التأثير‬
‫فيھا مطلقاً ‪ ،‬و لعلھا ھي المعنية بالنص الثاني عند الطبري ‪.‬‬

‫كما و يمكننا الجمع أيضاً بين كون ابن سبأ قد التقى بأبي ذر سنة )‪30‬ھـ ( ‪ ،‬و لكن لم يكن ھو الذي أثر عليه‬
‫و ھيجه على معاوية ‪ ،‬و يرجح ھذا ما يلي ‪-:‬‬

‫‪ - 1‬لم تكن مواجھة أبي ذر رضي ﷲ عنه لمعاوية رضي ﷲ عنه وحده بھذه اآلراء ‪ ،‬و إنما كان ينكر على كل‬
‫من يقتني ماال ً من األغنياء ‪ ،‬و يمنع أن يدخر فوق القوت متأوال ً قول ﷲ تعالى } والذين يكنزون الذھب‬
‫والفضة { ]التوبة ‪[34‬‬

‫‪ - 2‬حينما أرسل معاوية إلى عثمان رضي ﷲ عنه يشكو إليه أمر أبي ذر ‪ ،‬لم تكن منه إشارة إلى تأثير ابن‬
‫سبأ عليه ‪ ،‬و اكتفى بقوله ‪ ) :‬إن أبا ذر قد أعضل بي و قد كان من أمره كيت و كيت ‪ . ( ..‬الطبري )‪. (283/4‬‬

‫‪ - 3‬ذكر ابن كثير في البداية )‪ (180 ، 170/7‬الخالف بين أبي ذر ومعاوية بالشام في أكثر من موضع في كتابه‬
‫السابق ‪ ،‬و لم يرد ذكر ابن سبأ في واحد منھا ‪ ،‬و إنما ذكر تأول أبي ذر لآلية السابقة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ورد في صحيح البخاري ) ‪ (111/2‬الحديث الذي يشير إلى أصل الخالف بين أبي ذر و معاوية ‪ ،‬و ليس فيه‬
‫أي إشارة ال من قريب وال من بعيد إلى ابن سبأ ‪ ،‬فعن زيد بن وھب قال ‪ ) :‬مررت بالربذة ‪ ،‬فإذا أنا بأبي ذر‬
‫رضي ﷲ عنه ‪ ،‬فقلت له ما أنزلك منزلك ھذا ؟ قال ‪ :‬كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في } والذين يكنزون‬
‫الذھب والفضة وال ينفقونھا في سبيل ﷲ { قال معاوية ‪ :‬نزلت في أھل الكتاب ‪ ،‬فقلت ‪ :‬نزلت فينا و فيھم ‪،‬‬
‫فكان بيني و بينه في ذلك ‪ ،‬و كتب إلى عثمان رضي ﷲ عنه يشكوني ‪ ،‬فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة‬
‫‪ ،‬فقدمتھا ‪ ،‬فكثر علي الناس حتى كأنھم لم يروني قبل ذلك ‪ ،‬فذكرت ذلك لعثمان ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬إن شئت‬
‫تنحيت فكنت قريباً فذاك الذي أنزلني ھذا المنزل ‪. ( ..‬‬

‫‪ - 5‬و في أشھر الكتب التي ترجمت للصحابة ‪ ،‬أوردت المحاورة التي دارت بين معاوية وأبي ذر ثم نزوله الربذة‬
‫‪ ،‬و لكن شيئاً من تأثير ابن سبأ على أبي ذر ال يذكر ‪ .‬االستيعاب البن عبد البر )‪ (214/1‬و أسد الغابة البن‬
‫األثير )‪ (357/1‬واإلصابة البن حجر )‪. (62/4‬‬

‫‪ - 6‬وأخيراً فإنه يبقى في النفس شيء من تلك الحادثة ؛ إذ كيف يستطيع يھودي خبيث حتى و لو تستر‬
‫باإلسالم أن يؤثر على صحابي جليل كان له من فضل الصحبة ما ھو مشھود ‪.‬‬

‫ظھور ابن سبأ في مصر ‪-:‬‬


‫على ضوء استقراء النصوص السابقة ‪ ،‬يكون ظھور ابن سبأ في مصر بعد خروجه من الكوفة ‪ ،‬و إذا كان ظھوره‬
‫في البصرة سنة ) ‪33‬ھـ ( ‪ ،‬ثم أخرج منھا إلى الكوفة ‪ ،‬و من الكوفة استقر بمصر ‪ ،‬فإن أقرب توقيت لظھور‬
‫ابن سبأ في مصر يكون في سنة ) ‪34‬ھـ ( ‪ ،‬ألن دخوله البصرة و طرحه ألفكاره فيھا و تعريجه على الكوفة ثم‬
‫طرده منھا ‪ ،‬واتجاھه بعد ذلك إلى مصر ‪ ..‬كل ھذا يحتاج إلى سنة على األقل ‪ ،‬و يؤكد ھذا ابن كثير في‬
‫البداية والنھاية )‪ ، (284/7‬فيضع ظھور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة )‪34‬ھـ ( ‪ ،‬و تابعه في ذلك‬
‫السيوطي أيضاً في حسن المحاضرة )‪ ، (164/2‬حيث أشار إلى دخول ابن سبأ مصر في ھذا التاريخ ‪.‬‬

‫عبد ﷲ بن سبأ حقيقة أم خيال؟‬


‫إن تشكيك بعض الباحثين المعاصرين في عبد ﷲ بن سبأ وأنه شخصية وھمية وإنكارھم وجوده ال يستند‬
‫إلى الدليل العملي ‪ ،‬وال يعتمد على المصادر المتقدمة ‪ ،‬بل ھو مجرد استنتاج يقوم على أراء وتخمينات‬
‫شخصية تختلف بواعثھا حسب ميول واتجاھات متبنيھا ‪ ،‬ويمكن القول إن الشكاك والمنكرين لشخصية ابن‬
‫سبأ ھم طائفة من المستشرقين ‪ ،‬وفئة من الباحثين العرب ‪ ،‬وغالبية الشيعة المعاصرين ‪.‬‬

‫ومن العجب أن ھؤالء المستشرقين وذيولھم من الرافضة والمستغربين في عصرنا أنكروا شخصية عبد ﷲ بن‬
‫سبأ ‪ ،‬وأنه شخصية وھمية لم يكن لھا وجود ‪ ،‬فأين بلغ ھؤالء من قلة الحياء والجھل ‪ ،‬وقد مألت ترجمته‬
‫كتب التاريخ والفرق ‪ ،‬وتناقلت أفعاله الرواة وطبقت أخباره اآلفاق ‪.‬‬

‫لقد اتفق المؤرخون والمحدثون وأصحاب كتب الفرق والملل والنحل والطبقات واألدب واألنساب الذين تعرضوا‬
‫للسبئية على وجود شخصية عبد ﷲ بن سبأ الذي ظھر في كتب أھل السنة ‪ -‬كما ظھر في كتب الشيعة ‪-‬‬
‫شخصية تاريخية حقيقية‪ .‬و لھذا فإن أخبار الفتنة ودور ابن سبأ فيھا لم تكن قصرا على تاريخ اإلمام الطبري و‬
‫استنادا إلى روايات سيف بن عمر التميمي فيه ‪ ،‬و إنما ھي أخبار منتشرة في روايات المتقدمين و في ثنايا‬
‫الكتب التي رصدت أحداث التاريخ أإلسالمي ‪ ،‬و آراء الفرق و النحل في تلك الفترة ‪ ،‬إال أن ميزة تاريخ اإلمام‬
‫الطبري على غيره أنه أعزرھا مادة وأكثرھا تفصيال ال أكثر‪ .‬و لھذا كان التشكيك في ھذه األحداث بال سند‬
‫وبال دليل ‪ ،‬إن يعني الھدم لكل تلك األخبار ‪ ،‬والتسفيه بأولئك المخبرين والعلماء ‪ ،‬وتزييف الحقائق التاريخية ‪.‬‬

‫فمتى كانت المنھجية ضربا من ضروب االستنتاج العقلي المحض في مقابل النصوص الروايات المتضافرة؟ و‬
‫ھل تكون المنھجية في الضرب صفح ًا و اإلعراض عن المصادر الكثيرة المتقدمة و المتأخرة التي أثبتت البن‬
‫سبأ شخصية واقعية!‬
‫و في ما يلي ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد ﷲ بن سبأ أو السبئية – طائفته ‪ -‬في‬
‫الكتب والمصادر المتقدمة ) السنية والشيعية ‪ ،‬المتقدمة منھا والمعاصرة ( ؛ ألن ورود أي ذكر للسبئية دليل‬
‫على انتسابھا له ‪ ،‬و ھذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة ‪ ،‬مع الرد على محاوالت التشكيك في‬
‫وجود عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬و ما ينسب إليه من أعمال ‪ ،‬و سأتّبع فيه الترتيب الزمني لألحداث ‪-:‬‬

‫أوال ً ‪ :‬من أثبت وجود عبد ﷲ بن سبأ من الفرقين ‪:‬‬

‫أ – عبد ﷲ بن سبأ عند أھل السنة ‪-:‬‬


‫‪ - 1‬جاء ذكر السبئية على لسان أعشى ھمدان ) ت ‪84‬ھـ ( في ديوانه )ص ‪ (148‬و تاريخ الطبري )‪ (83/6‬و‬
‫قد ھجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أھل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة‬
‫بقوله ‪:‬‬

‫شھدت عليكم أنكم سبئية * و أني بكم يا شرطة الكفر عارف‬

‫‪ - 2‬و جاء ذكر السبئية في كتاب اإلرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية )ت‪95‬ھـ ( – راجع كتاب ظاھرة اإلرجاء‬
‫في الفكر اإلسالمي للدكتور سفر الحوالي )‪ ، (361 -345/1‬حيث تحدث عن معنى اإلرجاء المنسوب للحسن‬
‫‪ ،‬و ذكر كالم أھل العلم في ذلك فليراجع لألھمية – ما يلي ‪ ) :‬و من خصومة ھذه السبئية التي أدركنا ‪ ،‬إذ‬
‫يقولون ھُدينا لوحي ضل عنه الناس ( ‪ .‬رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب اإليمان ) ص ‪. (249‬‬

‫‪ - 3‬و ھناك رواية عن الشعبي ) ت ‪103‬ھـ ( ذكرھا ابن عساكر في تاريخه )‪ ، (7/29‬تفيد أن ‪ ) :‬أول من كذب‬
‫عبد ﷲ بن سبأ ( ‪.‬‬

‫‪ - 4‬و ھذا الفرزدق )شيعي الوالء سني المذھب( ) ت ‪116‬ھـ ( يھجو في ديوانه ) ص ‪ ، (243-242‬أشارف‬
‫العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن األشعث في معركة دير الجماجم ‪ ،‬و يصفھم بالسبئية ‪ ،‬حيث‬
‫يقول ‪:‬‬

‫تَقَعّرا‬ ‫نخل‬ ‫أعجاز‬ ‫أو‬ ‫حصائد‬ ‫*‬ ‫منھم‬ ‫الجماجم‬ ‫دير‬ ‫على‬ ‫كأن‬
‫تنكرا‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫عينيھا‬ ‫تُكره‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫سبئية‬ ‫ھمدانية‬ ‫تَ َعر ُ‬
‫ّف‬
‫تعفّرا‬ ‫رأته مع القتلى و غيّر بعلھا * عليھا تراب في دم قد‬
‫أحزرا‬ ‫بالخيانة‬ ‫طرفا‬ ‫بعيدن‬ ‫*‬ ‫كانتا‬ ‫وعينين‬ ‫رأس‬ ‫من‬ ‫أراحوه‬
‫أغدرا‬ ‫الذئب‬ ‫من‬ ‫زبيري‬ ‫وإما‬ ‫*‬ ‫سبئية‬ ‫من‬ ‫العھد‬ ‫الناكثين‬ ‫من‬
‫ولو أنھم إذ نافقوا كان منھم * يھوديھم كانوا بذلك أعذرا‬

‫و يمكن االستنتاج من ھذا النص أن السبئية تعني فئة لھا ھوية سياسية معنية و مذھب عقائدي محدد‬
‫بانتمائھا إلى عبد ﷲ بن سبأ اليھودي المعروف ‪ ،‬صاحب المذھب ‪.‬‬

‫‪ - 5‬و قد نقل اإلمام الطبري في تفسيره )‪ (119/3‬رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري ) ت ‪117‬ھـ ( ‪،‬‬
‫في النص التالي ‪ } :‬فأما الذين في قلوبھم زيغ فيتبعون م تشابه منه ابتغاء الفتنة { ]آل عمران ‪ ، [7‬و كان‬
‫قتادة إذا قرأ ھذه اآلية قال ‪ ) :‬إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فال أدري ( ‪.‬‬

‫‪ - 6‬وفي الطبقات الكبرى البن سعد ) ت ‪230‬ھـ ( ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمھا وإن لم يشر إلى ابن سبأ‬
‫باالسم ‪ .‬الطبقات )‪. (39/3‬‬

‫‪ – 7‬و جاء عند ابن حبيب البغدادي ) ت ‪245‬ھـ ( في المحبر ) ص ‪ ، (308‬ذكر لعبد ﷲ بن سبأ حينما اعتبره‬
‫أحد أبناء الحبشيات ‪.‬‬
‫‪ - 8‬كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم ) ت ‪253‬ھـ ( ‪ ،‬خبر إحراق علي رضي ﷲ عنه لجماعة من أصحاب‬
‫ابن سبأ في كتابه االستقامة ‪ .‬أنظر ‪ :‬منھاج السنة البن تيمية ) ‪. (7/1‬‬

‫‪ - 9‬و جاء في البيان والتبيين )‪ (81/3‬للجاحظ )من كبار زعماء المعتزلة( ) ت ‪255‬ھـ ( ‪ ،‬إشارة إلى عبد ﷲ بن‬
‫سبأ ‪.‬‬

‫و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب‬
‫الصحاح والسنن و المساند ‪ .‬أنظر على سبيل المثال ‪ :‬سن أبي داود )‪ (126/4‬والنسائي )‪ (104/7‬و الحاكم‬
‫في المستدرك )‪. (538/3‬‬

‫‪ - 10‬فقد ذكر اإلمام البخاري ) ت ‪256‬ھـ ( في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه ) ‪ (50/8‬عن عكرمة قال ‪:‬‬
‫) أتي علي رضي ﷲ عنه بزنادقة فأحرقھم ‪ ،‬فبلغ ذلك ابن عباس فقال ‪ :‬لو كنت أنا لم أحرقھم لنھي النبي‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬ال تعذبوا بعذاب ﷲ ( ‪ ،‬و لقتلتھم لقول رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬من بدل‬
‫دينه فاقتلوه ( ‪.‬‬

‫ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقھم علي رضي ﷲ عنه ھم أتابع عبد ﷲ بن سبأ حينما قالوا بأنه اإلله ‪.‬‬

‫‪ - 11‬ذكر الجوزجاني ) ت ‪259‬ھـ ( في أحوال الرجال ) ص ‪ (38‬أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علي ًا‬
‫إلھاً حتى حرقھم بالنار إنكاراً عليھم واستبصاراً في أمرھم حين يقول ‪:‬‬

‫لما رأيت األمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا ‪.‬‬

‫‪ - 12‬و يقول ابن قتيبة ) ‪276‬ھـ ( في المعارف ) ص ‪ ) : (267‬السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد ﷲ بن‬
‫سبأ ( ‪ .‬و في تأويل مختلف الحديث ) ص ‪ (73‬يقول ‪ ) :‬أن عبد ﷲ بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي ‪ ،‬فأحرق‬
‫علي أصحابه بالنار ‪.‬‬

‫‪ - 13‬و يذكر البالذري ) ت ‪279‬ھـ ( ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي ﷲ عنه يسألونه من رأيه في‬
‫أبي بكر و عمر ‪ ،‬فقال ‪ :‬أو تفرغتم لھذا ‪ .‬أنساب األشراف ) ‪. (382/3‬‬

‫‪ – 14‬و يعتبر اإلمام الطبري ) ت ‪310‬ھـ ( من الذي أفاضوا في تاريخھم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في‬
‫ذلك على اإلخباري سيف بن عمر ‪ .‬تاريخ الطبري ) ‪، 494 – 493 ، 398 ، 349 ، 340 ، 331 ، 326 ، 283/4‬‬
‫‪. ( 505‬‬

‫‪ - 15‬وأكد ابن عبد ربه ) ت ‪328‬ھـ ( أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا ‪ :‬ھو ﷲ‬
‫خالقنا ‪ ،‬كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السالم ‪ .‬العقد الفريد ) ‪. (405/2‬‬

‫‪ - 16‬و يذكر أبو الحسن األشعري ) ت ‪330‬ھـ ( في مقاالت اإلسالميين )‪ (85/1‬عبد ﷲ بن سبأ وطائفته من‬
‫ضمن أصناف الغالة ‪ ،‬إذ يزعمون أن علياً لم يمت ‪ ،‬و أنه سيرجع إلى الدنيا فيمأل األرض عدال ً كما ملئت جوراً ‪.‬‬

‫‪ - 17‬و يذكر ابن حبان ) ت ‪354‬ھـ ( في كتاب المجروحين ) ‪ ) : (253/2‬أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد ﷲ‬
‫بن سبأ ‪ ،‬من أولئك الذين يقولون ‪ :‬إن علياً لم يمت ‪ ،‬وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة ( ‪.‬‬

‫‪ – 18‬يقول المقدسي ) ت ‪355‬ھـ ( في كتابه البدء والتاريخ ) ‪ ) : (129/5‬إن عبد ﷲ بن سبأ قال للذي جاء‬
‫ينعي إليه موت علي بن أبي طالب ‪ :‬لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه ال يموت حتى يسوق العرب بعصاه‬
‫(‪.‬‬

‫‪ - 19‬و يذكر الملطي ) ت ‪377‬ھـ ( في كتابه التنبيه و الرد على أھل األھواء و البدع ) ص ‪ (18‬فيقول ‪ ) :‬ففي‬
‫عھد علي رضي ﷲ عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له ‪ :‬أنت أنت !! ‪ ،‬قال ‪ :‬من أنا ؟ قالوا ‪ :‬الخالق البارئ ‪،‬‬
‫فاستتابھم ‪ ،‬فلم يرجعوا ‪ ،‬فأوقد لھم ناراً عظيمة وأحرقھم ‪.‬‬
‫‪ - 20‬و ذكر أبو حفص ابن شاھين ) ت ‪385‬ھـ ( أن علياً حرّق جماعة من غالة الشيعة ونفى بعضھم ‪ ،‬و من‬
‫المنفيين عبد ﷲ بن سبأ ‪ .‬أورده ابن تيمية في منھاج السنة )‪. (7/1‬‬

‫‪ - 21‬و يذكر الخوارزمي ) ت ‪387‬ھـ ( في كتابه مفاتيح العلوم )ص ‪ ، ( 22‬أن السبئية أصحاب عبد ﷲ بن سبأ‬
‫‪.‬‬

‫‪ - 22‬و يرد ذكر عبد ﷲ بن سبأ عند الھمذاني ) ت ‪415‬ھـ ( في كتابه تثبيت دالئل النبوة )‪. (548/3‬‬

‫‪ - 23‬و ذكر الغدادي ) ت ‪429‬ھـ ( في الفرق بين الفرق ) ص ‪ 15‬و ما بعدھا ( ‪ :‬أن فرقة السبئية أظھروا‬
‫بدعتھم في زمان علي رضي ﷲ عنه فأحرق قوماً منھم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نھاه ابن‬
‫عباس رضي ﷲ عنھما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى ال تختلف عليه‬
‫أصحابه ‪ ،‬السيما و ھو عازم على العودة إلى قتال أھل الشام ‪.‬‬

‫‪ - 24‬و نقل ابن حزم ) ت ‪456‬ھـ ( في الفصل في الملل والنحل ) ‪ ) : (186/4‬و القسم الثاني من الفرق‬
‫الغالية الذين يقولون باإللھية لغير ﷲ عز وجل فأولھم قوم من أصحاب عبد ﷲ بن سبأ الحميري لعنه ﷲ ‪،‬‬
‫أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافھة ‪ :‬أنت ھو ‪ ،‬فقال لھم ‪ :‬ومن ھو ؟ فقالوا ‪ :‬أنت ﷲ ‪ ،‬فاستعظم‬
‫األمر و أمر بنار فأججت وأحرقھم بالنار ( ‪.‬‬

‫‪ - 25‬يقول األسفرايني ) ت ‪471‬ھـ ( في التبصرة في الدين ) ص ‪ ) : (108‬إن ابن سبأ قال بنبوة علي في‬
‫أول أمره ‪ ،‬ثم دعا إلى ألوھيته ‪ ،‬و دعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي ( ‪.‬‬

‫‪ - 26‬و يتحدث الشھرستاني ) ت‪548‬ھـ ( في الملل والنحل )‪ (155 ،116/2‬عن ابن سبأ فيقول ‪ ) :‬و منه‬
‫انشعبت أصناف الغالة ( ‪ ،‬و يقول في موضع آخر ‪ ) :‬إن ابن سبأ ھو أول من أظھر القول بالنص بإمامة علي (‬
‫‪.‬‬

‫‪ – 27‬و ينسب السمعاني ) ت ‪562‬ھـ ( في كتابه األنساب ) ‪ (24/7‬السبئية إلى عبد ﷲ بن سبأ ‪.‬‬

‫‪ - 28‬و ترجم ابن عساكر ) ت ‪571‬ھـ ( في تاريخه ) ‪ (3/29‬ألبن سبأ بقوله ‪ :‬عبد ﷲ بن سبأ الذي تنسب‬
‫إلى السبئية ‪ ،‬و ھم الغالة من الرافضة ‪ ،‬أصله من اليمن ‪ ،‬و كان يھودياً وأظھر اإلسالم ‪.‬‬

‫‪ - 29‬و يقول نشوان الحميري ) ت ‪573‬ھـ ( في كتابه الحور العين ) ص ‪ ) : (154‬فقالت السبئية إن علياً حي‬
‫لم يمت ‪ ،‬وال يموت حتى يمأل األرض عدال ً كما ملئت جوراً ‪ ،‬و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة ( ‪.‬‬

‫‪ - 30‬و يؤكد فخر الدين الرازي ) ت ‪606‬ھـ ( في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين )ص ‪ ، (57‬كغيره‬
‫من أصحاب المقاالت والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية ‪.‬‬

‫‪ - 31‬و يذكر ابن األثير ) ت ‪630‬ھـ ( في كتابه اللباب ) ص ‪ (98/2‬ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد ﷲ بن‬
‫سبأ ‪ .‬كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدھا في كتابه الكامل ) ‪ 154 ،147 ،147 ،144 ،114/3‬إلى‬
‫غيرھا من الصفحات ( ‪.‬‬

‫‪ - 32‬و ذكر السّكْسَكي ) ت ‪683‬ھـ ( في كتابه البرھان في معرفة عقائد أھل األديان ‪ ) :‬أن ابن سبأ و‬
‫جماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت ( ‪.‬‬

‫‪ - 33‬و يذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ت ‪727‬ھـ ( أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة ‪ ،‬فإنه ابتدعه ابن‬
‫سبأ الزنديق ‪ ،‬و أظھر الغلو في علي بدعوى اإلمامة والنص عليه ‪ ،‬وادعى العصمة له ‪ .‬أنظر مجموع الفتاوى‬
‫) ‪ (435/4‬و ) ‪ (483/28‬و في كثير من الصفحات في كتابه ‪ :‬منھاج السنة النبوية ‪.‬‬

‫‪ - 34‬و يرد ذكر عبد ﷲ بن سبأ عند المالقي ) ت ‪741‬ھـ ( في كتابه التمھيد والبيان في مقتل الشھيد‬
‫عثمان ) ص ‪ ، (54‬بقوله ‪ ) :‬و في سنة ثالث و ثالثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي ﷲ عنه ‪ ..‬و كانوا‬
‫جماعة منھم ‪ ،‬مالك األشتر ‪ ،‬و األسود بن يزيد ‪ ..‬و عبد ﷲ بن سبأ المعروف بابن السوداء ‪.‬‬
‫‪ - 35‬و عند الذھبي ) ت ‪748‬ھـ ( في كتابه المغني في الضعفاء )‪ (339/1‬و في الميزان )‪ ) : (426/2‬عبد ﷲ‬
‫بن سبأ من غالة الشيعة ‪ ،‬ضال مضل ( ‪ ،‬و ذكره أيضاً في تاريخ اإلسالم ) ‪. (123-122/2‬‬

‫‪ - 36‬وذكر الصفدي ) ت ‪764‬ھـ ( في كتبه الوافي بالوفيات )‪ (20/17‬في ترجمة ابن سبأ ‪ ) :‬عبد ﷲ بن سبأ‬
‫رأس الطائفة السبئية ‪ ..‬قال لعلي أنت اإلله ‪ ،‬فنفاه إلى المدائن ‪ ،‬فلما قتل علي رضي ﷲ عنه زعم ابن‬
‫سبأ أنه لم يمت ألن فيه جزءاً إلھياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي ‪ ،‬و أن علياً في‬
‫السحاب ‪ ،‬و الرعد صوته ‪ ،‬و البرق سوطه ‪ ،‬وأنه سينزل إلى األرض ( ‪.‬‬

‫‪ - 37‬و ذكر ابن كثير ) ت ‪774‬ھـ ( في البداية و النھاية )‪ (183/7‬أن من أسباب تألب األحزاب على عثمان‬
‫ظھور ابن سبأ و صيرورته إلى مصر ‪ ،‬و إذاعته على المأل كالماً اخترعه من عند نفسه ‪.‬‬

‫‪ - 38‬و جاء في الفرق اإلسالمية )ص ‪ (34‬للكرماني ) ت ‪786‬ھـ ( أن علياً رضي ﷲ عنه لما قتل زعم عبد‬
‫ﷲ بن سبأ أنه لم يمت ‪ ،‬وأن فيه الجزء اإللھي ‪.‬‬

‫‪ - 39‬و يشير الشاطبي ) ت ‪790‬ھـ ( في كتابه االعتصام ) ‪ (197/2‬إلى أن بدعة السبئية من البدع‬
‫االعتقادية المتعلقة بوجود إله مع ﷲ ‪ ،‬و ھي بدعة تختلف عن غيرھا من المقاالت ‪.‬‬

‫‪ - 40‬و ذكر ابن أبي العز الحنفي ) ت ‪792‬ھـ ( في شرح العقيدة الطحاوية ) ص ‪ (578‬أن عبد ﷲ بن سبأ‬
‫أظھر اإلسالم و أراد أن يفسد دين اإلسالم كما فعل بولص بدين النصرانية ‪.‬‬

‫‪ - 41‬و يعرف الجُرجاني ) ت ‪816‬ھـ ( في كتابه التعريفات )ص ‪ (79‬عبد ﷲ بن سبأ بأنه رأس الطائفة‬
‫السبئية ‪ ..‬و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون ‪ :‬عليك السالم يا أمير المؤمنين ‪.‬‬

‫‪ - 42‬و يقول المقريزي ) ت ‪845‬ھـ ( في الخطط ) ‪ ) : (357-356/2‬أن عبد ﷲ بن سبأ قام في زمن علي‬
‫رضي ﷲ عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ ( ‪.‬‬

‫‪ - 43‬و قد سرد الحافظ بن حجر ) ت ‪852‬ھـ ( في كتابه لسان الميزان ) ‪ (290/3‬أخبار ابن سبأ من غير طريق‬
‫(‪.‬‬ ‫سيف بن عمر ‪ ،‬ثم قال ‪ ) :‬و أخبار عبد ﷲ بن سبأ شھيرة في التواريخ ‪ ،‬و ليس له رواية و الحمد‬

‫‪ - 44‬و ذكر العيني ) ت ‪855‬ھـ ( في كتابه عقد الجمان ) ‪ ) : (168/9‬أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورھا‬
‫‪ ،‬و أظھر األمر بالمعروف ‪ ،‬و تكلم في الرجعة ‪ ،‬و قررھا في قلوب المصريين ‪.‬‬

‫‪ - 45‬و أكد السيوطي ) ت ‪911‬ھـ ( في كتابه لب األلباب في تحرير األنساب ) ‪ (132/1‬نسبة السبئية إلى‬
‫عبد ﷲ بن سبأ ‪.‬‬

‫‪ - 46‬و ذكر السفارني ) ت ‪1188‬ھـ ( في كتابه لوامع األنوار )‪ (80/1‬ضمن فرق الشيعة فرقة السبأية و قال ‪:‬‬
‫) و ھم أتباع عبد ﷲ بن سبأ الذي قال ألمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه ‪ :‬أنت اإلله حقاً ‪،‬‬
‫فأحرق من أصحاب ھذه المقالة من قدر عليه منھم فخدّ لھم أخاديد وأحرقھم بالنار ‪.‬‬

‫‪ - 47‬و يروي الزﱡبيدي ) ت ‪1205‬ھـ ( أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مُسيك المرادي ھو والد عبد ﷲ بن‬
‫سبأ صاحب السبئية من الغالة ‪ .‬تاج العروس ) ‪ ، (76-75/1‬و كالم الزبيدي ھذا غير مقبول و يرده حديث فروة‬
‫بن مسيك ‪ ،‬راجع صحيح سنن أبي داود )برقم )‪ (3373‬و الترمذي ) برقم ‪ (3220‬كتاب تفسير سورة سبأ ‪ ،‬و‬
‫في الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من األنبناء ‪ :‬سكن منھم ستة في اليمن و‬
‫أربعة في الشام ‪ ،‬و ھم أصول القبائل العربية ‪ :‬لخم و جذام و غسان ‪ ..‬الخ ‪ ،‬مما يدل على أن سبأ رجل‬
‫متقدم جداً من أصول العرب ‪ ،‬فما عالقة ذلك بسبأ والد عبد ﷲ صاحب السبئية ؟ !‬

‫‪ - 48‬و تحدث عبد العزيز بن ولي ﷲ الدھلوي ) ت ‪1239‬ھـ ( في كتابه مختصر التحفة االثنى عشرية ) ص‬
‫‪ ( 317‬عن ابن سبأ بقوله ‪ ) :‬و من أكبر المصائب في اإلسالم في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة‬
‫اليھود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاھر لھم باإلسالم وادعى الغيرة على الدين والمحبة ألھله ‪ ..‬و‬
‫إن ھذا الشيطان ھو عبد ﷲ بن سبأ من يھود صنعاء ‪ ،‬و كان يسمى ابن السوداء ‪ ،‬و كان يبث دعوته بخبث‬
‫و تدرج و دھاء ‪.‬‬
‫‪ - 49‬و محمد صديق حسن خان ) ت ‪1307‬ھـ ( في خبيئة األكوان في افتراق األمم على المذاھب واألديان )‬
‫ص ‪. ( 44 ، 33 ، 8‬‬

‫ھذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء ‪ ،‬و من سلف األمة ‪ ،‬و ھناك الكثير غيرھم ‪ ،‬و كلھا تأكد و تجمع على‬
‫ثبوت شخصية عبد ﷲ بن سبأ اليھودي بكونه حقيقة ال خيال ‪ ،‬و كوني آثرت ذكر المتقدمين ‪ ،‬ألنه إذا ثبت‬
‫عندھم ؛ فھم أعرف منا ‪ ،‬ألنه تسنى لھم االطالع على الكثير من الكتب التي تعد في زمننا ھذا في عداد‬
‫المفقود ‪ ،‬فھم األصل الذي نحن عيال عليه ‪ ،‬نقتبس منه و نثبت ‪ ،‬كما وأن ھناك الكثير من المثبتين لھذه‬
‫الشخصية من المعاصرين ‪ ،‬راجع لألھمية كتاب ‪ :‬العنصرية اليھودية وآثارھا في المجمع اإلسالمي و الموقف‬
‫منھا للدكتور أحمد بن عبد ﷲ بن إبراھيم الزغيبي ) ‪ ، ( 531-530 / 2‬حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين‬
‫لشخصية ابن سبأ من المعاصرين ‪.‬‬

‫ب – المثبتين لشخصية ابن سبأ من الشيعة ‪-:‬‬


‫‪ - 1‬ورد في تاريخ الطبري )‪ (193/5‬على لسان أبي مخنف – لوط بن يحيى – ) ت ‪157‬ھـ ( و ھو يصف معقل‬
‫بن قيس الرياحي والذي كلفه المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة بقتال المستورد بن علفة الخارجي‬
‫و أصحابه ‪ ،‬فيصفه بأنه من السبئية المفترين الكذابين ‪.‬‬

‫‪ - 2‬األصفھاني ) ت ‪283‬ھـ ( ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليھودية ) ‪. (528/2‬‬

‫‪ - 3‬أورد الناشئ األكبر ) ت ‪293‬ھـ ( في كتابه مسائل اإلمامة ) ص ‪ ( 23-22‬ما يلي ‪ ) :‬و فرقة زعموا أن‬
‫علياً رضي ﷲ عنه حي لم يمت ‪ ،‬و أنه ال يموت حتى يسوق العرب بعصاه ‪ ،‬و ھؤالء ھم السبئية أصحاب‬
‫عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬و كان عبد ﷲ بن سبأ رجال ً من أھل صنعاء يھودياً ‪ ..‬و سكن المدائن ‪. ( ..‬‬

‫‪ – 4‬و نقل القمي ) ت ‪301‬ھـ ( في كتابه المقاالت و الفرق ) ص ‪ 20‬طھران ‪ 1963‬م تحقيق الدكتور محمد‬
‫جواد مشكور فيروي ( أن عبد ﷲ بن سبأ أول من أظھر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة ‪ ،‬و تبرأ‬
‫منھم ‪ ،‬وادّعى أن علياً أمره بذلك ‪ .‬و ) أن السبئية قالوا للذي نعاه ) أي علي بن أبي طالب ( ‪ :‬كذبت ياعدو‬
‫ﷲ لو جئتنا وﷲ بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدال ً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وإن ال‬
‫يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك األرض ثم مضوا …(‬

‫‪ - 5‬و يتحدث النوبختي ) ت ‪310‬ھـ ( في كتابه فرق الشيعة ) ص ‪ ( 23‬عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ‬
‫ابن سبأ نعي علي بالمدائن ‪ ،‬قال للذي نعاه ‪ :‬كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله‬
‫سبعين عدال ً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل ‪ ،‬و ال يموت حتى يملك األرض‪.‬‬

‫و يقول في ) ص ‪ ( 44‬وحكى جماعة من أھل العلم من أصحاب علي عليه السالم أن عبدﷲ بن سبأ كان‬
‫يھودياً فأسلم ووالى علياً عليه السالم وكان يقول وھو على يھوديته في يوشع بن نون وصي بعد موسى‬
‫على نبينا وآله وعليھما السالم بالغلو فقال في إسالمه بعد وفاة النبي صلى ﷲ عليه وآله في علي عليه‬
‫السالم بمثل ذلك وھو أول من شھر القول بفرض إمامة علي عليه السالم وأظھر البراءة من أعدائه وكاشف‬
‫مخالفيه‪ .‬يقول النوبختي ‪ :‬فمن ھنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليھود‪.‬‬

‫‪ - 6‬و يقول أبو حاتم الرازي ) ت ‪322‬ھـ ( في كتابه الزينة في الكلمات اإلسالمية ) ص ‪ ) : ( 305‬أن عبد ﷲ‬
‫بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً ھو اإلله ‪ ،‬و أنه يحيي الموتى ‪ ،‬وادعوا غيبته بعد‬
‫موته ‪.‬‬

‫‪ - 7‬و روى الكشي ) ت ‪340‬ھـ ( في الرجال ) ص ‪ (99-98‬بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله ‪ :‬أن عبد‬
‫ﷲ بن سبأ كان يدّعي النبوة ‪ ،‬و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السالم – ھو ﷲ ‪ ،‬تعالى عن ذلك علواً كبيراً‬
‫‪ .‬و ھناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيھا عبد ﷲ بن سبأ في ) ص ‪100 ، 70‬‬
‫( من نفس الكتاب ‪.‬‬
‫و يروي الكشي في ) رجال الكشي ص ‪ 98‬ط مؤسسة األعلمي للمطبوعات كربالء ( بسنده إلى أبي جعفر‬
‫) أن عبدﷲ بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين ھو ﷲ تعالى ﷲ عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك‬
‫أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال ‪ :‬نعم أنت ھو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت ﷲ وأني نبي‬
‫فقال له أمير المؤمنين ‪ :‬ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن ھذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه‬
‫ثالثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أنه نفاه بالمدائن …(‬

‫‪ - 8‬و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي ) ت ‪381‬ھـ ( في كتاب من ال يحضره الفقه ) ‪ ، (213/1‬موقف‬
‫ابن سبأ و ھو يعترض على علي رضي ﷲ عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء ‪.‬‬

‫‪ - 9‬و جاء عند الشيخ المفيد ) ت ‪413‬ھـ ( في كتاب شرح عقائد الصدور ) ص ‪ (257‬ذكر الغالة من‬
‫المتظاھرين باإلسالم – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي واألئمة من ذريته إلى األلوھية‬
‫والنبوة ‪ ،‬فحكم فيھم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار ‪.‬‬

‫‪ - 10‬و قال أبو جعفر الطوسي ) ت ‪460‬ھـ ( في كتبه تھذيب األحكام ) ‪ (322/2‬أن ابن سبأ رجع إلى الكفر‬
‫وأظھر الغلو ‪.‬‬

‫‪ - 11‬ابن شھر آشوب ) ت ‪588‬ھـ ( في مناقب آل أبي طالب )‪. ( 228-227/1‬‬

‫‪ - 12‬و ذكر ابن أبي الحديد ) ت ‪655‬ھـ ( في شرح نھج البالغة ) ‪ (99/2‬ما نصه ‪ ) :‬فلما قتل أمير المؤمنين –‬
‫عليه السالم – أظھر ابن سبأ مقالته ‪ ،‬و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه ‪.‬‬

‫‪ - 13‬و أشار الحسن بن علي الحلّي ) ت ‪726‬ھـ ( في كتابه الرجال )‪ (71/2‬إلى ابن سبأ ضمن أصناف‬
‫الضعفاء ‪.‬‬

‫‪ - 14‬و يرى ابن المرتضى ) ت ‪840‬ھـ ( – و ھو من أئمة الشيعة الزيدية ‪ ، -‬أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن‬
‫سبأ ‪ ،‬ألنه أول من أحدث القول بالنص في اإلمامة ‪ .‬تاج العروس البن المرتضى ) ص ‪. ( 6 ، 5‬‬

‫‪ - 15‬و يرى األردبيلي ) ت ‪1100‬ھـ ( في كتاب جامع الرواة )‪ (485/1‬أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوھية‬
‫علي و نبوته ‪.‬‬

‫‪ - 16‬المجلسي ) ت ‪1110‬ھـ ( في بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطھار )‪. ( 287-286/25‬‬

‫‪ - 17‬يقول نعمة ﷲ الجزائري ) ت ‪1112‬ھـ ( في كتابه األنوار النعمانية ) ‪ ) : (234/2‬قال عبد ﷲ بن سبأ‬
‫لعلي بن أبي طالب رضي ﷲ عنه أنت اإلله حقاً فنفاه علي عليه السالم إلى المدائن و قيل إنه كان يھودياً‬
‫فأسلم وكان في اليھودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي ‪.‬‬

‫‪ - 18‬طاھر العاملي ) ت ‪1138‬ھـ ( في مقدمة مرآة األنوار و مشكاة األسرار في تفسير القرآن )ص ‪. ( 62‬‬

‫‪ - 19‬و عند المامقاني ) ت ‪1323‬ھـ ( في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال )‪ (183/2‬جاء ذكر ابن سبأ‬
‫ضمن نقوالت عدة ساقھا المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه ‪.‬‬

‫‪ - 20‬أما محمد حسين المظفري ) ت ‪1369‬ھـ ( و ھو من الشيعة المعاصرين الذين ال ينكرون وجود ان سبأ‬
‫وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال ‪ .‬تاريخ الشيعة ) ص ‪. ( 10‬‬

‫‪ - 21‬أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ التھامه‬
‫بالكذب والتزوير ‪ .‬روضات الجنات )‪. (141/3‬‬

‫ثانياً ‪ :‬المنكرون وجود عبد ﷲ بن سبأ من الفريقين ‪:‬‬


‫أ – المنكرون لوجود ابن سبأ من أھل السنة ومن حسب‬
‫عليھم ‪-:‬‬
‫‪ – 1‬الدكتور ‪ :‬طه حسين ‪ ،‬يقف طه حسين عل رأس الكتّاب المحدثين الذين شككوا في وجود ابن سبأ بل و‬
‫أنكروه ‪ .‬أنظر كتاب الفتنة الكبرى – عثمان – ) ص ‪ ، ( 132‬و علي و بنوه ) ص ‪ . ( 90‬يذكر أن زوجة طه‬
‫حسين و سكرتيره )و كالھما نصرنيان( ذكرا أن طه حسين تنصر في باريس!‬

‫‪ - 2‬الدكتور ‪ :‬علي سامي النشار ‪ ،‬و ھو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارھا‬
‫شخصية وھمية ‪ .‬راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم )‪. ( 39 – 38 /2‬‬

‫‪ - 3‬الدكتور ‪ :‬حامد حنفي داود ‪ ،‬و ھو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودھا ‪،‬‬
‫و ذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب ) عبد ﷲ بن سبأ و أساطير أخرى ( و من ضمن ما قال ‪ ) :‬و‬
‫أخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بھذا السفر الجليل لصاحبه العالمة المحقق السيد مرتضى العسكري ( ‪ ،‬أما‬
‫رأيه في عبد ﷲ بن سبأ فأوضحه بقوله ‪ ) :‬و لعل أعظم ھذه األخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام ھؤالء‬
‫الباحثين وغمّ عليھم أمرھا فلم يفقھوھا و يفطنوا إليھا ھذه المفتريات التي افتروھا على علماء الشيعة حين‬
‫لفقوا عليھم قصة عبد ﷲ بن سبأ فيما لفقوه من قصص ‪. ( 21 ، 18 /1) .‬‬
‫و ضمن كتابه ‪ :‬التشيع ظاھرة طبيعية في إطار الدعوة اإلسالمية ) ص ‪. ( 18‬‬

‫‪ – 4‬و ھناك أيضاً الدكتور ‪ :‬محمد كامل حسين في كتابه ‪ :‬أدب مصر الفاطمية ) ص ‪. ( 7‬‬

‫‪ – 5‬و أيضاً ‪ :‬عبد العزيز الھالبي في كتابه عبد ﷲ بن سبأ ) ص ‪ ، (73‬حيث حجب ھذا الشخص الغموض‬
‫الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فالزم اإلنكار ‪.‬‬

‫‪ – 6‬و الشيء بالشيء يذكر يعتبر األستاذ حسن بن فرحان المالكي )شيعي المذھب( تلميذ المذكور أعاله‬
‫من المنكرين لوجود ابن سبأ ‪ ،‬و في أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة ‪ .‬راجع كالمه في جريدة‬
‫المسلمون األعداد ) ‪. ( 658 ، 657‬‬

‫‪ - 7‬ومن المنكرين و المتشكيين والمترددين في إثبات و نفي شخصية عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬الدكتور ‪ :‬جواد علي‬
‫في مقال له بعنوان ) عبد ﷲ بن سبأ ( منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس ) ص‬
‫‪ ( 100 ، 84‬و أيضاً في مجلة الرسالة العدد ) ‪ ) ( 778‬ص ‪. ( 610-609‬‬

‫‪ - 8‬و أيضاً الدكتور ‪ :‬محمد عمارة )من مؤيدي المعتزلة و المرجئة( في كتابه الخالفة و نشأة األحزاب‬
‫اإلسالمية ) ص ‪ ، ( 155-154‬فيقول ‪ ) :‬وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر اإلسالمي إلى ابن السوداء ھذا‬
‫نشاط عظيماً و جھداً خرافياً ( ‪ ،‬و يقول ‪ ) :‬فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده ( إلى غيرھا من‬
‫النقوالت ‪.‬‬

‫‪ - 9‬و الدكتور ‪ :‬عبد ﷲ السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة اإلسالمية ) ص ‪ ، ( 86‬إال أنه‬
‫يثبت وجود األفكار التي تنسب إلى عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬من غير جزم بوجود صاحبھا ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المنكرون لوجود ابن سبأ من الشيعة ‪-:‬‬


‫‪ - 1‬محمد الحسين كاشف الغطاء ‪ ،‬في كتابه أصل الشيعة و أصولھا ) ص ‪ ( 61‬يقول ‪ ) :‬على أنه ال يستبعد‬
‫أن يكون ھو – أي عبد ﷲ بن سبأ – و مجنون بني عامر و أبو ھالل ‪ ..‬وأمثالھم أحاديث خرافية وضعھا‬
‫القصاص لتزجية الفراغ و شغل أوقات الناس ( ‪.‬‬

‫‪ - 2‬مرتضى العسكري و له كتابان في ھذا الموضوع ‪ ،‬ينفي فيھما وجود ابن سبأ من األصل ‪ ،‬و يعتبر مرتضى‬
‫ھذا من أكثر الشيعة المحدثين اھتماماً بمسألة عبد ﷲ بن سبأ ‪ .‬الكتاب األول بعنوان ‪ ) :‬عبد ﷲ بن سبأ‬
‫بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الھجري ( ‪ .‬و رمز له بالجزء األول ‪ .‬الكتاب‬
‫الثاني بعنوان ‪ ) :‬عبد ﷲ بن سبأ وأساطير أخرى ( ‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد جواد مغنيه ‪ ،‬و قد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد ﷲ بن سبأ و أساطير أخرى لمرتضى العسكري‬
‫)‪ . ( 12/1‬و كتاب التشيع ) ص ‪. ( 18‬‬

‫‪ - 4‬الدكتور علي الوردي ‪ ،‬في كتاب و عاظ السالطين ) ص ‪ ، ( 276 -273‬يقول ‪ ) :‬يخيل إلى أن حكاية ابن‬
‫سبأ من أولھا إلى آخرھا كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير ( ‪ ،‬و يعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول‬
‫بأن ابن السوداء و ھو عمار بن ياسر رضي ﷲ عنه ‪ ) ،‬ص ‪. (278‬‬

‫‪ – 5‬عبد ﷲ الفياض في كتابه تاريخ اإلمامية وأسالفھم من الشيعة ) ص ‪ ، ( 95‬يقول ‪ ) :‬يبدوا أنابن سبأ كان‬
‫شخصية إلى الخيال أقرب منھا إلى الحقيقة ( ‪.‬‬

‫‪ - 6‬الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع ) ص ‪ ، ( 41‬و قد تابع الدكتور علي‬
‫الوردي في كالمه حول كون عمار بن ياسر ھو ابن السوداء ‪ ) ،‬ص ‪. ( 88‬‬

‫‪ – 7‬طالب الرفاعي في التشيع ظاھرة طبيعية في إطار الدعوة اإلسالمية ) ص ‪. ( 20‬‬

‫و لعل ھذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬ھو بغرض نفي‬
‫التأثير اليھودي في عقائد الشيعة ‪ ،‬و تبرئة ساحتھم من عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬و لكن أنى لھم ذلك ‪.‬‬

‫و قد أعجبتني مقولة للدكتور سعدي الھاشمي يقول فيھا ‪ ) :‬و بھذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من‬
‫كتب القوم ) الشيعة ( تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليھودي ‪ ،‬و من طعن من الشيعة في ذلك فقد‬
‫طعن في كتبھم التي نقلت لعنات األئمة المعصومين – عندھم – على ھذا اليھودي ) ابن سبأ ( و ال يجوز و‬
‫ال يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجھول ‪ ،‬و كذلك ال يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم ( ‪.‬‬
‫ابن سبأ حقيقة ال خيال ) ص ‪. ( 76‬‬

‫جـ – المثبتون لوجود ابن سبأ من المستشرقين ‪-:‬‬


‫اھتم المستشرقون بمسألة عبد ﷲ بن سبأ و درسوا ما جاء عنه ‪ ،‬و نحن لسنا بحاجة إلى قيام أمثال ھؤالء‬
‫الحاقدين إلثبات شخصية ابن سبأ لنثبت شخصيته بدورنا ‪ ،‬لكن تطرقت لذكرھم فقط من باب بيان أن الحكمة‬
‫ضالة المؤمن أنى وجدھا فھو أحق بھا ‪ ،‬كما فعل أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عندما تعلم فضل سورة آية‬
‫الكرسي من إبليس لعنه ﷲ ‪ .‬البخاري مع الفتح )‪. ( 488 -487/4‬‬

‫‪ - 1‬المستشرق األلماني ‪ :‬يوليوس فلھاوزن )‪ 1918 -1844‬م ( ‪ ،‬يقول ‪ ) :‬ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان‬
‫علي و الحسن ‪ ،‬و تنسب إلى عبد ﷲ بن سبأ و كما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً و الواقع‬
‫أنه من العاصمة صنعاء ‪ ،‬و يقال أنه كان يھودياً ( ‪ .‬في كتابه ‪ :‬الخوارج والشيعة ) ص ‪. ( 171-170‬‬

‫‪ - 2‬المستشرق ‪ :‬فان فلوتن ) ‪ 1903 -1866‬م ( ‪ ،‬يرى أن فرقة السبأية ينتسبون إلى عبد ﷲ بن سبأ فيقول‬
‫‪ ) :‬وأما السبأية أنصار عبد ﷲ بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخالفة منذ أيام عثمان ‪ ،‬فكان يعتقدون‬
‫أن جزءاً إلھياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده ‪ .‬السيادة العربية والشيعية و اإلسرائيليات في عھد‬
‫بني أمية )ص ‪. ( 80‬‬

‫‪ - 3‬المستشرق اإليطالي ‪ :‬كايتاني ) ‪ 1926-1869‬م ( ‪ ،‬يخلص ھذا المستشرق في بحثه الذي نشره في‬
‫حوليات اإلسالم الجزء الثامن من سنة )‪35-33‬ھـ ( إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات‬
‫سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية ‪ ،‬كما‬
‫وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلھة لعلي قد حدثت في أيامه ‪ ،‬و ينتھي إلى القول بأن ھذه اآلراء وليدة‬
‫تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للھجرة ‪.‬‬

‫‪ - 4‬المستشرق ‪ :‬ليفي ديالفيدا ) المولود عام ‪1886‬م ( ‪ ،‬حيث مرّ بعبد ﷲ بن سبأ و ھو يتحدث عن خالفة‬
‫علي من خالل كتاب أنساب األشراف للبالذري ‪.‬‬

‫‪ - 5‬المستشرق األلماني ‪ :‬إسرائيل فريد لندر ‪ ،‬وقد كتب مقاال ً عن عبد ﷲ بن سبأ في المجلة اآلشورية‬
‫العددين من سنة )‪1909‬م ‪ ،‬ص ‪ (322‬و )‪1910‬م ‪ ،‬ص ‪ (23‬بعنوان ‪ ) :‬عبد ﷲ بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله‬
‫اليھودي ( و قد خلص في بحثه ھذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه ال يتشكك مطلقاً في‬
‫شخصية ابن سبأ ‪.‬‬

‫‪ – 6‬المستشرق المجري ‪ :‬جولد تسيھر ) ‪1921‬م ( ‪ ،‬يقول ‪ ) :‬كما أن اإلغراق في تأليه علي الذي صاغه‬
‫في مبدأ األمر عبد ﷲ بن سبأ ( ‪ .‬في كتابه ‪ :‬العقيدة والشريعة في اإلسالم ) ص ‪. ( 205‬‬

‫‪ - 7‬رينولد نكلس ) ‪1945‬م ( ‪ ،‬يقول في كتابه تاريخ األدب العربي )ص ‪ ) : ( 215‬فعبد ﷲ بن سبأ الذي‬
‫أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن ‪ ،‬و قد قيل إنه كان من اليھود و قد أسلم في عھد‬
‫عثمان و أصبح مبشراً متجوال ً ( ‪.‬‬

‫‪ - 8‬داويت ‪ .‬م ‪ .‬رونلدسن ‪ ،‬يقول ‪ ) :‬فقد ظھر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد ﷲ بن سبأ قطع‬
‫البالد اإلسالمية طوال ً و عرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري ( ‪ .‬عقيدة الشيعة ) ص ‪. ( 85‬‬

‫‪ - 9‬المستشرق اإلنجليزي ‪ :‬برنارد لويس ‪ ،‬فھو يرى أن عبد ﷲ بن سبأ ھو أصل التشيع ‪ .‬راجع كالمه في‬
‫كتابه ‪ :‬أصول اإلسماعيلية ) ص ‪. ( 86‬‬

‫ھذه أھم الكتابات االستشراقية في موضوع عبد ﷲ بن سبأ ‪ ،‬و ھناك غير ھؤالء الكثير ‪ ،‬راجع لألھمية كتاب‬
‫‪ :‬عبد ﷲ بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر اإلسالم للدكتور سليمان العودة ) ص ‪. ( 73‬‬

‫أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين ‪ ،‬فھم فئة قليلة و الذين وقفوا في شخصية ابن سبأ و‬
‫أصبحت عندھم مجرد خرافة و محل شك ‪ ،‬و ليس ھناك من داع لذكرھم ‪ ،‬لعدم انتشار أفكارھم بخالف‬
‫المثبتين فھم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليھم الكثير ممن تأثر بفكر االستشراق ‪ ،‬و كان‬
‫ھدف ھؤالء المستشرقين من ذلك التشكيك أو اإلنكار ھو ادعاء أن الفتن إنما ھي من عمل الصحابة‬
‫أنفسھم ‪ ،‬و أن نسبتھا إلى اليھود أو الزنادقة ھو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليھا اإلخباريون والمؤرخون‬
‫المسلمون ليعلقوا أخطاء ھؤالء الصحابة على عناصر أخرى ‪ ،‬على أن إنكار بعضھم لشخصية ابن سبأ إنما‬
‫يرجع إلى رغبتھم في االنتھاء إلى النتيجة التالية ‪ :‬ال حاجة لمخّرب يمشي بين الصحابة ‪ ،‬فقد كانت نوازع‬
‫الطمع و حب الدنيا والسلطة مستحوذة عليھم ‪ ،‬فراحوا يقاتلون بعضھم عن قصد و تصميم ‪ ،‬و القصد من ذلك‬
‫اإلساءة إلى اإلسالم و أھله ‪ ،‬و إلقاء في روع الناس أن اإلسالم إذا عجز عن تقويم أخالق الصحابة و‬
‫سلوكھم وإصالح جماعتھم بعد أن فارقھم الرسول صلى ﷲ عليه وسلم بمدة وجيزة ‪ ،‬فھو أعجز أن يكون‬
‫منھجاً لإلصالح في ھذا العصر ‪ .‬أنظر ‪ :‬تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور ‪ :‬محمد أمحزون )‪. (314/1‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬أسباب إنكار إبن سبأ عند بعض المبطلين ‪:‬‬


‫أوال ً ‪ :‬قالوا ‪ :‬إعراض المؤرخين عن ذكر ابن سبأ أو ابن السوداء في حرب صفين ‪ ،‬و كونه غاب عنھا ‪ ،‬و كيف‬
‫له أن يغيب عن ھذا المعركة و ھو الذي كان يصول و يجول في حرب الجمل ‪ ،‬لھذا لم يستطع المؤرخون‬
‫اإلجابة على ھذا السؤال المحير ! و ھذا مما يدل على أن غير موجود ‪.‬‬

‫الرد عليه ‪ :‬إن المؤرخين عند حديثھم عن موضوع معين ال يلتزمون بذكر كل تفاصيل ما جرى في األحداث‬
‫والوقائع التي ذكروھا في كتبھم ‪ ،‬ھذا على افتراض مشاركة ابن سبأ في حرب صفين ‪ ،‬و على افتراض عدم‬
‫مشاركته في حرب صفين ‪ ،‬ھل يعد ذلك دليال ً على عدم وجوده ‪ ،‬فيعارض به ما أثبته المؤرخون من وجود ابن‬
‫سبأ و ما كان له من دور ؟! و في اعتقادي أن ھذه الشبھة ال تقوى على ما أثبته المؤرخون والمحققون من‬
‫سنة و شيعة من وجود ابن سبأ ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬قالوا ‪ :‬إن أخبار ابن سبأ إنما انتشرت بين الناس عن طريق الطبري ‪ ،‬والطبري أخذھا عن سيف بن‬
‫عمر ‪ ،‬إذاً فسيف ھو المصدر الوحيد ألخبار ابن سبأ ‪ ،‬و سيف ھذا كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل ‪.‬‬

‫الرد عليه و سيكون على ثالثة فروع ‪-:‬‬


‫أ – كون الطبري ھو المصدر الوحيد ألخبار ابن سبأ ‪ ،‬و ھذه األخبار جميعھا جاءت من طريق سيف بن عمر ‪.‬‬

‫الرد ‪ :‬ھذه شبھة باطلة إذ لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف ‪ ،‬بل ھناك روايات لسيف تتحدث عن ابن‬
‫سبأ ال توجد عند الطبري ‪ ،‬و مثاله ‪:‬‬

‫‪ - 1‬من طريق ابن عساكر ) ت ‪571‬ھـ ( في تاريخه )‪ ، ( 9/29‬وقد أورد رواية من طريق سيف بن عمر ليست‬
‫عند الطبري ‪.‬‬

‫‪ - 2‬من طريق المالقي ) ت ‪741‬ھـ ( في كتابه التمھيد و البيان ) ص ‪ ( 54‬و قد أورد رواية ليست عند الطبري‬
‫من طريق سيف بن عمر ‪.‬‬

‫‪ - 3‬من طريق الذھبي ) ت ‪748‬ھـ ( في كتابه تاريخ اإلسالم ) ‪ (123-122/2‬و ھذه الرواية أيضاً غير موجودة‬
‫في الطبري ‪.‬‬

‫فھذه الطرق الثالثة تدلنا على أن الطبري لم ينفرد بروايات سيف بن عمر عن ابن سبأ ‪ ،‬و أنه ليس المصدر‬
‫الوحيد لھذه األخبار ‪.‬‬

‫ب – كون سيف بن عمر ھو المصدر الوحيد ألخبار ابن سبأ ‪.‬‬

‫الرد ‪ :‬ھذه الشبھة أيضاً غير صحيحة ‪ ،‬فقد ثبتت روايات ذكر فيھا ابن سبأ لم يكن سيف في سندھا ‪ ،‬و إن‬
‫الذي يتبين لنا من خالل البحث والتنقيب أن سيف بن عمر ليس ھو المصدر الوحيد ألخبار عبد ﷲ بن سبأ ‪،‬‬
‫و سأورد ھنا عدد من النصوص البن عساكر تذكر ابن سبأ ال ينتھي سندھا إلى سيف بن عمر ‪ ،‬و قد اخترت‬
‫تاريخ ابن عساكر بالذات ألنه يعتمد في روايته لألخبار على السند كما ھو حال الطبري في تاريخه ‪.‬‬

‫الرواية األولى ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى الشعبي ‪ ،‬قال ‪ :‬أول من كذب عبد ﷲ بن سبأ ‪.‬‬

‫الرواية الثانية ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى عمار الدھني ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت أبا الطفيل يقول ‪ :‬رأيت المسيب‬
‫بن نجبة أتى به يلببة ‪ -‬يعني ابن السوداء ‪ ، -‬و علي على المنبر ‪ ،‬فقال علي ‪ :‬ما شأنه ؟ فقال ‪ :‬يكذب‬
‫على ﷲ وعلى رسوله ‪.‬‬

‫الرواية الثالثة ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى زيد بن وھب عن علي قال ‪ :‬ما لي و ما لھذا الحميت األسود‬
‫؟‪.‬‬

‫الرواية الرابعة ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة قال ‪ :‬قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن‬
‫علي عليه السالم قال ‪ :‬ما لي وما لھذا الحميت األسود ؟ ‪.‬‬

‫الرواية الخامسة ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة بن كھيل عن زيد قال ‪ :‬قال علي بن أبي‬
‫طالب ما لي ولھذا الحميت األسود ؟ ‪ -‬يعني عبد ﷲ بن سبأ – وكان يقع في أبي بكر وعمر ‪.‬‬

‫الرواية السادسة ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى سلمة بن كھيل عن حجية بن عدي الكندي قال ‪ :‬رأيت‬
‫علياً كرم ﷲ وجھه وھو على المنبر ‪ ،‬وھو يقول ‪ :‬من يعذرني من ھذا الحميت األسود ‪ ،‬الذي يكذب على‬
‫ﷲ ورسوله ؟ ‪ -‬يعني ابن السوداء – لوال أن ال يزال يخرج عليّ عصابة تنعى عليّ دمه كما أدّعيت عليّ دماء‬
‫أھل النھر ‪ ،‬لجعلت منھم ركاماً ‪.‬‬

‫الرواية السابعة ‪ :‬ذكرھا ابن عساكر بسنده إلى أبو األحوص عن مغيرة عن سماك قال ‪ :‬بلغ عليا أن ابن‬
‫السوداء ينتقص أبا بكر وعمر ‪ ،‬فدعا به ‪ ،‬ودعا بالسيف ‪ -‬أو قال ‪ :‬فھمّ بقتله ‪ -‬فكُلّم فيه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال يساكني‬
‫ببلد أنا فيه ‪ .‬قال ‪ :‬فسيره إلى المدائن ‪ .‬تاريخ دمشق البن عساكر ) ‪. ( 10-7 /29‬‬

‫للمزيد حول ورود روايات عبد ﷲ بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر راجع ما ذكرناه سابقاً‪.‬‬

‫جـ – كون سيف بن عمر ) ت ‪180‬ھـ ( كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل ‪.‬‬
‫الرد ‪ :‬مكانة سيف بن عمر )ت ‪180‬ھـ ( بين الجرح والتعديل ‪ ،‬حتى تكون الصورة واضحة للقارئ ‪.‬‬

‫أوال ً ‪ :‬سيف بن عمر محدثاً ‪-:‬‬

‫يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين ) ص ‪ ) : ( 14‬سيف بن عمر الضبي ضعيف ( ‪ .‬وذكر ابن أبي حاتم‬
‫في الجرح والتعديل ) ‪ ( 278/2‬أن سيف بن عمر ‪ ) :‬متروك الحديث ‪ ،‬يشبه حديثه حديث الواقدي ( ‪ .‬و عند‬
‫ابن معين في نفس المصدر )‪ ( 278/2‬أن سيفاً ضعيف الحديث ‪ .‬و ذكره الذھبي فيمن له رواية في الكتب‬
‫الستة ‪ ،‬واكتفى بالقول ‪ ) :‬ضعفه ابن معين و غيره ( ‪.‬الكاشف )‪ . ( 416/1‬و في المغني في الضعفاء ) ص‬
‫‪ (292‬قال الذھبي ‪ ) :‬سيف بن عمر التميمي األسدي له تواليف متروك باتفاق ( ‪ .‬و عند ابن حجر في‬
‫التقريب )‪ ) : ( 344/1‬سيف ضعيف الحديث ( ‪ .‬و يقول ابن حبان في المجروحين )‪ ) : (345/1‬سيف بن عمر‬
‫الضبي األسدي من أھل البصرة اتھم بالزندقة ‪ ..‬يروي الموضوعات عن األثبات ( ‪.‬‬

‫ھذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً ‪ ،‬لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً ؟!‬

‫ھنا ال بد و قبل أن أذكر أقوال أھل العلم فيه أن أنبه أنه ال بد من التفريق بين رواية ) الحديث ( و رواية األخبار‬
‫األخرى ‪ ،‬فعلى األولى تبنى األحكام و تقام الحدود ‪ ،‬فھي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع ‪ ،‬و من‬
‫ھنا تحرز العلماء –رحمھم ﷲ – في شروط من تأخذ عنه الرواية ‪ ،‬لكن يختلف األمر بالنسبة لرواية األخبار ‪،‬‬
‫فھي وإن كانت مھمة – ال سيما حينما يكون مجالھا اإلخبار عن الصحابة – إال أنھا ال تمحص كما يمحص‬
‫الحديث ‪ ،‬و من ھنا فال بد من مراعاة ھذا القياس و تطبيقه على ) سيف ( بكونه محدثاً ‪ ،‬و إخبارياً ‪ .‬راجع‬
‫لألھمية كتاب ‪ :‬تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون )‪ (143-82/1‬فقد تحدث عن ھذا الموضوع‬
‫فأجاد ‪.‬‬

‫نعود إلى كتب الرجال نفسھا فنجد اآلتي ‪-:‬‬

‫يقول الذھبي في ميزان االعتدال )‪ ) : ( 255/2‬كان إخبارياً عارف ًا ( ‪ .‬و يقول ابن حجر في تقريب التھذيب )‬
‫‪ ) : ( 344/1‬عمدة في التاريخ ( ‪ .‬أما اتھام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب‬
‫)‪ ( 344/1‬بقوله ‪ ) :‬أفحش ابن حبان القول فيه ( ‪ .‬وال يصح اتھام سيف بالزندقة دون دليل ‪ ،‬إذ بكيف نفسر‬
‫رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة ‪ ،‬فأسلوبه الذي روى به تلك األحداث أبعد ما يكون عن‬
‫أسلوب الزنادقة ‪ ،‬و ھو الذي فضح و ھتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ !!‬

‫و بعد ھذا ال يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من اإلخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن‬
‫الكلبي ‪ ،‬و غيرھم الكثير ‪ ،‬فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات ‪ ،‬عالوة‬
‫على أنھا صادرة و مأخوذة عمن شاھد تلك الحوادث أو كان قريباً منھا ‪ .‬للمزيد حول ھذا الموضوع راجع كتاب‬
‫‪ :‬استشھاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر ‪ ،‬للدكتور خالد بن محمد الغيث ) ص ‪ ، ( 40 -19‬و عبد‬
‫ﷲ بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر اإلسالم للدكتور ‪:‬سليمان العودة ) ص ‪. ( 110 -104‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬قالوا ‪ :‬لم يكن البن سبأ وجود ‪ ،‬و إنما ھو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر ‪ ،‬ثم ساقوا عدد‬
‫من الدعائم التي تؤيد ھذا القول ‪ ،‬منھا ‪-:‬‬

‫‪ - 1‬كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء ‪ ،‬و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً ‪.‬‬

‫‪ - 2‬كالھما من أب يماني ‪ ،‬و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أھل اليمن ‪.‬‬

‫‪ - 3‬كالھما كان شديد الحب لعلي ‪ ،‬و من محرضي الناس على بيعته ‪.‬‬

‫‪ - 4‬ذھاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان ‪ ،‬و مثل ھذا ينسب إلى ابن سبأ ‪.‬‬

‫‪ - 5‬ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخالفة بغير حق ‪ ،‬و أن صاحبھا الشرعي ھو علي ‪ ،‬و ھذا‬
‫نفسه كان يقول به عمار ‪.‬‬

‫‪ - 6‬و يشترك االثنان في عرقلة مساعي الصلح في معركة الجمل ‪.‬‬


‫‪ - 7‬قالوا عن ابن سبأ أنه ھو المحرك ألبي ذر في دعوته االشتراكية ! و صلة عمار بأبي ذر وثيقة جداً ‪.‬‬

‫الرد ‪ :‬ھذا الرأي الذي خلصوا إليه ‪ ،‬إنما يدل على جھل صاحبه ‪ ،‬و ھذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب‬
‫الرجال الموثقة عند الشيعة ‪ ،‬فھي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه ‪ ،‬و ھو أحد األركان‬
‫األربعة عندھم ‪ ،‬ثم ھي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد ﷲ بن سبأ في معرض السب واللعنة ‪ .‬أنظر ‪ :‬رجال‬
‫الطوسي ) ص ‪ ( 51 ، 46‬و رجال الحلي ) ص ‪ . ( 469 ، 255‬فھل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد‬
‫ذلك ؟!‬

‫كما وأن عوامل توافق الشخصيتين ذھاب كل منھما إلى مصر زمن عثمان ‪ ،‬فإن استقراء النصوص ومعرفة‬
‫تاريخھا يعطي مفھوماً غير الذي فھمه النافين لوجود ابن سبأ ‪ ،‬و بالتالي ينتصب ھذا العامل دليال ً على‬
‫استقالل كل من الشخصيتين ‪ ،‬فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة ) ‪35‬ھـ ( ‪ ،‬بينما كان ظھور ابن سبأ‬
‫سنة ) ‪30‬ھـ ( كما في الطبري )‪ ، (241/4‬و ھو الذي ساق الخبرين ‪ ،‬و شيء آخر و ھو أن الطبري نفسه‬
‫أورد أن من الذين استمالوا عمار ًا في مصر قوم منھم عبد ﷲ بن سبأ ‪ .‬الطبري )‪ ، (341/4‬وانظر أيضاً ‪:‬‬
‫البداية والنھاية البن كثير )‪ (167/7‬و الكامل في التاريخ البن األثير )‪ (77/3‬و تاريخ ابن خلدون ) ‪(1034/2‬‬
‫فھؤالء ھو كبار المؤرخين و ھم جميعاً أثبتوا الشخصيتين ؛ شخصية ابن سبأ و شخصية عمار بن ياسر ‪،‬‬
‫فكيف لعاقل بعد ذلك أن يقول إنھما شخص واحد ؟!‬

‫و أما قولھم بأن عمار كان يمانياً ‪ ،‬فكل يماني يصح أن يقال له ابن سبأ ‪ ،‬فھذا غير صحيح ‪ ،‬فليست سبأ إال‬
‫جزءاً من بالد اليمن الواسعة كما قال بذلك ياقوت في معجم البلدان )‪. ( 181/3‬‬

‫وأما قولھم بأن عمار كان يقول بأن عثمان قد أخذ الخالفة بغير حق ‪ ،‬و أن صاحبھا الشرعي ھو علي ‪ ،‬فإن‬
‫ھذه المقولة زَعْم يحتاج إلى دليل ‪ ،‬بل الثابت أن عثمان رضي ﷲ عنه كان يثق بعمار و ھو الذي أرسله إلى‬
‫مصر لضبط أمورھا ‪ .‬راجع الطبري ) ‪. (341/4‬‬

‫كما وأن التشابه في الكنى ال يجعل من الرجلين شخصية واحدة ‪ ،‬كما وأن الظروف التاريخية وطابع كل من‬
‫الشخصيتين ال تسمحان لنا بقبول ھذا الرأي ‪ .‬وإن نظرة واحدة إلى كتب التراجم والرجال لتعطي القارئ فكرة‬
‫واسعة في سبب قيام علماء الجرح والتعديل بتأليف الكتب التي تحتوي على المتشابه من األسماء والكنى‬
‫‪.‬‬

‫و شيء مھم آخر و ھو أن عمار قتل يوم صفين ‪ ،‬في حين بقي ابن سبأ إلى بعد مقتل علي رضي ﷲ عنه ‪،‬‬
‫فھل بعد ھذا يكون عمار بن ياسر ھو عبد ﷲ بن سبأ ؟!‬

‫رابعاً ‪ :‬قالوا ‪ :‬لم يكن البن سبأ وجود في الحقيقة ‪ ،‬و إنما ھو شخصية وھمية انتحلھا أعداء الشيعة بھدف‬
‫الطعن في مذھبھم و نسبته إلى رجل يھودي ‪.‬‬

‫الرد ‪ :‬إن ھذه دعوى ال تقوم عليھا حجة ‪ ،‬فكما أنكم ادعيتم ھذا ‪ ،‬فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء ‪ ،‬لكن‬
‫العبرة بالحجة والدليل ‪ ،‬فزعمكم أن ھذه القصة قد اختلقھا أھل السنة للتشنيع على الشيعة ‪ ،‬ليس لھا‬
‫دليل ‪ ،‬و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظالل الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على األقل من أن ھذه‬
‫القصة لم ينفرد بھا أھل السنة فقط ‪ ،‬فھذا الزعم باطل ألن مصادر الشيعة ھي األخرى أثبتت – كما سلف –‬
‫وجود ابن سبأ ‪ .‬و بھذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنھا من مفتريات أھل السنة ‪.‬‬

‫و بعد ھذا الذي ذكرت و ھذه الشبھات التي أبطلت ‪ ،‬أستطيع أن أقول ‪ :‬إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن‬
‫سبأ إلى عقيدتھم التي بثھا و تسربت إلى فرق الشيعة ‪ ،‬و ھي عقيدة تتنافى مع أصول اإلسالم ‪ ،‬و تضع‬
‫القوم موضع االتھام والشبھة ‪ ،‬ھذا من جھة ‪ ،‬و من جھة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو‬
‫الصحابة ‪ ،‬و رغبة إلظھارھم بأنھم ھم الذين أثاروا الفتنة بينھم ‪.‬‬

‫و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد ﷲ بن‬
‫سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية ‪ ،‬و تفيض فيه كتب العقائد ‪ ،‬و ذكرته كتب الحديث والرجال‬
‫واألنساب والطبقات و األدب واللغة ‪ ،‬و سار على ھذا النھج كثير من المحققين والباحثين المحدثين‪.‬‬

‫‪ ‬‬

You might also like