You are on page 1of 6

‫مقابلة مع الستاذ عبدالرحمن معلم عبدال باديو‪.

‬‬

‫السبت‪ 28 ,‬نوفمبر ‪2009‬‬

‫أوسلو‪):‬الصومال اليوم(‪-‬أجرى الحوار في أوسلو ابراهيم خليل‬

‫هل من الممكن أن تعرف القراء بنفسك؟‬


‫أنا من مواليد عام ‪ ،1954‬في مديرية "عيل طير"‪ .‬أكملت تعليمي الساسي والثانوي داخل البلد‪ ،‬ثم‬
‫التحقت بالقوات المسلحة الصومالية عام ‪ .1971‬عملت في الجيش ‪ 15‬عاما‪ .‬درست في‬
‫التحاد السوفييتي علم الهندسة اللكترونية‪ ،‬تخصص الصواريخ‪ .‬شاركت في الحرب‬
‫الصومالية الثيوبية ‪.1978-1977‬‬

‫عقب نهاية تلك الحرب‪ ،‬سافرت إلى الوليات المتحدة‪ ،‬لتلقي دورة دراسية قصيرة‪ ،‬ولم أعد بعدها إلى‬
‫الجيش‪ .‬حصلت على درجة الماجستير في التاريخ السلمي‪ ،‬من جامعة ‪ ،Mc Gill‬في كندا‪.‬‬
‫أنا حاليا على وشك مناقشة أطروحة الدكتوراه‪ .‬عدت إلى البلد بعد سقوط الحكومة المركزية‬
‫واندلع الحرب الهلية‪ ،‬في عام ‪.1993‬‬

‫ومنذ ذلك التاريخ‪ ،‬وأنا أعمل في البلد‪ ،‬في العمل السلمي‪ ،‬والعمل الخيري والغاثي‪ ،‬وقضايا السلم‬
‫والمصالحة الوطنية‪ ،‬والمجتمع المدني‪ ،‬والتعليم الساسي والعالي‪ ،‬ومن مؤسسي جامعة‬
‫مقديشو‪ ،‬وأشغل حاليا منصب رئيس مجلس أمناء جامعة مقديشو‪.‬‬

‫ما نظرتك إلى الجاليات الصومالية في المهجر‪ ...‬حياتها‪ ،‬التحديات التي‬


‫تواجهها‪ ،‬والمستقبل أمامها؟‬
‫عشت فترة طويلة خارج البلد‪ .‬وبحكم طبيعة أعمالي ونشاطاتي‪ ،‬فأنا أزور الجاليات الصومالية‬
‫باستمرار في شّتى دول العالم‪ .‬ومن خلل تلك الخبرة والمعايشة فقد لحظت أن صوماليي‬
‫المهجر يفكرون ويتصرفون مثل أشقائهم داخل البلد‪ .‬بل إن القبلية والمراض الجتماعية‬
‫الخرى تبدو أكثر بروزا في دول المهجر في كثير من الحيان‪ ،‬ويتمّ تغذية الكثير من‬
‫الصراعات الدموية والنحطاطات الفكرية التي يعاني منها مجتمعنا في داخل البلد من قبل‬
‫صوماليي الخارج‪.‬‬

‫ولكننا ل ننسى أن نذكر أن هناك في دول الغرب التي يتبعثر فيها الصوماليون من يسعون سعيا حثيثا‬
‫ضون بالنواجذ على المساجد ومدارس تحفيظ‬ ‫للحفاظ على الهوية الصومالية السلمية‪ ،‬ويع ّ‬
‫القرآن الكريم لنقاذ الجيال الصاعدة من الذوبان في تلك المجتمعات‪ .‬كما بدأ يظهر جيل جديد‬
‫من الشباب الصومالي الذي يسعى بخطى دؤوبة للستفادة من الفرص التعليمية المتاحة له في‬
‫المهجر‪ ،‬والستفادة من خبرات هذه البلدان التي صار الصوماليون جزءا منها‪ .‬وتلحظ هذا‬
‫الجيل الجديد في المدارس والمعاهد والجامعات‪.‬‬
‫إن الذين نأمل أن ينجوا من خطر الذوبان في المجتمعات الغربية هم المتمسكون بأصالة دينهم‪،‬‬
‫المرتبطون بالمساجد‪ ،‬وطلبة العلم ذوي الحصانة العلمية والثقافية‪ ،‬والذين يعتمدون على‬
‫أنفسهم في تحصيل نفقاتهم ونفقات عائلتهم‪ ،‬دون اللجوء إلى تعطيل قدراتهم المختلفة‬
‫والستجداء من مؤسسات الرعاية الجتماعية في بلد الغرب‪ .‬ما عدا أولئك‪ ،‬فإنهم في خطر‬
‫محدق‪ ،‬وعليهم مراجعة حساباتهم‪ ،‬قبل أن تضيع أجيالنا‪.‬‬

‫وإجمال‪ ،‬فإن أكثر من يتضرر من الصوماليين في المهجر هم النساء الصوماليات وأطفالهن‪ ،‬نظرا‬
‫لتدني مستويات ثقافتهن وخبرتهن‪ ،‬وغياب الدور الفّعال المساند للرجل الصومالي داخل‬
‫السرة الصومالية في بلد الغرب‪ ،‬إضافة إلى المسؤوليات الجتماعية الملقاة على كاهل‬
‫المرأة الصومالية‪ ،‬والمتمثلة في كفالة الهل والقارب المعوزين الذين خلفتهم في البلد‪.‬‬

‫ماهو هدف زيارتك للنرويج؟ وماذا كانت طبيعة برامجك هنا؟‬


‫زيارتي إلى النرويج كانت بدعوة رسمية من إحدى المؤسسات النرويجية الكاديمية‪ ،‬للتباحث بشأن‬
‫تفعيل سبل التعاون مع جامعة مقديشو‪ ،‬وبحث فرص تقديم الدعم لطلب الجامعة‪ ،‬وسبل‬
‫تطوير أنشطتها العلمية والكاديمية المتنوعة‪ .‬وبالمناسبة‪ ،‬فإن جامعة مقديشو على علقة‬
‫متينة مع عدد من المؤسسات الكاديمية والجامعات النرويجية‪ ،‬مثل‪Trommso :‬‬
‫‪University‬‬

‫كما شمل برنامج زيارتي عقد لقاءات متنوعة مع الجالية الصومالية في أوسلو‪ ،‬للتباحث في القضايا‬
‫الوطنية‪ ،‬بعد أن أصابت التطورات الخيرة داخل البلد الكثيرين بالحباط والصدمة‬

‫باعتبارك رئيس مجلس أمناء جامعة مقديشو‪ ،‬ما هو دوركم التعليمي في‬
‫الصومال‪ ،‬وخاصة في مجال التعليم العالي؟ وهل تعتقد أن الطلبة‬
‫الصوماليين بإمكانهم أن يتعلموا داخل البلد؟ ولماذا؟‬
‫الصومال بلد تحيط به المخاطر من كل جانب‪ ،‬ولن يقدر على الصمود في وجه تلك المخاطر إن لم يوجد‬
‫جيل جديد‪ ،‬يتسلح باليمان والعلم والخلق والوطنية‪ .‬جيل بهذه المواصفات هو الوحيد القادر‬
‫على إخراج الصومال من هذه الدوامة الهائجة التي يتخّبط فيها‪ .‬هذا الجيل لن يخرج من بين‬
‫العداد القليلة من الشباب الصومالي الذي يدرس في جامعات العالم المختلفة‪ ،‬بل إن‬
‫مؤسساتنا التعليمية المحلية عليها أن تكون أكثر استيعابا لدورها التاريخي في هذه المسألة‪،‬‬
‫وأن تفكر جديا في توفير تعليم مستنير للجيال الصاعدة‪ ،‬التي تشكل طوق نجاة لشعبنا‪ ،‬إن‬
‫أحسّنا تربيتهم وتعليمهم‪ .‬من هذا المنطلق‪ ،‬كانت جامعة مقديشو رائدة في مجال التعليم‬
‫العالي‪ ،‬وبناء فكر الجيال الصاعدة‪ .‬وتحيي الجامعة جميع المؤسسات التعليمية العليا التي‬
‫نهجت هذا النهج من بعدها‪ ،‬لنقاذ الجيل الذي سينقذ البلد إن شاء ال تعالى‪.‬‬

‫إننا نؤمن أنه ما من طريق آخر مفتوح لنا لحل الزمة الصومالية الراهنة‪ ،‬حل جذريا‪ ،‬للخروج من‬
‫موجات الجهل الديني والدنيوي التي غرقت فيها البلد‪.‬‬

‫ونناشد الباء والمهات أن يعلموا أبناءهم داخل البلد‪ ،‬ما عدا التخصصات التي ل تتوفر في بلدنا‪ ،‬في‬
‫الوقت الراهن‪.‬‬
‫بما أنك ناشط في المجتمع المدني الصومالي‪ ،‬ما هو دوركم في السياسة‬
‫الصومالية الحالية‪ ،‬وما هو رأيكم تجاه الحكومة والمعارضة؟‬
‫في الوقت الحالي ل توجد سياسة صومالية واضحة وسلسلة يمكن أن ينخرط فيها ناشطوا المجتمع‬
‫المدني الصومالي‪ ،‬وتحديدا في العاصمة مقديشو‪ ،‬وما حولها من مناطق في جنوب الصومال‪.‬‬
‫ما يجري هناك الن هو تغييب للعقل‪ ،‬وقتل وإبادة‪ ،‬وتكفير وتجريم‪.‬‬

‫والمجال ليس مفتوحا الن لكل ما له صلة بالسلم والتفاوض والتشاور والحكمة والموعظة الحسنة‪.‬‬
‫وإذا كانت مهمة المجتمع المدني تتمّثل في تدعيم السلم وترسيخ أسس الحكم الصالح‪ ،‬فإن‬
‫الجو الحالي ل يسمح بأية مهمة ل تحكمها قوة البندقية! لكننا بالرغم من كل تلك التحديات‬
‫المستعصية‪ ،‬فإننا ما زلنا نعمل ضمن القنوات الضيقة المتاحة لنا‪ ،‬ونواصل العمل الحثيث‬
‫لخدمة رسالتنا‪.‬‬

‫ويبدو لنا من الدولة الصومالية الحالية ضعف مستفحل‪ ،‬وسوء تقدير لمجريات المور‪ .‬كما يبدو منها‬
‫أيضا‪ ،‬عدم احساسها بالمسؤولية الكبيرة التي تحملها تجاه الشعب الصومالي‪ ،‬بكل أطيافه‬
‫وفئاته‪ ،‬بما في ذالك المعارضة المسلحة‪.‬‬

‫والمعارضة‪ ،‬هي الخرى‪ ،‬تعاني من ضحالة فكرية مستفحلة‪ ،‬دينيا ودنيويا!‬

‫كلمتي ونصيحتي للحكومة الصومالية وللمعارضة‪ ،‬على حّد سواء‪ ،‬هي ‪:‬أن الصوماليين‪ ،‬جميعا‪،‬‬
‫ودون استثناء لي أحد‪ ،‬هم شركاء في الدين السلمي وفي الدولة الصومالية‪ .‬كلنا مسلمون‬
‫حدون‪ ،‬والحمدل‪ .‬وكلنا مواطنون صوماليون ننتمي إلى هذه الرض‪ ،‬والحمدل‪ .‬وكل من‬ ‫مو ّ‬
‫يحاول أن يستفرد بالدين أو بالدولة‪ ،‬فإن ما يقوم به هو سلب ونهب لحقوقنا جميعا‪ ،‬حقوق‬
‫الشعب الصومالي! ولن يفلح من يسعى لسلب ونهب حقوق الشعب الصومالي في الدنيا‪،‬‬
‫وسيسأل عن ذالك العدوان في الخرة‬

‫تحدثت في لقاءاتك بالجالية الصومالية في أوسلو عن قضايا متعددة تمسّ‬


‫الواقع الصومالي‪ ،‬من بينها التدخلت الجنيبة‪ ،‬والقرصنة‪ ،‬والجماعات‬
‫الدينية المسلحة ‪ .‬وذكرت في معرض حديثك عن التدخلت الجنبية أنها‬
‫من أخطر وأعمق المشاكل التي تواجه الصومال‪ ،‬وأشرت إلى وجود‬
‫جهات معينة‪ ،‬ضالعة في هذه المسألة‪ .‬ما هي الجهات التي تتهمها‬
‫بالتدخل السلبي في شؤون الصومال؟ وكيف؟‬
‫عانت الصومال كثيرا‪ ،‬ومنذ القدم‪ ،‬من شؤم التدخلت الجنبية في شؤونها‪ .‬بدءا من التقسيم‬
‫الستعماري الوروبي‪ ،‬ومرورا بانعكاسات الحرب الباردة التي كانت الدولة الصومالية طرفا‬
‫في صراعاتها القليمية‪ ،‬وانتهاءا بالحرب الهلية الدموية التي مازالت تنشب بأظافرها في‬
‫جسد المة الصومالية إلى يومنا هذا‪ .‬إن الصوماليين‪ ،‬وبالرغم من جميع خلفاتهم‬
‫وتعقيداتهم‪ ،‬ل يملكون القرار السياسي‪ ،‬والقدرة القتصادية والفكرية لخوض هذه الحرب‬
‫الهلية الطويلة‪ ،‬ول شك أنه ثمة أياد خارجية تمّد هذه الحرب بالوقود‪ ،‬استغّلت خلفات‬
‫الصوماليين‪ ،‬وتحالفت مع الطراف المتنازعة‪ ،‬أو قامت بخلقها في بعض الحيان‪.‬‬

‫بيد أن هذه الحقيقة ل تعفي القادة والسياسيين الصوماليين والمثقفين من مسؤوليتهم تجاه ما حدث‬
‫ويحدث في البلد من دمار وانهيار وتشرذم مريع‪.‬‬

‫إن الصوماليين يفتقدون إلى جملة من المور الحيوية‪ ،‬من بينها‪ :‬الحساس بالمسؤولية‪ ،‬الحساس‬
‫بالوطنية وبوحدة المة‪ ،‬التعاون البّناء‪ ،‬الفهم الصحيح والعميق للسلم‪ .‬الصومال تفتقر إلى‬
‫قادة فكر‪ ،‬وزعماء سياسيين يتحلون بالكفاءة اللزمة لمواجهة مختلف التحديات التي تتعرض‬
‫لها بلدنا‪.‬‬

‫إن التدخلت الخارجية من قبل دول القليم المجاورة‪ ،‬مثل‪ :‬إثيوبيا وإريتريا‪ ،‬وتقصير الدول العربية‪،‬‬
‫مثل‪ :‬مصر والسعودية‪ ،‬وكذالك تقصير الدول السلمية‪ ،‬مثل‪ :‬تركيا وباكستان وإندونيسيا‪،‬‬
‫والتدخلت العالمية في الشأن الصومالي‪ ،‬المنطلقة من سياسة ما يسمى بــ‪" :‬مكافحة‬
‫الرهاب"‪ ،‬والتي ترفع لواءها الوليات المتحدة المريكية والدول الوروبية‪ ...‬جميع ذلك‪،‬‬
‫يشكل أسبابا قوية لستمرار الزمة الصومالية‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬أنبه على أن التطرف والتشدد المتستر باسم السلم‪ ،‬من أخطر المور تطعن وطننا‪ ،‬وتجرح‬
‫أمتنا في الوقت الحاضر‪.‬‬

‫تلك النقاط التي أشرت إليها أعله‪ ،‬من أبرز ما تطرقت إليه أثناء لقاءاتي مع الجالية الصومالية في‬
‫أوسلو‪ .‬أخبرت الصوماليين هناك‪ ،‬أننا إن لم نغير فكرنا وسلوكياتنا السياسية فإن مستقبل‬
‫مظلما سينتظرنا‪ ،‬وسينتظر الجيال التي تلينا‪ .‬وأخبرتهم أن الشعب الصومالي ليس أقل شأنا‬
‫من شعوب العالم الخرى‪ ،‬لكننا نعاني من أزمة مستفحلة في القيادة‪ ،‬وفي مختلف مستوياتها‪،‬‬
‫وضربت لهم مثل على صحة ذالك‪ ،‬حال الجالية الصومالية في النرويج‪ ،‬وانقساماتهم‬
‫واختلفاتهم الدائمة‪ .‬فرغم أنهم في بلد متقدم متحضر‪ ،‬ول يتنازعون على كرسي الرئاسة في‬
‫الصومال‪ ،‬كما هو الحال مع السياسيين في داخل البلد‪ ،‬وزعماء الجبهات المتناحرة‪ ،‬لكن‬
‫السلوك هو نفس السلوك المتخلف والمنحرف‪.‬‬

‫نرى اليوم ما يجري في الساحة الصومالية من حروب دموية مدمرة دائمة‪،‬‬


‫وتشريد للمدنيين العّزل‪ ،‬واغتيالت‪ ،‬واستهداف للصحفيين وناشطي‬
‫حقوق النسان والعاملين في الهيئات الخيرية المحلية والعالمية‪ ،‬وقد‬
‫أشرت في حديثك إلى حالة الحباط واليأس التي تسود في أوساط‬
‫الشعب الصومالي‪ ،‬في الداخل والخارج‪ ،‬جّراء هذه التطورات السلبية‬
‫الخطيرة‪ ،‬في هذه المرحلة الحرجة التي تمّر بها البلد‪ .‬بكونك مثقفا‬
‫صوماليا‪ ،‬وناشطا فكريا وسياسيا واجتماعيا‪ ،‬وباحثا في شؤون‬
‫الصومال‪ ،‬كيف ترى مستقبل البلد؟ وخصوصا مستقبل المجموعات‬
‫المتصارعة على الحكم؟‬
‫إنني أؤمن أن جميع من يطبلون ويزمرون للحرب والقتل‪ ،‬ويشردون البرياء من منازلهم ليس لهم أي‬
‫مستقبل سياسي أو فكري في الصومال‪ .‬قد يعيثون في الرض فسادا لمدة ما‪ ،‬لكنها مهما طالت‬
‫فهي مدة وجيزة‪ ،‬ولن يقدروا أن يبنوا مجدا على أشلء البرياء العّزل‪ ،‬بل مصيرهم هو‬
‫الفناء‪ ،‬ولن يذكرهم الناس إل بالسخط واللعنات‪ .‬فالمجاد والمكتسبات لم تبن يوما على قتل‬
‫النفس البريئة التي حّرم ال إراقة دمها‪.‬‬

‫باعتبارك واحدا من قادة ومسؤولي حركة الصلح‪ ،‬كيف تقّيم الحركة ما‬
‫يجري الن في الساحة الصومالية‪ ،‬وكيف تتعامل مع مجريات المور‬
‫هناك؟‬
‫من المبادئ الساسية الثابتة‪ ،‬والغير قابلة للتغيير أبدا‪ ،‬والتي قامت عليها حركة الصلح منذ بداية‬
‫نشأتها‪ :‬عدم المشاركة في الصراعات الصومالية المسلحة‪ ،‬تحت أي شعار أو مسّمى‪ ،‬وتحت‬
‫ي تغيير تسعى إليه الحركة‪ ،‬فإنه مبني على الوسائل السلمية‪ ،‬حتى‬‫أي ظرف من الظروف‪ .‬وأ ّ‬
‫وإن طالت المدة‪ ،‬وكثرت التحديات التي تعترض طريقه‪.‬‬

‫وتعمل حركة الصلح ‪ -‬حسب طاقاتها وقدراتها‪ -‬في بناء الفكر السلمي المعتدل‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وخدمة‬
‫المجتمع‪ .‬وتؤمن حركة الصلح بضرورة الحفاظ على كيان الدولة الصومالية‪ ،‬حتى وإن كان‬
‫يعاني من أمراض ونقائص‪ ،‬فالتدمير ليس حل‪ ،‬إنما على الصوماليين أن يتعاونوا لصلح‬
‫وتحسين دولتهم وحكوماتهم‪ .‬فالصوماليون لن يستفيدوا شيئا من حالة "اللدولة"‪ ،‬والتي‬
‫تعني اللعنوان‪ ،‬واللهوية! ما يعني أن نكون قبائل متشرذمة‪ ،‬ل يستطيع العالم أن يتعامل‬
‫معها‪ ،‬ول يجمع بينها جامع يوحد شعبنا‪ ،‬ويخدم مصالحنا الدينية والدنيوية‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬فقد بذلت حركة الصلح جهدا حثيثا في سبيل تدعيم وبناء الدولة الصومالية‪ ،‬ولم تشارك أبدا‬
‫ي من الجبهات الصومالية المتصارعة على كرسيّ الرئاسة‪ ،‬بدءا من الجبهات التي‬
‫في أ ّ‬
‫أطاحت بحكم الرئيس الراحل الجنرال محمد سياد بري‪ ،‬ومرورا بالجبهات التي عارضت حكم‬
‫الرئيس عبدالقاسم صلد حسن‪ ،‬والجبهات التي عارضت حكم الرئيس عبدال يوسف‪،‬‬
‫وانتهاءا بالجبهات التي تعارض الن حكومة الرئيس الشيخ شريف شيخ أحمد‪.‬‬

‫ف عن تقديم النصح والمشورة الصريحة‬ ‫ومع عدم سعينا للطاحة بأية حكومة صومالية‪ ،‬فإننا لن نك ّ‬
‫الواضحة لية حكومة صومالية‪ ،‬تتقلد مهام الحكم والمسؤولية في البلد‪ ،‬وتسليط الضوء على‬
‫مواطن الخلل ومكامن الضعف وعدم تحّمل المسؤولية‪ ،‬حرصا مّنا على المصلحة العامة‪.‬‬
‫وتؤمن حركة الصلح أن ذلك هو واجب ديني و وطني‪ ،‬لن تتهاون فيه‪ ،‬مهما كانت التحديات‬
‫والعقبات التي تقف في طريق الحركة‪.‬‬

‫أخيرا‪ ،‬ما هي رسالتك لكل من الحكومة والمعارضة والشعب؟‬


‫رسالتي إلى الجميع‪ ،‬بما في ذالك الشعب‪ :‬أوقفوا الحرب والدمار‪ ،‬وادعموا السلم والستقرار‪.‬‬

‫أما رسالتي التي أوجهها إلى مسؤولي الحكومة الصومالية على وجه الخصوص‪ :‬نحن نأمل منكم أن‬
‫ترتقوا إلى مستوى المسؤولية والعباء التي ألقيت على كاهلكم‪ ،‬وأن تحسنوا سلوك الحكم‪،‬‬
‫وفقا لنظمة وقوانين يتساوى أمامها الجميع‪ ،‬كأسنان المشط‪.‬‬
‫نحن ل نأمل منكم أن يكون سلوك الحكومة كسلوك الجبهات المتناحرة التي ل يحكمها شرع أو دين‪،‬‬
‫ول يوجهها نظام أو قانون‪ .‬إن الشعب الصومالي يأمل من هذه الحكومة أن تحقق له‬
‫الستقرار والسلم وأن تحميه وتحمي مصالحه المختلفة‪ .‬على الحكومة الصومالية أن تدرك‬
‫أنها تمثل هيبة وكرامة وكيان الصومال‪ ،‬وعليها أن تكون أكثر فعالية مما هي عليه الن‪ ،‬وأن‬
‫تخرج من السجن الفكري والسياسي والمكاني الذي هي محبوسة فيه‪.‬‬

‫أما رسالتي التي أوجهها إلى المعارضة المسلحة على وجه الخصوص‪ :‬نحن نأمل منكم أن تكفوا عن‬
‫إراقة الدماء‪ ،‬وتستبدلوا لغة الرصاص والقوة بلغة الحوار والتفاوض مع الحكومة‪ ،‬وأن‬
‫تراعوا ال فيما تقومون به من اعتداء على الدين والشعب والوطن‪.‬‬

‫نحن نأمل منكم أل تسيسوا الدين‪ ،‬وأل تستفردوا به‪ ،‬وأل تقحموا السلم في صراعاتكم السياسية‬
‫والجبهوية‪ ،‬فالسلم أرقى وأنظف وأطهر من ذلك‪.‬‬

You might also like