Professional Documents
Culture Documents
La3alli Alyawm Omsiko 9alami Motathè9ilan Wa Fi 5aladi 5atirat Lè Takèdo Tobèri7oni
La3alli Alyawm Omsiko 9alami Motathè9ilan Wa Fi 5aladi 5atirat Lè Takèdo Tobèri7oni
لعلي اليوم أمسك قلمي متثاقل و في خلدي خاطرة ل تكاد تبارحني .قد يكون سكوتي عن
الهابط أرفع جواب و أبلغ خطاب أرسل به إلى من حبكوا و دبروا ,و مالوا و أمالوا قبل أن
يتمخض الجمل فيلد قأرا ,أو دعني أستدرك و أجل الفأر على أن يتشبه بمثل ما صدمتنا به
"نسمة" المغرب الكبير التي كانت في هذا الشهر الكريم رياح " شهيلي" ل يرجى من ورائها
خير .كانت هذه الخيرة ضيفا ثقيل الظل ,يعسر هضمه ,أقلق راحة الف العائلت الصفاقسية
التي صدمت بمؤامرة تلفزية ادعوا كذبا بأنها كوميدية ,تحت عنوان "نسيبتي العزيزة".
فعل ,قد يكون حريا بي أن أمضي في صمت و اشمئزاز حيال هذه القاذورة التلفزية و ل
أعيرها هي و ل أشباحها كبير اهتمام و مبالة ,إذ أنه على رأي تميم البرغوثي " في ذم
الوضيع ما يضع"..إل أني ما ألبث حتى ألتاع غيضا لهذاالتشوه العلمي الصارخ .أنظر في
وجوه أهلي و خلني فألمح الحتقان قد أخذ منهم مأخذه .لذلك ,أجدني أقفز من بوتقة
صمتي و أكسر قضبان وجلي لترجم تلك التقاسيم الثائرة إلى كلمات و سهام أرجو أن
.يصل صداها إلى من كان منذ البدء سببا في نشأتها
و في الوقت الذي استبشر فيه قليلون ظنا منهم أن هذه السلسلة ستحتفي .
بصفاقسيتهم و ستدغدغ فيهم عشقهم لترانيم لهجة "الزيت" و "الحيط" ,كانت الغالبية
على يقين بأن هذا الختيار ليس بالبراءة التي يدعيها أصحابها و أن إيحاءاتها أعمق و
أدل .و ما احتجنا إلى طول صبر حتى طالعتنا الحلقة الثانية بما رفع الغمام عن ظنوننا
و أكد صحة شكوكنا .أطلت علينا منى نور الدين متعسفة على لهجة عاصمة أهل
الجنوب,عابثة بنطق المفردات ,تكيل على غير هدى ما طاب لها من النشاز .فهاهي
"حياة" أصبحت تنادى "حايات" ,و هاهي تقلب شفتاها على غير اعتدال مبتدعة في
.نطق الحروف و الكلمات
قمازال ذاك هو حالها ,حتى أصبحنا نسائل أنفسنا؛ هل انقلبت الموازين و صارت,هي
أصيلة العاصمة ,تتكلم بلساننا و تعلمنا أصولنا ,و نحن من نحن ,أبناء باب الجبلي و باب
الديوان ؟ و لعلي الن و بعد أن جاهدت نفسي على أن أتابع عددا ل بأس به من
حلقات "نسيبثي العزيزة" ,أستطيع مطمئنا و ل تثريب علي أن أجزم قاطعا بأن منى
نور الدين كانت الفشل في محاولتها تقليد لهجة أبناء سيدي أبي الحسن اللخمي",
رغم أن سابقيها قد منيوا بنفس الحظ العاثر.لم تكن هذه الخيرة الولى على نهج تقليد
لكنة الصفاقسية إذ سبقها إلى ذلك عديدون,أبرزهم لطفي بندقة ,نصر الدين بن مختار
و جلول الجلصي .إل أن أبرز ما يوحد و يجمع بين هذا الثالوث هو فشلهم في التخلص
من جملة الحكام المسبقة و الظنون الباطلة التي ما فتئت تطفو على سكاتشاتهم و
تهوي بها في مزابل ذاكرة التلفزة التونسية.ولئن كان فشل منى نور الدين رفقة هذا
الثلثي المتاخر في التقليد هو شأن فني بحت لم و لن يخفى على أهل الميدان من
ذوي الدراية و الختصاص,فإن تعمدهم الساءة إلى الشخصية الصفاقسية هو مبحث
جماعي لن يردعنا أحد على دفعها و التنديد بها مع الضرب و بشدة على الرابضين
.وراءها
ل يخفى على متأمل في واقعنا المجتمعي التونسي نمو ظاهرة الجهويات و سيطرتها
على أذهان فرقة غير يسيرة من التونسيين .لذلك,لم يعد يشار لديهم إلى الشخص
بمعرفه و إنما بجملة الحكام المسبقة و اللقاب المرادفة لموطنه و جهته .و في خضم
هذا كله ,كان لجهة صفاقس نصيبها الذي طفح و زاد عن أخرياتها .فتجد من الناعقين,
من زهد عن مشاغله و جعل ينحت مثال مشينا للصفاقسي العامي؛ شحيح مقتر,
خسيس لجوج منفر ,كثير السؤال و يهوى كنز المال ,ذو بلهة ظاهرة ,يضحك على
سذاجته العوام.على ما فيه من وصم و تحامل و افتراء ,لم ير الكثيرون من قصار
.البصر و البصيرة بدا من تبني هذا المثال الساذج عن أهالي صفاقس
وفي لحظة خلنا فيها أن وتيرة الجهويات قد سكنت و خفت أوجها مقارنة بما كانت
عليه في شهور أو أعوام خلت ,طالعتنا نسمة بسلسلتها الخبث الحدث " نسيبتي
العزيزة" لتضرم النار من جديد و تطلق ألسنة ٌقد ألجمت و صامت عن ذكر الصفاقسية
بسوء .ورغم أن هذه الممارسات تأتي متضاربة مع الخطاب الرسمي للبلد الذي ينفر
الجهويات و ينشد تجاوزها نحو الوحدة و الندماج ,أبى صاحبا السيناريو ,الممثل يونس
الفارحي و رفيقه فرحات هنانة إل أن يكونا صوتا مسموعا لمرضى النفوس ,ممن ملك
.قلوبهم الحقد و أعمت أنفسهم الغيرة و الحسد تجاه الصفاقسية بدون ذنب اقترفوه
اصطفى هذا الثنائي .صاحبة الوقار ,منى نور الدين حتى تجسد شخصية النسيبة ,ثقيلة
الظل ,المتمعشة من خيرات زوج ابنتها ,يكون خروج الدينار من يدها أشبه بخروج
روحها من بين أضلعها.ولكي تكتمل هذه الصورة البائسة عن النسيبة و ترتفع درجة
مصداقيتها لدى المتلقي البسيط ,لم يحتج فريد عصره يونس الفارحي إلى كبير جهد
قبل أن يرسي على النموذج الصفاقسي إيمانا منه بأن هذا الخير يرزح تحت جملة
المساوىء المطلوب تؤفرها في النسيبة العزيزة .فقدر أن ضحك المتلقي سيكون
مضاعفا حين يعلم أن هذه الشحيحة المتطفلة ليست إل "صفيقة" ,أفضل أمثولة يتندر
بها السفهاء من القوم.فما إن اذنت الحلقات الولى من السلسلة بإخفاق منى نور
الدين المترقب في تقمص شخصية مركبة حين استرسل صوتها نشازا يقرع الذان
مجافيا حلوة لكنة "الحيط" و طلوة نغمة "الزيت",حتى استطردت نسيبة حسونة
الركيكة ,قي عزف منفرد ,تتلون بشتى المساوىء و العيوب .هي نسيبة قد جف ماء
الحياء من وجهها ,تراها تارة تنتهك خلوة نسيبها مع زوجته ,في حين تتطفل تارة أخرى
على زوار ابنتها ,فتنهال عليهم بوابل من السئلة العقيمة,ل رأس لها و ل ذنب حتى ل
يطيقون معها صبرا و ل جلدا .وقد كانت ل تتوانى عن منكر أو ضر تلحقه بالخرين,
سمتها و ديدنها قي كل هذا نزعتها الوصولية الثي ل تأبه لقرابة و ل تراعي في المرإ
.حرمة و ل ذمة
كانت هذه طباع فطيمة ,العجوز التي ضاق بها صدر حسونة ذرعا ,والتي ما كانت لتجمع
هذا الكم من المساوىء لول أنها صفاقسية ,غلب عليها طبعها المشين كما روج إلى
.ذلك كاتبا السيناريو تلميحا و تصريحا
شخصية المنجي من جهتها ,لم تكن أقل تحامل و استخفافا بالصفاقسية من شخصية
النسيبة .سعى فرحات هنانة من خلل تجسيده لهذه الشخصية أن يكون امتدادا و
تصديقا للمخيال الشعبي في تصوره و نظرته للرجل الصفاقسي .كان المنجي,بكسر
الميم ,كهل في عقده الرابع ,يضع نظارات سميكة ,ل يأبه لمنظره و ملبسه ,بسيط
الذهن,ساذج إلى حد البلهة .و بحكم سجله الحافل بهذه النوعية من الدوار,اخرها
تجسيده لشخصية المغفل سي الزاهي في شوفلي حل ,ضرب فرحات هنانة موعدا
استثنائيا مع البداع ليجعل من المنجي مثال و عينة يسحب عليها مئات اللف من
.عشاق الخبز و المرقة
بعد أن استوفيت نزرا يسيرا من التشهير بهذه النتهاكات الصارخة في حق "صفاقس
التونسية" ,أهب نقسي الن للرد عن أباطيل كاتبي السيناريو في المقام الول ,و
مساءلة قناة نسمة و تحميلها مسؤولية تبني مشروع فاشل وهن ,عماده الحقد و
.الوصم ,يتغذى من تربة الحساسيات و الجهويات المشتعلة في المقام الثاني
إن المهزلة التي كانت بطلتها منى نور الدين و المتمثلة في محاولتها العابثة تقليد
الصفاقسية فضحت سطحية القلم الكوميدي في تونس الذي لم ينجح إلى اليوم في
النعتاق من الكلسيكيات المبتذلة القائمة على السخرية من سذاجة البدوي و لهجة
الصفافسي و غيرها من السفاسف التي ل يروج لمثلها إل قي التلفزيونات التونسية .و
كما عمق هذا احتفاء البدوي ببدويته ,فإنه لم يزد الصفاقسية إل إيمانا و فخرا بأن
لهجتهم هي عنوان أصالتهم و تفردهم وأن كل متطفل عليها ستكون نهايته السخرية و
.المهانة لن الجبال الراسيات ل تهزها "نسمة" انفلت و تهور
تواصلت هذه المهزلة من خلل الصورة المشينة التي حاكتها أنامل الفارحي و هنانة
حول الصفاقسية و التي خلفت إجماعا شعبيا و نخبويا بأن الفن براء من أمثالها و بأن
المر ل يعدو أن يكون عملية استهداف لجهة ,تاريخها كفيل بدرء زيف المبطلين عنها.
إن حرص هذبن الخيرين على أن يقدما شخصية "أمك فاطمة" و "المنجي" بما يحملنه
من معايب جمة ,كمثال نمطي أوحد عن الصفاقسية ,و تغافلهما عن التعددية كصفة و
ملمح مميز للمجتمعلت البشرية عموما ,لدليل على لعقلنية تصورهما .أحار و أحاول
أن ألتمس لهما عذرا فأجد نفسي أجانب الصواب و أتسترعن سوء نواياهما؛ ما الذي
يدفع المرء على أن يجحد محاسن فئة و يحسر اهتمامه في اختلق مذام و افتراءات
عنهم ,غير المؤامرة و الستهداف ؟ ألم يكن من المانة و الصدق مع الذات أن يتم
إدراج شخصية ثالثة و رابعة ,أو خامسة إن لزم المر ,لتعرض الوجه الخر و الصدق
من "الشخصية الصفاقسية" ,التي تنبذ الشح نحو التنعم و النفاق ,و التي تعف نفسها
عن كثرة السؤال ,و فوق كل هذا تترفع عن أي نزعة وصولية مسيئة ؟؟؟ ل أظنني
كنت أجد ريا لحيرتي ول تجاوبا مع اقتراحي إن ا ستبقت و طارحت الفارحي و هنانة
بوجهة نظري ,فهذا الثنائي بدا مطمئنا لقناعاته و مسترسل في وصم و توصيف
.الصفاقسية باطل ,حتى أسس أو كاد ل"محور شر" جديد يرفع راية عاصمة الجنوب
و لعمري ,فإن أشد ما حز في نفسي و أذهلني هي الطريقة التي قدمث بها صفاقس
في المسلسل .جهة يفرقها عن بقية جهات تونس و التونسيين أكثر مما يجمعها بهم؛
لهجة غير مفهومة تشتت أذهان السامعين و سلوكيات مشينة ل يأتيها إل "صفاقسي"
أمثال المنجي و أمك فاطمة .هكذا كان وقع حلول ركب العائلة الصفاقسية على أحد "
الحوم العربي" بتونس العاصمة ,ظاهرة غريبة يتوجس منها الجميع خيفة و ترافقها
علمات الدهشة و الفضول على محيا سكان الحومة .و بقدوم العائلة الجزائرية في
نهاية السلسلة ,صار يتملكني إحساس أننا إزاء ثلث جنسيات مختلفة,كل يتكلم بلسان
قومه و يطبل من أجل صورة موطنه .و لعل ما زادني أسفا و أدمى قلبي لوعة ,سهام
"العاصمي البلدي" حسونة و كلماته الملغومة حين تباهى بأن لو كان المر بيده لجعل
دخول التراب العاصمي ب"الفيزا" لمثال المنجي " الصفاقسي" .بغض النظر عما
سببته هذه الصورة من احتقان و شجب لدى الرأي العام إجمال ,فإني أؤكد أن
"الصفاقسية" ,ما دمت منهم و فيهم ,ل يساومون في تونسيتهم و قلوبهم تنبض بحب
كل شبر من هذا الوطن العظيم ,عاشقون للنجمة و الهلل,رغم كل المكائد و الفتن
.التي بثها بعض الهواة و المتطفلين عبر شاشات التلفاز
ورغم كل هذا ,فإني أدين ل"نسمة"ببعض لحظات الضحك الساخر؛ هي سخرية عرفت
طريقها إلى نفسي لعدمية و تفاهة ما أقدم عليه كاتبا السيناريو .إن تقديم الصفاقسي
على أنه الحمق السعيد ,كما هو الحال في سلسلة نسيبتي العزيزة ,لعمري أعظم
درجات الجحود و النكران.و لول أني أخشى عليهم وطأة الصدمة,لخذت بأيديهم و
لرشدتهم في هدوء إلى واقع ل أظنه يروق لهم ,تشهد به أبصارهم و تغفل عنه
بصائرهم .بعيدا عن الغرور و السمعة ,أدعو الذين ضحكوا و مازالوا على "حمق
الصفاقسي و بلهته" أن يسترقوا النظر إلى نتائج المناظرات و الختبارات الوطنية و
يكتشفوا كيف أن هذا "البله" قد أوجد لنفسه مكانا عليا ضمن "النتليجنسيا" التونسية,
ل لفرادة و استثنائية في العنصر الصفاقسي و إنما لن أبناء هذه الجهة قد أمسكوا
بناصية العلم و عاهدوا أنفسهم على الرتقاء في سلمه كغيرهم من الشرفاء على هذه
الرض الطيبة .هاهم اليوم يعملون فيما علموا ,و يزرعون حصائد ما بذروا قي حين
تظل أعين الحاسدين ترمقهم شزرا ,تنكر عليهم علمهم و تصر على أن تلبسهم ثوب
السذاجة و الغباء .هؤولء ل يحملون حلم جهتهم فحسب ,و ل يتحزبون شيعا لينالوا
ممن حاك و فصل الباطيل ضدهم ,بل هم جزء ل يتجزأ من المجموعة الوطنية ,تهتز
".حناجرهم ب"نموت نموت و يحيا الوطن
ل شك أن التمثيل فن له خصوصيته و إشعاعه ,و أن هواته و محترفيه على حد السواء .
يحسبون على الثلة المختارة من الفلسفة و المثقفين .لذلك ,كانث أعمالهم و أقوالهم
تنزل منزل الصدق و التسليم على المتلقي البسيط الذي مازال يرى في التلفزة سلطة
و صوتا للحقيقة وأن كل ما تقدمه و تعرضه هو تجل أسمى للواقع .و كما بدا جليا قي
سلسلة نسيبتي العزيزة ,نزع الفارحي و هنانة عن نفسيهما ثوب الفنان المثقف
الحصيف ,و انحدرا بالكتابة التلفزية إلى مستويات غير مسبوقة من الثارة و الستفزاز.
لم ألمس في الحقيقة اختلفا شاسعا بين الخطاب الشعبي المبتذل الذي يستهدف
الصفاقسية في خصوصياتهم و الذي يروج إليه شرذمة من السطحيين و بين اخر يدعي
أصحابه الرقي و التهذيب في حين أنه يلصق الرض في الهبوط و البتذال يقوم على
.الوصم و إثارة الجهويات
إن لم تستح فافعل ما شئت...فإن عمر الكذب مهما طال قصير .لن يشفع لشباه
الفنانين تسترهم بغطاء الفن الكاذب لينشروا سمومهم بين الناس ,يغسلون أدمغة
البسطاء و يملؤونها فتنا و أحقادا .ستنساهم ذاكرة اليام و ستلفظهم سرائر الناس
منبوذين صاغرين .لن يتواصل تزييفهم للحقائق و لن يسمع لهم صوت بعد اليوم ,لن
حكمة القادر شاءت أن كل إناء بما فيه يرشح .رفع قناع البداع عن مدعيه و انكشفت
.نفوسهم المريضة ينخرها كرههم الدفين للصفاقسية
ستبقى نسيبتي العزيزة محطة مخزية في تاريخ النتاج التلفزي الخاص في تونس بعد
.أن انجلى الحجاب عن خلفياتها الجهوية المنفرة
ل أخفيكم و ل أكذبكم خبرا إن قلت أن ميلد قناة نسمة "المغاربية" كان بالنسبة لي
حلما نشأت عليه و لطالما تاقت نفسي إلى مشهده يتحقق .إن التوافق بل التطابق
الحضاري و التاريخي الذي يجمع شعوب المغرب العربي كان ل بد له من قاطرة
إعلمية تتبنى التعريف به و غرسه في قلوب و عقول الناشئة بعد أن غيبته سياسة
"فرق تسد" الستعمارية .بارك الجميع ولدتها و التفوا صوتا واحدا ,ساسة و مسوسين,
نخبة و جماهير ,يدافعون عن حلمنا في وحدة الهدف و المصير .أردناها قناة مدافعة
عن تماسكنا ,ليست زارعة للفرقة و الشقاق بيننا .ل أستبعد أن يكون القائمون على
دواليب نسمة قد نسوا أو تناسوا على الرجح ,أن صفاقس شاؤوا أم أبوا ,ركن أساس
في هيكل المغرب العربي ل يستقيم من دونها .لذلك ,فإن حملة الساءة لها هي
بالساس خطوة طائشة تقض أركان البناء المغاربي و من شأنها أن تهوي بحلمنا في
مكان سحيق ل تنفع معه حسرتنا.وبدل أن تتبنى نسمة مشروعا تعريفيا ,تبين من خلله
ثراء المجال المغاربي و تعدده و تزيد من تعلق و فخر أبنائه به ,استحلت لحمة
الصفاقسية و كالت ضدهم من السخرية و الثلب ما ل يرتضيه ذو ذمة و مروءة .سوقت
قناة نسمة لنموذج صقاقسي مزدوج ,أثقلت كاهله كثرة عيوبه و مساوئه ,يفتر المرء و
ل يكاد يجد خصلة يحمد لجلها .لسائل أن يسأل كيف سينظر الجزائري و المغربي إلى
الرجل و المرأة الصفاقسيين بعد أن وقفوا على قبح و ذمامة المثال التي روجت إليه
سلسلة نسيبتي العزيزة ؟ ألن يفرد الصفاقسي من دون بقية سكان المغرب الكبير,
من اليوم فصاعدا ,بنقيصة الشح ,التطفل و البلهة و يصبح "جحا" القرن الواحد و
العشرين في أعين عشرات المليين من المغاربة ؟؟؟ حينئذ ,لن تكفينا اعتذارات نسمة
و ل ندمها...و لن يكفينا أن تحضرلنا الشمس في يميننا و القمر قي شمالنا .سيكون
.المغرب العربي الذي تبنت إحياءه أول المغاضبين لها و أشد الناقمين على تجنيها
حتى زمن غير بعيد ,أدار الرأي العام المغاربي ظهره لقناة نسمة و ناصبها العداء لما
عرضته من فضائح و انتهاكات خادشة للحشمة و الحياء أثبتت عريها الخلقي بدءا
ب"لبس الكلسط وعدم التكوير بالحفاء لتجنب السيدا" مرورا بقصة لطفي العبدلي
الشهيرة مع "السترينغ" و ملبس كوثر بودراجة الداخلية و انتهاءا عند "قصيدة فواز
ربي يصونه" بصوت "الثورية" سوسن المعالج .و كردة فعل على هذه المقاطعة
الجادة ,استحثت إدارة القناة مساعيها لتنصع من صورتها العلمية و ترفع عن نفسها
وصمات العار التي لحقتها .لذلك ,كانت حملت المناصرة الفجئية للقضية القلسطينية و
رموزها تليها حملة المدافعة الضروس عن "محاربي الصحراء" في حربهم العلمية مع
الشقيقة مصر على خلفية موقعة "أم درمان" ,بمثابة شطحة الديك الذبيح محاولة منها
لذر الرماد في العيون و صرف أنظار المغاربة عن تجاوزاتها الخلقية .وعوض أن تزيد
هذه اللحظات العصيبة من نضج القناة و رصانتها ,جاءت برمجتها الرمضانية لتفصل
نهائيا في حقيقة مفادها أن ما بالطبع ل يتغير أو على رأي أبناء الخضراء "الي فيه طبة,
عمرها ما تتخبى" .واصلت قناة نسمة في سياستها الستفزازية الطائشة وأثبتت
هشاشة استراتيجياتها العلمية .فبعد أن خدشت غير مبالية حياء العائلت المغاربية
المحافظة المسلمة عبر موجات إباحية صارخة ,هاهي اليوم تدير المقود ناحية
الصفاقسية ,مستهدفة إياهم في أدق خصوصياتهم ,بدءا بلهجتهم وصول إلى طباعهم
.التي شيطنتها بما حل لها من الزيف و الفتراء
لم أعدم يوما ثقة في رقي الذائقة الفنية المغاربية عموما و التونسية خصوصا و ترفعها
عن المعلبات التلفزية الموسمية مثل التي أزعجتنا بها نسمة في رمضان "نسيبتي
العزيزة" .بمجرد اكتشافه لسطحية و ابتذال الكوميديا المعروضة ,انصرف التونسي
يبحث عن مادة إعلمية محترفة ,تحترم نفسها و مشاهديها و ل تتجنى باطل على
خصوصيات الناس و أصولهم .و ليس أصدق إنباءا على هذا من نتائج استطلعات الرأي
التي قامت بها "سيقما كونساي" و "ميديا سات" .أثلجت هاتين المؤسستان المختصتان
صدورنا بتقرير يفيد أن سلسلة "نسيبتي الركيكة" تتذيل قائمة البرامج الكثر مشاهدة
في رمضان و تقبع في المركز , 22تسبقها في ذلك "اانشرة الجوية" و "دبارة اليوم"
.بأعلى نسب مشاهدة
لن أمنعكم من الضحك ,قرائي العزاء ,فإن المر من المضحكات المبكيات؛ اضحكوا
على تفاهة ما قدمته و تقدمه "نسمة الشهيلي" ,و ل تنسوا مرورا أن تتألموا لما أضحى
.عليه حال الكوميديا في تونس ,تعبث به ثلة من مدعي الكتابة التلفزية
إن مقالي هذا ل يؤسس لثقافة جهوية مماثلة للتي روج لها سيناريو" نسيبتي العزيزة",
بل إنه ل يتجاوز كونه ردة فعل طبيعية ,أردتها أن تكون موضوعية ,على واقع المنا نحن
.الصفاقسية ,و أظنه يؤلم كل من حرص على وحدة و تماسك هذا الوطن العزيز
ختاما ,أتمنى أن أكون قد وفقت في تعرية جملة الشبهات و النوايا السيئة التي حامت
و ل زالت حول سلسلة "نسيبتي العزيزة" كتابة و تنفيذا و ترويجا .أعود و أؤكد فخر
الصفاقسية الشديد بانتمائهم إلى هذا الوطن العزيز و أعتذر إن كنت قد جرحت غير
قاصد مشاعر أبناء بلدي من الذين كانوا و ل يزالون يبادلوننا نفس القدر من الود و
.الصفاء