You are on page 1of 26

‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫لإلمام الحافظ جالل الدين السيوطي‬

‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫‪1‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫لإلمام الحافظ جالل الدين السيوطي‬

‫بس ‪$$‬م اهلل ال ‪$$‬رحمن ال ‪$$‬رحيم الحم ‪$$‬د هلل و كفى‪..‬و س ‪$$‬الم على عب ‪$$‬اده‬
‫الذين اصطفى‪..‬وبعد‪$...‬‬
‫‪$‬ئلت‪ :‬في " ابن ع‪$$‬ربي‪ ،‬م‪$$‬ا حال‪$$‬ه ؟ و في رج‪$$‬ل أم‪$$‬ر ب‪$$‬إحراق‬
‫فق‪$$‬دا س‪ُ $‬‬
‫كتبه و قال‪ :‬إن‪$‬ه ع‪$‬ربي‪:‬ن اليه‪$‬ود‪ ،‬و النص‪$‬ارى‪ ،‬و من أدعى هلل ول‪$‬دا‬
‫" ؟ فما يلزمه في ذلك ؟‬
‫قد اختلف الناس قديما و حديثا في ابن عربي‪:‬‬
‫‪ - 1‬ففرقة تعتق‪$$‬د واليت‪$‬ه‪ .‬و هي المص‪$‬يبة ‪.‬و من ه‪$‬ذه الفرق‪$$‬ة الش‪$‬يخ‬
‫ت‪$$‬اج ال‪$$‬دين بن عط‪$$‬اء اهلل من أئم‪$$‬ة المالكي‪$$‬ة و الش‪$$‬يخ عفي‪$$‬ف ال‪$$‬دين‬
‫الي‪$$$‬افعي من أئم ‪$$‬ة الش ‪$$‬افعية‪.‬فإنهم‪$ $‬ا‪ $‬بالغ ‪$$‬ا في الثن‪$$$‬اء علي‪$$$‬ه‪،‬و وص‪$$$‬فاه‬
‫بالمعرفة‪.‬‬
‫‪ - 2‬و فرقة تعتقد ضالله و منهم طائفة كبيرة من الفقهاء‪$‬‬
‫‪ - 3‬و فرقة شكت في أمره و منهم الحافظ الذهبي في الميزان ‪.‬‬
‫‪ - 4‬و عن الشيخ عز الدين بن عبد السالم‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الحط عليه‪.‬‬
‫ب ‪-‬و وصفه‪ $‬بأنه القطب‪.‬‬
‫و الجمع بينهما‪:‬‬
‫ما أشار إليه تاج الدين بن عطاء اهلل في " لطائف المنن "‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫أن الش‪$‬يخ ع‪$‬ز ال‪$‬دين بن عب‪$‬د الس‪$‬الم ك‪$‬ان في أول أم‪$‬ره على طريق‪$‬ة‬
‫الفقهاء من المسارعة إلى اإلنكار على الصوفية‪.‬‬
‫فلما حج الش‪$‬يخ أب‪$‬و الحس‪$‬ن الش‪$‬اذلي و رج‪$‬ع‪ ،‬ج‪$‬اء إلى الش‪$‬يخ ع‪$‬ز‬
‫الدين قبل أن يدخل بيته‪ ،‬و أقراه السالم من النبي صلى اهلل عليه و‬
‫سلم‪ ،‬فخضع الشيخ عز الدين ل‪$$‬ذلك‪ ،‬و ل‪$$‬زم مجلس الش‪$$‬اذلي من‬
‫لما فهم ط‪$‬ريقتهم على‬
‫حينئذ‪ ،‬و ص‪$‬ار يب‪$‬الغ في الثن‪$‬اء على الص‪$‬وفية َّ‬
‫وجهها‪.‬و صار يحضر معهم مجالس السماع‪.‬‬
‫و ق‪$$ $‬د س‪$$ $‬ئل ش‪$$ $‬يخنا ش‪$$ $‬يخ اإلس‪$$ $‬الم‪ ،‬بقيةالمجته‪$$ $‬دين ش‪$$ $‬رف ال‪$$ $‬دين‬
‫المناوي عن ابن عربي‪ ،‬فأجاب بما حاصله‪:‬‬
‫‪$‬كوت عن‪$$‬ه أس‪$$‬لم؛ و ه‪$$‬ذا ه‪$$‬و الالئ‪$$‬ق بك‪$$‬ل َورِع يخش‪$$‬ى على‬
‫إن الس‪َ $‬‬
‫نفسه‪.‬‬
‫و الق‪$$‬ول الفص‪$$‬ل عن‪$$‬دي في ابن ع‪$$‬ربي طريق‪$$‬ه ال يرض‪$$‬اها فِ ْر َقتَ‪$$‬ا أه‪$$‬ل‬
‫العصر‪ :‬ال من يعتقده‪ ،‬و ال من يحط ّ عليه‪.‬‬
‫اعتقاد ِواليَته ‪ ،‬و تحريم النظر في ُكتُبِه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫و هي‪:‬‬
‫فقد نُِق َل عنه هو أنه قال‪:‬‬
‫{ نحن قوم يحرم النظر في كتبنا‪ .‬و ذلك أن الصوفية تواطئوا على‬
‫ألفاظ اصطلحوا عليها‪ ،‬و أرادوا بها معاني غير المع‪$$‬اني المتعارف‪$$‬ة‬
‫منه ‪$$‬ا‪ .‬فمن حم ‪$$‬ل ألف ‪$$‬اظهم على معانيه ‪$$‬ا المتعارف ‪$$‬ة بين أه ‪$$‬ل العلم‬
‫كفرهم‪}.‬‬ ‫الظاهر ك َفرو َّ‬

‫‪3‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫نص على ذل‪$$‬ك الغ‪$$‬زالي في بعض كتب‪$$‬ه و ق‪$$‬ال ‪ :‬إن‪$$‬ه ش‪$$‬بيه بالمتش‪$$‬ابه‬
‫بالقرآن و السنة ‪.‬‬
‫المتعارف عليه منه‪.‬‬
‫َ‬ ‫و من حمله على ظاهره كفر‪ ،‬و له معنى سوى‬
‫فمن حم ‪$$ $‬ل آي ‪$$ $‬ات الوج ‪$$ $‬ه‪ ،‬و الي ‪$$ $‬دين‪ ،‬و العين‪ ،‬و االس ‪$$ $‬تواء‪ ،‬على‬
‫معانيها المتعارفة كفر قطعاً‪.‬‬
‫‪$‬ف من س‪$$‬وء الحس‪$$‬اب‪ ،‬و أن‬
‫و المتص‪$$‬دي لكتب‪$$‬ه ت‪$$‬دل ع‪$$‬ربي لم يخ‪ْ $‬‬
‫يقال له‪:‬‬
‫ه ‪$$‬ل ثبت عن ‪$$‬دك في نص أن ‪$$‬ه ك ‪$$‬افر ؟ ف ‪$$‬إن ق ‪$$‬ال‪ { :‬كتب ‪$$‬ه ت ‪$$‬دل على‬
‫‪$‬ال ل‪$$‬ه‪ :‬ه‪$$‬ل ثبت عن‪$$‬دك ب‪$$‬الطريق المقب‪$$‬ول في‬
‫كف‪$$‬ره}‪ $.‬أَاألول‪ :‬أن يُق‪َ $‬‬
‫نق‪$$‬ل األخب‪$$‬ار أن‪$$‬ه ق‪$$‬ال ه‪$$‬ذه الكلم ‪$‬ة‪ $‬بعينه‪$$‬ا ؟ و أن‪$$‬ه قص‪$$‬د به‪$$‬ا معناه‪$$‬ا‬
‫المتع ‪$$ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $‬ارف ؟‬
‫و األول‪ :‬ال س‪$$‬بيل إلي‪$$‬ه؛ لع‪$$‬دم ُمس‪$َ $‬تنَ ٍد ُي ْعتم‪$$‬د علي‪$$‬ه في ذل‪$$‬ك‪ .‬و ال‬
‫عبرة باالستفاضة‪ $‬اآلن‪.‬‬
‫‪$‬ل كلم‪$$‬ة‬
‫و على تقدير ثبوت أصل الكتاب عن‪$$‬ه؛ فال ب‪ّ $‬د من ثب‪$$‬وت ك‪ِّ $‬‬
‫س في الكتاب ما ليس من كالمه من َع‪ُ $‬د ٍّو أو‬ ‫كلمة؛ الحتمال أن يُ َد َّ‬
‫مل ِ‬
‫ْحد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫و ه‪$$$‬ذا " ش‪$$$‬رح التنبي ‪$$‬ه " للجيلي ‪ ،‬مش ‪$$‬حون بغ‪$$$‬رائب ال تع‪$$$‬رف في‬
‫دس في ‪$$‬ه م ‪$$‬ا‬ ‫الم ‪$$‬ذهب ‪ .‬و ق ‪$$‬د ا ْعتُ ‪$ِ $‬ذ َر عن ‪$$‬ه؛ بأن ‪$$‬ه لع ‪َّ $‬‬
‫‪$‬ل بعض األع ‪$$‬داء َّ‬
‫أفسده حسدا‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و الث ‪$$‬اني‪ :‬و ه ‪$$‬و أن ‪$$‬ه قص ‪$$‬د به ‪$$‬ذه الكلم ‪$$‬ة ( ك ‪$$‬ذا ) ال س ‪$$‬بيل إلي ‪$$‬ه‬
‫أيضا‪.‬‬
‫و من ادعاه كفر؛ ألنه من أمور القلب‪ ،‬التي ال يطَّلع عليها إال اهلل‪.‬‬
‫و قد سال بعض أكابر العلماء بعض الصوفية في عص‪$$‬ره‪:‬م‪$$‬ا حملكم‬
‫ظاهرها ؟‬
‫على أن اصطلحتم على هذه األلفاظ التي يُ ْستَْب َش ُع ُ‬
‫فق‪$$‬ال‪ :‬غ‪$$‬يرةً على طريقن‪$$‬ا ه‪$$‬ذا أن يَدَّعي‪$$‬ه من ال يحس‪$$‬نه‪ ،‬وي‪$$‬دخل في‪$$‬ه‬
‫من ليس من أهله‪.‬‬
‫و المتص‪$$‬دي للنظ‪$$‬ر في كتب ابن ع‪$$‬ربي‪ ،‬أو أقرأه‪$$‬ا غ‪$$‬يره‪..‬لم ينص‪$$‬ح‬
‫نفسه‪ ،‬و ال غ‪$$‬يره؛ ب‪$$‬ل ض‪$َّ $‬ر نفس‪$$‬ه‪ ،‬و ض َّ‪$‬ر المس‪$$‬لمين ك‪$‬ل الض‪$‬رر‪ ،‬ال‬
‫س‪$$‬يما إن ك‪$$‬ان من القاص‪$$‬رين في عل‪$$‬وم الش‪$$‬رع‪ ،‬و العل‪$$‬وم الظ‪$$‬اهرة؛‬
‫ضل‪..‬‬‫ضل‪ ،‬و ي ِ‬ ‫فإنه ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫المق‪$$ $‬رىء عارف‪$$ $‬ا؛ فليس من طري‪$$ $‬ق الق‪$$ $‬وم‬
‫و على تق‪$$ $‬دير أن يك‪$$ $‬ون ُ‬
‫إقراء المريدين كتب الصوفية‪ .‬و ال يؤخذ هذا العلم من الكتب‪.‬‬
‫و ما أحسن قول بعض األولياء لرجل – و ق‪$$‬د س‪$$‬أله أن يق‪$$‬رأ علي‪$$‬ه "‬
‫تائية ابن الفارض " – فقال له‪:‬‬
‫‪$‬هرهم‪ ،‬رأى م ‪$$‬ا‬
‫‪$‬وع الق ‪$$‬وم‪ ،‬و س ‪$$‬هر س ‪َ $‬‬
‫‪$‬ذا‪..‬من ج ‪$$‬اع ُج‪َ $‬‬
‫دع عن ‪$$‬ك ه ‪َ $‬‬
‫رأ َْوا‪..‬و ال‪$$ $ $ $ $ $‬واجب على الش‪$$ $ $ $ $ $‬اب المس‪$َ $ $ $ $ $ $‬ت ْفتَى عن‪$$ $ $ $ $ $‬ه‪:‬التوب‪$$ $ $ $ $ $‬ة‪ ،‬و‬
‫االستغفار‪..‬والخضوع هلل تع‪$$‬الى‪ ،‬و اإلناب‪$$‬ة إلي‪$$‬ه؛ ح‪$$‬ذراً من أن يك‪$$‬ون‬
‫آذى وليًّا هلل‪ِ ،‬‬
‫فيؤذن اهلل بحرب‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫ف‪$$‬إن امتن‪$$‬ع من ذل‪$$‬ك‪ ،‬و ص‪$َّ $‬مم َ‪ ،‬فكف‪$$‬اه عقوب‪$$‬ة اهلل تع‪$$‬الى عن عقوب‪$$‬ة‬
‫المخل‪$$ $‬وقين‪.‬و م‪$$ $‬اذا عس‪$$ $‬ى أن يص‪$$ $‬نع في‪$$ $‬ه الح‪$$ $‬اكم أو غ‪$$ $‬يره‪..‬ه‪$$ $‬ذا‬
‫جوابي في ذلك‪ .‬و اهلل أعلم‪.‬و قد أثنى عليه جماعة‪ $‬منهم‪:‬‬
‫قال الشيخ العارف صفي الدين بن أبي المنصور في " رسالته "‪:‬‬
‫رأيت بدمش‪$$‬ق الش‪$$‬يخ اإلم‪$$‬ام الوحي‪$$‬د‪ ،‬الع‪$$‬الم العام‪$$‬ل‪ُ $:‬م ْحيِي ال‪$$‬دين‬
‫بن ع ‪$$‬ربي‪.‬و ك ‪$$‬ان من أك ‪$$‬بر علم ‪$$‬اء الطري ‪$$‬ق‪ ،‬جم ‪$$‬ع بين س ‪$$‬ائر العل ‪$$‬وم‬
‫ال َك ْس‪$‬بِيَّة‪ ،‬و م‪$$‬ا ق‪$$‬رأ من العل‪$$‬وم الوهبي‪$$‬ة‪.‬و ش‪$$‬هرته‪ $‬عظيم‪$$‬ة‪ ،‬و تص‪$$‬انيفه‬
‫كثيرة‪ .‬و كان غلب عليه التوحيد علما و خلقا‪..‬ال يكترث الوجود‬
‫ض‪$ $ $‬ا‪ $،‬و ل‪$$ $ $‬ه أتب‪$$ $ $‬اع علم‪$$ $ $‬اء‪ ،‬أرب‪$$ $ $‬اب مواجي‪$$ $ $‬د‪ ،‬و‬
‫مقبال ك‪$$ $ $‬ان أو ُمعر ً‬
‫تصانيف‪ ،‬و كان بينه و بين سيدي أبي العباس الح‪$$‬رار إخ‪$$‬اء و رفق‪$$‬ة‬
‫في الس‪$$‬ياحات – رض‪$$‬ي اهلل عنهم‪$$‬ا – آمين‪.‬و ق‪$$‬ال في موض‪$$‬ع آخ‪$$‬ر‬
‫من " الرس‪$$ $‬الة "‪:‬كتب الش‪$$ $‬يخ مح‪$$ $‬يي ال‪$$ $‬دين بن ع‪$$ $‬ربي كتاب‪$$ $‬ا من‬
‫دمشق إلى أبي العب‪$‬اس الح‪$‬رار ق‪$‬ال في‪$‬ه‪:‬ي‪$‬ا أخي أخ‪$‬برني بم‪$‬ا تج‪$‬ده‬
‫لك من الفتح‪.‬‬
‫فق‪$$ $ $‬ال لي الش‪$$ $ $‬يخ‪ :‬اكتب‪ :‬ج‪$$ $ $‬رت أم‪$$ $ $‬ور غريب‪$$ $ $‬ة النظ‪$$ $ $‬ر‪ ،‬عجيب‪$$ $ $‬ة‬
‫ُجب ‪$$‬ك عنه ‪$$‬ا‬
‫إلي به ‪$$‬ا بباطن ‪$$‬ك أ ْ‬
‫الخ ‪$$‬بر‪.‬فكتب إلي ‪$$‬ه ابن ع ‪$$‬ربي‪ :‬توج ‪$$‬ه َّ‬
‫بب‪$$‬اطني‪ .‬فع‪$َّ $‬ز ذل‪$$‬ك على الش‪$$‬يخ من‪$$‬ه‪ ،‬و ق‪$$‬ال لي‪ :‬اكتب ل‪$$‬ه‪ :‬أُ ْش‪$‬هدت‬
‫األولي‪$$‬اء دائ‪$$‬رة مس‪$$‬تديرة في وس‪$$‬طها اثن‪$$‬ان‪ :‬أح‪$$‬دهما – الش‪$$‬يخ أب‪$$‬و‬
‫الحسن بن الصباغ‪ .‬و اآلخر – رجل أندلسي‪.‬فقيل لي‪ :‬أح‪$‬د ه‪$‬ذين‬

‫‪6‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫ه‪$$‬و " الغ‪$$‬وث "‪ ،‬فرف‪$$‬ع األندلس‪$$‬ي رأس‪$$‬ه أوال َّ‬


‫فتحققت‪$$‬ه‪ $،‬ف‪$$‬وقفت إلي‪$$‬ه‪،‬‬
‫و س‪$$ $‬ألته س ‪$$$‬ؤاال بغ‪$$ $‬ير ح‪$$ $‬رف و ال ص‪$$ $‬وت‪ ،‬فأج‪$$ $‬ابني بنفث ‪$$$‬ة نفثَه‪$$ $‬ا‪،‬‬
‫فأخ‪$‬ذت من‪$‬ه ج‪$‬وابي‪ ،‬و س‪$‬رت لس‪$‬ائر دائ‪$‬رة األولي‪$‬اء‪ ،‬أخ‪$‬ذ منه‪$‬ا ك‪$‬ل‬
‫ولي بقس ‪$$ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $‬طه‪.‬‬
‫ف‪$$‬إن كنت ي‪$$‬ا أخي به‪$$‬ذه المثاب‪$$‬ة‪ ،‬تح‪$$‬دثت مع‪$$‬ك عن مص‪$$‬ر‪ .‬فلم يع‪$$‬د‬
‫يكتب له من ذلك شيئا‪.‬‬
‫و ق‪$$ $‬ال الش‪$$ $‬يخ عب‪$$ $‬د الغف‪$$ $‬ار القوص‪$$ $‬ي في كتاب‪$$ $‬ه " الوحي‪$$ $‬د "‪.‬ق‪$$ $‬ال‪:‬‬
‫ح‪$$‬دثني الش‪$$‬يخ عب‪$$‬د الغف‪$$‬ار المن‪$$‬وفي خ‪$$‬ادم الش‪$$‬يخ مح‪$$‬يي ال‪$$‬دين بن‬
‫عربي قال‪:‬كان الشيخ يمشي‪ ،‬و إنسان يسبهُ‪ ،‬و هو سلكت ال ي‪$$‬رد‬
‫علي ‪$$ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $‬ه‪.‬‬
‫فقفقال‪ $:‬سيدي‪ ،‬ما تنظر إلى هذا ؟ ‪ ،‬فققلت‪ :‬لمن يقول ؟ ‪،‬‬
‫فقال‪:‬قول لك‪ .‬فقال‪ :‬ما يسبني أنا‪ ،‬قلت‪ :‬كيف ؟‬
‫قال‪ :‬هذا تص َّ‪$‬ورت ل‪$‬ه ص‪$‬فات‪ $‬ذميم‪$‬ة؛ فه‪$‬و يس‪$‬ب تل‪$$‬ك الص‪$$‬فات‪ ،‬و‬
‫ما أنا موصوف بها‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الغف‪$$‬ار‪ :‬و لق‪$$‬د حكى لي الش‪$$‬يخ عب‪$$‬د العزي‪$$‬ز عن ابن‬
‫عربي حكايات من هذا الجنس و غيره‪ ،‬م‪$$‬ع م‪$‬ا يتكلم الن‪$$‬اس في‪$$‬ه‪ ،‬و‬
‫نس‪$$ $ $‬بوه إلى الكف‪$$ $ $‬ر بألف‪$$ $ $‬اظ و ج‪$$ $ $‬دوها في الكتب و م‪$$ $ $‬ا تأولوه‪$$ $ $‬ا‪.‬‬
‫ق‪$$ $‬ال‪ :‬و حكى لي الش‪$$ $‬يخ عب‪$$ $‬د العزي‪$$ $‬ز‪ :‬أن شخص ‪$ $‬اً ك‪$$ $‬ان بدمش‪$$ $‬ق‪،‬‬
‫فرض على نفسه أن يلعن ابن عربي كل ي‪$$‬وم َعقب ك‪$$‬ل ص‪$$‬الة عش‪$$‬ر‬

‫‪7‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫م‪$$‬رات‪ ،‬ف‪$$‬اتفق ألن‪$$‬ه م‪$$‬ات‪ ،‬و حض‪$$‬ر ابن ع‪$$‬ربي م‪$$‬ع الن‪$$‬اس جنازت‪$$‬ه‪ ،‬ثم‬
‫رجع و جلس في بيت بعض أصحابه‪ ،‬و توجه إلى القبلة‪ ،‬فلما ج‪$$‬اء‬
‫ض ‪َ $‬ر إلي‪$$‬ه الغ‪$$‬داء‪ ،‬فلم يأك‪$$‬ل‪ ،‬و لم ي‪$$‬زل على حال‪$$‬ه‬ ‫ُح ِ‬
‫و ق‪$$‬ط الغ‪$$‬داء أ ْ‬
‫متوجه ‪$$‬ا‪ ،‬يص ‪$$‬لي الص ‪$$‬لوات‪ ،‬و يتوج ‪$$‬ه إلى م ‪$$‬ا بع ‪$$‬د العش ‪$$‬اء اآلخ ‪$$‬رة‪،‬‬
‫ف‪$$‬التفت و ه‪$$‬و مس‪$$‬رور‪ ،‬و طلب الطع‪$$‬ام‪ ،‬فقي‪$$‬ل ل‪$$‬ه في ذل‪$$‬ك‪ ،‬فق‪$$‬ال‪:‬‬
‫الْ‪$$‬تزمت م‪$$‬ع اهلل أالَّ آك‪$$‬ل و ال أش‪$$‬رب ح‪$$‬تى يغف‪$$‬ر له‪$$‬ذا الرج‪$$‬ل ال‪$$‬ذي‬
‫ك‪$$‬ان يلعن‪$$‬ني‪ ،‬فبقيت ك‪$$‬ذلك‪ ،‬و ذك‪$$‬رت ل‪$$‬ه س‪$$‬بعين أل‪$$‬ف << ال إل‪$$‬ه‬
‫إال اهلل >>‪ ،‬و رأيته و قد غفر له‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الغفار‪:‬و حكى لي الشيخ عبد العزيز عنه حكايات ٍ‬
‫ت‪$‬دل على عظم ش‪$‬أنه‪ ،‬و كش‪$‬ف إطالع‪$‬ه ق‪$‬ال‪ :‬و حكى اإلم‪$‬ام محب‬
‫ال‪$$ $ $‬دين الط‪$$ $ $‬بري ش‪$$ $ $‬يخ الح‪$$ $ $‬رم بمك‪$$ $ $‬ة عن والدت‪$$ $ $‬ه – و ك‪$$ $ $‬انت من‬
‫الصالحات – أنها ربما أنكرت على ابن عربي كالم‪$‬اً قال‪$$‬ه في مع‪$$‬نى‬
‫" الكعبة "‪.‬قالت ‪ :‬فرأيت الكعبة تطوف بابن عربي ‪.‬‬
‫و قال‪ :‬و قد كان وقع بين الشيخ عز الدين بن عبد الس‪$$‬الم‪ ،‬و بين‬
‫الشيخ محيي الدين بن عربي‪.‬‬
‫أخ ‪$$‬بر الش ‪$$‬يخ عب ‪$$‬د العزي ‪$$‬ز ذل ‪$$‬ك؛ ألن الش ‪$$‬يخ ع ‪$$‬ز ال ‪$$‬دين ك ‪$$‬ان ينك ‪$$‬ر‬
‫ظاهر الحكم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و حكى عن خ‪$$‬ادم الش‪$$‬يخ ع‪$$‬ز ال‪$$‬دين أن‪$$‬ه دخ‪$$‬ل إلى الج‪$$‬امع بدمش‪$$‬ق‪،‬‬
‫فق‪$$ $ $‬ال"الخ‪$$ $ $‬ادم" للش‪$$ $ $‬يخ ع‪$$ $ $‬ز ال‪$$ $ $‬دين‪ :‬أنت وع‪$$ $ $‬دتني أن تُ ‪ِ $ $ $‬ريَنِي<‬
‫القطب>‬
‫فق ‪$$‬ال ل ‪$$‬ه‪ :‬ذل ‪$$‬ك ه ‪$$‬و << القطب >>‪ ،‬و أش ‪$$‬ار إلى ابن ع ‪$$‬ربي و‬
‫هو جالس‪،‬و الحلقة عليه‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬يا سيدي و أنت تقول فيه ما تقول ؟‬
‫فقال‪ :‬هو << القطب >>‪.‬فكرر عليه القول‪ ،‬و هو يقول ذلك‪.‬‬
‫ف‪$$$‬إن لم يكن << القطب >> فال معارض‪$ $‬ة‪ $‬في ق‪$$$‬ول الش‪$$$‬يخ ع‪$$$‬ز‬
‫ال‪$$‬دين؛ ألن‪$$‬ه إنم‪$$‬ا يحكم علي‪$$‬ه بم‪$$‬ا يب‪$$‬دو من أم‪$$‬وره الظ‪$$‬اهرة‪ ،‬و حف‪$$‬ظ‬
‫سياج الشرع‪.‬‬
‫و الس‪$‬رائر أمره‪$‬ا إلى اهلل تع‪$‬الى يفع‪$‬ل فيه‪$‬ا م‪$‬ا يش‪$‬اء‪ ،‬فق‪$‬د يطَّل‪$‬ع على‬
‫محله و رتبته‪ ،‬فال ينكرهما‪.‬‬
‫و إذا ب‪$$‬دا في الظ‪$$‬اهر ش‪$$‬يء مم‪$$‬ا ال بعه‪$$‬ده الن‪$$‬اس في الظ‪$$‬اهر أنك‪$$‬ره‬
‫حفظا ً لقلوب الضعفاء‪ ،‬و وقوفاً مع ظاهر الشر ع‪ ،‬و ما كلف ب‪$$‬ه‪،‬‬
‫حقهُ‪ ،‬و هذا َّ‬
‫حقهُ‪ ،‬و اهلل أعلم‪.‬‬ ‫المقام ًّ‬
‫َ‬ ‫فيعطي هذا‬
‫هذا كالم الشيخ عبد الغفار في جمع‪$‬ه‪ $‬بين مق‪$‬التي الش‪$‬يخ ع‪$‬ز ال‪$‬دين‬
‫في حق ابن عربي‪.‬‬
‫و عندي في الجمع أحسن من ذلك‪ ،‬و هو ما أشار إليه الشيخ ت‪$$‬اج‬
‫الدين بن عطاء اهلل– نفعنا اهلل به ‪:-‬‬

‫‪9‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫أن الش ‪$$ $‬يخ ع ‪$$ $‬ز ال ‪$$ $‬دين ك ‪$$ $‬ان َّأوال على طريق ‪$$ $‬ة غ ‪$$ $‬الب الفقه ‪$$ $‬اء من‬
‫المسارعة إلى اإلنكار على << الصوفية >>‪.‬‬
‫فلم‪$$‬ا حج الش‪$$‬يخ أب‪$$‬و الحس‪$$‬ن الش‪$$‬اذلي و رج‪$$‬ع‪ ،‬و أق‪$$‬رأه الس‪$$‬الم من‬
‫س‪$ $‬ن اعتق ‪$$‬اده في الص ‪$$‬وفية‪ ،‬و ل ‪$$‬زم‬
‫الن ‪$$‬بي ص ‪$$‬لى اهلل علي ‪$$‬ه و س ‪$$‬لم ح ُ‬
‫مجالس ‪$$‬هم بع ‪$$‬د ذل ‪$$‬ك؛ فالظ ‪$$‬اهر أن إنك ‪$$‬اره على ابن ع ‪$$‬ربي ك ‪$$‬ان في‬
‫أول أمره لما كان الشيخ عز الدين أوالً بدمشق‪.‬‬
‫و ثناؤه عليه كان بعد ذلك في آخر أمره‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الغفار‪:‬‬
‫و ق ‪$$ $‬د حكى الثق ‪$$ $‬ة عن ابن ع ‪$$ $‬ربي أن شخص ‪$$ $‬ا طل ‪$$ $‬ع و ه ‪$$ $‬و بغرف ‪$$ $‬ة‬
‫بدمش ‪$$‬ق‪،‬و ك ‪$$‬ان الش ‪$$‬يخ ع ‪$$‬ز ال ‪$$‬دين حاض ‪$$‬راً عن ‪$$‬ده‪ ،‬فق ‪$$‬ال ل ‪$$‬ه ذل ‪$$‬ك‬
‫الشخص‪ :‬إني أقصد الجهة الفالنية‪ ،‬فقال‪ :‬ال يأخذوك العرب‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ال بُ َّد لي من السفر‪.‬‬
‫فنزل‪ ،‬فإذا الش‪$$‬يخ يق‪$‬ول‪ :‬ه‪$‬ذا الب‪$$‬دوي خ‪$$‬رج علي‪$$‬ه‪ ،‬و أخ‪$$‬ذ ثياب‪$‬ه‪ ،‬و‬
‫ها هو قد رجع‪ ،‬و جعل يقول‪ :‬ها هو‪ ..‬إلى أن قال‪ :‬يا فالن‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نعم‪ .‬فطلع علينا عرياناً و نحن جلوس مكاننا‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الغفار‪ :‬و هذا كشف صريح‪.‬‬
‫علي الح‪$$‬ال في الح‪$$‬اكي‪ :‬ه‪$$‬ل ه‪$$‬و القاض‪$$‬ي جالل‬
‫ق‪$$‬ال‪:‬و ق‪$$‬د اش‪$$‬تبه َّ‬
‫ال‪$$‬دين ابن الس‪$$‬بكي عن قاض‪$$‬ي القض‪$$‬اة وجي‪$$‬ه ال‪$$‬دين البهنس‪$$‬ي أم ه‪$$‬و‬
‫الشيخ عبد العزيز ؟‬

‫‪10‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫قال‪ :‬و كالهما إذا حكيا سواء‪.‬‬


‫و قال اليافعي في (( اإلرشاد ))‪:‬‬
‫اجتم‪$$ $‬ع الش‪$$ $‬يخان اإلمام‪$$ $‬ان‪ $‬العارف‪$$ $‬ان المحقق‪$$ $‬ان الرباني‪$$ $‬ان‪ :‬الش‪$$ $‬يخ‬
‫رو ْردي‪.‬‬
‫الس ْه َ‬
‫شهاب الدين ُّ‬
‫و الش‪$$‬يخ مح‪$$‬يي ال‪$$‬دين بن ع‪$$‬ربي‪-‬رض‪$$‬ي اهلل عنهم‪$$‬ا ‪ -‬ف‪$$‬أطرق ك‪$$‬ل‬
‫واحد منهما ساعة‪ ،‬ثم افترقا من غير كالم‪.‬‬
‫فقيل البن عربي‪ :‬ما تقول في الشيخ شهاب الدين ؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬مملوء‪ $‬سثَّةً من قَرنه إلى قدمه‪..‬‬
‫فقيل للسهر وردي ما تقول في الشيخ محيي الدين ؟‬
‫فقال‪ :‬بحر الحقائق‪.‬‬
‫و بلغ ‪$$‬ني عن بعض الش ‪$$‬يوخ الكب ‪$$‬ار الع ‪$$‬ارفين‪ :‬أن‪$$$‬ه ك‪$$$‬ان يق‪$$$‬رأ علي‪$$$‬ه‬
‫أصحابُه كالم ابن عربي و يشرحه‪ ،‬فلم‪$‬ا حض‪$$‬رته الوف‪$$‬اة‪ ،‬نه‪$$‬اهم عن‬
‫مطالعة كتب ابن عربي‬
‫و قال‪ :‬أنتم ما تفهمون مراده‪ ،‬و معاني كالمه‪.‬‬
‫و س‪$$‬معت أن الش‪$$‬يخ ع‪$$‬ز ال‪$$‬دين بن عب‪$$‬د الس‪$$‬الم ك‪$$‬ان يطعن في ابن‬
‫ع ‪$$‬ربي و يق ‪$$‬ول‪ :‬ه ‪$$‬و ِزن ‪$$‬ديق‪.‬فق ‪$$‬ال ل ‪$$‬ه يوم ‪$‬اً بعض أص ‪$$‬حابه‪ :‬أري ‪$$‬د أن‬
‫تُ ِريني القطب‪..‬فأشار إلى ابن عربي و قال‪ :‬ه‪$$‬ذاك ه‪$$‬و‪ ..‬فقي‪$$‬ل ل‪$$‬ه‪:‬‬
‫فأنت تطعن فيه ؟‪.‬فقال‪ :‬حتى أص‪$‬و َن ظ‪$‬اهر الش‪$‬رع‪ ،‬أو كم‪$‬ا ق‪$‬ال ‪-‬‬
‫رضي اهلل عنه ‪ -‬أخبرني بذلك غير واحد ما بين مشهور بالص‪$$‬الح‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و الفض‪$$‬ل‪ ،‬و مع‪$$‬روف بال‪$$‬دين ثق‪$$‬ة ع‪$$‬دل‪ ،‬من أه‪$$‬ل الش‪$$‬ام‪ ،‬و من أه‪$$‬ل‬
‫مص ‪$$‬ر‪ .‬إال أن بعض ‪$$‬هم روى‪ << :‬أن تُ ِري ‪$$‬ني ولي‪$$‬اً >>‪ .‬و بعض ‪$$‬هم‬
‫روى << أن تُ ِريني القطب >>‪.‬‬
‫و ق ‪$$‬د مدح ‪$$‬ه طائف ‪$$‬ة‪ ،‬و عظَّم ‪$$‬ه طائف ‪$$‬ة من ش ‪$$‬يوخ الطريق ‪$$‬ة‪ ،‬و علم ‪$$‬اء‬
‫الحقيق‪$$ $‬ة‪..‬كالش‪$$ $‬يخ الحري‪$$ $‬ري و الش‪$$ $‬يخ نجم ال‪$$ $‬دين األص‪$$ $‬بهاني و‬
‫الش‪$$‬يخ ت‪$$‬اج ال‪$$‬دين ابن عط‪$$‬اء اهلل‪ .‬و غ‪$$‬يرهم ممن يك‪$$‬ثر ع‪$$‬ددهم‪ ،‬و‬
‫يعلو مجدهم‪.‬‬
‫و طعن فيه طائفة ال سيما من الفقهاء‪.‬‬
‫طائفة‪.‬قلت‪ :‬ما نُقل و نسب إلى المشائخ ‪ -‬رضي اهلل‬
‫ُ‬ ‫و توقف فيه‬
‫عنهم ‪ -‬مما يخالف العلم الظاهر‪ ،‬فله محامل‪$:‬‬
‫األول ‪ -‬أنَّا ال نُسلِّم نسبته إليهم حتى َّ‬
‫يصح عنهم‪.‬‬
‫تأويل يوافق‪..‬‬
‫الثاني ‪ -‬بعد الصحة ُيلْتَ َمس له ٌ‬
‫‪$‬ل ل‪$$‬ه ت‪$$‬أويالً عن‪$$‬د أه‪$$‬ل العلم الب‪$$‬اطن‬
‫ف‪$$‬إن لم يوج‪$$‬د ل‪$$‬ه تأوي‪$$‬ل قي‪$$‬ل‪ :‬ل ََع‪َّ $‬‬
‫العارفين باهلل تعالى‪.‬‬
‫الثالث ‪ -‬صدور ذلك عنهم في ح‪$$‬ال الس‪$$‬كر و الغيب‪$$‬ة‪ ،‬و ال َس‪$‬كرا ُن‬
‫ُسكراً مباح‪$‬اً غ‪$‬ير مؤاخ‪$‬ذ؛ ألن‪$‬ه غ‪$‬ير مكل‪$‬ف‪ $‬في ذل‪$$‬ك الح‪$$‬ال‪ .‬فس‪$$‬وء‬
‫الظن ِّ بهم بعد هذه المخارج من عدم التوفيق‪.‬‬
‫نعوذ باهلل من الخذالن‪ ،‬و سوء القضاء‪ ،‬و من جميع أنواع البالء‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و ق‪$$‬ال أيض‪$$‬ا ‪ -‬في موض‪$$‬ع آخ‪$$‬ر ‪ -‬من (( اإلرش‪$$‬اد ))م‪$$‬ا نص‪$$‬ه‪ :‬ق‪$$‬ال‬
‫ش‪$$‬يخ الطريق‪$$‬ة‪ ،‬و بح‪$$‬ر الحقيق‪$$‬ة مح‪$$‬يي ال‪$$‬دين بن ع‪$$‬ربي ‪ -‬رض‪$$‬ي اهلل‬
‫و ص‪$$ $‬احب لي في المغ‪$$ $‬رب‪ $‬األقص‪$$ $‬ى بس‪$$ $‬احل‬ ‫عن‪$$ $‬ه ‪ -‬كنت أن‪$$ $‬ا‬
‫البح‪$$$‬ر المحي‪$$$‬ط‪ ،‬و هن ‪$$‬اك مس ‪$$‬جد ي ‪$$‬أوي إلي ‪$$‬ه << االب‪$$$‬دال >>‪،‬‬
‫فرأيت أنا و صاحبي رجالً قد و ضع حصيراً في اله‪$‬واء على مق‪$‬دار‬
‫أربع‪$$ $‬ة أذرع من األرض و ص‪$$ $‬لى علي‪$$ $‬ه فجئت أن‪$$ $‬ا و ص‪$$ $‬احبي ح‪$$ $‬تى‬
‫وقفت تحته‪ ،‬و قلت‪:‬‬
‫بسره‬ ‫ِ‬
‫الحبيب ِّ‬ ‫ب عن‬ ‫ُش ِغل ِ‬
‫المح ُّ‬ ‫َ‬
‫حب َمن َخلق الهواء وسخَّره‬
‫في ِّ‬
‫العارفون عُقولُهم‪ $‬معقولةٌ‬
‫كل كون ترتضيه ُمطَهَّره‬
‫عن ِّ‬
‫مكرمون‪ $‬و عنده‬
‫فهم لديه َّ‬
‫ُ‬
‫أسرارهم محفوظة و ُمطَهَّره‬
‫ُ‬
‫الم ْن ِكر ال‪$$‬ذي‬
‫قال‪ :‬فأوجز في صالته‪ ،‬و قال‪ :‬إنما فعلت هذا ألجل ُ‬
‫معك‪ ،‬و أنا << أبو العباس الخضر >>‪.‬‬
‫ق ‪$$‬ال‪:‬و لم أكن أعلم أن ص ‪$$‬احبي ينك ‪$$‬ر كرام ‪$$‬ات األولي ‪$$‬اء‪ ،‬ف ‪$$‬الت َف ُّ‬
‫ت‬
‫إليه‪،‬‬
‫و قلت‪ :‬يا فالن‪ ،‬أكنت تنكر كرامات األولياء ؟؟‬
‫قال ‪:‬نعم‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫قلت‪ :‬فما تقول اآلن ؟‬


‫قال‪ :‬ما بعد العيان ما يقال‪.‬‬
‫وق‪$$ $‬ال أيض‪$$ $‬ا‪ :‬دعان‪$$ $‬ا بعض الفق‪$$ $‬راء إلى دع‪$$ $‬وة ب"زق‪$$ $‬اق القنادي‪$$ $‬ل"‬
‫بمص‪$$‬ر‪ ،‬ف‪$$‬اجتمع به‪$$‬ا جماع‪$$‬ة من المش‪$$‬ايخ‪ ،‬فق‪$$‬دم الطع‪$$‬ام‪ ،‬و عج‪$$‬رت‬
‫األوعي ‪$$‬ة‪ ،‬و هن ‪$$‬اك وع ‪$$‬اء زج ‪$$‬اج جدي ‪$$‬د‪ ،‬ق ‪$$‬د اتخ ‪$$‬ذ للب ‪$$‬ول‪ - ،‬و لم‬
‫يستعمل بعد ‪ -‬فغرف فيه رب المنزل الطعام‪ ،‬فالجماعة‪ $‬يأكلون‪،‬‬
‫و إذا الوع‪$$‬اء يق‪$$‬ول‪ :‬من‪$$‬ذ أكرم‪$$‬ني اهلل بأك‪$$‬ل ه‪$$‬ؤالء الس‪$$‬ادة م‪$$‬ني ال‬
‫أرض ‪$$ $ $‬ى لنفس ‪$$ $ $‬ي أن أك ‪$$ $ $‬ون بع ‪$$ $ $‬د ذل ‪$$ $ $‬ك محالً لألذى‪ ،‬ثم انكس ‪$$ $ $‬ر‬
‫نصفين‪.‬قال‪:‬فقلت للجميع‪ :‬سمعتم ما قال الوعاء ؟‬
‫قالوا‪:‬نعم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ما سمعتم ؟‬
‫قال‪:‬فأعاد القول الذي تقدم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقلت‪:‬قال قوالً غير ذلك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬و ما ه‪$$‬و ؟‪.‬قلت ‪ :‬ق‪$$‬ال ك‪$$‬ذلك قل‪$$‬وبكم ُم ْن ِك‪$$‬رة ‪ ،‬ق‪$$‬د أكرمه‪$$‬ا‬
‫اهلل تع‪$$‬الى باإليم‪$$‬ان ‪ ،‬فال ترض‪$$‬وا بع‪$$‬د ذل‪$$‬ك أن تك‪$$‬ون محالً لنجاس‪$$‬ة‬
‫المعصية ‪ ،‬و حب الدنيا ‪..‬‬
‫أورد ه‪$$‬اتين الحك‪$$‬ايتين عن ابن ع‪$$‬ربي‪ ) 1 (:‬الش‪$$‬يخ ت‪$$‬اج ال‪$$‬دين بن‬
‫عط ‪$$$‬اء اهلل في (( لط‪$$ $‬ائف المنن ))( ‪ ) 2‬و العالم ‪$$$‬ة قاض ‪$$$‬ي القض ‪$$$‬اة‬
‫شرف الدين البارزي في كتابه (( توثيق عرى اإليمان ))‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و قال الحافظ محب الدين بن النجار في (( ذيل تاريخ بغداد ))‪:‬‬


‫محم ‪$$‬د بن علي بن محم ‪$$‬د بن ع ‪$$‬ربي أب ‪$$‬و عب ‪$$‬د اهلل الط‪$$$‬ائي من أه‪$$$‬ل‬
‫األن‪$$‬دلس‪.‬ذك‪$$‬ر لي أن‪$$‬ه ول‪$$‬د بمرس‪$$‬ية في ليل‪$$‬ة االث‪$$‬نين س‪$$‬ابع عش‪$$‬ر من‬
‫رمضان سنة س‪$‬تين و خمس‪$‬مائة‪.‬و‪ $‬نش‪$‬أ به‪$$‬ا‪ ،‬و انتق‪$‬ل إلى أش‪$‬بيلية في‬
‫سنة ثمان و سبعين‪ ،‬فأقام بها إلى سنة ثمان و تس‪$$‬عين‪.‬ثم دخ‪$$‬ل بالد‬
‫الشرق‪ ،‬و طاف بالد الشام‪ ،‬و دخل بالد الروم‪.‬‬
‫و ك‪$$$‬ان ق‪$$$‬د ص ‪$$‬حب الص ‪$$‬وفية‪ ،‬و أرب ‪$$‬اب القل ‪$$‬وب‪ $،‬و س‪$$$‬لك طري ‪$$‬ق‬
‫الق‪$$‬وم‪ ،‬و حج و ص‪$$‬نف كتب‪$‬اً في عل‪$$‬وم الق‪$$‬وم‪ ،‬و في أخب‪$$‬ار مش‪$$‬ايخ‬
‫الغ ‪$$‬رب‪ ،‬و ُزهَّاده ‪$$‬ا‪ ،‬و ل ‪$$‬ه أش ‪$$‬عار حس ‪$$‬نة‪ ،‬و كالم مليح‪.‬اجتمعت ب ‪$$‬ه‬
‫بدمش ‪$$‬ق‪ ،‬و كتبت عن ‪$$‬ه أش ‪$$‬ياء من ش ‪$$‬عره‪ ،‬و نعم الش ‪$$‬يخ ه ‪$$‬و‪ .‬دخ ‪$$‬ل‬
‫بغ‪$$‬داد‪ ،‬و ح‪$$‬دَّث به‪$$‬ا بش‪$$‬يء من مص‪$$‬نفاته‪ ،‬و كتب عن‪$$‬ه الحاف‪$$‬ظ أب‪$$‬و‬
‫عبد اهلل بن الدبيثي‪.‬و من شعره ما أنشدني لنفسه قوله‪:‬‬

‫إلي الحاف‪$$‬ظ ض‪$$‬ياء ال‪$$‬دين المقدس‪$$‬ي‪ :‬إن ابن الع‪$$‬ربي ت‪$$‬وفي ليل‪$$‬ة‬
‫كتب ّ‬
‫الجمع‪$$‬ة الث‪$$‬اني و العش‪$$‬رين من ربي‪$$‬ع اآلخ‪$$‬ر س‪$$‬نة ثم‪$$‬ان و ثالثين و‬
‫ستمائة‪.‬‬

‫و منهم قاض ‪$$‬ي القض ‪$$‬اة العالّم ‪$$‬ة س ‪$$‬راج ال ‪$$‬دين الهن ‪$$‬دي الحنفي أح ‪$$‬د‬
‫أئم ‪$$ $‬ة الحنفي ‪$$ $‬ة‪ ،‬و قاض ‪$$ $‬ي القض ‪$$ $‬اة بال ‪$$ $‬ديار المص ‪$$ $‬رية‪ ،‬و ص ‪$$ $‬احب‬
‫المص‪$$$‬نفات‪ :‬كش ‪$$‬رح الهداي ‪$$‬ة‪،‬و ش ‪$$‬رح المغ ‪$$‬ني‪.‬ك‪$$$‬ان يتعص‪$$$‬ب البن‬

‫‪15‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫‪$‬رحا على تائي‪$$‬ة ابن الف‪$$‬ارض‪ ،‬و ع‪$ّ $‬زر‬


‫عربي‪ ،‬و ابن الفارض‪.‬و ألف ش‪ً $‬‬
‫ابن أبي حجلة لكالمه فيه‪.‬‬

‫و منهم الش‪$$$‬يخ ولي ال ‪$$‬دين محم ‪$$‬د بن أحم ‪$$‬د الملّ‪$$$‬وي أح‪$$$‬د علم‪$$$‬اء‬
‫الش ‪$$‬افعية‪.‬ك ‪$$‬ان عارفً ‪$$‬ا بالتفس ‪$$‬ير و الفق ‪$$‬ه‪ $،‬و األص ‪$$‬ول‪ ،‬و التص ‪$$‬وف‪،‬‬
‫أل‪$$‬ف ع‪$$‬دة تص‪$$‬انيف على طريق‪$$‬ة ابن ع‪$$‬ربي‪ ،‬و م‪$$‬ات في ربي‪$$‬ع األول‬
‫سنة أربع و سبعين و سبعمائة‪،‬و حضر جنازته ثالثون أل ًفا‪.‬‬

‫و حكى أنه قال عند موته‪ << :‬حضرت مالئكة‪ $‬ربي‪ ،‬و بش‪$$‬روني‪،‬‬
‫و أحضروا لي ثيابًا من الجنة‪ ،‬ف‪$‬انزعوا ع‪$‬ني ثي‪$‬ابي؛ فنزهوه‪$‬ا‪ ،‬فق‪$‬ال‪:‬‬
‫وره‪ ،‬و م‪$$ $ $ $ $ $ $‬ات في الح‪$$ $ $ $ $ $ $‬ال‪.‬‬
‫أرحمتم‪$$ $ $ $ $ $ $‬وني >>‪ ،‬ثم زاد ُس‪ُ $ $ $ $ $ $ $ $‬ر ُ‬
‫و منهم أب‪$$ $‬و ذر أحم‪$$ $‬د بن عب‪$$ $‬د اهلل العجمي أح‪$$ $‬د من ك‪$$ $‬ان يش‪$$ $‬غل‬
‫الناس في المعقول‪.‬‬

‫ذك‪$$‬ر الحاف‪$$‬ظ بن حج‪$$‬ر في (( إنب‪$$‬اء الغم‪$$‬ر )) أن‪$$‬ه ك‪$$‬ان ي‪$$‬درس كتب‬


‫ابن ع ‪$$‬ربي‪ ،‬و أن ‪$$‬ه ك ‪$$‬ان للن ‪$$‬اس في ‪$$‬ه اعتق ‪$$‬اد‪ ،‬و م ‪$$‬ات س ‪$$‬نة ثم ‪$$‬انين و‬
‫س‪$$‬بعمائة‪ .‬و منهم الش‪$$‬يخ ب‪$$‬در ال‪$$‬دين أحم‪$$‬د بن الش‪$$‬يخ ش‪$$‬رف ال‪$$‬دين‬
‫محم ‪$$‬د بن فخ ‪$$‬ر ال ‪$$‬دين بن الص ‪$$‬احب به ‪$$‬اء ال ‪$$‬دين بن حن ‪$$‬ا المش ‪$$‬هور‬
‫ب<<البدر بن الصاحب >>‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫ق‪$$‬ال ابن حج‪$$‬ر‪ :‬تفق‪$$‬ه‪ ،‬و مه‪$$‬ر في العل‪$$‬وم‪ ،‬و أل‪$$‬ف توالي‪$$‬ف‪ .‬و ك‪$$‬ان‬
‫يحس‪$$‬ن الظن بتص‪$$‬انيف ابن ع‪$$‬ربي و يص‪$$‬رح بالنق‪$$‬ل منه‪$$‬ا‪.‬م‪$$‬ات‪ $‬س‪$$‬نة‬
‫ثمان و ثمانين و سبعمائة‪$.‬‬
‫و منهم الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن يعقوب‪ $‬المعروف‬
‫ب << شيخ الوضوء >>‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬كان يقرأ السبع‪ ،‬و يشارك في الفضائل‪ ،‬و ينظر في‬
‫كالم ابن عربي‪.‬‬
‫و قال ابن حجر‪ :‬تفقه بوالدي و غيره‪ ،‬و أذن له من خطيب أبيورد‬
‫باإلفتاء‪ ،‬و كان التاج السبكي يثني علي‪$‬ه و ك‪$$‬ان حس‪$$‬ن الفهم‪ ،‬جي‪$‬د‬
‫المناظرة‪ ،‬و سلك طريق التصوف‪.‬‬
‫و كان يعتقد أن ابن عربي مات سنة تسعين و سبعمائة‪.‬‬
‫و منهم أبو عبد اهلل محمد بن سالمة التوزري المغربي‪.‬‬
‫قال ابن خلكان‪ :‬كان فاضال في األص‪$$‬ول و الفق‪$$‬ه‪ ،‬داعي‪$$‬ة إلى مقال‪$$‬ة‬
‫ابن عربي‪ ،‬يناضل عنها‪ ،‬و يناظر عليها‪ ،‬مات سنة ثمانمائة‪.‬‬
‫و منهم الشيخ نجم الدين الباهي‪.‬‬
‫حجي‪ :‬ك ‪$$‬ان أفض ‪$$‬ل الحنابل ‪$$‬ة بال ‪$$‬ديار المص ‪$$‬رية‪ ،‬و أحقهم‬
‫ق ‪$$‬ال ابن ّ‬
‫بوالية القضاء‪.‬‬
‫ق‪$$‬ال ابن حج‪$$‬ر‪ :‬و ك‪$$‬ان ل‪$$‬هُ نظ‪$$‬ر في كالم ابن ع‪$$‬ربي‪ .‬و ق‪$$‬د درس و‬
‫أفتى‪ ،‬مات سنة اثنتين و ثمانمائة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و منهم ش‪$$‬مس ال‪$$‬دين محم‪$$‬د بن أحم‪$$‬د الص‪$$‬وفي المع‪$$‬روف ب <<‬


‫لبن نجم >> نزيل مكة‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬تسلك على يد الش‪$$‬يخ يوس‪$$‬ف العجمي‪ ،‬و تج‪$$‬رد‪ ،‬و‬
‫كان كثير العبادة‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬كان على طريقة ابن عربي‪.‬‬
‫مات سنة إحدى و ثمانمائة‪.‬‬
‫و منهم الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي ثم الزبيدي‪.‬‬
‫ق‪$$‬ال ابن حج‪$$‬ر‪ :‬تع‪$$‬انى االش‪$$‬تغال‪ ،‬ثم تص‪$$‬وف‪ ،‬و ك‪$$‬ان خيّ‪$$‬را عاب‪$$‬دا‪،‬‬
‫س‪$ $ $‬مت‪ ،‬محب‪$$ $‬ا في مقال‪$ $ $‬ة‪ $‬ابن ع‪$$ $‬ربي‪ ،‬م‪$$ $‬ات س‪$$ $‬نة س‪$$ $‬ت و‬
‫حس‪$$ $‬ن ال َّ‬
‫ثمانمائة‪.‬‬
‫و منهم العالمة مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس‪.‬‬
‫ق‪$$‬ال ابن حج‪$$‬ر‪ :‬لم‪$$‬ا اش‪$$‬تهرت ب‪$$‬اليمن مقال‪$‬ة‪ $‬ابن ع‪$$‬ربي‪ ،‬و دع‪$$‬ا إليه‪$$‬ا‬
‫الش ‪$$‬يخ إس ‪$$‬ماعيل بن إب ‪$$‬راهيم الج ‪$$‬برتي‪ ،‬و غلبت على علم ‪$$‬اء تل ‪$$‬ك‬
‫البالد ص‪$$‬ار الش‪$$‬يخ مج‪$$‬د ال‪$$‬دين يُ‪$$‬دخل في ش‪$$‬رح البخ‪$$‬اري من كالم‬
‫ابن عربي‪.‬‬
‫و منهم عالء الدين أبو الحسن بن سالم الدمشقي الشافعي‪.‬‬
‫أحد أئمة الشافعية بالشام‪ ،‬و ُمصنَّفيهم‪.‬‬
‫صرة مقالة ابن عربي‪ ،‬و يتخيل لها‬
‫قال ابن حجر‪ :‬كان ينسب إلى نُ ْ‬
‫تأويالت‪ ،‬و كانت وفاته سنة تسع و عشرين و ثمانمائة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و منهم قاضي القضاة شمس الدين البساطي المالكي‪.‬‬


‫ذك‪$$$‬ر ابن حج ‪$$‬ر في ح ‪$$‬وادث س ‪$$‬نة إح ‪$$‬دى و ثالثين و ثمانمائ‪$$$‬ة أن‪$$$‬ه‬
‫حض‪$$ $‬ر مع ‪$ $‬ه‪ $‬عن‪$$ $‬د الش‪$$ $‬يخ عالء ال‪$$ $‬دين البخ‪$$ $‬اري‪ ،‬فج‪$$ $‬رى ذك‪$$ $‬ر ابن‬
‫ع ‪$$ $‬ربي‪ ،‬فب ‪$$ $‬الغ الش ‪$$ $‬يخ عالء ال ‪$$ $‬دين في ذم ‪$$ $‬ه‪ $،‬و تكف ‪$$ $‬ير من يق ‪$$ $‬ول‬
‫بمقالته؛‬
‫فانتص‪$$‬ر ل‪$$‬ه البس‪$$‬اطي‪ ،‬و ق‪$$‬ال‪ :‬إنم‪$$‬ا ينك‪$$‬ر الن‪$$‬اس علي‪$$‬ه ظ‪$$‬اهر األلف‪$$‬اظ‬
‫ال‪$$‬تي يقوله‪$$‬ا‪ ،‬و إال فليس في كالم‪$$‬ه م‪$$‬ا ينك‪$$‬ر‪ ،‬إذا حم‪$$‬ل لفظ‪$$‬ه على‬
‫ض ْر ٍ‬
‫ب من التأويل‪.‬‬ ‫مراده‪ ،‬و َ‬
‫و ك‪$$‬ان من جمل‪$$‬ة كالم الش‪$$‬يخ عالء ال‪$$‬دين‪ :‬اإلنك‪$$‬ار على من يعتق‪$$‬د‬
‫الوح ‪$$ $‬دة المطلق‪$ $ $‬ة‪ $‬و ك ‪$$ $‬ان من جمل ‪$$ $‬ة كالم البس ‪$$ $‬اطي‪:‬أنتم تعرف ‪$$ $‬ون‬
‫الوحدة المطلق‪$$‬ة ؟ ‪ ،‬فاستش‪$‬اط البخ‪$$‬اري غض‪$‬بًا‪ ،‬و أقس‪$$‬م باهلل إن لم‬
‫ليخرجن من مصر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫البساطي من القضاء‬
‫َّ‬ ‫يعزل السلطان‬
‫فهم‬
‫و التمس من ك ‪$$ $ $‬اتب الس ‪$ّ $ $ $‬ر أن يس ‪$$ $ $‬أل الس ‪$$ $ $‬لطان في ذل ‪$$ $ $‬ك‪َّ ،‬‬
‫الس‪$$ $ $ $‬لطان أن يوافق‪$$ $ $ $‬ه‪ ،‬و أراد أن يق‪$$ $ $ $‬رر الش‪$$ $ $ $‬هاب بن تقي مك‪$$ $ $ $‬ان‬
‫ُحضرت ِخلَعُهُ‪ ،‬ثم بطل ذلك المجلس‪.‬‬ ‫البساطي‪ ،‬فاُحضر‪ ،‬و أ ِ‬
‫قلت‪ :‬ه‪$$ $ $‬ذا من برك‪$$ $ $‬ة االنتص‪$$ $ $‬ار ألولي‪$$ $ $‬اء اهلل تع‪$$ $ $‬الى ! و اس‪$$ $ $‬تمر‬
‫ُ‬
‫البساطي في منصبه‪ ،‬و لم يتفق له عزل قط إلى أن مات بعد إحدى‬
‫عشرة ليلة من هذه الواقعة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و ذك‪$$ $‬ر البره‪$$ $‬ان الرق‪$$ $‬اعي في (( معجم‪$ $ $‬ه‪ )) $‬حكى لي الش‪$$ $‬يخ تقي‬
‫ال‪$$‬دين أب‪$$‬و بك‪$$‬ر بن أبي الوف‪$$‬اء القدس‪$$‬ي الش‪$$‬افعي ق‪$$‬ال – و ه‪$$‬و أمث‪$$‬ل‬
‫علي بق‪$$‬راءة‬
‫الص‪$$‬وفية في زمانن‪$$‬ا – ق‪$$‬ال‪:‬ك‪$$‬ان بعض األص‪$$‬دقاء يش‪$$‬ير َّ‬
‫كتب ابن عربي و نحوها من أنظارها‪.‬‬
‫‪$‬رت الش ‪$$ $‬يخ يوس ‪$$ $‬ف اإلم ‪$$ $‬ام‬
‫و بعض ‪$$ $‬هم يمن ‪$$ $‬ع م ‪$$ $‬ني ذل ‪$$ $‬ك‪ ،‬فاستش ‪ُ $ $‬‬
‫الص ‪$$‬فدي في ذل ‪$$‬ك‪ ،‬فق ‪$$‬ال‪:‬اعلم ي ‪$$‬ا ول ‪$$‬دي – وفق ‪$$‬ك اهلل – أن ه ‪$$‬ذا‬
‫‪$‬اهرا‬
‫العلم المنسوب البن عربي ليس بمختَرع له‪ ،‬و إنما هو ك‪$$‬ان م‪ً $‬‬
‫في‪$$‬ه‪ ،‬و ق‪$$‬د ادعى أهل‪$$‬ه أن‪$$‬ه ال يمكن معرفت ‪$‬ه‪ $‬إال بالكش‪$$‬ف ف‪$$‬إذا ص‪$$‬ح‬
‫ُم‪$$‬دَّعاهم‪ ،‬فال فائ‪$$‬دة في تقري‪$$‬ره؛ ألن‪$$‬ه إذا ك‪$$‬ان المق‪$ّ $‬رر‪ ،‬و المق‪$$‬رر ل‪$$‬ه‬
‫مطلعين؛ فالتقرير تحصيل الحاصل‪.‬‬
‫و إن ك ‪$$‬ان المطل ‪$ُ $‬ع أح‪َ $ $‬دهما فتقري ‪$$‬ره ال ينف ‪$$‬ع اآلخ ‪$$‬ر‪ .‬و إال فإنهم ‪$$‬ا‬
‫يخبطان خبط عشواء !!‬
‫فس‪$$ $‬بيل الع‪$$ $‬ارف ع‪$$ $‬دم البحث عن ه‪$$ $‬ذا العلم‪ ،‬و علي‪$$ $‬ه المع‪$$ $‬ول‪ $،‬و‬
‫الس‪$$‬لوك فيم‪$$‬ا يوص‪$$‬ل إلى الكش‪$$‬ف عن الحق‪$$‬ائق‪ .‬و م‪$$‬تى كش‪$$‬ف ل‪$$‬ه‬
‫عن شيء علمه‪ ،‬و مشى في أعلى سند‪.‬‬
‫‪$‬رت الش ‪$$‬يخ زين ال ‪$$‬دين الخ ‪$$‬افي بع ‪$$‬د أن ذك ‪$$‬رت ل ‪$$‬ه‬
‫ق ‪$$‬ال‪ :‬ثم استش ‪ُ $‬‬
‫كالم الشيخ يوسف‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كالم الشيخ يوسف حسن‪ .‬و أزيدك أن العب‪$$‬د إذا تخلَّق‪ ،‬ثم‬
‫تحق‪$$‬ق‪ ،‬ثم ُج‪$ِ $‬ذب‪ ،‬اض‪$$‬محلت ذات‪$$‬ه‪ ،‬و ذهبت ص‪$$‬فاته‪ ،‬و تخلص من‬

‫‪20‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫س‪$‬وى‪ ،‬فعن‪$$‬د ذل‪$$‬ك تل‪$$‬وح ل‪$$‬ه ب‪$$‬روق الح‪$$‬ق ب‪$$‬الحق‪ ،‬فيطل‪$$‬ع على ك‪$$‬ل‬
‫ال ّ‬
‫ش‪$$‬يء‪ ،‬و ي‪$$‬رى اهلل عن‪$$‬د ك‪$$‬ل ش‪$$‬يء‪ ،‬فيغيب باهلل عن ك‪$$‬ل ش‪$$‬يء و ال‬
‫ي ‪$$ $ $‬رى ش ‪$$ $ $‬يئا س ‪$$ $ $‬واه‪ ،‬فيظن أن اهلل عين ك ‪$$ $ $‬ل ش ‪$$ $ $‬يء و ه‪$$ $ $‬ذا أول‬
‫المقامات‪.‬‬
‫ف‪$$‬إذا ت‪$$‬رقى عن ه‪$$‬ذا المق‪$$‬ام و أش‪$$‬رف على مق‪$$‬ام أعلى من‪$$‬ه‪ ،‬و ع َّ‬
‫ض‪$‬ده‬
‫التأيي ‪$$‬د اإللهي‪ ،‬رأى أن األش ‪$$‬ياء كله ‪$$‬ا فيض وج ‪$$‬وده تع ‪$$‬الى‪ ،‬ال عين‬
‫وجوده‪ ،‬فالناطق حينئذ بما ظنه في أول مق‪$$‬ام إم‪$$‬ا مح‪$$‬روم س‪$$‬اقط‪ ،‬و‬
‫إما نادم تائب‪ {..‬و ربك يخلق ما يشاء و يختار } القصص ‪.68 /‬‬
‫ف‪$$‬إن قلت‪ :‬فه‪$$‬ذا الش‪$$‬يخ ولي ال‪$$‬دين الع‪$$‬راقي ق‪$$‬د ق‪$$‬ال في فتاوي‪$$‬ه‪ :‬ق‪$$‬د‬
‫بلغني عن الشيخ اإلمام عالء الدين القونوي‪ $‬أنه قال في مث‪$$‬ل ذل‪$$‬ك‪:‬‬
‫إنما يؤول كالم المعصومين !‬
‫قلت‪ :‬هذا منقوض بأمرين‪:‬‬
‫ُ‬
‫أح ‪$$ $‬دهما‪ :‬أن القون ‪$$ $‬وي ق ‪$$ $‬د فع ‪$$ $‬ل خالف ذل ‪$$ $‬ك في كتاب ‪$$ $‬ه((ش ‪$$ $‬رح‬
‫التع ‪$$‬رف))‪ ،‬فنق ‪$$‬ل عن ابن ع ‪$$‬ربي و غ ‪$$‬يره كلم ‪$$‬ات ظاهره ‪$$‬ا المناف ‪$$‬اة‬
‫للش ‪$$‬رع‪ ،‬ثم تأوله ‪$$‬او خرجه ‪$$‬ا على أحس ‪$$‬ن المحام ‪$$‬ل؛ فه ‪$$‬ذا من ‪$$‬ه إم ‪$$‬ا‬
‫دليل على بطالن ما نقل عنه من عدم التأويل‪ ،‬أو رجوع عنه‪.‬‬
‫و الث‪$$‬اني‪ :‬إن كالم القون‪$$‬وي‪ $‬ل‪$$‬و ثبت أن‪$$‬ه قال‪$$‬ه‪ ،‬و لم يق‪$$‬ل خالف‪$$‬ه في‬
‫‪$‬ل من‪$$‬ه‪ ،‬و ه‪$$‬و ش‪$$‬يخ‬
‫أج‪ّ $‬‬
‫‪$‬ارض بق‪$$‬ول َمن ه‪$$‬و َ‬
‫(( ش‪$$‬رح التع‪$$‬رف )) ُم َع‪َ $‬‬

‫‪21‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫اإلس‪$$‬الم ولي اهلل تع‪$$‬الى مح‪$$‬يي ال‪$$‬دين الن‪$$‬ووي؛ فإن‪$$‬ه نص في كتاب‪$$‬ه‬


‫(( بستان العارفين)) على خالف قول القونوي؛‪$‬‬
‫فق ‪$$ $‬ال بع ‪$$ $‬د أن حكى عن " أبي الخ ‪$$ $‬ير التِّـــنَاتي " حكاي ‪$$ $‬ة ظاهره ‪$$ $‬ا‬
‫اإلنك‪$$‬ار‪ .‬م‪$$‬ا نص‪$$‬ه‪ { :‬قلت‪ :‬ق‪$$‬د يت‪$$‬وهم من يتش‪$$‬به بالفقه‪$$‬اء‪ $‬و ال فق‪$$‬ه‬
‫عن ‪$$‬ده أن ينك ‪$$‬ر على أبي الخ ‪$$‬ير ه ‪$$‬ذا‪ ،‬و ه ‪$$‬ذه جهال ‪$$‬ة و غب ‪$$‬اوة ممن‬
‫يت‪$$‬وهم ذل‪$$‬ك‪ ،‬و جس‪$$‬ارة من‪$$‬ه على إرس‪$$‬ال الظن‪$$‬ون في أفع‪$$‬ال أولي‪$$‬اء‬
‫ال‪$$‬رحمن‪.‬فليح‪$$‬ذر العاق‪$$‬ل من التع‪$$‬رض لش‪$$‬يء من ذل‪$$‬ك‪ ،‬ب‪$$‬ل حق‪$$‬ه إذا‬
‫لم يفهم حكمهم المس‪$$ $‬تفادة‪ ،‬و لط‪$$ $‬ائفهم المس‪$$ $‬تجادة‪ ،‬أن يتفهمه‪$$ $‬ا‬
‫ممن يعرفه ‪$$‬ا‪ ،‬و ك ‪$$‬ل ش ‪$$‬يء رأيت ‪$$‬ه من ه ‪$$‬ذا الن ‪$$‬وع مم ‪$$‬ا َيت‪$َ $‬وهَّم من ال‬
‫تحقيق عنده أنه مخالف‪ ،‬ليس مخالف‪$‬اً‪ $‬ب‪$‬ل يجب تأوي‪$‬ل أفع‪$‬ال أولي‪$‬اء‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫هذا كالم النووي بحروفه‪.‬‬
‫و البن ع ‪$$‬ربي ه ‪$$‬ذا ول ‪$$‬د مش ‪$$‬هور‪ ،‬فقي ‪$$‬ه أديب يس ‪$$‬مى‪ :‬س ‪$$‬عد ال ‪$$‬دين‬
‫محمد بن العربي‪ .‬شعره مشهور في(( تذكرة الصالح الص‪$‬فدي ))‪.‬‬
‫و غيره‪.‬‬
‫و ق ‪$$ $ $ $ $‬د روى من ش ‪$$ $ $ $ $‬عره الحاف ‪$$ $ $ $ $‬ظ ش ‪$$ $ $ $ $‬رف ال ‪$$ $ $ $ $‬دين ال ‪$$ $ $ $ $‬دمياطي‬
‫في(( معجمه))‪،‬‬
‫و قال‪ :‬محم‪$‬د بن محم‪$‬د بن علي بن محم‪$$‬د بن أحم‪$$‬د أب‪$$‬و عب‪$$‬د اهلل‬
‫بن أبي عبد اهلل الطائي الحاتمي المغربي المحتد‪ ،‬الدمشقي المولد‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫الشافعي الفقي‪$$‬ه األديب المع‪$‬روف ب‪$$‬ابن الع‪$$‬ربي‪ ،‬و المنع‪$‬وت بالس‪$$‬عد‬


‫– رض‪$$‬ي اهلل عن‪$$‬ه و عن وال‪$$‬ده ‪ -‬ت‪$$‬وفي بدمش‪$$‬ق في جم‪$$‬ادى اآلخ‪$$‬رة‬
‫سنة ست و خمسين و ستمائة‪.‬‬
‫و ذكره الص‪$$‬الح الص‪$$‬فدي في تاريخ‪$‬ه فق‪$$‬ال‪ :‬س‪$‬عد ال‪$‬دين محم‪$$‬د بن‬
‫الشيخ محيي الدين بن العربي الش‪$$‬اعر ول‪$$‬د بملطي‪$$‬ة في رمض‪$$‬ان س‪$$‬نة‬
‫ثم ‪$$‬ان عش ‪$$‬رة و س ‪$$‬تمائة‪ ،‬و س ‪$$‬مع الح ‪$$‬ديث و درس‪ ،‬و ك ‪$$‬ان ش ‪$$‬اعرا‬
‫مجيدا‪ ،‬و له ديوان شعر مشهور و من شعره‪:‬‬
‫نهري من المحبوب أصبح مرسال‬
‫و أراه مت ِ‬
‫َّصال بفيض مدامعي‪$‬‬
‫قال الحبيب بأن ريقي نافـع‬
‫فاسمع رواية مالك بن نافـع‬

‫و البن ع‪$$‬ربي ول‪$$‬د ث‪ٍ $‬‬


‫‪$‬ان اس‪$$‬مه عم‪$$‬اد ال‪$$‬دين محم‪$$‬د ق‪$$‬ال في‪$$‬ه القطب‬
‫اليوني ‪$$ $‬ني‪:‬ك ‪$$ $‬ان فاض ‪$$ $‬ال س ‪$$ $‬مع الكث ‪$$ $‬ير على أحم ‪$$ $‬د بن عب ‪$$ $‬د ال ‪$$ $‬دائم‬
‫المقدسي‪ ،‬و مات بدمش‪$‬ق س‪$‬نة س‪$‬بع و س‪$‬تين و س‪$‬تمائة‪ ،‬و ق‪$‬د ني‪$‬ف‬
‫على الخمسين‪.‬‬
‫رأيت في ت‪$$ $‬اريخ الص‪$$ $‬فدي في ترجم‪$$ $‬ة الش‪$$ $‬يخ مح‪$$ $‬يي ال‪$$ $‬دين بن‬
‫ثم ُ‬
‫عربي ‪-‬رضي اهلل عنه ‪ -‬ما نصه‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫قد عظمه الشيخ كمال ال‪$‬دين بن الزملك‪$‬اني‪ $‬في مص‪$$‬نفه ال‪$‬ذي عمل‪$‬ه‬
‫ص‪$ $ $‬دِّيق‪ ،‬و ه ‪$$ $‬و‬
‫في الكالم على الن ‪$$ $‬بي‪ ،‬و المل ‪$$ $‬ك‪ ،‬و الش ‪$$ $‬هيد‪ ،‬و ال ّ‬
‫الصدِّيقية‪.‬‬
‫مشهور في الفصل الثاني في فضل ّ‬
‫و ق‪$$‬ال‪ :‬الش‪$$‬يخ مح‪$$‬يي ال‪$$‬دين بن ع‪$$‬ربي البح‪$$‬ر الزاخ‪$$‬ر في المع‪$$‬ارف‬
‫اإللهية‪ .‬و ذكر من كالمه ُج ْملَةً‪ ،‬ثم قال في آخر الفصل‪:‬‬
‫نقلت كالم‪$$ $‬ه‪ ،‬و كالم من ج‪$$ $‬رى مج ‪$$‬راه من أه‪$$ $‬ل الطري‪$$$‬ق؛‬
‫و إنم‪$$$‬ا ُ‬
‫ألنهم أع‪$$‬رف بحق‪$$‬ائق ه‪$$‬ذه المقام‪$$‬ات‪ $،‬و أبص‪$$‬ر به‪$$‬ا‪ ،‬ل‪$$‬دخولهم فيه‪$$‬ا‪.‬‬
‫و تَ ِ‬
‫حققهم به‪$$ $‬ا ذوق ‪$ $‬اً‪ ،‬و المخ‪$$ $‬بر عن الش‪$$ $‬يء ذوق‪$$$‬ا مخ‪$$$‬بر عن عين‬
‫اليقين‪ ،‬فاسأل به خبيرا‪...‬انتهى كالم ابن الزملكاني‪$.‬‬
‫قال الص‪$‬فدي‪ :‬و ُحكي لي بأن‪$‬ه ذك‪$‬ر للش‪$‬يخ تقي ال‪$‬دين بن تيمي‪$‬ة أن‬
‫في دمش‪$$ $ $‬ق إنس‪$$ $ $‬انا يص‪$$ $ $‬رف كالم ابن ع‪$$ $ $‬ربي بالتأوي‪$$ $ $‬ل إلى ظ‪$$ $ $‬اهر‬
‫الشرع‪ ،‬ف ُقدِّر أن أجتمع به‪ ،‬فقال له‪ :‬بلغني عنك كذا‪ ،‬و كذا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫وقوف‬
‫ٌ‬ ‫ُجةَ بَ ْح ٍر‪ ،‬األنبياءُ‬
‫ت ل َّ‬
‫ضُ‬‫فقال‪ :‬كيف تعمل في قوله‪ُ << :‬خ ْ‬
‫على ساحله >>‬
‫فقال‪ :‬م‪$$‬ا في ذا ش‪$$‬يء‪ .‬يع‪$$‬ني أنهم واقف‪$$‬ون إلنق‪$$‬اذ من يغ‪$$‬رق في‪$$‬ه من‬
‫أممهم‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬هذا بعيد‪.‬‬
‫فقال‪ :‬و إال‪..‬ما الذي تفهمه أنت ؟ و ما هو المقصود‪ $‬؟!‬

‫‪24‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫و على الجمل ‪$$‬ة فق ‪$$‬د ك ‪$$‬ان رجالً عظيم ‪$‬اً‪ ،‬و ال ‪$$‬ذي نفهم ‪$$‬ه من كالم ‪$‬ه‪$‬‬
‫حس‪$‬ن بَس ٌ‪$‬ن‪ ،‬و ال‪$‬ذي يش‪$‬كل علين‪$‬ا نك‪$‬ل علم‪$‬ه‪ $‬إلى اهلل تع‪$‬الى‪ ،‬و م‪$‬ا‬
‫كلفنا إتباعه‪ ،‬و ال العمل‪ $‬بكل ما قاله‪.‬‬
‫رأيت كتابه الفتوحات‪ $‬المكية في عشرين مجلدا بخطه‪،‬‬
‫قال‪ :‬و قد ُ‬
‫فرأيت فيه دقائق و غرائب و عجائب ليست توجد في كالم غيره‪،‬‬
‫ُ‬
‫و ك‪$$‬أن المنق‪$$‬ول و المعق‪$$‬ول‪ $‬ممثالن بين عيني‪$$‬ه في ص‪$$‬ورة محص‪$$‬ورة‬
‫يش‪$$‬اهدها م‪$$‬تى أراد‪ ،‬و ت‪$$‬أتي ل‪$$‬ه األث‪$$‬ر و نزل‪$$‬ه على م‪$$‬ا يري‪$$‬ده‪ ،‬و ه‪$$‬ذه‬
‫قدرة و نهاية إطالع‪ ،‬و توقد ذهن و غاية حفظ و ذكر‪.‬‬
‫دره‪ ،‬و هو من أجل مصنَّفاته‪$.‬‬
‫و من وقف على هذا الكتاب عال قَ ُ‬
‫ق ‪$$‬ال‪ :‬و ق ‪$$‬د ذك ‪$$‬ر في أول ‪$$‬ه عقيدت ‪$$‬ه‪ ،‬فرأيته ‪$$‬ا من أوله ‪$$‬ا إلى آخ ‪$$‬ر ه ‪$$‬ا‬
‫عقي ‪$$‬دة الش ‪$$‬يخ أبي الحس ‪$$‬ن األش ‪$$‬عري‪ $،‬ليس فيه ‪$$‬ا م ‪$$‬ا يخ ‪$$‬الف رأي ‪$$‬ه‪،‬‬
‫قال‪ :‬و كتب عليها‪:‬‬
‫*** يقتضيه التكذيب و البهتا ُن‬ ‫ليس في هذه العقيدة شيء‬
‫ال و ال ما قد خالف العقل و النقـ*** ـل الذي قد أتى به القرآ ُن‬
‫و عليها لألشعري‪َ $‬م َد ٌار *** و لها في مقاله إمكـ ـ ـ ــا ُن‬
‫ـث و يأتي الدليل و البرها ُن‬ ‫و على ما ادعاه يتجه البح ــ*** ـ ُ‬
‫بخالف الشياع عنه و لكن *** ليس يخلو من حاسد إنسان‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫تنبئَة الغبي بتبرئَة ابن عربي‬

‫ه‪$$‬ذا آخ‪$$‬ره‪ ،‬و الحم‪$$‬د هلل و ح‪$$‬ده‪ ،‬و ص‪$$‬لى اهلل على س‪$$‬يدنا محم‪$$‬د و‬
‫آل‪$$‬ه و ص‪$$‬حبه‪ ،‬و س‪$$‬لم تس‪$$‬ليما كث‪$$‬يرا بال تقلي‪$$‬ل‪ ،‬و حس‪$$‬بنا اهلل و نعم‬
‫الوكيل‪.‬‬

‫انتهى من نقله‪ $‬إلى الش‪$‬بكة بع‪$$‬ون اهلل الق‪$‬دير العب‪$‬د الض‪$$‬عيف الفق‪$‬ير‬
‫إلى اهلل (( صالح ال‪$$‬دين القاس‪$$‬مي )) ي‪$$‬وم الجمع‪$‬ة‪ 10 $‬ذو القع‪$$‬دة‬
‫‪ 1424‬الموافق ل ‪ 02‬جانفي ‪.2004‬‬

‫و إني س‪$$‬ائل أخ ‪$‬اً نفع‪$$‬ه اهلل بش‪$$‬يء من ه‪$$‬ذا الكت‪$$‬اب أن ي‪$$‬دعو اهلل‬
‫إلي‪ ،‬وأن يص‪$ $‬لّي‬
‫‪$‬دي ولك ‪$$‬ل من علّم ‪$$‬ني وأحس ‪$$‬ن ّ‬
‫لمؤلف‪$$‬ه‪ $‬ولي ولوال ‪ّ $‬‬
‫على سيّد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه ويسلّم‪.‬‬

‫*******‬

‫‪26‬‬

You might also like