Professional Documents
Culture Documents
الجمال..الجلال..الكمال..الغيبة.. الحضور
الجمال..الجلال..الكمال..الغيبة.. الحضور
الجمال
الكـمال
الغيبــة
الحضـــور
الشيخ األكبر ُمحى الدين بن عربى
***
***
إن الجالل على الضدين ينطلق ...وهو الذي بنعوت القهر أشهده
له العلو وال علو يماثله ...له النزول فكل الخلق يجحده
أني بكل الذي قد قلت أعرفه ...وليس غير الذي قد قلت أقصده
***
اعلم أن الجالل نعت إلهي يعطي في القلوب هيبة وتعظيما
وبه ظهر االسم الجليل وحكم هذا االسم من أعجب األحكام
فإن له حكم ليس كمثله شئ وسبحان ربك رب العزة وله
حكم قوله على لسان رسوله مرضت فلم تعدني وجعت فلم
تطعمني وظمئت فلم تسقني فأنزل نفسه منزلة من هذه
صفته من اإلفنتقار إلى العبيد وكذلك نزوله في قوله وسعني
قلب عبدي ومن هذا الباب فرحته بتوبة عبده وتعجبه من
الشاب الذي ال صبوة له وتبشيشه بالذي يأتي إلى المسجد
للصالة هذا كله وأمثاله من نعوت التنزيه والتشبيه يعطيه
حكم الجالل واالسم اإللهي الجليل ولهذا قلنا أنه يدل على
الضدين كالجون ينطلق على األبيض واألسود كذلك القرء
ينطلق على الحيض والطهر ومن حضرة الجالل نزل قوله
تعالى " وما قدروا هللا حق قدره "
فمن وصفه إنما وصف نفسه وال يعرف منه إال نفسه ألن
رب العزة ال يعينه وصف وال يقيده نعت وال يدل على
حقيقته إسم خاص وأن يكن الحكم ما ذكرناه فما هو رب
العزة فإن العزيز هو المنيع الحمى ومن يوصل إليه بوجه
ما من وصف أو نعت أو علم أو معرفة فليس بمنيع الحمى
ولذلك عم بقوله سبحان ربك رب العزة عما يصفون
ولحضرة الجالل السبحات الوجهية المحرقة ولهذا ال يتجلى
في جالله أبداً لكن يتجلى في جالل جماله لعباده فبه يقع
التجلي فيشهدونه مظهر ما ظهر من القهر اإللهي في العالم
أن الجليل هو الذي ال يعرف ...وه الذي في كل حال يوصف
فهو الذي يبدو فيظهر نفسه ...في خلقه وهو الذي ال يعرف
والجالل ال يتعلق به إال العلماء باهلل وما له أثر إال فيهم
وليس للمحبين إليه سبيل هذا إذا كان بمعنى العلو والعزة
وأنه إذا كان بالمعنى الذي هو ضد العزة والعلو فإن
المحبين يتعلقون به كما يتعلق به العارفون وحضرته من
العماء إلى قوله وفي األرض إله
وأما قوله وهو معكم أينما كنتم فذلك من أسمائه المؤثرة
وخاصة والحافظة لنا والرقيبة علينا وأما االسماء لتي
تختص بالعالم الخارج عن الثقلين فأسماء أخر
ما هي االسماء التي معنا أينما كنا وقد بينا شرح األسماء
الحسنى معنى اإلسم الجليل على الوجهين مختصراً في جزء
لنا في شرحها وهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل
***
في الجمال
***
جميل وال يهوى جلى وال يرى ...وتشهد األلباب من حيث ال تدري
وال تدرك األبصار منه سوى الذي ...تنزهه عنه عقول Mذوي األمر
فإن قلت محجوب فلست بكاذب ...وإن قلت مشهود فذاك الذي أدري
فما ثم محبوب سواه وإنما ...سليمى وليلى والزيانب للستر
فهن ستور مسدالت وقد أتى ...بذلك نظم العاشقين مع النثر
كمجنون ليلى والذي كان قبله ...كبشر وهند من ذكرهم صدري
***
إعلم أن الجمال اإللهي الذي تسمى هللا به جميالً ووصف
نفسه سبحانه بلسان رسوله أنه يحب الجمال في جميع
األشياء وما ثم اإلجمال فإن هللا ما خلق العالم األعلى
صورته وهو جميل فالعالم كله جميل وهو سبحانه يحب
الجمال ومن أحب الجمال أحب الحميل والمحب ال يعذب
محبوبه األعلى إيصال الراحة أو على التأديب ألمر وقع منه
على طريق الجهالة كمتا يؤدب الرجل ولده مع حبه فيه
ومع هذا يضربه وينتهزه ألمور تقع منه مع استصحاب
الحب له في نفسه فمآلنا أن سشاء اللله إلى الراحة والنعيم
حيث ما كنا فإن اللطيف اإللهي هو الذي يدرج الراحة من
حيث ال يعرف من لطف به الجمال له من العالم وفيه الرجاء
والبسط واللطف والرحمة والحنان والرأفة والجود
واإلحسان والنقم التي في طيها نعم فله التأديب فهو الطبيب
الجميل فهذا أثره في القلوب وأثره في الصور ما يقع به
العشق والحب والهيمان والشوق ويورث الفناء عند
المشاهدة ومن هذه الحضرة تنتقل صورة تجليه فيها إلى
المشاهد فينصبغ بها انتقال فيض طظهور نور الشمس في
األماكن ويسمى ذلك النور شمسا ً وإن يكن مستديراً وال في
فلك ثم يفبض اإلنسان من تلك الصورة التي ظهر فيها عن
الفيض اإللهي على جميع ملكه في رده إلى قصره فينصبغ
ملكه كله بصورة جمال لم يكن فال يفقد اإلنسان في ملكه
صورة ما شاهدها من ربه في رؤيته فهو عند العلماء باهلل
تجل دائم دنيا وآخرة Mال ينقطع وعند العامة في الجنة خاصة
لكونهم ال يعرفون هللا معرفة العارفين وليس لتجلي الجالل
في الجنة حكم أصالً وإنما محله الدنيا والبرزخ والقيامة
وبه تبقى النار والشقاء واألشقياء مدة بقائهم فيه إلى أن
يرتفع الشقاء وتغلب الرحمة فال يبقى لتجلي الجالل في
التعلق حكم وتنفرد به المالئطة بطريق الهيبة والعظمةM
والخوف والخشوع والخضوع وهللا أعلم
***
في الكمال
***
ليس الكمال الذي بالنقص تعرفه ...أن الكمال الذي بالنقص موصوف
العلم يشهده والعين تنطره ...ألنه عدم والنقص معروف
لو لم تكن عين وال صفة ...وال وجود وال حكم وتصريف
***
أال ترى التسترى الحبر أثبته ...وهو الصواب الذي ما فيه تحريف
أراد بقول سهل أن لكذا سراً لو ظهر بطل كذا اعلم أن
الكمال الذي ال يقبل الزيادة ال يكون إال هللا من كونه غنيا ً
عن العالمين وأما الكمال الذي يقبل الزيادة فمثل قوله
ولنبلوكم حتى نعلم كماأمر نبيه أن يقول :رب زدني علما ً "
فالكمال هو وقوف اإلنسان على الصورة الرحمانية بطريق
اإلححاطة لذلك عند مقابلة النسخة حرفا ً حرفا ً فيؤثر وال
يتأثر وال يميل وال يؤثر عدل في فضل وال فضل في عدل بل
يرتفع الفضل والعدل ويبقى الوجود والشهود وقبول القوابل
بحسب استعدادها روحا ً وجسما ً فال ينسب إليه من حيث هو
حكم أصالً وجميع النسب تتصف به القوابل وهو على الوجه
الواحد الذي يليق به ال يقبل التغيير وال التأثر كما ال يقبل
النور ما انصبغ باأللوان ولكن هكذا تشهده العين والعلم
يقضي بأنه على صورته التي كان عليها ما تأثر في عينه
بشئ من ذلك أال تنظر إليه فيالمساحة الهوائية التي بين
موضع الزجاج وموضع النور المنعكس المتلون هل تزي
في النور في هذه المساحة لونا ً من تلك األلوان مع كونه قد
انبسط على الزجاج وحينئذ عمر المساحة الهوائية التي بين
ما يظهر من األلوان وبين الزجاج وكقوس قزح فالكمال من
ال يقبل الزائد ونحن في مزيد علم دنيا وآخرة Mفالنقض بنا
منوط فكلما لنا بوجود النقص فيه فلنا كمال واحد وللحق
كما ألن كمال مطلق زطمال يقزل به حتى نعلم فنسختنا من
كمال حتى نعلم ال من الكمال المطلق فافهم فإنه سر عجيب
في العلم اإللهي فنشهده Mتعالى من كونه إلها ً من كونه ذاتا ً
وهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل
***
في الغيبة
***
أغيب عنه ولي عين تشاهده ...في حضرة الغيب والغياب ما حضروا
ما في الوجود سواه في شهادته ...وغيبه فإنظروا في الغيب وافتكروا
فتلك غيبة من هاتيك حالته ...فغيبة القلب حال ليس تعتبر
عمن تغيب وما في الكون من أحد ...سوى الوجود فال عين وال أثر
***
***
الفتــوحات المكـــــية
الشيخ األكبر
محى الدين بن عربى
إعداد الفنان قدرى