You are on page 1of 9

‫كتــب المثــال‪ :‬مجامع أم معاجم‪ ..

‬عبد الغني أبو العزم‬

‫الرجوع إلى قائمة المقالت‬

‫يعتبر المثل ظاهرة فريدة ومتميزة في الداب العالمية‪ ،‬نظرا لطبيعته اللغوية والتركيبية‪ ،‬وإيجازه‬
‫الشديد ودللته العميقة‪ ،‬بالضافة إلى أنه خلصة تجربة يعبر عنها بالرمز أو اليحاء أو الشارة المباشرة‬
‫في شتى ميادين الحياة اليومية‪ ،‬ويعالج حالتها من خلل الوقائع والعادات والتقاليد والممارسات‪ ،‬وهو‬
‫بكل صيغه يظل معبرا عن حكمة الشعوب‪ ،‬وخلصة تجاربهم‪ ،‬ورؤيتهم للشياء المحيطة بهم‪ ،‬وما‬
‫بأنفسهم وخباياهم‪ ،‬وقد أبرز الترمذي طبيعة المثال بقوله على أنها‪" :‬نموذجات الحكمة لما غاب عن‬
‫السماع والبصار لتهدي النفوس أدركت عيانا" وهي بالنسبة إليه "مرآة النفوس"‪.‬‬

‫اهتم العديد من علماء اللغة بجمع المثال‪ ،‬واستطاعوا الحاطة بعدد هائل منها عبر العصور مع بعد نظر‬
‫بمضامينها‪ ،‬وهذا ما عبر عنه ابن عبد ربه بقوله‪" :‬ونحن قائلون بعون الله وتوفيقه في المثال التي هي‬
‫وشي الكلم وجوهر اللفظ‪ ،‬وحلي المعاني والتي تخيرتها العرب وقدمتها العجم ونطق بها في كل‬
‫مكان‪ ،‬وعلى كل لسان‪ ،‬فهي أبقى من الشعر وأشرف من الخطابة‪ ،‬لم يسر شيء مسيرها‪ ،‬ول عم‬
‫عمومها‪ ،‬حتى قيل‪ :‬أسير من مثل"‪ .‬توضح هذه الرؤية الثاقبة القيمة التعبيرية للمثل على صعيد الداب‬
‫العالمية‪ ،‬وتضعه في أعلى مراتب التعبير شعرا وخطابة‪ ،‬وإذا ما تصفحنا عناوين الكتب القديمة الخاصة‬
‫بالمثال منذ القرن الثاني للهجرة‪ ،‬فإننا نجدها محصورة في‪ :‬أمثال العرب‪ ،‬مجمع المثال‪ ،‬جمهرة‬
‫المثال‪ ،‬الفرائد والقلئد‪ ،‬كل هذه العناوين تحيل على الجمع بما فيها الجمهرة لبي هلل‪ ،‬وهو بدوره‬
‫يحيل بشكل أو بآخر على جمهرة ابن دريد باعتباره معجما لغويا جاء تطويرا لمعجم العين للخليل بن‬
‫أحمد الفراهيدي‪.‬‬

‫على ماذا اعتمد الجمع إذا؟ وهل هناك منهجية معينة اتبعت في هذا الصدد؟‬

‫لقد عرف جمع المثال خلل القرون الخمسة الولى للهجرة تطورا مرحليا تجلى في ثلثة اتجاهات‪:‬‬

‫ـ الجمع والتدوين‪.‬‬

‫ـ التصنيف الموضوعاتي‪.‬‬

‫ـ التصنيف المعجمي )أي الترتيب حسب حروف المعجم(‪.‬من أوائل الكتب التي أشارت إليها الفهارس‬
‫والمصادر اللغوية‪ ،‬كتاب أمثال العرب لعبيد بن شرية )ت ‪81‬هـ( وكتاب أمثال العرب للمفضل الضبي‬
‫)ت ‪171‬هـ( الذي اهتم بتفسير السياق الذي جاء فيه المثال مع شرح ألفاظه مثل "أسعد أم سعيد"‬
‫و"إن الحديث لذو شجون" وكتاب المثال لمؤرج بن عمرو السدوسي )ت ‪195‬هـ(‪ .‬لقد اهتمت أغلب‬
‫الكتب الولى بالشرح والتعليق اللغوي على "أسماء غير معروفة أو تشير إلى أحداث مجهولة‪ ،‬أو تجيء‬
‫بتعبير غير مألوف‪ ،‬أو صياغة نادرة الستعمال‪ ،‬فيكون هذا كله مجال متسعا لجتهاد النحاة وإظهار علم‬
‫اللغويين وافتتان الرواة والقصاص"‪.‬ويلحظ أن أغلب الكتب التي ألفت في هذه المرحلة وقد ضاع‬
‫العديد منها كانت من وضع اللغويين الذين قاموا بجمعها وتدوينها‪ ،‬وقد وصلت ذروتها كما أوضح ذلك‬
‫د‪.‬محمد النجار بكتاب الفاخر في المثال للمفضل بن سلمة بن عاصم الضبي ‪291‬هـ‪ ،‬ويحق لنا أن‬
‫نقول‪" :‬كل عالم لغوي –غالبا‪ -‬هو جامع أمثال‪ ،‬وكل جامع أمثال هو عالم لغوي بالضرورة طبقا‬
‫لمعطيات هذه المرحلة المبكرة"‪.‬‬

‫التصنيف الموضوعاتي‪:‬‬

‫يعد التصنيف الموضوعاتي من أهم المناهج التي اعتمدها العلماء العرب في تصنيف العلوم في عدة‬
‫مجالت‪ ،‬منها الحديث والفقه واللغة والمعاجم‪ ،‬وليس من المستغرب أن يظهر هذا النوع من التصنيف‬
‫باعتباره "أول تصنيف علمي نهجه علماء المثال العرب وأن يكون سابقا على التصنيف المعجمي‬
‫اللفبائي"‪ .‬إل أننا ل نستطيع تأكيد عدم ظهور كتب في المثال اعتمدت على الترتيب اللفبائي في‬
‫المرحلة الولى‪ ،‬وأن يكون هناك تداخل في المراحل كما هو الشأن في تطور ترتيب المعاجم العربية‪،‬‬
‫إذ أن ظهور معاجم لغوية ذات مناهج مختلفة في الترتيب قد عرفت تداخل فيما بينها‪ ،‬وليس هناك‬
‫تسلسل مرحليا بكل منهج على حدة‪ ،‬وعلى سبيل المثال وجدنا كتابا لمؤلف مجهول رتبت فيه المثال‬
‫أبوابا وحسب الترتيب اللفبائي وقد بدأه بقوله‪" :‬باب ما جاء من المثال أوله ألفا على مذهب الكتاب‬
‫أو همزة على مذهب النحويين‪ ،‬ما جاء على أفعل مع الباء‪ ،‬ثم التاء‪ ،‬ثم الثاء‪ ،‬ثم الجيم إلى آخر الحروف‬
‫الهجائية"‪ ،‬أي جعله مرتبا على حروف الهجاء‪.‬لقد اعتمد تصنيف المثال حسب الموضوعات منذ أواخر‬
‫القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري على منهجية دقيقة أدت إلى إبراز مضامينها في مختلف‬
‫مجالت الحياة‪ ،‬وإخراجها من كتب التاريخ والفقه والنحو والمعاجم والطب والفلسفة والجغرافية‬
‫والفلحة والرواية‪ ،‬المر الذي أظهر ضخامتها ومتانتها وقيمتها العلمية‪ ،‬وأول من نهج هذا النهج هو أبو‬
‫عبيد القاسم بن سلم )ت ‪224‬هـ( في كتابه المثال‪ ،‬وهو أحد كبار علماء اللغة والحديث في عصره‪.‬‬
‫وإذا كان حسه اللغوي قد قاده إلى استكشاف مادة المثال والتمييز بين مستوياتها فإنه تمكن أيضا من‬
‫استكشاف ما تضمنه من أبعاد أدبية وفنية في مختلف موضوعات الحياة‪ ،‬إذ جعل كتابه أبوابا "بذكر‬
‫المواطن التي يضرب فيها المثل من المثال" وقد بلغت تسعة عشرة بابا‪ ،‬كل باب يتضمن موضوعا‬
‫بعينه )صنوف المنطق ومعائب المنطق ومساوئه –الرجال‪ -‬القوام‪ -‬القربون – الخلق – الجود –‬
‫المجد – الخلة والخاء – الموال والمعاش – العلم والمعرفة – أهل اللباب والحزم – الحوائج – الظلم –‬
‫المعائب والذم – الخطأ والزلل – البخل ‪ -‬الجبن – مرازى الدهر وأحداثه – جنايات الدواهي العظام(‪.‬هذا‬
‫بالضافة إلى أحد عشر بابا قصيرا في المثال الخاصة بـ‪ :‬التشبيه وغايته – اللقاء وأوقاته وأزمانه – ترك‬
‫اللقاء ودهوره وآونته – النفي لمعرفة الرجل – نفي المال عن الرجل – ما يتكلم فيه بالنفي من الناس‬
‫خاصة – نفي الطعام – نفي النوم والوجاع – الستهجال ونفي العلم – الطعام‪.‬كانت هذه مجموعة‬
‫البواب الواردة في كتاب أبي عبيد وما تفرع منها‪ ،‬إذ كان كل باب يتفرع إلى عدة أبواب‪ ،‬أكثرها كان‬
‫يصل إلى ثمانية وعشرين بابا وأقلها إلى ستة أبواب‪ ،‬وقد بلغت في مجموعها ‪ 251‬بابا فرعيا‪ ،‬وبلغ عدد‬
‫المثال ‪ 1000‬مثل و ‪ 20‬بيت شعر و ‪ 130‬حديثا مع قصصها‪.‬ومن الكتب التي نهجت نهج أبي عبيد كتاب‬
‫جامع المثال لحمد بن إبراهيم بن سمكة اللقمي )ت ‪530‬هـ(‪ ،‬أشار إليه السيوطي في المزهر‪،‬‬
‫والقفطي في إنباه الرواة وقال عنه محمد النجار "إنه كان أكبر من كتاب أبي عبيد وأكثر تفصيل ولن‬
‫الكتاب مفقود فأوجه الشبه بين تصنيف أبي عبيد المثال وتصنيف ابن سمكة ل تعدو في نظرنا أن‬
‫تنحصر في التصنيف الموضوعي فحسب‪ ،‬ولكنه ليس بالضرورة طبقا لمضارب المثال كما ذهب إليه‬
‫أبو عبيد"‪.‬ومن بين الكتب التي اتجهت نهج أبي عبيد كتاب الجوهرة في المثال لبن عبد ربه المدرج‬
‫في العقد الفريد‪ .‬وسيعود أبو عبيد البكري )ت ‪487‬هـ( في القرن الخامس إلى كتاب أبي عبيد بن‬
‫سلم ليتناوله بالشرح في مؤلف تحت عنوان فصل المقال في شرح كتاب المثال‪ .‬ويبدو أن منهجية‬
‫تصنيف المثال حسب الموضوعات قد وجدت صداها في الندلس في الوقت الذي ظهرت فيه مؤلفات‬
‫عن المثال اتجهت نحو التصنيف اللفبائي حسب حروف المعجم‪.‬ولقدتم‪-‬تطويرمنهجية التصنيف‬
‫الموضوعاتي على يدأبي منصور الثعالبي‪ ،‬حيث عمد إلى تحويرها والتدقيق في طبيعة المثال وحقولها‬
‫الدللية والقدرة على استرجاعها في مؤلف شامل لها أسماه التمثيل والمحاضرة‪ .‬ولقد استفاد من‬
‫مؤلفي المعاجم اللغوية الذين اهتموا بترتيب المادة حسب المعاني "فاستلهم خطاهم وسار على‬
‫نهجهم‪ ،‬وشرع يشيد تصنيفه على أساس المعاني أو الحقول أو المجالت الدللية للمثال"‪.‬ومع كل‬
‫الهمية التي اكتساها كتاب التمثيل والمحاضرة للثعالبي في مجال تصنيف المثال حسب موضوعاتها‬
‫وما أضافه من جهد علمي وتصنيف منطقي‪ ،‬ستتجه أنظار علماء اللغة إلى تصنيف آخر قائم على ترتيب‬
‫المثال معجميا‪ ،‬تحت تأثير ما عرفته حركة تأليف المعاجم من تطور هائل في مجال الترتيب‪.‬‬

‫التصنيف المعجمي‪:‬ل شك أن حركة تأليف المعاجم العربية منذ ظهور كتاب العين للفراهيدي كان لها‬
‫تأثير بالغ فيما يمس جمع وتدوين المثال العربية‪ ،‬حيث اتجه علماء اللغة المهتمين بها إلى إعادة النظر‬
‫في تصنيفها‪ ،‬وهذا بالضبط ما قام به حمزة بن الحسن الصفهاني )ت ‪439‬هـ( عندما ألف كتابا في‬
‫المثال أسماه الدرة الفاخرة في المثال السائرة‪ .‬وكان اختياره للتصنيف المعجمي تطورا منهجيا في‬
‫جمع المثال حيث رتبه على "نظام حروف المعجم ليسهل تناول ما يراد منه على ملتمسه"‪ .‬وسار على‬
‫منواله فيما بعد كل من أبي هلل العسكري )ت ‪395‬هـ( عندما ألف كتابه جمهرة المثال وجار الله‬
‫الزمخشري )ت ‪518‬هـ( في كتابه المستقصى في أمثال العرب وأبو الفضل أحمد بن محمد الميداني‬
‫في مجمع المثال وقد أكد هذا الخير بدوره أن اختياره وضع المثال على نظام الترتيب المعجمي كان‬
‫يهدف منه حسب قوله‪" :‬ليسهل طريق الطلب على متناولها" وبالخص عندما نكون إزاء عدد ضخم من‬
‫المثال‪ ،‬وإذا كان جامعو المثال باعتبارهم علماء لغة قد وجدوا في النظام المعجمي ضالتهم لترتيب‬
‫المادة المثلية فإن هذا ل يلغي أهمية الترتيب الموضوعاتي لكونه يمثل أداة تنظيمية استرجاعية لمادة‬
‫المثال في مجالتها الدللية‪ ،‬وسيظل كتاب التمثيل والمحاضرة للثعالبي نموذجا في هذا الصدد‪ ،‬وكما‬
‫قال عنه محمد رجب النجار "عمدة كتب المثال العربية القديمة في مجال التصنيف الموضوعي‬
‫الدللي"‪.‬‬

‫المثال العامية‪:‬لقد اعتنى القدماء بجمع المثال‪ ،‬مع وجود العديد منها في كتب اللغة والدب‪ ،‬وما كان‬
‫يرويه الرواة أو النحاة لتدعيم آرائهم اللغوية‪ ،‬حيث كان الغرض منها تأكيد "صحة اللغة وإقامة العراب‪،‬‬
‫وهذا يستلزم ضرورة أن يكون المثل قديم العهد صحيح النقل"‪ .‬ول شك أن الرواة لم يكونوا يهتمون‬
‫بالمثال السائرة والمتداولة عند العامة لن الهاجس اللغوي وسلمة اللغة كانت تتحكم في تحديد معيار‬
‫المثل و"لم يأخذوه من أفواه العرب في حياتهم اليومية وحديثهم العادي بقدر ما أخذوه من نصوص‬
‫الشعار العربية القديمة التي بذلوا الجهد في روايتها وتدوينها"‪ ،‬ومع هذا التأكيد هناك العديد من المثال‬
‫تخرج عن هذا السياق وإن احتفظت بتركيب لغوي سليم وفصيح‪ ،‬ونجدها في أغلب المؤلفات القديمة‪،‬‬
‫ويكفي أن نعود إلى مقدمة أبي هلل العسكري لنستشف من خللها أن عملية الجمع بالنسبة للمؤلفات‬
‫التي وقف عليها وأخذ منها‪ ،‬كانت تمتد إلى كل ما يمت إلى المثل بصلة بغض النظر عن طبيعته‬
‫اللغوية‪ ،‬إذ يقول‪" :‬وميزت ما أورده حمزة الصفهاني من المثال المضروبة في التناهي والمبالغة‪ ،‬وهي‬
‫المثال على أفعل من كذا‪ ،‬فأوردت منها ما كان منها عربيا صحيحا‪ ،‬ونفيت المولد السقيم ليبرأ كتابي‬
‫من العيب الذي لزم كتاب حمزة في اشتماله على غث من أمثال المولدين وحشو الحضريين‪ ،‬فصارت‬
‫العلماء تلقيه وتسقطه وتنفيه"‪.‬وواضح من كلم أبي هلل العسكري أن مجتمع العلماء مجمع على إبقاء‬
‫المكتوب عربيا فصيحا‪ ،‬وإذا ذكر بعض أمثال العامة في ثنايا الكتاب فإنه يذكرها عرضا وبصيغة فصيحة‪،‬‬
‫وهذا ما فعله ابن عبد ربه والبكري‪.‬‬

‫تعريب المثال‪:‬لقد شكلت اللغة العربية عند العلماء العرب‪ ،‬مفتاح التأليف‪ ،‬وأضحت معيارا للتمكن من‬
‫العلوم والتفقه فيها‪ ،‬ول شك أن تعريبهم للمثال العامية يوضح مدى تشبثهم بالفصيح كأداة للتعامل مع‬
‫المعرفة‪ ،‬وهذا ما يفسر خلو تآليفهم من لغة العامة في مرحلة التدوين والجمع‪ ،‬ولم يهتموا بكل ما له‬
‫علقة بها‪ ،‬وإذا ما تقصينا بعض كتب اللغة وما يتعلق بألفاظ العامة‪ ،‬يمكن أن نستشف بعض المظاهر‬
‫في لغة العامة‪ ،‬ويعد كتاب ابن هشام اللحمي )ت ‪577‬هـ( لحن العامة الذي وضعه من أجل إعادة‬
‫ألفاظ العامة إلى أصولها العربية‪ ،‬وما كان متداول عندهم من أمثال وجمل‪ ،‬مرجعا أوليا من مراجع‬
‫البحث في الداب الشفوية‪ ،‬وتله فيما بعد ابن مكي الصقلي )القرن السادس( في كتابه تثقيف اللسان‬
‫وتلقيح الجنان وابن عاصم الغرناطي في القرن الثامن‪.‬إل أن هذا التعريب لم يستطع أن يصمد طويل‬
‫ولو مع حرص علماء اللغة الذين اهتموا بتدوين المثال وجمعها وفرز ما جاء على ألسن العامة‪ ،‬إذ أن ما‬
‫عرفته المجتمعات العربية من تحولت ومتغيرات أدت إلى تداخل أمثال الفصيح والعامي‪ ،‬ولم يعد‬
‫بالمكان إقصاء ثروة مثلية أضحت متداولة بين العامة والخاصة على حد سواء‪ ،‬على الرغم من حرص‬
‫أبي عبيد القاسم بن سلم على انتقائه لمادة المثال التي جمعها‪ ،‬إل أنه مع ذلك اضطر إلى إيراد عدد‬
‫محدود منها على سبيل "المقارنة أو المماثلة"‪ .‬وهذا النتقاء برره أبو عبيد البكري في تأكيد حرصه على‬
‫تمييز "المثال المأثورة‪ ،‬المنقولة والمحمولة والمروية المحكية عن العرب"‪ ،‬إل أن هذا الحتراز من‬
‫أمثال العامة سيعرف انعطافا مهما على يد المفضل بن سلمة بن عاصم في كتابه الفاخر‪ ،‬حيث أوضح‬
‫بصريح العبارة أن "هذا كتاب معاني ما يجري على ألسن العامة في أمثالهم ومحاوراتهم من كلم‬
‫العرب‪ ،‬وهم ل يدرون معنى ما يتكلمون به من ذلك‪ ،‬فبيناه من وجوهه‪ ،‬على اختلف العلماء في‬
‫تفسيره‪ ،‬ليكون من نظر في هذا الكتاب عالما بما يجري من لفظه‪ ،‬ويدور في كلمه"‪ .‬وأعتقد أن هذه‬
‫القولة بليغة العبارة والدللة في تحديد ماهية المثال الشعبية‪ ،‬وتحل إشكال علميا فيما يمس طبيعة‬
‫المثال بغض النظر عن انتمائها إلى الفصيح أو العامي‪ ،‬ويحسم أمرا عالقا كما أوضحه محمد رجب‬
‫النجار وهي "أن أمثال العرب المأثورة ليست أمثال شعبية فحسب –فهذا ل جدال فيه‪ -‬ولكنها هي‬
‫نفسها المثال الشعبية التي كانت ذائعة بين العوام خلل العصر الذهبي لجمع المثال العربية‬
‫وتصنيفها"‪ ،‬مما يجعلنا نؤكد أن الهتمام بالرواية العامية قد شقت طريقها منذ القرن الثالث الهجري‬
‫على الرغم من احترازات العديد من أئمة اللغة‪ ،‬إذ أن استعمال وتداول المثال بين جميع الوساط‬
‫الخاصة أو العامة منها كان هو المعيار الذي تحكم في نهاية المطاف في الجمع والتدوين‪.‬سيعرف هذا‬
‫التوجه منحى جديدا في بلد الندلس‪ ،‬وفي ضوء الجهد العلمي الذي بذله أبو عبيد البكري عندما تصدى‬
‫لشرح كتاب أبي عبيد القاسم بن سلم‪ ،‬إذ سيتسع الهتمام بلغة العامة لعتبارات تاريخية وجغرافية‬
‫واجتماعية‪ ،‬وهو اهتمام لم يكن على حساب اللغة العربية الفصيحة‪.‬لقد ترك لنا أهل الندلس‪ ،‬تراثا‬
‫لغويا عاميا‪ ،‬تمثل في الزجال والموشحات والمثال العامية‪ ،‬أضحى من مواد التأريخ لفهم طبيعتهم‬
‫وذهنيتهم وقضايا مجتمعهم‪ ،‬ولن اللغة المتداولة تعد تعبيرا عن النسق الفكري السائد داخل المجتمع‪،‬‬
‫وإذا ما تقصينا بعض كتب اللغة وما يتعلق بألفاظ العامة يمكن أن نستشف ظواهر هامة في حياة‬
‫جماعة ما‪.‬لم يكن كتاب ابن عاصم الغرناطي حدائق الزهار خارجا عن السياق العام لطبيعة المجتمع‬
‫الندلسي عندما اتجه إلى جمع المثال العامية الندلسية المتداولة في غرناطة‪ ،‬وأعتقد أن عنوان كتابه‬
‫لوحده يشكل مادة للتفكير وللتأويل‪ ،‬في غياب وضوح المقاصد التي كان يصبو إليها‪ ،‬مما يطرح بعض‬
‫التساؤلت‪ ،‬هل ابن عاصم كان يريد رد العتبار إلى لغة العامة وما تعبق به من أريج استنادا إلى عنوان‬
‫الكتاب‪ ،‬واعتبار ذلك مدخل لثارة الهتمام إلى هذا النوع من الداب؟ وهل قاده إلى ذلك إحساس‬
‫داخلي بضرورة تسجيل مادة ثقافية ذات جذور شعبية‪ ،‬يخاف عليها من الضياع؟ مع العلم أن هناك بداية‬
‫محتشمة لبن عبد ربه عندما حاول أن يضم بعض أمثال العامة‪ ،‬ولو أنه قام بتعريبها‪ ،‬إذ يقول في‬
‫الجوهرة‪" :‬وضممنا إلى أمثلة العرب القديمة ما جرى على ألسنة العامة من المثال المستعملة"‪،‬‬
‫بالضافة إلى ما أكده في تقديمه لمجموع المثال التي أوردها‪" :‬فأول ما نبدأ به أمثال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ثم أمثال العلماء‪ ،‬ثم أمثال أكثم بن صيفي‪ ،‬وبزر جمهر الفارسي‪ ،‬وهي التي كان‬
‫يستعملها جعفر بن يحي في كلمه‪ ،‬ثم أمثال العرب التي رواها أبو عبيد وما أشبهها من أمثال العامة‪،‬‬
‫ثم المثال التي استعملها الشعراء في أشعارهم في الجاهلية والسلم"‪ ،‬مع العلم أن ابن عبد ربه لم‬
‫يورد إل أمثال قليلة ومحدودة من أمثال العامة مع صياغتها بلغة فصيحة‪.‬وبغض النظر عن المقاصد في‬
‫وعيها أول وعيها‪ ،‬فلقد تمكن ابن عاصم بأن يلم في حدود ثمانمائة مثل بأهم المثال السائرة على‬
‫ألسنة العامة‪ ،‬وسجل بذلك أحاسيس مواطنيه ورؤيتهم الطبيعية للشياء في بساطتها وأريحتها‪ ،‬وما كان‬
‫يضج به المجتمع الندلسي من تناقضات في شتى المجالت )دين‪ ،‬طوائف‪ ،‬سياسة‪ ،‬نساء‪ ،‬قيم(‪.‬ولم‬
‫يقف الندلسيون عند جمع المثال العامية‪ ،‬ولكن بدأوا ينظمون أشعارهم بالعامية‪ ،‬وهذا انزياح آخر‬
‫باللغة‪ ،‬وقد مثل ابن قزمان هذا التوجه خير تمثيل‪.‬‬

‫المثال العامية في القطار العربية منذ عصر النهضة‪.‬‬


‫على الرغم من موقف بعض الرواة وعلماء اللغة من المثال العامية‪ ،‬فإن الرواية العامية استطاعت أن‬
‫تفرض وجودها على يد المفضل بن سلمة بن عاصم‪ ،‬كما استطاع أهل الندلس أن يدخلوها إلى حدائق‬
‫أزهارهم‪ ،‬وقد تركوا لنا تراثا هاما تناوله باحثون معاصرون بالدرس والتحليل والتمحيص والتحقيق‪،‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ :‬أبحاث عبد العزيز الهواني‪ ،‬وعبد الرحيم يونس‪ ،‬بالضافة إلى العمل العلمي الذي‬
‫أنجزه د‪.‬محمد بنشريفة حول أمثال العوام في الندلس عندما حقق كتاب أحمد الزجالي القرطبي )ت‬
‫‪694‬هـ( وأبحاث د‪.‬جليل العطية ود‪.‬محمد رجب النجار‪ ،‬هذا بالضافة إلى ظهور مجلت علمية متخصصة‬
‫في التراث الشعبي‪.‬‬

‫لقد احتلت المثال في مجال البحث العلمي حيزا مهما وخصبا للتنقيب في الداب العربية الشفوية كما‬
‫هو الشأن بالنسبة للبحث الوروبي الذي اتجه خلل القرن السابع عشر لدراسة الداب الشعبية‬
‫والمأثورات الشفوية والفولكلورية في العديد من البلدان الوروبية‪ ،‬واتجه بعض المستشرقين إلى‬
‫الهتمام بالتراث الشفوي للشعوب العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫من بين المؤلفات الخاصة بالمثال التي ظهرت في هذه الفترة يمكن ترتيبها كما يلي‪:‬‬

‫‪Carlo Landsberg, Proverbes et dictions du peuple arabe de la province de Syrie,‬‬


‫‪.Leyde, 1883‬‬

‫ـ نعوم شقير‪ ،‬أمثال العوام في مصر والسودان والشام‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬مصر‪.1894 ،‬‬

‫ـ محمد أحمد عمر الباجوري‪ ،‬أمثال المتكلمين من عوام المصريين‪ ،‬ط‪.‬الشرقية‪.1894 ،‬‬

‫ـ يوسف خانكي‪ ،‬مجموعة أمثال عامية مصر‪ ،‬ط‪.‬البيان‪.1897 ،‬‬

‫وختمت هذه الفترة بمؤلفين أعتبرهما من أهم ما صدر عنها من أمثال‪ ،‬ومن أغناهما مادة‪.‬‬

‫ـ المؤلف الول حول‪ :‬المثال العامية في لبنان الجنوبي لصاحبه فردينان يوسف أبل‪.‬‬

‫ـ المؤلف الثاني حول‪ :‬المثال العامية المصرية لصاحبه أحمد تيمور باشا‪.‬‬

‫كيف تعامل إذا كل واحد منهما مع مادة المثال المتجمعة لديهما ترتيبا وتصنيفا؟‬
‫ل شك أن إشكالية الترتيب تطرح على كل باحث عندما ينتهي من عملية تجميع المثال وذلك من أجل‬
‫تسهيل البحث فيها والستفادة من مادتها‪ ،‬ولقد أسهم القدماء كما رأينا في وضع منهجيتين للتعامل مع‬
‫المثال‪.‬‬

‫ـ منهجية التصنيف الموضوعاتي‪.‬‬

‫ـ منهجية الترتيب المعجمي‪.‬‬

‫وأود أن أوضح هنا أنه ل توجد أفضلية بين المنهجيتين المذكورتين‪ ،‬إذ لكل منهما لها خاصيتها ووجاهتها‪،‬‬
‫وحسب ما يراه جامع المثال مناسبا‪ ،‬وما يدخل في سياق الغراض المتوخاة من عملية جمعها‬
‫واستخدامها ونشرها‪ ،‬ويبقى الجمع هو القاعدة المشتركة عند أغلب الباحثين الذين اهتموا بالمثال‬
‫ونشرها في كتب‪ ،‬وبعد ذلك تطرح إشكالية التصنيف أو الترتيب‪ ،‬آنذاك نكون بصدد تناول إحدى قضايا‬
‫المعجم‪ ،‬مع العلم أن أغلب الكتب التي تضم مجموع المثال ل تشير أنها تقدم معجما بخلف العديد من‬
‫المؤلفات الغربية الجامعة للمثال‪.‬‬

‫أعتقد على سبيل المثال أن الميداني كان واعيا بهذه المفارقة فسمى مؤلفه بمجمع المثال ولم يطلق‬
‫عليه معجما‪ ،‬لكن هل يحق لنا أن نسمي مجمع المثال معجما؟‬

‫سأترك جانبا هذه الشكالية للحوار‪ ،‬وسأعرض أول لمؤلفي أبل وتيمور لنتعرف على طبيعة الشكالت‬
‫التي يطرحها جمع المثال تصنيفا أو ترتيبا‪ ،‬مع العلم أنهما يختلفان من حيث الترتيب ويلتقيان بصورة‬
‫من الصور من حيث منهجية تقديم المثل للقارئ‪.‬‬

‫ما هي إذا منهجية كل منهما وأين يلتقيان؟ وأين يختلفان؟‬

‫يعتبر مؤلف فردينان يوسف أبل من أهم المؤلفات الخاصة بالمثال العامية من حيث التقديم والشرح‬
‫والترجمة‪ ،‬إل أنه لم يعتمد أي نوع من الترتيب‪ ،‬والمنهجية الوحيدة التي اعتمدها في الجزء الول الذي‬
‫يضم ‪ 1947‬مثل يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫ـ تقديم المثل بلغته العامية‪.‬‬

‫ـ إعادة كتابته بالحروف اللتينية‪.‬‬

‫ـ ترجمته إلى اللغة الفرنسية‪.‬‬


‫ـ تعليق أدبي حول طبيعة المثل ودللته الجتماعية أو الفكرية‪.‬‬

‫ـ تقديم حكاية تصويرية أو حكاية شعبية تمس جوهر المثل‪.‬‬

‫ـ تقديم إحالة تتضمن الشارة إلى ما يشبهه من أمثال سواء داخل متن المثال الواردة في المؤلف أو‬
‫الحالة على أمثال عربية أو غربية أو عامة في العديد من القطار‪.‬‬

‫ونقدم هنا نماذج من معجم أبل‪.‬‬

‫‪Hadd l-a'rab la to'rab w-hadd l-hayye' ofro? w-n m‬‬

‫‪N'apporche pas du scorpion, mais tu peux étendre ton matelas et dormir près du‬‬
‫‪.serpent‬‬

‫‪ 909 – 2‬عمر اعطيني وبالبحر ارميني‬

‫‪omar'a tini w-b l-bahr' rmini‬‬

‫‪.Accorde-moi de vivre et jette-moi dans la mer‬‬

‫‪.Maxime fataliste : on ne risque rien si l'on est prédestiné à vivre‬‬

‫‪.Se dit aussi en Egypte‬‬

‫‪.Cf. N°380‬‬

‫‪ 380 – 3‬اللي اله عمر ما بتقتله شدة‬


‫'‪lli' lo mr ma b-t 'telo ? dde‬‬

‫‪.Les épreuves ne tuent pas (n'achèvent pas) celui qui est appelé à vivre‬‬

‫» ‪Maxime fataliste qui est aussi citée en Egypte : puisque tout est « écrit‬‬
‫‪.(mektoub), il est vain de craindre pour sa vie‬‬

‫أما الجزء الثاني الذي يضم ‪ 200‬مثل نجده يكتفي فقط بـ‪:‬‬

‫ـ تقديم المثل بلغته العامية‪.‬‬

‫ـ إعادة كتابته بالحروف اللتينية‪ ،‬أي دون ترجمة أو تعليق أو إحالة‪.‬‬

‫أما ما يتعلق بمؤلف المثال العامية المصرية لحمد تيمور باشا الذي يضم ‪ 3188‬مثل‪ ،‬فلقد اعتمد‬
‫المنهجية التالية القائمة على الترتيب اللفبائي‪:‬‬

‫ـ تقديم المثل بلغته العامية وبالشكل التام‪.‬‬

‫ـ شرح إن اقتضى الحال بعض المفردات المحورية باللغة العربية‪.‬‬

‫ـ شرح دللة المثل ومغزاه الحكمي‪.‬‬

‫ـ تقديم إحالت تتضمن الشارة إلى ما يشبهه من أمثال عربية فصيحة أو بعض المثال العامية الواردة‬
‫في متن المؤلف‪.‬‬

‫وهذه بعض النماذج‪:‬‬

‫‪" – 595‬إن ضحك سني حيا مني وان ضحك قلبي عتبي عليه" أي إن ضحك فمي في مصيبتي فذلك‬
‫حياء مني ومجاراة للناس ل سرورا وانشراحا‪ ،‬وإنما العتب على القلب لنه موضع السرور والحزن ول‬
‫عبرة بالظواهر‪ .‬وانظر في الباء الموحدة‪) :‬البق اهبل( وفي الضاد المعجمة‪) :‬الضحك ع الشفاتير( الخ‪.‬‬
‫وانظر في الواو‪) :‬الوش مزين والقلب حزين(‪.‬‬
‫‪" – 770‬برا ودره وجوا قرده"‬

‫يضرب في حسن الظاهر وقبح الباطن‪.‬‬

‫‪" – 878‬تحت البرافع سم ناقع"‬

‫أي ل يغرنك ما تراه من الظاهر الحسن فإن ما تحت البراقع سم قاتل‪ .‬يضرب للحسن الظاهر القبيح‬
‫الباطن‪.‬‬

‫‪" – 900‬تقعد تحت الحنية وتقول يا امه مالوش نيه"‬

‫يخصون الحنية بالتي تحت السللم ل مطلق حنية‪ ،‬أي تقعد البنت البائرة تحت الحنية وتختبئ فيها خجل‬
‫ثم تسائل أمها وتقول‪ :‬أما للخاطب نية في يا أماه‪ ،‬أي أين إظهارها الخجل من هذا السؤال‪ .‬يضرب‬
‫للذي يتظاهر بغير الحقيقة ثم تحمله الرغبة في الشيء على إظهارها‪.‬‬

‫وواضح من هذه المثلة أن المؤلف لم يلتزم بالمنهجية نفسها في كل المثال لعتقاده أن العديد منها ل‬
‫يحتاج إلى شرح ويعتبره مفهوما لدى القارئ‪.‬‬

‫وبجانب هذه المنهجية ذيل المؤلف بكشاف موضوعي‪ ،‬وضعه مركز الهرام للترجمة والنشر وليس من‬
‫وضع المؤلف‪" .‬النماذج المقدمة أعله تدخل في إطار موضوع الباطن والظاهر"‪.‬‬

‫يعد هذا الكشاف إضافة منهجية لتصنيف المثال تحت رؤوس الموضوعات حسب مضامينها‪ ،‬وقد رتبت‬
‫ترتيبا ألفابائيا‪ ،‬ويندرج تحت كل موضوع مجمل المثال المتعلقة به حسب أرقامها‪.‬‬

‫ما يمكن أن نستخلصه من هذا التقديم‪ ،‬هو أن هناك إشكالية كبرى فيما يتعلق بجمع المثال وترتيبها‬
‫وفهرستها‪ ،‬وليست هناك منهجية مثلى للتعامل معها‪ ،‬وإذا أردنا أن نقوم بمسح شامل لها وتقديم لجميع‬
‫أوجهها‪ ،‬فل مناص من اعتماد منهجية الترتيب حسب الكلمة الولى في المثل‪ ،‬بالضافة إلى ترتيب‬
‫يعتمد كلمات المفتاح في كل مثل‪ ،‬ثم اعتماد منهجية الموضوعات‪ ،‬وسنكون بطبيعة الحال أمام ثلث‬
‫مجلدات‪ ،‬وهو المر الذي أصبح بالمكان إنجازه بالعتماد على برنامج آلي‪.‬‬

You might also like