Professional Documents
Culture Documents
العولمه
العولمه
قـ�ضــايـــــا عــــاملـيــة
تـحــديـــات
الـعــولـمــة
�أنها تُح�سن و�سائل االت�صاالت ويزيد التعاون هذان المراقبان المطلعان في بحث كل �شيء،
بين البلدان عند ح�صول �أي كارثة طبيعية، بدء ًا من ما �إذا كانت العولمة ت�ساعد النا�س
ك�إع�صار ت�سونامي الذي �ضرب المحيط �أكثر مما ت�ضرهم ،وو�صو ًال �إلى مدى ت�أثير
الهندي عام .2004يبحث البروف�سور �ستيفن العولمة على التوجهات الدينية .ت�شرح الحق ًا
بي هاينمان ،من جامعة فاندربيلت ،في جوزيت �شاينر ،وكيلة وزارة الخارجية لل�ش�ؤون
الطموحات الم�شتركة لدى الكليات والجامعات االقت�صادية ،والتجارية ،والزراعية ،العالقة بين
في بلدان عديدة. �سيا�سات التجارة المتحررة ومعدل النمو االقت�صادي للدولُ .يختتم
ويتم االلتقاء على نقطة ال جدال حولها عبر كل المناق�شات، هذا الق�سم بمقابلة مع دانيال بينك ،م�ؤلف كتابين ن�شرا م�ؤخر ًا وتركا
�أال وهي �أن العولمة وجدت لتبقى .يقول مو�سى نعيم حول الإنترنت، �أثر ًا كبير ًا ،هما« :عقلية ج ــديدة بالكامل» (A Whole New
«هناك جميع �أنواع المجموعات التي تملك ذهنية متماثلة ،ومجموعات )Mindو «دولة الوكيل الح ّر» ( .)Free Agent Nationيقدّم
�أ�صحاب الم�صلحة ،والنا�س الذين يت�شاطرون نف�س االهتمامات بينك نظريته حول العولمة القائلة �إنها تُغ ّير طريقة عملنا ،وحتى
وال�شغف والتكنولوجيات والهوايات ،والذين يتوا�صلون عبر الحدود طريقة تفكيرنا.
وين�شئون مجتمعات فعلية تقوم بكافة �أنواع الن�شاطات والقدرات، يبحث الق�سم الالحق م�س�ألة جرت حولها نقا�شات حامية� ،أي
ويطورون كافة �أنواع الديناميات ال�سيا�سية الجديدة ».وي�ضيف: ت�أثير الثقافة ال�شعبية الأميركية على الثقافات المحلية للبلدان حول
«�أنه �أمر ال ُيمكن عك�سه ،فقد كانت الموجات ال�سابقة من العولمة العالم .يورد البروف�سور ريت�شارد بيلز ،من جامعة تك�سا�س ،حججه
م�ؤ�س�ساتية ،وكانت تجارية حيث كانت ال�شركات التجارية تمثل القائلة ب�أن الثقافة الأميركية بذاتها هي خليط من الم�آكل ي�شمل
الالعبين الرئي�سيين فيها� .أما اليوم فهناك عولمة للأفراد ،وهذا ما الت�أثيرات الأجنبية ،وب�أنها ،بمعنى ُمع ّين ،تمثل ثقافة عالمية بالفعل.
يمثل اختالف ًا مهم ًا جد ًا». ت�ستجيب البروف�سورة الألمانية جي�سيكا غينو-هيكت لهذا الأمر بتوفير
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 1 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
تـحــدي ــات الـعــولـمــة
وزارة اخلارجية الأمريكية مكتب برامج الإعالم اخلارجي
http://usinfo.state.gov/pub/ejournalusa.html
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 2 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
42عولمة الجريمة والإرهاب
فيديو على الإنترنت، لويز �شيلي� ،أ�ستاذة في كلية الخدمات الدولية في الجامعة
محادثة حول العولمة الأميركية.
(ال�صفحة 6من الن�ص المطبوع) باحثة معروفة وم�ؤلفة ت�صف ت�أثير العولمة على «الثالوث غير
• ما هي العولمة؟ المقد�س» المك ّون من الجريمة ،والإرهاب ،والف�ساد.
• الجانب ال�سيئ للعولمة
• �إلى �أين تتجه العولمة؟ 46رابط ال�صحة العالمي
دي �آي هندر�سون� ،أ�ستاذ الطب وال�صحة العامة في جامعة
تتوفر �أي�ض ًا المناق�شة الكاملة على �شبكة الإنترنت بيت�سبرغ.
ويمكن تنزيلها بطريقة .MP3 و�سابق ًا الم�س�ؤول الطبي الرئي�سي عن الق�ضاء على داء الجدري
HYPERLINK:
http://www.usinfo.state.gov/journals/itgic/0206/ijge0206.htm
في منظمة ال�صحة العالمية كيف �أم�ست �صحة النا�س مترابطة
ببع�ضها البع�ض في ع�صر العولمة.
49مو�ضوع جانبي :تكييف �أنظمة ال�صحة الدولية لتُنا�سب ً
عالما
�أ�صغر.
56المراجع
59م�صادر الإنترنت
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 3 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
الـمـقـدمــة
الترابطات البينية التي تميز العولمة :االنتقال عبر حدود الدول في العام � 2000أ�صدر �صندوق النقد الدولي موجز
للب�شر ،وللأموال ،وللأفكار ،ولل�صور الإعالمية ،وللتكنولوجيات. ق�ضايا حمل العنوان المثير للت�أمل« :العولمة :تهديد �أم
والنقطة التي يختلف حولها النا�س ب�ش�أن العولمة ،وكثير ًا ما يحدث فر�صة؟» و�صف موظفو �صندوق النقد الدولي العولمة
ذلك بانفعال عاطفي ،تعود �إلى تحديد ما �إذا كانت ت�أثيراتها في على �أنها «عملية تاريخية ،ناتجة عن االبتكارات الإن�سانية والتقدّم
�أكثرها ح�سنة �أو �سيئة .وكما و�صفها موقع الإنترنت للبنك الدولي، التكنولوجي .وت�شير �إلى التكامل المتزايد بين االقت�صادات العالمية،
�شك ّلت العولمة «�أحد �أكثر الموا�ضيع �سخونة التي جرت مناق�شتها حول وبالأخ�ص من خالل التجارة والتدفقات المالية».
االقت�صاد الدولي خالل ال�سنوات القليلة الما�ضية .وقد �شكل النمو �صحيح �أن عدد ًا كبير ًا من النا�س يفكرون بمقاربة التجارة
االقت�صادي ال�سريع وخف�ض م�ستوى الفقر ال�سريع في ال�صين ،والهند، المتحررة عندما يفكرون في العولمة ،و�صحيح �أنه خالل ال�سنوات
ودول �أخرى ،كانت فقيرة قبل � 20سنة ،وجه ًا �إيجابي ًا للعولمة .لكن من الأخيرة �سيطرت الآثار االقت�صادية للعولمة على النقا�ش حول هذه
جهة �أخرى ،و ّلدت العولمة معار�ضة دولية كبيرة ب�سبب الهواج�س حول الظاهرة .لكن هناك للعولمة ُبعد ًا نف�سي ًا قوي ًا �أي�ض ًا.
زيادتها لعدم الم�ساواة وللتردّي البيئي». ابتكر محلل و�سائل الإعالم ،مار�شال ماكلوهان ،الم�صطلح ال�شهير
كثير ًا ما تبدو العولمة االقت�صادية على �أنها نوع من ال�سباق ينتج «القرية العالمية» في ال�ستينات من القرن الما�ضي ،الذي �أطلقه على
عنه غالبون وخا�سرون حقيقيون .وفي كلمات موجز الق�ضايا ل�صندوق و�صفه للتحول الثقافي العميق في عالم ت�صل فيه موجات الراديو
النقد الدولي« ،تُقدم العولمة فر�ص ًا وا�سعة للتنمية الحقيقية عبر كافة �أرجاء كوكبنا مع بع�ضها البع�ض .ح ّلل لوهان مجاالت التقدّم في
العالم لكن هذه التنمية ال تتقدم بن�سب مت�ساوية .تندمج بع�ض الدول تكنولوجيا االت�صاالت ،التي مزّقت المجتمعات التقليدية كما الحديثة،
في االقت�صاد العالمي ب�سرعة �أكبر من غيرها .والبلدان التي تمكنت قبل وقت طويل من ظهور العالم المترابط �سلكي ًا الذي نعي�ش فيه
من تحقيق االندماج ت�شهد ب�سرعة �أكبر النمو االقت�صادي كما الخف�ض اليوم.
لم�ستوى الفقر لديها». حلل علماء عديدون المو�ضوع �إلى ابعد من ذلك� .أرجون ابا
يقول �أبا دوراي« ،في الواليات المتحدة وفي الدول الع�شر� ،أو ما دوراي ،عالم االنثروبولوجيا الهندي الذي ي�شغل في الوقت الحا�ضر
يقاربها ،الأكثر ثراء في العالم تُ�ش ّكل العولمة بالت�أكيد كلمة طنانة من�صب عميد الكلية الجديدة للأبحاث االجتماعية في مدينة
و�إيجابية لدى �أفراد النخبة في ال�شركات ،التي ُيطلق عليها ا�سم نيويورك ،يعتبر العولمة على �أنها «اال�سم لثورة �صناعية جديدة
ال�شركات الكبرى ،ولدى حلفاء النخبة ال�سيا�سيين .لكن بالن�سبة (تقودها تكنولوجيات جديدة قوية في الإعالم واالت�صاالت) بالكاد
للمهاجرين ،والملونين ،وغيرهم من النا�س ال ُمه ّم�شين (الذين ُيطلق بد�أت .ونظر ًا لحداثتها ،ف�إنها تفر�ض �أعبا ًء على مواردنا اللغوية
عليهم في «ال�شمال» ا�سم �أهل «الجنوب») ،تُ�ش ّكل العولمة م�صدر ًا وال�سيا�سية لفهمها و�إدارتها»ُ .ي�صنف �أبا دوراي خم�سة �أنواع من
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 4 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
تعرقل م�سارها ال�سيا�سة والإرهاب ،والتي يمكنها خلق ع�صر جديد
للقلق فيما يخ�ص اال�شتمال ،والوظائف ،وزيادة عمق التهمي�ش
للنا�س ».لكن العولمة توحي �أي�ض ًا بهواج�س هائلة في الواليات
من االزدهار واالبتكار» .و�أ�ضاف« ،لكن الت�أمل في العالم الم�سطح
ملأ قلبي بالرهبة �أي�ض ًا ...نجمت رهبتي ال�شخ�صية هذه عن الواقع
المتحدة ،كما في �أجزاء �أخرى من العالم المتطور ،عندما تتخذ �شكل
الظاهر ب�أن م�ؤلفي برامج الكمبيوتر ومهوو�سيها ال يمتلكون بمفردهم
ا�ستدراج الأعمال من خارج البالد� ،أي نقل عمل الم�صانع والخدمات
�إلى دول ت�سود فيها �أجور اقل .بالمقابل� ،أ�شار م�ؤخر ًا العالم
قدرة العمل الم�شترك في العالم الم�سطح ،بل تمتلكه كذلك منظمة
القاعدة وال�شبكات الإرهابية الأخرى .ال تجري ت�سوية الملعب فقط
االقت�صادي البريطاني فيليب لوغران �إلى الفوائد الثقافية للعولمة.
بطرق تجتذب فيها ،وتو ّفر التمكين الفائق �إلى ،مجموعة جديدة
كتب لوغران يقول« :يكمن جمال العولمة في قدرتها على تحرير
بالكامل من المبتكرين .فت�سوية ار�ض ملعب التناف�س تتم بطريقة
النا�س من ا�ستبداد الجغرافيا .فهي تعني �أنه من غير المفرو�ض
على المولود في فرن�سا �أن ال يطمح �إ ّال للتكلم بالفرن�سية ،وال ي�أكل �إالّ
تجتذب �إلى اللعب مجموعة جديدة كاملة من الرجال والن�ساء
�أطعمة فرن�سية ،وال يقر�أ �إ ّال كتب ًا فرن�سية ،وال يزور �إ ّال متاحف فرن�سية،
ال�ساخطين ،والمحبطين ،والمهانين».
كلود �سماوجا ،وكالو�س �شواب ،اثنان من م�ؤ�س�سي المنتدى
وهلم جرا .فاالفرن�سي ،بنف�س قدر الأميركي ،يمكنه ق�ضاء عطالته
االقت�صادي العالمي ،وهي الم�ؤ�س�سة القائمة في �سوي�سرا التي تجمع
في �أ�سبانيا �أو فلوريدا ،و�أن يلتهم ال�سو�شي �أو ال�سباغيتي للع�شاء ،و�أن
يحت�سي الكوال و�أن ي�شاهد عر�ض ًا هوليوودي ًا مدو ّي ًا �أو حفلة ت�ؤديها
�سوية قادة من رجال الأعمال والم�س�ؤولين الحكوميين لتح�سين �أو�ضاع
العالم ،لخ�صا التحدي الأولي الذي تواجهه العولمة .كتبا يقوالن في
فرقة «المد ّور الالتينية» ،و�أن ي�ستمع �إلى مو�سيقى البانغرا �أو الراب،
العام « ،1999في زمن يتوجه فيه الت�شديد نحو توفير القدرة �أو زيادة
و�أن يمار�س اليوغا �أو الكيك بوك�سينيغ ،و�أن يطالع مجلة «�إل» ()Elle
التمكن للنا�س ،ونحو دفع الديمقراطية ُقدم ًا في كافة �أنحاء العالم،
�أو «الإكونومي�ست» ( ،)The Economistو�أن يكون لديه �أ�صدقاء من
ونحو تمكين النا�س من التح ّكم في م�صائرهم� ،أر�ست العولمة �سيادة جميع �أنحاء المعمورة».
ين�ضم �أي�ض ًا المعلق ال�صحفي في �صحيفة نيويورك تايمز ،توما�س
الأ�سواق بطريقة لم ي�سبقها مثيل»� .أ�ضافا« ،علينا ان نبين ان العولمة
فريدمان� ،إلى مع�سكر المتفائلين بالن�سبة لت�أثيرات العولمة .فا�ستناد ًا
لي�ست مجرد كلمة ترمز �إلى التركيز الح�صري على القيمة للم�ساهم
�إلى كتابه الأخير الذي راج كثير ًا« ،ذي وورلد �إز فالت» (العالم
فيها على ح�ساب �أي اعتبار �آخر؛ وان التدفق الحر لل�سلع والر�ساميل
ال يتطور ب�شكل ي�ؤذي فئات النا�س الأكثر تعر�ض ًا للأخطار� ،أو ي�ض ّر
م�سطح) تعني تكنولوجيات الإنترنت �أن بالإمكان نقل العمل �إلى �أي ّ
مكان من العالم بحث ًا عن الخبرة والأجور المنخف�ضة للأيدي العاملة.
بالقيم االجتماعية والإن�سانية ال�سائدة .ف�إذا عجزنا عن ابتكار طرق
لجعل العولمة �أكثر ا�شتما ًال لجميع النا�س �سوف ن�ضطر لمواجهة
وبذلك �سوف يتعزّز التعاون الخ ّالق .يقوم الأطباء في بنغالور ،بالهند،
احتمال �إعادة االنبعاث للمنازعات االجتماعية الحادة ال�سابقة بعد �أن
بتفح�ص �صور �أ�شعة مر�ضى �أميركيين في الحين الذي يرقد فيه
ه�ؤالء لي ًال في النوم ،وهو تطور يفيد كال البلدين ،في ر�أي فريدمان.
�ضخمتها العولمة على الم�ستوى الدولي».تكون قد ّ
فطبق ًا لال�ستعارة التي يف�ضلها فريدمان ،لقد تمت ت�سوية �أر�ض ملعب
جورج كالك المناف�سة االقت�صادية.
كبير المحررين من جهة �أخرى ،وحتى بالن�سبة لفريدمان ،لدى العولمة عنا�صرها
المقلقة .كتب يقول« ،يعني العالم الم�سطح �أننا نربط �سوية كافة
مراكز المعرفة على كوكبنا في �شبكة عالمية وحيدة ،هذا �إذا لم
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 5 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
مـحــادثـة حـ ــول الـعـولـمـة
ال�شرقية ،و�إلى م�ستقبل الدولة القومية ،وعمليات التزييف ،و�أ�شكال جمعنا ثالثة خبراء لمناق�شة مو�ضوع العولمة واال�ستياء
�أخرى من التجارة غير الم�شروعة ،وكيف ت�ؤثر العولمة على العالم الذي تولده.
النامي ،و�صلتها ب�إعادة انبعاث الإيمان الديني ،وت�أثير العولمة على كل �أدار جل�سة تبادل الأفكار ،جيم�س غال�سمان ،الباحث
من الديمقراطية والديكتاتورية. المقيم في معهد �أميركان �إنتربرايز ،رئي�س تحرير �سابق ،نا�شر،
حاليا لموقع الإنترنتو ُمع ّلق في �صحيفة وا�شنطن بو�ست ،والم�ضيف ً
،TCSDaily.comالذي يركز على ال�صلة بين التكنولوجيا العالية
غال�سمان :دعونا نبد�أ ب�س�ؤال �أ�سا�سي .ما هي العولمة؟ وال�سيا�سة العامة.
مو�سى نعيم ،رئي�س التحرير الحالي لمجلة «ال�سيا�سة الخارجية»
بارفيلد :ح�سن ًا ،لكل مرء تعريف مختلف لها ،على ما �أظن ،لكن (فورين بولي�سي) ،وعالم اقت�صادي فنزويلي عمل كم�س�ؤول في البنك
بالعبارات التي �أرتاح �إليها� ،أعتقد ب�أنها تعني ت�أثير التغييرات الدولي ،و�شغل من�صب وزير التجارة وال�صناعة في فنزويال في
التكنولوجية على البلدان الإفرادية ،والمجتمعات الإفرادية ،بمرور محرمات:ؤخراّ ، الت�سعينات من القرن الما�ضي .كتابه الذي ن�شر م� ً
الزمن .و�أعتقد �أي�ض ًا �أن العولمة تعتمد بدرجة كبيرة على التكنولوجيا. كيف يختطف المهربون ،والمتاجرون بالممنوعات ،والمزيفون
لم يكن من الممكن للعولمة الأكثر ترابط ًا ،كالتي ن�شهدها اليوم� ،أن االقت�صاد العالمي».
تتطور دون التقدم الباهر الذي تحقق على امتداد عدة عقود ما�ضية كلود بارفيلد خبير في التجارة ،وم�ست�شار �سابق للممثل التجاري
في تح�سين كفاية �أنظمة النقل (الت�صنيع وت�سليم الإنتاج في الوقت الأميركي ،وباحث ُمقيم في معهد �أميركان �إنتربرايزّ .الف كتاب،
ال ُمع ّين) ،والتي ا�ستندت �إلى ثورة االت�صاالت التي �أتاحت الترا�سل «التجارة الحرة ،وال�سيادة ،والديمقراطية :م�ستقبل منظمة التجارة
الفوري مع الأفراد والمنظمات حول العالم. حاليا ً
كتابا حول ال�صين. العالمية» .وي�ؤلف ً
تطورا ً
حديثاُ ،ي ّبين خبرا�ؤنا في حين يرى كثيرون في العولمة ً
غال�سمان :هل هذه ظاهرة جديدة؟ �أنها ظاهرة كانت م�ستمرة منذ وقت طويل ،وب�أ�شكال متنوعة ،وحتى
منذ �أن بد�أ النا�س في �أي بلد بالمتاجرة مع النا�س في بلد �آخر .في
بارفيلد :كال� ،أعتقد �أن ب�إمكانك �أن تُعيد ظاهرتها �إلى الع�صر الواقع ،اعتُبرت الفترة الممتدة من �سبعينات القرن التا�سع ع�شر حتى
الإغريقي .ففي �أي وقت تن�ش�أ فيه تجارة بين دول �أو مجتمعات الحرب العالمية الأولى ،والتي كانت فترة من التغيير الهائل في و�سائل
مختلفة ،تبد�أ عند ذاك العولمة ،لأن ما يحدث عندئذٍ هو تبادل النقل واالت�صاالت ،على �أنها الع�صر الذهبي للعولمة .يتطرق النقا�ش
الأفكار ،والتحركات ،والمعامالت� ،أي المعامالت التجارية ،بين الوا�سع النطاق التالي �إلى التغييرات الأخيرة في ال�صين و�أوروبا
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 6 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
�أوروبا ال�شرقية ،والتي ال�شعوب المختلفة.
اتبعت �سيا�سات داخلية هذه هي البداية� ،إذا
ال تجد فيها بالواقع جاز التعبير ،للعولمة.
الكثير من الن�شاطات “�أعتقد �أن ب�إمكانك �أن ترجع فيها �أي حين ال تعود ُمقيم ًا
التجارية. �إىل الع�صر الإغريقي .ففي �أي في مجتمع �إن�ساني
وقت تن�ش�أ فيه التجارة بني دول ُمنعزل دون �أي ات�صال
غال�سمان :يقول بع�ض �أو جمتمعات خمتلفة ،تبد�أ عند مع غيره.
النا�س �أن العولمة فكرة ذاك العوملة ،لأن ما يحدث عندئذ ٍ
�أميركية و�أن باقي دول هو تبادل الأفكار ،والتحركات، غال�سمان� :إذ ًا� ،أنت
العالم تتبنى بذلك واملعامالت� ،أي املعامالت التجارية، تُع ّرف العولمة ا�ستناد ًا
مفهوم ًا �أميركي ًا .هل بني ال�شعوب املختلفة”. �إلى التجارة؟
هذا القول دقيق؟
بارفيلد :ح�سن ًا ،اني
بارفيلد :فقط �إلى المدى الذي �أعتقد فيه �أن الواليات المتحدة ،نظر ًا �أحاول (�أن �أع ّرفها) باال�ستناد �إلى �سياقاتها المجتمعية كما التجارية.
لموقعها خالل القرن الع�شرين ،كانت دائم ًا تقف عند الحد القاطع الفترتان الزمنيتان الأكثر حداثة اللتان ينظر �إليهما النا�س ،هما
المتقدم للتكنولوجيا .وكان هذا �صحيح ًا حتى خالل فترة الركود فترة �أواخر القرن التا�سع ع�شر وفترة �أوائل القرن الع�شرين� ،أي
االقت�صادي الكبير. من حوالي ال�سبعينات في القرن التا�سع ع�شر �إلى الحرب العالمية
الأولى ،حين ح�صلت تغييرات في الأ�ساليب القائمة لأنظمة النقل
غال�سمان :ما هي فوائد العولمة؟ واالت�صاالت ،فبد�أ ينحبك لدينا ن�سيج وثيق جد ًا جد ًا ،لما قد ن�سميه
العالم المتطور ،والذي كان في الواقع �أ�شد �إحكام ًا مما هو عليه العالم
بارفيلد� :أعتقد �أن الفوائد الرئي�سية هي القدرة على ا�ستهالك �سلع المتطور اليوم .ويعتبر البع�ض تلك الفترة على �أنها� ،إذا جاز التعبير،
�أف�ضل ومنتجات �أف�ضل ب�أ�سعار �أقل ،وبالتالي ت�أمين حياة من نوعية ع�صر ًا ذهبي ًا للعولمة .والحق ًا ،يمكننا �أن نعود لنبد�أ بمتابعة عودة
�أف�ضل .تبد�أ الفوائد في االقت�صاد ولكنها ال تنتهي عندها الن للنا�س هذه الظاهرة تدريجي ًا بعد عام ،1945ومن ثم ن�شهد قوتها المتج ّمعة
غايات �أخرى في حياتهم بالإ�ضافة �إلى مجرد الأهداف االقت�صادية. في ال�سبعينات ،والثمانينات ،والت�سعينات من القرن الما�ضي حين بد�أ
واني �أعتقد �أن العولمة و�سيلة تمكنهم من بلوغ الغايات البعيدة الأخرى التفجر الهائل في التكنولوجيات الجديدة الم�ستندة في الواقع ذلك ّ
ال�شخ�صية ،والقومية ،واالجتماعية. �إلى االت�صاالت الفورية وال�سفر العظيم ال�سرعة.
�أعتقد �أن ال�سيا�سة العامة ت�ستطيع بالت�أكيد �أن ت�ؤثر في
غال�سمان :مو�سى ،تحدثت في كتابك الجديد «المحظور :كيف العولمة� .إذا نظر المرء �إلى ال�سيا�سات ال ُمتبعة بعد عام 1921-1920
يخطف المهربون ،المتاجرون بالممنوعات ،والمقلدون االقت�صاد في الواليات المتحدة ،ومن ثم بعد �أن بد�أت فترة الركود االقت�صادي
العالمي» حول العولمة لي�س فقط على �أ�سا�س تكنولوجي بل و�سيا�سي الكبير في �أوائل الثالثينات من القرن الما�ضي في �أوروبا والواليات
�أي�ض ًا .تقول�« ،أحد التغييرات الرئي�سية الذي تُعيد �إلى الذاكرة الموجة المتحدة ،كما في تلك الدول ،كالأرجنتين .والتي كانت قد حققت
الأكثر حداثة من العولمة هي الثورة في ال�سيا�سة ،والتي كان لها نف�س بالفعل تقدم ًا جيد ًا خالل ذلك الفا�صل الزمني ،ف�إنه يجد �أن كافة
العمق والقدرة التغييرية القائمة في التكنولوجيا»� .أخبرنا ،هل �أن هذه هذه البلدان كانت تتبع �سيا�سات قد ن�سميها �سيا�سات ما ي�سمى
الثورة في ال�سيا�سة حدثت ب�سبب الثورة في التكنولوجيا �أو الثورة في «باالكتفاء الذاتي» (تهدف �إلى تحقيق االكتفاء الذاتي �أو اال�ستقالل
�أنظمة االت�صاالت؟ كيف حدث ذلك؟ االقت�صادي) .فقد انكف�أت تلك الدول على ذاتها حينذاك ،فانقطعت
التجارة وانقطع اال�ستثمار.
نعيم :ال �أظن �أننا نعرف كيف حدث ذلك .كل ما نعرفه هو �أن
الثورتين ح�صلتا في نف�س الوقت وهناك مبرر جيد ومتين للقول �إنه غال�سمان :فيما يخ�ص دول «االكتفاء الذاتي» هذه ،هل ال زال هناك
كلما ازدادت كمية المعلومات التي يمتلكها النا�س كلما تعززت حريتهم عدد هام منها؟
في التع ّلم كيف يعي�ش الآخرون� .أن�ش�أ ذلك حوافز قوية لهم �أي�ض ًا
للجهاد والكفاح من �أجل الحرية� .إذ ًا هناك �صلة بين التكنولوجيات بارفيلد :يمكنك �أن ت�أخذ كوريا ال�شمالية كمثال وا�ضح عن ذلك
الجديدة في �أنظمة االت�صاالت والنقل وبين الثورات ال�سيا�سية التي اليوم ،ولكن حتى هذا المثال بد�أ ينهار .وكذلك �أعتقد �أنه كانت
حدثت في الت�سعينات من القرن الع�شرين ،والتي فتحت الحدود لدينا �أي�ض ًا �أنظمة االكتفاء الذاتي التي �أقامها االتحاد ال�سوفياتي في
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 7 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
و�أن�ش�أت موجة ُمحفزة لن�شر الديمقراطية� .سوف يكون من ال�صعب
جد ًا تحديد ماهية ال�سببية ولكن ذلك ال يهم ،فما نعرفه هو �أن هذين
الأمرين تالقيا في نقطة واحدة ،و�أعتقد �أن هذا مهم جد ًا.
�أحد الأ�شياء التي �أحاول �أن �أحققها في الكتاب هو ف�صل
الربط الذهني الكثير ال�شيوع بين العولمة والتجارة� ،أو بين العولمة
واال�ستثمار� ،أو بين العولمة واالقت�صاد� .أعتقد �أنه من المهم جد ًا
�أن نفهم ب�أن العالم مت�صل عبر طرق تتجاوز االقت�صادات وتتجاوز
التجارة .وكما تعرف ،فان حدث ُ 11/9ي�ش ّكل نموذج ًا عن العولمة.
كان اال�ضطراب ال�سيا�سي في الجانب الآخر من العالم هو الدافع �إلى
bullit marquez ©ap/wwp
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 9 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
بكاملها� .سمعنا في هذا البلد ،الواليات المتحدة ،في ال�سنة الما�ضية
نقا�ش ًا حاد ًا للغاية حول ا�ستدراج الأعمال من الخارج ،حول ا�ستخدام
الموظفين في �آ�سيا ،في الهند ،للقيام بالعمل الذي كان من المعتاد
القيام به هنا .يمكنك اكت�شاف الكثير من القلق الذي يتجاوز م�س�ألة
فقد فر�ص العمل� .إذا ق�ست الخ�سارة لفر�ص العمل ب�سبب تحويل
الوظائف �إلى الخارج تجد �أنها �صغيرة جد ًا .لكن النقا�ش يجعلنا
نعتقد �أن الخ�سارة �ستكون لمئات الآالف من الموظفين الأميركيين
نعيم� :أف�ضل مثال هو النموذج الذي �أعطيته بنف�سك حول مزارعي بارفيلد :قالت الواليات المتحدة وقال الأوروبيون والدول المتطورة،
الأرز في كوريا الجنوبية ،لأنني �أت�ساءل �أين كان موقع م�ستهلكي الأرز �إننا نحتاج �إلى عقد �أو عقد ون�صف لإزالة الحواجز �أمام تجارة
في تلك االجتماعات؟ بالطبع هناك جيل كامل من مزارعي الأرز في الأقم�شة والمالب�س التي تُ�ش ّكل القطاعات التي تحظى بحماية ق�صوى
كوريا الجنوبية �سوف يعاني من التعديالت التي �سوف يتم �إدخالها في العديد من االقت�صادات .ولذلك قلنا في �أوائل الت�سعينات من
�إلى قوانين التجارة بالأرز .ولكن بالمقابل �سوف ي�ستفيد عدد �أكبر من القرن الما�ضي اتركوا لنا هذا العقد .تقول الدول النامية ب�صورة
النا�س من االنفتاح التجاري ومن �إلغاء الإعانات المالية� ،أي الإعانات مماثلة ،ح�سن ًا ،اتركوا لنا هذا العقد �أو العقد والن�صف الإ�ضافي .لكن
المالية التي ت�شوه التجارة بالأرز .يوجد م�ستهلكون غير ممثلين هناك الم�شكلة التي نواجهها هي �أن ال �أحد يقوم ب�أي �شيء في هذا النطاق.
الن كل واحد منهم �سوف ي�ستفيد بطريقة �صغيرة ،بطريقة �ضئيلة لذلك ،لي�س لدي �أية م�شكلة تتعلق ب�إعطاء وقت �أطول ،ولكن
للغاية في �أحيان كثيرة ،بينما �سوف يت�أذى المزارعون الكوريون فوراً يجب �أن يكون وقت ًا محدد ًا مثبت ًا بمتانة قدر الإمكان .وعلينا �أي�ضاً
بطريقة يمكن قيا�سها ب�شكل وا�ضح .لذلك ي�صبح ح�شدهم وتنظيم �أن نحتفظ في �أذهاننا بما تتحدث عنه كثير ًا الدول النامية عندما
تحركهم �أ�سهل بكثير. تتحدث عن ما ي�سمى المعاملة الخا�صة �أو المميزة� ،أي �أن ت�سمح هذه
الجواب على النقطة التي �أثرتها هو نعم هذا هو ما يح�صل ،ولكن الدول لنف�سها ب�أن تعاني لمدة �أطول من الكوارث التي تلحقها بها
هناك �أمرا �أبعد من ذلك .و�أعتقد �أننا ال زلنا ُنك ّيف عقولنا للتعامل احتكاراتها المحلية و�صناعاتها غير الكف�ؤة .لذلك �أنت ال تقدّم لها
مع عالم جديد حيث كانت الأيديولوجيات التقليدية من الما�ضي، بالواقع خدمة كبيرة.
�أي اال�شتراكية �أو ال�شيوعية وفق نمط االتحاد ال�سوفياتي ،كما تعلم،
تو ّفر لأعداد كبيرة من النا�س مرتكزات يعتمدون عليها حول طريقة غال�سمان :بالإ�ضافة �إلى التجارة غير الم�شروعة في ال�سلع المزيفة
التفكير بالعالم وكيفية تف�سير التغييرات؛ عالم كانت توجد فيه هل للعولمة جانب �سيئ؟
قوتان عظيمتان توازن �إحداهما الأخرى .اما الآن فال توجد �سوى
قوة عظمى واحدة وت�صلنا في كل يوم �أخبار التغييرات التي ال نعرف نعيم :للعولمة نتائج �سلبية ،وقد بد�أنا ن�شاهد بع�ضها فع ًال .هناك
كيف ُنف�سرها ،ابتدا ًء من اال�ستن�ساخ للمخلوقات مرور ًا بال�ش�ؤون التي �شعور عام باالنزعاج فيها لدى ال�سكان� .إننا نعرف �أن قدر ًا كبير ًا من
ت�أتي بها �شبكة الإنترنت والمتاجرة بالممنوعات ،والحرب في العراق، مقاومتهم يعود �إلى �شعورهم ب�أن �شيئ ًا كبير ًا يح�صل� ،أي تغييرات ت�ؤثر
وانتها ًء بالإرهابيين االنتحاريين الدوليين الراغبين في �أن َيقتلوا بعمق كبير جد ًا على طريقة حياتهم ،بحيث قد تتمكن �أو ال تتمكن
و ُيقتلوا. بع�ض ال�شركات من البقاء .تجري حالي ًا عملية �إعادة تعريف لقطاعات
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 10 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
نعيم :نرى هذا في الواليات بارفيلد :لكن هذا لأمر
المتحدة .ال �شك في ذلك. بب�ساطة غير �صحيح في
تكون النتائج التحرك نحو المجتمعات المغلقة؛
الزيادة في التدين والزيادة ولكنه �صحيح في الواليات
في الممار�سات الر�سمية “هل توجد �صلة بني العوملة المتحدة .نحن مجتمع كان
لل�شعائر الدينية ،وحتى
يطلق التي الديني، إميان ل ا وبروز ب�صورة تقليدية مجتمع ًا
�إلى وجود �أكبر للتف�سيرات متحرك ًا يقبل �أفكار ًا جديدة
الأ�صولية للدين في الحياة أ�صولية ل ا ا�سم عليها البع�ض ويملك قدرة �أعظم على
اليومية ،وحتى في ال�سيا�سة. لي�س نالحظها والتي الدينية، القيام بذلك دون قلق
�أعتقد �أن وراء �س�ؤالك فقط يف العامل الإ�سالمي بل يف بدرجة �أكبر من القلق الذي
هناك فر�ضية قوية ب�أنه الديانات الأخرى” ي�صيب مجتمعات �أخرى.
مع تغ ّير العالم� ،إما ب�سبب ولكن �أعتقد �أن النظر
العولمة �أو ثورة المعلومات، �إلى �أبعد من االقت�صادات
كما ب�سبب كافة التغييرات يولد �إح�سا�س ًا �أعظم الآن
التي تحدثتما عنها التي ب�أن هناك عددا كبيرا من
ً
تم�سنا جميعا� ،أ�صبح النا�س يبحثون عن مرتكزات ي�ستندون �إليها. القوى الخارجة عن نطاق �سيطرتنا� .أعني بذلك الأفراد وال �أعني
والذي يح�صل هو الهبوط في �إمكانيات التكهن .كان لدى الحكومات وقد تتولد هذه القوى من �أي �شيء ابتدا ًء من التكنولوجيا
ً
النا�س في ال�سابق �شعور �أن م�سيرة حياتهم �سوف تكون تقريبا كما البيولوجية وانتها ًء بالت�أثير اال�ستثنائي لثورة المعلومات.
�سارت حياة جيرانهم وعائالتهم .اما ال�شعور الآن هو �أن من الممكن �أعتقد �أن ال�شباب يقبلون الكثير من هذه الأفكار ،ويفهمون كيف
�أن تح�صل لديك الكثير من الأمور في حياتك� ،أي الكثير من الأمور يتعاملون مع هواتفهم الخليوية ومع كافة �أجهزة الكمبيوتر وغيرها،
ً ً
الرائعة كما يمكن �أن تح�صل �أي�ضا بع�ض الأ�شياء الرهيبة جدا تجعل ولكنهم �أكثر �إدراك ًا لحقيقة هذه الأمور و�أهميتها ،حتى لهم ،ولو كانت
حياتك وحياة �أفراد عائلتك تختلف عن حياة جيرانك� ،أو عائلتك� ،أو هذه التكنولوجيا بالواقع تثير البلبلة في العقول.
�أ�شقائك� ،أو �شقيقاتك.
ولذلك بوجود هذا ال�شعور بال�شك ،بالقلق حول �أين تتجه غال�سمان :لكن هناك �أمورا تخرج عن �سيطرة النا�س �أكثر مما كانت
�إليها الأمور ،يحتاج النا�س �إلى �شيء يتم�سكون به ،واعتقد �أن هناك في ال�سابق� ،أو هل �أننا �أ�صبحنا نعرف حول ما يدور في العالم �أكثر
فر�صة قوية جد ًا لتحقيق ذلك من خالل الدين .هذا ما يح�صل في مما كنا نعرفه قب ًال؟ بكلمات �أخرى ،اني �أثير مجدد ًا دور �أنظمة
بع�ض البلدان .وفي بلدان �أخرى ،حل الدين محل الأمل باالزدهار االت�صاالت التي قد تكون لها ت�أثيرات مفيدة �إجمالية ولكنها في نف�س
ك�أ�سلوب فكري .في الكثير من دول ال�شرق الأو�سط ،كما تعلم ،الأداء الوقت ت�ستطيع ان تولد الكثير من القلق .فعلى �سبيل المثال ،الحظنا
االقت�صادي تعي�س ،وحتى في البلدان الثرية .و�إذا جمعت ذلك مع ازدياد عدد الكوارث الطبيعية ،ولكن يعتقد بالفعل علماء كثيرون �أن
الأو�ضاع الديموغرافية حيث ال يملك العديد من ال�شباب و�صغار ال�سن عددها لي�س على ازدياد ،بل �أن الأمر هو �أننا �أ�صبحنا نعرف الآن ما
بالأ�سا�س �أي �أمل� ،أي �أمل ب�سيا�سات �أف�ضل� ،أو بالم�شاركة في الحياة يجري حولنا.
العامة والحياة ال�سيا�سة في البالد� ،أو �أي �أمل لتحقيق الرخاء لهم
بالفعل والح�صول على �سلع مادية �أكثر ،ي�صبح الدين خيار مثير جداً بارفيلد� :أفكر بهذا االئتالف .النا�س يتحدثون عن هذه الأمور� ،أي
لالهتمام .وفي �أحيان كثيرة ُي�ش ّكل الخيار الوحيد� ،أي لتكري�س الفرد �أنك ت�سمع تلك الق�ص�ص من �أوائل منت�صف القرن التا�سع ع�شر
لحياته �إلى ق�ضية� ،إلى فكرة� ،إلى �أمل �أو �إلى عاطفة� ،إلى الإيمان عندما �شاهد النا�س للمرة الأولى قطار ًا �سائر ًا ف�أدخل ذلك الرعب
الديني العميق. في قلوبهم� .أو عندما ح�صلت على �أول جهاز راديو تجتاز من خالله
حدود وطنك �أو مدينتك في الواليات المتحدة .لكني �أظن� ،أن الأمر
بارفيلد :لكنني �أعتقد �أن ال�شيء المثير بالفعل وجوب �أن يكون ال�شرق يعود �إلى نطاق التغيير الذي ي�أتينا من كل االتجاهات في نف�س الوقت،
الأو�سط في المقدمة وفي المركز� .أعني ،فكر بمجرد ما يحدث فيه. ومن كافة حقول المعرفة� ،أي من التكنولوجيا والعلوم كذلك.
تحدثنا عن حياة النا�س التي تُقلع من جذورها ويتم تغييرها .فكر
ب�شخ�ص �شاب ،لنقل عا�ش في ال�ستينات� ،أو ال�سبعينات� ،أو الثمانينات غال�سمان :مو�سى ،هل توجد �صلة بين العولمة وبروز الإيمان الديني،
من القرن الما�ضي في ال�صين ،ف ّكر ماذا كان يقول .ثم فكر في هذا التي يطلق البع�ض عليها ا�سم الأ�صولية الدينية ،والتي نالحظها لي�س
الجيل الذي ينطلق الآن .لنقل جيل المراهقين في ال�صين اليوم .كان فقط في العالم الإ�سالمي بل في الديانات الأخرى؟
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 11 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
غال�سمان� :أين تعيق العولمة م�سار الديمقراطية؟
نعيم� :أفكر ،على �سبيل المثال ،بالدول النفطية حيث �أوجدت العولمة
�أ�سواق ًا وا�سعة جد ًا .يعود جزء كبير من �سبب ارتفاع �سعر النفط
�إلى ما يحدث في ال�صين والن االقت�صاد العالمي ينمو بدرجة ذات
�ش�أن كبير جد ًا .ين�شئ هذا الواقع م�صدر ًا متوا�ص ًال من الإيرادات
لحكومات ا�سبتدادية وهذه الإيرادات العالية جد ًا تكبت الإ�صالحات
االقت�صادية والديمقراطية.
بارفيلد :ال �أخالفك في الر�أي ولكن �أعتقد �أن ال�شيء الم�ؤ�سف بالن�سبة
لهذه الدول هو �أن يكون لها هذا المورد الوحيد ،بحيث ال ت�ؤثر فيها
بارفيلد :ح�سن ًا ،هذا �صحيح ولكن الأمر بمجمله هو عدم ا�ضطرار
هذه الدول النفطية �إلى التدافع كما فعلت البرازيل� ،أو الأرجنتين� ،أو لدينا عدد من ال�شباب في معهدي� ،شباب �صينيون كانوا مقتنعين
الت�شيلي مث ًال .هذه الم�سالة برمتها ،وفي الرجوع �إلى �س�ؤالك الأ�صلي، ب�أنه �سوف يقوم �شكل من �أ�شكال الديمقراطية لديهم� .إنهم نماذج
هل تولد العولمة الديمقراطية ب�صورة «طبيعية»؟ فالجواب هو كال. عملية عن حملة �شهادة الماج�ستير في �إدارة الأعمال� ،إنهم لي�سوا من
لكن من جهة �أخرى �أنها معركة تجري في الأو�ساط الفكرية ،التي الحالمين ،مع ذلك �سوف يكون هذا التحول �صعب ًا جد ًا.
�أعتقد �أن كتاب ال�سيد نعيم تطرق �إليها� ،أي بين الواقعيين وبين ما
يعرفون با�سم «الدوليون الأحرار» .ولدينا في المعهد حيث �أعمل، غال�سمان :دعني �أطرح ذلك ال�س�ؤال ،الذي �أ�صبح مبتذ ًال تقريب ًا،
�أولئك الذين يهتمون بالأمن والدبلوما�سية يقولون �إن االقت�صاديين لكني ال زلت �أحب �أن �أعرف الجواب :هل العولمة ،دعنا ن�صفها
�أو الأفراد الذين ي�ؤيدون العولمة ي�شعرون بالت�أكيد ب�أن العولمة �سوف بعبارات اقت�صادية على �أنها تعني االقت�صاد الأكثر انفتاح ًا ،اقت�صاد ًا
تقود �إلى الديمقراطية .ح�سن ًا� ،أنظر �إلى ال�صينيين .ال يبدو �أنها �أكثر توجه ًا نحو ال�سوق ،تقود ب�صورة طبيعية �إلى الديمقراطية؟
حققت ذلك .و�أوافقك هذا الر�أي .ال �أعتقد بوجود تقدم طبيعي نحو
الديمقراطية. نعيم� :أظن �أن الوقت ال زال مبكر ًا جد ًا للإجابة عن ذلك .ال نعرف.
ً
لكن ،من ال�صحيح �أي�ضا �أنه بوجود العولمة� ،أو حتى بواقع كون
الحكومة ال�صينية ت�ستطيع ال�سيطرة جزئي ًا على الإنترنت كما ت�سيطر غال�سمان :لي�س في ال�صين فقط بل في �أي مكان؟
على م�صادر معلومات �أخرى ،من الم�ستحيل بالفعل في اليوم الحا�ضر
ال�سيطرة على ال�سكان فيما يخ�ص المعلومات ،فيما يخ�ص �إحكام نعيم� :أي مكان .ال نعرف .نذكر ،كانت لدينا موجات من العولمة عبر
عزلهم ،كما قد ت�ستطيع فعل ذلك في �أوروبا ال�شرقية ،في المجر التاريخ ،لي�ست هذه المرة الأولى التي عرف فيها العالم تكام ًال مكثف ًا
وت�شيكو�سلوفاكيا .في الخم�سينات وال�ستينات من القرن الما�ضي �أو في جد ًا بين اقت�صادات مختلفة .بد�أت الظاهرة الحالية ب�سرعة كبيرة
ال�صين في ال�ستينات من القرن الما�ضي .حينئذٍ تدرك �أن ال�صينيين في الت�سعينات من القرن الما�ضي .مرة �أخرى ،كانت ثورة المعلومات
بد�أوا �أي�ض ًا ي�سمحون لطالبهم بال�سفر �إلى كافة �أنحاء العالم .ف�إذا المتجاوزة مع انهيار االتحاد ال�سوفياتي؛ وفتح �أ�سواق دول كانت
كنت حاكم ًا ا�ستبدادي ًا تكون بفعلك هذا قد �أطلقت قوى لن تتمكن مغلقة في ال�سابق� .إنها تحدث وبينما نتكلم الآن ،وتحدث ب�سرعة
في النهاية من ال�سيطرة عليها .هل �ستو ّلد العولمة الديمقراطية، وبطرق ال نفهمها بالكامل حتى الآن .تخلق العولمة في مناطق معينة
ال �أعرف .ولكن من ال�صحيح بالت�أكيد �أنها �سوف تكون مثيرة ظروف ًا �أف�ضل للديمقراطيات وفي مناطق �أخرى تعيق العولمة م�سار
لال�ضطراب لدى �أي حكومة تكون في ال�سلطة. الديمقراطيات.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 12 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
بارفيلد� :أعتقد انك �إذا نظرت �إلى البلدان النامية،
عليك �أن تن�سى ما يقوله ال�سيا�سيون �أو ما �سوف يوقعون
عليه� ،أو ما �سيوقع عليه ر�ؤ�ساء الدول خالل المحادثات
التجارية الجارية في هونغ كونغ .وخذ كمثال دول �آ�سيا
ال�شرقية� ،أو حتى �أميركا الالتينية ،وارجع فقط �إلى
ال�س�ؤال الأ�صلي .ترف�ض هذه الدول التوقيع على معاهدات
تفر�ض عليها حقوق الم�ستثمرين �أو اال�ستثمارات ،مع
العلم �أنها فتحت حدودها ب�شكل وا�سع.
وال�شيء الآخر الذي يتوجب عليك �إبقا�ؤه في ذهنك
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 13 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
ال�سيا�سية الجديدة. التلغراف �أحدث ذلك
انه �أمر ال يمكن قبل من إنرتنت ل ا �شبكة “ا�ستخدام فورة من االت�صاالت
عك�سه حيث �أنه املراهقني الذين يتوا�صلون مع �أنداد ٍ حول العالم .لكن
من الممكن ،كما لهم حول العامل ميلكون ذهنية مماثلة الم�ؤ�س�سات هي
قال ال�سيد بارفيلد، لذهنيتهم .هناك �أنواع متعددة من في الغالب التي
ال�سيطرة على املجموعات التي متلك ذهنية متماثلة، ا�ستخدمت نظام
الإنترنت ولكن توجد جمموعات �أ�صحاب امل�صلحة ،نا�س الإر�سال عبر
حدود لمدى قدرة يت�شاطرون نف�س االهتمامات وال�شغف التلغراف .ومقارنة
ال�سيطرة عليها. بذلك ،يجرى الآن
والتكنولوجيات والهوايات ،فيتوا�صلون عرب
لذلك فقد ا�ستخدام �شبكة
�أف�شي ال�سر .النا�س احلدود وين�شئون جمتمعات فعلية تقوم الإنترنت من قبل
ينظمون �صفوفهم. بكافة �أنواع الن�شاطات والقدرات ويطورون المراهقين الذين
لدينا �أكثر من اجلديدة”. ال�سيا�سية الديناميات أنواع � كافة أنداد
يتوا�صلون مع � ٍ
ذلك ،لدينا عولمة لهم حول العالم
فردية �أكثر مما ر�أيناه عبر التاريخ .كانت الموجات ال�سابقة للعولمة يملكون ذهنية مماثلة لذهنيتهم .هناك �أنواع متعددة من المجموعات
م�ؤ�س�ساتية ،وكانت تجارية ،حيث كان �أ�صحاب الأدوار المركزية التي تملك ذهنية متماثلة ،مجموعات �أ�صحاب الم�صلحة ،النا�س
ال�شركات التجارية .اما اليوم فقد �أ�صبحت هناك عولمة للأفراد وهذا الذين يت�شاطرون نف�س االهتمامات وال�شغف والتكنولوجيات
ما ي�شكل اختالف ًا مهم ًا جداً. والهوايات ،فيتوا�صلون عبر الحدود وين�شئون مجتمعات فعلية تقوم
بكافة �أنواع الن�شاطات والقدرات ويطورون كافة �أنواع الديناميات
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو
�سيا�سات الحكومة الأميركية.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 14 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
رحالت قمي�ص تي �شريت
بقلم بيرتا ريفويل
كان النا�س يريدونني �أن �أفهم موقعهم في االقت�صاد العالمي، بد�أ كل �شيء في اجتماع
�أرادوا �أن ي�شرحوا لي كيف يعمل عالمهم الم�صغر في مجال لمنظمة التجارة العالمية
العولمة� ،أرادوا �أن �أفهم مدى التعقيد ،مدى ال�صعوبة ،ولكن �أي�ض ًا عام � ،1999س�أل نا�شط
مدى الإثارة في مواجهتهم للتحديات كل يوم. معار�ض بيترا ريفولي،
خالل رحالتي حول العالم لأجري مقابالت للكتاب� ،سمعت الأ�ستاذة الم�شاركة في فرع
الكثير من وجهات النظر والآراء المت�ضاربة حول الإعانات المالية تدري�س العلوم المالية في
المقدمة لمزارعي القطن وحول ال�سيا�سة التجارية ،حول ال�صين كلية ماكدونو لإدارة الأعمال
وحول فقد الوظائف ،لكني لم �أقابل �أي �أ�شرار .ال يوجد �أنا�س في جامعة جورجتاون« :من
�سيئون في ق�صة حياة قمي�ص التي �شيرت خا�صتي .كان الجميع، �صنع قمي�ص التي �شيرت
كل م�ؤ�س�سة �أعمال ،كل �صاحب م�شروع تجاري ،كل رجل �سيا�سي الذي ترتدينه؟» في �سعيها
من بين الم�شاركين في حياة قمي�ص التي �شيرت يحاولون �شق لإيجاد الجواب� ،سافرت
طريقهم في �سوق تناف�سية� ،سوق كثير ًا ما تتغير تحت �أقدامهم. ريفولي �إلى ال�صين،
�أ ّلفت هذا الكتاب خالل �أوقات �صاخبة وم�أ�ساوية في �أحيان وتك�سا�س ،وتنزانيا حيث
كثيرة ،عبر �أحداث 11/9وحربي �أفغان�ستان والعراق ،عبر قنابل لم�ست بالتجربة المبا�شرة تعقيدات االقت�صاد العالمي� .سردت
الإرهابيين في �أوروبا ،وعبر انتخابات عامة �شاهدت خالفات الق�صة في كتابها« ،رحالت قمي�ص تي �شيرت في االقت�صاد
مريرة في �أميركا .ولكن خالل رحالتي ،من مزرعة قطن في العالمي :عالمة اقت�صادية تدر�س الأ�سواق ،ال�سلطة و�سيا�سة
تك�سا�س �إلى م�صنع �صيني ،من بيروقراطيين في وا�شنطن �إلى منظمة التجارة العالمية» .وفي المقال التالي ،تت�أمل في تجاربها
بائع مالب�س م�ستعملة من الجيل الثالث ينتمي �إلى عائلة يهودية وتتعجب كيف تملك التجارة القدرة على �أن تجذب �سوية نا�س ًا
مهاجرة� ،إلى م�ستوردين م�سلمين في �أفريقيا ال�شرقية ،بقيت متباينين.
�أتعجب كيف ي�ستطيع كل فرد من ح�سن تدبير �أموره الحياتية.
فبينما كانت القنابل تت�ساقط ،ظل ه�ؤالء الم�سلمون ،اليهود،
ال�سود ،والبي�ض �أ�صدقاء ب�سبب قمي�ص التي �شيرت خا�صتي. عندما قررت �أن اتبع حول العالم رحلة قمي�ص التي
لقد ربطهم �سوية الغزل ،والقما�ش ،واللبا�س ،لقد ربطتهم �سوية �شيرت الذي ارتديه ،كان ما �أردت �أن �أفعله �أكثر
التجارة العالمية .لم يكن لديهم خيار غير اال�ستمرار في التحدث من �أي �شيء �آخر �أن �أحكي ق�صة عظيمة .لم �أبد�أ
مع بع�ضهم البع�ض .يتدبر �صغار التجار �ش�ؤونهم بطريقة ح�سنة، بمحاولة �إثبات �صحة نقطة معينة �أو تقديم در�س ،رغم �أن الدرو�س
بينما الكبار كانوا يتفاءلون فيما بينهم .مهما كانت المناق�شات برزت بالت�أكيد من خالل رحالتي .كان لدي �إح�سا�س بان هذا
حول التجارة ،فقد ا�صبح من الوا�ضح لي بعد قيامي بهذه ال�شيء الب�سيط كان يملك ق�صة �ساحرة ومعقدة ،يود �أن يحكيها،
الرحالت ان التجارة هي بكل و�ضوح �أداة لل�سالم والتفاهم .ا�شعر ق�صة قد تحدث �صدى لدى كل فرد يرتدي مالب�سه �صباح كل يوم،
باني محظوظة الن كل فرد كتبت عنه �أ�صبح الآن �صديقي و�آمل �أن و�أردت �أن �أ�سرد تلك الق�صة.
يحب القراء كل �أ�صحاب الأدوار في ق�صة حياة قمي�ص التي �شيرت ّ
وجدت �أن النا�س في كافة �أنحاء العالم يرغبون في التمكن
خا�صتي بقدر ما �أحبهم. من �شرح �أمور �إلى �أ�ساتذتهم .ال بد و�أن تو ّلد هذه الرغبة نوع ًا
لقد د ّر�ست في كلية �إدارة الأعمال لفترة طويلة ،وهكذا، من الإثارة المنحرفة� .إن كنت في مزرعة قطن في تك�سا�س �أو في
�أعرف كم من ال�سهل �إثارة �ضجر النا�س بالتحدث عن العجز متجر �صغير في الهواء الطلق في �أفريقيا يبيع قم�صان تي �شيرت،
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 15 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
راديو .ثم منحني ارفع �إطراء لأ�ستاذ جامعي عندما قال ان الكتاب التجاري� ،أو المناف�سة� ،أو البطالة .ولكن كل فرد يحب اال�ستماع
غ ّير الطريقة التي كان يفكر فيها حول العولمة وحتى لكيفية �إلى ق�صة جيدة .يتجنب بع�ض مد ّر�سي مو�ضوع �إدارة الأعمال
�إعداده التقارير المتعلقة بالتجارة الدولية في الم�ستقبل. �سرد الق�ص�ص خالل تعليمهم �أو في �أبحاثهم ب�سبب قلقهم من �أن
�أُذيعت �سل�سلة المقابالت من محطة الإذاعة المذكورة تنتق�ص هذه الق�ص�ص من م�صداقيتهم �أو �أهميتهم الفكرية .ولكن
ب�صورة متتابعة على امتداد �شهر �أو قريب ًا من ذلك ،ك ّنا� ،آدم و�أنا، طالما نقوم ب�أف�ضل ما ن�ستطيع في حكاية الق�صة بكاملها ،ولي�س
نكرر زيارة العديد من الأماكن التي كتبت عنها :مزارع القطن مجرد نوادر مختارة لإثبات ر�أينا ،ف�إن الق�ص�ص يمكنها تحقيق
في تك�سا�س والم�صانع ال�صينية .في المقابالت الإذاعية لم يكن الكثير في م�ساعدتنا لفهم التعقيدات التجارية والأعمال الدولية.
لدينا �أكثر من 24دقيقة لنلخ�ص محتوى كتاب ا�ستغرق �إعداده �آمل بان تكون ق�صة قمي�ص التي �شيرت خا�صتي قد حققت ذلك.
� 5سنوات والتحدث عن رحالت غطت الآالف من الأميال ،مجرد وب�صفتي م�ؤلفة كتاب للمرة الأولى ،واجهت لحظات مثيرة
24دقيقة ل�سرد �سيرة حياة هذا ال�شيء الب�سيط والكثير التعقيد. برزت خاللها ب�ضع حاالت من «قر�ص نف�سي للت�أكد من حقيقة ما
وبينما كنت ا�ستمع �إلى الأ�صوات الخلفية التي �سجلها لترافق �إذاعة يحدث» منذ �صدور الكتاب .كانت الحالة الأولى عندما علمت �أن
هذه المقابالت� :ضجيج الجرارات� ،أ�صوات �آالت الخياطة� ،أ�صوات مجلة «تايم» �سوف تراجع الكتاب ،وحدثت الحالة الثانية عندما
محالج القطن وال�سكوت المخيف لم�صنع قم�صان تي �شيرت التقطت �سماعة الهاتف لأجد مرا�سل الأخبار التجارية الدولية
مغلق بالأقفال الخارجية في والية الأباما� ،أدركت ب�أني لم �أفكر في محطة الإذاعة ،بابليك نا�شيونال راديو� ،أدم دافيد�سون،
�أبد ًا بالأ�صوات التي تولدها العولمة .ف�إذا �أغلقت عينيك و�أ�صغيت على الخط� .أخبرني �أنه �أحب الكتاب ويريد �إجراء �سل�سلة من
فيمكنك �أن ت�سمع كل هذه الأ�شياء ت�شتغل. المقابالت حوله تذاع من محطة الإذاعة العامة نا�شيونال بابليك
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو
�سيا�سات الحكومة الأميركية.
© DOUGLAS WHYTE/CORBIS, COURTESY OF JOHN WILEY & SONS, INC.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 16 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
ال�سيا�سة االقت�صادية التحويلية الأميركية
الربط بين التجارة ،والنمو ،والتنمية االقت�صادية
بقلم جوزيت �شريان �شايرن
وكيلة وزارة اخلارجية لل�ش�ؤون االقت�صادية ،والتجارية ،والزراعية
العظيم؛ وم�شاريع بدائل اال�ستيراد التي نفذتها بلدان نامية خالل جوزيت �شيران �شاينر ،وكيلة وزارة الخارجية الأميركية لل�ش�ؤون
ال�ستينات وال�سبعينات من القرن الما�ضي لم تُ�شجع النمو االقت�صادي؛ االقت�صادية ،والتجارية ،والزراعية ،تناق�ش العالقة بين التجارة
وال�شيوعية �أعاقت نمو الإنتاجية ،واالبتكار ،والحرية االقت�صادية. والنمو االقت�صادي.
ف�سيا�سة الحماية التجارية ال ت�ؤ ّمن �أي فوائد م�ستديمة.
من جهة �أخرى ،ف�إن تحرير التجارة ي�ؤ ّمن م�ساهمة ذات �ش�أن
في النمو االقت�صادي ،وفي تخفي�ض م�ستوى الفقر ،وت�أمين اال�ستقرار لماذا تنعم بع�ض البلدان بنمو اقت�صادي قوي بينما
حول العالم .ت�ؤكد الدرا�سات االقت�صادية �أن الدول التي تملك ال تنعم بذلك بلدان �أخرى؟ بين عام 1975وعام 2003
اقت�صادات �أكثر انفتاح ًا ت�شارك �أكثر في التجارة الدولية المتزايدة، حقق �أكثر من ن�صف عدد البلدان في العالم معدالت
وتحقق معدالت نمو �أعلى من االقت�صادات الأكثر انغالق ًا .فمن بين نمو �سنوي للناتج المحلي الإجمالي للفرد تقل عن ( %1واحد بالمئة).
البلدان النامية ،حققت تلك البلدان التي تتعاطى بقدر �أعظم في وبالفعل ازداد فقر ًا ثلث العدد الإجمالي لجميع البلدان .وكان من
التجارة الدولية معدالت نمو �أكبر بثالثة �أ�ضعاف مما حققته بلدان المحتمل �أن يكون هذا العدد حتى �أكبر من ذلك� ،إذا كان للمرء �أن
�شاركت بقدر �أقل في التجارة الدولية خالل الت�سعينات من القرن ي�شمل فيه المعطيات من �أكثر من 35بلد ًا �إ�ضافي ًا م�ؤ�س�ساتها ال تملك
الما�ضي. حتى القدرة على جمع �إح�صائيات ُيعتمد عليها.
ً
تعتبر ال�صين والهند النموذجين الأكثر و�ضوحا لقوة تحرير وب�صورة متزايدة ،ي�سعى علماء االقت�صاد واخت�صا�صيو التنمية
التجارة .فقبل ثالثين عام ًا ،كان البلدان يعانيان من فقر وا�سع لإيجاد ما يربط هذا الأمر بالتجارة .ف�إذا نظر المرء �إلى العالم
االنت�شار .وال زاال يملكان ب�شكل �أ�سا�سي نف�س الموارد الطبيعية نظرة وا�سعة عبر القرن الما�ضي ،ي�صعب عليه العثور على دليل
الأ�سا�سية التي كانت لديهما في تلك الفترة .كما ظلت �أنظمتهما ثابت ي�ؤكد فوائد �سيا�سة الحماية التجارية للمنتجات القومية .رغم
ال�سيا�سية بدون تغيير ن�سبي ًا على مر ال�سنين .ولكن يتمتع اليوم ذلك ،هناك �أمثلة كثيرة على �سوء ت�صميم �سيا�سات حماية المنتجات
البلدان بمعدالت نمو اقت�صادي من بين �أعلى المعدالت في العالم. القومية :ال�سيا�سة االنعزالية التي اتبعتها الواليات المتحدة �أثر
فماذا تغير؟ فتحا �أ�سواقهما �أمام العالم� ،ساهما في تحقيق �أعظم انهيار �سوق الأ�سهم عام � 1929سارعت في زيادة الركود االقت�صادي
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 17 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
وت�ساعدها في التناف�س على الم�ستوى العالمي .تتوفر فر�صة فريدة
�أمام البلدان النامية لح�صد مكا�سب التجارة الأكثر تحرر ًا لكن
معدالت الر�سوم الجمركية في تلك البلدان �أعلى بن�سبة هامة من تلك
ال�سائدة في العالم المتطور ،و 70بالمئة من هذه الر�سوم في البلدان
النامية تُفر�ض على �سلع م�ستوردة من بلدان نامية �أخرى.
هناك �إدراك وا�سع لكون �إ�صالح التجارة الزراعية خطوة ذات
�ش�أن في م�سعى تو�سيع التنمية االقت�صادية ،وكون فتح منافذ الو�صول
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 19 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
مكان العمل المتغير
مقابلة مع دانيال بينك
وت�ؤثر في �أ�سواق الر�ساميل ،والتكنولوجيا ،ومبادلة كتب الم�ست�شار التجاري ،المحا�ضر الجامعي
المعلومات. “العوملة جيدة ،لكنها والم�ؤلف ،دانيال بينك حول مو�ضوع االقت�صاد
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 21 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
�إن�سان ان ي�صبح متعلم ًا« .ال ت�ستطيع الجماهير ان ت�صبح �ضليعة
بالريا�ضيات» .ح�سن ًا ،اني ال �أوافق على ذلك .ال �أعتقد ان كل �شخ�ص
يمكن ان ي�صحب البرت اين�شتاين ولكنهم ي�ستطيعون ان ي�صبحوا
�ضليعين في الريا�ضيات ويمكنهم الذهاب �إلى ابعد من ذلك.
PAT VASQUEZ-CUNNINGHAM–AP/WWP
بينك� :أعتقد �أن هذه هي نقطة ممتازة .يتطرق توم فريدمان �إلى
هذه الم�س�ألة في كتاباته .هناك مدر�ستان فكريتان مختلفتان.
�إحداهما تقول ان ال�صين والهند تت�سابقان معنا في الو�صول �إلى
الأ�سو�أ والأخرى تقول انهما تت�سابقان معنا في الو�صول �إلى الأف�ضل.
وهذا الأمر ين�سحب� ،إلى مدى معين ،على و�سطاء الأوراق يعتقد فريدمان ،و�أنا �أوافقه الر�أي ،ب�أنهما تت�سابقان معنا للو�صول �إلى
المالية واال�ستثمارات �أي�ض ًا .ففي �أيامنا الحا�ضرة ُيجري العديد الأف�ضل .ومرة �أخرى ،ال اقول ذلك لكوني �شخ�صا متفائال بل الن هذا
من الأميركيين اال�ستثمارات من طريق الإنترنت مبا�شرة .وتتوفر ما كان عليه النمط دائم ًا ،الن ذلك كان الم�سار دوم ًا .الآن ،ال �أعني
المعلومات ب�شكل وا�سع ،ومعامالت تبادل الأ�سهم وال�سندات عبر ان هو هذا الم�سار �سوف يكون هو الم�ؤكد 100بالمئة ،ولكن هذا ما
الإنترنت قليلة الكلفة نظر ًا للتمكن من �إجرائها على الكمبيوتر لديك، �أراهن عليه.
وانتفت الحاجة بعد الآن لالت�صال بالهاتف بو�سيط �أوراق مالية وهكذا �أوافق على �أن الأميركيين ال يملكون على الإطالق �أي
لأجراء معامالت روتينية. احتكار على هذه الأنواع من القدرات الخالقة ،وان ما علينا نحن
عند نقطة معينة �سوف يحاول و�سيط الأوراق المالية ان ي�صبح الأميركيين ان نفعله هو التخل�ص من الر�ضا عن النف�س والعمل
م�ست�شار ًا مالي ًا لفهم و�ضعك بطريقة �أكثر تف�صي ًال وليقدم لك مختلف لن�صبح اف�ضل بكثير في هذه القدرات ،الن هذين البلدين يت�سابقان
الإر�شادات التي ال ي�ستطيع برنامج كمبيوتر ان يقدمها مطلق ًا. معنا في الو�صول �إلى القمة ،كما يقول توم فريدمان.
�س�ؤال :ماذا ب�ش�أن الروبوتات وكيف تتوقع منها �أن ت�ؤثر على العمل �س�ؤال :طبيعة العمل تتغير بطرق �أخرى� .أ�صبحت �أجهزة الكمبيوتر
المتوفر؟ �أكثر تعقيد ًا وقدرة .ما هو �أقرب وقت تتوقع عنده �أن تناف�س الكمبيوتر
الإن�سان في العمل على الم�ستوى المهني؟
بينك� :إذا ذهبت اليوم �إلى قاعة م�صنع� ،سوف لن ترى قاعة
الت�صنيع التي كانت رائجة في الع�شرينات �أو حتى في الخم�سينات من بينك� :أعتقد �أن �أجهزة الكمبيوتر ت�ؤدي ،من بع�ض الطرق� ،أنواع ًا
القرن الما�ضي ،حيث كانت تعمل مجموعات من �أعمال مرتدين بدالت معينة من الأعمال المهنية� .أنظر �إلى «تيربو تاك�س» (برمجة كمبيوتر
الور�ش مت�سخة بال�شحوم يديرون مفاتيح الربط على خط التجميع. ت�ساعد النا�س في �إعداد �إقرارتهم ال�ضريبية) .لدينا كل هذا القلق
ف�سوف ت�شاهد �أ�شخا�ص ًا يحملون �أحيان ًا كثيرة �شهادات انت�ساب حول تحويل العمل �إلى خارج حدودنا و�إجرائه من قبل م�صادر
جامعية ي�شغ ّلون بالأ�سا�س هذه الروبوتات .ال تملك هذه الروبوتات خارجية .فقد تم �إعداد 3ماليين �إقرار �ضريبي في الهند من قبل
ا�ستقال ًال ذاتي ًا �إداري ًا �أو �إرادة خا�صة بها .ت�ستجيب هذه الروبوتات هنود متخ�ص�صين في �إعداد هذه الإقرارات ،ولكن تم �إعداد 21
�إلى رموز برامج ولذلك يتوجب على �أحد الأ�شخا�ص كتابة الرموز مليون �إقراري �ضريبي �آخر بوا�سطة البرنامج تيربو تاك�س .وهكذا
وعلى �شخ�ص �آخر ر�صد عمل هذه الروبوتات .وهذا ما ُي�ش ّكل ب�صورة بطريقة ما ت�ستطيع برامج الكمبيوتر ت�أدية عنا�صر معينة من العمل
متزايدة الكثير من الأعمال في الت�صنيع� .إنه يدعو بو�ضوح �إلى �إن�شاء المهني و�سوف تقوم ب�صورة متزايدة بت�أدية �أكثر و�أكثر من الأعمال.
م�ستوى �أعلى من المهارة. وما يعني ذلك هو ان المحا�سبين الذين يريدون اال�ستمرار
في ممار�سة عملهم ال ي�ستطيعون ت�أمين معي�شتهم من خالل ت�أدية
�س�ؤال :هل يملك معظم العمال في العالم الذكاء ،حا�صل الذكاء، نف�س نوع العمل الذي ت�ستطيع فعله قطعة من برنامج كمبيوتر كلفتها
للتكيف مع كل ذلك؟ 39.95دوالر .عليهم القيام بالأ�شياء التي ي�صعب اكثر ت�صغيرها �إلى
رموز كمبيوتر ،التي تُ�ش ّكل نوع ًا متطور ًا من تقديم الم�شورة� ،أي فهم
االحتياجات المالية للنا�س وتقديم �إر�شادات مالية من م�ستوى �أعلى.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 22 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
التي تت�شكل من عمر كامل من المهارات تبقى مثيرة لالهتمام .لكن بينك :دعني �أعار�ض فر�ضية هذا ال�س�ؤال ،ب�أن حا�صل الذكاء هو
�أعتقد �أن هناك تغييرا في ذلك ،الن ن�صف حياة كل نوع من القدرات المقيا�س لجدارة الفرد .فحا�صل الذكاء هو نوع خا�ص من التفكير
اليوم �أ�صبح يتقل�ص وي�ستمر في التقل�ص .ال ت�ستطيع ت�أمين معي�شتك المنطقي ولكنه بالكاد ُي�ش ّكل النوع الوحيد من التفكير المنطقي،
من خالل ممار�سة مهنة واحدة على مدى 40عام ًا ،الن الأمور لم تعد وهناك �إثباتات ت�ؤكد ان العالقة المتبادلة بين حا�صل الذكاء والنجاح
ت�سير بهذا ال�شكل .فمدة الحياة لأي مجموعة معينة من المهارات المهني ت�ساوي �صفر ًا ،بالأ�سا�س .ان الترابط المتبادل مع حا�صل
�أ�صبحت بالواقع حوالي �سنتين .لذلك من الوا�ضح الآن ان التع ّلم كما الذكاء هو المهنة التي تدخلها .وكذلك ،فقد ارتفع حا�صل الذكاء
تع ّلم كيفية التع ّلم والتح�سين المتوا�صل لم�ستوى التعلم توفر عالوة المقا�س باختبارات معيارية مع مرور الزمن �أي�ض ًا� ،أي ازداد متو�سط
للنا�س. حا�صل الذكاءُ .ي�ش ّكل حا�صل الذكاء جزء ًا من الفطنة التي يملكها
والآن ال �أدري ما �إذا كان ذلك يفتت الكرامة الإن�سانية .ي�ستطيع الفرد ،ولكنه ناحية �صغيرة فقط من هذه الفطنة؛ فانظر �إلى بحث
المرء ان يناق�ش ب�أن ذلك قد يعززها� ،إذ ُيتيح للنا�س موا�صلة العمل دان غولمان حول الذكاء العاطفي ،وانظر �إلى بحث هوارد غاردنر في
للأح�سن ،عدم ال�سقوط في الركود ،الح�صول على فر�صة �أكبر جامعة هارفرد ونظريته حول �أ�شكال الذكاء المتعددة� .أنا ال �أثق كثير ًا
لالزدهار .لكن ،من الوا�ضح ،ان الق�ص�ص الفردية تختلف فيبقى هذا في اعتبار حا�صل الذكاء مقيا�س ًا لقدرة الإن�سان.
الت�سا�ؤل في مح ّله.
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 23 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
�أنظر �إلى بحث عالم االقت�صاد روبرت ويليام اللواتي يخدمن في الجي�ش .فالمهمات التي يطلب
فوغل ،الحائز على جائزة نوبل في االقت�صاد، “�إن م�شرتي املواهب من الجنود اليوم �أدا�ؤها ت�شمل �أحيان ًا مجموعة
عندما يتحدث عن «اليقظة العظيمة الرابعة». �أكثر تعقيد ًا من المهارات .فعليهم ان يفهموا
يتحدث عن كيف ان ال�سعي لتحقيق الذات الو�صول قدرة ميلك اليوم الثقافة المحلية؛ هناك مهمات لحفظ ال�سالم،
تو�سع من جزء �ضئيل من كوكب الأر�ض �إلى يكون ال عمل �سوق إىل � وعملية حفظ ال�سالم تختلف جد ًا عن الم�شاركة
�أجزاء اكبر بكثير ،وبالأخ�ص في العالم النامي. حمليا فقط ،بل لديه قدرة ً المبا�شرة في المعارك .وح�سب ر�أيي ،يملك كافة
وي�سميه �آخرون ب�أنه يعني «الحاجة �إلى المعنى»، كافية يف �أن ي�شمل العامل أنثوية، الرجال بع�ض القدرة على التفكير ب�صورة �
�أي انتقلت �أجزا ًء من كوكب الأر�ض من مفهوم و�أولئك الذين ال يرغبون في تطوير هذه القدرة قد �أجمع ،حتى ولو كانت هذه
«الحاجة �إلى المادة» �إلى مفهوم «الحاجة �إلى يواجهون م�شاكل.
المعنى»� .أطلق رونالد انغلهارت من جامعة التطور يف أت � بد قد القدرة
م�شيغان على ال�سعي لتحقيق الذات حركة انتقال للتو” �س�ؤال� :أحد التغييرات التي ترتبط ب�شكل ما
من القيم المادية �إلى قيم ما بعد المادية .اعتقد بالعولمة هو انت�شار ا�ستعمال الهواتف الخليوية
ان هناك نوعا من الترف ينجم عن الأحوال والإنترنت ،وحتى العاب الكمبيوتر .هل هذه
المادية الجيدة فيحرر النا�س لي�سعوا ما هو �أكثر. الظواهر ،في �شكلها المنطوي على الت�سلية ،مرتبطة حقيقة
باالقت�صاد المعولم؟
�س�ؤال :في كتابك «بالد الوكيل الحر» ،قلت �إن القوى العاملة المعولمة
�سوف تتكون �أكثر ف�أكثر من نا�س يمار�سون الأعمال لح�سابهم .فماذا بينك :من ال�صعب القول ،لكن حتى العاب الفيديو ،مثل �أي �شكل
عنيت بذلك؟ ت�سلية �آخر ،يمكنها �أن ت�صبح لغة تفاهم م�شتركة ت�ستطيع تجاوز
الثقافات؛ حتى التوا�صل الم�ستمر للهواتف الخليوية يمكن ربطه
بينك :ع ّرفت الوكيل الحر على انه �شخ�ص يعمل دون ان يكون مرتبط ًا بالعولمة ،رغم كونه ابن عم بعيد نوع ًا ما.
بم�ؤ�س�سة كبيرة� ،أي العمل الطليق ،المالك الوحيد ،الم�ش ّغل بم�ؤ�س�سة
اعمال �صغيرة .ا�صبح هذا النوع من العمل �أكثر انت�شار ًا ب�سبب
التكنولوجيا ،ب�سبب العقد االجتماعي المتغير جذري ًا بين الأفراد
والم�ؤ�س�سات ،ب�سبب التغيير البنيوي �ضمن الم�ؤ�س�سات ذاتها ،وجزئي ًا
ب�سبب البحث عن المعنى الذي تحدثنا عنه.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 24 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
هل الثقافة الأميركية “�أميركية” بالفعل؟
بقلم ريت�شارد بيلز
منذ بداية القرن الع�شرين ،كان النا�س في الخارج �ألف ريت�شارد بلز� ،أ�ستاذ التاريخ في جامعة تك�سا�س في �أو�ستن ،ثالثة
ي�شعرون بعدم االرتياح تجاه الت�أثير العالمي كتب هي« :الر�ؤى الراديكالية والأحالم الأميركية :الثقافة والفكر
للثقافة الأميركية .في العام ،1901ن�شر الكاتب االجتماعي في �سنوات الك�ساد العظيم»
البريطاني وليام �ستيد كتاب ًا حمل عنوان يثير المخاوف�« ،أمركة (Radical Visions and American Dreams: Culture and
العالم» (� .)The Americanization of the Worldأ�شار ;)Social Thought in the Depression Years
العنوان �إلى مجموعة من الهواج�س حول اختفاء اللغات والتقاليد «والعقل الليبرالي في ع�صر محافظ :المفكرون الأميركيون في
القومية وتدمير «الهوية» الفريدة لكل بلد تحت ثقل العادات والحاالت الأربعينات والخم�سينات من القرن الع�شرين» (The Liberal
الذهنية الأميركية ،والتي ال زالت قائمة حتى اليوم. Mind in a Conservative Age: American Intellectuals
وقت �أحدث ،كانت العولمة تُعتبر العدو الرئي�سي وفي ٍ )1950s 1940s and in the؛
للأكاديميين ،وال�صحافيين ،والنا�شطين ال�سيا�سيين الذين يكرهون «لي�سوا مثلنا :كيف �أحب الأوروبيون الثقافة الأميركية ،وكرهوها،
ما يعتبرونه مي ًال نحو التماثل الثقافي .كما �أنهم ،كانوا عاد ًة ،يعتبرون وحولوها منذ الحرب العالمية الثانية»
�أن الثقافة العالمية والثقافة الأميركية ظاهرتين مترادفتين ،و زالوا (Not Like Us: How Europeans Have Loved, Hated,
ي�صرون على �أن هوليوود ،ومكدونالد ،وديزني الند يقومون با�ستئ�صال and Transformed American Culture Since World
الخ�صو�صيات الفريدة الإقليمية والمحلية� ،إذ يب ّثون ال�صور والر�سائل .)War II
الخادعة في العقل الباطن لدرجة �أنها تُغرق الأ�صوات المناف�سة لها يعمل ً
حاليا على ت�أليف كتاب يحمل العنوان :من الحداثة �إلى
في غيرها من البلدان .رغم هذه االتهامات ،ف�إن العالقات الثقافية ال�سينما :عولمة الثقافة الأميركية في القرن الع�شرين (From
بين الواليات المتحدة وبقية بلدان العالم ،لم يكن لها في �أي يوم، Modernism to the Movies: The Globalization of
طوال المئة �سنة الما�ضية ،جانب وحيد فقط .بل على العك�س ،كانت � .)American Culture in the Twentieth Centuryشغل بلز
الواليات المتحدة ،وال زالت تلعب دورها كبلد ي�ستهلك الت�أثيرات �ستة منا�صب تدري�س وكر�سي �أ�ستاذية بتمويل من م�ؤ�س�سة فولبرايت،
الثقافية والفنية الأجنبية ،بنف�س القدر الذي كانت ت�صوغ فيه و�سائل زائرا في جامعات في هولندا ،الدانمارك� ،ألمانيا، أ�ستاذا ً
كما عمل � ً
ترفيه العالم و�أذواقه. النم�سا ،فنلندا ،البرازيل ،ا�ستراليا ،و�إندوني�سيا.
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 25 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
عن غير ق�صد نمو الثقافة ال�شعبية في الواليات في الواقع ،وب�صفتها دولة مهاجرين ،فقد كانت
المتحدة .فال�سوريالية المتجاوزة للواقعية ،مع “�إن ت�أثري املهاجرين �أميركا ،بدء ًا من القرن التا�سع ع�شر وحتى القرن
ترابطاتها الفكرية الم�شابهة للأحالم ،ان�ساقت على الواليات املتحدة هو الواحد والع�شرين ،هي المتلقية بقدر ما كانت
ب�سهولة نحو اللعب على الكلمات ،وا�ستخدام ال ُم�صدّرة للثقافة العالمية .والحقيقة �إن ت�أثير
الرمزية النف�سانية في �أ�ساليب الدعاية، �شعبية �سبب يف�سر ما المهاجرين على الواليات المتحدة هو ما يف�سر
والر�سوم الكرتونية المتحركة ،وحدائق المالهي املدة هذه طوال ثقافتها �سبب �شعبية ثقافتها طوال هذه المدة الطويلة،
المو�ضوعية. ويف �أماكن خمتلفة وفي �أماكن مختلفة من العالم .انت�شرت الثقافة
َ�س ِخرت المدر�سة الذاتية من تعالي من العامل” الأميركية عبر العالم لأنها دمجت الأ�ساليب
الم�ؤ�س�سات الثقافية النخبوية وعززت ال�شهية والأفكار الأجنبية �ضمن ثقافتها بالذات .وما قام
ً
القائمة قبال (بالأخ�ص بين جماهير الم�شاهدين به الأميركيون ب�صورة المعة �أكثر من مناف�سيهم
من المهاجرين في الواليات المتحدة) للعرو�ض الم�سرحية «ال�شعبية» خارج الحدود كان كناية عن �إعادة تغليف المنتجات الثقافية الآتية
الم�سماة «نيكوليديونز» و»فودفيل» ال�سيئة ال�سمعة .و�أف�سحت تجارب من الخارج ،وثم �إعادة �إر�سالها �إلى بقية �أنحاء الكرة الأر�ضية.
�سترافن�سكي الالتقليدية في المو�سيقى غير الخا�ضعة لل�سلم لهذا �أ�صبحت الثقافة الجماهيرية العالمية تو�صف ،رغم كون هذا
المو�سيقي المعروف ،في المجال لقبول �صالحية االبتكارات الإيقاعية التو�صيف تب�سيطي ًا ،على �أنها الثقافة الأميركية.
للجاز الأميركي. لم يبتكر الأميركيون مطاعم الوجبات ال�سريعة ،وال حدائق
�أ ّمنت �أفكار الحداثة الأ�س�س لقيام ثقافة جديدة عن حق .لكن المالهي ،وال حتى الأفالم ال�سينمائية .فقبل ظهور هامبرغر
تَب ّين �أن الثقافة الجديدة ال تَنزع ال �إلى الحداثة وال �إلى �أوروبا .بدالً «بيغ ماك» كانت تباع �سندوي�شات ال�سمك والبطاطا المقلية (في
ً ً
من ذلك ،فقد ح ّول الفنانون الأميركيون م�شروعا طليعيا �إلى ظاهرة بريطانيا) .قبل ديزني الند كانت توجد حدائق مالهي تيفولي في
عالمية. كوبنهاغن (التي ا�ستعملها والت ديزني كنموذج �أ�سا�سي لأول حديقة
rene macura ©ap/wwp
مالهي �أن�ش�أها في اناهايم ،بكاليفورنيا ،وهو �أنموذج �أُعيد ت�صديره
�إلى طوكيو وباري�س) .وخالل �أول عقدين من القرن الع�شرين
كانت فرن�سا و�إيطاليا اكبر دولتين في العالم م�صدرتين للأفالم
ال�سينمائية.
ت�أثير الحداثة
وهكذا ،ال يمكن مجرد �إرجاع �أ�صول الترفيه الدولية اليوم �إلى �سيرك
«بي تي بارنوم»� ،أو �إلى عر�ض بوفالو بيل الم�سرحي« ،وايلد و�ست �شو».
كما �أن جذور الثقافة العالمية الجديدة تكمن كذلك في انق�ضا�ض
الحداثة الفكرية النا�شئة �أوائل القرن الع�شرين على الأدب ،والثقافة،
والمو�سيقى ،وفن الر�سم والهند�سة المعمارية ال�سائدة في القرن
التا�سع ع�شر .وعلى الأخ�ص ،رف�ض الحداثة الحترام الحدود التقليدية
بين ثقافة النخبة والثقافة ال�شعبية .كانت الحداثة في الفنون
ارتجالية ،انتقائية ،ولم تو ّفر التقاليد .ميزت هذه ال�صفات كذلك
الثقافة ال�شعبية الأميركية.
تحدى فنانو �أوائل القرن الع�شرين مفهوم الثقافة على �أنها
و�سيلة للتر ّقي الفكري �أو الأخالقي� .أظهروا ذلك من خالل الت�شديد
خليط ثقافة «البوب» ال�شعبية على الأ�سلوب ومهارة ال�صنع على ح�ساب االهتمام بالفل�سفة� ،أو
الدين� ،أو المنهج الفكري .دعوا عن ق�صد �إلى االهتمام بالأ�سلوب
تَظهر �أو�ضح ر�ؤية للعالقة التبادلية بين �أميركا وبقية �أنحاء العالم اللغوي في رواياتهم� ،إلى علم الب�صريات في لوحاتهم� ،إلى طبيعة
في الثقافة ال�شعبية .هناك �أ�سباب عديدة لتفوق الثقافة ال�شعبية المواد ووظائفها في هند�ستهم المعمارية ،و�إلى بنية المو�سيقى بدالً
الأميركية .ومن الم�ؤكد �أن قدرة �شركات و�سائل الإعالم المتعددة من �ألحانها.
الن�شطات الأميركية المن�ش�أ ،في ال�سيطرة على �إنتاج وتوزيع منتجاتها رغم ان الحداثة كانت م�س�ألة تخ�ص الأوروبيين ،فقد �س ّرعت
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 26 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
وال�صور ،و�أنواع الق�ص�ص التي �شكلت دافع ًا رئي�سي ًا لالنت�شار العالمي
يمكنها اجتذاب جمهور وا�سع متعدد لأنماط الترفيه الأميركية .لكن
الثقافات .كان على ا�ستوديوهات
“�إن التباينات بني �سكان �أمريكا ... قوة الر�أ�سمالية الأميركية ال تف�سر،
هوليوود ،والمجالت الوا�سعة االنت�شار، فر�ضت على و�سائل الإعالم منذ ال�سنوات بمفردها ،ال�شعبية العالمية للأفالم
وال�شبكات التلفزيونية التع ّلم كيفية املبكرة للقرن الع�شرين �إجراء التجارب ال�سينمائية والعرو�ض التلفزيونية
التحدث �إلى مجموعات وفئات متنوعة حول الر�سائل ،وال�صور ،وموا�ضيع الق�ص�ص الأميركية ،وال هي حتى التف�سير الأهم
من النا�س في عقر دورهم .و ّفرت لهم التي ميكنها اجتذاب جمهور لذلك.
هذه التجارب التع ّرف على الأ�ساليب كانت فعالية اللغة الإنجليزية،
الفنية الالزمة الجتذاب الم�شاهدين
متعدد الثقافات”. كلغة ات�صال جماهيرية ،جوهرية
من خارج البالد المتنوعين كذلك. لقبول الثقافة الأميركية .فبعك�س
اللغات الألمانية �أو الرو�سية �أو
تمثلت �إحدى الطرق الهامة لنجاح و�سائل الإعالم الأميركية في ال�صينية ،كانت البنية الأب�سط والنحو الأ�سهل للغة الإنجليزية،
تجاوزها لالنق�سامات االجتماعية الداخلية ،وللحدود الدولية، بالترافق مع ميلها ال�ستعمال كلمات اق�صر واقل تجريد ًا ،وجمل �أكثر
وحواجز اللغة ،عبر مزجها للأنماط الثقافية .اتبع المو�سيقيون وم�ؤلفو �إيجاز ًا ،م�ؤاتية لم�ؤلفي كلمات الأغاني ،لمبتكري ال�شعارات الإعالنية،
المو�سيقى الأميركيون المثال الذي تو ّفر من الفنانين المحدثين، لتعليقات ال�صور الكاريكاتورية ،لعناوين ال�صحف ،ولحوارات الأفالم
مثل بيكا�سو وبراك ،ال�ستخال�ص عنا�صر م�شتركة بين كل من الثقافة ال�سينمائية والتلفزيونية .وهكذا ،كانت اللغة الإنجليزية لغة مالئمة
النخبوية والثقافة ال�شعبية .وقد �أدمج �أالن كوبالند ،وجورج غر�شوين، ا�ستثنائي ًا الحتياجات وانت�شار ثقافة «البوب» ال�شعبية الأميركية.
وليونارد برن�شتاين الألحان ال�شعبية ،والتراتيل الدينية ،ومو�سيقى كما �شكلت ال�سحنة الدولية للم�شاهدين الأميركيين عام ًال
البلوز ،و�أنا�شيد الأناجيل ،و�إيقاعات الجاز في مو�سيقاهم ال�سيمفونية، ر�ض التغاير في مزايا �سكان �أميركا� ،أي تنوعهم م�ؤاتي ًا �أخرَ .ف َ
وفي المقطوعات المو�سيقية الأخرى كالكون�شرتو ،والأوبرا ،والباليه. الإقليمي ،االثني ،الديني ،والعرقي ،على و�سائل الإعالم ،منذ
والواقع �أنه تم تطوير �أ�شكال فنية �أميركية كاملة خالل القرن ال�سنوات المبكرة للقرن الع�شرين� ،إجراء التجارب حول الر�سائل،
ً ً
الع�شرين بدءا من مو�سيقى الجاز ،وو�صوال �إلى ذلك المزيج من
المو�سيقى الأفريقية ،والكاريبية ،والالتينية ،والأوروبية المحدثة.
عزز هذا الدمج الأ�شكال المتنوعة �ضمن الثقافة ال�شعبية الأميركية
جاذبيتها لدى الم�شاهدين والم�ستمعين متعددي االثنيات ،المحليين
والدوليين ،من خالل التقاطها لتجاربهم و�أذواقهم المختلفة.
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 27 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
مع ذلك ،فقد حاكى المخرجون انجلو انطونيوني ،فران�سواتروفو،
الأميركيون في كل ع�صر الفنانين “�إن رف�ض �إرهاب امل�شاهدين ً
فكريا جان لوك غودار ،اكيرو كورو�ساوا،
ومخرجي الأفالم الأجانب من و�ساتياجيت راج.
خالل االهتمام الوثيق بالأ�سلوب ال�سبب، هو كان اجتماعية، ر�سالة إطالق � عرب رغم ذلك ،ف�إن �إحدى مفارقات
والخ�صائ�ص ال�شكلية للفيلم أمريكية ل ا لل�شعبية آخر، � عامل أي � من أكرث � ال�سينما الأوروبية والآ�سيوية يتمثل
ال�سينمائي ،و�إلى الحاجة ل�سرد العامل”. حول أمريكية ل ا الرتفيه لو�سائل في نجاحها العظيم في �إعادة توليد
الق�صة مرئي ًا .رغب الر�سامون المقلدات الأميركية .في �أواخر
الأوروبيون في �أوائل القرن الع�شرين ال�سبعينات من القرن الما�ضي ،كان
من م�شاهدي �أعمالهم الإدراك العباقرة الأحدث من المخرجين،
ب�أنهم ينظرون �إلى خطوط و�ألوان على قما�شة ولي�س على تقليد مثل فران�سي�س فورد كوبوال ،مارتن �سكور �سيزي ،روبرت التمان،
للعالم الطبيعي .ب�صورة م�شابهة ،هناك �أفالم �أميركية عديدة ،بدء ًا �ستيفن �سبيليرغ ،وويدي �آلن �أميركيين .لكن ه�ؤالء الأميركيين
من �أ�سلوب تعدد الرواة في فيلم «المواطن كاين» ،مرور ًا بال�صورة يدينون في �أ�ساليبهم االرتجالية واهتماماتهم الدائمة بالتراجم
المجز�أة على ال�شا�شة لإظهار الر�ؤية المختلفة لكل واحد من العا�شقين ال�شخ�صية� ،إلى المدر�سة الواقعية المتجددة الإيطالية و�إلى الموجة
ً
لعالقتهما الغرامية في فيلم «�آني هول» ،و�صوال �إلى لقطات االرتجاع الجديدة الفرن�سية� .إ ّال �أن ا�ستخدام هذه الأ�ساليب الفنية احدث
واال�ستباق الزمني في فيلم «بالب فيك�شين» ،تُذ ّكر الم�شاهدين انقالبا في ال�سينما الأميركية ف�أ�صبح �أكثر �صعوبة بمكان لأي �صناعة
عن ق�صد ب�أنهم ي�شاهدون فيلما ولي�س ن�سخة م�صورة من الواقع. �سينمائية �أخرى في القارة الأوروبية مجاراة ال�شعبية العالمية للأفالم
المخرجون الأميركيون للأفالم (لي�س فقط في الأفالم ال�سينمائية ال�سينمائية الأميركية.
ً
بل في �أفالم المو�سيقى التلفزيونية ،الق�صيرة �أم تي في� ،أي�ضا)،
الذين كانوا م�ستعدين ال�ستخدام اكثر الأ�ساليب الفنية تطورا وتعقيد ًا
المتعلقة بالمونتاج والتالعب في كاميرا الت�صوير ،ا�ستوحوا الكثير
من تلك الأ�ساليب من مخرجين �أجانب لخلق مل�صقات من ال�صور
اللتقاط �سرعة و�إغراءات الحياة في العالم المعا�صر.
�إدمان هوليوود على التالعب المثير بالمرئيات المت�أثرة بفكر
الحداثة ،وا�ضح ب�شكل خا�ص في الأ�سلوب غير ال�شفهي �إلى حدٍ
كبير الذي اتبعه العديد من الممثلين المعا�صرين .بعد الأداء الثوري
لمارلون براندو في «حافلة ا�سمها الرغبة» على الم�سرح عام ،1945
وفي الن�سخة الم�صورة على فيلم لهذه الم�سرحية عام � ،1951أ�صبح
هناك �أنموذج من التمثيل الأميركي يقوم على عدم الإف�صاح� ،أي
الت�أمل الباطني المكتئب الذي ال يجده المرء في الل�سان اللبق وال�سريع
البطال �أو بطالت الأفالم الكوميدية الغربية ،وال في �أفالم الع�صابات
التي �أُنتجت في الثالثينات من القرن الما�ضي.
تد ّرب براندو على «الأ�سلبة» ،طريقة فنية للتمثيل جرى تطويرها
في م�سرح �ستاني�سالن�سكي للفن في مو�سكو في ع�صر ما قبل الثورة
الرو�سية� .شجعت الأ�سلبة هذه الممثلين على االرتجال ،وا�ستح�ضار
ذكريات الطفولة والم�شاعر الداخلية ،وفي �أحيان ،كثيرة على ح�ساب
ما ق�صده كاتب الم�سرحية او كاتب ال�سيناريو .وهكذا ،كثير ًا ما
�أ�صبحت تكمن القوة العاطفية للتمثيل الأميركي ،كما �ضرب لها المثال
براندو وخلفا�ؤه ،في ما لم ُيقال ،في ا�ستك�شاف االنفعاالت التي ال
©ap/wwp
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 28 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
الأميركية لما بعد الحرب العالمية الثانية ،ومن ثم نقلها مجدد ًا �إلى
باقي العالم ك�أنموذج من نماذج ال�سلوك ال�سينمائي واالجتماعي.
والأهم هو �أن �إغفال الممثل المدرب على الأ�سلبة للغة� ،أدى �إلى
االعتماد على الحركات الج�سدية ،وحتى على ال�سكوت المطبق في
التعامل مع الدور ،ف�أتاح للم�شاهدين في العالم ،حتى الذين ال يتقنون
اللغة الإنجليزية ،فهم وتقدير ما ي�شاهدونه في الأفالم الأميركية.
العالقات الإن�سانية
و�أخير ًا ،ق ّلدت الثقافة الأميركية لي�س التوهج المرئي للمحدثين
JOHN D. MCHUGH ©AP/WWP
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 29 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
�سيدة �أوروبية تبحث في
ت�أثير الثقافة الأميركية
بقلم ج�سيكا �سي � .أي غينو-هيخت
يو ّفر هذا الفيلم تب�صر ًا في ما �أ�صبح ُيعرف با�سم «النقا�ش العظيم»: ج�سيكا �سي � .أي غينو-هيخت تُ ّدر�س مادة التاريخ في جامعة يوهان
هل �أن الأميركيين «�إمبرياليون ثقافيون» يقومون بغزو و�إف�ساد بقية وولفغانغ غوتيه ،في فرانكفورت ام ماينُ .منح كتابها الأول بعنوان:
العالم من خالل ن�شر ثقافتهم ال�شعبية في كل مكان. «النقل الم�ستحيل :ال�صحافة الأميركية كدبلوما�سية ثقافية في �ألمانيا
�شكل ثقافةّ �صحيح ،كما يكتب ريت�شارد بيلز� ،أن الكثير في ما ُي ِ بعد الحرب Transmission Impossible:( ».1955-1945
�شعبية �أميركية اليوم ،يعود �أ�صله �إلى مزيج من الت�أثيرات الأجنبية American Journalism as Cultural Diplomacy in
خالل القرن الع�شرين .لكن هذا الر�أي ال ًيف�سر �سبب انتقاد هذا )1955-1945 Postwar Germanyجائزة �ستيوارت برنات
العدد الكبير من النا�س حول العالم ما يعتبرونه «ا�ستعمار ًا ثقافياً ك�أف�ضل �أول كتاب في تاريخ الدبلوما�سية.
�أميركي ًا» .كما �أنه ال ُيف�سر لماذا �أ�صبحت هذه الفكرة بمثل هذه القوة �سوف ُين�شر كتابها الثاني بعنوان« :المو�سيقى والعواطف
على امتداد القرن المن�صرم .و�إذا رغبنا في �أن نفهم ب�شكل �أف�ضل في العالقات الألمانية الأميركية منذ عام Music and( »1950
هذا الإدراك الح�سي يجب علينا ان ن�أخذ بعين االعتبار تركيبة وت�أثير Emotions in German-American Relations Since
الثقافة الأميركية في الخارج ،كما يفعل بيلز ،عالوة على مدى قبولها )1950من قبل مطبعة جامعة �شيكاغوّ .در�ست في جامعة فرجينيا،
من جانب غير الأميركيين. وجامعة بيلفيلد ،وجامعة مارتن لوثر في هالي -ويتنبرغ ،وجامعة
هارفرد.
الخلفية التاريخية
في فيلم «ال�شك ان الآلهة مجانين»
�إنها لمفارقة غريبة في التاريخ الأميركي �أن تكون دولة �أثارت ( ،)The Gods Must Be Crazyال ُمنتج عام 1980
منقوالتها الثقافية هذا القدر الكبير من الجدل� ،إذ �أنها ن�ش�أت يلقي طيار يقود طائرته عبر �صحراء كاالهاري في
دون اهتمام يذكر في ت�صدير الثقافة .ر�أى الأميركيون ،تاريخي ًا، بوت�سوانا زجاجة كوكا كوال فارغة في و�سط قبيلة �أفريقية .فيعتبر
تمايزهم ب�صورة �أولية من خالل نظامهم ال�سيا�سي �أكثر مما ر�أوه ال�سكان الأ�صليين على الفور ب�أن الزجاجة هدية من �آلهتهم .ولكن
في �شعرائهم ،وفنانيهم ،وكتّابهم الروائيين .فهم يعتبرون على �أن «الهدية» تُغ ّير التقاليد والمفاهيم االجتماعية ال�سائدة لديهم نحو
ثقافتهم ال�شعبية ،بوجه عام ،م�صدر للترفيه ال�شخ�صية �أكثر منها الأ�سو�أ .وفي نهاية المطاف تُر�سل القبيلة �أحد �أع�ضائها لإلقاء
�أداة لل�سيا�سة الخارجية .لم يفكروا بجدية مطلق ًا في �إن�شاء وزارة الزجاجة في مكان بعيد يعتقدون على �أنه حافة الكرة الأر�ضية.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 30 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
ثقافيين» �إلى �ضحايا عمليات االمتالك الأجنبي لها .ولكن حتى لو ثقافة �ضمن الحكومة الفدرالية .وفي عام � 1938أن�ش�أت وزارة
لم تكن الواليات المتحدة �أول دولة تقوم بت�صدير طريقة حياتها، الخارجية ق�سم العالقات الثقافية ،لكن م�س�ؤولين �أميركيين عديدين
فقد ر ّكز الناقدون الأجانب مخاوفهم من الم�ستقبل على الواليات انتقدوا ا�ستخدام الثقافة ك�أداة دبلوما�سية .وحتى اليوم ال زال يعتقد
المتحدة. معظم الأميركيين �أن الثقافة تنت�سب �إلى ح ّيز الإبداع ،والذوق العام،
في ال�سبعينات والثمانينات من القرن الما�ضي ،على �سبيل والمبادرات الفردية الحرة ،ولي�س �إلى الح ّيز الحكومي.
المثال� ،شهدت �أوروبا الغربية ازدياد االحتجاجات �ضد الأميركيين، لكن الو�ضع تغير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية .فخالل
كالمجموعات الداعية �إلى ال�سالم ،والمظاهرات الحا�شدة �ضد الحرب الباردة قرر الدبلوما�سيون الأميركيون �أن الواليات المتحدة
الوجود الع�سكري الأميركي .وتو�سعت هذه الحركة المناه�ضة بحاجة �إلى الدفاع عن طريقة الحياة الأميركية في الخارج .وفي
للأميركيين ب�سرعة في �أوروبا لت�شمل �ش�ؤون ًا ثقافية .اعتقد النقاد الوقت الذي كان ي�سعى فيه االتحاد ال�سوفياتي �إلى ت�صدير ال�شيوعية
�أن المنتجات الأميركية مار�ست نفوذ ًا تجاوز بكثير مدى �شعبيتها �سعت �شخ�صيات عامة ،كما �سعى �صانعو ال�سيا�سات في �أميركا� ،إلى
لدى الم�ستهلكين .بدت ال�سلع الأميركية على �أنها ال ت�سيطر على ممار�سة نفوذ �أكبر عبر الثقافة حول العالم وخالل ال�سنوات التي تلت
الأ�سواق الأجنبية فح�سب بل و�أي�ض ًا على العقول الأجنبية .في نظر يوم الن�صر في الحرب العالمية الثانية �أن�ش�أت الحكومة الأميركية
العديد من المثقفين الأوروبيين ،على ما يبدو� ،أ�صبحت الثقافة عدد ًا من المنظمات والبرامج مثل وكالة الإعالم الأميركية وبرنامج
الجماهيرية� ،أفالم هوليوود ،والروح التجارية تهدد ال�سيادة والتقاليد فولبرايت للتبادل الثقافي ،الذي �شجع نقل المعلومات حول الثقافة
الأوروبية وكذلك النظام االجتماعي الأوروبي الذي ي�ستند �إلى الثقافة الأميركية.
المطبوعة .بدت �أي�ض ًا الثقافة الجماهيرية على �أنها تطم�س تمايزاتهم من وجهة نظر مو�ضوعية ،لم تكن بالطبع الواليات المتحدة
االجتماعية ،وتتجاوز حدود الدولة القومية وتو�سع ال�سواق التجارية �أول بلد ُي�صدّر طريقة حياته .منذ ع�صر النه�ضة ،رعت دول �أوروبية
للر�أ�سماليين. �صدّر البريطانيون
مجموعة متنوعة من برامج التبادل الثقافي .فقد َ
مع ذلك ،ف�إن ما ُيبلغك �إياه فالن عن ع ّالن ُيبلغك �أكثر من
ما يخبرك عن ع ّالن .فما يعتقده النا�س حول العالم ب�ش�أن الثقافة
الأميركية يخبرنا عن ه�ؤالء النا�س �أكثر مما يخبرنا عن الواليات
المتحدة.
الثقافة والعولمة
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 31 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
خالل الحرب الباردة ،ن�ش�أت �أ�سا�س ًا االنتقادات الفرن�سية المناه�ضة ولكن ،ومن عدة طرق ف�إن فكرة «الإمبريالية الأميركية» تبقى غير
لل�سيا�سة الأميركية من ان�شقاق ال�شيوعية واال�شتراكية .نددت كافية .فقد �أكد عالم االجتماع جون توملين�سون �أن هذه الظاهرة
المناظرات العلنية بالتو�سع الأميركي ،بالحلف الأطل�سي ،وبما كان قد ال تكون بب�ساطة �سوى �أفكار الحداثة ،وهي عملية نفقد من
يعتبر انه الت�أثير المف�سد للفن الأميركي ،والتي كانت تُرعب جميعها خاللها الثقافات المحلية ،ولي�ست تو�سع ًا ثقافي ًا .فالتقدم والت�شامل
النخبة من الفرن�سيين ،لكن لي�س جماهير الناخبين .بد ًال من ذلك، التكنولوجي واالقت�صادي العالميان يقلالن من �أهمية الثقافة القومية.
�سحر مفهوم «طريقة الحياة الأميركية» جي ًال بكامله من الفرن�سيين لذلك من الخط�أ �إلقاء اللوم للتطور العالمي على بلد واحد .بد ًال من
ال�شباب الذي ع�شقوا اال�ستهالكية ،وم�ستويات المعي�شة الأعلى ،والنمو ذلك ،ف�إن كافة البلدان تت�أثر بالتغيير الثقافي العالمي.
االقت�صادي. في الم�ستقبل ،قد يكون م�صطلح «العولمة» يعني القدرة على
الق�ضية الفرن�سية مفيدة لأنها ت�شير �إلى المفارقة الأ�سا�سية الحلول محل االنتقاد لال�ستعمار الثقافي الأميركي .ت�شير العولمة
لم�س�ألة ال�شعور المناه�ض للثقافة الأميركية :في �أي نقطة زمنية كان �إلى ان�ضغاط العالم كما �إلى الإدراك المتنامي ب�أن الكرة الأر�ضية
هذا االنتقاد ،وال زال ،من غير الممكن اعتباره دون وجهه الآخر� ،أي كيان متكامل ع�ضوي ًا .رغم �أن الكثيرين يتحدثون بكل ب�ساطة عن
محبة الثقافة الأميركية .ويمثل التوتر بين هذين الوجهين ال�شرط العولمة كظاهرة اقت�صادية ،فهي ظاهرة متعددة الأوجه في �أ�سبابها
الالزم بذاته لدعم بقاء كال الوجهين :فالتوقعات العالية وال�سقوط وت�أثيراتها .ي�شمل هذا الم�صطلح المبهم بنوع ما العديد من خا�صيات
المرير للأوهام يت�صالن دوم ًا ب�شكل وثيق. انت�شار الر�أ�سمالية ،والتكنولوجيا ،ومنطقية التفكير الغريبة .مع
ويبقى �أن �أكثر الدول قوة كانت تواجه الدر�س التاريخي ذلك ،تكمن الفكرة المركزية في �أن الثقافات والمجتمعات ال
الأ�سا�سي ب�أن القوة تولد الريبة ،وب�أنه كلما ازدادت القوة التي ت�سلطها تتراكب بال�ضرورة مع حدود الدولة القومية .بكلمات �أخرى ،قد ال
دولة م�سيطرة كلما ازدادت عدائية الدول الأخرى لها .خالل الفترة تقع م�س�ؤولية انت�شار الثقافة الجماهيرية الحديثة على عاتق الواليات
بين الحربين العالميين ،وحتى خالل ال�سنوات الأولى للحرب الباردة، المتحدة.
�أدرك عدد من المراقبين ال�سيا�سيين والمراقبين الثقافيين هذه خالل العقود الأخيرة ،انتقل الكثير من االنتقادات الدولية
النقطة وانذروا �صانعي ال�سيا�سة الأميركية حول تداعيات هذا التطور. «للإمبريالية الثقافية» بعيد ًا عن الخط المناه�ض للأميركيين �إلى
وبعد �أن �أ�صبحت الواليات المتحدة قوة عالمية عظمى كان من غير م�ستوى عالمي �أو�سع دون ت�سمية عدو يمكن تعيينه .وحتى الن ّقاد
الممكن للنا�س في الخارج ،بكلمات العالم الالهوت الأميركي راينهولد الرئي�سيون للواليات المتحدة �أعادوا ترتيب لومهم ال�سابق ليتنا�سب
نيبور�« ،أن يكرهنا الذين يملكون ال�سلطة عليهم» ،وهذا �صحيح وفق مع هذا الر�أي .وحتى في عام ،1980قام ارمان ماتيالرت بالتحذير
م�صطلحات ثقافية و�سيا�سية .عند الإمعان في التفكير بم�ستقبل من اال�ستعمال العري�ض وغير المالئم لمفهوم «الإمبريالية الثقافية»
العولمة والدور الذي �سوف تلعبه الواليات المتحدة في هذا ال�سياق، ف�شدّد على �أن الم�صطلح ال يعني �ضمني ًا وجود م�ؤامرة خارجية
فقد ترغب في تذكر كلمات هذا الرجل الحكيم. بل يمكن �أن يت�شكل فقط من مجموعة متوافقة من القوى الدولية
والمحلية (النخبوية).
ف�إذا كانت فكرة ال�سيطرة الثقافية للواليات المتحدة ُمع ّر�ضة
لمثل هذا القدر من عدم اليقين ،فلماذا �إذن ت�ضخم ال�شعور
المناه�ض للأميركيين في كل مكان تقريب ًا من العالم خالل العقود
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو
�سيا�سات الحكومة الأميركية. الما�ضية وحتى اليوم؟ كثير ًا ما تتعلق الأ�سباب بالواليات المتحدة
�أقل من تعلقها بالمحتجين �أنف�سهم .بمفهوم معين ،ال توجد مناه�ضة
ثقافية �ضد الأميركيين بل فقط مجموعة متناظرة من العبارات غير
المتجان�سة لهذه الظاهرة ُمتك ّيفة مع الهواج�س الجغرافية والدورات
الطبيعية التاريخية .ال يختلف �شكل ومحتوى هذه الظاهرة ِطبق ًا
لأبعادها الحيزية فح�سب� ،إلى بل و�أي�ض ًا ا�ستناد ًا �إلى �أبعاده الزمنية:
لكل ع�صر ولكل مجموعة �أ�شكالها الخا�صة بها في المناه�ضة للثقافة
الأميركية .في القرن الع�شرين ،تركزت الكثير من هذه االنتقادات،
على الجانب االقت�صادي لل�صادرات الثقافية الأميركية .ويبدو �أنه في
القرن الواحد والع�شرين� ،سوف يقلق النا�س �أكثر ب�ش�أن تداعيات القوة
الأميركية على ال�سيا�سة العالمية.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 32 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
“�شـهـرة” حــول الـعـالـم
في العالم المعولم اليوم ،لم تعد ال�شهرة تنح�صر بنف�س بلد المرء .نجوم ال�سينما ،المو�سيقيون� ،أبطال الريا�ضة ،م�صممو الأزياء،
و�أ�صحاب المبادرات االقت�صادية هم من بين المجموعات العديدة التي حققت «�شهرة عظيمة» من خالل م�شاطراتهم لمواهبهم
وثقافتهم الفريدة مع المجتمع العالمي .تلقي الق�صة الم�صورة التالية ال�ضوء على بع�ض ه�ؤالء النا�س الذين ا�ستغل العديد منهم
�شهرته لتح�سين حياة غيره ممن هم �أقل حظوة منه .فعلى �سبيل المثال ،تبرع نجم كرة ال�سلة الكونغولي ،والإن�ساني المعروف ،ديكمبي موتومبو،
الظاهر �أدناه ،بماليين الدورات لت�أ�سي�س �أول مرفق طبي حديث في كين�شا�سا ،عا�صمة جمهورية الكونغو الديمقراطية .يظهر موتومبو ،نجم فريق
كرة ال�سلة هيو�ستون روكيت�س ،محاط ًا هنا بزميليه في الفريق :النجم ال�صيني ياو مينغ والأميركي ديفيد وزلي (وكالة �أنباء �أ.ب .هي �صاحبة جيمع
ال�صور في هذا التحقيق).
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 33 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
نجم مو�سيقى الروك الأيرلندي بونو ،المغني الرئي�سي في فرقة
،U2ي�صدح �أمام الجماهير في خم�س حفالت نفذت جميع
تذاكرها و�أقيمت الحفلة في مادي�سون �سكوير غاردن بمدينة
نيويورك .في عام ،2006ح�صلت فرقة U2على خم�س جوائز
غرامي ،وهي الجائزة الكبرى في �صناعة المو�سيقى الأميركية.
بالإ�ضافة �إلى �شهرته المو�سيقيةُ ،يعرف بونو دوليا بعمله
الن�شط في برامج مكافحة مر�ض الإيدز في �أفريقيا.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 34 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
المنتج/المخرج ال�سينمائي ال�شهير �ستيفن �سبيلبرغ ،والممثلة الماليزية
مي�شال يوه ،والممثل الياباني كن واتنابي يظهرون في حفلة العر�ض الأول
للفيلم «مذكرات فتاة غي�شا» .مثلت يوه اي�ضا في الأفالم «النمر المتوثب،
التنين المخفي» ،و «غد ًا ال يموت �أبد ًا» .ت�شمل الأفالم التي �أنتجها
و�أخرجها �سبيلبرغ �أفالما حطمت الأرقام القيا�سية في عدد م�شاهديها،
مثل «انديانا جونز» ،و�سل�سلة �أفالم «جورا�سيك بارك» .وقد م ّثل واتنابي
�أي�ضا في فيلم «ال�ساموراي الأخير».
كثير ًا ما تدمج �أفالم جاكي �شان الفكاهة ال�صاخبة مع فنون القتال خالل الخم�سينات ،وال�ستينات ،وال�سبعينات من القرن
العالية ال�شدة .ومثله مثل الممثل يوه ،ي�ؤدي �شان بنف�سه حركات الما�ضي ا�شترك العب كرة القدم البرازيلي بيليه في
الأدوار الخطيرة في �أفالمه .ت�شمل الئحة �أفالمه الأفالم« ،ق�صة �أربع دورات لبطولة ك�أ�س العالم في لعبة كرة القدم مع
بولي�سية جديدة» ،و»�ساعة االزدحام» ،و»�ساعة االزدحام ُ ،»2
و»ظهر الفريق القومي البرازيلي ،و�سجل 1280هدف ًا في جميع المباريات
يوم في �شانغهاي» .ي�شغل جاكي �شان التي �شارك فيها والتي بلغ عددها 1360مباراة .ي�ستمر اعتباره
�أي�ض ًا من�صب �سفير في البرازيل �أ�سطورة حية ،حيث �سوف ُيعرف �إلى الأبد على انه
النوايا الح�سنة لدى ال�شخ�ص الذي نقل لعبة كرة القدم �إلى الواليات المتحدة .قام
اليون�سيف ،و�ساهم بيليه بن�شاط وا�سع لم�صلحة رعاية
بمبلغ 65الف دوالر الأطفال من خالل منظمة اليون�سيف
لم�ساعدة �ضحايا التابعة للأمم المتحدة.
الإع�صار ت�سونامي.
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 35 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
المغنية/الممثلة بيورك �أ�صبحت ،دون نقا�ش ،ا�شهر �شخ�صية في فن الغناء ال�شعبي في
�أي�سلندا�ُ .سميت اف�ضل ممثلة لدورها في فيلم «راق�ص في الظالم» في مهرجان كان
ال�سينمائي في �أيار/مايو � .2000أك�سبها هذا الفيلم تر�شيح ًا لنيل جائزة الأكاديمية للفنون
في عام 2001لأف�ضل �أغنية ،والتي حملت العنوان «ر�أيت كل �شيء» .ا�شتركت بيورك بتقديم
�أغانيها في الحفل الغنائي «اليابان 8مبا�شر» لدعم الم�ساعدات لأفريقيا� .أطلقت البوم
�أغانيها «جي�شي م�ؤلف مني» ،ور�صدت �إيراداته �إلى �ضحايا الإع�صار ت�سونامي في �آ�سيا.
المغنية ماريا ريتا ،الحائزة على جائزة غرامي ،هي ابنة المغنية البرازيلية الراحلة �ألي�س رجينا وعازف مو�سيقي الجاز ومو�سيقى
البوب على البيانو ،والم�ؤلف والمك ّيف المو�سيقي� ،سيزار كامارغو ماريانو .ك�سب �ألبومها الأول المعنون با�سمها ،عام ،2003لي�س
الإطراء ال�شعبي و�إطراء النقاد فح�سب ،بل و�أي�ضا ثالث جوائز التين غرامي ،والتي �شملت جائزة اف�ضل فنانة جديدة ،وجائزة اف�ضل
البوم لمو�سيقى �شعبية برازيلية ( ،)MPBوجائزة اف�ضل اغنية برازيلية (باللغة البرتغالية) .و�صفتها �صحيفة نيويورك تايمز ب�أنها
«اكبر ظاهرة في حقل المو�سيقى ال�شعبية البرازيلية حدثت منذ �سنوات».
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 36 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
و�صفت مو�سيقى فرقة «�سي�ستم �أوف �أي داونز» ،والتي انطلقت من لو�س
انجلو�س ،على �أنها تجمع بين عنا�صر من مو�سيقى «الغوث» �أو القوطية
(�شكل مب�سط من مو�سيقى الروك) ومو�سيقى «الفانك» (�شكل من مو�سيقى
الروك العاطفية الكئيبة) ،والتي ت�صاحبها مو�سيقى �إيقاعية حادة تجتذب
المعجبين من �صغار ال�شباب مع كلمات تجذب من هم في الع�شرينات من
العمر .كل �أفراد الفرقة من �أ�صل �أرمني وولد اثنان منهم في لبنان ،وواحد
في �أرمينيا ،و�آخر في كاليفورنيا.
ر�سخت المغنية الكولومبية �شاكيرا �شهرتها كنجمة غناء عالمية ت�ؤدي مزيجا مبتكرا ّ
من �أنماط المو�سيقى ال�شعبية والروك .نالت جائزة غرامي لأف�ضل مغنية مو�سيقى
البوب (« )»OJOS ASIفي الحفلة االفتتاحية لتوزيع جوائز غرامي الالتينية
عام .2000تعززت �شهرتها ك�سوبر�ستار بدرجة كبيرة في ال�سنة التالية عندما دخلت
�أغنيتها «لوندري �سرفي�س» (خدمة الغ�سل) في الئحة الأغاني الخم�س الأكثر انت�شارا
على القوائم الأميركية الرئي�سية لمو�سيقى البوب.
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 37 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
كانت اال�سطوانة «بايبي غيرل» التي �أطلقها �شون بول
عام 1996الأولي من �سل�سلة روائع مو�سيقى الري ّغي
التي �أثبتت ان بالإمكان تبني هذا النمط من المو�سيقى
الجاميكية ال�شعبية الأ�صلية لقاعات الرق�ص على نطاق
عالمي .بيع عبر العالم 6ماليين ن�سخة من �ألبومه
«دوتي روك» الحائز على ا�سطوانتي بالتين مزدوجتين
(التي تمنحها �شركة ت�سجيل اال�سطوانات للم�ؤلف
عندما يتجاوز العدد المباع من اال�سطوانة المليون
ن�سخة) .وكذلك ح�صل على جوائز �شرف عديدة من
بينها جائزة غرامي الف�ضل البوم لمو�سيقى الريغي عام
.2004
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 38 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
العولمة وحقوق الإن�سان والديمقراطية
بقلم دانيال غري�سوولد
التجارة ،والتنمية ،والإ�صالح ال�سيا�سي دانيال غري�سوولد هو مدير مركز درا�سات ال�سيا�سة التجارية في معهد
كاتو في وا�شنطن ،العا�صمةّ � .ألف العديد من الدار�سات والمقاالت
لي�س كالم ًا ا�ستهالكي ًا ،فمن الناحية النظرية كما في الممار�سة حول التجارة ،والهجرة ،والعولمة ب�ضمنها درا�سة �أجراها في كانون
الفعلية تدعم الحريات االقت�صادية وال�سيا�سية �إحداهما الأخرى. الثاني/يناير 2004حملت العنوان« :ا�ستبدال اال�ستبداد بالحرية
الحظ الفال�سفة ال�سيا�سيون من �أر�سطو حتى �صموئيل هنتنغتون �أن كيف :كيف تحرث الأ�سواق المفتوحة التربة للديمقراطية»
ب�إمكان التنمية االقت�صادية والطبقة المتو�سطة المتو�سعة �أن تو ّفر تربة Trading Tyranny for Freedom
�أكثر خ�صوبة لنمو الديمقراطية. ()How Open Markets Till the Soil for Democracy
ت�ستطيع التجارة والعولمة توفير التحفيز للإ�صالح ال�سيا�سي وهي متوفرة على موقع الإنترنت .www.freetrade.org
من خالل تو�سيع نطاق حرية النا�س للتحكم �أكثر في حياتهم اليومية.
في الدول الأقل نمو ًا ،يعني تو�سيع الأ�سواق انتفاء الحاجة �إلى ر�شوة �أو
ا�ستعطاف الم�س�ؤولين الحكوميين لل�سماح لهم با�ستيراد جهاز تلفزيون عندما يجري البحث بموا�ضيع التجارة والعولمة في
�أو قطع غيار لجرارهم .فال تبقى قوانين الرقابة على �صرف العمالت الكونغر�س الأميركي وفي و�سائل الإعالم الأميركية،
الأجنبية تقيد حريتهم في ال�سفر �إلى الخارج .وي�ستطيعون الح�صول يتركز االهتمام بالكامل على وجه التقريب على الت�أثير
ب�سهولة اكبر على و�سائل االت�صاالت كالهواتف النقالة ،والو�صول �إلى االقت�صادي في الوطن� ،أي على الإنتاج ال�صناعي ،والوظائف ،والأجور
الإنترنت� ،شبكات البث التلفزيوني بالكيبل ،و�أجهزة الفاك�س. لكن التجارة تعني �أكثر من ت�صدير فول ال�صويا وال ِعدد الآلية .فهي
وب�صفتهم عماال ومنتجين ،يعتمد النا�س في البلدان الأكثر تتعلق �أي�ض ًا بت�صدير الحرية والديمقراطية.
انفتاح ًا بمقدار اقل على ال�سلطات لت�أمين معي�شتهم .فعلى �سبيل منذ � 11أيلول�/سبتمبر ،2001عبرت �إدارة الرئي�س بو�ش
المثال ،في بلد اكثر انفتاح ًا تقود فيه الأ�سواق الحرة االقت�صاد لن بالتف�صيل ماهية الجدال القائل ان التجارة ت�ستطيع ،ويجب عليها ،ان
تبقى الحكومة قادرة على منع ال�صحف الم�ستقلة من ن�شر الأخبار �إن تقوم بدور في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإن�سان في باقي العالم.
هي �أغ�ضبت ال�سلطات الحاكمة .وفي اقت�صاد ومجتمع اكثر انفتاح ًا، في خطاب �ألقاه في ني�سان�/أبريل ،2004 ،قال الرئي�س بو�ش« :التجارة
ف�إن ما ي�سمى «بت�أثير �سي ان ان» لوو�سائل الإعالم العالمية وتنبه تو ّلد عادات الحرية» ،وهذه العادات «تبد�أ بتوليد الأمل بالديمقراطية
الم�ستهلكين يك�شف �إ�ساءة معاملة العمال و ُيثني عنها .ي�صبح لدى والمطالبة ب�إن�شاء م�ؤ�س�سات ديمقراطية اف�ضل .ت�صبح المجتمعات
ال�شركات المتعددة الجن�سيات العاملة في بلدان نامية الأكثر عولمة المفتوحة �أمام التجارة عبر حدودها القومية اكثر انفتاح ًا تجاه
حوافز �أكبر لتقديم فوائد و�أجور تناف�سية اكثر من تلك المعتمدة في الديمقراطية داخل حدودها».
بلدان مغلقة.
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 39 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
�أن ن�سبة 46بالمئة من �سكان العالم ت�ساعد بدورها الحرية االقت�صادية
يعي�شون الآن في بلدان ُ�ص ّنفت على �إن تطبيقات ال�سيا�سة اخلارجية الأمريكية والمداخيل المتزايدة في تغذية طبقة
�أنها «حرة» حيث يتوفر للمواطنين تعني ان ب�إمكان التجارة والتنمية� ،سوية مع متو�سطة ،متعلمة ،وواعية �سيا�سي ًا
فيها التناف�س ال�سيا�سي المفتوح ،وجو �أكثر� .إن �صعود طبقة من �أ�صحاب
من االحترام للحقوق المدنية ،وحياة
أداتان � انهما تثبت ان االقت�صادية، فوائدهما الأعمال والمجتمع المدني الأكثر ثرا ًء
مدنية م�ستقلة �إلى حد كبير ،وو�سائل حول والدميقراطية احلريات لتو�سيع قويتان تخلق القادة ومراكز النفوذ خارج
�إعالم م�ستقلة» .بالمقارنة مع ذلك لم العامل. نطاق الحكومة .فالنا�س المتحررون
تكن هناك ن�سبة تزيد عن 35بالمئة اقت�صادي ًا �سوف يطالبون بمرور
من �سكان العالم تتمتع بم�ستوى مماثل الزمن كما �أنهم �سوف يتوقعون
لهذا من الحريات في عام .1973هبطت ن�سبة ال�سكان القاطنة ممار�سة حقوقهم ال�سيا�سية والمدنية كذلك .بالمقابل ف�إن الحكومة
في بلدان «غير حرة»� ،أي التي تُقمع فيها ب�صورة منتظمة الحريات القادرة على عزل مواطنيها عن بقية العالم ت�ستطيع ب�سهولة اكبر
ال�سيا�سية والمدنية ،خالل نف�س المدة من 47بالمئة �إلى 36بالمئة. ال�سيطرة عليهم وحرمانهم من الموارد والمعلومات التي ي�ستطيعون
وبقيت ن�سبة ال�سكان في البلدان الم�صنفة «حرة جزئيا» على حالها ا�ستعمالها لتحدي �سلطتها.
عند 18بالمئة .وفي هذه الأثناء بلغت الن�سبة المئوية للحكومات التي
تعتبر ديمقراطية في العالم �إلى 64بالمئة ،وهي �أعلى ن�سبة �سجلتها ديمقراطية متزايدة
ا�ستطالعات فريدوم هاو�س خالل ال�سنوات الثالث والثالثين من
وجودهم. كما قد تتوقعه النظريات ،ف�إن التجارة ،والتنمية ،والحرية ال�سيا�سية
والى حد كبير بف�ضل رياح التحرير المتولدة من نظام العولمة، والمدنية تبدو على �أنها مرتبطة ببع�ضها البع�ض في العالم الحقيقي.
يعني االزدياد البالغ 11بالمئة في ال�سكان في العلم خالل العقود الثالثة من الممكن لكل النا�س الموافقة على ان العالم ا�صبح �أكثر عولمة مما
الما�ضية الذين يعي�شون في دول م�صنفة على �أنها «غير حرة» �إلى دولة
«حرة» ان حوالي 650مليون �شخ�ص �إ�ضافي �أ�صبحوا يتمتعون اليوم بنوع
الحريات المدنية وال�سيا�سية التي تعتبر الم�سلم بها في بالد كالواليات
المتحدة ،واليابان ،وبلجيكا بد ًال من العذاب تحت �شكل من �أ�شكال
اال�ستبداد الذي ال زلنا نراه في الدول الأكثر قمع ًا لهذه الحريات.
تبدو الحريات االقت�صادية وال�سيا�سية �ضمن البلدان الإفرادية على
�أنها مرتبطة �أي�ض ًا ببع�ضها البع�ض .وجدت درا�سة �أجراها معهد
كاتو ،حملت عنوان « ا�ستبدال اال�ستبداد بالحرية» ،ان هناك احتماال
�أكبر في ان تكون البلدان المنفتحة ن�سبي ًا بوجه االقت�صاد العالمي
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 40 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
يغذي الركود االقت�صادي ت�شيلي ،غانا ،المجر ،المك�سيك ،نيكاراغوا ،باراغواي ،البرتغال،
في ال�شرق الأو�سط وتنزانيا.
الإرهاب ،لي�س ب�سبب ً ً
بكلمات �أخرى ،تجد حكومات تمنح مواطنيها قدرا كبيرا من
الفقر فح�سب بل �أي�ض ًا الحرية للم�شاركة في التجارة الدولية انه من ال�صعب عليها �أكثر
ب�سبب غياب الفر�ص ف�أكثر� ،أن تحرمهم من الحريات ال�سيا�سية والمدنية .في حين ان
والأمل بم�ستقبل اف�ضل، الحكومات التي «تحمي» مواطنيها خلف جدران من الر�سوم الجمركية
وبالأخ�ص بين ال�شباب. وحواجز �أخرى للتجارة الدولية تجد ان من ال�سهل اكثر حرمان
فال�شبان الذين ال يتمكنون ه�ؤالء المواطنين من نف�س هذه الحريات .وبالطبع ،لن تكون العالقة
من �إيجاد عمل مفيد ،وال المتبادلة بين االنفتاح االقت�صادي والحرية ال�سيا�سية عبر البلدان
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 41 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
عولمة الجريمة والإرهاب
لويز �شيلي
تعمل فيها �شبكات الجريمة المعولمة مع الإرهابيين ،ويتمكن كالهما لويز �شيلي� ،أ�ستاذة في كلية الخدمات الدولية في الجامعة الأميركية،
من تنفيذ ن�شاطاتهما بنجاح ي�ساعدهما في ذلك الف�ساد الم�ستوطن. وم�ؤ�س�سة ومديرة لمركز الجريمة والف�ساد عبر الدول في الجامعة
ي�ستند التمييز الم�صطنع بين الجريمة والإرهاب �إلى فكرة الأميركية في وا�شنطن ،العا�صمة ،خبيرة رئي�سية في الجريمة
ذهنية بالية .فالقول الذائع �إن المجرمين يمار�سون الجريمة لمجرد والإرهاب ،وم�ؤلفة كتاب «�ضبط المجتمع ال�سوفياتي»
الربح المادي ،و�أن الإرهابيين يعملون ب�صورة ح�صرية لتحقيق �أهداف ( ،)Policing Soviet Societyوكتاب «الجريمة والتحديث»
�سيا�سية ،يكذبه الواقع المعا�صر لهاتين المجموعتين .فالمجرمون ( ،)Crime and Modernizationبالإ�ضافة �إلى كتابتها مقاالت
ال ينتمون اليوم �إلى منظمات تخ�ضع ل�سلطة هرمية ال تُ�ش ّكل تهديد ًا عديدة وف�صوال في كتب حول كافة �أوجه الجريمة التي تتخطى
للدولة بالذات ،كما كان ذلك �صحيح ًا بالن�سبة للمافيا ال�صقلية �أو الحدود القومية.
الياكوزا اليابانية .والإرهابيون ،كثير ًا ما �أ�صبحوا يتنقلون بدعم من
الجريمة ،ما بين هويتي الإجرام والإرهاب .ت�سمح هيكليات �شبكات
كليهما باالرتباط ،عن وعي �أو بدونه ،بهوية احدهما الآخر .فقد تعمل في نهاية القرن الع�شرين ،برزت ظاهرة جديدة تمثلت
المجموعتان مبا�شرة �سوية �أو قد تت�صالن من خالل م�سهلين بينهما. في قيام العولمة المتزامنة مع الجريمة ،والإرهاب،
ففي لو�س انجلو�س ،على �سبيل المثال ،منحت كلية تعليم اللغة نف�سها والف�ساد ،ذلك «الثالوث غير المقد�س» الذي �أ�صبح يظهر
�إلى بع�ض الخاطفين المتورطين في �أحداث 11/9ت�أ�شيرات دخول في كافة �أنحاء العالم .فيمكن �إيجاده في �أفقر بلدان �أميركا الالتينية
وزودت كذلك ت�أ�شيرات دخول �أي�ض ًا �إلى موم�سات تابعات لع�صبة و�أفريقيا ،وكذلك في قلب �أوروبا المزدهرة .تعمل مجموعات الجريمة
رئي�سية لتهريب الب�شر .وبدورها ،انخرطت هذه الحلقة في تجارة والإرهاب بالترافق وت�سهل عملها ظاهرة الف�ساد ،منطلقة من
بطاقات الهوية الم�سروقة التي يمكنها ت�سهيل ن�شاطات الإرهابيين. منطقة الحدود الثالثية في �أميركا الالتينية (البرازيل-الأرجنتين-
بعك�س الر�أي القائل ان كل ذلك نتج عن العولمة ،ف�إن الجريمة الباراغوي) �إلى مناطق النزاعات الإقليمية في غرب �أفريقيا واالتحاد
المنظمة والإرهاب كان لهما ن�شاط تاريخي ًا عابر ًا لحدود الدول. ال�سوفياتي ال�سابق ،والى �سجون �أوروبا الغربية .تتقاطع الجريمة
في الثالثينات من القرن الما�ضي ،كان �أع�ضاء ع�صابات المافيا والإرهاب �أي�ض ًا في ا�ستراليا ،و�آ�سيا ،و�أميركا ال�شمالية كما تدل
الإيطالية في الواليات المتحدة ي�سافرون �إلى كوبيه في اليابان والى على ذلك الق�ضايا الإجرامية التي تو ّثق هذا المزيج الوا�سع من
�شنغهاي في ال�صين للح�صول على المخدرات ،وكان يلج�أ �أع�ضاء ن�شاطاتهما.
من مختلف ع�صابات الإجرام الأميركية �إلى ال�صين لتج ّنب و�صول لكن هذا الثالوث غير المقد�س �أكثر تعقيد ًا من مجرد ّ
توجه
ال�سلطات الأميركية المخت�صة بفر�ض تطبيق القانون �إليهم .كما الإرهابيين نحو الجريمة لدعم ن�شاطاتهم� ،أو من مجرد الزيادة
وجد �أع�ضاء منظمة الجي�ش الجمهوري الأيرلندي ملج�أ �آمن ًا في كنف الدولية لتدفق ال�سلع الممنوعة .فهو بالأحرى ظاهرة مميزة بذاتها
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 42 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
الدولي .وكذلك ُيعولم الإرهابيون ن�شاطاتهم لال�ستفادة من القدرة الجاليات الأيرلندية في الخارج التي وفرت كذلك الدعم المالي لهذه
على تجنيد النا�س دولي ًا ،وللبقاء بالقرب من جاليات المهاجرين المنظمة في �أيرلندا.
الم�شتتين التي ت�ستطيع دعمهم لوج�ستي ًا ومالي ًا ،كما ليتمكنوا من �إ ّال �أن الجديد اليوم ،هو �سرعة وتكرار تفاعالتهم المتبادلة،
اختراق المجتمعات الأكثر ثرا ًء. وكثافة التعاون بين هذين ال�شكلين من الجريمة العابرة للحدود
كان النتهاء الحرب الباردة ت�أثير هائل على بروز الجريمة القومية.
العابرة للحدود القومية .فمع نهاية المواجهة بين القوتين العظميين، طور كل من المجرمين والإرهابيين �شبكات تتخطى الحدود
تقل�ص احتمال ن�شوب نزاع وا�سع النطاق .ولكن ،منذ �أواخر ثمانينات القومية ،فوزعوا ن�شاطاتهم ،وخططهم ،ولوج�ستياتهم عبر عدة
القرن الما�ضي ،حدث ارتفاع هائل في عدد النزاعات الإقليمية.
ل�سوء الحظ ،كثير ًا ما تم ربط ال�سالح والقوى الب�شرية التي تنفذ
هذه النزاعات بالن�شاط الإجرامي العابر للحدود من خالل التجارة
بالممنوعات :المخدرات ،الألما�س ،والنا�س .و ّلدت هذه النزاعات
بدورها عدد ًا ال �سابق له من الالجئين و�ألحقت الأ�ضرار باالقت�صادات
الم�شروعة في مناطق هذه النزاعات التي �أم�ست الحق ًا � ٍ
أرا�ض خ�صبة
لتجنيد الإرهابيين� ،أو مالجئ �آمنة لتخطيط العمليات الإرهابية
وتدريب الإرهابيين.
التقدم التكنولوجي العظيم الذي تحقق خالل فترة ما بعد الحرب
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 43 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
لكافة فئات المجرمين الذين يتخطون الفعالة .ومن خالل تجزئة عملياتهم
الحدود القومية .ت�شتمل هذه الخدمات يح�صد المجرمون والإرهابيون فوائد
على مزودي الوثائق المزورة، اعتمد الإرهابيون وجمموعات اجلرمية العولمة ،وفي نف�س الوقت يقللون من
ومبي�ضي الأموال ،وحتى مهنيين من العابرة للحدود القومية على نظام العوملة مخاطر عملياتهم.
الم�ستوى العالي يقدمون خدمات للو�صول �إىل �أ�سواقهم ولتدومي �أفعالهم ازداد حجم التجارة العالمية
قانونية ،ومالية ،ومحا�سبية �إلى كال وللتهرب من االكت�شاف. ب�شكل هائل خالل الن�صف الثاني
المجموعتين .يتب ّين هذا االتجاه من القرن الع�شرين .كما ترافق مع
من الحقيقة الظاهرة في محاكمة التدفق المتعاظم لل�سلع الم�شروعة
بنك ريغز في وا�شنطن العا�صمة، زيادة مرور ال�سلع الممنوعةُ .ي�ش ّكل
الذي �شملت الئحة زبائنه القانونيين �إيجاد ال�سلع الممنوعة من بين
ر�ؤ�ساء �أميركيين والعديدين من �أفراد المجتمع الدبلوما�سي في تدفقات ال�سلع الم�شروعة تحدي ًا حقيقي ًا .فهناك ن�سبة �صغيرة جد ًا
العالم ،والذي ت ّمت مقا�ضاته لقيامة بتبيي�ض الأموال لديكتاتور غينيا من �سفن الحاويات فقط تخ�ضع لتفتي�ش �شحناتها ،الأمر الذي ُي�سهل
فحكم عليهاال�ستوائية ولت�سهيله لعمليات تحويل الأموال �إلى �إرهابيينُ ، SHAKIL ADIL ©AP/WWP نقل المخدرات ،وال�سالح،
بدفع غرامة مقدارها 25مليون دوالر .تُب ّين هذه الق�ضية ان ن�شاطات وال�سلع المهربة .وهكذا،
المجرمين والإرهابيين Jesus ALFONSO ©AP/WWP يمكن نقل المخدرات على
ال تبقى دائم ًا �ضمن �سفن �سمك التونا لتج ّنب
نطاق اقت�صاد الظل، اكت�شافها ب�سهولة ،كما
بل تتقاطع في �أحيان يمكن ا�ستغالل تجارة
كثيرة مع النظام الع�سل لنقل الأموال وتوليد
االقت�صادي الم�شروع. الأرباح لمنظمة القاعدة
في نف�س الوقت.
ماذا يمكن عمله؟ �شهدت العقود
الأخيرة ت�صاعد ًا في
ينبغي �إحداث تبديل �أ�شكال عديدة من الجريمة
�أ�سا�سي في المثال المتبع لطريقة مقاربتنا للأمن المعولمة .كانت تجارة
الدولي .فاال�ستمرار في اعتماد التو�صيفات المخدرات �أول قطاع للممنوعات يحقق �أق�صى الأرباح
الم�صطنعة والمتهالكة التي تقول �إن المجرمين في عالم معولم .حقق المجرمون �أرباح ًا هائلة
ال يحفزهم �إ ّال الربح ،و�إن الإرهابيين ال تحفزهم من المتاجرة بالمخدرات ،وا�ستخدمت مجموعات
�سوى الدوافع ال�سيا�سية �أو الدينية ،هو ما ي�ؤدي �إرهابية عديدة تهريب المخدرات كم�صدر هام
DAVID LONGSTREATH ©AP/WWP
�إلى ف�شل �صانعي ال�سيا�سة وهيئات فر�ض تطبيق لتمويل عملياتها .لكن ،بعد ان ازدادت المناف�سة
القانون ووا�ضعي الخطط اال�ستراتيجية الع�سكرية، في �سوق المخدرات ،وتعززت �أ�ساليب فر�ض تطبيق
بوجه عام ،في التعامل ب�شكل فعال مع الظاهرة القانون الدولي لمكافحتها ،انخف�ضت الأرباح ب�سبب
الجديدة ل�شبكات الجريمة المتخطية للحدود المناف�سة والمخاطر المتزايدة ،وكانت النتيجة ان
القومية. ا�ستغل العديد من المجرمين والإرهابيين �أ�شكا ًال
�أخرى من الجريمة �س ّهل تنفيذها االقت�صاد المعولم .ا�ستفاد
المجرمون والإرهابيون بالتالي مالي ًا من ازدياد التجارة بالأ�سلحة
وعمليات تهريب الب�شر .كما ح�صلت زيادة هائلة في التجارة غير
ال�شرعية ب�أجنا�س الحيوانات المعر�ضة للخطر ،بالنفايات الخطرة،
بالأعمال الفنية والآثار الم�سروقة ،بال�سلع المزيفة ،وبالجريمة
المعولمة المت�صلة ببطاقات االئتمان .ت�ستغل كل من الجريمة
المنظمة والإرهابيين كافة هذه الن�شاطات ،وفي بع�ض الأحيان حتى
ب�صورة مترادفة لكليهما.
كذلك ،تطورت �صناعة من الخدمات الرئي�سية لتوفير خدمة
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 44 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
عمل الإرهابيين الذين فجروا قطارات يجب ان تبتعد الدول والم�ؤ�س�سات
الركاب في مدريد في � 11آذار/مار�س احلاجة ملحاربة اجلرمية لي�ست م�س�ألة المتعددة الأطراف عن المثال الأمني
2004لو كانت �سلطات ال�سجون مدركة الذي �ساد خالل فترة ما بعد الحرب
لما يجري التخطيط لتنفيذه في داخل للحرب باملطلق مركزية ق�ضية أنها � بل هام�شية الباردة ،والذي يعتبر النزاعات
مرافقها. إرهاب ل ا �ضد بين الدول القومية بمثابة التهديد
هناك مثال عن اال�ستراتيجية الرئي�سي للأمن الدولي ،ويفتر�ض،
الناجحة المتبعة �ضمن دائرة ال�شرطة بنا ًء على ذلك ،ان الدول قادرة على
في لو�س انجلو�س ،التي تدمج جهود قوات ال�شرطة المحلية مع جهود التح ّكم بالأمن الدولي .فعلى �سبيل المثال ،قد تكون ا�ستراتيجية
قوات تطبيق القانون الفدرالية .فمن خالل توحيد التحليل الخبير مع التحكم بانت�شار �أ�سلحة الدمار ال�شامل من خالل احتجاز المواد
عمل ال�شرطة التقليدي ،والمتابعة الوثيقة للن�شاط الإجرامي داخل الالزمة ل�صنعها م�صممة ب�صورة رائعة لكن ي�شوبها خط�أٌ ُمهلك ،لأنه
مجتمعاتها ،حققت دائرة ال�شرطة في لو�س انجلو�س نجاح ًا باهر ًا بدون معالجة التهديدات الإ�ضافية التي يطرحها االنت�شار الم�ست�شري
في تمزيق الن�شاط الإرهابي المحتمل ،كما التنظيمات التي تمول للف�ساد ،ولعمليات ال�شبكات الإجرامية والإرهابية فقد تو ّلد الدول
وت�سهل الإرهاب .من خالل العمل التقارني والتخفيف من الحواجز �شعور ًا زائف ًا بالأمن.
البيروقراطية ،تمكن رجال ال�شرطة في لو�س انجلو�س من مكافحة تتطلب معالجة م�س�ألة تقاطع كل من الجريمة والإرهاب
والف�ساد �ضمن البيئة العالمية ،معالجة البيئة االجتماعية ،وال�سيا�سية ،الإرهاب دون ا�ستعمال �أي �أدوات قانونية خا�صة ،ودون ارتكاب �أي
انتهاكات للحقوق القانونية للنا�س. واالقت�صادية التي تولد وت�ساند هذه الظاهرة .ترتبط كل من تلك
�إذا ا�ستمر �صعود التهديد ال�صادر عن فاعلين من خارج الدول، ال�شرور الثالثة بالم�شاكل العميقة العائدة الختالل التوازنات
كالمجرمين والإرهابيين الذين يتخطون الحدود القومية خالل االقت�صادية بين البلدان ،وللحكومات الم�ستبدة ،ولغياب فر�ص العمل
العقود القادمة ،ف�سوف نحتاج في الم�ستقبل �إلى قيام تعاون دولي في العديد من مناطق العالم� .إن على الحل القابل للحياة �أن يدرك
اعظم ،والى قوانين اكثر ان�سجام ًا ،والى ت�شاطر �أكبر للمعلومات ويتعامل مع ال�شعور بالحرمان من الحقوق الذي يدفع �إلى القيام
اال�ستخبارية .وعند تطبيق �سيا�سة م�ضادة للجريمة والإرهاب بالكثير من الأعمال الإرهابية ،بالأخ�ص بين ال�سكان الم�سلمين� .إن
العابرين للحدود القومية ،يتوجب علينا ،بالترافق مع ذلك ،احترام توفر فر�ص العمل وو�سائل ت�أمين �سبل العي�ش �أمران حا�سمان بالن�سبة
حقوق الإن�سان وتجنب �إجراءات ت�ؤدي �إلى تعزيز الراديكالية وتغذية للعديد من النا�س في العالم النامي ،ولكي ال يبقى ،على �سبيل المثال،
الإرهاب� .سوف تحدد طريقة �إدارتنا لهذه الإزاحة للنموذج القائم المزارعون في �أفغان�ستان و�أميركا الالتينية معتمدين على زراعة
بحيث نرى ونعامل المجرمين ،والإرهابيين ،والفا�سدين على �أنهم المخدرات لإعالة عائالتهم.
مت�صلون ببع�ضهم البع�ض ،مدى نجاحنا في �إنقاذ فوائد العولمة من كثير ًا ما تعتبر الجريمة كم�س�ألة هام�شية للإرهاب .فمنذ 11
�سوء اال�ستخدام الخطر لها في حلبة الأمن الدولي. �أيلول�/سبتمبر ،2001تحولت موارد عديدة في الواليات المتحدة
وغيرها من البلدان عن عمليات مكافحة الجريمة العابرة للحدود
القومية �إلى عمليات مكافحة الإرهاب .قد يكون هذا الت�صرف
خاطئا بالن�سبة للقوات الم�سلحة ولمجتمعات اال�ستخبارات ،ولغيرها.
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء
فالحاجة لمحاربة الجريمة لي�ست م�س�ألة هام�شية بل �أنها ق�ضية
�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية. مركزية بالمطلق للحرب �ضد الإرهاب .ربما كان بالإمكان �إف�شال
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 45 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
الرابط العالمي لل�صحة
بقلم دي �آي هندر�سون
اتخاذ �إجراءات ُم�ضادة ف ّعالة �ضد الأمرا�ض .حاالت تف�شي الأنفلونزا الدكتور دي �آي هندر�سون� ،أ�ستاذ الطب وال�صحة العامة في جامعة
تتكرر عاد ًة كل �سنة عبر العالم ،ورغم كون هذه الحاالت قادرة على بيت�سبرغ ،باحث ُمقيم في مركز الأمن البيولوجي ،م�ست�شار لدى
الت�سبب بمر�ض خطير ،وبوفاة المتقدمين في ال�سن ،والم�صابين وزارة ال�صحة والخدمات الإن�سانية حول اال�ستعداد لمواجهة الحاالت
بمر�ض مزمن في الرئة �أو في القلب ،فال يعاني ُمعظم الم�صابين ً
و�سابقا الم�س�ؤول الطبي الرئي�سي عن الق�ضاء الطارئة لل�صحة العامة،
�إ ّال من ح ّمى طفيفة و�أعرا�ض تنف�سية لمدة �أ�سبوع �أو ما يقرب من على داء الجدري في منظمة ال�صحة العالمية.
ذلك .لكن كل � 30سنة تقريب ًا كانت تظهر �ساللة جديدة ومختلفة من
الأنفلونزا ،وتتف�شى عبر العالم م�سببة وبا ًء منت�شر ًا.
خالل ال�سنوات الع�شرين الما�ضية ّتم اكت�شاف عدد
تهديد �أنفلونزا الطيور مذهل من الأمرا�ض المعدية الجديدة ،بع�ضها ي�صيب
بلد ًا واحد ًا �أو عدد ًا قلي ًال من البلدان فقط ،في حين
حدث �أحد �أخطر هذه الأوبئة عام ،1918عندما ظهر نوع جديد انت�شر مر�ض الإيدز بعناد لي�صبح في نهاية المطاف وبا ًء عالمي ًا،
من فيرو�س الأنفلونزا �أثبت �أنه كان قات ًال بدرجة �أكبر بكثير من وال ُم�سبب الرئي�سي الرابع للوفاة في العالم .وبرزت �أمرا�ض �أخرى
الفيرو�سات التي �سبقته .نتج عن هذا الوباء موت ما ال يقل عن 50 جديدة �أي�ض ًا ،كانت على الأقل 30نوع ًا من الأمرا�ض الجديدة
مليون �شخ�ص عبر العالم .في عام � 1997أُثيرت من جديد الهواج�س بمجملها .ومن الممكن توقع ظهور �أمرا�ض عديدة �أخرى �إذ �أ ّنه ،على
ب�ش�أن احتمال ح�صول وباء ذي خطورة مماثلة عند اكت�شاف �ساللة مدى العقود الأخيرة ،ح�صلت تغييرات ديموغرافية ،وتكنولوجية،
جديدة� ،أ�شد تهديد ًا من فيرو�س �أنفلونزا الطيور في هونغ كونغّ .
(تم واجتماعية مثيرة بدّلت بدرجة ملحوظة احتمال انتقال المر�ض ،وال
تحديد هذه ال�ساللة على �أنها من نوع H5N1من فيرو�س �أنفلونزا زالت هذه التغييرات تزداد انت�شار ًا بدرجة هائلة.
الطيور) كانت هذه ال�ساللة قاتلة بدرجة ا�ستثنائية للطيور ،وبالأخ�ص الأمر المثير �أكثر لهواج�س اليوم هو التهديد العالمي لوباء
الدجاج ،كما �أ�صابت � 18شخ�ص ًا توفي �ستة منهم .لم تُحدث �ساللة �أنفلونزا الطيور ،وهو نوع جديد من فيرو�س الأنفلونزا ُي�ش ّكل تهديد ًا
فيرو�س �أنفلونزا �أبد ًا في ال�سابق هذه الن�سبة العالية من الوفيات بين خطير ًا لكل بلدُ .يظهر تهديد مر�ض �أنفلونزا الطيور بو�ضوح
الب�شر .ح�صلت جميع هذه الحاالت بين العاملين لدى دجاج م�صاب. كيف ت�ستطيع ابتكارات التكنولوجيا العالمية �أن ت�ساعد في انت�شار
الأمرا�ض ،لكنه ُيظهر �أي�ض ًا كيف يمكن للتعاون العالمي �أن يقود �إلى
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 46 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
الحاجة �إلى تعاون عالمي ولح�سن الحظ ،في ذلك الوقت لم
ينت�شر المر�ض من �إن�سان �إلى �آخر.
تدعو الحاجة �إلى تحقيق هذا التعاون من املزيد اىل يحتاج االنفلونزا تهديد ماليين قتلت �سلطات ال�صحة العامة
ب�صورة م�ستعجلة اليوم �أكثر من �أي التعاون الدوىل ملكافحة املر�ض واكت�شاف الدجاج وبدا �أن الفيرو�س اختفى.
وقت م�ضى في التاريخ .في عالم التهديدات املمكن حدوثها ،واينما وقعت. لكن ،ل�سوء الحظ ،ظهر هذا المر�ض
الجراثيم تتكاثر با�ستمرار �أنواع ال من جديد بعد �ست �سنوات في الدجاج
تح�صى منها بمعدالت هائلة تكاد ال وبد�أ ينت�شر عبر جنوب �شرق �آ�سيا.
ت�صدق .كل نوع منها يتحول ويتك ّيف نفق ع�شرات الماليين من الدجاج
ويتغ ّير لت�أمين بقائه .وتبرز ب�صورة حتمية من وقت �إلى �آخر جراثيم ب�سبب المر�ض� ،أو قتلوا في محاولة ال�سيطرة على االنت�شار الالحق
تملك خ�صائ�ص مختلفة ،بع�ضها قاتل بدرجة عالية للإن�سان وبع�ضها للفيرو�س .ح�صلت حوالي � 150إ�صابة بين النا�س �أدى ن�صف عددها
يملك قدرة على النمو �أو التف�شي ب�صورة �سهلة .في المجتمعات تقريب ًا �إلى الوفاة .كان كافة الم�صابين تقريب ًا من الذين الم�سوا
الزراعية حيث ال�سكان موزعون ،وكذلك في البلدات ال�صغيرة �أو الطيور المري�ضة �أو قدموا العناية ال�صحية �إلى �أحد الم�صابين بهذا
القرى ،تتوفر فر�صة �أقل لهذه الجراثيم باالنتقال من �إن�سان �إلى �آخر، المر�ض.
فما تلبث ان تموت ب�سرعة .حتى �إذا ح�صل تف�شي مهم لمر�ض جديد �أ�صيبت الآن الطيور البرية بالعدوى .وبنتيجة الهجرة المو�سمية
ً ً
في منطق ٍة �أو بلدٍ ما كثيرا ما يكون انت�شاره الالحق محدودا ب�سبب لهذه الطيور ،انتقل الفيرو�س �إلى �آ�سيا الغربية� ،أوروبا ال�شرقية
التقييدات على ال�سفر .فال�سهولة التي نتمكن فيها من ال�سفر عبر و�أفريقيا .ومع ا�ستمرار تف�شي المر�ض يبرز قلق له ما يبرره حول
الكرة الأر�ضية قد تن�شر �أ�شد الأمرا�ض خطورة ،لكن التقدم في �أنظمة احتمال �أن يغير الفيرو�س طبيعته في �أي وقت ويبد�أ باالنت�شار عبر
ً
االت�صاالت قد تخدم �أي�ضا في ت�سهيل التعاون لإيجاد عالجات لها� ،أي االنتقال من �إن�سان �إلى
من خالل الترابط العالمي لل�صحة. �آخر .وب�سبب الحجم
واليوم ،تطرح حاالت وتف�شيات الأمرا�ض ،مهما كانت �أ�سبابها الهائل في يومنا الحا�ضر
وحيثما تح�صل ،تهديد ًا على �صحة النا�س عبر العالم .ال تبعد �أي لل�سفر الجوي ،من الم�ؤكد
مدينة رئي�سية في العالم عن �أية مدينة �أخرى �أكثر من � 36ساعة �سفر �أنه �سوف ينت�شر عبر
بالطائرة .خالل عام 2003نزل حوالي 642مليون م�سافر جوي في أ�سابيع. العالم خالل �
750مطار ًا مختلف ًا ،في 135بلد ًا� .أثبتت و�سائل المراقبة وعمليات يجب �أن يتوفر
التفتي�ش على الحدود ،التي كانت �شائعة في ال�سابق ،على �أن ال قيمة لقاح لحماية الإن�سان
لها في منع انت�شار المر�ض ،كما يظهر ذلك بو�ضوح خالل تف�شي من هذا المر�ض .لكن
مر�ض االلتهاب الرئوي الحاد (ال�سار�س) عام ّ 2003تم في ذلك اللقاح من �أجل �أن يكون
الحين الك�شف الدقيق على �أكثر من 35مليون م�سافر بهدف الحجر فعا ًال يجب �أن يماثل �إلى
ال�صحي للم�صابين منهم بالحمى .ولم ٌيعثر على �أي حالة مر�ضية. حدٍ بعيد الفيرو�س القادر
ً
فلو كان الم�سافرون قد �أ�صيبوا بالعدوى فمن المحتمل جدا �أنهم كانوا على االنتقال من ب�شري
في مرحلة الح�ضانة .ال�صامتة للمر�ض ،وال يمكن تعيينه مهما كانت �إلى ب�شري ،مع �أن هذه
دقيقة �إجراءات الك�شف الم�ستعملة .نعي�ش الآن في حركة من التحرك ال�ساللة الفيرو�سية التي
ال�سكاني ذات �ش�أن وب�سرعة لم ن�شهدها �أبد ًا في ال�سابق. ت�ستطيع مثل هذا االنتقال
يتعزز بدرجة كبيرة احتمال اكت�ساب عامل جرثومي جديد لم تظهر حتى الآن،
موطئ قدم بفعل النمو ال�سريع لل�سكان في المدن .منذ فترة ال تزيد العلماء. ح�سب ما يعرفه
عن � 50سنة كانت هناك مدينتان فقط يزيد عدد �سكانها عن 7 وهكذا يجري الآن تنفيذ
ماليين ن�سمة (نيويورك ولندن) وكانت ن�سبة 20بالمئة من �سكان جهد دولي مكثف ي�شمل
العالم تعي�ش في مناطق مدينية .اما اليوم فهناك 30مدينة يزيد عدد المختبرات ،م�س�ؤولي ال�صحة العامة ،وال�صناعة للح�صول ،ب�أ�سرع
�سكان كل واحدة منها عن 7ماليين ن�سمة ،و�سبع من �سكانها تزيد وقت ممكن ،على الفيرو�س حالما يبد�أ باالنت�شار عبر االنتقال من
بالفعل عن 15مليون ن�سمة .توجد مدن عديدة من هذه في مناطق �شخ�ص �إلى �شخ�ص ،وال�ستعمال مقاربات جديدة في �إنتاج اللقاحات
ا�ستوائية و�شبه ا�ستوائية حيث تُ�ش ّكل الكثافة ال�سكانية� ،سوء التغذية، تُمكن �إنتاج كميات كبيرة من اللقاح ب�سرعة.
العناية ال�صحية القليلة ،والتلوث البيئي خ�صائ�ص م�سيطرة .هذه هي
لتر�سخ مر�ض جديد. الأرا�ضي الخ�صبة عن حق ّ
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 47 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
و�أ�صدقائه ،قادمين من القرى والمدن ُي�ش ّكل ت�صنيع وتدويل المواد الغذائية
ً
الموزعة على م�ساحة وا�سعة جدا .ومن وهناك عامل رئي�سي �آخرً ، �سبب ًا رئي�سي ًا �آخر لن�شر المر�ض.
ؤخذ � ي ما نادرا
الم�ألوف �أن ُي�سبب ذلك انت�شار ًا وبائي ًا فقبل ب�ضعة عقود فقط كانت معظم
للمر�ض الذي يعاني منه المري�ض على وهو أال � املر�ض تف�شي ي�سهل االعتبار، عني يف المنتجات الغذائية تُزرع محلي ًا
امتداد م�ساحة وا�سعة من البالد .تُ�شير بلدان يف أخ�ص ل با امل�ست�شفيات، انت�شار كرثة في مزارع �صغيرة ،وتُحفظ �أو تُع ّد
التجارب الأخيرة �إلى �أن الم�ست�شفيات مرهقة االقت�صادية املوارد تكون حيث ومناطق لال�ستهالك التجاري في م�ؤ�س�سات
كانت الموقع الأولي للعدوى الوبائية وحيث يندر توفر املوظفني التدريب املهني. التجارة �صغيرة لم ي�شارك �أكثرها في
بمر�ض الح�صبة و�أمرا�ض نزف الدم، الدولية .وعند ح�صول تلوث عند �أية
وكذلك تلك التي ت�سببها فيرو�سات مرحلة من هذه العملية كان عدد قليل
ال�سا� ،إيبوال ،وماربورغ. فقط من النا�س يت�أثرون بذلك .لكن،
في هذا الع�صر المعولم� ،أ�صبحت �صحة كل �إن�سان على وجه مع �إنتاج وت�صنيع المواد الغذائية على نطاق وا�سع ،وتو ّفر �إمكانيات
الب�سيطة مرتبطة ب�صحة كل فرد �آخر .علينا �أن ندرك كامل تداعيات التجليد وال�شحن الجوي للأغذية �أ�صبح من الممكن �أن ي�سبب
ً
هذه الحقيقة ِعلما �أن مر�ض الإيدز ومر�ض �أنفلونزا الطيور �أثبتا التلوث عند �أية مرحلة من مراحل �سل�سلة �إنتاج الأغذية �إلى التف�شي
�أهميتهما في �إبالغ هذه الر�سالة .هناك �ضرورة لمحاربة �أعرا�ض الم�ستفحل للأوبئة ليمتد عبر بلدان عديدة .تتوفر �صورة �صغيرة
الأمرا�ض ال ُمعدية حيثما تح�صل على �سبيل المثال ،الوباء الذي ينت�شر عن ذلك من حادثة ح�صول وباء الإ�سهال الحاد ،الذي كان �سببه
اليوم في �أق�صى المناطق النائية من �أفريقيا �أو الأميركيتين ،قد يولد كائن مجهري يعرف با�سم �شيغيلوزي�س في �آب �/أغ�سط�س .2003
تف�ش للمر�ض في �أي مكان �آخر في غدا حاالت مر�ضية وربما حاالت ّ ً ظهر المر�ض ب�سبب التلوث في مطبخ �إعداد الأطعمة ل�شركة طيران
ً
العالم تقريبا .بعبارات عملية� ،شكل تبني الأنظمة ال�صحية الدولية في الواليات المتحدة .وقد ّتم تعيين ح�صول 241حالة َم َر�ضية في
لمنظمة ال�صحة العالمية ،بعد تحديثها في المجمل ،ولكن ُقدّر �أن حوالي � 9آالف حالة حدثت
�أيار ،2005خطوة �إيجابية نحو تنفيذ الأبحاث بالفعل في 219رحلة طيران مختلفة �إلى 24والية
والتطويرات وم�شاطرتها ال�ضرورية للتعامل مع و�أربع دول �أجنبية.
م�شاكل الأمرا�ض حيثما تحدث ،ونحو ت�شكيل ً
وهناك عامل رئي�سي �آخر ،نادرا ما ي�ؤخذ
�شبكات دولية فعالة للأبحاث والتثقيف بحيث في عين االعتبار ،ي�سهل تف�شي المر�ض �أال وهو
ُيتاح نقل وتطبيق النتائج والم�شاهدات الهامة كثرة انت�شار الم�ست�شفيات ،بالأخ�ص في بلدان
ب�سرعة �أكثر وبفعالية �أكبر. ومناطق حيث تكون الموارد االقت�صادية مرهقة
وحيث يندر توفر الموظفين التدريب المهني .ال
تتوفر في العديد من هذه الم�ست�شفيات �أية و�سائل
لعزل مر�ضى ناقلين للعدوى ،كما ال تتوفر �سوى
القليل من المعدات� ،أو �أنها ال تتوفر مطلق ًا ،يتيح
التعقيم المالئم للإبر والحقن كما للأدوات
الجراحية .قد ي�ؤدي ذلك �إلى تف�شي �أمرا�ض
تتنقل عدواها بوا�سطة الدم .ومن الم�ؤكد �أن
هذا العامل كان م�ساهم ًا هام ًا في تف�شي مر�ض
الإيدز في بع�ض البلدان .وفي نف�س الوقت ،من المعتاد في مرافق
العناية الطبية هذه �أن تزور المري�ض �أعداد كبيرة من �أفراد عائلته
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء
�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية.
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 48 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
تُ�شدد الأنظمة المعدّلة على التزامات �أو�سع مدى لبناء تكييف الأنظمة الدولية ل ُتنا�سب عالماً �أ�صغر
القدرات القومية التخاذ �إجراءات وقائية ،كما الكت�شاف
واال�ستجابة للحاالت الطارئة على ال�صحة العامة ذات االهتمام في � 23أيار/مايو ،2005وافق مجل�س ال�صحة العالمية على �أنظمة
الدولي .ت�شمل هذه الإجراءات الروتينية تدابير ال�صحة العامة ال�صحة الدولية لأجل �إدارة الحاالت الطارئة في ال�صحة العامة
في المرافئ والمطارات والحدود الأر�ضية ،وغير ذلك من و�سائل ذات الأهمية الدوليةّ .تم تكييف هذه الأنظمة الجديدة «لمنع،
النقل الم�ستعملة لل�سفر الدولي. والحماية �ضد ،ومراقبة ،وت�أمين ا�ستجابة هيئات ال�صحة العامة
وكما �أ�شارت �إليه منظمة ال�صحة العالمية ،ف�إن الغر�ض النت�شار الأمرا�ض دولي ًا» ،ا�ستناد ًا �إلى كالم منظمة ال�صحة
من �أنظمة ال�صحة الدولية هو ت�أمين الوقاية الق�صوى للنا�س من العالمية .تعك�س هذه الأنظمة �أي�ض ًا الطبيعة ال ُمتغيرة للأمرا�ض
االنت�شار الدولي للأمرا�ض ،وفي نف�س الوقت التقليل �إلى الحد العالمية منذ تبنيها عام .1969
الأدنى من تدخلها بقطاعي ال�سفر العالمي والتجارة العالمية. قال مايك ليفيت ،وزير ال�صحة والخدمات الإن�سانية في
قال الدكتور غوينايل روديه ،مدير دائرة ر�صد الأمرا�ض حكومة الرئي�س بو�شُ ،متحدث ًا �أمام م�ؤتمر ال�صحة العامة في 16
المعدية واال�ستجابة لها ،في منظمة ال�صحة العالميةُ « ،كتبت تبني الأنظمة المعدّلة �سوف ُي�ش ّكل �أداة فاعلة
�أيار/مايو�« ،إن ّ
الأنظمة القائمة لعالم مختلف تمام ًا عن العالم الذي نعي�ش فيه جد ًا في جهودنا لال�ستجابة للتحديات التي تطرحها التهديدات
اليوم .كان ال�سفر الجوي ترف ًا ،وكان انتقال ال�سلع والنا�س حول البيولوجية ،الكيميائية ،والإ�شعاعية على ال�صحة العامةّ ،
بغ�ض
العالم بطيئ ًا ن�سبي ًا .اما اليوم فقد تو�سع ال�سفر والتجارة �إلى �أبعد النظر عما �إذا كانت تحدث ب�صورة طبيعية� ،أو ُمتعمدة� ،أو
ما كانت تتوقعه الأنظمة الأ�صلية .ت�ستجيب القواعد الجديدة �إلى عر�ضية».
العالم المعولم� 24 ،ساعة في اليوم حيث ي�ستطيع تف�شي مر�ض في ا�ستناد ًا �إلى منظمة ال�صحة العالمية�ُ ،صممت الأنظمة
بلد ما االنتقال ب�سرعة حول العالم». الأ�صلية لل�صحة الدولية التي جرى تبنيها عام 1969للم�ساعدة في
ر�صد ومراقبة �أربعة �أمرا�ض ُمعدية خطيرة ،الكوليرا ،الطاعون،
الحمى ال�صفراء ،والجدري .تفر�ض الأنظمة الجديدة على الدول
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء وجوب �إبالغ منظمة ال�صحة العالمية عند ح�صول �أي حاالت �أو
�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية. �أحداث َمر�ضية «قد تُ�ش ّكل حالة طارئة لل�صحة العامة ذات اهتمام
دولي» .يجب �أن تبلغ الدول عن �أي �أدلة ت�ؤكد وجود �أخطار على
الم�صادر: ال�صحة العامة خارج حدودها التي قد تُ�سبب االنت�شار الدولي
http://usinfo.state.gov/gi/Archive/2005/May/20-582917.html للمر�ض.
http://www.who.int/mediacentre/news/releases/2005/pr_wha03/en/
index.html
يقف زوجان �أمام عر�ض لألفي �شمعة �أ�ضيئت لذكرى �ضحايا مر�ض الإيدز في كوبنهاغن،
بالدانمارك ،في اليوم العالمي لمكافحة مر�ض الإيدز( .جون ماكونيكو� /آ�سو�شييتد بري�س)
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 49 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
التعاون يف جمال �أنظمة الإنذار بالأعا�صري مثل الت�سونامي
الدولية لعلوم البحار في تطوير نظام �إنذار دولي مع م�شاطرة خالل الأ�شهر الأربعة ع�شر منذ �أن قتل الزلزال بقوة
معطيات الزالزل والمحيطات مع 16دولة. 9,15درجة على مقيا�س ريختر و�إع�صار الت�سونامي
ً
ي�ستغرق تطوير مثل هذا البرنامج وقتا ،لأن �إنذار النا�س وهجر الماليينالذي قتل �أكثر من � 200ألف ن�سمةّ ،
حول الأعا�صير مثل الت�سونامي الو�شيكة الوقوع والمخاطر الأخرى في ما يزيد عن ع�شرة بلدان في حو�ض المحيط الهندي ،عملت
يتطلب نظام ًا متكام ًال� ،أي �أن يكون هناك نظام يت�ضمن تقييم هذه البلدان �سوية مع �شركائها الدوليين بجد عظيم للت�أكد من
م�صادر الخطر والمخاطر بالن�سبة لكل دولة ،و�إنذارات حول �أن الكوارث الطبيعية في الم�ستقبل لن تح�صد مثل هذا العدد
م�صادر المخاطر واال�ستعداد لها ،ور�صد المحيطات ،و�إدارة من ال�ضحايا .و�أن�ش�أت خطط ًا لإقامة نظام �إنذار مبكر للمنطقة
المعطيات ،والقيام بالتكهن ،ون�شر التوقعات الم�ستقبلية ،كما اتخذت �شكلها عبر اجتماعات عقدت على امتداد العام ،2005
الإنذارات ،وبناء القدرات الكت�شاف م�صادر الأخطار والتنب�ؤ في �أماكن مختلفة وعك�ست اهتمام ال�شركاء الدوليين الم�ساهمين
بها ،و�إنذارات ال�سكان وو�سائل العديدين� ،أي اليابان ،فرن�سا،
الموا�صالت العائدة لها، هاواي ،ا�ستراليا ،وم�ؤخر ًا الهند.
واال�ستعداد لمواجهة الكوارث. في حيدر �أباد ،بالهند،
كل عن�صر مك ّون لمثل هذا حيث ُعقدت الجل�سة الثانية
النظام المتعدد القوميات يجب لمجموعة التن�سيق بين
�أن يكون قادر ًا على التوا�صل الحكومات في اللجنة الدولية
الم�شترك داخل النظام ومع لعلوم المحيطات التابعة لمنظمة
DITA ALANGKARA ©AP/WWP
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 50 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
تركيب �أكثر من 100مقيا�س زالزل في المنطقة .في نطاق هذا
الجهد ،تتعاون الوكالة الأميركية للم�سح الجيولوجي مع الوكالة
اليابانية للأر�صاد الجوية ،ووزارة العلوم والتكنولوجيا في �ألمانيا
و�إدارة الزالزل ال�صينية.
ت�ستطيع المعلومات الزلزالية ان تبلغ هذه المراكز القومية
ب�أن زلزا ًال بقوة معينة قد حدث في منطقة ُمع ّينة ولكنها ال ت�ستطيع
�أن تخبرها �أن �إع�صار ًا مثل ت�سونامي قادم على الطريق .يجب
ت�أمين �أجهزة اكت�شاف الأعا�صير في عمق المحيطات الكت�شاف
�إع�صار قادم من بعيد يتقدم عبر المحيط باتجاه مناطق �ساحلية
بعيدة ال توجد مثل هذه الأجهزة قيد الت�شغيل في المحيط الهندي،
لكن عدة بلدان في المنطقة ،ب�ضمنها الهند (بم�ساعدة �ألمانيا)،
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 51 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
ق�ضايا عالمية في حقل التعليم العالي
بقلم �ستيفن بي هاينمان
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 52 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
نوعية عالية ا�ستناد ًا يخ�ص م�ؤ�س�سات التعليم
�إلى عدد الكتب التي ً
ت�صنيف فئات الجامعات الآ�سيوية ا�ستنادا �إلى عر�ض نطاق العالي باعتبارها
تحتويها .اما اليوم ترددات في قناة االت�صاالت ملتج�آت معزولة عن
فتعرف المكتبة بالكمية حجم التردد لكل المرتبة العالم تُع ّلم قلة مختارة
الجامعات التي ُتد ّر�س المرتبة
التي تتيحها لإبالغ طالب (كيلوبت الإجمالية من النا�س .فالواقع
موا�ضيع درا�سية متعددة
المعلومات .والفرق في الثانية) عام 2000 �أن التعليم العالي في
هائل .تملك كل مكتبة زمننا الحا�ضر كثير ًا
20 33.53 1
جامعية عالية النوعية 35 29.76
جامعة �صن يات �سن (تايوان)
جامعة �صن يات �سن (تايوان) 2
ما يكون ال �شخ�صي ًا،
يتوفر لها ما يكفي من 50 20.84 الجامعة الوطنية �شونغ نام (كوريا الجنوبية) 3 �أي يتمثل في �صفوف
المال لالنت�ساب �إلى 8 19.58 الجامعة الوطنية الأ�سترالية 4 انتظار طويلة للدخول
«�شبكات معلومات» �إلى قاعات محا�ضرات
37 19.02 جامعة تايوان العادية (نورمال) 5
ح�صرية تت�شاطر من 4 17.14 جامعة �سيئول الوطنية (كوريا الجنوبية) 6
بالية ،ومكتبات فاقدة
خاللها الموارد مع 18 14.77 جامعة ت�سينغ هوا (تايوان) 7 للكثير من الكتب،
غيرها. 1 14.17 جامعة كيوتو (اليابان) 8 وجدران مت�شققة،
�شبكات المكتبات وطالء مت�ساقط،
34 13.52 جامعة ت�شون نام الوطنية (كوريا الجنوبية) 9
الأكاديمية تتخطى 2 11.84 جامعة طوكيو (اليابان) 10
و�صنابير تت�سرب منها
الحدود القومية 46 11.54 جامعة تيانجين (ال�صين) 11 المياه.
حيث تغطي المكتبات 54 10.81 جامعة ك�سيان جياوتونغ (ال�صين) 12 اما المطمح الثاني لكل
الجامعية كل من بلد فهو تح�سين نوعية
5 7.1 جامعة �سنغافورة الوطنية 13
�أوروبا ،و�آ�سيا، 45 6.92 جامعة وولونغونغ (ا�ستراليا) 14
التعليم العالي .على
و�أميركا ال�شمالية. 26 6.88 جامعة �أدياليد (ا�ستراليا) 15 امتداد العقد الما�ضي
�إمكانية الو�صول �إلى 11 6.58 جامعة ناغويا (اليابان) 16 وقعت ثورة في المعايير
المعلومات هي ما تميز التي ت�ساعد في تحديد
24 6.12 الجامعة المركزية (تايوان) 17
المكتبات الممتازة 9 6.06 جامعة ملبورن (ا�ستراليا) 18
نوعية �أو جودة التعليم
عن المتو�سطة منها. 63 5.56 جامعة كا�ست�سارت (تايلند) 19 العالي .فاليوم تتطلب
تتوفر كافة الخدمات 28 5.5 جامعة �شاو تونغ (تايوان) 20 نوعية التعليم العالي
الأكاديمية ،التعليمية العالية التحديث
والبيبليوغرافية منها Source: http://www.asiaweek.com الإلكتروني في ح�ص�ص
عبر مرافق من الترددات العري�ضة �ضمن قناة ات�صاالت .ي�شمل الدرا�سة ،مباني المنامات الطالبية ،المكتبات ،مختبرات العلوم،
ت�صنيف مراتب الجامعات في الواقع اليوم عر�ض نطاق الترددات في وقاعات الدر�س .ويكون الطالب في �أحيان كثيرة �أكبر �سن ًا ،ي�ؤدون
قناة االت�صاالت التي ت�ستعملها الجامعة (�أنظر الجدول المرفق) .ال عم ًال بدوام جزئي ،ويعي�شون بعيد ًا عن حرم الجامعة .لم تعد النوعية
ت�ستطيع الجامعات التي لديها نطاق متدنٍ من الترددات ان تناف�س العالية من المناهج الدرا�سية ت�ستند �إلى الكتاب المدر�سي بل على
في الجودة جامعات تملك نطاق ترددات وا�سعة العر�ض في قناة �أحدث المعلومات الم�ستمدة من الم�صادر المطبوعة والإلكترونية.
ات�صاالتها. يتم البحث في الإنترنت عن المعلومات المهمة للطالب وتتوافر لهم
المطمح الثالث الم�شترك لدى الجامعات في العالم هو رفع على خط الإنترنت مبا�شرة .وبذلك يتمكن الطالب من الو�صول �إلى
م�ستوى الم�ساواة �أي تقديم منح وزماالت درا�سية �إلى الطالب معلومات حول منهاج الدرا�سة �أينما يعي�شون �أو ي�سافرون.
الم�ؤهلين من عائالت فقيرة �أو من مناطق محرومة .تملك الكثير من والأكثر من ذلك ،هو التغ ّير في �أ�سلوب التعليم في غرفة
جامعات الدرجة الأولى موارد كافية لتقديم منح درا�سية �إلى حوالي التدري�س .لم يعد وقت الح�صة الدرا�سية ُمكر�س ًا لتوفير المعلومات
طالب واحد من بين كل ثالثة طالب� ،إ�ضافة �إلى ما قد يكون متوفر ًا للطالب .بد ًال من ذلك� ،أ�صبح مكر�س ًا لتحليل المعلومات التي يتم
من خالل الموارد الحكومية. ا�ستيعابها قبل الدخول �إلى غرفة التدري�س .غ ّيرت الإنترنت و�أ�شكال
�أخرى من و�سائل المعلومات الإلكترونية طبيعة المكتبة الأكاديمية:
وتعززت نوعيتها .ق ّلت ال�ضرورة لزيارة هيئة التدري�س �أو الطالب �إلى
الموقع المادي للمكتبة .كان من المعتاد تعريف مكتبة جامعة من
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 53 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
البع�ض منها بطيء لأنها لم تدرك بعد �أن على كافة الجامعات اليوم، الموارد المالية
لكي ت�صبح ذات نوعية عالية� ،أن تتولى �ش�ؤونها المالية و�إدارتها
بنف�سها. لكن هذه المطامح الثالثة� ،إذا �أُخذت �سوية ،تكون مكلفة وال يوجد
قد يرى البع�ض في هذا مي ًال نحو نفخ «الروح التجارية» في �إ ّال عدد قليل من الدول يمكنها تمويل كافة هذه المطامح الثالثة من
التعليم العالي .قد يراه البع�ض الآخر على انه عولمة ِطبق ًا «للنموذج الموارد الحكومية بمفردها .فمع الزيادة في �أعداد الطالب والتوقعات
الأميركي» من التعليم العالي .اما �أنا ف�أرى في هذا �ضرورة ال�ستخدام المت�صاعدة للنوعية والم�ساواة ت�صبح الموارد الحكومية غير كافية.
الموارد لال�ستفادة منها للدرجة الق�صوى .وال �أ�صفه ك�أمر تجاري بل من المحتمل �أن تظل ندرة الموارد لدى الحكومات دائمة وهذا ما قد
�أقول �أنه اعتماد الروح االحترافية في التعليم العالي من خالل ال�سعي يو ّلد مع�ضلة محتملة .كيف ي�ستطيع التعليم العالي �أن ُيم ّول �أهدافه
الم�شروع لتحقيق االمتياز في التعليم ،ولي�س لكونه �أنموذجا �أميركيا الذاتية والذي ي�شمل �أهدافه التقليدية في خدمة ال�صالح العام؟
بل لكونه �أنموذج ًا ناجح ًا يجب �أن تنخرط فيه كافة م�ؤ�س�سات التعليم تتعلق هذه المع�ضلة بكل من الم�ؤ�س�سات العامة والخا�صة.
العالي للتعامل مع ما �أ�صبح اليوم مع�ضلة عالمية تتمثل في ندرة فمث ًال ،في الواليات المتحدة تح�صل الجامعات الر�سمية على ما
الموارد العامة. بين � 15إلى 20بالمئة فقط من ميزانياتها للم�صاريف العادية من
المجال�س الت�شريعية في الواليات .وتكون الجامعة م�س�ؤولة عن جمع
التما�سك االجتماعي الأموال الباقية الالزمة مما يجعل الجامعات من النوعية العالية،
الر�سمية والخا�صة ،تت�شابه في �إدارة �أهدافها وا�ستراتيجياتها .بقدر
هناك ت�أثير عالمي �آخر على التعليم العالي ي�ستحق الذكر يتمثل في ما �أعرفه ،تتوفر لكافة الجامعات �أربع فئات من الخيارات التي يمكنها
الطريقة التي ي�ساهم (�أو يعيق) التعليم العالي المتما�سك االجتماعي اعتمادها لت�أمين التمويل الالزم:
لأي دولة .على كل من التعليم العالي الخا�ص والعام القيام ب�أدوار في • ت�ستطيع جمع الإيرادات من م�صادر تقليدية (مثل زيادة
الم�ساعدة على ت�أمين عي�ش المواطنين ب�سالم مع بع�ضهم البع�ض ر�سوم التعليم ،فر�ض �إيجارات على المرافق ،وتخفي�ض النفقات غير
ومع جيرانهم ،و�أن يكون الخريجون منها قادرين على ح�سن الأداء المبا�شرة).
في �سوق العمل ِطبق ًا • ت�ستطيع
املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه 54 ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ،
ب�ش�أن اعتمادية ال�شهادات ،ت�ؤ ّمن الفر�صة لمقارنة �أو�ضاع الجامعات الدرجة التي تعلن فيها هيئة التدري�س والجهاز الإداري قواعد ال�سلوك
في مختلف �أجزاء العالم ا�ستناد ًا �إلى نوعية برامجها� .إن رغبة وتلتزم بها؛ والدرجة التي تُث ّمن فيها النقا�ش المفتوح وتحترم الآراء
الجامعة من النوعية العالية في �أن تتم مقارنتها بجامعات �أخرى كثير ًا المعار�ضة .كلما تو�سعت الجامعة في �إبراز هذه الخ�صائ�ص كلما
ما �أ�صبحت تبدو على �أنها تعتمد على ما �إذا كانت الجامعة قادرة على ازداد طالبها في �إبرازهم كر�أ�سمال ب�شري من خالل معارفهم
�إظهار عدم ف�سادها. ومهاراتهم ،وكلما ازدادت م�ساهمتهم في الر�أ�سمال االجتماعي ،نوع
الر�أ�سمال الذي يولد رغبة الت�ضحية من �أجل ال�صالح العام ،كما من
يقع عبء تقديم هذا الإثبات على عاتق الجامعة التي تخ�ضع للتدقيق. �أجل الت�سامح تجاه وجهات نظر و�آراء الآخرين وفهمها.
ف�إذا لم تتمكن من �إثبات نزاهتها� ،سوف يجد طالبها �أنف�سهم في تكون الجامعات التي تظهر درجة عالية جد ًا من الر�أ�سمال
و�ضع غير مالئم لهم على الدوام في �سوق العمل ،وقد يت�ساءل النا�س الإن�ساني واالجتماعي من نوعية عالية ،وهذه هي الجامعات التي
حينئذٍ عن مدى جدارة �إنفاق المال العام. �سوف تملك الت�أثير الأكثر �إيجابية لتحقيق التما�سك االجتماعي
والخال�صة �أن هناك «نموذجا» ناجحا ب�صورة متزايدة لنظام للبالد.
التعليم العالي ينطبق على كافة مناطق العالم .وهو النموذج الذي �إن ما يعنيه ذلك �ضمني ًا هو �أن الجامعات التي يح�صل فيها
تتمكن من خالله م�ؤ�س�سات التعليم العالي بذاتها �أن تمول تحقيق الف�ساد ،حيث يمكن تغيير الدرجات الدرا�سية ،وتبديل قرارات القبول
�أهدافها .ومن الوا�ضح �أكثر ف�أكثر �أن للتعليم العالي دور ًا فريد ًا ليلعبه في الجامعة واعتمادية �شهاداتها من خالل الر�شاوى� ،سوف تهدد
في عملية التما�سك االجتماعي للدول ،ولكنه قد يتمكن من لعب �إما التما�سك االجتماعي للبالد .فبد ًال من �أن تُ�ش ّكل المثال لح�سن ال�سلوك
الدور ال�سلبي من خالل تمثيله لل�سلوك غير المهني� ،أو الإيجابي من ف�إن الجامعة الفا�سدة تقدم (تبرز) عك�س ذلك� ،أي �سلوك ي�ؤدي �إلى
طريق التزامه معايير ال�سلوك الدولية. خلل وظيفي بالن�سبة «لم�ستقبل البالد».
تُم ّثل مكافحة الف�ساد في م�ؤ�س�سات التعليم العالي م�شكلة عالمية
اليوم ،وتجعل الرهانات على نجاحها عالية .تُ�ش ّكل عملية بولونيا ،التي
تعمل من خاللها دول االتحاد الأوروبي للتوفيق بين �أنظمة التعليم
العالي المختلفة لديها وذلك لإتاحة �إمكانية التحرك �أكثر لكل من
الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء الطالب والأ�ساتذة ،كما �أن الإر�شادات الجديدة لمنظمة الأوني�سكو
�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية.
©AP/WWP
تعمل هاتان الطالبتان القطريتان في �صف تدري�س الطباعة في كلية الفنون التابعة لجامعة
كومونويلث فيرجينيا في الدوحة ،قطر�( .آ�سو�شييتد بري�س)
ق�ضايا عاملية � -شباط/فرباير2006 ، 55 املجلة الإلكرتونية -يو ا�س �أيه
Bibliography
Additional Readings on Globalization
المراجع
Friedman, Thomas L. The World Is Flat: A Brief O’Sullivan, John. “The Role of the Media at a Time of
History of the Twenty-First Century. New York: Farrar, Global Crisis,” International Journal on World Peace, v.
Straus, and Giroux, 2005. 21, no. 4 (December 2004): pp. 69-79.
Gugler, Josef, ed. World Cities Beyond the West: Pells, Richard. “American Culture Goes Global: Or
Globalization, Development, and Inequality. Does It?” Chronicle of Higher Education, v. 48, no. 31
Cambridge; New York: Cambridge University Press, (April 12, 2002): p. B7.
2004.
Pells, Richard. From Modernism to the Movies: The
“Measuring Globalization: The Global Top 20,” Globalization of American Culture in the Twentieth
Foreign Policy, no. 148 (May/June 2005): pp. 52- Century. New Haven, CT: Yale University Press,
60. [Fifth Annual A.T. Kearney/Foreign Policy forthcoming.
Globalization Index]
Rantanen, Terhi. The Media and Globalization.
Naím, Moisés. “Globalization: Passing Fad or Thousand Oaks, CA: Sage, 2005.
Permanent Revolution?” Harvard International Review,
v. 26, no. 1 (Spring 2004): pp. 84-85. Robertson, Robbie. The Three Waves of Globalization:
A History of a Developing Global Consciousness.
Perrons, Diane. Globalization and Social Change: Nova Scotia, [Canada]; Fernwood; New York: Zed
People and Places in a Divided World. London; New Books, 2003.
York: Routledge, 2004.
Veseth, Michael. Globaloney: Unraveling the Myths of
Veltmeyer, Henry, ed. Globalization and Globalization. Lanham, MD: Rowman and Littlefield,
Antiglobalization: Dynamics of Change in the New 2005.
World Order. Aldershot, Hants, UK; Burlington, VT:
Ashgate, 2005.
ECONOMICS
Chandler, Alfred D., and Bruce Mazlish, eds. Ocampo, José Antonio, and Juan Martin, eds.
Leviathans: Multinational Corporations and the Globalization and Development: A Latin American and
New Global History. Cambridge, UK; New York: Caribbean Perspective. Palo Alto, CA: Stanford Social
Cambridge, 2005. Sciences, Stanford University Press; Washington, DC:
World Bank, 2003.
Das, Dilip K. The Economic Dimensions of
Globalization. Houndmills, Basingstoke, Hampshire; Pink, Daniel. Free Agent Nation: The Future of
New York: Palgrave Macmillan, 2004. Working for Yourself. New York: Warner Business
Books, 2002.
Drainville, André C. Contesting Globalization: Space
and Place in the World Economy. London; New York: Rivoli, Piera. The Travels of a T-Shirt in the Global
Routledge, 2004. Economy: An Economist Examines the Markets,
Power, and Politics of World Trade. Hoboken, NJ: John
Hanson, James, et al., eds. Globalization and National Wiley & Sons, Inc., 2005.
Financial Systems. Washington, DC: World Bank,
2003. Runge, C. Ford, et al. Ending Hunger in Our Lifetime:
Food Security and Globalization. Baltimore, MD:
International Monetary Fund. U.S. Fiscal Policies and Johns Hopkins University Press, for the International
Priorities for Long-Run Sustainability. Washington, Food Policy Research Institute, 2003.
DC: IMF, 2004.
Rupert, Mark, and M. Scott Solomon. Globalization
Isaak, Robert A. The Globalization Gap: How the Rich and International Political Economy: The Politics
Get Richer and the Poor Get Left Further Behind. of Alternative Futures. Lanham, MD: Rowman and
Upper Saddle River, NJ: Prentice Hall/Financial Times, Littlefield, 2006.
2005.
Smith, Neil. The Endgame of Globalization. New York:
Laudicina, Paul A. World Out of Balance: Navigating Routledge, 2005.
Global Risks to Seize Competitive Advantage. New
York: McGraw-Hill, 2004. Stark, Jurgen. “The State of Globalization,” The
International Economy, v. 19, no. 2 (Spring 2005): pp.
Legrain, Philippe. Open World: The Truth About 52-55.
Globalization. Chicago: Ivan R. Dee, 2004.
Stiglitz, Joseph. Globalization and Its Discontents.
Lele, Uma J., and Chris Gerrard. Addressing the New York: Norton, 2002.
Challenges of Globalization: An Independent
Evaluation of the World Bank’s Approach to Global Weinstein, Michael M., ed. Globalization: What’s
Programs. Washington, DC: World Bank, 2004. New? New York: Columbia University Press, 2005.
Mander, Jerry, and Victoria Tauli-Corpuz, eds. Wolf, Martin. Why Globalization Works. New Haven,
Paradigm Wars: Indigenous Peoples’ Resistance to CT: Yale University Press, 2004.
Economic Globalization: A Special Report of the
International Forum on Globalization, Committee on
Indigenous Peoples. San Francisco, CA: International EDUCATION
Forum on Globalization, 2005.
Heyneman, S.P. “Defining the Influence of Education
Michie, Jonathan, ed. The Handbook of Globalisation. on Social Cohesion,” International Journal of
Cheltenham, UK: Northampton, MA: Edward Elgar, Educational Policy, Research and Practice (Winter
2003. 2002/3): pp. 73-97.
Moiseyenko, Olena. “Education and Social Cohesion: Morgan, Matthew J. “The Origins of the New
Higher Education,” Peabody Journal of Education, v. Terrorism,” Parameters, v. 34, no. 1 (Spring 2004): pp.
80, no. 4 (2005): pp. 89-103. 29-43.
http://carlisle-www.army.mil/usawc/
“A New World View: Education in a Global Era,” Phi Parameters/04spring/morgan.htm
Delta Kappan, v. 87, no. 3 (November 2005): pp. 184-
245. Nassar, Jamal R. Globalization and Terrorism: The
Rumyantseva, Nataliya L. “The Taxonomy of Migration of Dreams and Nightmares. Lanham, MD:
Corruption in Higher Education,” Peabody Journal of Rowman and Littlefield, 2005.
Education, v. 80, no. 1 (2005): pp. 81-92. http://www.rowmanlittlefield.com/Catalog/SingleBook.
shtml?command=Search&db=^DB/CATALOG.
db&eqSKUdata=0742525031
HUMAN RIGHTS
Nye, Joseph. Soft Power: The Means to Success in
Brysk, Alison, and Gershon Shafir, eds. People Out World Politics. New York: Public Affairs, 2004.
of Place: Globalization, Human Rights, and the
Citizenship Gap. New York: Routledge, 2004. Rapley, John. Globalization and Inequality:
Neoliberalism’s Downward Spiral. Boulder, CO: Lynne
Moghadam, Valentine M. Globalizing Women. Rienner, 2004.
Baltimore, MD: Johns Hopkins University Press, 2005.
Rosenau, James N. Distant Proximities: Dynamics
Beyond Globalization. Princeton, NJ: Princeton
SECURITY University Press, 2003.
Barkawi, Tarak. Globalization and War. Lanham, MD:
Sicherman, Harvey. “Cheap Hawks, Cheap Doves, and
Rowman and Littlefield, 2006.
the Pursuit of Strategy,” Orbis, v. 49, no. 4 (Fall 2005):
pp. 613-629.
Carmody, Padraig. “Transforming Globalization and
http://www.fpri.org/orbis/4904/sicherman.
Security: Africa and America Post-9/11,” Africa Today,
cheaphawksdoves.pdf
v. 52, no. 1 (Fall 2005): pp. 97-120.
U.S. National Intelligence Council. Mapping the
Copley, Gregory R. “Preparing for the Post-Terrorism
Global Future: Report of the National Intelligence
Era,” Defense and Foreign Affairs Strategic Policy, v.
Council’s 2020 Project, Based on Consultations
33, no. 9 (September 2005): pp. 2-4.
With Nongovernmental Experts Around the World.
Washington, DC: National Intelligence Council, 2004.
Echevarria, Antulio J. and Bert B. Tussing. From
http://www.foia.cia.gov/2020/2020.pdf
“Defending Forward” to a “Global Defense-in-Depth”:
Globalization and Homeland Security. Carlisle, PA:
Van Rooy, Alison. The Global Legitimacy Game:
Strategic Studies Institute, U.S. Army War College,
Civil Society, Globalization, and Protest. Houndmills,
2003.
Basingstoke, Hampshire; New York: Palgrave
Macmillan, 2004.
Florida, Richard. “The World Is Spiky,” The Atlantic
Monthly, v. 296, no. 3 (October 2005): pp. 48-51.
م�صادر الإنترنت
UNITED STATES GOVERNMENT Universities, Colleges, and Research
Organizations
U.S. Agency for International Development
http://www.usaid.gov Bill and Melinda Gates Foundation
http://www.gatesfoundation.org
U.S. Department of Health and Human Services
Centers for Disease Control and Prevention Carnegie Endowment for International Peace
http://www.cdc.gov Global Policy Program
http://www.carnegieendowment.org/programs/global/
U.S. Department of State
http://www.state.gov Center for Strategic and International Studies
Globalization101.org
U.S. Treasury Department http://www.globalization101.org/about/
Office of Foreign Assets Control
http://www.ustreas.gov/offices/enforcement/ofac/index. George Washington University
shtml Center for the Study of Globalization
http://gstudynet.com/gwcsg/
International
The Globalization Website (Emory University)
International Labor Organization http://www.sociology.emory.edu/globalization/about.
http://www.ilo.org html
World Trade Organization The U.S. Department of State assumes no responsibility for the
content and availability of the resources from other agencies and
http://www.wto.org organizations listed above. All Internet links were active as of
February 2006.