You are on page 1of 62

‫املـجـلـة الإلـكـتـرونـيـة ‪ -‬يو ا�س �أيه‬

‫قـ�ضــايـــــا عــــاملـيــة‬
‫تـحــديـــات‬
‫الـعــولـمــة‬

‫�شباط ‪ /‬فرباير‪2006 ،‬‬


‫وزارة الـخــارجـيـة الأمـيـركـيـة ‪ -‬مـكـتـب بــرامـج الإع ــالم الـخــارجي‬
‫يوفر مكتب برامج الإعالم الخارجي بوزارة الخارجية الأميركية‬
‫منتجات وخدمات ت�شرح �سيا�سات الواليات المتحدة والمجتمع‬
‫الأميركي والقيم االميركية �إلى القراء الأجانب‪ .‬ين�شر المكتب‬
‫خم�س مجالت �إلكترونية تبحث في الم�سائل الرئي�سية التي تواجه‬
‫جورج كالك‬ ‫ ‬ ‫كبير المحررين‪:‬‬ ‫الواليات المتحدة والمجتمع الدولي‪ .‬وتن�شر هذه المجالت بيانات‬
‫المحررون الم�ساهمون‪� :‬ألكزاندرا عبود‬ ‫ال�سيا�سة االميركية مع التحليالت والتعليقات والمعلومات الخلفية في‬
‫ديفيد ديني‬ ‫مجاالت موا�ضيعها وهي‪ :‬مواقف �إقت�صادية‪ ،‬وق�ضايا عالمية‪ ،‬وق�ضايا ‬
‫ربيكا فورد‪-‬ميت�شل‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬و�أجندة ال�سيا�سة الخارجية الأميركية‪ ،‬والمجتمع ‬
‫ت�شارلز بورتر‬ ‫ ‬ ‫الأميركي وقيمه‪.‬‬
‫جوناثان �شيفر‬ ‫ ‬
‫روبن ييغر‬ ‫تن�شر جميع الإ�صدارات باللغات الإنكليزية والفرن�سية والبرتغالية ‬
‫والإ�سبانية‪ ،‬وتن�شر موا�ضيع مختارة منها باللغتين العربية والرو�سية‪.‬‬
‫مارك بتكا‬ ‫ت ُن�شر الإ�صدارات باللغة الإنكليزية كل �شهر تقريب ًا‪ ،‬وعاد ًة يتبعها ن�شر المحررون الم�شاركون‪ :‬‬
‫بول ماالمود‬ ‫الن�صو�ص المترجمة بعد مدة تتراوح بين �أ�سبوعين و�أربعة �أ�سابيع‪ .‬‬
‫�شيريل بيليرين‬ ‫ ‬
‫كاثلين هاغ‬ ‫�إن الآراء الواردة في المجالت ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو �سيا�سات ‬
‫ت�شاندلي مكدونالد‬ ‫ ‬ ‫المحررون‪:‬‬ ‫حكومة الواليات المتحدة وال تتحمل وزارة الخارجية الأميركية �أية‬
‫مدير تحرير الطبعة العربية‪ :‬مفيد الديك‬ ‫م�س�ؤولية تجاه محتوى المجالت �أو فيما يخ�ص الو�صول الم�ستمر‬
‫ماري �آن غامبل‬ ‫ ‬
‫�أخ�صائيو المراجع‪:‬‬ ‫�إلى مواقع االنترنت المو�صولة بهذه المجالت‪ .‬تقع هذه الم�س�ؤولية‬
‫ب�صورة ح�صرية على النا�شرين في هذه المواقع‪ .‬يمكن ا�ستن�ساخ �أنيتا غرين‬
‫مارتن ماننغ‬ ‫وترجمة المواد الواردة في هذه المجالت في خارج الواليات المتحدة ‬
‫كاثي �سبيغل‬ ‫الأميركية ما لم تكن المواد تحمل قيود ًا �صريحة على مثل هذا ‬
‫فيفيان �ستول‬ ‫اال�ستعمال حماية لحقوق الم�ؤلف‪ .‬يجب على الم�ستعملين المحتملين ‬
‫تيم براون‬ ‫ ‬ ‫ت�صميم‪:‬‬ ‫لل�صور الفوتوغرافية المن�سوبة �إلى م�صورين محددين الح�صول على‬
‫كلوي �إلي�س‬ ‫ ‬ ‫�إذن با�ستعمالها من �أ�صحاب ال�صور‪.‬‬
‫كري�ستيان الر�سن‬ ‫ ‬
‫ �آن مونرو جيكوب�س‬ ‫باحثة ال�صور‪:‬‬ ‫توجد الإ�صدارات الجارية وال�سابقة لهذه المجالت وجداول بالتواريخ‬
‫الالحقة ل�صدورها على ال�صفحة الدولية الخا�صة بمكتب برامج‬
‫جوديث �سيغل‬ ‫ ‬ ‫النا�شر‪:‬‬ ‫الإعالم الخارجي على �شبكة االنترنت في الموقع‪:‬‬
‫ريت�شارد هاكابي‬ ‫ ‬‫المحرر التنفيذي‪:‬‬ ‫‪http://usinfo.state.gov/journals/journalsarab.htm‬‬
‫كري�ستيان الر�سن‬ ‫ ‬ ‫مدير الإنتاج‪:‬‬ ‫وتتوفر هذه المعلومات وفق برامج كمبيوتر متعددة لت�سهيل ت�صفحها‬
‫كلوي �إلي�س‬ ‫م�ساعدة مدير الإنتاج‪ :‬‬ ‫مبا�شرة �أو نقل محتوياتها �أو ا�ستن�ساخها �أو طباعتها‪.‬‬
‫ �ألكزاندر فيلدمان‬
‫مجل�س التحرير‪:‬‬ ‫‪Editor, eJournal USA‬‬
‫‪IIP/T‬‬
‫جيريمي كيرتن‬ ‫ ‬ ‫‪U.S. Department of State‬‬
‫كاثلين ديفي�س‬ ‫ ‬ ‫‪301 4th Street SW‬‬
‫‪Washington, DC 20547‬‬
‫ ‬ ‫كارا غالي�س‬ ‫ ‬ ‫‪United States of America‬‬
‫ ‬ ‫‪E-mail: iiptcp@state.gov‬‬

‫‪COVER PHOTOS: © PETER BECK/CORBIS; AP/WWP‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬


‫حــول هــذا الـعــدد‬
‫تحليل حول كيف كان ينظر مختلف المفكرين والم�س�ؤولين الأجانب‬ ‫يع ّرف البنك الدولي العولمة على �أنها «التكامل المتنامي‬
‫�إلى الثقافة الأميركية على مر ال�سنين‪ .‬ويلقي معر�ض من ال�صور‬ ‫لالقت�صادات والمجتمعات حول العالم‪ ».‬ت�صف مو�سوعة‬
‫الفوتوغرافية ال�ضوء على نجوم مو�سيقى «البوب» ال�شعبية‪ ،‬ونجوم‬ ‫الإنترنت «ويكيبيديا» (‪ )Wikipedia‬العولمة على �أنها‬
‫ال�سينما‪ ،‬و�أبطال ريا�ضيين من حول العالم‪.‬‬ ‫«التغييرات في المجتمعات واالقت�صاد العالمي الناتجة عن الزيادة‬
‫يبحث الق�سم الأخير من المجلة في التهديدات كما الفر�ص‬ ‫الهائلة في التجارة الدولية والتبادل الثقافي‪ ».‬و�شبهت م�ؤخر ًا المجلة‬
‫الجديدة التي تثيرها العولمة‪ .‬يجد دانيال‬ ‫البريطانية «الإكونومي�ست»‬
‫غري�سوولد‪ ،‬من معهد كاتو‪� ،‬صلة بين التقدم‬ ‫(‪ )The Economist‬العولمة ب�سطر ورد في‬
‫االقت�صادي ونمو الحرية‪ ،‬وحقوق الإن�سان‪،‬‬ ‫�أغنية لجون لينون يقول فيه‪« ،‬ت�صور غياب‬
‫والديمقراطية في �أكثر الدول ت�أثر ًا بالعولمة‪.‬‬ ‫الدول‪ .‬فهو لي�س بالأمر ال�صعب‪ ».‬فالوا�ضح �أن‬
‫تفح�ص لويز �شيلي‪� ،‬أ�ستاذة في العالقات‬ ‫العولمة تعني �أ�شياء مختلفة لنا�س مختلفين‪.‬‬
‫الدولية في الجامعة الأميركية‪ ،‬جانب ًا‬ ‫�سوف نبحث في هذا العدد هذه الآراء كما‬
‫�سلبي ًا من العولمة‪� ،‬أي كيف يمكن �أن ت�ؤدي‬ ‫الجوانب الأخرى من العولمة‪ .‬يتفح�ص الخبراء‬
‫الحدود الأكثر انفتاح ًا والتكنولوجيا العالية‪،‬‬ ‫الذين اخترناهم لدر�س المو�ضوع من زوايا‬
‫�إلى ت�سهيل ن�شاطات ال�شبكات الإجرامية‬ ‫متعددة‪ ،‬لكننا ال نقدم �أية و�صفات‪ ،‬وال �أجوبة‬
‫والإرهابية‪� ،‬أكثر من �أي وقت م�ضى‪ .‬يت�أمل‬ ‫حا�سمة‪ :‬فهدفنا يكمن في تقديم تفهم �أف�ضل‬
‫خبير ال�صحة العامة الدكتور دونالد هندر�سون‬ ‫لقرائنا حول ظاهرة عميقة الجذور‪ ،‬ومعقدة‬
‫بالتهديد التي تطرحه الأوبئة العالمية في‬ ‫ت�ؤثر علينا جميع ًا‪.‬‬
‫ع�صر ي�ستطيع فيه النا�س‪ ،‬كما الفيرو�سات‪،‬‬ ‫نبد�أ بتبادل الأفكار حول �إلى �أين تتجه‬
‫االنتقال ب�سرعة هائلة حول العالم خالل‬ ‫العولمة‪� .‬أدار ال�صحفي جيم�س غال�سمان مقابلة‬
‫�ساعات‪ُ .‬ي�شير تعليق جانبي �إلى الجانب‬ ‫�أجريت بين االقت�صادي الفنزويلي مو�سى نعيم‬
‫الإيجابي لت�أثير «القرية العالمية»‪� ،‬أي كيف‬ ‫والخبير التجاري الأميركي كلود بارفيلد‪ .‬يغو�ص‬
‫‪EUGENE HOSHIKO ©AP/WWP‬‬

‫�أنها تُح�سن و�سائل االت�صاالت ويزيد التعاون‬ ‫هذان المراقبان المطلعان في بحث كل �شيء‪،‬‬
‫بين البلدان عند ح�صول �أي كارثة طبيعية‪،‬‬ ‫بدء ًا من ما �إذا كانت العولمة ت�ساعد النا�س‬
‫ك�إع�صار ت�سونامي الذي �ضرب المحيط‬ ‫�أكثر مما ت�ضرهم‪ ،‬وو�صو ًال �إلى مدى ت�أثير‬
‫الهندي عام ‪ .2004‬يبحث البروف�سور �ستيفن‬ ‫العولمة على التوجهات الدينية‪ .‬ت�شرح الحق ًا‬
‫بي هاينمان‪ ،‬من جامعة فاندربيلت‪ ،‬في‬ ‫جوزيت �شاينر‪ ،‬وكيلة وزارة الخارجية لل�ش�ؤون‬
‫الطموحات الم�شتركة لدى الكليات والجامعات‬ ‫االقت�صادية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬والزراعية‪ ،‬العالقة بين‬
‫في بلدان عديدة‪.‬‬ ‫�سيا�سات التجارة المتحررة ومعدل النمو االقت�صادي للدول‪ُ .‬يختتم‬
‫ويتم االلتقاء على نقطة ال جدال حولها عبر كل المناق�شات‪،‬‬ ‫هذا الق�سم بمقابلة مع دانيال بينك‪ ،‬م�ؤلف كتابين ن�شرا م�ؤخر ًا وتركا‬
‫�أال وهي �أن العولمة وجدت لتبقى‪ .‬يقول مو�سى نعيم حول الإنترنت‪،‬‬ ‫�أثر ًا كبير ًا‪ ،‬هما‪« :‬عقلية ج ــديدة بالكامل» (‪A Whole New‬‬
‫«هناك جميع �أنواع المجموعات التي تملك ذهنية متماثلة‪ ،‬ومجموعات‬ ‫‪ )Mind‬و «دولة الوكيل الح ّر» (‪ .)Free Agent Nation‬يقدّم‬
‫�أ�صحاب الم�صلحة‪ ،‬والنا�س الذين يت�شاطرون نف�س االهتمامات‬ ‫بينك نظريته حول العولمة القائلة �إنها تُغ ّير طريقة عملنا‪ ،‬وحتى‬
‫وال�شغف والتكنولوجيات والهوايات‪ ،‬والذين يتوا�صلون عبر الحدود‬ ‫طريقة تفكيرنا‪.‬‬
‫وين�شئون مجتمعات فعلية تقوم بكافة �أنواع الن�شاطات والقدرات‪،‬‬ ‫يبحث الق�سم الالحق م�س�ألة جرت حولها نقا�شات حامية‪� ،‬أي‬
‫ويطورون كافة �أنواع الديناميات ال�سيا�سية الجديدة‪ ».‬وي�ضيف‪:‬‬ ‫ت�أثير الثقافة ال�شعبية الأميركية على الثقافات المحلية للبلدان حول‬
‫«�أنه �أمر ال ُيمكن عك�سه‪ ،‬فقد كانت الموجات ال�سابقة من العولمة‬ ‫العالم‪ .‬يورد البروف�سور ريت�شارد بيلز‪ ،‬من جامعة تك�سا�س‪ ،‬حججه‬
‫م�ؤ�س�ساتية‪ ،‬وكانت تجارية حيث كانت ال�شركات التجارية تمثل‬ ‫القائلة ب�أن الثقافة الأميركية بذاتها هي خليط من الم�آكل ي�شمل‬
‫الالعبين الرئي�سيين فيها‪� .‬أما اليوم فهناك عولمة للأفراد‪ ،‬وهذا ما‬ ‫الت�أثيرات الأجنبية‪ ،‬وب�أنها‪ ،‬بمعنى ُمع ّين‪ ،‬تمثل ثقافة عالمية بالفعل‪.‬‬
‫يمثل اختالف ًا مهم ًا جد ًا‪».‬‬ ‫ت�ستجيب البروف�سورة الألمانية جي�سيكا غينو‪-‬هيكت لهذا الأمر بتوفير‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫تـحــدي ــات الـعــولـمــة‬
‫وزارة اخلارجية الأمريكية مكتب برامج الإعالم اخلارجي‬
‫‪http://usinfo.state.gov/pub/ejournalusa.html‬‬

‫ثقافة من؟ حوار‬ ‫م�ستقبل العولمة‬


‫‪ 25‬هل الثقافة الأميركية «�أميركية» بالفعل؟‬ ‫‪ 6‬محادثة حول العولمة‬
‫ريت�شارد بيلز‪� ،‬أ�ستاذ التاريخ في جامعة تك�سا�س في �أو�ستن‪.‬‬ ‫جيم�س غال�سمان‪ ،‬زميل مقيم في معهد �أميركان �إنتربرايز؛‬
‫خبير في الثقافة الأميركية يبحث طبيعة الثقافة «الأميركية»‬ ‫مو�سى نعيم‪ ،‬رئي�س تحرير مجلة «ال�سيا�سة الخارجية» (فورين‬
‫و�شعبيتها حول العالم‪.‬‬ ‫بولي�سي)‪ ،‬وكلود بارفيلد‪ ،‬الباحث المقيم في معهد �أميركان‬
‫�إنتربرايز‪.‬‬
‫‪� 30‬سيدة �أوروبية تبحث في ت�أثير الثقافة الأميركية‬ ‫يقوم جمي�س غال�سمان ب�إدارة جل�سة نقا�ش حول العولمة‪.‬‬
‫جي�سيكا �سي �أي جينو‪-‬هيكت‪� ،‬أ�ستاذة مادة التاريخ في جامعة‬
‫يوهان ولفغانغ غوتيه‪ ،‬في فرانكفورت �أم ماين‪.‬‬ ‫‪ 14‬مو�ضوع جانبي‪:‬‬
‫خبيرة �ألمانية في العالقات الألمانية‪-‬الأميركية تُقدّم وجهة‬ ‫ال�سعادين القطبية‪� :‬أول م�شاهير النجوم في بريطانيا في ع�صر‬
‫نظرها حول الثقافة الأميركية من الجانب الآخر للمحيط‬ ‫جهاز الآيبود‪.‬‬
‫الأطل�سي‪.‬‬
‫‪ 15‬مو�ضوع جانبي‪ :‬رحالت قمي�ص «تي �شيرت»‬
‫‪� 33‬شهرة حول العالم‬ ‫بترا ريفولي‪� ،‬أ�ستاذة م�شاركة في ق�سم العلوم المالية في جامعة‬
‫ق�صة م�صورة حول ال�شهرة في عالم معولم‬ ‫جورجتاون‪.‬‬

‫‪ 17‬ال�سيا�سة االقت�صادية التحويلية الأميركية‪ :‬الربط‬


‫تهديدات جديدة وفر�ص جديدة‬ ‫بين التجارة‪ ،‬والنمو‪ ،‬والتنمية االقت�صادية‬
‫جوزيت �شيران �شاينر‪ ،‬وكيلة وزارة الخارجية لل�ش�ؤون‬
‫‪ 39‬العولمة‪ ،‬وحقوق الإن�سان‪ ،‬والديمقراطية‬ ‫االقت�صادية والتجارية والزراعية‪.‬‬
‫دانيال غريزوولد‪ ،‬مدير مركز درا�سات ال�سيا�سة التجارية في‬ ‫تبحث م�س�ؤولة رفيعة المرتبة في وزارة الخارجية الأميركية في‬
‫معهد كاتو في وا�شنطن العا�صمة‪.‬‬ ‫العالقة المتبادلة بين التجارة والنمو االقت�صادي‪.‬‬
‫يناق�ش خبير في التجارة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعولمة‪ ،‬ال�صلة ما بين‬
‫التجارة‪ ،‬والتنمية‪ ،‬والإ�صالح ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫‪ 20‬مكان العمل المتغير‪ :‬مقابلة مع دانيال بينك‬
‫يقدم دانيال بينك‪ ،‬الم�ست�شار التجاري‪ ،‬والمحا�ضر‪ ،‬والم�ؤلف‪،‬‬
‫تب�صراته حول مظاهر عديدة من مظاهر للعولمة‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪2‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫‪ 42‬عولمة الجريمة والإرهاب‬
‫فيديو على الإنترنت‪،‬‬ ‫لويز �شيلي‪� ،‬أ�ستاذة في كلية الخدمات الدولية في الجامعة‬
‫محادثة حول العولمة‬ ‫الأميركية‪.‬‬
‫(ال�صفحة ‪ 6‬من الن�ص المطبوع)‬ ‫باحثة معروفة وم�ؤلفة ت�صف ت�أثير العولمة على «الثالوث غير‬
‫ • ما هي العولمة؟‬ ‫المقد�س» المك ّون من الجريمة‪ ،‬والإرهاب‪ ،‬والف�ساد‪.‬‬
‫ • الجانب ال�سيئ للعولمة‬
‫ • �إلى �أين تتجه العولمة؟‬ ‫‪ 46‬رابط ال�صحة العالمي‬
‫دي �آي هندر�سون‪� ،‬أ�ستاذ الطب وال�صحة العامة في جامعة‬
‫تتوفر �أي�ض ًا المناق�شة الكاملة على �شبكة الإنترنت‬ ‫بيت�سبرغ‪.‬‬
‫ويمكن تنزيلها بطريقة ‪.MP3‬‬ ‫و�سابق ًا الم�س�ؤول الطبي الرئي�سي عن الق�ضاء على داء الجدري‬
‫‪HYPERLINK:‬‬
‫‪http://www.usinfo.state.gov/journals/itgic/0206/ijge0206.htm‬‬
‫في منظمة ال�صحة العالمية كيف �أم�ست �صحة النا�س مترابطة‬
‫ببع�ضها البع�ض في ع�صر العولمة‪.‬‬
‫‪ 49‬مو�ضوع جانبي‪ :‬تكييف �أنظمة ال�صحة الدولية لتُنا�سب ً‬
‫عالما‬
‫�أ�صغر‪.‬‬

‫‪ 50‬مو�ضوع جانبي‪ :‬التعاون في مجال �أنظمة الإنذار بالأعا�صير‬


‫مثل الت�سونامي‪.‬‬

‫‪ 52‬ق�ضايا عالمية في حقل التعليم العالي‬


‫�ستيفن بي هاينمان‪� ،‬أ�ستاذ في �سيا�سة التعليم الدولي في‬
‫جامعة فاندربيلت في نا�شفيل‪ ،‬بوالية تني�سي‬
‫يبحث �أ�ستاذ �أميركي م�س�ألة التعليم العالي في عالم معولم‪.‬‬

‫‪ 56‬المراجع‬
‫‪ 59‬م�صادر الإنترنت‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪3‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫الـمـقـدمــة‬

‫‪©The New Yorker Collection 2001 Robert Mankoff from‬‬


‫‪cartoonbank.com. All Rights Reserved.‬‬
‫«ا�سمع‪ ،‬لي�س لدي �أي �شيء �ضد العولمة طالما لم ت�أت �إلى فناء منزلي»‬

‫الترابطات البينية التي تميز العولمة‪ :‬االنتقال عبر حدود الدول‬ ‫في العام ‪� 2000‬أ�صدر �صندوق النقد الدولي موجز‬
‫للب�شر‪ ،‬وللأموال‪ ،‬وللأفكار‪ ،‬ولل�صور الإعالمية‪ ،‬وللتكنولوجيات‪.‬‬ ‫ق�ضايا حمل العنوان المثير للت�أمل‪« :‬العولمة‪ :‬تهديد �أم‬
‫والنقطة التي يختلف حولها النا�س ب�ش�أن العولمة‪ ،‬وكثير ًا ما يحدث‬ ‫فر�صة؟» و�صف موظفو �صندوق النقد الدولي العولمة‬
‫ذلك بانفعال عاطفي‪ ،‬تعود �إلى تحديد ما �إذا كانت ت�أثيراتها في‬ ‫على �أنها «عملية تاريخية‪ ،‬ناتجة عن االبتكارات الإن�سانية والتقدّم‬
‫�أكثرها ح�سنة �أو �سيئة‪ .‬وكما و�صفها موقع الإنترنت للبنك الدولي‪،‬‬ ‫التكنولوجي‪ .‬وت�شير �إلى التكامل المتزايد بين االقت�صادات العالمية‪،‬‬
‫�شك ّلت العولمة «�أحد �أكثر الموا�ضيع �سخونة التي جرت مناق�شتها حول‬ ‫وبالأخ�ص من خالل التجارة والتدفقات المالية‪».‬‬
‫االقت�صاد الدولي خالل ال�سنوات القليلة الما�ضية‪ .‬وقد �شكل النمو‬ ‫�صحيح �أن عدد ًا كبير ًا من النا�س يفكرون بمقاربة التجارة‬
‫االقت�صادي ال�سريع وخف�ض م�ستوى الفقر ال�سريع في ال�صين‪ ،‬والهند‪،‬‬ ‫المتحررة عندما يفكرون في العولمة‪ ،‬و�صحيح �أنه خالل ال�سنوات‬
‫ودول �أخرى‪ ،‬كانت فقيرة قبل ‪� 20‬سنة‪ ،‬وجه ًا �إيجابي ًا للعولمة‪ .‬لكن من‬ ‫الأخيرة �سيطرت الآثار االقت�صادية للعولمة على النقا�ش حول هذه‬
‫جهة �أخرى‪ ،‬و ّلدت العولمة معار�ضة دولية كبيرة ب�سبب الهواج�س حول‬ ‫الظاهرة‪ .‬لكن هناك للعولمة ُبعد ًا نف�سي ًا قوي ًا �أي�ض ًا‪.‬‬
‫زيادتها لعدم الم�ساواة وللتردّي البيئي‪».‬‬ ‫ابتكر محلل و�سائل الإعالم‪ ،‬مار�شال ماكلوهان‪ ،‬الم�صطلح ال�شهير‬
‫كثير ًا ما تبدو العولمة االقت�صادية على �أنها نوع من ال�سباق ينتج‬ ‫«القرية العالمية» في ال�ستينات من القرن الما�ضي‪ ،‬الذي �أطلقه على‬
‫عنه غالبون وخا�سرون حقيقيون‪ .‬وفي كلمات موجز الق�ضايا ل�صندوق‬ ‫و�صفه للتحول الثقافي العميق في عالم ت�صل فيه موجات الراديو‬
‫النقد الدولي‪« ،‬تُقدم العولمة فر�ص ًا وا�سعة للتنمية الحقيقية عبر‬ ‫كافة �أرجاء كوكبنا مع بع�ضها البع�ض‪ .‬ح ّلل لوهان مجاالت التقدّم في‬
‫العالم لكن هذه التنمية ال تتقدم بن�سب مت�ساوية‪ .‬تندمج بع�ض الدول‬ ‫تكنولوجيا االت�صاالت‪ ،‬التي مزّقت المجتمعات التقليدية كما الحديثة‪،‬‬
‫في االقت�صاد العالمي ب�سرعة �أكبر من غيرها‪ .‬والبلدان التي تمكنت‬ ‫قبل وقت طويل من ظهور العالم المترابط �سلكي ًا الذي نعي�ش فيه‬
‫من تحقيق االندماج ت�شهد ب�سرعة �أكبر النمو االقت�صادي كما الخف�ض‬ ‫اليوم‪.‬‬
‫لم�ستوى الفقر لديها‪».‬‬ ‫حلل علماء عديدون المو�ضوع �إلى ابعد من ذلك‪� .‬أرجون ابا‬
‫يقول �أبا دوراي‪« ،‬في الواليات المتحدة وفي الدول الع�شر‪� ،‬أو ما‬ ‫دوراي‪ ،‬عالم االنثروبولوجيا الهندي الذي ي�شغل في الوقت الحا�ضر‬
‫يقاربها‪ ،‬الأكثر ثراء في العالم تُ�ش ّكل العولمة بالت�أكيد كلمة طنانة‬ ‫من�صب عميد الكلية الجديدة للأبحاث االجتماعية في مدينة‬
‫و�إيجابية لدى �أفراد النخبة في ال�شركات‪ ،‬التي ُيطلق عليها ا�سم‬ ‫نيويورك‪ ،‬يعتبر العولمة على �أنها «اال�سم لثورة �صناعية جديدة‬
‫ال�شركات الكبرى‪ ،‬ولدى حلفاء النخبة ال�سيا�سيين‪ .‬لكن بالن�سبة‬ ‫(تقودها تكنولوجيات جديدة قوية في الإعالم واالت�صاالت) بالكاد‬
‫للمهاجرين‪ ،‬والملونين‪ ،‬وغيرهم من النا�س ال ُمه ّم�شين (الذين ُيطلق‬ ‫بد�أت‪ .‬ونظر ًا لحداثتها‪ ،‬ف�إنها تفر�ض �أعبا ًء على مواردنا اللغوية‬
‫عليهم في «ال�شمال» ا�سم �أهل «الجنوب»)‪ ،‬تُ�ش ّكل العولمة م�صدر ًا‬ ‫وال�سيا�سية لفهمها و�إدارتها»‪ُ .‬ي�صنف �أبا دوراي خم�سة �أنواع من‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪4‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫تعرقل م�سارها ال�سيا�سة والإرهاب‪ ،‬والتي يمكنها خلق ع�صر جديد‬
‫للقلق فيما يخ�ص اال�شتمال‪ ،‬والوظائف‪ ،‬وزيادة عمق التهمي�ش‬
‫للنا�س‪ ».‬لكن العولمة توحي �أي�ض ًا بهواج�س هائلة في الواليات‬
‫من االزدهار واالبتكار»‪ .‬و�أ�ضاف‪« ،‬لكن الت�أمل في العالم الم�سطح‬
‫ملأ قلبي بالرهبة �أي�ض ًا‪ ...‬نجمت رهبتي ال�شخ�صية هذه عن الواقع‬
‫المتحدة‪ ،‬كما في �أجزاء �أخرى من العالم المتطور‪ ،‬عندما تتخذ �شكل‬
‫الظاهر ب�أن م�ؤلفي برامج الكمبيوتر ومهوو�سيها ال يمتلكون بمفردهم‬
‫ا�ستدراج الأعمال من خارج البالد‪� ،‬أي نقل عمل الم�صانع والخدمات‬
‫�إلى دول ت�سود فيها �أجور اقل‪ .‬بالمقابل‪� ،‬أ�شار م�ؤخر ًا العالم‬
‫قدرة العمل الم�شترك في العالم الم�سطح‪ ،‬بل تمتلكه كذلك منظمة‬
‫القاعدة وال�شبكات الإرهابية الأخرى‪ .‬ال تجري ت�سوية الملعب فقط‬
‫االقت�صادي البريطاني فيليب لوغران �إلى الفوائد الثقافية للعولمة‪.‬‬
‫بطرق تجتذب فيها‪ ،‬وتو ّفر التمكين الفائق �إلى‪ ،‬مجموعة جديدة‬
‫كتب لوغران يقول‪« :‬يكمن جمال العولمة في قدرتها على تحرير‬
‫بالكامل من المبتكرين‪ .‬فت�سوية ار�ض ملعب التناف�س تتم بطريقة‬
‫النا�س من ا�ستبداد الجغرافيا‪ .‬فهي تعني �أنه من غير المفرو�ض‬
‫على المولود في فرن�سا �أن ال يطمح �إ ّال للتكلم بالفرن�سية‪ ،‬وال ي�أكل �إالّ‬
‫تجتذب �إلى اللعب مجموعة جديدة كاملة من الرجال والن�ساء‬
‫�أطعمة فرن�سية‪ ،‬وال يقر�أ �إ ّال كتب ًا فرن�سية‪ ،‬وال يزور �إ ّال متاحف فرن�سية‪،‬‬
‫ال�ساخطين‪ ،‬والمحبطين‪ ،‬والمهانين‪».‬‬
‫كلود �سماوجا‪ ،‬وكالو�س �شواب‪ ،‬اثنان من م�ؤ�س�سي المنتدى‬
‫وهلم جرا‪ .‬فاالفرن�سي‪ ،‬بنف�س قدر الأميركي‪ ،‬يمكنه ق�ضاء عطالته‬
‫االقت�صادي العالمي‪ ،‬وهي الم�ؤ�س�سة القائمة في �سوي�سرا التي تجمع‬
‫في �أ�سبانيا �أو فلوريدا‪ ،‬و�أن يلتهم ال�سو�شي �أو ال�سباغيتي للع�شاء‪ ،‬و�أن‬
‫يحت�سي الكوال و�أن ي�شاهد عر�ض ًا هوليوودي ًا مدو ّي ًا �أو حفلة ت�ؤديها‬
‫�سوية قادة من رجال الأعمال والم�س�ؤولين الحكوميين لتح�سين �أو�ضاع‬
‫العالم‪ ،‬لخ�صا التحدي الأولي الذي تواجهه العولمة‪ .‬كتبا يقوالن في‬
‫فرقة «المد ّور الالتينية»‪ ،‬و�أن ي�ستمع �إلى مو�سيقى البانغرا �أو الراب‪،‬‬
‫العام ‪« ،1999‬في زمن يتوجه فيه الت�شديد نحو توفير القدرة �أو زيادة‬
‫و�أن يمار�س اليوغا �أو الكيك بوك�سينيغ‪ ،‬و�أن يطالع مجلة «�إل» (‪)Elle‬‬
‫التمكن للنا�س‪ ،‬ونحو دفع الديمقراطية ُقدم ًا في كافة �أنحاء العالم‪،‬‬
‫�أو «الإكونومي�ست» (‪ ،)The Economist‬و�أن يكون لديه �أ�صدقاء من‬
‫ونحو تمكين النا�س من التح ّكم في م�صائرهم‪� ،‬أر�ست العولمة �سيادة‬ ‫جميع �أنحاء المعمورة‪».‬‬
‫ين�ضم �أي�ض ًا المعلق ال�صحفي في �صحيفة نيويورك تايمز‪ ،‬توما�س‬
‫الأ�سواق بطريقة لم ي�سبقها مثيل»‪� .‬أ�ضافا‪« ،‬علينا ان نبين ان العولمة‬
‫فريدمان‪� ،‬إلى مع�سكر المتفائلين بالن�سبة لت�أثيرات العولمة‪ .‬فا�ستناد ًا‬
‫لي�ست مجرد كلمة ترمز �إلى التركيز الح�صري على القيمة للم�ساهم‬
‫�إلى كتابه الأخير الذي راج كثير ًا‪« ،‬ذي وورلد �إز فالت» (العالم‬
‫فيها على ح�ساب �أي اعتبار �آخر؛ وان التدفق الحر لل�سلع والر�ساميل‬
‫ال يتطور ب�شكل ي�ؤذي فئات النا�س الأكثر تعر�ض ًا للأخطار‪� ،‬أو ي�ض ّر‬
‫م�سطح) تعني تكنولوجيات الإنترنت �أن بالإمكان نقل العمل �إلى �أي‬ ‫ّ‬
‫مكان من العالم بحث ًا عن الخبرة والأجور المنخف�ضة للأيدي العاملة‪.‬‬
‫بالقيم االجتماعية والإن�سانية ال�سائدة‪ .‬ف�إذا عجزنا عن ابتكار طرق‬
‫لجعل العولمة �أكثر ا�شتما ًال لجميع النا�س �سوف ن�ضطر لمواجهة‬
‫وبذلك �سوف يتعزّز التعاون الخ ّالق‪ .‬يقوم الأطباء في بنغالور‪ ،‬بالهند‪،‬‬
‫احتمال �إعادة االنبعاث للمنازعات االجتماعية الحادة ال�سابقة بعد �أن‬
‫بتفح�ص �صور �أ�شعة مر�ضى �أميركيين في الحين الذي يرقد فيه‬
‫ه�ؤالء لي ًال في النوم‪ ،‬وهو تطور يفيد كال البلدين‪ ،‬في ر�أي فريدمان‪.‬‬
‫�ضخمتها العولمة على الم�ستوى الدولي‪».‬‬‫تكون قد ّ‬
‫فطبق ًا لال�ستعارة التي يف�ضلها فريدمان‪ ،‬لقد تمت ت�سوية �أر�ض ملعب‬
‫جورج كالك‬ ‫ ‬ ‫المناف�سة االقت�صادية‪.‬‬
‫كبير المحررين‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬وحتى بالن�سبة لفريدمان‪ ،‬لدى العولمة عنا�صرها ‬
‫المقلقة‪ .‬كتب يقول‪« ،‬يعني العالم الم�سطح �أننا نربط �سوية كافة‬
‫مراكز المعرفة على كوكبنا في �شبكة عالمية وحيدة‪ ،‬هذا �إذا لم‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪5‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫مـحــادثـة حـ ــول الـعـولـمـة‬

‫ال�شرقية‪ ،‬و�إلى م�ستقبل الدولة القومية‪ ،‬وعمليات التزييف‪ ،‬و�أ�شكال‬ ‫جمعنا ثالثة خبراء لمناق�شة مو�ضوع العولمة واال�ستياء‬
‫�أخرى من التجارة غير الم�شروعة‪ ،‬وكيف ت�ؤثر العولمة على العالم‬ ‫الذي تولده‪.‬‬
‫النامي‪ ،‬و�صلتها ب�إعادة انبعاث الإيمان الديني‪ ،‬وت�أثير العولمة على كل‬ ‫�أدار جل�سة تبادل الأفكار‪ ،‬جيم�س غال�سمان‪ ،‬الباحث‬
‫من الديمقراطية والديكتاتورية‪.‬‬ ‫المقيم في معهد �أميركان �إنتربرايز‪ ،‬رئي�س تحرير �سابق‪ ،‬نا�شر‪،‬‬
‫حاليا لموقع الإنترنت‬‫و ُمع ّلق في �صحيفة وا�شنطن بو�ست‪ ،‬والم�ضيف ً‬
‫‪ ،TCSDaily.com‬الذي يركز على ال�صلة بين التكنولوجيا العالية‬
‫غال�سمان‪ :‬دعونا نبد�أ ب�س�ؤال �أ�سا�سي‪ .‬ما هي العولمة؟‬ ‫وال�سيا�سة العامة‪.‬‬
‫مو�سى نعيم‪ ،‬رئي�س التحرير الحالي لمجلة «ال�سيا�سة الخارجية»‬
‫بارفيلد‪ :‬ح�سن ًا‪ ،‬لكل مرء تعريف مختلف لها‪ ،‬على ما �أظن‪ ،‬لكن‬ ‫(فورين بولي�سي)‪ ،‬وعالم اقت�صادي فنزويلي عمل كم�س�ؤول في البنك‬
‫بالعبارات التي �أرتاح �إليها‪� ،‬أعتقد ب�أنها تعني ت�أثير التغييرات‬ ‫الدولي‪ ،‬و�شغل من�صب وزير التجارة وال�صناعة في فنزويال في‬
‫التكنولوجية على البلدان الإفرادية‪ ،‬والمجتمعات الإفرادية‪ ،‬بمرور‬ ‫محرمات‪:‬‬‫ؤخرا‪ّ ،‬‬ ‫الت�سعينات من القرن الما�ضي‪ .‬كتابه الذي ن�شر م� ً‬
‫الزمن‪ .‬و�أعتقد �أي�ض ًا �أن العولمة تعتمد بدرجة كبيرة على التكنولوجيا‪.‬‬ ‫كيف يختطف المهربون‪ ،‬والمتاجرون بالممنوعات‪ ،‬والمزيفون‬
‫لم يكن من الممكن للعولمة الأكثر ترابط ًا‪ ،‬كالتي ن�شهدها اليوم‪� ،‬أن‬ ‫االقت�صاد العالمي‪».‬‬
‫تتطور دون التقدم الباهر الذي تحقق على امتداد عدة عقود ما�ضية‬ ‫كلود بارفيلد خبير في التجارة‪ ،‬وم�ست�شار �سابق للممثل التجاري‬
‫في تح�سين كفاية �أنظمة النقل (الت�صنيع وت�سليم الإنتاج في الوقت‬ ‫الأميركي‪ ،‬وباحث ُمقيم في معهد �أميركان �إنتربرايز‪ّ .‬الف كتاب‪،‬‬
‫ال ُمع ّين)‪ ،‬والتي ا�ستندت �إلى ثورة االت�صاالت التي �أتاحت الترا�سل‬ ‫«التجارة الحرة‪ ،‬وال�سيادة‪ ،‬والديمقراطية‪ :‬م�ستقبل منظمة التجارة‬
‫الفوري مع الأفراد والمنظمات حول العالم‪.‬‬ ‫حاليا ً‬
‫كتابا حول ال�صين‪.‬‬ ‫العالمية»‪ .‬وي�ؤلف ً‬
‫تطورا ً‬
‫حديثا‪ُ ،‬ي ّبين خبرا�ؤنا‬ ‫في حين يرى كثيرون في العولمة ً‬
‫غال�سمان‪ :‬هل هذه ظاهرة جديدة؟‬ ‫�أنها ظاهرة كانت م�ستمرة منذ وقت طويل‪ ،‬وب�أ�شكال متنوعة‪ ،‬وحتى‬
‫منذ �أن بد�أ النا�س في �أي بلد بالمتاجرة مع النا�س في بلد �آخر‪ .‬في‬
‫بارفيلد‪ :‬كال‪� ،‬أعتقد �أن ب�إمكانك �أن تُعيد ظاهرتها �إلى الع�صر‬ ‫الواقع‪ ،‬اعتُبرت الفترة الممتدة من �سبعينات القرن التا�سع ع�شر حتى‬
‫الإغريقي‪ .‬ففي �أي وقت تن�ش�أ فيه تجارة بين دول �أو مجتمعات‬ ‫الحرب العالمية الأولى‪ ،‬والتي كانت فترة من التغيير الهائل في و�سائل‬
‫مختلفة‪ ،‬تبد�أ عند ذاك العولمة‪ ،‬لأن ما يحدث عندئذٍ هو تبادل‬ ‫النقل واالت�صاالت‪ ،‬على �أنها الع�صر الذهبي للعولمة‪ .‬يتطرق النقا�ش‬
‫الأفكار‪ ،‬والتحركات‪ ،‬والمعامالت‪� ،‬أي المعامالت التجارية‪ ،‬بين‬ ‫الوا�سع النطاق التالي �إلى التغييرات الأخيرة في ال�صين و�أوروبا‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪6‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫�أوروبا ال�شرقية‪ ،‬والتي‬ ‫ال�شعوب المختلفة‪.‬‬
‫اتبعت �سيا�سات داخلية‬ ‫هذه هي البداية‪� ،‬إذا‬
‫ال تجد فيها بالواقع‬ ‫جاز التعبير‪ ،‬للعولمة‪.‬‬
‫الكثير من الن�شاطات‬ ‫“�أعتقد �أن ب�إمكانك �أن ترجع فيها‬ ‫�أي حين ال تعود ُمقيم ًا‬
‫التجارية‪.‬‬ ‫�إىل الع�صر الإغريقي‪ .‬ففي �أي‬ ‫في مجتمع �إن�ساني‬
‫وقت تن�ش�أ فيه التجارة بني دول‬ ‫ُمنعزل دون �أي ات�صال‬
‫غال�سمان‪ :‬يقول بع�ض‬ ‫�أو جمتمعات خمتلفة‪ ،‬تبد�أ عند‬ ‫مع غيره‪.‬‬
‫النا�س �أن العولمة فكرة‬ ‫ذاك العوملة‪ ،‬لأن ما يحدث عندئذ ٍ‬
‫�أميركية و�أن باقي دول‬ ‫هو تبادل الأفكار‪ ،‬والتحركات‪،‬‬ ‫غال�سمان‪� :‬إذ ًا‪� ،‬أنت‬
‫العالم تتبنى بذلك‬ ‫واملعامالت‪� ،‬أي املعامالت التجارية‪،‬‬ ‫تُع ّرف العولمة ا�ستناد ًا‬
‫مفهوم ًا �أميركي ًا‪ .‬هل‬ ‫بني ال�شعوب املختلفة‪”.‬‬ ‫�إلى التجارة؟‬
‫هذا القول دقيق؟‬
‫بارفيلد‪ :‬ح�سن ًا‪ ،‬اني‬
‫بارفيلد‪ :‬فقط �إلى المدى الذي �أعتقد فيه �أن الواليات المتحدة‪ ،‬نظر ًا‬ ‫�أحاول (�أن �أع ّرفها) باال�ستناد �إلى �سياقاتها المجتمعية كما التجارية‪.‬‬
‫لموقعها خالل القرن الع�شرين‪ ،‬كانت دائم ًا تقف عند الحد القاطع‬ ‫الفترتان الزمنيتان الأكثر حداثة اللتان ينظر �إليهما النا�س‪ ،‬هما‬
‫المتقدم للتكنولوجيا‪ .‬وكان هذا �صحيح ًا حتى خالل فترة الركود‬ ‫فترة �أواخر القرن التا�سع ع�شر وفترة �أوائل القرن الع�شرين‪� ،‬أي‬
‫االقت�صادي الكبير‪.‬‬ ‫من حوالي ال�سبعينات في القرن التا�سع ع�شر �إلى الحرب العالمية‬
‫الأولى‪ ،‬حين ح�صلت تغييرات في الأ�ساليب القائمة لأنظمة النقل‬
‫غال�سمان‪ :‬ما هي فوائد العولمة؟‬ ‫واالت�صاالت‪ ،‬فبد�أ ينحبك لدينا ن�سيج وثيق جد ًا جد ًا‪ ،‬لما قد ن�سميه‬
‫العالم المتطور‪ ،‬والذي كان في الواقع �أ�شد �إحكام ًا مما هو عليه العالم‬
‫بارفيلد‪� :‬أعتقد �أن الفوائد الرئي�سية هي القدرة على ا�ستهالك �سلع‬ ‫المتطور اليوم‪ .‬ويعتبر البع�ض تلك الفترة على �أنها‪� ،‬إذا جاز التعبير‪،‬‬
‫�أف�ضل ومنتجات �أف�ضل ب�أ�سعار �أقل‪ ،‬وبالتالي ت�أمين حياة من نوعية‬ ‫ع�صر ًا ذهبي ًا للعولمة‪ .‬والحق ًا‪ ،‬يمكننا �أن نعود لنبد�أ بمتابعة عودة‬
‫�أف�ضل‪ .‬تبد�أ الفوائد في االقت�صاد ولكنها ال تنتهي عندها الن للنا�س‬ ‫هذه الظاهرة تدريجي ًا بعد عام ‪ ،1945‬ومن ثم ن�شهد قوتها المتج ّمعة‬
‫غايات �أخرى في حياتهم بالإ�ضافة �إلى مجرد الأهداف االقت�صادية‪.‬‬ ‫في ال�سبعينات‪ ،‬والثمانينات‪ ،‬والت�سعينات من القرن الما�ضي حين بد�أ‬
‫واني �أعتقد �أن العولمة و�سيلة تمكنهم من بلوغ الغايات البعيدة الأخرى‬ ‫التفجر الهائل في التكنولوجيات الجديدة الم�ستندة‬ ‫في الواقع ذلك ّ‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬والقومية‪ ،‬واالجتماعية‪.‬‬ ‫�إلى االت�صاالت الفورية وال�سفر العظيم ال�سرعة‪.‬‬
‫�أعتقد �أن ال�سيا�سة العامة ت�ستطيع بالت�أكيد �أن ت�ؤثر في‬
‫غال�سمان‪ :‬مو�سى‪ ،‬تحدثت في كتابك الجديد «المحظور‪ :‬كيف‬ ‫العولمة‪� .‬إذا نظر المرء �إلى ال�سيا�سات ال ُمتبعة بعد عام ‪1921-1920‬‬
‫يخطف المهربون‪ ،‬المتاجرون بالممنوعات‪ ،‬والمقلدون االقت�صاد‬ ‫في الواليات المتحدة‪ ،‬ومن ثم بعد �أن بد�أت فترة الركود االقت�صادي‬
‫العالمي» حول العولمة لي�س فقط على �أ�سا�س تكنولوجي بل و�سيا�سي‬ ‫الكبير في �أوائل الثالثينات من القرن الما�ضي في �أوروبا والواليات‬
‫�أي�ض ًا‪ .‬تقول‪�« ،‬أحد التغييرات الرئي�سية الذي تُعيد �إلى الذاكرة الموجة‬ ‫المتحدة‪ ،‬كما في تلك الدول‪ ،‬كالأرجنتين‪ .‬والتي كانت قد حققت‬
‫الأكثر حداثة من العولمة هي الثورة في ال�سيا�سة‪ ،‬والتي كان لها نف�س‬ ‫بالفعل تقدم ًا جيد ًا خالل ذلك الفا�صل الزمني‪ ،‬ف�إنه يجد �أن كافة‬
‫العمق والقدرة التغييرية القائمة في التكنولوجيا»‪� .‬أخبرنا‪ ،‬هل �أن هذه‬ ‫هذه البلدان كانت تتبع �سيا�سات قد ن�سميها �سيا�سات ما ي�سمى‬
‫الثورة في ال�سيا�سة حدثت ب�سبب الثورة في التكنولوجيا �أو الثورة في‬ ‫«باالكتفاء الذاتي» (تهدف �إلى تحقيق االكتفاء الذاتي �أو اال�ستقالل‬
‫�أنظمة االت�صاالت؟ كيف حدث ذلك؟‬ ‫االقت�صادي)‪ .‬فقد انكف�أت تلك الدول على ذاتها حينذاك‪ ،‬فانقطعت‬
‫التجارة وانقطع اال�ستثمار‪.‬‬
‫نعيم‪ :‬ال �أظن �أننا نعرف كيف حدث ذلك‪ .‬كل ما نعرفه هو �أن‬
‫الثورتين ح�صلتا في نف�س الوقت وهناك مبرر جيد ومتين للقول �إنه‬ ‫غال�سمان‪ :‬فيما يخ�ص دول «االكتفاء الذاتي» هذه‪ ،‬هل ال زال هناك‬
‫كلما ازدادت كمية المعلومات التي يمتلكها النا�س كلما تعززت حريتهم‬ ‫عدد هام منها؟‬
‫في التع ّلم كيف يعي�ش الآخرون‪� .‬أن�ش�أ ذلك حوافز قوية لهم �أي�ض ًا‬
‫للجهاد والكفاح من �أجل الحرية‪� .‬إذ ًا هناك �صلة بين التكنولوجيات‬ ‫بارفيلد‪ :‬يمكنك �أن ت�أخذ كوريا ال�شمالية كمثال وا�ضح عن ذلك‬
‫الجديدة في �أنظمة االت�صاالت والنقل وبين الثورات ال�سيا�سية التي‬ ‫اليوم‪ ،‬ولكن حتى هذا المثال بد�أ ينهار‪ .‬وكذلك �أعتقد �أنه كانت‬
‫حدثت في الت�سعينات من القرن الع�شرين‪ ،‬والتي فتحت الحدود‬ ‫لدينا �أي�ض ًا �أنظمة االكتفاء الذاتي التي �أقامها االتحاد ال�سوفياتي في‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪7‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫و�أن�ش�أت موجة ُمحفزة لن�شر الديمقراطية‪� .‬سوف يكون من ال�صعب‬
‫جد ًا تحديد ماهية ال�سببية ولكن ذلك ال يهم‪ ،‬فما نعرفه هو �أن هذين‬
‫الأمرين تالقيا في نقطة واحدة‪ ،‬و�أعتقد �أن هذا مهم جد ًا‪.‬‬
‫�أحد الأ�شياء التي �أحاول �أن �أحققها في الكتاب هو ف�صل‬
‫الربط الذهني الكثير ال�شيوع بين العولمة والتجارة‪� ،‬أو بين العولمة‬
‫واال�ستثمار‪� ،‬أو بين العولمة واالقت�صاد‪� .‬أعتقد �أنه من المهم جد ًا‬
‫�أن نفهم ب�أن العالم مت�صل عبر طرق تتجاوز االقت�صادات وتتجاوز‬
‫التجارة‪ .‬وكما تعرف‪ ،‬فان حدث ‪ُ 11/9‬ي�ش ّكل نموذج ًا عن العولمة‪.‬‬
‫كان اال�ضطراب ال�سيا�سي في الجانب الآخر من العالم هو الدافع �إلى‬
‫‪bullit marquez ©ap/wwp‬‬

‫الهجوم على مركز التجارة العالمي‪ .‬اعتمد الإرهابيون على �أدوات‬


‫وتكنولوجيات العولمة كما ا�ستغلوا �أي�ض ًا الفر�ص التي �أوجدتها الحدود‬
‫الأكثر انفتاح ًا ب�سبب التغيرات ال�سيا�سية‪.‬‬

‫بارفيلد‪� :‬أوافق على ذلك‪ .‬ولكني ل�ست مت�أكد ًا ما هي �أبعاد الثورة‬


‫ال�سيا�سية‪ .‬ولكن لدي مالحظة تحذيرية‪� .‬إنها لغز يتوجب علينا �أن‬
‫نجد ح ًال له في ال�سنوات القادمة وال يتوجب علينا فح�سب‪ ،‬بل على‬
‫غال�سمان‪� :‬إذ ًا ما هي �أنواع التقييدات؟ هل تتعلق ب�إتاحة فر�صة‬ ‫كل الدول‪ .‬بوجود العولمة ت�ستطيع التكنولوجيا ان تدخل عبر الحدود‪،‬‬
‫�أكبر لل�سكان لالت�صال بالعالم الخارجي �أو انها تتعلق �أي�ض ًا بتدفق‬ ‫والحكومات ال تملك نف�س ال�سيطرة على �سكانها بقدر ما كانت‬
‫الر�ساميل �إلى البلدان؟‬ ‫تملكه في ال�سابق‪� ،‬إ ّال �أن مفهوم الدولة القومية ال يزال ُي�ش ّكل نقطة‬
‫االرتكاز الوحيدة للم�شروعية الديمقراطية‪ .‬ال توجد ديمقراطية تعلو‬
‫نعيم‪ :‬تتعلق كل هذه الأمور مجتمعة‪ .‬يجب على الحكام الدكتاتوريين‬ ‫على مفهوم الدولة القومية‪ .‬من الممكن الح�صول على ديمقراطية‬
‫ان يتعاملوا مع �أ�سواق ال�سندات والأنظمة المالية الدولية حيث �أنها‬ ‫�أخرى عند نقطة معينة‪ ،‬ولكن عليك ان تعمل على الأمر من خالل‬
‫تُق ّيد خياراتهم االقت�صادية‪ .‬عليهم كافة �أ�شكال التقييدات كما‬ ‫مقاربة ما هو ممكن و‪�/‬أو ما هو م�شروع لتقوم به الدولة‪ ،‬وما عليها‬
‫لديهم الكثير من الإمكانيات التجارية‪ ،‬ولكن تواجههم �أي�ض ًا المعايير‬ ‫ان تتخلى عنه‪ .‬ونحن نتناق�ش حول ذلك‪� .‬أعني حول موقف الإدارة‬
‫الدولية‪ .‬ال يمكنهم ممار�سة التعذيب بنف�س الحرية وب�شكل علني‬ ‫الأميركية بالن�سبة للمحكمة الجزائية الدولية �أو ماهية ال�سلطات التي‬
‫كما كانوا يفعلون في ال�سابق‪ .‬ال زال يح�صل هذا الأمر وي�ستمر في‬ ‫ينبغي منحها �إلى منظمة الأمم المتحدة‪ ،‬وحتى �إلى منظمة التجارة‬
‫الح�صول ولكن �أ�صبح لدينا الآن تغيير مثير لالهتمام نتيجة العولمة‬ ‫العالمية‪.‬‬
‫والتغييرات التي ح�صلت في الت�سعينات من القرن الما�ضي يتمثل في‬
‫عدم ا�ستطاعة الحكام الدكتاتوريين النوم ب�سهولة خالل الليل كما في‬ ‫غال�سمان‪ :‬قال العديد من النا�س �إنه بقيام تكنولوجيا العولمة �سوف‬
‫ال�سابق‪ .‬لم يعد الحكام الدكتاتوريون ينتقلون دوم ًا ب�سهولة من الق�صر‬ ‫تذوي وتتال�شى الدولة القومية‪ .‬الآن‪ ،‬قد يكون مبكر ًا بع�ض ال�شيء‬
‫الجمهوري �إلى منازل وفلل في الريفيرا‪ .‬فقد ينتهي الأمر بهم �إلى‬ ‫ر�ؤية �أنها تتال�شى‪ ،‬ولكن هل تعتقد �أن هذا هو ما �سوف يحدث؟‬
‫المحاكمة كما حدث لميلو�سوفيت�ش‪.‬‬
‫نعيم‪ :‬كال‪ .‬و�أوافق على �أن الدولة القومية عن�صر تنظيمي مركزي‬
‫غال�سمان‪� :‬أود �أن �أتحدث عن الجانب ال�سيئ للعولمة بما �أن كلود‬ ‫وجوهري للنظام الدولي‪ .‬هناك نقا�شات كثيرة حول ما �إذا كانت‬
‫تحدث �سابق ًا عن الجانب الجيد منها‪� ،‬أي تعزيز النمو االقت�صادي‬ ‫الدولة القومية تتال�شى‪ ،‬و�أظن ب�صراحة‪� ،‬أنها مناق�شات �سخيفة‪.‬‬
‫واالنفتاح الأو�سع على الأفكار الجديدة‪ ،‬وربما‪ ،‬كما تقول‪ ،‬تطبيق قدر‬ ‫�أعتقد �أن الدول القومية �سوف تبقى معنا لمدة طويلة‪ .‬فالذي يح�صل‬
‫�أكبر من الديمقراطية و�سيطرة �أقل على �أيدي الحكام الدكتاتوريين‪.‬‬ ‫هو �أن الدولة القومية تتغير ب�سبب العولمة‪ ،‬وتتحول بفعل ال�سيا�سات‬
‫تتحدث في كتابك بالفعل عن حالة عجز واحدة من حاالت العجز التي‬ ‫الليبرالية المت�أ�صلة في الكتنولوجيات الجديدة‪ .‬كما �أن التقييدات‬
‫ي�شكو منها نظام العولمة‪ ،‬تقول �إنك مقتنع بوجود متزايد با�ستمرار‬ ‫المفرو�ضة على الدول القومية �أ�صبحت �أ�شد �صرامة و�أ�ضيق مما كانت‬
‫ال�سرقة �أو االنتحال للأفكار والأ�شياء‪ .‬تبد�أ ب�سرد طرفة هائلة حول‬ ‫عليه في الما�ضي‪� .‬إذا تحدثت مع �أي رئي�س دولة اليوم‪ ،‬حتى الذين‬
‫كيف تمت �سرقة ن�صو�ص كتاب ال�سيرة الذاتية لبيل كلينتون في‬ ‫يمار�سون حكم ًا دكتاتوري ًا‪� ،‬سوف يخبرونك ب�أن عددهم محدود جداً‬
‫ال�صين‪ ،‬و�أعيدت �صياغتها �إلى حد ُمع ّين‪ .‬هل هذا �أمر يجب �أن يثير‬ ‫�أو محدود �أكثر مما كان في الما�ضي‪.‬‬
‫قلقنا بالفعل؟ هل ُي�ش ّكل ا�ستنزاف ًا لموارد دول تكر�س جهودها لتطبيق‬
‫قوانين تحمي الملكية الفكرية؟‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪8‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫نعيم‪� :‬إنه �س�ؤال عظيم‪ .‬عندما يفكر المرء بالبلدان‪ ،‬وبما يحدث من‬
‫تفجر في التجارة الدولية بالأ�شياء المزيفة‪ ،‬الأمثلة التي تتبادر �إلى‬
‫ّ‬
‫الذهن تتعلق ب�شراء تلك الأحذية الريا�ضية الخفيفة الباهظة الثمن‬
‫مقابل دفع جزء �ضئيل من ثمنها �إذا كانت مزيفة‪� ،‬أو �شراء حقائب‬
‫اليد الأنيقة لل�سيدات‪� ،‬أو الت�سجيالت الفيدوية للأفالم ال�سينمائية‬
‫والم�ؤلفات المو�سيقية التي تُ�ستن�سخ با�ستمرار‪ ،‬وت�ستعمل بدون دفع‬
‫�أي ثمن مقابل لها‪ .‬هنا يبرز ال�س�ؤال‪ ،‬بمن ت�ضر‪ ،‬في النتيجة‪ ،‬هذه‬
‫الأعمال؟‬
‫ً‬
‫لكن المرء يميل �إلى ن�سيان �أمور عدة‪� .‬أوال‪ ،‬هل �أن الأعمال‬
‫التجارية غير الم�شروعة مرتبطة ببع�ضها البع�ض‪ ،‬و�أنه في �أحيان‬
‫كثيرة جد ًا يكون الذي يبيعك الحقيبة الن�سائية الأنيقة‪� ،‬أي البائع‬

‫‪BULLIT MARQUEZ ©AP/WWP‬‬


‫الجوال‪ ،‬هو نف�سه غير م�شروع بقدر عدم م�شروعية حقيبة اليد‬
‫التي يبيعك �إياها؟ ربما جرى تهريب هذا ال�شخ�ص من بلد �آخر‬
‫ال�ستخدامه وا�ستغالله من قبل �شبكات تمار�س تهريب النا�س لغر�ض‬
‫بيع هذه ال�سلع المزيفة‪ .‬فهو يماثل عمل الخادم المتعاقد الذي يحاول‬
‫ت�سديد المبلغ الذي يدين به �إلى المهربين‪.‬‬
‫في �أحيان كثيرة ال يكون ه�ؤالء العمال متطوعين ي�سعدهم‬
‫ق�صرة في التعامل مع الجوانب ال�سلبية‬ ‫القيام بمثل هذه الأعمال‪ .‬في �أحيان كثيرة‪ ،‬كما هو الحال في‬
‫بارفيلد‪� :‬أظن �أن كل البلدان ُم ّ‬
‫لفتح �أ�سواقها �أمام التجارة �أو اال�ستثمارات‪ ،‬وذلك ب�صورة �أ�سا�سية‬ ‫االتجار بالن�ساء على النطاق الدولي‪ ،‬يتم �إغرا�ؤهن بفر�صة العمل‪،‬‬
‫ب�سبب كون ال�سيا�سات التي تتبعها لي�ست �صحيحة بالكامل‪ .‬ا�ستمر‬ ‫�إقناعهن بفكرة �أنهن ينقلن من �أوروبا ال�شرقية �إلى �أوروبا الغربية‬
‫المزارعون في كوريا الجنوبية في زراعة الأرز طوال �أجيال عديدة‬ ‫للعمل كخادمات في المنازل ومن ثم يجبرن على ممار�سة البغاء ويتم‬
‫ولم يتقدم �أي كان‪� ،‬إال من خالل اال�ستنزاف الذي يح�صل واقعي ًا في‬ ‫ا�ستغاللهن‪ .‬وهذا عن�صر هائل من تلك التجارة‪.‬‬
‫كوريا‪ ،‬لمحاولة ت�سهيل هذا التغيير‪� ،‬أي هذه العملية االنتقالية‪� .‬أظن‬ ‫في العودة �إلى ق�ضية المزورين‪ .‬يمكننا التندّر حول كيف يمكن‬
‫ان كل البلدان مق�صرة‪ .‬ال نملك فع ًال �أداة تمكننا من �إجراء هذا‬ ‫للمرء �شراء �ساعة ي�ساوي �سعرها ‪� 5‬آالف دوالر بمبلغ ع�شرين دوالرا‬
‫التعديل ولكن هناك بالت�أكيد واجب �أخالقي �أو اجتماعي على الدولة‬ ‫في �شوارع مانهاتن‪ ،‬وهو �أمر غير م� ٍؤذ‪ ،‬ولكن هناك �أ�شياء �أخرى‬
‫الم�شاركة في هذا العمل �أكانت كوريا �أو الواليات المتحدة �أو بريطانيا‬ ‫مزيفة في غاية الخطورة‪ .‬تباع قطع غيار مزيفة للطائرات تكون معابة‬
‫�أو الدول الأوروبية‪ ،‬في �أن تتدخل للم�ساعدة‪ .‬ومن المحتمل �أن ُي�ش ّكل‬ ‫وت�سبب حوادث تحطم طائرات‪ .‬توجد �أدوية مزيفة تقتل بد ًال من‬
‫ذلك و�ضع ًا م�ؤلم ًا جد ًا‪.‬‬ ‫�أن ت�شفي‪ .‬وهناك كافة �أ�شكال الأبعاد التي ترتبط بهذه الن�شاطات‬
‫مع ذلك‪ ،‬هناك جانب �آخر لهذا الو�ضع‪ .‬عند النظر �إلى الحركة‬ ‫التجارية التي ال يمكن تحمل نتائجها بنف�س �سهولة تح ّمل نتائج �شراء‬
‫المناه�ضة للعولمة‪ ،‬يبرز قدر فيها كبير من الرومان�سية ب�أن علينا‬ ‫�ساعات وحقائب يد مزيفة‪.‬‬
‫�أن نبتعد عن تلك القبائل في الجزء الأعلى من مجرى االمازون �أو‬
‫المزارعين الفقراء في جنوب المك�سيك‪ ،‬ب�أن �شيئ ًا مريع ًا يح�صل‬ ‫غال�سمان‪ :‬كلود‪ ،‬دعنا نتحدث عن بع�ض االنطباعات الذهنية الأكثر‬
‫لهم لأن المك�سيك فتحت �أ�سواقها �أمام التجارة الحرة‪ .‬ح�سن ًا‪ ،‬فكر‬ ‫�شعبية للعولمة‪ .‬لقد ح�ضرت للتو اجتماع منظمة التجارة الدولية‬
‫بالحياة التي يعي�شها ه�ؤالء النا�س‪� .‬أنت تعرف ب�أننا نفكر بالأيام‬ ‫في هونغ كونغ‪ .‬كان هناك بع�ض مزارعي الأرز من كوريا الجنوبية‬
‫القديمة الجيدة‪� ،‬أي الحياة الزراعية العظيمة التي �سادت في القرن‬ ‫الذين جذبوا الكثير من االهتمام نتيجة المظاهرات التي قاموا بها‪.‬‬
‫التا�سع ع�شر‪ .‬لكن حتى في مزارعنا الأميركية في الغرب الأو�سط‬ ‫تمحورت �شكواهم حول �أنه في حال فتحت كوريا الجنوبية �أ�سواقها‬
‫والجنوب‪ ،‬كانت تلك �أيام ًا طويلة جد ًا‪ ،‬فلم يكن النا�س متعلمين وكانت‬ ‫�أمام التجارة بالأرز‪ ،‬ف�سوف يجدون �أنف�سهم بدون عمل‪ .‬يقولون ب�أنهم‬
‫حياتهم كادحة و�شاقة‪ .‬لذلك فالم�س�ألة تتعلق بالفترة االنتقالية‪،‬‬ ‫ال ي�ستطيعون عمل �أي �شيء با�ستثناء زراعة الأرز‪ ،‬وال ي�صلحون لعمل‬
‫والم�ستندة �إلى ال�سيا�سة العامة‪ ،‬التي �أعتقد �أنها مهمة‪ .‬لكن كما‬ ‫�أي �شيء �آخر‪� .‬إنهم نا�س يتقدمون في العمر‪ ،‬والأرز قليل الثمن على‬
‫ذكره المتحدث الآخر‪ ،‬لن نتمكن من �إيقاف ذلك‪ .‬فالم�س�ألة هي كيف‬ ‫�أية حال‪ .‬لذلك هل �أن م�أزق زراعة الأرز ُي�ش ّكل جزء ًا من الت�أثير‬
‫�ستجعل فترة التك ّيف مقبولة اجتماعي ًا‪� ،‬أو �أخالقي ًا؟‬ ‫ال�سلبي للعولمة �أم انه �سوف يكون �إيجابيا فع ًال في نهاية المطاف؟‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪9‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫بكاملها‪� .‬سمعنا في هذا البلد‪ ،‬الواليات المتحدة‪ ،‬في ال�سنة الما�ضية‬
‫نقا�ش ًا حاد ًا للغاية حول ا�ستدراج الأعمال من الخارج‪ ،‬حول ا�ستخدام‬
‫الموظفين في �آ�سيا‪ ،‬في الهند‪ ،‬للقيام بالعمل الذي كان من المعتاد‬
‫القيام به هنا‪ .‬يمكنك اكت�شاف الكثير من القلق الذي يتجاوز م�س�ألة‬
‫فقد فر�ص العمل‪� .‬إذا ق�ست الخ�سارة لفر�ص العمل ب�سبب تحويل‬
‫الوظائف �إلى الخارج تجد �أنها �صغيرة جد ًا‪ .‬لكن النقا�ش يجعلنا‬
‫نعتقد �أن الخ�سارة �ستكون لمئات الآالف من الموظفين الأميركيين‬

‫‪HUANG SHENGANG ©AP/XINHUA/WWP‬‬


‫الذين �سوف يفقدون وظائفهم‪ ،‬وهذه لي�ست هي الم�س�ألة‪.‬‬
‫فهكذا هناك هاج�س عام حول العولمة نظر ًا لوجود �شعور ب�أن‬
‫هناك تغييرات تجري ت�ؤثر علينا جميع ًا لكننا نجهل كيف �ست�ؤول‬
‫�إليه الأمور في النهاية بالن�سبة لعائالتنا‪ ،‬ولأنف�سنا‪ ،‬ول�شركائنا‪،‬‬
‫ولمجتمعاتنا‪ ،‬وهل �سنت�ضرر �أم ال‪.‬‬
‫موظفو الجمارك ال�صينيون يدققون في منتجات �إلكترونية مزيفة �صودرت في �أيار‪/‬مايو‪،2005 ،‬‬
‫غال�سمان‪ :‬كان لدي دائم ًا ال�شعور بان العولمة نموذج ل�شيء تكون‬ ‫في ق�ضية �شملت حوالي ‪ 460‬الف بطارية �سوني و‪ 30‬الف �سماعة اذن �سوني مزيفة‪.‬‬
‫فيه الفوائد وا�سعة االنت�شار‪ ،‬ان تكاليف تطبيقها محدودة جد ًا و�أنها‬
‫�ست�ؤذي �صناعات معينة‪ ،‬مثل �صناعة الأحذية في �أميركا �أو �صناعة‬
‫الأرز في كوريا‪ ،‬و�أن �أ�صحاب هذه ال�صناعات �سوف ي�صيحون‬ ‫غال�سمان‪ :‬هل تظن �أن هناك طريقة لجعل هذا التك ّيف مقبو ًال‪ ،‬كما‬
‫وي�صرخون‪ ،‬ولكننا نتحدث الآن عن �شيء �أكبر‪ ،‬نتحدث عن قلق وا�سع‬ ‫يقول بع�ض النا�س‪� ،‬أي اتباع خطوة مختلفة لإزالة الحواجز التجارية‬
‫االنت�شار �أكثر‪ .‬فهل لذلك القلق �أ�سا�س بالفعل؟‬ ‫�أمام الدول النامية بالمقارنة مع الدول المتطورة؟‬

‫نعيم‪� :‬أف�ضل مثال هو النموذج الذي �أعطيته بنف�سك حول مزارعي‬ ‫بارفيلد‪ :‬قالت الواليات المتحدة وقال الأوروبيون والدول المتطورة‪،‬‬
‫الأرز في كوريا الجنوبية‪ ،‬لأنني �أت�ساءل �أين كان موقع م�ستهلكي الأرز‬ ‫�إننا نحتاج �إلى عقد �أو عقد ون�صف لإزالة الحواجز �أمام تجارة‬
‫في تلك االجتماعات؟ بالطبع هناك جيل كامل من مزارعي الأرز في‬ ‫الأقم�شة والمالب�س التي تُ�ش ّكل القطاعات التي تحظى بحماية ق�صوى‬
‫كوريا الجنوبية �سوف يعاني من التعديالت التي �سوف يتم �إدخالها‬ ‫في العديد من االقت�صادات‪ .‬ولذلك قلنا في �أوائل الت�سعينات من‬
‫�إلى قوانين التجارة بالأرز‪ .‬ولكن بالمقابل �سوف ي�ستفيد عدد �أكبر من‬ ‫القرن الما�ضي اتركوا لنا هذا العقد‪ .‬تقول الدول النامية ب�صورة‬
‫النا�س من االنفتاح التجاري ومن �إلغاء الإعانات المالية‪� ،‬أي الإعانات‬ ‫مماثلة‪ ،‬ح�سن ًا‪ ،‬اتركوا لنا هذا العقد �أو العقد والن�صف الإ�ضافي‪ .‬لكن‬
‫المالية التي ت�شوه التجارة بالأرز‪ .‬يوجد م�ستهلكون غير ممثلين هناك‬ ‫الم�شكلة التي نواجهها هي �أن ال �أحد يقوم ب�أي �شيء في هذا النطاق‪.‬‬
‫الن كل واحد منهم �سوف ي�ستفيد بطريقة �صغيرة‪ ،‬بطريقة �ضئيلة‬ ‫لذلك‪ ،‬لي�س لدي �أية م�شكلة تتعلق ب�إعطاء وقت �أطول‪ ،‬ولكن‬
‫للغاية في �أحيان كثيرة‪ ،‬بينما �سوف يت�أذى المزارعون الكوريون فوراً‬ ‫يجب �أن يكون وقت ًا محدد ًا مثبت ًا بمتانة قدر الإمكان‪ .‬وعلينا �أي�ضاً‬
‫بطريقة يمكن قيا�سها ب�شكل وا�ضح‪ .‬لذلك ي�صبح ح�شدهم وتنظيم‬ ‫�أن نحتفظ في �أذهاننا بما تتحدث عنه كثير ًا الدول النامية عندما‬
‫تحركهم �أ�سهل بكثير‪.‬‬ ‫تتحدث عن ما ي�سمى المعاملة الخا�صة �أو المميزة‪� ،‬أي �أن ت�سمح هذه‬
‫الجواب على النقطة التي �أثرتها هو نعم هذا هو ما يح�صل‪ ،‬ولكن‬ ‫الدول لنف�سها ب�أن تعاني لمدة �أطول من الكوارث التي تلحقها بها‬
‫هناك �أمرا �أبعد من ذلك‪ .‬و�أعتقد �أننا ال زلنا ُنك ّيف عقولنا للتعامل‬ ‫احتكاراتها المحلية و�صناعاتها غير الكف�ؤة‪ .‬لذلك �أنت ال تقدّم لها‬
‫مع عالم جديد حيث كانت الأيديولوجيات التقليدية من الما�ضي‪،‬‬ ‫بالواقع خدمة كبيرة‪.‬‬
‫�أي اال�شتراكية �أو ال�شيوعية وفق نمط االتحاد ال�سوفياتي‪ ،‬كما تعلم‪،‬‬
‫تو ّفر لأعداد كبيرة من النا�س مرتكزات يعتمدون عليها حول طريقة‬ ‫غال�سمان‪ :‬بالإ�ضافة �إلى التجارة غير الم�شروعة في ال�سلع المزيفة‬
‫التفكير بالعالم وكيفية تف�سير التغييرات؛ عالم كانت توجد فيه‬ ‫هل للعولمة جانب �سيئ؟‬
‫قوتان عظيمتان توازن �إحداهما الأخرى‪ .‬اما الآن فال توجد �سوى‬
‫قوة عظمى واحدة وت�صلنا في كل يوم �أخبار التغييرات التي ال نعرف‬ ‫نعيم‪ :‬للعولمة نتائج �سلبية‪ ،‬وقد بد�أنا ن�شاهد بع�ضها فع ًال‪ .‬هناك‬
‫كيف ُنف�سرها‪ ،‬ابتدا ًء من اال�ستن�ساخ للمخلوقات مرور ًا بال�ش�ؤون التي‬ ‫�شعور عام باالنزعاج فيها لدى ال�سكان‪� .‬إننا نعرف �أن قدر ًا كبير ًا من‬
‫ت�أتي بها �شبكة الإنترنت والمتاجرة بالممنوعات‪ ،‬والحرب في العراق‪،‬‬ ‫مقاومتهم يعود �إلى �شعورهم ب�أن �شيئ ًا كبير ًا يح�صل‪� ،‬أي تغييرات ت�ؤثر‬
‫وانتها ًء بالإرهابيين االنتحاريين الدوليين الراغبين في �أن َيقتلوا‬ ‫بعمق كبير جد ًا على طريقة حياتهم‪ ،‬بحيث قد تتمكن �أو ال تتمكن‬
‫و ُيقتلوا‪.‬‬ ‫بع�ض ال�شركات من البقاء‪ .‬تجري حالي ًا عملية �إعادة تعريف لقطاعات‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪10‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫نعيم‪ :‬نرى هذا في الواليات‬ ‫بارفيلد‪ :‬لكن هذا لأمر‬
‫المتحدة‪ .‬ال �شك في ذلك‪.‬‬ ‫بب�ساطة غير �صحيح في‬
‫تكون النتائج التحرك نحو‬ ‫المجتمعات المغلقة؛‬
‫الزيادة في التدين والزيادة‬ ‫ولكنه �صحيح في الواليات‬
‫في الممار�سات الر�سمية‬ ‫“هل توجد �صلة بني العوملة‬ ‫المتحدة‪ .‬نحن مجتمع كان‬
‫لل�شعائر الدينية‪ ،‬وحتى‬
‫يطلق‬ ‫التي‬ ‫الديني‪،‬‬ ‫إميان‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫وبروز‬ ‫ب�صورة تقليدية مجتمع ًا‬
‫�إلى وجود �أكبر للتف�سيرات‬ ‫متحرك ًا يقبل �أفكار ًا جديدة‬
‫الأ�صولية للدين في الحياة‬ ‫أ�صولية‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا�سم‬ ‫عليها‬ ‫البع�ض‬ ‫ويملك قدرة �أعظم على‬
‫اليومية‪ ،‬وحتى في ال�سيا�سة‪.‬‬ ‫لي�س‬ ‫نالحظها‬ ‫والتي‬ ‫الدينية‪،‬‬ ‫القيام بذلك دون قلق‬
‫�أعتقد �أن وراء �س�ؤالك‬ ‫فقط يف العامل الإ�سالمي بل يف‬ ‫بدرجة �أكبر من القلق الذي‬
‫هناك فر�ضية قوية ب�أنه‬ ‫الديانات الأخرى”‬ ‫ي�صيب مجتمعات �أخرى‪.‬‬
‫مع تغ ّير العالم‪� ،‬إما ب�سبب‬ ‫ولكن �أعتقد �أن النظر‬
‫العولمة �أو ثورة المعلومات‪،‬‬ ‫�إلى �أبعد من االقت�صادات‬
‫كما ب�سبب كافة التغييرات‬ ‫يولد �إح�سا�س ًا �أعظم الآن‬
‫التي تحدثتما عنها التي‬ ‫ب�أن هناك عددا كبيرا من‬
‫ً‬
‫تم�سنا جميعا‪� ،‬أ�صبح النا�س يبحثون عن مرتكزات ي�ستندون �إليها‪.‬‬ ‫القوى الخارجة عن نطاق �سيطرتنا‪� .‬أعني بذلك الأفراد وال �أعني‬
‫والذي يح�صل هو الهبوط في �إمكانيات التكهن‪ .‬كان لدى‬ ‫الحكومات وقد تتولد هذه القوى من �أي �شيء ابتدا ًء من التكنولوجيا‬
‫ً‬
‫النا�س في ال�سابق �شعور �أن م�سيرة حياتهم �سوف تكون تقريبا كما‬ ‫البيولوجية وانتها ًء بالت�أثير اال�ستثنائي لثورة المعلومات‪.‬‬
‫�سارت حياة جيرانهم وعائالتهم‪ .‬اما ال�شعور الآن هو �أن من الممكن‬ ‫�أعتقد �أن ال�شباب يقبلون الكثير من هذه الأفكار‪ ،‬ويفهمون كيف‬
‫�أن تح�صل لديك الكثير من الأمور في حياتك‪� ،‬أي الكثير من الأمور‬ ‫يتعاملون مع هواتفهم الخليوية ومع كافة �أجهزة الكمبيوتر وغيرها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الرائعة كما يمكن �أن تح�صل �أي�ضا بع�ض الأ�شياء الرهيبة جدا تجعل‬ ‫ولكنهم �أكثر �إدراك ًا لحقيقة هذه الأمور و�أهميتها‪ ،‬حتى لهم‪ ،‬ولو كانت‬
‫حياتك وحياة �أفراد عائلتك تختلف عن حياة جيرانك‪� ،‬أو عائلتك‪� ،‬أو‬ ‫هذه التكنولوجيا بالواقع تثير البلبلة في العقول‪.‬‬
‫�أ�شقائك‪� ،‬أو �شقيقاتك‪.‬‬
‫ولذلك بوجود هذا ال�شعور بال�شك‪ ،‬بالقلق حول �أين تتجه‬ ‫غال�سمان‪ :‬لكن هناك �أمورا تخرج عن �سيطرة النا�س �أكثر مما كانت‬
‫�إليها الأمور‪ ،‬يحتاج النا�س �إلى �شيء يتم�سكون به‪ ،‬واعتقد �أن هناك‬ ‫في ال�سابق‪� ،‬أو هل �أننا �أ�صبحنا نعرف حول ما يدور في العالم �أكثر‬
‫فر�صة قوية جد ًا لتحقيق ذلك من خالل الدين‪ .‬هذا ما يح�صل في‬ ‫مما كنا نعرفه قب ًال؟ بكلمات �أخرى‪ ،‬اني �أثير مجدد ًا دور �أنظمة‬
‫بع�ض البلدان‪ .‬وفي بلدان �أخرى‪ ،‬حل الدين محل الأمل باالزدهار‬ ‫االت�صاالت التي قد تكون لها ت�أثيرات مفيدة �إجمالية ولكنها في نف�س‬
‫ك�أ�سلوب فكري‪ .‬في الكثير من دول ال�شرق الأو�سط‪ ،‬كما تعلم‪ ،‬الأداء‬ ‫الوقت ت�ستطيع ان تولد الكثير من القلق‪ .‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬الحظنا‬
‫االقت�صادي تعي�س‪ ،‬وحتى في البلدان الثرية‪ .‬و�إذا جمعت ذلك مع‬ ‫ازدياد عدد الكوارث الطبيعية‪ ،‬ولكن يعتقد بالفعل علماء كثيرون �أن‬
‫الأو�ضاع الديموغرافية حيث ال يملك العديد من ال�شباب و�صغار ال�سن‬ ‫عددها لي�س على ازدياد‪ ،‬بل �أن الأمر هو �أننا �أ�صبحنا نعرف الآن ما‬
‫بالأ�سا�س �أي �أمل‪� ،‬أي �أمل ب�سيا�سات �أف�ضل‪� ،‬أو بالم�شاركة في الحياة‬ ‫يجري حولنا‪.‬‬
‫العامة والحياة ال�سيا�سة في البالد‪� ،‬أو �أي �أمل لتحقيق الرخاء لهم‬
‫بالفعل والح�صول على �سلع مادية �أكثر‪ ،‬ي�صبح الدين خيار مثير جداً‬ ‫بارفيلد‪� :‬أفكر بهذا االئتالف‪ .‬النا�س يتحدثون عن هذه الأمور‪� ،‬أي‬
‫لالهتمام‪ .‬وفي �أحيان كثيرة ُي�ش ّكل الخيار الوحيد‪� ،‬أي لتكري�س الفرد‬ ‫�أنك ت�سمع تلك الق�ص�ص من �أوائل منت�صف القرن التا�سع ع�شر‬
‫لحياته �إلى ق�ضية‪� ،‬إلى فكرة‪� ،‬إلى �أمل �أو �إلى عاطفة‪� ،‬إلى الإيمان‬ ‫عندما �شاهد النا�س للمرة الأولى قطار ًا �سائر ًا ف�أدخل ذلك الرعب‬
‫الديني العميق‪.‬‬ ‫في قلوبهم‪� .‬أو عندما ح�صلت على �أول جهاز راديو تجتاز من خالله‬
‫حدود وطنك �أو مدينتك في الواليات المتحدة‪ .‬لكني �أظن‪� ،‬أن الأمر‬
‫بارفيلد‪ :‬لكنني �أعتقد �أن ال�شيء المثير بالفعل وجوب �أن يكون ال�شرق‬ ‫يعود �إلى نطاق التغيير الذي ي�أتينا من كل االتجاهات في نف�س الوقت‪،‬‬
‫الأو�سط في المقدمة وفي المركز‪� .‬أعني‪ ،‬فكر بمجرد ما يحدث فيه‪.‬‬ ‫ومن كافة حقول المعرفة‪� ،‬أي من التكنولوجيا والعلوم كذلك‪.‬‬
‫تحدثنا عن حياة النا�س التي تُقلع من جذورها ويتم تغييرها‪ .‬فكر‬
‫ب�شخ�ص �شاب‪ ،‬لنقل عا�ش في ال�ستينات‪� ،‬أو ال�سبعينات‪� ،‬أو الثمانينات‬ ‫غال�سمان‪ :‬مو�سى‪ ،‬هل توجد �صلة بين العولمة وبروز الإيمان الديني‪،‬‬
‫من القرن الما�ضي في ال�صين‪ ،‬ف ّكر ماذا كان يقول‪ .‬ثم فكر في هذا‬ ‫التي يطلق البع�ض عليها ا�سم الأ�صولية الدينية‪ ،‬والتي نالحظها لي�س‬
‫الجيل الذي ينطلق الآن‪ .‬لنقل جيل المراهقين في ال�صين اليوم‪ .‬كان‬ ‫فقط في العالم الإ�سالمي بل في الديانات الأخرى؟‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪11‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫غال�سمان‪� :‬أين تعيق العولمة م�سار الديمقراطية؟‬

‫نعيم‪� :‬أفكر‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬بالدول النفطية حيث �أوجدت العولمة‬
‫�أ�سواق ًا وا�سعة جد ًا‪ .‬يعود جزء كبير من �سبب ارتفاع �سعر النفط‬
‫�إلى ما يحدث في ال�صين والن االقت�صاد العالمي ينمو بدرجة ذات‬
‫�ش�أن كبير جد ًا‪ .‬ين�شئ هذا الواقع م�صدر ًا متوا�ص ًال من الإيرادات‬
‫لحكومات ا�سبتدادية وهذه الإيرادات العالية جد ًا تكبت الإ�صالحات‬
‫االقت�صادية والديمقراطية‪.‬‬

‫بارفيلد‪ :‬ال �أخالفك في الر�أي ولكن �أعتقد �أن ال�شيء الم�ؤ�سف بالن�سبة‬
‫لهذه الدول هو �أن يكون لها هذا المورد الوحيد‪ ،‬بحيث ال ت�ؤثر فيها‬

‫‪KHALIL SENOSI ©AP/WWP‬‬


‫قوى العولمة بنف�س القدر‪.‬‬

‫غال�سمان‪� :‬أعتقد �أن الم�شكلة الأكبر هي �أن تكون الحكومات تملك‬


‫وت�سيطر على ذلك المورد الوحيد‪.‬‬

‫بارفيلد‪ :‬ح�سن ًا‪ ،‬هذا �صحيح ولكن الأمر بمجمله هو عدم ا�ضطرار‬
‫هذه الدول النفطية �إلى التدافع كما فعلت البرازيل‪� ،‬أو الأرجنتين‪� ،‬أو‬ ‫لدينا عدد من ال�شباب في معهدي‪� ،‬شباب �صينيون كانوا مقتنعين‬
‫الت�شيلي مث ًال‪ .‬هذه الم�سالة برمتها‪ ،‬وفي الرجوع �إلى �س�ؤالك الأ�صلي‪،‬‬ ‫ب�أنه �سوف يقوم �شكل من �أ�شكال الديمقراطية لديهم‪� .‬إنهم نماذج‬
‫هل تولد العولمة الديمقراطية ب�صورة «طبيعية»؟ فالجواب هو كال‪.‬‬ ‫عملية عن حملة �شهادة الماج�ستير في �إدارة الأعمال‪� ،‬إنهم لي�سوا من‬
‫لكن من جهة �أخرى �أنها معركة تجري في الأو�ساط الفكرية‪ ،‬التي‬ ‫الحالمين‪ ،‬مع ذلك �سوف يكون هذا التحول �صعب ًا جد ًا‪.‬‬
‫�أعتقد �أن كتاب ال�سيد نعيم تطرق �إليها‪� ،‬أي بين الواقعيين وبين ما‬
‫يعرفون با�سم «الدوليون الأحرار»‪ .‬ولدينا في المعهد حيث �أعمل‪،‬‬ ‫غال�سمان‪ :‬دعني �أطرح ذلك ال�س�ؤال‪ ،‬الذي �أ�صبح مبتذ ًال تقريب ًا‪،‬‬
‫�أولئك الذين يهتمون بالأمن والدبلوما�سية يقولون �إن االقت�صاديين‬ ‫لكني ال زلت �أحب �أن �أعرف الجواب‪ :‬هل العولمة‪ ،‬دعنا ن�صفها‬
‫�أو الأفراد الذين ي�ؤيدون العولمة ي�شعرون بالت�أكيد ب�أن العولمة �سوف‬ ‫بعبارات اقت�صادية على �أنها تعني االقت�صاد الأكثر انفتاح ًا‪ ،‬اقت�صاد ًا‬
‫تقود �إلى الديمقراطية‪ .‬ح�سن ًا‪� ،‬أنظر �إلى ال�صينيين‪ .‬ال يبدو �أنها‬ ‫�أكثر توجه ًا نحو ال�سوق‪ ،‬تقود ب�صورة طبيعية �إلى الديمقراطية؟‬
‫حققت ذلك‪ .‬و�أوافقك هذا الر�أي‪ .‬ال �أعتقد بوجود تقدم طبيعي نحو‬
‫الديمقراطية‪.‬‬ ‫نعيم‪� :‬أظن �أن الوقت ال زال مبكر ًا جد ًا للإجابة عن ذلك‪ .‬ال نعرف‪.‬‬
‫ً‬
‫لكن‪ ،‬من ال�صحيح �أي�ضا �أنه بوجود العولمة‪� ،‬أو حتى بواقع كون‬
‫الحكومة ال�صينية ت�ستطيع ال�سيطرة جزئي ًا على الإنترنت كما ت�سيطر‬ ‫غال�سمان‪ :‬لي�س في ال�صين فقط بل في �أي مكان؟‬
‫على م�صادر معلومات �أخرى‪ ،‬من الم�ستحيل بالفعل في اليوم الحا�ضر‬
‫ال�سيطرة على ال�سكان فيما يخ�ص المعلومات‪ ،‬فيما يخ�ص �إحكام‬ ‫نعيم‪� :‬أي مكان‪ .‬ال نعرف‪ .‬نذكر‪ ،‬كانت لدينا موجات من العولمة عبر‬
‫عزلهم‪ ،‬كما قد ت�ستطيع فعل ذلك في �أوروبا ال�شرقية‪ ،‬في المجر‬ ‫التاريخ‪ ،‬لي�ست هذه المرة الأولى التي عرف فيها العالم تكام ًال مكثف ًا‬
‫وت�شيكو�سلوفاكيا‪ .‬في الخم�سينات وال�ستينات من القرن الما�ضي �أو في‬ ‫جد ًا بين اقت�صادات مختلفة‪ .‬بد�أت الظاهرة الحالية ب�سرعة كبيرة‬
‫ال�صين في ال�ستينات من القرن الما�ضي‪ .‬حينئذٍ تدرك �أن ال�صينيين‬ ‫في الت�سعينات من القرن الما�ضي‪ .‬مرة �أخرى‪ ،‬كانت ثورة المعلومات‬
‫بد�أوا �أي�ض ًا ي�سمحون لطالبهم بال�سفر �إلى كافة �أنحاء العالم‪ .‬ف�إذا‬ ‫المتجاوزة مع انهيار االتحاد ال�سوفياتي؛ وفتح �أ�سواق دول كانت‬
‫كنت حاكم ًا ا�ستبدادي ًا تكون بفعلك هذا قد �أطلقت قوى لن تتمكن‬ ‫مغلقة في ال�سابق‪� .‬إنها تحدث وبينما نتكلم الآن‪ ،‬وتحدث ب�سرعة‬
‫في النهاية من ال�سيطرة عليها‪ .‬هل �ستو ّلد العولمة الديمقراطية‪،‬‬ ‫وبطرق ال نفهمها بالكامل حتى الآن‪ .‬تخلق العولمة في مناطق معينة‬
‫ال �أعرف‪ .‬ولكن من ال�صحيح بالت�أكيد �أنها �سوف تكون مثيرة‬ ‫ظروف ًا �أف�ضل للديمقراطيات وفي مناطق �أخرى تعيق العولمة م�سار‬
‫لال�ضطراب لدى �أي حكومة تكون في ال�سلطة‪.‬‬ ‫الديمقراطيات‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪12‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫بارفيلد‪� :‬أعتقد انك �إذا نظرت �إلى البلدان النامية‪،‬‬
‫عليك �أن تن�سى ما يقوله ال�سيا�سيون �أو ما �سوف يوقعون‬
‫عليه‪� ،‬أو ما �سيوقع عليه ر�ؤ�ساء الدول خالل المحادثات‬
‫التجارية الجارية في هونغ كونغ‪ .‬وخذ كمثال دول �آ�سيا‬
‫ال�شرقية‪� ،‬أو حتى �أميركا الالتينية‪ ،‬وارجع فقط �إلى‬
‫ال�س�ؤال الأ�صلي‪ .‬ترف�ض هذه الدول التوقيع على معاهدات‬
‫تفر�ض عليها حقوق الم�ستثمرين �أو اال�ستثمارات‪ ،‬مع‬
‫العلم �أنها فتحت حدودها ب�شكل وا�سع‪.‬‬
‫وال�شيء الآخر الذي يتوجب عليك �إبقا�ؤه في ذهنك‬

‫‪MANISH SWARUP ©AP/WWP‬‬


‫�أنه‪ ،‬من الناحية التجارية �أن مقدار الفتح الطوعي‬
‫للأ�سواق (ال تنتبه لكل ما يتعلق بالمفاو�ضات)‪� ،‬أ�صبح‬
‫هائ ًال في كل منطقة تقريب ًا‪ ،‬ربما با�ستثناء �أفريقيا‬
‫�أو ال�شرق الأو�سط‪� .‬إن ما فعلته الأرجنتين �أو ما فعلته‬
‫�إندوني�سيا بالن�سبة لال�ستثمار على امتداد ال�سنوات‬
‫الع�شرين الما�ضية يتجاوز ببعيد �أي ورقة قد يوقعون‬ ‫غال�سمان‪ :‬هل توافق على ذلك؟‬
‫عليها‪ ،‬فهو يح�صل فع ًال‪ .‬بكلمات �أخرى‪� ،‬إنهم متفقون‪ .‬انهم يروان‬
‫�أن هذه هي الطريق التي يجب ال�سير عليها ولكنهم ي�شعرون بحالة‬ ‫نعيم‪ :‬نعم‪� ،‬أوافق على ذلك بالكامل‪ .‬دعنا نتذكر للحظة �أن �أغلبية‬
‫ع�صبية كبيرة لدفعهم �أمام منظمة التجارة العالمية‪� ،‬أو �أي منظمة‬ ‫الب�شر يعي�شون في اليوم الحا�ضر تحت �أنظمة حكم غير ديمقراطية‪.‬‬
‫دولية �أخرى‪ ،‬ليقال لهما �أن عليهما ال�سير في هذه الطريق‪ .‬يريدون‬ ‫�إنه �أمر اعتيادي‪ .‬الإن�سان االعتيادي في اليوم الحا�ضر هو الفرد‬
‫البقاء قادرين على فتح �أ�سواقهما �أمام الأجانب‪� ،‬أمام جنرال موتورز‪،‬‬ ‫الذي ال يتناول ثالث وجبات في اليوم‪ ،‬وال يح�صل على معلومات من‬
‫�أو جنرال �ألكتريك ولكنهما ال يرغبون في �أن يقول لهم �إن�سان ما ب�أن‬ ‫م�صادر م�ستقلة‪ ،‬هذا �إذا ح�صل على �أي منها‪ .‬ثلث �سكان العالم‬
‫عليهم اتباع نف�س القوانين التي تنظم عمل �شركتك الم�ستقلة هناك‬ ‫اليوم ال يملكون هاتف ًا ولم يجروا �أبد ًا ات�صا ًال هاتفي ًا‪ ،‬ومعظم الب�شر‬
‫في البرازيل �أو في الت�شيلي‪� ،‬أو في المك�سيك‪.‬‬ ‫ال يعي�شون في دول ديمقراطية‪� .‬أغلبية الأطفال في العالم ال يرتادون‬
‫المدار�س و�أغلبية النا�س في العالم ال يعملون في وظائف يتقا�ضون‬
‫غال�سمان‪ :‬ولكنك متفائل ب�صورة عامة حول العالم النامي كما‬ ‫�أجور ًا نظامية عنها‪.‬‬
‫بالن�سبة لباقي العالم؟‬
‫بارفيلد‪ :‬ولكني �أظن انه يجب علينا �أن نكون حذرين‪� .‬أعتقد �أنه قد‬
‫بارفيلد‪ :‬نعم‬ ‫يتوجب علينا القول ب�أن �أكثر من �أي وقت م�ضى في التاريخ الب�شري‪،‬‬
‫�أ�صبح لدينا نا�س يعي�شون بظل نوع من �أنواع الدولة الديمقراطية‪.‬‬
‫نعيم‪ :‬مرة �أخرى‪� ،‬إذا �أخذت تعريف العولمة و�أ�صبغت عليه �صفات‬
‫التجارة واال�ستثمار بكثافة‪ ،‬يكون الأمر �صحيح ًا‪ .‬فمن الجائز �أن‬ ‫غال�سمان‪� :‬أعتقد �أن عدد الدول الديمقراطية ت�ضاعف ثالث مرات‬
‫ترتفع وتهبط الدورات التجارية‪ ،‬نجد دافع ًا نحو �سيا�سة الحماية‬ ‫خالل ال�سنوات الثالثين الما�ضية‪ ،‬رغم �أن �أغلبية الب�شر ال يعي�شون‬
‫االقت�صادية‪.‬‬ ‫في دول ديمقراطية‪ .‬ف�إذا �أخذنا ال�صين كدولة غير ديمقراطية يجب‬
‫�أن نقول �أن معظم النا�س ال يعي�شون في دول ديمقراطية‪.‬‬
‫غال�سمان‪ :‬على فكرة‪ ،‬هل تعتقد �أن هذا هو ما يحدث الآن؟‬ ‫دعونا نتحدث حول �إلى �أين تتجه العولمة‪ .‬ح�سن ًا‪ ،‬لقد عرفنا‬
‫فترات من التاريخ كانت توجد فيها عولمة ولكنها توقفت ب�شكل حاد‬
‫نعيم‪ :‬كال‪� .‬أعتقد �أن التجارة العالمية قوية جد ًا وحرة‪ .‬تنمو التجارة‬ ‫لمدة طويلة ن�سبي ًا‪ .‬لمدة ال تقل عن ‪� 40‬أو ‪� 50‬سنة‪ .‬هل من المحتمل‬
‫الدولية في كل �سنة‪ ،‬وهي تنمو بمعدالت تتجاوز معدالت النمو العالمية‬ ‫�أن نرى نف�س ال�شيء يتكرر‪ .‬هل العولمة وجدت لتبقى �أم �أنها ظاهرة‬
‫للناتج المحلي الإجمالي‪ .‬نعم هناك كافة �أنواع العوائق �أمام التجارة‬ ‫دورية؟‬
‫وعدة �أ�شكال من الإعانات المالية والت�شويهات‪ ،‬لكن حركة التجارة‬ ‫�إن ما يقلقني ب�شكل خا�ص هو �أننا في العالم النامي‪ ،‬نتحدث‬
‫ت�ستمر‪.‬‬ ‫عن الكثيرين من النا�س الذين لم ين�ضموا فع ًال �إلى عملية العولمة‪.‬‬
‫ً‬
‫خد تعريفا �أو�سع للعولمة ال ي�شمل فقط التجارة واال�ستثمار‪،‬‬ ‫هل هناك �شيء ممكن �أن نقوم به حول هذا الأمر؟‬
‫وقارنه مع العولمة التي حدثت في القرن التا�سع ع�شر‪ .‬عندما ظهر‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪13‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫ال�سيا�سية الجديدة‪.‬‬ ‫التلغراف �أحدث ذلك‬
‫انه �أمر ال يمكن‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫إنرتنت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�شبكة‬ ‫“ا�ستخدام‬ ‫فورة من االت�صاالت‬
‫عك�سه حيث �أنه‬ ‫املراهقني الذين يتوا�صلون مع �أنداد ٍ‬ ‫حول العالم‪ .‬لكن‬
‫من الممكن‪ ،‬كما‬ ‫لهم حول العامل ميلكون ذهنية مماثلة‬ ‫الم�ؤ�س�سات هي‬
‫قال ال�سيد بارفيلد‪،‬‬ ‫لذهنيتهم‪ .‬هناك �أنواع متعددة من‬ ‫في الغالب التي‬
‫ال�سيطرة على‬ ‫املجموعات التي متلك ذهنية متماثلة‪،‬‬ ‫ا�ستخدمت نظام‬
‫الإنترنت ولكن توجد‬ ‫جمموعات �أ�صحاب امل�صلحة‪ ،‬نا�س‬ ‫الإر�سال عبر‬
‫حدود لمدى قدرة‬ ‫يت�شاطرون نف�س االهتمامات وال�شغف‬ ‫التلغراف‪ .‬ومقارنة‬
‫ال�سيطرة عليها‪.‬‬ ‫بذلك‪ ،‬يجرى الآن‬
‫والتكنولوجيات والهوايات‪ ،‬فيتوا�صلون عرب‬
‫لذلك فقد‬ ‫ا�ستخدام �شبكة‬
‫�أف�شي ال�سر‪ .‬النا�س‬ ‫احلدود وين�شئون جمتمعات فعلية تقوم‬ ‫الإنترنت من قبل‬
‫ينظمون �صفوفهم‪.‬‬ ‫بكافة �أنواع الن�شاطات والقدرات ويطورون‬ ‫المراهقين الذين‬
‫لدينا �أكثر من‬ ‫اجلديدة‪”.‬‬ ‫ال�سيا�سية‬ ‫الديناميات‬ ‫أنواع‬ ‫�‬ ‫كافة‬ ‫أنداد‬
‫يتوا�صلون مع � ٍ‬
‫ذلك‪ ،‬لدينا عولمة‬ ‫لهم حول العالم‬
‫فردية �أكثر مما ر�أيناه عبر التاريخ‪ .‬كانت الموجات ال�سابقة للعولمة‬ ‫يملكون ذهنية مماثلة لذهنيتهم‪ .‬هناك �أنواع متعددة من المجموعات‬
‫م�ؤ�س�ساتية‪ ،‬وكانت تجارية‪ ،‬حيث كان �أ�صحاب الأدوار المركزية‬ ‫التي تملك ذهنية متماثلة‪ ،‬مجموعات �أ�صحاب الم�صلحة‪ ،‬النا�س‬
‫ال�شركات التجارية‪ .‬اما اليوم فقد �أ�صبحت هناك عولمة للأفراد وهذا‬ ‫الذين يت�شاطرون نف�س االهتمامات وال�شغف والتكنولوجيات‬
‫ما ي�شكل اختالف ًا مهم ًا جدا‪ً.‬‬ ‫والهوايات‪ ،‬فيتوا�صلون عبر الحدود وين�شئون مجتمعات فعلية تقوم‬
‫بكافة �أنواع الن�شاطات والقدرات ويطورون كافة �أنواع الديناميات‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو‬
‫�سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬

‫ال�سعادين القطبية‪� :‬أول م�شاهري النجوم يف بريطانيا يف ع�صر الآيبود‬


‫مراهقين �آخرين لهم نف�س العقلية من ا�ستن�ساخ هذه الأغاني‬ ‫في مدينة �شفيلد‪ ،‬تو ّفر �أحدث فرقة مو�سيقية‪ ،‬التي‬
‫واال�ستماع �إليها‪ .‬ما لبث و�أن بد�أ هواة �أغانيهم يقطعون م�سافات‬ ‫يقل عمر �أع�ضائها عن ع�شرين �سنة‪ ،‬المعروفة‬
‫طويلة للو�صول �إلى حفالتهم وفاج�أوا الفرقة عندما بد�أوا يغنون‬ ‫با�سم ال�سعادين القطبية (اركتيك مونكيز) مثا ًال‬
‫نف�س الكلمات التي كان �أع�ضاء الفرقة ي�ؤدونها‪.‬‬ ‫على مراهقين ي�ستخدمون الإنترنت للتوا�صل مع مراهقين‬
‫ي�صف البع�ض الآن فرقة المونكيز على �أنها �أول فرقة نجوم‬ ‫غيرهم حول العالم يملكون ذهنية مماثلة لذهنيتهم‪� .‬سوية‪ ،‬حقق‬
‫متفوقين في ع�صر االيبود‪ .‬يجب االنتظار‬ ‫المغني الرئي�سي اليك�س تيرنر‪ ،‬وعازف‬
‫لمعرفة ما �إذا كانت هذه ال�صفة �صحيحة‬ ‫الغيتار اندي نيكول�سون‪ ،‬و�ضارب الطبل‬
‫�أم ال‪ .‬لكن نجاح الفرقة ُيظهر كيف �أن‬ ‫مارت هلدرز‪ ،‬وعازف الغيتار جايمي كوك‬
‫التكنولوجيات الحديثة كالإنترنت‪ ،‬تجمع‬ ‫الرقم القيا�سي البريطاني لأ�سرع مبيعات‬
‫النا�س من ذوي االهتمامات المماثلة‪.‬‬ ‫ال�سطوانة البوم �أغاني �صادر لأول مرة‪،‬‬
‫�سمح هذا الإنجاز �أي�ض ًا للفرقة‬ ‫حيث حققت تلك اال�سطوانة بيع ما يزيد‬
‫بتو�سيع نطاق �شهرتها العالمية من خالل‬ ‫عن ‪� 360‬ألف ن�سخة‪� ،‬ألفان خالل الأ�سبوع‬
‫�إطالق �أول قر�ص مدمج لأغانيها في‬ ‫الأول من طرحها في الأ�سواق‪.‬‬
‫�أ�سواق الواليات المتحدة في ‪� 21‬شباط‪/‬‬ ‫يعود ف�ضل هذا النجاح �إلى‬
‫‪Photograph by Tabatha Fireman / Redferns Music Picture‬‬
‫فبراير‪،‬‏‪2006‬‏‪.‬‬ ‫‪Library‬‬ ‫ا�ستعمالهم للإنترنت‪ .‬بد�أت فرقة المونكيز‬
‫هذه بالتوزيع المجاني لنماذج من �أغانيهم م�سجلة على �أقرا�ص‬
‫مدمجة خالل ‪ .2004-2003‬نمت ب�سرعة قاعدة المعجبين‬
‫ب�أغانيهم‪ ،‬عندما تم نقل هذه النماذج �إلى الإنترنت لتمكين‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪14‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫رحالت قمي�ص تي �شريت‬
‫بقلم بيرتا ريفويل‬

‫كان النا�س يريدونني �أن �أفهم موقعهم في االقت�صاد العالمي‪،‬‬ ‫بد�أ كل �شيء في اجتماع‬
‫�أرادوا �أن ي�شرحوا لي كيف يعمل عالمهم الم�صغر في مجال‬ ‫لمنظمة التجارة العالمية‬
‫العولمة‪� ،‬أرادوا �أن �أفهم مدى التعقيد‪ ،‬مدى ال�صعوبة‪ ،‬ولكن �أي�ض ًا‬ ‫عام ‪� ،1999‬س�أل نا�شط‬
‫مدى الإثارة في مواجهتهم للتحديات كل يوم‪.‬‬ ‫معار�ض بيترا ريفولي‪،‬‬
‫خالل رحالتي حول العالم لأجري مقابالت للكتاب‪� ،‬سمعت‬ ‫الأ�ستاذة الم�شاركة في فرع‬
‫الكثير من وجهات النظر والآراء المت�ضاربة حول الإعانات المالية‬ ‫تدري�س العلوم المالية في‬
‫المقدمة لمزارعي القطن وحول ال�سيا�سة التجارية‪ ،‬حول ال�صين‬ ‫كلية ماكدونو لإدارة الأعمال‬
‫وحول فقد الوظائف‪ ،‬لكني لم �أقابل �أي �أ�شرار‪ .‬ال يوجد �أنا�س‬ ‫في جامعة جورجتاون‪« :‬من‬
‫�سيئون في ق�صة حياة قمي�ص التي �شيرت خا�صتي‪ .‬كان الجميع‪،‬‬ ‫�صنع قمي�ص التي �شيرت‬
‫كل م�ؤ�س�سة �أعمال‪ ،‬كل �صاحب م�شروع تجاري‪ ،‬كل رجل �سيا�سي‬ ‫الذي ترتدينه؟» في �سعيها‬
‫من بين الم�شاركين في حياة قمي�ص التي �شيرت يحاولون �شق‬ ‫لإيجاد الجواب‪� ،‬سافرت‬
‫طريقهم في �سوق تناف�سية‪� ،‬سوق كثير ًا ما تتغير تحت �أقدامهم‪.‬‬ ‫ريفولي �إلى ال�صين‪،‬‬
‫�أ ّلفت هذا الكتاب خالل �أوقات �صاخبة وم�أ�ساوية في �أحيان‬ ‫وتك�سا�س‪ ،‬وتنزانيا حيث‬
‫كثيرة‪ ،‬عبر �أحداث ‪ 11/9‬وحربي �أفغان�ستان والعراق‪ ،‬عبر قنابل‬ ‫لم�ست بالتجربة المبا�شرة تعقيدات االقت�صاد العالمي‪� .‬سردت‬
‫الإرهابيين في �أوروبا‪ ،‬وعبر انتخابات عامة �شاهدت خالفات‬ ‫الق�صة في كتابها‪« ،‬رحالت قمي�ص تي �شيرت في االقت�صاد‬
‫مريرة في �أميركا‪ .‬ولكن خالل رحالتي‪ ،‬من مزرعة قطن في‬ ‫العالمي‪ :‬عالمة اقت�صادية تدر�س الأ�سواق‪ ،‬ال�سلطة و�سيا�سة‬
‫تك�سا�س �إلى م�صنع �صيني‪ ،‬من بيروقراطيين في وا�شنطن �إلى‬ ‫منظمة التجارة العالمية»‪ .‬وفي المقال التالي‪ ،‬تت�أمل في تجاربها‬
‫بائع مالب�س م�ستعملة من الجيل الثالث ينتمي �إلى عائلة يهودية‬ ‫وتتعجب كيف تملك التجارة القدرة على �أن تجذب �سوية نا�س ًا‬
‫مهاجرة‪� ،‬إلى م�ستوردين م�سلمين في �أفريقيا ال�شرقية‪ ،‬بقيت‬ ‫متباينين‪.‬‬
‫�أتعجب كيف ي�ستطيع كل فرد من ح�سن تدبير �أموره الحياتية‪.‬‬
‫فبينما كانت القنابل تت�ساقط‪ ،‬ظل ه�ؤالء الم�سلمون‪ ،‬اليهود‪،‬‬
‫ال�سود‪ ،‬والبي�ض �أ�صدقاء ب�سبب قمي�ص التي �شيرت خا�صتي‪.‬‬ ‫عندما قررت �أن اتبع حول العالم رحلة قمي�ص التي‬
‫لقد ربطهم �سوية الغزل‪ ،‬والقما�ش‪ ،‬واللبا�س‪ ،‬لقد ربطتهم �سوية‬ ‫�شيرت الذي ارتديه‪ ،‬كان ما �أردت �أن �أفعله �أكثر‬
‫التجارة العالمية‪ .‬لم يكن لديهم خيار غير اال�ستمرار في التحدث‬ ‫من �أي �شيء �آخر �أن �أحكي ق�صة عظيمة‪ .‬لم �أبد�أ‬
‫مع بع�ضهم البع�ض‪ .‬يتدبر �صغار التجار �ش�ؤونهم بطريقة ح�سنة‪،‬‬ ‫بمحاولة �إثبات �صحة نقطة معينة �أو تقديم در�س‪ ،‬رغم �أن الدرو�س‬
‫بينما الكبار كانوا يتفاءلون فيما بينهم‪ .‬مهما كانت المناق�شات‬ ‫برزت بالت�أكيد من خالل رحالتي‪ .‬كان لدي �إح�سا�س بان هذا‬
‫حول التجارة‪ ،‬فقد ا�صبح من الوا�ضح لي بعد قيامي بهذه‬ ‫ال�شيء الب�سيط كان يملك ق�صة �ساحرة ومعقدة‪ ،‬يود �أن يحكيها‪،‬‬
‫الرحالت ان التجارة هي بكل و�ضوح �أداة لل�سالم والتفاهم‪ .‬ا�شعر‬ ‫ق�صة قد تحدث �صدى لدى كل فرد يرتدي مالب�سه �صباح كل يوم‪،‬‬
‫باني محظوظة الن كل فرد كتبت عنه �أ�صبح الآن �صديقي و�آمل �أن‬ ‫و�أردت �أن �أ�سرد تلك الق�صة‪.‬‬
‫يحب القراء كل �أ�صحاب الأدوار في ق�صة حياة قمي�ص التي �شيرت‬ ‫ّ‬
‫وجدت �أن النا�س في كافة �أنحاء العالم يرغبون في التمكن‬
‫خا�صتي بقدر ما �أحبهم‪.‬‬ ‫من �شرح �أمور �إلى �أ�ساتذتهم‪ .‬ال بد و�أن تو ّلد هذه الرغبة نوع ًا‬
‫لقد د ّر�ست في كلية �إدارة الأعمال لفترة طويلة‪ ،‬وهكذا‪،‬‬ ‫من الإثارة المنحرفة‪� .‬إن كنت في مزرعة قطن في تك�سا�س �أو في‬
‫�أعرف كم من ال�سهل �إثارة �ضجر النا�س بالتحدث عن العجز‬ ‫متجر �صغير في الهواء الطلق في �أفريقيا يبيع قم�صان تي �شيرت‪،‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪15‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫راديو‪ .‬ثم منحني ارفع �إطراء لأ�ستاذ جامعي عندما قال ان الكتاب‬ ‫التجاري‪� ،‬أو المناف�سة‪� ،‬أو البطالة‪ .‬ولكن كل فرد يحب اال�ستماع‬
‫غ ّير الطريقة التي كان يفكر فيها حول العولمة وحتى لكيفية‬ ‫�إلى ق�صة جيدة‪ .‬يتجنب بع�ض مد ّر�سي مو�ضوع �إدارة الأعمال‬
‫�إعداده التقارير المتعلقة بالتجارة الدولية في الم�ستقبل‪.‬‬ ‫�سرد الق�ص�ص خالل تعليمهم �أو في �أبحاثهم ب�سبب قلقهم من �أن‬
‫�أُذيعت �سل�سلة المقابالت من محطة الإذاعة المذكورة‬ ‫تنتق�ص هذه الق�ص�ص من م�صداقيتهم �أو �أهميتهم الفكرية‪ .‬ولكن‬
‫ب�صورة متتابعة على امتداد �شهر �أو قريب ًا من ذلك‪ ،‬ك ّنا‪� ،‬آدم و�أنا‪،‬‬ ‫طالما نقوم ب�أف�ضل ما ن�ستطيع في حكاية الق�صة بكاملها‪ ،‬ولي�س‬
‫نكرر زيارة العديد من الأماكن التي كتبت عنها‪ :‬مزارع القطن‬ ‫مجرد نوادر مختارة لإثبات ر�أينا‪ ،‬ف�إن الق�ص�ص يمكنها تحقيق‬
‫في تك�سا�س والم�صانع ال�صينية‪ .‬في المقابالت الإذاعية لم يكن‬ ‫الكثير في م�ساعدتنا لفهم التعقيدات التجارية والأعمال الدولية‪.‬‬
‫لدينا �أكثر من ‪ 24‬دقيقة لنلخ�ص محتوى كتاب ا�ستغرق �إعداده‬ ‫�آمل بان تكون ق�صة قمي�ص التي �شيرت خا�صتي قد حققت ذلك‪.‬‬
‫‪� 5‬سنوات والتحدث عن رحالت غطت الآالف من الأميال‪ ،‬مجرد‬ ‫وب�صفتي م�ؤلفة كتاب للمرة الأولى‪ ،‬واجهت لحظات مثيرة‬
‫‪ 24‬دقيقة ل�سرد �سيرة حياة هذا ال�شيء الب�سيط والكثير التعقيد‪.‬‬ ‫برزت خاللها ب�ضع حاالت من «قر�ص نف�سي للت�أكد من حقيقة ما‬
‫وبينما كنت ا�ستمع �إلى الأ�صوات الخلفية التي �سجلها لترافق �إذاعة‬ ‫يحدث» منذ �صدور الكتاب‪ .‬كانت الحالة الأولى عندما علمت �أن‬
‫هذه المقابالت‪� :‬ضجيج الجرارات‪� ،‬أ�صوات �آالت الخياطة‪� ،‬أ�صوات‬ ‫مجلة «تايم» �سوف تراجع الكتاب‪ ،‬وحدثت الحالة الثانية عندما‬
‫محالج القطن وال�سكوت المخيف لم�صنع قم�صان تي �شيرت‬ ‫التقطت �سماعة الهاتف لأجد مرا�سل الأخبار التجارية الدولية‬
‫مغلق بالأقفال الخارجية في والية الأباما‪� ،‬أدركت ب�أني لم �أفكر‬ ‫في محطة الإذاعة‪ ،‬بابليك نا�شيونال راديو‪� ،‬أدم دافيد�سون‪،‬‬
‫�أبد ًا بالأ�صوات التي تولدها العولمة‪ .‬ف�إذا �أغلقت عينيك و�أ�صغيت‬ ‫على الخط‪� .‬أخبرني �أنه �أحب الكتاب ويريد �إجراء �سل�سلة من‬
‫فيمكنك �أن ت�سمع كل هذه الأ�شياء ت�شتغل‪.‬‬ ‫المقابالت حوله تذاع من محطة الإذاعة العامة نا�شيونال بابليك‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو‬
‫�سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬
‫‪© DOUGLAS WHYTE/CORBIS, COURTESY OF JOHN WILEY & SONS, INC.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪16‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫ال�سيا�سة االقت�صادية التحويلية الأميركية‬
‫الربط بين التجارة‪ ،‬والنمو‪ ،‬والتنمية االقت�صادية‬
‫بقلم جوزيت �شريان �شايرن‬
‫وكيلة وزارة اخلارجية لل�ش�ؤون االقت�صادية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬والزراعية‬

‫العظيم؛ وم�شاريع بدائل اال�ستيراد التي نفذتها بلدان نامية خالل‬ ‫جوزيت �شيران �شاينر‪ ،‬وكيلة وزارة الخارجية الأميركية لل�ش�ؤون‬
‫ال�ستينات وال�سبعينات من القرن الما�ضي لم تُ�شجع النمو االقت�صادي؛‬ ‫االقت�صادية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬والزراعية‪ ،‬تناق�ش العالقة بين التجارة‬
‫وال�شيوعية �أعاقت نمو الإنتاجية‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬والحرية االقت�صادية‪.‬‬ ‫والنمو االقت�صادي‪.‬‬
‫ف�سيا�سة الحماية التجارية ال ت�ؤ ّمن �أي فوائد م�ستديمة‪.‬‬
‫من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن تحرير التجارة ي�ؤ ّمن م�ساهمة ذات �ش�أن‬
‫في النمو االقت�صادي‪ ،‬وفي تخفي�ض م�ستوى الفقر‪ ،‬وت�أمين اال�ستقرار‬ ‫لماذا تنعم بع�ض البلدان بنمو اقت�صادي قوي بينما‬
‫حول العالم‪ .‬ت�ؤكد الدرا�سات االقت�صادية �أن الدول التي تملك‬ ‫ال تنعم بذلك بلدان �أخرى؟ بين عام ‪ 1975‬وعام ‪2003‬‬
‫اقت�صادات �أكثر انفتاح ًا ت�شارك �أكثر في التجارة الدولية المتزايدة‪،‬‬ ‫حقق �أكثر من ن�صف عدد البلدان في العالم معدالت‬
‫وتحقق معدالت نمو �أعلى من االقت�صادات الأكثر انغالق ًا‪ .‬فمن بين‬ ‫نمو �سنوي للناتج المحلي الإجمالي للفرد تقل عن ‪( %1‬واحد بالمئة)‪.‬‬
‫البلدان النامية‪ ،‬حققت تلك البلدان التي تتعاطى بقدر �أعظم في‬ ‫وبالفعل ازداد فقر ًا ثلث العدد الإجمالي لجميع البلدان‪ .‬وكان من‬
‫التجارة الدولية معدالت نمو �أكبر بثالثة �أ�ضعاف مما حققته بلدان‬ ‫المحتمل �أن يكون هذا العدد حتى �أكبر من ذلك‪� ،‬إذا كان للمرء �أن‬
‫�شاركت بقدر �أقل في التجارة الدولية خالل الت�سعينات من القرن‬ ‫ي�شمل فيه المعطيات من �أكثر من ‪ 35‬بلد ًا �إ�ضافي ًا م�ؤ�س�ساتها ال تملك‬
‫الما�ضي‪.‬‬ ‫حتى القدرة على جمع �إح�صائيات ُيعتمد عليها‪.‬‬
‫ً‬
‫تعتبر ال�صين والهند النموذجين الأكثر و�ضوحا لقوة تحرير‬ ‫وب�صورة متزايدة‪ ،‬ي�سعى علماء االقت�صاد واخت�صا�صيو التنمية‬
‫التجارة‪ .‬فقبل ثالثين عام ًا‪ ،‬كان البلدان يعانيان من فقر وا�سع‬ ‫لإيجاد ما يربط هذا الأمر بالتجارة‪ .‬ف�إذا نظر المرء �إلى العالم‬
‫االنت�شار‪ .‬وال زاال يملكان ب�شكل �أ�سا�سي نف�س الموارد الطبيعية‬ ‫نظرة وا�سعة عبر القرن الما�ضي‪ ،‬ي�صعب عليه العثور على دليل‬
‫الأ�سا�سية التي كانت لديهما في تلك الفترة‪ .‬كما ظلت �أنظمتهما‬ ‫ثابت ي�ؤكد فوائد �سيا�سة الحماية التجارية للمنتجات القومية‪ .‬رغم‬
‫ال�سيا�سية بدون تغيير ن�سبي ًا على مر ال�سنين‪ .‬ولكن يتمتع اليوم‬ ‫ذلك‪ ،‬هناك �أمثلة كثيرة على �سوء ت�صميم �سيا�سات حماية المنتجات‬
‫البلدان بمعدالت نمو اقت�صادي من بين �أعلى المعدالت في العالم‪.‬‬ ‫القومية‪ :‬ال�سيا�سة االنعزالية التي اتبعتها الواليات المتحدة �أثر‬
‫فماذا تغير؟ فتحا �أ�سواقهما �أمام العالم‪� ،‬ساهما في تحقيق �أعظم‬ ‫انهيار �سوق الأ�سهم عام ‪� 1929‬سارعت في زيادة الركود االقت�صادي‬
‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪17‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫وت�ساعدها في التناف�س على الم�ستوى العالمي‪ .‬تتوفر فر�صة فريدة‬
‫�أمام البلدان النامية لح�صد مكا�سب التجارة الأكثر تحرر ًا لكن‬
‫معدالت الر�سوم الجمركية في تلك البلدان �أعلى بن�سبة هامة من تلك‬
‫ال�سائدة في العالم المتطور‪ ،‬و‪ 70‬بالمئة من هذه الر�سوم في البلدان‬
‫النامية تُفر�ض على �سلع م�ستوردة من بلدان نامية �أخرى‪.‬‬
‫هناك �إدراك وا�سع لكون �إ�صالح التجارة الزراعية خطوة ذات‬
‫�ش�أن في م�سعى تو�سيع التنمية االقت�صادية‪ ،‬وكون فتح منافذ الو�صول‬

‫‪RAJESH NIRGUDE ©AP/WWP‬‬


‫�إلى الأ�سواق الزراعية من خالل المفاو�ضات الجارية في منظمة‬
‫التجارة العالمية يم ّكن من �إنقاذ الماليين من النا�س من حالة الفقر‪.‬‬
‫ا�ستناد ًا �إلى البنك الدولي فقد تُ�ش ّكل زيادة �إمكانية الو�صول �إلى‬
‫الأ�سواق مقدار ‪ 93‬بالمئة من الفوائد الممكن تخفيفها من خالل‬
‫�إ�صالحات التجارة الزراعية العالمية‪� .‬أما بالن�سبة للبلدان النامية‪،‬‬
‫فقد تتحقق كافة هذه الفوائد تقريب ًا من خف�ض ر�سومها الجمركية‬
‫على م�ستورداتها‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬التجارة بمفردها ال تقود ب�صورة �آلية‬ ‫و�أ�سرع هبوط في م�ستوى الفقر في التاريخ العالمي‪� .‬أكدت المنظمة‬
‫�إلى تحقيق النمو‪ ،‬وتوفير فر�ص العمل‪ ،‬وتخفي�ض م�ستوى الفقر‪ .‬ف�إذا‬ ‫غير الحكومية اوك�سفام في تقاريرها انه لو زاد كل بلد من بلدان‬
‫�أرادت البلدان �أن ت�ستغل فوائد تحرير التجارة �أكثر وتعزيز النمو‬ ‫�أفريقيا و�شرق وجنوب �آ�سيا‪ ،‬و�أميركا الالتينية ح�ص�صها من �إجمالي‬
‫االقت�صادي عليها �أي�ض ًا ان تُن�شئ �سيا�سات قومية �سليمة �أخرى‪:‬‬ ‫ال�صادرات العالمية بن�سبة واحد بالمئة فقط لأدّت مكا�سب الدخل‬
‫الحكم ال�صالح‪ ،‬حكم القانون‪ ،‬الم�ؤ�س�سات القوية‪ ،‬وال�سيا�سات‬ ‫القومي الناتجة عن ذلك �إلى انت�شال ‪ 128‬مليون �إن�سان من حالة‬
‫النقدية واالقت�صادية ال�سليمة‪ ،‬والتزام اال�ستثمار في الإن�سان‪ .‬قد‬ ‫الفقر‪.‬‬
‫تكون هذه الأنواع من ال�سيا�سات ال�سليمة �صعبة ا�ستدامتها حتى في‬ ‫الواليات المتحدة تقود جهود تعزيز الفر�ص االقت�صادية‬
‫اف�ضل البيئات‪� .‬إال �أن هناك بلدان نامية عديدة ت�ش ّلها �سيا�ساتها‬ ‫المماثلة حول العالم من خالل دفع مقاربات جديدة ومبتكرة في‬
‫التي تكبت روح المبادرة االقت�صادية‪ .‬المعدل الو�سطي في بلدان‬ ‫ال�سيا�سة االقت�صادية التي تربط ما بين التجارة‪ ،‬والم�ساعدات‬
‫�أفريقيا جنوب ال�صحراء‪ ،‬لت�أ�سي�س �شركة تجارية ي�ستغرق �أكثر‬ ‫والتنمية‪.‬‬
‫من ‪ 63‬يوم ًا كما ي�ستهلك ت�سجيل ال�شركة �أكثر من ‪ 200‬بالمئة من‬ ‫�شددت وزيرة الخارجية‪ ،‬كوندوليزا راي�س‪ ،‬على قوة التجارة‬
‫الدخل الفردي ال�سنوي‪ .‬في حين انه في ا�ستراليا ال ي�ستغرق هذا‬ ‫والنمو في تحويل المجتمعات‪« :‬قد ال تملك الواليات المتحدة �أداة‪،‬‬
‫العمل �أكثر من يومين وي�ستهلك ن�سبة ‪ % 1.9‬من الدخل الفردي‬ ‫عندما نفكر بكيفية ن�شر الديموقراطية الم�ستقرة والحرية‪� ،‬أكثر‬
‫ال�سنوي‪ .‬ومع اتخاذ بلدان خطوات تنمية اقت�صادات م�ستدامة‪� ،‬أ�صبح‬ ‫�أهمية من ا�ستعمال دبلوما�سيتنا االقت�صادية‪ ،‬وفوائد التجارة الحرة‪،‬‬
‫الم�ستثمرون ي�شعرون بثقة اكبر في التجارة مع‪ ،‬واال�ستثمار في‪ ،‬هذه‬ ‫وفوائد م�ساعدات التنمية‪.»...‬‬
‫الأ�سواق‪ .‬ت�ساعد بيئة �صديقة للأعمال في جذب ا�ستثمارات مبا�شرة‬
‫�أجنبية �أكثر‪ ،‬وت�ساهم في خلق فر�ص علم �أكثر‪ ،‬وتحقق �إيرادات ونمو‬ ‫خف�ض الحواجز التجارية‬
‫اقت�صادي �أكبر‪.‬‬
‫عبر المفاو�ضات المتعلقة بالتجارة الدولية في نطاق منظمة التجارة‬
‫ح�ساب تحدي الألفية‬ ‫الدولية ندعم مقترحات جريئة لإلغاء الر�سوم الجمركية‪ ،‬والح�ص�ص‬
‫المفرو�ضة على الم�ستوردات‪ ،‬والإعانات المالية للإنتاج التي ت�شوه‬
‫�إدراك ًا منه لهذا التحدي‪ ،‬اقترح الرئي�س بو�ش برنامج ًا مبتكر ًا‬ ‫التجارة‪ ،‬كما نتحدى غيرنا للقيام بمثل ذلك‪ .‬من الممكن �إرجاع‬
‫وجديد ًا لم�ساعدات التنمية �أطلق عليه ا�سم ح�ساب تحدي الألفية‬ ‫�سبب الكثير من قوة االقت�صاد الأميركي �إلى خف�ض الواليات المتحدة‬
‫(‪ .)MCA‬ت�ستند م�ؤ�س�سة تحدي الألفية (‪ )MCC‬التي تدير ح�ساب‬ ‫وحلفائها التجاريين الرئي�سيين للحواجز التجارية‪ .‬بالن�سبة لل�سلع‪،‬‬
‫تحدي الألفية �إلى الدرو�س التي جرى تعلمها حول التنمية على مدى‬ ‫هبط متو�سط معدالت الر�سوم الجمركية‪ ،‬التي �سادت خالل فترة ما‬
‫الخم�سين �سنة الما�ضية‪ ،‬والتي تربط ال�سيا�سات االقت�صادية ال�سليمة‬ ‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬من ‪ 40‬بالمئة �إلى اقل من ‪ 4‬بالمئة اليوم‬
‫مع ن�شوء فر�ص جديدة للتجارة واال�ستثمار‪ .‬تعمل م�ؤ�س�سة تحدي‬ ‫في ما بين بلدان منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية (‪.)OECD‬‬
‫الألفية ب�صورة �أولية بمثابة برنامج للم�ساعدات ولكنها ت�ساعد �أي�ضاً‬ ‫ت�شجع الر�سوم الجمركية الأدنى المناف�سة‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬والتخ�صي�ص‬
‫في ن�شوء بيئة تدعم فوائد التجارة الأكثر تحرر ًا‪.‬‬ ‫الفعال للموارد‪ ،‬وتبادل الأفكار والتكنولوجيا‪ ،‬واال�ستثمار الأجنبي‪.‬‬
‫كما تخف�ض الر�سوم الجمركية الأدنى من تكاليف الإنتاج لل�صناعات‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪18‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫وتدفع م�ؤ�س�سة تحدي الألفية �أي�ض ًا هذا ال�سجل قدم ًا‪ .‬فمنذ ت�أ�سي�سها‬ ‫اتخذت الواليات المتحدة موقع الريادة من خالل برامج تربط‬
‫العام ‪� ،2004‬أن�ش�أت برامج م�ساعدات‪ ،‬يتجاوز مجموعها ‪ 900‬مليون‬ ‫بين مبادرة بناء القدرة التجارية (‪ )TCB‬والمبادرات التجارية‬
‫دوالر‪ ،‬مع خم�سة بلدان هي‪ :‬مدغ�شقر‪ ،‬وهندورا�س‪ ،‬وكابو فردي‪،‬‬ ‫الأخرى التي جعلت من مبادرة بناء القدرة التجارية جزء ًا متكام ًال‬
‫ونيكاراغوا وجورجيا‪ .‬بعد انق�ضاء �أكثر من �سنتين بقليل على الإعالن‬ ‫من برنامج عملنا التجاري على الم�ستويات العالمية‪ ،‬والإقليمية‪،‬‬
‫عن م�ؤ�شرات تحدي الألفية‪ ،‬في �شباط‪/‬فبراير ‪ ،2003‬هبط متو�سط‬ ‫والفدرالية كما وفرت للبلدان النامية الأدوات التي تحتاج �إليها‬
‫عدد الأيام الذي ي�ستغرقه ت�أ�سي�س �شركة تجارية من ‪� 61‬إلى ‪ 46‬يوم ًا‬ ‫لال�ستفادة من التجارة المفتوحة‪ .‬وبالفعل‪� ،‬أن�ش�أ مكتب الممثل‬
‫في البلدان المر�شحة لال�ستفادة من ح�ساب تحدي الألفية‪ .‬ا�ستناد ًا‬ ‫التجاري للواليات المتحدة مكتبا خا�ص ًا لالهتمام بم�سائل بناء القدرة‬
‫�إلى م�س�ؤولين في البنك الدولي‪ ،‬تبنت باراغوي في العام ‪ ،2004‬بظل‬ ‫التجارية‪ .‬جعلت هذه الجهود الواليات المتحدة اكبر بلد منفرد مانح‬
‫ت�أثير حافز ح�ساب تحدي الألفية‪� ،‬إ�صالحات مهمة في ال�سيا�سة‬ ‫للم�ساعدات المتعلقة ببناء القدرة التجارية وقدمت لهذه المبادرة ما‬
‫التجارية �أدت �إلى تح�سين �سجلها العائد لم�ؤ�شر ح�ساب تحدي الألفية‬ ‫يزيد عن ‪ 1.3‬مليار دوالر في العام ‪ ،2005‬وتعهدت بم�ضاعفة هذا‬
‫المتعلق ِبـ «عدد الأيام لت�أ�سي�س �شركة تجارية» وح ّفزت‪ ،‬في ذات‬ ‫المبلغ �إلى ‪ 2.7‬مليار دوالر �سنوي ًا بحلول العام ‪.2010‬‬
‫الوقت‪ ،‬زيادة بلغت ن�سبة ‪ 20‬بالمئة تقريب ًا في عدد ال�شركات الجديدة‬ ‫واليوم‪ ،‬بد�أت توفر المقاربة المبتكرة الأميركية في الربط بين‬
‫الم�سجلة بالمقارنة مع العدد المعتاد‪.‬‬ ‫التجارة‪ ،‬والم�ساعدات‪ ،‬والتنمية نتائج حقيقية‪� .‬ش ّكل اتفاق التجارة‬
‫�إن تحرير التجارة هو مك ّون رئي�سي و�ضروري لتحقيق برنامج‬ ‫الحرة (‪ )FTA‬بين الواليات المتحدة وبلدان �أميركا الو�سطى‬
‫نمو اقت�صادي ناجح‪ .‬والواليات المتحدة ملتزمة م�ساعدة البلدان‬ ‫الم ّرة الأولى التي تك ّون مبادرة بناء القدرة التجارية جزء ًا متكام ًال‬
‫على االزدهار اقت�صادي ًا وتخفي�ض الم�ستوى العالمي للفقر‪ .‬ونحن‬ ‫من مفاو�ضات اتفاق التجارة الحرة‪ .‬ففي مثال يحتذى به‪� ،‬ساعدت‬
‫نعمل في المقدمة‪ ،‬بج ّد وبكل جد‪ ،‬مع المجتمع الدولي كما مع بلدان‬ ‫الواليات المتحدة مزارعين في ال�سلفادور على االنت�شار �إلى �أ�سواق‬
‫افرادية لزيادة هذه الفر�ص‪� .‬إن �سفاراتنا وقن�صلياتنا المئة والخم�س‬ ‫جديدة من خالل تح�سين تقنيات الت�سويق لديهم‪ ،‬ومعايير الأغذية‪،‬‬
‫والثالثين المنت�شرة حول العالم منخرطة ب�شكل ن�شاط في تعزيز هذه‬ ‫والإنتاجية‪ ،‬وخدمات دعم العمل التجاري لمحا�صيلهم‪ .‬فازداد‬
‫ال�سيا�سة‪ .‬يدرك الآن الكثير من البلدان النامية �أهمية الرباط الحيوي‬ ‫متو�سط دخلهم �إلى اكثر من ال�ضعف‪ .‬وقد ا�ستُخدم هذا النموذج من‬
‫بين تحرير التجارة والنمو االقت�صادي‪ .‬ومن المهم �أكثر ف�أكثر الآن ان‬ ‫العمل منذ ذلك الوقت في مفاو�ضات اتفاقات التجارة الحرة الموقعة‬
‫ن�ضع برامج على الطريق تدعم هذا الجهد‪ .‬فبالعمل مع ًا‪ ،‬اننا واثقون‪،‬‬ ‫مع دول جبال االنديز‪ ،‬والدول الأع�ضاء في االتحاد الجمركي لأفريقيا‬
‫من ا�ستطاعتنا رفع االزدهار االقت�صادي العالمي بينما ن�سير ُقدم ًا في‬ ‫الجنوبية‪ ،‬وتايلند‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫القرن الواحد والع�شرين‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪19‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫مكان العمل المتغير‬
‫مقابلة مع دانيال بينك‬

‫وت�ؤثر في �أ�سواق الر�ساميل‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬ومبادلة‬ ‫كتب الم�ست�شار التجاري‪ ،‬المحا�ضر الجامعي‬
‫المعلومات‪.‬‬ ‫“العوملة جيدة‪ ،‬لكنها‬ ‫والم�ؤلف‪ ،‬دانيال بينك حول مو�ضوع االقت�صاد‬

‫�س�ؤال‪ :‬ما الذي يجعل هذا الأمر يحدث؟‬


‫كتابين لي�ست مثالية‪ .‬وال يجدر‬ ‫العالمي وت�أثيراته على النا�س عبر العالم في‬
‫إطراء ً‬
‫جيدا‪ ،‬هما «عقلية ج ــديدة بالكامل»‬ ‫لقيا � ً‬
‫الحر» بنا �أن ندع املثايل �أن يكون‬ ‫(‪ )A Whole New Mind‬و «دولة الوكيل ّ‬
‫بينك‪ :‬اعتقد �أنه العديد من الأ�شياء‪ .‬و�أحدها‬ ‫عدوا للجيد”‬
‫ً‬ ‫(‪ .)Free Agent Nation‬ن�شرت مقاالته عن‬
‫بالت�أكيد هو ظهور تكنولوجيا جديدة كالإنترنت‬ ‫النا�س الذين اختاروا االن�سحاب من عالم ال�شركات‬
‫التي تتيح لطفل في زامبيا �إيجاد معلومات‬ ‫الم�ساهمة للعمل لح�سابهم الخا�ص‪ ،‬ولتقديم عملهم‬
‫بنف�س ال�سرعة تقريبا التي يح�صل فيها رئي�س �أمناء مكتبة جامعة‬ ‫من خارج نطاق ال�شركات‪ ،‬والبحث عن معنى الحياة من خالل العمل‪،‬‬
‫كيمبريدج عليها‪ .‬فهي تتيح للنا�س البقاء على ات�صال مع بلدانهم‬ ‫في �صحيفة نيويورك تايمز‪ ،‬ومجلة هارفرد للأعمال‪ ،‬ومجلة فا�ست‬
‫الأ�صلية ب�سهولة اكبر‪ .‬وت�سمح بانتقال الر�ساميل عبر العالم �إلى‬ ‫كومباني‪ .‬وهو ُمحرر م�ساهم في مجلة «وايرد» (‪ .)Wired‬يكتب‬
‫عامودا في مجلة «ياهو فاينان�س» (‪� .)Yahoo Finance‬أجرى المكان التي يمكن ا�ستخدامها فيه ب�أكبر قدر من الفائدة‪ .‬ت�ضفي قدر ًا‬ ‫ً‬ ‫� ً‬
‫أي�ضا‬
‫من ال�شفافية على الحكومات والم�ؤ�س�سات ال�سيا�سية �أكبر من �أي قدر‬ ‫الكاتب بول ماالمود‪ ،‬من هيئة العاملين في وزارة الخارجية الأميركية‬
‫�سابق‪� .‬إنها تفتت حواجز التجارة‪ .‬عندما �أفكر بالعولمة‪� ،‬أفكر ب�أنها‬ ‫هذه المقابلة معه‪.‬‬
‫تعني �أ�سا�س ًا التدفقات‪ :‬تدفقات �أفكار‪ ،‬تدفقات الر�ساميل‪ ،‬تدفقات‬
‫ال�سلع والخدمات‪ ،‬تدفق الب�شر‪ ،‬وكل هذه �أ�صبحت �أكثر �سهولة وتم‬
‫ت�سريعها نتيجة العولمة‪.‬‬ ‫�س�ؤال‪ :‬ما هي العولمة‪ ،‬ح�سب ر�أيك؟‬

‫بينك‪ :‬العولمة هي الحركة الوا�سعة في ما بين االقت�صادات‪،‬‬


‫والمجتمعات‪ ،‬والتكنولوجيا التي ت�شبك العالم �سوية وتجعله �أكثر قرب ًا‪،‬‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪20‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫بينك‪ :‬ال �أوافق على فر�ضية ان معظم النا�س‬ ‫�س�ؤال‪ :‬هل نحن في و�ضع اف�ضل �أو �أ�سو�أ من ما كنا‬
‫ال يملكون هذه الأنواع من القدرات ور�أيي هو‬ ‫“�أجل البقاء يف‬ ‫فيه نتيجة العولمة؟‬
‫ان االقت�صادات ت�صبح م�ؤتمتة اكثر وتنقل �إلى‬
‫خارج حدودها العمل الروتيني لموظفي المكاتب‪،‬‬
‫االقت�صاد‪،‬‬ ‫بينك‪� :‬أ�صبحنا في و�ضع اف�ضل‪ .‬ح�سب ر�أيي‪ ،‬العولمة‬
‫ك�أعمال المحا�سبة الأ�سا�سية‪ ،‬والتحليل المالي‬ ‫أ�شياء‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫تقوم‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫عليك‬ ‫جيدة‪ ،‬ولكنها لي�ست كاملة‪ .‬وال يمكننا ان نجعل من‬
‫الأ�سا�سي‪ ،‬وحتى الخدمات القانونية الأ�سا�سية‪،‬‬ ‫”‬ ‫روتينية‬ ‫غري‬ ‫الكمال عدو ًا لما هو جيد‪ .‬بوجه عام‪ ،‬رفعت العولمة‬
‫وهذا هو نف�س النمط الذي ر�أيناه في العمل‬ ‫الم�ستويات المعي�شية عبر العالم‪ .‬لكن من الوا�ضح‬
‫الروتيني للم�صانع‪ .‬اليوم‪� ،‬أي �شيء روتيني‪،‬‬ ‫ان بع�ض الت�شوهات ظهرت ب�سببها‪ .‬ف�إذا كنت عام ًال‬
‫�أي �شيء يمكن اخت�صاره في ن�ص مكتوب‪ ،‬في �صفحة موا�صفات‪،‬‬ ‫�أميركي ًا ويجري نقل عملك ال�صناعي �إلى بلد من بلدان العالم‬
‫في مجموعة من الأنظمة‪ ،‬هذا النوع من العمل �سوف يختفي بدرجة‬ ‫النامي‪ ،‬حيث �سوف ُيدفع �إلى عامل خم�س ما كنت تك�سبه‪ ،‬تكون‬
‫متزايدة من الواليات المتحدة‪ ،‬وكندا‪ ،‬و�أوروبا الغربية‪ ،‬واليابان الن‬ ‫العولمة قد �أ�ضرت بك ب�شكل ما‪.‬‬
‫�أداء هذا النوع من العمل ق ّلت كلفته ب�سبب �أنظمة الكمبيوتر و�إنجازه‬ ‫في نف�س الوقت‪� ،‬سوف ي�ستفيد ذلك العامل ال�صناعي و�أفراد‬
‫على �أيدي �أنا�س من الخارج‪.‬‬ ‫عائلته من انخفا�ض كلفة ال�سلع والخدمات ب�سبب انخفا�ض الحواجز‬
‫والآن‪ ،‬ان ما يعني ذلك من �أجل ا�ستمرار البقاء في االقت�صاد‪،‬‬ ‫التجارية‪ .‬من الوا�ضح انهم �سي�ستفيدون من كل هذه التكنولوجيا التي‬
‫عليك ان تفعل �شيئ ًا ال يكون روتيني ًا‪ .‬بل �أن عم ًال فني ًا مبدع ًا‪ ،‬جازم ًا‪،‬‬ ‫ت�ساعد في تمكين قيام العولمة‪ .‬وعليه‪ ،‬فان ر�أيي هو ان العولمة هي‬
‫ويدور حول ال�صورة الأكبر‪ .‬واعتقد �أن الفكرة القائلة ب�أن �أفراد‬ ‫في �أكثرها �إيجابية‪ .‬ويتمثل التحدي لل�سيا�سة العامة والتحدي للقيادة‬
‫‪GAUTAM SINGH–AP/WWP‬‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬على الم�ستوى القومي وعبر حدود القوميات‪ ،‬ب�ضمان‬
‫ح�صول النا�س على فوائد العولمة‪ ،‬وبالن�سبة للجانب ال�سيئ منها‪ ،‬على‬
‫الحكومات والم�ؤ�س�سات ال�سيا�سية ان تتدخل لتخفيف حدة ت�أثيراتها‬
‫ال�سلبية‪.‬‬

‫�س�ؤال‪ :‬هل هناك �إح�صائيات ت�ؤكد ان العولمة ترفع م�ستوى الجميع؟‬

‫بينك‪ :‬يعتمد ذلك على م�ستوى المعي�شة‪ .‬بالت�أكيد ت�ضاعف الناتج‬


‫المحلي الإجمالي للفرد في الواليات المتحدة ثالث مرات خالل‬
‫الخم�سين �سنة الما�ضية‪ .‬و�أنا مت�أكد من ان م�ستويات المعي�شة تح�سنت‬
‫�أي�ض ًا في الكثير من باقي �أنحاء العالم‪ .‬وبعد قول ذلك‪ ،‬يبقى لدينا‬
‫�أكثر من مليار �شخ�ص على هذا الكوكب يعي�شون بدخل يقل عن دوالر‬
‫واحد في اليوم‪ .‬ولذلك ال تعني العولمة في المدى طويل ان كل فرد‬
‫�سوف يعي�ش في ار�ض المن وال�سلوى‪ ،‬ولكن‪ ،‬بوجه عام‪ ،‬جعلت العولمة‬
‫الجن�س الب�شري بوجه عام‪ ،‬والأميركيون بوجه خا�ص‪ ،‬لن يتمكنوا من‬ ‫الأمور اف�ضل ولي�س �أ�سو�أ وما كانت عليه‪ ،‬وبوجه عام‪ ،‬ا�صبح الحا�ضر‬
‫ان يكونوا مبدعين‪ ،‬وجازمين‪ ،‬ومتوجهين نحو ال�صورة الكبيرة هي‬ ‫اف�ضل من الما�ضي‪ .‬وبوجه عام‪� ،‬إني مت�أكد تقريب ًا‪ ،‬لي�س الني �شخ�ص‬
‫فكرة خاطئة تمام ًا‪.‬‬ ‫متفائل يرى بعيون حالمة‪ ،‬بل الني واقعي‪ ،‬ان الم�ستقبل �سوف يكون‬
‫فعلى �سبيل المثال‪ ،‬خذ في اعتبارك الزمن التي كانت فيه‬ ‫اف�ضل من الحا�ضر‪.‬‬
‫�أميركا تنتقل من اقت�صاد زراعي �إلى اقت�صاد �صناعي‪ ،‬وكان النا�س‬
‫يقولون‪« ،‬ح�سن ًا‪ ،‬ال يمكن لكل النا�س االلتحاق بمدر�سة ثانوية‪.‬‬ ‫�س�ؤال‪ :‬في كتابك «عقلية جديدة بالكامل» تكهنت بخروج عدد‬
‫وال يمكن لكل النا�س تعلم القراءة والكتابة‪ .‬فالتعليم الجيد يبقى‬ ‫�أكبر من الوظائف المكتبية من البلدان المتطورة �إلى بلدان نامية‪،‬‬
‫مخ�ص�ص ًا فقط لنخبة معينة من ال�شعب»‪ .‬ان ما �أتحدث عنه هنا لي�س‬ ‫وتقول انه �سوف يتم التعوي�ض عن هذه الخ�سارة بخلق عدد اكبر‬
‫�أن ي�صبح كل �شخ�ص �سلفادور دالي‪ ،‬بل ان ي�صحب كل �شخ�ص بارع ًا‬ ‫من الوظائف الخالقة في الواليات المتحدة وفي غيرها من البلدان‬
‫في مثل �أنواع القدرات العالية المفاهيم‪ ،‬العالية اللم�سات‪ .‬واعتقد �أن‬ ‫المتطورة‪ .‬لكن يفتر�ض ذلك ان لمعظم النا�س قدرة على الإبداع‬
‫يمكن �إنجازه بدرجة عالية‪.‬‬ ‫بدرجة عالية‪ .‬و�إذا افتر�ضنا ان معظمنا لي�سوا كذلك؟‪.‬‬
‫لن يقول �أحد‪« :‬ال ت�ستطيع الجماهير ان ت�صبح متعلمة»‪.‬‬
‫فال ي�ستطيع كل �إن�سان ان ي�صبح طوني موري�سون؛ لكن ب�إمكان كل‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪21‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫�إن�سان ان ي�صبح متعلم ًا‪« .‬ال ت�ستطيع الجماهير ان ت�صبح �ضليعة‬
‫بالريا�ضيات»‪ .‬ح�سن ًا‪ ،‬اني ال �أوافق على ذلك‪ .‬ال �أعتقد ان كل �شخ�ص‬
‫يمكن ان ي�صحب البرت اين�شتاين ولكنهم ي�ستطيعون ان ي�صبحوا‬
‫�ضليعين في الريا�ضيات ويمكنهم الذهاب �إلى ابعد من ذلك‪.‬‬
‫‪PAT VASQUEZ-CUNNINGHAM–AP/WWP‬‬

‫�س�ؤال‪ :‬ماذا �سيحدث للنا�س في الدول المتطورة عندما ي�صبح النا�س‬


‫في البلدان النامية من العالم متعلمين جيد ًا بدرجة تماثلهم فيتمكنون‬
‫من تحقيق �إبداعهم الخا�ص؟‬

‫بينك‪� :‬أعتقد �أن هذه هي نقطة ممتازة‪ .‬يتطرق توم فريدمان �إلى‬
‫هذه الم�س�ألة في كتاباته‪ .‬هناك مدر�ستان فكريتان مختلفتان‪.‬‬
‫�إحداهما تقول ان ال�صين والهند تت�سابقان معنا في الو�صول �إلى‬
‫الأ�سو�أ والأخرى تقول انهما تت�سابقان معنا في الو�صول �إلى الأف�ضل‪.‬‬
‫وهذا الأمر ين�سحب‪� ،‬إلى مدى معين‪ ،‬على و�سطاء الأوراق‬ ‫يعتقد فريدمان‪ ،‬و�أنا �أوافقه الر�أي‪ ،‬ب�أنهما تت�سابقان معنا للو�صول �إلى‬
‫المالية واال�ستثمارات �أي�ض ًا‪ .‬ففي �أيامنا الحا�ضرة ُيجري العديد‬ ‫الأف�ضل‪ .‬ومرة �أخرى‪ ،‬ال اقول ذلك لكوني �شخ�صا متفائال بل الن هذا‬
‫من الأميركيين اال�ستثمارات من طريق الإنترنت مبا�شرة‪ .‬وتتوفر‬ ‫ما كان عليه النمط دائم ًا‪ ،‬الن ذلك كان الم�سار دوم ًا‪ .‬الآن‪ ،‬ال �أعني‬
‫المعلومات ب�شكل وا�سع‪ ،‬ومعامالت تبادل الأ�سهم وال�سندات عبر‬ ‫ان هو هذا الم�سار �سوف يكون هو الم�ؤكد ‪ 100‬بالمئة‪ ،‬ولكن هذا ما‬
‫الإنترنت قليلة الكلفة نظر ًا للتمكن من �إجرائها على الكمبيوتر لديك‪،‬‬ ‫�أراهن عليه‪.‬‬
‫وانتفت الحاجة بعد الآن لالت�صال بالهاتف بو�سيط �أوراق مالية‬ ‫وهكذا �أوافق على �أن الأميركيين ال يملكون على الإطالق �أي‬
‫لأجراء معامالت روتينية‪.‬‬ ‫احتكار على هذه الأنواع من القدرات الخالقة‪ ،‬وان ما علينا نحن‬
‫عند نقطة معينة �سوف يحاول و�سيط الأوراق المالية ان ي�صبح‬ ‫الأميركيين ان نفعله هو التخل�ص من الر�ضا عن النف�س والعمل‬
‫م�ست�شار ًا مالي ًا لفهم و�ضعك بطريقة �أكثر تف�صي ًال وليقدم لك مختلف‬ ‫لن�صبح اف�ضل بكثير في هذه القدرات‪ ،‬الن هذين البلدين يت�سابقان‬
‫الإر�شادات التي ال ي�ستطيع برنامج كمبيوتر ان يقدمها مطلق ًا‪.‬‬ ‫معنا في الو�صول �إلى القمة‪ ،‬كما يقول توم فريدمان‪.‬‬
‫�س�ؤال‪ :‬ماذا ب�ش�أن الروبوتات وكيف تتوقع منها �أن ت�ؤثر على العمل‬ ‫�س�ؤال‪ :‬طبيعة العمل تتغير بطرق �أخرى‪� .‬أ�صبحت �أجهزة الكمبيوتر‬
‫المتوفر؟‬ ‫�أكثر تعقيد ًا وقدرة‪ .‬ما هو �أقرب وقت تتوقع عنده �أن تناف�س الكمبيوتر‬
‫الإن�سان في العمل على الم�ستوى المهني؟‬
‫بينك‪� :‬إذا ذهبت اليوم �إلى قاعة م�صنع‪� ،‬سوف لن ترى قاعة‬
‫الت�صنيع التي كانت رائجة في الع�شرينات �أو حتى في الخم�سينات من‬ ‫بينك‪� :‬أعتقد �أن �أجهزة الكمبيوتر ت�ؤدي‪ ،‬من بع�ض الطرق‪� ،‬أنواع ًا‬
‫القرن الما�ضي‪ ،‬حيث كانت تعمل مجموعات من �أعمال مرتدين بدالت‬ ‫معينة من الأعمال المهنية‪� .‬أنظر �إلى «تيربو تاك�س» (برمجة كمبيوتر‬
‫الور�ش مت�سخة بال�شحوم يديرون مفاتيح الربط على خط التجميع‪.‬‬ ‫ت�ساعد النا�س في �إعداد �إقرارتهم ال�ضريبية)‪ .‬لدينا كل هذا القلق‬
‫ف�سوف ت�شاهد �أ�شخا�ص ًا يحملون �أحيان ًا كثيرة �شهادات انت�ساب‬ ‫حول تحويل العمل �إلى خارج حدودنا و�إجرائه من قبل م�صادر‬
‫جامعية ي�شغ ّلون بالأ�سا�س هذه الروبوتات‪ .‬ال تملك هذه الروبوتات‬ ‫خارجية‪ .‬فقد تم �إعداد ‪ 3‬ماليين �إقرار �ضريبي في الهند من قبل‬
‫ا�ستقال ًال ذاتي ًا �إداري ًا �أو �إرادة خا�صة بها‪ .‬ت�ستجيب هذه الروبوتات‬ ‫هنود متخ�ص�صين في �إعداد هذه الإقرارات‪ ،‬ولكن تم �إعداد ‪21‬‬
‫�إلى رموز برامج ولذلك يتوجب على �أحد الأ�شخا�ص كتابة الرموز‬ ‫مليون �إقراري �ضريبي �آخر بوا�سطة البرنامج تيربو تاك�س‪ .‬وهكذا‬
‫وعلى �شخ�ص �آخر ر�صد عمل هذه الروبوتات‪ .‬وهذا ما ُي�ش ّكل ب�صورة‬ ‫بطريقة ما ت�ستطيع برامج الكمبيوتر ت�أدية عنا�صر معينة من العمل‬
‫متزايدة الكثير من الأعمال في الت�صنيع‪� .‬إنه يدعو بو�ضوح �إلى �إن�شاء‬ ‫المهني و�سوف تقوم ب�صورة متزايدة بت�أدية �أكثر و�أكثر من الأعمال‪.‬‬
‫م�ستوى �أعلى من المهارة‪.‬‬ ‫وما يعني ذلك هو ان المحا�سبين الذين يريدون اال�ستمرار‬
‫في ممار�سة عملهم ال ي�ستطيعون ت�أمين معي�شتهم من خالل ت�أدية‬
‫�س�ؤال‪ :‬هل يملك معظم العمال في العالم الذكاء‪ ،‬حا�صل الذكاء‪،‬‬ ‫نف�س نوع العمل الذي ت�ستطيع فعله قطعة من برنامج كمبيوتر كلفتها‬
‫للتكيف مع كل ذلك؟‬ ‫‪ 39.95‬دوالر‪ .‬عليهم القيام بالأ�شياء التي ي�صعب اكثر ت�صغيرها �إلى‬
‫رموز كمبيوتر‪ ،‬التي تُ�ش ّكل نوع ًا متطور ًا من تقديم الم�شورة‪� ،‬أي فهم‬
‫االحتياجات المالية للنا�س وتقديم �إر�شادات مالية من م�ستوى �أعلى‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪22‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫التي تت�شكل من عمر كامل من المهارات تبقى مثيرة لالهتمام‪ .‬لكن‬ ‫بينك‪ :‬دعني �أعار�ض فر�ضية هذا ال�س�ؤال‪ ،‬ب�أن حا�صل الذكاء هو‬
‫�أعتقد �أن هناك تغييرا في ذلك‪ ،‬الن ن�صف حياة كل نوع من القدرات‬ ‫المقيا�س لجدارة الفرد‪ .‬فحا�صل الذكاء هو نوع خا�ص من التفكير‬
‫اليوم �أ�صبح يتقل�ص وي�ستمر في التقل�ص‪ .‬ال ت�ستطيع ت�أمين معي�شتك‬ ‫المنطقي ولكنه بالكاد ُي�ش ّكل النوع الوحيد من التفكير المنطقي‪،‬‬
‫من خالل ممار�سة مهنة واحدة على مدى ‪ 40‬عام ًا‪ ،‬الن الأمور لم تعد‬ ‫وهناك �إثباتات ت�ؤكد ان العالقة المتبادلة بين حا�صل الذكاء والنجاح‬
‫ت�سير بهذا ال�شكل‪ .‬فمدة الحياة لأي مجموعة معينة من المهارات‬ ‫المهني ت�ساوي �صفر ًا‪ ،‬بالأ�سا�س‪ .‬ان الترابط المتبادل مع حا�صل‬
‫�أ�صبحت بالواقع حوالي �سنتين‪ .‬لذلك من الوا�ضح الآن ان التع ّلم كما‬ ‫الذكاء هو المهنة التي تدخلها‪ .‬وكذلك‪ ،‬فقد ارتفع حا�صل الذكاء‬
‫تع ّلم كيفية التع ّلم والتح�سين المتوا�صل لم�ستوى التعلم توفر عالوة‬ ‫المقا�س باختبارات معيارية مع مرور الزمن �أي�ض ًا‪� ،‬أي ازداد متو�سط‬
‫للنا�س‪.‬‬ ‫حا�صل الذكاء‪ُ .‬ي�ش ّكل حا�صل الذكاء جزء ًا من الفطنة التي يملكها‬
‫والآن ال �أدري ما �إذا كان ذلك يفتت الكرامة الإن�سانية‪ .‬ي�ستطيع‬ ‫الفرد‪ ،‬ولكنه ناحية �صغيرة فقط من هذه الفطنة؛ فانظر �إلى بحث‬
‫المرء ان يناق�ش ب�أن ذلك قد يعززها‪� ،‬إذ ُيتيح للنا�س موا�صلة العمل‬ ‫دان غولمان حول الذكاء العاطفي‪ ،‬وانظر �إلى بحث هوارد غاردنر في‬
‫للأح�سن‪ ،‬عدم ال�سقوط في الركود‪ ،‬الح�صول على فر�صة �أكبر‬ ‫جامعة هارفرد ونظريته حول �أ�شكال الذكاء المتعددة‪� .‬أنا ال �أثق كثير ًا‬
‫لالزدهار‪ .‬لكن‪ ،‬من الوا�ضح‪ ،‬ان الق�ص�ص الفردية تختلف فيبقى هذا‬ ‫في اعتبار حا�صل الذكاء مقيا�س ًا لقدرة الإن�سان‪.‬‬
‫الت�سا�ؤل في مح ّله‪.‬‬

‫�س�ؤال‪ :‬في كتابك «عقيلة جديدة‬


‫بالكامل» تميل �إلى الإ�شارة �إلى‬
‫النا�س ب�صفة الت�أنيث‪« ،‬هي»‪ .‬هل‬
‫ت�شعر �أن العولمة ت�سلط ال�ضوء على‬
‫دور المر�أة؟ هل تعني �أي�ض ًا التلميح‬
‫ب�أن ال�صفة الأنثوية للنف�س الإن�سانية‬
‫�سيكون لها نوع من الأف�ضلية في‬
‫االقت�صاد الجديد؟‬

‫بينك‪ :‬هناك �أدلة كثيرة على‬


‫�أن النا�س الذين يملكون �أذهاناً‬

‫‪SARA D. DAVIS ©AP/WWP‬‬


‫ذات �صفات �أنثوية �أكثر‪�،‬أي الذين‬
‫ي�ستطيعون التفكير نموذجي ًا بطريقة‬
‫ذكورية «الدماغ الأي�سر» كما بطريقة‬
‫�أنثوية «الدماغ الأيمن» كذلك‪ ،‬قد‬
‫يملكون �أف�ضلية تقارنية في االقت�صاد‬
‫الحديث‪� .‬أعتقد �أن الكثير من‬
‫القدرات التي تُ�ستبعد �أحيان ًا كثيرة لكونها «م�ؤنثة» �أو «لي ّنة»‪� ،‬أي �أ�شياء‬ ‫�س�ؤال‪ :‬ت�شعر �أن كرامة الإن�سان مهددة بفعل بع�ض المنتجات الجانبية‬
‫كاالندماج الوجداني‪ ،‬و�إلى بع�ض المدى‪ ،‬حتى الإبداع بذاته‪� ،‬أ�صبحت‬ ‫للعولمة؟ ي�ؤكد البع�ض ان روابط العائلة‪ ،‬والع�شيرة‪ ،‬والجماعية‬
‫�أكثر �أهمية هذه الأيام وقد ت�ضفي �أف�ضلية طفيفة للن�ساء‪ .‬لكني اعتقد‬ ‫وهرمية ال�سلطة بد�أت تتراخى‪ ،‬بل وحتى كرامة الإنجاز الفردي‬
‫ب�أن الم�ستقبل يعود لأ�شخا�ص ذوي عقول �أنثوية‪� ،‬أ�شخا�ص يملكون‬ ‫الم�ستند �إلى تطوير المهارات الفردية تعني اقل ب�سبب التغيرات‬
‫تلك القدرة التحليلية الجامعة‪ ،‬كما �أنهم يملكون تلك القدرة الفنية‪،‬‬ ‫المتكررة في الأدوار في االقت�صاد المعولم؟‬
‫ال�شعور �أو الندماج الوجداني‪.‬‬
‫بينك‪ :‬هذا �س�ؤال وجيه‪� .‬إذا كنت تعتبر العالم الغربي بمثابة ب�شير‬
‫�س�ؤال‪ :‬هذا هذا �صحيح فع َال؟ �أال ي�شعر معظم النا�س بارتياح تجاه‬ ‫للم�ستقبل‪ ،‬فنرى ان ال�صالت العائلية هنا �أكثر ت�شتت ًا من ما هي عليه‬
‫المواقف الجن�سية التقليدية؟‬ ‫في �أجزاء �أخرى من العالم‪ .‬لديك هنا حركية اعظم بكثير؛ فال‬
‫يعي�ش النا�س بال�ضرورة حيث يعي�ش �أهاليهم �أو حيث يعي�ش �أ�شقا�ؤهم‬
‫بينك‪ :‬ح�سن ًا‪� ،‬أنظر �إلى المهنة الع�سكرية في الواليات المتحدة‪� .‬إنها‬ ‫و�شقيقاتهم‪ .‬هناك مجموعة متعددة من الأنماط المختلفة للعائلة‬
‫مهنة المغالين بالتباهي برجولتهم‪ .‬لكن لديك عددا كبيرا من الن�ساء‬ ‫الآن تطرح الت�سا�ؤل حول الأ�سرة النواة‪ .‬النقطة حول هوية الإن�سان‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪23‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫�أنظر �إلى بحث عالم االقت�صاد روبرت ويليام‬ ‫اللواتي يخدمن في الجي�ش‪ .‬فالمهمات التي يطلب‬
‫فوغل‪ ،‬الحائز على جائزة نوبل في االقت�صاد‪،‬‬ ‫“�إن م�شرتي املواهب‬ ‫من الجنود اليوم �أدا�ؤها ت�شمل �أحيان ًا مجموعة‬
‫عندما يتحدث عن «اليقظة العظيمة الرابعة»‪.‬‬ ‫�أكثر تعقيد ًا من المهارات‪ .‬فعليهم ان يفهموا‬
‫يتحدث عن كيف ان ال�سعي لتحقيق الذات‬ ‫الو�صول‬ ‫قدرة‬ ‫ميلك‬ ‫اليوم‬ ‫الثقافة المحلية؛ هناك مهمات لحفظ ال�سالم‪،‬‬
‫تو�سع من جزء �ضئيل من كوكب الأر�ض �إلى‬ ‫يكون‬ ‫ال‬ ‫عمل‬ ‫�سوق‬ ‫إىل‬ ‫�‬ ‫وعملية حفظ ال�سالم تختلف جد ًا عن الم�شاركة‬
‫�أجزاء اكبر بكثير‪ ،‬وبالأخ�ص في العالم النامي‪.‬‬ ‫حمليا فقط‪ ،‬بل لديه قدرة‬ ‫ً‬ ‫المبا�شرة في المعارك‪ .‬وح�سب ر�أيي‪ ،‬يملك كافة‬
‫وي�سميه �آخرون ب�أنه يعني «الحاجة �إلى المعنى»‪،‬‬ ‫كافية يف �أن ي�شمل العامل‬ ‫أنثوية‪،‬‬ ‫الرجال بع�ض القدرة على التفكير ب�صورة �‬
‫�أي انتقلت �أجزا ًء من كوكب الأر�ض من مفهوم‬ ‫و�أولئك الذين ال يرغبون في تطوير هذه القدرة قد �أجمع‪ ،‬حتى ولو كانت هذه‬
‫«الحاجة �إلى المادة» �إلى مفهوم «الحاجة �إلى‬ ‫يواجهون م�شاكل‪.‬‬
‫المعنى»‪� .‬أطلق رونالد انغلهارت من جامعة‬ ‫التطور‬ ‫يف‬ ‫أت‬ ‫�‬ ‫بد‬ ‫قد‬ ‫القدرة‬
‫م�شيغان على ال�سعي لتحقيق الذات حركة انتقال‬ ‫للتو”‬ ‫�س�ؤال‪� :‬أحد التغييرات التي ترتبط ب�شكل ما‬
‫من القيم المادية �إلى قيم ما بعد المادية‪ .‬اعتقد‬ ‫بالعولمة هو انت�شار ا�ستعمال الهواتف الخليوية‬
‫ان هناك نوعا من الترف ينجم عن الأحوال‬ ‫والإنترنت‪ ،‬وحتى العاب الكمبيوتر‪ .‬هل هذه‬
‫المادية الجيدة فيحرر النا�س لي�سعوا ما هو �أكثر‪.‬‬ ‫الظواهر‪ ،‬في �شكلها المنطوي على الت�سلية‪ ،‬مرتبطة حقيقة‬
‫باالقت�صاد المعولم؟‬
‫�س�ؤال‪ :‬في كتابك «بالد الوكيل الحر»‪ ،‬قلت �إن القوى العاملة المعولمة‬
‫�سوف تتكون �أكثر ف�أكثر من نا�س يمار�سون الأعمال لح�سابهم‪ .‬فماذا‬ ‫بينك‪ :‬من ال�صعب القول‪ ،‬لكن حتى العاب الفيديو‪ ،‬مثل �أي �شكل‬
‫عنيت بذلك؟‬ ‫ت�سلية �آخر‪ ،‬يمكنها �أن ت�صبح لغة تفاهم م�شتركة ت�ستطيع تجاوز‬
‫الثقافات؛ حتى التوا�صل الم�ستمر للهواتف الخليوية يمكن ربطه‬
‫بينك‪ :‬ع ّرفت الوكيل الحر على انه �شخ�ص يعمل دون ان يكون مرتبط ًا‬ ‫بالعولمة‪ ،‬رغم كونه ابن عم بعيد نوع ًا ما‪.‬‬
‫بم�ؤ�س�سة كبيرة‪� ،‬أي العمل الطليق‪ ،‬المالك الوحيد‪ ،‬الم�ش ّغل بم�ؤ�س�سة‬
‫اعمال �صغيرة‪ .‬ا�صبح هذا النوع من العمل �أكثر انت�شار ًا ب�سبب‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬ب�سبب العقد االجتماعي المتغير جذري ًا بين الأفراد‬
‫والم�ؤ�س�سات‪ ،‬ب�سبب التغيير البنيوي �ضمن الم�ؤ�س�سات ذاتها‪ ،‬وجزئي ًا‬
‫ب�سبب البحث عن المعنى الذي تحدثنا عنه‪.‬‬

‫‪DAMIAN DOVARGANES ©AP/WWP‬‬


‫هذه هي القوى التي تجعل الكثير من النا�س يقفزون من �سفينة‬
‫ال�شركات الم�ساهمة وينطلقون للعمل لح�سابهم‪ ،‬كما يدفع ذلك‬
‫غيرهم من النا�س‪ .‬اما بالن�سبة الرتباط كل هذه الأ�شياء بالعولمة‪،‬‬
‫يخ�ضع هذا االرتباط �إلى المدى الذي يتيح للنا�س فيه حركية �أكثر‪.‬‬
‫هناك �أ�شخا�ص يعملون لدى �شركات �أميركية �شمالية قد يقطنون في‬
‫�أوروبا �أو �أماكن �أخرى في الخارج‪ .‬و ُيتاح الآن للمفت�شين عن �شراء‬
‫المواهب الو�صول �إلى �سوق عمل ال تكون محلية فح�سب بل عالمية‬
‫بالفعل‪ ،‬مع �أن بد�أت تتطور للتو‪ .‬ومع تطور االقت�صادات‪ ،‬اعتقد ب�أنك‬ ‫�س�ؤال‪ :‬في كتابك‪ ،‬تقول ان العولمة تبدو على �أنها قادت �إلى زيادة‬
‫ً‬
‫�سوف ترى عددا �أكبر ف�أكبر من النا�س حول العالم ي�سعون البتكار‬ ‫البحث عن الروحانية في الواليات المتحدة‪ .‬لماذا ح�صل ذلك؟‬
‫طرقهم الخا�صة في العمل‪ ،‬بدال من ربط �أنف�سهم ب�صورة دائمة‬
‫بم�ؤ�س�سة واحدة‪.‬‬ ‫بينك‪ :‬هناك عدد هائل من الأدلة التي ت�ؤكد �أنه بعد م�ستوى معين‪،‬‬
‫ومتوا�ضع ن�سبي ًا‪ ،‬ف�إن زيادة الثروة ال تولد الر�ضا وال�سعادة في حياة‬
‫الإن�سان‪ .‬و�أن ما ي�ضفي الر�ضا وال�سعادة في نهاية المطاف هي‬
‫كان للعمل في المنزل ف�ضائل‬ ‫الأ�شياء غير النقدية‪ :‬العمل المر�ضي‪ ،‬العالقات الوثيقة‪ ،‬عي�ش حياة‬
‫متعددة‪( .‬حقوق ن�شر الر�سم‬
‫لمجموعة داني �شاناهان‬ ‫ذات معنى‪� .‬أعتقد �أنه بقدر ازدياد عدد النا�س الذين يتحررون من‬
‫النيويوركية ل�سنة ‪،2000‬‬ ‫الكفاح من �أجل البقاء‪� ،‬سوف ي�صبح لدينا عدد �أكبر من النا�س‬
‫من موقع‪:‬‬
‫‪)cartoonbank.com‬‬ ‫الذين يمتلكون ترف ال�سعي عن المعنى‪ ،‬ال�سعي للح�صول على �شعور‬
‫بالمق�صد من الحياة‪� ،‬إح�سا�س بالت�سامي الروحي‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪24‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫هل الثقافة الأميركية “�أميركية” بالفعل؟‬
‫بقلم ريت�شارد بيلز‬

‫منذ بداية القرن الع�شرين‪ ،‬كان النا�س في الخارج‬ ‫�ألف ريت�شارد بلز‪� ،‬أ�ستاذ التاريخ في جامعة تك�سا�س في �أو�ستن‪ ،‬ثالثة‬
‫ي�شعرون بعدم االرتياح تجاه الت�أثير العالمي‬ ‫كتب هي‪« :‬الر�ؤى الراديكالية والأحالم الأميركية‪ :‬الثقافة والفكر‬
‫للثقافة الأميركية‪ .‬في العام ‪ ،1901‬ن�شر الكاتب‬ ‫االجتماعي في �سنوات الك�ساد العظيم»‬
‫البريطاني وليام �ستيد كتاب ًا حمل عنوان يثير المخاوف‪�« ،‬أمركة‬ ‫(‪Radical Visions and American Dreams: Culture and‬‬
‫العالم» (‪� .)The Americanization of the World‬أ�شار‬ ‫‪;)Social Thought in the Depression Years‬‬
‫العنوان �إلى مجموعة من الهواج�س حول اختفاء اللغات والتقاليد‬ ‫«والعقل الليبرالي في ع�صر محافظ‪ :‬المفكرون الأميركيون في‬
‫القومية وتدمير «الهوية» الفريدة لكل بلد تحت ثقل العادات والحاالت‬ ‫الأربعينات والخم�سينات من القرن الع�شرين» (‪The Liberal‬‬
‫الذهنية الأميركية‪ ،‬والتي ال زالت قائمة حتى اليوم‪.‬‬ ‫‪Mind in a Conservative Age: American Intellectuals‬‬
‫وقت �أحدث‪ ،‬كانت العولمة تُعتبر العدو الرئي�سي‬ ‫وفي ٍ‬ ‫‪)1950s 1940s and in the‬؛‬
‫للأكاديميين‪ ،‬وال�صحافيين‪ ،‬والنا�شطين ال�سيا�سيين الذين يكرهون‬ ‫«لي�سوا مثلنا‪ :‬كيف �أحب الأوروبيون الثقافة الأميركية‪ ،‬وكرهوها‪،‬‬
‫ما يعتبرونه مي ًال نحو التماثل الثقافي‪ .‬كما �أنهم‪ ،‬كانوا عاد ًة‪ ،‬يعتبرون‬ ‫وحولوها منذ الحرب العالمية الثانية»‬
‫�أن الثقافة العالمية والثقافة الأميركية ظاهرتين مترادفتين‪ ،‬و زالوا‬ ‫(‪Not Like Us: How Europeans Have Loved, Hated,‬‬
‫ي�صرون على �أن هوليوود‪ ،‬ومكدونالد‪ ،‬وديزني الند يقومون با�ستئ�صال‬ ‫‪and Transformed American Culture Since World‬‬
‫الخ�صو�صيات الفريدة الإقليمية والمحلية‪� ،‬إذ يب ّثون ال�صور والر�سائل‬ ‫‪.)War II‬‬
‫الخادعة في العقل الباطن لدرجة �أنها تُغرق الأ�صوات المناف�سة لها‬ ‫يعمل ً‬
‫حاليا على ت�أليف كتاب يحمل العنوان‪ :‬من الحداثة �إلى‬
‫في غيرها من البلدان‪ .‬رغم هذه االتهامات‪ ،‬ف�إن العالقات الثقافية‬ ‫ال�سينما‪ :‬عولمة الثقافة الأميركية في القرن الع�شرين (‪From‬‬
‫بين الواليات المتحدة وبقية بلدان العالم‪ ،‬لم يكن لها في �أي يوم‪،‬‬ ‫‪Modernism to the Movies: The Globalization of‬‬
‫طوال المئة �سنة الما�ضية‪ ،‬جانب وحيد فقط‪ .‬بل على العك�س‪ ،‬كانت‬ ‫‪� .)American Culture in the Twentieth Century‬شغل بلز‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬وال زالت تلعب دورها كبلد ي�ستهلك الت�أثيرات‬ ‫�ستة منا�صب تدري�س وكر�سي �أ�ستاذية بتمويل من م�ؤ�س�سة فولبرايت‪،‬‬
‫الثقافية والفنية الأجنبية‪ ،‬بنف�س القدر الذي كانت ت�صوغ فيه و�سائل‬ ‫زائرا في جامعات في هولندا‪ ،‬الدانمارك‪� ،‬ألمانيا‪،‬‬ ‫أ�ستاذا ً‬
‫كما عمل � ً‬
‫ترفيه العالم و�أذواقه‪.‬‬ ‫النم�سا‪ ،‬فنلندا‪ ،‬البرازيل‪ ،‬ا�ستراليا‪ ،‬و�إندوني�سيا‪.‬‬
‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪25‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫عن غير ق�صد نمو الثقافة ال�شعبية في الواليات‬ ‫في الواقع‪ ،‬وب�صفتها دولة مهاجرين‪ ،‬فقد كانت‬
‫المتحدة‪ .‬فال�سوريالية المتجاوزة للواقعية‪ ،‬مع‬ ‫“�إن ت�أثري املهاجرين‬ ‫�أميركا‪ ،‬بدء ًا من القرن التا�سع ع�شر وحتى القرن‬
‫ترابطاتها الفكرية الم�شابهة للأحالم‪ ،‬ان�ساقت‬ ‫على الواليات املتحدة هو‬ ‫الواحد والع�شرين‪ ،‬هي المتلقية بقدر ما كانت‬
‫ب�سهولة نحو اللعب على الكلمات‪ ،‬وا�ستخدام‬ ‫ال ُم�صدّرة للثقافة العالمية‪ .‬والحقيقة �إن ت�أثير‬
‫الرمزية النف�سانية في �أ�ساليب الدعاية‪،‬‬ ‫�شعبية‬ ‫�سبب‬ ‫يف�سر‬ ‫ما‬ ‫المهاجرين على الواليات المتحدة هو ما يف�سر‬
‫والر�سوم الكرتونية المتحركة‪ ،‬وحدائق المالهي‬ ‫املدة‬ ‫هذه‬ ‫طوال‬ ‫ثقافتها‬ ‫�سبب �شعبية ثقافتها طوال هذه المدة الطويلة‪،‬‬
‫المو�ضوعية‪.‬‬ ‫ويف �أماكن خمتلفة‬ ‫وفي �أماكن مختلفة من العالم‪ .‬انت�شرت الثقافة‬
‫َ�س ِخرت المدر�سة الذاتية من تعالي‬ ‫من العامل”‬ ‫الأميركية عبر العالم لأنها دمجت الأ�ساليب‬
‫الم�ؤ�س�سات الثقافية النخبوية وعززت ال�شهية‬ ‫والأفكار الأجنبية �ضمن ثقافتها بالذات‪ .‬وما قام‬
‫ً‬
‫القائمة قبال (بالأخ�ص بين جماهير الم�شاهدين‬ ‫به الأميركيون ب�صورة المعة �أكثر من مناف�سيهم‬
‫من المهاجرين في الواليات المتحدة) للعرو�ض الم�سرحية «ال�شعبية»‬ ‫خارج الحدود كان كناية عن �إعادة تغليف المنتجات الثقافية الآتية‬
‫الم�سماة «نيكوليديونز» و»فودفيل» ال�سيئة ال�سمعة‪ .‬و�أف�سحت تجارب‬ ‫من الخارج‪ ،‬وثم �إعادة �إر�سالها �إلى بقية �أنحاء الكرة الأر�ضية‪.‬‬
‫�سترافن�سكي الالتقليدية في المو�سيقى غير الخا�ضعة لل�سلم‬ ‫لهذا �أ�صبحت الثقافة الجماهيرية العالمية تو�صف‪ ،‬رغم كون هذا‬
‫المو�سيقي المعروف‪ ،‬في المجال لقبول �صالحية االبتكارات الإيقاعية‬ ‫التو�صيف تب�سيطي ًا‪ ،‬على �أنها الثقافة الأميركية‪.‬‬
‫للجاز الأميركي‪.‬‬ ‫لم يبتكر الأميركيون مطاعم الوجبات ال�سريعة‪ ،‬وال حدائق‬
‫�أ ّمنت �أفكار الحداثة الأ�س�س لقيام ثقافة جديدة عن حق‪ .‬لكن‬ ‫المالهي‪ ،‬وال حتى الأفالم ال�سينمائية‪ .‬فقبل ظهور هامبرغر‬
‫تَب ّين �أن الثقافة الجديدة ال تَنزع ال �إلى الحداثة وال �إلى �أوروبا‪ .‬بدالً‬ ‫«بيغ ماك» كانت تباع �سندوي�شات ال�سمك والبطاطا المقلية (في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من ذلك‪ ،‬فقد ح ّول الفنانون الأميركيون م�شروعا طليعيا �إلى ظاهرة‬ ‫بريطانيا)‪ .‬قبل ديزني الند كانت توجد حدائق مالهي تيفولي في‬
‫عالمية‪.‬‬ ‫كوبنهاغن (التي ا�ستعملها والت ديزني كنموذج �أ�سا�سي لأول حديقة‬
‫‪rene macura ©ap/wwp‬‬
‫مالهي �أن�ش�أها في اناهايم‪ ،‬بكاليفورنيا‪ ،‬وهو �أنموذج �أُعيد ت�صديره‬
‫�إلى طوكيو وباري�س)‪ .‬وخالل �أول عقدين من القرن الع�شرين‬
‫كانت فرن�سا و�إيطاليا اكبر دولتين في العالم م�صدرتين للأفالم‬
‫ال�سينمائية‪.‬‬

‫ت�أثير الحداثة‬
‫وهكذا‪ ،‬ال يمكن مجرد �إرجاع �أ�صول الترفيه الدولية اليوم �إلى �سيرك‬
‫«بي تي بارنوم»‪� ،‬أو �إلى عر�ض بوفالو بيل الم�سرحي‪« ،‬وايلد و�ست �شو»‪.‬‬
‫كما �أن جذور الثقافة العالمية الجديدة تكمن كذلك في انق�ضا�ض‬
‫الحداثة الفكرية النا�شئة �أوائل القرن الع�شرين على الأدب‪ ،‬والثقافة‪،‬‬
‫والمو�سيقى‪ ،‬وفن الر�سم والهند�سة المعمارية ال�سائدة في القرن‬
‫التا�سع ع�شر‪ .‬وعلى الأخ�ص‪ ،‬رف�ض الحداثة الحترام الحدود التقليدية‬
‫بين ثقافة النخبة والثقافة ال�شعبية‪ .‬كانت الحداثة في الفنون‬
‫ارتجالية‪ ،‬انتقائية‪ ،‬ولم تو ّفر التقاليد‪ .‬ميزت هذه ال�صفات كذلك‬
‫الثقافة ال�شعبية الأميركية‪.‬‬
‫تحدى فنانو �أوائل القرن الع�شرين مفهوم الثقافة على �أنها‬
‫و�سيلة للتر ّقي الفكري �أو الأخالقي‪� .‬أظهروا ذلك من خالل الت�شديد‬
‫خليط ثقافة «البوب» ال�شعبية‬ ‫على الأ�سلوب ومهارة ال�صنع على ح�ساب االهتمام بالفل�سفة‪� ،‬أو‬
‫الدين‪� ،‬أو المنهج الفكري‪ .‬دعوا عن ق�صد �إلى االهتمام بالأ�سلوب‬
‫تَظهر �أو�ضح ر�ؤية للعالقة التبادلية بين �أميركا وبقية �أنحاء العالم‬ ‫اللغوي في رواياتهم‪� ،‬إلى علم الب�صريات في لوحاتهم‪� ،‬إلى طبيعة‬
‫في الثقافة ال�شعبية‪ .‬هناك �أ�سباب عديدة لتفوق الثقافة ال�شعبية‬ ‫المواد ووظائفها في هند�ستهم المعمارية‪ ،‬و�إلى بنية المو�سيقى بدالً‬
‫الأميركية‪ .‬ومن الم�ؤكد �أن قدرة �شركات و�سائل الإعالم المتعددة‬ ‫من �ألحانها‪.‬‬
‫الن�شطات الأميركية المن�ش�أ‪ ،‬في ال�سيطرة على �إنتاج وتوزيع منتجاتها‬ ‫رغم ان الحداثة كانت م�س�ألة تخ�ص الأوروبيين‪ ،‬فقد �س ّرعت‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪26‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫وال�صور‪ ،‬و�أنواع الق�ص�ص التي‬ ‫�شكلت دافع ًا رئي�سي ًا لالنت�شار العالمي‬
‫يمكنها اجتذاب جمهور وا�سع متعدد‬ ‫لأنماط الترفيه الأميركية‪ .‬لكن‬
‫الثقافات‪ .‬كان على ا�ستوديوهات‬
‫“�إن التباينات بني �سكان �أمريكا ‪...‬‬ ‫قوة الر�أ�سمالية الأميركية ال تف�سر‪،‬‬
‫هوليوود‪ ،‬والمجالت الوا�سعة االنت�شار‪،‬‬ ‫فر�ضت على و�سائل الإعالم منذ ال�سنوات‬ ‫بمفردها‪ ،‬ال�شعبية العالمية للأفالم‬
‫وال�شبكات التلفزيونية التع ّلم كيفية‬ ‫املبكرة للقرن الع�شرين �إجراء التجارب‬ ‫ال�سينمائية والعرو�ض التلفزيونية‬
‫التحدث �إلى مجموعات وفئات متنوعة‬ ‫حول الر�سائل‪ ،‬وال�صور‪ ،‬وموا�ضيع الق�ص�ص‬ ‫الأميركية‪ ،‬وال هي حتى التف�سير الأهم‬
‫من النا�س في عقر دورهم‪ .‬و ّفرت لهم‬ ‫التي ميكنها اجتذاب جمهور‬ ‫لذلك‪.‬‬
‫هذه التجارب التع ّرف على الأ�ساليب‬ ‫كانت فعالية اللغة الإنجليزية‪،‬‬
‫الفنية الالزمة الجتذاب الم�شاهدين‬
‫متعدد الثقافات‪”.‬‬ ‫كلغة ات�صال جماهيرية‪ ،‬جوهرية‬
‫من خارج البالد المتنوعين كذلك‪.‬‬ ‫لقبول الثقافة الأميركية‪ .‬فبعك�س‬
‫اللغات الألمانية �أو الرو�سية �أو‬
‫تمثلت �إحدى الطرق الهامة لنجاح و�سائل الإعالم الأميركية في‬ ‫ال�صينية‪ ،‬كانت البنية الأب�سط والنحو الأ�سهل للغة الإنجليزية‪،‬‬
‫تجاوزها لالنق�سامات االجتماعية الداخلية‪ ،‬وللحدود الدولية‪،‬‬ ‫بالترافق مع ميلها ال�ستعمال كلمات اق�صر واقل تجريد ًا‪ ،‬وجمل �أكثر‬
‫وحواجز اللغة‪ ،‬عبر مزجها للأنماط الثقافية‪ .‬اتبع المو�سيقيون وم�ؤلفو‬ ‫�إيجاز ًا‪ ،‬م�ؤاتية لم�ؤلفي كلمات الأغاني‪ ،‬لمبتكري ال�شعارات الإعالنية‪،‬‬
‫المو�سيقى الأميركيون المثال الذي تو ّفر من الفنانين المحدثين‪،‬‬ ‫لتعليقات ال�صور الكاريكاتورية‪ ،‬لعناوين ال�صحف‪ ،‬ولحوارات الأفالم‬
‫مثل بيكا�سو وبراك‪ ،‬ال�ستخال�ص عنا�صر م�شتركة بين كل من الثقافة‬ ‫ال�سينمائية والتلفزيونية‪ .‬وهكذا‪ ،‬كانت اللغة الإنجليزية لغة مالئمة‬
‫النخبوية والثقافة ال�شعبية‪ .‬وقد �أدمج �أالن كوبالند‪ ،‬وجورج غر�شوين‪،‬‬ ‫ا�ستثنائي ًا الحتياجات وانت�شار ثقافة «البوب» ال�شعبية الأميركية‪.‬‬
‫وليونارد برن�شتاين الألحان ال�شعبية‪ ،‬والتراتيل الدينية‪ ،‬ومو�سيقى‬ ‫كما �شكلت ال�سحنة الدولية للم�شاهدين الأميركيين عام ًال‬
‫البلوز‪ ،‬و�أنا�شيد الأناجيل‪ ،‬و�إيقاعات الجاز في مو�سيقاهم ال�سيمفونية‪،‬‬ ‫ر�ض التغاير في مزايا �سكان �أميركا‪� ،‬أي تنوعهم‬ ‫م�ؤاتي ًا �أخر‪َ .‬ف َ‬
‫وفي المقطوعات المو�سيقية الأخرى كالكون�شرتو‪ ،‬والأوبرا‪ ،‬والباليه‪.‬‬ ‫الإقليمي‪ ،‬االثني‪ ،‬الديني‪ ،‬والعرقي‪ ،‬على و�سائل الإعالم‪ ،‬منذ‬
‫والواقع �أنه تم تطوير �أ�شكال فنية �أميركية كاملة خالل القرن‬ ‫ال�سنوات المبكرة للقرن الع�شرين‪� ،‬إجراء التجارب حول الر�سائل‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الع�شرين بدءا من مو�سيقى الجاز‪ ،‬وو�صوال �إلى ذلك المزيج من‬
‫المو�سيقى الأفريقية‪ ،‬والكاريبية‪ ،‬والالتينية‪ ،‬والأوروبية المحدثة‪.‬‬
‫عزز هذا الدمج الأ�شكال المتنوعة �ضمن الثقافة ال�شعبية الأميركية‬
‫جاذبيتها لدى الم�شاهدين والم�ستمعين متعددي االثنيات‪ ،‬المحليين‬
‫والدوليين‪ ،‬من خالل التقاطها لتجاربهم و�أذواقهم المختلفة‪.‬‬

‫الت�أثيرات الأوروبية على هوليوود‬


‫لم تظهر الت�أثيرات الأجنبية بو�ضوح �أكثر مما ظهرت في �صناعة‬
‫ال�سينما الأميركية‪ .‬و�إلى الحد الذي قد يكون ذلك �أف�ضل �أو �أ�سو�أ‪،‬‬
‫�أ�صبحت هوليوود في القرن الع�شرين العا�صمة الثقافية للعالم‬
‫الحديث‪ .‬لكنها لم ت�شكل �أبد ًا عا�صمة �أميركية ح�صري ًا‪ .‬فقد كانت‬
‫وظيفة هوليوود‪ ،‬مثلها مثل المراكز الثقافية ال�سابقة‪ ،‬فلورن�س وباري�س‬
‫وفيينا‪ ،‬بمثابة مجتمع دولي مك ّون من �أ�صحاب مبادرات مهاجرين‬
‫ي�ستمدون لعملهم مواهب ممثلين‪ ،‬مخرجين‪ ،‬كتّاب‪ ،‬م�صورين‬
‫‪Jennifer Graylock ©AP/WWP‬‬

‫�سينمائيين‪ ،‬محررين‪ ،‬مو�سيقيين‪ ،‬وم�صممي �أزياء وديكورات من كافة‬


‫�أنحاء العالم‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬وخالل الكثير من القرن الع�شرين‪ ،‬اعتبر‬
‫مخرجو الأفالم الأميركيون �أنف�سهم من التابعين الذين �سحرتهم‬
‫الأعمال المتفوقة للمخرجين الأجانب‪ .‬فبين الأربعينات ومنت�صف‬
‫ال�ستينات من القرن الع�شرين‪ ،‬مث ًال‪ ،‬كان الأميركيون ينظرون ب�إجالل‬
‫�إلى مخرجين من �أمثال اينغمار برغمان‪ ،‬فيديريكو فيلليني‪ ،‬مايكل‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪27‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫مع ذلك‪ ،‬فقد حاكى المخرجون‬ ‫انجلو انطونيوني‪ ،‬فران�سواتروفو‪،‬‬
‫الأميركيون في كل ع�صر الفنانين‬ ‫“�إن رف�ض �إرهاب امل�شاهدين ً‬
‫فكريا‬ ‫جان لوك غودار‪ ،‬اكيرو كورو�ساوا‪،‬‬
‫ومخرجي الأفالم الأجانب من‬ ‫و�ساتياجيت راج‪.‬‬
‫خالل االهتمام الوثيق بالأ�سلوب‬ ‫ال�سبب‪،‬‬ ‫هو‬ ‫كان‬ ‫اجتماعية‪،‬‬ ‫ر�سالة‬ ‫إطالق‬ ‫�‬ ‫عرب‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬ف�إن �إحدى مفارقات‬
‫والخ�صائ�ص ال�شكلية للفيلم‬ ‫أمريكية‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لل�شعبية‬ ‫آخر‪،‬‬ ‫�‬ ‫عامل‬ ‫أي‬ ‫�‬ ‫من‬ ‫أكرث‬ ‫�‬ ‫ال�سينما الأوروبية والآ�سيوية يتمثل‬
‫ال�سينمائي‪ ،‬و�إلى الحاجة ل�سرد‬ ‫العامل‪”.‬‬ ‫حول‬ ‫أمريكية‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الرتفيه‬ ‫لو�سائل‬ ‫في نجاحها العظيم في �إعادة توليد‬
‫الق�صة مرئي ًا‪ .‬رغب الر�سامون‬ ‫المقلدات الأميركية‪ .‬في �أواخر‬
‫الأوروبيون في �أوائل القرن الع�شرين‬ ‫ال�سبعينات من القرن الما�ضي‪ ،‬كان‬
‫من م�شاهدي �أعمالهم الإدراك‬ ‫العباقرة الأحدث من المخرجين‪،‬‬
‫ب�أنهم ينظرون �إلى خطوط و�ألوان على قما�شة ولي�س على تقليد‬ ‫مثل فران�سي�س فورد كوبوال‪ ،‬مارتن �سكور �سيزي‪ ،‬روبرت التمان‪،‬‬
‫للعالم الطبيعي‪ .‬ب�صورة م�شابهة‪ ،‬هناك �أفالم �أميركية عديدة‪ ،‬بدء ًا‬ ‫�ستيفن �سبيليرغ‪ ،‬وويدي �آلن �أميركيين‪ .‬لكن ه�ؤالء الأميركيين‬
‫من �أ�سلوب تعدد الرواة في فيلم «المواطن كاين»‪ ،‬مرور ًا بال�صورة‬ ‫يدينون في �أ�ساليبهم االرتجالية واهتماماتهم الدائمة بالتراجم‬
‫المجز�أة على ال�شا�شة لإظهار الر�ؤية المختلفة لكل واحد من العا�شقين‬ ‫ال�شخ�صية‪� ،‬إلى المدر�سة الواقعية المتجددة الإيطالية و�إلى الموجة‬
‫ً‬
‫لعالقتهما الغرامية في فيلم «�آني هول»‪ ،‬و�صوال �إلى لقطات االرتجاع‬ ‫الجديدة الفرن�سية‪� .‬إ ّال �أن ا�ستخدام هذه الأ�ساليب الفنية احدث‬
‫واال�ستباق الزمني في فيلم «بالب فيك�شين»‪ ،‬تُذ ّكر الم�شاهدين‬ ‫انقالبا في ال�سينما الأميركية ف�أ�صبح �أكثر �صعوبة بمكان لأي �صناعة‬
‫عن ق�صد ب�أنهم ي�شاهدون فيلما ولي�س ن�سخة م�صورة من الواقع‪.‬‬ ‫�سينمائية �أخرى في القارة الأوروبية مجاراة ال�شعبية العالمية للأفالم‬
‫المخرجون الأميركيون للأفالم (لي�س فقط في الأفالم ال�سينمائية‬ ‫ال�سينمائية الأميركية‪.‬‬
‫ً‬
‫بل في �أفالم المو�سيقى التلفزيونية‪ ،‬الق�صيرة �أم تي في‪� ،‬أي�ضا)‪،‬‬
‫الذين كانوا م�ستعدين ال�ستخدام اكثر الأ�ساليب الفنية تطورا وتعقيد ًا‬
‫المتعلقة بالمونتاج والتالعب في كاميرا الت�صوير‪ ،‬ا�ستوحوا الكثير‬
‫من تلك الأ�ساليب من مخرجين �أجانب لخلق مل�صقات من ال�صور‬
‫اللتقاط �سرعة و�إغراءات الحياة في العالم المعا�صر‪.‬‬
‫�إدمان هوليوود على التالعب المثير بالمرئيات المت�أثرة بفكر‬
‫الحداثة‪ ،‬وا�ضح ب�شكل خا�ص في الأ�سلوب غير ال�شفهي �إلى حدٍ‬
‫كبير الذي اتبعه العديد من الممثلين المعا�صرين‪ .‬بعد الأداء الثوري‬
‫لمارلون براندو في «حافلة ا�سمها الرغبة» على الم�سرح عام ‪،1945‬‬
‫وفي الن�سخة الم�صورة على فيلم لهذه الم�سرحية عام ‪� ،1951‬أ�صبح‬
‫هناك �أنموذج من التمثيل الأميركي يقوم على عدم الإف�صاح‪� ،‬أي‬
‫الت�أمل الباطني المكتئب الذي ال يجده المرء في الل�سان اللبق وال�سريع‬
‫البطال �أو بطالت الأفالم الكوميدية الغربية‪ ،‬وال في �أفالم الع�صابات‬
‫التي �أُنتجت في الثالثينات من القرن الما�ضي‪.‬‬
‫تد ّرب براندو على «الأ�سلبة»‪ ،‬طريقة فنية للتمثيل جرى تطويرها‬
‫في م�سرح �ستاني�سالن�سكي للفن في مو�سكو في ع�صر ما قبل الثورة‬
‫الرو�سية‪� .‬شجعت الأ�سلبة هذه الممثلين على االرتجال‪ ،‬وا�ستح�ضار‬
‫ذكريات الطفولة والم�شاعر الداخلية‪ ،‬وفي �أحيان‪ ،‬كثيرة على ح�ساب‬
‫ما ق�صده كاتب الم�سرحية او كاتب ال�سيناريو‪ .‬وهكذا‪ ،‬كثير ًا ما‬
‫�أ�صبحت تكمن القوة العاطفية للتمثيل الأميركي‪ ،‬كما �ضرب لها المثال‬
‫براندو وخلفا�ؤه‪ ،‬في ما لم ُيقال‪ ،‬في ا�ستك�شاف االنفعاالت التي ال‬
‫‪©ap/wwp‬‬

‫يمكن التعبير عنها بالكلمات‪.‬‬


‫ت�أثير الأ�سلبة‪ ،‬لي�س فقط في الواليات المتحدة‪ ،‬بل اي�ضا في‬
‫الخارج حيث انعك�س في �أنماط تمثيل جان بول بلموندو ومار�شيللو‬
‫ما�ستروياني‪� ،‬أ�صبح مثا ًال كال�سيكي ًا لطريقة تكييف فكرة �أجنبية‬
‫بالأ�صل‪ ،‬كان المق�صود في الأ�سا�س عر�ضها على الم�سرح‪ ،‬في الأفالم‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪28‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫الأميركية لما بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ومن ثم نقلها مجدد ًا �إلى‬
‫باقي العالم ك�أنموذج من نماذج ال�سلوك ال�سينمائي واالجتماعي‪.‬‬
‫والأهم هو �أن �إغفال الممثل المدرب على الأ�سلبة للغة‪� ،‬أدى �إلى‬
‫االعتماد على الحركات الج�سدية‪ ،‬وحتى على ال�سكوت المطبق في‬
‫التعامل مع الدور‪ ،‬ف�أتاح للم�شاهدين في العالم‪ ،‬حتى الذين ال يتقنون‬
‫اللغة الإنجليزية‪ ،‬فهم وتقدير ما ي�شاهدونه في الأفالم الأميركية‪.‬‬

‫العالقات الإن�سانية‬
‫و�أخير ًا‪ ،‬ق ّلدت الثقافة الأميركية لي�س التوهج المرئي للمحدثين‬
‫‪JOHN D. MCHUGH ©AP/WWP‬‬

‫فح�سب‪ ،‬بل و�أي�ض ًا ميلهم لالبتعاد عن ال�سيا�سة ومناه�ضة العقائد‪.‬‬


‫ان رف�ض الإرهاب الفكري للم�شاهدين عبر �إطالق ر�سالة اجتماعية‬
‫كان هو ال�سبب‪� ،‬أكثر من �أي عامل �آخر‪ ،‬لل�شعبية العالمية لو�سائل‬
‫الترفيه الأميركية حول العالم‪ .‬وعلى وجه التخ�صي�ص‪ ،‬تُر ّكز الأفالم‬
‫الأميركية اهتمامها في العادة على �إظهار العالقات الإن�سانية‬
‫والم�شاعر ال�شخ�صية‪ ،‬ولي�س على الم�شاكل العائدة لزمن ومكان‬
‫معينين‪� ،‬إذ ت�سرد هذه الأفالم روايات حول المغامرات الغرامية‪،‬‬
‫يتعامل النا�س في كل مكان مع مثل هذه المع�ضالت ال�شخ�صية‬ ‫الم�ؤامرات ‪ ،‬النجاح‪ ،‬الف�شل‪ ،‬النزاعات الأخالقية‪ ،‬والبقاء على‬
‫البالغة الحدة‪ .‬ولهذا تدافع النا�س في �أوروبا‪ ،‬و�آ�سيا‪ ،‬و�أميركا‬ ‫قيد الحياة‪ .‬كانت �أكثر الأفالم ال�سينمائية انطباع ًا في الذهن‪،‬‬
‫الالتينية لم�شاهدة فيلم تيتانيك‪ ،‬كما فعلوا في ال�سابق لم�شاهدة‬ ‫التي �أنتجت خالل الثالثينات من القرن الما�ضي (با�ستثناء عناقيد‬
‫فيلم «ذهب مع الريح»‪ ،‬لي�س لمجرد �أن هذين الفيلمين مجدا القيم‬ ‫الغ�ضب)‪� ،‬أفالما فكاهية وغنائية حول �أ�شخا�ص غير متالئمين لكنهم‬
‫الأميركية بل لأن النا�س في كل �أنحاء العالم ا�ستطاعوا ان يروا فيهما‬ ‫يع�شقون بع�ضهم البع�ض‪ ،‬ولم تكن �أفالما واعية للواقع االجتماعي ولم‬
‫�أجزا ًء من حياتهم الخا�صة معكو�سة في ق�ص�ص الغرام و َفقد الأحبة‪.‬‬ ‫تتطرق �إلى ق�ضايا الفقر والبطالة‪ .‬ب�صورة مماثلة‪ ،‬كانت �سبب الأفالم‬
‫ّ‬
‫ومتدخلة‪ ،‬كما‬ ‫كثير ًا ما كانت الثقافة ال�شعبية الأميركية ّ‬
‫فجة‬ ‫حول الحرب العالمية الثانية (مثل كازابالنكا) �أو حول حرب فيتنام‬
‫ا�شتكى دوم ًا منتقدوها‪ .‬ولكن لم ي�شعر الأجانب مطلق ًا ب�أن الثقافة‬ ‫(�صائد االبل) وبقا�ؤها في الذاكرة‪ ،‬بعد انتهاء هذين النزاعين بوقت‬
‫الأميركية هي �أجنبية على حد كبير بنظرهم‪ .‬وفي اف�ضل حاالتها‬ ‫طويل‪ ،‬انها ا�ستك�شفت الم�شاعر الحميمية ل�شخ�صيات الرواية بدال من‬
‫حولت‪ ،‬ما ا�ستلمته من �آخرين‪� ،‬إلى ثقافة ي�ستطيع كل �إن�سان في كل‬ ‫التناول ب�إ�سهاب وتف�صيل للأحداث الرئي�سية التاريخية‪.‬‬
‫مكان التناغم معها‪� ،‬أي ثقافة �آ�سرة عاطفي ًا‪ ،‬و�أحيان ًا فني ًا‪ ،‬لماليين‬
‫النا�س عبر العالم‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬رغم �إعادة بروز ال�شعور المناه�ض للأميركيين‪ ،‬لي�س‬
‫فقط في ال�شرق الأو�سط‪ ،‬بل و�أي�ضا في �أوروبا و�أميركا الالتينية‪ ،‬فمن‬
‫المهم الإدراك �أن الأفالم‪ ،‬والعرو�ض التلفزيونية‪ ،‬وحدائق المالهي‬
‫الأميركية كانت اقل «�إمبريالية» منها عالمية‪ .‬وفي نهاية المطاف‪،‬‬
‫لم تحول الثقافة الجماهيرية الأميركية العالم لي�صبح ن�سخة مطابقة‬
‫عن الواليات المتحدة‪ .‬بد ًال من ذلك‪ ،‬فقد جعل اعتماد �أميركا على‬
‫الثقافات الأجنبية من الواليات المتحدة ن�سخة مطابقة عن العالم‪.‬‬
‫‪GREG BAKER ©AP/WWP‬‬

‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو‬


‫�سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪29‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫�سيدة �أوروبية تبحث في‬
‫ت�أثير الثقافة الأميركية‬
‫بقلم ج�سيكا �سي ‪� .‬أي غينو‪-‬هيخت‬

‫يو ّفر هذا الفيلم تب�صر ًا في ما �أ�صبح ُيعرف با�سم «النقا�ش العظيم»‪:‬‬ ‫ج�سيكا �سي ‪� .‬أي غينو‪-‬هيخت تُ ّدر�س مادة التاريخ في جامعة يوهان‬
‫هل �أن الأميركيين «�إمبرياليون ثقافيون» يقومون بغزو و�إف�ساد بقية‬ ‫وولفغانغ غوتيه‪ ،‬في فرانكفورت ام ماين‪ُ .‬منح كتابها الأول بعنوان‪:‬‬
‫العالم من خالل ن�شر ثقافتهم ال�شعبية في كل مكان‪.‬‬ ‫«النقل الم�ستحيل‪ :‬ال�صحافة الأميركية كدبلوما�سية ثقافية في �ألمانيا‬
‫�شكل ثقافة‬‫ّ‬ ‫�صحيح‪ ،‬كما يكتب ريت�شارد بيلز‪� ،‬أن الكثير في ما ُي ِ‬ ‫بعد الحرب ‪Transmission Impossible:( ».1955-1945‬‬
‫�شعبية �أميركية اليوم‪ ،‬يعود �أ�صله �إلى مزيج من الت�أثيرات الأجنبية‬ ‫‪American Journalism as Cultural Diplomacy in‬‬
‫خالل القرن الع�شرين‪ .‬لكن هذا الر�أي ال ًيف�سر �سبب انتقاد هذا‬ ‫‪ )1955-1945 Postwar Germany‬جائزة �ستيوارت برنات‬
‫العدد الكبير من النا�س حول العالم ما يعتبرونه «ا�ستعمار ًا ثقافياً‬ ‫ك�أف�ضل �أول كتاب في تاريخ الدبلوما�سية‪.‬‬
‫�أميركي ًا»‪ .‬كما �أنه ال ُيف�سر لماذا �أ�صبحت هذه الفكرة بمثل هذه القوة‬ ‫�سوف ُين�شر كتابها الثاني بعنوان‪« :‬المو�سيقى والعواطف‬
‫على امتداد القرن المن�صرم‪ .‬و�إذا رغبنا في �أن نفهم ب�شكل �أف�ضل‬ ‫في العالقات الألمانية الأميركية منذ عام ‪Music and( »1950‬‬
‫هذا الإدراك الح�سي يجب علينا ان ن�أخذ بعين االعتبار تركيبة وت�أثير‬ ‫‪Emotions in German-American Relations Since‬‬
‫الثقافة الأميركية في الخارج‪ ،‬كما يفعل بيلز‪ ،‬عالوة على مدى قبولها‬ ‫‪ )1950‬من قبل مطبعة جامعة �شيكاغو‪ّ .‬در�ست في جامعة فرجينيا‪،‬‬
‫من جانب غير الأميركيين‪.‬‬ ‫وجامعة بيلفيلد‪ ،‬وجامعة مارتن لوثر في هالي‪ -‬ويتنبرغ‪ ،‬وجامعة‬
‫هارفرد‪.‬‬
‫الخلفية التاريخية‬
‫في فيلم «ال�شك ان الآلهة مجانين»‬
‫�إنها لمفارقة غريبة في التاريخ الأميركي �أن تكون دولة �أثارت‬ ‫(‪ ،)The Gods Must Be Crazy‬ال ُمنتج عام ‪1980‬‬
‫منقوالتها الثقافية هذا القدر الكبير من الجدل‪� ،‬إذ �أنها ن�ش�أت‬ ‫يلقي طيار يقود طائرته عبر �صحراء كاالهاري في‬
‫دون اهتمام يذكر في ت�صدير الثقافة‪ .‬ر�أى الأميركيون‪ ،‬تاريخي ًا‪،‬‬ ‫بوت�سوانا زجاجة كوكا كوال فارغة في و�سط قبيلة �أفريقية‪ .‬فيعتبر‬
‫تمايزهم ب�صورة �أولية من خالل نظامهم ال�سيا�سي �أكثر مما ر�أوه‬ ‫ال�سكان الأ�صليين على الفور ب�أن الزجاجة هدية من �آلهتهم‪ .‬ولكن‬
‫في �شعرائهم‪ ،‬وفنانيهم‪ ،‬وكتّابهم الروائيين‪ .‬فهم يعتبرون على �أن‬ ‫«الهدية» تُغ ّير التقاليد والمفاهيم االجتماعية ال�سائدة لديهم نحو‬
‫ثقافتهم ال�شعبية‪ ،‬بوجه عام‪ ،‬م�صدر للترفيه ال�شخ�صية �أكثر منها‬ ‫الأ�سو�أ‪ .‬وفي نهاية المطاف تُر�سل القبيلة �أحد �أع�ضائها لإلقاء‬
‫�أداة لل�سيا�سة الخارجية‪ .‬لم يفكروا بجدية مطلق ًا في �إن�شاء وزارة‬ ‫الزجاجة في مكان بعيد يعتقدون على �أنه حافة الكرة الأر�ضية‪.‬‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪30‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫ثقافيين» �إلى �ضحايا عمليات االمتالك الأجنبي لها‪ .‬ولكن حتى لو‬ ‫ثقافة �ضمن الحكومة الفدرالية‪ .‬وفي عام ‪� 1938‬أن�ش�أت وزارة‬
‫لم تكن الواليات المتحدة �أول دولة تقوم بت�صدير طريقة حياتها‪،‬‬ ‫الخارجية ق�سم العالقات الثقافية‪ ،‬لكن م�س�ؤولين �أميركيين عديدين‬
‫فقد ر ّكز الناقدون الأجانب مخاوفهم من الم�ستقبل على الواليات‬ ‫انتقدوا ا�ستخدام الثقافة ك�أداة دبلوما�سية‪ .‬وحتى اليوم ال زال يعتقد‬
‫المتحدة‪.‬‬ ‫معظم الأميركيين �أن الثقافة تنت�سب �إلى ح ّيز الإبداع‪ ،‬والذوق العام‪،‬‬
‫في ال�سبعينات والثمانينات من القرن الما�ضي‪ ،‬على �سبيل‬ ‫والمبادرات الفردية الحرة‪ ،‬ولي�س �إلى الح ّيز الحكومي‪.‬‬
‫المثال‪� ،‬شهدت �أوروبا الغربية ازدياد االحتجاجات �ضد الأميركيين‪،‬‬ ‫لكن الو�ضع تغير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية‪ .‬فخالل‬
‫كالمجموعات الداعية �إلى ال�سالم‪ ،‬والمظاهرات الحا�شدة �ضد‬ ‫الحرب الباردة قرر الدبلوما�سيون الأميركيون �أن الواليات المتحدة‬
‫الوجود الع�سكري الأميركي‪ .‬وتو�سعت هذه الحركة المناه�ضة‬ ‫بحاجة �إلى الدفاع عن طريقة الحياة الأميركية في الخارج‪ .‬وفي‬
‫للأميركيين ب�سرعة في �أوروبا لت�شمل �ش�ؤون ًا ثقافية‪ .‬اعتقد النقاد‬ ‫الوقت الذي كان ي�سعى فيه االتحاد ال�سوفياتي �إلى ت�صدير ال�شيوعية‬
‫�أن المنتجات الأميركية مار�ست نفوذ ًا تجاوز بكثير مدى �شعبيتها‬ ‫�سعت �شخ�صيات عامة‪ ،‬كما �سعى �صانعو ال�سيا�سات في �أميركا‪� ،‬إلى‬
‫لدى الم�ستهلكين‪ .‬بدت ال�سلع الأميركية على �أنها ال ت�سيطر على‬ ‫ممار�سة نفوذ �أكبر عبر الثقافة حول العالم وخالل ال�سنوات التي تلت‬
‫الأ�سواق الأجنبية فح�سب بل و�أي�ض ًا على العقول الأجنبية‪ .‬في نظر‬ ‫يوم الن�صر في الحرب العالمية الثانية �أن�ش�أت الحكومة الأميركية‬
‫العديد من المثقفين الأوروبيين‪ ،‬على ما يبدو‪� ،‬أ�صبحت الثقافة‬ ‫عدد ًا من المنظمات والبرامج مثل وكالة الإعالم الأميركية وبرنامج‬
‫الجماهيرية‪� ،‬أفالم هوليوود‪ ،‬والروح التجارية تهدد ال�سيادة والتقاليد‬ ‫فولبرايت للتبادل الثقافي‪ ،‬الذي �شجع نقل المعلومات حول الثقافة‬
‫الأوروبية وكذلك النظام االجتماعي الأوروبي الذي ي�ستند �إلى الثقافة‬ ‫الأميركية‪.‬‬
‫المطبوعة‪ .‬بدت �أي�ض ًا الثقافة الجماهيرية على �أنها تطم�س تمايزاتهم‬ ‫من وجهة نظر مو�ضوعية‪ ،‬لم تكن بالطبع الواليات المتحدة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وتتجاوز حدود الدولة القومية وتو�سع ال�سواق التجارية‬ ‫�أول بلد ُي�صدّر طريقة حياته‪ .‬منذ ع�صر النه�ضة‪ ،‬رعت دول �أوروبية‬
‫للر�أ�سماليين‪.‬‬ ‫�صدّر البريطانيون‬
‫مجموعة متنوعة من برامج التبادل الثقافي‪ .‬فقد َ‬
‫مع ذلك‪ ،‬ف�إن ما ُيبلغك �إياه فالن عن ع ّالن ُيبلغك �أكثر من‬
‫ما يخبرك عن ع ّالن‪ .‬فما يعتقده النا�س حول العالم ب�ش�أن الثقافة‬
‫الأميركية يخبرنا عن ه�ؤالء النا�س �أكثر مما يخبرنا عن الواليات‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫الثقافة والعولمة‬

‫‪Anjum Naveed ©AP/WWP‬‬


‫اليوم‪ ،‬يندب �سيا�سيون ونقاد ثقافيون عديدون حول العالم تدفق‬
‫الأفالم الأميركية‪ ،‬فمث ًال يقلق الممثلون الأوروبيون فيما يعود‬
‫لتمايزهم الثقافي‪ ،‬ويخ�شون من �أنهم فقدوا بالفعل الكثير من‬
‫جماهير م�شاهديهم لم�صلحة المنتجات الأميركية‪ .‬ندد بعنف وزير‬
‫الثقافة ال�سابق في فرن�سا‪ ،‬جاك النغ‪ ،‬في مقابلة جرت معه عام ‪1990‬‬
‫باال�ستعمار الثقافي الأميركي كان عنوانها ال�صحفي الرئي�سي «كلما‬ ‫في الهند وال�شرق الأو�سط‪ ،‬والألمان في �أفريقيا‪ ،‬والفرن�سيون في‬
‫عال القمر ال�صناعي كلما تدنت الثقافة»‪ .‬لم يكن هذا االنتقاد جديد ًا‪.‬‬ ‫الهند ال�صينية‪ ،‬ثقافتهم �إلى الخارج لتكون �أداة قوية لتعزيز التجارة‪،‬‬
‫ففي ال�سبعينات من القرن الما�ضي كتب الأ�ستاذ الجامعي الت�شيلي‬ ‫والتبادل التجاري‪ ،‬والنفوذ ال�سيا�سي‪ ،‬والجتذاب النخبة من النا�س‬
‫�أرمان ماتالرت‪ ،‬والروائي والناقد �أرييل دورفمان م�شورة م�ؤ ّثرة حملت‬ ‫لتحقيق �أغرا�ضهم الخا�صة‪ .‬ك�شفت درا�سة �أجرتها منظمة الأوني�سكو‬
‫عنوان «كيف نقر�أ دونالد داك»‪ ،‬نددا فيها بالر�ؤية الم�شوهة للواقع‬ ‫عام ‪� 1959‬أن ما يزيد عن ن�صف عدد الدول الواحدة والثمانين التي‬
‫في نظر هوليوود‪ ،‬ودعيا �إلى تحرير ال�شعب الت�شيلي من خالل الثقافة‬ ‫تنظم برامج‬ ‫جرى ا�ستطالعها‪ ،‬ومن بينها جميع الدول الكبرى‪ ،‬كانت ّ‬
‫الخا�صة به‪.‬‬ ‫ر�سمية للعالقات الثقافية‪ .‬تعتمد بع�ض ن�شاطات دول المجموعة‬
‫تجد دول �صغيرة‪� ،‬شعوب نائية‪ ،‬وقبائل غير معروفة طريقها‬ ‫الأوربية اليوم على الدبلوما�سية الثقافية الجماعية‪� ،‬أي �إن�شاء‬
‫�إلى العناوين الرئي�سية لل�صحافة الدولية‪ ،‬من خالل احتجاجها‬ ‫منظمات تُعزز ن�شر اللغات وتبادل المعلومات الثقافية‪.‬‬
‫ال�ضاج �ضد الت�أثيرات الغريبة‪ .‬فمن �أي�سلندا �إلى �أميركا الالتينية‪،‬‬ ‫وتقليدي ًا‪ ،‬تقوم الأرجنتين‪ ،‬والمك�سيك‪ ،‬وم�صر‪ ،‬وال�سويد‪ ،‬والهند‬
‫من �أفريقيا الو�سطى �إلى الفليبين‪ ،‬يحزن‪ ،‬وفق ًا لما ن�سمعه‪ ،‬ممثلون‬ ‫بت�صدير و�سائلها الإعالمية �إلى البلدان المجاورة‪ .‬كما �أن امتالك‬
‫لبلدانهم لزوال ثقافتهم نتيجة النفوذ المتفاقم للتلفزيون والثقافة‬ ‫ال�شركات الأجنبية ال�ستوديوهات هوليوود خالل ال�سنوات الأخيرة‬
‫االنجلو �أميركية‪.‬‬ ‫�أثار الت�سا�ؤل حول ما �إذا كان الأميركيون قد تحولوا من «�إمبرياليين‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪31‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫خالل الحرب الباردة‪ ،‬ن�ش�أت �أ�سا�س ًا االنتقادات الفرن�سية المناه�ضة‬ ‫ولكن‪ ،‬ومن عدة طرق ف�إن فكرة «الإمبريالية الأميركية» تبقى غير‬
‫لل�سيا�سة الأميركية من ان�شقاق ال�شيوعية واال�شتراكية‪ .‬نددت‬ ‫كافية‪ .‬فقد �أكد عالم االجتماع جون توملين�سون �أن هذه الظاهرة‬
‫المناظرات العلنية بالتو�سع الأميركي‪ ،‬بالحلف الأطل�سي‪ ،‬وبما كان‬ ‫قد ال تكون بب�ساطة �سوى �أفكار الحداثة‪ ،‬وهي عملية نفقد من‬
‫يعتبر انه الت�أثير المف�سد للفن الأميركي‪ ،‬والتي كانت تُرعب جميعها‬ ‫خاللها الثقافات المحلية‪ ،‬ولي�ست تو�سع ًا ثقافي ًا‪ .‬فالتقدم والت�شامل‬
‫النخبة من الفرن�سيين‪ ،‬لكن لي�س جماهير الناخبين‪ .‬بد ًال من ذلك‪،‬‬ ‫التكنولوجي واالقت�صادي العالميان يقلالن من �أهمية الثقافة القومية‪.‬‬
‫�سحر مفهوم «طريقة الحياة الأميركية» جي ًال بكامله من الفرن�سيين‬ ‫لذلك من الخط�أ �إلقاء اللوم للتطور العالمي على بلد واحد‪ .‬بد ًال من‬
‫ال�شباب الذي ع�شقوا اال�ستهالكية‪ ،‬وم�ستويات المعي�شة الأعلى‪ ،‬والنمو‬ ‫ذلك‪ ،‬ف�إن كافة البلدان تت�أثر بالتغيير الثقافي العالمي‪.‬‬
‫االقت�صادي‪.‬‬ ‫في الم�ستقبل‪ ،‬قد يكون م�صطلح «العولمة» يعني القدرة على‬
‫الق�ضية الفرن�سية مفيدة لأنها ت�شير �إلى المفارقة الأ�سا�سية‬ ‫الحلول محل االنتقاد لال�ستعمار الثقافي الأميركي‪ .‬ت�شير العولمة‬
‫لم�س�ألة ال�شعور المناه�ض للثقافة الأميركية‪ :‬في �أي نقطة زمنية كان‬ ‫�إلى ان�ضغاط العالم كما �إلى الإدراك المتنامي ب�أن الكرة الأر�ضية‬
‫هذا االنتقاد‪ ،‬وال زال‪ ،‬من غير الممكن اعتباره دون وجهه الآخر‪� ،‬أي‬ ‫كيان متكامل ع�ضوي ًا‪ .‬رغم �أن الكثيرين يتحدثون بكل ب�ساطة عن‬
‫محبة الثقافة الأميركية‪ .‬ويمثل التوتر بين هذين الوجهين ال�شرط‬ ‫العولمة كظاهرة اقت�صادية‪ ،‬فهي ظاهرة متعددة الأوجه في �أ�سبابها‬
‫الالزم بذاته لدعم بقاء كال الوجهين‪ :‬فالتوقعات العالية وال�سقوط‬ ‫وت�أثيراتها‪ .‬ي�شمل هذا الم�صطلح المبهم بنوع ما العديد من خا�صيات‬
‫المرير للأوهام يت�صالن دوم ًا ب�شكل وثيق‪.‬‬ ‫انت�شار الر�أ�سمالية‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬ومنطقية التفكير الغريبة‪ .‬مع‬
‫ويبقى �أن �أكثر الدول قوة كانت تواجه الدر�س التاريخي‬ ‫ذلك‪ ،‬تكمن الفكرة المركزية في �أن الثقافات والمجتمعات ال‬
‫الأ�سا�سي ب�أن القوة تولد الريبة‪ ،‬وب�أنه كلما ازدادت القوة التي ت�سلطها‬ ‫تتراكب بال�ضرورة مع حدود الدولة القومية‪ .‬بكلمات �أخرى‪ ،‬قد ال‬
‫دولة م�سيطرة كلما ازدادت عدائية الدول الأخرى لها‪ .‬خالل الفترة‬ ‫تقع م�س�ؤولية انت�شار الثقافة الجماهيرية الحديثة على عاتق الواليات‬
‫بين الحربين العالميين‪ ،‬وحتى خالل ال�سنوات الأولى للحرب الباردة‪،‬‬ ‫المتحدة‪.‬‬
‫�أدرك عدد من المراقبين ال�سيا�سيين والمراقبين الثقافيين هذه‬ ‫خالل العقود الأخيرة‪ ،‬انتقل الكثير من االنتقادات الدولية‬
‫النقطة وانذروا �صانعي ال�سيا�سة الأميركية حول تداعيات هذا التطور‪.‬‬ ‫«للإمبريالية الثقافية» بعيد ًا عن الخط المناه�ض للأميركيين �إلى‬
‫وبعد �أن �أ�صبحت الواليات المتحدة قوة عالمية عظمى كان من غير‬ ‫م�ستوى عالمي �أو�سع دون ت�سمية عدو يمكن تعيينه‪ .‬وحتى الن ّقاد‬
‫الممكن للنا�س في الخارج‪ ،‬بكلمات العالم الالهوت الأميركي راينهولد‬ ‫الرئي�سيون للواليات المتحدة �أعادوا ترتيب لومهم ال�سابق ليتنا�سب‬
‫نيبور‪�« ،‬أن يكرهنا الذين يملكون ال�سلطة عليهم»‪ ،‬وهذا �صحيح وفق‬ ‫مع هذا الر�أي‪ .‬وحتى في عام ‪ ،1980‬قام ارمان ماتيالرت بالتحذير‬
‫م�صطلحات ثقافية و�سيا�سية‪ .‬عند الإمعان في التفكير بم�ستقبل‬ ‫من اال�ستعمال العري�ض وغير المالئم لمفهوم «الإمبريالية الثقافية»‬
‫العولمة والدور الذي �سوف تلعبه الواليات المتحدة في هذا ال�سياق‪،‬‬ ‫ف�شدّد على �أن الم�صطلح ال يعني �ضمني ًا وجود م�ؤامرة خارجية‬
‫فقد ترغب في تذكر كلمات هذا الرجل الحكيم‪.‬‬ ‫بل يمكن �أن يت�شكل فقط من مجموعة متوافقة من القوى الدولية‬
‫والمحلية (النخبوية)‪.‬‬
‫ف�إذا كانت فكرة ال�سيطرة الثقافية للواليات المتحدة ُمع ّر�ضة‬
‫لمثل هذا القدر من عدم اليقين‪ ،‬فلماذا �إذن ت�ضخم ال�شعور‬
‫المناه�ض للأميركيين في كل مكان تقريب ًا من العالم خالل العقود‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء �أو‬
‫�سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬ ‫الما�ضية وحتى اليوم؟ كثير ًا ما تتعلق الأ�سباب بالواليات المتحدة‬
‫�أقل من تعلقها بالمحتجين �أنف�سهم‪ .‬بمفهوم معين‪ ،‬ال توجد مناه�ضة‬
‫ثقافية �ضد الأميركيين بل فقط مجموعة متناظرة من العبارات غير‬
‫المتجان�سة لهذه الظاهرة ُمتك ّيفة مع الهواج�س الجغرافية والدورات‬
‫الطبيعية التاريخية‪ .‬ال يختلف �شكل ومحتوى هذه الظاهرة ِطبق ًا‬
‫لأبعادها الحيزية فح�سب‪� ،‬إلى بل و�أي�ض ًا ا�ستناد ًا �إلى �أبعاده الزمنية‪:‬‬
‫لكل ع�صر ولكل مجموعة �أ�شكالها الخا�صة بها في المناه�ضة للثقافة‬
‫الأميركية‪ .‬في القرن الع�شرين‪ ،‬تركزت الكثير من هذه االنتقادات‪،‬‬
‫على الجانب االقت�صادي لل�صادرات الثقافية الأميركية‪ .‬ويبدو �أنه في‬
‫القرن الواحد والع�شرين‪� ،‬سوف يقلق النا�س �أكثر ب�ش�أن تداعيات القوة‬
‫الأميركية على ال�سيا�سة العالمية‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪32‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫“�شـهـرة” حــول الـعـالـم‬
‫في العالم المعولم اليوم‪ ،‬لم تعد ال�شهرة تنح�صر بنف�س بلد المرء‪ .‬نجوم ال�سينما‪ ،‬المو�سيقيون‪� ،‬أبطال الريا�ضة‪ ،‬م�صممو الأزياء‪،‬‬
‫و�أ�صحاب المبادرات االقت�صادية هم من بين المجموعات العديدة التي حققت «�شهرة عظيمة» من خالل م�شاطراتهم لمواهبهم‬
‫وثقافتهم الفريدة مع المجتمع العالمي‪ .‬تلقي الق�صة الم�صورة التالية ال�ضوء على بع�ض ه�ؤالء النا�س الذين ا�ستغل العديد منهم‬
‫�شهرته لتح�سين حياة غيره ممن هم �أقل حظوة منه‪ .‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬تبرع نجم كرة ال�سلة الكونغولي‪ ،‬والإن�ساني المعروف‪ ،‬ديكمبي موتومبو‪،‬‬
‫الظاهر �أدناه‪ ،‬بماليين الدورات لت�أ�سي�س �أول مرفق طبي حديث في كين�شا�سا‪ ،‬عا�صمة جمهورية الكونغو الديمقراطية‪ .‬يظهر موتومبو‪ ،‬نجم فريق‬
‫كرة ال�سلة هيو�ستون روكيت�س‪ ،‬محاط ًا هنا بزميليه في الفريق‪ :‬النجم ال�صيني ياو مينغ والأميركي ديفيد وزلي (وكالة �أنباء �أ‪.‬ب‪ .‬هي �صاحبة جيمع‬
‫ال�صور في هذا التحقيق)‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪33‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫نجم مو�سيقى الروك الأيرلندي بونو‪ ،‬المغني الرئي�سي في فرقة‬
‫‪ ،U2‬ي�صدح �أمام الجماهير في خم�س حفالت نفذت جميع‬
‫تذاكرها و�أقيمت الحفلة في مادي�سون �سكوير غاردن بمدينة‬
‫نيويورك‪ .‬في عام ‪ ،2006‬ح�صلت فرقة ‪ U2‬على خم�س جوائز‬
‫غرامي‪ ،‬وهي الجائزة الكبرى في �صناعة المو�سيقى الأميركية‪.‬‬
‫بالإ�ضافة �إلى �شهرته المو�سيقية‪ُ ،‬يعرف بونو دوليا بعمله‬
‫الن�شط في برامج مكافحة مر�ض الإيدز في �أفريقيا‪.‬‬

‫ممثلة «بوليوود»‪ ،‬نهى دوبيا‪ ،‬والممثل الباك�ستاني معمر‬


‫رانا‪ ،‬يقفان �أمام عد�سات الم�صورين خالل حملة‬
‫ترويج لفيلهما القادم «ال تقع في الحب �أبد ًا»‪� .‬إن‬
‫اال�ستوديوهات الم�سماة «بوليوود» في الهند‪ ،‬وهي كلمة‬
‫تتالعب على لفظة هوليوود‪ ،‬تُع ّد �أكثر ا�ستوديوهات‬
‫�صناعة الأفالم ال�سينمائية في العالم غزارة في‬
‫الإنتاج‪ ،‬حيث تنتج �سنويا مئات الأفالم التي ي�شاهدها‬
‫ماليين الب�شر عبر العالم‪ .‬عمل �سوية عدد من النجوم‪،‬‬
‫والمخرجين‪ ،‬والمنتجين المتعاقدين لدى ا�ستوديوهات‬
‫«بوليوود» على جمع التبرعات ل�ضحايا الإع�صار‬
‫ت�سونامي عام ‪.2005‬‬

‫العب البي�سبول‪ ،‬لأق�صى الملعب‪ ،‬في فريق نيويورك‬


‫يانكيز‪ ،‬هيديكي مات�سوي‪� ،‬إلى الي�سار‪ ،‬والعب البي�سبول‪،‬‬
‫الق�صى الملعب‪ ،‬في فريق �سياتل مارينرز‪ ،‬اي�شيرو‬
‫�سوزوكي تمكنا من االنتقال بنجاح من ممار�سة لعبة‬
‫البي�سبول في اليابان لي�صبحا العبين في رابطة فرق‬
‫البي�سبول الرئي�سية التي ت�ضم نجوم اللعبة في الواليات‬
‫المتحدة‪ .‬وا�ستنادا �إلى موقع الإنترنت ‪ mlb.com‬هناك‬
‫ن�سبة قدرها ‪ 29.2‬بالمئة من الالعبين في رابطة فرق‬
‫البي�سبول الرئي�سية‪ ،‬وكانت م�سجلة �أ�سما�ؤهم يوم افتتاح‬
‫المباريات عام ‪ ،2005‬كانوا مولودين خارج الواليات‬
‫المتحدة‪ .‬يمثل ه�ؤالء الالعبين ‪ 15‬بلد ًا �أجنبي ًا‪� ،‬إ�ضاف ًة‬
‫�إلى بورتوريكو وجزر الفيرجين‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪34‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫المنتج‪/‬المخرج ال�سينمائي ال�شهير �ستيفن �سبيلبرغ‪ ،‬والممثلة الماليزية‬
‫مي�شال يوه‪ ،‬والممثل الياباني كن واتنابي يظهرون في حفلة العر�ض الأول‬
‫للفيلم «مذكرات فتاة غي�شا»‪ .‬مثلت يوه اي�ضا في الأفالم «النمر المتوثب‪،‬‬
‫التنين المخفي»‪ ،‬و «غد ًا ال يموت �أبد ًا»‪ .‬ت�شمل الأفالم التي �أنتجها‬
‫و�أخرجها �سبيلبرغ �أفالما حطمت الأرقام القيا�سية في عدد م�شاهديها‪،‬‬
‫مثل «انديانا جونز»‪ ،‬و�سل�سلة �أفالم «جورا�سيك بارك»‪ .‬وقد م ّثل واتنابي‬
‫�أي�ضا في فيلم «ال�ساموراي الأخير‪».‬‬

‫�أ�صبحت الممثلة الفرن�سية �أودري تاتو نجمة دولية جراء �أدائها‬


‫في الحكاية الخيالية العاطفية «�أميلي» من ت�أليف جون ‪ -‬بيير‬
‫جونيه‪ .‬وتمثل �أودري �أي�ض ًا في فيلم «خطوبة طويلة جد ًا»‪ ،‬وهو‬
‫من �إنتاج فرن�سي‪�/‬أميركي م�شترك‪.‬‬

‫كثير ًا ما تدمج �أفالم جاكي �شان الفكاهة ال�صاخبة مع فنون القتال‬ ‫خالل الخم�سينات‪ ،‬وال�ستينات‪ ،‬وال�سبعينات من القرن‬
‫العالية ال�شدة‪ .‬ومثله مثل الممثل يوه‪ ،‬ي�ؤدي �شان بنف�سه حركات‬ ‫الما�ضي ا�شترك العب كرة القدم البرازيلي بيليه في‬
‫الأدوار الخطيرة في �أفالمه‪ .‬ت�شمل الئحة �أفالمه الأفالم‪« ،‬ق�صة‬ ‫�أربع دورات لبطولة ك�أ�س العالم في لعبة كرة القدم مع‬
‫بولي�سية جديدة»‪ ،‬و»�ساعة االزدحام»‪ ،‬و»�ساعة االزدحام ‪ُ ،»2‬‬
‫و»ظهر‬ ‫الفريق القومي البرازيلي‪ ،‬و�سجل ‪ 1280‬هدف ًا في جميع المباريات‬
‫يوم في �شانغهاي»‪ .‬ي�شغل جاكي �شان‬ ‫التي �شارك فيها والتي بلغ عددها ‪ 1360‬مباراة‪ .‬ي�ستمر اعتباره‬
‫�أي�ض ًا من�صب �سفير‬ ‫في البرازيل �أ�سطورة حية‪ ،‬حيث �سوف ُيعرف �إلى الأبد على انه‬
‫النوايا الح�سنة لدى‬ ‫ال�شخ�ص الذي نقل لعبة كرة القدم �إلى الواليات المتحدة‪ .‬قام‬
‫اليون�سيف‪ ،‬و�ساهم‬ ‫بيليه بن�شاط وا�سع لم�صلحة رعاية‬
‫بمبلغ ‪ 65‬الف دوالر‬ ‫الأطفال من خالل منظمة اليون�سيف‬
‫لم�ساعدة �ضحايا‬ ‫التابعة للأمم المتحدة‪.‬‬
‫الإع�صار ت�سونامي‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪35‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫المغنية‪/‬الممثلة بيورك �أ�صبحت‪ ،‬دون نقا�ش‪ ،‬ا�شهر �شخ�صية في فن الغناء ال�شعبي في‬
‫�أي�سلندا‪�ُ .‬سميت اف�ضل ممثلة لدورها في فيلم «راق�ص في الظالم» في مهرجان كان‬
‫ال�سينمائي في �أيار‪/‬مايو ‪� .2000‬أك�سبها هذا الفيلم تر�شيح ًا لنيل جائزة الأكاديمية للفنون‬
‫في عام ‪ 2001‬لأف�ضل �أغنية‪ ،‬والتي حملت العنوان «ر�أيت كل �شيء»‪ .‬ا�شتركت بيورك بتقديم‬
‫�أغانيها في الحفل الغنائي «اليابان ‪ 8‬مبا�شر» لدعم الم�ساعدات لأفريقيا‪� .‬أطلقت البوم‬
‫�أغانيها «جي�شي م�ؤلف مني»‪ ،‬ور�صدت �إيراداته �إلى �ضحايا الإع�صار ت�سونامي في �آ�سيا‪.‬‬

‫�آيجي �أونوما‪ ،‬م�صمم ياباني ومخرج العاب فيديو‪ ،‬ك�سل�سلة الألعاب‬


‫نينتندو ال�شعبية الم�سماة «�أ�سطورة زلدا»‪ .‬كون العديد من العاب‬
‫الفيديو متفاعلة‪ ،‬وم�سلية وتميل‪� ،‬إلى الت�أثير على الطبيعة التناف�سية‬
‫للنا�س‪ ،‬ف�إنها �ساهمت في انت�شار ال�شعبية الدولية لهذه الألعاب‪ .‬تقدم‬
‫العديد من هذه الألعاب خيار اللعب المنفرد لالعب �ضد الكمبيوتر‬
‫نف�سه‪� ،‬أو �ضد �أ�صدقائه‪ ،‬او �ضد العبين �آخرين عبر العالم مت�صلين‬
‫مبا�شرة بخط الإنترنت‪.‬‬

‫المغنية ماريا ريتا‪ ،‬الحائزة على جائزة غرامي‪ ،‬هي ابنة المغنية البرازيلية الراحلة �ألي�س رجينا وعازف مو�سيقي الجاز ومو�سيقى‬
‫البوب على البيانو‪ ،‬والم�ؤلف والمك ّيف المو�سيقي‪� ،‬سيزار كامارغو ماريانو‪ .‬ك�سب �ألبومها الأول المعنون با�سمها‪ ،‬عام ‪ ،2003‬لي�س‬
‫الإطراء ال�شعبي و�إطراء النقاد فح�سب‪ ،‬بل و�أي�ضا ثالث جوائز التين غرامي‪ ،‬والتي �شملت جائزة اف�ضل فنانة جديدة‪ ،‬وجائزة اف�ضل‬
‫البوم لمو�سيقى �شعبية برازيلية (‪ ،)MPB‬وجائزة اف�ضل اغنية برازيلية (باللغة البرتغالية)‪ .‬و�صفتها �صحيفة نيويورك تايمز ب�أنها‬
‫«اكبر ظاهرة في حقل المو�سيقى ال�شعبية البرازيلية حدثت منذ �سنوات‪».‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪36‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫و�صفت مو�سيقى فرقة «�سي�ستم �أوف �أي داونز»‪ ،‬والتي انطلقت من لو�س‬
‫انجلو�س‪ ،‬على �أنها تجمع بين عنا�صر من مو�سيقى «الغوث» �أو القوطية‬
‫(�شكل مب�سط من مو�سيقى الروك) ومو�سيقى «الفانك» (�شكل من مو�سيقى‬
‫الروك العاطفية الكئيبة)‪ ،‬والتي ت�صاحبها مو�سيقى �إيقاعية حادة تجتذب‬
‫المعجبين من �صغار ال�شباب مع كلمات تجذب من هم في الع�شرينات من‬
‫العمر‪ .‬كل �أفراد الفرقة من �أ�صل �أرمني وولد اثنان منهم في لبنان‪ ،‬وواحد‬
‫في �أرمينيا‪ ،‬و�آخر في كاليفورنيا‪.‬‬

‫ر�سخت المغنية الكولومبية �شاكيرا �شهرتها كنجمة غناء عالمية ت�ؤدي مزيجا مبتكرا‬ ‫ّ‬
‫من �أنماط المو�سيقى ال�شعبية والروك‪ .‬نالت جائزة غرامي لأف�ضل مغنية مو�سيقى‬
‫البوب («‪ )»OJOS ASI‬في الحفلة االفتتاحية لتوزيع جوائز غرامي الالتينية‬
‫عام ‪ .2000‬تعززت �شهرتها ك�سوبر�ستار بدرجة كبيرة في ال�سنة التالية عندما دخلت‬
‫�أغنيتها «لوندري �سرفي�س» (خدمة الغ�سل) في الئحة الأغاني الخم�س الأكثر انت�شارا‬
‫على القوائم الأميركية الرئي�سية لمو�سيقى البوب‪.‬‬

‫يقف �سايجي هدريبو�شي‪ ،‬م�ؤ�س�س �شركة فيز‬


‫لالت�صاالت‪ ،‬ونا�شر مجلة «�شونن جامب» بجوار عدد‬
‫من ال�شخ�صيات الهزلية و�شخ�صيات الر�سوم الكرتونية‬
‫المتحركة‪ ،‬عند مدخل مكاتب �شركته في �سان‬
‫فران�سي�سكو‪ .‬الر�سوم المتحركة‪ ،‬وال ّلعب‪ ،‬والعاب الفيديو‬
‫اليابانية تتمتع ب�شعبية كبيرة حول العالم لأنها تتجاوز‬
‫تقييدات الجن�س وال�سن‪ُ .‬كتب الق�ص�ص الم�صورة‬
‫«مانغا»‪ ،‬والر�سوم المتحركة اليابانية المعروفة با�سم‬
‫«�أنيم»‪ ،‬تتحول حاليا ب�سرعة من ك ّوة ال�سوق الخا�ص بها‬
‫�إلى ظاهرة جماهيرية في الواليات المتحدة‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪37‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫كانت اال�سطوانة «بايبي غيرل» التي �أطلقها �شون بول‬
‫عام ‪ 1996‬الأولي من �سل�سلة روائع مو�سيقى الري ّغي‬
‫التي �أثبتت ان بالإمكان تبني هذا النمط من المو�سيقى‬
‫الجاميكية ال�شعبية الأ�صلية لقاعات الرق�ص على نطاق‬
‫عالمي‪ .‬بيع عبر العالم ‪ 6‬ماليين ن�سخة من �ألبومه‬
‫«دوتي روك» الحائز على ا�سطوانتي بالتين مزدوجتين‬
‫(التي تمنحها �شركة ت�سجيل اال�سطوانات للم�ؤلف‬
‫عندما يتجاوز العدد المباع من اال�سطوانة المليون‬
‫ن�سخة)‪ .‬وكذلك ح�صل على جوائز �شرف عديدة من‬
‫بينها جائزة غرامي الف�ضل البوم لمو�سيقى الريغي عام‬
‫‪.2004‬‬

‫تح�ضر المغنية بيون�س نولز‪ ،‬وم�صمم الأزياء الكبير طوني‬


‫هيلفيجر‪ ،‬حفل �إطالق �صنف عطور جديد �أنتجه هيلفيجر‪.‬‬
‫بيون�س‪ ،‬المولودة في هيو�ستون‪ ،‬تك�سا�س م�ؤلفة مو�سيقية بارعة‬
‫وتغني بالفرن�سية كما بالإنجليزية‪ .‬ح�صلت على جوائز غرامي‬
‫عديدة وت�ؤدي �أغانيها �أحيانا كثيرة في حفالت خيرية‪ ،‬كالحفل‬
‫الخيري الذي �أقيم عام ‪ 2003‬لمكافحة مر�ض الإيدز في‬
‫�أفريقيا الجنوبية‪ .‬يعمل والدها‪ ،‬بمثابة م�ؤ�س�سة �أعمال عائلية‬
‫حقيقية‪ ،‬مدير ًا لأعمالها‪ ،‬وتُ�صمم والدتها �أزياء مالب�سها‪.‬‬
‫الم�صمم هيلنيجر القادم �أ�سا�سا من الميرا‪ ،‬بوالية نيويورك‪،‬‬
‫حول �شركة بد�أت �أعمالها ببيع �سراويل الجينز والمالب�س‬
‫الريا�ضية للرجال �إلى �إمبراطورية عالمية وحققت �إجمالي‬
‫مبيعات �سنوية تجاوزت ن�صف مليار دوالر‪ ،‬و�شملت بيع مالب�س‬
‫ن�سائية‪ ،‬مالب�س �أطفال‪� ،‬أحذية‪ ،‬نظارات‪ ،‬عطور‪ ،‬ومفرو�شات‬
‫منزلية‪.‬‬

‫جيرار دي بارديو قد ُيعتبر �أهم ممثل في فرن�سا اليوم‪،‬‬


‫قام ب�أدوار في الم�سرح وفي ال�سينما �شملت دور �سيرانو‬
‫دي برجيراك‪ ،‬الكونت دي مونتي كر�ستو‪ ،‬نابوليون‪،‬‬
‫وال�شخ�صية الهزلية اوبيليك�س‪ .‬م ّثل في �أفالم �أميركية‬
‫مثل «الرجل في القناع الحديدي» و»البطاقة الخ�ضراء»‪،‬‬
‫ويمثل �أي�ض ًا في فيلم «فر�سان مانهاتن»‪ ،‬من �إخراج �سام‬
‫وايزمن‪ ،‬والمقرر عر�ضه عام ‪.2006‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪38‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫العولمة وحقوق الإن�سان والديمقراطية‬
‫بقلم دانيال غري�سوولد‬

‫التجارة‪ ،‬والتنمية‪ ،‬والإ�صالح ال�سيا�سي‬ ‫دانيال غري�سوولد هو مدير مركز درا�سات ال�سيا�سة التجارية في معهد‬
‫كاتو في وا�شنطن‪ ،‬العا�صمة‪ّ � .‬ألف العديد من الدار�سات والمقاالت‬
‫لي�س كالم ًا ا�ستهالكي ًا‪ ،‬فمن الناحية النظرية كما في الممار�سة‬ ‫حول التجارة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعولمة ب�ضمنها درا�سة �أجراها في كانون‬
‫الفعلية تدعم الحريات االقت�صادية وال�سيا�سية �إحداهما الأخرى‪.‬‬ ‫الثاني‪/‬يناير ‪ 2004‬حملت العنوان‪« :‬ا�ستبدال اال�ستبداد بالحرية‬
‫الحظ الفال�سفة ال�سيا�سيون من �أر�سطو حتى �صموئيل هنتنغتون �أن‬ ‫كيف‪ :‬كيف تحرث الأ�سواق المفتوحة التربة للديمقراطية»‬
‫ب�إمكان التنمية االقت�صادية والطبقة المتو�سطة المتو�سعة �أن تو ّفر تربة‬ ‫‪Trading Tyranny for Freedom‬‬
‫�أكثر خ�صوبة لنمو الديمقراطية‪.‬‬ ‫(‪)How Open Markets Till the Soil for Democracy‬‬
‫ت�ستطيع التجارة والعولمة توفير التحفيز للإ�صالح ال�سيا�سي‬ ‫وهي متوفرة على موقع الإنترنت ‪.www.freetrade.org‬‬
‫من خالل تو�سيع نطاق حرية النا�س للتحكم �أكثر في حياتهم اليومية‪.‬‬
‫في الدول الأقل نمو ًا‪ ،‬يعني تو�سيع الأ�سواق انتفاء الحاجة �إلى ر�شوة �أو‬
‫ا�ستعطاف الم�س�ؤولين الحكوميين لل�سماح لهم با�ستيراد جهاز تلفزيون‬ ‫عندما يجري البحث بموا�ضيع التجارة والعولمة في‬
‫�أو قطع غيار لجرارهم‪ .‬فال تبقى قوانين الرقابة على �صرف العمالت‬ ‫الكونغر�س الأميركي وفي و�سائل الإعالم الأميركية‪،‬‬
‫الأجنبية تقيد حريتهم في ال�سفر �إلى الخارج‪ .‬وي�ستطيعون الح�صول‬ ‫يتركز االهتمام بالكامل على وجه التقريب على الت�أثير‬
‫ب�سهولة اكبر على و�سائل االت�صاالت كالهواتف النقالة‪ ،‬والو�صول �إلى‬ ‫االقت�صادي في الوطن‪� ،‬أي على الإنتاج ال�صناعي‪ ،‬والوظائف‪ ،‬والأجور‬
‫الإنترنت‪� ،‬شبكات البث التلفزيوني بالكيبل‪ ،‬و�أجهزة الفاك�س‪.‬‬ ‫لكن التجارة تعني �أكثر من ت�صدير فول ال�صويا وال ِعدد الآلية‪ .‬فهي‬
‫وب�صفتهم عماال ومنتجين‪ ،‬يعتمد النا�س في البلدان الأكثر‬ ‫تتعلق �أي�ض ًا بت�صدير الحرية والديمقراطية‪.‬‬
‫انفتاح ًا بمقدار اقل على ال�سلطات لت�أمين معي�شتهم‪ .‬فعلى �سبيل‬ ‫منذ ‪� 11‬أيلول‪�/‬سبتمبر ‪ ،2001‬عبرت �إدارة الرئي�س بو�ش‬
‫المثال‪ ،‬في بلد اكثر انفتاح ًا تقود فيه الأ�سواق الحرة االقت�صاد لن‬ ‫بالتف�صيل ماهية الجدال القائل ان التجارة ت�ستطيع‪ ،‬ويجب عليها‪ ،‬ان‬
‫تبقى الحكومة قادرة على منع ال�صحف الم�ستقلة من ن�شر الأخبار �إن‬ ‫تقوم بدور في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإن�سان في باقي العالم‪.‬‬
‫هي �أغ�ضبت ال�سلطات الحاكمة‪ .‬وفي اقت�صاد ومجتمع اكثر انفتاح ًا‪،‬‬ ‫في خطاب �ألقاه في ني�سان‪�/‬أبريل‪ ،2004 ،‬قال الرئي�س بو�ش‪« :‬التجارة‬
‫ف�إن ما ي�سمى «بت�أثير �سي ان ان» لوو�سائل الإعالم العالمية وتنبه‬ ‫تو ّلد عادات الحرية»‪ ،‬وهذه العادات «تبد�أ بتوليد الأمل بالديمقراطية‬
‫الم�ستهلكين يك�شف �إ�ساءة معاملة العمال و ُيثني عنها‪ .‬ي�صبح لدى‬ ‫والمطالبة ب�إن�شاء م�ؤ�س�سات ديمقراطية اف�ضل‪ .‬ت�صبح المجتمعات‬
‫ال�شركات المتعددة الجن�سيات العاملة في بلدان نامية الأكثر عولمة‬ ‫المفتوحة �أمام التجارة عبر حدودها القومية اكثر انفتاح ًا تجاه‬
‫حوافز �أكبر لتقديم فوائد و�أجور تناف�سية اكثر من تلك المعتمدة في‬ ‫الديمقراطية داخل حدودها‪».‬‬
‫بلدان مغلقة‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪39‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫�أن ن�سبة ‪ 46‬بالمئة من �سكان العالم‬ ‫ت�ساعد بدورها الحرية االقت�صادية‬
‫يعي�شون الآن في بلدان ُ�ص ّنفت على‬ ‫�إن تطبيقات ال�سيا�سة اخلارجية الأمريكية‬ ‫والمداخيل المتزايدة في تغذية طبقة‬
‫�أنها «حرة» حيث يتوفر للمواطنين‬ ‫تعني ان ب�إمكان التجارة والتنمية‪� ،‬سوية مع‬ ‫متو�سطة‪ ،‬متعلمة‪ ،‬وواعية �سيا�سي ًا‬
‫فيها التناف�س ال�سيا�سي المفتوح‪ ،‬وجو‬ ‫�أكثر‪� .‬إن �صعود طبقة من �أ�صحاب‬
‫من االحترام للحقوق المدنية‪ ،‬وحياة‬
‫أداتان‬ ‫�‬ ‫انهما‬ ‫تثبت‬ ‫ان‬ ‫االقت�صادية‪،‬‬ ‫فوائدهما‬ ‫الأعمال والمجتمع المدني الأكثر ثرا ًء‬
‫مدنية م�ستقلة �إلى حد كبير‪ ،‬وو�سائل‬ ‫حول‬ ‫والدميقراطية‬ ‫احلريات‬ ‫لتو�سيع‬ ‫قويتان‬ ‫تخلق القادة ومراكز النفوذ خارج‬
‫�إعالم م�ستقلة»‪ .‬بالمقارنة مع ذلك لم‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫نطاق الحكومة‪ .‬فالنا�س المتحررون‬
‫تكن هناك ن�سبة تزيد عن ‪ 35‬بالمئة‬ ‫اقت�صادي ًا �سوف يطالبون بمرور‬
‫من �سكان العالم تتمتع بم�ستوى مماثل‬ ‫الزمن كما �أنهم �سوف يتوقعون‬
‫لهذا من الحريات في عام ‪ .1973‬هبطت ن�سبة ال�سكان القاطنة‬ ‫ممار�سة حقوقهم ال�سيا�سية والمدنية كذلك‪ .‬بالمقابل ف�إن الحكومة‬
‫في بلدان «غير حرة»‪� ،‬أي التي تُقمع فيها ب�صورة منتظمة الحريات‬ ‫القادرة على عزل مواطنيها عن بقية العالم ت�ستطيع ب�سهولة اكبر‬
‫ال�سيا�سية والمدنية‪ ،‬خالل نف�س المدة من ‪ 47‬بالمئة �إلى ‪ 36‬بالمئة‪.‬‬ ‫ال�سيطرة عليهم وحرمانهم من الموارد والمعلومات التي ي�ستطيعون‬
‫وبقيت ن�سبة ال�سكان في البلدان الم�صنفة «حرة جزئيا» على حالها‬ ‫ا�ستعمالها لتحدي �سلطتها‪.‬‬
‫عند ‪ 18‬بالمئة‪ .‬وفي هذه الأثناء بلغت الن�سبة المئوية للحكومات التي‬
‫تعتبر ديمقراطية في العالم �إلى ‪ 64‬بالمئة‪ ،‬وهي �أعلى ن�سبة �سجلتها‬ ‫ديمقراطية متزايدة‬
‫ا�ستطالعات فريدوم هاو�س خالل ال�سنوات الثالث والثالثين من‬
‫وجودهم‪.‬‬ ‫كما قد تتوقعه النظريات‪ ،‬ف�إن التجارة‪ ،‬والتنمية‪ ،‬والحرية ال�سيا�سية‬
‫والى حد كبير بف�ضل رياح التحرير المتولدة من نظام العولمة‪،‬‬ ‫والمدنية تبدو على �أنها مرتبطة ببع�ضها البع�ض في العالم الحقيقي‪.‬‬
‫يعني االزدياد البالغ ‪ 11‬بالمئة في ال�سكان في العلم خالل العقود الثالثة‬ ‫من الممكن لكل النا�س الموافقة على ان العالم ا�صبح �أكثر عولمة مما‬
‫الما�ضية الذين يعي�شون في دول م�صنفة على �أنها «غير حرة» �إلى دولة‬
‫«حرة» ان حوالي ‪ 650‬مليون �شخ�ص �إ�ضافي �أ�صبحوا يتمتعون اليوم بنوع‬
‫الحريات المدنية وال�سيا�سية التي تعتبر الم�سلم بها في بالد كالواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬واليابان‪ ،‬وبلجيكا بد ًال من العذاب تحت �شكل من �أ�شكال‬
‫اال�ستبداد الذي ال زلنا نراه في الدول الأكثر قمع ًا لهذه الحريات‪.‬‬
‫تبدو الحريات االقت�صادية وال�سيا�سية �ضمن البلدان الإفرادية على‬
‫�أنها مرتبطة �أي�ض ًا ببع�ضها البع�ض‪ .‬وجدت درا�سة �أجراها معهد‬
‫كاتو‪ ،‬حملت عنوان « ا�ستبدال اال�ستبداد بالحرية»‪ ،‬ان هناك احتماال‬
‫�أكبر في ان تكون البلدان المنفتحة ن�سبي ًا بوجه االقت�صاد العالمي‬

‫‪ANTHONY MITCHELL ©APWWP‬‬


‫ديمقراطية تحترم الحريات المدنية وال�سيا�سية‪ ،‬اكثر من تلك المغلقة‬
‫ن�سبي ًا‪ .‬وانه من المحتمل اكثر ان تحظى البلدان المغلقة ن�سبي ًا‪،‬‬
‫ب�صورة منتظمة‪ ،‬الحريات المدنية وال�سيا�سية بمقدار �أكبر من‬
‫البلدان المفتوحة‪.‬‬

‫من الإ�صالح االقت�صادي �إلى الإ�صالح ال�سيا�سي‬


‫خالل العقدين الما�ضيين‪� ،‬سار عدد من االقت�صادات في طريق‬ ‫كان عليه قبل ‪ 30‬عام ًا‪ ،‬لكن لي�س هناك نف�س التقدير المنت�شر ب�أن‬
‫الإ�صالح االقت�صادي والتجاري الم�ؤدي �إلى الإ�صالح ال�سيا�سي‪ .‬كانت‬ ‫العالم �صار �أكثر ديمقراطية مما كان عليه قبل ‪ 30‬عاما‪ .‬ا�ستناد ًا �إلى‬
‫كوريا الجنوبية وتايوان حتى الثمانينات من القرن الما�ضي ترزح‬ ‫احدث ا�ستطالع �أجرته م�ؤ�س�سة فريدوم هاو�س‪ ،‬فقد ازدادت بقدر‬
‫تحت حكم �أنظمة ا�ستبدادية ال ت�سمح بالكثير من المعار�ضة العلنية‪.‬‬ ‫كبير خالل العقود الثالثة الما�ضية‪ ،‬ن�سبة �سكان العالم الذين يتمتعون‬
‫اما اليوم‪ ،‬وبعد �سنوات من التو�سع التجاري والمداخيل ال�صاعدة‪،‬‬ ‫بحريات �سيا�سية ومدنية كاملة‪ ،‬كما �أم�سى عدد الحكومات التي‬
‫�أ�صبحت كال الدولتان بلدين ديمقراطيين ب�أحزاب �سيا�سية متعددة‪،‬‬ ‫�أ�صبحت ديمقراطية ‪ 50‬دولة في العالم‪.‬‬
‫تمنحان الحريات ال�سيا�سة والمدنية لمواطنيهما‪ .‬ت�شمل الئحة البلدان‬ ‫في تقريرها اال�ستطالعي ال�سنوي‪ ،‬ال�صادر في كانون الأول‪/‬‬
‫التي اتبعت بن�شاط هذين الم�سارين المزدوجين في الإ�صالح كل من‬ ‫دي�سمبر ‪� ،2005‬أفادت منظمة الأبحاث هذه حول حقوق الإن�سان‪،‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪40‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫يغذي الركود االقت�صادي‬ ‫ت�شيلي‪ ،‬غانا‪ ،‬المجر‪ ،‬المك�سيك‪ ،‬نيكاراغوا‪ ،‬باراغواي‪ ،‬البرتغال‪،‬‬
‫في ال�شرق الأو�سط‬ ‫وتنزانيا‪.‬‬
‫الإرهاب‪ ،‬لي�س ب�سبب‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بكلمات �أخرى‪ ،‬تجد حكومات تمنح مواطنيها قدرا كبيرا من‬
‫الفقر فح�سب بل �أي�ض ًا‬ ‫الحرية للم�شاركة في التجارة الدولية انه من ال�صعب عليها �أكثر‬
‫ب�سبب غياب الفر�ص‬ ‫ف�أكثر‪� ،‬أن تحرمهم من الحريات ال�سيا�سية والمدنية‪ .‬في حين ان‬
‫والأمل بم�ستقبل اف�ضل‪،‬‬ ‫الحكومات التي «تحمي» مواطنيها خلف جدران من الر�سوم الجمركية‬
‫وبالأخ�ص بين ال�شباب‪.‬‬ ‫وحواجز �أخرى للتجارة الدولية تجد ان من ال�سهل اكثر حرمان‬
‫فال�شبان الذين ال يتمكنون‬ ‫ه�ؤالء المواطنين من نف�س هذه الحريات‪ .‬وبالطبع‪ ،‬لن تكون العالقة‬
‫من �إيجاد عمل مفيد‪ ،‬وال‬ ‫المتبادلة بين االنفتاح االقت�صادي والحرية ال�سيا�سية عبر البلدان‬

‫‪CASSANDRA VINOGRAD ©APWWP‬‬


‫ي�ستطيعون الم�شاركة في‬ ‫كاملة بالتمام لكن ال يمكن �إنكار االتجاهات العامة في هذا ال�سياق‪.‬‬
‫العملية ال�سيا�سية ي�شكلون‬ ‫�إن تطبيقات ال�سيا�سة الخارجية الأميركية تعني ان ب�إمكان‬
‫غنائم �سهلة نا�ضجة‬ ‫التجارة والتنمية‪� ،‬سوية مع فوائدهما االقت�صادية‪ ،‬ان تثبت انهما‬
‫للمتع�صبين الدينيين‬ ‫�أداتان قويتان لتو�سيع الحريات والديمقراطية حول العالم‪.‬‬
‫ولمجندي الإرهابيين‪ .‬يجب‬ ‫ِ‬ ‫فمثال‪ ،‬في ال�صين القارية‪ ،‬يو ّفر الإ�صالح االقت�صادي والعولمة‬
‫ان يترافع �أي جهد لت�شجيع‬ ‫ال�سبب للأمل بتحقيق �إ�صالحات �سيا�سية لديها‪ .‬فبعد ‪� 25‬سنة من‬
‫�إيجاد حرية اكبر في ال�شرق‬ ‫الإ�صالح االقت�صادي والنمو ال�سريع �أ�صبحت هناك طبقة متو�سطة‬
‫الأو�سط برنامج عمل‬ ‫تتو�سع لأول مرة اال�ستقاللية في امتالك المنازل‪ ،‬وال�سفر �إلى‬
‫لتعزيز الحرية االقت�صادية‬ ‫الخارج‪ ،‬والتعاون مع الغير في م�شاريع اقت�صادية متحررة من الرقابة‬
‫واالنفتاح‪.‬‬ ‫الحكومية‪ .‬ارتفع عدد خطوط الهاتف الثابت‪ ،‬والهاتف النقال‪،‬‬
‫وم�ستعملي �شبكة الإنترنت بدرجة هائلة خالل العقد الما�ضي‪ ،‬وي�سافر‬
‫الم�ستقبل‬ ‫الماليين من الطالب وال�سياح ال�صينيين �سنوي ًا �إلى الخارج‪ .‬وال يمكن‬
‫�أن ُي�ش ّكل ذلك �سوى �أنباء جيدة لم�ستقبل الحرية الفردية في ال�صين‪.‬‬
‫على الم�ستوى المتعدد الأطراف‪ ،‬قد تخلق االتفاقية الناجحة مع‬ ‫مع توليد م�شكلة متنامية للحكومة‪.‬‬
‫منظمة التجارة الدولية الجو الم�ؤاتي عالمي ًا للديمقراطية وحقوق‬ ‫كما يمكن للتجارة الحرة والعولمة ان تلعبا دور ًا في ت�شجيع‬
‫الإن�سان‪ .‬فمن خالل فتح �أ�سواقها المغلقة ن�سبي ًا وك�سب زيادة �إمكانية‬ ‫الديمقراطية وحقوق الإن�سان في ال�شرق الأو�سط‪ .‬في خطاب �ألقاه‬
‫الولوج �إلى �أ�سواق الدول الغنية‪ ،‬ت�ستطيع البلدان الأقل نمو ًا تحقيق‬
‫معدالت �أعلى من النمو وتنمية الطبقة المتو�سطة المتو�سعة والتي‬
‫تُ�ش ّكل العمود الفقري لمعظم الديمقراطيات‪ .‬قد يزيد التو�صل �إلى‬
‫اتفاقية ناجحة خالل دورة التنمية في الدوحة التي تنظمها منظمة‬
‫التجارة العالمية‪ ،‬والتي بد�أت �أعمالها في العام ‪ 2001‬من تقوية‬
‫االتجاهين المزدوجين لكل من العولمة ون�شر الحريات ال�سيا�سية‬
‫والمدنية التي �شكال معالم ال�سنوات الثالثين الما�ضية‪ .‬فالف�شل في‬ ‫‪KAMRAN JEBREILI ©AP/WWP‬‬

‫تحقيق النجاح قد ي�ؤخر و ُيحبط التقدم على كال الجبهتين لماليين‬


‫الب�شر‪.‬‬
‫خالل العقود الثالثة الما�ضية �سارت العولمة‪ ،‬وحقوق الإن�سان‪،‬‬
‫والديمقراطية مع ًا �إلى الأمام‪ ،‬مع حاالت تع ّوق‪ ،‬حيث ال ت�سير كل‬
‫هذه الأ�شياء دوم ًا معا وفق نف�س الإيقاع‪ ،‬لكن بطريقة تظهر دون �أي‬
‫�شك ب�أنها مترابطة‪ .‬فمن خالل ت�شجيع العولمة في الدول الأقل نمو ًا‬ ‫في �أيار‪/‬مايو‪ ،2003‬ر�سم فيه الخطوط العري�ضة لخطته حول �إن�شاء‬
‫ال ن�ساعد على رفع معدالت النمو والمداخيل‪ ،‬وفي تعزيز م�ستويات‬ ‫منطقة تجارة حرة في ال�شرق الأو�سط‪ ،‬قال الرئي�س بو�ش‪« ،‬يملك‬
‫معي�شة �أعلى‪ ،‬وفي ت�أمين الغذاء والملب�س والم�سكن للفقراء‪ ،‬فح�سب‬ ‫العالم العربي تراث ًا ثقافي ًا عظيم ًا‪ ،‬لكنه يتخلف كثير ًا عن ركب التقدم‬
‫بل ونن�شر �أي�ض ًا الحريات ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫االقت�صادي في ع�صرنا‪ .‬لقد �ساعدت الأ�سواق الحرة والتجارة الحرة‬
‫عبر كامل الكرة الأر�ضية في دحر الفقر‪ ،‬وع ّلمت الرجال والن�ساء‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء‬ ‫عادات الحرية‪».‬‬
‫�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪41‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫عولمة الجريمة والإرهاب‬
‫لويز �شيلي‬

‫تعمل فيها �شبكات الجريمة المعولمة مع الإرهابيين‪ ،‬ويتمكن كالهما‬ ‫لويز �شيلي‪� ،‬أ�ستاذة في كلية الخدمات الدولية في الجامعة الأميركية‪،‬‬
‫من تنفيذ ن�شاطاتهما بنجاح ي�ساعدهما في ذلك الف�ساد الم�ستوطن‪.‬‬ ‫وم�ؤ�س�سة ومديرة لمركز الجريمة والف�ساد عبر الدول في الجامعة‬
‫ي�ستند التمييز الم�صطنع بين الجريمة والإرهاب �إلى فكرة‬ ‫الأميركية في وا�شنطن‪ ،‬العا�صمة‪ ،‬خبيرة رئي�سية في الجريمة‬
‫ذهنية بالية‪ .‬فالقول الذائع �إن المجرمين يمار�سون الجريمة لمجرد‬ ‫والإرهاب‪ ،‬وم�ؤلفة كتاب «�ضبط المجتمع ال�سوفياتي»‬
‫الربح المادي‪ ،‬و�أن الإرهابيين يعملون ب�صورة ح�صرية لتحقيق �أهداف‬ ‫(‪ ،)Policing Soviet Society‬وكتاب «الجريمة والتحديث»‬
‫�سيا�سية‪ ،‬يكذبه الواقع المعا�صر لهاتين المجموعتين‪ .‬فالمجرمون‬ ‫(‪ ،)Crime and Modernization‬بالإ�ضافة �إلى كتابتها مقاالت‬
‫ال ينتمون اليوم �إلى منظمات تخ�ضع ل�سلطة هرمية ال تُ�ش ّكل تهديد ًا‬ ‫عديدة وف�صوال في كتب حول كافة �أوجه الجريمة التي تتخطى‬
‫للدولة بالذات‪ ،‬كما كان ذلك �صحيح ًا بالن�سبة للمافيا ال�صقلية �أو‬ ‫الحدود القومية‪.‬‬
‫الياكوزا اليابانية‪ .‬والإرهابيون‪ ،‬كثير ًا ما �أ�صبحوا يتنقلون بدعم من‬
‫الجريمة‪ ،‬ما بين هويتي الإجرام والإرهاب‪ .‬ت�سمح هيكليات �شبكات‬
‫كليهما باالرتباط‪ ،‬عن وعي �أو بدونه‪ ،‬بهوية احدهما الآخر‪ .‬فقد تعمل‬ ‫في نهاية القرن الع�شرين‪ ،‬برزت ظاهرة جديدة تمثلت‬
‫المجموعتان مبا�شرة �سوية �أو قد تت�صالن من خالل م�سهلين بينهما‪.‬‬ ‫في قيام العولمة المتزامنة مع الجريمة‪ ،‬والإرهاب‪،‬‬
‫ففي لو�س انجلو�س‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬منحت كلية تعليم اللغة نف�سها‬ ‫والف�ساد‪ ،‬ذلك «الثالوث غير المقد�س» الذي �أ�صبح يظهر‬
‫�إلى بع�ض الخاطفين المتورطين في �أحداث ‪ 11/9‬ت�أ�شيرات دخول‬ ‫في كافة �أنحاء العالم‪ .‬فيمكن �إيجاده في �أفقر بلدان �أميركا الالتينية‬
‫وزودت كذلك ت�أ�شيرات دخول �أي�ض ًا �إلى موم�سات تابعات لع�صبة‬ ‫و�أفريقيا‪ ،‬وكذلك في قلب �أوروبا المزدهرة‪ .‬تعمل مجموعات الجريمة‬
‫رئي�سية لتهريب الب�شر‪ .‬وبدورها‪ ،‬انخرطت هذه الحلقة في تجارة‬ ‫والإرهاب بالترافق وت�سهل عملها ظاهرة الف�ساد‪ ،‬منطلقة من‬
‫بطاقات الهوية الم�سروقة التي يمكنها ت�سهيل ن�شاطات الإرهابيين‪.‬‬ ‫منطقة الحدود الثالثية في �أميركا الالتينية (البرازيل‪-‬الأرجنتين‪-‬‬
‫بعك�س الر�أي القائل ان كل ذلك نتج عن العولمة‪ ،‬ف�إن الجريمة‬ ‫الباراغوي) �إلى مناطق النزاعات الإقليمية في غرب �أفريقيا واالتحاد‬
‫المنظمة والإرهاب كان لهما ن�شاط تاريخي ًا عابر ًا لحدود الدول‪.‬‬ ‫ال�سوفياتي ال�سابق‪ ،‬والى �سجون �أوروبا الغربية‪ .‬تتقاطع الجريمة‬
‫في الثالثينات من القرن الما�ضي‪ ،‬كان �أع�ضاء ع�صابات المافيا‬ ‫والإرهاب �أي�ض ًا في ا�ستراليا‪ ،‬و�آ�سيا‪ ،‬و�أميركا ال�شمالية كما تدل‬
‫الإيطالية في الواليات المتحدة ي�سافرون �إلى كوبيه في اليابان والى‬ ‫على ذلك الق�ضايا الإجرامية التي تو ّثق هذا المزيج الوا�سع من‬
‫�شنغهاي في ال�صين للح�صول على المخدرات‪ ،‬وكان يلج�أ �أع�ضاء‬ ‫ن�شاطاتهما‪.‬‬
‫من مختلف ع�صابات الإجرام الأميركية �إلى ال�صين لتج ّنب و�صول‬ ‫لكن هذا الثالوث غير المقد�س �أكثر تعقيد ًا من مجرد ّ‬
‫توجه‬
‫ال�سلطات الأميركية المخت�صة بفر�ض تطبيق القانون �إليهم‪ .‬كما‬ ‫الإرهابيين نحو الجريمة لدعم ن�شاطاتهم‪� ،‬أو من مجرد الزيادة‬
‫وجد �أع�ضاء منظمة الجي�ش الجمهوري الأيرلندي ملج�أ �آمن ًا في كنف‬ ‫الدولية لتدفق ال�سلع الممنوعة‪ .‬فهو بالأحرى ظاهرة مميزة بذاتها‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪42‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫الدولي‪ .‬وكذلك ُيعولم الإرهابيون ن�شاطاتهم لال�ستفادة من القدرة‬ ‫الجاليات الأيرلندية في الخارج التي وفرت كذلك الدعم المالي لهذه‬
‫على تجنيد النا�س دولي ًا‪ ،‬وللبقاء بالقرب من جاليات المهاجرين‬ ‫المنظمة في �أيرلندا‪.‬‬
‫الم�شتتين التي ت�ستطيع دعمهم لوج�ستي ًا ومالي ًا‪ ،‬كما ليتمكنوا من‬ ‫�إ ّال �أن الجديد اليوم‪ ،‬هو �سرعة وتكرار تفاعالتهم المتبادلة‪،‬‬
‫اختراق المجتمعات الأكثر ثرا ًء‪.‬‬ ‫وكثافة التعاون بين هذين ال�شكلين من الجريمة العابرة للحدود‬
‫كان النتهاء الحرب الباردة ت�أثير هائل على بروز الجريمة‬ ‫القومية‪.‬‬
‫العابرة للحدود القومية‪ .‬فمع نهاية المواجهة بين القوتين العظميين‪،‬‬ ‫طور كل من المجرمين والإرهابيين �شبكات تتخطى الحدود‬
‫تقل�ص احتمال ن�شوب نزاع وا�سع النطاق‪ .‬ولكن‪ ،‬منذ �أواخر ثمانينات‬ ‫القومية‪ ،‬فوزعوا ن�شاطاتهم‪ ،‬وخططهم‪ ،‬ولوج�ستياتهم عبر عدة‬
‫القرن الما�ضي‪ ،‬حدث ارتفاع هائل في عدد النزاعات الإقليمية‪.‬‬
‫ل�سوء الحظ‪ ،‬كثير ًا ما تم ربط ال�سالح والقوى الب�شرية التي تنفذ‬
‫هذه النزاعات بالن�شاط الإجرامي العابر للحدود من خالل التجارة‬
‫بالممنوعات‪ :‬المخدرات‪ ،‬الألما�س‪ ،‬والنا�س‪ .‬و ّلدت هذه النزاعات‬
‫بدورها عدد ًا ال �سابق له من الالجئين و�ألحقت الأ�ضرار باالقت�صادات‬
‫الم�شروعة في مناطق هذه النزاعات التي �أم�ست الحق ًا � ٍ‬
‫أرا�ض خ�صبة‬
‫لتجنيد الإرهابيين‪� ،‬أو مالجئ �آمنة لتخطيط العمليات الإرهابية‬
‫وتدريب الإرهابيين‪.‬‬
‫التقدم التكنولوجي العظيم الذي تحقق خالل فترة ما بعد الحرب‬

‫‪BEN CURTIS ©AP/WWP‬‬


‫العالمية الثانية �ساعد بدرجة هائلة نمو الن�شاطات الممنوعة العابرة‬
‫للحدود القومية‪ .‬فن�شوء حركة ال�سفر الجوي التجاري‪ ،‬والتح�سينات‬
‫في �أنظمة االت�صاالت (ب�ضمنها الهاتف‪ ،‬والفاك�س‪ ،‬واالت�صاالت‬
‫ال�سريعة عبر الإنترنت)‪ ،‬ونمو التجارة الدولية �سهلت جميعها الحركة‬
‫الفعلية لل�سلع والب�شر‪ .‬ي�ستغل المجرمون والإرهابيون �سرية غرف‬
‫الدرد�شة عبر الإنترنت لتخطيط وتنفيذ ن�شاطاتهم‪ .‬ا�ستخدم �إرهابيو‬
‫‪� 11/9‬أجهزة كمبيوتر عامة لإي�صال ر�سائلهم ول�شراء تذاكر ال�سفر‬ ‫قارات‪ ،‬مربكين بذلك الأنظمة القانونية للدول التي تُ�ستخدم ك�أداة‬
‫الجوي مبا�شرة‪ .‬ب�صورة مماثلة‪ ،‬ا�ستخدم مهربو المخدرات في‬ ‫لمكافحة �أنماط الجريمة العابرة للحدود القومية في كافة تبدالتها‬
‫كولومبيا ات�صاالت ال�سلكية مرمزة لتخطيط وتنفيذ عملياتهم‪.‬‬ ‫المتعددة‪ُ .‬يعتبر المجرمون الذين يتخطون الحدود القومية من‬
‫تقترن مع العولمة �إيديولوجية الأ�سواق الحرة والتجارة الحرة‬ ‫الم�ستفيدين الرئي�سيين من العولمة‪ .‬فالإرهابيون والمجرمون‬
‫وانح�سار تدخل الدول في ال�ش�أن االقت�صادي‪ .‬ا�ستناد ًا �إلى دُعاة‬ ‫ينقلون النا�س‪ ،‬والأموال‪ ،‬وال�سلع عبر عالم �أم�سى التدفق المتزايد‬
‫العولمة‪� ،‬سوف ي�ؤدي هذا التقليل من القوانين والحواجز الدولية‬ ‫للنا�س‪ ،‬والأموال‪ ،‬وال�سلع فيه يوفر غطاء ًا ممتاز ًا لن�شاطاتهما‪.‬‬
‫المقيدة لحرية التجارة واال�ستثمار‪� ،‬إلى زيادة التو�سع التجاري‬ ‫اعتمد الإرهابيون ومجموعات الجريمة العابرة للحدود القومية على‬
‫والإنمائي‪ .‬لكن هذه الظروف بالذات والتي تُعزز البيئة المعولمة‪،‬‬ ‫نظام العولمة للو�صول �إلى �أ�سواقهم ولتدويم �أفعالهم وللتهرب من‬
‫تكون حا�سمة �أي�ض ًا لتو�سع الجريمة‪ .‬ا�ستغلت كل من ع�صابات الإجرام‬ ‫االكت�شاف‪.‬‬
‫والإرهاب هذا التقليل الهائل في الأنظمة والتخفيف من و�سائل مراقبة‬
‫عبور الحدود‪ ،‬والحرية الأكبر الناتجة عن ذلك‪ ،‬لتو�سيع ن�شاطاتهم‬ ‫�صلة العولمة‬
‫عبر الحدود وللو�صول �إلى مناطق جديدة من العالم‪ .‬وقد ازداد اليوم‬
‫تكرار هذه االت�صاالت وت�سارعت ممار�ستها‪ .‬ففي حين يخ�ضع نمو‬ ‫عولمت الجريمة المنظمة الدولية ن�شاطاتها لنف�س الأ�سباب الذي‬
‫التجارة الم�شروعة للتنظيم عبر االن�صياع ل�سيا�سات مراقبة الحدود‬ ‫تدفع �شركات م�شروعة متعددة الجن�سيات �إلى عولمة �أعمالها‪ .‬وتمام ًا‬
‫التي ير�صدها موظفو الجمارك والأنظمة البيروقراطية‪ ،‬ت�ستغل بحرية‬ ‫كما تُنتج �شركات متعددة الجن�سيات فروع ًا لها حول العالم لال�ستفادة‬
‫مجموعات الجريمة التي تتخطى الحدود القومية‪ ،‬منافذ التهرب‬ ‫من الأيدي العاملة الرخي�صة �أو من �أ�سواق المواد الأولية‪ ،‬كذلك‬
‫المتوفرة في الأنظمة القانونية للدول‪ ،‬للتو�سع في ب�سط نفوذها‪.‬‬ ‫تفعل م�ؤ�س�سات الأعمال غير الم�شروعة‪� .‬أبعد من ذلك‪ ،‬تُن�شئ �أي�ض ًا‬
‫ي�سافر المجرمون �إلى مناطق ال يمكن فيها ت�سليمهم �إلى حكوماتهم‪،‬‬ ‫م�ؤ�س�سات الأعمال‪ ،‬الم�شروعة منها وغير الم�شروعة‪ ،‬مراكز لها عبر‬
‫وين�شئون قواعد لعملياتهم في البلدان التي تكون �أجهزة فر�ض تطبيق‬ ‫العالم لتلبية حاجات الإنتاج‪ ،‬والت�سويق‪ ،‬والتوزيع‪ .‬ت�ستطيع م�ؤ�س�سات‬
‫القانون فيها غير فاعلة �أو مرت�شية‪ ،‬ويب ّي�ضون �أموالهم في دول تتبع‬ ‫الأعمال غير الم�شروعة �أن تتو�سع جغرافيا لال�ستفادة من هذه‬
‫نظام �سرية الم�صارف �أو ال تُط ّبق �سوى عدد قليل من قوانين المراقبة‬ ‫الظروف االقت�صادية الجديدة بف�ضل الثورة في االت�صاالت والنقل‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪43‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫لكافة فئات المجرمين الذين يتخطون‬ ‫الفعالة‪ .‬ومن خالل تجزئة عملياتهم‬
‫الحدود القومية‪ .‬ت�شتمل هذه الخدمات‬ ‫يح�صد المجرمون والإرهابيون فوائد‬
‫على مزودي الوثائق المزورة‪،‬‬ ‫اعتمد الإرهابيون وجمموعات اجلرمية‬ ‫العولمة‪ ،‬وفي نف�س الوقت يقللون من‬
‫ومبي�ضي الأموال‪ ،‬وحتى مهنيين من‬ ‫العابرة للحدود القومية على نظام العوملة‬ ‫مخاطر عملياتهم‪.‬‬
‫الم�ستوى العالي يقدمون خدمات‬ ‫للو�صول �إىل �أ�سواقهم ولتدومي �أفعالهم‬ ‫ازداد حجم التجارة العالمية‬
‫قانونية‪ ،‬ومالية‪ ،‬ومحا�سبية �إلى كال‬ ‫وللتهرب من االكت�شاف‪.‬‬ ‫ب�شكل هائل خالل الن�صف الثاني‬
‫المجموعتين‪ .‬يتب ّين هذا االتجاه‬ ‫من القرن الع�شرين‪ .‬كما ترافق مع‬
‫من الحقيقة الظاهرة في محاكمة‬ ‫التدفق المتعاظم لل�سلع الم�شروعة‬
‫بنك ريغز في وا�شنطن العا�صمة‪،‬‬ ‫زيادة مرور ال�سلع الممنوعة‪ُ .‬ي�ش ّكل‬
‫الذي �شملت الئحة زبائنه القانونيين‬ ‫�إيجاد ال�سلع الممنوعة من بين‬
‫ر�ؤ�ساء �أميركيين والعديدين من �أفراد المجتمع الدبلوما�سي في‬ ‫تدفقات ال�سلع الم�شروعة تحدي ًا حقيقي ًا‪ .‬فهناك ن�سبة �صغيرة جد ًا‬
‫العالم‪ ،‬والذي ت ّمت مقا�ضاته لقيامة بتبيي�ض الأموال لديكتاتور غينيا‬ ‫من �سفن الحاويات فقط تخ�ضع لتفتي�ش �شحناتها‪ ،‬الأمر الذي ُي�سهل‬
‫فحكم عليه‬‫اال�ستوائية ولت�سهيله لعمليات تحويل الأموال �إلى �إرهابيين‪ُ ،‬‬ ‫‪SHAKIL ADIL ©AP/WWP‬‬ ‫نقل المخدرات‪ ،‬وال�سالح‪،‬‬
‫بدفع غرامة مقدارها ‪ 25‬مليون دوالر‪ .‬تُب ّين هذه الق�ضية ان ن�شاطات‬ ‫وال�سلع المهربة‪ .‬وهكذا‪،‬‬
‫المجرمين والإرهابيين‬ ‫‪Jesus ALFONSO ©AP/WWP‬‬ ‫يمكن نقل المخدرات على‬
‫ال تبقى دائم ًا �ضمن‬ ‫�سفن �سمك التونا لتج ّنب‬
‫نطاق اقت�صاد الظل‪،‬‬ ‫اكت�شافها ب�سهولة‪ ،‬كما‬
‫بل تتقاطع في �أحيان‬ ‫يمكن ا�ستغالل تجارة‬
‫كثيرة مع النظام‬ ‫الع�سل لنقل الأموال وتوليد‬
‫االقت�صادي الم�شروع‪.‬‬ ‫الأرباح لمنظمة القاعدة‬
‫في نف�س الوقت‪.‬‬
‫ماذا يمكن عمله؟‬ ‫�شهدت العقود‬
‫الأخيرة ت�صاعد ًا في‬
‫ينبغي �إحداث تبديل‬ ‫�أ�شكال عديدة من الجريمة‬
‫�أ�سا�سي في المثال المتبع لطريقة مقاربتنا للأمن‬ ‫المعولمة‪ .‬كانت تجارة‬
‫الدولي‪ .‬فاال�ستمرار في اعتماد التو�صيفات‬ ‫المخدرات �أول قطاع للممنوعات يحقق �أق�صى الأرباح‬
‫الم�صطنعة والمتهالكة التي تقول �إن المجرمين‬ ‫في عالم معولم‪ .‬حقق المجرمون �أرباح ًا هائلة‬
‫ال يحفزهم �إ ّال الربح‪ ،‬و�إن الإرهابيين ال تحفزهم‬ ‫من المتاجرة بالمخدرات‪ ،‬وا�ستخدمت مجموعات‬
‫�سوى الدوافع ال�سيا�سية �أو الدينية‪ ،‬هو ما ي�ؤدي‬ ‫�إرهابية عديدة تهريب المخدرات كم�صدر هام‬
‫‪DAVID LONGSTREATH ©AP/WWP‬‬

‫�إلى ف�شل �صانعي ال�سيا�سة وهيئات فر�ض تطبيق‬ ‫لتمويل عملياتها‪ .‬لكن‪ ،‬بعد ان ازدادت المناف�سة‬
‫القانون ووا�ضعي الخطط اال�ستراتيجية الع�سكرية‪،‬‬ ‫في �سوق المخدرات‪ ،‬وتعززت �أ�ساليب فر�ض تطبيق‬
‫بوجه عام‪ ،‬في التعامل ب�شكل فعال مع الظاهرة‬ ‫القانون الدولي لمكافحتها‪ ،‬انخف�ضت الأرباح ب�سبب‬
‫الجديدة ل�شبكات الجريمة المتخطية للحدود‬ ‫المناف�سة والمخاطر المتزايدة‪ ،‬وكانت النتيجة ان‬
‫القومية‪.‬‬ ‫ا�ستغل العديد من المجرمين والإرهابيين �أ�شكا ًال‬
‫�أخرى من الجريمة �س ّهل تنفيذها االقت�صاد المعولم‪ .‬ا�ستفاد‬
‫المجرمون والإرهابيون بالتالي مالي ًا من ازدياد التجارة بالأ�سلحة‬
‫وعمليات تهريب الب�شر‪ .‬كما ح�صلت زيادة هائلة في التجارة غير‬
‫ال�شرعية ب�أجنا�س الحيوانات المعر�ضة للخطر‪ ،‬بالنفايات الخطرة‪،‬‬
‫بالأعمال الفنية والآثار الم�سروقة‪ ،‬بال�سلع المزيفة‪ ،‬وبالجريمة‬
‫المعولمة المت�صلة ببطاقات االئتمان‪ .‬ت�ستغل كل من الجريمة‬
‫المنظمة والإرهابيين كافة هذه الن�شاطات‪ ،‬وفي بع�ض الأحيان حتى‬
‫ب�صورة مترادفة لكليهما‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬تطورت �صناعة من الخدمات الرئي�سية لتوفير خدمة‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪44‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫عمل الإرهابيين الذين فجروا قطارات‬ ‫يجب ان تبتعد الدول والم�ؤ�س�سات‬
‫الركاب في مدريد في ‪� 11‬آذار‪/‬مار�س‬ ‫احلاجة ملحاربة اجلرمية لي�ست م�س�ألة‬ ‫المتعددة الأطراف عن المثال الأمني‬
‫‪ 2004‬لو كانت �سلطات ال�سجون مدركة‬ ‫الذي �ساد خالل فترة ما بعد الحرب‬
‫لما يجري التخطيط لتنفيذه في داخل‬ ‫للحرب‬ ‫باملطلق‬ ‫مركزية‬ ‫ق�ضية‬ ‫أنها‬ ‫�‬ ‫بل‬ ‫هام�شية‬ ‫الباردة‪ ،‬والذي يعتبر النزاعات‬
‫مرافقها‪.‬‬ ‫إرهاب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�ضد‬ ‫بين الدول القومية بمثابة التهديد‬
‫هناك مثال عن اال�ستراتيجية‬ ‫الرئي�سي للأمن الدولي‪ ،‬ويفتر�ض‪،‬‬
‫الناجحة المتبعة �ضمن دائرة ال�شرطة‬ ‫بنا ًء على ذلك‪ ،‬ان الدول قادرة على‬
‫في لو�س انجلو�س‪ ،‬التي تدمج جهود قوات ال�شرطة المحلية مع جهود‬ ‫التح ّكم بالأمن الدولي‪ .‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬قد تكون ا�ستراتيجية‬
‫قوات تطبيق القانون الفدرالية‪ .‬فمن خالل توحيد التحليل الخبير مع‬ ‫التحكم بانت�شار �أ�سلحة الدمار ال�شامل من خالل احتجاز المواد‬
‫عمل ال�شرطة التقليدي‪ ،‬والمتابعة الوثيقة للن�شاط الإجرامي داخل‬ ‫الالزمة ل�صنعها م�صممة ب�صورة رائعة لكن ي�شوبها خط�أٌ ُمهلك‪ ،‬لأنه‬
‫مجتمعاتها‪ ،‬حققت دائرة ال�شرطة في لو�س انجلو�س نجاح ًا باهر ًا‬ ‫بدون معالجة التهديدات الإ�ضافية التي يطرحها االنت�شار الم�ست�شري‬
‫في تمزيق الن�شاط الإرهابي المحتمل‪ ،‬كما التنظيمات التي تمول‬ ‫للف�ساد‪ ،‬ولعمليات ال�شبكات الإجرامية والإرهابية فقد تو ّلد الدول‬
‫وت�سهل الإرهاب‪ .‬من خالل العمل التقارني والتخفيف من الحواجز‬ ‫�شعور ًا زائف ًا بالأمن‪.‬‬
‫البيروقراطية‪ ،‬تمكن رجال ال�شرطة في لو�س انجلو�س من مكافحة‬ ‫تتطلب معالجة م�س�ألة تقاطع كل من الجريمة والإرهاب‬
‫والف�ساد �ضمن البيئة العالمية‪ ،‬معالجة البيئة االجتماعية‪ ،‬وال�سيا�سية‪ ،‬الإرهاب دون ا�ستعمال �أي �أدوات قانونية خا�صة‪ ،‬ودون ارتكاب �أي‬
‫انتهاكات للحقوق القانونية للنا�س‪.‬‬ ‫واالقت�صادية التي تولد وت�ساند هذه الظاهرة‪ .‬ترتبط كل من تلك‬
‫�إذا ا�ستمر �صعود التهديد ال�صادر عن فاعلين من خارج الدول‪،‬‬ ‫ال�شرور الثالثة بالم�شاكل العميقة العائدة الختالل التوازنات‬
‫كالمجرمين والإرهابيين الذين يتخطون الحدود القومية خالل‬ ‫االقت�صادية بين البلدان‪ ،‬وللحكومات الم�ستبدة‪ ،‬ولغياب فر�ص العمل‬
‫العقود القادمة‪ ،‬ف�سوف نحتاج في الم�ستقبل �إلى قيام تعاون دولي‬ ‫في العديد من مناطق العالم‪� .‬إن على الحل القابل للحياة �أن يدرك‬
‫اعظم‪ ،‬والى قوانين اكثر ان�سجام ًا‪ ،‬والى ت�شاطر �أكبر للمعلومات‬ ‫ويتعامل مع ال�شعور بالحرمان من الحقوق الذي يدفع �إلى القيام‬
‫اال�ستخبارية‪ .‬وعند تطبيق �سيا�سة م�ضادة للجريمة والإرهاب‬ ‫بالكثير من الأعمال الإرهابية‪ ،‬بالأخ�ص بين ال�سكان الم�سلمين‪� .‬إن‬
‫العابرين للحدود القومية‪ ،‬يتوجب علينا‪ ،‬بالترافق مع ذلك‪ ،‬احترام‬ ‫توفر فر�ص العمل وو�سائل ت�أمين �سبل العي�ش �أمران حا�سمان بالن�سبة‬
‫حقوق الإن�سان وتجنب �إجراءات ت�ؤدي �إلى تعزيز الراديكالية وتغذية‬ ‫للعديد من النا�س في العالم النامي‪ ،‬ولكي ال يبقى‪ ،‬على �سبيل المثال‪،‬‬
‫الإرهاب‪� .‬سوف تحدد طريقة �إدارتنا لهذه الإزاحة للنموذج القائم‬ ‫المزارعون في �أفغان�ستان و�أميركا الالتينية معتمدين على زراعة‬
‫بحيث نرى ونعامل المجرمين‪ ،‬والإرهابيين‪ ،‬والفا�سدين على �أنهم‬ ‫المخدرات لإعالة عائالتهم‪.‬‬
‫مت�صلون ببع�ضهم البع�ض‪ ،‬مدى نجاحنا في �إنقاذ فوائد العولمة من‬ ‫كثير ًا ما تعتبر الجريمة كم�س�ألة هام�شية للإرهاب‪ .‬فمنذ ‪11‬‬
‫�سوء اال�ستخدام الخطر لها في حلبة الأمن الدولي‪.‬‬ ‫�أيلول‪�/‬سبتمبر ‪ ،2001‬تحولت موارد عديدة في الواليات المتحدة‬
‫وغيرها من البلدان عن عمليات مكافحة الجريمة العابرة للحدود‬
‫القومية �إلى عمليات مكافحة الإرهاب‪ .‬قد يكون هذا الت�صرف‬
‫خاطئا بالن�سبة للقوات الم�سلحة ولمجتمعات اال�ستخبارات‪ ،‬ولغيرها‪.‬‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء‬
‫فالحاجة لمحاربة الجريمة لي�ست م�س�ألة هام�شية بل �أنها ق�ضية‬
‫�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬ ‫مركزية بالمطلق للحرب �ضد الإرهاب‪ .‬ربما كان بالإمكان �إف�شال‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪45‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫الرابط العالمي لل�صحة‬
‫بقلم دي �آي هندر�سون‬

‫اتخاذ �إجراءات ُم�ضادة ف ّعالة �ضد الأمرا�ض‪ .‬حاالت تف�شي الأنفلونزا‬ ‫الدكتور دي �آي هندر�سون‪� ،‬أ�ستاذ الطب وال�صحة العامة في جامعة‬
‫تتكرر عاد ًة كل �سنة عبر العالم‪ ،‬ورغم كون هذه الحاالت قادرة على‬ ‫بيت�سبرغ‪ ،‬باحث ُمقيم في مركز الأمن البيولوجي‪ ،‬م�ست�شار لدى‬
‫الت�سبب بمر�ض خطير‪ ،‬وبوفاة المتقدمين في ال�سن‪ ،‬والم�صابين‬ ‫وزارة ال�صحة والخدمات الإن�سانية حول اال�ستعداد لمواجهة الحاالت‬
‫بمر�ض مزمن في الرئة �أو في القلب‪ ،‬فال يعاني ُمعظم الم�صابين‬ ‫ً‬
‫و�سابقا الم�س�ؤول الطبي الرئي�سي عن الق�ضاء‬ ‫الطارئة لل�صحة العامة‪،‬‬
‫�إ ّال من ح ّمى طفيفة و�أعرا�ض تنف�سية لمدة �أ�سبوع �أو ما يقرب من‬ ‫على داء الجدري في منظمة ال�صحة العالمية‪.‬‬
‫ذلك‪ .‬لكن كل ‪� 30‬سنة تقريب ًا كانت تظهر �ساللة جديدة ومختلفة من‬
‫الأنفلونزا‪ ،‬وتتف�شى عبر العالم م�سببة وبا ًء منت�شر ًا‪.‬‬
‫خالل ال�سنوات الع�شرين الما�ضية ّتم اكت�شاف عدد‬
‫تهديد �أنفلونزا الطيور‬ ‫مذهل من الأمرا�ض المعدية الجديدة‪ ،‬بع�ضها ي�صيب‬
‫بلد ًا واحد ًا �أو عدد ًا قلي ًال من البلدان فقط‪ ،‬في حين‬
‫حدث �أحد �أخطر هذه الأوبئة عام ‪ ،1918‬عندما ظهر نوع جديد‬ ‫انت�شر مر�ض الإيدز بعناد لي�صبح في نهاية المطاف وبا ًء عالمي ًا‪،‬‬
‫من فيرو�س الأنفلونزا �أثبت �أنه كان قات ًال بدرجة �أكبر بكثير من‬ ‫وال ُم�سبب الرئي�سي الرابع للوفاة في العالم‪ .‬وبرزت �أمرا�ض �أخرى‬
‫الفيرو�سات التي �سبقته‪ .‬نتج عن هذا الوباء موت ما ال يقل عن ‪50‬‬ ‫جديدة �أي�ض ًا‪ ،‬كانت على الأقل ‪ 30‬نوع ًا من الأمرا�ض الجديدة‬
‫مليون �شخ�ص عبر العالم‪ .‬في عام ‪� 1997‬أُثيرت من جديد الهواج�س‬ ‫بمجملها‪ .‬ومن الممكن توقع ظهور �أمرا�ض عديدة �أخرى �إذ �أ ّنه‪ ،‬على‬
‫ب�ش�أن احتمال ح�صول وباء ذي خطورة مماثلة عند اكت�شاف �ساللة‬ ‫مدى العقود الأخيرة‪ ،‬ح�صلت تغييرات ديموغرافية‪ ،‬وتكنولوجية‪،‬‬
‫جديدة‪� ،‬أ�شد تهديد ًا من فيرو�س �أنفلونزا الطيور في هونغ كونغ‪ّ .‬‬
‫(تم‬ ‫واجتماعية مثيرة بدّلت بدرجة ملحوظة احتمال انتقال المر�ض‪ ،‬وال‬
‫تحديد هذه ال�ساللة على �أنها من نوع ‪ H5N1‬من فيرو�س �أنفلونزا‬ ‫زالت هذه التغييرات تزداد انت�شار ًا بدرجة هائلة‪.‬‬
‫الطيور) كانت هذه ال�ساللة قاتلة بدرجة ا�ستثنائية للطيور‪ ،‬وبالأخ�ص‬ ‫الأمر المثير �أكثر لهواج�س اليوم هو التهديد العالمي لوباء‬
‫الدجاج‪ ،‬كما �أ�صابت ‪� 18‬شخ�ص ًا توفي �ستة منهم‪ .‬لم تُحدث �ساللة‬ ‫�أنفلونزا الطيور‪ ،‬وهو نوع جديد من فيرو�س الأنفلونزا ُي�ش ّكل تهديد ًا‬
‫فيرو�س �أنفلونزا �أبد ًا في ال�سابق هذه الن�سبة العالية من الوفيات بين‬ ‫خطير ًا لكل بلد‪ُ .‬يظهر تهديد مر�ض �أنفلونزا الطيور بو�ضوح‬
‫الب�شر‪ .‬ح�صلت جميع هذه الحاالت بين العاملين لدى دجاج م�صاب‪.‬‬ ‫كيف ت�ستطيع ابتكارات التكنولوجيا العالمية �أن ت�ساعد في انت�شار‬
‫الأمرا�ض‪ ،‬لكنه ُيظهر �أي�ض ًا كيف يمكن للتعاون العالمي �أن يقود �إلى‬
‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪46‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫الحاجة �إلى تعاون عالمي‬ ‫ولح�سن الحظ‪ ،‬في ذلك الوقت لم‬
‫ينت�شر المر�ض من �إن�سان �إلى �آخر‪.‬‬
‫تدعو الحاجة �إلى تحقيق هذا التعاون‬ ‫من‬ ‫املزيد‬ ‫اىل‬ ‫يحتاج‬ ‫االنفلونزا‬ ‫تهديد‬ ‫ماليين‬ ‫قتلت �سلطات ال�صحة العامة‬
‫ب�صورة م�ستعجلة اليوم �أكثر من �أي‬ ‫التعاون الدوىل ملكافحة املر�ض واكت�شاف‬ ‫الدجاج وبدا �أن الفيرو�س اختفى‪.‬‬
‫وقت م�ضى في التاريخ‪ .‬في عالم‬ ‫التهديدات املمكن حدوثها ‪ ،‬واينما وقعت‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ل�سوء الحظ‪ ،‬ظهر هذا المر�ض‬
‫الجراثيم تتكاثر با�ستمرار �أنواع ال‬ ‫من جديد بعد �ست �سنوات في الدجاج‬
‫تح�صى منها بمعدالت هائلة تكاد ال‬ ‫وبد�أ ينت�شر عبر جنوب �شرق �آ�سيا‪.‬‬
‫ت�صدق‪ .‬كل نوع منها يتحول ويتك ّيف‬ ‫نفق ع�شرات الماليين من الدجاج‬
‫ويتغ ّير لت�أمين بقائه‪ .‬وتبرز ب�صورة حتمية من وقت �إلى �آخر جراثيم‬ ‫ب�سبب المر�ض‪� ،‬أو قتلوا في محاولة ال�سيطرة على االنت�شار الالحق‬
‫تملك خ�صائ�ص مختلفة‪ ،‬بع�ضها قاتل بدرجة عالية للإن�سان وبع�ضها‬ ‫للفيرو�س‪ .‬ح�صلت حوالي ‪� 150‬إ�صابة بين النا�س �أدى ن�صف عددها‬
‫يملك قدرة على النمو �أو التف�شي ب�صورة �سهلة‪ .‬في المجتمعات‬ ‫تقريب ًا �إلى الوفاة‪ .‬كان كافة الم�صابين تقريب ًا من الذين الم�سوا‬
‫الزراعية حيث ال�سكان موزعون‪ ،‬وكذلك في البلدات ال�صغيرة �أو‬ ‫الطيور المري�ضة �أو قدموا العناية ال�صحية �إلى �أحد الم�صابين بهذا‬
‫القرى‪ ،‬تتوفر فر�صة �أقل لهذه الجراثيم باالنتقال من �إن�سان �إلى �آخر‪،‬‬ ‫المر�ض‪.‬‬
‫فما تلبث ان تموت ب�سرعة‪ .‬حتى �إذا ح�صل تف�شي مهم لمر�ض جديد‬ ‫�أ�صيبت الآن الطيور البرية بالعدوى‪ .‬وبنتيجة الهجرة المو�سمية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في منطق ٍة �أو بلدٍ ما كثيرا ما يكون انت�شاره الالحق محدودا ب�سبب‬ ‫لهذه الطيور‪ ،‬انتقل الفيرو�س �إلى �آ�سيا الغربية‪� ،‬أوروبا ال�شرقية‬
‫التقييدات على ال�سفر‪ .‬فال�سهولة التي نتمكن فيها من ال�سفر عبر‬ ‫و�أفريقيا‪ .‬ومع ا�ستمرار تف�شي المر�ض يبرز قلق له ما يبرره حول‬
‫الكرة الأر�ضية قد تن�شر �أ�شد الأمرا�ض خطورة‪ ،‬لكن التقدم في �أنظمة‬ ‫احتمال �أن يغير الفيرو�س طبيعته في �أي وقت ويبد�أ باالنت�شار عبر‬
‫ً‬
‫االت�صاالت قد تخدم �أي�ضا في ت�سهيل التعاون لإيجاد عالجات لها‪� ،‬أي‬ ‫االنتقال من �إن�سان �إلى‬
‫من خالل الترابط العالمي لل�صحة‪.‬‬ ‫�آخر‪ .‬وب�سبب الحجم‬
‫واليوم‪ ،‬تطرح حاالت وتف�شيات الأمرا�ض‪ ،‬مهما كانت �أ�سبابها‬ ‫الهائل في يومنا الحا�ضر‬
‫وحيثما تح�صل‪ ،‬تهديد ًا على �صحة النا�س عبر العالم‪ .‬ال تبعد �أي‬ ‫لل�سفر الجوي‪ ،‬من الم�ؤكد‬
‫مدينة رئي�سية في العالم عن �أية مدينة �أخرى �أكثر من ‪� 36‬ساعة �سفر‬ ‫�أنه �سوف ينت�شر عبر‬
‫بالطائرة‪ .‬خالل عام ‪ 2003‬نزل حوالي ‪ 642‬مليون م�سافر جوي في‬ ‫أ�سابيع‪.‬‬ ‫العالم خالل �‬
‫‪ 750‬مطار ًا مختلف ًا‪ ،‬في ‪ 135‬بلد ًا‪� .‬أثبتت و�سائل المراقبة وعمليات‬ ‫يجب �أن يتوفر‬
‫التفتي�ش على الحدود‪ ،‬التي كانت �شائعة في ال�سابق‪ ،‬على �أن ال قيمة‬ ‫لقاح لحماية الإن�سان‬
‫لها في منع انت�شار المر�ض‪ ،‬كما يظهر ذلك بو�ضوح خالل تف�شي‬ ‫من هذا المر�ض‪ .‬لكن‬
‫مر�ض االلتهاب الرئوي الحاد (ال�سار�س) عام ‪ّ 2003‬تم في ذلك‬ ‫اللقاح‬ ‫من �أجل �أن يكون‬
‫الحين الك�شف الدقيق على �أكثر من ‪ 35‬مليون م�سافر بهدف الحجر‬ ‫فعا ًال يجب �أن يماثل �إلى‬
‫ال�صحي للم�صابين منهم بالحمى‪ .‬ولم ٌيعثر على �أي حالة مر�ضية‪.‬‬ ‫حدٍ بعيد الفيرو�س القادر‬
‫ً‬
‫فلو كان الم�سافرون قد �أ�صيبوا بالعدوى فمن المحتمل جدا �أنهم كانوا‬ ‫على االنتقال من ب�شري‬
‫في مرحلة الح�ضانة‪ .‬ال�صامتة للمر�ض‪ ،‬وال يمكن تعيينه مهما كانت‬ ‫�إلى ب�شري‪ ،‬مع �أن هذه‬
‫دقيقة �إجراءات الك�شف الم�ستعملة‪ .‬نعي�ش الآن في حركة من التحرك‬ ‫ال�ساللة الفيرو�سية التي‬
‫ال�سكاني ذات �ش�أن وب�سرعة لم ن�شهدها �أبد ًا في ال�سابق‪.‬‬ ‫ت�ستطيع مثل هذا االنتقال‬
‫يتعزز بدرجة كبيرة احتمال اكت�ساب عامل جرثومي جديد‬ ‫لم تظهر حتى الآن‪،‬‬
‫موطئ قدم بفعل النمو ال�سريع لل�سكان في المدن‪ .‬منذ فترة ال تزيد‬ ‫العلماء‪.‬‬ ‫ح�سب ما يعرفه‬
‫عن ‪� 50‬سنة كانت هناك مدينتان فقط يزيد عدد �سكانها عن ‪7‬‬ ‫وهكذا يجري الآن تنفيذ‬
‫ماليين ن�سمة (نيويورك ولندن) وكانت ن�سبة ‪ 20‬بالمئة من �سكان‬ ‫جهد دولي مكثف ي�شمل‬
‫العالم تعي�ش في مناطق مدينية‪ .‬اما اليوم فهناك ‪ 30‬مدينة يزيد عدد‬ ‫المختبرات‪ ،‬م�س�ؤولي ال�صحة العامة‪ ،‬وال�صناعة للح�صول‪ ،‬ب�أ�سرع‬
‫�سكان كل واحدة منها عن ‪ 7‬ماليين ن�سمة‪ ،‬و�سبع من �سكانها تزيد‬ ‫وقت ممكن‪ ،‬على الفيرو�س حالما يبد�أ باالنت�شار عبر االنتقال من‬
‫بالفعل عن ‪ 15‬مليون ن�سمة‪ .‬توجد مدن عديدة من هذه في مناطق‬ ‫�شخ�ص �إلى �شخ�ص‪ ،‬وال�ستعمال مقاربات جديدة في �إنتاج اللقاحات‬
‫ا�ستوائية و�شبه ا�ستوائية حيث تُ�ش ّكل الكثافة ال�سكانية‪� ،‬سوء التغذية‪،‬‬ ‫تُمكن �إنتاج كميات كبيرة من اللقاح ب�سرعة‪.‬‬
‫العناية ال�صحية القليلة‪ ،‬والتلوث البيئي خ�صائ�ص م�سيطرة‪ .‬هذه هي‬
‫لتر�سخ مر�ض جديد‪.‬‬ ‫الأرا�ضي الخ�صبة عن حق ّ‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪47‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫و�أ�صدقائه‪ ،‬قادمين من القرى والمدن‬ ‫ُي�ش ّكل ت�صنيع وتدويل المواد الغذائية‬
‫ً‬
‫الموزعة على م�ساحة وا�سعة جدا‪ .‬ومن‬ ‫وهناك عامل رئي�سي �آخر‪ً ،‬‬ ‫�سبب ًا رئي�سي ًا �آخر لن�شر المر�ض‪.‬‬
‫ؤخذ‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫نادرا‬
‫الم�ألوف �أن ُي�سبب ذلك انت�شار ًا وبائي ًا‬ ‫فقبل ب�ضعة عقود فقط كانت معظم‬
‫للمر�ض الذي يعاني منه المري�ض على‬ ‫وهو‬ ‫أال‬ ‫�‬ ‫املر�ض‬ ‫تف�شي‬ ‫ي�سهل‬ ‫االعتبار‪،‬‬ ‫عني‬ ‫يف‬ ‫المنتجات الغذائية تُزرع محلي ًا‬
‫امتداد م�ساحة وا�سعة من البالد‪ .‬تُ�شير‬ ‫بلدان‬ ‫يف‬ ‫أخ�ص‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫امل�ست�شفيات‪،‬‬ ‫انت�شار‬ ‫كرثة‬ ‫في مزارع �صغيرة‪ ،‬وتُحفظ �أو تُع ّد‬
‫التجارب الأخيرة �إلى �أن الم�ست�شفيات‬ ‫مرهقة‬ ‫االقت�صادية‬ ‫املوارد‬ ‫تكون‬ ‫حيث‬ ‫ومناطق‬ ‫لال�ستهالك التجاري في م�ؤ�س�سات‬
‫كانت الموقع الأولي للعدوى الوبائية‬ ‫وحيث يندر توفر املوظفني التدريب املهني‪.‬‬ ‫التجارة‬ ‫�صغيرة لم ي�شارك �أكثرها في‬
‫بمر�ض الح�صبة و�أمرا�ض نزف الدم‪،‬‬ ‫الدولية‪ .‬وعند ح�صول تلوث عند �أية‬
‫وكذلك تلك التي ت�سببها فيرو�سات‬ ‫مرحلة من هذه العملية كان عدد قليل‬
‫ال�سا‪� ،‬إيبوال‪ ،‬وماربورغ‪.‬‬ ‫فقط من النا�س يت�أثرون بذلك‪ .‬لكن‪،‬‬
‫في هذا الع�صر المعولم‪� ،‬أ�صبحت �صحة كل �إن�سان على وجه‬ ‫مع �إنتاج وت�صنيع المواد الغذائية على نطاق وا�سع‪ ،‬وتو ّفر �إمكانيات‬
‫الب�سيطة مرتبطة ب�صحة كل فرد �آخر‪ .‬علينا �أن ندرك كامل تداعيات‬ ‫التجليد وال�شحن الجوي للأغذية �أ�صبح من الممكن �أن ي�سبب‬
‫ً‬
‫هذه الحقيقة ِعلما �أن مر�ض الإيدز ومر�ض �أنفلونزا الطيور �أثبتا‬ ‫التلوث عند �أية مرحلة من مراحل �سل�سلة �إنتاج الأغذية �إلى التف�شي‬
‫�أهميتهما في �إبالغ هذه الر�سالة‪ .‬هناك �ضرورة لمحاربة �أعرا�ض‬ ‫الم�ستفحل للأوبئة ليمتد عبر بلدان عديدة‪ .‬تتوفر �صورة �صغيرة‬
‫الأمرا�ض ال ُمعدية حيثما تح�صل على �سبيل المثال‪ ،‬الوباء الذي ينت�شر‬ ‫عن ذلك من حادثة ح�صول وباء الإ�سهال الحاد‪ ،‬الذي كان �سببه‬
‫اليوم في �أق�صى المناطق النائية من �أفريقيا �أو الأميركيتين‪ ،‬قد يولد‬ ‫كائن مجهري يعرف با�سم �شيغيلوزي�س في �آب ‪�/‬أغ�سط�س ‪.2003‬‬
‫تف�ش للمر�ض في �أي مكان �آخر في‬ ‫غدا حاالت مر�ضية وربما حاالت ّ‬ ‫ً‬ ‫ظهر المر�ض ب�سبب التلوث في مطبخ �إعداد الأطعمة ل�شركة طيران‬
‫ً‬
‫العالم تقريبا‪ .‬بعبارات عملية‪� ،‬شكل تبني الأنظمة ال�صحية الدولية‬ ‫في الواليات المتحدة‪ .‬وقد ّتم تعيين ح�صول ‪ 241‬حالة َم َر�ضية في‬
‫لمنظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬بعد تحديثها في‬ ‫المجمل‪ ،‬ولكن ُقدّر �أن حوالي ‪� 9‬آالف حالة حدثت‬
‫�أيار ‪ ،2005‬خطوة �إيجابية نحو تنفيذ الأبحاث‬ ‫بالفعل في ‪ 219‬رحلة طيران مختلفة �إلى ‪ 24‬والية‬
‫والتطويرات وم�شاطرتها ال�ضرورية للتعامل مع‬ ‫و�أربع دول �أجنبية‪.‬‬
‫م�شاكل الأمرا�ض حيثما تحدث‪ ،‬ونحو ت�شكيل‬ ‫ً‬
‫وهناك عامل رئي�سي �آخر‪ ،‬نادرا ما ي�ؤخذ‬
‫�شبكات دولية فعالة للأبحاث والتثقيف بحيث‬ ‫في عين االعتبار‪ ،‬ي�سهل تف�شي المر�ض �أال وهو‬
‫ُيتاح نقل وتطبيق النتائج والم�شاهدات الهامة‬ ‫كثرة انت�شار الم�ست�شفيات‪ ،‬بالأخ�ص في بلدان‬
‫ب�سرعة �أكثر وبفعالية �أكبر‪.‬‬ ‫ومناطق حيث تكون الموارد االقت�صادية مرهقة‬
‫وحيث يندر توفر الموظفين التدريب المهني‪ .‬ال‬
‫تتوفر في العديد من هذه الم�ست�شفيات �أية و�سائل‬
‫لعزل مر�ضى ناقلين للعدوى‪ ،‬كما ال تتوفر �سوى‬
‫القليل من المعدات‪� ،‬أو �أنها ال تتوفر مطلق ًا‪ ،‬يتيح‬
‫التعقيم المالئم للإبر والحقن كما للأدوات‬
‫الجراحية‪ .‬قد ي�ؤدي ذلك �إلى تف�شي �أمرا�ض‬
‫تتنقل عدواها بوا�سطة الدم‪ .‬ومن الم�ؤكد �أن‬
‫هذا العامل كان م�ساهم ًا هام ًا في تف�شي مر�ض‬
‫الإيدز في بع�ض البلدان‪ .‬وفي نف�س الوقت‪ ،‬من المعتاد في مرافق‬
‫العناية الطبية هذه �أن تزور المري�ض �أعداد كبيرة من �أفراد عائلته‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء‬
‫�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪48‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫تُ�شدد الأنظمة المعدّلة على التزامات �أو�سع مدى لبناء‬ ‫تكييف الأنظمة الدولية ل ُتنا�سب عالماً �أ�صغر‬
‫القدرات القومية التخاذ �إجراءات وقائية‪ ،‬كما الكت�شاف‬
‫واال�ستجابة للحاالت الطارئة على ال�صحة العامة ذات االهتمام‬ ‫في ‪� 23‬أيار‪/‬مايو ‪ ،2005‬وافق مجل�س ال�صحة العالمية على �أنظمة‬
‫الدولي‪ .‬ت�شمل هذه الإجراءات الروتينية تدابير ال�صحة العامة‬ ‫ال�صحة الدولية لأجل �إدارة الحاالت الطارئة في ال�صحة العامة‬
‫في المرافئ والمطارات والحدود الأر�ضية‪ ،‬وغير ذلك من و�سائل‬ ‫ذات الأهمية الدولية‪ّ .‬تم تكييف هذه الأنظمة الجديدة «لمنع‪،‬‬
‫النقل الم�ستعملة لل�سفر الدولي‪.‬‬ ‫والحماية �ضد‪ ،‬ومراقبة‪ ،‬وت�أمين ا�ستجابة هيئات ال�صحة العامة‬
‫وكما �أ�شارت �إليه منظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬ف�إن الغر�ض‬ ‫النت�شار الأمرا�ض دولي ًا»‪ ،‬ا�ستناد ًا �إلى كالم منظمة ال�صحة‬
‫من �أنظمة ال�صحة الدولية هو ت�أمين الوقاية الق�صوى للنا�س من‬ ‫العالمية‪ .‬تعك�س هذه الأنظمة �أي�ض ًا الطبيعة ال ُمتغيرة للأمرا�ض‬
‫االنت�شار الدولي للأمرا�ض‪ ،‬وفي نف�س الوقت التقليل �إلى الحد‬ ‫العالمية منذ تبنيها عام ‪.1969‬‬
‫الأدنى من تدخلها بقطاعي ال�سفر العالمي والتجارة العالمية‪.‬‬ ‫قال مايك ليفيت‪ ،‬وزير ال�صحة والخدمات الإن�سانية في‬
‫قال الدكتور غوينايل روديه‪ ،‬مدير دائرة ر�صد الأمرا�ض‬ ‫حكومة الرئي�س بو�ش‪ُ ،‬متحدث ًا �أمام م�ؤتمر ال�صحة العامة في ‪16‬‬
‫المعدية واال�ستجابة لها‪ ،‬في منظمة ال�صحة العالمية‪ُ « ،‬كتبت‬ ‫تبني الأنظمة المعدّلة �سوف ُي�ش ّكل �أداة فاعلة‬
‫�أيار‪/‬مايو‪�« ،‬إن ّ‬
‫الأنظمة القائمة لعالم مختلف تمام ًا عن العالم الذي نعي�ش فيه‬ ‫جد ًا في جهودنا لال�ستجابة للتحديات التي تطرحها التهديدات‬
‫اليوم‪ .‬كان ال�سفر الجوي ترف ًا‪ ،‬وكان انتقال ال�سلع والنا�س حول‬ ‫البيولوجية‪ ،‬الكيميائية‪ ،‬والإ�شعاعية على ال�صحة العامة‪ّ ،‬‬
‫بغ�ض‬
‫العالم بطيئ ًا ن�سبي ًا‪ .‬اما اليوم فقد تو�سع ال�سفر والتجارة �إلى �أبعد‬ ‫النظر عما �إذا كانت تحدث ب�صورة طبيعية‪� ،‬أو ُمتعمدة‪� ،‬أو‬
‫ما كانت تتوقعه الأنظمة الأ�صلية‪ .‬ت�ستجيب القواعد الجديدة �إلى‬ ‫عر�ضية‪».‬‬
‫العالم المعولم‪� 24 ،‬ساعة في اليوم حيث ي�ستطيع تف�شي مر�ض في‬ ‫ا�ستناد ًا �إلى منظمة ال�صحة العالمية‪�ُ ،‬صممت الأنظمة‬
‫بلد ما االنتقال ب�سرعة حول العالم»‪.‬‬ ‫الأ�صلية لل�صحة الدولية التي جرى تبنيها عام ‪ 1969‬للم�ساعدة في‬
‫ر�صد ومراقبة �أربعة �أمرا�ض ُمعدية خطيرة‪ ،‬الكوليرا‪ ،‬الطاعون‪،‬‬
‫الحمى ال�صفراء‪ ،‬والجدري‪ .‬تفر�ض الأنظمة الجديدة على الدول‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء‬ ‫وجوب �إبالغ منظمة ال�صحة العالمية عند ح�صول �أي حاالت �أو‬
‫�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬ ‫�أحداث َمر�ضية «قد تُ�ش ّكل حالة طارئة لل�صحة العامة ذات اهتمام‬
‫دولي»‪ .‬يجب �أن تبلغ الدول عن �أي �أدلة ت�ؤكد وجود �أخطار على‬
‫الم�صادر‪:‬‬ ‫ال�صحة العامة خارج حدودها التي قد تُ�سبب االنت�شار الدولي‬
‫‪http://usinfo.state.gov/gi/Archive/2005/May/20-582917.html‬‬ ‫للمر�ض‪.‬‬
‫‪http://www.who.int/mediacentre/news/releases/2005/pr_wha03/en/‬‬
‫‪index.html‬‬

‫يقف زوجان �أمام عر�ض لألفي �شمعة �أ�ضيئت لذكرى �ضحايا مر�ض الإيدز في كوبنهاغن‪،‬‬
‫بالدانمارك‪ ،‬في اليوم العالمي لمكافحة مر�ض الإيدز‪( .‬جون ماكونيكو‪� /‬آ�سو�شييتد بري�س)‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪49‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫التعاون يف جمال �أنظمة الإنذار بالأعا�صري مثل الت�سونامي‬

‫الدولية لعلوم البحار في تطوير نظام �إنذار دولي مع م�شاطرة‬ ‫خالل الأ�شهر الأربعة ع�شر منذ �أن قتل الزلزال بقوة‬
‫معطيات الزالزل والمحيطات مع ‪ 16‬دولة‪.‬‬ ‫‪ 9,15‬درجة على مقيا�س ريختر و�إع�صار الت�سونامي‬
‫ً‬
‫ي�ستغرق تطوير مثل هذا البرنامج وقتا‪ ،‬لأن �إنذار النا�س‬ ‫وهجر الماليين‬‫الذي قتل �أكثر من ‪� 200‬ألف ن�سمة‪ّ ،‬‬
‫حول الأعا�صير مثل الت�سونامي الو�شيكة الوقوع والمخاطر الأخرى‬ ‫في ما يزيد عن ع�شرة بلدان في حو�ض المحيط الهندي‪ ،‬عملت‬
‫يتطلب نظام ًا متكام ًال‪� ،‬أي �أن يكون هناك نظام يت�ضمن تقييم‬ ‫هذه البلدان �سوية مع �شركائها الدوليين بجد عظيم للت�أكد من‬
‫م�صادر الخطر والمخاطر بالن�سبة لكل دولة‪ ،‬و�إنذارات حول‬ ‫�أن الكوارث الطبيعية في الم�ستقبل لن تح�صد مثل هذا العدد‬
‫م�صادر المخاطر واال�ستعداد لها‪ ،‬ور�صد المحيطات‪ ،‬و�إدارة‬ ‫من ال�ضحايا‪ .‬و�أن�ش�أت خطط ًا لإقامة نظام �إنذار مبكر للمنطقة‬
‫المعطيات‪ ،‬والقيام بالتكهن‪ ،‬ون�شر التوقعات الم�ستقبلية‪ ،‬كما‬ ‫اتخذت �شكلها عبر اجتماعات عقدت على امتداد العام ‪،2005‬‬
‫الإنذارات‪ ،‬وبناء القدرات الكت�شاف م�صادر الأخطار والتنب�ؤ‬ ‫في �أماكن مختلفة وعك�ست اهتمام ال�شركاء الدوليين الم�ساهمين‬
‫بها‪ ،‬و�إنذارات ال�سكان وو�سائل‬ ‫العديدين‪� ،‬أي اليابان‪ ،‬فرن�سا‪،‬‬
‫الموا�صالت العائدة لها‪،‬‬ ‫هاواي‪ ،‬ا�ستراليا‪ ،‬وم�ؤخر ًا الهند‪.‬‬
‫واال�ستعداد لمواجهة الكوارث‪.‬‬ ‫في حيدر �أباد‪ ،‬بالهند‪،‬‬
‫كل عن�صر مك ّون لمثل هذا‬ ‫حيث ُعقدت الجل�سة الثانية‬
‫النظام المتعدد القوميات يجب‬ ‫لمجموعة التن�سيق بين‬
‫�أن يكون قادر ًا على التوا�صل‬ ‫الحكومات في اللجنة الدولية‬
‫الم�شترك داخل النظام ومع‬ ‫لعلوم المحيطات التابعة لمنظمة‬
‫‪DITA ALANGKARA ©AP/WWP‬‬

‫�أنظمة �أخرى حول العالم‪.‬‬ ‫اليوني�سكو لدرا�سة نظام الإنذار‬


‫في ‪ 26‬كانون الأول‪/‬‬ ‫وتخفيف �أ�ضرار الإع�صار‬
‫دي�سمبر ‪ ،2004‬عند ح�صول‬ ‫ت�سونامي الذي �ضرب المحيط‬
‫الت�سونامي في المحيط الهندي‪،‬‬ ‫الهندي‪ .‬اجتمع ممثلون لعدة‬
‫لم يكن مثل هذا النظام‬ ‫بلدان في حو�ض المحيط الهندي‬
‫موجود ًا �إ ّال في حو�ض المحيط‬ ‫بين ‪ 14‬و‪ 16‬كانون الأول‪/‬‬
‫الهادي حيث تح�صل ن�سبة تزيد عن ‪ 85‬بالمئة من الأعا�صير‬ ‫دي�سمبر �سوية مع مراقبين وم�ست�شارين من �ألمانيا‪ ،‬واليابان‪،‬‬
‫مثل الت�سونامي في العالم‪ .‬ي�شكل مركز الإنذار حول الأعا�صير‬ ‫والواليات المتحدة‪ ،‬ودر�س الم�شاركون التفا�صيل الفنية لنظام‬
‫مثل الت�سونامي في المحيط الهادي (‪ )PTWC‬التابع للوكالة‬ ‫جديد الكت�شاف الأعا�صير من نوع ت�سونامي والمخاطر الطبيعية‬
‫الأميركية للأحوال الجوية القائم في هاواي جزء ًا من الإدارة‬ ‫الأخرى‪ .‬بد�أ يتخذ النظام الجديد �شكله النهائي في كل من‬
‫القومية الأميركية للمحيطات وعلوم الأجواء (‪ .)NAOO‬قبل‬ ‫ا�ستراليا‪ ،‬الهند‪� ،‬إندوني�سيا‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬جزر المالديف‪� ،‬سريالنكا‪،‬‬
‫ذلك التاريخ‪ ،‬خدم مركز الإنذار بالأعا�صير (‪ )PTWC‬حو�ض‬ ‫تايلند‪ ،‬وبلدان �أخرى حيث لم ي�سبق �أن حدث �إع�صار بهذه‬
‫المحيط الهادي كمركز �إقليمي طويل المدى للإنذار بالأعا�صير‬ ‫الخطورة �أبد ًا‪.‬‬
‫مثل الت�سونامي في حو�ض المحيط الهادي وكمركز �إنذار محلي‬ ‫منذ حدوث الت�سونامي‪ ،‬قدمت بلدان عديدة‪ ،‬ب�ضمنها‬
‫ب�أعا�صير الت�سونامي لجزر هاواي‪.‬‬ ‫الواليات المتحدة‪ ،‬دعم ًا مالي ًا وفني ًا لت�أكيد االلتزام بالتدابير‬
‫�أما اليوم فيخدم كمركز �إنذار م�ؤقت لحو�ض المحيط‬ ‫المعقدة‪� .‬سوف تنفق الوكاالت الأميركية مبلغ ‪ 16.6‬مليون دوالر‬
‫الهندي‪ ،‬بالتعاون مع الوكالة اليابانية للأر�صاد الجوية (‪)JMA‬‬ ‫خالل �سنتين عبر برنامج نظام الإنذار الأميركي للأعا�صير‪ ،‬مثل‬
‫التي ت�صدر ن�شرات حول �أحداث متعلقة بم�صادر الأخطار في‬ ‫الت�سونامي‪ ،‬في حو�ض المحيط الهندي‪ ،‬للم�ساعدة في تطوير‬
‫المحيط الهندي‪ ،‬والبحر الكاريبي �إلى �أن يتم ت�شغيل �أنظمة خا�صة‬ ‫القدرات للإنذار ال ُمبكر للأعا�صير‪ ،‬مثل الت�سونامي‪ ،‬وغيرها من‬
‫بتلك المناطق‪.‬‬ ‫م�صادر الخطر في المحيط الهندي وكذلك لدعم قيادة اللجنة‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪50‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫تركيب �أكثر من ‪ 100‬مقيا�س زالزل في المنطقة‪ .‬في نطاق هذا‬
‫الجهد‪ ،‬تتعاون الوكالة الأميركية للم�سح الجيولوجي مع الوكالة‬
‫اليابانية للأر�صاد الجوية‪ ،‬ووزارة العلوم والتكنولوجيا في �ألمانيا‬
‫و�إدارة الزالزل ال�صينية‪.‬‬
‫ت�ستطيع المعلومات الزلزالية ان تبلغ هذه المراكز القومية‬
‫ب�أن زلزا ًال بقوة معينة قد حدث في منطقة ُمع ّينة ولكنها ال ت�ستطيع‬
‫�أن تخبرها �أن �إع�صار ًا مثل ت�سونامي قادم على الطريق‪ .‬يجب‬
‫ت�أمين �أجهزة اكت�شاف الأعا�صير في عمق المحيطات الكت�شاف‬
‫�إع�صار قادم من بعيد يتقدم عبر المحيط باتجاه مناطق �ساحلية‬
‫بعيدة ال توجد مثل هذه الأجهزة قيد الت�شغيل في المحيط الهندي‪،‬‬
‫لكن عدة بلدان في المنطقة‪ ،‬ب�ضمنها الهند (بم�ساعدة �ألمانيا)‪،‬‬

‫‪FADLAN ARMAN SYAM ©AP/WWP‬‬


‫و�أ�ستراليا وماليزيا (وبم�ساعدة من �شركة تجارية‪ ،‬فوغرو‪ ،‬في‬
‫هولندا)‪ ،‬تعمل لن�شر �أجهزة اكت�شاف الأعا�صير مثل ت�سونامي في‬
‫�أعماق المحيطات‪.‬‬
‫ً‬
‫ت�ستطيع مقايي�س التيارات �أن ت�ساعد �أي�ضا في تعيين ما‬
‫�إذا كان التهديد بح�صول �إع�صار مثل ت�سونامي حقيقي ًا‪ .‬في‬
‫منطقة حو�ض المحيط الهندي ثم رفع فعالية ‪ 32‬مقيا�سا من هذا‬
‫النوع كي يمكن ا�ستخدامها الكت�شاف الأعا�صير كجزء من �شبكة‬
‫تُديرها ب�صورة م�شتركة اللجنة الدولية لعلوم المحيطات (‪)IOC‬‬
‫والمنظمة العالمية للأر�صاد الجوية (‪ ،)WMO‬تعرف با�سم‬
‫النظام العالمي المراقب لم�ستوى البحر‪ ،‬للقيام ب�أبحاث تتعلق‬ ‫بف�ضل جهد دولي هائل‪ ،‬تتجمع مع ًا العنا�صر الالزمة لمثل‬
‫بالمناخ علوم المحيطات وم�ستوى البحر ال�ساحلي‪.‬‬ ‫هذا النظام في حو�ض المحيط الهندي فا�ستناد ًا �إلى منظمة‬
‫جرى الإدخال ال�سريع لنظام دولي �آخر في الخدمة الكت�شاف‬ ‫اليوني�سكو‪� ،‬أ�س�ست خالل الإثني ع�شر �شهر ًا الما�ضية ‪ 25‬دولة في‬
‫الأعا�صير مثل ت�سونامي‪ .‬النظام العالمي لالت�صاالت عن بعد‬ ‫حو�ض المحيط الهندي‪ ،‬مراكز ات�صاالت تتيح لها اال�ستعالم عن‬
‫هو �شبكة عالمية لإر�سال معطيات الأر�صاد الجوية من محطات‬ ‫ن�صائح حول م�صادر الأخطار الم�ستندة �إلى معلومات زلزالية ترد‬
‫الأحوال الجوية‪ ،‬ومن الأقمار ال�صناعية ومراكز التنب�ؤ بالأحوال‬ ‫من مركز الإنذار بالأعا�صير في المحيط الهادئ‪ ،‬بهاواي‪ ،‬ومن‬
‫الجوية التي ّتم تعديلها بم�ساعدة من المنظمة العالمية للأر�صاد‬ ‫الوكالة اليابانية للأر�صاد الجوية في طوكيو‪.‬‬
‫والجوية والإدارة القومية الأميركية لعلوم الأجواء والمحيطات‬ ‫وتقوم الآن الوكالة الأميركية للم�سح الجيولوجي (‪)USGS‬‬
‫(‪ )NOAA‬لجمع معلومات تتعلق بالأعا�صير مثل الت�سونامي‪.‬‬ ‫ب�إن�شاء عدة محطات ر�صد جديدة للزالزل في مناطق م�صادر‬
‫قال �إدي برنارد‪ ،‬مدير مختبر البيئة البحرية للمحيط‬ ‫�أخطار �إع�صار ت�سونامي الذي ح�صل في كانون الأول‪/‬دي�سمبر‬
‫الهادي التابع للإدارة القومية الأميركية لعلوم الأجواء والمحيطات‬ ‫‪� ،2004‬أي بالقرب من �صدع �سوندا القريب من جزيرة �سومطرة‬
‫في �سياتل‪ ،‬بوالية وا�شنطن‪« :‬كما تب ّين لنا في ‪ 26‬كانون الأول‪/‬‬ ‫في �إندوني�سيا‪ .‬لتحقيق هذا المجهود تعمل الوكالة مع حكومات‬
‫دي�سمبر ‪ ،2004‬يمكن للت�سونامي �أن يكون ظاهرة عالمية‪ ،‬ولذلك‬ ‫�إندوني�سيا‪ ،‬تايلند‪� ،‬سريالنكا‪ ،‬الهند‪ ،‬وجزر المالديف لتح�سين‬
‫ف�إن المهم عن حق عندما يواجه المرء �إع�صار ًا مثل ت�سونامي �أن‬ ‫قدرة الر�صد‪ ،‬واالكت�شاف‪ ،‬والإبالغ عن الزالزل الأر�ضية ذات‬
‫ُيبلغ بقية العالم بذلك‪».‬‬ ‫طاقة لتوليد �أعا�صير مثل الت�سونامي‪.‬‬
‫ونظر ًا لعدم توافر �أكثر من وقت �إنذار يتراوح بين ‪15‬‬
‫و‪ 20‬دقيقة بين وقت حدوث زلزال وبدء الأمواج ب�ضرب �سواحل‬
‫�شيريل بلليرين‪ ،‬محررة‬
‫في وزارة الخارجية الأميركية‬ ‫�إندوني�سيا‪ ،‬تعتبر الأ�ساليب الزلزالية‪ ،‬بالمقارنة مع �أجهزة‬
‫الإح�سا�س للمحيطات‪� ،‬أف�ضل طريقة الكت�شاف زلزال هناك‪ّ .‬تم‬
‫تركيب حوالي ‪ 60‬مقيا�س زالزل‪ ،‬ب�صورة رئي�سية في �إندوني�سيا‪،‬‬
‫ولكن �أي�ض ًا في البلدان المحيطة؛ والهدف على المدى الطويل هو‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪51‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫ق�ضايا عالمية في حقل التعليم العالي‬
‫بقلم �ستيفن بي هاينمان‬

‫الطموحات للتعليم‬ ‫�ستيفن بي هاينمان‪� ،‬أ�ستاذ في �سيا�سة التعليم الدولي في جامعة‬


‫فاندربيلت في نا�شفيل‪ ،‬بوالية تني�سي‪ .‬ي�ساهم بتكرار في كتابة‬
‫تترك الت�أثيرات العالمية �أثرها في التعليم العالي �أي�ض ًا‪ .‬اليوم تملك‬ ‫موا�ضيع لمجالت مهنية‪ ،‬وت�شمل خبرته ‪� 22‬سنة في العمل لدى البنك‬
‫كل دولة تقريب ًا ثالثة طموحات متعلقة بالتعليم العالي‪ .‬الأول هو‬ ‫الدولي � ً‬
‫إ�ضافة �إلى رحالت عمل �إلى ع�شرات البلدان‪.‬‬
‫الطلب بت�أمين م�ستويات �أعلى من �إتاحة الو�صول �إلى �أعلى التعليم‪،‬‬
‫حيث يزداد في كل جزء من العالم الطلب ب�سرعة للو�صول �إلى التعليم‬
‫العالي‪ .‬في �أواخر ال�ستينات من القرن الما�ضي لم تكن توجد في‬ ‫تركت الت�أثيرات العالمية �أثرها في العديد من �أوجه‬
‫�أوروبا الغربية دولة تتجاوز فيها مجموعة فئة �سن التعليم العالي (‪18‬‬ ‫الحياة اليومية‪ ،‬وبالتالي في ا�ستراتيجيتنا للتغلب عليها‪.‬‬
‫�إلى ‪� 22‬سنة) ن�سبة ‪ 8‬بالمئة من النا�س �ضمن هذه الفئة‪ .‬اما اليوم‬ ‫في ال�سبعينات من القرن الما�ضي‪ ،‬على �سبيل المثال‪،‬‬
‫فال توجد في �أوروبا الغربية دولة تقل فيها تلك الن�سبة في التعليم‬ ‫كان من ال�شائع االعتماد على التمويل الحكومي لتن�شيط النمو‬
‫العالي عن ‪ 35‬بالمئة‪ .‬يزداد معدل الت�سجيل في معاهد التعليم العالي‬ ‫االقت�صادي‪ .‬اما اليوم فتتفوق اال�ستثمارات الخا�صة على الم�ساعدات‬
‫عبر العالم بن�سبة تتراوح بين ‪ 10‬و‪ 15‬بالمئة �سنوي ًا‪ ،‬وي�شمل هذا بالداً‬ ‫الأجنبية والإعانات الحكومية‪.‬‬
‫ي�سود فيها معدل دخل فردي �سنوي متو�سط �أو �أدنى المتو�سط في‬ ‫وكان من ال�شائع �أي�ض ًا اتخاذ قرارات �صناعية على �أ�سا�س‬
‫�آ�سيا‪ ،‬و�أفريقيا‪ ،‬و�أميركا الالتينية‪.‬‬ ‫الموردين الموجودين بالجوار الذين يتكلمون نف�س اللغة التي يتكلم‬
‫النتيجة‪ :‬لم تبق �إال �أجزا ًء قليلة جد ًا من العالم حيث ُي�شكلّ‬ ‫بها النا�س المعنيين بالقرار‪ .‬اما اليوم فت�ؤخذ القرارات ال�صناعية‬
‫مجال التعليم العالي التعليم «للنخبة»‪� ،‬أي حيث يبلغ �أقل من ‪15‬‬ ‫على �أ�سا�س الأف�ضلية التقارنية االقت�صادية ال�شاملة للعالم �أجمع‪ .‬فقد‬
‫بالمئة من مجموعه فئة ال�سن المذكورة‪ .‬فقد �أ�صبح التعليم العالي‬ ‫يقع م�صنع تجميع لأجهزة الكمبيوتر في نا�شفيل‪ ،‬بوالية تني�سي؛ �أو في‬
‫«تعليم ًا جماهيريا» بلغ عدد الطالب الم�سجلين في جامعة نا�سيونال‬ ‫�أيرلندا ال�شمالية‪� ،‬أو في ماليزيا؛ وقد يقع م�صنع للن�سيج في بنغالور‪،‬‬
‫اوتونوما دو مك�سيكو حوالي ‪� 269‬ألف طالب وبلغ عدد الطالب‬ ‫بالهند‪� ،‬أو في �سونورا بالمك�سيك؛ وقد تقع مزرعة للفاكهة ال�شتوية في‬
‫الم�سجلين في جامعة نيودلهي في الهند ‪� 309‬آالف طالب‪ .‬ولدى‬ ‫فلوريدا‪� ،‬أو الت�شيلي‪� ،‬أو المغرب‪.‬‬
‫جامعة الأنا�ضول (تركيا) ما يزيد عن مليون طالب م�سجل‪ ،‬وبلغ عدد‬
‫الطالب الم�سجلين في ربما �أكبر جامعة خا�صة في العالم‪ ،‬جامعة‬
‫�أزاد الإ�سالمية في �إيران‪ ،‬حوالي ‪� 850‬ألف طالب موزعين على ‪145‬‬
‫حرم ًا جامعي ًا‪ .‬يجب �أن تتغير ال�صورة التقليدية التي قد نحملها بما‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪52‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫نوعية عالية ا�ستناد ًا‬ ‫يخ�ص م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫�إلى عدد الكتب التي‬ ‫ً‬
‫ت�صنيف فئات الجامعات الآ�سيوية ا�ستنادا �إلى عر�ض نطاق‬ ‫العالي باعتبارها‬
‫تحتويها‪ .‬اما اليوم‬ ‫ترددات في قناة االت�صاالت‬ ‫ملتج�آت معزولة عن‬
‫فتعرف المكتبة بالكمية‬ ‫حجم التردد لكل المرتبة‬ ‫العالم تُع ّلم قلة مختارة‬
‫الجامعات التي ُتد ّر�س‬ ‫المرتبة‬
‫التي تتيحها لإبالغ‬ ‫طالب (كيلوبت الإجمالية‬ ‫من النا�س‪ .‬فالواقع‬
‫موا�ضيع درا�سية متعددة‬
‫المعلومات‪ .‬والفرق‬ ‫في الثانية) عام ‪2000‬‬ ‫�أن التعليم العالي في‬
‫هائل‪ .‬تملك كل مكتبة‬ ‫زمننا الحا�ضر كثير ًا‬
‫‪20‬‬ ‫‪33.53‬‬ ‫‪1‬‬
‫جامعية عالية النوعية‬ ‫‪35‬‬ ‫‪29.76‬‬
‫جامعة �صن يات �سن (تايوان)‬
‫جامعة �صن يات �سن (تايوان)‬ ‫‪2‬‬
‫ما يكون ال �شخ�صي ًا‪،‬‬
‫يتوفر لها ما يكفي من‬ ‫‪50‬‬ ‫‪20.84‬‬ ‫الجامعة الوطنية �شونغ نام (كوريا الجنوبية)‬ ‫‪3‬‬ ‫�أي يتمثل في �صفوف‬
‫المال لالنت�ساب �إلى‬ ‫‪8‬‬ ‫‪19.58‬‬ ‫الجامعة الوطنية الأ�سترالية‬ ‫‪4‬‬ ‫انتظار طويلة للدخول‬
‫«�شبكات معلومات»‬ ‫�إلى قاعات محا�ضرات‬
‫‪37‬‬ ‫‪19.02‬‬ ‫جامعة تايوان العادية (نورمال)‬ ‫‪5‬‬
‫ح�صرية تت�شاطر من‬ ‫‪4‬‬ ‫‪17.14‬‬ ‫جامعة �سيئول الوطنية (كوريا الجنوبية)‬ ‫‪6‬‬
‫بالية‪ ،‬ومكتبات فاقدة‬
‫خاللها الموارد مع‬ ‫‪18‬‬ ‫‪14.77‬‬ ‫جامعة ت�سينغ هوا (تايوان)‬ ‫‪7‬‬ ‫للكثير من الكتب‪،‬‬
‫غيرها‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪14.17‬‬ ‫جامعة كيوتو (اليابان)‬ ‫‪8‬‬ ‫وجدران مت�شققة‪،‬‬
‫�شبكات المكتبات‬ ‫وطالء مت�ساقط‪،‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪13.52‬‬ ‫جامعة ت�شون نام الوطنية (كوريا الجنوبية)‬ ‫‪9‬‬
‫الأكاديمية تتخطى‬ ‫‪2‬‬ ‫‪11.84‬‬ ‫جامعة طوكيو (اليابان)‬ ‫‪10‬‬
‫و�صنابير تت�سرب منها‬
‫الحدود القومية‬ ‫‪46‬‬ ‫‪11.54‬‬ ‫جامعة تيانجين (ال�صين)‬ ‫‪11‬‬ ‫المياه‪.‬‬
‫حيث تغطي المكتبات‬ ‫‪54‬‬ ‫‪10.81‬‬ ‫جامعة ك�سيان جياوتونغ (ال�صين)‬ ‫‪12‬‬ ‫اما المطمح الثاني لكل‬
‫الجامعية كل من‬ ‫بلد فهو تح�سين نوعية‬
‫‪5‬‬ ‫‪7.1‬‬ ‫جامعة �سنغافورة الوطنية‬ ‫‪13‬‬
‫�أوروبا‪ ،‬و�آ�سيا‪،‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪6.92‬‬ ‫جامعة وولونغونغ (ا�ستراليا)‬ ‫‪14‬‬
‫التعليم العالي‪ .‬على‬
‫و�أميركا ال�شمالية‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪6.88‬‬ ‫جامعة �أدياليد (ا�ستراليا)‬ ‫‪15‬‬ ‫امتداد العقد الما�ضي‬
‫�إمكانية الو�صول �إلى‬ ‫‪11‬‬ ‫‪6.58‬‬ ‫جامعة ناغويا (اليابان)‬ ‫‪16‬‬ ‫وقعت ثورة في المعايير‬
‫المعلومات هي ما تميز‬ ‫التي ت�ساعد في تحديد‬
‫‪24‬‬ ‫‪6.12‬‬ ‫الجامعة المركزية (تايوان)‬ ‫‪17‬‬
‫المكتبات الممتازة‬ ‫‪9‬‬ ‫‪6.06‬‬ ‫جامعة ملبورن (ا�ستراليا)‬ ‫‪18‬‬
‫نوعية �أو جودة التعليم‬
‫عن المتو�سطة منها‪.‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪5.56‬‬ ‫جامعة كا�ست�سارت (تايلند)‬ ‫‪19‬‬ ‫العالي‪ .‬فاليوم تتطلب‬
‫تتوفر كافة الخدمات‬ ‫‪28‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫جامعة �شاو تونغ (تايوان)‬ ‫‪20‬‬ ‫نوعية التعليم العالي‬
‫الأكاديمية‪ ،‬التعليمية‬ ‫العالية التحديث‬
‫والبيبليوغرافية منها‬ ‫‪Source: http://www.asiaweek.com‬‬ ‫الإلكتروني في ح�ص�ص‬
‫عبر مرافق من الترددات العري�ضة �ضمن قناة ات�صاالت‪ .‬ي�شمل‬ ‫الدرا�سة‪ ،‬مباني المنامات الطالبية‪ ،‬المكتبات‪ ،‬مختبرات العلوم‪،‬‬
‫ت�صنيف مراتب الجامعات في الواقع اليوم عر�ض نطاق الترددات في‬ ‫وقاعات الدر�س‪ .‬ويكون الطالب في �أحيان كثيرة �أكبر �سن ًا‪ ،‬ي�ؤدون‬
‫قناة االت�صاالت التي ت�ستعملها الجامعة (�أنظر الجدول المرفق)‪ .‬ال‬ ‫عم ًال بدوام جزئي‪ ،‬ويعي�شون بعيد ًا عن حرم الجامعة‪ .‬لم تعد النوعية‬
‫ت�ستطيع الجامعات التي لديها نطاق متدنٍ من الترددات ان تناف�س‬ ‫العالية من المناهج الدرا�سية ت�ستند �إلى الكتاب المدر�سي بل على‬
‫في الجودة جامعات تملك نطاق ترددات وا�سعة العر�ض في قناة‬ ‫�أحدث المعلومات الم�ستمدة من الم�صادر المطبوعة والإلكترونية‪.‬‬
‫ات�صاالتها‪.‬‬ ‫يتم البحث في الإنترنت عن المعلومات المهمة للطالب وتتوافر لهم‬
‫المطمح الثالث الم�شترك لدى الجامعات في العالم هو رفع‬ ‫على خط الإنترنت مبا�شرة‪ .‬وبذلك يتمكن الطالب من الو�صول �إلى‬
‫م�ستوى الم�ساواة �أي تقديم منح وزماالت درا�سية �إلى الطالب‬ ‫معلومات حول منهاج الدرا�سة �أينما يعي�شون �أو ي�سافرون‪.‬‬
‫الم�ؤهلين من عائالت فقيرة �أو من مناطق محرومة‪ .‬تملك الكثير من‬ ‫والأكثر من ذلك‪ ،‬هو التغ ّير في �أ�سلوب التعليم في غرفة‬
‫جامعات الدرجة الأولى موارد كافية لتقديم منح درا�سية �إلى حوالي‬ ‫التدري�س‪ .‬لم يعد وقت الح�صة الدرا�سية ُمكر�س ًا لتوفير المعلومات‬
‫طالب واحد من بين كل ثالثة طالب‪� ،‬إ�ضافة �إلى ما قد يكون متوفر ًا‬ ‫للطالب‪ .‬بد ًال من ذلك‪� ،‬أ�صبح مكر�س ًا لتحليل المعلومات التي يتم‬
‫من خالل الموارد الحكومية‪.‬‬ ‫ا�ستيعابها قبل الدخول �إلى غرفة التدري�س‪ .‬غ ّيرت الإنترنت و�أ�شكال‬
‫�أخرى من و�سائل المعلومات الإلكترونية طبيعة المكتبة الأكاديمية‪:‬‬
‫وتعززت نوعيتها‪ .‬ق ّلت ال�ضرورة لزيارة هيئة التدري�س �أو الطالب �إلى‬
‫الموقع المادي للمكتبة‪ .‬كان من المعتاد تعريف مكتبة جامعة من‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪53‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
‫البع�ض منها بطيء لأنها لم تدرك بعد �أن على كافة الجامعات اليوم‪،‬‬ ‫الموارد المالية‬
‫لكي ت�صبح ذات نوعية عالية‪� ،‬أن تتولى �ش�ؤونها المالية و�إدارتها‬
‫بنف�سها‪.‬‬ ‫لكن هذه المطامح الثالثة‪� ،‬إذا �أُخذت �سوية‪ ،‬تكون مكلفة وال يوجد‬
‫قد يرى البع�ض في هذا مي ًال نحو نفخ «الروح التجارية» في‬ ‫�إ ّال عدد قليل من الدول يمكنها تمويل كافة هذه المطامح الثالثة من‬
‫التعليم العالي‪ .‬قد يراه البع�ض الآخر على انه عولمة ِطبق ًا «للنموذج‬ ‫الموارد الحكومية بمفردها‪ .‬فمع الزيادة في �أعداد الطالب والتوقعات‬
‫الأميركي» من التعليم العالي‪ .‬اما �أنا ف�أرى في هذا �ضرورة ال�ستخدام‬ ‫المت�صاعدة للنوعية والم�ساواة ت�صبح الموارد الحكومية غير كافية‪.‬‬
‫الموارد لال�ستفادة منها للدرجة الق�صوى‪ .‬وال �أ�صفه ك�أمر تجاري بل‬ ‫من المحتمل �أن تظل ندرة الموارد لدى الحكومات دائمة وهذا ما قد‬
‫�أقول �أنه اعتماد الروح االحترافية في التعليم العالي من خالل ال�سعي‬ ‫يو ّلد مع�ضلة محتملة‪ .‬كيف ي�ستطيع التعليم العالي �أن ُيم ّول �أهدافه‬
‫الم�شروع لتحقيق االمتياز في التعليم‪ ،‬ولي�س لكونه �أنموذجا �أميركيا‬ ‫الذاتية والذي ي�شمل �أهدافه التقليدية في خدمة ال�صالح العام؟‬
‫بل لكونه �أنموذج ًا ناجح ًا يجب �أن تنخرط فيه كافة م�ؤ�س�سات التعليم‬ ‫تتعلق هذه المع�ضلة بكل من الم�ؤ�س�سات العامة والخا�صة‪.‬‬
‫العالي للتعامل مع ما �أ�صبح اليوم مع�ضلة عالمية تتمثل في ندرة‬ ‫فمث ًال‪ ،‬في الواليات المتحدة تح�صل الجامعات الر�سمية على ما‬
‫الموارد العامة‪.‬‬ ‫بين ‪� 15‬إلى ‪ 20‬بالمئة فقط من ميزانياتها للم�صاريف العادية من‬
‫المجال�س الت�شريعية في الواليات‪ .‬وتكون الجامعة م�س�ؤولة عن جمع‬
‫التما�سك االجتماعي‬ ‫الأموال الباقية الالزمة مما يجعل الجامعات من النوعية العالية‪،‬‬
‫الر�سمية والخا�صة‪ ،‬تت�شابه في �إدارة �أهدافها وا�ستراتيجياتها‪ .‬بقدر‬
‫هناك ت�أثير عالمي �آخر على التعليم العالي ي�ستحق الذكر يتمثل في‬ ‫ما �أعرفه‪ ،‬تتوفر لكافة الجامعات �أربع فئات من الخيارات التي يمكنها‬
‫الطريقة التي ي�ساهم (�أو يعيق) التعليم العالي المتما�سك االجتماعي‬ ‫اعتمادها لت�أمين التمويل الالزم‪:‬‬
‫لأي دولة‪ .‬على كل من التعليم العالي الخا�ص والعام القيام ب�أدوار في‬ ‫• ت�ستطيع جمع الإيرادات من م�صادر تقليدية (مثل زيادة‬
‫الم�ساعدة على ت�أمين عي�ش المواطنين ب�سالم مع بع�ضهم البع�ض‬ ‫ر�سوم التعليم‪ ،‬فر�ض �إيجارات على المرافق‪ ،‬وتخفي�ض النفقات غير‬
‫ومع جيرانهم‪ ،‬و�أن يكون الخريجون منها قادرين على ح�سن الأداء‬ ‫المبا�شرة)‪.‬‬
‫في �سوق العمل ِطبق ًا‬ ‫• ت�ستطيع‬

‫‪BERND KAMMERER ©AP/WWP‬‬


‫للتوقعات‪.‬‬ ‫التنويع لإيجاد م�صادر‬
‫تحاول كافة‬ ‫جديدة للإيرادات (مثل‬
‫الجامعات‪� ،‬أكان غر�ضها‬ ‫فر�ض حقوق ن�شر على‬
‫الأولي التدري�س‪� ،‬أو‬ ‫االختراعات‪� ،‬أو اال�ستثمار‬
‫الأبحاث‪� ،‬أو الإعداد‬ ‫في �أ�سواق الأوراق‬
‫المهني‪ ،‬ان ت�ؤثر على‬ ‫المالية)‪.‬‬
‫التما�سك االجتماعي‬ ‫• ت�ستطيع‬
‫في المجتمع من خالل‬ ‫تخ�صي�ص الموارد‬
‫�آليتين‪� :‬إحدى الآليتين‬ ‫الجارية بكفاءة �أكثر‬
‫تعمل من خالل منهجياتها‬ ‫(مث ًال‪ ،‬التحول من‬
‫واحترافيتها في تدري�س‬ ‫التمويل الإفرادي‬
‫التاريخ‪ ،‬الثقافة العامة‪،‬‬ ‫�إلى التمويل الموحد‬
‫البيولوجيا‪ ،‬الفيزياء‪،‬‬ ‫(الجماعي)‪ ،‬والتمييز‬
‫الهند�سة‪ ،‬وااليكولوجيا‪.‬‬ ‫بين رواتب �أع�ضاء‬
‫يتم تعيين الجامعات ذات‬ ‫هيئة التدري�س‪ ،‬وهكذا‬
‫النوعية العالية ا�ستناد ًا‬ ‫دواليك)‪.‬‬
‫�إلى مدن انفتاحها على الأدب العالمي والأدلة الذي ت�ؤكد تزويدها‬ ‫• ت�ستطيع ان تلغي برامج �أو خدمات فات عليها الزمن‬
‫كافة الطالب بحرية اختيار �أكبر عدد ممكن من الموا�ضيع الدرا�سية‪.‬‬ ‫(مث ًال‪ ،‬العلوم المنزلية)‪.‬‬
‫فال تقيد �أي جامعة عظيمة حرية الو�صول �إلى المعلومات‪.‬‬ ‫كافة هذه الخيارات مثيرة للجدل‪ .‬فالجامعات العالية النوعية‬
‫والآلية الثانية تعمل من خالل توفير الجامعة للمثال عن ح�سن‬ ‫ال تنجح في جمع الموارد فح�سب بل �أي�ض ًا في تر�شيد �إعادة توزيع‬
‫ال�سلوك وتُبرز المعايير المهنية بو�ضوح‪ .‬ي�شمل ذلك الدرجة التي تمنح‬ ‫الموارد التي جمعتها للم�ساعدة في االحتفاظ بخدمتها لل�صالح العام‪.‬‬
‫فيها الجامعة بمكافئة الأداء الأكاديمي ب�صورة �صادقة ومن�صفة؛‬ ‫وبالطبع‪ ،‬الم�ؤ�س�سات المختلفة في مدى نجاحها في تمويل �أهدافها‪.‬‬

‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬ ‫‪54‬‬ ‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬
‫ب�ش�أن اعتمادية ال�شهادات‪ ،‬ت�ؤ ّمن الفر�صة لمقارنة �أو�ضاع الجامعات‬ ‫الدرجة التي تعلن فيها هيئة التدري�س والجهاز الإداري قواعد ال�سلوك‬
‫في مختلف �أجزاء العالم ا�ستناد ًا �إلى نوعية برامجها‪� .‬إن رغبة‬ ‫وتلتزم بها؛ والدرجة التي تُث ّمن فيها النقا�ش المفتوح وتحترم الآراء‬
‫الجامعة من النوعية العالية في �أن تتم مقارنتها بجامعات �أخرى كثير ًا‬ ‫المعار�ضة‪ .‬كلما تو�سعت الجامعة في �إبراز هذه الخ�صائ�ص كلما‬
‫ما �أ�صبحت تبدو على �أنها تعتمد على ما �إذا كانت الجامعة قادرة على‬ ‫ازداد طالبها في �إبرازهم كر�أ�سمال ب�شري من خالل معارفهم‬
‫�إظهار عدم ف�سادها‪.‬‬ ‫ومهاراتهم‪ ،‬وكلما ازدادت م�ساهمتهم في الر�أ�سمال االجتماعي‪ ،‬نوع‬
‫الر�أ�سمال الذي يولد رغبة الت�ضحية من �أجل ال�صالح العام‪ ،‬كما من‬
‫يقع عبء تقديم هذا الإثبات على عاتق الجامعة التي تخ�ضع للتدقيق‪.‬‬ ‫�أجل الت�سامح تجاه وجهات نظر و�آراء الآخرين وفهمها‪.‬‬
‫ف�إذا لم تتمكن من �إثبات نزاهتها‪� ،‬سوف يجد طالبها �أنف�سهم في‬ ‫تكون الجامعات التي تظهر درجة عالية جد ًا من الر�أ�سمال‬
‫و�ضع غير مالئم لهم على الدوام في �سوق العمل‪ ،‬وقد يت�ساءل النا�س‬ ‫الإن�ساني واالجتماعي من نوعية عالية‪ ،‬وهذه هي الجامعات التي‬
‫حينئذٍ عن مدى جدارة �إنفاق المال العام‪.‬‬ ‫�سوف تملك الت�أثير الأكثر �إيجابية لتحقيق التما�سك االجتماعي‬
‫والخال�صة �أن هناك «نموذجا» ناجحا ب�صورة متزايدة لنظام‬ ‫للبالد‪.‬‬
‫التعليم العالي ينطبق على كافة مناطق العالم‪ .‬وهو النموذج الذي‬ ‫�إن ما يعنيه ذلك �ضمني ًا هو �أن الجامعات التي يح�صل فيها‬
‫تتمكن من خالله م�ؤ�س�سات التعليم العالي بذاتها �أن تمول تحقيق‬ ‫الف�ساد‪ ،‬حيث يمكن تغيير الدرجات الدرا�سية‪ ،‬وتبديل قرارات القبول‬
‫�أهدافها‪ .‬ومن الوا�ضح �أكثر ف�أكثر �أن للتعليم العالي دور ًا فريد ًا ليلعبه‬ ‫في الجامعة واعتمادية �شهاداتها من خالل الر�شاوى‪� ،‬سوف تهدد‬
‫في عملية التما�سك االجتماعي للدول‪ ،‬ولكنه قد يتمكن من لعب �إما‬ ‫التما�سك االجتماعي للبالد‪ .‬فبد ًال من �أن تُ�ش ّكل المثال لح�سن ال�سلوك‬
‫الدور ال�سلبي من خالل تمثيله لل�سلوك غير المهني‪� ،‬أو الإيجابي من‬ ‫ف�إن الجامعة الفا�سدة تقدم (تبرز) عك�س ذلك‪� ،‬أي �سلوك ي�ؤدي �إلى‬
‫طريق التزامه معايير ال�سلوك الدولية‪.‬‬ ‫خلل وظيفي بالن�سبة «لم�ستقبل البالد»‪.‬‬
‫تُم ّثل مكافحة الف�ساد في م�ؤ�س�سات التعليم العالي م�شكلة عالمية‬
‫اليوم‪ ،‬وتجعل الرهانات على نجاحها عالية‪ .‬تُ�ش ّكل عملية بولونيا‪ ،‬التي‬
‫تعمل من خاللها دول االتحاد الأوروبي للتوفيق بين �أنظمة التعليم‬
‫العالي المختلفة لديها وذلك لإتاحة �إمكانية التحرك �أكثر لكل من‬
‫الآراء المعبر عنها في هذا المقال ال تعك�س بال�ضرورة �آراء‬ ‫الطالب والأ�ساتذة‪ ،‬كما �أن الإر�شادات الجديدة لمنظمة الأوني�سكو‬
‫�أو �سيا�سات الحكومة الأميركية‪.‬‬

‫‪©AP/WWP‬‬

‫تعمل هاتان الطالبتان القطريتان في �صف تدري�س الطباعة في كلية الفنون التابعة لجامعة‬
‫كومونويلث فيرجينيا في الدوحة‪ ،‬قطر‪�( .‬آ�سو�شييتد بري�س)‬

‫ق�ضايا عاملية ‪� -‬شباط‪/‬فرباير‪2006 ،‬‬ ‫‪55‬‬ ‫املجلة الإلكرتونية ‪ -‬يو ا�س �أيه‬
Bibliography
Additional Readings on Globalization

‫المراجع‬
Friedman, Thomas L. The World Is Flat: A Brief O’Sullivan, John. “The Role of the Media at a Time of
History of the Twenty-First Century. New York: Farrar, Global Crisis,” International Journal on World Peace, v.
Straus, and Giroux, 2005. 21, no. 4 (December 2004): pp. 69-79.

Gugler, Josef, ed. World Cities Beyond the West: Pells, Richard. “American Culture Goes Global: Or
Globalization, Development, and Inequality. Does It?” Chronicle of Higher Education, v. 48, no. 31
Cambridge; New York: Cambridge University Press, (April 12, 2002): p. B7.
2004.
Pells, Richard. From Modernism to the Movies: The
“Measuring Globalization: The Global Top 20,” Globalization of American Culture in the Twentieth
Foreign Policy, no. 148 (May/June 2005): pp. 52- Century. New Haven, CT: Yale University Press,
60. [Fifth Annual A.T. Kearney/Foreign Policy forthcoming.
Globalization Index]
Rantanen, Terhi. The Media and Globalization.
Naím, Moisés. “Globalization: Passing Fad or Thousand Oaks, CA: Sage, 2005.
Permanent Revolution?” Harvard International Review,
v. 26, no. 1 (Spring 2004): pp. 84-85. Robertson, Robbie. The Three Waves of Globalization:
A History of a Developing Global Consciousness.
Perrons, Diane. Globalization and Social Change: Nova Scotia, [Canada]; Fernwood; New York: Zed
People and Places in a Divided World. London; New Books, 2003.
York: Routledge, 2004.
Veseth, Michael. Globaloney: Unraveling the Myths of
Veltmeyer, Henry, ed. Globalization and Globalization. Lanham, MD: Rowman and Littlefield,
Antiglobalization: Dynamics of Change in the New 2005.
World Order. Aldershot, Hants, UK; Burlington, VT:
Ashgate, 2005.
ECONOMICS

CULTURE Barfield, Claude E., Günter Heiduk, and Paul J.J.


Welfens, eds. Internet, Economic Growth, and
Appiah, Kwame Anthony. Cosmopolitanism: Ethics in Globalization: Perspectives on the New Economy in
a World of Strangers. New York: W.W. Norton, 2006. Europe, Japan, and the USA. New York: Springer,
2003.
Cowen, Tyler. Good and Plenty: The Creative
Successes of American Arts Funding. Princeton, NJ: Barker, Drucilla K., and Susan F. Feiner. Liberating
Princeton University Press, 2006. Economics: Feminist Perspectives on Families, Work,
and Globalization. Ann Arbor, MI: The University of
Cowen, Tyler. “The Fate of Culture,” Wilson Quarterly Michigan Press, 2004.
(Autumn 2002): pp. 78-84.
http://www.gmu.edu/jbc/Tyler/fate-of-culture.PDF Bhagwati, Jagdish N. In Defense of Globalization. New
York: Oxford University Press, 2004.
Hackett, Robert A., and Yuezhi Zhao, eds.
Democratizing Global Media: One World, Many Buch, Claudia M. Globalization of Financial Markets:
Struggles. Lanham, MD: Rowman and Littlefield, Causes of Incomplete Integration and Consequences
2005. for Economic Policy. Berlin; New York: Springer,
2004.

‫ يو ا�س �أيه‬- ‫املجلة الإلكرتونية‬ 56 2006 ،‫فرباير‬/‫ �شباط‬- ‫ق�ضايا عاملية‬


Cavanagh, John, and Jerry Mander, eds. Alternatives to Naím, Moisés. Illicit: How Smugglers, Traffickers, and
Economic Globalization: A Better World Is Possible. Copycats Are Hijacking the Global Economy. New
2nd ed. San Francisco, CA: Berrett-Koehler, 2004. York: Doubleday, 2005.

Chandler, Alfred D., and Bruce Mazlish, eds. Ocampo, José Antonio, and Juan Martin, eds.
Leviathans: Multinational Corporations and the Globalization and Development: A Latin American and
New Global History. Cambridge, UK; New York: Caribbean Perspective. Palo Alto, CA: Stanford Social
Cambridge, 2005. Sciences, Stanford University Press; Washington, DC:
World Bank, 2003.
Das, Dilip K. The Economic Dimensions of
Globalization. Houndmills, Basingstoke, Hampshire; Pink, Daniel. Free Agent Nation: The Future of
New York: Palgrave Macmillan, 2004. Working for Yourself. New York: Warner Business
Books, 2002.
Drainville, André C. Contesting Globalization: Space
and Place in the World Economy. London; New York: Rivoli, Piera. The Travels of a T-Shirt in the Global
Routledge, 2004. Economy: An Economist Examines the Markets,
Power, and Politics of World Trade. Hoboken, NJ: John
Hanson, James, et al., eds. Globalization and National Wiley & Sons, Inc., 2005.
Financial Systems. Washington, DC: World Bank,
2003. Runge, C. Ford, et al. Ending Hunger in Our Lifetime:
Food Security and Globalization. Baltimore, MD:
International Monetary Fund. U.S. Fiscal Policies and Johns Hopkins University Press, for the International
Priorities for Long-Run Sustainability. Washington, Food Policy Research Institute, 2003.
DC: IMF, 2004.
Rupert, Mark, and M. Scott Solomon. Globalization
Isaak, Robert A. The Globalization Gap: How the Rich and International Political Economy: The Politics
Get Richer and the Poor Get Left Further Behind. of Alternative Futures. Lanham, MD: Rowman and
Upper Saddle River, NJ: Prentice Hall/Financial Times, Littlefield, 2006.
2005.
Smith, Neil. The Endgame of Globalization. New York:
Laudicina, Paul A. World Out of Balance: Navigating Routledge, 2005.
Global Risks to Seize Competitive Advantage. New
York: McGraw-Hill, 2004. Stark, Jurgen. “The State of Globalization,” The
International Economy, v. 19, no. 2 (Spring 2005): pp.
Legrain, Philippe. Open World: The Truth About 52-55.
Globalization. Chicago: Ivan R. Dee, 2004.
Stiglitz, Joseph. Globalization and Its Discontents.
Lele, Uma J., and Chris Gerrard. Addressing the New York: Norton, 2002.
Challenges of Globalization: An Independent
Evaluation of the World Bank’s Approach to Global Weinstein, Michael M., ed. Globalization: What’s
Programs. Washington, DC: World Bank, 2004. New? New York: Columbia University Press, 2005.
Mander, Jerry, and Victoria Tauli-Corpuz, eds. Wolf, Martin. Why Globalization Works. New Haven,
Paradigm Wars: Indigenous Peoples’ Resistance to CT: Yale University Press, 2004.
Economic Globalization: A Special Report of the
International Forum on Globalization, Committee on
Indigenous Peoples. San Francisco, CA: International EDUCATION
Forum on Globalization, 2005.
Heyneman, S.P. “Defining the Influence of Education
Michie, Jonathan, ed. The Handbook of Globalisation. on Social Cohesion,” International Journal of
Cheltenham, UK: Northampton, MA: Edward Elgar, Educational Policy, Research and Practice (Winter
2003. 2002/3): pp. 73-97.

2006 ،‫فرباير‬/‫ �شباط‬- ‫ق�ضايا عاملية‬ 57 ‫ يو ا�س �أيه‬- ‫املجلة الإلكرتونية‬


Heyneman, S.P. “Education and Corruption,” College Review, v. 58, no. 1 (Winter 2005): pp. 63-75.
International Journal of Education Development, v. 24 http://www.nwc.navy.mil/press/Review/2005/Winter/
(2004): pp. 637-648. art3-w05.htm

Moiseyenko, Olena. “Education and Social Cohesion: Morgan, Matthew J. “The Origins of the New
Higher Education,” Peabody Journal of Education, v. Terrorism,” Parameters, v. 34, no. 1 (Spring 2004): pp.
80, no. 4 (2005): pp. 89-103. 29-43.
http://carlisle-www.army.mil/usawc/
“A New World View: Education in a Global Era,” Phi Parameters/04spring/morgan.htm
Delta Kappan, v. 87, no. 3 (November 2005): pp. 184-
245. Nassar, Jamal R. Globalization and Terrorism: The
Rumyantseva, Nataliya L. “The Taxonomy of Migration of Dreams and Nightmares. Lanham, MD:
Corruption in Higher Education,” Peabody Journal of Rowman and Littlefield, 2005.
Education, v. 80, no. 1 (2005): pp. 81-92. http://www.rowmanlittlefield.com/Catalog/SingleBook.
shtml?command=Search&db=^DB/CATALOG.
db&eqSKUdata=0742525031
HUMAN RIGHTS
Nye, Joseph. Soft Power: The Means to Success in
Brysk, Alison, and Gershon Shafir, eds. People Out World Politics. New York: Public Affairs, 2004.
of Place: Globalization, Human Rights, and the
Citizenship Gap. New York: Routledge, 2004. Rapley, John. Globalization and Inequality:
Neoliberalism’s Downward Spiral. Boulder, CO: Lynne
Moghadam, Valentine M. Globalizing Women. Rienner, 2004.
Baltimore, MD: Johns Hopkins University Press, 2005.
Rosenau, James N. Distant Proximities: Dynamics
Beyond Globalization. Princeton, NJ: Princeton
SECURITY University Press, 2003.
Barkawi, Tarak. Globalization and War. Lanham, MD:
Sicherman, Harvey. “Cheap Hawks, Cheap Doves, and
Rowman and Littlefield, 2006.
the Pursuit of Strategy,” Orbis, v. 49, no. 4 (Fall 2005):
pp. 613-629.
Carmody, Padraig. “Transforming Globalization and
http://www.fpri.org/orbis/4904/sicherman.
Security: Africa and America Post-9/11,” Africa Today,
cheaphawksdoves.pdf
v. 52, no. 1 (Fall 2005): pp. 97-120.
U.S. National Intelligence Council. Mapping the
Copley, Gregory R. “Preparing for the Post-Terrorism
Global Future: Report of the National Intelligence
Era,” Defense and Foreign Affairs Strategic Policy, v.
Council’s 2020 Project, Based on Consultations
33, no. 9 (September 2005): pp. 2-4.
With Nongovernmental Experts Around the World.
Washington, DC: National Intelligence Council, 2004.
Echevarria, Antulio J. and Bert B. Tussing. From
http://www.foia.cia.gov/2020/2020.pdf
“Defending Forward” to a “Global Defense-in-Depth”:
Globalization and Homeland Security. Carlisle, PA:
Van Rooy, Alison. The Global Legitimacy Game:
Strategic Studies Institute, U.S. Army War College,
Civil Society, Globalization, and Protest. Houndmills,
2003.
Basingstoke, Hampshire; New York: Palgrave
Macmillan, 2004.
Florida, Richard. “The World Is Spiky,” The Atlantic
Monthly, v. 296, no. 3 (October 2005): pp. 48-51.

Haas, Richard N. “The Politics of Power: New Forces


and New Challenges,” Harvard International Review, v.
The U.S. Department of State assumes no responsibility for the
27, no. 2 (Summer 2005): pp. 60-65. content and availability of the resources from other agencies and
organizations listed above. All Internet links were active as of
Miskel, James F. “Grand Strategies for Dealing With February 2006.
Other States in the New, New World Order,” Naval War

‫ يو ا�س �أيه‬- ‫املجلة الإلكرتونية‬ 58 2006 ،‫فرباير‬/‫ �شباط‬- ‫ق�ضايا عاملية‬


Internet Resources
Selected Web Sites on Globalization

‫م�صادر الإنترنت‬
UNITED STATES GOVERNMENT Universities, Colleges, and Research
Organizations
U.S. Agency for International Development
http://www.usaid.gov Bill and Melinda Gates Foundation
http://www.gatesfoundation.org
U.S. Department of Health and Human Services
Centers for Disease Control and Prevention Carnegie Endowment for International Peace
http://www.cdc.gov Global Policy Program
http://www.carnegieendowment.org/programs/global/
U.S. Department of State
http://www.state.gov Center for Strategic and International Studies
Globalization101.org
U.S. Treasury Department http://www.globalization101.org/about/
Office of Foreign Assets Control
http://www.ustreas.gov/offices/enforcement/ofac/index. George Washington University
shtml Center for the Study of Globalization
http://gstudynet.com/gwcsg/
International
The Globalization Website (Emory University)
International Labor Organization http://www.sociology.emory.edu/globalization/about.
http://www.ilo.org html

International Monetary Fund International Forum on Globalization


http://www.imf.org/external/np/exr/ib/2000/041200. http://www.ifg.org
htm#ll
World Economic Forum
Japan Center for International Exchange http://www.weforum.org
http://www.jcie.or.jp
Other
Organization for Economic Cooperation and
Development A. T. Kearney: Globalization Index 2005
Principles of Corporate Governance http://www.atkearney.com/main.taf?p=5,4,1,116
http://www.oecd.org/dataoecd/32/18/31557724.pdf
Global Scenario Group
Statistics Canada http://www.gsg.org
http://www.statcan.ca/english/freepub/11-623-
XIE/2003001/multi.htm International Women’s Tribune Centre
http://www.irc.nl/page/7049
World Bank Group
http://www.worldbank.org/html/extdr/pb/globalization A World Connected
http://www.aworldconnected.org/
World Health Organization
http://www.who.org

World Trade Organization The U.S. Department of State assumes no responsibility for the
content and availability of the resources from other agencies and
http://www.wto.org organizations listed above. All Internet links were active as of
February 2006.

2006 ،‫فرباير‬/‫ �شباط‬- ‫ق�ضايا عاملية‬ 59 ‫ يو ا�س �أيه‬- ‫املجلة الإلكرتونية‬

You might also like