‫عندما يسقط الكون مع شعرة الساقي في كوب القهوة‬

‫الجمعة‪ ,‬مارس ‪2005 ,25‬‬

‫أياً كان السبب الذي نشرب من أجله القهوة فنحن ال نشربها ألننا عطشى‬

‫&&&‬

‫القهوة سبب وجيه يجعلك تجزم أن المخ من أعضاء الجهاز الهضمي‬

‫&&&‬

‫ال يهم طعم القهوة; في أفواه اآلخرين‪ ,‬ما يهم هو طعمها في فمي‬

‫&&&‬

‫بالرغم من أني أسكب كوب القهوة في معدتي إال أنها تتجه مباشرة نحو رأسي‬

‫&&&‬

‫يدي” و”أنفي” دائماً يتسابقان‪ ,‬كالهما يريد االستمتاع بالقهوة أوال ً“‬

‫&&&‬

‫‪ ..‬يحيرني هذا السؤال دائما‪ :‬أيهما أجمل؟‬

‫في النهار يبدو لي كوب القهوة الموجود أمامي أجمل‪ ,‬وفي الليل تبدو لي صورة كوب القهوة‪ ,‬المعلقة‬
‫‪ ..‬على الجدار‪ ,‬والتي تحاول أن ترسم القهوة المثالية‪ ,‬أجمل‬

‫تذكر‪ :‬فقط عند كوب القهوة يكون الواقع واللوحة الدعائية متماثالن‬

‫&&&‬

‫بالرغم من أن قهوتي كالحة السواد‪ ,‬وطلبتها مره؛ إال أنها حلوة ومنيرة‬

‫&&&‬

‫م كُل هذه البهرجة‬

‫م اإلنترنت الالسلكية ؟‪ ,‬ل َ‬
‫م اللبس الموحد بين العمال ؟ ‪ ,‬ل َ‬
‫م الديكور الفخم ؟ ‪ ,‬ل َ‬
‫ل َ‬
‫‪ .. ..‬والزركشة والرتوش؟‬

‫جل ما أريده هو كوب من القهوة‬

‫ُ‬

‫&&&‬

‫مالمضحك في األمر؟ ‪ ..‬أذكر أسماء أصدقائي للزائر الجديد وفي النهاية أذكر اسم – نوع – القهوة التي‬
‫معي ‪..‬‬

‫أصدقائي يظنون أننا خمسة وأنا متأكد أننا عشرة‬

‫&&&‬
 ‫”ال أعتقد أن عكس “القهوة”; هو “الشاي” ؟ ‪ ..‬أعتقد أن عكسها هو “الوحدة‬

‫&&&‬

‫كل ما أكتبه في دفتري أول من يقرأه نادل القهوة وهو يسترق النظر للدفتر بينما هو يضع كوب القهوة‬
‫‪ ..‬على الطاولة‪ ,‬ومن ثم يقرأها كوب القهوة‪ ,‬محدقاً‪ ,‬وهو بجانب الدفتر‪ ,‬في ما أكتبه‬

‫ولو أن لي أذان أسمع بها; لسمعت مالحظات الكوب في ما أكتب‬

‫&&&‬

‫هناك من يكرع القهوة‪ ,‬وهناك من يتجرعها‪ ,‬وهناك من يتذوقها‪ ,‬وهناك من ال يرى حوافا للكوب; بل يرى‬
‫شفاها مكتنزة تحتاج شغفا في التعامل‬

‫&&&‬

‫‪ ..‬في قصة “أليس في بالد العجائب” كانت هناك شخصية تسكب الشاي مباشرة في رأسها‬

‫‪ ..‬لماذا لم تكن قهوة ؟‬

‫أعتق;د أن األديب “ل;ويس ك;ارول” ح;اول أن يعب ّ;ر عن خيالن;ا ورغبتن;ا في أن نس;كب الش;اي مباش;رة في‬
‫رؤوسنا عوضاً عن شربه‪ ,‬ولكن القهوة‪ ;,‬حتى في تصورنا ” للعالم الكامل”‪ ,‬نتخيل أننا نشربها بالض;;بط كم;;ا‬
‫نفعل اآلن‬

‫&&&‬

‫الحب ‪ ,‬ثم القهوة ‪ ,‬ثم الموسيقى ‪ ,‬ثم الشعر ‪ ,‬ثم القصة ‪ ..‬حلول جيدة لنهرب قليال من الحياة‬

‫&&&‬

‫كل عاشق قال ‪“ :‬أحبك” مرتين على األقل‪ ,‬أحدها لكوب قهوة‬

‫&&&‬

‫مثل الحياة كوب القهوة ينتهي‪ ,‬وبطريقة أو بأخرى هو مثل “اآلخر” الذي يفارقني ولكنه يظل في داخلي‬

‫&&&‬

‫‪ ..‬عندما ينسكب كوب الماء على ما أكتب فإنني أحاول أن أجفف الورقة‬

‫ولكن عندما تنسكب القهوة; فإنني أمزق الورقة; وأبدأ من جديد; ألنني عندما أرى ما كتبت و”القهوة”‬
‫على نفس الصفحة‪ ,‬أشعر أن ما كتبت كان دميماً‬

‫&&&‬

‫في ذلك المطعم العالي فوق مدينة الرياض “أكوّر” يدي وأضعها أمام عيني وأرى الرياض كلها في يدي‪,‬‬
‫ومن ثم التفت إلى الطاولة – ويدي ما تزال مكوّرة – وأرى كوب القهوة في يدي‪ ,‬ولكن أنا أملك كوب‬
‫القهوة وال أملك الرياض‬

‫&&&‬

‫في كأس الماء يكمن الفتور‪ ,‬وفي علبة المياه الغازية يكمن الطيش‪ ;,‬وفي الخمر تكمن الحرمة‪ ,‬وفي‬
‫‪ ..‬القهوة تكمن المرارة‬
 ‫بالفعل إنه عالم قاسي‬

‫&&&‬

‫مسكين كوب القهوة‪ ;,‬ينذر نفسه لنا ونعامله كع;;اهرة وض;;يعه‪ ,‬ذاك يكتب بينم;;ا ه;;و يش;;رب ك;;وب القه;;وة‪,‬‬
‫وذاك يتحدث بينما هو يش;;رب ك;;وب القه;;وة‪ ,‬وذاك يق;;رأ بينم;;ا ه;;و يش;;رب ك;;وب القه;;وة‪ ,‬بينم;;ا يجلس في‬
‫الزاوية كهل بدت على قسماته مالمح الحكمة يشرب كوب القهوة بينما هو يشرب كوب القهوة ‪..‬‬

‫&&&‬

‫أجمل جملة قيلت في رواية “جزيرة الكنز” قالها القبطان “جون س;;لفر” عن;;دما ذهب للتف;;اوض م;;ع “جيم”‬
‫وأصدقائه في حصنهم‪ ,‬عندما سأله “جيم”‪“ :‬ما هو أهم شيء في حياتك يا سلفر؟”‪ ,‬ق;ال “ج;ون س;لفر”‬
‫وهو يرفع كوب القهوة‪“ ;:‬اآلن أهم شيء بالنسبة لي هو كوب القهوة هذا ‪”..‬‬

‫عبق;;ري األديب “روب;;رت ل;;ويس”‪ ,‬اس;;تطاع أن يس;;قط فلس;;فة “االس;;تمتاع باللحظ;;ة الحاض;;رة” في ك;;وب‬
‫القهوة‪ ,‬تماماً كما يفعل البعض بقطعة; السكر‬

‫&&&‬

‫أناني؟ ‪ ..‬نعم أنا أناني‪ ,‬أنا أذهب ألشرب القهوة وأتح;دث م;ع أص;دقائي‪ ,‬بينم;ا أص;دقائي يج;يئوا ليتح;دثوا‬
‫ويشربوا القهوة‬

‫&&&‬

‫لو خيرت بين ” الخبز ” و”الحقيقة”‪ ;,‬س;;وف أخت;ار الحقيق;;ة‪ ,‬ول;;و خ;;يرت بين “القه;;وة”; و “الحقيق;;ة”‪ ,‬س;;وف‬
‫أتردد قليال‪ ,‬ومن ثم‪ ,‬سوف أختار “الحقيقة”; على مضض‬

‫&&&‬

‫ي‪ ,‬أتحسسك قبل أن أحاول أن أحتويك‪,‬‬ ‫أحبك‪ ,‬أعشقك‪ ,‬أراكِ سببا وجيهاً للحياة‪ ,‬أذوب فيك كما تذوبين ف ّ‬
‫وال أحتويك وتحتويني‪ ,‬ال أحد يجعلني أتحدث كم;;ا تفعلين‪ ;,‬أس;;معك وأج;;د نفس;;ي أتح;;دث ل;;ك‪ ,‬أفلس;;فك‬
‫وأجد أني أخذت منك إليك‪ ,‬تهبني كلك وأعطيك بعضي‪ ,‬تواسيني‪ ,‬تعرفني‪ ,‬تعرّف;;ني‪ ,‬تفهم;ني‪ ,‬ت;دركني‪,‬‬
‫تحول الدنيا كلها من أجلي لجملة‪ ,‬لسطر‪ ,‬ومن ثم تضع السطر في طرفة‪ ,‬وتض;;ع الطرف;;ة في لغ;;ز‪ ,‬وتض;;ع‬
‫اللغز في حكمة‪ ,‬لتجعلني أع;;رف وأبتس;;م وأفك;;ر وأعي; فق;;ط لتس;;عدني‪ ,‬بالنس;;بة لي أنت وج;;ود ملطخ‬
‫بالض;وء تبع;ثر في الل;ذة‪ ,‬في حض;رتك أعتق;د أني بحجم المحي;ط‪ ,‬بحجم الك;ون‪ ,‬بحجم الحي;اة‪ ,‬ب;ل بحجم‬
‫الزمن‪ ,‬وعندما أصمت وأنظر أليك أشعر بأني طفل صغير في يدك; ألنك بحجم األبدية ‪..‬‬

‫تتألم قليال عندما أضغط على يديك لكنك تبتسم احتراما لولهي‪ ,‬تسمع كالمي‪ ,‬تسمع همس;;ي‪ ,‬تس;;مع‬
‫أنفاسي‪ ,‬بل تسمع تمتمتي التي حتى أنا ال أسمعها‪ ,‬تعرف كل أسراري‪ ,‬تع;;رف لم;;اذا الج;;أ إلي;;ك‪ ,‬تع;;رف‬
‫لماذا انتهيت عندك بعدما ابتدأت بك‪ ,‬تعرف لماذا عندما أكون معك أش;عر ب;أني قطع;ة وض;عت في مكانه;ا‬
‫الصحيح في “لعبة تركيب الصور”‪ ,‬بل إنك تعرف عني أس;;رارا ليس له;;ا عن;;اوين عن;;دي بع;;د‪ ,‬وأن;;ا ال أع;;رف‬
‫عنك سوى إني متيم بك‪ ,‬وال أحزن لذلك ألن التفاح ال يحاول معرفة شجرته ‪..‬‬

‫فقط أنا أحاول أن أحياك ‪..‬‬

‫كوب القهوة أنت لست “شيء”; ألن رحلة اإلنسان هي رحل;;ة للبحث عن الح;;ق والخ;;ير والجم;;ال وعن;;ك‪,‬‬
‫ومثل ما كان الفن دافعا ساميا للفن‪ ,‬فأنت دافعا كليا تاما إليك ‪..‬‬

‫&&&‬

‫التوقيع‬

‫شخص يعيش الغربة والوحشة‪ ,‬وتتملكه المناطق المظلمة في ذاته‪ ,‬إال في وجودك‬