‫أحمد حلمي يكتب ‪ :‬ماليش في الكورة!

‬
‫السبت ‪ 14‬نوفمبر ‪2009‬‬
‫أحمد حلمي ‪ -‬خاص الشروق ‪-‬‬

‫اطبع الصفحة‬

‫‪  ‬أنا ماليش فى الكورة‪ ..‬وآخر حاجة كنت أتوقعها أنى أكتب مقال عن الكورة‪ ..‬صحيح الجرأة مطلوبة‪ ..‬بس مش للدرجه‬
‫دى‪ ..‬أتمنى أن يكون اللى هاعمله ده جرأة مش بجاحة‪ ..‬أنا فاكر إنى مرة لعبت ماتش وأنا صغير‪ ..‬بس صحابى علشان كانوا‬
‫عارفين إن «ماليش فيها»‪ ،‬فكانوا بيخلونى العب مع الفرقتين فى نفس الوقت‪ ،‬يعنى أول ما الكورة تيجى عندى أحطها فى أقرب‬
‫جون جنبى‪ ..‬جون مين بقى مش مهم‪ ..‬لحد ما جه ماتش كل الناس قالت عليه مهم‪ ..‬وده كان سنة ‪ ..1989‬وأنا الوحيد اللى‬
‫معرفتش مهم ليه! ولما سألت‪ ،‬قالولى ده ماتش مصر والجزائر للدخول فى كأس العالم‪..‬‬

‫فرحت جدا علشان الشوارع هاتبقى فاضيه وممكن أنزل أعمل كام مشوار بعيد‪ P‬عن الزحمة‪ ..‬ونزلت فعال‪ ..‬بس معرفتش أخلص‬
‫وال مشوار‪ ،‬ألن كل اللى كنت رايحلهم كانوا بيتفرجوا على الماتش‪ ..‬تقريبا أنا المجنون الوحيد فى مصر اللى كنت ماشى‬
‫لوحدى فى الشارع‪ ..‬قعدت على قهوة فى شارع التحرير أشرب شاى‪ ..‬وكانوا كل زباين القهوه باصين جوه القهوة فى اتجاه‬
‫التليفزيون‪ ..‬ماعدا أنا‪ ..‬أنا الوحيد اللى كنت باصص ناحية الشارع الفاضى‪ ..‬بقالى ربع ساعة طالب الشاى وما جاش‪ ..‬لفيت‬
‫رقبتى وخطفت نظرة جوه القهوة‪ ..‬لقيت الكل متسمر فى كرسيه‪ ..‬حتى القهوجى شايل الصينية عليها كباية الشاى بتاعتى‬
‫ومتسمر فى مكانه‪ ..‬النظرة اللى خطفتها للقهوة‪ ،‬صادفت أنها كانت فى نفس زمن هجمه فى الماتش‪ ،‬كان بيهجمها العب مش‬
‫عارف اسمه‪ ..‬بس فجأة كده ومن غير سبب‪ ،‬طالت نظرتى‪ ،‬ودق قلبى بخوف مش عارف سببه‪ ..‬ومرت دقايق‪ ،‬ورقبتى فى‬
‫نفس اتجاهها‪ ،‬لحد ما جه الجون‪ ..‬واتحول الخوف اللى جوايا لرغرغة اتكسفت منها‪ ..‬بس لما لقيت القهوة كلها رغرغت‪ ،‬رحت‬
‫مرغرغ‪ ..‬حضنت ناس معرفهومش‪ ،‬وبوست ناس عمرى ماكنت أفكر أبوسهم‪..‬‬

‫وأخيرا القهوجى اتحولت كل تقاسيمات وشه القلقانة البتسامة كشفت عن ضرس العقل المسوس فى بقه‪ ..‬وجابلى الشاى اللى‬
‫اكتشفت أنى ساقع جدا بعد ماشربته‪..‬‬

‫وماحسبتش عليه‪ ..‬مش ألنه ساقع أو ألنى زوغت من الحساب‪ ..‬ال‪ ..‬ألن القهوجى مرضيش ياخد حسابه‪ ..‬اكتشفت أن رقبتى‬
‫وجعتنى‪ ..‬بس وجع له معنى‪ ..‬وجع الخوف اللى بيحلى الفوز‪ ..‬وعرفت يومها أنى جايز ماكونش كروى‪ ،‬بس أكيد مصرى‬
‫معندوش أى تردد فى أن رقبته تتكسر علشان مصر تكسب‪ ..‬وبعد عشرين سنة‪ ..‬وفى سنة ‪ ..2009‬مصر والجزائر تانى‪ ..‬وكل‬
‫حاجه زى ماهى‪ ..‬القهوة زى ماهى‪ ..‬البقت محل موبيالت‪ ،‬وال فيديو جيم‪ ..‬والقهوجى شعبان زى ما هو‪ ..‬وضرس العقل بتاعه‬
‫زى ماهو‪ ..‬وشارع التحرير زى ماهو ال طال وال قصر ‪ ..‬ومصر أم الدنيا غلبت الجزائر‪ ..‬فاضل بس إن رقبتى توجعنى‪..‬‬
‫وهو ده اللى أنا بعمله دلوقتى‪ ..‬بأكتب المقال وأنا باصص ورايا‪ ..‬مصر هاتكسب‪..‬‬