You are on page 1of 23

‫البرزخ‬

‫عندالصوفية‬
‫في اللغة‬
‫" البرزخ ‪ .1 :‬الحاجز بين شيئين ‪.‬‬

‫‪ .‬أرض ضيقة محصورة بين بحرين‬


‫‪.‬‬

‫‪ .3‬ما بين الموت والبعث " ‪.‬‬

‫في القرآن الكريم‬


‫وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( ‪ ) 3‬مرات ‪ ،‬منها قوله تعالى ‪:‬‬

‫َم َر َج ا ْلبَ ْح َر ْي ِن يَ ْلت ِ‬


‫َقيان ‪ .‬بَ ْينَ ُهما بَ ْر َز ٌخ ال يَ ْب ِغ ِ‬
‫يان ‪.‬‬

‫في االصطالح الصوفي‬


‫" أوالً ‪ :‬بمعنى الرسول‬
‫الشيخ محمد بهاء الدين البيطار‬
‫يق‪III‬ول ‪ " :‬ال‪III‬برزخ ‪ :‬هو ‪ ،‬وهو ب‪III‬رزخ بين الثب‪III‬وت والوج‪III‬ود ‪ ،‬ال‬
‫يتخلص إلى أحد الط‪III‬رفين فيقبل الع‪III‬دم ح‪III‬ال قبوله الوج‪III‬ود ‪،‬‬
‫فوجوده عين العدم " ‪.‬‬

‫" ثانيا ً ‪ :‬بالمعنى العام‬


‫الشيخ شهاب الدين السهروردي‬
‫يقول ‪ " :‬البرزخ ‪ :‬هو الجسم ‪ ،‬ويرسم بأنه هو الجوهر ال‪II‬ذي يقصد‬
‫باإلشارة ‪ .‬وقد شوهد من البرازخ ما إذا زال عنه النور بقي مظلما ً‬
‫"‪.‬‬

‫"‪.‬‬ ‫ويقول ‪ " :‬كل برزخ هو جوهر غاسق‬


‫الشيخ األكبر ابن عربي‬
‫يق‪II‬ول ‪ " :‬ال‪II‬برزخ ‪ :‬هو مرتبة الت‪II‬نزل الرب‪II‬اني ليتصف ال‪II‬رب فيها‬
‫بالصفات العبدانية ‪ ،‬ومرتبة االرتقاء العبداني ليتصف العبد فيها‬
‫بالصفات الربانية فهي العماء " ‪.‬‬

‫الشيخ كمال الدين القاشاني‬


‫يق‪II‬ول ‪ " :‬ال‪II‬برزخ ‪ :‬هو الحائل بين الش‪II‬يئين ‪ ،‬ويع‪II‬بر به عن ع‪II‬الم‬
‫المث‪III‬ال ‪ ،‬أع‪III‬ني ‪ :‬الح‪III‬اجز بين األجس‪III‬اد الكثيفة وع‪III‬الم األرواح‬
‫المجردة‪ ، I‬أعني ‪ :‬الدنيا واآلخرة ‪ ،‬ومنه الكشف‬
‫الصوري "‪.‬‬

‫الشيخ عبد الكريم الجيلي‬


‫" البرزخ ‪ :‬هو وجود ولكن غير تام وال مس‪II‬تقل ‪ ،‬ولو ك‪II‬ان تام ‪I‬ا ً أو‬
‫مستقالً لكان دار إقامة مثل دار الدنيا واآلخرة فهو في المث‪II‬ال كما‬
‫نتصور تلك الشعلة واخضرارها بخضرة الزجاجة فتش‪II‬كل لنا كما‬
‫هي عليه ‪ ،‬ولكن في عالم الخيال " ‪.‬‬

‫الشيخ عبد الحميد التبريزي‬


‫يقول ‪ " :‬البرزخ ‪ :‬عبارة عما يتوسط أمرين متغايرين ويك‪II‬ون بينه‬
‫وبين طرفيه هو هوية واتح‪III‬اد من وجه ومغ‪III‬ايرة من وجه آخر ‪.‬‬

‫فالبرزخ بين الواجب والممكن الوجود المفاض ‪...‬‬

‫وبين ع‪III‬الم العقل الكلي ال‪III‬ذي هو أول المخلوق‪III‬ات ‪ ،‬وبين ع‪III‬الم‬


‫الجسم عالم الملكوت " ‪.‬‬

‫الشيخ عبد العزيز الدباغ‬


‫يقول ‪ " :‬البرزخ ‪ :‬إنه على صورة محل ض‪II‬يق من أس‪II‬فله ‪ ،‬ثم ما دام‬
‫يطلع يتسع فلما بلغ منتهاه جعلت قبة على رأسه مثل قبة الفن‪II‬ار ‪...‬‬

‫وهو البيت المعمور " ‪.‬‬

‫الشيخ عبد القادر الجزائري‬


‫البرزخ ‪ :‬هو حاجز معقول‪ I‬بين أي شيئين متقابلين يفصل بينهما ‪،‬‬
‫بحيث ال يختلط أح‪II‬دهما ب‪II‬اآلخر ‪ ،‬وال يك‪II‬ون عينهما وال غيرهما ‪،‬‬
‫وفيه قوتهما مع‪IIIII‬ا ً ‪ ،‬بمع‪IIIII‬نى ‪ :‬أنه ال يك‪IIIII‬ون عين كل واحد من‬
‫المتقابلين من كلتي وجهتيه ‪ ،‬بل له وجه إلى هذا ووجه إلى ه‪II‬ذا ‪،‬‬
‫مع أنه ال يتج‪II‬زأ وال يتبعض ‪ ،‬وال ينقسم يك‪II‬ون بين محسوس‪II‬ين ‪،‬‬
‫كالخط الفاصل بين الظل والش‪IIIII‬مس ‪ .‬وقد يك‪IIIII‬ون بين معق‪IIIII‬ول‬
‫ومحسوس ‪ ،‬وقد يكون بين موجود ومع‪II‬دوم‪ . I‬وال‪II‬برزخ من حيث‬
‫هو ال موج‪IIII‬ود‪ I‬وال مع‪IIII‬دوم‪ ، I‬وال مجه‪IIII‬ول‪ I‬وال منفي ‪ ،‬وال مثبت‬
‫كالص‪II‬ور المدركة في المرايا وفي كل جسم ص‪II‬قيل ‪ ،‬فإنك تعلم أنك‬
‫أدركت شيئا ً بوجه ‪ ،‬وتعلم أنك ما أدركت شيئا ً‬
‫بوجه ‪ ،‬ف‪IIII‬أنت ص‪IIII‬ادق إن قلت أدركت ‪ ،‬أو قلت ما أدركت ‪ .‬وليس‬
‫البرزخ غير الخيال‬
‫فهو عينه ‪.‬‬

‫الدكتور حسن الشرقاوي‬


‫يق‪IIII‬ول ‪ " :‬ال‪IIII‬برزخ عند أئمة الص‪IIII‬وفية ‪ :‬هو الع‪IIII‬الم األوسط بين‬
‫العالمين العلوي وال‪II‬دنيوي ‪ ،‬أي ‪ :‬أنه ف‪II‬وق ع‪II‬الم األجس‪II‬ام وتحت‬
‫عالم الكون " ‪.‬‬

‫في اصطالح الكسنزان‬


‫نقول ‪:‬‬

‫‪ .1‬البرزخ ‪ :‬هو الوسيط النوراني بين الذات وأعيان الممكنات فهو‬


‫" الهو " من حيث الذات ‪ ،‬وهو الصفات من حيث الممكنات ‪.‬‬

‫‪ .2‬البرزخ ‪ :‬هو وسيط غير حسي وال ذاتي ‪ ،‬وإنما هو حقيقة قائمة‬
‫بينهما تسمى االسم أو الصفة ‪.‬‬

‫‪ .3‬البرزخ ‪ :‬حقيقة قائمة في الذات متجلية آثارها في المحسوسات‬


‫‪ ،‬فهو عين الذات وهو غيرها ‪.‬‬

‫‪ .4‬ال‪II‬برزخ ‪ :‬حكم ذاتي ق‪II‬ديم متعلقة آث‪II‬اره ب‪II‬الممكن الح‪II‬ادث فهو‬


‫األول في ال‪II‬ذات واآلخر في الممكن‪II‬ات ‪ ،‬الظ‪II‬اهر في التجلي‪II‬ات ‪،‬‬
‫الباطن في النسب والتعلقات ‪.‬‬
‫والحقيقة الذاتية للبرزخ هي المس‪II‬ماة بالحقيقة المحمدية ‪ ،‬وهي‬
‫النور المحض الظاهر بنفسه في ال‪II‬ذات المظه‪II‬رة آلث‪II‬ار الص‪II‬فات‬
‫من وجودها األزلي في العلم اإللهي إلى الوجود اإلمك‪II‬اني والناقل‬
‫لها إلى الوجود األبدي الثاني في العالم األخروي ‪.‬‬

‫إضافات وإيضاحات‬
‫مبحث صوفي ‪ ( : 1 -‬البرزخ ) في اصطالح الشيخ األكبر ابن عربي‬
‫الدكتورة سعاد الحكيم ‪:‬‬

‫حصرت الدكتورة س‪II‬عاد الحكيم مع‪II‬نى ال‪II‬برزخ عند الش‪II‬يخ بثالثة‬


‫استعماالت رئيسة وهي ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬استعمل ابن ع‪I‬ربي ( ال‪I‬برزخ ) بمعن‪I‬اه ال‪II‬ديني ‪ ،‬ال‪I‬ذي ي‪II‬وحي‬


‫بالمك‪II‬ان ‪ ،‬ال‪II‬برزخ ع‪II‬الم نف‪II‬ارق إليه باألجس‪II‬اد في ح‪II‬ال الم‪II‬وت ‪،‬‬
‫ونفارق إليه باألرواح أو األنفس في حال الن‪II‬وم ‪ ،‬فهو ع‪II‬الم خي‪II‬ال‬
‫متجسد ‪ ،‬وهو المنزل األول من منازل اآلخرة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ‪ " :‬البرزخ هو المنزل األول من منازل اآلخرة " ‪.‬‬

‫ويقول ‪ " :‬البرزخ هو الذي تصير إليه بعد الموت األص‪II‬غر واألك‪II‬بر‬
‫معا ً إن كنت من أهل السلوك ‪ ،‬وإال فبعد الم‪II‬وت األك‪II‬بر إن كنت من‬
‫غيره " ‪.‬‬

‫ويق‪II‬ول ‪ " :‬ال‪II‬برازخ م‪II‬واطن الراح‪II‬ات ‪ ،‬أال ت‪II‬رى أن هللا جعل الن‪II‬وم‬
‫س‪II‬باتا ً أي راحة ‪ ،‬ألنه بين الض‪II‬دين الم‪II‬وت والحي‪II‬اة ‪ ،‬ال حي وال‬
‫ميت " ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬عندما يستعمل ابن عربي لفظ ( برزخ ) غ‪II‬ير مع‪II‬رف ‪ ،‬يقصد‬
‫به حقيقة أو مرتبة لها ع‪II‬دة ص‪II‬فات ‪ :‬هي مرتبة الج‪II‬امع الفاصل‬
‫بين ع‪III‬المين أو ح‪III‬الين أو مرتب‪III‬تين أو ص‪III‬فتين … هما في الواقع‬
‫متناقضتان ‪ ،‬وهذا البرزخ الجامع الفاصل ‪ ،‬استفاد ابن عربي‬
‫ص‪II‬فته ( الفاص‪II‬لة ) من المع‪II‬نى اللغ‪II‬وي للكلمة ‪ ،‬وأض‪II‬اف ص‪II‬فته (‬

‫الجامعة ) اإليجابية التي انفرد بها ‪ .‬فالبرزخ عن‪II‬ده يقابل الط‪II‬رفين‬


‫المتناقض‪IIII‬ين بذاته ‪ ،‬يجمع في ذاته حقيقتهما ويقابلهما بوجهيه‬
‫دون أن ينقسم بل يبقى في وحدته ‪ .‬يقول ابن عربي ‪:‬‬

‫" بين كل موط‪II‬نين من ظه‪II‬ور وخف‪II‬اء يقع تجلي ب‪II‬رزخي ‪ ...‬ليحفظ‬


‫هذا البرزخ وجود الطرفين ‪ ،‬فال يرى كل طرف منها حكم الط‪II‬رف‬
‫اآلخر ‪ ،‬والبرزخ له الحكم في الطرفين ‪ ...‬فالع‪II‬الم بين األبد واألزل ‪:‬‬

‫ب‪II‬رزخ به انفصل األبد من األزل ‪ ،‬ل‪II‬واله ما ظهر لهما حكم ولك‪II‬ان‬


‫األمر واحدا ً ال يتميز " ‪.‬‬

‫ثم تعقب الدكتورة قائلةً ‪:‬‬

‫لن نستطيع أن نعدد البرازخ عند ابن عربي فهذا ما ال يمكن أب‪II‬داً ‪،‬‬
‫ألن كل جامع فاصل بين مطلق أمرين هو برزخ ‪.‬‬

‫فعالم المثال برزخ بين عالم األرواح المجردة وعالم األجساد ‪.‬‬

‫وعالم النبات برزخ بين الحيوان والمعدن ‪.‬‬

‫والنفس برزخ بين حكمي الفجور والتقوى ‪.‬‬

‫والخيال برزخ ‪ ،‬ألنه ال موجود‪ I‬وال معدوم‪ ، I‬وال معلوم وال مجهول‪I‬‬
‫‪ ،‬وال منفي وال مثبت ‪ ...‬وس‪III‬نكتفي ب‪III‬أن ن‪III‬ورد نص‪III‬ا ً ألبن ع‪III‬ربي‬
‫يتن‪II‬اول أحد أن‪II‬واع ال‪II‬برازخ وهو الثب‪II‬وت ‪ ،‬ف‪II‬الثبوت ب‪II‬رزخ بين‬
‫الوجود والعدم ‪ ،‬وقد اخترنا الثبوت لما له من األهمية عند الشيخ‬
‫األكبر ‪ ،‬يقول ‪:‬‬

‫" فما من متق‪III‬ابلين إال بينهما ب‪III‬رزخ ال يبغي‪III‬ان ‪ ،‬أي ال يوصف‬


‫أحدهما بوصف اآلخر ‪ ،‬الذي به يقع التمييز ‪ ...‬فهو الح‪II‬ال الفاصل‬
‫بين الوجود والعدم ‪ ،‬فهو ال موجود وال‬
‫معدوم ‪ ،‬ف‪II‬إن نس‪II‬بته إلى الوج‪II‬ود وج‪II‬دت فيه رائحة لكونه ثابت‪I‬ا ً ‪،‬‬
‫وإن نسبته إلى العدم‬
‫صدقت ‪ ،‬ألنه ال وجود له ‪ ...‬ثم إن هذا البرزخ ال‪II‬ذي هو الممكن بين‬
‫الوجود والعدم سبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته‬
‫لألمرين بذاته " ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬عندما يستعمل ابن عربي لفظ ( ب‪II‬رزخ ) معرف ‪I‬ا ً غ‪II‬ير مض‪II‬افا ً‬
‫يشير به‬
‫إلى ( حقيقة اإلنس‪III‬ان ) ال‪III‬تي جمعت ب‪III‬ذاتها الص‪III‬ورتين ‪ :‬الحقية‬
‫والخلقية ‪ ،‬فك‪II‬انت نس‪II‬ختين ذات نس‪II‬بتين ‪ ،‬نس‪II‬بة ت‪II‬دخل بها إلى‬
‫الحض‪II‬رة اإللهية ‪ ،‬ونس‪II‬بة ت‪II‬دخل بها إلى الحض‪II‬رة الكونية ‪ ،‬فهي‬
‫برزخ بين الع‪II‬الم والحق وهي مرتبة اإلنس‪II‬ان الكامل ‪ .‬فالبرزخية‬
‫هنا وظيفة اإلنس‪III‬ان الكامل ‪ ،‬الحد الج‪III‬امع الفاصل بين الظ‪III‬اهر‬
‫والباطن ‪ ،‬بين الحق والخلق ‪ .‬يقول ابن عربي ‪:‬‬

‫" إن الحض‪II‬رة اإللهية على ثالث م‪II‬راتب ‪ :‬ب‪II‬اطن وظ‪II‬اهر ووسط ‪،‬‬
‫وهو ما يتميز به الظاهر عن الب‪II‬اطن وينفصل عنه ‪ ،‬وهو ال‪II‬برزخ‬
‫‪ ،‬فله وجه إلى الباطن ووجه إلى الظ‪II‬اهر ‪ ،‬بل هو الوجه عينه فإنه‬
‫ال ينقسم ‪ ،‬وهو اإلنس‪IIIII‬ان الكامل أقامه الحق برزخ‪IIIII‬ا ً بين الحق‬
‫والع‪II‬الم فيظهر باألس‪II‬ماء اإللهية فيك‪II‬ون حق‪II‬ا ً ‪ ،‬ويظهر بحقيقة‬
‫اإلمكان فيكون خلقا ً " ‪. ..‬‬

‫ومن أقوال الشيخ األكبر في تعريف البرزخ ‪:‬‬

‫" " البرزخ ‪ :‬هو العالم المشهود بين عالم المعاني وعالم األجسام " ‪.‬‬

‫" " البرزخ ‪ :‬هو أمر فاصل بين معلوم وغير معلوم ‪ ،‬وبين مع‪II‬دوم‪I‬‬
‫وموجود ‪ ،‬بين منفي ومثبت ‪ ،‬وبين معقول‪ I‬وغير معق‪II‬ول ‪ ،‬س‪II‬مي‬
‫برزخا ً اصطالحا ً ‪ ،‬وهو معق‪II‬ول‪ I‬في نفسه وليس إال الخي‪II‬ال ‪ ،‬فإنك‬
‫إذا أدركته وكنت عاقالً تعلم أنك أدركت شيئا ً وجوديا ً وقع بص‪II‬رك‬
‫عليه ‪ ،‬وتعلم قطعا ً بدليل أنه ما ثم شيء رأسا ً وأصالً ‪ ،‬فما هو ه‪II‬ذا‬
‫ال‪II‬ذي أثبت له ش‪II‬يئية وجودية ونفيتها عنه في ح‪II‬ال إثباتك إياها ‪،‬‬
‫فالخيال ال موجود وال معدوم ‪ ،‬وال معل‪II‬وم وال مجه‪II‬ول ‪ ،‬وال منفي‬
‫وال مثبت ‪ ،‬كما ي‪II‬درك اإلنس‪II‬ان ص‪II‬ورته في الم‪II‬رآة يعلم أنه أدرك‬
‫صورته بوجه ويعلم قطعا ً أنه ما أدرك صورته بوجه " ‪.‬‬

‫" " ال‪II‬برزخ ‪ :‬هو ما قابل الط‪II‬رفين بذاته وأب‪II‬دى ل‪II‬ذي عي‪II‬نين من‬
‫عج‪II‬ائب آياته ما ي‪II‬دل قوته ويس‪II‬تدل به على كرمه وفتوته ‪ ،‬فهو‬
‫القلب الح ّول وال‪II‬ذي في كل ص‪II‬ورة يتح‪II‬ول ‪ ،‬ع‪II‬ولت عليه األك‪II‬ابر‬
‫حين جهلته األصاغر فله المضاء في الحكم ‪ ،‬وله الق‪II‬دم الراس‪II‬خة‬
‫في الكيف والكم ‪ ،‬سريع االستحالة يع‪II‬رف الع‪II‬ارفون حاله ‪ ،‬بي‪II‬ده‬
‫مقاليد األمور ‪ ،‬وإليه مسانيد الغرور ‪ ،‬له النسب اإللهي الش‪II‬ريف‬
‫‪ ،‬والمنصب الكي‪IIIII‬اني الم‪IIIII‬نيف ‪ ،‬تلطف في كثافته ‪ ،‬وتكثف في‬
‫لطافته ‪ ،‬يجرحه العقل ببرهانه ‪ ،‬ويعدله الش‪II‬رع بق‪II‬وة س‪II‬لطانه ‪،‬‬
‫يحكم في كل موجود ‪ ،‬وي‪II‬دل على ص‪II‬حة حكمه بما يعطي الش‪II‬هود‬
‫ويعترف به الجاهل بقدره والعالم ‪ ،‬وال يق‪II‬در على رد حكمه ح‪II‬اكم‬
‫"‪.‬‬

‫مبحث صوفي ‪ : 2 -‬مفهوم‪ I‬البرزخ عند الشيخ األكبر ابن عربي‬

‫‪:‬‬ ‫يقول الدكتور نصر حامد أبو زيد‬


‫" ما هو مفهوم‪ I‬الخيال أو البرزخ عند ابن عربي ؟‬
‫يرفض ابن عربي أي تصور يؤدي إلى وجود أي تعدد في مفه‪II‬وم‬
‫ال‪II‬برزخ أو الخي‪II‬ال ‪ .‬إنه من حيث ذاته يجب أن يك‪II‬ون واح‪II‬داً ‪ .‬ومن‬
‫حيث توسطه بين طرفين متق‪II‬ابلين يجب أن يقابل كال منهما بذاته‬
‫ال بوجهين مختلفين متوحدين ‪ ،‬إذ لو ك‪II‬ان لل‪II‬برزخ وجه‪II‬ان يقابل‬
‫بكل واحد منهما جانبا ً من ج‪II‬انبي الط‪II‬رفين الل‪II‬ذين يتوسط بينهما‬
‫لكان هناك فاصل بين وجهيه أو‬
‫جانبيه ‪ .‬وكان هذا الفاصل بدوره برزخا ً داخل البرزخ ‪ ،‬أو وسيطا ً‬
‫داخل الوسيط ‪ ،‬مما يؤدي إلى تعدد مفهوم البرزخ ‪ ،‬أو ي‪II‬ؤدي إلى‬
‫التسلسل إلى ماال نهاية ‪ .‬إن البرزخ يجب أن يكون واح‪II‬داً في ذاته‬
‫غ‪IIII‬ير منقسم ‪ .‬ويجب أن يقابل الط‪IIII‬رفين الل‪IIII‬ذين يتوسط بذاته‬
‫الواح‪III‬دة ‪ ،‬ول‪III‬ذلك فهو يجمع بينهما بذاته ‪ ،‬أو لنقل يوحد بينهما ‪.‬‬

‫ومع‪II‬نى ذلك أن ال‪II‬برزخ ي‪II‬ؤدي وظيفة التوحيد بين المتق‪II‬ابالت ‪،‬‬


‫وهو ال يفعل ذلك بطريقة صناعية تم‪II‬زج بينهما كما يم‪II‬زج الل‪II‬ون‬
‫الرمادي بين األبيض واألس‪II‬ود ‪ ،‬بل يفعل ذلك بذاته ‪ ،‬فهو األبيض‬
‫بذاته واألسود في ذاته ‪.‬‬

‫إن البرزخ كما يمثله ابن عربي ‪ ...‬بالبياض واإلنسانية هو الكليات‬


‫المعقولة التي تستدعي إلى الذهن حقيقة الحقائق أحد مراتب هذا‬
‫البرزخ كما سنرى ‪ .‬إنه موجود‪ I‬عقلي وليس موجوداً حسيا ً عينيا ً‬
‫‪ ،‬ولذلك فهو يُعقل وال يُشهد ويُعلم وال يُ‪II‬درك ‪ ،‬أنه حض‪II‬رة تتوسط‬
‫بين حض‪I‬رتين ب‪I‬المعنى العقلي ال ب‪I‬المعنى المك‪I‬اني المحس‪I‬وس ‪،‬‬
‫وه‪II‬ذه هي طبيعته الخاصة ‪ .‬أما وظيفته فهي الفصل بين األم‪II‬رين‬
‫والتوسط بينهما في نفس ال‪II‬وقت ‪ ،‬الفصل بينهما باعتب‪II‬ار وحدته‬
‫الخاصة ‪ ،‬ووجوده‪ I‬بذاته ‪ -‬في كل من الطرفين المتقابلين ‪ .‬ال‪II‬برزخ‬
‫بهذا المفهوم مج‪II‬رد تص‪II‬ور ذه‪II‬ني واحد في ذاته يق‪II‬وم بوظيف‪II‬تي‬
‫الوصل والفصل ‪ .‬وه‪III‬ذا المفه‪III‬وم يجعل ابن ع‪III‬ربي ق‪III‬ادراً على‬
‫إعطاء البرزخ ‪ -‬أو الخيال ‪ -‬بعداً وجوديا ً ‪ -‬بالمعنى العقلي ‪ -‬دون أن‬
‫يقع في أي ك‪II‬ثرة حقيقية ب‪II‬المعنى الحسي العي‪II‬ني ‪ .‬إن الخي‪II‬ال هو‬
‫الفاصل بين ال‪III‬ذات اإللهية والع‪III‬الم ‪ ،‬فهو ب‪III‬ذلك يؤكد التم‪III‬ايز‬
‫والثنائية ‪ ،‬وهو من ج‪II‬انب آخر يتوسط بينهما بذاته ‪ ،‬ويلتقي بكل‬
‫منهما بذاته فيوحد بينهما ‪.‬‬

‫إن الخي‪II‬ال أو ال‪II‬برزخ قابل لكل الص‪II‬فات المتقابلة ‪ ،‬وج‪II‬امع لكل‬


‫الثنائي‪II‬ات المتعارضة ‪ .‬وإذا ك‪II‬ان ابن ع‪II‬ربي ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬ينطلق من‬
‫ثنائية أولية بين الذات اإللهية والعالم ‪ ،‬ف‪II‬إن الوس‪II‬يط الق‪II‬ادر على‬
‫تلقي ط‪II‬رفي ه‪II‬ذه الثنائية بذاته هو الخي‪II‬ال ‪ .‬والخي‪II‬ال به‪II‬ذا الفهم‬
‫حقيقة كلية معقولة تتوسط بين كل ما يتف‪IIII‬رع عن ه‪IIII‬ذه الثنائية‬
‫األولية من ثنائي‪II‬ات ثانوية أو فرعية ‪ .‬وإذا ك‪II‬ان الخي‪II‬ال باعتب‪II‬ار‬
‫حقيقته العقلية يتحد بحقيقة الحق‪IIIIIIIIIII‬ائق فهو من حيث وظيفته‬
‫البرزخية من الجمع بين األض‪IIIIIIIIIIIIIII‬داد والقابلية للوصف بكل‬
‫‪.‬‬‫المتعارض‪II‬ات يتوحد باأللوهة ال‪II‬تي هي جم‪II‬اع األس‪II‬ماء اإللهية‬
‫ومن السهل ‪ -‬كما س‪II‬نرى ‪ -‬أن يلتقي مفه‪II‬وم‪ I‬الخي‪II‬ال أيض ‪I‬ا ً بحقيقة‬
‫العماء وبالحقيقة المحمدية ‪ .‬وهذه‪ I‬هي الحقيقة المعقولة ‪ -‬الخي‪II‬ال‬
‫‪ -‬يمكن أن تسمى به‪II‬ذه األس‪II‬ماء كلها ‪ .‬وتع‪II‬دد األس‪II‬ماء عليها إنما‬
‫يدل على جوانب مختلفة لذات الحقيقة الواح‪I‬دة ال‪I‬تي ال تك‪I‬ثر فيها‬
‫ب‪II‬أي ح‪II‬ال من األح‪II‬وال ‪ .‬وإلى ج‪II‬انب األس‪II‬ماء الس‪II‬ابقة يمكن أن‬
‫يطلق عليها اسم عالم الجبروت أي العالم الفاصل بين ع‪II‬الم الملك‬
‫وع‪II‬الم الملك‪II‬وت ‪ ،‬أو ع‪II‬الم الش‪II‬هادة وع‪II‬الم الغيب ( ف‪II‬إن قلت وما‬
‫ع‪III‬الم ال‪III‬برزخ قلنا ع‪III‬الم الخي‪III‬ال ويس‪III‬ميه أهل الطريق ع‪III‬الم‬
‫الجبروت ‪ .‬وهكذا هو عندي ) ‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن مفهوم الخيال ال يقتصر على الوسائط األربع ال‪II‬تي‬


‫يطلق عليها ابن ع‪IIII‬ربي الخي‪IIII‬ال المطلق ‪ ،‬بل يمتد ليش‪IIII‬مل كل‬
‫الوسائط ابتدا ًء من عالم الخيال المطلق وانته‪II‬ا ًء إلى ع‪II‬الم الحس‬
‫المدرك ‪.‬‬

‫ويمكننا أن نميز مع ابن عربي بين جانبين لهذه الحقيقة المعقولة‬


‫ال‪III‬تي يطلق عليها اسم الخي‪III‬ال أو ال‪III‬برزخ أو ع‪III‬الم الج‪III‬بروت ‪.‬‬

‫الج‪II‬انب األول يتصل بالخي‪II‬ال ب‪II‬المعنى الس‪II‬يكولوجي ‪ ،‬باعتب‪II‬اره‬


‫أداة إنسانية لإلدراك والمعرفة ‪ .‬والجانب الثاني ما يمكن أن نطلق‬
‫عليه الخي‪II‬ال الوج‪II‬ودي بجانبه الف‪II‬يزيقي والميت‪II‬افيزيقي ‪ .‬ه‪II‬ذان‬
‫الجانب‪III‬ان يطلق عليهما ابن ع‪III‬ربي الخي‪III‬ال المتصل والخي‪III‬ال‬
‫المنفصل ‪ .‬والعالقة بينهما ليست عالقة انفص‪IIII‬ال أو تم‪IIII‬يز ‪ ،‬بل‬
‫األحرى الق‪II‬ول إنهما جانب‪II‬ان لحقيقة واح‪II‬دة ‪ ،‬وأن العالقة بينهما‬
‫هي عالقة الج‪II‬زء ( المتصل ) بالكل ( المنفصل ) ‪ .‬وإذا ك‪II‬ان أبو العال‬
‫عفيفي قد أدرج كالً من الخي‪IIIII‬ال المفصل والمتصل تحت ن‪IIIII‬وع‬
‫الخيال السيكولوجي رغم انتباهه لوجود الخيال الميتافيزيقي ‪.‬‬
‫فإننا من جانبنا نوحد مع ابن عربي بين الخيال المنفصل والخي‪II‬ال‬
‫الوج‪II‬ودي بجانبه الف‪II‬يزيقي والميت‪II‬افيزيقي ‪ ،‬ونعت‪II‬بر أن الخي‪II‬ال‬
‫المتصل وح‪IIIIIII‬ده‪ I‬ما يمكن أن نطلق عليه الخي‪IIIIIII‬ال ب‪IIIIIII‬المعنى‬
‫الس‪III‬يكولوجي ‪ .‬يق‪III‬ول ابن ع‪III‬ربي ‪ ( :‬إن المتصل ي‪III‬ذهب ب‪III‬ذهاب‬
‫المتخيل والمنفصل حض‪II‬رة ذاتية قابلة دائم ‪I‬ا ً للمع‪II‬اني واألرواح‬
‫فتجس‪III‬دها بخاص‪III‬يتها ‪ ،‬ال يك‪III‬ون غ‪III‬ير ذلك ‪ .‬ومن ه‪III‬ذا الخي‪III‬ال‬
‫المنفصل يك‪II‬ون الخي‪II‬ال المتصل ‪ .‬والخي‪II‬ال المتصل على ن‪II‬وعين ‪:‬‬

‫منه ما يوجد عن تخيل ‪ ،‬ومنه م‪II‬اال يوجد عن تخيل كالن‪II‬ائم ما هو‬


‫عن تخيل ما ي‪II‬راه من الص‪II‬ور في نومه وال‪II‬ذي يوجد ما يمس‪II‬كه‬
‫اإلنسان في نفسه من مثل ما أحس به أو صورته القوة المص‪II‬ورة‬
‫إنشاء لص‪II‬ورة لم ي‪II‬دركها الحس من حيث مجموعها ‪ ،‬لكن جميع‬
‫آحاد المجموع ال بد أن يكون محسوسا ً ) ‪.‬‬

‫إن الخيال المتصل يرتبط بالمتخيل وي‪II‬ذهب بذهابه ‪ .‬والمتخيل في‬


‫ه‪II‬ذه الحالة هو اإلنس‪II‬ان ‪ ،‬والخي‪II‬ال المتصل هو الخي‪II‬ال ب‪II‬المعنى‬
‫السيكولوجي ‪ .‬هذا الخي‪II‬ال قد يك‪II‬ون عن غ‪II‬ير تخيل ‪ ،‬مثل الص‪II‬ور‬
‫ال‪II‬تي يراها اإلنس‪II‬ان في حالة الن‪II‬وم ‪ .‬ه‪II‬ذه الص‪II‬ور ال تتش‪II‬كل بفعل‬
‫إرادي بل تتم بطريقة عفوية حين تس‪III‬كن الح ‪II‬واس وتنشط ه ‪II‬ذه‬
‫القوة في اإلنسان بفعل النوم ‪ .‬أما الخيال الناتج عن تخيل فهو فعل‬
‫إرادي قادر على االحتفاظ بالص‪II‬ور المدركة ب‪I‬الحس ‪ ،‬أو الت‪I‬أليف‬
‫بينها ‪ ،‬وإبداع صور جديدة ليس لها وج‪II‬ود حسي ‪ ،‬وإن ان‪II‬تزعت‬
‫عناص‪II‬رها المختلفة من الص‪II‬ور الحس‪II‬ية ‪ .‬ويمتد مفه‪II‬وم‪ I‬الخي‪II‬ال‬
‫المنفصل ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬ليش‪III‬مل كل م‪III‬راتب الوج‪III‬ود من أعالها وهو‬
‫الخي ‪II‬ال المطلق أو الخي‪III‬ال الميت ‪II‬افيزيقي إلى أدناها وهو الع ‪II‬الم‬
‫الحسي ‪ .‬هو الحضرة الذاتية القابلة للمع‪II‬اني واألرواح فتجس‪II‬دها‬
‫بخاصيتها كما يقول ابن عربي في النص السابق ‪.‬‬

‫وإذا كان الوجود في تصور ابن عربي في خلق دائم جديد نحن في‬
‫لَبس منه‬
‫ق َجدي ٍد ‪ .‬فالحض‪II‬رة الخيالية حض‪II‬رة دائمة‬ ‫س ِمنْ َخ ْل ٍ‬
‫بَ ْل ُه ْم في لَ ْب ٍ‬
‫مس‪II‬تمرة في ال‪II‬دنيا واآلخ‪II‬رة ‪ .‬ويهمنا هنا الترك‪II‬يز على الج‪II‬انب‬
‫الميتافيزيقي للخيال الوجودي ‪ ،‬وهو الذي يطلق عليه ابن عربي‬
‫الخيال المطلق أو ب‪II‬رزخ ال‪II‬برازخ ‪ .‬إن ه‪II‬ذا الخي‪II‬ال يمثل الحض‪II‬رة‬
‫المعقولة ال‪III‬تي تجلى فيها الحق بأعي‪III‬ان ص‪III‬ور الممكن‪III‬ات ‪ .‬هي‬
‫مرتبة التمثل اإللهي من الوح‪IIIIIIIIIII‬دة الذاتية المطلقة إلى التعين‬
‫المح‪IIIIIII‬دود‪ I‬بمراتبه المختلفة ‪ .‬هي األلوهة والعم‪IIIIIII‬اء وحقيقة‬
‫الحقائق والحقيقة المحمدية ‪ .‬هو عالم الج‪II‬بروت المقابل بطبيعته‬
‫الخاصة لجانبي اإلطالق والتح‪II‬دد ‪ ،‬والوح‪II‬دة‪ I‬والك‪II‬ثرة ‪ .‬ل‪II‬ذلك كله‬
‫يعتبر ابن عربي حض‪II‬رة الخي‪II‬ال أوسع الحض‪II‬رات ‪ ،‬ألنها تقبل كل‬
‫شيء بذاتها ‪ ،‬حتى المحال الذي ال يتصوره وجوده‪ . I‬وإذا ك‪II‬ان ابن‬
‫ع‪II‬ربي يقيم تفرقة ح‪II‬ادة بين ال‪II‬ذات اإللهية والع‪II‬الم ‪ ،‬ف‪II‬إن ه‪II‬ذه‬
‫التفرقة تض‪II‬يق إلى حد االختف‪II‬اء ‪ ،‬وذلك عن طريق ه‪II‬ذا الوس‪II‬يط‬
‫الكلي الذي ينتظم الوسائط كلها ‪ ،‬إذ من خالل هذه الوسائط يتجلى‬
‫الحق في ص‪II‬ور أعي‪II‬ان الممكن‪II‬ات ‪ ،‬وليست ه‪II‬ذه الوس‪II‬ائط ‪ -‬كما‬
‫س‪II‬نرى ‪ -‬س‪II‬وى وس‪II‬ائط خيالية أو برزخية ‪ ،‬باعتب‪II‬ار أن كالً منها‬
‫يقابل الحق بذاته وعينه ال‪II‬تي بها يقابل الخلق ( فما أوسع حض‪II‬رة‬
‫الخي‪IIII‬ال ‪ ،‬وفيها يظهر وج‪IIII‬ود المح‪IIII‬ال ‪ ،‬بل ال يظهر فيها على‬
‫التحقيق إال وجود المحال ‪ ،‬فإن الواجب الوجود وهو هللا تع‪II‬الى ال‬
‫يقبل الصور وقد ظهر بالصورة في هذه الحضرة ‪ ،‬فقد قبل المحال‬
‫الوجو ِد الوجو َد في هذه‬
‫الحضرة ) ‪.‬‬

‫وإذا ك‪III‬انت كلمة ( الحض‪III‬رة ) في ه‪III‬ذا النص يمكن أن تنطبق على‬


‫الحض‪II‬رة الوجودية للخي‪II‬ال المتصل اإلنس‪II‬اني ‪ ،‬ال‪II‬ذي يقيد الحق‬
‫بالصورة ‪ ،‬كما تنطبق على حض‪II‬رة الخي‪II‬ال المنفصل الوج‪II‬ودي ‪،‬‬
‫ف‪III‬إن ذلك ال يتع‪III‬ارض مع ما نحن بص‪III‬دده‪ I‬من تحليل الج‪III‬وانب‬
‫المختلفة للخيال المنفصل الوج‪II‬ودي ‪ .‬وإذا ك‪II‬انت حض‪II‬رة الخي‪II‬ال‬
‫عموم‪II‬ا ً ‪ -‬متص‪II‬الً ك‪II‬ان أم منفص‪II‬الً ‪ -‬لها ق‪II‬وة الجمع بين اإلطالق‬
‫والتقييد ‪ ،‬ألنها تتصرف في الواجب والمحال والجائز ‪ ،‬فهي ق‪II‬وة‬
‫إلهية ‪ ،‬إلى جانب كونها ق‪II‬وة إنس‪II‬انية ‪ .‬وال يجب أن يغيب عن بالنا‬
‫دائما ً أن التفرقة في نظر ابن عربي اعتبارية ال حقيقة ‪.‬‬

‫ويتجلى ج‪III‬انب الخي‪III‬ال اإللهي في كونه ق‪III‬وة بواس‪III‬طتها أو من‬


‫خاللها يتص‪II‬رف الحق في المعلوم‪II‬ات ‪ .‬وإذا ك‪II‬ان الع‪II‬الم موج‪II‬وداً‬
‫وج‪III‬وداً أزلي‪III‬ا ً في علم هللا ‪ ،‬ف‪III‬إن عملية إيج‪III‬اد الع‪III‬الم من حالته‬
‫العلمية إلى حالته العينية ‪ ،‬أو من المعق‪II‬ول إلى المحس‪II‬وس ‪ ،‬إنما‬
‫تتم عن طريق التجلي اإللهي في الخيال بمراتبه المتعددة ‪ .‬ومعنى‬
‫ذلك أن الخي‪IIII‬ال المطلق هو الق‪IIII‬وة اإللهية الخالقة ال‪IIII‬تي تظهر‬
‫المعقوالت في ص‪II‬ور المحسوس‪II‬ات عن طريق التجلي اإللهي من‬
‫خالل الوس‪III‬ائط المعقولة المختلفة ‪ .‬والخلق ‪ -‬في ظل ه‪III‬ذا الفهم ‪-‬‬

‫ليست عملية إيج‪II‬اد من ع‪II‬دم ‪ ،‬بل هو نت‪II‬اج التخيل الخالق لل‪II‬ذات‬


‫اإللهية ‪ .‬وإذا جاز لنا ان نطبق مفاهيم الخي‪II‬ال المتصل على ال‪II‬ذات‬
‫اإللهية قلنا أن وج‪II‬ود الع‪II‬الم وج‪II‬وداً علمي ‪I‬ا ً في العلم اإللهي يمثل‬
‫حالة االتص‪II‬ال في مرتبة األحدية ال‪II‬تي ال ك‪II‬ثرة فيها ب‪II‬أي ح‪II‬ال من‬
‫األحوال ‪ ،‬بمعنى أن العالم كان موجوداً في الخيال المتصل اإللهي‬
‫‪ .‬وحينما انفصل هذا الوجود الخيالي المتصل في مراتب التجليات‬
‫المختلفة غير المتميزة زمانيا ً تحول إلى خيال منفصل هي ص‪II‬ور‬
‫أعي‪III‬ان الممكن‪III‬ات بمراتبها المختلفة ‪ .‬ومن الط‪III‬بيعي بعد ذلك أن‬
‫يشبِّه ابن عربي العالم بخيال الستارة أحيان ‪I‬ا ً ‪ ،‬ويجعله كله مج‪II‬رد‬
‫صور خيالية منصوبة في أحيان‬
‫أخرى ( فالعالم كله في صور ُمثُل منص‪II‬وبة ‪ ،‬فالحض‪II‬رة الوجودية‬
‫سم ما تراه من الصور إلى محسوس‬ ‫إنما هي حضرة الخيال ‪ .‬ثم تُقَ ِّ‬
‫ومتخيل والكل متخيل ‪ ،‬وهذا ال قائل به إال من أُشهد هذا المشهد ) ‪.‬‬

‫والفارق بين التمثُّل الخيالي اإللهي والخيال اإلنساني ‪ :‬أن الخي‪II‬ال‬


‫اإللهي المنفصل ال ي‪III‬ذهب وال يف‪III‬نى ‪ ،‬ألن المتخيل نفسه وهو هللا‬
‫باق أزلي ‪ .‬وإذا ك‪II‬ان االنتق‪II‬ال من حالة االتص‪II‬ال في العلم إلى حالة‬
‫ٍ‬
‫االنفص‪IIII‬ال الوج‪IIII‬ودي يتم عن طريق التجلي‪IIII‬ات ‪ ،‬أو التمثالت‬
‫الخيالية ‪ ،‬فإن ه‪II‬ذه التجلي‪II‬ات الدائمة نفس‪II‬ها هي ال‪II‬تي تحفظ على‬
‫ه‪IIII‬ذه الص‪IIII‬ور البرزخية الخيالية دوامها واس‪IIII‬تمرارها ‪ .‬ه‪IIII‬ذه‬
‫التجلي‪II‬ات أو التمثالت المس‪II‬تمرة هي عملية الخلق الجديد ال‪II‬ذي‬
‫نحن في لَبس منه ‪ ،‬وهي أيضا ً شؤون الحق التي ال يدركها س‪II‬وى‬
‫قلب العارف الذي يتنوع بتنوع هذه التجليات " ‪.‬‬

‫مسألة ‪ : 1 -‬في أحوال الناس في البرزخ‬


‫يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي ‪:‬‬

‫" أح‪IIII‬وال الن‪IIII‬اس في ال‪IIII‬برزخ مختلفة ‪ ،‬فمنهم ‪ :‬من يعامل فيه‬


‫بالحكمة ‪ ،‬ومنهم ‪ :‬من يعامل فيه بالق‪IIIIII‬درة ‪ .‬ومن عومل بالحكمة‬
‫فإنه ينقلب في ال‪II‬برزخ في حقيقة عمله في ال‪II‬دنيا ‪ ،‬ف‪II‬إذا ك‪II‬ان مثالً‬
‫مطيعا ً في الدنيا فإن الحق تعالى يخلق في البرزخ مع‪I‬ا ً في الطاعة‬
‫صوراً فينتقل من صورة طاعة يقيمها هللا تعالى له أما ص‪II‬الة وأما‬
‫صوما ً ‪ ...‬وق‪II‬بيح الص‪II‬ورة على ق‪II‬در قبح ذلك العمل ‪ ،‬فلو ك‪II‬ان مثالً‬
‫ممن ي‪II‬زني أو يس‪II‬رق أو يش‪II‬رب الخمر ‪ ،‬ف‪II‬إن الحق تع‪II‬الى يقيم له‬
‫معاني تلك األفعال صوراً ينتقل فيها فيخلق لل‪II‬زاني فرج ‪I‬ا ً من ن‪II‬ار‬
‫يلج فيه ذكره‪ I‬وحرارة ناره ونتانة ريحه على قدر قوة انهماكه في‬
‫تلك المعصية ‪ ...‬ومن ك‪II‬ان بين طاعة ومعص‪II‬ية ‪ ،‬فإنه ينتقل بينهما‬
‫أعني من صورة تلك المع‪II‬اني ال‪II‬تي يخلقها هللا تع‪II‬الى أما من ن‪II‬ور‬
‫كما يخلق الطاع‪II‬ات وأما من ن‪II‬ار كما يخلق ص‪II‬ور المعاصي ‪ ،‬فال‬
‫يزالون ينتقلون فيه وتبدو لهم بتوالي االنتقال حقائق األمر ش‪II‬يئا ً‬
‫فشيئا ً إلى أن يتم عليهم أحد الحكمين فتقوم عليهم القيامة ‪.‬‬

‫وأما من عومل بالق‪II‬درة ‪ :‬فإنه ال يقع في مع‪II‬اني أعماله ‪ ،‬ولكن يقع‬


‫في معاني صورتها بالقدرة ‪ ،‬فإن كان عاصيا ً ‪ ،‬وقد غفر هللا تعالى‬
‫له فال ينتقل إال في صورة تشبه الطاعات يقيمها هللا تعالى له هيئة‬
‫الهيئة فال ي‪II‬زال ينتقل من ص‪II‬ورة حس‪II‬نة إلى أحسن منها إلى أن‬
‫تقوم قيامته بظهور الحقائق على ساق ‪ .‬فإن ك‪II‬ان مطيع ‪I‬ا ً مثال وقد‬
‫أحبط هللا عمله ‪ ،‬فإن الحق تعالى يقيم صورة ما كتبه في األزل من‬
‫الش‪II‬قاوة فيجعلها عليه وينوعها له ‪ ،‬فال ي‪II‬زال يتقلب فيها إلى أن‬
‫تقوم قيامته على قدر طبقته من النار ‪ ،‬فيعذب في جهنم " ‪.‬‬

‫مسألة ‪ : 2 -‬في السر البرزخي في النبات‬


‫يقول الشيخ األكبر ابن عربي ‪:‬‬

‫" في النبات سر ب‪II‬رزخي ال يك‪II‬ون في غ‪II‬يره ‪ ،‬فإنه ب‪II‬رزخ بينه من‬


‫قوله ‪:‬‬

‫نَبَاتا ً وبين ربه من قوله ‪ :‬أ ْنبَتَ ُكم ‪ .‬والمنصف الع‪II‬ادل من حكم بين‬
‫نفسه وربه ‪ ،‬وال يك‪II‬ون حكم‪II‬ا ً ح‪II‬تى تك‪II‬ون نفسه تن‪II‬ازع ربها ‪،‬‬
‫فيحكم له عليها لعلمه أن الحق بيد هللا بكل وجه وعلى كل ح‪IIIII‬ال ‪،‬‬
‫وس‪II‬بب نزاعها ‪ :‬كونها على الص‪II‬ورة ‪ ،‬ففيها مض‪II‬ادة األمث‪II‬ال ال‬
‫مضادة األضداد ‪ ،‬فيدخل اإلنسان حكما ً بين ربه وبين نفسه ‪...‬ولما‬
‫كان النبات برزخيا ً كان مرآة‪ I‬قابالً لص‪II‬ور ما هو لها ب‪II‬رزخ ‪ :‬وهما‬
‫الحيوان والمعدن " ‪.‬‬

‫مسألة ‪ : 3 -‬في برازخ اإلنسان الكامل‬


‫يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي ‪:‬‬

‫" لإلنسان الكامل ثالثة برازخ ‪...‬‬

‫البرزخ األول ‪ :‬يسمى البداية ‪ ،‬وهو التحقق باألسماء والصفات ‪.‬‬

‫ال‪II‬برزخ الث‪II‬اني ‪ :‬يس‪II‬مى التوسط ‪ ،‬وهو فلك الرق‪II‬ائق اإلنس‪II‬انية‬


‫بالحق‪III‬ائق الرحمانية ‪ ،‬ف‪III‬إذا اس‪III‬توفى ه‪III‬ذا المش‪III‬هد علم س‪III‬ائر‬
‫الممكنات ‪ ،‬واطلع على ما شاء من المغيبات ‪.‬‬

‫البرزخ الثالث ‪ :‬وهو معرفة التنوعات الحكمية في اختراع األمور‬


‫القدرية ‪ ،‬ال يزال اإلنسان تخرق له العادات بها في ملكوت الق‪II‬درة‬
‫حتى يصير له خرق العوائد عادة في تلك الحكمة " ‪.‬‬

‫مسألة ‪ : 4 -‬في أحوال سكنة البرزخ‬


‫يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي‬
‫‪:‬‬

‫" ال‪III‬برزخ ‪ ،‬خلق هللا تع‪III‬الى له قوم‪III‬ا ً يس‪III‬كنون فيه ويعمرونه ‪،‬‬
‫وليسوا من أهل الدنيا وال من أهل القيامة ‪ ،‬ولكنهم ملحق‪II‬ون بأهل‬
‫اآلخرة التحاد المحتد الذي خلقوا منه ‪ ،‬فمن جانسهم في الروحية‬
‫بعد موته أنس منهم ‪ ،‬كمن يصل إلى ق‪IIII‬وم يع‪IIII‬رفهم ويعرفونه ‪،‬‬
‫فيس‪III‬تأنس بهم وي‪III‬تروح من همه معهم ‪ ،‬ومن لم يجالس‪III‬هم فإنه‬
‫يراهم غيظا ً له ‪ ،‬فال يألفون به وال ي‪II‬أتلف بهم ‪ ،‬ثم ينبعث منهم من‬
‫جعله هللا س‪II‬ببا ً لعذابه ‪ ،‬فيك‪II‬ون على أقبح ص‪II‬ورة ك‪II‬ان يكرهها في‬
‫الدنيا ‪ ،‬فتأتيه وهي ص‪II‬ورة عمله فيلقى بها من الوحشة والنف‪II‬ور‬
‫ما ال يق‪II‬اس بغ‪II‬يره ‪ .‬ومنهم ‪ :‬من تأتيه على أحسن ص‪II‬ورة جميلة ‪،‬‬
‫وهي ص‪IIIII‬ورة عمله ‪ ،‬فيلقى بها من األلفة والعطف والحن‪IIIII‬ان ‪،‬‬
‫فتؤنسه تلك الصورة إلى أن تقوم قيامته " ‪.‬‬

‫من أقوال الصوفية ‪:‬‬

‫يقول اإلمام جعفر الصادق {عليه السالم} ‪:‬‬

‫" وهللا ما أخاف عليكم إال البرزخ ‪ ،‬فإن صار األمر إلينا فنحن أولى‬
‫بكم " ‪.‬‬

‫شعر ‪:‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ابن عربي ‪:‬‬

‫" علم البرازخ علم ليس يدركه إال الذي جمع األطراف والوسطا‬
‫له النفوذ به في كل نازلة كونية فبه في العالمين سطا‬
‫فإن أراد بشخص نقمة قبضا وإن أراد بشخص نعمة بسطا‬
‫إن أقسط الخلق في ميزان رحمته في العالمين تراه فيه قد قسطا " ‪.‬‬

‫عالم البرزخ‬
‫الشيخ األكبر ابن عربي‬
‫يق‪II‬ول ‪ " :‬ع‪II‬الم ال‪II‬برزخ ‪ :‬هو ع‪II‬الم الخي‪II‬ال ‪ ،‬ويس‪II‬ميه بعض أهل‬
‫الطريق ‪ :‬عالم‬
‫الجبروت "‪.‬‬
‫البرزخ األسفل‬
‫الشيخ عبد الحميد التبريزي‬
‫البرزخ األس‪II‬فل ‪ :‬هو ب‪II‬رزخ يك‪II‬ون في مغ‪II‬رب ع‪II‬الم الهي‪II‬ولي وفي‬
‫حجب العناصر ‪ ،‬وهو دار الث‪II‬واب والعق‪II‬اب ‪ ،‬وفيه جنة األعم‪II‬ال‬
‫والنار ‪ ،‬ويعبر عنه ‪ :‬بلوح المحو واإلثب‪II‬ات ‪ ،‬ف‪II‬إن كل ما فيه يتب‪II‬دل‬
‫ويتغير من ح‪I‬ال إلى ح‪I‬ال ‪ ،‬ألنها نت‪I‬ائج األفع‪I‬ال واألعم‪I‬ال ‪ ،‬وه‪I‬ذا‬
‫العالم يسمى ‪ :‬بالمثال ‪ ،‬ألنه مثال وظل للعالم الدنياوي ‪.‬‬

‫البرزخ الوسط‬
‫الشيخ أحمد الرفاعي الكبير‬
‫البرزخ الوسط ‪ :‬هو نبيكم ‪ ،‬ألنه اآلخذ من هللا ‪.‬‬

‫البرزخ األعلى‬
‫الشيخ عبد الحميد التبريزي‬
‫البرزخ األعلى ‪ :‬هو ب‪II‬رزخ يك‪II‬ون في مش‪II‬رق ع‪II‬الم الهي‪II‬ولي وفي‬
‫حجب السموات العلى ‪ ،‬وهو الجنة ال‪II‬تي هبط منها أبونا آدم وأمنا‬
‫ح‪III‬واء ‪ ،‬وفيه ص‪III‬ور جميع الموج‪III‬ودات من األزل إلى األبد وال‬
‫يتغير وال يتبدل ما في هذا العالم ‪ ،‬ولهذا يسمى ‪ :‬باللوح المحفوظ ‪.‬‬

‫البرزخ األول‬
‫الشيخ صدر الدين القونوي‬
‫البرزخ األول ‪ :‬هو إشارة إلى العماء ال‪II‬ذي هو النفس الرحم‪II‬اني ‪،‬‬
‫وهو بعينه الغيب اإلض‪IIII‬افي األول بالنس‪IIII‬بة إلى معقولية الهوية‬
‫التي لها الغيب المطلق ‪.‬‬

‫برزخ البرازخ‬
‫الشيخ األكبر ابن عربي‬
‫برزخ البرازخ ‪ :‬هو البرزخ الفاصل بين الوجود المطلق والع‪II‬دم ‪،‬‬
‫له وجه إلى الوج‪IIII‬ود ووجه إلى الع‪IIII‬دم ‪ ،‬فهو يقابل كل واحد من‬
‫المعل‪II‬ومين بذاته ‪ ،‬وهو المعل‪II‬وم الث‪II‬الث ‪ ،‬وفيه جميع الممكن‪II‬ات‬
‫وهي ال تتن‪II‬اهى كما أنه كل واحد من المعل‪II‬ومين ال يتن‪II‬اهى ‪ ،‬ولها‬
‫في ه‪II‬ذا ال‪II‬برزخ أعي‪II‬ان ثابتة من الوجه ال‪II‬ذي ينظر إليها الوج‪II‬ود‬
‫المطلق ‪.‬‬

‫الشيخ عبد القادر الجزائري‬


‫يقول ‪ " :‬برزخ البرازخ كلها وجمعها ‪ :‬هو الحقيقة المحمدية " ‪.‬‬

‫البرزخ الجامع‬
‫الشيخ كمال الدين القاشاني‬
‫يقول ‪ " :‬البرزخ الج‪II‬امع ‪ :‬هو الحض‪II‬رة ( الواحدية ) ‪ ،‬والتعين األول‬
‫ال‪III‬ذي هو أصل ال‪III‬برازخ كلها ‪ ،‬فله‪III‬ذا يس‪III‬مى ‪ :‬ال‪III‬برزخ األول ‪،‬‬
‫واألعظم ‪ ،‬واألكبر " ‪.‬‬

‫البرزخ الحقيقي‬
‫الشيخ األكبر بن عربي‬
‫البرزخ الحقيقي ‪ :‬هو الذي عرفنا إياه الحق تعالى في قوله ‪َ :‬م‪َ II‬ر َج‬
‫‪I‬ان ‪ ،‬وهو ال‪II‬ذي يلتقي ما‬ ‫ا ْلبَ ْح‪َ I‬ر ْي ِن يَ ْلتَقي‪ِ I‬‬
‫‪I‬ان ‪ .‬بَ ْينَ ُهما بَ‪Iْ I‬ر َز ٌخ ال يَ ْب ِغي‪ِ I‬‬
‫بينهما بذاته ‪ ،‬ف‪III‬إن اِلتقى الواحد منهما بوجه غ‪III‬ير الوجه ال‪III‬ذي‬
‫يلقى به اآلخر فال بد أن يكون بين الوجهين في نفسه برزخ يف‪II‬رق‬
‫بين ال‪II‬وجهين ح‪II‬تى ال يلتقي‪II‬ان ف‪II‬إذاً ليس ب‪II‬برزخ ‪ ،‬ف‪II‬إذا ك‪II‬ان عين‬
‫الوجه ال ‪II‬ذي يلتقي به أحد األم ‪II‬رين ال‪II‬ذي هو بينهما عين الوجه‬
‫الذي يلتقي به اآلخر فذلك هو البرزخ الحقيقي ‪ ،‬فيكون بذاته عين‬
‫كل ما يلتقي به ‪ ،‬فيظهر الفصل بين األشياء والفاصل واحد العين ‪.‬‬

‫وإذا علمت هذا علمت البرزخ ما هو ‪ .‬ومثاله ‪ :‬بياض كل أبيض هو‬


‫في كل أبيض بذاته ما هو في أبيض ما بوجه منه ‪ ،‬وال في أبيض‬
‫آخر بوجه آخر بل هو بعينه في كل أبيض ‪ ،‬وقد تم‪III‬يز األبيض‪III‬ان‬
‫أح‪II‬دهما عن اآلخر وما قابلهما البي‪II‬اض إال بذاته ‪ ،‬فعين البي‪II‬اض‬
‫واحد في األم‪III‬رين ‪ ،‬واألم‪III‬ران ما هو كل واحد عين اآلخر فه‪III‬ذا‬
‫مثال البرزخ الحقيقي ‪.‬‬

‫برزخ الخيال المنفصل‬


‫الشيخ عبد القادر الجزائري‬
‫يقول ‪ " :‬ال‪II‬برزخ المس‪II‬مى بالخي‪II‬ال المنفصل ‪ ،‬وبالخي‪II‬ال المطلق ‪،‬‬
‫وبالعم‪II‬اء ‪ ،‬وب‪II‬الحق المخل‪II‬وق به كل ش‪II‬يء ‪ .‬وهو ال‪II‬برزخ بين‬
‫المعاني ال‪I‬تي ال أعي‪I‬ان لها في الوج‪I‬ود ك‪II‬العلم والثب‪I‬ات ونحوها ‪،‬‬
‫وبين األجسام النورية والطبيعة ‪ ،‬وفيه تظهر الصور المرئية في‬
‫األجس‪III‬ام الص‪III‬قيلة مثل المرايا ونحوها ‪ .‬وش‪III‬أن ه‪III‬ذا ال‪III‬برزخ‬
‫الخي‪II‬الي العم‪II‬ائي تك‪II‬ثيف اللطيف المطلق وهو الحق تع‪II‬الى ‪ .‬فإنه‬
‫من هذا البرزخ الخيالي ظهر موصوفا ً بصفات المحدثات منعوت ‪I‬ا ً‬
‫بنعوتها ‪ ،‬كما ورد في الكتب اإللهية وس‪IIIIIIIII‬نن األنبي‪IIIIIIIII‬اء من‬
‫المتش‪IIIII‬ابهات وتلطيف الك‪IIIII‬ثيف المطلق ‪ .‬ومنه اتصف الممكن‬
‫المح‪III‬دث بالص‪III‬فات اإللهية كالحي‪III‬اة والعلم والق‪III‬درة‪ I‬ونحوها ‪.‬‬

‫ف‪IIII‬البرزخ العم‪IIIII‬ائي هو الخي‪IIIII‬ال ‪ ،‬والص‪IIIII‬ور المرئية فيه هي‬


‫الحس ومنه ما‬
‫ِّ‬ ‫المتخيالت ‪ ،‬وفي ه‪III‬ذه المتخيالت ما ي‪III‬رى بعين‬
‫يرى بعين الخيال ‪ ...‬وصور جميع الجسمانيات هي في هذا البرزخ‬
‫الخي‪IIII‬الي ص‪IIII‬ور روحانية خيالية على وجه لطيف ‪ ،‬ال يمتنع فيه‬
‫التداخل وال التزاحم وال إيراد الكب‪II‬ير على الص‪II‬غير ‪ ،‬بل وال الجمع‬
‫بين الضدين ‪ ،‬وال وجود شخص واحد في مكانين " ‪.‬‬

‫برزخ الخيال المتصل‬


‫الشيخ عبد القادر الجزائري‬
‫يق‪III‬ول ‪ " :‬ال‪III‬برزخ المس‪III‬مى بالخي‪III‬ال المتصل والخي‪III‬ال المقيد ‪،‬‬
‫ويسمى بأرض السمسمة وأرض الحقيقة ‪ :‬وهو البرزخ الخي‪II‬الي‬
‫تظهر فيه الصور الجسمانية الكثيفة التي تقبل التجزؤ والتبعيض‬
‫والخ‪III‬رق وااللتئ‪III‬ام ‪ .‬وهي المركبة من العناصر ص‪III‬وراً مركبة‬
‫لطيفة ‪ ،‬ال تقبل التج‪II‬زؤ وال الخ‪II‬رق وال التبعيض ‪ ،‬وال يمتنع فيها‬
‫إيراد الكبير على الصغير وال تصور المحال ‪ ،‬ومنه ورد ‪ :‬اعبد هللا‬
‫كأنك ت‪II‬راه ‪ .‬ومن ش‪II‬أن ه‪II‬ذه المرتبة ‪ :‬تلطيف الك‪II‬ثيف المقيد ‪ ،‬ألن‬
‫المحسوس‪IIIIII‬ات الكثيفة تظهر فيها بص‪IIIIII‬ور لطيفة روحانية ‪،...‬‬
‫وتك‪III‬ثيف اللطيف المقيد ‪ .‬ومنشأ ه‪III‬ذه المرتبة البرزخية الخيالية‬
‫مق‪III‬دم ال‪III‬دماغ ‪ ،‬وهي ال‪III‬تي تمسك ص‪III‬ور المحسوس‪III‬ات عند‬
‫غيبوبتها ‪ ،‬كما ي‪IIII‬رى اإلنس‪IIII‬ان مثالً مدينة ثم يغيب عنها ‪ ،‬ف‪IIII‬إذا‬
‫تذكرها رآها كما كان رآها ‪ ،‬فيظن أنه رآها في موض‪II‬عها في غ‪II‬ير‬
‫هذه المرتبة الخيالية " ‪.‬‬

‫البرزخ الخيالي النومي‬


‫الشيخ عبد القادر الجزائري‬
‫يقول ‪ " :‬البرزخ الخيالي النومي ‪ :‬هو البرزخ بين الم‪I‬وت والحي‪I‬اة ‪.‬‬

‫فإن النائم ال حي وال ميت ‪ ،‬بل له وجه إلى الموت ووجه إلى الحياة‬
‫‪ ،‬وفي هذه المرتبة يرى اإلنسان ربه متصوراً بصور المحدثات ‪،‬‬
‫ومنه ما ورد في الخبر عنه ‪ :‬رأيت ربي في ص‪II‬ورة ش‪II‬اب أم‪II‬رد له‬
‫وف‪II‬رة وفي رجليه نعالن ‪ ،‬وعلى وجهه ف‪II‬راش من ذهب ‪ .‬فهو من‬
‫صور البرزخ المسمى ‪ :‬بالخيال المقيد ‪ ،‬ويرى اإلنس‪II‬ان نفسه في‬
‫مكان غير المكان الذي هو فيه ‪ ،‬فهو في مكانين وهو هو ال غ‪II‬يره‬
‫‪ ،‬وأمثال هذا من المحاالت المنامية ‪ ،‬والكل صحيح " ‪.‬‬

‫البرزخ السحري‬
‫الشيخ ابن قضيب البان‬
‫البرزخ السحري ‪ :‬هو ب‪II‬رزخ بين الغيب والش‪II‬هادة ‪ ،‬وفيه يقف كل‬
‫سر قام من الش‪II‬ريعة ح‪II‬تى تق‪II‬وم ال‪II‬دنيا وت‪II‬أتي اآلخ‪II‬رة ‪ ،‬وهو بين‬
‫الم‪II‬وت والحي‪II‬اة الوجودية ‪ ،‬وفيه ع‪II‬رش الهوية ‪ ،‬وكرسي تجلي‬
‫الفيض للنعم اإللهية في هذه الدار ‪.‬‬

‫برزخ الصور ‪ -‬البرزخ الصوري‬


‫الشيخ األكبر ابن عربي‬

‫يق‪III‬ول ‪ " :‬ال‪III‬برزخ الص‪III‬وري ‪ :‬هو ق‪III‬رن من ن‪III‬ور ‪ ،‬أعاله واسع ‪،‬‬
‫وأس‪II‬فله ض‪II‬يق ‪ ،‬ف‪II‬إن أعاله العم‪II‬اء وأس‪II‬فله األرض ‪ .‬وفي ه‪II‬ذا‬
‫ال‪III‬برزخ تظهر ص‪III‬ور الجن ‪ ،‬والمالئكة ‪ ،‬وب‪III‬اطن اإلنس‪III‬ان هي‬
‫الظاهرة في النوم ‪ ،‬وصور سوق الجنة " ‪.‬‬
‫الشيخ عبد القادر الجزائري‬
‫" برزخ الصور ‪ :‬هو البرزخ الخي‪II‬الي ال‪II‬ذي تنتقل إليه أرواحنا بعد‬
‫الم‪II‬وت الط‪II‬بيعي ‪ ،‬وهو المس‪II‬مى في قوله تع‪II‬الى ‪ :‬فَ‪II‬إِذا نُفِ َخ في‬
‫صو ِر ‪ ،‬وبالناقور في قوله ‪ :‬فَإِذا نُقِ ‪َ I‬ر في النّ‪II‬اقو ِر ‪ ...‬ف‪II‬إن ص‪II‬وره‬ ‫ال ّ‬
‫خيالية ‪ .‬وكل ما ندركه في البرزخ من نعيم ألهله وعذاب‬
‫ألهله ‪ ،‬فإنما يدركونه بإدراكات ه‪II‬ذه الص‪II‬ور البرزخية الخيالية ‪،‬‬
‫‪I‬ون َعلَ ْيها ُغ‪ُ I‬د ّواً َو َع ِ‬
‫ش‪I‬يّا ً َويَ‪ْ I‬‬
‫‪I‬و َم تَق‪II‬و ُم‬ ‫كما قال تعالى ‪ :‬النّ‪II‬ا ُر يُ ْع َرض‪َ I‬‬
‫ب ‪.‬‬ ‫سا َعةُ أَد ِْخلوا آ َل فِ ْر َع ْو َن أَ َ‬
‫ش َّد ا ْل َعذا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫برزخ الفاتحة‬
‫الشيخ األكبر ابن عربي‬
‫س ‪I‬تَعينُ ‪ ،‬وهو قسم الفاتحة‬ ‫برزخ الفاتحة ‪ :‬هو إِيّا َك نَ ْعبُ ‪ُ I‬د َوإِيّ‪II‬ا َك نَ ْ‬
‫المتعلق بالحق والعبد ‪.‬‬

‫البرزخ المتجسد‬
‫في اصطالح الكسنزان‬
‫نقول ‪ :‬البرزخ المتجسد ‪ :‬هو النور المحض الذي تجسد في صورة‬
‫الرسول‬
‫األعظم ‪ ،‬فهو من حيث ذاته صفة إلهية قائمة بال‪II‬ذات ‪ ،‬ومن حيث‬
‫مظه‪II‬ره‪ I‬س‪II‬يد الوج‪II‬ود ( الك‪II‬ون والكائن‪II‬ات ) ‪ .‬وإنما ك‪II‬ان حض‪II‬رته‬
‫برزخ ‪I‬ا ً ‪ ،‬ألنه في ذاته حقيقة أحدية مطلقة ‪ ،‬وفي مظه‪II‬ره ص‪II‬ورة‬
‫إنس‪II‬انية كاملة ‪ ،‬وه‪II‬ذه‪ I‬الخص‪II‬ائص الذاتية جعلته وس‪II‬يطا ً أزلي ‪I‬ا ً‬
‫أبديا ً بين القديم تعالى والمحدثات ‪ ،‬فنوره منبع اإليجاد واإلمداد ‪.‬‬

‫الحالة البرزخية‬
‫الشيخ عبد الغني النابلسي‬
‫يقول ‪ " :‬الحالة البرزخية ‪ :‬هي الحالة بين الروحانية والجس‪II‬مانية‬
‫‪ ،‬والحسية والخيالية ‪ ،‬من روحانية ميكائيل {عليه الس‪II‬الم} ‪ :‬وهي‬
‫النفس اإلنسانية ‪ ،‬والصورة البشرية الحيوانية " ‪.‬‬

‫مرتبة البرزخية‬
‫في اصطالح الكسنزان‬
‫نق‪III‬ول ‪ :‬مرتبة البرزخية ‪ :‬هي مرتبة نورانية تجتمع فيها حق‪III‬ائق‬
‫اإلطالق ومظاهر‬
‫التقييد ‪ ،‬والمتحقق بها هو المطلق المقيد ‪ ،‬الواسع الض‪IIIIIIIII‬يق ‪،‬‬
‫الق‪III‬ريب البعيد ‪ ،‬الحاضر الن‪III‬اظر‪ ،‬وس‪III‬بيل الوص‪III‬ول إليها هو‬
‫الذوبان في النور المحمدي أو الفناء في صورته الظ‪II‬اهرة في كل‬
‫زمان أي في الشيخ الكامل ‪.‬‬

‫برزخية األرواح‬
‫الشيخ أبو العباس التجاني‬
‫يقول ‪ " :‬برزخية األرواح ‪ :‬هي األرواح الواصلة إلى حض‪II‬رة الحق‬
‫‪ ،‬بكم‪II‬ال المعرفة ‪ ،‬وص‪II‬فاء اليقين ‪ ،‬وروح المش‪II‬اهدة ‪ .‬وبرزخها‬
‫الذي بينها وبين الحضرة ‪ :‬هي الحقيقة‬
‫المحمدية ال غير " ‪.‬‬

‫البرزخية الكبرى‬
‫الشيخ عبد الكريم الجيلي‬
‫البرزخية الكبرى ‪ :‬عبارة عن الكمال ‪ ،‬وهي الوق‪II‬وف بين ص‪II‬فات‬
‫الجالل‬
‫واإلكرام ‪.‬‬
‫موسوعة الكسنزان‬
‫‪2010‬‬ ‫الفنان قدرى‬

You might also like