You are on page 1of 8

‫موسوعة الكسنزان‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫الهجرة عند الصوفية‬


‫في اللغة‬
‫" ه ََج َر الشيء ‪َ :‬ت َر َكه " ‪.‬‬
‫في القرآن الكريم‬
‫وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم' ‪ 31‬مرة بمشتقاتها المختلفة ‪ ،‬منها‬
‫والر ْج َز فاهْ ُج ْر ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫قوله تعالى ‪:‬‬
‫في االصطالح الصوفي‬
‫الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي‬
‫يقول ‪ " :‬قال بعضهم' ‪ :‬المهاجر إلى هللا ‪ :‬هو المنقطع إلى هللا من غ''ير‬
‫هللا " ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫الهجر الجميل‬
‫اإلمام القشيري‬

‫يقول ‪ " :‬الهج''ر الجمي''ل ‪ :‬ه''و أن تعاش''رهم بظ''اهرك وتب''اينهم' بس''رك‬


‫وقلبك ‪.‬‬
‫ويقال ‪ :‬الهجر الجميل ‪ :‬ما يكون لحق ربك ال لحظ نفسك ‪.‬‬
‫ويقال ‪ :‬الهجر الجميل ‪ :‬أال تكلمهم وتكلمني ألجلهم بالدعاء لهم " ‪.‬‬

‫الهجرة‬
‫الشريف الجرجاني‬
‫يقول ‪ " :‬الهجرة ‪ :‬هي ترك الوطن ال''ذي بين الكف''ار واالنتق''ال إلى دار‬
‫اإلسالم " ‪.‬‬
‫إضافات وإيضاحات‬
‫مسألة ‪ : 1 -‬في أقسام الهجرة‬
‫يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي ‪:‬‬
‫" الهجرة على قسمين ‪ :‬صورية وقد انقطع حكمها بفتح مكة ‪...‬‬
‫ومعنوي''ة ‪ :‬وهي الس''ير عن م''وطن النفس إلى هللا لفتح كعب''ة القلب ‪،‬‬
‫وتخليصها من أصنام الشرك والهوى فيجري حكمها إلى يوم القيام''ة "‬
‫‪.‬‬
‫مسألة ‪ : 2 -‬في أنواع الهجرة‬
‫يقول الشيخ أحمد بن عجيبة ‪:‬‬
‫" الهجرة ‪ ...‬من وطن المعص'ية إلى وطن الطاع'ة ‪ ،‬ومن وطن الغفل''ة‬
‫إلى وطن اليقظة ‪ ،‬ومن وطن عالم األشباح إلى وطن عالم األرواح ‪.‬‬
‫أول تقول ‪ :‬من وطن الملك إلى وطن الملكوت ‪ ،‬أو من وطن الحس إلى‬
‫وطن المع''''نى ‪ ،‬أو من وطن علم اليقين إلى وطن عين اليقين أو ح''''ق‬
‫اليقين " ‪.‬‬
‫مسألة ‪ : 3 -‬في حكم الهجرة‬
‫يقول اإلمام علي بن أبي طالب ‪:‬‬
‫" الهجرة قائمة على حدها األول ‪ .‬ما كان هلل في أهل األرض حاجة من‬
‫مستس''ر اإل َّمة ومعلنه''ا ‪ .‬ال يق''ع اس''م الهج''رة على أح''د إال بمعرف''ة‬
‫الحجة في األرض ‪ .‬فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر " ‪.‬‬
‫يقول الشيخ سهل بن عبد هللا التستري ‪:‬‬
‫" الهجرة فرض إلى يوم القيامة ‪ :‬من الجهل إلى العلم ‪ ،‬ومن النس''يان‬
‫إلى الذكر ‪ ،‬ومن المعصية إلى الطاعة ‪ ،‬ومن اإلصرار إلى التوبة " ‪.‬‬
‫مسألة ‪ : 4 -‬في الهجرة القلبية‬
‫يقول الشيخ عبد القادر الجزائري ‪:‬‬
‫" الهجرة إلى هللا قلبية ‪ ،‬وهي األساس األول ‪ ...‬وهي بحصول الزاج''ر‬
‫اإللهي ‪ ،‬والعزوف عما كان عليه من المخالفات لألوامر اإللهية ‪.‬‬
‫جسمانية ‪ .‬وكما كانت الهجرة لرسول هللا واجبة قبل الفتح ‪ ،‬فتح مكة ‪،‬‬
‫فهي الي''وم' باقي''ة لورث''ة أحوال''ه وأس''راره ‪ ،‬ال''دالين على هللا تع''الى ‪،‬‬
‫الداعين إلى معرفته " ‪.‬‬
‫مسألة ‪ : 5 -‬في حقيقة الهجران‬
‫يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي ‪:‬‬
‫" حقيقة الهجران ‪ :‬هو نسيان المهجور " ‪.‬‬
‫َاج ُروا فِي هَّللا ِ ‪.‬‬
‫تفسير صوفي ‪ :‬في تأويل' قوله تعالى ‪َ :‬وا َّلذِينَ ه َ‬
‫يقول الشيخ نجم الدين الكبرى ‪:‬‬
‫" باألبدان عما نهى هللا عنه بالشريعة ‪.‬‬
‫وهاجروا باهلل بالقلوب عن الحظوظ األخروية برعاية الطريقة ‪.‬‬
‫وهاجروا إلى هللا باألرواح عن مقامات القربة ورؤية الكرامات بج''ذبات‬
‫الحقيقة ‪.‬‬
‫بل هاجروا عن الوجود المج''ازي مس''تهلكا' في بح''ر الوج''ود الحقيقي ‪،‬‬
‫ح''تى لم يب''ق لهم في الوج''ود س''وى هللا من بع''د م''ا ردوا إلى أس''فل‬
‫السافلين ‪ ،‬لننزلنهم على أقرب القرب في حال حياتهم' " ‪.‬‬
‫دار الهجرة‬
‫الشيخ عبد الغني النابلسي‬
‫يقول ‪ " :‬دار الهجرة عند الشيخ ابن الفارض ‪ ...‬كناية عن الحقيق''ة‬
‫النورية األصلية المحمدية ‪ ،‬التي خلق هللا تعالى' منه''ا ك''ل ش''يء بوج''ه‬
‫األمر اإللهي القائم به كل شيء " ‪.‬‬
‫داري الهجرتين‬
‫الشيخ عبد الغني النابلسي‬
‫داري الهج''رتين عن''د الش''يخ ابن الف''ارض ‪ :‬كناي''ة عن الهج''رتين‬
‫اللتين كانتا للصحابة ‪.‬‬
‫الهج''رة األولى ‪ :‬من مك''ة إلى بالد الحبش''ة ‪ ،‬وهي الهج''رة النفس''انية‬
‫خرج فيها من النفس ال''تي هي القلب ‪ ،‬ال''ذي ه''و بيت ال''رب ولكن''ه في‬
‫جاهليته مملوء بأصنام األغيار إلى بالد حبشة األك''وان المك''درة بغيري''ة‬
‫األطوار ‪.‬‬
‫ثم الهج''رة الثاني''ة ‪ :‬وفيه''ا النوراني''ة المحمدي''ة من النفس المطمئن''ة ‪:‬‬
‫التي هي القلب أيضا ً إلى المدينة المحمدية والحضرة األحمدية ‪.‬‬
‫الهجرة الباطنية‬
‫الشيخ أحمد السرهندي‬
‫الهج''رة الباطني''ة ‪ :‬هي أن يك''ون م''ع الن''اس في الظ''اهر ودونهم في‬
‫الباطن ‪.‬‬
‫في القرآن الكريم‬
‫وقد أشار القرآن الكريم' على ُخلق اإليثار حين قال في سورة الحجر ‪:‬‬
‫ه''اج َر إِ َل ْي ِه ْم َوال‬
‫َ‬ ‫ار واإْل ِيم''انَ مِنْ َق ْبلِ ِه ْ'م ُي ِح ّب''ونَ َمنْ‬‫''وأوا ال''دّ َ‬ ‫وا َّلذينَ َت َب َّ‬
‫حاج ًة ِم ّما أوتوا َو ُي' ْ'ؤثِرونَ َعلى أَ ْنفُ ِس' ِه ْم َو َل' ْ'و ك''انَ‬ ‫دور ِه ْم َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َي ِجدونَ في ُ‬
‫ش َّح َن ْفسِ ِه َفأو َل ِئ َك ُه ُم‬
‫يوق ُ‬
‫َ‬ ‫ص ٌة َو َمنْ‬ ‫ِب ِه ْم َخصا َ‬
‫ا ْل ُم ْفلِحونَ ‪..‬‬
‫المراد باآلية الكريمة وسبب نزولها‬
‫والمراد بالذين تبوأوا الدار هنا هم األنصار ‪ .‬والمراد بالدار المدين''ة ‪،‬‬
‫أي أن األنص''ار اس''توطنوا المدين''ة قب''ل المه''اجرين ‪ ،‬واس''تقروا فيه''ا‬
‫وتمكنوا منها ‪ ،‬وأخلصوا اإليم''ان والزم''وه ولم يف''ارقوه ‪ ،‬وهم يحب''ون‬
‫إخوتهم' المه''اجرين إليهم ‪ ،‬وال يحس''ون في ص''دورهم أي غضاض''ة أو‬
‫ألم مما هي'أ هللا تع'الى ‪ ،‬للمه'اجرين من فيء أو خ'ير ‪ ،‬ب'ل إن األنص'ار‬
‫يفض''لون المه''اجرين على أنفس''هم في االس''تمتاع ب''الخير ‪ ،‬ول''و ك''ان‬
‫األنص''ار محت''اجين الي''ه وك''ل من حفظ''ه هللا من البخ''ل ‪ ،‬وص''انه من‬
‫الشح ‪ ،‬فقد أفلح وفاز ‪.‬‬
‫ولق'''د ن'''زل المه'''اجرون بع'''د الهج'''رة في دور األنص'''ار على ال'''رحب‬
‫والسعة ‪ ،‬وفي ظالل الحب والكرم والمواساة ‪ ،‬فلم''ا غنم رس''ول هللا من‬
‫ب''ني النض''ير دع''ا األنص''ار وش''كرهم على م''ا ص''نعوا م''ع إخ''وتهم‬
‫المهاجرين من إنزالهم إياهم في منازلهم وإشراكهم في أم''والهم ثم ق''ال‬
‫لهم ‪ :‬إن شئتم قسمت للمهاجرين من دياركم وأم''والكم' ‪ ،‬وش''اركتموهم‬
‫في هذه الغنيمة وان ش''ئتم ك''انت لكم' دي''اركم وأم''والكم' ‪ ،‬ولم نقس''م لكم‬
‫من الغنيمة شيئا ً قال األنصار ‪ :‬بل نقسم إلخواننا من ديارنا وأموالنا ‪،‬‬
‫ونؤثرهم بالغنيمة فنزلت اآلية ‪.‬‬
‫وروي أن رسول هللا قال ‪ :‬إن أحببتم قسمت م''ا أف''اء هللا علي من ب''ني‬
‫النظير بينكم وبينهم ‪ ،‬وك''ان المه''اجرون على م''ا هم علي''ه من الس''كنى‬
‫في مساكنكم' وأموالكم' ‪ ،‬وان أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دياركم' ‪.‬‬
‫فق''ال س''عد بن عب''ادة وس''عد بن مع''اذ ‪ :‬ب''ل تقس''مه بين المه''اجرين ‪،‬‬
‫ويكونون في دورنا كما كانوا ‪ .‬ونادت األنصار قائلة ‪ :‬رض''ينا وس''لمنا‬
‫يا رسول هللا ‪.‬‬
‫فق'''ال رس'''ول هللا ‪ :‬اللهم' ارحم األنص'''ار وأبن'''اء األنص'''ار وأعطى‬
‫المه''اجرين ولم يع''ط األنص''ار ش''يئا ً ‪ ،‬إال اث''نين أو ثالث''ة ك''ان بهم فق''ر‬
‫وحاجة ‪ .‬ونزلت اآلية ‪.‬‬
‫الهجرة األخالقية الروحية‬
‫الدكتور أحمد الشرباصي‬
‫يقول ‪ " :‬الهجرة األخالقية الروحية ‪ :‬هي قول هللا تبارك وتعالى ‪:‬‬
‫والر ْج َز فاهْ ُج ْر ‪ ،‬أي ‪ :‬والمآثم ف''اترك ‪ ،‬أي ‪ :‬ات''رك المعص''ية ‪ ،‬وه''ذا‬‫ُّ‬
‫حث على مفارقة ما ال يليق بالوجوه كلها' ‪ :‬بالبدن واللسان والقلب " ‪.‬‬
‫الدكتور عبد الحليم محمود‬
‫يق''ول ‪ " :‬الرياض''ة ‪ :‬هي ذك''ر دائم ‪ ،‬أي ‪ :‬ت''ذكر ل''ه س''بحانه ‪ ،‬في ك''ل‬
‫لمحة ونفس ‪ .‬وهي اتجاه بكل األعم''ال إلى هللا ‪ ،‬وهي هج''رة ال تنقط''ع‬
‫إليه سبحانه "‪.‬‬
‫في حقيقة الصفاء‬
‫يقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير ‪:‬‬
‫قيل ‪ :‬هجرة السر إلى هللا من المراتب وال''درجات ‪ ،‬والف''رار إلى هللا من‬
‫المنازل والمقامات ‪.‬‬
‫هجر التأدب‬
‫الشيخ علي البندنيجي القادري‬
‫هجر التأدب ‪ :‬هو الهجر الذي يقع للسالكين بعد التمكن واإليقان ‪.‬‬
‫هجر التسلب‬
‫الشيخ علي البندنيجي القادري‬
‫هجر التسلب ‪ :‬هو الهجر الذي يقع للمجذوبين بعد العرفان ‪.‬‬
‫هجر التعتب‬
‫الشيخ علي البندنيجي القادري‬
‫هجر التعتب ‪ :‬ه''و الهج''ر ال''ذي يق''ع للمس''لكين بع''د ش''هود الح''ق بعين‬
‫الجنان ‪.‬‬
‫هجر التقرب‬
‫الشيخ علي البندنيجي القادري‬
‫هجر التقرب ‪ :‬هو الهجر ال''ذي يق''ع للع''المين الواص''لين بع''دما انط''وى‬
‫عليهم الزمان والمكان‬
‫هجر المحبوب‬
‫الغوث األعظم عبد القادر الكيالني‬
‫يق''ول ‪ " :‬هج''ر المحب''وب ‪ :‬هي ن''ار يض''رمها مال''ك الص''در في جهنم‬
‫الوجد " ‪.‬‬
‫الفنان قدرى‪ 2010‬القاهرة _ ‪1423‬هـ‬

You might also like