You are on page 1of 27

‫جدد حياتك‬

‫ملخص من كتاب‬
‫( جدد حياتك ) للشيخ محمد الغزالى‬
‫إعداد‬
‫جنات عبد العزيز دنيا‬

‫‪1‬‬
‫الشيخ محمد الغزالى يوضح هدف الكتاب و سبب كتابته له‬

‫يقول الشيخ الغزالى ‪ :‬وفى هذا الكتاب مقارنة بين تعاليم الإسالم ‪ ،‬كما وصلت الينا ‪،‬‬
‫وبين أصدق و أنظف ما وصلت اليه حضارة الغرب فى أدب النفس و السلوك‪ .‬وسيرى‬
‫القارىء من روعة التقارب بل من صدق التطابق ما يبعثه على الإعجاب الشديد‪.‬‬
‫ولقد قرأت كتاب"دع القلق و ابدأ الحياة" للعالمة ( ديل كارنيجى ) الذى عربه الأستاذ‬
‫عبد المنعم الزيادى فعزمت فور انتهائى منه أن أرد الكتاب إلى أصوله االسالمية!!!‬
‫ال لأن الكاتب نقل شيئا عن ديننا‪ ،‬بل لأن الخالصات التى أثبتها بعد استقراء جيد لأقوال‬
‫الفالسفة و المربيين ‪ ،‬وأحوال الخاصة و العامة تتفق من وجوه ال حصر لها مع الآيات‬
‫الثابتة فى قرآننا و الأحاديث المأثورة عن نبيينا‪.‬‬
‫أن المؤلف ال يعرف الإ سالم ولو عرفه لنقل منه دالئل تشهد للحقائق التى قررها‬
‫أضعاف‬
‫ما نقل عن أى مصدر أخر‪.‬‬
‫إن الفطرة السليمة سجلت وصاياها فى هذا الكتاب ‪ ،‬بعد تجارب واختبارات ‪ ،‬وما‬
‫انتهيت من تسجيله جاء صور ة أخرى للحكم التى جرت على لسان النبى العربى الكريم‬
‫محمد بن عبد هللا منذ قرون ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪–2-‬‬
‫إن تجديد الحياة ال يعني إدخال‬
‫بعض األعمال الصالحة أو النيات‬
‫جدد حياتك‬
‫‪-1-‬‬
‫الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات‬ ‫كثيراً ما يحب اإلنسان أن يبدأ‬
‫الذميمة واألخالق السيئة ؛ فهذا الخلط‬ ‫صفحة جديدة في حياته ‪ ،‬ولكنه يقرن هذه‬
‫ال ينشئ به المرء مستقبالً حميداً وال مسلكا ً‬ ‫البداية المرغوبة بموعد مع األقدار المجهولة‬
‫مجيدا ‪ .‬وال يسمى هذا اهتداء ‪ .‬إن‬ ‫كتحسن في حالته أو موسم معين أو بداية عام أو‬
‫االهتداء هو الطور األخير للتوبة‬ ‫شهر جديد مثالً‪ !..‬وهذا وهم‪ ..‬إن تجدد الحياه ينبع قبل‬
‫النصوحة ‪.‬‬ ‫كل شيئ من داخل النفس ‪ .‬إن االنسان إذا ملك نفسه‬
‫‪-4-‬‬
‫والنفس االنسانية اذا تقطعت‬ ‫وملك وقته يقدر على فعل الكثير دون انتظار إمداد من‬
‫اواصرها ‪ ،‬ولم يربطها نظام ينسق‬ ‫الخارج تساعده على ما يريدانه بقواه الكامنة‬
‫شئونها ويركز قواها اصبحت مشاعرها‬ ‫وملكاته المدفونة يستطيع أن يبنى حياته‬
‫وافكارها كهذه الحبات المنفرطة السائبة‬ ‫من جديد ‪.‬‬
‫ال خير فيها وال حركة لها ‪.‬‬
‫ومن ثم نرى ضرورة العمل الدائم لتنظيم‬ ‫‪-3-‬‬
‫النفس واحكام الرقابة عليها ‪.‬‬ ‫وما أجمل أن يعيد اإلنسان تنظيم نفسه‬
‫بين الحين والحين‪ ،‬وأن يرسل نظرات ناقدة‬
‫‪-5-‬‬ ‫في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها ‪ .‬فى كل‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬إن هللا يبسط يده‬ ‫بضعة أيام أنظر إلى أدراج مكتبى ألذهب‬
‫بالليل ليتوب مسىء النهار ‪ ،‬ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل‬ ‫الفوضى التى حلت به من قصاصات متناثرة ‪،‬‬
‫( رواه مسلم )‪.‬إن كل تأخير إلنفاذ منهج تجدّ د به حياتك‪ ،‬وتصلح به‬ ‫وسجالت مبعثرة ‪.‬‬
‫أعمالك ال يعني إال إطالة الفترة الكآبية التي تبغي‬ ‫‪3‬‬
‫الخالص منها ‪.‬‬
‫يومك‬
‫حدود يومك‬
‫في حدود‬
‫عش في‬
‫عش‬
‫والعيش في حدود اليوم ي ّتسق مع قول الرسول‬
‫بقوله‪:‬‬
‫التوجساتبقوله‪:‬‬
‫هذهالتوجسات‬ ‫علىهذه‬
‫الشاعرعلى‬‫ويردالشاعر‬ ‫ويرد‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من أصبح آمنا ً في سربه‬
‫عيون‬ ‫ونامت‬ ‫أعين‬
‫سهرت أعين ونامت عيون‬ ‫سهرت‬ ‫معافى في بدنه‪ ،‬عنده قوت يومه‪ ..‬فكأنما‬
‫ً‬ ‫‪،‬‬
‫تكـون‬
‫تكونأوأوالالتكـون‬ ‫شئونتكون‬
‫فيشئون‬ ‫في‬ ‫حيزت له الدنيا بحذافيرها" ( رواه الترمذى (‬
‫كان‬
‫باألمسماماكان‬
‫كفاكباألمس‬ ‫إنإنر ًّبرا ًّباكفاك‬
‫فيغ ٍغد ٍدمامايكــون‬
‫يكــون‬ ‫سيكفيكفي‬
‫سيكفيك‬
‫إن األمان والعافية وكفاية يوم واحد‬
‫تتيح للعقل الن ّير أن يفكر في هدوء‬
‫واستقامة تفكيراً قد يغ ّير به مجرى‬
‫التاريخ كله ‪.‬‬

‫على أن العيش في حدود اليوم ال يعني تجاهل المستقبل ‪ ،‬أو ترك اإلعداد له ؛‬
‫فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه ‪ ،‬فيه حصافة وعقل ‪ ،‬وهناك فارق بين‬
‫االهتمام بالمستقبل واالغتمام به‪ ..‬بين االستعداد له واالستغراق فيه ‪،‬‬
‫بين التيقظ من استغالل اليوم الحاضر والتوجس المربك المحير‬
‫مما قد يأتي به الغد‪...‬‬
‫‪4‬‬
‫الثبات واألناة واالحتمال ‪1 -‬‬
‫إ ذا داهمتك شدة تخاف منها على كيانك كله‪ ..‬فما عساك تصنع ؟ يقول‬
‫كارنيجي‪:‬‬
‫‪1‬ـ سل نفسك ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي ؟‬
‫‪2‬ـ ثم ه ِّيئ نفسك لقبول أسوأ االحتماالت ؟‬
‫‪3‬ـ ثم أسرع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟!‬
‫وال شك أن الرجل الذى يضبط أعصابه أمام األزمات ‪ ،‬ويملك إدارة‬
‫البصر فيما حوله هو الذى يظفر فى النهاية بجميل العاقبة ‪ .‬ولذلك‬
‫يقول الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫( إنما الصبر عند الصدمة األولى ) ‪.‬‬
‫والناس – إال القليل منهم ‪ -‬من خوف الفقر في فقر‪ ..‬ومن خوف‬
‫الذل‬
‫في ذل‪ ...‬وهذا خطأ بالغ ‪.‬‬
‫إن اإلنسان يتخوف فقدان ما ألِف ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الثبات واألناة واالحتمال ‪2 -‬‬
‫و التحسر على الماضي الفاشل والبكاء المجهد على ما وقع بما فيه من آالم‬
‫وهزائم هو – في نظر اإلسالم بعض مظاهر الكفر باهلل والسخط على قدره؟!‬
‫ومنطق اإليمان يوجب نسيان هذه المصائب جملة ‪ ،‬واستئناف حياة أحفل‬
‫بالعمل واإلقدام ‪ .‬وفى هذا يقول هللا عز وجل ‪:‬‬
‫ض َر ُبوا فِي‬ ‫( َيا أَ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا اَل َت ُكو ُنوا َكا َّلذِينَ َك َف ُروا َو َقالُوا إِل ِ ْخ َوا ِن ِه ْم إِ َذا َ‬
‫ض أَ ْو َكا ُنوا ُغ ًّزى َل ْو َكا ُنوا عِ ْندَ َنا َما َما ُتوا َو َما قُ ِتلُوا لِ َي ْج َعل َ هَّللا ُ َذلِ َك‬ ‫اأْل َ ْر ِ‬
‫ِيت َوهَّللا ُ ِب َما َت ْع َملُون بصير ( ‪ /156‬آل‬ ‫وب ِه ْم َوهَّللا ُ ُي ْح ِيي َو ُيم ُ‬
‫َح ْس َر ًة فِي قُلُ ِ‬
‫عمران ) } غزى ‪ :‬أى كانوا فى الغزو {‪.‬‬
‫وإذا وجدت الصبر يساوى البالدة فى بعض الناس فال تخلطن بين تبلد‬
‫الطباع‬
‫المريضة وبين تسليم األقوياء لما نزل بهم ‪ .‬هل يدرى الناس أن هذه الحياة‬
‫الدنيا بما فيها ومن فيها ستكون ذكريات حافلة مثيرة ‪ ،‬وأن يوما البد منه‬
‫سوف يقدم ليتالقى فيه الصالحون ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫قال‬ ‫هموم وسموم‬
‫عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ ” :‬من كانت‬
‫اآلخرة ه ّمه جعل هللا غناه‬
‫في قلبه ‪ ،‬وجمع له شمله ‪ ،‬وأتته‬

‫الدنيا وهي راغمة ‪.‬‬


‫ومن كانت الدنيا ه ّمه جعل هللا‬
‫فقره بين عينيه ‪ ،‬وفرق عليه شمله ‪،‬‬
‫ولم يأته من الدنيا إال ما قُدر له " (رواه الترمذي ) ‪.‬‬
‫وهذه األحاديث تهدف إلى تهذيب النفوس في سعيها وعملها‬
‫وطلبها للرزق‪ ،‬وال تعني بشكل من األشكال إبطال أعمال الدنيا‪.‬‬

‫فالمال نطلبه لكي ننفقه ال‬


‫لنختزنه ‪ ،‬وإذا أحببناه فمن أجل أن نبذله فيما‬
‫يحقق مصالحنا ويصون حياتنا‪ ،‬ولذلك فواجب المؤمن التشبث‬
‫بالعناية اإللهية في مواجهة كل ما يحل به من قلق واضطراب؛ فإن‬
‫االستسالم لتيار الكآبة بداية انهيار شامل في اإلرادة يطبع األعمال كلها بالعجز والشلل‪.‬‬
‫ولذلك كان الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم – يع ّلم أصحابه بعض األدعية ليس ّهل هللا أمورهم ويقضي حوائجهم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كيف نزيل أسباب‬
‫القلق؟ ‪1 -‬‬ ‫يقول كارنيجي ‪:‬‬
‫الخطوات الثالث التي يجب اتخاذها لتحليل‬
‫مشكلة ما والقضاء عليها هي‪:‬‬
‫‪1‬ـ استخالص الحقائق ‪2 /‬ـ تحليلها ‪/‬‬
‫‪ -3‬اتخاذ قرار حاسم والعمل بمقتضاه‪.‬‬
‫بالنسبة للخطوة األولى ‪:‬‬
‫إذا حدث أن حاول أحدنا استخالص‬
‫الحقائق فإنه يتصيد منها ما يعضد الفكرة الراسخة‬
‫في ذهنه ‪.‬‬
‫وا لعالج هو أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا ‪،‬‬
‫وأن نستخلص الحقائق المجردة‬
‫بطريقة محايدة ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫كيف نزيل أسباب‬ ‫والخطوة الثانية بعد جمع‬

‫القلق؟ ‪2 -‬‬ ‫الحقائق استشعار السكينة‬


‫التامة في تلقيها‪ ،‬وضبط النفس أمام ما يظهر‬
‫محيراً أو مروعا ً منها‪ ..‬وقد يجد المرء نفسه‬
‫أمام عدة حلول للمشكلة ؛ فيجد أن أحالها مر‪،‬‬
‫وقد يدور حول نفسه وال يرى طريقاً‪ ،‬أو يرى الطريق‬
‫فادح التضحية‪ ،‬ومثل هذه األفكار تتكاثر وتتراكم مع‬
‫ضعف الثقة باهلل وبالنفس ‪ .‬أما المؤمن فهو‬
‫يختار أقرب الحلول إلى السكينة والرشد‪ ،‬ثم ُيقدِم‬
‫والخطوة األخيرة هي التصرف بقوة‬ ‫وال يبالي بما يجد بعد ذلك‪ ،‬ولسان حاله يقول‪:‬‬
‫وحزم؛ فكثير من الناس ال يعوزهم الرأي الصائب؛‬ ‫” قُل َّلن ُّيصِ ي َب َنا إِالَّ َما َك َت َب هللاُ‬
‫فلهم من الفطنة ما يكشف أمامهم خوافي‬ ‫َل َنا ه َُو َم ْوالَ َنا َو َع َلى هللاِ َف ْل َي َت َو َّك ِل ا ْل ُم ْؤ ِم ُنونَ "‪.‬‬
‫األمور‪ ،‬يبدو أنهم ال يستفيدون شيئا ً من هذه‬
‫الفطنة ؛ ألنهم محرومون من قوة اإلقدام ‪ ،‬فيبقون‬
‫في أماكنهم محصورين بين مشاعر الحيرة والإرتباك‪،‬‬ ‫فقال شاعرهم ‪:‬‬
‫وقد كره العقالء هذا الضرب‬ ‫إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ****‬
‫من الخور واإلحجام ‪.‬‬ ‫فإن فساد الرأي أن تترددا‬

‫‪9‬‬
‫آفات الفراغ ‪1 -‬‬ ‫البطالة‬
‫تولد آالف‬
‫الرذائل‬

‫وقد نبه النبي صلى هللا‬


‫عليه وسلم إلى غفلة األلوف‬
‫عما ُوهبوا من نعمة العافية والوقت ‪.‬‬
‫فقال ‪ ” :‬نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ‪:‬‬
‫الصحة ‪ ،‬والفراغ ”‬

‫فاهلل عز وجل يقول‪ ( :‬أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا ً وأنكم إلينا‬


‫ال ترجعون* فتعالى هللا الملك الحق) اآليتان‪116-115 :‬‬
‫من سورة المؤمنون ‪.‬‬
‫إن الحياة خلقت بالحق‪ ،‬األرض والسماء وما بينهما‪ .‬واإلنسان في هذا العالم‬
‫يجب أن يتعرف هذا الحق وأن يعيش به‪.‬‬

‫وما أصدق ما رواه الشافعي في أسس التربية هذه الكلمة الرائعة "وإذا لم تشغل‬
‫نفسك بالحق شغلتك بالباطل“ وهذا صحيح ؛ فإن النفس ال تهدأ‪.‬‬
‫إذا لم َتد ُْر في حركة سريعة من مشروعات الخيروالجهاد واإلنتاج المنظم لم تلبث‬
‫أن تنهبها األفكار الطائشة ‪ ،‬وأفضل ما تصون به حياة إنسان أن ترسم له منهاجا ً يستغرق أوقاته ‪،‬‬
‫وال تترك فرصة للشيطان أن يتطرق إليه بوسوسة أو إضالل ‪.‬‬ ‫‪10‬‬
‫إحدث‬
‫آفات الفراغ ‪2 -‬‬ ‫ثقبا ً في‬
‫مصباح كهربائي‬
‫مفرغ من الهواء‪،‬‬

‫وسترى أن الطبيعة‬
‫تدفع بالهواء إلى داخل المصباح‬
‫ليمأل ما فيه من خالء‪ ،‬كذلك تسرع‬
‫الطبيعة إلى ملء النفس الفارغة ‪ ،‬بماذا؟‬
‫بالعواطف واإلحساسات غالباً‪ .‬لماذا؟‬

‫ألن مشاعر القلق والخوف والحقد والغيرة والحسد تندفع بقوة‬


‫بدائية عنيفة متوارثة من عهد الغابة ‪ ،‬وتلك المشاعر من القوة‬
‫بحيث يمكنها أن تبدد السالم من نفوسنا واالستقرار من عقولنا‪.‬‬
‫إن شحن األوقات بالواجبات‪ ،‬واالنتقال من عمل إلى عمل آخر ‪ -‬ولو من عمل‬
‫مرهق إلى عمل مرفه ‪ -‬هو وحده الذي يحمينا من علل التبطل ولوثات الفراغ‪.‬‬

‫ويتساءل "ديل كارنيجي"‪( :‬ما السبب في أن أمراً هينا ً كاالستغراق في العمل يطرد القلق ؟‪.‬‬
‫السبب في ذلك هو أحد القوانين األساسية التي اكتشفها علم النفس وهو ‪ :‬من المحال ألي‬
‫ذهن بشري مهما كان خارقا ً أن ينشغل بأكثر من أمر واحد في وقت واحد"‪ .‬وهذا صحيح ‪ ،‬وهو قريب‬
‫من قول هللا عز وجل‪( :‬ما جعل هللا لرجل من قلبين في جوفه) اآلية ‪ 4‬من سورة األحزاب ‪.‬‬
‫روى عن عمر بن الخطاب أنه قال‪" :‬إني ألرى الرجل فيعجبني‪ ،‬فإذا سألت عنه فقيل‪ :‬ال حرفة له‪ ،‬سقط من عيني‪.‬‬
‫ُ ‪11‬‬
‫ال تدع التوافه تغلبك على أمرـك‬
‫حذر النبى صلى هللا عليه وسلم أمته من اقتراف الصغائر وأن تتنزه‬
‫قال ديل كارنيجى ‪:‬‬ ‫عن فعلها وأن تتطهر حينا بعد حين من آثارها ‪ .‬فعن عبد هللا‬
‫إننا غالبا مانواجه‬ ‫بن مسعود ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول هلل صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫كوارث الحياة وأحداثها‬ ‫( إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ) ‪.‬‬
‫فى شجاعة نادرة‬
‫وصبر جميل ‪ ،‬ثم ندع‬
‫التوافه بعد ذلك تغلبنا‬ ‫وكما أن تجمع الصغائر مخوف العقبى على حياه اإلنسان ‪ ،‬فإن تجسيم‬
‫على أمرنا ‪.‬‬ ‫الصغائر بحيث تبدو إحداها وقد حجبت ما يجاورها من خير ليس من‬
‫اإلنصاف فى شىء ‪ .‬من المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة فى‬
‫سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من أجلها ‪ ،‬ثم يعمى أو يتعامى‬
‫عما تمتلىء به حياة هذا الشخص من أفعال حسان وشمائل كرام ‪.‬‬

‫قال تعالى ‪ :‬إِنْ َت ْج َتنِ ُبوا َك َبائ َِر َما ُت ْن َه ْونَ َع ْن ُه‬
‫ُن َك ِّف ْر َع ْن ُك ْم َ‬
‫س ِّي َئاتِ ُك ْم َو ُندْ ِخ ْل ُك ْم ُمدْ َخاًل َك ِري ًما ( ‪ 31‬النساء )‬

‫‪12‬‬
‫ال تبك على فائت ‪1-‬‬

‫أمر هللا عباده أن يستعرضوا أحداث الماضى لينتفعوا بما فيها ‪ .‬وهللا عز وجل يقول ‪:‬‬
‫فاعتبروا يا أولى األبصار ( سوره الحشر اية ‪. ) 2‬‬
‫ِيق ا َّلذِي َب ْينَ َيدَ ْي ِه‬
‫صد َ‬ ‫صصِ ِه ْم عِ ْب َرةٌ أِل ُولِي اأْل َ ْل َبا ِ‬
‫ب َما َكانَ َحدِي ًثا ُي ْف َت َرى َو َلكِنْ َت ْ‬ ‫ويقول تعالى ( َل َقدْ َكانَ فِي َق َ‬
‫ش ْي ٍء َو ُهدًى َو َر ْح َم ًة لِ َق ْو ٍم ُي ْؤ ِم ُنونَ ( يوسف اية ‪) 111‬‬ ‫َو َت ْفصِ يل َ ُكل ِّ َ‬
‫وابتغاء العظة المجردة وحدها يصح أن نلتفت إلى الوراء ‪ .‬أما العودة الى األمس القريب أو البعيد‬
‫لنجدد حزنا أو ندور حول مأساه حزت فى نفوسنا لنقول ‪ ( :‬ليت ‪ ،‬ولو ) ‪ ،‬فإن هذا ما يكرهه‬
‫اإلسالم ‪ .‬ولقد نبه القرآن الكريم بعد ( أحد ) ؛ قال للباكين على القتلى ‪ ،‬النادمين على الخروج إلى‬
‫الميدان ‪ :‬لو بقيتم فى بيوتكم ما طالت لكم حياة وال امتد أجل ‪ .‬يقول تعالى ‪َ ... (:‬يقُولُونَ َل ْو َكانَ َل َنا مِنَ‬
‫ج ِع ِه ْم ‪ (...‬آل‬‫ضا ِ‬‫ِب َع َل ْي ِه ُم ا ْل َق ْتل ُ إِ َلى َم َ‬ ‫اأْل َ ْم ِر َ‬
‫ش ْي ٌء َما قُ ِت ْل َنا هَا ُه َنا قُلْ َل ْو ُك ْن ُت ْم فِي ُب ُيو ِت ُك ْم َل َب َر َز ا َّلذِينَ ُكت َ‬
‫عمران ‪) 154‬‬

‫‪13‬‬
‫ال تبك على فائت ‪2 -‬‬
‫إن ديل كارنيجى يلجا إلى العقل لكى يصل إلى هذه النتيجة ‪ .‬يقول ‪} :‬حدثنى ( سوندرز ) أن‬
‫مستر ( براندوين ) مدرس الصحة بكلية ( جورج واشنجتون )علمه درسا لن ينساه أبدا ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ذات صباح دخل مستر براندويل الفصل ومعه زجاجة مملوءة باللبن وضعها أمامه على المكتب‬
‫‪ ،‬وفجاة نهض المدرس ضاربا زجاجة اللبن بظهر يده فاذا هى تقع على األرض ويراق مافيها ‪.‬‬
‫وهنا صاح مستر ( براندوين) ‪ :‬ال يبكى أحدكم على اللبن المراق ‪ ،‬ثم جعل يقول لكل منا لقد‬
‫ذهب اللبن ‪ ،‬فمهما تشد شعرك ‪ ،‬وتسمح للهم والنكد أن يمسكا بخناقك فلن تستعيد منه قطرة ‪.‬‬
‫لقد كان يمكن بشىء من الحيطة والحذر أن نتالفى هذه الخسارة ‪ .‬ولكن فات الوقت ‪ ،‬وكل ما‬
‫نستطيعه أن نمحو أثرها وننساها ثم نعود إلى العمل بهمة ونشاط {‪.‬‬
‫ذلك حق ‪ ،‬وإليه يشير الحديث الشريف ‪ :‬استعن باهلل وال تعجز ‪ ،‬وإن أصابك شىء فال تقل ‪ :‬لو‬
‫أنى فعلت كذا كان كذا وكذا ‪ .‬ولكن قل ‪ :‬قدر هللا وما شاء فعل ‪ ،‬فإن ( لو) تفتح عمل‬
‫الشيطان ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫حياتك من صنع أفكارك ‪1 -‬‬
‫إن قيمة صاحب العمل ترتبط ارتباطا وثيقا‬
‫بحقيقة األفكار التى تدور فى الذهن ‪،‬‬
‫والمشاعر التى تعتمل فى النفس ‪ .‬قال ديل كارنيجى ‪ :‬إن أفكارنا‬
‫هى التى تصنعنا ‪ ،‬واتجاهنا الذهنى هو العامل األول فى تقرير مصيرنا ‪.‬‬
‫إن المشكلة التى تواجهنا هى ‪ :‬كيف نختار األفكار الصائبة السديدة ؟ فإذا انحلت هذه‬
‫المشكلة انحلت بعدها سائر مشكالتنا ‪ .‬إذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء ‪،‬‬
‫وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء ‪ ،‬وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين‬
‫جبناء ‪ ،‬وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فاألغلب أن نبيت مرضى سقماء ‪.‬‬
‫نحن نستطيع أن نصنع من أنفسنا أمثلة رائعة اذا أردنا ‪ .‬وسبيلنا إلى ذلك تجديد‬
‫أفكارنا ومشاعرنا ‪ ،‬كما تتجدد الرقعة من الصحراء إذا انضاف اليها‬
‫مقدار ضخم من المخصبات والمياه ‪ ،‬إننا نتحول أشخاصا آخرين‬
‫كما تتحول هذه الصحراء القاحلة روضة غناء ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫حياتك من صنع أفكارك ‪2 -‬‬

‫إن االسالم ‪ -‬كسائر رساالت السماء‬


‫– يعتمد فى إصالحه العام على تهذيب النفس‬
‫االنسانية قبل كل شيئ ‪ ،‬فالنفس المختلة تثير الفوضى فى أحكم‬
‫النظم ‪ ،‬والنفس الكريمة تحسن التصرف والمسير وسط األنواء و األعاصير ‪.‬‬
‫فاذا لم تصلح النفوس أظلمت اآلفاق ‪ ،‬وسادت الفتن حاضر الناس ومستقبلهم ‪،‬‬
‫ولذلك يقول هللا تعالى ‪ ... :‬إِنَّ هَّللا َ اَل ُي َغ ِّي ُر َما ِب َق ْو ٍم َح َّتى ُي َغ ِّي ُروا َما ِبأ َ ْنفُسِ ِه ْم َوإِ َذا‬
‫ال ( ‪ 11‬الرعد ) ‪.‬‬ ‫سو ًءا َفاَل َم َردَّ َل ُه َو َما َل ُه ْم مِنْ دُو ِن ِه ِم ْن َو ٍ‬ ‫أَ َرادَ هَّللا ُ ِب َق ْو ٍم ُ‬
‫ويريد هللا عز وجل أن يبين لنا الصلة بين صفاء النفس وصفاء العيش وبين جمال‬
‫الخلق وجمال الحياة ‪ ،‬فأكد لنا أن بركته الشاملة تتنزل أمانا على المؤمنين ‪،‬‬
‫وبرا وفضال على األتقياء والمحسنين فقال تعالى فى سورة االعراف آية ‪: 96‬‬
‫َو َل ْو أَنَّ أَهْ ل َ ا ْلقُ َرى آ َم ُنوا‬
‫ض َو َلكِنْ َك َّذ ُبوا َفأ َ َخ ْذ َنا ُه ْم‬ ‫اء َواأْل َ ْر ِ‬
‫س َم ِ‬
‫ت مِنَ ال َّ‬ ‫َوا َّت َق ْوا َل َف َت ْح َنا َع َل ْي ِه ْم َب َر َكا ٍ‬
‫بما َكا ُنوا َي ْكسِ ُبونَ *‬

‫‪16‬‬
‫الثمن الباهظ للقصاص ‪1 -‬‬
‫الرجل العظيم حقا كلما حلق فى آفاق الكمال اتسع صدره ‪،‬‬
‫أو امتد حلمه ‪ ،‬وعذر الناس من أنفسهم والتمس المبررات ألغالطهم ‪.‬‬
‫وقد رأينا الغضب يشتط بأصحابه إلى حد الجنون ‪.‬إن اإلهانات تسقط‬
‫على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعيد ‪ .‬وهذا المعنى يفسر لنا حلم هود‬
‫وهو يستمع إلى إجابة قومه بعد ما دعاهم الى توحيد هللا قالوا ‪َ :‬قال َ ا ْل َمأَل ُ ا َّلذِينَ‬
‫س َفا َه ٍة َوإِ َّنا َل َن ُظ ُّن َك مِنَ ا ْل َكاذ ِِبينَ ( االعراف ‪) 66 /‬‬
‫َك َف ُروا مِنْ َق ْو ِم ِه إِ َّنا َل َن َرا َك فِي َ‬
‫إن شتائم هؤالء الجهال لم يطش لها حلم هود ‪ .‬وإليك نماذج من الرجوالت التى‬
‫ال تهزها إساءة ‪ ،‬وال تستفزها جهالة ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬قال رجل ألبى بكر ‪ :‬وهللا ألسبنك سبا يدخل القبر معك !! قال معك يدخل ال معى !!‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬ومر المسيح بقوم من اليهود فقالوا له شرا ‪ .‬فقال لهم خيرا ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬إنهم‬
‫يقولون شرا وتقول خيرا ؟ ! فقال ‪ :‬كل واحد ينفق مما عنده ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬قال يزيد بن حبيب ‪ :‬إنما كان غضبى فى نعلى ‪ ....‬فاذا سمعت ما أكره‬
‫أخذتها ومضيت ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الثمن الباهظ للقصاص ‪2 -‬‬
‫(‪ ) 4‬قال على ‪ :‬من النت كلمته وجبت محبته ‪،‬‬
‫وحلمك على السفيه يكثر أنصارك عليه ‪ .‬إن الغضب مس يسرى‬
‫فى النفس كما تسرى الكهرباء فى البدن ‪ .‬قد ينشئ رعدة شاملة واضطرابا مذهال ‪،‬‬
‫وقد يشتد التيار فيصعق صاحبه ويقضى عليه ‪ .‬ومحافظة على اإلنسان من ثورات الغضب ‪،‬‬
‫ومن آثاره البدنية والنفسية ‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫( ثالث من كن فيه آواه هللا فى كنفه ‪ ،‬وستر عليه برحمته ‪ ،‬وأدخله فى محبته ‪:،‬‬
‫من إذا أعطى شكر ‪ ،‬وإذا قدر غفر ‪ ،‬وإذا غضب فتر ( الحاكم ) ‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضى هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬ما من جرعة أعظم‬
‫أجرا عند هللا من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه هللا ( الطبرانى ) ‪.‬‬
‫إن كارنيجى يقول ‪ ( :‬لعل أحدا ممن أنجبتهم أمريكا فى تاريخها كله ‪ ،‬لم يلق من اإليذاء‬
‫والمقت والخديعة ما لقيه لنكولن ‪ .‬وبرغم ذلك فإنه كما يقول – مؤلف سيرته –‬
‫( لم يزن الناس قط بميزان حبه أو كراهيته لهم ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أحد ‪11 --‬‬
‫من أحد‬
‫الشكر من‬
‫تنتظر الشكر‬
‫الال تنتظر‬
‫مع أن نعم هللا تالحقنا فى كل نفس يمأل الصدر بالهواء ؛ فنحن قلما‬
‫نحس ذلك الفضل الغامر أو نقدر صاحبه ذو الجالل واالكرام ‪ .‬يقول تعالى ‪:‬‬
‫إن االنسان لربه لكنود ( العاديات ‪. ) 6‬‬
‫إن الجحود ينبت على وجه األرض كاالعشاب الفطرية – التى تخرج دون أن‬
‫يزرعها أحد – أما الشكر فهو كالزهرة التى ال ينبتها إال الرى وحسن التعهد ‪.‬‬
‫واالسالم يوجه المعطى إلى ذكر النعمة التى سيقت له ‪ ،‬وإلى الثناء على مرسلها‬
‫وإلى مكافأته عليها بأية وسيلة ‪ .‬فإن لم يجد الجزاء المادى المعادل لما نال فليشكر‬
‫بلسان الحال والمقال ‪ ،‬وليدع هللا يثيب من عنده الثواب ‪ .‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ( من اصطنع اليكم معروفا فجازوه ‪ ،‬فان عجزتم عن مجازاته فادعوا له ‪،‬‬
‫حتى تعلموا أنكم قد شكرتم ‪ ،‬فان هللا شاكر يحب الشاكرين ‪.‬‬
‫( الطبرانى ) ‪.‬‬
‫إال أن اإلسالم مع توكيده لواجب الشكر وتحقيره لشأن الجاحدين يطلب‬
‫من أولى الخير ان يجعلوا عملهم خالصا لوجه هللا ‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫أحد ‪22 --‬‬
‫من أحد‬
‫الشكر من‬
‫تنتظر الشكر‬
‫الال تنتظر‬

‫والمعروف الذى يقبل ويحترم هو الذى يبذله صاحبه بدوافع‬


‫الخير المحض ال يطلب عليه ثناء بشر وشكره إنما يطيع به أمر هللا ويطلب‬
‫رضوانه ومغفرته ‪.‬‬
‫كن كما وصف هللا األبرار من عباده ‪ :‬ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما‬
‫وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه هللا ال نريد منكم جزاء وال شكورا ( اإلنسا ن ‪. ) 9-8‬‬
‫توقع أن يضيق الناس بك وأن يحقدوا عليك وأن يبتغوا لك الريبة وينسوا الفضل ‪.‬‬
‫يقول مؤلف الكتاب ‪ :‬وقلت لنفسى ‪ :‬أال تتعلمين اإلخالص هلل من مسلك‬
‫اإلمام الشافعى الذى مأل األرض علما ثم قال ‪ :‬وددت لو نشر هذا العلم‬
‫دون أن يعرف صاحبه ؟ ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫هل تستبدل مليون جنيه بما تملك ‪1 -‬؟‬

‫ما اكثر النعم التي بين أيدينا ولكننا نغفل عنها ‪ .‬إحمد هللا ‪ -‬ولي أمرك‬
‫وولي نعمتك ‪ -‬علي هذا الخير الكثير الذي حباك إياه‪....‬أال تعلم ان هناك‬
‫خلقا ابتلوا بفقد هذه النعم ‪ ،‬وليس يعلم إال هللا مدى ما يحسونه من ألم؟‬
‫منهم من حبس في جلده ‪ ،‬فما يستطيع الحراك بعد أن قيده المرض ‪.‬‬
‫من الخطأ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لديك من ذهب وفضة ‪!!..‬‬
‫إن رأس مالك هو جملة المواهب التي سلحك القادر بها ‪ ،‬من ذكاء‪،‬‬
‫وقدرة ‪ ،‬وحريه ‪ ،‬وصحة سابغه ‪ ،‬وعافية تتألق بين رأسك وقدميك ‪.‬‬
‫قال أحد الفالسفه ( أ تراك تبيع عينيك في مقابل مليون دوالر ؟ ) ‪.‬‬
‫إ حسب ما لديك من مواهب وستجدها ال تقدر بذهب الدنيا كلها ‪ ( .‬ما أقل‬
‫تفكيرنا فيما لدينا وما أكثر تفكيرنا فيما ينقصنا ) ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫هل تستبدل مليون جنيه بما تملك ‪ 2 -‬؟‬

‫قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم (( والذي نفس محمد بيده ‪ ،‬إن‬
‫الرجل ليجي يوم القيامه بعمل صالح لو وضع علي جبل آلثقله ‪ ،‬فتقوم‬
‫النعمة من نعم هللا ‪ ،‬فتكاد تستنفد ذلك كله ‪ ،‬لوال ما يتفضل هللا به من‬
‫رحمته )) ‪ .‬ومعني ذلك أن أ صحاب النعم مطالبون بمزيد من الجهد‬
‫والنشاط كفاء ما أتوا من خير ‪ ،‬ومنحوا من بر ‪ .‬وهللا قد منحنا الحواس‬
‫المعروفة لنتجاوب مع الوجود ‪ ،‬ونتعرف ما فيه ‪ ،‬ونتذوق بملكاتنا‬
‫المادية والأدبية جماله وقواه ‪ ،‬حتي إذاغمرنا هذا البهاء المفاض من‬
‫كل ناحية ‪ ،‬اهتزت مشاعرنا شكرا للذي أحيانا وكرمنا ‪.‬‬
‫بطون أمهاتكم ال تعلمون شيئا ُ ‪ ،‬وجعل‬
‫ِ‬ ‫قال تعالى ‪( :‬وهللا أخرجكم مِنْ‬
‫واألبصار واألفئدة لعلكم تشكرون ) سورة النحل ‪. 87‬‬
‫َ‬ ‫الس ْم َع‬
‫لكم َ‬
‫إن معصية هللا ال تنيل رحمته ورضاه ‪ ،‬والعمل الصالح هوالذي يقرب‬
‫من عطفه ومغفرته ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫أنت نسيج وحدك ‪1 -‬‬
‫لماذا ال ينمو الرجال على فطرتهم التى خلقهم هللا بها كما تنمو أنواع‬
‫النبات فى مغارسها ‪ ،‬ال النخيل تتحول أعنابا ‪ ،‬وال الثمار تحاكى غيرها‬
‫فى طعم أو لون ‪ .‬وقد قلت يوما لبعض هؤالء المقلدين ‪ :‬ما هكذا كان يعامل‬
‫أصحاب محمد محمدا‪ ،‬وهو المثل األعلى للخليفة ‪ .‬فعندما استشار أصحابه فى‬
‫أسرى بدر إنطلق كل على سجيته يبدى ما عنده كما يعتقده ‪ .‬فأبو بكر الحليم يؤثر‬
‫الصفح ‪ ،‬وعمر الصارم يرى العقوبة ‪ .‬وظاهر أن كال الصاحبين تحرى الحق كما‬
‫يهديه إليه تفكيره المستقل ‪ ،‬ومزاجه الخاص فى عالج األمور ‪ .‬وهذا المسلك الحر‬
‫المنزه عن الملق والميوعة هو اإلسالم ‪ ( :‬فطرة هللا التى فطر الناس عليها ) ‪.‬‬
‫قال كارنيجى ‪ ( :‬إنك شئ فريد فى هذا العالم ‪ .‬إنك نسيج وحدك ‪ ،‬فال األرض منذ‬
‫خلقت رأت شخصا يشبهك تمام الشبه ‪ ،‬وال هى فى العصور المقبلة سوف‬
‫ترى شخصا يشبهك تمام الشبه ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أنت نسيج وحدك ‪2 -‬‬
‫ويعرض الشيخ الغزالى قول هللا عز وجل ‪َ ( :‬ولِ ُكل ٍّ ِو ْج َه ٌة ه َُو ُم َو ِّلي َها‬
‫ش ْي ٍء َقد ٌ‬
‫ِير)‬ ‫ت ِب ُك ُم هَّللا ُ َجمِي ًعا إِنَّ هَّللا َ َع َلى ُكل ِّ َ‬
‫ت أَ ْي َن َما َت ُكو ُنوا َيأْ ِ‬
‫اس َت ِبقُوا ا ْل َخ ْي َرا ِ‬
‫َف ْ‬
‫( البقرة ‪. ) 148 /‬‬
‫يقول ‪ :‬من معانى قوله سبحانه وتعالى ( َولِ ُكلٍّ ِو ْج َه ٌة ه َُو ُم َو ِّلي َها ) أى لكل من‬
‫الناس قبلة أى جهة ‪ ،‬على ماذكره اإلمام القرطبى فى تفسيره الجامع ألحكام‬
‫القرآن ‪ .‬يريد الحق سبحانه وتعالى النص على أن كل إنسان شخصيته المستقلة‬
‫وأن لكل إنسان حقه فى اختيار الوجهة التى يريدها لخدمة نفسه وقومه‪ .‬فإن لكل‬
‫موهبة وهبها هللا سبحانه حقا علينا يجب تنشيطها واستعمالها فيما خلقت له‬
‫وذلك من صميم شكر هللا ‪ .‬أما تعطيلها وإهمالها فهو ضرب من الجحود لنعمته‬
‫سبحانه ‪ .‬يقول تعالى ‪ ( :‬فاستبقوا الخيرات ) ‪ .‬أى فاجعلوا الخير‬
‫غايتكم فى كل وجه تنبعثون إليه ‪ .‬وإذا كان الخير هو الغاية ‪ ،‬كان‬
‫الصالح ال محالة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫إصنع من الليمونة الملحة‬
‫شرابا ً حلوا ‪1 -‬‬

‫الصبر كما عرفه علماؤنا ‪ :‬حبس النفس على ما تكره ‪ .‬وهذا‬


‫تفسير حسن إذا عنينا به مواجهة الشدائد بثبات وعقل ال يفقد توازنه واعتداله ‪.‬‬
‫غير أن حبس النفس على ما نكره إذا عنينا به طول اإلحساس بمرارة الواقع قد ينتهى‬
‫باإلنسان الى الكآبة والتبلد ‪ .‬واإلسالم يعمل على تحويل الصبر إلى رضا فى المجال‬
‫الذى يصح فيه هذا التحول ‪ .‬فرب ضارة نافعة ‪ .‬من يدرى ؟ ربما كانت هذه المتاعب‬
‫التى تعانيها بابا إلى خير مجهول ‪ .‬قال تعالى ‪ :‬وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم‬
‫وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم وهللا يعلم وأنتم ال تعلمون ( ‪ 216‬البقرة ) ‪.‬‬
‫يقول ( ديل كارنيجى ‪ :‬فمن المحتمل أن الشاعر ( ملتون ) لم يكن يقرض شعره الرائع‬
‫لو لم يكن أعمى ‪ ،‬وأن بتهوفن لم يكن ليؤلف موسيقاه الرفيعة لو لم يكن أصم ) ‪.‬‬
‫إن هؤالء المصابين لم يجسموا مصائبهم ثم يطوفوا حولها معولين منتحبين ‪.‬‬
‫لقد قبلوا الواقع المفروض ‪ .‬وتلك هى دعائم العظمة ‪ ،‬أو هذا هو تحويل الليمونة‬
‫الحامضة الى شراب سائغ ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫إصنع من الليمونة الملحة‬
‫شرابا ً حلوا ‪2 -‬‬
‫روى ( ديل كارنيجى ) عن سيدة نقلت مع زوجها الضابط إلى‬
‫صحراء موحشة ‪ ،‬فضاقت ذرعا بمعيشتها ‪ ،‬وهمت بترك رجلها وحده‬
‫والعودة الى أهلها ‪ ،‬قالت هذه السيدة ‪ ( :‬ولكن خطابا ورد إلى من أبى تضمن‬
‫سطرين اثنين سأذكرهما ما حييت ألنهما غيرا مجرى حياتى وهذان هما ‪ ( :‬من‬
‫خلف قطبان السجن تطلع إلى األفق إثنان من المسجونين ‪ ،‬فاتجه أحدهما ببصره إلى‬
‫وحل الطريق ‪ ،‬أما اآلخر فتطلع إلى نجوم السماء ) ‪ .‬قالت السيدة ‪ :‬وقد تلوت هذه‬
‫الكلمات وأعدت تالوتها مرارا ‪ ،‬فخجلت من نفسى وقررت أن أتطلع إلى نجوم‬
‫السماء ‪.‬‬
‫وكما قال ( وليم بوليثو ) ‪ :‬الشيئ المهم حقا فى الحياة هو أن تحيل خسائرك إلى‬
‫مكاسب ‪ ،‬فهذا أمر يتطلب ذكاء وحذقا ‪ ،‬وفيه يكمن الفارق بين رجل كيس ورجل‬
‫تافه ‪ .‬وهناك أمثلة لتحويل الخسائر الى مكاسب ‪:‬‬
‫عندما فقد عبد هللا بن عباس عينيه وعرف أنه سيقضى ما بقى من عمره مكفوف‬
‫البصر لم ينطو على نفسه ويندب حظه قال ‪:‬‬
‫ففى لسانى وسمعى منهما نور‬ ‫أن يأخذ هللا من عينى نورهما ***‬

‫‪26‬‬
‫إنتهى‬
‫إنتهى‬

gannatdonya@hotmail.com
gannatdonya@hotmail.com
gannatdonya@gmail.com
gannatdonya@gmail.com

27

You might also like