You are on page 1of 51

‫أوال‪ :‬لمحة مختصرة عن تاريخ اليابان ما بعد ميجى‬

‫‪ -1‬حركة ميجى اإلحيائية (‪) 1912 – 1868‬‬


‫‪ ‬‬
‫أعقبت نهاية عصر توكوجاروا (‪ )1868 – 1600‬فترة جديدة تدعى فترة‬
‫ميجى االحيائية ‪ ,‬وهى اسهمت بعنف فى القضاء على نظام توكوجاوا‬
‫االقطاعى ‪ ,‬كما اتسمت هذه الفترة بانتقال اإلمبراطور من الشريعة الرمزية‬
‫إلى السلطة الفعلية ‪ .‬فى هذه الفترة أنشات حكومة ميجى وزارات ‪ ,‬ونظاما‬
‫قضائيا ‪ ,‬ونظاما‪ .‬مصرفيا حديثا ‪ ,‬كما ارسلت الحكومة بعثات لتحصيل‬
‫العلم ‪ ,‬والمعرفة ‪ ,‬والتقنية العالية ‪.‬‬
‫فترة ما بعد ميجى (‪)1945 – 1912‬‬ ‫‪‬‬

‫احيت مسيرة هيروهيتو (‪ ) 1989 – 1926‬النزعة الحربية التوسيعية‬ ‫‪‬‬

‫لليابان ‪ ,‬واتخذ التحديث طريقة نحو تقوية الجيش ‪ ,‬مما ادى إلى فصل‬
‫الزمرة العسكرية عن الزمرة السياسية ‪ .‬ونتج عنه افساد النظام البرلمانى‬
‫الذى سيطرت عليه عائلة الزيباتسو‪ ,1939 ,‬سارعت اليابان إلى السيطرة‬
‫على جنوب شرق آسيا وبدت المانيا واليابان قوتين مهددتين للعالم ‪ ,‬مما‬
‫أدى إلى الضربات المتبادلة بين اليابان وأمريكا وبعدها القت أمريكا‬
‫القنبلتين النوويتين على مدينتى هيروشيما وناجازاكى سنة ‪.1945‬‬
‫القنبلة النووية قبل القائها على اليابان‬
‫ثانيا ‪ :‬دينام*كية التجربة اليابانية المعاصرة فى‬
‫التنمية* االقتصادية المعتمدة على الذات‬
‫دوافع االستثمار االجتماعى (= شروط االقالع )‬ ‫‪‬‬

‫خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية مثقلة با لألم والهزائم ‪ ,‬إذا تسببت‬ ‫‪‬‬

‫هذه الحرب فى انهيار الكثير من انجازاتها السابقة ‪ ,‬وأفقدتها موردا بشريا‬


‫عظيما ‪ ,‬كانت قد اعتمدت عليه فى إنجاح نهضتها االولى هذا فى الجانب‬
‫العسكرى الذى غير الخريطة االقتصادية فى اليابان‪.‬‬
‫اما فى الجانب السياسى ‪ .‬فقد شمل التطهير األمريكى ما يقارب ‪ 200‬الف‬ ‫‪‬‬

‫يابانى ‪ ,‬ذو طاقات منتجة ‪ .‬وشخصيات مالية ‪ ,‬وأطرا ادارية فاعلة ‪ ,‬واكتفى‬
‫األمريكيون بتجريد األمبراطور من جميع صالحياته ‪ ,‬ولم يطله التطهير ‪ .‬كما‬
‫طاول التطهير مؤسسات انتاجية كبرى أهمها الزايباتسو ‪ ,‬وهى شركات‬
‫تجارية عمالقة ‪ ,‬قام االحتالل األمريكى بتفكيكها ومعاقبة مسؤوليها وكانت‬
‫تلك الشركات منطلق التجربة اليابانية الناجحة فى منتصف القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫القنبلة اثناء اطالقها‬
‫الخراب فى مدينة هيروشيما‬
‫هيروشيما بعد ساعتين من القاء القنبلة‬
‫هيروشيما وتدمير اكثر من ‪%90‬من منشاتها‬
‫صورة للدمار الالحق باليابان‬
‫صور للضجايا اليابان‬
‫صور ضحايا اليابان‬
‫فتاة من ضحايا القنبلة‬
‫نسق الثالثية اإلنسانية اإلنمائية ‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫اكتشفت اليابان انها ال تمتلك بعدالدمار النووى اال ثالثتيها‬
‫( االمبراطور ‪ ,‬والقيادة الحكيمة ‪ ,‬والشعب الطامح)‬
‫وهى كل ثرواتها ‪ .‬وال شك ان اليابانيين أثاروا بعد الهزيمة‬
‫العسكرية مثل هذه االسئلة فى ظل االحتالل االمريكى ‪.‬‬
‫كيف لألرض ان تستثمر؟‬
‫كيف لألفواه ان تاكل ؟‬
‫كيف للسواعد ان تعمل ؟ مثل هذه االسئلة القلقة فرضها‬
‫الواقع البائس بعد ان تساوى الناس فى القدر والثروة ‪.‬‬
‫كيف لالرض ان تستثمر؟‬
‫كيف لألفواه ان تاكل ؟‬
‫كيف للسواعد ان تعمل ؟‬
‫‪ ‬يتركب نسق الثالثية اإلنسانية التنموية من الخيوط التنموية المشدودة‬
‫بعضها إلى بعض وهى ‪.‬‬
‫‪ ‬أوال ‪.‬‬

‫دولة تحترم االنسان ؟‪ ,‬ايا كان ‪ ,‬ويكون ذلك بتربيته ‪ .‬وتعليمه وتدريبه ‪ ,‬واقحامه فى قوة العمل ‪,‬‬
‫ورعايته صحيا ‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا ‪.‬‬
‫قيادة حكيمة تتخذ من االنسان مركزا للسلطات واألشياء ‪ ,‬فى اطار المسؤولية األخالقية والحرية‬
‫المسؤولة‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا ‪.‬‬
‫إنسان فاعل يستند فى حياته العملية إلى تغليب الواجب على الحقوق ‪ ,‬فيطعم االنسان فمه بيده ‪ .‬فيعمل‬
‫االنسان بيده لفمه ثم لمجتمعه ثم لغيره ‪ .‬حتى يصبح افضل من غيره ‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا ‪.‬‬
‫االعتماد على الذات ‪ ,‬وذلك بجعل ثالثية الدولة والقيادة واالنسان تعمل بمفردها لمجموعها ويكون‬
‫االعتماد على الذات بالتعليم من األخر لألستغناء عن األخر‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫نظرة على المشهد اليابانى المعاصر فى صيغته الواقعية األتية ‪.‬‬

‫‪ -1‬الرمز ( اإلمبراطور )‬ ‫‪‬‬

‫يعد قرار استسالم االمبراطور قرارا حكيما ‪ ,‬يتوافق مع حالة بالده المحاصرة‬ ‫‪‬‬

‫بقنابل نووية‪ .‬وبهذا يكون االمبراطور قد انقذ ارضا من األغتصاب ‪ .‬وشعبا من‬
‫الموت والتشوه واالنتحار ‪ .‬ومن هنا يعد االستثمار األجتماعى مجديا للغاية وقد‬
‫تمثل هذا العمل المثمر فى فعل التضحية ‪ ,‬ليس بكرسى العرش فحسب ‪ .‬ولكن‬
‫بكرسى اآللهة أيضا‬
‫ولقد فجر االمبراطور طاقته الحيوية واستثمر وضعيته الميثولوجية والتاريخية‬ ‫‪‬‬

‫استثمارا اجتماعيا ‪ .‬ولقد استفاد اليابانيون من هذا االستثمار واستثمر اليابانيون‬


‫اإلنسان الفاعل فى شخص اإلمبراطور فى مجاالت أقتصادية ‪ ,‬فاالستثمار‬
‫األجتماعى لإلمبراطور أثمر نهضة يابانية ‪ ,‬وتنمية اقتصادية ‪ ,‬واهتماما‬
‫باالنسان ‪ ,‬من حيث تعليمه ‪ ,‬وتدريبه ‪ .,‬وإقحامه للقوة العمل ‪.‬‬
‫‪-2‬القيادة الحكيمة ( رئيس الوزارء)‬ ‫‪‬‬

‫إن السياسة الحكيمة التى انتهجها رئيس الوزاراء يوشيدا (‪)1967–1878‬‬ ‫‪‬‬

‫حققت مكسبا اجتماعيا ‪ .‬على الرغم من الدمار ‪ ,‬الذى اتى تقريبا على جميع‬
‫المنشات االقتصادية ‪ .‬وتعاملت من منطلق الحصول على ( جزء الجزء )‬
‫بدل من ( وهم الكل ) ‪.‬‬
‫فاستعان يوشيدا بوزير المالية تانزان فى معالجة االقتصاد اليابانى الذى كان‬ ‫‪‬‬

‫فى نهاية الحرب العالمية الثانية " يعانى عدم الكفاية ونقص االنتاج ومن هنا‬
‫اعتقد تانزان أن تمويل المؤسسات الصناعية الصغرى هو الطريق إلى‬
‫انتعاش االقتصاد ‪ .‬وظف يوشيدا أفكاره اجتماعيا ‪ .‬و اقنع االحتالل‬
‫األمريكى بعدم تفكيك مجموعات الزايباتسو بصورة كاملة ‪ .‬فانخفض عدد‬
‫الشركات المنحلة من ‪ 100‬شركة إلى ‪ 9‬شركات ‪.‬‬
‫وأعدت سياسة يوشيدا التخطيط للمستقبل االقتصادى عامال مؤثرا لدفع‬ ‫‪‬‬

‫عجلة االستثمار االجتماعى فى االتجاه الذى ينعش حركة التنمية االقتصادية‬


‫‪.‬‬
‫‪-3 ‬الفاعل االنسانى ( الشعب الطامح )‬
‫لوافترضنا ان اليابانى إنسان يتميز بطبيعة قروية فالحية ‪ ,‬فانه بطبيعة الحال‬
‫سيكون متخلفا فى نظر الشعوب المتخلفة‪ ,‬الذى تربط الزراعة فى مفهومها‬
‫بالتخلف ‪ .‬وهذا بدوره يشكل احد أسباب تاخر هذه األمم عن ركب التنمية ‪.‬‬

‫أن ما يكاد يغيب عن ذهن هذه األمم هو أن من رحم الزراعة تولد الصناعة ‪,‬‬
‫فتنمو إلى أن تتحول إلى تكنولوجيا مثيرة لإلعجاب والقلق معا ‪.‬‬
‫االنسان اليابانى يحب العمل ويقدسه ‪ ,‬وهنا يتجلى سر حضوره الفاعل فى‬
‫الساحة االقتصادية الدولية‬
‫و اليابانى يحب ارضه ‪ ,‬وهو فضال عن ذلك قابل لإلثمار فى اية أرض‬
‫تستضيفه على خالف الشعوب األخرى ويعود ذلك إلى سببين ‪:‬‬
‫‪ ‬األول ‪ :‬هو أن االنسان اليابانى يعرف قيمة األرض ما ظل يقدس العمل ‪.‬‬
‫‪ ‬والثانى ‪ :‬هو انه يعتقد بالعناية اإللهية ‪ ,‬وهو ما ينبغى عليه إظهار التفوق‬
‫على اآلخرين‬
‫االنسان اليابانى يعرف قيمة األرض فى ظل تقدس العمل ‪.‬‬
‫‪ -4‬تكنولوجيا عالية‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬مما الشك فيه إن االستثمار االجتماعى أسهم بفاعلية فى صناعة المستقبل‬


‫التكنولوجى فى اليابان ‪ .‬ينضاف إلى ذلك ان المطالب الثالثة – األرض‬
‫ينبغى أن تستثمر ‪ ,‬كل فم ينبغى أن ياكل ‪ ,‬كل يد ينبغى ان تعمل ‪ -‬كانت‬
‫بمثابة نقطة اإلقالع والشرط الالزم ‪ ,‬لتحقيق اإلنجازات واستمرارها ‪.‬‬
‫ويعزى السبب فى اعتبار هذه المطالب واقعية إلى أن االقتصاد اليابانى‬
‫قبل االحتالل األمريكى كان فى موقع متقدم ‪ ,‬يسمح له بمنافسة االقتصاديات‬
‫الغربية ‪.‬‬
‫االعتماد القوم*ى عل*ى الذات ادى إل*ى زيادة مس*توى االبداع ‪ ,‬وتخفي*ض مس*توى‬
‫التقلي*د ‪ .‬إ*ن المحاكاة م*ن منظور االعتماد عل*ى الذات ‪ ,‬منح*ت اليابان فرص*ة‬
‫نادرة لإلقتراب م*ن الغرب ‪ ,‬واالس*تفاده م*ن علوم*ه خارجيا واعتماده*ا داخلي*ا‬
‫‪ ,‬ولك*ن ك*ل هذا جرى وف*ق الطريق*ة الياباني*ة ‪ ,‬الت*ى تشترط انتقال التكنولوجي*ا‬
‫الغربية إلى اليابان عبر بوابة الروح اليابانية ‪.‬‬
‫البنية االساسية لليابان‬
‫من النقل التكنولوجى إلى االعتماد على الذات‬ ‫‪‬‬

‫فى هذا السياق كان لشركة سونى دور متعاظم ‪ ,‬إذا أنتجت ألول مرة شريط‬ ‫‪‬‬

‫الكاسيت ‪ ,‬والراديو الصغير الحجم سنة ‪ , 1955‬ونجحت شركة تويوتا فى‬


‫صناعة السيارات وارتفعت االنتاجية ‪ % 30‬على انتاجية فرنسا والمانيا‬
‫وأسبانيا وتمكنت موسسة ماتسوشيتا من تصميم جهاز روبوت مؤهل لتمييز‬
‫االلوان ‪ ,‬بينما انتجت شركة كوزاكى اول روبوت صناعى سنة ‪ 1968‬ولقد‬
‫تمكن اليابانيون من السيطرة على مجاالت التكنولوجيا العالمية‬
‫ويرجع نجاح اليابان فى التكنولوجيا العالية إلى سياسة النقل التكنولوجى‬ ‫‪‬‬

‫الموصولة باستراتيجية االعتماد على الذات ‪ .‬أهتمت باستخدام تكنولوجيا‬


‫الغير بهدف تطويرها وتحسينها لالستفادة منها فى حل المشاكل‬
‫االقتصادية‪.‬وقد استغرقت اليابان‪60‬عاما فى االعتماد على الذات فى مجال‬
‫التكنولوجيا ولكنها لم تنجح االبعد سنة‪ 1970‬ولكى تنجح سياسية التنمية ‪,‬‬
‫مرت اليابان‬
‫الصناعة فى اليابان‬
‫بخمس مراحل تخللتها مجهودات مضنية وهى ‪:‬‬

‫األولى ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة اكتساب التقنيات العملية ‪.‬‬


‫الثانية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة صيانة اآلآلت والتجهيزات الجديدة ‪.‬‬


‫الثالثة ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة إدخال تعديالت ثانوية على التكنولوجيا االجنبية ‪.‬‬


‫الرابعة ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة التصميم والتخطيط ‪.‬‬


‫الخامسة ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مرحلة التصنيع المحلى ( االعتماد على الذات )‪.‬‬


‫مرحلة اكتساب التقنيات العلمية‬
‫مرحلة إدخال تعديالت ثانوية على التكنولوجيا االجنبية ‪.‬‬
‫مرحلة التصنيع المحلى ( االعتماد على الذات )‪.‬‬
‫خطة المائة عام‬

‫وضعت الحكومة اليابانية خطة تنمية طويلة المدى ‪ .‬سميت خطة المئة‬ ‫‪‬‬

‫عام ( ‪.) Hundred – Year Plan‬‬


‫وجعلت تحت إشراف معهد بحوث التقنية المبدعة من أجل األرض ‪,‬‬
‫وزودت بميزانية مبدئية قدرها ‪ 37‬مليون دوالر‬
‫فى مستهل القرن ‪ ,21‬أشرفت وزارات التعليم والثقافة والرياضة والعلوم‬ ‫‪‬‬

‫والتكنولوجيا على صياغة مشاريع تكنولوجية جديدة ‪ ,‬تتالءم مع الطور‬


‫الثالث للعلوم والتكنولوجيا ‪ ,‬كما هو مقرر فى المخطط للتنمية‪.‬‬

‫لقد عدت الحكومة اليابانية أن فى إمكان هذه المشاريع تحفيز النمو‬ ‫‪‬‬

‫التكنولوجى السريع ‪ ,‬والحفاظ على أساسات التنمية المستديمة ‪.‬‬


‫وقد رسمت أهداف استراتيجية القرن الحادى والعشرين التكنولوجية فى‬ ‫‪‬‬

‫النقاط اآلتية ‪:‬‬

‫تعزيز الكفاءة وتحسينها فى االماكن التى تتميز بتنافس تكنولوجى متقدم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ضمان االستقاللية والذاتية ‪ ,‬وذلك من خالل العناية بحياة المواطنين ومنح‬ ‫‪‬‬

‫األولوية للبنية االجتماعية ‪ ,‬ما يضمن تحقيق االكتفاء فى الموارد الرئيسية‬


‫والطاقة والغذاء وغيرها ‪.‬‬
‫تكثيف الحضور اليابانى عالميا ‪ ,‬ما يتطلب إيجاد الحلول لقضايا العالم‬ ‫‪‬‬

‫الشائكة ‪ ,‬وايضا قيادة العالم فى مجال اإلفادة من التكنولوجيا القديمة والعمل‬


‫على تطويرها وتحسينها ‪.‬‬
‫البنية االجتماعية فى اليابان‬
‫‪ –4‬سوق واسعة‬

‫اتبعت اليابان فى مسيرتها التسويقية خططا وطنية وسياسات اقتصادية‬ ‫‪‬‬

‫واستراتيجيات تنموية ‪ .‬دفعت بها إلى الصدارة ‪ .‬وفى فترة وجيزة تمكنت‬
‫منتجاتها من اكتساح األسواق العالمية ‪ ,‬وهو ما شجعها على االنجاز‬
‫المستمر للحفاظ على مكانتها ‪ ,‬وتوسيع نشاطتها التسويقية ‪ .‬فكان للتنويع‬
‫اإلنتاجى ‪ ,‬دور فعال فى تحريك آليات السوق ‪,‬‬
‫ان التقدم الذى حققته اليابان فى السبعينات فى مجاالت صناعة الكومبيوتر ‪,‬‬ ‫‪‬‬

‫وأجهزة االتصال عن بعد ‪ ,‬والطائرات والطاقة الذرية ‪ ,‬كان بفضل االعتماد‬


‫على ابحاثها التى تكاملت مع التكنولوجيا األجنبية المستوردة ‪ .‬أتاح لها‬
‫فرصة المزاحمة فى األسواق السريعة النمو اما اهم هذه االستراتيجيات‬
‫التى انتشرت بها المنتجات اليابانية وتوسعت فيها على النحو التالى ‪:‬‬
‫صناعة السيارات‬
‫‪ ‬أ‪ -‬اسراتيجية الخطوة بخطوة‬
‫ان اليابان اتخذت من السوق المحلية جسرا للعبور إلى السوق العالمية ‪ ,‬وهى‬
‫طريقة ذكية لتصريف المنتجات فى الداخل من جهة ‪ .‬واختيار نوعية اإلنتاج‬
‫وقابليتة لالستهالك من جهة اخرى ‪ .‬وذلك لتصدير هذه المنتجات إلى اسواق‬
‫خارج اليابان ‪.‬‬

‫ب‪ -‬استراتيجية المضاعفة والتكيف واالنتشار‬


‫أوحى السلم التسويقى لليابانيين بمراقبة سوق العرض والطلب ‪ .‬وقد افضت هذه‬
‫المراقبة إلى تبنى خطة مضاعفة االنتاج فى الحاالت الى يكون فيها الطلب‬
‫مستمرا ‪ ,‬وهو ما ادى بشكل فاعل إلى توسيع دائرة السوق اليابانية أيضا‬
‫إلى جانب ذلك سلك اليابنيون استراتيجية التصنيع المتكيف مع معطيات السوق‬
‫ومتغيراتها‬
‫( أنجازات االستمرار )‬ ‫‪‬‬

‫أوال ‪ :‬ادخار منتظم واستثمار مالى مستمر‬


‫يولد االستثمار المالى من رحم االستثمار االجتماعى ‪ ,‬شريطة ان يتم ذلك فى‬
‫ظروف مالئمة‬
‫إن مستقبل العالقة بين االقتصاد والمجتمع مرهون بإمكانية ارتياط اإلنجاز‬
‫باستمرار‬
‫راهنت الجهات الحكومية على قدرة اليابانيين على االدخار ‪ ,‬وانجاح مشاريع‬
‫التعاون فى الزراعة ‪ ,‬والتجارة ‪ ,‬والصناعة ‪ ,‬والتكنولوجيا العالية ‪,‬‬
‫فادخار األسرة فى اليابان ما بعد الحرب ‪ ,‬كان يتمتع بفائض كبير ‪ ,‬مقارنة‬
‫بعجز قطاع الشركات ‪ ,‬فى الوقت الذى كان فيه القطاع الحكومى يتمتع بفائض‬
‫أقل من فائض قطاع األسر‬
‫‪ -1 ‬النسق اإلنتاجى والنسق االجتماعى‬
‫إن دينامكية االستثمار االجتماعى تشتغل على النسقين اإلنتاجى واالجتماعى ‪,‬‬ ‫‪‬‬

‫وتتخذ من الفاعل االنسانى نقطة تقاطع النسقين ‪ ,‬مما يحيلها إلى نسق واحد ‪,‬‬
‫يجعل عملية االستمرار ممكنة فى إطار التكيف ‪ ,‬وتحقيق هدف النسق‬
‫االنتاجى ‪ ,‬والتكامل ‪ ,‬والمحافظة على النمط فى النسق االجتماعى والدينامكية‬
‫مسؤولة عن مراقبة النسق المركب وتجنب المخاطر وان النسق الذى يشد إلى‬
‫البقاء ‪ ,‬يجب ان يفى بأربعة متطلبات هى ‪:‬‬
‫تكيف النسق مع بيئته ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تحقيق الهدف ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التكامل الذى يجعل النسق يحافظ على وحدته وتماسكه ‪ ,‬كما يحافظ على‬ ‫‪‬‬

‫االنسجام بين مكوناته ويجنبه االنحراف ‪.‬‬


‫المحافظة على النمط بحيث يجب على كل نسق أن يحافظ على‬ ‫‪‬‬
‫‪ -2‬دفع االنتاج إلى اعلى‬ ‫‪‬‬

‫إن ادخار األسرة المعتمدة على ذاتها فى اليابان ما بعد الحرب ‪ ,‬كان يتمتع‬ ‫‪‬‬

‫بفائض كبير ‪ ,‬مقارنة بعجز قطاع الشركات ‪ ,‬فى الوقت الذى كان فيه القطاع‬
‫الحكومى يتمتع بفائض أقل من فائض قطاع األسر ‪ .‬وهذا ألن النظام المالى‬
‫فى اليابان يعتمد على تدفق إدخار األشخاص تجاه قطاع الشركات ‪.‬‬
‫ويشار إلى ان حجم االدخار العائلى الناجم عن دفع االستهالك إلى اسفل قد‬ ‫‪‬‬

‫ساعد الشركات بدفع اإلنتاج إلى أعلى ‪ .‬وداخل هذا النظام المالى ‪ ,‬يتجلى مدى‬
‫التاثير اإليجابى لديناميكية االستثمار االجتماعى فى التنمية االقتصادية اليابانية‬
‫المعاصرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬دفع االستهالك إلى اسفل‬ ‫‪‬‬

‫لقداسهمت الجماعات التاريخية بفاعلية فى تحويل العمل إلى قيمة اقتصادية‬


‫واجتماعية ‪ ,‬مما جعل هذه الجماعات تنفر من االستهالك المتزايد ‪ ,‬وتحبذ دفع‬
‫اإلنتاج إلى أعلى ‪ .‬وقد اتسعت هذه الرؤية فى ظل المجاعة التى اكتسحت‬
‫الشعب اليابانى فى فترة الحرب ‪ ,‬وأصبح دفع االستهالك إلى اسفل قاعدة‬
‫متبعة حتى فى ظل الرفاهية االقتصادية ‪ ,‬فاالستثمار االجتماعى فى اليابان –‬
‫وهو استثمار قائم على رفض انماط االسهالك الترفى ‪ ,‬ورفع معدل االدخار‬
‫إلى مستويات تناسب مع تكثيف العمل والدفع بقوته نحو زيادة اإلنتاجية –‬
‫أسهم فى البناء االقتصادى اليابانى المعاصر ‪ ,‬الذى عزز ‪ ,‬أيضا دور‬
‫إستراتيجية االعتماد على الذات فى المجاالت التنموية األخرى ‪.‬‬
‫االعتماد على الذات‬
‫‪ -4‬االستثمار المركب‬ ‫‪‬‬

‫ليس بمقدور المشاريع التنموية فى اليابان أن تسلك استراتيجية االستثمار‬


‫المركب إال بالتزواج بين االستثمار االجتماعى واالستثمار المالى ‪ .‬فى سبيل‬
‫تصميم إنسان فاعل وتحقيق إدخار أعلى ‪ .‬وليس المقصود فى هذا االستثمار‬
‫كل ما يتعلق بالقوى المادية فحسب ‪.‬ولكن المقصود أيضا إقامة التوازن بين‬
‫القوى البشرية والقوى االقتصادية والتى فى غياب االستثمار المركب تاتى‬
‫غالبا مشوهة‬
‫ُ‬

‫ثانيا ‪ :‬تحسين مهارات قوة العمل‬


‫وتوسيع اإلطار المؤسسى لجهود البحث العلمى‬

‫أن تقديم الجديد والحرص على إجادته وإتقانه ‪ ,‬يشكالن أحد أهم أسرار‬ ‫‪‬‬

‫الفاعل اإلنسانى فى اليابان ‪ ,‬وذلك من باب أن المعرفة ضرورية لتحسين‬


‫المهارات ‪ .‬وأن الحصول على المعرفة يشكل شرطا أوليا إلعادة تصنيع‬
‫األشياء المصنعة مما يجعل اإلنسان الفاعل فى اليابان متفاعال معها ‪ ,‬وقادر‬
‫على إسباغها بروح محلية ‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ -1‬حركة مراقبة النوعية‬

‫إن التقدم الذي أحرزته الجماعات اليابانية في مجال حركة مراقبة النوعية‪ .‬يرجع‬
‫إلى أسباب ذاتية وموضوعية وأهمها‪.‬‬
‫‪ ‬أوال‪ .‬الوعي والمعرفة التقنية بمراقبة التقنية التي انتشرت بالجهد المتواصل‬
‫للعمال المهرة داخل الخط‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ .‬توسع ميدان النوعية بمناقشة التحليل الرياضي‪ ،‬والنظرة إلى إصالح‬
‫اإلدارة‬
‫ُ‬

‫‪ -2‬ميزة التكنولوجيا في اليابان‬

‫قد راهنت اليابان في تطويرها التكنولوجي على راس المال الناتج من‬ ‫‪‬‬

‫االدخار واالستثمار‪ ،‬وراس المال البشرى المتمثل في اإلنسان‪.‬‬


‫ُ‬

‫‪ -3‬النقلة التكنولوجية السريعة‬

‫توجهت القدرات اليابانية نحو تكنولوجيا االتصاالت‪ ،‬والحاسبات اآللية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫والهندسة العكسية‪ .‬إن الفاعل اإلنساني في اليابان‪ ،‬وبحكم مهاراته في قوة‬


‫العمل‪ ،‬تمكن من تصنيع مواد مصنعه أمريكية تستهلكها المصانع األمريكية‪.‬‬
‫صناعة الربوت‬
‫ُ‬

‫‪ -4‬توسع اإلطار المؤسسي لجهود البحث العلمي‬

‫إذا كان اليابانيون قد نجحوا في تحويل وجهة التكنولوجيا من الحرب إلى‬


‫المجتمع‪ ،‬فقد استفادوا‪ ،‬أيضا من عنصرين أساسيين ‪:‬‬
‫‪ ‬األول‬
‫هو عدم االقتراض ألغراض تكنولوجية (فاليابان تقدمت تكنولوجيا في القرن التاسع‬
‫عشر دون أن تقوم باالقتراض )‬
‫الثاني‬ ‫‪‬‬

‫هو االستعاضة عن الخبراء األجانب بقدر كبير‪ .‬فاإلخفاقات كان مردها في مرحلة‬
‫التصنيع‪ ،‬أي فرط الثقة بالدراية العلمية والتقنية للخبراء األجانب‪.‬ومع أن البروفيسور‬
‫كاكيوشى نورو مهندس وعالم قدير يؤمن بان التكنولوجيا تتخطى الحدود الوطنية‪.‬‬
‫فإنه شدد‪ ...‬على أن‪ ،‬على كل دولة‪ ،‬في تسخيرها للتكنولوجيا ألغراضها الخاصة‪ ،‬أن‬
‫تنبسط أساليبها الخاصة التي تتماشى مع أوضاعها المتميزة‪.‬‬
‫ُ‬
‫التنظيم المؤسسي للعلم‬

‫هناك عوامل داخلية أسهمت في تحقيق التنظيم المؤسسى للعلم‪ ،‬وأهمها ‪:‬‬
‫‪ ‬الفاعل اإلنساني الياباني‪ ،‬بما يختزنه من طموح وتضحية وتحد وقدرة على اإلنجاز وإصرار على‬
‫االستمرار في تغيير العالم نحو األفضل‪.‬‬
‫‪ ‬حركة الترجمة والتخزين والتصنيف والتأليف‪.‬‬
‫‪ ‬المشاركة المبكرة في المؤتمرات الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬الربط المبكر بين مؤسسة التعليم ومؤسسة العلم‪.‬‬
‫‪ ‬توظيف القيم في عملية تحديث اليابان‪ ،‬وهو ما منحها المنهج السليم في طرق االستفادة من العلوم‬
‫األجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬توافر مبالغ ضخمة‪ ،‬نجمت عن االدخار واالستثمار‪ ،‬وأدت إلى بناء قاعدة معلومات علمية‬
‫وتكنولوجية‪.‬‬
‫‪ ‬التمسك باللغة القومية أدى بالمجتمع إلى التوحد مع مؤسسة التعليم ومؤسسة العلم‪.‬‬
‫‪ ‬التعاون الوثيق بين الحكومة والعلماء والباحثين والمهندسين ومراكز البحوث والشركات المانحة‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد على الذات في نقل التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ ‬التدريب المستمر والغير المنتظم‪.‬‬
‫التعليم فى اليابان‬
‫ُ‬
‫ثالثا ً‪ :‬بلورة فلسفة إنمائية وتسويقية من مهامها ترسيخ أخالقيات العمل‬

‫تتميز اليابان بإدارة تسويقية فاعلة مرنة ومؤهلة لتقديم الحلول اإلنمائية‪ .‬فقد تطورت من داخل هذه اإلدارة‬ ‫‪‬‬

‫التسويقية جملة من األفكار العلمية‪ ،‬أسهمت في تراكم االنجازات‪ ،‬وساعدت على االستمرار في تجديدها‪.‬‬
‫ويرجع سر صالبة هذه االنجازات إلى انها خرجت من رحم دينامكية االعتماد على الذات‪ ،‬بينما تجلت هذه‬
‫الدينامكية في موقف اإلنسان الياباني من األشياء‪ ،‬وطريقته في التعاطي مع افرازاتها البيئية‪ .‬لقد ظل اإلنسان‬
‫الياباني يتعامل مع معطيات البيئة من منظور أخالقى‪ ،‬فهو لم يرفض هذه المعطيات رفضا يؤدى إلى‬
‫تهميشها واالستغناء عنها‪ ،‬كما يحدث عادة في كثير من الدول‪ ،‬بل احاطها بالعناية واشبعها اهتماما‪ ،‬حتى‬
‫صارت جزء من كيانه األخالقى‪ ،‬والفكرى‪ ،‬والفلسفي‪ ،‬والعلمى‪.‬‬
‫داخل هذه األخالقيات تميز اليابانيون عن الغير في رؤيتهم لألشياء واألفكار واألشخاص‪ ،‬فهم وحدوا األشياء‬ ‫‪‬‬

‫مع األفكار واالشخاص‪ ،‬كل هذه المبادىء المتضافرة‪ ،‬دفعت اليابانيين إلى تقديم تكنولوجيا عالية‪ ،‬اغرقت‬
‫األسواق العالمية‪ ،‬واكتسحت سلعها وبضائعها التي ال تقل أهمية عن المنتجات اليابانية ذلك ألن الدينامكية‬
‫الفاعلة لإلنسان الياباني في الداخل سبقت الدينامكية الفاعلة للمنتجات اليابانية في الخارج‪.‬أفضت هذه األخالق‬
‫العملية إلى بناء شبكة متماسكة الخيوط مع المستهلكين والعمالء‪،‬‬
‫إن العالمات اإلنسانية األخالقية‪ ،‬التي تميز الياباني من غيره‪ ،‬أضحت تشكل خطابا تسويقيا مفتوحا بتاريخه‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وهويته‪ ،‬وثقافته‪ ،‬وقيمة‪ ،‬وتراثه‪ ،‬ومن هنا تكاد عالمة ( صنع في اليابان ) تؤلف مزيجا من القيم المادية ‪:‬‬
‫الجودة‪ ,‬والنوعية‪ ،‬والسعر العادل‪ ،‬ومن القيم الروحية ‪ :‬اسطورة خلق اليابان والتاريخ الموغل في العراقة‪.‬‬
‫ُ‬

‫ثانيا ‪ :‬تحسين مهارات قوة العمل‬


‫وتوسيع اإلطار المؤسسى لجهود البحث العلمى‬

‫أن تقديم الجديد والحرص على إجادته وإتقانه ‪ ,‬يشكالن أحد أهم أسرار‬ ‫‪‬‬

‫الفاعل اإلنسانى فى اليابان ‪ ,‬وذلك من باب أن المعرفة ضرورية لتحسين‬


‫المهارات ‪ .‬وأن الحصول على المعرفة يشكل شرطا أوليا إلعادة تصنيع‬
‫األشياء المصنعة مما يجعل اإلنسان الفاعل فى اليابان متفاعال معها ‪ ,‬وقادر‬
‫على إسباغها بروح محلية ‪.‬‬
‫لماذا نجحت اليابان‬
‫هيروشيما األن‬

You might also like