You are on page 1of 4

‫عرض كتاب “دفاعا ً عن اإلنسان” للدكتور عبد الوهاب المسيري‬

‫الدكتور المسيري الذي يتميز بأس لوبه الخ اص ” ال أب الغ إن قلت أن ه مؤس س لمدرس ة فكري ة في زمن أنهي في ه‬
‫تأسسي المدارس و أصبح يعاد صياغة القديم بشكل مستحدث ” ثمل اللبرالية الجديدة و النيوكالسيك‪.‬‬

‫فمنهجه ببساطة يؤكد علي أن اإلنسان جزء من الطبيعة‪ ,‬فهو ينتمي إليها بشكل مادي عضوي و لكنه أيضا يح وي‬
‫بداخلة علي جزء غير مادي يتساءل دائما عن غاية و سبب وجوده ‪ ..‬وهو الجزء اإللهي ال ذي نفخ ه هللا في ه عن د‬
‫خلق آدم‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس فهو يرفض بشكل قاطع أن ندرس اإلنسان و ظواهره باألسلوب أو المنهج المادي الذي تخضع‬
‫له الطبيعة و دراسة ظواهرها (الطبيعة و المادة مترادفتان في منهج الدكتور المسيري) فال يمكنن ا تط بيق ‪=1+1‬‬
‫ألن ك ل الن اس يجمعهم قاس م مش ترك أعظم ولكن هن اك اختالف ات بيني ة‬ ‫‪ 2‬أبدا عن د دراس ة الظ اهرة اإلنس انية‪ّ .‬‬
‫تفصلهم وتميزهم عن بعضهم البعض‪ ,‬ق د يكون وا متش ابهين في بعض األم ور لكن ال يوج د أب دا اث نين متط ابقين‬
‫تماما في كل شيء‪ ،‬المنهج العلمي االختزالي يختزل اإلنسان في بعد واحد فقط‪ ,‬وينكر عليه بقية األبع اد اإلنس انية‬
‫األخرى مثل العوامل االجتماعية والنفسية والدينية وتاريخية وثقافية والسياسية … الخ ح تى يمكنن ا أن نص ل إلى‬
‫األسباب الحقيقية التي تؤثر علي سلوك إنساني ما أو لكي نصدر حكما ً يتن اول و ي راعي في اعتب اره ك ل ج وانب‬
‫الحقيقة‪.‬‬

‫كتاب ” دفاعا ً عن اإلنسان ” يؤصل لهذا المبدأ في دراسته للظواهر اإلنسانية‪ ،‬وق د تن اول ع دة ظ واهر في كتاب ه‬
‫ووقائع في التاريخ اإلنساني والتي تم اس تنتاج نتيج ة وظفت في غ رض معين‪ ,‬بعي د ك ل البع د عن الحقيق ة‪ ،‬فق ام‬
‫بنقض الحوادث أو الظ واهر ووض عها في س ياقها الت اريخي واإلنس اني وح اول رص د ك ل العوام ل ال تي ك انت‬
‫محيطة بالظاهرة قيد الدراسة حتى أنه وصل إلى نتائج مختلفة تماما عن المعتقدات السائدة في الوجدان الغربي‪.‬‬

‫فنجد في الكتاب اثنا عشر فصالً ‪ ,‬تناول ظواهر مثل ” الجماعات الوظيفية مقدمة نظري ة – ثم في الفص ل ال ذي‬
‫يليه دراسة تطبيقية” ثم في الفصل الثالث تناول قضية الماشيح والمشيحانية في العقيدة اليهودية‪ ،‬والفص ل الراب ع‬
‫يتناول‪ :‬الحسيدية والصهيونية ومدى التشابه بينهما‪ ،‬والخامس يدحض مصطلح‪ :‬معاداة السامية‪.‬‬

‫‪ ‬أما في الفصل السادس نجده يتناول ظاهرة معاداة اليهودية التي يزعم اليهود أنها متأصلة بدون سبب واض ح في‬
‫الوج دان األوروبي و يفك ك ثالث ح االت ش هيرة في الت اريخ الغ ربي ( تهم ة ال دم – دريف وس و الص راع بين‬
‫الكنيسة و القوي العلمانية – واقعة ليو فرانك )‪.‬‬

‫‪ ‬أما في الفص ل الس ابع فيفن د الم زعم ال ذي يق ول ” بالعبقري ة اليهودية ” وأن ه ذا الم زعم ي نزعهم من الس ياق‬
‫اإلنساني سواء كان التفوق أو العبقرية في العلوم أو في الشر‪.‬‬

‫وفي الفصل الثامن يتناول واقعة قلعة الماس اداه ‪ ,‬ويض عها في تاريخه ا الم ركب ب دالً من األس طورة االختزالي ة‬
‫التي تحيط بها وتنزعها من الزمن والمكان والتاريخ وكل الظواهر اإلنسانية المصاحبة‪.‬‬

‫‪ ‬أما في الفصل التاسع فيتناول مزاعم اليهود ويحاول تفسير ” اإلبادة النازي ة لليه ود ” ويق ول أنه ا نت اج ط بيعي‬
‫للحضارة وأسلوب التفكير الغربي وليست ظ اهرة دخيل ة عليه ا ويبتع د بع د ذل ك عن اليه ود والص هيونية بش كل‬
‫مباشر و يوسع مجال الدراسة أكثر ليشمل في الفص ل العاش ر محاول ة لتفس ير ” حمالت الفرنجة كم ا نس ميها أو‬
‫الصليبية كما يسمونها هم “‪.‬‬
‫وفي الفصل الحادي عشر بتناول موض وع ش ائك و غ امض وه و ” الماس ونية “‪ ،‬أم ا في الفص ل الث اني عش ر‬
‫واألخير فيتفرع إلى موضوع ثق افي تمام ا ويتن اول دراس ة ” المت احف و ال ذات القومية ” وهي دراس ة غني ة و‬
‫مهمة ‪.‬‬

‫وبعد استعراضنا للكت اب والدراس ة المركب ة لإلنس ان وتن اول موض وعات ع دة لنطب ق ه ذا المنهج عليه ا‪ ،‬ن أتي‬
‫للملحق ات في الكت اب و في رأيي أن الملحق ات ال تق ل أهمي ة عن الكت اب نفس ه إن لم تكن أهم من ه في الناحي ة‬
‫النظرية‪ ،‬ألنها ترسم مالحم فكر ال دكتور و توض ح أس لوبه بش كل نظ ري وت بين المنهج المتب ع بدق ة في دراس ته‬
‫للظواهر اإلنسانية (حتى أنه ينص ح الق ارئ في أن يب دأ به ا وه ذا م ا فعلت ه وك انت النتيج ة غاي ة في التش ويق و‬
‫الجمال‪.‬‬

‫فالملحق األول يبين بعض المفاهيم الفكرية ويشرح الدالالت المقصودة منها و يكثر من اس تخدامها في كتابات ه في‬
‫هذا الكتاب بشكل خاص و في كل منهجه الفكري بشكل عام فهو بداية يق ارن م ا بين الط بيعي واإلنس اني ويس رد‬
‫الفوارق بينهما ويضحد فكرة أن اإلنسان جزء من الطبيعة وتس ري علي ه ك ل الق وانين ال تي تس ري علي الطبيع ة‬
‫دون استثناء فهو علي حد قوله ليس صفحة بيضاء تتراكم عليها المعطي ات المادي ة تعكس الواق ع كل ه بح ذافيره و‬
‫كأنها آلة فوتوغرافي ة‪ ,‬ولكن ه عق ل يبقي ويس تبعد ويهمش ويرك ز وه و مس تقر كث ير من الخ برات والمنظوم ات‬
‫األخالقية والرمزية ومستودع كثير من الصور والذكريات المخزونة في الوعي والالوعي‪ ,‬لذلك فه و عق ل مب دع‬
‫له مقدرة توليدية‪.‬‬

‫وهي ” الموضوعية المادي ة المتلقية” وه ذا التص ور ينطل ق من أن العق ل اإلنس اني عب ارة عن ص فحة بيض اء‬
‫فوتوغرافية يتلقي كل شيء دون وعي وبمنتهي الحياد وأن الق انون الع ام ال ذي يس ري علي الطبيع ة يس ري علي‬
‫اإلنسان هو أيضا دون أي حياد! وهذا يعني أن إدراك جميع البشر لنفس الظاهرة هو إدراك واحد وال يختلف عليه‬
‫اثنان وهذا غير حقيقي بالفعل‪ ,‬وأن تطورنا لما هو أبعد من ذلك‪ ,‬نجد أن الموض وعية المادي ة المتلقي ة تلغي فك رة‬
‫الغاية والقصد والهدف‪ ,‬فهي أفكار مرتبطة بالظاهرة اإلنسانية وحدها‪ ،‬فالطبيعة كم ا نرص دها ال تع رف ال قص د‬
‫وال غاية وال هدف ومن هذا المنطلق تم الحديث عن حيادية العلم ( أي أنه ال فارق بين العلم الطبيعي ال تي ي درس‬
‫وبين العلوم اإلنسانية التي تدرس الظواهر اإلنسانية) و نجد أن تلك المادية المتلقية تح ول إلى ببغائي ة‪ .‬فتم تمري ر‬
‫تحيزات مختلفة بحسبانها رؤية محايدة عالمية‪ .‬وتم هدم اإلبداع والخصوصية والهوية وفي نهاية األمر تم استبعاد‬
‫الفاعل اإلنساني ‪.‬‬

‫بعد هذا الجزء الخطير (أو ربما نستطيع أن نق ول أن ه األخط ر علي اإلطالق في الكت اب) تج د س ؤاالً يلح علي ك‪ ‬‬
‫نظراً ألنهم همشوا أو تجاهلوا الطبيعة اإلنسانية التي تتناول الموضوع الواحد من أكثر من وجهة نظر‪ ،‬فق د ق اموا‬
‫بفرض وجهة نظر واحدة علي الموض وع و زعم وا أن وجه ة النظ ر ه ذه وجه ة نظ ر عالمي ة ‪ :‬فمن ه و ال ذي‬
‫سيفرض وجهة نظره و رؤيته اإلنسانية الخاصة ليجعلها ق انون ع ام ال يقب ل النق اش و يعطي من آرائ ه ص فة‬
‫الموضوعية المادية المتلقية ؟؟ وقبل أن تنتقل إلى الجزء الثاني تجد إجابة سؤالك فيه‬

‫التبعية اإلدراكية فهو يقول ويرصد أن الخطاب التحليلي العربي سقط في هذا الفخ‪ ,‬وأصبح نقله لألحداث والوقائع‬
‫هو نقل وقبول بما هو قائم وتجاهل تماما وجهة نظرنا نحن وهو ما يسمي بـ “امبريالي ة المق والت ” أي أن تق وم‬
‫إح دى الق وي بتحدي د النم اذج المعرفي ة والمق والت التحليلي ة األساس ية بطريق ة تعكس إدراكهم للواق ع وتخ دم‬
‫مصالحهم وتستبعد إدراك اآلخرين و تهمل مصالحهم‪. ‬‬

‫‪ ‬نحن نطرح األسئلة التي يطرحونها عن حض ارتهم ومن منظ ورهم ‪ ,‬أي أنن ا ن درك الحض ارة الغربي ة ال بش كل‬
‫مباشر وإنما كما يشاء لنا أصحابها إدراكها‪ .‬بل إننا بدأنا ننظر ألنفسنا من خالل المق والت التحليلي ة لع الم الغ رب‬
‫ونماذجه اإلدراكية‪ .‬لذلك بدأ اإلنسان العربي يري نفسه متخلفا مهما ب ذل من جه د ومهم ا أنتج من روائ ع ‪ ,‬و ب دأ‬
‫يحكم علي نفسه بالهزيمة في المعركة قبل دخولها وفي الواقع إن التبعية اإلدراكية ليست تبعية اقتصادية فحس ب ‪,‬‬
‫وإنما هي باألساس تبعية عميقة كامنة تتغلغل في أسلوب الحياة وفي رؤية الذات ورؤية اآلخر‪.‬‬

‫ومن معالم تلك التبعية أننا نفشل في أن نسمي األشياء ونترك اآلخر يصفها لن ا ‪ ,‬لكن ه يس ميها ويص نفها ويض عها‬
‫داخل خريطة إدراكية كبري تنبع من إدراكه ومصالحه‪ .‬فإننا نتحدث عادة عن المسألة الشرقية وعن رجل أوروبا‬
‫المريض (مما يجعلنا ننظر إلى الدول ة العثماني ة – ال تي ك انت ‪ ,‬ب رغم ض عفها و اس تبدادها ‪ ,‬تحمي ش عوبها من‬
‫الهجمة االستعمارية الغربية التي عصفت بالعالم أسره) فننظر إليها بحسبانها رجال مريضا ً وننسي “رجل أوروب ا‬
‫النهم المفترس” أي االمبريالية الغربية التي كانت تبيد سكان إفريقيا آنذاك بعد أن كانت قد أب ادت أع داد هائل ة من‬
‫سكان األمريكيتين األصليين ‪ ,‬بعد أن أبادت سكان استراليا ونيوزيالندا ‪ ,‬وال تي ك انت تق وم باس تبعاد س كان آس يا‬
‫وتخوض حربا ً لتسويق األفيون في الصين لنشر التقدم في ربوع ه‪ .‬وقس علي ذل ك كث يرا من المص طلحات ال تي‬
‫نتداولها و هي تأصل لنموذجهم و تتجاهل نموذجنا‪.‬‬

‫النماذج اإلدراكية و التحليلية و المعرفية‪ :‬يعرف الدكتور المسيري النموذج بأن ه‪ :‬بني ة تص ورية يجرده ا العق ل‬
‫البشري من كم هائل من العالقات والتفاصيل التي يراها غير مهمة في رأيه ويستبقي البعض اآلخر المهم ويعيد‬
‫ترتيبها بحيث تصبح من وجهة نظره مترابطة بشكل يماثل العالقات الموجودة بالفعل بين عناصر الواقع ‪.‬‬

‫‪ ‬وه ذا يقودن ا لمفه وم “الخريط ة اإلدراكية ” وهي الطريق ة ال تي ينظ ر به ا الم رء إلى واقع ه فيس تبعد بعض‬
‫المعلومات التي قد ال يري أن لها أهمية ويستبقي حقائق أخرى يستخلص منها طريقة رؤيته هو للواقع‪.‬‬

‫‪ ‬ويضرب الدكتور مثل بسيط عندما تريد أن تنقل صحيفة عربي ة خ برا عن ص حيفة أجنبي ة “فتق ول في ص فحتها‬
‫األولى خبر عن اصطدام قطارين في الهند وراح ضحيته ما يزيد عن مائة قتيل‪ .‬وفي الصفحة األخيرة تنق ل خ بر‬
‫جاء فيه أن ثلث أطفال انجلترا الذين ولدوا في ذلك العام غير شرعيين‪.‬‬

‫‪ ‬الصحيفة العربية قامت بالنقل الموضوعي بشكل متلقي ببغائي جعلها تتبني وجهة النظ ر الغربي ة دون أن تم رره‬
‫علي ثقافتها وخصوصيتها العربية (الخريطة اإلدراكية التي تدرك من خاللها الواقع)‪ .‬فهي لم تزيف الحقيقة ولكن‬
‫السؤال الذي يطرح نفسه‪ ،‬لماذا أبرز الخبر األول في الصفحة األولى ووضع الخبر الثاني في الصفحة األخ يرة؟؟‬
‫أي ما هي الخريطة اإلدراكية الكامنة وراء تصنيف الخبرين؟؟ فالخريطة اإلدراكية الغربية تطل علينا ففي الخ بر‬
‫األول “حادث القطارين” يدل علي فشل تكنول وجي كم ا أن ه يق ع في رقع ة الحي اة العام ة فه و فش ل حقيقي ومهم‬
‫إبرازه في الرؤية الغربية‪ .‬أما األطفال الغير شرعيين فهم نتيجة عن فشل أخالقي ويقع في رقع ة الحي اة الخاص ة‪.‬‬
‫لذلك فهو غير مهم ويتم تهميشه‪ .‬خاصة أن األسرة أصبحت مؤسسة غير مهمة في العالم الغربي‪ .‬ولألس ف يتب ني‬
‫كثير من اإلعالميين العرب النماذج المعرفية التحليلية والتصنيفية بدون وعي وب دون إدراك للتض مينات الفلس فية‬
‫والتحيزات األخالقية لتلك النماذج‪.‬‬

‫النماذج االختزالية‪ :‬تعريفها و سر شيوعها ‪:‬‬

‫يتحدث الدكتور ويفسر المعضلة الغير منطقية ألنه أوصلنا إلى أن النماذج االختزالية ال تفسر الواقع بشكل صحيح‬
‫‪ ,‬إال أنها منتشرة لعدة أسباب “يقول ألن عملية نحت النماذج المركبة من التفكي ك وإع ادة ال تركيب عملي ة ص عبة‬
‫للغاية تتطلب جهدا إبداعيا وتوليديا خاصا‪ ،‬فنحن في تلك النماذج ال نكتفي برص الحقائق رصا ً ولكن البد اس تبعاد‬
‫البعض والتركيز علي البعض الستنتاج الحقيقة‪،‬‬

‫وهناك فارق جوهري ما بين الحقائق (مجرد رصد فوتوغرافي آلي لظاهرة م ا) وم ا بين الحقيق ة (وهي الص ورة‬
‫المتكاملة التي تتكون من تجميع الحقائق بشكل عاقل وواعي وهي عمليه عقليه توليدية بحتة)‬

‫كما أنه يقول أن النموذج االختزالي لألسف هو النموذج السائد في الص حافة واإلعالم ألن تل ك المن ابر ال مس احة‬
‫لها من الوقع أو الجهد كي تنظر نظرة عميقة في الوقائع التي يكتب عنها‪ ،‬ومن ضمن وس ائل اخ تزال المعلوم ات‬
‫أيضا انتشار الصورة ألنها منغلقة علي نفسها وتوصل رسالتها بشكل مباشر إلى وجدان اإلنس ان الع ادي فال ت تيح‬
‫له أي فرصة للتأمل والتفكير (ولكني أيضا اختلف معه في تلك النقطة ألن الصورة قص رت مس افات كث يرة ولكن‬
‫ال ينبغي أن نعتمد عليها وحدها في الرصد) كما أنه يقول إن إيقاع الحياة السريع لم يعد يسمح ب أي فرص ة للتأم ل‬
‫والتفكير والتباحث بعمق‪.‬‬

‫ثالث ة نم اذج أساس ية ( الحلولي ة – العلماني ة الش املة – الجماع ات الوظيفي ة ‪ :‬وتل ك النم اذج ق د تمت اإلش ارة‬
‫المستفيضة إليها في كتب مستقلة بذاتها وكله ا تق وم علي مب دأ االخ تزال والتعام ل م ع اإلنس ان باعتب اره ظ اهرة‬
‫طبيعية ال ظاهرة إنسانية‬

‫وفي النهاية يضرب باالنتفاضة فهي مثال لنموذج التكامل الغير عضوي (غير عضوي = غير طبيعي = إنساني)‬
‫وهي آتية من ثقافة مغايرة عن الثقافة الغربية تماما تتعامل مع اإلنس ان علي أن ه ظ اهرة إنس انية ال ظ اهرة مادي ة‬
‫وهي الحضارة العربية اإلسالمية ويضرب مثال علي هذا التعامل الراقي مع الظاهرة اإلنسانية بهذا المثال الرائع‬
‫فهو يتناول الحديث الشريف “مثل المؤمنين في توادهم و ت راحمهم كمث ل الجس د الواح د ‪ ,‬إذا اش تكي من ه عض و‬
‫تداعي له سائر األعضاء بالسهر والحمى”‪ ، ‬يقول أنه علي الرغم من أن ه اس تخدم الجس د وهي ص ورة عض وية‪,‬‬
‫فإن بنية المثال غير عضوية‪ ,‬نظرا الستخدام أداة التشبيه التي تحتفظ بمسافة ( أو ثغرة ) بين طرفي التشبيه وتقلل‬
‫من عضوية المجاز وتمنع تأيقنه (أي اختزاله في جانب واحد فقط) فالمؤمنون في توادهم و تراحمهم ليسوا جس دا‬
‫إنما هم مثل الجسد وحسب‪ .‬وأداة التشبيه تخفف من حدة الترابط وتدخل قدرا من الترابط الفضفاض غير الصلب‪.‬‬

‫‪  ‬ويمكننا أن نضرب عشرات األمثلة األخرى من القرآن والسنة والتراث الديني وغ ير ال ديني علي فك رة التراب ط‬
‫الغير عضوي الفض فاض واعتق د أن ه ذا م ا يم يز أو يعت بر س مة أساس ية تجع ل ثقافتن ا ذات خصوص ية معين ة‬
‫ومختلفة تمام االختالف عن الثقافة الغربية التي تروج للنموذج أحادي الج انب وال ذي ينك ر الج انب اإلنس اني في‬
‫اإلنسان ويتعامل معه على أنه جزء ال يتجزأ من الطبيعة فقط‪.‬‬

‫ثم يتناول في الملحق الثاني شرح للمصطلحات التي يستخدمها وما هو المقصود منها‬

‫وال أعتقد أن المجال يتسع لذكر كل المصطلحات هنا‪ ,‬فاستعراض هذا الكتاب جاء للترك يز علي الج وانب األك ثر‬
‫أهمية وعمل عرض تشويقي لمحتوي الكتاب مع اإلقرار بأن ك ل م ا يكتب ه ال دكتور المس يري من األهمي ة بحيث‬
‫تكون مهمة التلخيص مع اإللمام بكل الجوانب صعبة للغاية وعليه فإنها جولة س ريعة ج دا – وأتم نى أن ال يك ون‬
‫اختصاري لها اختزال منقوص – فكر الدكتور عميق لم يأخذ حقه من التقدير وإن كان أبلغ تق دير ه و أن نت دارس‬
‫علمه و ننشره حتى ال يضيع هذا المنجم الفريد الغني من األفكار …‬

‫وفقنا هللا و إياكم لما فيه الخير للعالمين‬

You might also like