You are on page 1of 55

‫تقديم‬

‫عبدالعزيز‬ ‫د‪.‬محمد بن‬


‫العواجي‬

‫التفسير كلية القرآن‬ ‫الستاذ المشارك بقسم‬


‫الكريم‬
‫الجامعة السلمية بالمدينة النبوية‬
‫‪1429‬هـ‬
‫صفحة ‪ 2‬من ‪55‬‬
‫المقدمة‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على إمام الغر‬
‫المحجلين نبينا محمد نبي المة بلغ الرسالة‪ ،‬وأدى المانة‪ ،‬ونصح‬
‫المة‪ ،‬وكشف الله به الغمة‪ ،‬تركنا على بيضاء نقية‪ ،‬ليلها كنهارها‬
‫ل يزيغ عنها إل هالك‪ ،‬فصلوات ربي وسلمه عليه‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه ومن تبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد‪:‬‬
‫ن في القرآن الكريم كنوزا ً من المعاني والحقائق والدللت‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫والشارات واللفتات واللطائف‪ ،‬فيه ما ينير القلب ويضبط‬
‫السلوك ويجعل الحياة في هذه الدنيا حياة هادئة مطمئنة‪.‬‬
‫وإن تدبر القرآن الكريم والنتفاع بفوائده الدنيوية والخروية‪،‬‬
‫نعمة غامرة من الله المنعم الكريم‪ ،‬ل يعرفها إل من ذاقها‪ ،‬نعمة‬
‫تزيد العمر وتباركه وتزكيه‪.‬‬
‫وإن القرآن الكريم كتاب الله تعالى هو أنفس ما توجه له‬
‫النظرات‪ ،‬وتنفق فيه الوقات‪ ،‬وتعد فيه البحوث والدراسات‪.‬‬
‫وإن تلوة القرآن عبادة‪ ،‬وحفظه عبادة‪ ،‬وتدبره عبادة‪ ،‬وتدارسه‬
‫عبادة‪ ،‬والكلم عنه عبادة‪ ،‬وتقديم حقائقه ودللته عبادة‪ ،‬ودعوة‬
‫الناس إليه وإلى العمل به عبادة‪ ،‬والحياة في ظلله عبادة‪،‬‬
‫والعمل به عبادة‪.‬‬
‫من هنا جاءت هذه الدراسة وهذا البحث في سورة من سور‬
‫القرآن التي تتميز عن غيرها بأنها تضع المنهج التربوي الذي يجب‬
‫ب أن يتخذه سبيل ً في سيره في المجال التربوي‪.‬‬ ‫على كل مر ٍ‬
‫ولست أقصد بالتربويين هنا من تكون هذه مهنتهم فحسب‪ ،‬بل‬
‫كل مسلم آمن بالله وأراد الستقامة الكاملة على منهج الله في‬
‫نفسه وبين أولده وزوجته‪ ،‬ومع كل الناس‪.‬‬
‫أقصد به كل من كان القرآن منهجه‪ ،‬والرسول ‪ ‬قدوته في‬
‫جميع تصرفاته‪ ،‬لن هذه السورة تعبر عن المنهج الذي يرضاه الله‬
‫تعالى أن يكون واقعا ً في حياة الناس يعملون به ويعلمونه غيرهم‪.‬‬
‫والتربية المقصودة هنا هي التربية على العقيدة السليمة‬
‫المستوحاة من المنهج الصحيح السليم الذي يحقق العبودية‬
‫الكاملة لله تعالى‪.‬‬
‫وطرق وأساليب القرآن في تربية العقيدة في قلوب الناس‬
‫كثيرة جدا ً ومنها التأثير المباشر من خلل اليات المتلوة‬
‫والمشاهدة ‪ ،‬والذي هو موضوعنا في هذا البحث‪ ،‬وذلك من خلل‬
‫عرض أقسام الناس في التأثر بآيات الله وصفاتهم من خلل آيات‬
‫صفحة ‪ 3‬من ‪55‬‬
‫سورة لقمان وكيف أن الله تعالى مدح المنتفعين وذم المعرضين‪.‬‬
‫وما ذلك إل ّ محاولة لعرض منهج القرآن في تربية النفس على‬
‫النتفاع‪ ،‬ليستيقن الناس وليزداد المؤمنون إيمانا ً راجيا ً من الله‬
‫تعالى التوفيق والسداد‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬
‫سأتناول في هذا البحث جانبا ً إيمانيا ً تربويا ً واحدا ً فقط لن‬
‫السورة مليئة بأسس وقواعد التربية‪ ،‬وهو موضوع ‪ :‬أقسام‬
‫الناس في التأثر بآيات الله المتلوة والمشاهدة‪.‬‬
‫وذلك وفق منهجية علمية تتمثل في النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬العتماد على كتب التفسير بالمأثور خاصة للبحث في معاني‬
‫اليات‪ ،‬وعلى كتب التفسير عامة في صياغة البحث‬
‫ومسائله‪.‬‬
‫‪ -‬الحرص على إيراد الروايات الصحيحة في تفسير اليات وفي‬
‫أسباب النزول‪.‬‬
‫‪ -‬الحرص على بيان المعنى الجمالي للية قبل استنباط العبر‬
‫والعظات منها‪.‬‬
‫‪ -‬اللتزام بالستشهاد بالحاديث الصحيحة فقط‪ ،‬ولم أستشهد‬
‫بحديث اتفق على ضعفه‪.‬‬
‫‪ -‬تخريج الحاديث والثار من مصادرها‪ ،‬مع عزو الحاديث‬
‫لمخرجها بذكر الكتاب والباب ورقم الحديث إن وجد‪.‬‬
‫‪ -‬العتماد على تصحيح وتضعيف علماء الحديث‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة عرض المعنى الجمالي لليات ثم التركيز في‬
‫المعنى على الفوائد العملية‪ ،‬مع عدم إيراد أي معلومة ل‬
‫ينبني عليها فائدة عملية‪.‬‬
‫‪ -‬الربط بين المعاني التي تشير إليها اليات وحاجة الناس‬
‫اليوم لهداياتها‪.‬‬
‫‪ -‬الرجوع إلى المراجع التي تخدم الموضوع الذي تشير إليه‬
‫اليات‪.‬‬
‫‪ -‬التقديم بمقدمة عن الوحدة الموضوعية للسورة‪ ،‬وفيها بيان‬
‫فيها ملمح السورة الرئيسة وعلقتها بهذا البحث‪.‬‬

‫صفحة ‪ 4‬من ‪55‬‬


‫خطة البحث‪:‬‬
‫ينقسم البحث ) أقسام الناس في التأثر بآيات الله المتلوة‬
‫والمشاهدة في سورة لقمان( إلى مقدمة وتقديم وتمهيد‬
‫وفصلين‪ ،‬وهي كالنحو التالي‪:‬‬
‫المقدمة وفيها أهمية الموضوع ومنهجية البحث‪.‬‬
‫تقديم‪ :‬يتضمن بيان الوحدة الموضوعية في السورة‪.‬‬
‫تمهيد‪ :‬في أقسام الناس في التأثر بآيات الله المتلوة‬
‫والمشاهدة‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬الصنف الول‪ :‬المتأثرون بآيات الله‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬أسباب النتفاع بالقرآن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب النتفاع باليات الخرى‪.‬‬
‫المبحــث الثــالث‪ :‬صــفات المحســنين المتــأثرين بمــا‬
‫يسمعون ويشاهدون من آيات الله‪.‬‬
‫المبحــث الرابــع‪ :‬نتيجــة التــأثر بآيــات اللــه وجــزاء‬
‫المتأثرين‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصنف الثاني‪ :‬المستكبرون على آيات‬
‫الله‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬أسباب العراض عن القرآن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب العراض عن اليات الخرى‪.‬‬
‫ما‬
‫المبحث الثالث‪ :‬صفات المستكبرين المعرضين ع ّ‬
‫يسمعون ويشاهدون من آيات الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نتيجة العراض عن آيات الله وجزاء‬
‫المعرضين‪.‬‬
‫الخاتمة‪ :‬وفيها أهم نتائج البحث‪.‬‬
‫الفهارس‪ :‬وتضمن فهرس للمراجع‪ ،‬وآخر للمحتويات‪.‬‬
‫والله سبحانه أسأل أن يكون هذا العمل لوجهه الكريم‪ ،‬كما‬
‫أسأله سبحانه أن يجبر التقصير والزلل‪ ،‬وأن يبارك في صوابه‬
‫وأن ينفع به كاتبه وجميع من قرأه‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم‬
‫بإحسان‪.‬‬
‫الباحث‪/‬د‪.‬محمد بن عبدالعزيز‬
‫العواجي‬
‫طيبة الطيبة‬

‫صفحة ‪ 5‬من ‪55‬‬


‫تقديم‬
‫الوحدة الموضوعية للسورة‬
‫سورة لقمان من السور التي لها تأثيٌر في نفس كل مؤمن‬
‫ل‪ ،‬وفي نفس كل‬ ‫ينظر بعين بصيرته إلى توجيهاتها علما ً وعم ً‬
‫ب ومعلم وداعية ينظر إليها كمنهاج يسير عليه في دعوة غيره‬ ‫مر ٍ‬
‫وتربية مجتمعه والرقي به تربية إسلمية كاملة‪.‬‬
‫ولها تأثيٌر أيضا ً في قلب كل من انحرف عن فطرته التي فطره‬
‫الله عليها تذكيرا ً له بتلك الفطرة وهي فطرة العبودية لله تعالى‪.‬‬
‫فهذه السورة مكية)‪ (1‬تضمنت مقارنة بين صنفين من الناس‬
‫صنف تأثر بآيات الله المتلوة والمشاهدة فانتفع بذلك‪ ،‬وصنف آخر‬
‫لم يتأثر بتلك اليات واستبدل بها غيرها من الباطل فحصل له‬
‫العذاب‪.‬‬
‫ونزلت تعالــج أمــرا ً مهمـا ً وهــو قضــية العقيــدة فــي اللــه تعــالى‬
‫وعبوديته سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وم ما كان في المجتمع من انحراف في العقيدة والعبادة‬ ‫فتق ّ‬
‫ّ‬
‫والخلق وتكبر وتجبر على الناس ونسيان مراقبة علم الغيوب‪،‬‬
‫وذلك بأسلوب متميز من خلل عرض وصايا أوصى بها أحد‬
‫الصالحين ابنه وهو يؤدبه بشرع الله‪.‬‬
‫فأوصاه بأعظم أدب وهو التأدب مع الله تعالى ثم مــع الوالــدين‬
‫اللذين كانا سببا ً في وجوده‪ ،‬وذلك بطاعتهما ومصاحبتهما في هذه‬
‫الدنيا بالمعروف وإن كانا غير مسلمين‪.‬‬
‫كر اللــه تعــالى عبــاده بــالخرة‪ ،‬وأن كــل إنســان‬ ‫ثم بعد ذلك ي ُـذ َ ّ‬
‫مجازى على ما عمل‪ ،‬ول ينفعه أقــرب قريــب وأن يبتعــد النســان‬
‫وينتبه للمغريات الموجودة في هذه الحياة الدنيا‪.‬‬
‫"وفي ختام السورة يأتي هذا الخطاب اللهي قويا ً على النفــس‪،‬‬
‫يبين علم الله الشامل‪ ،‬وقصور النســان المحجــوب عــن الغيــوب‪،‬‬
‫ويقرر القضية الــتي تعالجهــا الســورة بكــل أجزائهــا‪ ،‬وهــي قضــية‬
‫العقيدة")‪.(2‬‬
‫بهــذا العــرض يتــبين لنــا أن هــذه الســورة هــي ســورة العقيــدة‬
‫وسورة الخلق‪ ،‬الساسان اللذان قامت عليهما الدعوة في مكــة‪،‬‬
‫فالنبي ‪ ‬بوحي من الله تعالى أراد أن يغرس العقيــدة الســلمية‬
‫في القلوب‪ ،‬مع ما يهذب تلك العقيدة‪ ،‬ويجعل هذه المة خير أمــة‬
‫أخرجت للنــاس فــي عقيــدتها وفــي أخلقهــا‪ ،‬وفــي جميــع شــؤون‬
‫حياتها‪ ،‬فل فرق بين العقيدة والخلق‪ ،‬والعبادة والخلق‪ ،‬بــل هــي‬
‫أمـور متلزمـة‪ ،‬وإنمـا السـلم ديـن كامـل ل يؤخـذ بعضـه ويـترك‬
‫البعض الخر‪.‬‬
‫وبهذا يتبين لنا العلقة بين هذه الموضــوعات المتضــمنة للفــوائد‬
‫‪ ()1‬الناسخ والمنسوخ للنحاس ‪ ،2/579‬فضــائل القــرآن لبــن الضــريس ص ‪،74-74‬‬
‫الدر المنثور ‪ ،11/614‬والتقان في علوم القرآن ‪ .1/26‬عن ابــن عبــاس أنهــا نزلــت‬
‫في مكة وفي رواية له أنها مكية غير ثلث آيات والراجح أنها كلها مكية‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪ ()2‬في ظلل القرآن ‪ 2798 /5‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫صفحة ‪ 6‬من ‪55‬‬
‫والدرر من هذه السورة‪.‬‬

‫صفحة ‪ 7‬من ‪55‬‬


‫تمهيد‬
‫أقسام الناس في التأثر بآيات الله‬
‫المتلوة والمشاهدة‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ‬
‫يخبر الله تعالى في بدايـة هـذه السـورة عـن القـرآن وأن آيـاته‬
‫ذات حكمة بالغة‪ ،‬وأن هــذه اليــات هــدى ورحمــة للــذين أحســنوا‬
‫العمل بما أنزل الله في القرآن وبما أمرهم به رسوله محمد ‪.‬‬
‫ثم يخبر الله سبحانه وتعالى عن صفات المحسنين‪ ،‬وأنهم هم‬
‫الذين يقيمون الصلة‪ ،‬ويؤدون الزكاة‪ ،‬ويؤمنون بالبعث والجزاء‪،‬‬
‫ويوقنون به إيمانا ً يقتضي العتقاد والعمل والقول‪ ،‬وهؤلء‬
‫المحسنون أيضا ً على نور من ربهم‪ ،‬وهم الفائزون في الخرة‬
‫لتصافهم بهذه الصفات‪.‬‬
‫ثم يخبر الله تعالى عن فئة غير المحسنين‪ ،‬وهم الذين يشترون‬
‫كل ما يلهي عن طاعة الله ويصد عن مرضاته ليضلوا بذلك الناس‬
‫عن طريق الهدى إلى طريق الهوى‪ ،‬ويتخذوا آيات الله سخرية‪،‬‬
‫فجزاء أولئك أن لهم عذابا ً يوم القيامة يخزيهم ويهينهم‪.‬‬
‫ومن صفات تلك الفئة‪ :‬أنهم إذا تتلى عليهم آيات القرآن‬
‫أعرضوا عن طاعة الله‪ ،‬وتكبروا عليها‪ ،‬كأن في آذانهم صمما ً‬
‫ن هذه حاله فبشرهم بعذاب أليم‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫منعهم من أن يسمعوا‪ .‬ف َ‬
‫ن لهم نعيما ً مقيما ً في‬
‫أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإ ّ‬
‫الجنات‪ ،‬وحياة أبدية‪ ،‬وهذا وعد من الله حقا ً وهو الله سبحانه‬
‫الذي عز فحكم للمؤمنين بالجنة‪ ،‬وعلى الظالمين بالنار عدل منه‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫فيوضح الله سبحانه في هذه اليات صنفين من الناس سمعوا‬
‫آيات الله‪ ،‬فكان منهم المحسن وكان منهم المسيء‪ ،‬وذلك بعد‬
‫أن وصف الله القرآن بأنه هدى ورحمة‪ ،‬وذلك لن القرآن يهدي به‬
‫الله إلى الحق‪ ،‬ورحمة لنه إذا هداهم إلى الحق فقد أنقذهم به‬
‫من الهلك ومن النار‪ ،‬وهو أيضا رحمة في الدنيا حيث إنه يعرض‬
‫للناس المنهج الصحيح الذي تصلح به حياتهم على الرض‬
‫وتستقيم‪.‬‬
‫عَلم أن الناس في التأثر بآيات الله‬
‫ومن هنا ي ُ ْ‬
‫المتلوة والمشاهدة صنفان‪:‬متأثر ومعرض‪.‬‬
‫صفحة ‪ 8‬من ‪55‬‬
‫الفصل الول‬
‫الصنف الول‪ :‬المتأثرون بآيات الله‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭼ‪.‬‬
‫وهم الذين تلقوا آيات الله وعملوا بها وعاشوا من أجل تحقيق‬
‫الهدف من إنزالها وماتوا على ذلك‪" .‬ووصفهم الله بالحسان‬
‫إشارة إلى الحسان في القول والعمل وهو حقيقة اليمان‪ ،‬فل بد‬
‫لليمان ‪ -‬الذي يوصف هنا بالحسان ‪ -‬من واقع عملي‪ ،‬فهو ليس‬
‫كلمة تقال باللسان ولكنه حقيقة في القلب وعمل في الواقع")‪.(1‬‬
‫وهؤلء المتأثرون قد انتفعوا بآيات الله المتلوة والمشاهدة كما‬
‫في آيات هذه السورة وغيرها‪.‬‬
‫وسيكون الحديث عنهم في أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬أسباب النتفاع بالقرآن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب النتفاع باليات الخرى‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬صفات المحسنين المتأثرين بما‬
‫يسمعون ويشاهدون من آيات الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نتيجة التأثر بآيات الله وجزاء‬
‫المتأثرين‪.‬‬

‫‪ ()1‬دراسات قرآنية ص ‪.200‬‬


‫صفحة ‪ 9‬من ‪55‬‬
‫المبحث الول‬
‫أسباب النتفاع بالقرآن‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪﭫﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂﮃ‬
‫ﮄﮅﮆﮇﮉﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﭼ‬
‫فوصف الله لنا الناجين بأنهم علــى هــدي مــن القــرآن ‪ ،‬متبعيــن‬
‫ليات اللــه علمـا ً وعمل ً واستســلما ً للــه فــي ذلــك ‪ ،‬وبــذلك نــالوا‬
‫ماوصف الله من النجاة والنعيم في الدار الخرة واستحقوا وصف‬
‫الستمساك بالعروة الوثقى‪.‬‬
‫ووصف من أعرضوا مصرحين بقلة الكتراث وبالنتصاب للجفــاء‬
‫والعداء لما جاء به القرآن من الصفات التي شأنها أن تقربهم إلى‬
‫تلقيــه ل أن َيبعــدوا ويعرضــوا وقــد جــاء بالتفصــيل بــأقوالهم الــتي‬
‫حرمتهم من النتفاع بالقرآن واحدا ً واحدا ً كما ستعلمه ‪.‬‬
‫وعند التأمل فيما تضــمنته آيــات الســورة خصوص ـا ً وآي الكتــاب‬
‫عموما ً في هذا الباب نجــد أمريــن مهميــن جمعــا أســباب النتفــاع‬
‫بالقرآن‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬حضور القلب عند سماع وقراءة القرآن‪:‬‬
‫قال ابن القيـم عليـه رحمـة اللـه‪" :‬إذا أردت النتفـاع بـالقرآن‪:‬‬
‫فاجمع قلبك عند تلوته وسماعه‪ ،‬وألق سمعك‪ ،‬واحضر حضور من‬
‫يخاطبه به من تكلم به سبحانه‪ ،‬منــه إليــه؛ فــإنه خطــاب منــه لــك‬
‫على لسان رسوله ‪‬؛ قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ‬
‫ما كان موقوًفا على‪:‬‬ ‫]سورة قّ ‪ .[37‬وذلك أن تمام التأثير ل ّ‬
‫ض‪.‬‬
‫‪ -1‬مؤثر مقت ٍ‬
‫ل قابل‪.‬‬ ‫‪ -2‬ومح ٍ‬
‫‪ -3‬وشرط لحصول الثر‪.‬‬
‫‪ -4‬وانتفاء المانع الذي يمنع منه‪.‬‬
‫تضمنت الية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد؛‬
‫فقوله تعالى‪ :‬ﭽﭡﭢﭣﭤﭼ إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى‬
‫هاهنا – وهو الحتجاج باليات الكونية المشاهدة‪ -‬وهذا هو‬
‫المؤثر‪ .‬وقوله‪ :‬ﭽﭥﭦ ﭧﭨﭼ فهذا هو المحل القابل؛ والمراد به‬
‫صفحة ‪ 10‬من ‪55‬‬
‫القلب الحي الذي يعقل عن الله‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭽﯲ ﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲ‬
‫ﯲ ﯼﯽﯾﯿﯲﯲﭼ ]سورة يس ‪ ،[70-69‬أي‪ :‬حي القلب‪ .‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭪﭫﭼ أي‪ :‬وجه السمع‪ ،‬وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له‪،‬‬
‫وهذا شرط التأثر بالكلم‪ .‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽﭬﭭﭮﭼ أي‪ :‬شاهد‬
‫ه‪ ،‬وهو إشارة إلى المانع من‬ ‫القلب والفهم‪ ،‬ليس بغافل ول سا ٍ‬
‫حصول التأثير وهو سهو القلب وغيابه عن تعقل ما يقال له‬
‫والنظر فيه وتأمله")‪.(1‬‬
‫المر الثاني‪ :‬تفهم معاني اليات وإنزالها على نفسه‪:‬‬
‫"وينبغي للتالي أن يستوضح من كــل آيــة مــا يليــق بهــا‪ ،‬ويتفهــم‬
‫ذلــــــــــــــك‪ ،‬فــــــــــــــإذا تل قــــــــــــــوله تعــــــــــــــالى‪:‬‬
‫‪]        ‬سورة‬
‫النعام ‪ ،[1‬فليعلم عظمته ويتلمح قدرته في كل مــا يريــد‪ ،‬وإذا تل‪:‬‬
‫‪]      ‬سورة الواقعة ‪ ،[58‬فليتفكر‬
‫في نطفة متشابهة الجزاء كيف تنقسم إلى لحم وعظــم‪..،‬وإذا تل‬
‫أحوال المعذبين فليستشــعر الخــوف مــن الســطوة إن غفــل عــن‬
‫امتثال المر‪ ..‬وينبغي لتالي القرآن أن يعلم أنه المقصود بخطــاب‬
‫القرآن ووعيده‪ ،‬وأن القصص لم يرد بها السمر بــل العــبر‪ ،‬فحينئذ‬
‫ه ســيده بمقصــود‪ ،‬وليتأمــل الكتــاب وليعمــل‬ ‫يتلــو تلوة عبــد كــات َب َ ُ‬
‫بمقتضاه")‪.(2‬‬
‫وإن السباب التي تجعل العبد ينتفع بالقرآن المرتبطــة‬
‫ة فــي الكتــاب والســنة وكلم العلمــاء‬‫بهذين المرين كــثيرةٌ مبثوث ـ ٌ‬
‫الصالحين‪ ،‬ومنها على سبيل المثال مع الجمال والختصار‪:‬‬
‫‪ (1‬أن يعلم أن القرآن كلم الله عّز وج ّ‬
‫ل‪:‬‬
‫لقوله تعالى‪ :‬ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﭼ]الشعراء‪ [192:‬وقال‪ :‬ﭽﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝﮞﭼ‬
‫]الحجر‪ [9:‬وقال‪ :‬ﭽـ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕـ ﭼ]السراء‪ [105:‬واليات الكثيرة تدل‬
‫تنزي ًوآيات أخر تدل على كونه منزل)‪.(3‬‬‫على وصف القرآن بكونه ل‬
‫‪ (2‬اليمان بالله تعالى‪:‬‬
‫إنف اليات إنما ينتفع بها المؤمن؛ فإن اليمان أكبر ما يكون تأثيرا في‬
‫النتفاع بآيات الله عز وجل لقوله تعالى‪ :‬ﭽﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪﭼ ]البقرة‬
‫"والنســان إذا ازداد إيمانــا ازداد فهمــا لكتــاب اللــه ســبحانه‬ ‫‪[298‬‬
‫وتعالى‪ ،‬وسنة رسوله ؛‪‬لن الشيء إذا علق على وصف فإنه يــزداد‬

‫‪ ()1‬الفوائد ص ‪.3‬‬
‫‪ ()2‬مختصر منهاج القاصدين ‪.55‬‬
‫‪()3‬انظر‪ :‬تفسير الرازي ‪.26/238‬‬
‫صفحة ‪ 11‬من ‪55‬‬
‫بزيادة ذلك الوصف‪ ،‬وينقص بنقصانه؛ فكلمــا تـم اليمـان كــان انتفـاع‬
‫النسان بآيات الله أكثر‪ ،‬وفهمه لها أعظم")‪.(1‬‬
‫‪ (3‬أن يعلم أن الله أراد بهذه اللفاظ المعاني التي هي‬
‫موضوعة لها‪:‬‬
‫ﮞ ﮟ‬ ‫له تعالى‪ :‬ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ‬ ‫فهو كما وصفه ُمن ْزِ ُ‬
‫ﮠ ﮡ ﭼ]فصلت‪ [،42:‬ول يليق بالحكيم إل ّالكلم لحكمة ٍ تقتضي ذلك)‪.(2‬‬
‫‪ (4‬حياة القلب والخذ بأسبابه‪:‬‬
‫كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﯲﯲ ﭼ ]يس‪-69:‬‬
‫‪[70‬وقال في موضع آخر‪ :‬ﭽﭡﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭼ ]ق‪"[37:‬‬
‫فإن النتفاع بالقرآن والنذار به إنما يحصل لمن هو كذلك)‪.(3‬‬
‫‪ (5‬أن يحرص على النتفاع بالقرآن في شتى وجوه‬
‫النتفاع‪:‬‬
‫"فقد أنزل الله القرآن‪:‬‬
‫‪ -1‬لليمان به‪.‬‬
‫‪ -2‬وتعلمه وتلوته‪.‬‬
‫‪ -3‬وتدبره‪.‬‬
‫‪ -4‬والعمل به‪.‬‬
‫‪ -5‬وتحكيمه‪.‬‬
‫‪ -6‬والتحاكم إليه‪.‬‬
‫‪7-‬والستشفاء به من أمراض القلوب وأدرانها‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من الحكم التي أرادها الله مــن إنزالــه‪ .‬ويحصــل الهجــر‬
‫للقرآن من الشخص بقدر ما يحصل منه من العراض عن النتفاع بــه‬
‫بأي وجه ٍ من الوجوه")‪.(4‬‬
‫هم القرآن وتدبره‪:‬‬ ‫‪ (6‬ت َ َ‬
‫ف ُ‬
‫فيجتهد ما استطاع في ذلــك عنــد قراءتــه فإنهــا مــواهب مــن الكريــم‬
‫الوهاب يعطيها لمن صدق في طلبها وسلك الســباب الموصــلة إليهــا‬
‫بجد واجتهاد ﭽﮠﮩ ﮡﮩ ﯲ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧﮩ ﮨ ﮩﮩ ﮪ ﭼ ]العنكبوت‪ .(5)[٦٩ :‬ومما يعين‬
‫علـى تـدبر القـرآن وفهــم معــانيه قـراءة بعـض التفاســير المختصـرة‬
‫المفيدة‪ :‬كتفسير ابن كــثير الدمشــقي‪ ،‬ومختصــراته كعمــدة التفســير‬
‫يعنــى بتفســيره‬ ‫والمصباح المنير‪ ،‬وتفاسير الشيخ ابن ســعدي‪ .‬أو مــا ُ‬
‫‪()1‬تفسير سورة البقرة لبن عثيمين ‪.3/220‬‬
‫‪()2‬انظر‪ :‬تفسير الرازي ‪.26/238‬‬
‫‪()3‬انظر‪ :‬إغاثة اللهفان ‪.22-1/21‬‬
‫‪()4‬‬
‫وانظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء ‪.4/104‬‬
‫‪()5‬وانظر‪ :‬تدبر القرآن د‪.‬اللحم ص ‪4‬‬
‫صفحة ‪ 12‬من ‪55‬‬
‫الجمــالي‪ :‬كالمصــحف الميســر ‪-‬طباعــة مجمــع الملــك فهــد‪ ،‬وزبــدة‬
‫التفسير مختصر فتح القدير للشقر‪ ،‬وملخصه نفحة العــبير مــن زبــدة‬
‫التفسير وغيرها‪ ،‬مع العناية باختيار السلم في مسائل العتقــاد وتتبــع‬
‫معاني كلم الله‪.‬‬
‫ومجاهدة النفس والخذ بأسباب التـدبر‪ :‬كمعرفـة معـاني الكلمـات‬
‫عن الشواغل‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬حــتى يتســنى لــه النتفــاع‬ ‫بعيد ً‬
‫والقراءة ا‬
‫بما يقرأ)‪.(1‬‬
‫‪ (7‬أن يجتهد ما استطاع في الخشوع والخضوع لله عند‬
‫قراءته‪:‬‬
‫قال النووي رحمه الله‪" :‬فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشــوع‬
‫والتدبر عند القراءة‪ ،‬والدلئل عليه أكثر من أن تحصر وأشهر وأظهــر‬
‫من أن تذكر‪ ،‬فهو المقصود المطلوب‪ ،‬وبه تنشــرح الصــدور وتســتنير‬
‫القلوب‪ .‬قال الله عز وجل‪ :‬ﭽﭻﭼ ﭽﭾﭼ]النساء‪ ،[82:‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﭲﭳ ﭴ‬
‫‪[29‬والحــاديث فيــه كــثيرة وأقاويــل الســلف فيــه‬‫ﭵـ ﭶـ ﭷﭼ ]ص‪. :‬‬
‫مشهورة‪.(2)".‬‬
‫‪ (8‬الستعاذة من الشيطان الرجيم عند تلوة القرآن‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﭼ ]النحل‪ [،٩٨:‬ليكون الشيطان بعيدا‬
‫عن قلب المرء‪ ،‬وهو يتلو كتاب الله حتى يحصل له بذلك تدبر القرآن‬
‫وتفهم معانيه‪ ،‬والنتفاع به؛ فإذا قرأته وقلبــك حاضــر حصــل لــك مــن‬
‫معرفة المعاني والنتفاع بالقرآن مـا لـم يحصـل لـك إذا قرأتـه وأنـت‬
‫غافل‪ ،‬وجرب تجد‪.(3).‬‬
‫‪ (9‬عدم تقديم شيء بين يدي كلمه سبحانه‪:‬‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ‬
‫ﯛ ﯜ ﯜ ﯙ ﯚ ﯜ ﯲ ﯲ‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫ﮭ ﮮ ﮯﮰ‬ ‫ﮡﮢﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ومن ذلك حسن‬ ‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯪ ﯡﯪﯪ ﯢ ﯪ ﯣ ﯪ ﯤﯪﯥﯪﯪﯪ ﯦﯪ ﯧﯪ ﯨ ﯩ ﯪﯪﯪ ﭼ ]الحجرات‪.[٣ – ١ :‬‬
‫الدب بخفض الصوت عند سماع كلمه‪.‬‬
‫‪ (10‬الستماع للقران والنصات له‪:‬‬
‫لقوله تعالى‪ :‬ﭽﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﭼ ]العراف‪ [،٢٠٤:‬والنصات‪ :‬السكوت‬
‫للستماع والصغاء والمراعـاة وقـت قــراءة القـرآن فـي صــلة وغيــر‬
‫صلة‪ ،‬وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يســمع القــرآن مــن‬
‫غيره‪ ،‬وأمر عبدالله بن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬فقرأ عليه وهو يسمع‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫)( فتاوى الشبكة السلمية رقم الفتوى ‪ 35005‬بعنوان ‪ :‬فَ ّ‬
‫وت على نفسه النتفاع‬
‫بالقرآن‪ ،‬تاريخ الفتوى ‪ 17 :‬جمادى الولى ‪1424‬هـ‪.‬‬
‫‪()2‬انظر‪ :‬التبيان في آداب حملة القرآن ص ‪37‬‬
‫‪()3‬انظر‪ :‬الشرح الممتع ‪3/40‬باب صفو الصلة باختصار وتصرف‪.‬‬
‫صفحة ‪ 13‬من ‪55‬‬
‫وخشع صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن منه حتى ذرفت عيناه )‪.(1‬‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﰈﰉ ﯲ ﯲ‬ ‫)‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯼ‬
‫ﯲ ﯲ ﯲﭼ ]القيامة‪.[١٩–١٦:‬‬
‫‪ (11‬إن حسن الداء هو طريق النتفاع بالقرآن‪:‬‬
‫كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ ]المزمل‪.(3) [٥ – ٤ :‬‬
‫‪ (12‬مدارسة القرآن وعلومه‪:‬‬
‫بأن يحضر حلقات العلم ليستفيد ويتذاكر مــع إخــوانه الــذين يرجــو أن‬
‫يكون عندهم علم حتى يستفيد من علمهم‪ ،‬وحتى يضم ما لديهم مــن‬
‫العلوم النافعة إلى ما لديه مــن العلــم‪ ،‬فيحصــل لــه بــذلك خيــر كــثير‬
‫ويحصل له بــذلك الفقــه فــي الــدين‪ ،‬والبعــد عــن صــفات المعرضــين‬
‫والغافلين‪ ،‬وقد قال صلى الله عليــه وســلم‪) :‬مــن يــرد اللــه بــه خيــرا‬
‫يفقهه في الدين()‪.(5)(4‬‬

‫ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫والخلصة‪:‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله لما ذكر هذه الية‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ‪:‬ﭼ "فإذا حصل المؤثر وهو‪ :‬القرآن‪،‬‬ ‫ﭦ‬
‫والمحل القابل وهو‪ :‬القلــب الحــي‪ ،‬ووجــد الشــرط وهــو‪ :‬الصــغاء‪،‬‬
‫وانتفى المــانع وهــو‪ :‬اشــتغال القلــب وذهــوله عــن معنــى الخطــاب‬
‫وانصرافه عنه إلى شيء آخر؛ حصل الثر وهو النتفاع والتذكر")‪.(6‬‬

‫‪ ()1‬صحيح البخاري كتاب التفسير باب فكيف إذا جئنا من كل أمــة بشــهيد وجئنــا بــك‬
‫صــلة المســافرين وقصــرها بــاب‬ ‫على هؤلء شهيدا )‪ .(4582‬ومسلم كتــاب‬
‫فضل اســتماع القــرآن وطلــب القــراءة مــن حــافظ للســتماع والبكــاء عنــد القــراءة‬
‫والتدبر)‪.(800‬‬
‫‪()2‬انظر‪ :‬زاد المعاد ‪189 /1‬الجامع لحكام القرآن ‪.354 / 7‬‬
‫انظر‪ :‬فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء ‪ -‬أحمد بن محمد بن عزت شــاه الحنفــي‪ :‬ص‬ ‫‪()3‬‬
‫‪.16‬‬
‫‪ ()4‬مسند أحمد ‪ (7193)2/234‬قال شعيب الرنؤوط ‪ :‬إســناده صــحيح علــى شــرط‬
‫الشيخين‪.‬‬
‫‪ ()5‬مجموع فتاوى ومقالت ابن باز ‪.9/283‬‬
‫‪ ()6‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫صفحة ‪ 14‬من ‪55‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أسباب النتفاع باليات الخرى‬
‫ن أسباب النتفاع والتعاظ قــد جمعهــا اللــه فــي أمريــن جمعــا‬ ‫إ ّ‬
‫أسباب النتفاع بالقرآن‪ :‬وهما حضــور القلـب عنــد ســماع وقــراءة‬
‫القرآن مع تفهم معاني اليات وإنزالها على نفسه‪ .‬ومع ذلــك فقــد‬
‫أقام الحجة على خلقه بآياته الكونيــة‪ -‬أفقيــة ونفســية أيضـًا‪ ،‬ولــذا‬
‫نجـد فــي آيــات السـورة ذكــرا ً للسـباب الـتي تجعـل العبـد ينتفــع‬
‫باليات الفقية والنفسية‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲ‬
‫ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭﭮ ﭯﭰ‬
‫ﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧﯨﯩ ﯲﯲﯲﯲ ﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲ‬
‫ﯲﯲ ﯲﯲﯲﯲﯲﯼﯽ ﯾﯿ ﯲﯲﯲ ﯲﯲﯲﯲﯲﰈﰉﯲﯲﯲﯲﰎﯲﯲﯲﰒﯲﯲﯲﯲﭑﭒ ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ‬
‫ﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮤﮥ ﮦﮧ ﮨﭼ‬
‫وقد أكثر الله ســبحانه فــي كتــابه الكريــم مــن الســتدلل علــى‬
‫العلم والقدرة والحكمة بأحوال السموات والرض وتعــاقب الليــل‬
‫والنهار وكيفية تبدل الضياء بـالظلم وبـالعكس‪ ،‬وأحـوال الشـمس‬
‫والقمــر والنجــوم‪ ،‬وأمــر بــالنظر فــي ملكــوت الســماء والغــبراء‬
‫وبالتفكر فيهما‪.‬‬
‫وإن من أعظم أسباب الضلل عدم تدبر القرآن وترك‬
‫التفكر في حال الرسول صلى الله عليععه وسععلم وعععدم‬
‫النظر في ملكوت السموات والرض وما خلق الله‪ .‬كمـــا‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ‬
‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯲﯲﯲﯲﯲﭼ ]العراف‪[١٨٦ – ١٨٢ :‬‬
‫ولذا فإن ما تضمنته آيات السورة خصوصا ً وآي الكتــاب عمومــا ً‬
‫في هذا الباب يحتاج للنظر من وجهين‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬ل تنفع الموعظة إل لمن آمن بععالله وخععافه‬
‫ورجاه‪:‬‬
‫"آمن بالله وخافه ورجاه كما قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﭼ‬
‫]سورة هود ‪ [103‬وقال‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]سورة العلى ‪ [10‬وقال‪ :‬ﭽ ﰈ‬
‫ﰉﰉﰉﰉ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]سورة النازعات ‪ [45‬وأصرح من ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ‬ ‫ﰉﰉ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﭼ ﯣ]سورة ق‪.[45‬‬
‫ومن أخص ذلــك اليمــان بالوعــد والوعيــد وتــذكره فــإنه شــرط‬
‫كذلك في النتفـاع بالعظــات واليـات والعـبر‪ ،‬يسـتحيل حصـوله‬
‫بدونه‪.‬‬
‫‪ -1‬وتستبصر العبرة بثلثة أشياء ‪ ) :‬بحياة العقععل‪،‬‬
‫ومعرفة اليام‪ ،‬والسلمة من الغراض(‬
‫صفحة ‪ 15‬من ‪55‬‬
‫أ‪ -‬فحياة العقل‪ :‬هي صحة الدراك وقوة الفهم وجودته‬
‫وتحقق النتفاع بالشيء والتضرر به وهو نور يخص الله به من‬
‫يشاء من خلقه‪ .‬وبحسب تفاوت الناس في قوة ذلك النور وضعفه‬
‫ووجوده وعدمه يقع تفاوت أذهانهم وأفهامهم وإدراكاتهم‪ ،‬ونسبته‬
‫إلى القلب كنسبة النور الباصر إلى العين‪.‬‬
‫فألفوها صحيحة أن من‬ ‫ومن تجارب السالكين التي جربوها‬
‫أدمن‪] :‬يا حي يا قيوم ل إله إل أنت[ ‪ ،‬أورثه ذلك حياة‬
‫)‪(1‬‬

‫القلب والعقل‪ ،‬وكان شيخ السلم ابن تيمية قدس الله روحه‬
‫شديد اللهج بها جدا ً وقال لي يومًا‪ :‬لهذين السمين ‪-‬وهما الحي‬
‫القيوم‪ -‬تأثير عظيم في حياة القلب‪ ،‬وكان يشير إلى أنهما السم‬
‫العظم وسمعته يقول‪ :‬من واظب عليها أربعين مرة كل يوم بين‬
‫سنة الفجر وصلة الفجر ]يا حي يا قيوم ل إله إل أنت‬
‫برحمتك أستغيث[)‪ (2‬حصلت له حياة القلب ولم يمت قلبه)‪.(3‬‬
‫ومن علم عبوديات السماء الحسنى والدعاء بها وسر ارتباطها‬
‫بالخلق والمر وبمطالب العبد وحاجاته؛ عرف ذلك وتحققه‪ ،‬فإن‬
‫سأل بالمناسب له‪ .‬فتأمل أدعية القرآن والحاديث‬ ‫كل مطلوب ي ُ ْ‬
‫النبوية تجدها كذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬وأما معرفة اليام‪ :‬فيحتمل أن يريد به أيامه التي تخصه‬
‫وما يلحقه فيها من الزيادة والنقصان ويعلم قصــرها وأنهــا أنفــاس‬

‫‪ ()1‬يشير إلى حديث ابن عمر قال‪ :‬قال رسول الله‪" :‬إن ربكم حي كريــم يســتحي‬
‫أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرًا‪ ،‬ل خير فيهما‪ ،‬فإذا رفع أحدكم يديه فليقل‪ :‬يا حــي‬
‫يا قيوم‪ ،‬ل إله إل أنت‪ ،‬يا أرحم الراحمين ‪ -‬ثلث مرات ‪ -‬ثم ذا رد يديه فليفرغ الخيــر‬
‫على وجهه"‪ .‬أخرجه الطبراني في الدعاء ‪ (880) 1/275‬قال الهيثمي‪" 11/38‬رواه‬
‫الطبراني وفيه الجارود بن يزيد وهو متروك"‪ .‬ولكنه صح بلفظ آخـر عـن أنـس قـال‪:‬‬
‫سمع النبي‪ ‬رجل يقول اللهم إني أســألك بــأن لــك الحمــد ل إلــه إل أنــت وحــدك ل‬
‫شريك لك المنان بديع السموات والرض ذو الجلل والكرام يــاحي يــاقيوم‪ .‬قــال‪:‬‬
‫)لقد دعا الله باسمه العظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب( أخرجه ابن‬
‫أبى شـيبة ‪ ،(29361) 6/47‬وأحمـد ‪ ،(13824) 1/230‬وأبـو داود ‪،(1495) 2/79‬‬
‫والترمذي ‪ ،(3544) 5/550‬وقــال‪ :‬غريــب‪ .‬والنســائي ‪ ،(1300) 3/52‬وابــن ماجــة‬
‫‪ ،(3858) 2/1268‬وابــن حبــان ‪ ،(893) 3/175‬والحــاكم ‪ (1856) 1/683‬وقــال‪:‬‬
‫صحيح على شرط مسلم‪ .‬والضــياء ‪ .(1885) 5/257‬وصــححه اللبــاني )ابــن ماجــة‬
‫‪(3858‬‬
‫ً‬
‫‪ ()2‬يشير إلى حديث أنس مرفوعا )ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقــولي إذا‬
‫أصبحت وإذا أمسيت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ول تكلنــي‬
‫إلى نفسي طرفة عين( أخرجه النسائي ‪ (10405) 6/147‬والترمذي كتاب الدعوات‬
‫عن رسـول اللـه ‪ ‬بـاب ‪ .(35249) 92‬وأخرجـه الحـاكم ‪ (2000) 1/730‬وقـال‪:‬‬
‫صحيح على شرط الشيخين‪ .‬والــبيهقي فـي شــعب اليمــان )‪ ، 1/476‬رقــم ‪(761‬ـ ‪،‬‬
‫والضياء )‪ ، 6/300‬رقــم ‪ (2320‬وقـال‪ :‬إســناده حسـن ‪ .‬وعـن ابـن مسـعود أخرجــه‬
‫)البزار( ]كنز العمال ‪ [5010‬والحاكم ‪ ، (1875) 1/689‬والبيهقي في شعب اليمان‬
‫‪. (10231) 7/258‬‬
‫‪ ()3‬لم أجده عن شيخ السلم ولعل حكاية ابن القيم له كافية‪ .‬وينتبه لقول الشاطبي‬
‫في العتصام‪" 1/199 :‬الرؤيا من غير النبياء ل يحكــم بهــا شــرعا علــى حــال إل أن‬
‫تعرض على ما في أيدينا من الحكام الشــرعية‪ ،‬فــإن ســوغتها عمــل بمقتضــاها‪ ،‬وإل‬
‫وجب تركها والعراض عنها‪ ،‬وإنما فائدتها البشارة‪ ،‬أو النــذرة خاصــة‪ ،‬وأمــا اســتفادة‬
‫الحكام فل‪ ،‬كما يحكى عن الكتاني رحمــه اللــه قــال‪ :‬رأيــت النــبي صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم في المنام‪ ،‬فقلت‪ :‬ادع الله أن ل يميت قلبي‪ ،‬فقال‪ :‬قل كل يوم أربعيــن مــرة‬
‫ياحي ياقيوم ل إله إل أنت فهذا كلم حسن ل إشكال في صحته ‪ ،‬وكون الذكر يحيــى‬
‫القلب صحيح شرعا‪ ،‬وفائدة الرؤيا التنبيه على الخير‪ ،‬وهو من ناحية البشــارة‪ ،‬وإنمــا‬
‫يبقى الكلم في التحديد بالربعين‪ ،‬وإذا لم يوجد على اللزوم استقام‪".‬أ‪.‬هـ ففيه تنبيه‬
‫لطيف ‪ ،‬وأن هذا الدعاء متداول قبل شيخ السلم رحم الله سادات المة وعلمائها‪.‬‬
‫صفحة ‪ 16‬من ‪55‬‬
‫س منهــا يقــابله آلف آلف مــن الســنين‬ ‫معدودة منصرمة‪ ،‬كل ن ََفـ ٍ‬
‫في دار البقاء‪ ،‬فليس لهذه اليام الخالية قط نسبة إلى أيام البقاء‬
‫والعبد منساق زمنه وفي مدة العمــر إلــى النعيــم أو إلــى الجحيــم‬
‫وهي كمدة المنام لمن له عقــل حــي وقلــب واع‪ ،‬فمــا أوله أن ل‬
‫يصرف منها ن ََفسا ً إل في أحب المور إلــى اللــه فلــو صــرفه فيمــا‬
‫يحبــه وتــرك الحــب لكــان مفرط ـًا‪ ،‬فكيــف إذا صــرفه فــي مــا ل‬
‫ينفعه؟! فكيف إذا صرفه فيما يمقته عليه ربه؟! فــالله المســتعان‬
‫ول قوة إل به‪.‬‬
‫ويحتمل أن المراد باليام أيام الله التي أمر رسله بتذكير أممهم‬
‫بها كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ ]سورة إبراهيم ‪ [5‬وقد‬
‫ســَرت أيــام اللــه بنعمــه‪ ،‬وفســرت بنقمــه مــن أهــل الكفــر‬ ‫فُ ّ‬
‫والمعاصي‪ ،‬وأيامه تعم النوعين‪ ،‬وهي وقائعه التي أوقعها بأعــدائه‬
‫ونعمه التي ساقها إلى أوليائه‪ ،‬وسميت هذه النعــم والنقــم الكبــار‬
‫المتحدث بها أياما ً لنها ظرف لها‪ ،‬تقــول العـرب فلن عـالم بأيـام‬
‫العرب وأيام الناس أي‪ :‬بالوقائع التي كانت في تلك اليام‪.‬‬
‫فمعرفة هذه اليام توجب للعبد استبصار العَِبر وبحسب معرفته‬
‫بها تكون عبرته وعظته قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]سورة يوسف‬
‫‪.[111‬‬
‫ج‪ -‬أما السلمة من الغراض‪ :‬وهي‪ :‬متابعة الهوى‪ .‬والنقياد‬
‫لداعي النفس المارة بالسوء‪ .‬فإن اّتباع الهوى يطمس نور‬
‫العقل‪ ،‬ويعمي بصيرة القلب‪ ،‬ويصد عن اتباع الحق‪ ،‬ويضل عن‬
‫الطريق المستقيم‪ ،‬فل تحصل بصيرة العبرة معه البتة‪ ،‬والعبد إذا‬
‫سن في صورة‬ ‫ح َ‬‫اّتبع هواه فسد رأيه ونظره‪ ،‬فأرته نفسه ال َ‬
‫القبيح‪ ،‬والقبيح في صورة الحسن‪ ،‬فالتبس عليه الحق بالباطل؛‬
‫فأنى له النتفاع بالتذكر والتفكر أو بالعظة‪.‬‬
‫‪ -2‬وإنما تجتنى ثمرة الفكرة بثلثة أشياء‪ :‬أحدها‪ :‬قصر‬
‫المل‪ ،‬والثاني‪ :‬تدبر القرآن‪ ،‬والثالث‪ :‬تجنب مفسدات القلب")‪.(1‬‬
‫‪" -3‬وأما أفعاله ومخلوقاته‪ -‬سبحانه‪ -‬ففي الذي أشهدناه‬
‫عبرة لما لم نشهده‪ ،‬والغائب من جنس الشاهد‪ ،‬وذلك لن‬
‫المماثلة ثابتة في المفعولت‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ومن كل شيء‬
‫خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ‪،‬فلو لم يكن الغائب من أفعاله تعالى‬
‫نظيرا للشاهد لم يجز رده‪ !!...،‬فكيف إذا كان الغائب نظير‬
‫الشاهد‪ ،‬حيث أشهدنا إبداع الجواهر وصفاتها بعد عدمها‪ ،‬يا‬

‫‪ ()1‬مدارج السالكين ‪ 449-1/447‬بتصرف واختصار‪.‬‬


‫صفحة ‪ 17‬من ‪55‬‬
‫سبحان الله أيما أبلغ في عقل النسان!! إبداع النسان بعد‬
‫خلق منها بعد عدمها؟؟ فإذا كان قد‬ ‫عدمه؟ أم إبداع طينته التي ُ‬
‫شهد هذا الجوهر العظيم الموصوف بصفات الكمال بعد عدمه‪،‬‬
‫أفليس ذلك أعظم من إبداع تراب أو ماء بعد عدمه؟ والله‬
‫سبحانه وتعالى لما خلق السموات والرض خلق آدم آخر‬
‫المخلوقات‪ ،‬كما ثبت ذلك في الحاديث الصحيحة)‪ ،(1‬ومن خلق‬
‫آخر المخلوقات لم يمكنه أن يشهد خلق نفسه‪ ،‬ول ما خلق قبله‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ ]الكهف‪ [٥١:‬وله فيما شهده‬
‫في المخلوقات عبرة فيما لم يشهده")‪.(2‬‬
‫‪" -4‬وكل ما خلقه مما فيه شر جزئي إضافي ففيه مــن‬
‫الخير العام والحكمة والرحمة أضعاف ذلك‪ ،‬مثــل إرســال موســى‬
‫إلى فرعون فانه حصل به التكذيب والهلك لفرعون وقومه وذلــك‬
‫شر بالضافة إليهم‪ ،‬لكن حصل به من النفع العام للخلق إلى يــوم‬
‫القيامة والعتبــار بقصــة فرعــون مــا هــو خيــر عــام فــانتفع بــذلك‬
‫أضعاف أضعاف من استضر به كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ‬
‫]سورة الزخرف‪[56-55‬وقال تعالى بعد ذكر قصته‪ :‬ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ]سورة‬
‫النازعات ‪.[26‬‬
‫وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم شقي برسالته طائفة‬
‫من مشركي العرب وكفار أهل الكتاب وهم الذين كذبوه و‬
‫سُعد بها أضعاف هؤلء")‪.(3‬‬ ‫أهلكهم الله تعالى بسببه ولكن َ‬
‫ثانيًا‪ :‬والسباب التي تجعل العبععد ينتفععع باليععات‬
‫الفقية والنفسية كثيرةٌ مبثوث ـ ٌ‬
‫ة فــي الكتــاب والســنة وكلم‬
‫العلمــاء الصــالحين‪ ،‬ومنهــا علــى ســبيل المثــال مــع الجمــال‬
‫والختصار‪:‬‬
‫‪ (1‬تذكر ما أنعم الله عليه به من النعمة‪:‬‬
‫قال الله عن موسى عليه السلم‪ :‬ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯪﯪ ﯡ ﯪ ﯢﯪﯣﯪﯪﭼ ]إبراهيم‪[٥ :‬فيجب أن يتذكر المؤمن بأس الله‪ ،‬وشدة‬
‫انتقامه ممن لم يشكر نعمته‪.‬‬
‫‪ ()1‬يشير إلى حديث أبى هريرة قال أخذ رسول الله ‪ ‬بيدي فقال )خلق الله التربة‬
‫يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الحد وخلق الشجر يــوم الثنيــن وخلــق المكــروه‬
‫يوم الثلثاء وخلق النور يوم الربعاء وبث فيها الدواب يــوم الخميــس وخلــق آدم بعــد‬
‫العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيمــا بيــن‬
‫العصر إلى الليل( أخرجه مسلم كتاب صفة القيامة والجنة والنار بــاب ابتــداء الخلــق‬
‫وخلق آدم عليه السلم )‪ (2789‬ج‪ ، 4/2149‬وأحمد ‪ .(6323) 2/327‬والنسائي في‬
‫الكبرى ‪ .(11010) 6/293‬وابن خزيمــة ‪ ، (1731) 3/117‬وأبــو يعلــى ‪) 10/513‬‬
‫‪ (6132‬والديلمى ‪. (2927) 2/184‬‬
‫‪ ()2‬تلبيس الجهمية ‪.1/293‬‬
‫‪ ()3‬مجموع الفتاوى ‪.14/276‬‬
‫صفحة ‪ 18‬من ‪55‬‬
‫‪ (2‬تذكر وقائع الله في المم السالفة‪:‬‬
‫قال الله عن موسى عليه السلم‪ :‬ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ‬
‫فيجب أن يتأمل المؤمن ما أنعم الله على من‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯪ ﯡ ﯪ ﯢﯪﯣﯪﯪﭼ ]إبراهيم‪[٥:‬‬
‫قبله ممن آمن بالرســل فيمــا مضــى مــن اليــام‪ ،‬وينظــر بــأس اللــه‪،‬‬
‫وشدة انتقامه ممن خالف أمره وكذب رسله‪.‬‬
‫‪ (3‬الصبر والشكر‪:‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐﭼ‬ ‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ا‪ :‬ﭽﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫]لقمان‪[٣١:‬وقال عن الفلك أيض ً‬
‫ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﭼ ]سبأ‪:‬‬ ‫ﭨ ﭼ ]الشورى‪ . [٣٣ :‬وقال في سبأ‪ :‬ﭽ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫‪[١٩‬وقال عن موسى عليه السلم‪ :‬ﭽﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯪﯪ ﯡﯪﯪ ﯢﯪﯪ ﯣ ﯪﭼ ]إبراهيم‪ [٥:‬فـ)الصبار( الكثير الصبر‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬﭼ ]النبياء‪[٣٧:‬فل بد من الصبر قبل العتبار‬
‫ليكون نافعًا‪ .‬و)الشكور( الكثير الشكر‪.‬‬
‫وإنما خص الشكور والصبور بالعتبار باليــات وإن كــان فيهــا عــبرة‬
‫للكافة لنهم هم المنتفعون بها دون غيرهــم فلهــذا خصــهم باليــات‪،‬‬
‫فكأنها ليست لغيرهم فهو كقوله‪ :‬ﭽﭚﭛﭼ ]البقرة‪.[٢:‬‬
‫‪ (4‬اليقين‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡﯜ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫﮬﮭ ﮮﯜﯜ ﮯ ﮰﯜﯜ ﮱ ﯓ ﯔﯜ ﯕ ﯖﯜ ﯗﯜ ﯘ ﭼ‬
‫]الــذاريات‪٢٣–٢٠:‬ف[ــإنه يــورث النتفــاع باليــات والــبراهين)‪ .(1‬ونحــن‬
‫نشاهد النسان الذي عنده يقين راسخ إذا مر بآية من اليات الكونية‪،‬‬
‫أو مر بآية من اليات الرضية‪ ،‬إذا شــاهد مكانــا للمعــذبين؛ فــإنه يــرق‬
‫قلبه‪ ،‬وتتمالكه مشاعر كثيرة ل يستطيع أن يعبر عنها‪ ،‬ولربمــا دمعــت‬
‫فاليات إنما تؤثر وتحرك نفوس أصحاب اليقين‪ ،‬أما أهــل‬ ‫عينه وبكى‪،‬‬
‫الغفلة‪ ،‬فإنهم ل ينتفعون بها؛ ولهذا يقول الله عز وجل‪ :‬ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ]سورة يوسف‪.[105:‬‬
‫‪ (5‬اليمان‪:‬‬
‫ﮓﮔﮕ ﭼ‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﮅﮆﮇﮈ‬ ‫لقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫]الشعراء‪ [٨–٧:‬وقال عيسى لقومه‪ :‬ﭽـ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪﭼ ]آل عمران‪[٤٩:‬‬
‫فاليمان أكبر ما يكون تأثيرا في النتفاع بآيات الله عز وجل؛ فكلمــا‬ ‫"‬
‫تم اليمان كان انتفاع النسان بآيات الله أكثر‪ ،‬وفهمه لهــا أعظــم" ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫ولهذا قيد تعالى النتفاع باليات بالمؤمنين‪ ،‬فإن المؤمنين يحملهم مــا‬
‫معهم من اليمان‪ ،‬على العمل بمقتضياته ولوازمه‪ ،‬التي منهــا التفكــر‬

‫‪()1‬انظر‪ :‬مدارج السالكين ‪.2/397‬‬


‫‪()2‬تفسير سورة البقرة لبن عثيمين ‪.3/220‬‬
‫صفحة ‪ 19‬من ‪55‬‬
‫في آيات الله‪ ،‬والســتنتاج منهــا مــا يــراد منهــا‪ ،‬ومــا تــدل عليــه‪ ،‬عقل‬
‫وفطرة‪ ،‬وشرعاً")‪.(1‬‬
‫‪ (6‬النظر إلى ما حوله‪ ،‬ولسيما ما يحتاجه‪:‬‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩﮪﮫﮬﮭ ﮮﯜﯜ ﮯ ﮰﯜﯜ‬ ‫ﮜﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡﯜ ﮢ‬‫ﮛ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮖﮘ‬
‫ﮗ ﮙﮚ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ ]النعام‪"[٩٩:‬فهذه من الشجار‬
‫الكثيرة النفع‪ ،‬العظيمة الوقع‪ ،‬فلذلك خصصها الله بالذكر بعد أن عــم‬
‫جميع الشجار والنوابت‪ ..‬والكل ينتفع به العباد‪ ،‬ويتفكهون‪ ،‬ويقتــاتون‪،‬‬
‫ويعتبرون‪ ،‬ولهذا أمر تعالى بالعتبار به‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽﯘﭼنظر فكــر واعتبــار‬
‫ﭽﯙـ ﯚﭼأي‪ :‬الشجار كلها‪ ،‬ﭽﯛﯪ ﯜﯪ ﯝﭼأي‪ :‬انظــروا إليــه‪ ،‬وقــت إطلعــه‪،‬‬
‫ووقت نضجه وإيناعه‪ ،‬فإن فــي ذلــك عــبرا وآيــات‪ ،‬يســتدل بهــا علــى‬
‫رحمة الله‪ ،‬وسعة إحسانه وجوده‪ ،‬وكمال اقتداره وعنايته بعباده")‪.(2‬‬
‫‪ (7‬العقل‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ]البقرة‪ ١٦٤:‬والرعد‪ ٤:‬والنحل‪ ١٢:‬والروم‪[٢٤:‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﮃ ﮄﮅﮆﭼ ]النحل‪[٦٧ :‬وقال تعالى‪ :‬ﭽـ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞـ ﮟـ ﮠ ﮡ ﮢﭼ‬
‫]العنكبوت‪[٣٥:‬وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮛ ﮜﯜ ﮝﯜ ﮞ ﮟ ﭼ ]الروم‪ [٢٨:‬وقال تعالى‪ :‬ﭽ‬
‫ﭩﭪﭫﭬ‬ ‫ﯲ ﯲ ﯲ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ ]البقرة‪ [١١٨:‬وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭾ ﭿ ﭼ ]الجاثية‪[5-4:‬‬ ‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬ ‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲ‬
‫"والمراد بقوم يوقنــون‪ ،‬وبقــوم يعقلــون واحــد‪ ،‬وهــم المؤمنــون‬
‫بتوحيد الله فحصل لهم اليقين وكانوا يعقلون‪ ،‬أي‪ :‬يعلمون دللــة‬
‫اليــات‪ .‬والمعنــى‪ :‬أن المــؤمنين والــذين ُيوقنــون‪ :‬يعلمــون ول‬
‫يكابرون‪ ،‬والذين يعقلون دللة الثار على المؤثر ونظــروا النظــر‬
‫الصحيح في شواهد السماوات والرض فعلموا أن ل بد لهــا مــن‬
‫خالق وأنه واحد فأيقن بــذلك العاقــل منهــم الــذي كــان مــترددًا‪،‬‬
‫وازداد إيمانا ً من كان مؤمنا ً فصار موقنًا‪.‬‬
‫فالذين انتفعوا باليــات هــم المؤمنــون العــاقلون‪ ،‬فــوزعت هــذه‬
‫الوصاف على اليات لن ذلك أوقع في نفس الســامع مــن إت ْل َءِ‬
‫بعضها لبعــض‪ ،‬وقُــدم المتصــفون باليمــان لشــرفه وجعــل خلــق‬
‫الناس والدواب آية للموصوفين باليقان لن دللــة الخلــق كائنــة‬
‫في نفس النسان وما يحيط به من الدواب‪ ،‬وجعل اختلف الليل‬
‫ف حــوادث الجــو آيــة للــذين اتصــفوا بالعقــل لن‬ ‫والنهــار واختل ُ‬
‫دللتها على الوحدانية بواسطة لوازم مترتبة بإدراك العقل" ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬

‫‪()1‬تيسير الكريم الرحمن ص ‪.267‬‬


‫‪()2‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪()3‬التحرير والتنوير ‪ 328-25/327‬بتصرف‪.‬‬
‫صفحة ‪ 20‬من ‪55‬‬
‫ولكن ما هي صفات هؤلء المحسنين المتأثرين بما‬
‫يسمعون ويشاهدون من آيات الله؟‬

‫صفحة ‪ 21‬من ‪55‬‬


‫المبحث الثالث‬
‫صفات المحسنين المتأثرين بما يسمعون‬
‫ويشاهدون من آيات الله‬
‫ﭽﮉﮊ ﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭜ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭼ‪ .‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ﭼ وقال تعالى‪ :‬ﭽﭼﭽ ﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏ ﮐﭼ ‪.‬‬
‫فذكر الله في آيات هذه السورة أهم صفات النجاة‪ ،‬وهي‬
‫إجمال ً)‪:(1‬‬
‫ل‪ :‬إقامة الصلة‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫ل‪ ،‬تتحقق به‬ ‫فهم يؤدون الصلة على وجهها‪ ،‬في وقتها‪ ،‬أداء كام ً‬
‫حكمتها وأثرها في الظاهر والباطن‪ ،‬فيتم النس فيها بالله‪،‬‬
‫وم‬‫ويتذوق المصلي حلوة طاعته حتى يتعلق القلب بالصلة‪ ،‬وت َُق ّ‬
‫سلوك الفرد في الحياة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إيتاء الزكاة‪:‬‬
‫"وهذه الصفة تحقق استعلء النفس على شــحها الفطــري قــال‬
‫تعالى ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ ]سورة التغابن ‪ ،[16‬وإقامة نظام لمجتمع مسلم‬
‫يرتكز عل التكافل والتكامل والتعاون‪ ،‬يجــد المحــروم فيــه الثقــة‬
‫والطمأنينـــة‪ ،‬ومـــودة القلـــب الـــتي لـــم يفســـدها الـــترف ول‬
‫الحرمان")‪.(2‬‬
‫ثالثًا‪ :‬اليقين بالخرة‪:‬‬
‫إن المتأثرين بآيات الله يحصل لهم يقين بما عند الله من الخير‬
‫والرحمة وحسن الجزاء في الدنيا والخرة‪ ،‬ولذلك ينتج عن هذا‬
‫اليقين‪ :‬يقظة القلب‪ ،‬وتطلعه إلى ما عند الله‪ ،‬وترفعه عن متاع‬
‫الحياة الدنيا‪ ،‬ومراقبة الله القليل والكثير‪ ،‬وفي السر والعلن‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬الستسلم لله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ قال ابن عباس‪" :‬العروة‬
‫الوثقى ل إله إل الله")‪ (3‬فإن من أسلم أمره كله لله‪ ،‬وتــوجه إليــه‬
‫وحده وأحسن العمــل والظــن والقــول‪ ،‬فهــذا هــو حقيقــة اليمــان‬
‫الكامل الذي وصف في بداية السورة بالحسان‪ ،‬ويكــرر الوصــف‬
‫مــرة أخــرى‪ ،‬مــدحا لهــم فهــم يستمســكون بــالعروة الــوثقى فل‬
‫ضــلل آبــائهم وأجــدادهم ول أبنــائهم‪ ،‬ول لنــداء‬ ‫يلتفتــون لنــداء ُ‬
‫الشيطان الذي لو اتبعوه لجرهم ودفعهم إلى عذاب عظيم‪.‬‬

‫‪()1‬سيأتي مزيد بحث وتفصيل لغلب هذه الصفات عند شرح وصايا لقمان‪.‬‬
‫‪ ()2‬دراسات قرآنية ص ‪ 200‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ ()3‬الجامع لحكام القرآن ‪. 14/74‬‬
‫صفحة ‪ 22‬من ‪55‬‬
‫خامسًا‪ :‬الصبر والشكر‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭼﭽ ﭾ ﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏ ﮐﭼ "يخبر تعالى أنه هو الذي‬
‫سخر البحر لتجري الفلك فيه بتسخيره ليريكم قــدرته‪ ،‬وهــذا فيــه‬
‫آية وموعظة لكل صبار في الضراء‪ ،‬شكور في الرخاء")‪.(1‬‬
‫ويفهم من هذا أن الذين يتأثرون بآيات الله إذا وقع بهم البلء‬
‫في البحر صبروا لنهم يعلمون أن البحر بيد الله فيدعون الله‪،‬‬
‫وإذا نجاهم الله من البحر شكروا الله على نعمة النجاة فهم في‬
‫دائرة بين الصبر والشكر‪ ،‬وأنه ل ينتفع من اليات إل من كان له‬
‫نصيب وافر من الصبر والشكر‪ ،‬فإذا تخلف النتفاع باليات‬
‫الشرعية أو الكونية فقد يكون ذلك من جهة ضعف الصبر أو‬
‫الشكر‪.‬‬
‫وفي الية فائدة في أن الصبر والشكر يحتاجان لنوع من‬
‫الممارسة والتكرار حتى يتم النتفاع بهما‪.‬‬
‫فهؤلء الصنف قوم تأثروا بآيات الله فعرفوا الله وآمنوا بالله‬
‫وتلقوا عن الله وعن رسول الله ‪ ‬واستسلموا لمنهج الله‬
‫وصبروا عليه وشكروا الله عليه‪ ،‬فنتج عن ذلك هداية جعلت لهذا‬
‫العلم وهذا التأثر أثرا ً على القلب والجوارح‪ ،‬وذلك بالطمأنينة‬
‫وبالعمل‪.‬‬

‫‪ ()1‬تفسير القرآن العظيم ‪. 6/351‬‬


‫صفحة ‪ 23‬من ‪55‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫نتيجة التأثر بآيات الله وجزاء المتأثرين‬
‫ﭽﮖ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ‪ .‬ثم قال تعالى بعدها بآيات‪:‬‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ‪.‬‬
‫فنتيجة ذلــك الحســان الحاصــل بالتــأثر بآيــات اللــه‪ :‬الفلح فــي‬
‫الدنيا بإتباع المنهج الحق الــذي يطهــر القلــوب والســلوك‪ ،‬ويرفــع‬
‫النسان فوق الدنس الذي يعيش فيه مجتمعــه‪ ،‬فيتــذوق الســعادة‬
‫العاجلة والراحة والطمأنينة في الحياة‪.‬‬
‫وفي الخرة يحصل لهم الفلح الكبر بالنجاة مــن النــار‪ ،‬ويظهــر‬
‫ذلك حين يدخل الكفار النار في العذاب المقيم‪ ،‬ويدخلون هم فــي‬
‫الجنة في النعيم المقيم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭼ ]سورة العراف ‪.[44‬‬
‫فنتيجة التأثير وجزاء المتأثرين يمكععن أن نجملععه فععي‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ (1‬الهداية للحق والفلح‪:‬‬
‫من تدبر القرآن طالبا للهدى منه تبين لــه طريــق الحــق)‪ .(1‬فقــد‬ ‫فإن‬
‫خص سبحانه أهل اليقين بالنتفاع باليات والبراهين فقال وهو أصــدق‬
‫القائلين‪ :‬ﭽﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭼ ]الذاريات‪[٢٠:‬وخص أهل اليقين بالهدى والفلح‬
‫من بين العالمين فقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ ]البقرة‪.(2)[5 -4:‬‬
‫وقد "حصل من وصف الكتاب بالمصدر ﭽـ ﭘـ ﭼ من وفرة المعاني‬
‫ما ل يحصل لو ُوصف باسم الفاعل فقيل هادٍ للمتقين‪ ،‬فهذا ثناء‬
‫علــى القــرآن وتنــويه بــه وتخلــص للثنــاء علــى المــؤمنين الــذين‬
‫انتفعوا بهديه‪ ،‬فالقرآن لم يـزل ولـن يـزال هـدى للمتقيـن‪ ،‬فـإن‬
‫جميع أنواع هدايته نفعت المتقين في سائر مراتب التقوى‪ ،‬وفي‬
‫ســائر أزمــانه وأزمــانهم علــى حســب حرصــهم ومبــالغ علمهــم‬
‫واختلف مطالبهم‪.‬‬
‫فمن منتفع بهديه في الدين‪ ،‬ومن منتفع به في السياسة وتــدبير‬
‫أمور المة‪ ،‬ومن منتفع به في الخلق والفضائل‪ ،‬ومن منتفع بــه‬
‫فــي التشــريع والتفقــه فــي الــدين‪ ،‬وكــل أولئك مــن المتقيــن‬
‫وانتفاعهم به على حسب مبالغ تقواهم‪.‬‬
‫وقد جعل أئمة الصول الجتهاد في الفقه من التقوى‪ ،‬فاســتدلوا‬
‫صر‬‫على وجوب الجتهاد بقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ ]التغابن‪ [16:‬فإن قَ ّ‬
‫بأحد سعُيه عن كمال النتفاع به‪ ،‬فإنمــا ذلــك لنقــص فيــه ل فــي‬
‫الهداية‪ ،‬ول يزال أهل العلــم والصــلح يتســابقون فــي التحصــيل‬
‫على أوفر ما يستطيعون من الهتداء بالقرآن‪.(3)".‬‬
‫‪13/160‬وانظر‪ :‬درء تعارض العقل والنقل ‪.1/129‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪()1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى‬
‫‪()2‬انظر‪ :‬مدارج السالكين ‪.2/397‬‬
‫‪()3‬التحرير والتنوير ‪.1/225‬‬
‫صفحة ‪ 24‬من ‪55‬‬
‫‪ (2‬الحياة الحقيقية‪:‬‬
‫فقد أخبرنا الله أن النتفاع بالقرآن والنذار بــه إنمــا يحصــل لمــن هــو‬
‫ﭧ ﭨ ﭼ ]ق‪ ،[ ٣٧ :‬وقال‬ ‫حي القلب كما قال تعالى‪ :‬ﭽـ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫تعالى ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ ]النفال‪ [، ٢٤ :‬فأخبر سبحانه وتعالى أن‬
‫حياتنا إنما هي باستجابتنا لما يــدعونا إليــه اللــه والرســول مــن العلــم‬
‫واليمان )‪.(1‬‬
‫‪ (3‬الصلح والسعادة‪:‬‬
‫فإن الله يصلح به أحوال المســلمين فيعــودوا‬ ‫فإن فيه صلح الحال؛‬
‫لمجدهم وحضارتهم‪ .‬كمانأ ّصلح القلــب وســعادته وفلحــه موقــوف‬
‫على النتفاع باليات للذكر والمواعظ)‪.(2‬‬
‫دم‪:‬‬‫ي والتق ّ‬ ‫ق َ‬
‫‪ (4‬الرفعة والعزة والُر ِ‬
‫رفع الله جل وعل سلف المة بأخــذهم القــرآن؛ فــإن اللــه رفــع‬ ‫"وقد‬
‫القرون المفضلة لما كانوا عليه من القبال علــى هــذا القــرآن قــراءة‬
‫وعلما وعمل وتعليما ودعــوة وغيــر ذلــك مــن أوجــه النتفــاع بــالقرآن‬
‫الحكيم‪ ،‬قال الحسن‪" :‬إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتــم‬
‫الليــل جمل فــأنتم تركبــونه فتقطعــون بــه مراحلــه‪ ،‬وإن مــن كــان‬
‫قبلكم رأوه رسائل مــن ربهــم فكــانوا يتــدبرونها بالليــل وينفــذونها‬
‫ل ّالجهــات ‪ -‬فيمــا يتعلــق بعلقتهــا‬ ‫ن الُرقِي َ للمة من ك ـ‬
‫بالنهار")‪ .(3‬وإ ّ‬
‫بربها وبعلقتها بالخلق وعلقتهــا مـع دينهــا‪ -‬تحتــاج المـة فيــه إلـى أن‬
‫‪) ‬وقـد تركـت فيكـم مـا لـن‬ ‫تراجع هذا الكتاب الذي قال فيه النبي ‪:‬‬
‫تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله( ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫‪ (5‬الحياة والنور‪:‬‬
‫ﭚﭛﭜ ﭝﭞ‬ ‫كما قال الله جل وعل في وصفه‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭼ ]الشورى‪[52:‬فهذا القرآن نور وروح فهذه أوصاف تبعث‬
‫الحياة في الفرد كما أنها تبعث الحياة في الجماعــة وكمــا أنهــا تبعــث‬
‫الحياة في المــة فــإن المــة إذا أقبلــت علــى الكتــاب بشــرت بهــذين‬
‫الروح والنور‪.‬‬
‫‪ (6‬المخرج من الزمات‪:‬‬
‫فإن حصول الروح الذي به الحياة والنور ويحصل به التمييز بين الحق‬
‫والباطل؛ خروج من هذه الظلمات التي أحلكـت بالمـة وأحـاطت بهـا‬
‫من كل جانب ل مخرج منها إل بالكتاب المبين والقــرآن العظيــم قــال‬
‫الله جل وعل‪ :‬ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮩﮩ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ‬
‫ﮯ ﮰﮩ ﭼ]النعام‪.[122:‬‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮩ‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬إغاثة اللهفان ‪. 1/22‬‬


‫‪ ()2‬انظر‪ :‬إغاثة اللهفان ‪ 22-1/21‬ولمزيد من الفائدة انظر مدارج السالكين ‪-3/286‬‬
‫‪.287‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬إحياء علوم الدين ‪.2/33‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه المام مسلم كتاب الحج باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم )‪(1218‬‬
‫صفحة ‪ 25‬من ‪55‬‬
‫‪ (7‬المعية الخاصة من الله‪:‬‬
‫فإن النتفاع باليات يجعلنا من أهــل القــرآن‪ ،‬فعن أنــس بــن مالــك‬
‫رضي الله عنــه مرفوعـًا‪) :‬إن للــه أهليــن مــن النــاس( قــالوا‪ :‬يــا‬
‫رسول الله من هم؟ قال‪) :‬هم أهل القرآن‪ ،‬أهــل اللــه وخاصــته(‬
‫فإنهم أهل الله‪ :‬لقبالهم على صفة مــن صــفاته‪ ،‬وخاصــته‪ :‬لنهــم‬ ‫)‪.(1‬‬
‫عظموا ما عظم وأقبلوا على كتابه وبراهينــه العظيمــة الــتي أرشــدنا‬
‫إليها في كتابه‪ ،‬واحتج بها على من كابر وعاند‪ .‬نســأل اللــه جـل وعل‬
‫أن يجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه")‪.(2‬‬
‫‪ (8‬العلم والفقه‪:‬‬
‫"فإن النظر والعتبار بآيات الله المتلــوة والمشــاهدة تفقــه فــي ديــن‬
‫الله‪ ،‬وطريق نتعلم به ما يجب علينا‪ ،‬وهو حــرص علــى العنايــة بآيــات‬
‫الله؛ تدبرا‪ ،‬وتعقل‪ ،‬وتلوة‪ ،‬واســتفادة‪ ،‬ويــدعونا للعنايــة بســنة رســول‬
‫الله عليه الصلة والسلم حفظا وعمل وتفقهــا فيهــا‪ ،‬وأن نعنــي أيضــا‬
‫بالسؤال عما أشكل علينا‪ ،‬ونسأل مــن هــو أعلــم منــا لنســتفيد؛ عمل‬
‫بقول الله سبحانه‪ :‬ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭼ ]النحل‪[٤٤ – ٤٣ :‬‬
‫‪ (9‬الجتماع والنفع‪:‬‬
‫فإن انتشار حلقات العلم يســتفيد ويتــذاكر المســلم فيهــا مــع إخــوانه‬
‫الذين يرجو أن يكون عندهم علم حتى يستفيد من علمهم‪ ،‬ويضــم مــا‬
‫لديهم من العلوم النافعة إلى ما لديه من العلم‪ ،‬فيحصل له بذلك خير‬
‫كثير ويحصل له بذلك الفقه في الدين‪ ،‬ويحصــل لــه بــذلك البعــد عــن‬
‫‪) ‬مــن يــرد اللــه بــه خيــرا‬
‫صفات المعرضين والغافلين‪ ،‬وقــد قــال ‪:‬‬
‫يفقهه في الدين()‪ .(4)"(3‬وفي الحديث المشهور الصحيح‪) :‬ما اجتمع‬
‫قوم في بيت من بيوت الله‪ ،‬يتلون كتــاب اللــه‪ ،‬ويتدارســونه فيمــا‬
‫حّفْتهــم‬
‫الســكينة‪(5،‬وغشــيتهم الرحمــة‪ ،‬و َ‬ ‫بينهــم‪ ،‬إل نزلــت عليهــم‬
‫الملئكة‪ ،‬وذكرهم الله فيمن عنده( ‪.‬‬
‫)‬

‫‪ (10‬تحقيق الواجب والنجاة يوم القيامة‪:‬‬


‫فإن الواجب على المسلمين أفرادا وجماعــات بــأن يعــودوا إلــى هــذا‬
‫المعين الصافي والمنبع الذي ل تنضــب فــوائده ول تنتهــي عجــائبه ول‬
‫تنقضي أسراره وأسباب النجاة فيه‪.‬قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﭼ ]الجاثية‪ [٢٠ :‬وقال سبحانه‪ :‬ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ‬
‫]لقمان‪.[ ٢٢ :‬‬

‫‪ ()1‬أخرجه ابن ماجة كتــاب بــاب فضــل مــن تعلــم القــرآن وعلمــه وأحمــد ‪)19/305‬‬
‫‪ (13542)21/175(12292‬قال المنذرى ‪" 2/231‬إسناده صحيح" وصــححه شــعيب‬
‫الرنؤوط‪ ،‬واللباني في صحيح ابن ماجة )‪ ،(178‬والتعليق الرغيب )‪.(2/210‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬محاضرة بعنوان ‪ :‬حال السلف مع القرآن للشيخ خالد المصلح فــي موقــع‬
‫صيد الفوائد‪.‬‬
‫‪ ()3‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫‪ ()4‬مجموع فتاوى ومقالت ابن باز ‪.9/283‬‬
‫‪ ()5‬صحيح مسلم كتاب الذكر والدعاء والتوبة باب فضل الجتماع علــى تلوة القــرآن‬
‫وعلى الذكر )‪.(2699‬‬
‫صفحة ‪ 26‬من ‪55‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الصنف الثاني‪ :‬المستكبرون عن آيات‬
‫الله‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭰﭱﭲ ﭳﭴ ﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺ ﭻ ﭼﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ‬
‫ﮔﮕ ﭼ‬
‫ن كتاب الله مثاني‪ ،‬تثنى فيه الخبار والحكام‪ ،‬فلما ذكر‬
‫إ ّ‬
‫سبحانه صفات عباده المحسنين المنتفعين بآياته المتلوة ‪-‬كما في‬
‫أول السورة‪ -‬والمشاهدة ‪ -‬كما في ثنايا السورة‪ -‬عقب ذلك‬
‫بالصنف المقابل لهم وهم المسيؤون لنفسهم الظالمون لها ‪.‬‬
‫وهؤلء المعرضون لم ينتفعوا بآيات الله المتلوة والمشاهدة كما‬
‫في آيات هذه السورة وغيرها‪.‬‬
‫وسيكون الحديث عنهم في أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬أسباب العراض عن القرآن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب العراض عن اليات الخرى‪.‬‬
‫ما‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬صفات المستكبرين المعرضين ع ّ‬
‫يسمعون ويشاهدون من آيات الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نتيجة العراض عن آيات الله وجزاء‬
‫المعرضين‪.‬‬

‫صفحة ‪ 27‬من ‪55‬‬


‫المبحث الول‬
‫أسباب العراض عن القرآن‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒﮓﮔﮕ ﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭﭮ ﭯﭰ ﭱﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭾﭿ ﮀﮁ ﮂ‬
‫ﮃﮄﮅﮆﮇ ﭼ‬
‫مععن خلل هععذه اليععات وغيرهععا يمكننععا تلخيععص أسععباب‬
‫العراض عن اليات المتلوة بالتي‪:‬‬
‫‪ (1‬استبدال آيات الله بلهو الحديث‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ‪".‬لهو الحديث كل ما شغلك عن عبادة الله‬
‫تعـــالى وذكـــره‪ ،‬مـــن الســـمر والضـــاحيك والخرافـــات والغنـــاء‬
‫ونحوها")‪.(1‬‬
‫وقد استدل كثير من العلماء على تحريم الغناء بهذه الية كما ورد‬
‫ذلك عن الصحابة ومنهم ابن مسعود وابن عباس‪ .(2) ‬فقد قال‬
‫ابن عباس ‪) :‬هو الغناء وأشباهه()‪.(3‬‬
‫فلهو الحديث هو‪":‬الحاديث الملهية للقلوب‪ ،‬الصادة لها عن أج ّ‬
‫ل‬
‫مطلوب‪ ،‬فدخل في هذا‪ ،‬كلم كل محرم‪ ،‬وكل لغو باطل‪،‬‬
‫والقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬وأقوال‬
‫المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق‪ ،‬ومن غيبة ونميمة‪ ،‬وكذب‪،‬‬
‫وشتم وسب‪ ،‬ومن غناء ومزامير شيطان‪ ،‬ومن المور التي ل نفع‬
‫فيها ل في دنيا ول دين")‪.(4‬‬
‫فالنسان الذي يختار لهو الحديث بدل ً عن ذكر الله وآياته داخل‬
‫في هذا الصنف‪ ،‬فهو ظالم لنفسه بذلك الستبدال‪.‬‬
‫و"ليس من الضروري أن يكون الشراء بالمال‪ ،‬فليس المال هو‬
‫الشيء الوحيد في الحياة‪ ..‬إنه شراء تدفع فيه المشاعر والفكار‪،‬‬
‫والهتمامات والنوايا بدل من المال‪،‬فهذه كلها أشياء تنفق ليشترى‬
‫بها الحق أو يشترى بها الباطل")‪.(5‬‬
‫فإن"للمسلم في هذه الحياة رسالة تسمو على اللهو والعبث‬
‫والغناء‪ ،‬فهو منذ رضي بالله ربا وبالسلم دينا وبمحمد صلى الله‬
‫عليه وسلم نبيا ً ورسول قد بايع ربه على الجهاد وباع نفسه لربه‬
‫بالجنة‪ ،‬وحمل رسالة محمد ‪ ‬ليبلغها الدنيا وسكانها‪ .‬واللهو‬

‫‪ ()1‬موضوعات سور القرآن– سورة لقمان ص ‪ 9‬وعزاه للحسن البصري رحمه الله‪.‬‬
‫‪ ()2‬جامع البيان ‪ ،21/40‬ابن أبي حاتم ‪ ،9/3096‬والدر المنثور ‪.11/615‬‬
‫‪ ()3‬الدب المفرد للبخاري )‪ (786‬سنن البيهقي ‪ . 223 /10‬وصحح إســناده اللبــاني‬
‫في صحيح الدب المفرد )‪.(603‬‬
‫‪ ()4‬تيسير الكريم الرحمن ‪.647‬‬
‫‪ ()5‬دراسات قرآنية ص ‪.192‬‬
‫صفحة ‪ 28‬من ‪55‬‬
‫والغناء كما هو معروف لهما ثمن باهظ يدفعه المرء من ماله‬
‫ومن وقته ومن صحته ومن تفكيره")‪.(1‬‬
‫‪ (2‬إضلل الناس عن الحق‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ "أي ليصد ذلك الذي يشتري من لهو الحديث‬
‫عن دين الله وطاعته‪ ،‬وما يقــرب إليــه ؛ مــن قــراءة قــرآن‪ ،‬وذكــر‬
‫اللـه")‪" ،(2‬فيضـلون ناسـا ً غيـر عـالمين يحسـبون إضـللهم نصـحًا‪،‬‬
‫والمقصود من هذا الحال تعظيم التضليل ل تقييده فإن التضليل ل‬
‫يكون إل عن عدم علم كل ً أو بعضًا")‪" ،(3‬فهــو يشــغل النــاس بلهــو‬
‫الحديث ليصرفهم عن القرآن")‪.(4‬‬
‫فهــذا الــذي يشــتري لهــو الحــديث‪ ،‬يشــتريه بانصــراف مشــاعره‬
‫واهتماماته إليه‪ ،‬وبنية خبيثة أن يفتــن النــاس عــن الــوحي المنــزل‬
‫من عند الله على رسول الله ‪ ،‬وذلك أن سبيل الله حق والغنــاء‬
‫ولهو الحديث أباطيل ومشاعر كاذبة وســكر ســاعة‪ ،‬يتبعهــا عــذاب‬
‫وافتتان وتعلق وعبودية لغير الله بل صد عن سبيل الله ومحبته‪.‬‬
‫‪ (3‬عدم العلم‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ "أي‪ :‬عن غير بصيرة في صالح نفسه‬
‫حيث يستبدل الباطل بالحق")‪ ،(5‬وذلك كقوله تعالى‪ :‬ﭽﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ ]هنا وفي سورة الحج ‪" .[8‬فتقييد إتباع الهوى بأنه بغير‬
‫علم تشنيع لهذا التباع فإنه إتباع شهوة مع جهالة")‪.(6‬‬
‫"فالعلم بمعناه الصحيح هو‪:‬حكم الذهن المطابق للواقع عن‬
‫ضرورة أو برهان")‪ ،(7‬وهذا بضلله‪" :‬فعل ما فعل من اشتراءه لهو‬
‫الحديث‪ ،‬جهل ً منه بما له في العاقبة عند الله من وزر ذلك‬
‫وإثمه")‪.(8‬‬
‫فهم يضلون الناس بغير حجة ول برهان نقلي ول عقلي‪،‬‬
‫فيضلون الناس بالجهل وبالعمل الذي يخالف العلم فإن المسألة‬
‫ليست في المعلومات التي يعلمها فحسب ‪ -‬ولو كانت متعلقة‬
‫بالله سبحانه‪،-‬إنما هي عمله بهذه المعلومات‪ ،‬وكذلك فإن‬
‫النسان إذا لم تكن هذه المعلومات موجودة في تصرفاته العملية‬
‫فكأنه لم يعلم شيئًا‪ ،‬فيستوي إذا ً النسان الجاهل مع النسان‬
‫الذي عنده معلومات ول يطبقها كما أمر الله‪ ،‬بل قد يكون‬
‫الجاهل أخف ضررا ً منه‪ ،‬لن هذا الذي عنده العلم ول يحققه في‬
‫واقعه يكون سببا ً في ضلل الناس‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺ‬

‫‪ ()1‬من لطائف التفسير ‪.3/101‬‬


‫‪ ()2‬جامع البيان ‪.18/539‬‬
‫‪ ()3‬التحرير والتنوير ‪.14/129‬‬
‫‪ ()4‬المصر السابق ‪.21/143‬‬
‫‪ ()5‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪()6‬المصدر السابق ‪.21/88‬‬
‫‪()7‬المصدر السابق ‪.7/404‬‬
‫‪ ()8‬جامع البيان ‪.18/540‬‬
‫صفحة ‪ 29‬من ‪55‬‬
‫ﭻ ﭼ لقمان‪"٦ :‬والمقصود من الخبار عن كونه بغير علم أنهم فعلوا‬
‫ذلك ظنا ً منهم أنهم أصابوا فيما فعلوا")‪.(1‬‬
‫ومما يدل على ما ذكرنا من أن العلم ليــس بالمعلومــات ولكــن‬
‫بالعمل‪ ،‬ما ذكره تعالى في هذه الســورة عــن الــذين يــرون آيــات‬
‫الله ويعلمون ويعترفون أن الله هو الخالق لها والمبدع فيها ثــم ل‬
‫يعملون بذلك‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ ‪ ،‬فقد وصفهم الله‬
‫تعالى هنا بأنهم ل يعلمون مع أنهم يقرون ويعلمون‪ .‬ولذا فعلمهــم‬
‫مهما بلغ ل يتجاوز ظاهر الحياة الدنيا‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ‬
‫]ســورة الــروم ‪ .[7‬لن الحيــاة الــدنيا زخــرف وزينــة مؤقتــة‪ ،‬والحيــاة‬
‫الخرة هي الحياة الحقيقية ولذا كان علمها ومــا يوصــل إليهــا مــن‬
‫شرع أو وسائله هو العلم الحقيقي المعتبر‪.‬‬
‫ولذا‪" :‬فإنهم يعرفون أن الله خالق السماوات والرض وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬ومع هذا يعبدون معه شركاء")‪"،(2‬فهم يعرفون أن الله‬
‫هو الخالق! ولكنها المعرفة الذهنية الباردة الميتة‪ ،‬التي ل تنشأ‬
‫شعورا ً ول سلوكا‪ ،‬ومن ثم فمعرفتهم والجهل سواء ‪ :‬ﭽﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﭼ‬
‫")‪.(3‬‬
‫‪ (4‬اتخاذ آيات الله هزوا‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼـ وهذا نتيجة الجهل عمومًا‪،‬‬
‫والجهــل المركــب خصوصــًا‪ ،‬ونتيجــة عــدم التــأثر بآيــات اللــه‪،‬‬
‫والستهزاء يورد صاحبه المهالك‪ ،‬فالـذين يسـمعون آيــات اللـه ول‬
‫يعملون بها بل ويعملون بخلفها قد استهزؤوا بآيات الله ودين الله‬
‫تعالى‪ ،‬وهذا الستهزاء عملي وهو الذي يدل عليه قوله تعالى‪ :‬ﭽﮄﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ‪ .‬أما الستهزاء الثاني فهو أن يتخذها‬
‫سخرية وعيبا ً وتنديدًا‪ ،‬والعياذ بــالله ‪ -‬كمــا حصــل مــن المنــافقين‪،‬‬
‫فقال الله فيهم‪ :‬ﭽﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗﭼ ]سورة التوبة ‪.[66-65‬‬
‫"ثم إن النسان إذا تعود على سماع اللهو؛ عــزف عــن القــرآن‪،‬‬
‫وعن تدبر آيات الله‪ ،‬ثم تكون الخطوة الموبقة‪ ،‬وهي‪ :‬أن يستهزئ‬
‫بآيات القرآن وأحكام الدين‪ ،‬فتلك قاصمة الظهر")‪.(4‬‬
‫ومن صور اتخاذ آيات الله هزوًا‪ :‬استعمالها فيما ل يصــلح لمثلهــا‬
‫كاســتعمالها فــي الطــرائف والنكــت ‪-‬النــوادر‪ -‬علــى النــاس‪ ،‬أو‬
‫تحريفها واللحاد فيها‪ ،‬والخوض فيها بل علــم ول حجــة ول برهــان‪،‬‬
‫وتعليقها في الماكن غير المحترمة وتأويلها وتنزيلها علــى أمــور ل‬
‫تليق بها‪..‬وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ (5‬الظلم باليات‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﮩ ﯤ ﯥ ﯦﯧﮩﮩ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﭼ ]العراف‪"[١٠٣:‬والظلم‪:‬‬
‫العتداء علــى حــق الغيــر‪ ،‬والمعنــى‪ :‬فظلمــوا كــل مــن لــه حــق فــي‬
‫التحرير والتنوير ‪.8/113‬‬ ‫‪()1‬‬
‫تفسير القرآن العظيم ‪.6/348‬‬ ‫‪()2‬‬
‫دراسات قرآنية ص ‪. 193‬‬ ‫‪()3‬‬
‫من لطائف التفسير ) ‪. (3/101‬‬ ‫‪()4‬‬
‫صفحة ‪ 30‬من ‪55‬‬
‫النتفاع باليات‪ ،‬أي منعوا الناس من التصديق بهــا وآذوا الــذين آمنــوا‬
‫بموسى لما رأوا آياته‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭽﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭼ ]العراف‪ .[١٢٤–١٢٣:‬وظلموا‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫أنفسهم إذ كابروا ولم يؤمنوا‪ ،‬فكان الظلم بســبب اليــات أي بســبب‬
‫العتراف بها")‪.(1‬‬
‫‪ (6‬عدم التدبر لكلم الله وآياته‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮩ ﮨ ﮩﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ ]المؤمنون‪" [٦٨:‬قرعهم أول ً‬
‫ﯚ‬ ‫بترك النتفاع بالقرآن")‪ ،(2‬وقال مخبرا ً عن يوم القيامة‪ :‬ﭽ ﯘ ﯙ‬
‫ﯛﮩ ﯜﮩﮩﮩﮩﮩ ﯝ ﯞ ﯟﮩ ﯠﯡ ﭼ ]الفرقان‪ [٣٠:‬وذلك يشمل ترك النتفاع به مطلقًا‪،‬‬
‫ما تضمنه من الحكــام كــالحكم بغيــر‬ ‫وترك النتفاع بشيء منه أوم ّ‬
‫ما فيه هجران له‪.‬‬ ‫ما أنزل الله‪ ،‬أو ترك تلوته ‪ ..‬وغير ذلك م ّ‬
‫‪ (7‬ضعف الهتمام بالقرآن‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭼ ]فصلت‪ [٥:‬أي‪" :‬مانع حائل أن‬
‫يصــل إلينــا ممــا تقــول شــيء")‪" (3،‬فأعرضـــوا مصـــرحين بقلـــة‬
‫ﯠﭼ‬ ‫ﯜﮩﮩﮩﮩﮩ ﯝ ﯞ ﯟﮩ‬
‫ا‪ :‬ﭽﯘﮩ ﯙ ﯚ ﯛﮩ‬‫الكتراث")‪.(4‬وأخبر عنها الله بقوله أيض ً‬
‫]السراء‪.[٤٦:‬‬
‫‪ (8‬ترك الستماع للقرآن‪:‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ ]لقمان‪ [٧:‬وقال‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﯩ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]فصلت‪ [٤٤:‬وقال تعالى عن‬
‫الكفار ومقولتهم‪ :‬ﭽـ ﭯ ﭰ ﭱﭼ ]فصلت‪" [٥:‬وهو الثْقل الذي يمنعهم من‬
‫عا ينفعهم ويهتدون به")‪" ،(5‬فل نسمع ما تدعونا‬ ‫سماع القرآن سما ً‬
‫إليه‪ ،‬استثقال لما يدعو إليه وكراهة له" ‪.‬وأخــبر عنهــا اللــه بقــوله‬
‫)‪(6‬‬

‫ﯜﮩﮩﮩﮩ ﯝ ﯞ ﯟﮩ ﯠﭼ ]السراء‪.[٤٦:‬‬
‫ا‪ :‬ﭽﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬‫أيض ً‬
‫‪ (9‬النشغال عن القرآن بما دونه‪:‬‬
‫ء من الشهوات أو الشبهات؛ قال تعالى عن الكفار ومقــولتهم‪ :‬ﭽ‬ ‫سوا ٌ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵـ ﭼ ]فصلت‪ [٥:‬أي‪" :‬خلف في الدين‪ ،‬لنهم يعبدون الصنام‬
‫وهو يعبد الله عز وجل‪ .‬وهو‪ :‬ستر مانع عن الجابة")‪ .(7‬وأخبر عنها‬
‫الله بقوله أيضًا‪ :‬ﭽ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﭼ ]السراء‪.[٤٥ :‬‬
‫‪ (10‬عداوة ومحاربة القرآن‪:‬‬
‫قال تعالى عن الكفار ومقولتهم‪ :‬ﭽﭶـ ﭷـ ﭸـ ﭹﭼ ]فصــلت‪ [٥:‬أي‪" :‬اعمــل‬
‫أنت على طريقتك‪ ،‬ونحن علــى طريقتنــا ل نتابعــك")‪" .(8‬فأعرضــوا‬
‫مصرحين بقلـة الكـتراث وبالنتصـاب للجفـاء والعـداء‪ ،‬وهـذا تفصـيل‬
‫‪ ()1‬التحرير والتنوير ‪ 9/36‬باختصار‪.‬‬
‫‪ ()2‬أضواء البيان ‪.5/874‬‬
‫‪ ()3‬تفسير القرآن العظيم ‪.5/82‬‬
‫‪()4‬التحرير والتنوير ‪.24/233‬‬
‫‪()5‬تفسير القرآن العظيم ‪5/82‬‬
‫‪ ()6‬جامع البيان ‪.20/277‬‬
‫‪()7‬الجامع لحكام القرآن ‪15/339‬‬
‫‪()8‬تفسير القرآن العظيم ‪7/161‬‬
‫صفحة ‪ 31‬من ‪55‬‬
‫للعراض عما وصف به القرآن من الصــفات الــتي شــأنها أن تقربهــم‬
‫إلى تلقيه ل أن يبعـدوا ويعرضــوا وقــد جــاء بالتفصـيل بــأقوالهم الــتي‬
‫حرمتهم من النتفاع بالقرآن واحدا واحدا")‪.(1‬‬
‫ا‪ :‬ﭽ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫وهذه الصفات أخبر عنها الله بقوله أيض ً‬
‫ﯜﮩﮩﮩﮩ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﮩ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﭼ ]السراء‪ .[٤٦-٤٥ :‬و"القصد من‬ ‫ﯖﯗﯘﯙﯚﯛ‬
‫ذلك‪ ،‬أنهم أظهروا العراض عنه‪ ،‬من كل وجه‪ ،‬وأظهروا بغضــه‪،‬‬
‫والرضا بما هم عليه‪ ،‬ولهذا قالوا‪ :‬ﭽ ـ ﭶـ ﭷـ ﭸﭼ أي‪ :‬كما رضـيت‬
‫بالعمل بدينك‪ ،‬فإننا راضون كل الرضا‪ ،‬بالعمل فــي ديننــا‪ ،‬وهــذا‬
‫من أعظم الخذلن‪ ،‬حيث رضوا بالضلل عن الهــدى‪ ،‬واســتبدلوا‬
‫الكفـر باليمـان‪ ،‬وبـاعوا الخـرة بالـدنيا")‪.(2‬ويكــون معنــى اليــة‪:‬‬
‫"وقال الكافرون للنبي ‪ ‬على ســبيل تيئيســه مــن إيمــانهم‪ :‬إن‬
‫قلوبنا قد كستها أغطية متكاثفة جعلتها ل تفقه ما تقوله لنا‪ ،‬وما‬
‫تدعونا إليه‪ ،‬وإن آذاننا فيها صمم يحول بيننا وبين سماع حديثك‪،‬‬
‫وإن من بيننا ومن بينك حاجزا غليظا يحجــب التواصــل والتلقــي‬
‫بيننا وبينك‪ ،‬وما دام حالنا وحالك كــذلك فاعمــل مــا شــئت فيمــا‬
‫يتعلق بدينك‪ ،‬ونحن من جانبنا سنعمل ما شئنا فيما يتعلق بديننا‪.‬‬
‫وهذه القوال التي حكاها القرآن عنهم‪ ،‬تدل على أنهم قــوم قــد‬
‫بلغوا أقصى درجات الجحود والعنــاد‪ :‬فقلــوبهم قــد أغلقــت عــن‬
‫إدراك الحق‪ ،‬وأسماعهم قد صمت عن سماعه‪ ،‬وأشخاصهم قــد‬
‫أبت القتراب من شخص الرســول ‪ ‬الــذي يحمــل لهــم الخيــر‬
‫والنور‪ ،‬ومــا حملهــم علــى ذلــك إل إتبــاعهم للهــوى والشــيطان‪.‬‬
‫وصدق الله إذ يقول‪ :‬ﭽﯩ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﯲﭼ ]الصف‪.(3)"[٥:‬‬
‫‪ (11‬الفك والذنوب‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ ]الجاثية‪ [7-6:‬فإن‬
‫"القرآن من جملة آيات الله وأنه مذكر بها‪ ،‬فالذين كفروا بآيــات اللــه‬
‫كفروا بالقرآن في عموم اليات‪ ،‬وهذا واقع موقع التذييل لما تقــدمه‪.‬‬
‫وجيء بالموصول وصلته ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﭼ ]الجاثية‪ [١١:‬لما تشعر به‬
‫الصلة من أنهم حقيقون بالعقاب")‪.(4‬‬
‫‪ (12‬الصرار والستكبار‪:‬‬
‫وقال في هذه السورة‪ :‬ﭽﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﮩ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﭼ ]السراء‪[٤٦:‬‬
‫روا في قوله‬ ‫ض ُ‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕـ ﭼ ]لقمان‪ [٧:‬وقد است ُ ْ‬
‫ح ِ‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﰈﰉ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]الجاثية‪ [٣١:‬وقوله‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ‬
‫"بعنوان الكفر دون عنواني الصرار والستكبار‬ ‫ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﭼ ]الجاثية‪[1١:‬‬
‫ﮜ ﮝﮞ ﮟ‬ ‫اللذين استحضروا بهما في قوله‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫لن الغرض هنا النعي عليهم إهمالهم النتفاع بــالقرآن‬ ‫ﮠ ﮡﮢ ﭼ]الجاثية‪[8:‬‬

‫‪()1‬التحرير والتنوير ‪.24/233‬‬


‫‪()2‬تيسير الكريم الرحمن ص ‪.744‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬تفسيرالوسيط للطنطاوي ‪.12/188‬‬
‫‪ ()4‬التحرير والتنوير ‪.25/335‬‬
‫صفحة ‪ 32‬من ‪55‬‬
‫وهو النعمة العظمى التي جاءتهم من الله فقابلوهــا بــالكفران عوضــا‬
‫عن الشكر‪ ،‬كما جاء في قوله تعالى‪ :‬ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭼ ]الواقعة‪.(1)"[82:‬‬
‫‪ (13‬الشيطان‪:‬‬
‫فإنه "يريد بوساوسه أن يشغل القلب عن النتفاع بالقرآن فأمر اللــه‬
‫القارئ اذا قرأ القرآن أن يستعيذ بالله منه قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮝﯪﯪ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢﯪ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﭼ ]النحل‪.(2)"[ ٩٨ :‬‬
‫‪ (14‬عدم الدب مع كلم الله‪:‬‬
‫"فمن أدب السلم قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﯖ ﯗﭼ ]سورة‬ ‫ﮮ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕ‬ ‫ﮪﮫﮬﮭ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡﮩ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫على صوت القارئ لكلمه عز وجل منهي‬ ‫فرفع أصواتهم‬ ‫الحجرات‪[2-1:‬‬
‫عنه‪ ،‬والدب معه فوق الدب مع كلم النبي ‪ ‬بالضرورة)‪.(3‬‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪.‬‬


‫‪()2‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى ‪.7/283‬‬
‫‪ ()3‬أنظر‪ :‬مجلة لواء السلم‪ -‬بحــث بعنــوان تلوة القــرآن واســتماعه ‪ -‬عبــد الوهــاب‬
‫حمودة‪ - :‬عدد رمضان ‪ 1367‬هـ ‪ ،‬وموضوعات سورة الحجرات للباحث‪.‬‬
‫صفحة ‪ 33‬من ‪55‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أسباب العراض عن اليات الخرى‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﯩﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭﭮ ﭯﭰﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭼﭽ ﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏ ﮐﭼ وقال تعالى‪ :‬ﭽﮡﮢﮣ ﮤﮥ ﮦﮧ ﮨ‬
‫ﭼ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯲﭼ ‪.‬‬
‫ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ ]العراف‪.[١٤٦ :‬‬ ‫ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫هذه الية تأصيل لما نحن بصدده من الحديث عن وسائل وأسـباب‬ ‫نإ ّ‬
‫ينة الظاهرة فإن ّ معنــى اليــة‪" :‬أن‬ ‫العراض عن آيات الله وحججه الب ّ‬
‫الله يصرفهم عن إتبــاع آيــاته؛ لنهــم جبلــوا علــى التكــبر فــي الرض‪،‬‬
‫والعــراض عــن اليــات‪ ،‬فالصــرف هنــا صــرف تكــويني فــي نفــوس‬
‫القوام‪ ،‬وعن الحسن‪ :‬أن من الكفار من يبالغ في كفره وينتهــي إلــى‬
‫حد إذا وصل إليه مات قلبه‪ ،‬وفي قــص اللــه تعــالى هــذا الكلم علــى‬
‫تعريض بكفار العرب بــأن اللــه دافعهــم عــن تعطيــل آيــاته‪،‬‬ ‫محمد ‪‬‬
‫وبأنه مانع كثيرا منهم عن اليمان بها لما ذكره‬
‫ويجوز أن تكون جملة ﭽﭶ ﭷ ﭸﭼمن خطاب الله تعالى لرسوله محمد‬
‫فتكون الجملة معترضة في أثناء قصــة بنــي إســرائيل بمناســبة‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪‬‬ ‫‪،‬‬
‫قوله‪ :‬ﭽـ ﭲـ ﭳـ ﭴـ ﭵﭼ ]العراف‪[145:‬تعريضا بأن حال مشركي العرب‬
‫كحال أولئك الفاسقين‪ ،‬وتصريحا بسبب إدامتهم العناد والعراض عن‬
‫اليمان‪ ،‬فتكون الجملة مستأنفة اســتئنافا ابتــدائيا‪ ،‬وتــأتي فــي معنــى‬
‫الصرف عن اليات الوجوه السابقة‪.‬‬
‫بسين الستقبال القريب تنبهه على أن اللــه يعجــل‬ ‫واقتران فعل ﭽﭶﭼ‬
‫ذلك الصرف‪ .‬لنه إذا صار ذلك حاله ريــن علــى قلبــه ‪ ،‬فصــرف قلبــه‬
‫عن إدراك دللة اليات وزالت منه الهلية لذلك الفهم الشريف")‪.(2‬‬
‫ومن خلل آيات سورة لقمان وهععذه اليععة وغيرهععا يمكننععا‬
‫تلخيععص أسععباب العععراض عععن اليععات النفسععية والفقيععة‬
‫بالتي‪:‬‬
‫‪ (1‬الكبر‪:‬‬
‫غ‬
‫صي ْ َ‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭼوالتكبر التصاف بالكبر‪ .‬وقد ِ‬
‫الصيغة الدالة على التكلف‪ ،‬وذلــك كقــوله تعــالى‪ :‬ﭽ ـ ﮮﮩ ﮯﭼ ]البقــرة‪[34:‬‬
‫‪[87‬والمعنــى‪ :‬أنهــم يعجبــون بأنفســهم‪ ،‬ويعــدون‬ ‫وقــوله‪ :‬ﭽﯠﭼ ]البقــرة‪، :‬‬
‫أنفسهم عظماء فل يأتمرون لمر‪ ،‬ول ينتصحون لناصح‪ .‬وزيــادة قــوله‪:‬‬
‫لتفضيح تكبرهم‪ ،‬والتشهير بهم بأن كبرهم مظروف في الرض‪،‬‬ ‫ﭽﭻ ﭼﭼ‬
‫أي ليس هو خفيا مقتصرا على أنفســهم‪ ،‬بــل هــو مبثــوث فــي الرض‬
‫‪()1‬روى ذلك الطبري عن سفيان بن عيينة‪.‬‬
‫‪ ()2‬التحرير والتنوير ‪105-9/103‬بتصرف واختصار‪.‬‬
‫صفحة ‪ 34‬من ‪55‬‬
‫ﮞ ﭼ ]يونس‪:‬‬ ‫أثره ‪ ،‬فهو تكبر شائع في بقاع الرض كقوله‪ :‬ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫‪ [23‬وقوله‪ :‬ﭽﯕ ﯖ ﯗﯘﮩ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﮩ ﭼ ]البقرة‪ [27:‬وقوله‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]السراء‪:‬‬
‫‪.[37‬‬
‫"زيادة لتشنيع التكبر بذكر ما هو صفة لزمة له‪ ،‬وهو‬ ‫وقوله‪ :‬ﭽﭽ ﭾﭼ‬
‫مغايرة الحق‪ ،‬أي‪ :‬باطل وهي حال لزمة للتكبر‪ ،‬كاشفة لوصــفه‪ ،‬إذ‬
‫التكبر ل يكون بحق في جانب الخلق‪ ،‬وإنما هو وصف لله بحق؛ لنه‬
‫العظيم على كل موجود")‪.(1‬‬
‫‪(2‬عدم اليمان مع تعدد اليات‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼفقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﭼ كقوله سبحانه‪ :‬ﭽ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯼ ﯽﭼ ]يونس‪" [٩٧ – ٩٦ :‬وكل‬
‫ﭽـﮩﮩﮩﮩ ﮩ ﯲ ﯨ ﯩ ﯲ ﯲـ ﭼ‬ ‫مستعملة في معنى الكثرة‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﯥﯦﯧ‬
‫]البقــرة‪ ،(2)"[١٤٥ :‬أي‪" :‬ولو جــاءتهم آيــات كــثيرة تشــبه فــي الكــثرة‬
‫استغراق جميع اليات الممكن وقوعها‪ ،‬والمعنى‪ :‬أنهــم ل يؤمنــون‬
‫إل حين ل ينفعهم اليمان‪ ،‬لن نزول العذاب هــو ابتــداء مجــازاتهم‬
‫على كفرهم‪ ،‬وليس بعد الشروع في المجــازاة عفــو‪ .‬ومــن بركــة‬
‫هذا الدين أن الذين كفروا به قــد هـداهم اللـه قبــل أن ينــزل بهــم‬
‫عذابًا")‪.(3‬‬
‫‪(3‬اتباع الغواية وترك الهداية‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ والسبيل‪:‬‬
‫وسيلة الشيء‪ .‬والرؤية‪ :‬للدراك‪ .‬والتخاذ يطلق على أخذ الشيء ولو‬
‫لم يعطه إياه غيره‪ ،‬وهو هنا للملزمة‪ ،‬أي ل يلزمــون طريــق الرشــد‪،‬‬
‫ويلزمون طريق الغي‪ .‬والرشد الصلح وفعل النافع كقوله تعــالى‪ :‬ﭽﯲ‬
‫والمراد به هنا‪ :‬الشــيء الصــالح كلــه مــن اليمــان‬ ‫ﯲـ ﯲـ ﯲﭼ ]النساء‪.[6:‬‬
‫والعمال الصالحة‪ .‬والغــي الفســاد والضــلل‪ ،‬وهــو ضــد الرشــد بهــذا‬
‫المعنى‪ ،‬كما أن السفه ضد الرشد بمعنــى حســن النظــر فــي المــال‪،‬‬
‫فالمعنى‪ :‬إن يدركوا الشيء الصالح لم يعملوا به‪ .‬لغلبــة الهــوى علــى‬
‫قلوبهم‪ ،‬وإن يدركوا الفساد عملوا به لغلبة الهوى‪ ،‬فالعمــل بــه حمــل‬
‫للنفــس علــى كلفـة‪ ،‬وذلــك تأبــاه النفــس الــتي نشــأت علــى متابعــة‬
‫مرغوبها‪ ،‬وذلك شأن الناس الذين لم يروضوا أنفسهم بالهدى اللهي‪،‬‬
‫ول بالحكمة ونصائح الحكماء والعقلء‪ ،‬بخلف الغي‪ ،‬فإنه ما ظهر فــي‬
‫العالم إل من آثار شهوات النفوس ودعواتهــا الــتي ي ُ َيزـ ّـن لهــا الظــاهر‬
‫هل َ عواقب السوء الجلة‪ ،‬كما جاء في الحديث‪) :‬حجبــت‬ ‫ج‬
‫العاجل‪ ،‬وت َ ْ‬
‫‪.‬‬‫)‪(5)(4‬‬
‫النار بالشهوات ‪ ،‬وحجبت الجنة بالمكاره(‬

‫‪ ()1‬التحرير والتنوير ‪.9/105‬‬


‫‪ ()2‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ ()3‬المصدر السابق ‪.287 /10‬‬
‫‪ ()4‬صحيح البخاري كتاب الرقاق باب حجبت النار بالشهوات)‪ ،(6487‬ومســلم كتــاب‬
‫الجنة وصفة نعيمها وأهلها)‪.(2822‬‬
‫‪ ()5‬التحرير والتنوير ‪.9/106‬‬
‫صفحة ‪ 35‬من ‪55‬‬
‫‪(4‬التكذيب القولي والفعلي‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﮔـ ﮕـ ﮖﮗﭼأي‪" :‬إنهم ابتدأوا بالتكذيب‪ ،‬ولم ينظــروا‪،‬‬
‫ولم يهتموا بالتأمل في اليات فداموا علــى الكــبر ومــا معــه‪ ،‬فصــرف‬
‫الله قلوبهم عن النتفاع باليات‪ ،‬وليــس المــراد الخبــار بــأنهم حصــل‬
‫منهم التكذيب‪ ،‬لن ذلك قد علم من قوله‪ :‬ﭽﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﭼ")‪.(1‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ‬ ‫وقوله تعالى‪ :‬ﭽـ ﮌ ﮍ‬
‫]النعام‪ [٣٩ :‬قال الطبري‪" :‬والذين كذبوا بحجج الله وأعلمه وأدلته‬
‫م‪ ،‬عن سماع الحق بكم‪ ،‬عن القيل بـه فــي الظلمــات‪ ،‬يعنــي‪:‬‬ ‫ص ّ‬
‫في ظلمة الكفــر حــائًرا فيهــا‪ ،‬يقــول‪ :‬هــو مرتطــم فــي ظلمــات‬
‫الكفــر‪ ،‬ل يبصــر آيــات اللــه فيعتــبر بهــا‪ ،‬ويعلــم أن الــذي خلقــه‬
‫دره أحســن تقــدير‪ ،‬وأعطــاه‬ ‫وأنشأه فــدّبره وأحكــم تــدبيره‪ ،‬وق ـ ّ‬
‫دى‪،‬‬ ‫القوة‪ ،‬وصحح له آلة جسمه لم يخلقـه عبث ًــا‪ ،‬ولـم يــتركه سـ ً‬
‫ولم يعطه ما أعطاه مــن اللت إل لســتعمالها فــي طــاعته ومــا‬
‫يرضيه‪ ،‬دون معصــيته ومــا يســخطه‪ .‬فهــو لحيرتــه فــي ظلمــات‬
‫م‬
‫ما الله قــد أثبــت لــه فــي أ ّ‬ ‫لع ّ‬ ‫دده في غمراتها‪ ،‬غاف ٌ‬ ‫الكفر‪ ،‬وتر ّ‬
‫ل يوم يحشر إليه مع سائر المم‪ .‬ثم أخبر‬ ‫الكتاب‪ ،‬وما هو به فاع ٌ‬
‫َ‬
‫ل من يشاء إضلله من خلقــه عــن اليمــان‬ ‫ض ّ‬‫تعالى ذكره أنه الم ِ‬
‫ب‬‫إلى الكفــر‪ ،‬والهـادي إلــى الصـراط المسـتقيم منهــم مـن أحـ ّ‬
‫وله لليمــان بــه‪ ،‬وتــرك الكفــر بــه‬ ‫هــدايته‪ ،‬فمــوّفقه بفضــله وط َـ ْ‬
‫وبرسله وما جاءت به أنبياؤه‪ ،‬وأنه ل يهتدي من خلقه أحد إل من‬
‫م الكتــاب الســعادة‪ ،‬ول يضــل منهــم أحــد إل مــن‬ ‫سبق له فــي أ ّ‬
‫ّ‬
‫ن بيده الخير كله‪ ،‬وإليه الفضل كله‪ ،‬لــه‬ ‫الشقاء‪ ،‬وأ ّ‬ ‫سبق له فيها‬
‫الخلق والمر" ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪(5‬الغفلة عن اليات‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ"والغفلة انصراف العقل والذهن‬
‫عن تذكر شيء بقصد أو بغير قصد‪ ،‬وأكثر استعماله في القــرآن فيمــا‬
‫كان عن قصد بإعراض وتشاغل‪ ،‬والمذموم منهـا مـا كـان عـن قصـد‪،‬‬
‫وهو مناط التكليف والمؤاخذة‪ ،‬فأما الغفلة عن غير قصد فل مؤاخــذة‬
‫عليها‪ ،‬وهي المقصـود مــن قــول علمـاء أصـول الفقـه‪ :‬يمتنــع تكليــف‬
‫وللتنبيه على أن غفلتهم عن قصد صيغ الخبار عنهم بصيغة‬ ‫)‪(3‬‬
‫الغافل‬
‫‪.‬‬
‫للدللة على استمرار غفلتهم‪ .‬وكونها دأبا لهم‪ ،‬وإنما تكون‬ ‫ﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ‬
‫كذلك إذا كانوا قد التزموها‪ ،‬فأما لو كــانت عــن غيــر قصــد‪ .‬فإنهــا قــد‬
‫تعتريهم وقد تفارقهم‪.(4)".‬ولذا فإن أهل الغفلة ل ينتفعون باليات ول‬
‫تثمر فيهم؛ ولهذا يقول الله عز وجل‪ :‬ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭼ‬
‫]سورة يوسف‪.[105:‬‬

‫‪()1‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ ()2‬جامع البيان ‪.238-9/237‬‬
‫‪ ()3‬وانظــر كلم الصــوليين عليهــا المحصــول للــرازي ‪ ، 2/437‬والحكــام للمــدي‬
‫‪ ،1/149‬والبحر المحيط للزركشي ‪.1/442‬‬
‫‪ ()4‬التحرير والتنوير ‪.107-9/106‬‬
‫صفحة ‪ 36‬من ‪55‬‬
‫ﮪ ﮫﮩ ﭼ ]النبياء‪[٧ :‬‬ ‫ﭽـ ﮤ ﮥﮩ ﮦ ﮧﮩ ﮨ ﮩﮩ‬ ‫وعلج الغفلة في قول الله سبحانه‪:‬‬
‫فعليه أن يحضر حلقات العلم؛ ليســتفيد ويتــذاكر مــع إخــوانه الــذين‬
‫يرجو أن يكون عندهم علم حتى يستفيد من علمهم‪ ،‬وحتى يضم مــا‬
‫لديهم من العلوم النافعة إلى ما لديه من العلـم‪ ،‬فيحصــل لـه بـذلك‬
‫خير كثير ويحصل له بذلك الفقه في الدين‪ ،‬ويحصل له بــذلك البعــد‬
‫عن صفات المعرضين والغافلين)‪.(1‬‬
‫‪(6‬ضعف الصبر أو الشكر‪:‬‬
‫ﮎ ﮏﮐ ﭼ‬ ‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﭾ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﭼ ﭽ‬
‫ً‬
‫]لقمان‪ [٣١ :‬وقال عن الفلك أيضا‪ :‬ﭽﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﭼ ]سبأ‪[١٩:‬‬ ‫ﭧﭨﭼ ]الشورى‪ [٣٣:‬وقال في سبأ‪ :‬ﭽﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫وقال عن موسى عليه السلم‪ :‬ﭽﮬﯪﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟﮩ ﯠﯡﯢﯣﭼ ]إبراهيم‪[٥:‬الصبار‪ :‬الكثير الصبر‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ‬
‫فل بد مــن الصــبر قبـل العتبــار ليكــون نافعـًا‪.‬‬ ‫ﭩـ ﭪـ ﭫﭬﭼ ]النبيــاء‪.[٣٧:‬‬
‫"والشــكور‪ :‬الكــثير الشــكر‪ .‬وإنمــا خــص الشــكور والصــبور بالعتبــار‬
‫باليــات وإن كــان فيهــا عــبرة للكافــة لنهــم هــم المنتفعــون بهــا دون‬
‫غيرهم فلهذا خصهم باليات‪ ،‬فكأنها ليست لغيرهم فهو كقوله ﭽﭚ ﭛﭼ‬
‫ولن النتفاع باليات ل يمكــن حصــوله إل لمــن يكــون صــابرا‬ ‫]البقرة‪[٢:‬‬
‫شاكرا أما من لم يكن كذلك فل ينتفع بها البتة" ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪(7‬الطغيان‪:‬‬
‫ﯲ ﯲ ﯲﰈﰉ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]النعام‪[١١٠:‬‬ ‫ﯲ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﯲ ﯲ ﯲ ﯲ‬
‫أي‪" :‬فنحول بينها وبين النتفــاع بآيــات اللــه‪ ,‬فليؤمنــون بهــا كمــا لــم‬
‫يؤمنوا بآيات القرآن عند نزولها أول مرة‪ ,‬ونتركهم في تمردهــم علـى‬
‫الله متحيرين‪ ,‬ليهتدون إلى الحق والصــواب‪" .(3)".‬والمعنــى ونقل ّــب‬
‫أيديهم وأبصارهم فل يؤمنون بالية اّلتي تجيئهم مثَلمــا لــم يؤمنــوا‬
‫ل‪ ،‬فتقليــب أفئدتهــم وأبصــارهم علــى هــذا المعنــى‬ ‫بالقرآن من قب ُ‬
‫ن المكابرة سجّيتهم فكما لــم‬ ‫دنيا‪ ،‬وهو الخذلن ‪ ..‬فإ ّ‬ ‫يحصل في ال ّ‬
‫يؤمنوا في الماضــي بآيــة القــرآن وفيــه أعظــم دليــل علــى صــدق‬
‫سلم ل يؤمنون في المستقبل بآيةٍ أخرى‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫الّرسول عليه ال ّ‬
‫ما لم تكفهم اليات العقلّية ولـم ينتفعــوا بـأفئدتهم‬ ‫إذا جاءتهم ‪ ..‬ول ّ‬
‫ن يرقــى‬ ‫صــرة‪ ،‬كــأ ْ‬‫لّنها مقّلبة عن الفطرة وسألوا آيــات مرئي ّــة مب َ‬
‫ل عليهم كتابا ً في قرطاس‪ ،‬أخبر اللـه رسـوله ‪‬‬ ‫سماء وينز َ‬ ‫في ال ّ‬
‫ن أبصـارهم‬ ‫مـا آمنـوا ل ّ‬ ‫والمسلمين بأّنهم لو جاءتهم آيـة مبصـرة ل َ َ‬
‫مقّلبة أيضا ً مثل تقليب عقولهم ‪ ...‬نتركها على انقلبهــا ال ّــذي هــي‬
‫ق‪ ،‬وكــانت تصــرف‬ ‫عليــه‪ ،‬فكــانت مملــوءة طغيان ـا ً ومكــابرة للح ـ ّ‬
‫طغيــان إلــى‬ ‫أبصــارهم عــن الّنظــر والســتدلل‪ ،‬ولــذلك أضــاف ال ّ‬
‫صله فيهم ونشأتهم عليه وأّنهم حرموا لين‬ ‫دللة على تأ ّ‬ ‫ضميرهم لل ّ‬
‫ذكرى‪ ..‬وفــي ‪ -‬أســلوب اليــة‪-‬‬ ‫ة وال ـ ّ‬‫الفئدة اّلذي تنشأ عنه الخشي ُ‬
‫طغيان" ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬ ‫ئ عن ال ّ‬ ‫مه ناش ٌ‬ ‫ن العَ َ‬‫تنبيه على أ ّ‬
‫‪ ()1‬مجموع فتاوى ومقالت ابن باز ‪.9/283‬‬
‫‪ ()2‬تفسير الخازن ‪4/33‬‬
‫‪()3‬التفسير الميسر ‪.141‬‬
‫‪()4‬التحرير والتنوير ‪ 444-7/441‬باختصار‪.‬‬
‫صفحة ‪ 37‬من ‪55‬‬
‫‪(8‬عدم أو ضعف اليقين‪:‬‬
‫أخبر الله تعالى عن أهل النار بأنهم لم يكونوا من أهــل اليقيــن فقــال‬
‫تعالى‪ :‬ﭽﯲ ﯲ ﯲ ﰎﯲ ﯲ ﰒ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]الجاثية‪:‬‬
‫‪.[٣٢‬‬
‫وأخبر سبحانه أنه‪ :‬ﭽ ـ ﯲـ ﯲـ ﯲـ ﯼـ ﯽﯾﭼ ]البقــرة‪" [١١٨:‬وفي هــذا الكلم‬
‫تسلية للنبي ‪ ‬بأن ما لقيه من قومه مثل ما لقاه الرســل قبلــه‬
‫ولذلك أردفت هذه الية بقوله‪ :‬ﭽﯿ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲﭼ ]البقرة‪ [119 :‬الية‪.‬‬
‫وجملة ﭽﯲـ ﯲـ ﯲـ ﯲـ ﯲـ ﯲـ ﯲﭼ واقعة موقع الجواب لمقالة الذين ل‬
‫يعلمون‪ ،‬وهو جواب إجمالي اقتصر فيه على تنظير حالهم بحــال‬
‫من قبلهم‪ ،‬فيكون ذلك التنظير كناية عــن العــراض عــن جــواب‬
‫مقــالهم‪ ،‬وأنــه ل يســتأهل أن يجــاب؛ لنهــم ليســوا بمرتبــة مــن‬
‫يكلمهم الله‪ ،‬وليست أفهامهم بأهل لدراك ما في نزول القــرآن‬
‫من أعظم آية‪.‬‬
‫ن وســوء‬ ‫وجملــة ﭽﯲـ ﯲﭼ تقريــر‪ ،‬أي‪ :‬تشــابهت عقــولهم فــي الفَـ ِ‬
‫النظر‪ ،‬وجملة ﭽﯲـ ﯲ ﯲـ ﯼ ﯽﭼ تعليل ً للعراض عن جوابهم؛ بأنهم‬
‫غير أهل للجواب‪ ،‬لن أهل الجواب هم القوم الذين يوقنون‪ ،‬وقد‬
‫بينت لهم آيات القرآن بما اشتملت عليه من الدلئل‪ ،‬وأما هــؤلء‬
‫فليســوا أهل ً للجــواب لنهــم ليســوا بقــوم يوقنــون بــل ديــدنهم‬
‫المكابرة")‪.(1‬‬
‫و"قد وضحنا الدللت على صدق الرسل بما ل يحتاج معهــا إلــى‬
‫سؤال آخر وزيادة أخرى‪ ،‬لمن أيقن وصدق واتبع الرســل‪ ،‬وفهــم‬
‫ما جاؤوا به عن الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وأما من ختم الله على قلبه وجعل علــى بصــره غشــاوة فــأولئك‬
‫الذين قال الله تعالى فيهم‪ :‬ﭽﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﯲ ﯲﯲ ﭼ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ‬ ‫ﮑﮒ‬ ‫]يونس‪ .(2)" [٩٧–٩٦ :‬ﭽ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ ]السجدة‪ [٢٤:‬ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫]النمل‪ [٨٢:‬ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭩ ﭪﭼ ]الجاثية‪[٤ :‬‬
‫" والمــراد بــ ) المــؤمنين ( ‪ ،‬وبــ ) قــوم يوقنــون ( ‪ ،‬وبــ ) قــوم‬
‫يعقلون ( واحد ‪ ،‬وهم المؤمنون بتوحيد الله فحصل لهــم اليقيــن‬
‫وكانوا يعقلون‪ ،‬أي‪ :‬يعلمون دللة اليات‪ .‬والمعنى‪ :‬أن المــؤمنين‬
‫والذين ُيوقنون‪ :‬يعلمون ول يكابرون‪ ،‬والذين يعقلون دللة الثــار‬
‫علــى المــؤثر ونظــروا النظــر الصــحيح فــي شــواهد الســماوات‬
‫والرض فعلموا أن ل بد لها من خــالق وأنــه واحــد فــأيقن بــذلك‬
‫العاقل منهم الــذي كــان مــترددًا‪ ،‬وازداد إيمانـا ً مــن كــان مؤمنـا ً‬
‫فصار موقنًا‪.‬‬
‫فالذين انتفعوا باليــات هــم المؤمنــون العــاقلون‪ ،‬فــوزعت هــذه‬
‫الوصاف على اليات لن ذلك أوقع في نفس الســامع مــن إت ْل َءِ‬
‫بعضها لبعــض‪ ،‬وقُــدم المتصــفون باليمــان لشــرفه وجعــل خلــق‬
‫الناس والدواب آية للموصوفين باليقان لن دللــة الخلــق كائنــة‬
‫‪()1‬المصدر السابق ‪.1/690‬‬
‫‪()2‬تفسير القرآن العظيم ‪. 1/400‬‬
‫صفحة ‪ 38‬من ‪55‬‬
‫في نفس النسان وما يحيط به من الدواب‪ ،‬وجعل اختلف الليل‬
‫ف حــوادث الجــو آيــة للــذين اتصــفوا بالعقــل لن‬ ‫والنهــار واختل ُ‬
‫دللتها على الوحدانية بواسطة لوزام مترتبة بإدراك العقل‪ .‬وقــد‬
‫أومأ ذكر هــذه الصــفات إلــى أن الــذين لــم يهتــدوا بهــذه اليــات‬
‫ﮊ‬ ‫ليسوا من أصحاب هذه الصفات‪ ،‬ولذلك أعقبه بقوله‪ :‬ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﯜﮩﮩﮩﮩ ﯝ ﯞ ﯟﮩ ﭼ ]الجاثية‪ [٢٠ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ ﭼ ]الجاثية‪ .(1)"[٦:‬ﭽ ﯘﮩ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﭻ ﭼ ]الطور‪.[٣٦:‬‬
‫‪(9‬العراض عن الدين‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽـ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋـ ﭼ ]النعام‪"[٤ :‬أصل العراض‬
‫صـرف الــوجه عـن النظـر فـي الشـيء وهــو هنـا مجـاز فـي إبـاء‬
‫المعرفة ‪ ،‬فيشمل المعنى الحقيقي بالنسبة إلى اليات المبصرات‬
‫كانشقاق القمر‪ ،‬ويشمل ترك الستماع للقرآن‪ ،‬ويشمل المكــابرة‬
‫عن العتراف بإعجازه وكونه حّقا ً بالنسبة للذين يستمعون القرآن‬
‫ب إلى ضميرهم هم لقصد التســجيل عليهــم‬ ‫ويكابرونه وإضافة الر ّ‬
‫ن من حقّ العبد أن ُيقبل علــى مــا يــأتيه‬ ‫بالعقوق لحقّ العبودية‪ ،‬ل ّ‬
‫م‬‫مرسل إليــك مــن رب ّــك‪ ،‬ث ـ ّ‬ ‫من رّبه وعلى من يأتيه يقول له‪ :‬إّني ُ‬
‫ّ‬
‫مل وينظر‪ ،‬وليس من حّقه أن يعرض عن ذلــك إذ لعلــه يعــرض‬ ‫يتأ ّ‬
‫ما إن تأمله علم أّنه من عند رّبه‪.‬‬ ‫ع ّ‬
‫ن‬
‫واختير التيان في خبر كان بصيغة اسم الفاعل للدللــة علــى أ ّ‬
‫ل على أّنهم لم يكــن‬ ‫دد‪ .‬والستثناء د ّ‬ ‫هذا العراض متحّقق‪ ،‬ومتج ّ‬
‫لهم حال إل ّ العــراض‪ .‬وإّنمــا ينشــأ العــراض عــن اعتقــاد عــدم‬
‫ذب‬ ‫ن المعــرض مك ـ ّ‬ ‫دليــل علــى أ ّ‬ ‫مــل‪ ،‬فهــو‬ ‫جــدوى النظــر والتأ ّ‬
‫رض عن سماعه‪. ".‬‬
‫)‪(2‬‬
‫للمخِبر المع ِ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ ]يوسف‪" [١٠٥ :‬يخبر تعالى‬
‫عن غفلة أكثر الناس عن التفكر في آيــات اللــه ودلئل توحيــده‪،‬‬
‫بما خلقه الله في السموات والرض من كواكب زاهرات ثوابت‪،‬‬
‫وسيارات وأفلك دائرات‪ ،‬والجميع مســخرات‪ ،‬وكــم فــي الرض‬
‫مــن قطــع متجــاورات وحــدائق وجنــات وجبــال راســيات‪ ،‬وبحــار‬
‫زاخرات‪ ،‬وأمواج متلطمات‪ ،‬وقفــار شاســعات‪ ،‬وكــم مــن أحيــاء‬
‫وأمــوات‪ ،‬وحيــوان ونبــات‪ ،‬وثمــرات متشــابهة ومختلفــات‪ ،‬فــي‬
‫الطعوم والــروائح واللــوان والصــفات‪ ،‬فســبحان الواحــد الحــد‪،‬‬
‫خالق أنواع المخلوقات‪ ،‬المتفرد بالــدوام والبقــاء والصــمدية ذي‬
‫السماء والصفات")‪.(3‬‬
‫ذبين فقال‪ :‬ﭽﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﭼ ]الحجر‪ ،[٨١ :‬ونبه‬ ‫مع َ ّ‬‫وأخبر تعالى عن ال ُ‬
‫ﯜﮩﮩﮩﮩ ﯝ ﯞ ﯟﮩ ﯠﭼ ]النبياء‪[٣٢ :‬‬
‫سبحانه وتعالى إلى تلك اليات فقال‪ :‬ﭽﯗﮩ ﯘﮩ ﯙ ﯚﯛ‬
‫"فل يتفكرون فيما خلق الله فيها من التساع العظيم‪ ،‬والرتفــاع‬
‫الباهر‪ ،‬وما زينت به من الكواكب الثوابت والسيارات فــي ليلهــا‪،‬‬
‫وفي نهارها من هذه الشمس التي تقطع الفلك بكماله‪ ،‬في يوم‬
‫‪()1‬التحرير والتنوير ‪ 328-25/327‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ ()2‬المصدر السابق ‪.135 -7/134‬‬
‫‪ ()3‬تفسير القرآن العظيم ‪ 4/418‬بتصرف‪.‬‬
‫صفحة ‪ 39‬من ‪55‬‬
‫وليلــة فتســير غايــة ل يعلــم قــدرها إل الــذي قــدرها وســخرها‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ]يس‪.[٤٦ :‬‬ ‫وسيرها")‪ .(1‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫فأخبر تعالى‪" :‬عن تمادي المشركين في غيهم وضــللهم‪ ،‬وعــدم‬
‫اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها‪ ،‬وما هم يســتقبلون بيــن أيــديهم‬
‫يوم القيامة لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عــذابه‪.‬‬
‫وتقدير كلمه‪ :‬أنهم ل يجيبون إلى ذلك ويعرضــون عنــه‪ .‬واكتفــى‬
‫عن ذلك بقوله‪ :‬ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﭼ على التوحيد وصدق الرسل ﭽﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ ل يتأملونها ول ينتفعون بها")‪.(2‬ﭽ ﮚ ﮛ ﮜﮝﮞ ﮟ ﮠﮩ ﮡﮩ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮩ ﮨ‬
‫ﮩﮩ ﮪ ﭼ ]الحقاف‪[٣ :‬‬
‫لقبال عليه‪ ،‬وأصــله‬ ‫لعراض عن الشئ‪ :‬الصدود عنه‪ ،‬وعدم ا ِ‬ ‫و"ا ِ‬
‫مــن العُـْرض ‪ -‬بضــم العيــن ‪ -‬وهــو الجــانب ‪ ،‬لن المعــرض عــن‬
‫الشئ يعطيه جانب عنقه ‪ ،‬مبتعــدا عنــه ‪ .‬والمعنــى‪ :‬نحــن الــذين‬
‫خلقنا بقدرتنا وحكمتنا السماوات والرض وما بينهما بالحق الذي‬
‫اقتضته مشيئتنا‪ ،‬وبتقدير أمد معين عند انتهائه ﭽﮡﮩ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﭼ ]إبراهيم‪:‬‬
‫‪.[٤٨‬‬
‫ومع كل هذه الدلئل الســاطعة الدالــة علــى وحــدانيتنا وقــدرتنا‪،‬‬
‫فالذين كفروا بــالحق عــن الــذي أنــذروه مــن الحســاب والجــزاء‬
‫معرضون‪ ،‬وفى طغيانهم يعمهون‪ .‬فالية الكريمة قد وضــحت أن‬
‫هذا الكون لم يخلقه الله تعالى عبثا‪ ،‬وأن لهذا الكون نهاية ينتهي‬
‫عندها‪ ،‬وأن الكــافرين ‪ -‬لجهلهــم وعنــادهم ‪ -‬لــم يســتجيبوا لمــن‬
‫دعــاهم إلــى إخلص العبــادة للــه الواحــد القهــار‪ ،‬ولــم يســتعدوا‬
‫ليمان والعمل الصالح")‪.(3‬‬ ‫لستقبال يوم القيامة با ِ‬
‫‪ (10‬ضعف أو فقد التقوى والعقل وأسبابها‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﭼ ]يونس‪[٦:‬فجعل الله‬
‫اليات ﭽ ﯽ ﯾﭼوفي آية البقرة‪ :‬ﭽﭺ ﭻﭼﭼوفي آية آل عمران‪ :‬ﭽﮒ ﮓ ﮔﭼ‬
‫وفي سورة النحل جاءت التعبيرات مختلفة ومتتابعة‪ :‬ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﭼ ﭽ ﮤ ﮥﮩ ﮦ ﮧﮩ ﮨ ﮩﮩ ﮪ ﭼ ﭽ ﯔﮩ ﯕ ﯖ ﯗﮩ ﯘﮩ ﯙﯚﭼ ]النحل‪"[١٣-11:‬لن السياق‬
‫تعريض بالمشركين الذين لم يهتــدوا باليــات ليعلمــوا أن بعــدهم عــن‬
‫التقوى هو ســبب حرمــانهم مــن النتفــاع باليــات‪ ،‬وأن نفعهــا حاصــل‬
‫للذين يتقون‪ ،‬أي يحذرون الضلل‪ .‬فالمتقون هم المتصفون باتقاء مــا‬
‫يوقع في الخسران فيبعثهم على تطلب أسباب النجاح فيتــوجه الفكــر‬
‫إلى النظر والستدلل بالدلئل")‪.(4‬‬
‫"فالمعنى‪ :‬إن في ذلك آيات للذين سجيتهم العقــل‪ ،‬وهــو تعريــض‬
‫بأن الذين لم ينتفعوا بآيات ذلك ليست عقــولهم براســخة ول هــي‬

‫‪ ()1‬المصدر السابق ‪ 5/341‬بتصرف‪.‬‬


‫‪()2‬المصدر السابق ‪ 6/580‬مختصرًا‪.‬‬
‫‪ ()3‬الوسيط للطنطاوي ‪.26/11‬‬
‫‪ ()4‬التحرير والتنوير ‪.10/98‬‬
‫صفحة ‪ 40‬من ‪55‬‬
‫ب‬
‫ن لـ ّ‬‫وأولــو اللبــاب‪ :‬أهــل العقــول الكاملــة ل ّ‬ ‫ملكــات لهــم")‪" .(1‬‬
‫الشيء هو خلصته")‪.(2‬‬
‫"ووصفت اليات بأنها من اختصاص الذين يعقلون تعريضا ً بأن من‬
‫لم تقنعهم تلك اليات منّزلون منزلة من ل يعقل‪ .‬وزيد في الدللة‬
‫على أن العقل سجية للــذين انتفعــوا بتلــك اليــات بــإجراء وصــف‬
‫العقــل علــى كلمــة َقــوم‪ :‬إيمــاء إلــى أن العقــل مــن مقومــات‬
‫قوميتهم")‪.(3‬‬
‫"وجه اختلف الوصاف في قوله تعالى‪ :‬ﭽﮖ ﮗﮘﭼ ﭽـ ﮨ ﮩﮪ ﭼ ﭽـ ﯘﮩ ﯙﯚﭼ‬
‫دة الحاجـة إلـى قـوة التأمـل‬ ‫]النحــل[‪ :‬أن ذلك لمراعـاة اختلف شـ ّ‬
‫بدللة المخلوقــات الناجمــة عــن الرض يحتــاج إلــى التفكــر‪ ،‬وهــو‬
‫إعمال النظر المؤدي إلى العلم‪ .‬ودللــة مــا ذرأه فــي الرض مــن‬
‫مـل فــي التفكيــر للســتدلل علــى‬ ‫الحيـوان محتاجــة إلــى مزيـد تأ ّ‬
‫كر‪ ،‬وهــو‬‫اختلف أحوالها وتناسلها وفوائدها‪ ،‬فكانت بحاجة إلى التذ ّ‬
‫كر أجناســها واختلف خصائصــها‪ .‬وأمــا دللــة تســخير‬ ‫كر مع تذ ّ‬
‫التف ّ‬
‫مق‪ .‬عــبر‬ ‫الليل والنهار والعوالم العلوية فلنها أدقّ وأحوج إلى التع ّ‬
‫عن المستدّلين عليهــا بــأنهم يعقلــون‪ ،‬والتعّقــل هــو أعلــى أحــوال‬
‫الستدلل")‪(4.‬وقد مر بعض ذلك عند قوله تعالى‪ :‬ﭽـ ﭚـ ﭼ في نتيجة‬
‫المتأثرين بالقرآن‪.‬‬

‫المصدر السابق ‪.2/88‬‬ ‫‪()1‬‬


‫المصدر السابق ‪.2/145‬‬ ‫‪()2‬‬
‫المصدر السابق ‪.13/88‬‬ ‫‪()3‬‬
‫المصدر السابق ‪.14/118‬‬ ‫‪()4‬‬
‫صفحة ‪ 41‬من ‪55‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫ما‬
‫صفات وأحوال المستكبرين المعرضين ع ّ‬
‫يسمعون ويشاهدون من آيات الله‪.‬‬
‫وهؤلء صفاتهم المذكورة في هذه السورة إجما ً‬
‫ل‪:‬‬
‫الصفة الولى والثانية‪ :‬الستكبار والعراض عن سماع‬
‫آيات الله‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﭼ "ذكر جل وعل في‬
‫هذه الية أن الكافر إذا تتلى عليه آيات الله‪ ،‬وهي هذا القرآن‬
‫العظيم‪ ،‬ولى مستكبرا‪ ،‬أي متكبرا ً عن قبولها ﭽﮊ ﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﭼ أي‪:‬‬
‫صمما ً وثقل ً مانعا ً له من سماعها")‪.(1‬‬
‫وهذا حال كثير من الذين ل يريدون أن يحكموا شرع الله في‬
‫أنفسهم أول ً وفي واقعهم ثانيًا‪ ،‬ل يريدون أن يسمعوا‪ ،‬فضل ً على‬
‫أن يتأثروا بكلم الله‪ ،‬وذلك خوفا ً على دنياهم‪ ،‬واستكبارا ً في‬
‫أنفسهم أن يسمعوا كلم أحد‪.‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ :‬ﭽﮊ ﮋﮌﭼ فائدة‪ :‬أنه قد سمعها!! ولكن سماع‬
‫صوت‪ ،‬ل سماع انتفاع وتعلم وطلب للحق‪ ،‬ولذا قد نجد من‬
‫لل المسلمين من يحفظ آيات الله‬ ‫ض ّ‬
‫المستشرقين وغيرهم ومن ُ‬
‫ويدرسها!! ولكن ل ينتفع منها بشيء !! نعوذ بالله تعالى من‬
‫الخذلن)‪.(2‬‬
‫الصفة الثالثة ‪ :‬الجدال في الله بغير علععم ول هععدى ول‬
‫كتاب رباني‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯﭰ ﭱ‬
‫ﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﭼ‪.‬‬
‫يخبرنا تعالى وهو يعرض نعمه على عباده ‪ -‬حيث أنه ســخر لهــم‬
‫ما في الســماوات ومــا فــي الرض‪ ،‬وجعلهــم يعيشــون فــي نعمــه‬
‫الظاهرة والباطنــة‪" ،‬مــن إرســال الرســل وإنــزال الكتــب وإزاحــة‬
‫الشبه والعلل")‪ ،(3‬ومع ذلك يجادلون في الله‪ ،‬فــي وجــوده أو فــي‬
‫عبوديته‪.‬‬
‫فهؤلء الذين يجادلون بغير علم يرفضون إتباع ما أنزل الله‬
‫ويقولون بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا‪ ،‬فمن المعبود المطاع إذًا؟‬
‫الله أم آبائهم؟‪.‬‬

‫‪ ()1‬أضواء البيان ‪. 6/495‬‬


‫‪ ()2‬يطول الحديث عن موضوع النتفاع بالقرآن ‪ ،‬وقد أفرد بالتأليف مثل كتاب )كيف‬
‫ننتفع بالقرآن( د‪.‬مجدي الهللي‪.‬‬
‫‪ ()3‬تفسير القرآن العظيم ‪.347 /6‬‬
‫صفحة ‪ 42‬من ‪55‬‬
‫ما الدافع لهم والمبعد لهم عن إتباع ما أنزل الله؟‬
‫هل آباءهم فقط كما يزعمون؟ أم أن هناك محركا ً آخر لهم؟‬
‫نعم يوجد محرك آخر يدعوهم إلى القول بهذه الحجة‪ ،‬إنه‬
‫الشيطان فهو يدعوهم ويغريهم ويحثهم ويزين لهم ويعدهم‬
‫ويمنيهم طريقا ً يؤدي بهم إلى عذاب السعير‪ ،‬العذاب العظيم‪.‬‬
‫ومن غفلتهم أنهم استجابوا له بكل سهولة‪ ،‬مع ظهور آيات الله‬
‫وأنهم يرونها بأعينهم ويحسونها في حياتهم اليومية وذلك من‬
‫خلل إسباغ الله النعم عليهم الظاهرة والخفية‪.‬‬
‫الصفة الرابعة والخامسة ‪ :‬الكفر والغدر‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮤﮥ ﮦﮧ ﮨﭼ‪.‬‬
‫"الختار‪ :‬هو الغدار‪ ،‬وهو‪ :‬الذي كلما عاهد نقض عهده‪ ،‬فالختر‬
‫أتم الغدر وأبلغه‪.‬‬
‫والكفور‪ :‬الجحود للنعم ل يشكرها")‪.(1‬‬
‫وهذان الوصفان عكس صفة المتأثرين‪ ،‬فالمتــأثرون بآيــات اللــه‬
‫يصبرون ويدعون الله‪ ،‬ويشكرون اللــه‪ ،‬كمــا قــال تعــالى عنهــم‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪‬‬
‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪‬‬
‫‪‬‬‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪ ‬‬‫‪‬‬
‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪‬‬
‫‪‬‬‫‪‬‬‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪] ‬سورة آل عمران ‪ .[191‬فهذا حالهم مع‬‫‪‬‬‫‪ ‬‬
‫‪‬‬
‫اليات الحسية‪.‬‬
‫وأما اليات المتلوة فقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤﭥ ﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭﭮﭯﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ‬
‫ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﭼ‪]‬سورة التوبة ‪.[125-124‬‬
‫فعباد الله يتأثرون بآيات الله كلها المتلوة والمشاهدة‪ ،‬أما الذين‬
‫ل يتأثرون فهم يتذكرون الله في وقت الشدة وبعد أن ينجيهم من‬
‫الشدة يجحدون فينسون نعمة الله وينكرون آياته وينقضون العهــد‬
‫مع الله ولذلك قال الله عنهم‪ :‬ﭽﮡﮢﮣ ﮤﮥ ﮦﮧ ﮨﭼ‪.‬‬

‫‪ ()1‬تفسير القرآن العظيم ‪.6/351‬‬


‫صفحة ‪ 43‬من ‪55‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫نتيجة العراض عن آيات الله وجزاء‬
‫المعرضين‬
‫فهععؤلء صــنف لــم يتــأثروا بآيــات اللــه المتلــوة والمشــاهدة‪،‬‬
‫واســتبدلوا بآيــات اللــه لهــو الحــديث‪ ،‬وأضــلوا النــاس بغيــر علــم‪،‬‬
‫واستكبروا عن سماع آيات الله‪ ،‬وجــادلوا فــي اللــه بغيــر علــم ول‬
‫هدى ول كتاب رباني‪ ،‬وأيضا ً كفروا بتلك اليــات مــع علمهــم بــالله‬
‫تعالى فحق عليهم العذاب الليم والمهين‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮚﮛ ﮜ ﮝﮞﮟ ﮠ‬
‫ﮡﮢﮣﮤﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰﮱﯓ ﯔ ﭼ أي‪" :‬ل تحزن يا محمد عليهم من كفرهم بالله‬
‫وبما جئت به‪ ،‬فإن قدر الله نافــذ فيهــم‪ ،‬فــإن اللـه ل تخفــى عليــه‬
‫خافية‪ ،‬نمتعهم قليل ً في الدنيا ثم نلجئهم إلى عذاب فظيــع صــعب‬
‫مشق على النفوس")‪.(1‬‬
‫إن من نتائج العراض عن آيات الله‪:‬‬
‫‪.1‬الحرمان من النتفاع بآيات الله‪:‬‬
‫من جزاء المتكبر حرمانه من التعاظ والنتفاع بآيات الله لن‬ ‫"‬
‫تكبره يمنعه من النصياع للحق‪ ،‬فيطبع الله على قلبه ويصرفه عن‬
‫آياته‪ ،‬ونتيجته الخيبة والفشل وسخط الله تعالى‪ ،‬ودخول جهنم‬
‫داخرا‪ ،‬وفقده ما يناله المتواضعون لربهم من نعيم الخرة وبهذه‬
‫المعاني جاءت نصوص القرآن والسنة النبوية‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﭽﭶ‬
‫ﮄ ﮅ‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ ]العراف‪ [١٤٦ :‬وقال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﮃ‬
‫ﮊ ﮋ ﭼ ]غافر‪ [٣:‬وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮩ ﮨ ﭼ ]إبراهيم‪[١٥ :‬‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ ]النحل‪ [٢٣:‬وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮪ‬
‫ﯩ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ‬ ‫ﮩﮩﮩﮩﮩﮩﮩﮩﮩﮩ ﯨ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ ]غافر‪.[٦٠ :‬وقال ﯧﮩ‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ‬
‫ﯲ ﯲ ﯲﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]القصص‪. [٨٣ :‬وفي السنة النبوية قال رسول‬
‫الله ‪):‬ل يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين‬
‫فيصيبه ما أصابهم()‪(2‬ومعنى يذهب بنفسه يرتفع ويتكبر‪ .‬وقال ‪‬‬
‫)ل يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر()‪ (3‬وقال ‪:‬‬
‫)أل أخبركم بأهل النار‪ :‬كل عتل جواظ مستكبر()‪.(5)".(4‬‬
‫‪.2‬كالنعام في عدم النتفاع‪:‬‬
‫ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫]الفرقان‪.[٤٤ :‬‬

‫‪ ()1‬تفسير القرآن العظيم ‪347 /6‬بتصرف ‪.‬‬


‫‪ ()2‬جامع الترمذي باب ما جـاء فـي الكـبر )‪ ،(2000‬وضـعفه اللبـاني فـي السلسـلة‬
‫الضعيفة )‪.(1914‬‬
‫‪ ()3‬صحيح مسلم باب تحريم الكبر وبيانه )‪.(91‬‬
‫‪ ()4‬صحيح البخاري باب الكبر )‪ ،(6071‬ومسلم بــاب النــار يــدخلها الجبــارون والجنــة‬
‫يدخلها الضعفاء )‪.(2853‬‬
‫‪()5‬أصول الدعوة ‪ -‬عبد الكريم زيدان ص ‪ 407‬بتصرف يسير ‪.‬‬
‫صفحة ‪ 44‬من ‪55‬‬
‫‪".3‬أي في عدم العقل لعدم النتفاع به والمراد إن هم إل كالنعــام‬
‫في عدم النتفاع باليات القرآنية والــدلئل النفســية والفاقيــة فــإن‬
‫النعام كذلك والعلم بالله تعالى الحاصل لها ليس اســتدلليا ً بــل هــو‬
‫من النعام من حيــث إنهــا رزقــت علمـا ً‬‫سبي ً‬
‫فطري‪ ،‬وكونهم أضل ل‬
‫بربها تعالى فهي تسبحه عز وجل به وهؤلء لم يرزقوا ذلك فهم في‬
‫غاية الضللة")‪.(1‬فمثلهم الله بأسوِء البهائم ؛ قال الله تعالى‪:‬‬
‫ﯲـ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯜ ﯜﯜﯙ ﯚ ﯜﯲ‬ ‫ﯜﯘ‬ ‫ﯜﯗ‬ ‫ﮫﮬﮭ ﮞ ﮟ ﮮ ﯜﯜ ﮯﮰ ﯜ ﯜﮱﯓﯔ ﯜ ﯕ ﯜﯖ‬ ‫ﭽﮨﮩﮪ‬
‫ﮠﮡﯜﮢﮣﮤﮥﮦﮧ‬
‫ﮛ‬
‫ﮜﮝ‬
‫ﯴ ﯵ ﭼ ]العراف‪ .[ ١٧٧ - ١٧٥ :‬وقال‬ ‫ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬ ‫ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﮙﮚ‬ ‫ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫ﮒ‬ ‫ﮐﮑ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮛ ﮜﮝﮞ ﮟ ﮠﮩﮡﮩ ﯲ ﮣ ﭼ ]الجمعة‪.[٥ :‬‬
‫‪ .4‬أضل من النعام‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭽﭞ ﭟ ﭠﭼ أي‪ :‬منها ﭽﭡﭼ"لنهم ل ينزجرون بما يسمعون‬
‫وهي تنزجر‪ ،‬ول يشكرون للمحسن وهو وليهم‪ ،‬ل يجانبون المســيء‬
‫وهو عدوهم‪ ،‬ول يرغبون في الثواب‪ ،‬ول يخافون العقاب‪ ،‬وذلك لنــا‬
‫حجبنا شموس عقولهم بظلل الجبــال الشــامخة مــن ضــللهم‪ ،‬ولــو‬
‫آمنــوا لنقشــعت تلــك الحجــب‪ ،‬وأضــاءت أنــوار اليمــان‪ ،‬فأبصــروا‬
‫غرائب المعاني‪ ،‬وتبدت لهم خفايا السرار")‪.(2‬‬
‫‪.5‬منكرين للمحسوسات‪:‬‬
‫بأن عرفوا ولكن جحدوا أو جهلــوا فــتركوا طريــق النظــر‬ ‫وذلك لحا ً‬
‫بأن رأوها وعرفوها ؛ ولكن لم تنفعهم تلك الرؤية ول‬ ‫والعلم‪ ،‬أو لمآ ً‬
‫المعرفة‪ ،‬ولذا "لما ذكــر اللــه الهلك بالمــاء وبغيــره‪ ،‬وكــان الهلك‬
‫بالماء تارة بالبحر‪ ،‬وتارة بالمطــار‪ ،‬وختــم بالخســف‪ ،‬ذكــر الخســف‬
‫الناشىء عن المطار‪ ،‬بحجارة النار‪ ،‬مــع الغمــر بالمــاء‪ ،‬دللــة علــى‬
‫تمــام القــدرة‪ ،‬وبــاهر العظمــة‪ ،‬وتــذكيرا بمــا يرونــه كــل قليــل فــي‬
‫ســفرهم إلــى الرض المقدســة لمتجرهــم‪ ،‬وافتتــح القصــة بــاللم‬
‫المؤذنة بعظيم الهتمام‪ ،‬مقرونة بحرف التحقيق‪ ،‬إشــارة إلــى أنهــم‬
‫لعدم النتفاع باليات كالمنكرين للمحسوسات‪ ،‬وغير السلوب تنبيها‬
‫ﮛﮜﮝﮠﮩ ﮡ ﮩ ﮞ ﮟ ﮩ ﯲ ﯲﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧﮩ ﮨ ﮩﮩ ﮪ‬
‫على عظيم الشأن وهزا للسامع فقال‪ :‬ﭽ‬
‫أي‪ :‬هؤلء المكذبون من قومك" ‪.‬‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ ]الفرقان‪[ ٤٠ :‬‬
‫)‪(3‬‬

‫‪ .6‬ضعف اليمان ‪:‬‬


‫"من مظاهر ضعف اليمان عدم التأثر بآيــات القــرآن‪ ،‬ل بوعــده ول‬
‫بوعيده ول بأمره ول نهيه ول في وصفه للقيامــة ‪ ،‬فضــعيف اليمــان‬
‫يمل من سماع القرآن‪ ،‬ول تطيق نفسه مواصلة قراءته فكلمــا فتــح‬
‫المصحف كاد أن يغلقه")‪.(4‬‬

‫‪ ()1‬روح المعاني ‪.19/25‬‬


‫‪ ()2‬نظم الدرر ‪. 6/27‬‬
‫‪ ()3‬المصدر السابق ‪6/25‬‬
‫‪ ()4‬ظاهرة ضعف اليمان‪ ،‬موسوعة الخطب والمحاضرات‪.‬‬
‫صفحة ‪ 45‬من ‪55‬‬
‫الضلل في المسائل العلمية والعملية‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ ]فصلت‪"[ ٤٤ :‬وما‬
‫ضل من ضــل فــي هــذا البــاب‪ ،‬وغيــره إل لعراضــهم عــن الكتــاب‪،‬‬
‫ومعارضتهم له‪ .‬فهم ل يطلبون الهدى منه‪ ،‬بل إمــا أن يعرضــوا عــن‬
‫فهمه‪ ،‬وتدبره كالميين الذين ل يعلمون الكتــاب إل أمــاني‪ ،‬وإمــا أن‬
‫يحرفوه بالتأويلت الفاسدة‪ ،‬فيحرمــون النتفــاع بــالقرآن العظيــم‪".‬‬
‫)‪.(1‬ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮩﮩ ﮯ ﮰﮩﮩ ﮱ ﯓ ﭼ ]الروم‪.[١٠ :‬‬
‫‪.8‬إزالة النعم ورحيلها أو تحولها‪:‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕﯪ ﯖﯪ ﭼ ]الرعد‪ [١١ :‬يخبر‬ ‫ﮭﯪﯪ ﮮ ﮯﯪ ﮰ ﮱﯪ‬ ‫"قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮬﯪﯪ‬
‫تعالى عن سنة من سننه في خلقه ماضية فيهم وهــي أنــه تعــالى ل‬
‫يزيل نعمة أنعم بها على قوم من عافية وأمن ورخاء بسبب إيمانهم‬
‫وصالح أعمالهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من طهــارة وصــفاء بســبب‬
‫ارتكابهم للذنوب وغشيانهم للمعاصي نتيجة العراض عن كتاب الله‬
‫وإهمال شرعه وتعطيل حدوده والنغماس فـي الشـهوات والضـرب‬
‫في سبيل الضللت‬
‫وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠﯪ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ ]الرعد‪ [١١ :‬هذا إخبار‬
‫سوء ًما أي يســوءهم‬
‫ا‬ ‫منه تعالى بأنه إذا أراد بقوم أو فرد أو جماعة‬
‫من بلء وعذاب فل مرد له بحال من الحوال بل ل بد وأن يمســهم‪،‬‬
‫ول يجدون من دون الله من وال يتــولى صــرف العــذاب عنهــم‪ ،‬أمــا‬
‫من الله تعالى فإنهم إذا أنابوا إليه واستغفروه وتابوا إليه فإنه تعالى‬
‫يكشف عنهم السوء‪ ،‬ويصرف عنهم العذاب")‪ .(2‬ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﭼ ]القمر‪[٤٢ :‬‬
‫البر والبحر‪" :‬‬ ‫‪.9‬ظهور الفساد في‬
‫ﰈ ﰉ‬ ‫ﯲ ﯲ ﯲ‬ ‫ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽﯾ ﯿ‬
‫أي انتشرت المعاصي في البر والبحر وفي‬ ‫ﯲ ﯲ ﯲ ﯲ ﭼ ]الروم‪،[٤١:‬‬
‫ـد غيــر اللــه واســتبيحت محــارمه وأوذي النــاس فــي‬ ‫الجو اليومعبـف ُ‬
‫أموالهم وأبدانهم وأعراضهم وذلــك نتيجــة العِــراض عــن ديــن اللــه‬
‫وإهمال شرائعه وعدم تنفيذ أحكامه‪ .‬وقوله ﭽ ﯲـ ﯲـ ﯲـ ﯲـ ﭼ أي‬
‫بظلمهم وكفرهم وفسقهم وفجورهم")‪.(3‬‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ ]العراف‪،[ ١٣٦ :‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ‬
‫ﯲ ﯲ ﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯼ ﯽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ‬ ‫ﯲ‬
‫ﭸ ﭹ ﭼ ]النفال‪ .[٥٤ – ٥٠ :‬وقال‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫ﭪ ﭫﭬ ﭭ‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ ]يونس‪.[٧٣ :‬‬

‫‪()1‬درء التعارض بين العقل والنقل ‪.3/13‬‬


‫‪()2‬أيسر التفاسير للجزائري ‪.2/444‬‬
‫‪ ()3‬المصدر السابق ‪.3/494‬‬
‫صفحة ‪ 46‬من ‪55‬‬
‫‪.10‬حجبهم عن ذكر الله‪:‬‬
‫"وصفهم ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بما يدل علــى اســتحقاقهم دخــول النــار فقــال‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ ]الكهف‪ .[١٠١ :‬أي‪ :‬أبرز‬
‫جهنم في هذا اليوم العصيب للكافرين الذين كانت أعينهم في الدنيا‬
‫في ﭽ ـ ﭻﭼكثيف وغشاوة غليظة‪ ،‬ﭽﭼـ ﭽﭼأي‪ :‬عــن النتفــاع باليــات‬
‫الــتي تــذكرهم بــالحق‪ ،‬وتهــديهم إلــى الرشــاد‪ ،‬بســبب اســتحواذ‬
‫الشيطان عليهم‪.‬‬
‫إشعار بــأن الحــائل والســاتر الــذي حجــب‬ ‫وفى التعبير بقوله‪ :‬ﭽ ـ ﭻﭼ‬
‫أعينهم عن البصار‪ ،‬كان حائل شديدا‪ ،‬إذ الغطاء هو ما يغطى الشئ‬
‫ويستره من جميع جــوانبه‪ .‬والمــراد بالــذكر‪ :‬القــرآن الكريــم‪ ،‬أو مــا‬
‫يشمله ويشمل كل ما في الكون من آيات يــؤدى التفكــر فيهــا إلــى‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ‬ ‫اليمان بالله تعالى")‪ .(1‬ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮩ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ ]يونس‪.[٧٤ :‬‬
‫‪ .11‬حجبهم عن رحمة الله‪:‬‬
‫قال الله تعالى عن المعرضين عن القرآن‪ :‬ﭽـ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ‬
‫‪ ٤٤‬وعن المعرضين عن آيات الله المشاهدة والمحسوســة‬ ‫]فصلت‪،[ :‬‬
‫ﭝﭞﭟﭠ‬ ‫ﭙﭚﭛﭜ‬ ‫ﭘ‬ ‫والمسموعة قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬ ‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ‬ ‫ﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧ ﭨ‬
‫ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛ‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ‬
‫ﮜ ﮝ ﭼ ]النعام‪.[ ٤٩ :‬‬ ‫]الجاثية‪ [١١–١ :‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬

‫‪ .12‬الستدراج‪:‬‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ ]العراف‪١٨٢ :‬‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫‪.[١٨٣ -‬‬
‫‪.13‬تحقيق الخسران العاجل والجل‪:‬‬
‫ﭽ ﭾ ﭼ ]يونس‪،[ ٤٥ :‬‬ ‫ﭹﭺ ﭻﭼ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﭼ ]يونس‪.[٩٥ :‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫‪.14‬حلول العذاب العاجل واستحقاق الجل‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯲ ﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯲﯼ ﯽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫ﭸ ﭹ ﭼ ]النفال‪.[ ٥٤ – ٥٠ :‬‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫ﭭ‬
‫ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ ]النبياء‪ ،[ ٧٧ :‬وقال‬ ‫ﮌﮍ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮏ ﮐﮑ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭽ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ ]العراف‪ ، [ ٣٦ :‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﭼ‬
‫]العراف‪ ،[ ٤١ – ٤٠ :‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﮜﮝﮞ ﮟ ﮠﮩﮡﮩ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮩ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ ]العراف‪:‬‬
‫‪ ،[١٤٧‬وقال تعالى‪:‬ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ ]يونس‪:‬‬
‫‪ ،[ ٧٣‬وقال تعالى‪ :‬ﭽـ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﭼ ]العراف‪ [١٣٦ :‬وقال‬
‫ﭳ‬ ‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ ]الحج‪ ,[ ٥٧ :‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ‬
‫‪()1‬الوسيط للطنطاوي ‪.15/155‬‬
‫صفحة ‪ 47‬من ‪55‬‬
‫ﭘ‬ ‫ﭓﭔﭕﭖ ﭗ‬ ‫ﭽﭑﭒ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ ]الفرقان‪ [٣٦ :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ﭴﭵ‬
‫ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ ]التغابن‪.[١٠ :‬‬

‫صفحة ‪ 48‬من ‪55‬‬


‫الخعععععاتمة‬
‫الحمد رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا المين‪ ،‬محمد‬
‫‪ ‬وعلى من استن بسنته واقتدى بهديه إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫هذا هو قرآننا منهج حياتنا الدنيوية‪ ،‬الذي يقودنا إلى حياة أخروية‬
‫فيها السعادة والهناء‪ ،‬والرضا بفضل بديع الرض والسماوات‪.‬‬
‫منهج كامل شامل لجميع شؤون الحياة‪ ،‬فهو عقيدة وعبادة‪،‬‬
‫وتعامل وأخلق‪ ،‬وعلم وعمل‪ ،‬وصبر ورضا‪ ،‬وغير ذلك من شؤون‬
‫الحياة‪ ،‬علمنا ذلك من خلل عرضنا لموضوع واحد من موضوعات‬
‫هذه السورة العظيمة‪ ،‬التي خاطبت العقول والقلوب‪ ،‬خاطبت‬
‫جت المنكرين المستكبرين‪ ،‬وربت‬ ‫المؤمنين والكافرين‪ ،‬وحا ّ‬
‫العقلء المتفكرين في آيات رب العالمين‪.‬‬
‫نخرج من هذه السورة بعد هذا العرض لجوانب منها‪ ،‬نخرج‬
‫حكم ٍ‬ ‫بفوائد جمة‪ ،‬وأخلق متعددة‪ ،‬وحجج مقنعة‪ ،‬وآيات باهرة‪ ،‬و ِ‬
‫متميزة‪.‬‬
‫وقد تبين من خلل عرض آيات هذه السورة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن هناك من خلق الله من يتأثر بآيات الله فيكون التأثر‬
‫واضحا ً على جميع تصرفاته‪ ،‬وشخصيته السلمية متميزة عن أي‬
‫شخصية أخرى‪ ،‬وتجعل لهم قيمة عند الخلق وقبل ذلك عند‬
‫الخالق جل وعل‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الذين ل يتأثرون بآيات الله‪ ،‬ول يقيمون لها اعتبارًا‪،‬‬
‫ويستبدلونها بكل ما يبعدهم عن هديها‪ ،‬فأولئك ليس لهم‬
‫قيمة في مجتمعهم ول في آخرتهم‪.‬‬
‫فهذان صنفان متقابلن‪:‬‬
‫هذا يشتري الهدى الرباني والحديث الحكيم الموصل إلى‬
‫الخير‪ ..‬وذاك يشتري لهو الحديث‪.‬‬
‫هذا يشتري الهدى ليهتدي به ويهدي به الناس‪ ..‬وهذا يشتري‬
‫لهو الحديث ليضل عن سبيل الله‪.‬‬
‫هذا يتخذ آيات الله موعظة وحكمة ومنهجًا‪ ..‬وهذا يتخذها هزوا ً‬
‫ولعبًا‪.‬‬
‫هذا تتلى عليه آيات الله فيقبل عليها بكل قلبه متعلما ً عام ً‬
‫ل‪..‬‬
‫وهذا تتلى عليه فيولي مستكبرًا‪.‬‬
‫هذا يؤمن بآيات الله الكونية ويتأثر بها‪ ..‬وهذا يكفر بها ويجادل‬
‫في الله بغير علم‪.‬‬

‫صفحة ‪ 49‬من ‪55‬‬


‫هذا صابر شاكر لله على نعمه‪ ..‬وهذا كافر بنعم الله غدار فيما‬
‫يعد به‪.‬‬
‫وأخيرا يوم القيامة يوم النتاج والجزاء تكون المحصلة من‬
‫جنس العمل‪:‬‬
‫هذا له جنات النعيم‪ ..‬وهذا له عذاب غليظ‪.‬‬
‫وهكذا يكون الناس في تلقي آيات الله المشاهدة والمتلوة‪ ،‬فيا‬
‫ترى من أي فريق أنت؟!‪.‬‬
‫هذا باختصار أهم ما وصلت إليه في ما تحدثت عنه سورة‬
‫لقمان في موضوع التأثر بآيات الله المتلوة والمشاهدة فما كان‬
‫في عملي هذا من صواب فمن الله وحده‪ ،‬وما كان فيه من خطأ‬
‫فمني ومن الشيطان‪.‬‬
‫أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا‪ ،‬وأن يلهمنا العلم النافع‬
‫والعمل الصالح‪ ،‬وأن يجبر تقصيرنا ويعفو عن خطأنا‪.‬‬
‫كما أسأله سبحانه أن يجزي خيرا ً كل من ساعدني في هذا‬
‫البحث أو أسدى إلي نصيحة‪ ،‬أو صحح لي معلومة‪ ،‬أو ساعدني‬
‫على استخراجها‪.‬‬
‫كما أسأله سبحانه أن يكون هذا العمل خالصا ً لوجهه الكريم‪،‬‬
‫وأن يبارك في صوابه‪ ،‬وأن ينفع به كل طالب للحق وللطريق‬
‫المستقيم‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫الباحث‪/‬د‪.‬محمد بن عبدالعزيز‬
‫العواجي‬
‫طيبة الطيبة‬

‫صفحة ‪ 50‬من ‪55‬‬


‫فهرس المصادر والمراجع‬
‫القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التقان في علوم القرآن – جلل الدين السيوطي – دار‬ ‫‪-‬‬
‫التراث‪ -‬القاهرة‪ -‬ط ‪1405)3‬هـ(‪.‬‬
‫الدب المفرد ‪ -‬محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري‬ ‫‪-‬‬
‫الجعفي ‪ -‬دار البشائر السلمية – بيروت‪ -‬ط ‪1409)3‬هـ(‪-‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقي‪.‬‬
‫أصول الدعوة – عبد الكريم زيدان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن – محمد المين بن‬ ‫‪-‬‬
‫محمد المختار الشنقيطي – الرئاسة العامة لدارة البحوث‬
‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد – الرياض ‪ -‬ط ‪1403) 1‬هـ‪-‬‬
‫‪1983‬مـ(‪.‬‬
‫إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان‪ -‬محمد بن أبي بكر أيوب‬ ‫‪-‬‬
‫الزرعي أبو عبد الله‪ -‬دار المعرفة – بيروت‪ -‬ط ‪– 1395 )2‬‬
‫‪ -(1975‬تحقيق ‪ :‬محمد حامد الفقي‪.‬‬
‫أيسر التفاسير – أبوبكر جابر الجزائري‪ -‬ط ‪1407)1‬هـ(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلمية‪ -‬أحمد عبد‬ ‫‪-‬‬
‫الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس‪ -‬مطبعة الحكومة ‪ -‬مكة‬
‫المكرمة‪ -‬ط ‪ -(1392 )1‬تحقيق ‪ :‬محمد بن عبد الرحمن بن‬
‫قاسم‪.‬‬
‫التبيان في آداب حملة القرآن‪ -‬المام أبي زكريا بن شرف‬ ‫‪-‬‬
‫النووي‪ -‬دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع‪ -‬بيروت –‬
‫لبنان‪ -‬ط ‪ 1414 ) 3‬هـ ‪( 1994‬‬
‫التحرير والتنوير – محمد الطاهر ابن عاشور – الدار التونسية‬ ‫‪-‬‬
‫للنشر ‪ -‬ط ‪1984)1‬مـ(‪.‬‬
‫تفسير الخازن ) لباب التأويل ( – دار الفكر – ط)‪1399‬هـ(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تفسير الفخر الرازي ) التفسير الكبير ومفاتيح الغيب( – محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الرازي= دار الفكر – بيروت ط ‪1405)3‬هـ(‪.‬‬
‫تفسير القرآن العظيم – إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي –‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق سامي بن محمد السلمة – دار طيبة للنشر والتوزيع –‬
‫ط ‪1418) 1‬هـ‪1997-‬مـ(‪.‬‬
‫تفسير القرآن العظيم‪ -‬ابن أبي حاتم‪ -‬تحقيق ‪ /‬أسامة الطيب‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫مكتبة نزار مصطفى الباز – مكة المكرمة‪ -‬ط ‪.1417-1‬‬
‫التفسير الميسر – مجموعة من العلماء – مجمع الملك فهد‬ ‫‪-‬‬
‫لطباعة المصحف‪.‬‬
‫التفسير الوسيط – محمد سيد طنطاوي‪ -‬ط)‪.(1404‬‬ ‫‪-‬‬

‫صفحة ‪ 51‬من ‪55‬‬


‫تفسير سورة البقرة – محمد بن صالح العثيمين‪ -‬دار ابن‬ ‫‪-‬‬
‫الجوزي‪ -‬ط ‪.(1423)1‬‬
‫تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان – عبد الرحمن‬ ‫‪-‬‬
‫بن ناصر السعدي – مؤسسة الرسالة – بيروت – ط ‪)1‬‬
‫‪1416‬هـ‪1996 -‬م(‪.‬‬
‫جامع البيان عن تفسير آي القرآن – محمد بن جرير الطبري –‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق د‪ /‬عبدالله بن عبد المحسن التركي – مركز البحوث‬
‫والدراسات السلمية – القاهرة ‪-‬ط ‪1422)1‬هـ‪2001 -‬مـ(‪.‬‬
‫جامع الترمذي – محمد بن عيسى الترمذي ‪ -‬بيت الفكار‬ ‫‪-‬‬
‫الدولية للنشر والتوزيع – الرياض – )‪1419‬هـ‪1989-‬مـ(‪ -‬اعتناء‬
‫فريق بيت الفكار الدولية ‪.‬‬
‫الجامع لحكام القرآن – محمد بن أحمد النصاري القرطبي –‬ ‫‪-‬‬
‫دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫الدر المنثور في التفسير بالمأثور – لجلل الدين السيوطي –‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق عبد المحسن التركي – مركز هجر للبحوث والدراسات‬
‫السلمية والعربية – القاهرة – ط ‪1424)1‬هـ‪2003 -‬مـ(‪.‬‬
‫درء تعارض العقل والنقل‪ -‬أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‬ ‫‪-‬‬
‫الحراني أبو العباس‪ -‬دار الكنوز الدبية‪ -‬الرياض)‪-(1391‬‬
‫تحقيق ‪ :‬محمد رشاد سالم ‪.‬‬
‫دراسات قرآنية – محمد قطب‪ -‬دار الشروق‪ -‬القاهرة – ط)‬ ‫‪-‬‬
‫‪1415‬هـ(‪.‬‬
‫روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمود اللوسي أبو الفضل‪ -‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪.‬‬
‫زاد المعاد في هدي خير العباد‪ -‬محمد بن أبي بكر أيوب‬ ‫‪-‬‬
‫الزرعي أبو عبد الله‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬مكتبة المنار‬
‫السلمية ‪ -‬بيروت – الكويت‪ -‬ط ‪(1986 – 1407 ) 14‬‬
‫السلسلة الضعيفة‪ -‬محمد ناصر الدين اللباني‪ -‬مكتبة المعارف‬ ‫‪-‬‬
‫– الرياض‪.‬‬
‫الشرح الممتع على زاد المستقنع‪ -‬محمد بن صالح العثيمين –‬ ‫‪-‬‬
‫كتاب صفة الصلة‪.‬‬
‫صحيح الدب المفرد – محمد بن ناصر الدين اللباني – دار‬ ‫‪-‬‬
‫الصديق للنشر والتوزيع – السعودية ‪ -‬الجبيل ط ‪1415-2‬هـ‪.‬‬
‫صحيح البخاري ‪ -‬محمد بن إسماعيل البخاري ‪ -‬بيت الفكار‬ ‫‪-‬‬
‫الدولية للنشر والتوزيع – الرياض – )‪1419‬هـ‪1989-‬مـ(‪ -‬اعتناء‬
‫أبو صهيب الكرمي ‪.‬‬

‫صفحة ‪ 52‬من ‪55‬‬


‫‪ -‬صحيح مسلم – مسلم بن الحجاج النيسابوري ‪ -‬بيت الفكار‬
‫الدولية للنشر والتوزيع – الرياض – )‪1419‬هـ‪1989-‬مـ(‪ -‬اعتناء‬
‫أبو صهيب الكرمي ‪.‬‬
‫فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء ‪ -‬أحمد بن محمد بن عزت شاه‬ ‫‪-‬‬
‫الحنفي‪.‬‬
‫‪ -‬فتاوى الشبكة السلمية ‪.‬‬
‫‪ -‬فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‪ -‬أحمد بن عبد‬
‫الرزاق الدويش‪ -‬الرئاسة العامة للبحوث العلمية والفتاء‪.‬‬
‫‪ -‬فتاوى شيخ السلم أحمد بن تيمية – طبع بإشراف الرئاسة‬
‫العامة لشؤون الحرمين‪.‬‬
‫‪ -‬فضائل القرآن وما أنزل من القرآن بمكة وما انزل بالمدينة –‬
‫محمد بن أيوب بن يحيى ابن الضريس – تحقيق د‪ /‬مسفر‬
‫الغامدي‪ -‬دار حافظ للنشر والتوزيع –ط ‪1408)1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬الفوائد‪ -‬محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله‪ -‬دار‬
‫الكتب العلمية – بيروت‪ -‬ط ‪.(1973 – 1393 ) 2‬‬
‫‪ -‬في ظلل القرآن – سيد قطب – دار العلم للطباعة والنشر –‬
‫جدة – ط ‪1406)12‬هـ‪1986 -‬م(‪.‬‬
‫‪ -‬كيف ننتفع بالقرآن – مجدي الهللي‪ -‬دار الدعوة‪ -‬السكندرية‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة لواء السلم‪ -‬بحث بعنوان تلوة القرآن واستماعه ‪ -‬عبد‬
‫الوهاب حمودة‪ - :‬عدد رمضان ‪ 1367‬هـ(‬
‫‪ -‬مجموع فتاوى ومقالت ابن باز‪ -‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪-‬‬
‫الرئاسة العامة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫‪ -‬محاضرة – حال السلف مع القرآن – خالد المصلح‪ -‬موسوعة‬
‫الخطب والمحاضرات في الشاملة‪.‬‬
‫‪ -‬مختصر منهاج القاصدين– أحمد بن قدامه المقدسي ‪ -‬تحقيق‬
‫وتخريج وتعليق محمد وهبي سليمان وعلى عبد الحميد أبو‬
‫الخير – دار طيبة – الرياض ط ‪1415)1‬هـ ‪1994‬م(‪.‬‬
‫‪ -‬مدارج السالكين – ابن القيم الجوزية – دار الكتاب العربي –‬
‫بيروت – ط ‪.(1973 – 1393 )2‬‬
‫‪ -‬مسند أحمد – أحمد بن حنبل الشيباني – مؤسسة قرطبة –‬
‫القاهرة – مذيل بأحكام شعيب الرنؤوط عليها‪.‬‬
‫‪ -‬مفاتيح تدبر القرآن ‪ -‬خالد بن عبد الكريم اللحم‪ -‬ط ‪)1‬‬
‫‪1425‬هـ ‪( 2004 -‬‬
‫‪ -‬من لطائف التفسير – أحمد فرح عقيلن – دار اليقين للنشر‬
‫والتوزيع – المنصورة – ط ‪1419)1‬هـ‪1998 -‬م(‪.‬‬

‫صفحة ‪ 53‬من ‪55‬‬


‫‪ -‬من موضوعات سور القرآن – سورة لقمان – عبد الحميد‬
‫محمود طهماز – دار القلم دمشق – الدار الشامية بيروت –ط‬
‫‪1412)1‬هـ‪1992-‬مـ(‪.‬‬
‫‪ -‬الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل واختلف العلماء في‬
‫ذلك – أحمد بن محمد النحاس – تحقيق ودراسة د‪ /‬سليمان بن‬
‫إبراهيم اللحم – مؤسسة الرسالة – ط ‪1412)1‬هـ‪1991 -‬مـ(‪.‬‬
‫‪ -‬نظم الدرر في تناسب اليات والسور – بهاء الدين إبراهيم بن‬
‫عمر البقاعي – دار الكتاب السلمي – القاهرة – ط ‪)2‬‬
‫‪1413‬هـ(‪.‬‬
‫ي‪.................................................................‬‬
‫أقسام الناس في التأثر بآيات الله المتلوة‬
‫والمشاهدة‪8.................................................‬‬
‫الخعععععاتمة‪49..................................................‬‬
‫الفصل الول \‪................................................‬‬
‫الصنف الول \‪ :‬المتأثرون بآيات الله‪9........................................‬‬
‫الفصل الثاني\‪.................................................‬‬
‫الصنف الثاني \‪ :‬المستكبرون عن آيات الله‪27.............................‬‬
‫المبحث الول\‪.................................................‬‬
‫أسباب العراض عن القرآن‪28...............................................‬‬
‫أسباب النتفاع بالقرآن‪10.......................................................‬‬
‫المبحث الثالث \‪...............................................‬‬
‫ما يسمعون ويشاهدون من‬ ‫صفات وأحوال المستكبرين المعرضين ع ّ‬
‫آيات الله‪42......................................................................‬‬
‫المبحث الثالث\‪................................................‬‬
‫صفات المحسنين المتأثرين بما يسمعون ويشاهدون من آيات الله ‪22‬‬
‫المبحث الثاني \‪...............................................‬‬
‫أسباب العراض عن اليات الخرى‪34.......................................‬‬
‫المبحث الثاني\‪................................................‬‬
‫أسباب النتفاع باليات الخرى‪15..............................................‬‬
‫المبحث الرابع \‪...............................................‬‬
‫نتيجة العراض عن آيات الله وجزاء المعرضين‪44........................‬‬
‫المبحث الرابع\‪................................................‬‬
‫نتيجة التأثر بآيات الله وجزاء المتأثرين‪24..................................‬‬
‫المقدمة‪3.......................................................‬‬
‫تمهيد \‪.........................................................‬‬
‫صفحة ‪ 54‬من ‪55‬‬
‫الوحدة الموضوعية للسورة‪6...................................................‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪51...............................‬‬

‫صفحة ‪ 55‬من ‪55‬‬

You might also like