You are on page 1of 2

‫السياحة في سورية بين النظرية والتطبيق‬

‫)دعوة لثقافة سياحية شاملة(‬


‫أقطن في مدينة دبي منذ ما يزيد عن ثمانية أعوام‪ ،‬وبحكم عملي فقد سافرت في بلد الله شرقا ً‬
‫وغربًا‪ ،‬وشاهدت واختبرت كثيرا ً من تجارب البلدان الخرى في مجال السللياحة وكللذلك فللي بلللدي‬
‫ي ما جعل المشاعر تجيش فللي صللدري عللن واقللع السللياحة‬
‫سورية‪ ،‬وتدافعت المقارنات أمام عين ّ‬
‫في سورية ما بين النظرية والتطبيق‪.‬‬

‫في بلد يعيش ‪ %60‬من سكانها ذوي مليار النسمة بأقل من دولر واحد يوميًا‪ ،‬ترى في الهنللد كللل‬
‫رعاية واهتمام لمجرد كونك سلائحًا‪ ،‬ويتسللابق العلوام فلي إرشلادك إلللى أوابلد ملدنهم ومتاحفهلا‪،‬‬
‫وأفضل الماكن التي ترى منها مدنهم بأبهى حّلة‪ ،‬ويرشدونك إلى المبنى الللذي خصصللته الحكومللة‬
‫لتشتري منه تذكاراتك الصيلة التي تكفلها الدولة بشهادة ممهورة بخاتمها وتشللعر السلللطات فللي‬
‫ما اشتريت من تللذكارات‪ ،‬وفللي اليابللان يعاملونللك‬ ‫المنافذ الحدودية بعدم تقاضي رسوم جمركية ع ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫م واحترام كبيرين مع عدم معرفتهم لغتك أو حتى اللغة النكليزية عموما ويظللون يحّيونللك‬ ‫بأدب ج ّ‬
‫بلغتهم وابتسامتهم رغم علمهم عدم فهمك لكلمة واحدة مما يقولون‪ ،‬ولكنها القلوب التي تتواصل‬
‫دث عن أعداد الزوار والسائحين وكفللى بهللا‬ ‫وليست اللسن‪ ،‬وفي بلدان أوروبا فإن الحصاءات تح ّ‬
‫شاهدًا‪ ،‬وتبقى دبي كمدينة متفوقة في مجال سياحتها على نظيراتها مللن الللدول العربيللة الضللاربة‬
‫فللي العراقللة لجهللة التاريللخ والثقافللة والللتراث والطبيعللة‪ ،‬رغللم علدم إمتلك الولللى أيلا ً مللن تلللك‬
‫ومات وكذلك عدم تواجد الثروة النفطية بها والتي يسهل التذرع بها عند ذكر دول الخليج‪.‬‬ ‫المق ّ‬
‫القاسم المشترك الذي شاهدته في كل تلك البلدان الناجحة سياحيا ً هو المللواطن‪ ،‬نعللم المللواطن‬
‫العادي الذي جرى تثقيفه ليكون سفيرا ً لبلده في بلده‪ ،‬وليكون مثال ً لما هي عليه بلده مللن أصللالة‬
‫وها ً يحكي قصة بلده بفخر وكبرياء‪ ،‬وليعامل الزّوار‬ ‫وثقافة وتراث‪ ،‬وليكون بشخصه دليل ً سياحيا ً مف ّ‬
‫م‪ ،‬وليشرح بلغته وابتسامته قضلايا وطنله بسلسلة وذكلاء‪ ،‬وليكافلح ملن‬ ‫ي وأدب ج ّ‬
‫من منصبه برق ّ‬
‫ً‬
‫دي الثقلافي والخلقللي وكلل مللا هلو منكلر وملذموم إنسلانيا‪ .‬جللرى‬ ‫مكانه مظاهر العشوائية والتر ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تثقيف المواطن العادي ليكون واجهة البلد الذي تزوره‪ ،‬وأن ل يستغ ّ‬
‫ل الزائر ماديا أو معنويا ويريلله‬
‫من الخلق العامة في بلده ما يكره‪ ،‬أن تكللون حصلليلته الثقافيللة مليئة بكللل مللا هللو شللائق لجهللة‬
‫إهتمام الزائر ولفت انتباهه‪ ،‬وأن تكون جعبته الخلقية زاخرة بما يسّر من حسن المعاملللة والدب‬
‫والرفض للمظاهر الكريهة من تصرفات الرعاع‪.‬‬

‫لكي نقارب بين النظرية والتطبيق في واقع السللياحة السللورية‪ ،‬أدعللو إلللى القيللام بحملللة شللاملة‬
‫لتثقيف كل مواطن سياحيا ً وتعريفه ببلللده إبتللداًًء بطلبللة المللدارس والجامعللات وانتهللاًء بللالمواطن‬
‫العادي الذي يجوب أطراف مدينته كل نهار‪ ،‬ل أتكّلم عن النخب الثقافيللة فليسللت هللي المقصللودة‬
‫بهذه الحملة‪ ،‬حيث إن السائح ل يلتقيها أبدا ً ولدرجة أنه ل يعلم بوجودها أصل ً‬
‫ل‪ ،‬أو أنهللا خللارج دائرة‬
‫إهتمام الزائر الذي يريد أن يشاهد بلد الله ل أن يحضر في مراكزها وصالوناتها الثقافية‪ .‬يجللب أن‬
‫يتعلم المواطن محتويات منشورات وزارة السياحة قبل نشرها خارجا ً واللتي تصلف بلده بإسلهاب‬
‫بأنها الجنة على الرض وأن يعرف مواقع متاحف ومشاهد مللدينته علللى القللل‪ ،‬أن يتحل ّللى بللأخلق‬
‫كر بتربية قاعدة من‬ ‫المضيفين والكرماء ل السماسرة والمستغّلين‪ ،‬أن يتخّلى عن الترّبح الني ويف ّ‬
‫الزوار‪/‬الزبائن يعودون إلى بلدنا كل عللام بللدل أن تكللون زيللارتهم لنللا أولللى وأخيللرة‪ ،‬ويجللب فللي‬
‫المقابل أن تصف المنشورات السياحية تلك وصفا ً صادقا ً ما سيراه الزائر فللي بلدنللا مللن مشللاهد‬
‫ومظاهر‪ ،‬بدل أن تكون في انتظاره مفاجآت غير ساّرة تغضبه‪ ،‬فيقللوم الللزائر حينهللا بنشللر دعايللة‬
‫مضادة لعلناتنا يدحض من خلل وسائل إعلمه المختلفة ما نرّوج له في بلدنا ونللدفع فللي سللبيل‬
‫نشره التكاليف الباهظة‪.‬‬

‫ليكن زائرنا هو الشاهد والمعلن عما تحتويه بلدنللا مللن أسللرار وخبايللا‪ ،‬ليكللن هللو المللرّوج لثقافتنللا‬
‫وتراثنا‪ ،‬والمدافع عن قضايانا ومطالبنا عندما يرانا على جانب الحق ونسللتحقّ الللدعم والمسللاندة‪.‬‬
‫وحتى يكون كذلك يجب أن نكون بدورنا أهل ً لتلك المساندة والشهادة والترويج‪.‬‬

You might also like