You are on page 1of 3

‫هل لإلضرابات واالعتصامات قانون يحمي ضحاياه؟ منشور في جريدة الرؤية بتاريخ ‪29/3/2011‬م‬

‫محمد رضا محمد اللواتي‬

‫اطق‬ ‫"إن أسرنا باتت تشعر بأن صحار ما عادت والية من واليات سلطنة عمان‪ ،‬وإنما ضاحية من ضواحي المن‬
‫الملتهبة على خارطة الوطن العربي"!!‬

‫بهذا النحو نقل لي أحد "الصحاريين" شعور أسرته عندما اتصلته أسأله عن هذا الذي كتبت عنه الص حف ح ول‬
‫تعطيل العمل باالدارات الحكومية من قبل محتجين تحت تهديد القوة‪ ،‬وأضاف‪" :‬لقد استغاثت إمرأة مسلمة من بل د‬
‫إسالمي بعيد بالمعتصم العباسي فأدركها بالجند‪ ،‬واستغثنا نحن باألجهزة المختصة فلم يدركونا"!!‬

‫باألمس القريب‪ ،‬فرح البعض لمشاهدة موظفي أحد كبرى المصارف في السلطنة وقد احتشدوا أمام المبنى يهتفون‬
‫مطالبين بحقوقهم المشروعة‪ ،‬ولم يزعجهم في ذلك إال تكدس العديد من السيارات وهي تتفرج على هؤالء‪ .‬وكانت‬
‫دواعي الفرحة هي قدرة المواطن العماني على المطالبة بحقوقه العادلة بأسلوب جديد دشنته ثقافة جدي دة يس مهيا‬
‫البعض بثقافة االحتجاجات التي بلغت أوج نجاحها في تونس ومصر‪ ،‬بينما تم تقطيع أوصالها في البحرين وليبي ا‪.‬‬
‫ولم يحزن أؤلئك األصدقاء أمران جديران أن يحزن لهما المرأ وفق نظري‪ ،‬أولهما كيف آلت األم ور إلى ه ذا‬
‫المنحى؟ إذ أن مصارفا كبرى تنضح تقاريرها المالية بأرباح سنوية مذهلة‪ ،‬غدت تحتضن في أروقتها موظفين فاق‬
‫وجودهم فيها إثنتي عشرة من األعوام وبرواتب ال تتعدى الثالثمائة من الرياالت العمانية؟ با للهول! وكأنهم كانوا‬
‫ينتظرون أن يعي المواطنون نهجا آخر يطالبون به حقوقهم حتى يعلنوا عن تغيير في الرواتب وتخفيض في نسب‬
‫القروض القاصمة للظهور!‬

‫واألمر المقرح اآلخر‪ :‬أن مئات إن لم نقل األلوف من األبرياء‪ ،‬ذهبوا ضحية هذه االضرابات‪ .‬فق د عج زوا عن‬
‫إجراء أعمالهم في ظل مغادرة الموظفين لكراسيهم الضيقة احتجاجا‪ ،‬بل استبد القلق والهلع بالعديد من الن اس عن‬
‫مصير رواتبهم التي ستتحول بعد أيام إلى هذه المصارف‪ ،‬ترى كيف سيتمكنون من صرفها أو الوفاء بإلتزام اتهم‬
‫المالية وما أكثرها هذه األيام؟ آخرون من الذين تلقوا إشعارات بقطع خدمات المياه أو الكهرباء لتأخر شهر فق ط‬
‫والذين وجدوا أن خطوط هواتفهم قد خمد أنفاسها هرعوا إلى محطات الدفع والمطالبة باسترجاع الخدمات فك ان‬
‫من أمرهم أن صدموا ووقفوا حيارى ال يدرون ما العمل في ظل هذه االضرابات التي تطالب من جهة بحقوقه ا‬
‫وتضر بإضرابها هذا بالعديد من األبرياء‪.‬‬

‫وهاهي صحف اليوم برمتها ق د أعلنت ص باح أمس عن ن ذير خط ير للغاي ة‪ ،‬وهي انح راف االض رابات‬
‫واالعتصامات عن مسارها وهويها في قاع العنف والتمرد المضر بمصالح اآلخرين‪ ،‬األمر الذي يفرض تس اؤال‬
‫غاية في األهمية وهو ‪ :‬أين هي حجر الزاوية في هذه المعضلة والتي ينكمش الحل فيها؟‬

‫لقد فلت الفرس األبيض عن مربطه وأخذ يتعثر شيئا فشيئا في أعمدة مصالح البلد ومرافقها!‬

‫هل الحل يكمن في قانون واضح ال يحتاج إلى تفاسير لإلضراب واالعتصامات تعضده الئح ة ت دعم الحق وق‬
‫وأخرى تبين جزاءات المخالفات؟ شخصيا‪ ،‬أعتقد ذلك‪.‬‬

‫عند رجوعنا إلى تعريف لإلضراب والفارق بينه وبين االعتصام نرى أنهم عرفوه كالتالي‪:‬‬
‫االضراب عبارة عن رفض جماعة من الموظفين االستمرار في العمل لعدة ساعات أو عدة أيام وذلك ألج‪++‬ل أن‬
‫‪ +‬بمهنتهم‪ .‬ويحق لهم أثناء االضراب رفع الفتات أو هتافات تطالب بحقوقها المشروعة‪.‬‬
‫تتحقق مطالباتهم المتعلقة‬
‫‪+‬‬
‫"القاموس السياسي"‪.‬‬

‫ويرافق هذا التعريف شرطا في غاية من األهمية وهو‪:‬‬

‫"ال يجوز االضراب بأي حال من األحوال إال بعد تقديم الموظفين مطالباتهم مكتوبة للجهة المعنية في المؤسس‪++‬ة‬
‫‪ +‬رد االدارة عن مطالباتهم التي ينبغي أن تك‪++‬ون في م‪++‬دة معقول‪++‬ة من ي‪++‬وم رفعهم‬ ‫التي يعملون فيها وإنتظار‬
‫‪ +‬إلى موق‪++‬ع من المواق‪++‬ع‬
‫‪ +‬أما االعتصامات‪ ،‬فقد عرفها القاموس السياسي بأنها "لجوء حشد من الناس‬ ‫لمطالبهم"‪.‬‬
‫العامة ألجل لفت انتباه االعالم إلى مطالبهم أو رسالتهم ألنه يجوز أن تكون االعتصامات ألجل إبالغ رس‪++‬الة أو‬
‫‪ +‬رفض حالة فساد‪ ،‬أو تعتيم‪ ،‬أو سلب حق‪++‬وق‪،‬‬ ‫‪ +‬التي تبلغها االعتصامات‪:‬‬‫‪ +‬ومن أنواع الرسائل‬‫اعالن عن مطالبة‪.‬‬
‫‪ +‬أو اعالن عن مأساة وإلى غير ذلك‪ .‬والفرق بينها وبين المظاهرة أن االعتصام ال يتحرك ب‪++‬ل‬ ‫أو اعالن تضامن‬
‫يبقى في مكان واحد يعتصم به" "القاموس السياسي"‪.‬‬

‫يالحظ أن التعريف فرق بين االضراب واالعتصام بأن األول ال يكون إال عن "العمل" وليست ل ه رس الة غ ير‬
‫تحسين أوضاع العمل والعمال‪ .‬وهنا يفسح المجال ويفتح الباب للقانون أن يتحرك ببنوده ألجل حماية حقوق الغير‬
‫التي قد تهدر باالضراب‪ ،‬وذلك عبر النقاط اآلتية‪:‬‬

‫منح حق االضراب واالعتصام ألجل المطالبة بالحقوق المشروعة أو إيصال رس الة هام ة‪ ،‬على أن ال‬ ‫‪.1‬‬
‫تتحول هذه االضرابات أو االعتصامات إلى عنف بأي شكل من أشكاله‪.‬‬
‫ال بد من حماية شخصيات الناس من الشتائم والقذائف بأنواعها إذ أن االعتصام أو االض راب ال يحمالن‬ ‫‪.2‬‬
‫في هويتهما حق إتهام األبرياء والتشهير بهم‪.‬‬
‫عدم تحول هذه االعتصامات أو االضرابات إلى وسائل للعرقلة أواالعاقة بأي حال من األحوال‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ال ينبغي أن يقتضي قيامها إلى ذهاب مصالح أناس آخرين أو تضرر الدولة بها‪ .‬المصريون مثال أوجدوا‬ ‫‪.4‬‬
‫لإلضرابات عندهم أوقاتا ال تتوافق مع أوقات العمل الرسمي‪ ،‬وعلى هذا فلنقس ما يمكن اقتراحه لحماي ة‬
‫الوكن والمواطنين من الضرر‪.‬‬
‫ليس من شأن أية حركة أن تكون ال نهائية أو متمادية األمد‪ ،‬ففي ذلك ضرر مزدوج على ذوي الحرك ة‬ ‫‪.5‬‬
‫ومكان وقوعها أيضا‪ .‬من هنا ينبغي أن تكون لإلعتصامات واالضرابات عمر معين ال تتجاوزه‪.‬‬
‫في حالة عدم تحقق مطالب المعتصمين أو المضربين‪ ،‬ينبغي إيجاد حل يبت في هذه المعضلة ويوجد لها‬ ‫‪.6‬‬
‫حال لعله يتمثل في تدخل جهات مختصة إلرضاء الطرفين ضمن نطاق الصلح الذي طبيعته كسب ش يء‬
‫مقابل فقد آخر‪.‬‬
‫ال بد من الئحة للجزاءات‪ ،‬توضح للمعتصمين والمضربين ما عليهم فيما إذا خرجت حركاتهم عن خطها‬ ‫‪.7‬‬
‫السلمي واألخالقي‪.‬‬

You might also like