You are on page 1of 2

‫بستان األفكار‬

‫فرض أدونيس واالعالم الجديد‬


‫وصف الكاتب األمريكي "جوزيف كشيشيان " في عموده المترجم في جريدة عمان بتاريخ ‪ 30‬من الشهر الح الي‬
‫االصالحات التي قام بها جاللة السلطان المعظم "بالتكتونية"‪ ،‬ألنها‪ ،‬حسب وص فه‪ ،‬ه زت (التكتوني ة بمع نى‬
‫الزلزالية) معظم المواطنين بالمعنى الحرفي للكلمة إذ في أقل من أسبوعين صدرت ما ال يق ل عن ‪ 28‬مرس وما‬
‫إصالحيا تخطط للمرحلة القادمة من عمر النهضة العمانية‪ .‬وطرحت ندوة االصالح السياسي التي أقامتها جري دة‬
‫الرؤية ونشرت تفاصيلها على حلقتين آخرها بتاريخ ‪ 22‬الشهر تساؤال هامًا جدًا حول "من سيكون حارس العملية‬
‫االصالحية هذه؟" و "من الذي سيضمن عدم وقوعها تحت طائلة الفساد وسوء االدراة مجددا"؟‬

‫إن القائد يتعب نفسه باالصالحات‪ ،‬ال أحد منا يدري كم من الوقت يقضيه في التفكير‪ ،‬وحجم "العص ف" ال ذهني‬
‫الذي يمارسه‪ ،‬ومداه على صحته‪ ،‬وكم من المرات يغربل أفكاره رأسًا على عقب لينظ ر إليه ا من أألس فل إلى‬
‫األعلى مرة‪ ،‬ومن األعلى إلى األسفل أخرى‪ ،‬والدعوات الصادقة التي يبثها في نجواه مع رب ه ليجع ل التوفي ق‬
‫حليف مخططاته‪ ،‬هذا كله ال علم لنا به لكننا نشعر بثقلها حتما ويقينا‪ ،‬فهل يجوز بعد هذا أن يأتي جمع من العابثين‬
‫ليحولوا دون أن يقطف الشعب ثمار هذا الغرس األطيب المبارك؟‬

‫اإلجابة بثتها الندوة في ضمن ما تمخضت عنها من توصيات‪ ،‬وعلى لسان الباحث "محمد الحجري" إذ ق ال ب أن‬
‫"االعالم هو حارس العملية االصالحية هذه" ‪ ،‬وأيده فيه الحضور الكريم بعد أن بلوروه بإضافات وتعليقات هام ة‬
‫منهم‪ .‬أقترح على القراء أن يقرؤها إن لم يكونوا قد فعلوا ذلك بعد‪.‬‬

‫نعم ذاك هو الدور الذي يود القدر أن يكتبه لإلعالم العماني في العهد الجديد للسلطنة‪ .‬والشك أن لكل دور رجاله‪،‬‬
‫كما أن لكل مقام مقال‪ .‬فإذا كان لمقام عصر االصالح مقاله الخاص به‪ ،‬ف إن له ذا المق ال رجال ه أيض ا من‬
‫االعالميين الذين‪ ،‬وهلل الحمد‪ ،‬ال تخلو هذا البلد الطيب منهم‪.‬‬

‫ذات يوم‪ ،‬افترض األديب العربي الكبير "أدونيس" فرضا ال يفترضه إال المبدعون‪ ،‬وهو أنه "لو" قدر الباري تعالى‬
‫أن يرسل رسال لمرحلة جديدة من عمر البشر‪ ،‬ترى هل سيرسل من أرسلهم سابقا أم أن الدور هذه المرة س يأتي‬
‫على "رجال" آخرين غيرهم؟‬

‫تبني اإلجابة األولى تعني أننا أصحاب رؤية "قاتمة" ترى أن البشرية قد عقمت عن أن تنجب رجاال يستطيعون أن‬
‫يلعبوا أدوار الرسل واألنبياء‪ ،‬أما بتبني اإلجابة الثانية فنحن نقف في صف الذين يرون أن الجم ال واالب داع لم‬
‫ينضب معين الوجود عن ضخهما أزال ولن ينضب أبدا‪ .‬فالباري "يداه مبسوطتان ينفق كيف يش اء" وال يتس لل‬
‫"البخل والمنع" في ساحته إطالقا‪ .‬فجهاز الخلقة يقذف دائما أبدا على سطح هذه المعمورة عقوال كب يرة وأرواح ا‬
‫كريمة‪.‬‬

‫لنترك "أدونيس" بفرضه الجنوني – واالبداع يعرف في هذه الصناعة بالجنون أحيانا‪ -‬إذ أن حديثنا كان أساسا عن‬
‫عقول مخلصة ومتمكنة تستطيع ممارسة نشاط األنبياء فما بال أعمال في حجم إدارة حقيبة وزارة أو وكالة؟‬
‫وسواء أكنا ذوي نظرات قاتمة أم فاتحة‪ ،‬فلن تختلف نظراتنا بأن الوطن بحاج ة إلى "إعالم" جدي د‪ ،‬ق ادر على‬
‫حراسة وحماية خطوات "االصالح"‪ ،‬لذا فكلمتنا اليوم غدت موحدة تتألف من األلفاظ التالية‪" :‬االعالم الح الي ق د‬
‫ولى عهده"‪.‬‬

‫أطرب له من "نشيد"!‬

‫رئيس التحرير ‪mohammed@alroya.net‬‬

You might also like