Professional Documents
Culture Documents
صندوق دعم وتطوير التعليم العالي
صندوق دعم وتطوير التعليم العالي
#
#عبر عمودها المنشور في جريدة الرؤية الخميس الفائت"
الدكتورة ماجدة الهنائية
#
كتب :محمد رضا محمد اللواتي
أود في هذا العمود أن ألقي ضوء التأييد القتراح الدكتورة ماجدة الهنائية التي وجهته إلى مجلس الشورى الم وقر
الخميس الفائت عبر جريدة الرؤية ،وأردفه برجاء االسراع في إتخاذ خطوات جادة لدراسة المقترح لم ا ل ه من
أهمية قد تفوق حتى أهمية إنشاء صندوق الزواج.
لعل هذا يتطلب أن نرجع قليال إلى الوراء ،فبعد االتفاق على أن تطوير التعليم ومساعدة المواطنين ال سيما الشباب
منهم على إكمال تعليمهم العالي قد خرج عن أن يكون خيارا إلى حيث استحال قدرا محتما ال يمكن التراجع عنه،
ال سيما وأن "عهد االصالح" الذي دشنته المراسيم السلطانية الشهر الفائت قد جعل المواطن مصب وبؤرة اهتم ام
العهد الجديد ،أقول بعد االتفاق على هذا المبدأ ،حان الوقت لدعم المواطن ألجل أن ينجز مسيرته تلك ،وال تي ال
يمكن أن نتصور أنه بإمكانه أن يعيش حياة كريمة إال في ظلها.
من الضروري أن توضع أهدافا محددة وواضحة لألغراض التي ينبغي أن يسعى لها هذا الصندوق ع بر دعم ه
المواطن الكمال مسيرته التعليمية ونقترح أن يكون من أهمها إخراجه عن منافسة األجنبي في الدرجات الوظيفي ة
الدنيا إلى أن يتبوأ مقاعدا في الدرجات الوظيفية العليا ،ويترك مجال الدرجات الدنيا للعمالة األجنبية التي بالع ادة
تكون رخيصة جدا إذا ما قورنت بالعمالة الوطنية ،األمر الذي سيجعل من قطاعات هامة كالص ناعة والمقاول ة
وغيرها تتنفس الصعداء ،فال ضغوط لزيادات في الرواتب وال هموم زيادة أيام العطالت ،وال ح تى ص عوبات
الزواج وإنشاء أسر ،هذا فضال عن التفرغ للتركيز على الجودة في االنتاج وتطويره .ناهيك عما هو متوقع من ه
وهو ابتكار وزارة العمل نظاما يجعل من مطالباتها بنسب التعمين تتمركز على ال درجات الوظيفي ة المتوس طة
والعليا وليس في األدنى ،األمر الذي ومع شديد األسف لم تلتفت له الوزارة الموقرة إلى يومنا هذا.
يأتي التركيز على الغرض المار أعاله بالخصوص دون غيره نظرا ألن ال يحتشد خريجوا الجامعات في طواب ير
الباحثين عن الوظائف مجددا ،فعوضا عن أن تبحث الوزارة الم وقرة عن حل ول ل ذوي الش هادات االبتدائي ة
واالعدادية والثانوية وإذا بها تجد نفسها معنية عن البحث عن وظائفا حتى للخ ريجين! لن يعم ل ص ندوق دعم
التعليم بكفاءة إن رفد في السوق العمانية عشرات من حملة الماجستيرات ما لم تفرض وزارة القوى العاملة أنظمة
فعالة تضمن استيعاب السوق لهذه المخرجات المؤهلة وتضمن انحسار منافسة العمالة الوافدة للعماني الغير المؤهل
فحسب وفي الدرجات األدنى.
ولنعود إلى مقترحات الددكتوة ماجدة ونلقي ضوء التحليل على ثالث منها:
األول :مقترح تمويل الطالب الجامعي بمنح كاملة أو جزئية على أن يقوم الط الب بتقس يطها على م دى خمس
سنوات .لست أظن أن الدكتورة تأبى أن تضاف على اقتراحها القيم النقطتين التاليتين:
وغير الجامعي أيضا ،سواء كان حامال لدبلوم الثانوية العامة – اقترحت الدكتورة أن يتغير مسماه – أو لم -
يكن ،طالما أن خبراته الطويلة في ميدان الوظيفة تسمح له أن تقبله الجامعات العالمية المرموقة وتب ادل
خبراته بالبكالورويس .إذ أن العديد من خريجي الثانوية يعجزون عن االلتحاق بالجامع ات نظ را لقل ة
المقاعد وحدة المنافسة .إن العديد منهم وفي كل عام يفقدون الفرصة لإللتحاق بالجامعة األهلية الوحي دة
عندنا – نقطة تثيرالعجب والذهول -لفارف نصف عالمة!! هل أن فقدان نصف عالمة تكفي ألن تك ون
سببا في حرمان الطالب من الدراسة الجامعية في ظل غياب الجامعات األهلي ة وعج ز األس ر عن أن
تتحمل عبء أجور الدراسة وتكاليفها المالية العالية؟ إننا نقترح أن تتيح الصندوق المقترح إنشاؤه مج اال
لحملة دبلوم الثانوية لمواصلة تعليمهم الجامعي بجانب الجامعي الراغب في مواصلة تعليمه العالي وف ق
نسق خاص من النظام الشفاف والواضح تغيب فيه روائح المنح وفق الحاباة والقربة والجيرة والمعرف ة
القديمة وغيرها.
أيضا ،لسنا نظن أن الدكتورة تمانع أن نمد السنوات الخمس إلى عشر ،وبشرط الالفائدة .ثم ة تج ارب -
محلية شخصية لجماعات معينة في المجتمع العماني تكللت بنجاح مبهر في هذا اإلطار ،فق د خصص ت
بعض الجماعات الخيرة صندوقا يدعم على من تنطبق عليهم الشروط طالب الثانوية والجامعي أيضا ،هذا
لينال بكالوريوسه وذاك لينال ماجستيره ،على أن يقوم هؤالء المدعومين بتقسيط تمويلهم إلى عشر سنوات
بعيدا عن الفوائد المصرفية .هذه الصناديق تمكنت بنجاح منقطع النظير من رفد م ؤهلين ع دة ،ومجلس
الشورى أولى من غيره أن يتبنى المشروع لجميع العمانيين.
ثانيا :أقترحت الدكتورة إعطاء منح جزئية للموظفين وربات البيوت للدراس ة عن طري ق االنتس اب أو في
الجامعات المفتوحة .في الواقع إن هذا االقتراح طموح إلى أبعد الحدود وبعيد النظر فهو يفسح المجال لمئ ات
من العمانيين الذين يتكدسون في الدرجات الوظيفية المتوسطة في مصارفنا المرموقة طوال أعمارهم دون أن
يتم زحزحتهم عنها بحجة فقدان المؤهالت العلمية الكبيرة ،هؤالء سيجدون الفرصة مواتية على مواكبة فرص
التعليم العالي ،األمر الذي سيعين على انتقالهم إلى درجات وظيفية عليا ،وبالتالي زحزحة المنافسة الوافدة لهم،
هذا إذا فتحت وزارة القوى العاملة عينها على اتساعها .والذي يجعل من هذا االق تراح طموح ا إلى أبع د
الدرجات أن يتيح الفرصة لربة المنزل أن تنطلق في رحاب علمي أوسع ،ليس فحسب تمهيدا النخراطه ا في
سوق العمل ،إذ ليس "العمل" مجاله "السوق" دائما ،فالمنزل مجال فسيح لممارس ة التربي ة وف ق المعرف ة،
والدراسات في هذا المجال تؤكد أن النسوة الالتي مارست االشراف التام على أطف الهن من خالل من ازلهن
كانت نتائج عمل المتعلمات والحامالت لمؤهالت علمية عالية أرقى بكثير .هذا الرقي كان باديا على أطفالهن
في سلوكهم ومستوى نضجهم وسرعة تلقيهم للعلم والمعرفة في المدارس منذ نعومة أظفارهم.
وبجانب المنزل ،فإن مجاالت من قبيل األعمال التطوعية واالنخراط في أنشطة اجتماعية متنوع ة أض حت
اليوم تتطلب مزيدا من الخصوصية والدقة في الممارسة والتي يتيحها التعليم العالي.
ثالثا :اقترحت الدكتورة المساهمة في إنشاء كليات وجامعات "صغيرة" في مختلف أنحاء السلطنة وفق مع ايير
الجودة .أود هاهنا أن أقترح نقطتين أظن أن الدكتورة سوف تتقبلهما كإضافة على اقتراحها النفيس وهما:
أن يفسح المجال للجامعات العالمية لفتح فروعها في عمان .في الجوار ،نجد أن جامعات عريقة للغاية قد -
تواجدت وتقدم تعليما نوعيا فعال ،بينما كان المسؤولين عندنا يمنعون تواجدها بحجة أن سوق الجامع ات
المحلية سوف يغلق!! عندما ينلقب التعليم من خيار للرقي الحضاري إلى خيار للمنافسة التجاري ة فنحن
أمام أزمة حقيقية .إن تواجد الجامعة العريقة في بلدنا معناه أن تعليما راقيا س يتوفر لمن يتمكن من دف ع
فاتورته ،ويدفع الجامعات المحلية إلى تطوير مناهجها وتكون على مستوى المنافسة .ينبغي أن ال نفك ر
بتاتا في أن سوقها – في ظل الدعم المالي الهائل الذي تتلقاه – سوف يقل أو يغلق .فإن حدث هذا فسيكون
ذلك لعجزها عن تطوير مناهجها ومنافستها ببضاعتها لمثيالتها.
أن يخصص من هذا الدعم الذي تناله هذه الجامعات – وهو هائل فعال – جزء لدعم الطالب بأن تتحم ل -
الجامعات المحلية جزء من تكاليف دراسته ،أو أن تخفضها إلى النصف .قرأت مؤخرا أن مجموع ة من
دور نشر أمريكية في إطار سعيها الحثيث عن البحث عن األقالم المبدعة في العالم ق د دعت أص حاب
األقالم المغمورة أن يباشروا الكتابة ويعرضوا أعمالهم على هذه الدور ،ألنها بصدد دعم أعمالهم الجي دة
بنشرها وتحمل نصف تكاليف طباعتها! أليس األجدر واألولى أن نشاهد برامجا من هذا النوع في مجتمع
أدرك اآلن أن التعليم قدره المقدر للعيش الكريم؟
mohammed@alroya.net