You are on page 1of 2

‫الفعل المعرفي بين الخطإ و الحقيقة‬

‫إن الحياة مبنيية على الزوجيية فيي كيل شييئ‪.‬و وقوع الخطيإ تجربية تدعيو إلى التفكيير‬
‫فيي ذلك النقييض الغائب و هيو الصيواب‪.‬الخطيأ إذا أمير يسياعد على التميييز و المعرفية‪ ،‬و‬
‫يطرح أمام أعيننيييا إشكالت أخرى‪.‬إنيييه بذلك يفتيييح إزائنيييا أبوابيييا جديدة تؤدي إلى حقائق‬
‫جديدة‪.‬و هذا من شأنه أن يغني الفكر بالمعرفة اللزمة للصابة في الحكم و إعطاء الحقيقة‬
‫حق قدرها‪.‬فالخطأ يعطي لوجود النسان معناه؛ فحصوله مسألة من جنس طبيعة النسان‪,‬‬
‫كما أنه يدعو إلى التفكير في السباب و أسباب السباب‪.‬هذا التفكير بعينه هو جوهر وجود‬
‫النسان‪,‬بل هو إغناء لذاته و هويته‪.‬‬
‫لول الخطيأ ميا أمكين للعقيل النسياني أن يتقدم‪ .‬قيد يعارضنيي البعيض فيي هذا القول‬
‫بحجية أن الخطيأ تجربية تحتيم على النسيان إعادة المحاولة و فيي ذلك مضيعية للوقيت وداع‬
‫إلى التأخيير بدل التقدم‪.‬ردا على هذا الزعييم أقول‪ :‬نعييم إن الوقوع فييي الخطييإ يدعييو إلى‬
‫المراجعيية و إعادة النظيير‪ ,‬و لكيين ذلك ل يعنييي إضاعيية للوقييت على الطلق؛ ذلك أن فييي‬
‫عمليية "العادة" تلك ترسييخ لفكرة صيائبة‪ ,‬و فيي الن نفسيه قطيع للصيلة ميع فكرة أخرى‬
‫خاطئة‪.‬و مادام الميير يتضميين تمحيييص فكرة‪/‬حقيقيية و تصييحيح منهييج‪/‬طريقيية‪ ,‬فل بأس أن‬
‫نضحيي بفترة مين الزمين مين أجيل التأسييس لفكرة صيائبة‪ ,‬ول بأس كذلك أن نقبيل بيي"فشيل‬
‫مؤقيت" مين أجيل نجاح مسيتديم‪.‬فالفشيل‪/‬الخطيأ مين هذا المنظور مدعاة للنجاح‪/‬الصيواب‪.‬و‬
‫هنا تحضرني قصة طريفة تؤكد هذا؛ فذات يوم‪ -‬و أنا في غرفتي مع زملئي الطلبة‪ -‬سمعت‬
‫مين المطبيخ الذي يطيل على الغرفية طالبيا يقول لخير محاول إقناعيه‪ ":‬إن أكثير الناس نجاحيا‬
‫أكثرهييم فشل"‪ .‬بمجرد أن سييمعنا هذه العبارة انفجيير الطلبيية ضاحكييين‪ ,‬غييير أن العبارة‬
‫اسيتوقفتني و رأييت فيهيا جانبيا مين الصيحة‪.‬أعدت النظير فيي العبارة و فيي تارييخ المعرفية‬
‫النسانية عموما‪ ,‬فرأيت نماذج ل تعد و ل تحصى من أناس كانوا أكثر فيشل‪ ,‬غير أنهم تركوا‬
‫بصيمة النجاح على جيبين التارييخ‪.‬إن هربرت أنشتايين ‪,‬على سيبيل المثال ل الحصير‪,‬أجرى ميا‬
‫يزييد على ألف تجربية علميية‪.‬كيل ذلك مين أ جل التحقيق مين صيحة معادلة؛ فكانيت ثمرة ذلك‬
‫الجهيد الذهنيي لفهيم أسيباب الخطيإ نظريية النسيبية التيي زعزعيت كيان الفيزياء الحديثية و‬
‫العلوم التي حولها‬
‫إن هذا كله يؤكد أن الخطأ ليس إل مرحلة في الفعل المعرفي؛ لكنه لحظة أساسية‪,‬‬
‫أو إن شئت القول هيييو حلقييية مييين مسيييلسل تارخيييي‪/‬ابسيييتمولوجي مفتوح على جمييييع‬
‫الحتمالت‪.‬فإذا الخطأ جزء من كل الحقيقية‪,‬‬
‫و من ثمة ففي الخطإ شيئ من الحقيقة كما أن في الحقيقة شيئ من الخطإ‪.‬‬
‫فيي الخطيإ شييئ مين الحقيقية لنيه ‪ -‬كميا أسيلفنا‪ -‬مرحلة أسياسية فيي بناء الحقيقية‪ ,‬و‬
‫فيي الحقيقية شييئ مين الخطيإ لنهيا مسيألة نسيبية تحتميل نسيبة معينية مين الخطيإ حتيى و لو‬
‫تعلق المير بيي "الحقيقية العلميية" التيي جرى وصيف علومهيا على أنهيا علوم حقية‪.‬فاحتمال‬
‫الخطيإ وارد فيي كيل الحتمالت‪ ,‬و بالتالي فالعييب لييس في الخطيإ كميا لييس في الحقيقية ‪.‬و‬
‫لكن العيب أل نعطي كل ذي قدر قدره‪ ,‬العيب كل العيب أل نقدر الخطأ كما ينبغي‪.‬‬
‫و تقدير الخطإ عندي يقتضي ثلثة أمور‪ :‬المر الول أن يتم تشخيص الخطإ و معرفة‬
‫هويتيه؛ إذ لييس مين الممكين أن نخطيو خطوة ناجحية فيي الفعيل المعرفيي المسيتقبلي دون‬
‫النظر في ماهية الخطأ الماضي‪ .‬و المر الثاني أن ينظر في السبب وراء الخطإ و أن يؤخذ‬
‫بعين العتبار عامل المنهج باعتباره محددا حاسما لقيمة كل حكم أو خلصة ‪.‬و المر الثالث‬
‫‪,‬و هو الحد الفاصل بين السلبية و اليجابية‪ ,‬أن يتم طرح البديل النسب لمعرفة الحقيقة‪.‬و‬
‫هذا الطرح إنمييا يقوم على اسييتيعاب الخطييإ و تصييويب المنهييج‪ .‬هكذا نخلص إلى أن عييين‬
‫الخطيإ هيو فيي عدم إعطاء الخطيإ قدره مين الهميية بالنسيبة لبناء الحقيقية و تصيويب الفعيل‬
‫المعرفي النساني‪.‬‬
‫الكوط عبد الواحد‬
‫‪15-01-2006‬‬

You might also like