You are on page 1of 4

‫التفسير السياسي للهجوم على السلفية‬

‫ً‬
‫بداية البد أن أتفهم أن ثمة بعداً فكري ا ً وأي دلوجياً‪ ،‬عن د ك ل األط راف المش تركة في الهج وم الش ديد‬
‫والج ائر على التي ارات الس لفية في مص ر الي وم‪ ،‬وه و الهج وم ال ذي ج اء على خلفي ة التحرك ات‬
‫والنشاطات الواسعة التي ق امت به ا مختل ف الفص ائل الس لفية‪ ،‬وال تي ج اءت أث ر الس قوط الم دوي‬
‫للنظام الديكتاتوري الحاكم في مصر في ف براير الماض ي‪ ،‬ومن ب اب اإلنص اف أن ه ذه التحرك ات‬
‫والنشاطات كانت في مجملها غير راشدة‪ ،‬و تحمل قدراً ال بأس به من عدم النضج السياسي‪ ،‬فك ثرة‬
‫الم ؤتمرات وال تي وص لت إلى قراب ة المائ ة م ؤتمر ح تى كتاب ة ه ذه الس طور‪ ،‬وط افت جمي ع‬
‫المحافظات والمدن المصرية الكبيرة تقريباً‪ ،‬ك انت كفيل ة لبث ال رعب والف زع في أنص ار العلماني ة‬
‫والليبرالي ة ليس في مص ر وح دها‪ ،‬ولكن في المنطق ة بأس رها‪ ،‬ثم ج اءت نتيج ة االس تفتاءات على‬
‫التع ديالت الدس تورية؛ لتمث ل لطم ة قوي ة للعلم انيين والتغريب يين في مص ر‪ ،‬بع د أن تب نى التي ار‬
‫اإلسالمي عموماً‪ ،‬والسلفي خصوصا ً الموافقة على التعديالت‪ ،‬مما أفقد العلمانيين صوابهم‪ ،‬وكش ف‬
‫لهم عن الحجم الحقيقي للتأثير السلفي‪ ،‬وما يستطيع أن يحدثه من فارق في مجرى الحي اة السياس ية‪،‬‬
‫ومن ثم انطلقت حمالت االستعداء واالستنفار والتحشيد ضد التيارات السلفية‪.‬‬

‫واختصار لبّ هذه الحملة الشرسة ضد التيار السلفي في مصر في مسألة عداوة الدين‪ ،‬واختزال ه في‬
‫بع ده العق دي فق ط‪ ،‬يورثن ا كث يراً من اإلش كاليات‪ ،‬ويؤك د على ق ول من يتهم الس لفيين بالس ذاجة‬
‫السياسية وعدم األهلية ألمث ال ه ذه األنش طة‪ ،‬كم ا أن ه يش وش بش كل ملح وظ على األداء السياس ي‬
‫للتيار السلفي بم ا يمثل ه من ثق ل في الش ارع المص ري‪ ،‬وذل ك على ف رض ص حة التق ديرات لع دد‬
‫المنتمين للتيار السلفي في مصر (‪ 5 ،4‬مليون سلفي)‪ ،‬والحق أن الهجوم على السلفية في مصر هذه‬
‫األيام يحتاج لتفسير سياسي‪ ،‬وقراءة متأنية‪ ،‬تتجرد من أسر التفسير العقدي لكل األح داث المتش ابكة‬
‫في المشهد السياس ي في البالد‪ ،‬خاص ة في موس م التحالف ات واالنقالب ات والتكتيك ات المتبادل ة بين‬
‫أطراف العملية السياس ية المص رية‪ ،‬ونس تطيع أن نق ول أن الق راءة السياس ية للحمل ة الشرس ة على‬
‫السلفية اآلن‪ ،‬تدور على عدة مسارات ومحاور‪ ،‬وألسباب ودوافع معينة منها‪:‬‬

‫محور االستدراج والتخويف‬

‫المتابع للمش هد السياس ي واإلعالمي في مص ر في أعق اب نج اح الث ورة يالح ظ تس ارعا ً كب يراً في‬
‫الحركة واألداء اإلعالمي لدي التيارات اإلسالمية عموماً‪ ،‬والسلفي خصوص اً‪ ،‬وه ذا التس ارع ك ان‬
‫طبيعيا ً نتيجة عقود من التحييد والتهميش واإلقص اء الع نيف من ج انب حكوم ة ال ديكتاتور مب ارك‪،‬‬
‫وفي ظ ل أج واء الحري ة الجدي دة نش طت وتح ركت كاف ة التي ارات السياس ية واالجتماعي ة وق وي‬
‫المعارضة‪ ،‬وبالتالي لم يلحظ أحد أن ثمة استدراج خفي يج ري التخطي ط ل ه على ن ار هادئ ة للتي ار‬
‫السلفي‪ ،‬حيث أخذت وسائل اإلعالم تغطية مؤتمرات التيار السلفي الجماهيرية بدقة‪ ،‬وتتابع الخطاب‬
‫الدعوي والسياسي لهذه المؤتمرات بعناية فائقة‪ ،‬ونقل أخباره أوال بأول‪ ،‬وأخ ذت في إفس اح المج ال‬
‫لكل الرموز المحسوبة على التي ار الس لفي بمعن اه الواس ع‪ ،‬فعب ود الزم ر مثال بم ا يمثل ه من خلفي ة‬
‫تاريخي ة ألح داث غ يرت مس ار المش هد السياس ي المص ري‪ ،‬وأث رت بش دة في ذاك رة ووج دان‬
‫المصريين‪ ،‬يتم إبراز خبر اإلفراج عنه‪ ،‬وتغطيته إعالميا ً بصورة واسعة‪ ،‬وتس ابقت وس ائل اإلعالم‬
‫الرسمية وغير الرسمية في استضافته‪ ،‬وأفسح المجال له بكل حرية ليتكلم بكل ما يعن ل ه من أفك ار‬
‫ورؤى وأطروحات‪ ،‬وكذلك الح ال م ع ابن عم ه ط ارق الزم ر‪ ،‬وب التوازي م ع اإلب راز اإلعالمي‬
‫لحركة ورموز السلفية‪ ،‬كانت ثمة نشاطات واسعة تدعو المتبصرين للتدبر فيه ا وال تروي في الحكم‬
‫عليها‪ ،‬ومعرفة أسرارها وأسبابها‪ ،‬فقد أخذ شيوخ السلفية في غزو الجامعات المص رية من أقص اها‬
‫ألدناها‪ ،‬يدخلون بعلم إدارة الجامعة وموافقتها‪ ،‬ويلقون محاضرات حاش دة‪ ،‬يحض رها آالف الطلب ة‪،‬‬
‫مع العلم أن الواحد من هؤالء الفضالء من قبل كان محاصراً ومض يقا ً علي ه‪ ،‬وال يس تطيع أن ينتق ل‬
‫خارج بلده التي يقيم بها إال بعد عناء كبير‪ ،‬وموافقة من الجهات األمنية‪.‬‬
‫هذه النشاطات الواسعة والتحركات الكثيرة للتيار السلفي‪ ،‬والتي تلقى كل حري ة وت رحيب‪ ،‬وموافق ة‬
‫وتيسير من كافة الجهات المسئولة والمعنية‪ ،‬حتى أنه ال يكاد أن يمر يوم في أيام األسبوع منذ سقوط‬
‫مب ارك‪ ،‬إال وللس لفيين في ه م ؤتمر منعق د في مدين ة من الم دن‪ ،‬مثلت فرص ة ذهبي ة ألع داء التي ار‬
‫اإلسالمي عامة والسلفي خاصة‪ ،‬للتخوي ف والتش ويه له ذا التي ار‪ ،‬واتهام ه باالس تيالء على المش هد‬
‫اإلعالمي والسياس ي في مص ر‪ ،‬والقف ز على أكت اف الث ورة‪ ،‬من ك ثرة تحركات ه ومؤتمرات ه‪ ،‬وب دأ‬
‫الناس يتساءلون‪ :‬أين ك ان ه ؤالء من قب ل؟!‪ ،‬وأين دورهم السياس ي واإلعالمي من قب ل؟!‪ ،‬وب دأت‬
‫حمالت التخويف بالتعرض للخطاب السلفي الدعوي واالجتم اعي‪ ،‬وتش ويهه بأح ط وأق ذر الوس ائل‬
‫واألكاذيب‪ ،‬وتوالت الحمالت الدعائية مدفوعة األجر من ص حف ومواق ع له ا توجهاته ا المعروف ة‪،‬‬
‫ومعلوم للجمي ع من يق ف ورائه ا‪ ،‬فجري دة المص ري الي وم والي وم الس ابع وهم ا من أش د الص حف‬
‫مهاجمة للتيار السلفي في مصر اآلن‪ ،‬مل ك للملي اردير "نجيب س اويرس "‪ ،‬وجري دة الدس تور مل ك‬
‫رجل األعمال "رضا إدوار"‪ ،‬وك ذلك المواق ع اإللكتروني ة التابع ة له ذه الص حف‪ ،‬وأخ ذت حمالت‬
‫التخويف ت زداد باس تنطاق المش ايخ ببعض الفت اوى واآلراء ال تي تم توظيفه ا واس تغاللها في حمل ة‬
‫التخويف من السلفيين في مص ر‪ ،‬ب ل تم نس خ ش رائط ص وتية لمحاض رات قديم ة له ؤالء المش ايخ‬
‫والرموز‪ ،‬وتم عمل مونتاج ألق والهم وآرائهم‪ ،‬و تم ابتس ارها وتقطيعه ا لخدم ة اله دف التحريض ي‬
‫والتشويهي للتيار السلفي‪.‬‬

‫محور فك التحالف السلفي اإلخواني‬

‫أصدق وصف للحالة المصرية بكل تفريعاتها بعد الثورة‪ ،‬أنها مرحلة ما بع د الجماع ات‪ ،‬أو مرحل ة‬
‫التئام الصفوف وتوحيد الراي ة‪ ،‬ف إن من أعظم نت ائج الث ورة أنه ا وح دت وألول م رة بين التي ارات‬
‫الس لفية وجماع ة اإلخ وان المس لمين‪ ،‬بع د عه ود طويل ة من الص راع المكت وم‪ ،‬والجف اء المتب ادل‪،‬‬
‫والفتور المتعمد‪ ،‬بين الطرفين‪ ،‬فلقد اتفقت رؤية الطرفين في الموقف من الثورة ـ وذلك بعد اس تبعاد‬
‫شذاذ السلفيين الذين كانوا يصفون حسني مبارك بأمير المؤمنين ويحرمون الخروج عليه ـ ثم اتفقت‬
‫رؤية الطرفين بعد نج اح الث ورة تج اه العدي د من القض ايا والملف ات‪ ،‬خاص ة قض ية االس تفتاء على‬
‫التعديالت الدستورية‪ ،‬والمشاركة السياسية الفعال ة والتنس يق بين الط رفين في االنتخاب ات‪ ،‬وعق دت‬
‫عدة لقاءات بين رم وز الط رفين س اهمت في ترس يخ التح الف السياس ي‪ ،‬وتم االتف اق ض منيا على‬
‫كيفية التعامل وإدارة المرحلة القادمة‪.‬‬

‫ه ذا التح الف والتنس يق ك ان أك ثر م ا أقل ق العلم انيين والليبرال يين في مص ر ومن ورائهم أمريك ا‬
‫واالتحاد األوروبي وإسرائيل ـ خاصة بعد النجاح الساحق الذي حققه هذا التحالف في توجي ه ال رأي‬
‫العام الشعبي والتأثير فيه‪ ،‬مما أضعف موقف التيار السياسي العلم اني في مص ر خارجي ا وظه وره‬
‫بصورة العاجز عن التأثير والفعالية مقارنة بالتيارات اإلس المية‪ ،‬مم ا ح دا بأمريك ا للتص ريح على‬
‫لسان وزير خارجيتها " كلينتون " في أعقاب نتيج ة االس تفتاءات‪ :‬أن أمريك ا على وش ك االس تعداد‬
‫للتعامل مع اإلسالم السياسي في مصر‪ ،‬فجن جنون العلمانيين والليبرال يين في مص ر‪ ،‬وق رروا ف ك‬
‫عري هذا التحالف السلفي اإلخواني بأي شكل‪.‬‬

‫وألن التيار السلفي هو األوضح واألظهر سمتاً‪ ،‬واألقل خبر ًة سياسيا ً وإعالمي ا ً واس تراتيجياً‪ ،‬بكيفي ة‬
‫مواجهة أالعيب العلمانية وأخواتها‪ ،‬وألن السلفيين األكثر التزاما ً وحفاظا ً على تعاليم الدين‪ ،‬واألكثر‬
‫حرصا ً على السنن الظاهرة والنسخة األصلية لإلسالم‪ ،‬فقد شنت التيارات السياسية العلمانية هجوم ا ً‬
‫ضاريا‪ ،‬وبأساليب قذرة‪ ،‬على التيار السلفي من أجل تشويه صورة التيار اإلسالمي كله‪ ،‬ووصم ك ل‬
‫المنادين بتطبيق اإلسالم بالتطرف والغل و والتش دد والعن ف إلى آخ ر الئح ة االتهام ات الرائج ة في‬
‫وسائل اإلعالم هذه األيام‪ ،‬وذلك للضغط على اإلخوان‪ ،‬وإش عارهم بعظم تكلف ة وجس امة تبع ة بق اء‬
‫تحالفهم السياسي مع السلفيين‪ ،‬وربما كان هذا هو لب الصراع ضد السلفيين اليوم‪ ،‬فالهدف الرئيس ي‬
‫لهذه الحملة فك هذا التحالف الكبير الذي ببقائه لن يقوم للتي ارات السياس ية العلماني ة أي قائم ة‪ ،‬ولن‬
‫يكون لهم وجود أو تأثير على المشهد السياسي في مصر‪ ،‬حتى لو تأجلت االنتخابات لس نوات‪ ،‬فهي‬
‫تيارات تحتاج لشعوب أخرى غير الشعب المصري حتى يكون لها وجود أو أثر‪ ،‬وق د ب دأ اإلخ وان‬
‫فعالً في الت ذمر من بعض النش اطات الس لفية تحت وط اة الحمالت الدعائي ة الموجه ة ض د التي ار‬
‫السلفي‪ ،‬بل شاركت بعض المواقع اإلخوانية وبعض القيادات اإلخوانية في ه ذه الحمل ة‪ ،‬في س ذاجة‬
‫سياسية غير معهودة على جماعة اإلخوان‪.‬‬

‫محور التحجيم و اإلقصاء السياسي‬

‫السياس ة لعب ة له ا أص ولها وخصوص ياتها المتع ارف عليه ا ل دى المش اركين فيه ا‪ ،‬وهي أص ول‬
‫وض وابط في مجمله ا مس تقاة من العلماني ة الغربي ة‪ ،‬ول و ف رض فيه ا النزاه ة والحيادي ة وحري ة‬
‫االختيار‪ ،‬فستكون الغلبة فيها دائما لألكثر تأثيرا في الشارع‪ ،‬واألكثر قدرة على التواصل والتع اطي‬
‫مع الرغبات الشعبية‪ ،‬والتيارات السياسية العلمانية في مصر تعلم يقينا أنها تيارات منبت ة‪ ،‬ال وج ود‬
‫له ا على الحقيق ة في الش ارع‪ ،‬وعن د الم واطن الع ادي‪ ،‬وعلى ال رغم من س يطرتها على المش هد‬
‫اإلعالمي والسياسي لعهود طويلة إال أن هذه التيارات تعاني من ضعف شديد في الحرك ة والت أثير‪،‬‬
‫ووجودها في الحياة السياسية المصرية أشبه م ا يك ون ب القطع الديكوري ة ال تي توض ع في األرك ان‬
‫الستكمال الصورة الجمالية فقط ال غير‪ ،‬لو نقلت من مكانها أو انكس رت لن يلح ظ أح د غيابه ا ولن‬
‫تؤثر علي سير الحياة اليومية‪.‬‬

‫في المقابل كانت التيارات اإلسالمية من قبل ومن بعد تحظى بشعبية جارف ة‪ ،‬وت أثير كب ير‪ ،‬خاص ة‬
‫مع دخول السلفيين للمشهد السياسي بما يمثلونه من ثق ل ووج ود ش عبي عن د العام ة‪ ،‬ح تى أن آخ ر‬
‫االستطالعات التي أجريت في مصر قد كشفت أن الشيخ محمد حسان الرمز السلفي الكبير‪ ،‬لو ن زل‬
‫االنتخابات سيكتسحها بكل اقتدار‪ ،‬وسيتغلب على الساسة الكبار والقدامى بكل سهولة‪ ،‬وهذا م ا دف ع‬
‫التيارات السياسية العلمانية باالتفاق على ضرورة دفع التيار السلفي خارج حلبة الحياة السياس ية في‬
‫مصر بأي ص ورة‪ ،‬فوج ود مث ل ه ذا التي ار اإلس المي بش عبيته الجارف ة في اللعب ة السياس ية حتم ا‬
‫س يطيح بالتي ارات العلماني ة الهش ة خ ارج حلب ة المنافس ة‪ ،‬واألك ثر من ذل ك س يعيد ت رتيب أوراق‬
‫وأساليب ونظم العلمية السياسية برمتها في البالد‪ ،‬ولن يكون للضوابط والشروط العلمانية وجود في‬
‫العملية السياسية بعد ذلك في مصر‪ ،‬ومن ثم ك ان الهج وم الكاس ح على التي ار الس لفي أم ا إلقص ائه‬
‫بالكلية من المشهد السياسي‪ ،‬و أما لتحجيمه وتقليل دوره وأثره في المرحلة المقبل ة بحيث ال يف رض‬
‫أجندته الصارمة في تطبيق المشروع اإلسالمي للبالد‪.‬‬

‫محور استالل التنازالت‬

‫كما قلنا أن اللعب ة السياس ية في مص ر له ا أص ولها وض وابطها ال تي تعت بر علماني ة في مجوعه ا‪،‬‬
‫ودخول التيار السلفي بما يملكه من أجندة صارمة ونسخة أصلية لتطبيق الش ريعة اإلس المية‪ ،‬ك انت‬
‫سيؤدي لتغيير ج ذري في الحي اة السياس ية في مص ر‪ ،‬ل ذلك أيقنت التي ارات السياس ية العلماني ة أن‬
‫موقفها الضعيف وسكوتها على تنامي الدور السلفي في الحياة السياسية المصرية س تدفع ثمن ه غالي ا‬
‫جدا‪ ،‬و س يلغي وجوده ا تقريب ا‪ ،‬ف اتبعت األس لوب الش هير‪" :‬الهج وم خ ير وس يلة لل دفاع"‪ ،‬وش نت‬
‫الحمالت الدعائية الكاذبة واختلقت األباطيل والشناعات على السلفيين‪ ،‬من أجل رفع سقف التنازالت‬
‫لدي السلفيين واإلخوان على حد السواء‪ ،‬حتى لو كان ه ذا التن ازل على حس اب الث وابت والمب ادئ‪،‬‬
‫وهنا مكمن الخطر‪ ،‬وبداية االنهيار‪.‬‬

‫فتصريح عفوي في ساعة حبور من أح د الرم وز الس لفية عن أخ ذ الجزي ة من النص ارى‪ ،‬وأن من‬
‫يرفض منهم دفعها عليه الهجرة إلى كندا أو أمريكا‪ ،‬كان كفيال بأن تشن ورائ ه حمل ة عنيف ة‪ ،‬ت رغم‬
‫قادة اإلخوان على ال تراجع عن رفض هم لوالي ة األقب اط والم رأة لرياس ة الجمهوري ة‪ ،‬وت رغم ق ادة‬
‫السلفيين على القول بالمواطنة بمعناها العلماني‪ ،‬ال بمعناها اإلس المي ال ذي يتماش ى م ع النص وص‬
‫الشرعية والسيرة النبوية‪ ،‬وإقدام بعض الشباب المتحمس على إح راق ع دة أض رحة بس بب م ا يق ع‬
‫عندها من المخالفات والبدع الغليظة‪ ،‬استتبعتها حملة طويلة عريضة من صحف التي ارات السياس ية‬
‫العلمانية الرافضة أصالً للممارسات الدينية بشتى صورها بما فيها البدعي ة منه ا؛ لتش ويه الس لفيين‪،‬‬
‫وهي الحملة التي كانت على وشك الوصول لمرحل ة المواجه ة المس لحة بين الص وفيين والس لفيين‪،‬‬
‫مما استتبعه إقدام العدي د من الرم وز الس لفية على إنك ار ح رق األض رحة وإدان ة مرتكبيه ا‪ ،‬وعلى‬
‫ال رغم من محاول ة ه ذه الرم وز موازن ة إنكاره ا بص ورة ش رعية‪ ،‬إال أن المحص لة النهائي ة له ذه‬
‫الحمالت الدعائية العنيفة ضد التي ار الس لفي‪ ،‬تن ازالت ق د تك ون غ ير مقبول ة من جمه ور المنتمين‬
‫للتي ار الس لفي‪ ،‬وأيض ا أدت إلي خفض س قف طموح ات التي ار الس لفي في اس تلهام تجرب ة األم ر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر والحسبة بمعناها الشرعي في مصر‪.‬‬

‫والخالصة‪ :‬أننا نستطيع أن نقول أن التحرك الواسع والظهور الكبير للتيارات السلفية‪ ،‬والم ؤتمرات‬
‫الش عبية الحاش دة‪ ،‬ك ان له ا أك بر األث ر في تذكي ة المخ اوف ل دي العلم انيين واألقب اط في مص ر‪،‬‬
‫واستعجلت الصدام مع قوى كثيرة متربصة‪ ،‬فقد ظهر للعيان أن قوة السلفيين أكبر وأكثر تأثيراً مم ا‬
‫يظن الكثيرون‪ ،‬وأن الرقم السلفي في المعادلة السياسية سيصعب تجاوزه أو إهماله‪ ،‬وأن ه ذا التي ار‬
‫المؤثر لن يمكن السيطرة عليه وتحجيم ه إال ع بر الحمالت الدعائي ة العنيف ة‪ ،‬وه و م ا ب دأت ثم اره‬
‫بالفعل في الظهور في األي ام الماض ية‪ ،‬وإذا لم يت دارك التي ار الس لفي أوض اعه‪ ،‬ويرش د تحركات ه‪،‬‬
‫ويضبط أداء ه السياسي وخطابه اإلعالمي في األيام المقبلة‪ ،‬ستكون الهجمة أشرس والخسارة أكبر‪.‬‬

You might also like