Professional Documents
Culture Documents
7
7
7
قال المصنف رحمه الله تعالى ):فإذا قيل لك ما الصول الثلثة التي
يجب على العبد معرفتها فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد صلى
الله عليه وسلم فإذا قيل لك من ربك فقل :ربي الله الذي رباني وربى
جميع العالمين بنعمته وهو معبودي ليس لي معبود سواه والدليل قوله
ن )]﴾ (2الفاتحة،[2 :وكل ما سوى الله ب الَعال َ ِ
مي َ مد ُ ل ِل ّهِ َر ّ تعالى ﴿ :ال ْ َ
ح ْ
عالم وأنا واحد من هذا العالم(.
)فإذا قيل لك ما الصول الثلثة التي يجب على النسان معرفتها فقل:
معرفة النسان ربه ودينه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( ،الصول
الثلثة هي من ربك ما دينك من نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
هذه هي الصول الثلثة ونلحظ أن الشيخ رحمه الله تعالى بدأ هذه
الصول بصيغة السؤال :فإذا قيل لك ما الصول الثلثة أسلوب من
أساليب لفت النتباه.
بدأ بهذه الصول الثلثة وهي أصول كبيرة بل هي الدين بل ل يصح
لنسان على وجه الرض إن تخلف أصل عن هذه الصول الثلثة وهي
التي سيسأل عنها العبد أي عبد في قبره كما في الحديث الجميل
الطويل الذي رواه المام أحمد وغيره من أصحاب السنن من حديث
البراء بن عازب رضي الله عنه وهو حديث صحيح وفيه أن النبي صلى
الله عليه وسلم أخبر) أن المؤمن يأتيه ملكان في قبره ويقولن له :من
ربك فالمؤمن( -أسأل الله أن يجعلنا منهم )-المؤمن يقول ربي الله ما
دينك :فيقول المؤمن ديني السلم من نبيك فيقول :نبيي محمد صلى
الله عليه وسلم ،فيقال صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من
الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة يدخل إليه ريحها وطيبها ..إلى آخر
الحديث ،وأما الكافر عياذا بالله فيأتياه ملكان ويسألن هذا العبد أيضا
هذه السئلة الثلثة من ربك فيقول الكافر أو المنافق ها ها ل أدري ل
حول ول قول إل بالله فيقال له أو يسأله الملكان ما دينك فيقول :ها ها
ل أدري فيقول الملكان من نبيك فيقول :ها ها ل أدري ول حول ول قوة
إل بالله العلي العظيم(.
)فإن قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين
بنعمته( ،فإذا قيل لك من ربك؟ سؤال بكل أسف يجهل الجواب عنه
مليارات من البشر الن هل تتصور أن هذا السؤال ل يعرف الجواب
عنه على مراد الله تعالى وعلى مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ل )(40 ه إ ِل ّ قَِلي ٌمعَ ُ
ن َ م َ
ما آ َأكثر أهل الرض قال الله جل وعل ﴿ :وَ َ
َ َ
ضمن ِفي الْر ِ ﴾ ]هود ،[40 :وقال الله جل وعل ﴿ :وَِإن ت ُط ِعْ أك ْث ََر َ
ل الل ّهِ ﴾ ]النعام [116 سِبي ِ عن َ ك َضّلو َ
يُ ِ
معنى )رب( بدون اللف واللم صاحب كل شيء ومالكه .
أما )الرب( باللف واللم بالتعريف قال ابن القيم رحمه الله تعالى :هو
اسم الله تبارك وتعالى الذي له الجمع الجامع لجميع المخلوقات ،فهو
خالقها ورازقها ومالكها ومصرفها ومدبر أمرها وشئونها ل يخرج شيء
عن ملكه ول عن قهره ول عن سلطانه تبارك وتعالى ومن جميل ما
قرأت من أهل العلم من عرف الرب بقوله الرب هو الخالق ابتداء
والمربي غذاءا والغافر انتهاءا.
-ربي الله الذي رباني بنعمته وربى جميع العالمين بنعمته ووالله لو
ظللت أحدث عنه نعم الله تبارك وتعالى أذكر ببعض النعم التي قد
يغفل عنها النسان،
-1ل شك أن أجل وأعظم وأكبر وأطهر نعمة أنعم بها علينا هي) نعمة
ك أَ َ
مّنوا عَل َ ّ
ي موا ُقل ل ّ ت َ ُ سل َ ُ
نأ ْ ن عَل َي ْ َ ْ مّنو َ السلم( ونعمة السلم ﴿ ي َ ُ
َ
ن )(17 صادِِقي َ م َ ن ِإن ُ
كنت ُ ْ ما ِ لي َ م لِ ِداك ُ ْ
ن هَ َمأ ْ ن عَل َي ْك ُ ْ
م ّ ل الل ّ ُ
ه يَ ُ مك ُ ْ
م بَ ِ سل َ
إِ ْ
﴾]الحجرات ،[17 :ولله در القائل:
-2العقل ،من منا فكر في نعمة العقل هذا كوب وهذا كمبيوتر أو ما
يسمى باللب توب وهذا استديوا وهذه كاميرا وهذا رجل وهذه امرأة
وهذه شاشة وهذه منضدة ،من فكر في نعمة العقل وشكر الله تعالى
عليها أن تعقل كل شيء من حولك قل من يشكر الله تعالى على هذه
النعمة أذكرك بنعم الله عليك التي ل تعد ول تحصى وتتوالى علينا تترا
م
حي ٌفوٌر ّر ِ ه ل َغَ ُ ن الل ّ َ ها إ ِ ّصو َح ُ ة الل ّهِ ل َ ت ُ ْ
م َ
دوا ن ِعْ َ في الليل والنهار ﴿ وَِإن ت َعُ ّ
)] ﴾ (18النحل.[18 :
-3بعض الناس يتصور أن النعمة في المال وأن الرزق في المال
وحسب كل هذه صورة من صور الرزق وهذه نوع من أنواع النعم التي
ل تعد ول تحصى )النعم التي في جسم النسان (تمسك أصابعك
الطعام بانسيابية جميلة ثم تمتد يدك بالطعام إلى فمك ولو كنت تأكل
في الظلم لم تخطأ يدك أبدا ولن تضع يدك الطعام في عينك أو في
أذنك حتى ولو كنت أعمى ل ترى والفم ينفرج دو أمر منك للفم
بالنفراج والقواطع تقطع والنياب تمزق والضروس تطحن واللسان
يتحرك واللعاب يسهل ولسان المزمار يفتح البلعوم حين البلغ والمعدة
تقوم بدورها والمعاء الدقيقة بدور والغليظة بدور وفتحة الشرج بدور
ثم بعد ذلك يتحول إلى دماء والقلب يقوم بدوره بكين وأذين ،أمور
عجيبة
لو تفكرت فيها لوحدت الخالق ولفردته -تبارك وتعالى -بالعبادة لذا
فسك ُ َ َ
ن
صُرو َ م أفَل َ ت ُب ْ ِ فهو ربنا -جل وعل -يلفت أنظارنا ويقول ﴿ :وَِفي أن ُ ِ ْ
﴾]الذاريات آية[(21) :
) فإذا قيل لك :بم عرفت ربك؟ فقل :بآياته ومخلوقاته ( ومن آياته:
الليل والنهار والشمس والقمر ،ومن مخلوقاته :السماوات السبع
ه
ن آَيات ِ ِ م ْ والرضون السبع ومن فيهن وما بينهما والدليل قوله تعال ﴿ :وَ ِ
دوا ج ُ س ُ مرِ َوا ْ ق َس وَل َ ل ِل ْ َم ِ ش ْ دوا ِلل ّ ج ُ س ُ مُر ل َ ت َ ْ ق َس َوال ْ َ م ُ ش ْ ل َوالن َّهاُر َوال ّ الل ّي ْ ُ
ن ﴾]فصلت ،[37 :وقوله تعالى﴿ : دو َ م إ ِّياهُ ت َعْب ُ ُ كنت ُ ْن ِإن ُ قهُ ّ خل َ َذي َ ل ِل ّهِ ال ّ ِ
َ َ
وى ست َ َما ْ ست ّةِ أّيام ٍ ث ُ ّ ض ِفي ِ ت َوالْر َ وا ِ م َس َ خل َقَ ال ّ ذي َ ه ال ّ ِم الل ّ ُن َرب ّك ُ ُ إِ ّ
مجو َ مَر َوالن ّ ُ ق َ س َوال ْ َ م َ ش ْ حِثيثا ً َوال ّه َ ل الن َّهاَر ي َط ْل ُب ُ ُ شي الل ّي ْ َ ش ي ُغْ ِ عَلى العَْر َِ
َ
َ َ
مين ب الَعال َ ِ ه َر ّ ك الل ّ ُمُر ت ََباَر َ خل ْقُ َوال ْ ه ال َ مرِهِ أل َ ل َ ُ ت ب ِأ ْ خَرا ٍ س ّم َ ُ
﴾ ]العراف آية [(54) :الله!!! يستخدم المصنف -رحمه الله -الدليل
العقلي والنقلي) فقل :بآياته ومخلوقاته( واليات :نوعان آيات كونية
وآيات شرعية .وإذا عرفنا اليات بهذا التعريف فحينئذ تندرج المخلوقات
تحت مسمى اليات إذا قلنا إن اليات تنقسم :إلى آيات كونية وآيات
شرعية .فاليات الكونية :هي الشمس والقمر والنجوم والجبال
والشجر إلى آخره وما أكثر هذه اليات.
واليات الشرعية :هي ما أوحى الله إلى أنبيائه ورسله ،هي الوحي
فحينئذ نقول :إن المصنف -رحمه الله-عطف الخاص على العام ،لو
عرفنا اليات بأنها اليات الكونية والشرعية فآيات الله -تبارك وتعالى-
الكونية كثيرة انظر إلى هذا الكون من عرشه إلى فرشه من سماءه
إلى أرضه أنظر إلى السماء وارتفاعها انظر إلى الرض واتساعها انظر
إلى الجبال وأثقالها انظر إلى الفلك ودورانها انظر إلى البحار
ه :إن وأمواجها انظر إلى كل ما هو متحرك وإلى كل ما هو ساكن .والل ِ
الكل يقّر بتوحيد الله إل من كفر من النس والجن -ول حول ول قوة إل
َ َ
توا ِ م َس َ من ِفي ال ّ ه َ جد ُ ل َ ُ س ُ ه يَ ْ ن الل ّ َ م ت ََر أ ّ بالله -قال -جل وعل ﴿ :-أل َ ْ
َ
بجُر َوالد َّوا ّ ش َ ل َوال ّ جَبا ُ م َوال ْ ِ جو ُ مُر َوالن ّ ُ ق َ س َوال ْ َ م ُ ش ْ ض َوال ّ من ِفي الْر ِ وَ َ
من ه ِ َ
ما ل ُ ه فَ َ ّ
ن الل ُ َ
حقّ عَلي ْهِ العَ َ َ َ
من ي ُهِ ِ ب وَ َ ذا ُ س وَكِثيٌر َ ن الّنا ِ م َ وَكِثيٌر ّ
شاُء( ﴾ ]الحج[18 : ما ي َ َ ل َ فعَ ُ
ه يَ ْ ّ
ن الل َ مك ْرِم ٍ إ ِ ّ ّ
ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
) قيل لك :بم عرفت ربك؟ فقل :بآياته( ،وما أكثر آياته -جل وعل-
فقل :بمخلوقاته وما أكثر مخلوقاته -جل وعل ،-ولو تتبعنا آيات القرآن
العظيم ولو تتبعنا أحاديث النبي العظيم -صلى الله عليه وسلم – ولو
تتبعنا الدلة العقلية لرأينا العجب العجاب وصدق ربي إذ يقول﴿ :
فسهم حتى يتبين ل َه َ َ
ق
ح ّ ه ال َ م أن ّ ُ ق وَِفي أن ُ ِ ِ ْ َ ّ َ َ َ ّ َ ُ ْ م آَيات َِنا ِفي الَفا ِ ريهِ ْ سن ُ ِ َ
﴾]فصلت ،[53 :فليِعي كل عاقل على وجه الرض ليصل إلى هذه
النتيجة أل وهي
قال المصنف -رحمه الله تعالى ) -والرب :هو المعبود والدليل قوله
َ
كم من قَب ْل ِ ُ ن ِ ذي َ م َوال ّ ِ قك ُ ْ خل َ َذي َ م ال ّ ِ دوا َرب ّك ُ ُ س اعْب ُ ُ تعالىَ ﴿ :يا أي َّها الّنا ُ
لماَء ب َِناًء وََأنَز َ س َ ض فَِراشا ً َوال ّ م الْر َ
َ
ل ل َك ُ ُ جعَ َ ذي َ ن ) (21ال ّ ِ قو َ م ت َت ّ ُ ل َعَل ّك ُ ْ
دادا ً َ َ
جعَُلوا ل ِل ّهِ أن َ م فَل َ ت َ ْ ت رِْزقا ً ل ّك ُ ْ مَرا ِ ن الث ّ َ م َج ب ِهِ ِ خَر َ ماًء فَأ ْ ماِء َ س َ ن ال ّ م َ ِ
ن )]﴾ (22البقرة ،[22:21:قال ابن كثير -رحمه الله تعالى:- َ َ
مو َ م ت َعْل ُ وَأنت ُ ْ
الخالق لهذه الشياء هو المستحق للعبادة(.
هذه هي الغاية ،هذا النظر وهذا التفكر وهذا التدبر وهذا الستدلل
بآيات الله تعالى ومخلوقاته الغاية منه :أن تفرده -تبارك وتعالى-
بالعبادة.
-.والغاية من العبادة أن نحقق التقوى لله -تبارك وتعالى-