You are on page 1of 144

‫‪$‬‬

‫ال�صراع مع ال�شيطان‬

‫�أ‪.‬د‪� .‬صالح �سلطان‬


‫امل�ست�شار ال�شرعي للمجل�س الأعلى لل�شئون الإ�سالمية‬
‫يف مملكة البحرين‬

‫‪1‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪2‬‬
‫تقدمي‬
‫احلمد هلل ‪ ،‬وال�صالة وال�سالم على‬
‫خري الهداة‪� ،‬سيدنا حممد بن عبد‬
‫اهلل‪ ،‬وم��ن تبعه ب�إح�سان �إىل يوم‬
‫الدين‪ ،‬وبعد‪...‬‬
‫ف�ه��ذا ه��و ال �ع��دد ال���س��اد���س ع�شر‬
‫م��ن «�سل�سلة ق�ضايا اجتماعية‬
‫و�إ�سالمية» يقدم لنا فيها امل�ست�شار‬

‫‪3‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الأ�ستاذ الدكتور �صالح �سلطان‬
‫درا�سة جديدة فريدة خمت�صرة‬
‫عن «ال�صراع مع ال�شيطان»‪ ،‬نرجو‬
‫�أن ت�ساهم هذه الر�سالة يف يقظة‬
‫حقيقية يف مواجهة ال�شيطان‪ ،‬من‬
‫خالل الربامج العملية املطروحة‬
‫فيها‪ ،‬ع�سى �أن نفوز يف هذا ال�شهر‬
‫الكرمي «رم�ضان» بالرحمة واملغفرة‬
‫والعتق من النريان‪.‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪4‬‬
‫�سائال اهلل العظيم �أن يجزي امل�ؤلف‬
‫عنا خري اجلزاء على هذا العطاء‪،‬‬
‫و�أن يجمعنا يف جنة رب الأر���ض‬
‫وال�سماء‪.‬‬
‫واهلل ويل التوفيق‪...‬‬

‫عبداهلل بن خالد �آل خليفة‬


‫رئي�س املجل�س الأعلى لل�شئون الإ�سالمية‬
‫رجب ‪1429‬هـ ‪ ،‬يوليو ‪2008‬م‬

‫‪5‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫مقدمة‬
‫احل �م��د هلل ال��رح �م��ن الرحيم‪،‬‬
‫ابتالنا بال�شيطان الرجيم؛ ليخترب‬
‫ال�ن��ا���س �أج �م �ع�ين‪ ،‬و�أع��ان �ن��ا عليه‬
‫بالر�سل والقر�آن الكرمي‪ ،‬وفتح لنا‬
‫�أبواب التوبة ليغفر اّزلت العابدين‬
‫والفا�سقني‪ ،‬نحمده �سبحانه على‬
‫لطفه بنا �أجمعني‪ ،‬ون�صلي ون�سلم‬
‫ونبارك على �سيد الأولني والآخرين‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪6‬‬
‫� �س �ي��دن��ا حم �م��د ال �ن �ب��ي الأم�ي��ن‪،‬‬
‫و�أزواجه �أمهات امل�ؤمنني‪ ،‬و�آل بيته‬
‫الأطهار املقربني ‪ ،‬و�أ�صحابه الأبرار‬
‫املتقني‪ ،‬ومن تبعهم ب�إح�سان من‬
‫عباده ال�صاحلني �إىل يوم الدين‪،‬‬
‫وبعد‪...‬‬
‫ف�ق��د ك�ن��ت �أ� �ص �ل��ي ال�ت�راوي ��ح يف‬
‫ليايل رم�ضان ‪1426‬هـ يف م�سجد‬
‫�إخ��وان �ن��ا ال���ص��وم��ال�ي�ين مبدينة‬
‫ك��ومل�ب����س – �أوه ��اي ��و الأمريكية‬
‫‪7‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫وذه �ن��ي م���ش�غ��ول ب��اخل��اط��رة بني‬
‫الرتويحتني‪ ،‬لكن ِ�صدق القارئ ‪-‬‬
‫رغ��م قلة ن��داوة ال�صوت ‪� -‬شدين‬
‫�إىل عا ٍمل �آخر تدبرا يف الآيات التي‬
‫ق��ر�أه��ا م��ن ��س��ورة الأع� ��راف‪} :‬يَا‬
‫َبنِي �آ َد َم ال َي ْف ِت َن َّنكُمُ ال�شَّ يْطَ انُ‬
‫النَّةِ‬‫َكمَا �أَخْ ��رَ جَ �أَ َب َو ْيكُمْ مِنَ جْ َ‬
‫ِي َي ُهمَا‬ ‫َينْـزِ ُع عَ ْن ُهمَا ِلبَا�سَ ُهمَا ل رُ ِ‬
‫�سَ ْو�آ ِت ِهمَا �إِنَّهُ يَرَ اكُ مْ هُ َو وَقَ بِيلُهُ‬
‫مِنْ َحيْثُ ال تَرَ ْو َنهُمْ �إِنَّا جَ َع ْلنَا‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪8‬‬
‫ني �أَ ْو ِل � َي��اءَ ِللَّذِ ينَ ال‬
‫ال�شَّ يَاطِ َ‬
‫ُي�ؤْ ِمنُونَ { (الأع� ��راف‪ ،)27 :‬فوجدت‬
‫يف الآي���ات حت��ذي��را ل�ل�إن���س��ان من‬
‫خطر رهيب‪ ،‬وه��و فتنة ال�شيطان‬
‫مع عناية ربانية قوية بو�سائل عملية‬
‫مل��ن ا�ستعد وب��د�أ م�شوار ال�صراع‬
‫معه‪ ،‬وغ رَّ�َّي�تُ اخلاطرة لتكون عن‬
‫ال�صراع مع ال�شيطان‪ ،‬وعدتُ لبيتي‬
‫لأب���د�أ م���ش��وار البحث ع��ن عالقة‬
‫ال�شيطان بالإن�سان‪ ،‬ور�سالته يف جر‬
‫‪9‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الإن�سان �إىل �شقاء الدنيا وعذاب‬
‫الآخ��رة ‪ ،‬وم��دى تفرغه لنا بالليل‬
‫والنهار‪ ،‬وط��رق وخطوات احلرب‬
‫وال�صراع‪ ،‬وطبيعة املعركة وطرق‬
‫اال�ستعداد لها‪ ،‬ثم حوَّلت ما هداين‬
‫اهلل �إل�ي��ه ليكون مو�ضوعا ل��دورة‬
‫�إميانية تربوية‪ ،‬وقدمتها يف بالد‬
‫عدة‪ ،‬وكنت �أقلب النظر يف ال�سماء‬
‫ليجود عليَّ الرحمن ب�إمكانية كتابة‬
‫ر��س��ال��ة ت��رب��وي��ة ع��ن ال �� �ص��راع مع‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪10‬‬
‫ال�شيطان تكون يف يد كل �أحبابنا‬
‫ممن حت��ول بيننا وبينهم الفيايف‬
‫والقفار‪ ،‬واملحيطات والأنهار‪ ،‬رغم‬
‫فرط حبنا لهم دون ر�ؤية و�إب�صار‪،‬‬
‫لكن الأرواح جنود جمندة تلتقي‬
‫على احلب يف اهلل ال��ودود الغفار‪،‬‬
‫وها هي الفر�صة ت�أتي ‪ -‬من املدينة‬
‫امل�ن��ورة �أر���ض الأب���رار‪ -‬كي نكمل‬
‫امل�شوار‪� ،‬أم ًال �أن ت�صل كلماتي �إىل‬
‫�أع�م��اق �إخ��واين و�أخ��وات��ي؛ حتى ال‬
‫‪11‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ي�شتتنا ال�شيطان ع��ن بلوغ �أعلى‬
‫اجلنان ور�ضا الرحمن‪ ،‬خا�صة يف‬
‫هذا ال�شهر الكرمي الذي يكرمنا اهلل‬
‫تعاىل مبالئكته املقربني يطوفون‬
‫بيننا ‪ ،‬وت�صفد وت�سل�سل مردة‬
‫ال�شياطني ملا رواه البخاري ب�سنده‬
‫عن �أبي هرير َة ر�ضي اهلل عنه عن‬
‫ر�سول اهلل ÷ �أنه قال‪�« :‬إذا دخَ لَ‬
‫رم�ضانُ فتِّحَ تْ �أبوابُ اجلن ِة وغُ ِّلقَتْ‬
‫�أب��وابُ جهنمَ و�سُ ل�سِ لَتِ ال�شياطني»‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪12‬‬
‫(�صحيح البخاري‪ ،‬كتاب بدء اخللق‪ ،‬باب �صفة �إبلي�س‬
‫وجنوده‪ ، )488 :6 ،‬فلنكن ه�ؤالء الأتقياء‬
‫الأذكياء الذين ال ي�ضيعون الفر�صة‬
‫لإحلاق الهزائم الكربى بال�شياطني‬
‫يف ه��ذا ال�شهر الكرمي وم��ا بعده؛‬
‫حتى نلقى اهلل �صاحلني م�صلحني‪.‬‬
‫د‪�.‬صالح الدين �سلطان‬
‫رجب ‪1429‬هـ ‪ ،‬يوليو ‪2008‬م‬

‫‪13‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫املطلب الأول‪ :‬من �أنا؟‬
‫��س��ؤال يتكون م��ن كلمتني يتوقف‬
‫عليهما كل ت�صرفات الإن�سان ليكون‬
‫�سعيدا �أو كئيبا‪ ،‬تقي ًا �أو �شقياً‪.‬‬
‫والذي ال مراء فيه �أن الإن�سان من‬
‫كل الأجنا�س خلق من طني‪ ،‬لقوله‬
‫تعاىل‪َ } :‬و َلقَدْ خَ َل ْقنَا الإِنْ�سَ انَ مِنْ‬
‫�سُ اللَةٍ مِنْ طِ نيٍ{ (امل�ؤمنون‪ ،)12:‬ثم‬
‫�صار كائنا حيا بالروح‪َ } :‬ف َنفَخْ نَا‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪14‬‬
‫ُوحنَا{ (التحرمي‪ ،)12:‬وميَّزه‬
‫فِيهِ مِنْ ر ِ‬
‫اهلل عن �سائر احليوان بالعقل‪:‬‬
‫عقل الإن�سان‬ ‫روح‬ ‫طني‬
‫ال�شكل (‪)1‬‬
‫ومل��ا دخ��ل ال �ط�ين يف ال���روح �صار‬
‫مي �ث �ل��ه ال� �ه���وى‪ ،‬وال� � ��روح متثلها‬
‫ال �ف �ط��رة‪ ،‬وال�ع�ق��ل يتخذ ق ��رارات‬
‫لإ� �ش �ب��اع ح��اج��ات اجل �� �س��د ال��ذي‬
‫خلق من طني باملطاعم وامل�شارب‬
‫‪15‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫واملالب�س واملراكب وامل�ساكن و‪،...‬‬
‫�أو ي�شبع الروح بال�صلوات والزكوات‬
‫وف�ع��ل اخل �ي�رات‪ ،‬وي�ب�ق��ى ال�س�ؤال‬
‫رغ��م ب�ساطة الإج��اب��ة عنه �صعب‬
‫اال�ستح�ضار عند العمل‪ ،‬واخلطورة‬
‫الأك �ب��ر ت�ك�م��ن يف ح� ��دود معرفة‬
‫الإجابة �إىل االحتفاظ بهذه املعرفة‬
‫اليقينية عند التخطيط للم�ستقبل‪،‬‬
‫والعمل اليومي املتغري كل حلظة‪.‬‬
‫وق��د دخ��ل ال�شيطان على التكوين‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪16‬‬
‫الإن �� �س��اين‪ ،‬و� �ص��ار ي�ج��ري يف ابن‬
‫�آدم جم��رى ال �ع��روق‪ ،‬ويتفاعل مع‬
‫الهوى يف مواجهة الفطرة والروح‪.‬‬
‫وك��ان��ت رح �م��ة اهلل ب��الإن �� �س��ان �أن‬
‫�أر�سل الر�سل و�أنزل الفرقان ليلتقي‬
‫العقل مع النقل يف �إنقاذ الإن�سان‬
‫م ��ن ن ��زغ ��ات ال �� �ش �ي �ط��ان وات��ب��اع‬
‫الهوى‪ ،‬وليبقى متوازنا بني �إ�صالح‬
‫نف�سه و�إ�شباع حاجاته اجل�سدية‬
‫ب��امل��ادي��ات‪ ،‬والعقلية باملعلومات‪،‬‬
‫‪17‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫والروحية بالعبادات‪ ،‬هذا هو قمة‬
‫التوازن يف حياة الإن�سان‪ .‬ولعل يف‬
‫الر�سم التايل ما يو�ضح احتياجات‬
‫كل جانب من الإن�سان‪:‬‬
‫الروح العقل اجل�سد‬
‫العبادات املعلومات املاديات‬
‫ال�شكل (‪)2‬‬
‫بغري ه��ذا الإ�سناد ال��رب��اين للعقل‬
‫الإن�ساين بالقر�آن الكرمي وال�سنة‬
‫النبوية ي�ستفحل الهوى‪ ،‬وي�ستحوذ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪18‬‬
‫ال�شيطان على الإن���س��ان؛ ليطم�س‬
‫الفطرة ويختم على القلب بالرَّان‪:‬‬
‫}كَال بَلْ رَانَ عَ لَى قُ لُو ِبهِمْ مَا‬
‫كَانُوا َيكْ�سِ بُونَ { (املطففني‪ ،)14 :‬البد‬
‫�إذن �أن يفهم كل �إن�سان نف�سه �أنه‬
‫روح ت�سمو �إىل املكارم وحتن �إليها‪،‬‬
‫وج�سد يتثاقل �إىل الأر���ض ويهبط‬
‫�إليها‪ ،‬لقوله تعاىل‪�} :‬أَخْ لَدَ �إ ىَِل‬
‫الأَرْ�� ِ�ض وَا َّت َب َع هَ �وَاهُ{ (الأع ��راف‪:‬‬
‫‪ ،)176‬وقوله تعاىل‪} :‬اثَّاقَ ْلتُمْ �إ ىَِل‬
‫‪19‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الأَرْ�� ِ�ض{ (التوبة‪ .)38:‬والعقل حائر‬
‫بني �ضغوط �إ�شباع الهوى‪� ،‬أو تلبية‬
‫ن��داء الفطرة وال ��روح‪ ،‬كما يبينه‬
‫الر�سم التايل‪:‬‬
‫الفطرة والقر�آن‬
‫العقل‬

‫الهوى وال�شيطان‬
‫ال�شكل (‪)3‬‬
‫وال�شيطان دائما يركب �صهوة جواد‬
‫ال �ه��وى ليحوله �إىل ف��ر���س جامح‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪20‬‬
‫ف�إن فطن الإن�سان �إىل ذلك فالبد‬
‫�أن يُلب�س الهوى جلام التقوى و�أن‬
‫ي�ضعف ال�شيطان �أو يطرده بالذكر‬
‫والعلم وال�صراع معه‪.‬‬
‫ول�ك��ي تتعمق عقيدة ال���ص��راع مع‬
‫ال�شيطان �أح��ب �أن �أق��دم �إجابات‬
‫على �أ�سئلة عديدة حول ال�شيطان‬
‫وعالقته بالإن�سان وكيفية ال�صراع‬
‫والتغلب عليه‪� ،‬أوردها فيما يلي‪:‬‬
‫‪21‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫املطلب الثاين‪ :‬عالقة‬
‫ال�شيطان باهلل تعاىل‬
‫�إذا كنا بحق نحب ربنا �سبحانه ف�إن‬
‫جميع العالقات وال�ق��رارات تتوقف‬
‫على القرب �أو البعد من اهلل تعاىل‬
‫فيمكن �أن نلخ�ص �أهم جوانب عالقة‬
‫ال�شيطان باهلل تعاىل‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬التمرد والع�صيان والف�سوق‬
‫والكفر واال�ستكبار على اهلل‪ ،‬كما‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪22‬‬
‫قال �سبحانه‪َ } :‬و ِ�إ ْذ قُ ْلنَا ِل ْلمَلاَ ِئكَةِ‬
‫ل َد َم فَ�سَ جَ دُ وا �إ اَِّل‬ ‫ا�سْ جُ دُ وا ِ آ‬
‫ال��نِّ َففَ�سَ قَ‬‫ِي�س َك��انَ ِم��نَ جْ ِ‬ ‫�إِ ْبل َ‬
‫عَ نْ �أَ ْم��رِ َر ِّب��هِ { (الكهف ‪ ،)50 :‬وقال‬
‫تعاىل‪} :‬فَ�سَ جَ دَ المْ َلاَ ِئكَةُ كُ ُّلهُمْ‬
‫ْب‬
‫ِي�س ا�سْ َتك رَ َ‬ ‫�أَجْ َمعُونَ ‪� a‬إ اَِّل �إِ ْبل َ‬
‫َو َك��انَ مِنْ ا ْلكَافِرِ ينَ ‪ a‬قَ الَ يَا‬
‫ِي�س مَا َم َنع ََك َ�أن تَ�سْ جُ دَ لمِ َا‬ ‫�إِ ْبل ُ‬
‫خَ َلقْتُ ِبيَدَ يَّ �أَ�سْ َتك رَْبْتَ �أَ ْم كُ نتَ‬
‫مِنَ ا ْلعَا ِلنيَ{ (احلجر ‪ ،)33-30 :‬وقال‬
‫‪23‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫تعاىل‪َ } :‬و َك��انَ ال�شَّ يْطَ انُ لِرَ بِّهِ‬
‫كَفُ وراً{ (الإ�سراء‪.)27:‬‬
‫‪� -2‬إن ال�شيطان �أظهر التحدي هلل‬
‫لُغْ ِو َي َّنهُمْ‬
‫تعاىل‪} :‬قَ الَ َف ِب ِع َّزت َِك َ أ‬
‫َك ِم ْنهُمُ‬ ‫ني ‪� a‬إ اَِّل عِ بَاد َ‬ ‫�أَجْ َم ِع َ‬
‫المْ ُخْ ل َِ�صنيَ{ (�ص‪.)83 – 82:‬‬
‫ه��ذه جوانب من عالقة ال�شيطان‬
‫باهلل تكفي �أي م�ؤمن حمب لربه �أن‬
‫يتخذ موقفا �صارما من ال�شيطان‪.‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪24‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عداوة‬
‫ال�شيطان للإن�سان‬
‫لقد ا�ستقر�أت الآيات التي تتحدث‬
‫عن عداوة ال�شيطان للإن�سان فلم‬
‫�أجد �آية واحدة تذكر �أن ال�شيطان‬
‫عدو للإن�سان‪ ،‬بل تن�ص كلها على‬
‫�أن ال�شيطان للإن�سان عدو‪ ،‬و�إليك‬
‫هذه الآيات لن�ستطيع �أن نتدبر معا‬
‫ه��ذه الن�صو�ص التي تتحدث عن‬
‫عداوة ال�شيطان للإن�سان‪:‬‬
‫‪25‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫}�إِنَّ ال�شَّ يْطَ انَ َل ُكمَا عَ دُ ٌّو ُم ِبنيٌ{‬
‫(الأعراف‪.)22:‬‬
‫}�إِنَّ ال�شَّ يْطَ انَ ل ِْلإِنْ�سَ انِ عَ دُ ٌّو‬
‫ُم ِبنيٌ{ (يو�سف‪.)5:‬‬
‫}�إِنَّ ال�شَّ يْطَ انَ َك��انَ ل ِْلإِنْ�سَ انِ‬
‫عَ دُ وًّا ُمبِينًا{ (الإ�سراء‪.)53:‬‬
‫}�إِنَّ ال����َّ�ش � ْي��طَ ��انَ َل � ُك��مْ عَ ���دُ ٌّو‬
‫فَاتَّخِ ذُ و ُه عَ دُ ّواً{ (فاطر‪.)6:‬‬
‫}و اََل ي َُ�صدَّ َّنكُمُ ال�شَّ يْطَ انُ �إِنَّهُ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪26‬‬
‫َلكُمْ عَ دُ ٌّو ُم ِبنيٌ{ (الزخرف‪.)62:‬‬
‫وال��ذي ا�ستنبطه من هذا التقدمي‬
‫حل��رف ال�لام امل�ضاف للإن�سان‪،‬‬
‫�أو لآدم وح��واء‪� ،‬أو للإن�سان عامة‪،‬‬
‫والنا�س جميعا‪ ،‬هذه تفيد قطعا �أو‬
‫تفيد بكل و�ضوح �أن ه��ذه العداوة‬
‫ذات خا�صيتني‪:‬‬
‫‪ a‬االخت�صا�ص‪.‬‬
‫‪ a‬التفرغ‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫فال�شيطان �إذن متخ�ص�ص فقط‬
‫يف �إغوائنا‪ ،‬من�شغ ٌل فقط بت�ضليلنا‪،‬‬
‫ال ي�شغله �شيء �آخر عن دفعنا �إىل‬
‫ن�سيان ذكر ربنا �أو ع�صيانه‪ .‬وهذا‬
‫ما يوجب متام اليقظة وكامل الوعي‬
‫مب��دى ع��داوة ال�شيطان للإن�سان‬
‫اخت�صا�ص ًا وتفرغا تاما للحرب‬
‫على الإن�سان‪ ،‬و�أح��ب هنا �أن �أورد‬
‫ما نقله ال�شيخ �أكرم ك�ساب يف كتابه‬
‫«مع امل�صطفى يف حجه» (�ص ‪)179-172‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪28‬‬
‫بت�صرف عن الأ�ستاذ رفاعي �سرور‬
‫يف كتابه «ع�ن��دم��ا ت��رع��ى الذئاب‬
‫الغنم» (���ص ‪11‬ـ‪ ،)21‬ه��ذه ال�صورة‬
‫م��ن ال�صراع الع�سكري ك��ي يهزم‬
‫ال�شيطان الإن�سان وي�أ�سره ليكون‬
‫�شريكا ل��ه يف قعر ال �ن�يران‪ ،‬كما‬
‫ِن��ا يَدْ عُ و ِحزْ بَهُ‬
‫قال تعاىل‪�} :‬إ مَّ َ‬
‫ِل َيكُونُوا مِنْ �أ َْ�صحَ ابِ ال�سَّ ِعريِ{‬
‫(فاطر‪ .)6:‬ننقل ‪ -‬باخت�صار وت�صرف‬
‫و�إ� �ض��اف��ة �أي���ض��ا ‪ -‬ه��ذه ال�صورة‬
‫‪29‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫م��ن احل��رب احلقيقية بيننا وبني‬
‫ال�شيطان تبدو فيما يلي‪:‬‬
‫«منذ �أن خلق اهلل اخللق ـ �أعني �آدم‬
‫عليه ال�سالم‪ ،‬و�إبلي�س يرتب�ص به‬
‫كل الرتب�ص ‪ ،‬و�أدار �إبلي�س املعركة‬
‫ب�صورة قتالية بكل مقايي�س احلرب‪،‬‬
‫من جنود لهم حزب وللحزب قائد‪،‬‬
‫وللقائد ك��ل ال ��والء ‪ ،‬ولهم خطة‪،‬‬
‫وباخلطة ه�ج��وم وت�سلل واغتيال‬
‫و�أ� �س��ر و� �ش��راك وم���ص��ائ��د‪ ،‬وهذه‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪30‬‬
‫هي ال�صورة‪ ،‬ب�شيء من التف�صيل‬
‫ب�أدلتها الثابتة بالكتاب وال�سنة‪:‬‬
‫‪1‬ـ ال��ق��ائ��د واجل��ن��ود‪ :‬القائد‬
‫هو �إبلي�س وال�شياطني هم جنوده‬
‫�سواء كانوا من اجلن �أو من الإن�س‪،‬‬
‫قال تعاىل‪َ } :‬ف ُك ْب ِكبُوا فِيهَا هُ مْ‬
‫ِي�س‬
‫وَا ْل � َغ��اوُونَ ‪ a‬و َُج � ُن��و ُد �إِ ْبل َ‬
‫�أَجْ َمعُونَ { (ال�شعراء‪ 94 :‬ـ ‪. )95‬‬
‫‪2‬ـ ال��والء للقائد‪ :‬وهو العالقة‬
‫‪31‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ب�ين �إب�ل�ي����س وج �ن��وده وه��ي عالقة‬
‫والء وطاعة‪ ،‬وهما �أول ال�ضرورات‬
‫التنظيمية‪ ،‬قال تعاىل‪َ } :‬فقَا ِتلُو ْا‬
‫�أَ ْو ِليَاء ال�شَّ يْطَ انِ { (الن�ساء‪. )76 :‬‬

‫‪ 3‬ـ احلزب‪ :‬وعندما يكون الوالء من‬


‫جنود لقائد يتكون احلزب‪ ،‬كما قال‬
‫تعاىل‪} :‬ا�سْ تَحْ َو َذ عَ َل ْيهِمُ ال�شَّ يْطَ انُ‬
‫َف�أَن�سَ اهُ مْ ِذ ْك َر اللهَّ ِ �أُ ْو َلئ َِك حِ زْبُ‬
‫ال�شَّ يْطَ انِ �أ اََل �إِنَّ حِ زْبَ ال�شَّ يْطَ انِ‬
‫هُ مُ خْالَا�سِ رُ ونَ { (املجادلة ‪.)19 :‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪32‬‬
‫‪ 4‬ـ ال�سرايا‪ :‬وحني تتجمع اجلنود‪،‬‬
‫ويتم الوالء ‪ ،‬ويتكون احلزب ‪ ،‬يقوم‬
‫ب ��إر� �س��ال ال���س��راي��ا وال�ه�ج��وم على‬
‫ال�ضحايا‪ ،‬ويف احلديث الذي رواه‬
‫م�سلم ب�سنده عَ نْ جَ ابِرٍ ر�ضي اهلل‬
‫عنه‪ ،‬قَالَ ‪� :‬سَ مِ عْتُ ال َّنبِي ÷ َيقُولُ ‪:‬‬
‫ِي�س عَ لَى ا ْلبَحْ رِ َف َي ْبعَثُ‬
‫«�إِنَّ عَ ر َْ�ش �إِ ْبل َ‬
‫َّا�س َف�أَعْ ظَ ُمهُمْ‬ ‫�سَ رَايَا ُه َف َي ْف ِتنُونَ الن َ‬
‫عِ نْدَ ُه �أَعْ ظَ ُمهُمْ ِف ْت َنةً» (�صحيح م�سلم‪ ،‬كتاب‬
‫�صفة القيامة واجلنة‪ ،‬باب حتري�ش ال�شيطان وبعث‬
‫�سراياه لفتنة النا�س)‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫‪5‬ـ جت��ه��ي��ز �أدوات احل���رب‪،‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫�أ – اخلـــيل‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫}وَا�سْ َتفْزِ ْز مَنِ ا�سْ تَطَ عْتَ ِم ْنهُمْ‬
‫ب َِ�ص ْوت َِك َو�أَجْ لِبْ عَ َل ْيهِم بِخَ ْيل َِك‬
‫َورَجِ ل َِك{ (الإ�سراء‪.) 64 :‬‬
‫ب ‪ -‬ال�سهام‪ :‬كما روى اجلالل‬
‫ال�سيوطي ب�سنده عن اب��ن م�سعود‬
‫ر�ضي اهلل عنه قالَ ال َّنبِيُّ ÷‪�« :‬إِنَّ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪34‬‬
‫ِي�س‬ ‫ال� َّن��ظْ � َر َة �سَ ْه ٌم مِ ��نْ �سِ هَامِ �إِ ْبل َ‬
‫مَ �سْ مُو ٌم ‪ ،‬مَ نْ َت َر َكهَا مخَ َ ا َفتِي �أَبْدَ ْل ُت ُه‬
‫ال َو َت ُه فيِ َق ْل ِبهِ» (جامع‬ ‫�إميان ًا يَجِ ُد حَ َ‬
‫امل�سانيد واملرا�سيل‪.)55/3 ،‬‬
‫ج ‪ -‬رفع الرايـة‪ :‬وهي من تقاليد‬
‫احلروب فلكل فئة راية تقاتل حتتها‪،‬‬
‫وروى اجلالل ال�سيوطي ب�سنده �أن َ‬
‫ال َّنبِيُّ ÷ قال‪« :‬مَ ا مِ نْ خَ ارِجٍ يَخْ رُجُ‬
‫�إِالَّ ِببَا ِب ِه رَا َيتَانِ ‪ :‬رَا َي ٌة ِبيَدِ مَ ل ٍَك‪َ ،‬ورَا َي ٌة‬
‫ِبيَدِ �شَ يْطَ انٍ ‪َ ،‬ف�إِنْ خَ رَجَ فِيمَا يُحِ بُّ‬
‫‪35‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫اللهَّ ُ عَ َّز وَجَ َّل َت ِب َع ُه المْ َلَكُ ِبرَا َي ِتهِ‪َ ،‬فلَمْ‬
‫يَزَ لْ تحَ ْتَ رَا َي ِة المْ َل َِك حَ تَّى َيرْجِ َع �إِلىَ‬
‫َب ْي ِتهِ‪َ ،‬و�إِنْ خَ �رَجَ فِيمَا يُ�سْ خِ ُط اللهَّ ُ‬
‫َت ِب َع ُه ال�شَّ يْطَ انُ ِبرَا َي ِت ِه َفلَمْ يَزَ لْ تحَ ْتَ‬
‫رَا َي ِة ال�شَّ يْطَ انِ حَ تَّى َيرْجِ َع �إِلىَ َب ْي ِتهِ»‬
‫(جامع امل�سانيد واملرا�سيل‪ ،)372 /6 ،‬وروى‬
‫ابن ماجه ب�سنده عَ نْ �سَ ْلمَانَ ر�ضي‬
‫اهلل عنه‪َ ،‬ق��الَ ‪� :‬سَ مِ عْتُ رَ�سُ ولَ اللهَّ ِ‬
‫ال�صبْحِ ‪،‬‬ ‫َيقُولُ ‪« :‬مَ نْ غَ دَ ا �إِلىَ َ�ص َال ِة ُّ‬
‫غَ دَ ا ِبرَا َي ِة الإِ َمي��انِ ‪ .‬وَمَ ��نْ غَ دَ ا إِ�لىَ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪36‬‬
‫ِي�س» (�سنن ابن ماجه‪،‬‬
‫ال�سُّ وقِ ‪ ،‬غَ دَا ِبرَا َي ِة �إِ ْبل َ‬
‫كتاب التجارات‪ ،‬باب الأ�سواق ودخولها‪.)751 : 2 ،‬‬
‫‪ 6‬ـ اختيار موقع االحتالل‪:‬‬
‫ويف احل��دي��ث ال��ذي رواه الهيثمي‬
‫ب�سنده عَ نْ �سَ ْلمَانَ ر�ضي اهلل عنه‪،‬‬
‫قَالَ ر�سول اهلل ÷‪« :‬ال َتكُنْ �أَوَّلَ مَ نْ‬
‫يَدْ خُ لُ ال�سُّ وقَ ‪ ،‬وَال �آخِ � َر مَ نْ يَخْ رُجُ‬
‫َا�ض ال�شَّ يْطَ انُ َو َفرَّخَ »‬
‫مِ نْها‪َ ،‬ففِيها ب َ‬
‫(جم�م��ع ال��زوائ��د‪ ،‬ك�ت��اب ال�ب�ي��وع‪ ،‬ب��اب م��ا ج��اء يف‬
‫الأ��س��واق‪ .،)135 : 4 ،‬فدل ذلك على �أن‬
‫‪37‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ال�سوق مو�ضع احـتالل لل�شيطان‬
‫للهجوم على الإن�سان ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ العنف وال�شدة يف هذه‬
‫َل تَرَ‬
‫احل��رب‪ :‬ق��ال ت�ع��اىل‪�} :‬أ مَ ْ‬
‫ني عَ لَى‬ ‫�أَ َّن���ا �أَرْ� َ��س� ْل� َن��ا ال�شَّ يَاطِ َ‬
‫ا ْلكَافِرِ ينَ َت�ؤُزُّهُ مْ �أَ ّزاً{ (مرمي‪،)83 :‬‬
‫والأ ّز احلركة العنيفة للماء عند‬
‫الغليان ‪.‬‬
‫‪8‬ـ احل�صار ح��ول الفري�سة‪:‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪38‬‬
‫ق��ال ت�ع��اىل‪} :‬ثُ��مَّ لآ ِت َي َّنهُم مِّن‬
‫بَينْ ِ �أَيْدِ يهِمْ َومِنْ خَ ْل ِفهِمْ وَعَ نْ‬
‫ال‬
‫َي��ا ِن � ِه��مْ وَعَ ��ن �شَ َم�آ ِئ ِلهِمْ َو َ‬
‫�أ مْ َ‬
‫ْثَهُ مْ �شَ اكِرِ ينَ { (الأعراف‪:‬‬ ‫تجَ ِ دُ �أَك رَ‬
‫‪ ،)17-16‬واملحا�صر هنا هو الإن�سان‬
‫بالو�ساو�س واحل��ث على الف�سوق‬
‫والع�صيان‪.‬‬
‫‪9‬ـ ن�صب ال�شراك ال�صطياد‬
‫الإن�سان‪ :‬وهـي احليـل وال�شباك‬
‫التي يوقع فيها بني �آدم‪ ،‬ومـن �أدعية‬
‫‪39‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الر�سول ÷‪�« :‬أَعُ ��وذُ ِب� َ�ك مِ ��نْ �شَ ِّر‬
‫َنفْ�سِ ي وَ�شَ ِّر ال�شَّ يْطَ انِ وَ�شَ رْكِ هِ» (�سنن‬
‫�أبي داود‪ ،‬كتاب الأدب‪ ،‬باب ما يقول �إذا �أ�صبح‪:13 ،‬‬
‫‪.)406‬‬
‫‪ 10‬ـ احل�صون‪ :‬ويف هذه احلرب‬
‫ح�صون يلج�أ �إليها اجلنود من كال‬
‫ال�ط��رف�ين ح�م��اي��ة لأن�ف���س�ه��م‪ ،‬ويف‬
‫احلديث الذي رواه الرتمذي ب�سنده‬
‫عن احلارث الأ�شعري عن النبي ÷‬
‫قال‪�« :‬إِنَّ اهلل �أَمَ َر يَحْ يى بنَ َزكَرِ يَّا‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪40‬‬
‫َات»‪ ...‬وفيها «و�آمَ َركُمْ‬ ‫بِخَ م ِْ�س َك ِلم ٍ‬
‫�أَنْ تَذْ ُكرُوا اهلل َف�إِنَّ مَ ثَلَ ذَ ل َِك َك َمثَلِ‬
‫رَجُ ��لٍ خَ �رَجَ ال َع ُد ُّو يف �أَ َث��رِ ِه �سِ رَاع ًا‬
‫حَ تَّى �إِذَ ا �أَ َت��ى عَ لَى حِ ْ�صنٍ حَ ِ�ص ٍني‬
‫َف�أَحْ َر َز َنفْ�سَ ُه مِ ْنهُمْ كَذَ ل َِك ال َع ْب ُد َال‬
‫يُحْ رِ ُز َنفْ�سَ ُه مِ نَ ال�شَّ يْطَ انِ �إِالَّ بِذِ كْرِ‬
‫اهلل» (�سنن الرتمذي‪ ،‬كتاب الأمثال‪ ،‬باب ما جاء‬
‫مَ َث ُل ال�صالة وال�صيام‪.)135 :8 ،‬‬
‫‪ 11‬ـ الأح�ل�اف‪ :‬وه��و م��ا يعني‬
‫احلماية وجمع قوى ال�شر ملواجهة‬
‫‪41‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الإن�سان‪ ،‬كما قال تعاىل‪َ } :‬و�إِ ْذ َزيَّنَ‬
‫َلهُمُ ال�شَّ يْطَ انُ �أَعْ مَا َلهُمْ وَقَ الَ‬
‫َّا�س‬ ‫ال غَ الِبَ َلكُمُ ا ْل َي ْو َم مِنَ الن ِ‬
‫َو�إِنيِّ جَ ��ا ٌر َلكُمْ َف َلمَّا َت���رَ اءَ تِ‬
‫َ�ص عَ لَى عَ ِق َبيْهِ وَقَ الَ‬‫ا ْل ِف َئتَانِ َنك َ‬
‫�إِنيِّ بَرِ يءٌ ِم ْنكُمْ �إِنيِّ �أَرَى مَا ال‬
‫��اف اللهَّ َ وَاللهَّ ُ‬ ‫َت���رَ وْنَ �إِنيِّ َ �أخَ � ُ‬
‫�شَ دِ يدُ ا ْل ِعقَابِ { (الأنفال‪.)48:‬‬
‫‪12‬ـ الأ���س��ر‪ :‬ك�م��ا يف ك��ل حرب‬
‫ويكون من الطرفني‪ ،‬ويف احلديث‬ ‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪42‬‬
‫الذي رواه الهيثمي ب�سنده عن جابرِ‬
‫بنِ �سَ ُم َر َة ر�ضي اهلل عنه قال‪� :‬ص ّليْنا‬
‫م� َع ر�سولِ اهلل ÷ �صال ًة مَ ْكتُو َب ًة‬
‫ف ََ�ضمَّ َي��دَ ُه يف ال�صَّ ال ِة فَلمَّا قَ�ضى‬
‫ال�صَّ ال َة ُق ْلنَا‪ :‬يا ر�سولَ اهلل‪� ،‬أَحَ دَ ثَ‬
‫يف ال�صَّ ال ِة �شَ يءٌ؟ قالَ ‪« :‬ال‪� ،‬إِالَّ �أَنَّ‬
‫ال�شَّ يطانَ �أَرا َد �أَنْ يمَ ُ � َّر ب َني يَدَ يَّ ‪،‬‬
‫فَخَ َن ْق ُت ُه حتَّى وَجَ ��دْ تُ َب � ْر َد لِ�سَ ا ِن ِه‬
‫على يَدِ ي‪َ ،‬و�أَيمْ ُ اهلل َل ْو َال مَ ا �سَ َب َقنِي‬
‫�إِلي ِه �أَخِ ي �سُ ليمانُ َل ِني َْط �إِىل �سَ ا ِر َي ٍة‬
‫‪43‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫يف‬
‫مِ ��نْ ��َ�س �وَارِي املَ�سْ جِ دِ حتَّى يَطِ َ‬
‫ِب ِه وِلدانُ �أَهلِ املدينةِ» (جممع الزوائد‪،‬‬
‫كتاب ال�صالة‪ ،‬باب رد من مير بني يدي امل�صلي‪:2 ،‬‬
‫‪ ،)201‬وقد روى البخاري ب�سنده �أن‬
‫النبي ÷ ق��ال لأب��ي هريرة ر�ضي‬
‫اهلل عنه عندما �أتاه ال�شيطان وهو‬
‫يحر�س بيت املال‪« :‬يا �أبا هرير َة ما‬
‫فعلَ �أ�سري َُك البارحةَ؟» ‪� ....‬إىل �أن‬
‫قال ÷‪�« :‬أما �إنّه قد �صدَ ق ََك وه َو‬
‫ثالث‬
‫كَذوب‪ .‬تَعلمُ مَ ن تُخاطِ بُ مُذ ِ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪44‬‬
‫ليالٍ يا �أب��ا هريرة؟ ق��ال‪ :‬ال‪ .‬قال‪:‬‬
‫ذاك �شيطان »‪�( ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب‬‫َ‬
‫الوكالة‪ ،‬باب �إذا وكل رجل رج ًال فرتك الوكيل �شيئا‪،‬‬
‫‪.)255 :5‬‬
‫ومن ذلك �أ�سرهم يف �شهر رم�ضان‬
‫من قبل اهلل �سبحانه‪ ،‬ويف احلديث‬
‫الذي رواه البخاري ب�سنده عن �أبي‬
‫هرير َة ر�ضي اهلل عنه عن ر�سول‬
‫اهلل ÷ �أنه قال‪�« :‬إذا دخَ لَ رم�ضانُ‬
‫فتِّحَ تْ �أبوابُ اجلن ِة وغُ ِّلقَتْ �أبوابُ‬
‫‪45‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫(�صحيح‬ ‫جهنمَ و�سُ ل�سِ ل َِت ال�شياطني»‬
‫البخاري‪ ،‬كتاب بدء اخللق‪ ،‬باب �صفة �إبلي�س وجنوده‪،‬‬
‫‪. )488 :6‬‬
‫‪ 13‬ـ ال�سحق ال�شامل‪� :‬أي الإبادة‬
‫ال�ك��ام�ل��ة‪ ،‬ويف احل��دي��ث القد�سي‬
‫الذي رواه م�سلم ب�سنده عن عيا�ض‬
‫بن حمار املجا�شعي عن النبي ÷‬
‫ق��ال‪ :‬ق��ال تعاىل‪َ } :‬و�إِنيِّ خَ َلقْتُ‬
‫عِ بَادِي ُح َنفَاءَ كُ لَّهُمْ ‪َ ،‬و�إِ َّنهُمْ‬
‫ني فَاجْ تَا َل ْتهُمْ‬ ‫�أَ َت ْتهُمُ ال�شَّ يَاطِ ُ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪46‬‬
‫(�صحيح م�سلم ‪ -‬كتاب �صفة‬ ‫عَ نْ دِي ِنهِمْ {‬
‫اجلنة ونعيمها و�أهلها ‪ -‬باب ال�صفات التي يعرف بها‬
‫يف الدنيا �أهل اجلنة ‪.)166 :17 ،..‬‬
‫‪ -14‬نتيجة املعركة‪ :‬بعد حتديد‬
‫ال�صورة القتالية للحرب بيننا وبني‬
‫ال�شيطان يح�سن �أن نرى النتيجة‬
‫ال�ن�ه��ائ�ي��ة ل�ت�ل��ك احل �ـ��رب ‪ ،‬لرنى‬
‫خ�سائر الب�شر فيها مـن كـل �ألـف‬
‫ينجو واحد ويهلك ت�سعمائة وت�سعة‬
‫وت�سعون ‪�( ،‬أي بن�سبة ‪)999 :1‬؛‬
‫‪47‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫يدل على ذلك ما جاء يف احلديث‬
‫الذي رواه البخاري ب�سنده عن �أبي‬
‫�سعيدٍ اخلُدريِّ ر�ضي اهلل عنه قال‪:‬‬
‫قال النبيُّ ÷‪« :‬يَقولُ اللهَّ ُ عزَّوج َّل‬
‫يومَ القيامة‪ :‬يا �آدم‪ ،‬فيقول‪َ :‬لبّيك‬
‫ب�صوت‪� :‬إنَّ‬
‫ٍ‬ ‫ربَّنا وَ�سَ عدَ يك‪ .‬فيُنادَى‬
‫ِّيتك‬ ‫اللهَّ َ ي�أ ُمرُك �أن تُخرِ جَ من ذر َ‬
‫بَعث ًا �إىل النار‪ .‬قال‪ :‬يا ربِّ وما بَعثُ‬
‫ألف ـ �أُرا ُه قال‬‫النار؟ قال‪ :‬من كلِّ � ٍ‬
‫ـ تِ�سعَمِ ائ ٍة وت�سع ًة وتِ�سعني» (�صحيح‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪48‬‬
‫البخاري‪ ،‬كتاب تف�سري ال �ق��ر�آن‪ ،‬ب��اب ت��رى النا�س‬
‫�سكارى‪ »)371 :9 ،‬انتهى‪.‬‬
‫و�إذا كانت هذه هي العالقة وتلك‬
‫هي النتيجة‪ ،‬فال نفقد الأم��ل �أبدا‬
‫ف�إن رحمة اهلل تدرك العبد �إذا تاب‬
‫و�أن��اب ولو يف النزع الأخ�ير ليحوِّل‬
‫اهلل برحمته �سيئات ال�ع�ب��د �إىل‬
‫ح�سنات‪ ،‬لقوله تعاىل‪} :‬وَالَّذِ ينَ‬
‫ال يَدْ عُ ونَ َم َع اللهَّ ِ �إِ َلهًا �آخَ رَ وَال‬
‫ْ�س ا َّلتِي َح َّر َم اللهَّ ُ‬
‫َي ْق ُتلُونَ ال َّنف َ‬
‫‪49‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫�إِال ِبالحْ َقِّ وَال يَزْ نُونَ َومَنْ َي ْفعَلْ‬
‫َذل َِك َيلْقَ �أَثَامًا ‪ a‬ي َُ�ضاعَ ْف لَهُ‬
‫ا ْلعَذَ ابُ َي� ْو َم ا ْل ِقيَامَةِ َويَخْ لُدْ‬
‫فِيهِ ُمهَانًا ‪� a‬إِال مَنْ تَابَ َو�آمَنَ‬
‫وَعَ مِلَ عَ مَال َ�صالحِ ًا َف�أُو َلئ َِك‬
‫ُيبَدِّ لُ اللهَّ ُ �سَ ِّيئَا ِتهِمْ َح�سَ نَاتٍ‬
‫َو َك����انَ اللهَّ ُ غَ ��فُ ��ورًا ر َِحيمًا{‬
‫(الفرقان‪ ،)70-68:‬وملا رواه م�سلم ب�سنده‬
‫عن �أبي هريرة ر�ضي اهلل عنه �أن‬
‫ر��س��ول اهلل ÷ ق��ال‪« :‬ال�صَّ َلوَاتُ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪50‬‬
‫الخْ َ م ُْ�س‪َ ،‬والجْ ُ � ُم� َع� ُة �إِلىَ الجْ ُ ُم َعةِ‪،‬‬
‫َورَمَ َ�ضانُ �إِلىَ رَمَ َ�ضانَ ُمكَفرَاتٌ لمِ َا‬
‫َب ْي َنهُنَّ �إِذَ ا اجْ ُت ِنبَت ا ْل َكبَا ِئرُ» (�صحيح‬
‫م�سلم‪ ،‬ك�ت��اب ال �ط �ه��ارة‪ ،‬ب��اب ال���ص�ل��وات اخلم�س‬
‫واجلمعة �إىل اجلمعة ورم�ضان ـ ـحديث رقم‪،)233 :‬‬
‫واحلج عامة وخ�صو�ص ًا يوم عرفة‬
‫ي��وم ل�ه��زائ��م �ضخمة لل�شيطان‪،‬‬
‫وك�سر �أنفه‪ ،‬و�إ�ضاعة عمله‪ ،‬ويوافق‬
‫ذلك ما رواه مالك ب�سنده عن طلحة‬
‫بن عبيد اهلل بن كريز �أن ر�سول‬
‫‪51‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫÷ قال‪«:‬مَ ا ُر�ؤِيَ ال�شَّ يْطَ انُ َيوْمَ ًا هُ َو‬
‫�أ َْ�ص َغ ُر َو َال �أَحْ َق ُر َو َال �أَدْحَ ُر َو َال �أَغْ ي َُظ‬
‫اك �إِالَّ �أَنَّ‬
‫مِ ْن ُه فيِ َيوْمِ عَ َر َفةَ‪ ،‬وَمَ ا ذَ َ‬
‫رَحْ مَة اللهَّ ِ َتنْزِ لُ فِي ِه َف َيتَجَ ا َو ُز عَ نِ‬
‫ُوب ا ْلعِظَ امِ » (املوط�أ ‪ ،422/1‬وامل�صنف‬ ‫ال ُّذن ِ‬
‫لعبدالرزاق ‪.)8832‬‬
‫نحن �إذن �أم ��ام معركة حقيقية‪،‬‬
‫و�صراع رهيب‪ ،‬و�ضحايا كرث‪ ،‬ورب‬
‫رحيم ودود مبن يقع فري�سة و�أ�سريا‬
‫لل�شيطان �أن يرفع كفيه بليل �أو نهار‪:‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪52‬‬
‫رب��اه زل��ت ب��ي ال�ق��دم بعد ثبوتها‪،‬‬
‫فاغفر الزالت‪ ،‬و�أقِلْ العرثات‪ ،‬وكفر‬
‫ال�سيئات‪ ،‬وب� ّدل�ه��ا �إىل ح�سنات‪،‬‬
‫واحفظني م��ن ال�شيطان والهوى‬
‫حتى املمات‪ ،‬وارف��ع لنا الدرجات‪،‬‬
‫فيجيبه رب ال�ع��زة م��ن ف��وق �سبع‬
‫�سماوات‪ :‬لبيك عبدي و�سعديك‪،‬‬
‫قد غفرت لك ما قد م�ضى‪ ،‬و�أعينك‬
‫على نف�سك و�شيطانك فيما بقى‪،‬‬
‫و�أحمو ا�سمك من �أ�صحاب ال�شمال‪،‬‬
‫‪53‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫و�أك�ت�ب��ك ع�ن��دي م��ن �أه��ل اليمني‪،‬‬
‫ف�إن �أقبلت �أكرث رفعتك �إىل منازل‬
‫ال�صديقني املقربني‪.‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪54‬‬
‫املطلب الرابع‪:‬‬
‫ر�سالة ال�شيطان‬
‫لقد تدبرت كل الآيات التي حتدثت‬
‫ع��ن ال�شيطان وعالقته ب��اهلل‪ ،‬ثم‬
‫عالقته بالإن�سان فلم �أج��د �آي��ة ‪-‬‬
‫فيما ي�ب��دو يل‪ُ -‬ت�ع�ِّب�رِّ ع��ن ر�سالة‬
‫ال�شيطان مثل �آية �ســـورة فاطــــــر‪:‬‬
‫ِن���ا يَدْ عُ و ِح��زْ َب��هُ ِل َيكُونُوا‬
‫}�إ مَّ َ‬
‫مِنْ �أ َْ�صحَ ابِ ال�سَّ ِعريِ{ (فاطر‪،)6:‬‬
‫‪55‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ف �ه��و يقتن�ص ال �ن��ا���س م��ن حزب‬
‫الرحمن لي�ضمهم �إىل حزبه (حزب‬
‫ال�شيطان)‪ ،‬والهدف �أن يكونوا معه‬
‫�صحب ًة يف جهنم‪ ،‬وعلى الإن�سان �أن‬
‫يختار بني �أن يكون عبد ًا رباني ًا من‬
‫ح��زب الرحمن‪� ،‬أو �أن يكون عبد ًا‬
‫مارق ًا من حزب ال�شيطان‪.‬‬
‫ولذا يعاتب اهلل الب�شر يف �سورة ي�س‬
‫َل �أَعْ هَدْ‬
‫عندما يقول �سبحانه‪�} :‬أ مَ ْ‬
‫�إِ َل ْيكُمْ يَا َبنِي �آ َد َم �أَن اَّل َت ْعبُدُ وا‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪56‬‬
‫ال�شَّ يْطَ انَ �إِنَّهُ َلكُمْ عَ دُ ٌّو ُّم ِبنيٌ{‬
‫(ي�س ‪ ،)60 :‬وقوله تعاىل‪} :‬فَا ْل َي ْو َم اَل‬
‫ْ�س �شَ يْئ ًا و اََل تجُ ْ زَ وْنَ‬‫تُظْ لَمُ َنف ٌ‬
‫�إ اَِّل مَا كُ نتُمْ َت ْع َملُونَ { (ي�س ‪.)54 :‬‬

‫‪57‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫املطلب اخلام�س‪:‬‬
‫ماذا يريد ال�شيطان‬
‫من الإن�سان؟‬
‫ل�ك��ي ي�ح�ق��ق ال���ش�ي�ط��ان ر�سالته‪،‬‬
‫وي�صطحب الإن�سان معه �إىل �شقاء‬
‫الدنيا وعذاب الآخ��رة‪ ،‬ف�إن هناك‬
‫�أهداف ًا حمددة يريد ال�شيطان �أن‬
‫يدفع الإن�سان �إليها‪� ،‬أهمها ما يلي‪:‬‬
‫ن�سيان ذك��ر اهلل ت�ع��اىل وحقوقه‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪58‬‬
‫وحقوق العـــــباد‪ ،‬ق��ال تعـــــــاىل‪:‬‬
‫}ا�سْ تَحْ َو َذ عَ َل ْيهِمُ ال�شَّ يْطَ انُ‬
‫َف�أَنْ�سَ اهُ مْ ِذكْرَ اللهَّ { (املجادلة‪.)19:‬‬
‫�إلقاء العداوة والبغ�ضاء بني الأب‬
‫و�أوالده‪ ،‬بني الزوجني‪ ،‬بني الأوالد‪،‬‬
‫بني الأف ��راد‪ ،‬بني اجلماعات‪ ،‬بني‬
‫الدول‪ ،‬لقوله تعاىل‪�} :‬إ مَِّنَا يُرِ يدُ‬
‫ال�شَّ يْطَ انُ �أَن ُي��وقِ � َع َب ْي َنكُمُ‬
‫ْ�ضاء{ (املائدة ‪.)91 :‬‬ ‫ا ْلعَدَ ا َو َة وَا ْل َبغ َ‬
‫‪59‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫�إدخ� � ��ال احل� ��زن واخل� � ��وف‪ ،‬ق��ال‬
‫تعاىل‪ِ } :‬ليَحْ زُ نَ الَّذِ ينَ �آَ َمنُوا{‬
‫(امل �ج��ادل��ة‪ ،)10:‬وكمـــــا قال تعـــــاىل‪:‬‬
‫ِن��ا َذ ِلكُمُ ال�شَّ يْطَ انُ يُخَ و ُِّف‬ ‫}�إ مَّ َ‬
‫�أَ ْو ِليَاءَ هُ{ (�آل عمران‪.)175:‬‬
‫ال �ك �ف��ر‪ ،‬ق ��ال ت �ع��اىل‪�} :‬إِ ْذ قَ ��الَ‬
‫ل ِْلإِن�سَ انِ اكْفُ رْ َف َلمَّا َكفَرَ قَ الَ‬
‫اف اللهَّ َ‬
‫ِّنك �إِنيِّ �أَخَ ُ‬
‫�إِنيِّ بَرِ يءٌ م َ‬
‫رَبَّ ا ْل َعالمَ ِني{ (احل�شر‪.)16:‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪60‬‬
‫َ�س‬
‫ال � ُع��ري‪ ،‬ق��ال ت�ع��اىل‪َ } :‬فوَ�سْ و َ‬
‫َل ُهمَا ال�شَّ يْطَ انُ ِل ُيبْدِ يَ َل ُهمَا مَا‬
‫وُورِيَ عَ ْن ُهمَا مِن �سَ وْءَ ا ِت ِهمَا{‬
‫(الأعراف‪.)20:‬‬
‫ولقد ن�ص اهلل عز وجل ب�شكل �صحيح‬
‫�صريح على �أن ال�شيطان يريد هذا‬
‫ال�شقاق واخل�صام بني بني الإن�سان‪:‬‬
‫}�إ مَِّنَا يُرِ يدُ ال�شَّ يْطَ انُ �أَن يُوقِ َع‬
‫َب ْي َنكُمُ ا ْلعَدَ ا َو َة وَا ْل َبغ َْ�ضاء فيِ‬
‫المْرِ وَالمْ َيْ�سِ رِ َوي َُ�صدَّ كُ مْ عَ ن‬‫خْ َ‬
‫‪61‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ال�ص َال ِة َفهَلْ‬
‫ِذكْ��رِ اللهّ ِ وَعَ ��نِ َّ‬
‫�أَنتُم مُّن َتهُونَ { (املائدة ‪.)91 :‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪62‬‬
‫املطلب ال�ساد�س‪:‬‬
‫و�سائل ال�شيطان‬
‫لإغواء الإن�سان‬
‫م��ن و�سائله‪ :‬اال��س�ت�ف��زاز‪ ،‬والدفع‬
‫ل �ل �م��زاح ب��ال �ب��اط��ل‪ ،‬وال ��دف ��ع �إىل‬
‫ال �ن �ج��وى‪ ،‬و�إل� �ق���اء � �س��وء الظن‪،‬‬
‫وال��و��س��وا���س‪ ،‬وال �ن��زغ‪ ،‬والتخويف‪،‬‬
‫وال �ت��زي�ين‪ ،‬وال��دف��ع �إىل اجل ��دال‪،‬‬
‫وتغيري خلق اهلل‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ومن الن�صو�ص الدالة على ذلك قوله‬
‫تعاىل‪} :‬وَا�سْ َتفْزِ ْز مَنِ ا�سْ تَطَ عْتَ‬
‫ِم ْنهُمْ ب َِ�ص ْوت َِك َو�أَجْ لِبْ عَ َل ْيهِم‬
‫بِخَ ْيل َِك َورَجِ ل َِك وَ�شَ ا ِر ْكهُمْ فيِ‬
‫الأَ ْموَالِ وَالأَوْال ِد وَعِ دْ هُ مْ َومَا‬
‫ال غُ رُ وراً{‬ ‫َيعِدُ هُ مُ ال�شَّ يْطَ انُ �إِ َّ‬
‫ِن��ا‬‫(الإ�� �س ��راء‪ ، )64:‬وقوله تعاىل‪�} :‬إ مَّ َ‬
‫َذ ِلكُمُ ال�شَّ يْطَ انُ يُخَ و ُِّف �أَ ْو ِليَاء ُه‬
‫لا َت��خَ ��ا ُف��وهُ ��مْ وَخَ ��افُ��ونِ �إِن‬‫فَ� َ‬
‫كُ نتُم ُّم�ؤْ ِم ِننيَ{ (�آل ع�م��ران‪،)175 :‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪64‬‬
‫َينِّيهِمْ‬‫وقوله تعاىل‪َ } :‬يعِدُ هُ مْ و مُ َ‬
‫ال‬
‫َو َم���ا َي � ِع��دُ هُ ��مُ ال��� َّ��ش� ْي��طَ ��انُ �إِ َّ‬
‫غُ رُ وراً{ (الن�ساء ‪ ،)120‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫} َو�إِ َّم��ا يَنزَ غَ ن ََّك مِنَ ال�شَّ يْطَ انِ‬
‫َن��زْ ٌغ فَا�سْ َتعِذْ ِب��اللهّ ِ ِ �إ َّن��هُ �سَ مِيعٌ‬
‫عَ لِيمٌ { (الأعراف‪ ،)200 :‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫}وَقُ ل رَّبِّ �أَعُ و ُذ ب َِك مِنْ هَ مَزَ اتِ‬
‫ال�شَّ يَاطِ نيِ{ (امل�ؤمنون‪.)97 :‬‬
‫ولعلي هنا �أ�ستعر�ض بع�ض هذه‬
‫الو�سائل والهواج�س التي ي�ستعملها‬
‫‪65‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ال�شيطان لإغ��واء الإن�سان و�إلقائه‬
‫يف م�صائده كي يكون له �شريكا يف‬
‫جهنم والعياذ باهلل ‪:‬‬
‫‪ -1‬و�ساو�س ال�شيطان للعابدين‪:‬‬
‫يُحرِّ�ض ال�شيطان العابد على الإكثار‬
‫من التعبد العملي دون التفكر والتدبر‬
‫العقلي‪� ،‬أو تعلم العلم ال�شرعي‪،‬‬
‫في�أن�س للطاعات دون التعلم‪ ،‬ثم ال‬
‫يلبث �أن يو�سو�س له بال�شبهات ويكرث‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪66‬‬
‫عليه‪ ،‬ويجنح به �إىل اال�ست�سالم لهذه‬
‫الو�ساو�س التي قد تخرجه من امللة‬
‫�أو �أن يزاول العبادة على غري هدي‬
‫النبي ÷ فرتد عليه‪ ،‬و�إذا طال به‬
‫الزمن وجاء �أحد يُذكِّره ا�ستكرب عن‬
‫قبول احل��ق‪ ،‬حتى ال يُبطل �أعماله‬
‫ال�سابقة‪ ،‬فيجمع �إىل اجلهل والت�شبع‬
‫بال�شبهات اال�ستكبار عن قبول احلق‬
‫و�إن بقي مواظبا على بع�ض ال�شعائر‬
‫والعبادات‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫‪ -2‬و�ساو�س ال�شيطان للعلماء‪:‬‬
‫يُن�سي ال�شيطان بع�ض العلماء قوله‬
‫ل َتكُنْ‬‫�ك َم��ا مَ ْ‬
‫ت �ع��اىل‪} :‬وَعَ �لَّ � َم� َ‬
‫َت ْعلَمُ { (الن�ساء‪ ،)113 :‬فين�سب الأفكار‬
‫اجلديدة �إىل عقله ال�سديد‪} :‬قَ الَ‬
‫�إ مَِّنَا �أُوتِيتُهُ عَ لَى عِ لْمٍ عِ نْدِ ي{‬
‫(الق�ص�ص‪ ،)78:‬وقد يجيب فيما ال يعلم‬
‫ليحفظ مكانته بني النا�س‪ ،‬فيدفعه‬
‫ال�شيطان ليتبو�أ مكانه يف النار‪� ،‬أو‬
‫يبالغ يف التعليم ليقال عنه عالمِ ‪،‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪68‬‬
‫فيكون �أ�سبق النا�س لقعر جهنم‬
‫والعياذ ب��اهلل‪ ،‬للحديث ال��ذي رواه‬
‫م�سلم ب�سنده عن �أبي هريرة ر�ضي‬
‫اهلل عنه �أن النبي �صلى اهلل عليه‬
‫و�سلم يقول‪�« :‬إن �أول النا�س يق�ضى‬
‫يوم القيامة عليه ‪ ....‬ورج��ل تعلم‬
‫العلم وعلمه‪ ،‬وقر�أ القر�آن ف�أتي به‬
‫فعرفه نعمه فعرفها‪ ،‬قال‪ :‬فما عملت‬
‫فيها؟‪ ،‬ق��ال‪ :‬تعلمت العلم وعلمته‬
‫وق��ر�أت فيك ال�ق��ر�آن‪ ،‬ق��ال‪ :‬كذبت‬
‫‪69‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ولكنك تعلمت العلم ليقال عالمِ ‪،‬‬
‫وقر�أت القر�آن ليقال هو قارئ‪ ،‬فقد‬
‫قيل‪ ،‬ثم �أمر به ف�سحب على وجهه‬
‫حتى �ألقي يف النار» (�صحيح م�سلم‪ ،‬كتاب‬
‫الإمارة‪ ،‬باب من قاتل للرياء وال�سمعة ا�ستحق النار‪،‬‬
‫حديث رقم‪.)1905 :‬‬
‫وم��ن و��س��او���س ال�شيطان للعلماء‬
‫�إذا وج��د العالمِ من هو �أعلم منه‬
‫انتقده وج� َّرح��ه و�أخَّ ��ره‪ ،‬ال لتظهر‬
‫احلقيقة على ل�سان �أعلم النا�س‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪70‬‬
‫بها بل ليظهر هو �أمام النا�س‪ .‬ومنه‬
‫�أي�ضا �سعادته باملادحني‪ ،‬وت�ضجره‬
‫واحتقاره للنا�صحني‪ ،‬وهجومه على‬
‫املخالفني‪ ،‬و�أن ينتظر م��ن عموم‬
‫النا�س له تبجيال خا�صا‪ ،‬وخف�ضا‬
‫للأ�سعار يف الأ��س��واق‪ ،‬وتو�سيعا له‬
‫يف ال�ط��رق��ات‪ ،‬وت�ق��دي��را ل��ه يف كل‬
‫االجتماعات‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫‪ -3‬و�ساو�س ال�شيطان لل�شباب‪:‬‬
‫التمرد على الآب��اء والأم�ه��ات (لن‬
‫�أعي�ش يف جلباب �أبي)‪ ،‬واملدر�سني‬
‫وامل��در� �س��ات‪ ،‬واح �ت �ق��ار الأع���راف‬
‫االجتماعية الأ��ص�ي�ل��ة‪ ،‬واالنبهار‬
‫ب��ال�ث�ق��اف��ات اخل��ارج �ي��ة الدخيلة‪،‬‬
‫وامل��و� �ض��ات اجل��دي��دة‪ ،‬والزينات‬
‫العديدة‪ ،‬واالهتمام بال�شكل على‬
‫ح�ساب امل�ضمون‪ ،‬فت�صري ت�سريحة‬
‫ال�شعر ون ��وع ال �ن �ظ��ارة ال�شم�سية‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪72‬‬
‫وم ��ارك ��ة ال �ق �م �ي ����ص والبنطلون‬
‫واحل��ذاء �أهم من الت�شبع بالإميان‬
‫وال�ت�ط�ل��ع �إىل امل �ك��ارم الأخالقية‬
‫واال� �ص �ط �ب��اغ بال�صبغة الربانية‬
‫والأخ �ل�اق الإ��س�لام�ي��ة‪ ،‬ويدفعهم‬
‫�إىل ملء الفراغ بالأفالم والأغاين‬
‫واملو�سيقى والإقبال على �أ�صدقاء‬
‫ال���س��وء وال��ه��روب م��ن الأ�صدقاء‬
‫اجلادين علميا‪ ،‬املتميزين �إميانيا‬
‫و�أخ�لاق �ي��ا‪ ،‬نا�سيا امل�ث��ل العربي‪:‬‬
‫‪73‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫«�أمر مبكياتك ال �أمر م�ضحكاتك»‪.‬‬
‫فيق�ضون ال�ساعات يف م�شاهدة‬
‫التلفاز والأف�ل�ام وال��ري��ا��ض��ات �أو‬
‫ممار�ستها وي�ستثقلون ال�صلوات يف‬
‫امل�ساجد واجللو�س �إىل حِ لَق العلم‬
‫نا�سني‪�« :‬إمن��ا العلم بالتعلم» (جممع‬
‫ال��زوائ��د للهيثمي‪�،‬ص ‪ ،)133/1‬واملثل‪( :‬لن‬
‫تتعلم حتى تت�أمل)‪ .‬فيعي�ش ال�شاب‬
‫ت��اف�ه� ًا �أو �سطحي ال�ف�ك��ر‪� ،‬سيىء‬
‫اخللق‪� ،‬ضعيف الإميان‪ ،‬ويت�ضاعف‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪74‬‬
‫عنده اجلنوح �إىل �إثبات ذات��ه مبا‬
‫ي�ضر وال ينفع‪ ،‬كما قال ال�شاعر‪:‬‬
‫�إذا �أنت مل تنفع ف�ض َّر ف�إمنا‬
‫يراد الفتى كيما ي�ض ُّر وينفع‬
‫‪ -4‬و�ساو�س ال�شيطان للفتيات‪:‬‬
‫جمالك مِ لْكك‪ ،‬وال�شباب من حولك‪،‬‬
‫وعي�شي حياتك‪ ،‬وا�ستمتعي ب�أنوثتك‪،‬‬
‫واختايل على �صديقاتك‪ ،‬واخطفي‬
‫الأن� �ظ ��ار ح��ول��ك بتغيري ق�سمات‬
‫‪75‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫وج �ه��ك و�أل � ��وان � �ش �ع��رك‪ ،‬لتكوين‬
‫حديث ال�شباب‪ ،‬وهيام الأحباب‪،‬‬
‫فيطرقون الأب��واب‪ ،‬و�آنئذ تختارين‬
‫بعد التجربة واالن�ت�ق��اء م��ن يكون‬
‫الزوج الدائم �أو الع�شيق الهائم‪ ،‬فقد‬
‫كرثت العنو�سة والطالق‪ ،‬وال حيلة‬
‫لإ�شباع الرغبات و�إطفاء التحرقات‪،‬‬
‫�إال بال�سفور وال�صداقات‪ ،‬والر�سائل‬
‫وامل��ك��امل��ات‪ ،‬وال �ت��زي��ن والت�صنع‬
‫واحل��رك��ات‪ ،‬ودع��ك م��ن احلجاب‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪76‬‬
‫والتخلف عن ركب احل�ضارات‪ ،‬يف‬
‫ع�صر الإنرتنت والف�ضائيات حيث‬
‫املتعة وامل��رح وال�سُ كْر والرق�صات‪،‬‬
‫و�إن كرب بك ال�سن فعندئذ ميكن �أن‬
‫تتوبي �إىل اهلل‪ ،‬وتعودي �إىل حياة‬
‫الأمهات واجلدات‪.‬‬
‫‪ -5‬و�ساو�س ال�شيطان للأغنياء‪:‬‬
‫ت�ع�ب��تَ يف ج�م��ع م��ال��ك‪ ،‬فا�ستمتع‬
‫بحاللك‪ ،‬وادخر لعيالك‪ ،‬وتوقف عن‬
‫‪77‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫التربعات ف�إنها مر�صودة ‪ ،‬وانتبه‬
‫�إىل كل فل�س‪ ،‬وال تفرط يف �أي قر�ش‪،‬‬
‫واع�ت��ذر لكل ذي حاجة بال�صدق‬
‫�أو الكذب‪ ،‬و�أغلق خزائنك عن كل‬
‫يتيم �أو م�سكني‪ ،‬و�صاحب الأغنياء‬
‫مثلك فرمبا انتفعت منهم بفكرة �أو‬
‫عالقة �أو �شراكة‪ ،‬ودع الفقراء ف�إنهم‬
‫�أ�صحاب حقد وح�سد وطمع وك�سل‪،‬‬
‫يريدون �أن يناموا وتكدح لهم بالليل‬
‫والنهار‪ ،‬وملاذا ال تو�سع ا�ستثماراتك‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪78‬‬
‫بالقرو�ض البنكية‪ ،‬فالنا�س جميعا‬
‫يفعلون ذل��ك فهل تبقى قط ًا بني‬
‫الأف�ي��ال؟ وق��د �أفتى بع�ض ال�شيوخ‬
‫املعا�صرين بحِ ل الفوائد البنكية‪،‬‬
‫واملثل يقول‪�« :‬ضعها يف رقبة عالمِ‬
‫وبات �سامل»‪ ،‬وابحث عن امل�شاريع‬
‫التي تدر �أرباحا وف�يرة‪ ،‬ولو كانت‬
‫تفنت ال�شيب وال�شباب «فكل واحد‬
‫متعلق من عرقوبه»‪« ،‬و�أنا ال �أ�ضرب‬
‫�أح��دا على �إي��ده»‪ ،‬وال مانع �إذا كرث‬
‫‪79‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫م��ال��ك �أن تبني م�سجدا يف �آخر‬
‫حياتك‪ ،‬ليكون �صدقة جارية بعد‬
‫مماتك‪.‬‬
‫‪ -6‬و�ساو�س ال�شيطان للفقراء‪:‬‬
‫مل��اذا يعطي اهلل ك��ل ه��ذه الأم��وال‬
‫مل��ن ال ي�ستحقون وي��دع�ن��ا فقراء‬
‫مدقعني؟! ملاذا نعمل كثريا ونك�سب‬
‫قليال‪ ،‬وغرينا يعمل قليال ويك�سب‬
‫كثريا؟! البد من حيلة لأخ��ذ حقنا‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪80‬‬
‫من مال الأغنياء‪ ،‬هذا حقنا نهبوه‬
‫فن�سرتده باحليلة اخلفية لأننا ل�سنا‬
‫نقدر على مواجهتهم‪ ،‬ولن ن�أخذ �إال‬
‫لتغطية ال�ضروريات لنا ولأوالدن��ا‬
‫امل�ساكني الذين يرون �أوالد الأغنياء‬
‫فيخف�ضون ر�ؤو�سهم ذ ًال و�صغار ًا من‬
‫مالب�سهم الرثة‪ ،‬وملاذا يكون �أوالدنا‬
‫�أق��ل من �أوالده ��م‪« ،‬دا �إحنا ب ْردُه‬
‫حلم ودم»‪ ،‬خذ حقك وحق عيالك‬
‫من الأغنياء‪ ،‬الق�ساة املف�سدين‪،‬‬
‫‪81‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫«وبعد ما توقف نف�سك وعيالك على‬
‫رجليهم تب �إىل اهلل‪ ،‬ورب��ك مهما‬
‫كان غفور رحيم‪ ،‬ودامي��ا يف �صف‬
‫ال�غ�لاب��ة وامل���س��اك�ين‪ ،‬ول��ن يعذبنا‬
‫مرتني»‪.‬‬
‫هكذا يدخل ال�شيطان اللعني لكل‬
‫�إن �� �س��ان م�ن��ا مب��ا ينا�سب طبائعه‬
‫وطموحاته وم�شاعره وملكاته ‪ ،‬باحثا‬
‫عن كل نقطة �ضعف يف طبائعنا �أو‬
‫ظروفنا‪ ،‬وي�ؤكد على فكرة‪} :‬هَ لْ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪82‬‬
‫اللْدِ َو ُمل ٍْك‬
‫�أَ ُدل َُّك عَ لَى �شَ جَ رَ ِة خْ ُ‬
‫اَّل َي ْبلَى{ (ط��ه ‪ ،)120 :‬كي يدفعنا‬
‫�إىل اال�ست�سالم لو�ساو�سه واالندفاع‬
‫نحو هواج�سه‪ ،‬وين�سينا ذكر ربنا‪،‬‬
‫ف�إن ذكرناه �سوَّف لنا التوبة‪ ،‬و�أرج�أ‬
‫لنا ال�ع��ودة‪ ،‬ومنَّانا ب�سعة الرحمة‬
‫حتى ن�أمن من مكر اهلل‪ ،‬فال يدري‬
‫اهلل يف �أي واد �أهلكنا والعياذ باهلل‪،‬‬
‫فيفرح بذلك ال�شيطان با�ستجابتنا‬
‫له بال ح�سبان ليوم كتبه الرحمن‬
‫‪83‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫على كل �إن�سان‪�} :‬إِن ََّك َمي ٌِّت َو ِ�إ َّنهُمْ‬
‫َم ِّيتُونَ { (الزمر‪.)30 :‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪84‬‬
‫املطلب ال�سابع‪:‬‬
‫خطوات عمل ال�شيطان‬
‫يقول اهلل تعاىل‪} :‬يَا �أَ ُّيهَا الَّذِ ينَ‬
‫�آ َم��� ُن���وا اَل َت � َّت � ِب � ُع��وا ُخ��طُ ��وَاتِ‬
‫ال�شَّ يْطَ انِ َومَن َي َّت ِب ْع ُخطُ وَاتِ‬
‫ال�شَّ يْطَ انِ َف�إِنَّهُ َي�أْمُرُ بِا ْلفَحْ �شَ اء‬
‫وَالمْ ُنكَرِ َو َلو اَْل ف َْ�ضلُ اللهَّ ِ عَ َل ْيكُمْ‬
‫َور َْح َمتُهُ مَا َزكَا مِنكُم مِّنْ �أ ََحدٍ‬
‫�أَبَد ًا َو َلكِنَّ اللهَّ َ يُزَ كِّي مَن يَ�شَ اءُ‬
‫‪85‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫وَاللهَّ ُ �سَ مِيعٌ عَ لِيمٌ { (النور‪.)21 :‬‬
‫لل�شيطان م��ع الإن �� �س��ان خطوات‬
‫وجوالت قبل العمل‪ ،‬ف�إن عجز ف�أثناء‬
‫العمل‪ ،‬ف�إن عجز ف�إنه يحاول بعد‬
‫العمل �أن يدفع الإن�سان �أن يحبط‬
‫عمله بيده‪ ،‬ويت�ضح ذلك مما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قبل العمل‪ :‬ف�إما �أن يجعله‬
‫يك�سل عن العمل مثل الك�سل عن‬
‫ال�صالة يف امل�سجد �أو �أن ي�صرفه‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪86‬‬
‫خلري �أق��ل منه‪� ،‬أو �أن ي�صرفه عن‬
‫العمل ل�شيء �آخ��ر حتى و�إن كان‬
‫خ�يرا �أق��ل من ه��ذا اخل�ير الكثري‪،‬‬
‫فقد ي�شغله عن ال�صالة للعمل يف‬
‫متجره �أو م�ؤان�سة �أهله و�أوالده‪� ،‬أو‬
‫ي�ؤخر الزكاة عن ميعادها‪� ،‬أو احلج‬
‫عن ميقاته‪ ،‬واجلهاد عن اال�ستجابة‬
‫ملوجباته‪ ،‬ف�إذا عجز ال�شيطان �أمام‬
‫�شيء من الإميان عند الإن�سان عاود‬
‫الكرة له يف اخلطوة الثانية‪:‬‬
‫‪87‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫‪� -2‬أثناء العمل‪ :‬وله يف ذلك‬
‫ثالث و�سائل‪:‬‬
‫�أ) �أن يجعل العمل رياء و�سمعة‬
‫لغري اهلل عز وجل‪ ،‬وهي �أخطرها‬
‫يف �إحباط العمل‪.‬‬
‫ب) �أو يجعله يقوم بالعمل على‬
‫غري هدي القر�آن وال�سنة فيرُ د‬
‫عليه‪ ،‬كما يف رواي ��ة البخاري‬
‫ب�سنده ع��ن عَ ��ا ِئ�� َ��ش� ُة ر�ضي اهلل‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪88‬‬
‫عنها �أَنَّ َر��ُ�س��ولَ اللهّ ِ ÷ َق��الَ ‪:‬‬
‫«مَ نْ عَ مِ لَ عَ َم ًال َلي َْ�س عَ َل ْي ِه �أَمْ ُرنَا‬
‫َف ُه َو َردٌّ» (�صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االعت�صام‬
‫بالكتاب وال�سنة‪ ،‬باب �إذا اجتهد العامل �أو احلاكم‬
‫ف�أخط�أ‪.)255/15 :‬‬
‫ج) واحلد الأدنى �أال يتم الإن�سان‬
‫عمله‪ ،‬ف�إذا تعهد بكفالة يتيم �أو‬
‫منا�صرة �إخ��وان��ه يف فل�سطني‪،‬‬
‫�أو �صدقة دوري��ة مل�سجد �أو هيئة‬
‫‪89‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫خريية عاوده ليقطع هذا اخلري‪،‬‬
‫مثلما بد�أ الرماة على جبل �أحد‬
‫فا�ستزلهم ال�شيطان كي اليتمُّوا‬
‫عملهم فكان الدر�س قا�سيا‪.‬‬
‫ف � ��إذا ق�ه��ر الإن �� �س��ان �شيطانه‬
‫قبل العمل فبد�أه‪ ،‬و�أثناء العمل‬
‫ف�أخل�صه و�أمتَّه واتبع فيه الهدي‬
‫النبوي‪ ،‬ف�إن ال�شيطان ال يي�أ�س‬
‫من كرَّة ثالثة‪ ،‬وهي ما يلي‪:‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪90‬‬
‫‪ -3‬بعد العمل‪ :‬هناك �أمران‬
‫يتبعهما ال�شيطان ليحبط عمل‬
‫الإن�سان هما املن التطوعي واملن‬
‫اال� �ض �ط��راري‪ .‬وال �ف��رق بينهما‬
‫�أن ال�شيطان قد يدفع الإن�سان‬
‫ب��ال�ت�ط��وع ب��امل��ن واحل��دي��ث عن‬
‫�إجنازاته وخدماته؛ كي يحظى‬
‫بثناء الآخ��ري��ن فيحبط عمله‪،‬‬
‫ف�إذا مل مينّ الإن�سان طوعا‪ ،‬يعود‬
‫‪91‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ال�شيطان �إىل �إن���س��ان �آخ��ر قد‬
‫�أح�سن �إليه فيدفع هذا الإن�سان‬
‫للإ�ساءة ملن �أح�سن �إليه فيدخل‬
‫هذا الإن�سان يف املن اال�ضطراري‬
‫بقوله‪ :‬كيف يفعل ذلك و�أن��ا قد‬
‫فعلت وفعلت ل��ه‪ ،‬وه��ذا مم��ا ال‬
‫ينتبه ل��ه ال�ك�ث�يرون فيقعون يف‬
‫�شباك ال�شيطان دون �أن يدركوا‬
‫�أن ال�شيطان قد ن�صب لهم ذلك‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪92‬‬
‫انتقاما لف�شله معهم قبل العمل‬
‫و�أث �ن��اء ال�ع�م��ل‪ ،‬وال�ت�ط��وع باملن‬
‫بعد العمل‪ ،‬وميكن �أن نلحظ يف‬
‫القر�آن الكرمي هذا القِران بني‬
‫الرياء �أثناء العمل واملن بعده يف‬
‫قوله تعاىل ‪} :‬يَا �أَ ُّيهَا الَّذِ ينَ‬
‫ال ُتبْطِ لُو ْا َ�صدَ قَ ا ِتكُم‬
‫�آ َمنُو ْا َ‬
‫ِبالمْ َنِّ وَالأذَى كَالَّذِ ي يُنفِقُ‬
‫ال ُي�ؤْمِنُ‬
‫َّا�س َو َ‬‫مَالَهُ ِرئَاء الن ِ‬

‫‪93‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫بِاللهّ ِ وَا ْل َي ْو ِم الآخِ ��رِ َف َم َثلُهُ‬
‫اب‬ ‫َك َمثَلِ َ�ص ْفوَانٍ عَ َليْهِ تُرَ ٌ‬
‫َتكَهُ َ�صلْد ًا‬ ‫َف�أ ََ�صابَهُ وَابِلٌ ف رَ َ‬
‫ال َي � ْق��دِ رُونَ عَ لَى �شَ يْ ءٍ ممِّ َّا‬ ‫َّ‬
‫ال َيهْدِ ي ا ْل َق ْو َم‬ ‫كَ�سَ بُو ْا وَاللهّ ُ َ‬
‫ا ْلكَافِرِ ينَ { (البقرة ‪.)264 :‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪94‬‬
‫املطلب الثامن‪:‬‬
‫�أوقات عمل ال�شيطان‬
‫ي�ق���ض��ي ال �� �ش �ي �ط��ان ك��ل حلظة‬
‫و�ساعة من ليل �أو نهار يف عمل‬
‫م�ستمر ل�صد الإن�سان عن �سبيل‬
‫اهلل وجرِّه �إىل الف�سوق وال�ضالل‪،‬‬
‫ون�ستطيع �أن نح�سب �أوقات عمل‬
‫ال�شيطان رقميا بهذا التو�ضيح‬
‫التايل‪:‬‬
‫‪95‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫عدد �ساعات العمل‬ ‫الوقت‬
‫‪24‬‬ ‫اليوم‬
‫‪168‬‬ ‫الأ�سبوع‬
‫‪5.040‬‬ ‫ال�شهر‬
‫‪60.480‬‬ ‫ال�سنة‬
‫‪3.682.800‬‬ ‫‪� 60‬سنة‬

‫ال�شكل (‪)4‬‬
‫�إذا ك��ان��ت ه ��ذه �أوق�� ��ات عمل‬
‫ال�شيطان فلننظر لأوقات عبادة‬
‫الإن�سان لربه‪ ،‬ف ��إن الدرا�سات‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪96‬‬
‫والأب� �ح ��اث تثبت �أن الإن�سان‬
‫�إذا كان عمره �ستني عاما ف�إنه‬
‫يق�ضي يف ربط الأحذية ‪� 8‬أيام‪،‬‬
‫ويف انتظار �إ�شارات املرور �شهر ًا‬
‫ك��ام�ل�اً ‪ ،‬وع �ن��د احل�ل�اق �شهر ًا‬
‫�أي�ضاً‪ ،‬ويف رك��وب امل�صاعد يف‬
‫امل� ��دن ال��ك�ب�رى ‪� � 3‬ش �ه��ور‪ ،‬ويف‬
‫تنظيف الأ��س�ن��ان بالفر�شاة ‪3‬‬
‫�شهور‪ ،‬ويف انتظار احلافالت يف‬
‫املدن ‪� 5‬شهور‪ ،‬ويف دورة املياه ‪6‬‬
‫‪97‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫�شهور‪ ،‬ويف قراءة الكتب �سنتني‪،‬‬
‫ويف اكت�ساب ال ��رزق ‪� 9‬سنوات‬
‫ويف النوم ‪� 20‬سنة‪( ،‬م�ق��ال��ة‪ :‬وقتنا‬
‫والآخ��ر‪ ،‬جريدة الريا�ض‪ ،2005/12/3 ،‬العدد‬
‫‪ ،)13676‬ه ��ذا يف ال��وق��ت ال��ذي‬
‫يتفرغ ال�شيطان متاما للإن�سان‬
‫بالليل والنهار ‪.‬‬
‫وال�ع�ج�ي��ب �أن ال�شيطان يعمل‬
‫على الإن���س��ان حتى وه��و نائم‪،‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪98‬‬
‫فيبول يف �أذنه حتى ال يقوم �إىل‬
‫ال�صالة‪ ،‬وي �ط��ارده بالكوابي�س‬
‫والأح�لام املخيفة‪ .‬ونكتفي هنا‬
‫ل �ل��دالل��ة ع�ل��ى ه ��ذا ال� ��د�أب من‬
‫ال�شيطان يف �إغواء الإن�سان‪ ،‬مبا‬
‫رواه م�سلم ب�سنده عن �أبي هريرة‬
‫ر�ضي اهلل عنه �أن ر�سول اهلل ÷‬
‫قال‪َ « :‬ي ْع ِق ُد ال�شَّ يْطَ انُ عَ لَى قَا ِف َي ِة‬
‫َر�أ ِْ�س َ �أحَ دِ كُمْ َثالَثَ عُ قَدٍ إِ�ذَ ا نَامَ ‪،‬‬

‫‪99‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ِبكُلِّ عُ � ْق��دَ ٍة ي َْ�ضرِ بُ عَ َلي َْك َل ْي ًال‬
‫طَ � ِوي�لاً‪َ ،‬ف� ��إِذَ ا ا�سْ َت ْيق ََظ‪ ،‬فَذَ َك َر‬
‫اهلل‪ ،‬انْحَ لَّتْ عُ قْدَ ةٌ‪َ ،‬و�إِذَ ا َتوَ�ضَّ�أَ‪،‬‬
‫انْحَ لَّتْ ع ْن ُه عُ قْدَ تَانِ ‪َ ،‬ف�إِذَ ا َ�صلَّى‬
‫انْحَ ل َِّت ا ْل ُع َقدُ‪َ ،‬ف�أ َْ�صبَحَ نَ�شِ يط ًا‬
‫طَ يِّبَ ال َّنف ِْ�س‪َ ،‬و�إِالَّ �أ َْ�صبَحَ خَ بِيثَ‬
‫ْ�س كَ�سْ الَنَ » (�صحيح م�سلم‪ ،‬كتاب‬ ‫ال َّنف ِ‬
‫�صالة امل�سافرين‪ ،‬باب احلث على �صالة الوقت‬
‫و�إن قلت‪. )54/6 ،‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪100‬‬
‫ه ��ذه ال�ك�ث��اف��ة يف �أوق� ��ات عمل‬
‫ال���ش�ي�ط��ان ال ت�ب�ع��ث �أب� ��دا على‬
‫الي�أ�س والإحباط لدى �أي �إن�سان‬
‫ف � ��إن ي��د ال��رح �م��ن مت �ت��د لأه��ل‬
‫الع�صيان ب��ال�ت��وب��ة والغفران‪،‬‬
‫وتبديل ال�سيئات �إىل ح�سنات‪،‬‬
‫وه��ذا ميهد حلديثنا ع��ن طرق‬
‫مواجهته يف ال�سطور التالية‪.‬‬

‫‪101‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫املطلب التا�سع‪:‬‬
‫الو�سائل العملية لل�صراع‬
‫مع ال�شيطان‬
‫ه �ن��اك و� �س��ائ��ل ع�م�ل�ي��ة كثرية‬
‫�أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬العلم‪ :‬ملا رواه اب��ن ماجه‬
‫ب�سنده عن ابن عبا�س ر�ضي اهلل‬
‫عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال ر�سول اهلل ÷‪:‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪102‬‬
‫« َفقِي ٌه وَاحِ ٌد �أَ�شَ ُّد عَ لَى ال�شَّ يْطَ انِ‬
‫ْف عَ ابِدٍ » (�سنن ابن ماجه‪ ،‬كتاب‬ ‫مِ نْ �أَل ِ‬
‫النبي‪ ،‬باب ف�ضل العلماء واحلث على طلب العلم‬
‫‪ .)81/1:‬وق��د ا�ستدل اب��ن عبا�س‬
‫بهذا احلديث يف ق�صة الرجل‬
‫ال� ��ذي ج ��اء جم�ل���س��ه � �س��ائ�لا ‪:‬‬
‫�إنني كلما بِلتُ تبعه املاء الدافق‬
‫(امل �ن��ي) ف�ه��ل ع �ل��يَّ غ�سل لكل‬
‫�صالة ؟ ف�أجابه بع�ض تالميذ‬

‫‪103‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ابن عبا�س‪ :‬نعم؛ �إمن��ا امل��اء من‬
‫امل��اء‪ ،‬فحوقل الرجل مت�أملا من‬
‫�صعوبة هذا احلكم‪ ،‬وملا فرغ ابن‬
‫عبا�س من �صالته �س�ألهم ‪� :‬أر�أيتم‬
‫ما �أفتيتم به الرجل‪� ،‬أعن كتاب‬
‫اهلل؟ قالوا‪ :‬ال‪� ،‬أفعن �سنة ر�سول‬
‫اهلل؟ ق��ال��وا‪:‬ال ‪� ،‬أفعن �أ�صحاب‬
‫ر�سول اهلل؟ قالوا‪ :‬ال ‪ ،‬فقال ابن‬
‫عبا�س ‪ :‬من �أجل هذا قال رَ�سُ ولُ‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪104‬‬
‫اللهَّ ِ ÷‪َ « :‬فقِي ٌه وَاحِ ٌد �أَ�شَ ُّد عَ لَى‬
‫ال�شَّ يْطَ انِ مِ نْ �أَل ِْف عَ ابِدٍ » ثم �أمر‬
‫بدعوة الرجل فلما جاء قال له ‪:‬‬
‫�أجتد خدرا يف ج�سمك؟ �أو �شهوة‬
‫يف ُقبُلك؟ قال‪ :‬ال ‪ ،‬فقال اذهب‬
‫فلي�س عليك غ�سل لكل �صالة‪� ،‬إمنا‬
‫هذه �أُبردة يكفيك منها الو�ضوء‪،‬‬
‫فم�ضى الرجل م�ستب�شرا‪ .‬فاعترب‬
‫ابن عبا�س اجلهل �أو�سع �أبواب‬

‫‪105‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ال�شيطان‪ ،‬خا�صة �إذا ا�ستعمل‬
‫ال�شيطان الإن�سان يف الت�شدد يف‬
‫الأحكام مما ي�صد عن دين اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬فا�شغل نف�سك بالقراءة‬
‫والدرا�سة‪ ،‬والدورات‪ ،‬واللقاءات‬
‫العلمية ب�شكل دائ��م يبعد عنك‬
‫ال�شيطان‪.‬‬
‫�أم��ا ما يجب تعلمه‪ ،‬وف��ق منهج‬
‫متدرج؛ ليحفظ امل�سلم �أو امل�سلمة‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪106‬‬
‫عقله وقلبه من �أن ي�سيطر عليه‬
‫�إبلي�س اللعني وج �ن��وده فيمكن‬
‫�أن ي��راج��ع يف الف�صل الأخ�ي�ر‬
‫من كتابي «ث��واب��ت الإمي��ان بعد‬
‫رم�ضان» (من مطبوعات املجل�س‬
‫الأع��ل��ى ل�ل���ش�ئ��ون الإ�سالمية‪،‬‬
‫مم�ل�ك��ة ال �ب �ح��ري��ن ‪�« ،‬سل�سلة‬
‫ق�ضايا اجتماعية و�إ�سالمية»‬
‫كما يوجد على �صفحتي ‪www.‬‬
‫‪.)salahsoltan.com‬‬
‫‪107‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫‪ -2‬ال��ذ ْك��ر‪ :‬يف ق��ول��ه تعاىل‪:‬‬
‫}�إِنَّ ا َّل���ذِ ي���نَ ا َّت��� َق���و ْا �إِذَا‬
‫مَ�سَّ هُمْ طَ ائ ٌِف مِّنَ ال�شَّ يْطَ انِ‬
‫تَذَ كَّرُ و ْا َف�إِذَا هُ م ُّمب ِْ�صرُ ونَ {‬
‫(الأعراف‪ .)201:‬والبد �أن يكون الذكْر‬
‫كثري ًا م�ستمرا‪ ،‬متوافق ًا مع يوم‬
‫الإن�سان وليله‪ ،‬يقظته ومنامه‪،‬‬
‫مطعمه و� �ش��راب��ه‪ ،‬حتى يي�أ�س‬
‫ال�شيطان منه‪� ،‬أو يبتعد عنه‪.‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪108‬‬
‫ومن الق�ص�ص التي ال �أن�ساها يف‬
‫�إطار ال�صراع مع ال�شيطان الذي‬
‫ينتهز الفر�صة ليجتث الإخال�ص‬
‫حتى ع�ن��دم��ا دع�ي��ت ك��ي �ألقي‬
‫در� �س��ا ع��ن الإخ�ل�ا���ص يف �أحد‬
‫امل�ساجد ف ��أع��ددت الن�صو�ص‬
‫والأف��ك��ار الرئي�سة للمو�ضوع‪،‬‬
‫وع�ن��دم��ا هممتُ ب��اخل��روج �إىل‬
‫امل�سجد طلبت مني زوجتي �أن‬

‫‪109‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫�أ�شرتي بع�ض اللحم عند عودتي‪،‬‬
‫ف �خ��رج��ت �أف� �ك ��ر يف عنا�صر‬
‫امل��و� �ض��وع وع�ن��دم��ا و��ص�ل��ت �إىل‬
‫امل�سجد‪ ،‬وخلعت حذائي للدخول‬
‫�إليه و�إذا باجلزَّار يدخل معي!‬
‫فيقفز ال�شيطان ب�سرعة رهيبة‬
‫فيو�سو�س يل ب ��أن ه��ذا اجل �زَّار‬
‫�سي�سمع كالما ح�سنا فيعطيك‬
‫حل �م��ا ط �ي �ب��ا‪ ،‬ل �ك��ن اهلل تعاىل‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪110‬‬
‫ذ َّك� ��رين ��س��ري�ع��ا ب��ه فا�ستعذت‬
‫ب��اهلل من ال�شيطان ال��ذي يريد‬
‫�أن ي�صيب �إخال�صي يف مقتل‪،‬‬
‫يف نف�س الوقت ال��ذي �أُعلّم فيه‬
‫النا�س الإخ�لا���ص‪ ،‬وق��د ق��ررَّتُ‬
‫‪ -‬حتى �أقطع داب��ر الو�سوا�س ‪-‬‬
‫�أال �آخذ حلم ًا منه �أبدا‪ ،‬و�ألقيت‬
‫در�سي ثم عدت �إىل �أهلي ف�س�ألوا‬
‫عن اللحم فقلت لهم‪ :‬اللحم �أو‬

‫‪111‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫الإخال�ص؟ ف�س�ألوا ما العالقة؟‬
‫ف�ق���ص���ص��ت ع�ل�ي�ه��م الق�صة‪،‬‬
‫ومازلت �أتعجب �إىل اليوم لهذا‬
‫اللعني الذي ي�سرتق الإخال�ص‪،‬‬
‫وينتهز الفر�صة‪ ،‬ليف�سد على‬
‫الإن�سان دينه حتى ول��و ك��ان يف‬
‫مقام من يُعلّم النا�س الإخال�ص‪.‬‬
‫وهو در�س يُلزم الإن�سان �أن يظل‬
‫ي�ق�ظ� ًا م�ست�صحبا دائ �م��ا ذكر‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪112‬‬
‫اهلل ك��أق��وى �سالح لل�صراع مع‬
‫ال�شيطان‪.‬‬
‫‪ -3‬ال�����ص��وم‪ :‬روى البخاري‬
‫ب�سنده يف حقيقة ال�صيام عن‬
‫�أن����س ب��ن مالك ر�ضي اهلل عنه‬
‫قال ‪ :‬قال ر�سول اهلل ÷‪�« :‬إنَّ‬
‫ال�شَّ يْطانَ َي��جْ ��رِ ي مِ ��ن ا ْب��نِ �آدَمَ‬
‫مجَ ْ �رَى ال �دَّمِ » (�صحيح البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫الأح� �ك ��ام‪ ،‬ب ��اب ال �� �ش �ه��ادة ت �ك��ون ع��ن احلاكم‬

‫‪113‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫يف والي ��ة ال�ق���ض��اء‪ ،)61/15 :‬وق��د ذكر‬
‫ال�شيخ الألباين يف كتابه «حقيقة‬
‫ال�صيام» �أن ع�ب��ارة‪« :‬ف�ضيقوا‬
‫جماريه باجلوع وال�صوم» ال �أعلم‬
‫لها �أ�صال يف كتب ال�سنة‪ .‬و�إن كان‬
‫ذلك ال مينع من �صحة املعنى �أن‬
‫ال�صوم ‪� -‬سواء كان �صوم فر�ض‬
‫�أو تطوع‪ -‬يُجهد ال�شيطان ويقلل‬
‫و�ساو�سه للإن�سان‪ ،‬لأنه عن�صر‬
‫تربوي فاعل وم�ؤثر يف �شفافية‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪114‬‬
‫القلب‪ ،‬و�صفاء ال��روح‪ ،‬و�ضعف‬
‫الهوى‪ ،‬و�إنهاك ال�شيطان‪ .‬ولعل‬
‫يف درا�ستي عن «ال�صيام وجلام‬
‫ال�شهوات الأربع» (من مطبوعات‬
‫املجل�سالأعلىلل�شئونالإ�سالمية‪،‬‬
‫مم�ل�ك��ة ال �ب �ح��ري��ن ‪�« ،‬سل�سلة‬
‫ق�ضايا اجتماعية و�إ�سالمية»‬
‫كما يوجد على �صفحتي‪www.‬‬
‫‪ .)salahsoltan.com‬ما‬
‫ي �ع�ين ال���س��ال�ك�ين �إىل اهلل رب‬
‫‪115‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫العاملني ملواجهة ال�شيطان بهذا‬
‫لنف�س ي�أ�سرها‬
‫اللجام الرباين ٍ‬
‫ال�ه��وى وي�ستبد بها ال�شيطان‪،‬‬
‫في�أتي ال�صيام حم��ررا الإن�سان‬
‫م��ن ه��ذا الأ� �س��ر واال�ستبداد‪،‬‬
‫وي�ح��ول��ه �إىل �إن �ه��اك لل�شيطان‬
‫وحتكم يف الهوى‪.‬‬
‫‪� -4‬صحبة ال�صاحلني‪ :‬روى‬
‫التربيزي ب�سنده عن اب��ن عمر‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪116‬‬
‫ر�ضي اهلل عنهما عن النبي ÷‬
‫�أن��ه ق��ال‪« :‬ي��د اهلل مع اجلماعة‬
‫وم��ن �شذ‪� ،‬شذ يف ال�ن��ار» (م�شكاة‬
‫امل�صابيح للتربيزي ‪ ،)420/1 :‬وما رواه‬
‫امل �ن��ذري ب���س�ن��ده ع��ن الر�سول‬
‫÷‪« :‬الواحد �شيطان‪ ،‬واالثنان‬
‫�شيطانان‪ ،‬والثالثة ركب» (الرتغيب‬
‫والرتهيب للمنذري‪� ،‬ص ‪ ،) 109/4‬واحلق‬
‫�أن م��ن ي��ري��د ال���س�ير �إىل اهلل‬

‫‪117‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫فالبد م��ن �صحبة �صاحلة يفر‬
‫منها ال�شيطان‪ ،‬ويكون التوا�صي‬
‫باحلق والتوا�صي بال�صرب طريق ًا‬
‫�إىل ر�ضا اهلل ونيل اجلنان‪ .‬ومن‬
‫الق�ص�ص التي �أح��ب �أن �أُذَّ ك��ر‬
‫بها نف�سي و�إخ� ��واين و�أخ��وات��ي‬
‫ق�صة الزوج الذي ترك امل�سجد‬
‫�إىل �صحبة الف�ساق والفا�سقات‬
‫و� �ش��رب امل���س�ك��رات وامل �خ��درات‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪118‬‬
‫وحماولة قتل زوجته ثم االنتحار‬
‫ح�ي��ث ك��ان ال ��زوج معتادا على‬
‫ال���ص�لاة يف امل�سجد حمافظا‬
‫على �أ��س��رت��ه و�أوالده‪ ،‬ف�أحدث‬
‫ال���ش�ي�ط��ان � �ش �ق��اق � ًا ب�ي�ن��ه وبني‬
‫�إخوانه يف امل�سجد فرتكه‪ ،‬ولأن‬
‫الإن �� �س��ان م ��دين ب�ط�ب�ع��ه يحب‬
‫ال�صحبة فقد �ساق ال�شيطان له‬
‫�أ��ص��دق��اء غ�ير متدينني وه ��ؤالء‬

‫‪119‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ا�ستدرجوه �إىل املخدرات وال�سُ كر‬
‫والن�ساء‪ ،‬وعلمت زوجته وتو�سلت‬
‫�إليه‪ ،‬ونزلت العمل لت�ساعده يف‬
‫�سداد فواتري ال�سُ كر واملخدرات‬
‫كي يعود �إليها كما كان‪ ،‬فدفعه‬
‫�شيطانه �إىل �سرقة �سيارة �أبيها‬
‫ثم �سيارتها ومل يُبلغا ال�شرطة‪،‬‬
‫بل �سحبت من ت�أمني ال�ضمان‬
‫االج �ت �م��اع��ي ل�ت���س��اع��ده وتربي‬
‫الأوالد دون ج ��دوى‪ ،‬ث��م ذهب‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪120‬‬
‫لي�سرق �سيارة والده‪ ،‬فخرج يريد‬
‫�أن يُدركه ومينعه لكنه �ضرب �أباه‬
‫بجانب ال�سيارة وت��رك��ه مغ�شيا‬
‫عليه‪ ،‬فلما �أفاق �أبلغ ال�شرطة التي‬
‫بحثت عنه فوجدته مع �صحبة‬
‫من الف�ساق والفا�سقات يف �أحد‬
‫الفنادق‪ ،‬و�سُ جن �أياما ثم خرج‬
‫وقد عقد العزم على قتل زوجته‬
‫ظن ًا منه �أن�ه��ا ه��ي التي �أبلغت‬
‫عنه‪ ،‬وج��اء بامل�سد�س وال�سكني‬
‫‪121‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ليقتلها فلما خرج والدها لفتح‬
‫الباب �ضربه يف ر�أ�سه‪ ،‬ف�أغمي‬
‫عليه و�أ��ص��اب��ه �إ�صابة خطرية‪،‬‬
‫وج � ��اءت ال �� �ش��رط��ة ب �ع��د �إب�ل�اغ‬
‫اجل �ي��ران‪ ،‬وط �ل �ب��ت م �ن��ه و�ضع‬
‫ال�سالح وال�سكني ف�أبى‪ ،‬ف�أطلقت‬
‫عليه الر�صا�ص‪ ،‬يف الوقت الذي‬
‫قام فيه بو�ضع ال�سكني يف قلبه‬
‫بيده‪ ،‬وثبت �أنه قُتل بال�سكني قبل‬
‫�إ�صابته بالر�صا�ص‪ ،‬والعجيب‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪122‬‬
‫�أن ال��زوج��ة التي كنا ن�صبرّ ها‬
‫ات�صلت ت�س�أل عن حكم ال�صالة‬
‫عليه وه��ل ميكن �أن ت��راه عند‬
‫الغ�سل �أم ال؟!‬
‫‪ -5‬كن م�ستعد ًا للمواجهة‬
‫حتى النزع الأخري‪ :‬يرى ابن‬
‫القيم �أن‪�« :‬أول نزغات ال�شيطان‬
‫خَ ��طْ ��رة‪ ،‬ف��ادف�ع�ه��ا ف�ه��ي �أه ��ون‬
‫مما بعدها‪ ،‬و�إال �صارت فكرة‪،‬‬
‫‪123‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫فادفعها فهي �أهون مما بعدها‪،‬‬
‫و�إال �صارت عزما‪ ،‬فادفعه فهو‬
‫�أهون مما بعده‪ ،‬و�إال �صار هَ ّماً‪،‬‬
‫فادفعه فهو �أهون مما بعده‪ ،‬و�إال‬
‫�صار فعال‪ ،‬فادفعه فهو �أهون‬
‫مما بعده‪ ،‬و�إال �صار عادة»‪ ،‬و�أزيد‬
‫على ذلك �أن الإن�سان قد ميار�س‬
‫عادات ال�سوء �سرا‪ ،‬ف�إن مل يدفع‬
‫و�ساو�س ال�شيطان ف ��إن العادة‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪124‬‬
‫ت�صري ف�سوق ًا �أي �إعالن ًا وجماهرة‬
‫باملع�صية‪ ،‬ف�إن مل يدفعها الإن�سان‬
‫فقد يجرفه ال�شيطان �أكرث و�أكرث‬
‫ملواجهة �أ�صحاب احلق واملكارم‬
‫الأخالقية‪ ،‬ليكون من الآمرين‬
‫باملنكر والناهني عن املعروف‪،‬‬
‫واملحاربني للدعاة وامل�صلحني‪،‬‬
‫وفيما يلي ر�ؤية خمت�صرة جتمع‬
‫ب�ين م��ا ذه��ب �إل �ي��ه اب��ن القيم‬

‫‪125‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫و�إ�ضافتي املتوا�ضعة‪:‬‬
‫هم‬ ‫عزم‬ ‫فكرة‬ ‫خطرة‬

‫فعل‬ ‫عادة‬ ‫ف�سوق‬ ‫مواجهة‬


‫احلق‬

‫ال�شكل (‪« :)5‬خطوات عمل ال�شيطان»‬


‫�أم��ا اال�ستعداد للمواجهة حتى‬
‫�سكرات املوت فيمكن �إي�ضاحها‬
‫م��ن ق���ص��ة الإم � ��ام اب ��ن حنبل‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪126‬‬
‫حيث جاءه ال�شيطان يف حلظات‬
‫احت�ضاره ليبذل �آخر حماوالته يف‬
‫�إحباط عمله‪ ،‬ودخل �إليه مبدخل‬
‫ال ي�صلح �إال لهذا امل�ستوى من‬
‫كبار العلماء املجاهدين‪ ،‬فقال‬
‫له‪ :‬لقد �أفلتَّ مني يا ابن حنبل‪،‬‬
‫لكن يقظة قلبه و�صفاء نف�سه‪،‬‬
‫و�صلته بربه جعلته يتذكر �سريعا‬
‫حديث النبي ÷‪ ،‬ف�ق��ال‪« :‬ت َّب ًا‬

‫‪127‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫ل��ك‪ ،‬ما �أف�ل��تُ منك بعد! روينا‬
‫عن ر�سول اهلل ÷ �أنه قال‪� :‬إنَّ‬
‫ال�شيطانَ َي�ج��ري م��ن اب��ن �آدَمَ‬
‫مجَ ��رى ال��دم» (�صحيح البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫الأح �ك��ام‪ ،‬ب��اب ال�شهادة تكون عند احلاكم يف‬
‫والية الق�ضاء)‪ ،‬فهذا العلم نفع الإمام‬
‫�أح�م��د يف �أن يع�صم نف�سه من‬
‫نزغة �شيطانية يف حلظة ربانية‬
‫قبل �أن يلقى ربه‪ ،‬حيث �أراد �أن‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪128‬‬
‫ي�صيبه بالغرور والكرب ب�أنه �إمام‬
‫عظيم ا��س�ت�ط��اع �أن يفلت من‬
‫حبائل ال�شيطان‪ ،‬وقد روى م�سلم‬
‫ب�سنده عَ نْ عَ بْدِ اهلل بْنِ مَ �سْ عُودٍ‬
‫ر�ضي اهلل عنه‪ ،‬عَ ��نِ ال َّنبِيِّ ÷‬
‫قَالَ ‪َ « :‬ال يَدْ خُ لُ الجْ َ َّن َة مَ نْ كَانَ فيِ‬
‫َق ْل ِب ِه مِ ْثقَالُ ذَ َّر ٍة مِ نْ كِ برْ ٍ» (�صحيح‬
‫م�سلم‪ ،‬كتاب الإميان‪ ،‬باب حترمي الكرب وبيانه‪:2 ،‬‬
‫‪ ،)74‬و�إذا كان ال�شيطان مل يي�أ�س‬

‫‪129‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫حتى اللحظة الأخ�يرة من حياة‬
‫الإم��ام �أحمد فكيف بنا نحن؟!‬
‫�إننا يجب �أن نظل يف يقظة كاملة‬
‫من نزغات ال�شيطان خا�صة يف‬
‫اللحظات الأخرية من حياتنا‪.‬‬
‫ه��ذه املنهجية يف ف�ه��م ف�سوق‬
‫ال�شيطان عن �أمر اهلل وعداوته‬
‫لنا‪ ،‬ور�سالته يف ج ّر عباد اهلل �إىل‬
‫عذاب اهلل‪ ،‬و�أهدافه من الإن�سان‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪130‬‬
‫يف ن�سيان �أمر اهلل وذكره و�إلقاء‬
‫ال� �ع ��داوة ب�ي�ن��ه وب�ي�ن م��ن حوله‬
‫واحل����ض على ال� ُع��ري والف�سوق‬
‫و�إل�ق��اء احل��زن والك�آبة والي�أ�س‬
‫والإح� �ب ��اط يف ال �ن �ف��و���س‪ ،‬و�أن ��ه‬
‫يعمل بالليل والنهار‪ ،‬يف ال�صباح‬
‫وامل �� �س��اء‪ ،‬ق�ب��ل ال�ع�م��ل و�أث �ن��اءه‬
‫وبعده‪ ،‬ل�صد الإن�سان عن اخلري‬
‫والإق �ب��ال على رب��ه واال�ستعداد‬

‫‪131‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫لآخ���رت���ه‪ .‬ول �ك��ن ه���ذه ك�ل�ه��ا ال‬
‫توهن عقيدة امل�سلم الرا�سخة‬
‫يف �ضعف كيد ال�شيطان �أمام‬
‫ذك��ر الرحمن‪ ،‬وخمالفة الهوى‬
‫با�ستذكار العلم وا�ست�صحاب‬
‫ال��ذك��ر وم�صاحبة ال�صاحلني‬
‫وعمارة امل�ساجد واليقظة الدائمة‬
‫يف مواجهة هذا العدو اللعني‪ ،‬ثم‬
‫التوبة ال�صادقة ولو قبل الغرغرة‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪132‬‬
‫التي حتيل كل جهوده من الدفع‬
‫�إىل ال���س�ي�ئ��ات �إىل ج �ب��ال من‬
‫احل�سنات‪ ،‬لقوله تعاىل‪�} :‬إ اَِّل‬
‫مَن َت��ابَ َو�آ َم��نَ وَعَ مِلَ عَ َم ًال‬
‫الل‬
‫َ�صالحِ ًا َف�أُ ْو َلئ َِك ُيب َِّدلُ هَّ ُ‬
‫الل‬
‫�سَ ِّيئَا ِتهِمْ َح�سَ نَاتٍ َوكَانَ هَّ ُ‬
‫غَ فُ ور ًا َر ِّحيماً{ (الفرقان‪،)70:‬‬
‫ومل يبق �إال �أن يفر الإن�سان من‬
‫ال�شيطان �إىل رب��ه ت �ع��اىل ذي‬

‫‪133‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫اجلالل والإك��رام‪ ،‬لقوله تعاىل‪:‬‬
‫}ال�شَّ يْطَ انُ َيعِدُ كُ مُ ا ْل َفقْرَ‬
‫َو َي�أْمُرُ كُ م بِا ْلفَحْ �شَ اء وَاللهّ ُ‬
‫َيعِدُ كُ م َّم ْغفِرَ ًة ِّمنْهُ َوف َْ�ض ًال‬
‫وَاللهّ ُ وَا�سِ عٌ عَ لِيمٌ {(البقرة‪.)268 :‬‬

‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪134‬‬
‫اخلال�صة‬
‫‪ -1‬ال �� �ش �ي �ط��ان ع� ��دو متفرغ‬
‫متخ�ص�ص للحرب على الإن�سان؛‬
‫ور�سالته حمددة �أن ي�سوقنا معه‬
‫�إىل قعر النريان‪.‬‬
‫‪ -2‬يلتحم ال�شيطان م��ع الهوى‬
‫ملواجهة الفطرة والقر�آن‪ ،‬والعقل‬
‫حائر بني اال�ستجابة لنداء الرحمن‪،‬‬
‫�أو اتباع الهوى وال�شيطان‪.‬‬
‫‪135‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫‪ -3‬يريد ال�شيطان �أن يوقع العداوة‬
‫ب�ين بني الإن �� �س��ان‪ ،‬و�أن يحزن‬
‫الذين �آمنوا‪ ،‬و�أن ينت�شر العُري‬
‫والكفر والف�سوق والع�صيان يف‬
‫كل زمان ومكان‪.‬‬
‫‪ -4‬يعمل ال�شيطان �أربعا وع�شرين‬
‫�ساعة‪ ،‬حتى لو نام الإن�سان ير�سل‬
‫له الكوابي�س‪ ،‬ويلهيه عن التهجد‬
‫وال�صالة‪ ،‬وال يدع الفر�صة حتى‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪136‬‬
‫النزع الأخري للإن�سان‪.‬‬
‫‪ -5‬ي��دي��ر �إبلي�س امل�ع��رك��ة �ضد‬
‫الإن �� �س��ان ب�ك��ل �آل �ي��ات املعارك‬
‫احلربية من قائد مطاع وجنود‬
‫وعُ ��دة احل��رب وم��وق��ع النزال‪،‬‬
‫وال �ك � ِّر وال �ف �رِّ‪ ،‬والأ� �س��ر والقتل‬
‫واالج �ت �ي��اح وال�ع�ن��ف كما تنطق‬
‫بجالء ن�صو�ص القر�آن وال�سنة‪.‬‬
‫‪ -6‬لل�شيطان م��راح��ل للإغواء‬
‫‪137‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫وال�سيطرة قبل العمل بال�صرف‬
‫�أو الت�سويف‪ ،‬ف���إن عجز وب��د�أ‬
‫الإن� ��� �س ��ان يف ف �ع��ل اخل �ي�ر ك � َّر‬
‫ال�شيطان عليه ب��أن يجعله رياء‬
‫و�سمعة ‪� ،‬أو ال يتمه ‪� ،‬أو يقوم به‬
‫على غري االتباع للقر�آن وال�سنة‪،‬‬
‫ف�إن عجز عاد بعد �إنهاء العمل‬
‫ليحبطه �إما باملن االختياري �أو‬
‫اال�ضطراري‪.‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪138‬‬
‫‪ -7‬ي�أتي ال�شيطان للإن�سان من‬
‫باب }هَ لْ �أَ ُدل َُّك عَ لَى �شَ جَ رَ ِة‬
‫ْك اَّل َي ْبلَى{ (طه ‪)120 :‬‬ ‫اللْدِ َو ُمل ٍ‬
‫خْ ُ‬
‫�أي من جهة ما ي�صلحه‪ ،‬وغفلة‬
‫الإن�سان عن و�ساو�س ال�شيطان‪،‬‬
‫ون�سيان ذكر اهلل متكِّن ال�شيطان‬
‫من �أهدافه‪.‬‬
‫‪ -8‬من الو�سائل العملية الناجحة‬
‫يف ال�صراع مع ال�شيطان االنتظام‬
‫‪139‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬
‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫يف التعلم املنهجي ال الع�شوائي‪،‬‬
‫ودوام الأذك ��ار بالليل والنهار‪،‬‬
‫و��ص��وم التطوع م��ع الفري�ضة ‪،‬‬
‫و�صحبة الأب� ��رار الأط �ه��ار من‬
‫عباد اهلل الذين يذكِّرون العبد‬
‫ب��رب��ه ��س�ب�ح��ان��ه‪ ،‬واال�ستعداد‬
‫الدائم ملواجهة الو�ساو�س وهي‬
‫خطْ رة قبل �أن تكون فكرة فعزم ًا‬
‫فه َّم ًا ففع ًال فعاد ًة فف�سوق ًا ثم‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪140‬‬
‫حمارب ًة للف�ضائل‪ ،‬على �أن ي�ستمر‬
‫اال�ستعداد للحرب وال�صراع مع‬
‫ال�شيطان حتى �سكرات املوت؛‬
‫حتى نلقى اهلل على احلق املبني‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫املحتوى‬
‫تقدمي ‪3.........................‬‬
‫املقدمة ‪6.......................‬‬
‫املطلب الأول‪ :‬من �أنا؟ ‪14.......‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬عالقة ال�شيطان‬
‫باهلل ‪22.........................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬عداوة ال�شيطان‬
‫للإن�سان واحلرب عليه ‪25......‬‬
‫الصراع مع الشيطان‬
‫‪142‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬ر�سالة ال�شيطان‬
‫‪55 .............................‬‬
‫امل�ط�ل��ب اخل��ام ����س‪ :‬م ��اذا يريد‬
‫ال�شيطان من الإن�سان؟ ‪58......‬‬
‫املطلب ال�ساد�س‪ :‬و�سائل ال�شيطان‬
‫لإغواء الإن�سان ‪63..............‬‬
‫املطلب ال�سابع‪ :‬خ�ط��وات عمل‬
‫ال�شيطان ‪85....................‬‬

‫‪143‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صــالح سـلطان‬


‫المستشار الشرعي بالمجلس األعلى للشئون اإلسالمية‬
‫امل�ط�ل��ب ال �ث��ام��ن‪� :‬أوق� ��ات عمل‬
‫ال�شيطان ‪95....................‬‬
‫املطلب التا�سع‪ :‬الو�سائل العملية‬
‫لل�صراع مع ال�شيطان ‪102......‬‬
‫اخلال�صة ‪135..................‬‬
‫املحتوى ‪142....................‬‬

You might also like