Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
عندما أنزل الله عز و جل سورة الفلق و الناس على حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم كان قوله
عليمه السملم فيهمما التالي :ألم تمر آيات أنزلت الليلة لم يمر مثلهمن قمط ( قمل أعوذ برب الفلق وقمل
أعوذ برب الناس ) (صمحيح مسملم) ،حيمث إذا تفكرنما فمي قول حبيبنما محممد نجمد بأن هناك أهميمة
خاصمة لليات فمي سمورتي الفلق و الناس و يمبين هذا البحمث العجاز الهندسمي و الطمبي فمي هاتيمن
السمورتين و كيفيمة تطمبيقهم فمي حياتنما و تفوّق علم الله فمي سمورتي الفلق و الناس على معارف
البشر في زماننا هذا.
يدرك المتفكمر فمي سمورتي الفلق و الناس بأن الله عمز و جمل يكشمف فيهمما طرق تأثيمر الشيطان
على النسان ،و هذه الطرق هي كما يلي:
خنَّا ِ
س): س ال ْ َ شّرِ الْوَ ْ َ
سوا ِ من َ
.1التفكر في آية 4من سورة الناس ( ِ
يمبين هنما الله عمز و جمل بأن هناك أذى و شمر ممن وسموسة الشيطان للنسمان و نتعلم ممن هذا بأن
س) أي أن الشيطان يتحدث للنسمان طريقمة تأثيمر الشيطان على النسمان همي الوسموسة (الْوَم ْ
سوَا ِ
مثل ما يتحدث شخص لخر ،و يذكر المولى أيضا بأن الشيطان في ذات الوقت خناس أي مستتر و
خنَّا ِ
س) ،أي أن الشيطان يتخفى من النسان أي ل يشعر النسان بوجوده. متخفي (ال ْ َ
فالسؤال الن هو كيف يستطيع الشيطان أن يتحدث للنسان و في ذات الوقت ل يشعره بوجوده؟
تكمن الجابة على هذا السؤال في التفكر فيما يلي:
َ
م نْمب إِلَي ْمهِ ِ
ح نُم أقَْر ُم
ه وَن َ ْ
س ُ
س ب ِمهِ نَفْم ُ
سوِ ُ
ما تُوَم ْ ن وَنَعْل َم ُ
م َم خلَقْن َما اْلِن َم
سا َ •آيمة 16ممن سمورة ق ( َولَقَد ْ َ
س ب ِهِ
سوِ ُ ل الْوَرِيدِ) :حيث نتعلم من هذه الية الكريمة بأن لكل إنسان فينا صوت نفس (تُو َ ْ حب ْ ِ
َ
ه) و هذا الصموت همو الذي يتحدث بمه النسمان و همو فمي ذات الوقمت الصموت الذي يسممعه
س ُ
نَفْم ُ
النسان في عقله عندما يفك ّر النسان مع نفسه بهدوء (أي بدون النطق بالقول) .و من ناحية
هندسية يمكن تسجيل صوت النسان و تحليله كما هو مبين في صورة (.)1
صورة ( :)1تسجيل صوت النسان ( )aتسجيل لمدة 3ثواني ( )bتسجيل لمادة نصف ثانية.
حيث تبين صورة ( )1بأن صوت النسان يتألف من طاقة على هيئة أمواج الماء و إذا أخذنا واحدة
من هذه المواج و قمنا بتحليل المتغيرات الرئيسية التي تحدد مواصفات هذه الموجة نجد بأن من
أهم العوامل التي تميّز هذه الموجة هو الطول الموجي ( )λو الذبذبة ( )fكما هو مبين في صورة (
.)2
صورة ( :)2تحديد صفات الموجة بواسطة الطول الموجي و الذبذبة.
فالله عمز و جمل يخبرنما بأن الشيطان يتحدث إلينما و فمي ذات الوقمت ل يشعرنما بوجوده فالطريقمة
الوحيدة لكي يتح قق ذلك هو إذا قام الشيطان بمطابقة صوته من ح يث الطول الموجي و الذبذبة
لصوت نفس النسان الذي يسمعه النسان في عقله عندما يفكر مع نفسه بهدوء و بالتالي يعتقد
النسمان بأنمه يسممع صموت ممن مصمدر واحمد فمي عقله (أي نفسمه) و لكنمه فمي حقيقمة الحال فإنمه
يسممع صموتين ممن مصمدرين مختلفيمن و لكمن لن قريمن النسمان (شيطانمه) يطابمق صموته لصموت
نفمس النسمان فإن النسمان يعتقمد بأن جميمع الفكار التمي يسممعها فمي عقله همي ممن نفسمه و هذا
يوافق قول الحق بأن الشيطان هو وسواس و خنّاس في ذات الوقت.
يبين المولى هنا بأن هناك شر و أذى من نفث (أي نفخ) الشيطان في العقد ،فالسؤال الن هو عن
سك ُ َ َ
ن) م أفََل تُب ْم ِ
صُرو َ ماهيمة هذه العقمد؟ تكممن الجابمة فمي اليمة 21ممن سمورة الذاريات (وَفِمي أنفُم ِ ْ
حيمث يعظنما المولى بالتفكمر فمي خلقمه لجسمامنا فإذا قمنما بذلك نجمد بأن هذه العقمد همي العقمد
العصبية في الدماغ البشري كما هو مبين في صورة (.)3
صورة ( :)3العقد العصبية في الدماغ البشري للنسان.
حيمث أن كمل عقدة عصمبية فمي الدماغ مسمئولة عمن وظيفمة معينمة فمي الجسمم ،فهناك عقمد عصمبية
في الدماغ وظيفت ها تحفيز العضلت في الجسم و يتم هذا التحفيز عن طريق توليد اهتزازات في
هذه العقد و بعدها ينتقل سيال عصبي للعضلة المراد شدّها كما هو مبين في صورة (.)4
ه فَاتَّبَعُو ُ
ه س ظَن َّ ُ صدَّقَ عَلَيْهِ ْ
م إِبْل ِي ُ (ولَقَد ْ َ
يمكن معرفة الجابة من التفكر في الية 20من سورة سبأ َ
َ
ن) حيث نتعلم من هذه الية الكريمة أن إبليس يحاول أن يصدق كذبه و ظنه من ِي َ ن ال ْ ُ
مؤْ ِ إ ِ ّل فَرِيق ًا ِّ
م َ
يولد قريمن النسمان (شيطانمه) شعور مطابمق للفكرة التمي
على البشمر و ممن هذه الطرق همي أن ّ
وسوس بها للنسان و لتوضيح ذلك أعطي المثال التالي:
يوسوس قرين النسان (شيطانه) له بفكرة عن طريق الصوت المطابق لصوت النفس و يسمعها
النسمان فمي عقله تقول له بأنمه نجمس و غيمر نظيمف و لذلك فإن عليمك إعادة الغتسمال أو الوضوء
مرارا و تكرارا و ليصمدق إبليمس هذه الكذبمة على النسمان فإنمه يوجمه صموته (الذي همو عبارة عمن
اهتزازات) الذي يوسموس بمه للنسمان على العقمد العصمبية فمي الدماغ التمي تحفمز و تشمد العضلت
في منطقة الصدر و بالتالي تولّد ضيق في الصدر و شعور بالخوف و القلق لدى النسان مما يدفع
يولد ذلك عقدة النجاسة.
النسان إلى تصديق هذه الكذبة أكثر و أكثر ،و بالتالي ّ
الثبات العلمي:
قمد يجمد الكثيمر ممن المسملمين و غيمر المسملمين مما سمبق ممن اسمتنتاجات غريبما و يميلوا كمل الميمل
لرفضه بدون تفكر و تأمل فيمه ،و السبب في ذلك للمسلمين همو بعدهمم عن التفكر في القرآن و
عدم معرفتهممم لمراد الله فيممه و بالنسممبة لغيممر المسمملمين فإن بعدهممم عممن علم الله فممي القرآن
يدفعهم إلى هذا الرفض ،و لذلك فإن هناك حاجة إلى إثبات علمي على ما قلت.
•إثبات رقققم :1يكمممن الثبات العلمممي الول على كيفيممة تأثيممر الشيطان على النسممان مممن
َ ْ
شاء وَأن تَقُولُوا ْ عَلَى الل ّهِ َ
ما سوءِ وَالْفَ ْ
ح َ مُرك ُ ْ
م بِال ُّ التفكر في آية 169من سورة البقرة (إِن َّ َ
ما يَأ ُ
نم) ،حيمث يعلمنما المولى هنما نوعيمة الفكار التمي يوسموس بهما الشيطان للنسمان و همي ل َ تَعْل َ ُ
مو َ
أفكار السمموء (أن يؤذي النسممان نفسممه و غيره) ،الفحشاء (التصممورات البذيئة) ،و القول على
الله بممما ل يعلم النسممان (أي التشكيممك بالقيممم الدينيممة) .فإذا قارنمما هذه الفكار بنتائج دراسممة
أجريت على أشخاص يعانون من اضطراب نفسي حيث تم سؤالهم من قبل عالم نفس شهير
جدا و همو ابري لويمس ( )Aubrey Lewisعمن نوعيمة الفكار التمي تتسمبب لهمم بالضيمق و اللم
النفسي فكان الجواب هو أنهم يشتكون من الفكار التالية:
•إثبات رقم :2التجر بة العلميمة الثانيمة التمي تثبمت الل ية التي يؤ ثر بها الشيطان على النسان
تكمن في التجربة التي قام بعض الطباء باستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي لدراسة
نشاط الدماغ البشري عنمد الناس الذيمن يطلق عليهمم مرضمى نفسميين ،حيمث قام هؤلء بوضمع
شخص يطلق عليه مريض نفسي في جهاز و شخص يطلق عليه سليم في جهاز آخر و راقبوا
النشاط الكهربائي لدماغيهما في هدوء تام كما هو مبين في صورة (.)6
صورة ( :)6مشاهدة النشاط الكهربائي للدماغ البشري باستخدام جهاز الرنين المغناطيسي.
و كان الملحمظ فمي هذه التجارب أن دماغ الذيمن يطلق عليهمم مرضمى نفسميي يتصمرف و كأن
الشخص يسمع صوت في عقله و هذا يظهمر في أن مرا كز السمع في الدماغ تعممل في حين
أن هناك هدوء تام فمي الغرفمة و لكمن بالرغمم ممن ذلك فإن دماغ ذلك الشخمص يتصمرف و كأنمه
يسمع صوت في عقله.
و التفسير الوحيد لهذه النتائج هو تعليم الله عز و جل لنا في القرآن الكريم بأن قرين النسان
(شيطانه) يوسوس للنسان بصوته و ي ُسمع الشيطان النسان أفكار في عقله و كأنه يفكر مع
نفسه بها و تمثل نتائج التجربة المبينة أعله إثبات علمي على هذا المر.
هذا العلم الذي عرض في هذه المقالة و التي تم تعلمه من القرآن هو تصديق لقول الحق في آية
مي ن إَلَّ َ
ن وَل َ يَزِيد ُ الظ ّال ِ ِ َم ة ل ِّل ْ ُ
مؤْ ِ
من ِي َم م ٌ
ح َ
شفَاء وََر ْ
ما هُوَ ِ ن ال ْ ُقْرآ ِم
ن َم م َم 82ممن سمورة السمراء (وَنُنَّزِ ُ
ل ِ
ساًرا) ممع العلم بأن الظالم ليمس بالضرورة أن يكون كافرا بالله فالمسملم يمكمن أن يكون ظالمما
خ َم
َ
و ذلك بظلمه لنفسه لعدم تفكره بكتاب الله و هجره لله و كتابه.