You are on page 1of 9

‫الغزوة الولى‪ :‬غزوة اليواء في السنة الولى للهجرة ‪ ،‬اعترض فيها ونهب‬

‫عيرا لقريش (سيرة الرسول ص ‪ 85‬لشيخ السلم المام‪ /‬محمد عبد‬


‫الوهاب)‬
‫الغزوة الثانية‪ :‬غزوة بواط سطى على قافلة مكية بقيادة أمية بن خلف‬
‫الغزوة الثالثة‪ :‬غزوة العشيرة استلب اموال وجمال قافلة كانت منطلقة من‬
‫مكة الى الشام وقتل فيها خمسة من القرشيين‬
‫الغزوة الرابعة‪ :‬غزوة نخلة كانت برئاسة نائبه عبد الله بن جحش حيث‬
‫أرسله مع اثني عشر مقاتل الى نخلة بين مكة والطائف فمرت بهم عير‬
‫قريش تحمل زبيبا وأقمشة والعديد من البضائع ‪ ،‬كانت القافلة بقيادة عمرو‬
‫بن الحضرمي الذي قتل برغم ان ذلك كان في الشهر الحرم ‪ ،‬ولذلك بعد‬
‫ان كان القتال فيها محرم ‪ ،‬أنزل محمد (يسألونك عن الشهر الحرام قتال‬
‫فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله ‪ 217 -‬البقرة) واستولى فيها‬
‫على كل الموال والجمال والبضائع ‪ ،‬اقتسمها بالخمس له والخمسين لكل‬
‫من النصار والمهاجرين‬

‫بهذه الغزوات الربع استطاع محمد الستعداد بالمال والسلح وحشد النصار‬
‫‪:‬والمهاجرين لتنفيذ ضربته الكبرى‬

‫الغزوة الخامسة‪ :‬سرقة قافلة أبا سفيان ‪ -‬بدر الكبرى ‪ -‬يوم الفرقان بلغ‬
‫محمدا في رمضان الول للهجرة أن عيرا كثيرة محملة بالبضائع عائدة من‬
‫الشام الى مكة مع أبي سفيان ‪ ،‬وكان أبا سفيان من أغنى أغنياء مكة‬
‫وأسيادها ‪ ،‬فخرج محمدا مع ثلثمائة رجل مسلح لملقاته ‪ ،‬فبلغ المر أبا‬
‫سفيان فأرسل الى مكة والى سادتها أن يهبوا لنجدة أموالهم‬
‫كان محمدا قد حشد النصار بقيادة سعد بن معاذ ‪ ،‬وقال المقداد بن السود‬
‫لمحمد‪ :‬لنا من الغنيمة كما للمهاجرين ولك الخمس ‪ ،‬امض بنا ( ول نقول‬
‫كما قال قوم موسى‪ :‬اذهب انت وربك فقاتل انا ههنا قاعدون ‪24 -‬‬
‫المائدة ) وأصبح ماقالة المقداد قرآ نا (!) ‪ ،‬لقد فرح محمد بأتفاق النصار‬
‫والمهاجرين وقال" سيروا وأبشروا فإن الله وعدني احدى الطائفتين واني‬
‫قد رأيت مصاريع قوم" ‪ ،‬وجاء جبريل كعادته باليات في الوقت المناسب‪( :‬‬
‫سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فأضربوا فوق العناق واضربوا منهم‬
‫فاست َجاب لَك ُ َ‬
‫مدُّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ِ‬
‫م أنِّي ُ‬
‫ْ‬ ‫م َ ْ َ َ‬ ‫ن َربَّك ُ ْ‬
‫غيثُو َ‬ ‫كل بنان ‪ 12 -‬النفال) و ( إِذْ ت َ ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫َ‬
‫ن ‪9 -‬النفال) ‪ -‬لقد حاولت قريش أن تعود الى مكة‬ ‫في َ‬
‫مْرِد ِ‬ ‫مَلئِك َ ِ‬
‫ة ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫بِأل ْ ٍ‬
‫ف ِ‬
‫ولم يهن عليهم قتال أخوتهم وأقاربهم وقومهم ‪ ،‬لقد صاح عامر بن‬
‫الحضرمي أخو عمر الحضرمي الذي أصبح من جماعة محمد‪" :‬واعمراه ‪ ..‬وا‬
‫أخاه" ال ان محمدا أمر بقتل الخ لخيه ‪ ،‬ونشبت معركة بدر ‪ ...‬مات فيها‬
‫أكثر من ‪ 400‬من أهل مكة ‪ ،‬مات فيها أبا الحكم (أبوجهل عم محمد الذي‬
‫كان قد رفض قتل محمد وقال‪" :‬كيف أقتل ابن أخي عبد الله؟ اللهم اوصلنا‬
‫للرحم") ‪ ،‬وحث أنه عندما بردت الحرب قال محمد‪ :‬من ينظر لنا ماصنع‬
‫أبوجهل؟ فأنطلق ابن مسعود فوجده جريحا وقد ضربه مسعود وعوف بن‬
‫عفراء ‪ ،‬فأخذ بلحيته وقال له‪ :‬لمن الدائرة اليوم؟ فلم يرد ‪ ،‬فنخزه ابن‬
‫مسعود بسيفه فقال ابو الحكم‪ :‬وهل يهزم رجل قتله قومه؟ فاجتز رأسه‬
‫عبد الله بن مسعود (قطع رأسه وهو جريح) فلما بلغ محمد أمره قال لبن‬
‫مسعود أرني أياه ‪ ،‬فلما رآه بصق عليه وقال‪" :‬هذا فرعون هذه المة" ‪. . .‬‬
‫ثم ارتحل ومعه الغنائم والسرى فلما كان بالصفراء قسم الغنائم بينه وبين‬
‫من معه‬
‫ال أن محمدا وحين وصوله للمدينة أمر بجمع الغنائم فجمعت فقال من‬
‫جمعها هي لنا وقال من هزم أهل قريش؟ لولنا ماكانت هناك غنائم ‪..‬‬
‫وأنزل ( ويسألونك عن النفال قل النفال لله والرسول ‪ 11 -‬النفال )‬
‫وبذلك استولى محمد على كل الغنائم ! ‪ ..‬كان محمد يتسلى بقتل السرى‬
‫فضرب عنق السير النضر بن الحارث في أول طريق عودته للمدينة ‪ ،‬ثم‬
‫حين أشرف عليها ضرب عنق عقبة ابن أبي المعيط‬

‫أسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف وابنه عليا ورآهم بلل ‪ ،‬وكان بلل‬
‫عبدا لهم قبل اسلمه ‪ ،‬وعندما أسلم عذبه امية ولكن لم يقتله ‪ ،‬ال ان بلل‬
‫أصرعلى ذبح السيرين بسيفه برغم استنجادهما بعبد الرحمن بن عوف‬

‫لقد انتقد سعد بن معاذ التنكيل بالسرى وقتلهم ‪ ،‬فقال له محمد‪" :‬كأنك‬
‫تكره مايصنع الناس؟" فقال أجل ‪ ،‬قتل السرى ليس من عادات العرب ‪،‬‬
‫فقال له محمد‪ :‬هؤلء كفار ‪ ،‬فقال له سعد‪ :‬من الممكن أن يكونوا مسلمين‬
‫لو تكلمنا معهم بالحسنى وقال كلمته المشهورة‪" :‬كأن الثخان في القتل‬
‫أحب اليك من استبقاء الرجال" ! ! ‪ . .‬كان هناك أكثر من سبعين اسيرا لهم‬
‫قصة اخرى‬

‫كان ابا بكر يرى أن يطلق سراحهم لعلهم يؤمنون بالسلم‪ ،‬ولكن محمد‬
‫عاجله بالية‪( :‬ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الرض ‪67 -‬‬
‫النفال) فصار محمد يساوم أهل قريش على فدية كل أسير حتى باع أهل‬
‫قريش متاعهم وبيوتهم ليدفعوا لمحمد فدية أبنائهم ‪ -‬انظر المختصر من‬
‫السيرة النبوية للشيخ المام ‪ /‬محمد عبد الوهاب ص ‪91‬و‪ - 92‬نفس‬
‫التفاصيل في تاريخ الطبري وسيرة ابن هشام‬

‫‪-----------------------------------‬‬

‫‪http://www.islamprophet.ws/index.php?pg=des&t=m&id=200‬‬ ‫غزوة بني ُ‬


‫قريظة‬

‫غزوة بني ُ‬
‫قريظة‬
‫وفي اليوم الذي رجع فيه رسول الله إلى المدينة(‪ ،)1‬جاءه جبريل عند‬
‫الظهر‪ ،‬وهو يغتسل في بيت أم سلمة‪ ،‬فقال‪ :‬أو قد وضعت السلح؟ فإن‬
‫الملئكة لم تضع أسلحتهم‪ ،‬وما رجعت الن إل من طلب القوم‪ ،‬فانهض بمن‬
‫معك إلى بني قريظة‪ ،‬فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم‪ ،‬وأقذف في‬
‫‪.‬قلوبهم الرعب‪ ،‬فسار جبريل في موكبه من الملئكة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬مؤذنا ً فأذن في الناس‪ :‬من كان‬ ‫سل ّ َ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫وأمر رسول الله‪َ -‬‬
‫ن العصر إل ببني قريظة‪ ،‬واستعمل على المدينة ابن‬ ‫ّ‬
‫صلِي َّ‬ ‫سامعا ً مطيعا ً فل ي َ‬
‫أم مكتوم‪ ،‬وأعطي الراية علي بن أبي طالب‪ ،‬وقدّمه إلى بني قريظة‪ ،‬فسار‬
‫َ‬
‫صل ّى‬‫دنا من حصونهم سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله‪َ -‬‬ ‫علي حتى إذا‬
‫َّ‬
‫م‬
‫هو َ َ‬
‫سل‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬‫‪-.‬الل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه من المهاجرين‬ ‫سل ّ َ‬
‫م‪-‬في موكب ِ ِ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫ه‪َ -‬‬‫ل الل ِ‬ ‫سو ُ‬‫ج َر ُ‬ ‫خَر َ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫والنصار‪،‬حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها‪ :‬بئر أن ّا‪ .‬وبادر‬
‫المسلمون إلى امتثال أمره‪ ،‬ونهضوا من فورهم‪ ،‬وتحركوا نحو قريظة‪،‬‬
‫وأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم‪ :‬ل نصليها إل في بني قريظة‬
‫كما أمرنا‪ ،‬حتى إن رجال ً منهم صلوا العصر بعد العشاء الخرة‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم‪ :‬لم يرد منا ذلك‪ ،‬وإنما أراد سرعة الخروج‪ ،‬فصلوها في الطريق‪،‬‬
‫‪.‬فلم يعنف واحدة من الطائفتين‬

‫هكذا تحرك الجيش َالسلمي نحو بني قريظة أرسال ً حتى تلحقوا بالنَّب ِ ّ‬
‫ي‪-‬‬
‫َ‬
‫م‪،-‬وهم ثلثة آلف‪ ،‬والخيل ثلثون فرساً‪ ،‬فنازلوا‬
‫سل ّ َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬حصون بني قريظة‪ ،‬وفرضوا عليهم الحصار‬

‫ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلث خصال‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬في دينه‪ ،‬فيأمنوا‬ ‫سل ّ َ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد‪َ -‬‬
‫على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم‪-‬وقد قال لهم‪ :‬والله‪ ،‬لقد تبين‬
‫ل‪ ،‬وأنه الذي تجدونه في كتابكم‪-‬وإما أن يقتلوا ذراريهم‬ ‫س ٍ‬ ‫مْر َ‬
‫ي ُ‬‫لكم أنه لنَب ٍ ّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬بالسيوف‬ ‫سل َ‬ ‫هو َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ي‪َ -‬‬‫ونساءهم بأيديهم‪ ،‬ويخرجوا إلى الن ّب ِ ّ‬
‫صل ِتِين‪ ،‬يناجزونه حتى يظفروا بهم‪ ،‬أو يقتلوا عن آخرهم‪ ،‬وإما أن يهجموا‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫م‪-‬وأصحابه‪ ،‬ويكبسوهم يوم السبت؛‬ ‫سل َ‬ ‫هو َ‬ ‫علي ْ ِ‬‫ه َ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ه‪َ -‬‬‫ل الل ِ‬ ‫على رسو ِ‬
‫لنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه‪ ،‬فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه‬
‫الخصال الثلث‪ ،‬وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد‪-‬في انزعاج وغضب‪ :‬ما‬
‫‪.‬بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً‬

‫ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلث إل أن ينزلوا على حكم رسول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ ،-‬ولكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫الله ‪َ -‬‬
‫المسلمين‪ ،‬لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه‪ ،‬فبعثوا إلى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬أن أرسل إلينا أبا لُبَابة نستشيره‪ ،‬وكان‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه‪َ -‬‬
‫ل الل ِ‬ ‫رسو ِ‬
‫حليفا ً لهم‪ ،‬وكانت أمواله وولده في منطقتهم‪ ،‬فلما رأوه قام إليه الرجال‪،‬‬
‫فَرقَّ لهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬يا أبا لبابة‪،‬‬ ‫ش النساء والصبيان يبكون في وجهه‪َ ،‬‬ ‫ه َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬
‫أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال‪ :‬نعم؛ وأشار بيده إلى حلقه‪ ،‬يقول‪ :‬إنه‬
‫الذبح‪ ،‬ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضى على وجهه‪ ،‬ولم يرجع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ -‬حتى أتى المسجد النبوي بالمدينة‪،‬‬
‫َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫ه‪َ -‬‬‫ل الل ِ‬ ‫إلى رسو ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صلى الل‬ ‫ّ‬ ‫فربط نفسه بسارية المسجد‪ ،‬وحلف أل يحله إل رسول الله‪َ -‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫صل ّى‬ ‫َ‬ ‫الله‪-‬‬ ‫رسول‬ ‫م‪-‬بيده‪ ،‬وأنه ل يدخل أرض بني قريظة أبداً‪.‬فلما بلغ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬خبره‪-‬وكان قد استبطأه‪-‬قال‪(:‬أما إنه لو جاءني لستغفرت‬ ‫سل َ‬ ‫هو َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ُ‬
‫له‪ ،‬أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله‬
‫‪(.‬عليه)(‪2‬‬
‫وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة النزول على حكم رسول الله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ ،-‬ولقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار‬ ‫سل ّ َ‬
‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫‪َ -‬‬
‫الطويل؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والبار ومناعة الحصون؛ ولن‬
‫المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء‪ ،‬مع‬
‫شدة التعب الذي اعتراهم؛ لمواصلة العمال الحربية من قبل بداية معركة‬
‫الحزاب‪ ،‬إل أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب‪ ،‬فقد قذف الله في قلوبهم‬
‫الرعب‪ ،‬وأخذت معنوياتهم تنهار‪ ،‬وبلغ هذا النهيار إلى نهايته بعد أن تقدم‬
‫علي بن أبي طالب والزبير بن العوام‪ ،‬وصاح علي‪ :‬يا كتيبة اليمان‪،‬والله‬
‫‪(.‬لذوقن ما ذاق حمزة أو لفتحن حصنهم(‪3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪،-‬وأمر‬‫سل ّ َ‬
‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه‪َ -‬‬
‫ل الل ِ‬ ‫حكْم ِ َر ُ‬
‫سو ِ‬ ‫وحينئذ بادروا إلى النزول على ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ -‬باعتقال الرجال‪ ،‬فوضعت القيود في‬ ‫سل ّ َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫رسول الله ‪َ -‬‬
‫أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة النصاري‪ ،‬وجعلت النساء والذراري‬
‫َ‬
‫صل ّى الل ُ‬
‫ه‬ ‫بمعزل عن الرجال في ناحية‪ ،‬وقامت الوس إلى رسول الله ‪َ -‬‬
‫َ‬
‫م‪ -‬فقالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت‪،‬‬‫سل ّ َ‬
‫هو َ‬‫علَي ْ ِ‬
‫َ‬
‫وهم حلفاء إخواننا الخزرج‪ ،‬وهؤلء موالينا‪ ،‬فأحسن فيهم‪ ،‬فقال‪( :‬أل‬
‫ن‬‫د ِ‬
‫ب‬ ‫ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟) قالوا‪:‬بلى‪.‬قال‪(:‬فذاك إلى سع ِ‬
‫عاٍذ)(‪.)4‬قالوا‪ :‬قد رضينا‬‫م َ‬ ‫‪َ .‬‬
‫عاذ‪ ،‬وكان في المدينة لم يخرج معهم للجرح الذي‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬
‫دب ِ‬ ‫فأرسل إلى سع ِ‬
‫حلَه في معركة الحزاب‪ .‬فأُركب حماراً‪ ،‬وجاء إلى رسول‬ ‫كان قد أصاب أك ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪ :‬يا سعد‪ ،‬أجمل‬ ‫َ‬
‫م‪ ،-‬فجعلوا يقولون‪ ،‬وهم كن َ َ‬
‫في ْ ِ‬ ‫سل َ‬ ‫هو َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫الله ‪َ -‬‬
‫في مواليك‪ ،‬فأحسن فيهم‪ ،‬فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم‪ ،‬وهو‬
‫ساكت ل يرجع إليهم شيئاً‪ ،‬فلما أكثروا عليه قال‪ :‬لقد آن لسعد أل تأخذه‬
‫في الله لومة لئم‪ ،‬فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى‬
‫‪.‬إليهم القوم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬قال للصحابة‪( :‬قوموا إلى‬ ‫سل ّ َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫ي‪َ -‬‬‫ولما انتهى سعد إلى النَّب ّ‬
‫سيدكم)(‪ ،)5‬فلما أنزلوه قالوا‪ :‬يا سعد‪ ،‬إن هؤلء قد نزلوا على حكمك‪ .‬قال‪:‬‬
‫وحكمي نافذ عليهم؟ قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وعلى المسلمين؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َ‬
‫صل ّى الل ُ‬
‫ه‬ ‫من هاهنا؟ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله ‪َ -‬‬ ‫َّ‬
‫وعلى‬
‫ما‪ .‬قال‪( :‬نعم‪ ،‬وعلي)‪ .‬قال‪ :‬فإني أحكم فيهم‬ ‫م‪ -‬إجلل له وتعظي ً‬ ‫ً‬ ‫سل َ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫صلى‬ ‫َ‬ ‫الله‪-‬‬ ‫رسول‬ ‫فقال‬ ‫الموال‪،‬‬ ‫وتقسم‬ ‫الذرية‪،‬‬ ‫وتسبي‬ ‫الرجال‪،‬‬ ‫يقتل‬ ‫أن‬
‫َ‬
‫م‪( :-‬لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات)(‪6‬‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫ه َ‬‫‪(.‬الل ُ‬
‫وكان حكم سعد في غاية العدل والنصاف‪ ،‬فإن بني قريظة‪ ،‬بالضافة إلى‬
‫ما ارتكبوا من الغدر الشنيع‪ ،‬كانوا قد جمعوا لبادة المسلمين ألفاً‬
‫وخمسمائة سيف‪ ،‬وألفين من الرماح‪ ،‬وثلثمائة درع‪ ،‬وخمسمائة ترس‪،‬‬
‫فة‪ ،‬حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم‬ ‫ج َ‬
‫ح َ‬
‫‪.‬و َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬فحبست بنو قريظة في دار بنت‬ ‫سل ّ َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫وأمر رسول الله‪َ -‬‬
‫الحارث امرأة من بني النجار‪ ،‬وحفرت لهم خنادق في سوق المدينة‪ ،‬ثم أمر‬
‫بهم‪ ،‬فجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسال ً أرسالً‪ ،‬وتضرب في تلك الخنادق‬
‫أعناقهم‪ .‬فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد‪ :‬ما تراه‬
‫يصنع بنا؟ فقال‪ :‬أفي كل موطن ل تعقلون؟ أما ترون الداعي ل ينزع؟‬
‫والذاهب منكم ل يرجع؟ هو والله القتل ‪-‬وكانوا ما بين الستمائة إلى‬
‫‪.‬السبعمائة‪ ،‬فضربت أعناقهم‬

‫وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة‪ ،‬الذين كانوا قد نقضوا الميثاق‬


‫المؤكد‪ ،‬وعاونوا الحزاب على إبادة المسلمين في أحرج ساعة كانوا يمرون‬
‫بها في حياتهم‪ ،‬وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمي الحروب‬
‫‪.‬الذين يستحقون المحاكمة والعدام‬

‫وقتل مع هؤلء شيطان بني النضير‪ ،‬وأحد أكابر مجرمي معركة الحزاب‬
‫حيي بن أخطب والد صفية أم المؤمنين‪-‬رضي الله عنها‪-‬كان قد دخل مع‬
‫بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان؛ وفاءً لكعب بن‬
‫أسد بما كان عاهده عليه حينما جاء يثيره على الغدر والخيانة أيام غزوة‬
‫َ‬
‫حل ّة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئل‬ ‫الحزاب‪ ،‬فلما أتى به ‪-‬وعليه ُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ه‬
‫ْ ِ‬ ‫ي‬ ‫عل‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ى‬ ‫صل‬
‫َ‬ ‫‪-‬‬ ‫الله‬ ‫لرسول‬ ‫قال‬ ‫بحبل‪،‬‬ ‫عنقه‬ ‫سلَبَها‪-‬مجموعة يداه إلى‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫غلب‪.‬‬ ‫م‪ :-‬أما والله ما لمت نفسي في معاداتك‪ ،‬ولكن من يُغالب الله ي ُ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬
‫مة كتبها الله على‬ ‫ح‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ‬ ‫مل‬‫و‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫كتاب‬ ‫الله‪،‬‬ ‫بأمر‬ ‫بأس‬ ‫ل‬ ‫الناس‪،‬‬ ‫أيها‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ثم‬
‫‪.‬بني إسرائيل‪ ،‬ثم جلس‪ ،‬فضربت عنقه‬
‫وقتل من نسائهم امرأة واحدة كانت قد طرحت الرحى على َ َ‬
‫ويْد‬ ‫خل ّد بن ُ‬
‫س َ‬
‫‪.‬فقتلته‪ ،‬فقتلت لجل ذلك‬

‫ت‪ ،‬وترك من لم ينبت‪ ،‬فكان ممن لم‬‫وكان قد أمر رسول الله بقتل من أنْب َ َ‬
‫قَرظِي‪ ،‬فترك حيا ً فأسلم‪ ،‬وله صحبة‬ ‫‪.‬ينبت عطية ال ُ‬

‫واستوهب ثابت بن قيس‪ ،‬الزبير بن باطا وأهله وماله ‪-‬وكانت للزبير يد عند‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ ،-‬فقال له ثابت بن‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬
‫َّ‬
‫علَي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫ُ‬ ‫صل ّى الل‬
‫ثابت‪ -‬فوهبهم له رسول الله ‪َ َ -‬‬
‫م‪ -‬إلي‪ ،‬ووهب لي مالك‬ ‫َ َ‬ ‫سل‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ْ ِ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫عل‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ى‬ ‫صل ّ‬
‫قيس‪ :‬قد وهبك رسول الله ‪َ -‬‬
‫وأهلك فهم لك‪ .‬فقال الزبير بعد أن علم بمقتل قومه‪ :‬سألتك بيدي عندك يا‬
‫ثابت إل ألحقتني بالحبة‪ ،‬فضرب عنقه‪ ،‬وألحقه بالحبة من اليهود‪ ،‬واستحيا‬
‫‪.‬ثابت من ولد الزبير بن باطا عبد الرحمن بن الزبير‪ ،‬فأسلم وله صحبة‬

‫واستوهبت أم المنذر سلمى بنت قيس النجارية رفاعة بن سموأل القرظي‪،‬‬


‫‪.‬فوهبه لها فاستحيته‪ ،‬فأسلم وله صحبة‬

‫وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول‪ ،‬فحقنوا دماءهم وأموالهم‬
‫‪.‬وذراريهم‬

‫وخرج تلك الليلة عمرو بن سعدي‪-‬وكان رجل ً لم يدخل مع بني قريظة في‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬فرآه محمد بن مسلمة قائد‬ ‫سل ّ َ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫غدرهم برسول الله َ‬
‫‪.‬الحرس النبوي‪ ،‬فخلى سبيله حين عرفه‪ ،‬فلم يعلم أين ذهب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬أموال بني قريظة بعد أن أخرج‬ ‫سل ّ َ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫وقسم رسول الله‪َ -‬‬
‫منها الخمس‪ ،‬فأسهم للفارس ثلثة أسهم؛ سهمان للفرس وسهم للفارس‪،‬‬
‫وأسهم للراجل سهما ً واحداً‪ ،‬وبعث من السبايا إلى نجد تحت إشراف سعد‬
‫‪.‬بن زيد النصاري فابتاع بها خيل ً وسلحاً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حانة بنت‬
‫م‪ -‬لنفسه من نسائهم َري ْ َ‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫واصطفى رسول الله‪َ -‬‬
‫خنَافة‪ ،‬فكانت عنده حتى توفي عنها وهي في ملكه‪ ،‬هذا ما قاله‬ ‫عمرو بن ُ‬
‫‪(.‬ابن إسحاق(‪7‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪-‬أعتقها‪ ،‬وتزوجها سنة ‪ 6‬هـ‪،‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫وقــال الكلبي‪ :‬إنه‪َ -‬‬
‫‪(.‬وماتت مرجعـه مـن حجة الـوداع‪ ،‬فدفنها بالبقيـع ‪8‬‬
‫(‬

‫ولما تم أمر قريظة أجيبت دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‪ -‬قد‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫ي‪َ -‬‬ ‫التي قدمنا ذكرها في غزوة الحزاب‪-‬وكان النَّب ّ‬
‫ضرب له خيمة في المسجد ليعوده من قريب‪ ،‬فلما تم أمر قريظة انتقضت‬
‫م‪-‬وفي المسجد خيمة‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬ ‫ه فلم يَُر ْ‬ ‫جراحته‪ .‬قالت عائشة‪ :‬فانفجرت من لَبَّت ِ ِ‬
‫من بني غفار‪ -‬إل والدم يسيل إليهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أهل الخيمة‪ ،‬ما هذا الذي‬
‫‪.‬يأتينا من قبلكم‪ ،‬فإذا سعد يغذو جرحه دماً‪ ،‬فمات منها‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ -‬قال‪( :‬اهتز‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫وفي الصحيحين عن جابر أن رسول الله‪َ -‬‬
‫عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ(‪ .}9‬وصحح الترمذي من حديث أنس قال‪:‬‬
‫لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون‪ :‬ما أخف جنازته‪ ،‬فقال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪( :-‬إن الملئكة كانت تحمله(‪10‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫‪}.‬رسول الله ‪َ -‬‬
‫ويْد‬
‫س َ‬
‫قتل في حصار بني قريظة رجل واحد من المسلمين‪ ،‬وهو خلد بن ُ‬
‫سنان بن‬ ‫الذي طرحت عليه الرحى امرأة من قريظة‪ .‬ومات في الحصار أبو ِ‬
‫شة‬‫عكَّا َ‬
‫صن أخو ُ‬
‫ح َ‬
‫م ْ‬
‫‪ِ .‬‬
‫وأما أبو لُبابة‪ ،‬فأقام مرتبطا ً بالجذع ست ليال‪ ،‬تأتيه امرأته في وقت كل‬
‫صلة فتحله للصلة‪ ،‬ثم يعود فيرتبط بالجذع‪ ،‬ثم نزلت توبته على رسول الله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حًرا وهو في بيت أم سلمة‪ ،‬فقامت على باب‬ ‫س َ‬
‫م‪َ -‬‬ ‫سل ّ َ‬‫هو َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬ ‫– َ‬
‫حجرتها‪ ،‬وقالت‪ :‬يا أبا لبابة‪ ،‬أبشر فقد تاب الله عليك‪ ،‬فثار الناس ليطلقوه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪ ،-‬فلما مر النَّب ّ‬
‫ي‬ ‫سل ّ َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫هو َ‬ ‫صل ّى الل ُ‬
‫ه َ‬ ‫فأبي أن يطلقه أحد َإل رسول الله‪َ -‬‬ ‫َ‬
‫م‪ -‬خارجا ً إلى صلة الصبح أطلقه‬ ‫سل ّ َ‬ ‫هو َ‬‫علَي ْ ِ‬‫ه َ‬‫صل ّى الل ُ‬ ‫‪َ -.‬‬
‫وقعت هــذه الغــزوة فـي ذي القعدة سنـة ‪ 5‬هـ‪ ،‬ودام الحصار خمساً‬
‫‪(.‬وعشريـن ليلة(‪11‬‬

‫وأنزل الله ‪-‬تعالى‪ -‬في غزوة الحزاب وبني قريظة آيات من سورة‬
‫الحزاب‪ ،‬ذكر فيها أهم جزئيات الوقعة‪ ،‬وبين حال المؤمنين والمنافقين‪ ،‬ثم‬
‫تخذيل الحزاب‪ ،‬ونتائج الغدر من أهل الكتاب‪ .‬راجع "الرحيق المختوم" ص‬
‫‪292 -288.‬‬

‫الفوائد من غزوة بني قريظة‬

‫قال ابن كثير‪ :‬لنهم لما مالوا المشركين على حرب النَّب ّ‬
‫ي ‪-‬صلى الله ‪1.‬‬
‫عليه وسلم‪ -‬وليس من يعلم كمن ل يعلم‪ ،‬وأخافوا المسلمين‪ ،‬وراموا قتلهم‬
‫ليعزوا في الدنيا‪ ،‬فانعكس عليهم الحال‪ ،‬وانقلب إليهم القتال‪ ،‬لما انشمر‬
‫المشركون وراحوا بصفقة المغبون‪ ،‬فكما راموا العز ذلوا وأرادوا استئصال‬
‫المسلمين فاستؤصلوا‪ ،‬ولهذا قال الله ‪-‬تعالى‪{ :-‬فريقا ً تقتلون وتأسرون‬
‫‪.‬فريقاً}الحزاب‪ 26 :‬يعني‪ :‬قتل الرجال المقاتلة وسبي الذراري والنساء‬

‫ت على الن َّب ّ‬


‫ي ‪-‬صلى الله‬ ‫عرض ُ‬
‫روى المام أحمد عن عطية القرظي قال‪ُ :‬‬
‫ي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أن ينظروا‬ ‫عليه وسلم‪ -‬يوم قريظة فأمر بي النَّب ّ‬
‫هل أنبت بعد؟ فنظروني فلم يجدوني أنبت‪ ،‬فخلى عني‪ ،‬وألحقني بالسبي‪،‬‬
‫(وكذا رواه أهل السنن كلهم‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪12(.‬‬

‫قال القاسمي‪ :‬وبتمام تلك الغزوة أراح الله المسلمين من شر مجاورة ‪2.‬‬
‫اليهود الذين تعودوا الغدر والخيانة‪ ،‬ولم يبق إل بقية من كبارهم بخيبر مع‬
‫(أهلها‪ ،‬وهم الذي كانوا السبب في إثارة الحزاب‪13(.‬‬

‫قال بعض العلماء‪ :‬يا لله! ما أسوأ عاقبة الطيش! فقد تكون المة مرتاحة ‪3.‬‬
‫البال هادئة الخواطر‪ ،‬حتى تقوم جماعة من رؤسائها بعمل غدر يظنون من‬
‫ورائه النجاح فيجلب عليهم الشرور ويشتتهم من ديارهم‪ ،‬وهذا ما حصل‬
‫لليهود‪ ،‬لم يوفوا بتلك العهود حسدا ً منهم وبغياً‪ ،‬فتم عليهم ما تم‪ ،‬فإن الله‬
‫ء قديراً}الحزاب‪ 27 :‬أي وقد‬ ‫ل يصلح أعمالهم {وكان الله على ك ِّ‬
‫ل شي ٍ‬
‫شاهدتم بعض مقدارته‪ ،‬فاعتبروا بغيرها‪ .‬راجع "وقفات تربوية من السيرة‬
‫‪(.‬النبوية" ص (‪261-260‬‬

‫بيان وبال عاقبة الغدر والخيانة وأنه عائد على صاحبهما‪ ،‬وفي القرآن ‪4.‬‬
‫الكريم‪{ :‬فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}الفتح‪{ 10 :‬ول يحيق المكر‬
‫‪.‬السيئ إل بأهله}فاطر‪43 :‬‬
‫بيان فضل الله على أبي لبابة في قبول توبته‪ ،‬وفضل أبي لبابة في ‪5.‬‬
‫‪.‬صدق لجئه إلى ربه تعالى‬

‫تجليات الكرم والحلم والحزم المحمدي في غزوة بني قريظة يرى ذلك ‪6.‬‬
‫كل من استعرض أحداث هذه الغزوة‪ .‬راجع "هذا الحبيب محمد ‪-‬صلى الله‬
‫‪(.‬عليه وسلم‪ -‬يا محب" (ص‪323‬‬

‫ي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مؤذنا ً فأذن في الناس‪( :‬ل يصلين أح ٌ‬


‫د ‪7.‬‬ ‫أمر النَّب ّ‬
‫ي من‬ ‫العصر إل في بني قريظة) البخاري‪ ،‬كتاب المغازي‪ ،‬باب مرجع النَّب ّ‬
‫الحزاب ومخرجه إلى بين قريظة رقم (‪ .)4119‬فغربت الشمس قبل أن‬
‫يأتوهم‪ ،‬فقالت طائفة من المسلمين‪ :‬إن رسول الله لم يرد أن تدعوا‬
‫الصلة فصلّوا‪ ..‬وقالت طائفة‪ :‬والله إنا لفي عزيمة رسول الله وما علينا‬
‫من إثم‪ ،‬فصلت طائفة إيمانا ً واحتساباً‪ ،‬وتركت طائفة إيمانا ً واحتساباً‪ ،‬ولم‬
‫يعنف رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أحدا ً من الفريقين‪ .‬قال اللباني‪:‬‬
‫حديث صحيح‪ ،‬رواه البيهقي في "دلئل النبوة" من حديث عبيد الله بن‬
‫كعب‪ ،‬وحديث عائشة‪ ،‬وأخرجه عنها الحاكم (‪ )35-3/34‬وصححه على شرط‬
‫‪.‬الشيخين ووافقه الذهبي‪ ،‬انظر فقه السيرة للغزالي ص ‪311‬‬

‫وذلك يمثل احترام السلم لختلف وجهات النظر ما دامت عن اجتهاد بريء‬
‫سليم‪ ،‬والناس غالبا ً أحد رجلين‪ :‬رجل يقف عند حدود النصوص الظاهرة ل‬
‫يعدوها‪ ،‬ورجل يتبين حكمتها ويستكشف غايتها‪ ،‬ثم يتصرف في نطاق ما‬
‫‪.‬وعى من حكمتها وغايتها ولو خالف الظاهر القريب‬

‫وكل الفريقين يشفع له إيمانه واحتسابه‪ ،‬سواء أصاب الحق أو ندَّ عنه‪ .‬راجع‬
‫‪"(.‬فقه السيرة" للغزالي ص (‪311 - 310‬‬

‫خلل اليهود‪ ،‬يسفهون إذا أمنوا‪ ،‬ويقتلوا إذا قدروا‪ ،‬ويذكروا الناس ‪8.‬‬
‫من ِ‬
‫مثُل العليا إذا وجلوا‪ ،‬ليستفيدوا منها وحدهم ل لشيء آخر‪ ،‬أما العهود‪،‬‬
‫بال ُ‬
‫فهي آخر شيء في الحياة يقفون عنده‪ .‬راجع "فقه السيرة" للغزالي (ص‬
‫‪313(.‬‬

‫كانت مغامرات نفر من طلب الزعامة سببا ً في هذه الكارثة التي حلت ‪9.‬‬
‫ببني قريظة‪ ،‬ولو أن حيي بن أخطب وأضرابه سكنوا في جوار السلم‪،‬‬
‫وعاشوا على ما أوتوا من مغانم‪ ،‬ما تعرضوا ول تعرض قومهم لهذا‬
‫القصاص الخطير – لكن الشعوب تدفع من دمها ثمنا ً فادحا ً لخطاء قادتها ‪-‬‬
‫وفي عصرنا هذا دفع الروس واللمان وغيرهم من الشعوب أثمانا ً باهظة‬
‫‪.‬لثرة الساسة المخدوعين‬

‫ولذلك ينعى القرآن على أولئك الرؤساء مطامعهم ومطالبهم التي يحملها‬
‫م دَاَر‬
‫ه ْ‬
‫م ُ‬
‫و َ‬ ‫حلُّوا ْ َ‬
‫ق ْ‬
‫فرا َ‬
‫وأ َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه كُ ْ ً َ‬ ‫م َ‬ ‫ن بَدَّلُوا ْ ن ِ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬
‫م تََر إِلَى ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫غيرهم قبلهم‪{ ،‬أل َ ْ‬
‫قَراُر} سورة إبراهيم‪29 - 28 :‬‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫وبِئ ْ َ‬
‫ها َ‬‫ون َ َ‬‫صل َ ْ‬ ‫هن َّ َ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ج َ‬
‫ر َ‬ ‫‪.‬الْب َ َ‬
‫وا ِ‬
‫من المشركين من قريش ومن رجال يهود أناسا ً واجهوا الموت بثبات‪10. ،‬‬
‫ولن تعدم المبادئ الباطلة والنحل الهازلة اتباعا ً يفتدونها بالرواح والموال‪،‬‬
‫‪.‬غير أن شيئا ً من هذا ل يجعل الباطل حقا ً ول الجور عدلً‬

‫موقف اليهود من السلم بالمس هو موقفهم من المسلمين اليوم‪11. ،‬‬


‫ت وهم يحتلون فلسطين‪ ،‬والغريب‬‫فألوف من إخواننا ذبحهم اليهود في صم ٍ‬
‫أن اليهود تركوا من نصب لهم المجازر في أقطار أوروبا‪ ،‬وجبنوا عن‬
‫ر!! واستضعفوا المسلمين الذين لم يسيئوا إليهم من اثني‬ ‫مواجهتهم بش ّ ٍ‬
‫عشر قرناً‪ ،‬فنكلوا بهم على النحو المخزي الفاضح‪ ،‬الذي ل يزال قائما ً في‬
‫فلسطين‪ ...‬تشهده وتؤيده وتسانده دول الغرب‪ .‬فقه السيرة للغزالي ص(‬
‫‪317-316(.‬‬

‫جواز قتال من نقض العهد‪ ،‬فالصلح والمعاهدة والستئمان بين ‪12.‬‬


‫المسلمين وغيرهم‪ ،‬كل ذلك ينبغي احترامه على المسلمين ما لم ينقض‬
‫ذ يجوز للمسلمين قتالهم إن رأوا‬
‫الخرون العهد أو الصلح أو المان‪ ،‬وحينئ ٍ‬
‫‪.‬المصلحة في ذلك‬

‫جواز التحكيم في أمور المسلمين ومهامهم‪ ،‬قال النووي ‪ -‬رحمه الله –‪13. :‬‬
‫فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهامهم العظام‪ ،‬والرجوع في‬
‫ذلك إلى حكم مسلم عدل صالح للحكم‪ ،‬وقد أجمع العلماء عليه في شأن‬
‫الخوارج‪ ،‬فإنهم أنكروا على عل ٍ ّ‬
‫ي التحكيم‪ ،‬وأقام الحجة عليهم‪ ،‬وفيه جواز‬
‫مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم حاكم مسلم عدل صالح للحكم‪ ،‬أمين‬
‫ء‬
‫على هذا المر‪ ،‬وعليه الحكم بما فيه مصلحة المسلمين‪ ،‬وإذا حكم بشي ٍ‬
‫(لزم به حكمه‪ ،‬ول يجوز للمام ول هم الرجوع‪ ،‬ولهم الرجوع قبل الحكم‪14(.‬‬

‫تأكد اليهود من نبوة محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ . -‬راجع "فقه السيرة ‪14.‬‬
‫‪(.‬النبوية" للبوطي ص(‪236-235‬‬

‫‪:‬للمزيد راجع‬

‫الرحيق المختوم" للمباركفوري (‪ ،)357-352‬و"ابن هشام" (‪"،)218-3/183‬‬


‫و"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير" العباد للصالحي (‪ ،)29-5/3‬و"عيون‬
‫الثر في سيرة خير البشر" لبن سيد الناس (‪ ،)117-2/103‬و"السيرة‬
‫‪(.‬النبوية في ضوء المصادر الصلية" لمهدي رزق الله أحمد (‪464-459‬‬

‫‪ - 1‬أي رجع من غزوة الحزاب‪ ،‬وكانت في سنة خمس للهجرة‪.‬‬

‫‪ - 2‬تاريخ الطبري (‪ ،)2/100‬وابن هشام (‪.)4/197‬‬

‫‪ - 3‬ابن هشام (‪.)4/200‬‬

‫‪ - 4‬فتح الباري (‪.)7/414‬‬

‫‪ - 5‬مسلم‪ ,‬كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب جواز قتل من نقض العهد (‪)3/1388‬‬
‫رقم (‪.)1768‬‬

‫‪ - 6‬تفسير ابن كثير (‪.)3/479‬‬

‫‪ - 7‬انظر ابن هشام ‪.245 /2‬‬

‫‪ - 8‬تلقيح فهوم أهل الثر‪ .‬ص‪.12‬‬

‫‪ - 9‬البخاري ومسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب من فضائل سعد بن معاذ (‬


‫‪ )4/1915‬رقم (‪.)2466‬‬
‫‪ - 10‬جامع الترمذي ‪.225 /2 .‬‬

‫‪ - 11‬ابن هشام ‪.228 -227 /2‬‬

‫‪ -12‬تفسير القرآن العظيم (‪.)3/478‬‬

‫‪ -13‬محاسن التأويل (‪.)13/246‬‬

‫‪ -14‬النووي على مسلم (‪.)12/92‬‬

You might also like