Professional Documents
Culture Documents
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي-الفصل الأول
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي-الفصل الأول
html
فقه الرهاب
مقدمة
إهداء
إذا كنت مخلوقا ً حرا ً ..تعشق التحليق والجنات التي بل أسوار وتجذبك
الهاوية والمغامرة والخطار
إذا كنت باحث عن الحقيقة الغير متوارثة ..بل ترهيب وبل أدنى ترغيب
إذا كنت تعلم إن كل ما نجهله نحاربه ..ونخاف منه ولذلك ما أتعس الجهلء
إذا كنت تؤمن بالحلم الموقوتة التي تنفجر بين الحين والخر
إذا كنت تعرف أنه ل فائدة لو ربح النسان العالم كله وخسر نفسه ..
إذا كنت تؤمن بالحرية والعدالة والمساواة ..ثالوث الحياة الحرة والشريفة
والكريمة ..التي ينبغي أن تعاش
إذا كنت تؤمن إن الجهل في الوطن غربة وإن العلم في الغربة وطن إن
النتهاك في الوطن غربة وأن حقوقك وكرامتك في الغربة وطن
إذا كنت تؤمن إن الوطن الحقيقي ل يمكن أن يكون ضد مواطنيه وإن الله
الحقيقي ل يمكن أن يكون ضد خلئقه ..مؤمنين أو كفار طائعين أو
متمردين الوطن الحقيقي يساوي بين الجميع والله الحقيقي يحب الجميع
إذا كنت تؤمن ببعض أو كل هذا ..أو تبحث عنه فتعال وانظر ……
*************
مقدمة الكتاب
النفاق ،الرهاب ،العنصرية .ثلثة آفات ذميمة وخطيرة قام عليها وانتشر
من خللها السلم.
من المؤكد أن الذين ل يعرفون حقيقة السلم ،ول حقيقة علومه الشرعية
المختلفة سيتهمونني بالفتراء والتهجم على السلم .لهؤلء جميعا ً أقول:
ليس هدفي التقبيح والتجريح في السلم ول الطعن والتشكيك في رموزه
الدينية ،بل هدفي هو إظهار السلم كما هو في حقيقته وجوهره دون
زيادة ول نقصان.
الشيخ المقديسي
الفصل الول
ـ النفاق ـ
.2معنى التقية
.3نماذج من التقية
.4اليات المنسوخة
أجمع علماء السلم أن هذه الية نزلت في عمار بن ياسر حين أعطى
الكافرين ما أرادوا بلسانه مكرهاً.
قال ابن عباس :أخذه المشركون (عمار بن ياسر) وأخذوا أباه وأمه
سمية وصهيب وبلل وخباب وسالم فعذبوهم ،وربطت سمية بين بعيرين،
وقيل لها إنك أُسلمت من أجل الرجال .فقتلت وقتل زوجها ياسر ،وهما
أول قتيلين في السلم .وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً،
فشكا ذلك إلى رسول الله ،فقال له رسول الله( :كيف تجد قلبك؟) قال:
مطمئن باليمان .فقال رسول الله( :فإن عادوا فعد) -راجع تفسير آية
سورة النحل للطبري.
قالوا" :لما سمح الله عز وجل بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الكراه،
فإذا وقع الكراه لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم ،وبه جاء الثر المشهور
عن النبي( :رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)" متفق عليه
-راجع تفسير الطبري في شرحه لية النحل .106
أجمع علماء المسلمين على أن من أكره على الكفر حتى خشي على
نفسه القتل ،أنه ل إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن باليمان .إذن لقد أباح
القرآن للمسلمين الكذب والنفاق في حالة وقوع الكراه على المسلم.
ودليلنا قوله:
ُ َ
ن
ن باليما ِ مطْ َ
مئ ٌ ه ُ و َ
قلب ُ ُ ن أك ْ ِ
رهَ َ ه إل ّ َ
م ْ د إيمان ِ ِ
ع ِ
ن بَ ْ
م ْ
ه ِ ن كَ َ
فَر بالل ِ م ْ
} َ
{ النحل .106
لقد أخرج الطبري في تفسير هذه الية من عدة طرق ،عن ابن عباس،
والحسن البصري ،والسدي ،وعكرمة مولى ابن عباس ،ومجاهد ابن جبر،
والضحاك بن مزاحم ،جواز التقية في ارتكاب المعصية عند الكراه عليها
كاتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين في حالة كون المتقي في
سلطان الكافرين ويخافهم على نفسه ،وكذلك جواز التلفظ بما هو لله
معصية بشرط أن يكون القلب مطمئنا ً باليمان ،فهنا ل إثم عليه -تفسير
الطبري (جامع البيان عن تأويل آيات القرآن) 313 :6ـ . 317
هذا مع اعتراف سائر المسلمين بأن الية لم تُنسخ فهي على حكمها
ن التقيةمنذ نزولها وإلى يوم القيامة ،ولهذا كان الحسن البصري يقول( :إ َّ
جائزة إلى يوم القيامة) -حكاه الفقيه السرخسي الحنفي ،وقال معقباً:
(وبه نأخذ ،والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر
خلفه) -المبسوط للسرخسي 45 : 24من كتاب الكراه.
قبل أن أستكمل استعراضي لقوال مفسري القرآن في شرحهم لية
(التقية) سورة آل عمران .28دعوني أبين لكم المعنى اللغوي والشرعي
للتقية (النفاق الشرعي) .وبعض الحالت التي أُجيز فيها للمسلم استعمال
التقية.
***
.9قال ابن منظور :ويظهرون الصلح والتفاق وباطنهم بخلف ذلك -
لسان العرب -راجع أيضا ً المصباح المنير للفيومي - 669 :2وأساس البلغة
للزمخشري .686
وفي الصطلح فقد عّرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة :
وقد ذهبت طائفة من علماء المسلمين إلى أن الرخصة إنما جاءت في
القول ،وأما الفعل فل رخصة فيه.
واحتج من قصر الرخصة على القول بقول ابن مسعود :ما من كلم يدرأ
عني سوطين من ذي سلطان إل كنت متكلما ً به فقصر الرخصة على القول
ولم يذكر الفعل .قال أبو العالية :التقية باللسان وليس بالعمل .عن الحسن
قال :سمعت أبا معاذ قال :إن التقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به
وهو لله معصية فتكلم مخافة على نفسه }وقلبه مطمئن باليمان{ فل إثم
عليه -راجع :جامع البيان .3/153
وقالت طائفة :الكراه في الفعل والقول سواءُ .روي ذلك عن عمر بن
الخطاب.
ه) ،والسم( :الكَرهُ) ويُرادة مأخوذ من الفعل (كََر َ أصل الكراه في اللغ ً
ُ
به كل ما أكرهك غيرك عليه ،بمعنى :أقهرك عليه .وأما (الكْره) فهو
ه ،أي :على مشقة -راجع لسان العرب لبن المشقة ،يُقال :قمت على كُْر ٍ
منظور 12:80
ما في الصطلح :فقد عّرفه التفتازاني بأنه( :حمل الغير على أن .13وأ ّ
يفعل ما ل يرضاه) -التلويح على التوضيح لسعد الدين التفتازاني 196 : 2
طبعة مصر ،وأيضا ً السرخسي الحنفي -راجع المبسوط للسرخسي 38 :24
من كتاب الكراه .كما عّرفه عبد العزيز البخاري الحنفي بقوله :هو (حمل
ر يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه ،ويصير الغير الغير على أم ٍ
خائفا ً به) -كشف السرار لعبد العزيز البخاري .4/1503
.14روى ابن القاسم عن مالك أن من أُكره على شرب الخمر وترك الصلة
أو الفطار في رمضان ،يكون الثم عنه مرفوع.
.21وقيل أيضاً :إن المؤمن إذا كان قائما ً بين الكفار فله أن يداريهم
باللسان إذا كان خائفا ً على نفسه وقلبه مطمئن باليمان .والتقية ل تحل
إل مع خوف القتل أو القطع أو اليذاء العظيم) -تفسير القرطبي .57 /4
.22وهكذا ذهب ابن كثير أيضاً ،كما قال البخاري عن أبي الدرداء أنه قال
شُر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" .وقال البخاري :قال الحسن: "إنا لنُك ْ ِ
التقية إلى يوم القيامة) -تفسير ابن كثير .1/357
.24لم تقف رخصة النفاق الشرعي (التقية) عند حد السماح للمسلم أن
يكفر بالله وقلبه مطمئن باليمان عند الكراه ،بل شملت التقية حالت غير
الكفر بالله ،مثال على ذلك :تجويزهم السجود إلى الصنم في ما لو أُكره
المسلم عليه -راجع الجامع لحكام القرآن للقرطبي - 180 : 10وتفسير ابن
جزي الكلبي المالكي 366 :دار الكتاب العربي ،بيروت.
.1جواز ترك الصلة تقية :تفق المالكية والحنفية والشافعية على جواز
ترك الصلة المفروضة في ما لو أُكره المسلم على تركها -راجع :الجامع
لحكام القرآن للقرطبي المالكي 180 :10وما بعدها -والمبسوط
للسرخسي الحنفي - 4 : 24والشباه والنظائر للسيوطي الشافعي .208-207
.2جوازها في الزنا :إذا أُكره الرجل على ارتكاب هذه الجريمة ،واتقى
على نفسه بارتكابها فهل يسقط الحد عليه أو ل؟
اختلفوا على قولين :أحدهما سقوط الحد عنه ،وهو قول القرطبي
المالكي – راجع الجامع لحكام القرآن – 180 :10وابن العربي المالكي،
أحكام القرآن لبن العربي 1177 :3و – 1182والفرغاني الحنفي ،بدائع
الصنائع 175 :7ـ - 191وابن قدامة الحنبلي ،المغني لبن قدامة 412 :5
مسألة - 3971 :وابن حزم ،المحلّى 331 :8مسألة .1405
وأما الخر :إقامة الحد على الزاني تقية ويغّرم مهرها ،وهو قول مالك
بن أنس ،والشافعي .وقال أبو حنيفة ل يجب المهر – المغني لبن قدامة
155مسألة .7167
.3جواز الفطار في شهر رمضان تقية :صرحت المالكية والحنفية
والشافعية بعدم ترتب الثم على من أفطر في شهر رمضان تقية بسبب
ضغط الكراه عليه -الجامع لحكام القرآن - 10:180والمبسوط للسرخسي
- 48 :24وفتاوى قاضيخان الفرغاني الحنفي - 487 :5والشباه والنظائر
للسيوطي الشافعي 207ـ 208
.4جوازها في اليمين الكاذبة :لو حلف إنسان بالله كاذبا ً فل كفارة عليه
إن كان مكرها ً على اليمين ،وله ذلك تقية على نفسه ،وتكون يمينه غير
ملزمة عند مالك والشافعي وأبي ثور ،وأكثر العلماء على حد تعبير النووي
الشافعي .واستدل بحديث( :ليس على مقهور يمين) -راجع المجموع شرح
المهذب للنووي الشافعي ،3 :18دار الفكر بيروت -وأحكام القرآن لمحمد
بن إدريس الشافعي 114 :2ـ .115
وقد كان مالك بن أنس يقول لهل المدينة في شأن بيعتهم المنصور
العباسي :إنكم بايعتم مكرهين وليس على مكره يمين -تقريرات الرافعي
على حاشية ابن عابدين لمحمد رشيد الرافعي ،278 :2ط ،3دار إحياء التراث
العربي ،بيروت -يحثهم بهذه الفتوة على الخروج مع إبراهيم بن عبد الله
بن الحسن للثورة على المنصور -راجع :رد المحتار على الدر المختار لبن
عابدين ، :5ط ،2دار إحياء التراث العربي ،بيروت -شرح فتح الغدير لبن
همام هذا هو محل اتفاق فقهاء الحناف -بدائع الصنائع .175 : 7راجع أيضاً
تفصيل فتاوى الحنفية بشأن موارد التقية في اليمين الكاذبة وغيرها في
مصادرهم التالية :البحر الرائق لبن نجيم - 70 :8تحفة الفقهاء للسمرقندي
، 273 :3ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت.
.1قال النووي :اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب ،وكيف
أمكن الخداع إل أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فل يحل -صحيح مسلم
بشرح النووي .12/45
.2وقال ابن حجر :وأصل الخداع إظهار أمر وإضمار خلفه ،وفيه التحريض
قظعلى أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار ،وأن من لم يَتَي َ َّ
لذلك لم يأمن أن ينعكس عليه.
.3قال ابن المنير :معنى الحرب خدعة أي الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة
في مقصدها إنما هي المخادعة ل المواجهة ،وذلك لخطر المواجهة وحصول
الظَّ َ
فر مع المخادعة بغير خطر -فتح الباري .6/58
.4قال النووي :صح في الحديث جواز الكذب في ثلثة أشياء أحدها في
الحرب .قال الطبري إنما يجوز من الكذب في الحرب المعارض دون حقيقة
الكذب فإنه ل يحل ،هذا كلمه ،والظاهر ،إباحة حقيقة نفس الكذب لكن
القتصار على التعريض أفضل والله أعلم -صحيح مسلم بشرح النووي
.12/45
خص في شيء م كلثوم بنت عقبة قالت" :لم أسمع رسول الله ير ّ .5عن أ ّ
من الكذب مما تقول الناس إل في الحرب والصلح بين الناس وحديث
الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها -رواه أحمد ومسلم وأبو داود ،وروى
الترمذي مثله عن أسماء بنت يزيد.
.6وقال ابن حجر :قال النووي :الظاهر إباحة حقيقة الكذب في المور
الثلثة لكن التعريض أولى.
.7وقال ابن العربي :الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص رفقاً
بالمسلمين لحاجتهم إليه وليس للعقل فيه مجال ،ولو كان تحريم الكذب
بالعقل ما انقلب حلل ً -فتح باري .6/159
.8وأما الكذب على العدو في غير حالة الحرب فيجوز لسباب منها ما فيه
مصلحة دينية أو مصلحة دنيوية للمؤمن أو تخلص من أذى الكافرين ودليله:
علَط حين استأذن النبي أن يقول عنه ما شاء لمصلحته قصة الحجاج بن ِ
ن له النبي -فتح الباري - 6/159والبداية َ
في استخلص ماله من أهل مكة وأِذ َ
والنهاية لبن كثير 4/215
.9قال ابن حجر في شرحه( :وإل فالكذب المحض في مثل تلك المقامات
يجوز ،وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعا ً لعظمهما ،وأما تسميته إياها
خل َّ لكنّه قد يحسن في كذبات فل يريد أنها تُذم ،فإن الكذب وإن كان قبيحا ً ُ
م ِ
مواضع) -فتح الباري .6/392
الخلصة :يجوز للمسلم الكذب على الكافر لجل مصلحة دينية أو
دنيوية ،عامة كانت أم خاصة ،في حالة الحرب وفي غير حالة الحرب.
نمنُو َ م ْ
ؤ ِ خذْ َال ْ ُ
لقد بنى ابن تيمية رأيه هذا على الواقع القرآني } :ل يَت ِ
ّ َ
ء
ي ٍ
ش ْ في َ ه ِ ن الل ِ م ْ فلَي ْ َ
س ِ ل ذَل ِ َ
ك َ ع ْ ن يَ ْ
ف َ م ْو َ
ن َ
منِي َ
ؤ ِ ن ال ْ ُ
م ْ ن دُو ِ م ْولِيَاءَ ِ
نأ ْ ري َ ف ِالْكَا ِ
قية{ آل عمران .28 م تُ َ ن تَت َّ ُ َ
ه ْمن ْ ُ
قوا ِ إِل أ ْ
.11يقول الشيخ المراغي" :ويدخل في التقية مداراة الكفرة ،والظلمة،
والفسقة ،وإلنة الكلم لهم ،والتبسم في وجوههم ،وبذل المال لهم لكف
أذاهم ،وصيانة العرض منهم ،ول يُعد هذا من الموالة المنهي عنها ،بل هو
مشروع" -تفسير المراغي 136 : 3ـ .137
إذن يتبين مما ذُكر أن شريعة السلم قد أباحت للمسلمين الكذب في
حالت كثيرة.
سؤال :هل إظهار الكلم الموهم للمحبة والموالة ،والقلب مطمئن بالعداوة
والبغضاء يعتبر صدق مع النفس أم تراه من مكارم الخلق والسلوك
المثالي؟ أليس هذا هو النفاق بعينه؟!
لقد ربط فقهاء المسلمين بشكل أو بآخر ما بين التقية وبين الكراه رغم
أن الفرق ما بين آية الكراه (سورة النحل )106وبين آية التقية (آل عمران
)28واضح ،كما أن المساحة الزمنية والمكانية للكراه أضيق من المساحة
التي يُعمل فيها بالتقية؛ فالكراه تكون صورته حمل المرء بالقوة في
موقف معين وساعة معينة على فعل أو قول شيء معين هو ل يرضاه ..
فإذا انتهى هذا الموقف انتهت حالة الكراه الذي أظهر المكره من خللها
والكفر أو ما فيه مخالفة شرعية .بينما التقية :فمساحتها الزمانية والمكانية
أوسع فهي تشمل جميع المساحة الزمانية التي يقيمها المسلم مضطرا ً في
دار الكفر والحرب بحسب المصطلح السلمي ،وهو يلجأ إليها كلما اضطرته
الظروف إلى ذلك حتى يدفع شر القوم عنه.
وقد تختلف التقية عن الكراه كذلك أيضا ً الكراه يكون مباشرا ً ونتائجه
فورية .بينما التقية قد يكون عنصر الكراه فيها غير مباشر -أو غير واقع
أصل ً -وبالتالي قد تأتي نتائجه متأخرة عن الحدث إلى حين.
من هنا نقول أن التقية لم تُشرع فقط من أجل دفع الذى عن المؤمنين
والحذر من الضرر والتوقي منه في حالت الكراه الواقع عليهم كما يدعي
شرعت التقية أيضا ً في حالت كثيرة لمعلماء السلم ومفسرو القرآن ،بل ُ
يقع فيها إكراه ،بل كان الغرض منها خداع الخرين من أجل تحقيق مصلحة
قد تكون دينية وقد تكون شخصية ل علقة لها بالدين.
ـ من آذى الرسول ـ
ومن الطعن ما يكون خفيا ً وبالتلميح دون التصريح ،لكن له نفس حكم
الطعن الصريح.
.4قال ابن القاسم (:من سبه (سب النبي) أو شتمه أو عابه أو تنقصه
فإنه يقتل كالزنديق).
.5وقال أبو بكر بن المنذر :أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي
يُقتل .ول نعلم خلفا ً في استباحة دمه بين علماء المصار وأئمة المة -
راجع :الشفاء للقاضي عياض .2/474
.6من يعيب نبينا ...أو يلعنه أو يسبه أو يستخف أو يستهزئ به أو بشيء
من أفعاله كلحس الصابع ،أو يلحق به نقصا ً في نفسه أو نسبه أو دينه أو
فعله أو يعرض بذلك ،أو يشبهه بشيء على طريق الزراء أو التصغير لشأنه
أو الغض منه ،أو تمني له مضرة أو نسب إليه ما ل يليق بمنصبه على طريق
الذم ،أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلم وهجر ومنكر من القول
وزور أو غيره بشيء مما جرى من البلء والمحنة عليه ،أو غمزه ببعض
العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه ،فيكفر بواحد مما ذكر إجماعاً،
فيقتل ول تقبل توبته عند أكثر العلماء ،وقد قتل خالد بن الوليد من قال
له"عند صاحبكم" -المقصود بصاحبكم النبي -وعد هذه الكلمة تنقيصا ً له -
راجع :الزواجر عن اقتراف الكبائر لبن الهيتمي - 30-1/29القاضي عياض،
الشفاء بتعريف حقوق المصطفى - 474-2/473وهذا ما أجمع عليه علماء
المسلمين وأصحاب المذاهب الربعة.
.7وقد روي أن رجل ً قال في مجلس علي :ما قتل كعب بن الشرف إل
غدراً! فأمر علي بضرب عنقه .قال القرطبي في الجامع :8/84قال علماؤنا
هذا يُقتل ول يُنتسب إن نسب الغدر للنبي لن ذلك زندقة.
.8وفي "الشفا" للقاضي عياض :من أضاف إلى نبينا تعمد الكذب فيما
بلغه وأخبر به ،أو شك في صدقة ،أو سبه ،أو قال :إنه لم يبلغ أو استخف
به ،فهو كافر بالجماع -الشفا للقاضي عياض صفحة 582و 608و 630و633
و.636
.9وفي "المحلى" لبن حزم قال :أن كل من آذى رسول الله فهو كافر
مرتد يقتل ول بد -المحلى لبن حزم .12/438
.11وقال حنبل :سمعت أبا عبد الله ـ وهو المام أحمد بن حنبل ـ يقول:
من يشتم النبي أو ينتقصه ـ مسلما ً كان أو كافرا ً ـ فعليه القتل وأرى أنه
يُقتل ول يستتاب.
وقد روي عن رجال من أهل العلم ،منهم ابن عمر ،ومحمد بن كعب،
ويزيد بن أسلم ،وقتادة أنه قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك :ما
رأيت مثل قرائنا هؤلء أرغب بطوناً ،ول أكذب ألسناً ،ول أجبن عند اللقاء؛
يعني الرسول وأصحابه القراء .فقال له عوف بن مالك :كذبت ولكنك
منافق ،لخبرن رسول الله .فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره ،فوجد
القرآن قد سبقه .فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته،
فقال :يا رسول الله إنما كنا نلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء
الطريق! قال ابن عمر :كأني أنظر إليه متعلقا ً بنسعة ناقة رسول الله وإن
الحجارة لتنكب رجليه ،وهو يقول :إنما كنا نخوض ونلعب ،فيقول له رسول
الله" :أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" ،ما يلتفت إليه ول يزيد عليه -
الصارم والمسلول في شاتم الرسول 31
.12قال القرطبي في التفسير :قيل كانوا ثلثة نفر ،هزأ اثنان وضحك
واحد ،فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم .قال خليفة بن خياط في
تاريخه:اسمه "مخاشن بن حمير" ،وقيل أنه كان مسلما ً -تفسير القرطبي
.8/199
.13قال ابن العربي في الحكام :2/976ل يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك
جدا ً أو هزلً ،وهو كيفما كان كفر فإن الهزل بالكفر كفر ،ل خلف فيه بين
المة .فإن التحقيق أخو الحق والعلم ،والهزل أخ والباطل والجهل.
.1قاله ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول في شاتم الرسول :إن سب
رسول الله مع كونه من جنس الكفر والحراب أعظم من مجرد الردة عن
السلم -راجع المصدر السابق .
" .2لن من آذى الرسول فقد آذى الله لن حق الله وحق رسوله
متلزمان" وفي هذا وغيره بيان لتلزم الحقين ،وأن جهة حرمة الله تعالى
ورسوله جهة واحدة ،فمن آذى الرسول فقد آذى الله ،ومن أطاعه فقد
أطاع الله ،لن الئمة ل يصلون ما بينهم و بين ربهم إل بواسطة الرسول،
ليس لحد منهم طريق غيره ،ول سبب سواه ،وقد أقامه الله مقام نفسه
في أمره ونهيه وإخباره وبيانه ،فل يجوز أن يُفرق بين الله ورسوله في
شيء من هذه المور -الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن تيميه ص
.41-40
أحدهما :الخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله ،ومن
هؤلء من قال :يكفر بذلك ،قال ذلك جماعة منهم أبو محمد الجويني ،حتى
قال ابن عقيل عن شيخه أبي الفضل الهمداني :مبتدعة السلم والكذابون
والواضعون للحديث أشد من الملحدين ،قصدوا إفساد الدين من خارج،
وهؤلء قصدوا إفساده من داخل .فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله،
والملحدون كالمحاصرين من خارج ،فالدخلء يفتحون الحصن ،فهم شر على
السلم من غير الملبسين له -الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن
تيميه ص .175-169
ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله ،ولهذا قال( :إن كذباً
ي ليس ككذب على أحدكم) فإن ما أمر به الرسول فقد أمر الله به يجب عل ّ
اتباعه كوجوب اتباع أمر الله ،وما أخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما
أخبر الله به( .ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه
أو أخبر عن الله خبرا ً كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوها من المتنبئين
فإنه كافر حلل الدم) فكذلك من تعمد الكذب على رسوله.
.3عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي بلغه أن رجل قال لقوم :إن النبي
أمرني أن أحكم فيكم برأيي وفي أموالكم كذا وكذا ،وكان قد خطب امرأة
منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه ،ثم ذهب حتى نزل على المرأة ،فبعث
القوم إلى رسول الله ،فقال :كذب عدو الله .ثم أرسل رجل ً فقال :إن
وجدته حيا ً فاقتله ،وإن أنت وجدته ميتا ً فاحرقه بالنار .فانطلق فوجدوه قد
ي متعمداً
لدغ فمات فحرقه بالنار ،فعند ذلك قال رسول الله :من كذب عل ّ
فليتبوأ مقعده من النار.
.4وقد روى أبو بكر بن مردويه من حديث الوازع عن أبي سلمة عن
ي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.
أسامة قال رسول الله :من تقول عل ّ
وذلك لنه بعث رجل ً فكذب عليه ،فوجد ميتا ً قد انشق بطنه ولم تقبله الرض
.5وروى أن رجل ً كذب عليه ،فبعث عليا ً والزبير إليه ليقتله -راجع:
الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن تيميه ص .175-169
عن ابن عباس أن منافقا ً خاصم يهوديا ً فدعاه اليهودي إلى النبي ودعاه
المنافق إلى كعب بن الشرف .ثم إنهما احتكما إلى رسول الله فحكم
ض المنافق وقال :نتحاكم إلى عمر .فقال اليهودي لعمر: لليهودي فلم ير َ
ض بقضائه وخاصم إليك .فقال عمر للمنافق: قضى لي رسول الله فلم ير َ
أكذلك؟ فقال :نعم .قال :ألزما مكانكما حتى أخرج إليكما .فدخل وأخذ
بسيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال :هكذا أقضي لمن لم
ض بقضاء الله ورسوله .فنزلت :وقال جبريل :إن عمر فّرق بين الحق ير َ
والباطل فسمى الفاروق – الدر المنثور /ج 2 :ص - 179 :والصارم لبن
تيمية .48
العمى الذي قتل اليهودية :روى الشعبي عن أن اليهودية كانت تشتم النبي
وتقع فيه ،فخنقها رجل حتى ماتت ،فأطل رسول الله دمها (أي أهدره).
هكذا رواه أبو داود في سننه وابن بطة في سننه .وهو من جملة ما استدل
به المام أحمد في رواية ابنه عبد الله -الصارم المسلول في شاتم
الرسول لبن تيميه ص .66 - 61وهذا ما جاء في رواية أخرى عن ابن عباس -
أخرجه النسائي وأبو داود .3665
قال ابن تيمية في الصارم ،ص :62وهذا الحديث نص في جواز قتلها لجل
شتم النبي ،ودليل على قتل الرجل الذمي ،وقتل المسلم والمسلمة إذا سبا
بطريق الولى.
وعن أبي بكر الصديق أنه كتب إلى المهاجر بن أبي ربيعة في المرأة التي
غنت بهجاء النبي" :لول ما سبقتني فيها لمرتك بقتلها ،لن حد النبياء
ليس يشبه الحدود ،فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو
محارب غادر" -الصارم المسلول في شتم الرسول .418
قتل اليهودي ابن أبي حقيق :عن البراء بن عازب قال :بعث رسول الله إلى
أبي رافع اليهودي رجال ً من النصار ،وأمر عليهم عبد الله بن عتيك ،وكان
أبو رافع يؤذي رسول الله ،وكان في حصن له بأرض الحجاز ..قال عبد الله
لصحابه :أجلسوا مكانكم فإني منطلق ..فدخلت فكمنت ..وكان أبو رافع
يسمر عنده ،وكان في علية له ،فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه ..
قلت :أبا رافع ،قال من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف ..
ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره ،فعرفت أني قتلته
- ..رواه البخاري في صحيحه .4039
قال ابن حجر" :وفي هذا الحديث من الفوائد :جواز اغتيال المشرك الذي
بلغته الدعوة وأصر ،وقتل من أعان على رسول الله بيده أو ماله أو لسانه
ُ
وجواز التجسس على أهل الحرب وتَطَل ّب غرتهم ،والخذ بالشدة في محاربة
المشركين ،وجواز إبهام القول للمصلحة ،وتعرض القليل من المسلمين
للكثير من المشركين" -فتح الباري .7/345
وفي هذه المسألة يقول الشيخ عبد الرحمن الدوسري عند ذكره لمراتب
العبودية في تفسيره لقول الله تعالى } :إياك نعبد وإياك نستعين { ..
وُره التسويف في هذا فضل ً عن تركه أو التساهل عت َ ِفالعابد الصحيح لله ل ي َ ْ
فيه ،وأيضا ً فالعابد لله المصمم على الجهاد في ذاته يكون منفذا ً للغيلة في
أئمة الكفر من دعاة اللحاد والباحية وكل طاعن في وحي الله أو مسخر
قلمه أو دعايتَه ضد الدين الحنيف لن هذا مؤٍذ لله ورسوله .ل يجوز
للمسلمين في بقاع الرض من خصوص وعموم أن يدعوه على قيد الحياة،
ق وغيره ممن ندب رسول الله إلى اغتيالهم ح َ
قي ْ لنه أضُّر من ابن أبي ال ُ
ك اغتيال ورثتهم في هذا الزمان تعطيل لوصية المصطفى وإخلل فتَْر ُ
فظيع بعبودية الله وسماح صارخ شنيع للمعاول الهدامة في دين الله ..
ص عظيم في حب الله ورسوله وتعظيمهما -من صفوة الثار وذلك نق ٌ
والمفاهيم من تفسير القرآن العظيم .1/268طبعة دار الرقم 1404هـ
عن أبي هريرة قال :بعثنا رسول الله في بعث فقال :إن وجدتم فلنا ً وفلناً
فاحرقوهما بالنار -صحيح البخاري .3016
قال شيخ السلم (ابن تيمية) في الصارم المسلول في شاتم الرسول :أمر
الله قتال الطاعنين في الدين ،وضمن لنا – إن فعلنا ذلك – أن يعذبهم
بأيدينا ويخزيهم وينصرنا عليهم ،ويشفي صدور المؤمنين الذين تأذوا من
نقضهم وطعنهم وأن يذهب غيظ قلوبهم.. ،
النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط :ومن ذلك أن النبي لما قفل من بدر
راجعا ً إلى المدينة قتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ،ولم يقتل
من أساري بدر غيرهما ،وقصتهما معروفة.
قال ابن إسحاق :وكان من الساري عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث
فلما كان رسول الله بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله علي بن أبي
طالب كما أخبرت ،ثم مضى رسول الله فلما كان بعرق الظبية قتل عقبة
بن أبي معيط ،قتله عاصم بن ثابت -وهكذا قال موسى بن عقبة –
والواقدي.
وقد روى البزار عن ابن عباس أن عقبة بن أبي معيط نادى :يا معشر
قريش مالي أقتل من بينكم صبراً؟ فقال النبي :بكفرك وافترائك على
رسول الله .قال رسول الله :النار ،قدمه يا عاصم فأضرب عنق عقبة ابن
أبي معيط فقدمه عاصم فضرب عنقه ،فقال رسول الله :بئس الرجل كنت
– والله – ما علمت كافرا ً بالله وبكتابه وبرسوله ،مؤذيا ً لنبيه ،فأحمد الله
الذي هو قتلك وأقر عيني منك – راجع :الصارم والمسلول في شاتم
الرسول - 143الترمذي .2686
الحويرث بن نقيذ :ومن ذلك أنه أمر يوم الفتح بقتل الحويرث بن نقيذ ،وهو
معروف عند أهل السير ،قال :وأمرهم رسول الله أن يكفوا أيديهم فل
يقاتلوا أحدا ً إل من قاتلهم ،وأمرهم بقتل أربعة نفر؛ منهم الحويرث بن
نقيذ.
قال ابن إسحاق :وكان رسول الله عهد إلى المسلمين في قتل نفر
ونسوة ،وقال :إن وجدتموهم تحت أستار الكعبة فاقتلوهم ،وسماهم
بأسمائهم ستة ،وهم :عبد الله بن سعد بن أبي سرح ،وعبد الله بن خطل،
والحويرث بن نقيذ ،ومقيس بن صبابة ،ورجل من بني تيم بن غالب.
ابن الزبعري :ومما ل خفاء فيه أن ابن الزبعرى إنما ذنبه أنه كان شديد
العداوة لرسول الله بلسانه ،فإنه كان من أشعر الناس ،وكان يهجي شعراء
السلم مثل حسان وكعب ابن مالك ،ثم إن ابن الزبعرى فر إلى نجران ،ثم
قدم على النبي تائبا ً مسلما ً وله أشعار حسنة في التوبة والعتذار ،فأهدر
دمه للسب.
ومن ذلك أن النبي كان يتوجه إلى قتل من يهجو ،ويقول :من يكفيني
عدوي؟ قال الموي سعيد بن يحيى بن سعيد في مغازية :حدثنا أبي قال:
أخبرني عبد الملك بن جريح عن عكرمة عن عبد الله بن عباس أن رجل ً من
المشركين شتم رسول الله ،فقال رسول الله :من يكفيني عدوي ؟ فقام
الزبير بن العوام ،فقال :أنا ،فبارزه ،فأعطاه رسول الله سلبه.
وروى أن رجل ً كان يسب النبي فقال :من يكفيني عدوي؟ فقال خالد :أنا،
فبعثه النبي إليه ،فقتله.
مقتل ابن سنية اليهودي :روى بإسناده عن محيصة أن رسول الله قال :من
ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه ،فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنية
رجل من تجار يهود كان يلبسهم ويبايعهم ،فقتله.
قصة ابن خطل وقتله وهو متعلق بأستار الكعبة :في الصحيحين من حديث
الزهري عن أنس أن النبي دخل مكة عام الفتح ،وعلى رأسه المغفر ،فلما
نزعه جاء رجل فقال :ابن خطل متعلق بأستار الكعبة .فقال :اقتلوه .كما
ذكره أيضا ً الواقدي
قصة جماعة أمر النبي بقتلهم حيثما وجدوا :كان في السنة الثانية عشرة
أن النبي أمر بقتل جماعة لجل سبه ،وقتل جماعة لجل ذلك مع كفه
وإمساكه عمن هو بمنزلتهم في كونه كافرا ً حربياً ،فمن ذلك ما قدمناه عن
سعيد بن المسيب أن النبي أمر يوم الفتح بقتل ابن الزبعرى وسعيد بن
المسيب -الصارم المسلول في شاتم الرسول لبن تيمية.
العصماء بنت مروان :روى عن ابن عباس قال :هجت امرأة من خطمة
النبي ،فقال :من لي بها؟ فقال عمير بن عدي من
قومها :أنا يا رسول الله ،فنهض فقتلها ..فالتفت النبي إلى من حوله
فقال :إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا
إلى عمير بن عدي -راجع الصارم المسلول في شاتم الرسول ص 96 - 95
المهجر ابن أبي أمية :ذكر سيف بن عمر التميمي في كتاب الردة والفتوح
عن شيوخه ،قال :وُرفع إلى المهاجر -يعني المهاجر بن أبي أمية ،وكان
أميرا ً على اليمامة ونواحيها -امرأتان مغنيتان غنت إحداهما بشتم النبي،
فقطع يدها ،ونزع ثنيتيها ،وغنت الخرى بهجاء المسلمين ،فقطع يدها،
ونزع ثنيتها ،فكتب إليه أبو بكر :بلغني الذي سرت به في المرأة التي تغنت
وزمزمت بشتم النبي ،فلول ما سبقتني لمرتك بقتلها -راجع الصارم
المسلول في شاتم الرسول ص 41
أبو عفك اليهودي :ذكر أهل المغازي والسير قال الواقدي :أن شيخا ً من
بني عمرو بن عوف يقال له أبو عفك كان يحرض على عداوة النبي ،فلما
خرج رسول الله إلى بدر ظفره الله بما ظفره ،ذكر قصيدة تتضمن هجاء
ي نذر أن أقتل أبا عفك أموتالنبي وذم من اتبعه ،فقال سالم بن عمير :عل ّ
دونه ..فوضع السيف على كبده حتى خش في الفراش -راجع الصارم
المسلول في شاتم الرسول ص 106 - 105
أم قرفة وغزوة زيد بن حارثة :أمر زيد بن حارثة قيس بن المسحر أن يقتل
أم قرفة فقتلها قتل ً عنيفاً؛ ثم قدموا على رسول الله بابنة أم قرفة وبابن
مسعدة .حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول :حدثنا أبي :حدثنا محمد بن عيسى
عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن أبا بكر قتل أم قرفة
الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها وأم
ورقة النصارية كان رسول الله يسميها الشهيدة فلما كان في خلفة عمر
قتلها غلمها وجاريتها فأتى بهما عمر بن الخطاب فقتلهما وصلبهما -راجع
سيرة ابن هشام 1417 \4
إذن يتضح لنا وبشكل جلي مما تقدم أن من شتم الرسول أو عابه أو انتقص
من قدره أو كذَّبه يُقتل وإن استتاب .هذا ما أجمع عليه أكثرية علماء
السلم.
رغم هذا الجماع السلمي والمتشدد في حكم من آذى الرسول ،نُفاجأ أن
شريعة السلم قد أباحت للمسلمين تجويزهم سب النبي في حال التقية
(الذي لم يقع فيها إكراه) -راجع :فتاوى قاضيخان للفرغاني الحنفي : 5
489وما بعدها ،مطبوع بهامش الفتاوى الهندية ،ط ،4دار إحياء التراث
العربي ،بيروت.
مثال ذلك أيضاً :سرية مقتل كعب بن الشرف في السنة الثالثة من الهجرة:
عن جابر بن عبد الله قال رسول الله :من لكعب بن الشرف فإنه قد آذى
الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة فقال :يا رسول الله (أنا يا رسول
الله) أتحب أن أقتله؟ قال نعم .قال :فأأذن لي أن أقول شيئا ً (وهو
استئذان من النبي بأن يتكلم كلما ً وحتى لو كان منافيا ً لليمان وذلك
لظهار الكفر أمام كعب بن الشرف) .قال النبي :قل (فأذن له النبي بأن
يقول ما شاء) صحيح البخاري ،115 :5باب كعب بن الشرف .وأيضا ً انظر
أحكام القرآن لبن العربي المالكي – 1257 :2الصارم المسلول على شاتم
الرسول لبن تيمية ص - 71– 70البخاري , 2327ول يخفى أن ما طُلبه محمد
ة من الذن إنما هو لجل الحصول على ترخيص نبوي بالقول سل َ َ
م َ م ْ
بن َ
ّ
المخالف للشرع بغية الوصول إلى مصلحة إسلمية ل تتحقق إل من هذا
الطريق ،فجاء الذن النبوي بأن يقولوا ما يشاءون بهدف الوصول إلى تلك
المصلحة .ومنه يعلم صحة ما مر سابقا ً بأن التقية كما قد تكون بدافع
الكراه ،قد تكون أيضا ً بغيره ،كما لو كان الدافع إليها غاية ومصلحة.
هذلي :وكانت في السنة الرابعة وسببها ومنها أيضا ً سرية خالد بن سفيان ال ُ
عرنة وأنه يجمع الجموع هذلي يقيم ب ِ ُأن النبي بلغه أن خالد بن سفيان ال ُ
لحرب المسلمين ،فأمر رسول الله عبد الله بن أنيس بقتله .قال :واستأذنت
رسول الله أن أقول (هو نفس ما فعله إذن محمد بن مسلمة) فأذن لي ثم
قال لي :انتسب إلى خزاعة ..وهذا كذب ولكنه مباح ..فلما انتهيت إليه
قال :ممن الرجل؟ قلت :من خزاعة … سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لكون
معك (ففي هذا القول إظهار الموالة) .قال :أجل إني لجمع له .قال عبد
ق
الله :فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثي ..قال أبي سفيان إنه لم يل َ
أحد يشبهني ..وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه وهم يطيقون به،
فقال :هلم يا أخا خزاعة فدنوت منه ..فقال :اجلس ..قال عبد الله:
فجلست معه حتى إذا مدَّ الناس وناموا اغتلته فقتلته وأخذت رأسه ثم
خرجت … .قدمت المدينة وجدت رسول الله فلما رآني قال :أفلح الوجه ..
قلت أفلح وجهك يا رسول الله ثم وضعت الرأس بين يديه وأخبرته خبري- .
راجع الصارم المسلول على شاتم الرسول لبن تيمية.
إذن من الممكن للمسلم إظهار موالته الكاملة لغير السلم ولو وصل المر
به إلى إظهار الشرك والكفر وشتم النبي!
سؤال :أليس هذا هو النفاق والرهاب بعينه؟ هل تراني صدقت عندما قلت
في مقدمتي :إن النفاق في السلم وسيلة .والرهاب لغة حوار وتفاهم ؟!
الغريب في الموضوع هو أن الشريعة التي أباحت للمسلم إظهار موالته
الكاملة لغير المسلم في حالة التقية هي نفس الشريعة التي منعت وبشدة
المسلمين من موالة غير المسلمين .هذا ما اتفق عليه علماء المسلمين
كافة .وهذا ما سنبينه في الصفحات اللحقة.
أمثلة توضيحية لكيفية عرض المسلمين للسلم على غير المسلمين :
عباد الله الصالحين يا خير أمة أخرجت للناس؛ إن اليهود الحاقدين أحفاد
القردة والخنازير والنصارى المشركين الذين يسعون في الرض فساداً
يحرفون الحقائق عن موضعها بافتراءات مفادها أن السلم دين قام على
العنف والرهاب ،وأن السلم السمح والمسالم قد علم أتباعه العدوانية
وكراهية الخرين.
لقد فات الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباب من دون الله أن الجهاد في
شرع لرد أذى المعتدين ولم يشرع الجهاد للعتداء على الخرين السلم إنما ُ
وإجبارهم على الدخول في السلم ،وهذا واضح في قوله تعالى }وقاتلوا
في سبيل الله الذين يقاتلونكم ول تعتدوا إن الله ل يحب المعتدين{ البقرة
} .190ول تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها إل بالحق{ النعام } .151ادع
إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن{
النحل 125
ول يسعنا هنا إل أن نقول لجميع الذين وقعوا تحت تأثير الخبث والدهاء
الصهيوني والصليبي :ل تقلقوا أيها السادة نحن مجرد دعاة مبشرون ندعو
إلى دين الله ،دين المن والسلم .نبلغ كلم الله تبليغ الرهبان والدراويش
والصوفية بالحكمة والموعظة الحسنة ،ونجادل من يعارضنا بالتي هي
أحسن بالخطب والرسائل والمقالت حتى يؤمن من يؤمن بدعوتنا عن بينة.
أيها السادة ل تقلقوا فهذا ليس جهادنا .جهادنا هو الجهد النساني
المتواصل في طاعة الله ورسوله ،جهادنا هو جهاد باللسان والقلم والكلمة
والموعظة الحسنة .هذه هي دعوتنا ل تزيد ول تنقص .أما السيف والقتال
به فمعاذ الله أن نمت إليه بصلة .اللهم إل أن يُقال إننا ربما دافعنا عن
أنفسنا حيثما اعتدى علينا أحد.
يقول شيخ السلم ابن تيميه في كتابه الجهاد " :10-1/9إن شريعة السلم
ترفض القوة لجبار الناس إلى اعتناقه ،ونبيه صلعم ل يرضى بغير القناع
العقلي بديل ً لدخول الفراد في السلم! يقول الله تعالى مخاطبا ً رسوله
الكريم -عندما رغب في إيمان بعض أقاربه وألح عليه في ذلك } -أفأنت
تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين{ .ويقول تعالى للبشرية كلها} ل إكراه في
الدين{ والدعوة إلى الدين في شرع السلم يجب أن تكون بالكلمة الطيبة
والقناع السليم .يقول تعالى }ادع إلى سبل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن{.
يقول الشيخ يوسف القرضاوي" :لم يشهد تاريخ الديان تسامحا ً نظير
تسامح السلم والمسلمين مع غير المسلمين في المجتمع السلمي
وخارجه قديما ً وحديثاً .إن تاريخ التسامح السلمي مع أهل الديان الخرى
تاريخ ناصع البياض ،وقد شهد التاريخ كيف عاش هؤلء في غاية المان
والحرية والكرامة داخل المجتمع السلمي باعتراف المؤرخين المنصفين
ولوا هذا من الغربيين أنفسهم ،ولكن قوما ً لبسوا مسوح العلم يريدون أن ي ُ َ
ق ِّ
ملوه ما لم يحمله عنوة وافتعال ً يصطادون في الماء التاريخ ما لم يقله ،ويح ِّ
هدهم أن يشوهوا تاريخ ج
َ ْ هدوا ج
َ ِ الشريرة الغاية العكر .وفي سبيل هذه
ً
التسامح السلمي الذي لم تعرف له النسانية نظيرا ،متذرعين بحوادث
جزئية قام بها بعض العوام أو الرعاع في بعض البلد وبعض الزمان نتيجة
لظروف وأسباب خاصة تحدث في كل بلد الدنيا إلى يومنا هذا – راجع غير
المسلمين في المجتمع السلمي للشيخ يوسف القرضاوي.
في جعبة الداعية المسلم كل شيء جاهز وكل شيء موجود تحت الطلب .ما
على السائل إل أن يحدد مطلبه؛ خطب عصماء ،أحاديث وروايات ،حجج
وأعذار شرعية ،أحاديث قدسية ،وآيات قرآنية.
.1فإذا أراد المسلم إظهار السلم على أنه دين سلم تراه يخرج من
جعبته آية سورة النفال } :وإن جنحوا للسلم فاجنح لها{ أنفال .61وقد
أجمع علماء المسلمين على أن آية النفال 61مكية.
سؤال :كيف يجنح المسلمون للسلم والقرآن نفسه يأمرهم بعدم الجنوح
سلْم َ
ن{محمد عل َ ْ
و َ م ال ْ عوا إِلَى ال َّ ِ َ
وأنت ُ ُ وتَدْ ُ
هنُوا َ
للسلم وذلك في قوله} :فل ت َ ِ
.35
عوا
وتَدْ ُ
هنُوا َ
للسلم ونص آية سورة محمد صريح وواضح }فل ت َ ِ كيف يجنحون
َ سلْم وأَنت ُم ال َ
ن{؟و َ
ْ عل
ْ ُ إِلَى ال َّ ِ َ
الجنوح إلى السلم يعني تعطيل فريضة الجهاد .فهل يجوز شرعا ً تعطيل
الفريضة؟ سؤال ً نوجهه للجانحين للسلم ..
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين ل اعتداء فيه ول
َ قتُلُوا ْ الن َّ ْ
س ال ّتِي
ف َ ول َ ت َ ْ
عدوان منه ،تراه يخرج من جعبته آية سورة النعامَ } :
َ
ق{ النعام .151 ه إِل ّ بِال ْ َ
ح ِّ م الل ّ ُ
حَّر َ
َ
عتَدُواْ َ
ول َ ت َ ْ قاتِلُونَك ُ ْ
م َ ن يُ َ ه ال ّ ِ
ذي َ ل الل ّ ِ
سبِي ِ
في َقاتِلُوا ْ ِ
و َ
وآية سورة البقرةَ } :
دين{ البقرة.190 عت َ ِ ب ال ْ ُ
م ْ ح ِّ ن الل ّ َ
ه ل َ يُ ِ إ ِ َّ
فقد قال المام الطبري( :اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الية ،فقال
بعضهم هذه الية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك،
وقالوا أُمر فيها المسلمين بقتال من قاتلهم من المشركين والكف عمن
كف عنهم ثم نُسخت ببراءة) -تفسير الطبري.561/ 3
.1ثم نقل ذلك القول بسنده عن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن
أسلم ،ثم قال( :وقال آخرون بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين
بقتال الكفار لم يُنسخ ،وإنما العتداء الذي نهاهم عنه هو نهيه عن قتل
النساء والذراري) -تفسير الطبري - 562/ 3أحكام القرآن للجصاص 3/437و
.436
سؤال :كيف يأمر القرآن بعدم قتل النفس في الوقت الذي جعل فيه
علَيْك ُ ُ
م ب َالقتال فريضة إلهية مقدسة مثلها مثل الصلة والصيام} :كُت ِ َ
ل{ سورة البقرة .216وما م ال ْ ِ
قتَا ُ علَيْك ُ ُ م{ سورة البقرة } .183كُت ِ َ
ب َ صيَا ُ
ال ِّ
هي الحالت الذي يحق للمسلم فيها قتل النفس بالحق؟ وهل قتل غير
المسلم يعتبر من حالت قتل الحق؟ أجيبونا جزاكم الله كل خير.
كيف يأمر القرآن بعدم القتل والله نفسه يحب القتال والمقاتلين} :إ ِ َّ
ن
ُ َ َ
ه{ سورة الصف .4 سبِيل ِ ِ
في َ قاتِلُو َ
ن ِ ن يُ َ ب ال ّ ِ
ذي َ ح ّ الل ّ َ
ه يُ ِ
كيف يطالب القرآن المسلمين بعدم العتداء في الوقت الذي يطالبهم
َ
ن
منُو َ ن ل َ يُ ْ
ؤ ِ ذي َ قاتِلُوا ْ ال ّ ِ وبشدة بالعتداء على الخرين وذلك في قولهَ } :
ق
ح ِّ ْ
ن ال َن ِدي َ دينُو َ َ
ول ي َ ِ ه َ ُ
سول ُ وَر ُ ه َ م الل ّ ُحَّر َما َ ن َمو َر ُ ول َ ي ُ َ
ح ِّ ر َ خ ِ ول َ بِالْي َ ْ
وم ِ ال ِ ه َ َبِالل ّ ِ
ن{ التوبة . 29 ْ ْ ُ َ ْ ْ ُ ّ
غُرو َ صا ِ م َ ه ْ
و ُد َعن ي َ ٍ ة َجْزي َ َعطوا ال ِ حت ّى ي ُ ْ ب َ ن أوتُوا الكِتَا َ ذي َن ال ِ م َِ
لحظوا كيف أن الية تبدأ بأمر (قاتلوا).
ن لِل ّ ِ
ه{ البقرة .193 دّي ُ ويَكُو َ
ن ال ِ ة َ
فتْن َ ٌ حتَّى ل َ تَكُو َ
ن ِ م َ قاتِلُو ُ
ه ْ و َ
وفي قوله } َ
ُ
ه لِلّه{ سورة النفال .39 ن كُل ّ ُدّي ُن ال ِويَكُو َ ة َ فتْن َ ٌ ن ِ حتَّى ل َ تَكُو َ م َ ه ْ قاتِلُو ُ و َ} َ
م
ه ْ مو ُجدت ُّ ُ
و َ ث َ
حي ْ ُن َ ركِي َ م ْ
ش ِ قتُلُوا ْ ال ْ ُ
فا ْم َ حُر ُ هُر ال ْ ُ ش ُ خ ال َ ْ سل َ َ فإِذَا ان َ وقولهَ } :
واْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ّ ُ َ ْ ْ
وآت َ ُ
صلةَ َ موا ال ّ وأقا ُ د فإِن تَابُوا َ ص ٍمْر َ م كل َ ه ْ عدُوا ل ُ واق ُ م َ ه ْ صُرو ُ ح ُ وا ْ هم
َ ْ َ ُّ
خذُو ُ و ُ َ
م{ التوبة .5 ٌ حيِ َ
ر ٌ ّ ر فو ُ غَ هَ ّ الل نَ ّ إ
ْ ِ م ه
ُ َ يل ِ سب
َ ْ وا خلَ ف َ ة اَ ك زَ ّ ال
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين ضمن حرية العبادة
َ
ن قدْدي ِ للمخالفين ،تراه يخرج من جعبته آية سورة البقرة} :ل إِكَْراهَ ِ
في ال ِّ
ن الغي{ البقرة .256هذه الية من اليات المنسوخات. م ْ
شدُ ِ تَبَي َّ َ
ن الُّر ْ
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين تسامح وعفو ،تراه
يخرج من جعبته آية سورة المائدة} :فاعف عنهم واصفح إن الله يحب
المحسنين{ المائدة .13
كيف يأمر بالعفو والصفح وهو الذي يأمر اتباعه بقتل المخالفين أينما
م{ البقرة .191ه ْ
مو ُ ق ْ
فت ُ ُ ث ثَ ِ
حي ْ ُ
م َ قتُلُو ُ
ه ْ وا ْ
وجودواَ } :
م
ه ْقتُلُو ُ
وا ْ
م َ ه ْ خذُو ُ م{ النساء َ } .89
ف ُ ه ْ مو ُ جدت َّ ُو َث َ حي ْ ُ
م َه ْ قتُلُو ُ وا ْ
م َ ه ْخذُو ُ ف ُ} َ
ن م ْ ْ ْ ُ فا ْم َ ْ َ
خ ال ْ سل ََ م{ النساء َ } 91 ق ْ
ركِي َش ِ قتُلوا ال ُ حُر ُ هُر ال ُ ش ُ فإِذَا ان َ ه ْ مو ُ فت ُ ُ ث ثِ ِ حي ْ َُ
د{ التوبة .5 ص ر
َ ْ َ ٍ م َ
ل ّ ُ ك م ه َ ل ْ وا د
ُ ُع ْ
ق وا م ه
ُ رو ص حوا م ه
ُ ُو ذ خ
ُ و م ه
ُ مو ُ ّ ت جد و ث
ُ ي ح
ُ ْ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ ُ َ َ َ ْ
.1قال النيسابوري في كتابه الناسخ والمنسوخ عن آية السيف التوبة :5
هي آخر ما أُنزل من القرآن .هي الية الناسخة ،نسخت من القرآن مائة آية
وأربعا ً وعشرين آية -راجع المصدر السابق .284
.1وإذا أراد المسلم أن يُظهر السلم على أنه دين تعامل بكل إنسانية مع
ل جاِدلُوا أ َ ْ
ه َ أهل الكتاب ،تراه يخرج من جعبته آية سورة العنكبوت} :ول ت ُ َ
َ َ َ
م{ العنكبوت .46 ه ْ
من ْ ُ ن ظَل َ ُ
موا ِ ن إل ال ّ ِ
ذي َ س ُ
ح َ
يأ ْ ب إل بِال ّتِي ِ
ه َ الْكِتَا ِ
.1قال النسيابوري في آية سورة العنكبوت 46فيها من المنسوخ آية
واحدة} :ول تجادلوا أهل الكتاب إل بالتي هي أحسن إل الذين ظلموا منهم
وقولوا آمنا بالذي انزل إلينا وانزل إليكم{ العنكبوت .46نسختها آية سورة
التوبة } :29وقاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما
حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون{ -راجع المصدر السابق ص .255
.1وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين ذو علقة متميزة مع
َ
شدََّ الن ّا ِ
س ن أَ َ جعبته آية سورة المائدة} :لَت َ ِ
جدَ َّ المسيحيين ،تراه يخرج من
منُوا آ ن ذي ّ ل ل ً ةَ د و م م ه ب ر ْ
ق ن أَ
َ د ج تَ ول واُ ك ر ْ
ش عداوةً لِل َّذين آمنُوا الْيهود وال َّذين أ َ
َ َ ِ ِ ّ ْ َ َ ُ َ َ ّ َ َ
َ ِ َ َ ِ َ ُ َ َ ِ َ َ ََ َ َ
صاَرى{ المائدة .82 َ ُ َ
ن قالوا إِن ّا ن َ َ ال ّ ِ
ذي َ
كيف يكون النصارى أقرب مودة للمسلمين والقرآن يطالبهم بعدم
منُوا ْ لَ َ َ
نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ التقرب لهم وعدم اتخاذهم أصدقاء وذلك في قوله} :يَا أي ُّ َ
َ َ خذُوا ْ الْيهود والن َّصارى أ َ
فإِن َّ ُ
ه م َمنك ُ ْهم ِّ ول ّ ُمن يَت َ َو َ
ض َ
ع ٍولِيَاء ب َ ْ
مأ ْ ه ْ
ض ُع ُ ولِيَاء ب َ ْ
َّ ْ َ َ َ ُ َ َ تَت َّ ِ
ن{ المائدة 51 مي َ م الظال ِ ِ و َ ق ْ دي ال ْ َ ه ل َ يَ ْ
ه ِ ن الل ّ َ
م إ ِ َّ من ْ ُ
ه ْ ِ
.2وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين يساوي بين المؤمنين
هادُواْ َ َ َ
ن َ وال ّ ِ
ذي َ منُوا ْ َ نآ َذي َن ال ّ ِ
كافة ،تراه يخرج من جعبته آية سورة البقرة{ :إ ِ ّ
فل َهم أ َ َ
م ه
ُ ر ج
ُ ْ ْ ُ ْ َ ً حاِ ل صا
َ َ
ل مر َ ِ
ع
َ و خ ِ والْي َ ْ
وم ِ ال ِ ه َ ن بِالل ّ ِم َنآ َم ْ ن َ صابِئِي َوال َّ صاَرى َ والن َّ َ َ
زنُون} البقرة 62 ح َم يَ ْ ه ْ َ
ول ُ م َه ْ ْ يَ عل
َ ف
ٌ و
ْ خ َ َ ولَ م
ْ ه ّ ِ ب ر
َ َ د عن
ِ
ِ ِ
عندَ الل ّ ِ
ه ن ِ
دّي َ مع قوله} :إ ِ َّ
ن ال ِ 62 سؤال :هل تتماشى آية سورة البقرة
سل َ ُ
م{ آل عمران .19 ال ِ ْ
ن
م َ
ة ِ
خَر ِ
في ال ِ
و ِ
ه َ
و ُ
ه َ
من ْ ُ
ل ِ فلَن ي ُ ْ
قب َ َ سلَم ِ ِدينًا َ غ َ
غيَْر ال ِ ْ من يَبْت َ ِو َ
} َ
ن{ آل عمران .85 س ِ َ
ري ال ْ َ
خا ِ
َ َ فمن يرد الل ّ َ
ع ْ
ل ج َ ضل ّ ُ
ه يَ ْ ردْ أن ي ُ ِ
من ي ُ ِ سلَم ِ َ
و َ صدَْرهُ لِل ِ ْ
ح َ ه يَ ْ
شَر ْ دي َ ُ
ه ِه أن ي َ ْ
ُ ُ ِ ِ } َ َ
ضي ِّقا{ النعام .125 ً صدَْرهُ َ
َ
.3وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه قد آمن بالتوراة والنجيل
بعكس اليهود والمسيحيين الذي ل يؤمنون أن القرآن كتاب سماوي ،تراه
يخرج من جعبته آيات سورة المائدة:
َ َ
د ذَل ِ َ
ك ع ِ
ن بَ ْم ْ ن ِ ول ّ ْ
و َ ه ث ُ َّ
م يَت َ َ م الل ّ ِحك ْ ُ ها ُ في َوَراةُ ِ م الت َّ ْ
ه ُعنْدَ ُ و ِك َ مون َ َ حكِّ ُف يُ َ وكَي ْ َ } َ
ن{ المائدة .43 ي ن
ِ ُ ِ ِ َ م ْ
ؤ م ْ ال ب َ
ك ما أُول َ ِ
ئ و َ َ
َ َ َ }إِنَّا أَنَْزلْنَا الت َّ
نذي َ موا لِل ّ ِ سل َ ُنأ ْ ذي َ ن ال ّ ِ ها النَّبِيُّو َ م بِ َُ حك ُونُوٌر ي َ َْ هدًى ها ُ في َوَراةَ ِ ْ
َ
ه{ المائدة44 ب الل ّ ِ ن كِتَا ِ م ْ فظُوا ِ ح ِ
ست ُ ْ ما ا ْ حبَاُر ب ِ َوال َ ْ ن َ والَّرب َّانِي ُّو َهادُوا َ َ
ق َّ
ة ن الت َّ ْ
وَرا ِ م َه ِن يَدَي ْ ِ ما بَي ْ َ
قا ل ِ َ دّ ً
ص ِ
م َم ُ مْري َ َ ن َ سى اب ْ ِ عي َم بِ ِه ْ علَى آثَا ِ
ر ِ فيْنَا َ و َ } َ
هدًىو ُة َوَرا ِ َ
ن الت ّ ْ م َه ِ ن يَدَي ْ ِما بَي ْ َ ً
دّقا ل ِ َص ِ م َ
و ُ
ونُوٌر َ هدًى َ ه ُفي ِل ِ جي َ وآتَيْنَاهُ الِن ْ ِ َ
ن{ المائدة46 َ قيِ َ ّ ت م
ُ ْ لِ ل ة
ً َ عظِ و م و
َ َ ْ
َ ما أَنَْز َ َ ما أَنَْز َ
ل الل ّ ُ
ه حك ُ ْ
م بِ َ ن لَ ْ
م يَ ْ م ْ
و َ
ه َ
في ِ ل الل ّ ُ
ه ِ ل بِ َ
جي ِ
ل الِن ْ ِه ُم أَ ْ حك ُ ْولْي َ ْ
} َ
ن{ المائدة .47 قو َ س ُفا ِ ْ
م ال َ ه ُك ُ فأُولَئ ِ َ
َ
َ ما أَنَْز َ
ه من ل الل ّ ُ كيف يطلب القرآن من اليهود والنصارى أن يحكموا ب ِ َ
التوراة والنجيل في الوقت الذي نسب لهما القرآن تهمة التحريف ،وذلك
َ
ه{ النساء } .46 ع ِ
ض ِ وا ِ عن َّ
م َ م َ ن الْكَل ِ َ
فو َر ُ هادُوا ْ ي ُ َ
ح ِّ ن َذي َن ال ّ ِ
م َفي قولهِّ } :
ه{ ع ض وا م د
َ ْ ِ َ َ ِ ِ ِ ع ب من م
ِ َ ِ ل َ كْ ال ن
َ ُ
فو ر ح
ُ َ ِّ ي } .13 المائدة ه{ ع ض وا
ّ َ ِ ِ ِ َ
م عن ن الْكَل ِ َ َ
م ر ُ
فو َ ح ِّ
يُ َ
المائدة .41
ما أَنَْز َ
ل َ سؤال :هل يعني طلب القرآن من اليهود والنصارى أن يحكموا ب ِ َ
ه من التوراة والنجيل أن المسلمين عامة بأحمرهم وأسودهم يؤمنون الل ّ ُ
بصحة الكتاب المقدس الذي بين أيدينا ؟!
.4وإذا أراد المسلم أن يظهر السلم على أنه دين لم يفرق بين أنبياء
َّ َ
ه
منُوا بِالل ِ َ نآذي َ وال ّ ِ
الله وبين كتبه ،تراه يخرج من جعبته آية سورة النساءَ } :
َّ ُ م أُولَئ ِ َ َ
ه
ُ الل ن
َ اَ ك و م ه
مأ ُ َ ْ َ
ُ ر جو ه ْؤتِي ِ ف يُ ْ و َ س ْك َ ه ْمن ْ ُ
د ِح ٍنأ َ قوا بَي ْ َر ُ
ف ِّ م يُ َ ول َ ْه َسل ِ ِ وُر ُ َ
ه َ َ ُ ُ َ َ
غ ُ
زل إِلي ْ ِ ِ ما أن ْ سول ب ِ َ ن ال ّر ُ م َ ما{ النساء .152وآية َ سورة البقرة} :آ َ حي ً فوًرا َر ِ
َ ن ك ُ ٌّ
د
ح ٍ نأ َ رقُ بَي ْ َ ف ِّ ه ل نُ َ سل ِ ِوُر ُ ه َ وكُتُب ِ ِه َملئِكَت ِ ِ و َه َن بِالل ّ ِم َ لآ َ منُو َ ؤ ِ وال ْ ُ
م ْ ه َن َرب ِّ ِم ْ ِ
ن{ البقرة .285 م ْ ِ
سؤال :كيف ل تفرقون بين رسله وأنتم الذين جعلتم من يتيم أبي
طالب أفضل الخلق وأفضل وأشرف النبياء ،ومن أجله خلق جميع
المخلوقات؟!
.1عن جابر بن عبد الله قال :قلت يا رسول الله اخبرني عن أول شيء
خلقه الله تعالى قبل الشياء .قال يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الشياء
نور نبيك من نوره ،فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم
يكن في ذلك الوقت لوح ول قلم ول جنة ول نار ول ملك (ملئكة) ول سماء
ول أرض ول شمس ول قمر ول جن ول أنس ،فلما أراد الله أن يخلق الخلق
قسم ذلك النور أربعة أجزاء؛ فخلق من الجزء الول القلم ،ومن الثاني
اللوح ،ومن الثالث العرش ،ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء؛ فخلق من
الول السماوات ومن الثاني الرض ،ومن الثالث الجنة والنار ،ثم قسم
الرابع أربعة أجزاء؛ فخلق من الول نور أبصار المؤمنين ،ومن الثاني نور
قلوبهم وهي المعرفة بالله ،ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد ل إله إل
الله محمد رسول الله -راجع حجة الله على العالمين في معجزات سيد
المرسلين .. 1/35إلى ما ل آخر له من الستشهاد بمنسوخ القرآن.
ولعل سؤال ً يجول في بعض الخواطر ،أو يتردد على بعض اللسنة،
وهو:
إن أوامر القرآن وتعاليمه واضحة وصريحة} :يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا
اليهود والنصارى أولياء{ نهي عام بعدم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء ول
أصدقاء -راجع آل عمران .118
سؤال :أليس هذا هو النفاق بعينه؟ أليس هذا هو الرهاب بعينه؟ والعنصرية
بعينها؟ هل صدقت عندما قلت في مقدمتي :أن النفاق في السلم وسيلة
والرهاب لغة حوار؟
إن استشهاد المسلمين بآيات منسوخة لظهار فضائل السلم لهو دليل
على إفلس السلم من كل ما هو صالح ومفيد ..المر الذي اضطرهم
للجوء لستعمال التقية (النفاق) لظهار سماحة ورحمة ومسالمة السلم
بآيات منسوخات ،أي آيات ل حكم شرعي لها لنها قد أُلغيت (نُسخت) أي
أُزيلت وإن بقي حرفها ونصها موجود في القرآن.
هذا هو ،باختصار شديد ،ما يروجه المسلمون من خلل وسائل إعلمهم
وإعلنهم الموجهة لغير المسلمين.
لقد أجمع علماء المسلمين على أن الجهاد قد مر بثلث مراحل مختلفة :
وهي مقتصرة على العصر المكي .فلم يكن يوجد في العصر المكي إل
جهاد الدعوة والبيان.
فقد قال {فل تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا ً كبيراً} الفرقان .52
{أُذن للذين يُقاتَلُون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير} الحج
.39
وهـي أول آية نزلت في القتال كمـا قال ابن عباس .أُذن لهم في
القتال ولم يفرضه عليهم.
في هذه المرحلة أصبح القتال فريضة إلهية مكتوبة على المسلمين.
فكما {كتب عليكم الصيام} بقرة .183كذا أيضا ً {كتب عليكم القتال} بقرة
.216وهذه المرحلة ناسخة لما قبلها من المراحل ،وهي التي استقر عندها
حكم الجهاد ومات عليها نبي السلم .لم تكن مرحلة الجهاد الدعوي في
مكة ناتجة عن مسالمة ورحمة السلم ،بل كانت ناتجة عن ضعف حالة
المسلمين في بداية الدعوة في مكة.
.1يقول شيخ السلم ابن تيمية :فكان النبي في أول المر مأمورا ً أن
يجاهد الكفار بلسانه ل بيده … وكان مأمورا ً بالكف عن قتالهم لعجزه وعجز
المسلمين عن ذلك ،ثم لما هاجر إلى المدينة وصار له بها أعوان أُذن له في
الجهاد ،ثم لما قووا كُتب عليهم القتال ،ولم يُكتب عليهم قتال من سالمهم
لنهم لم يكونوا يطيقون قتال جميع الكفار ،فلما فتح الله مكـة وانقطع
قتال قريش ملوك العرب ووفدت إليه وفود العرب بالسـلم أمره الله
تعالى بقتال الكفار كلهم إل من كان له عهد مؤقت وأمره بنبذ العهود
المطلقة -الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لبن تيمية .1/74
.2وقال ابن القيم :فلما استقر رسـول الله بالمدينة وأيده الله بنصره
وبعباده المؤمنين وألف بين قلوبهم … رمتهم العرب واليهود عن قوس
واحدة ،وشمروا لهم عن سـاق العداوة والمحاربة وصاحوا بهم من كل
جانب ،والله يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتى قويت الشوكة واشتد
الجناح فأذن لهم حينئذ في القتال … -زاد المعاد .2/58
.3وقال ابن كثير :كان المؤمنون في ابتداء السلم وهم بمكة مأمورين
بالصلة والزكاة وإن لم تكن ذات النُصب ،وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء
منهم ،وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين،
وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليتشفوا من أعدائهم ولم يكن
الحال إذ ذاك مناسبا ً لسباب كثيرة؛ منها قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد
عدوهم ،ومنها كونهم كانوا في بلدهم وهو بلد حرام وأشرف بقاع الرض
فلم يكن المر بالقتال فيه ابتداء كما يقال ،فلهذا لم يؤمر بالجهـاد إل
بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار … -تفسير القرآن العظيم لبن
كثير 150\4 – 1/526
.4وقال أيضاً :وإنما شرع تعالى الجهاد في الوقت الليق به لنهم لما
كانوا بمكة كان المشركون أكثر عدداً ،فلو أُمر المسلمون وهم أقل من
العشر بنصره وصارت لهم دار إسلم ومعقل ً يلجئون إليه شرع الله جهاد
العداء -المصدر السابق .3/226
إن محاولة المسلمين تقسيم الجهاد إلى أصغر وهو الجهاد القتالي،
وأكبر وهو جهاد النفس ،وبالتالي إظهار الدعوة اللسانية أهم أنواع الجهاد
هو افتراء وهراء واستخفاف بعقول الخرين.
.1ومن النصوص أيضاً :قول النبي (رأس المر السلم وعموده الصلة
وذروة سنامه الجهاد - )...أخرجه الترمذي - 2616وابن ماجة - 3973وأخرجه
الحاكم .2/7
.2ومنها قول النبي( :من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان) -أخرجه مسلم - 49
وأبو داود - 1140والترمذي - 2172وابن ماجة - 4340والنسائي 4013و- 1275
وأحمد .3/54وقد بين الحديث السابق درجات التغيير ،وأعلها التغيير باليد
الذي يشمل القتال ،ول شك أن قوله( :فإن لم يستطع) يدل على أن كل
مرتبة تحتاج إلى جهد ومشقة أكبر من التي تليها ،وإنما يكون الجر على
قدر المشقة ،فمن لم يكن قادرا ً عليه فإنه ينتقل إلى ما هو أدنى منه حتى
ينتهي إلى أضعف اليمان وهو التغيير بالقلب .فدل ذلك على أن أقوى
اليمان التغيير باليد وأوسطه التغيير باللسان وأضعفه التغيير بالقلب.
كانت مرحلة القتصار على الجهاد الدعوي في العصر المكي ناتجة عن
حالة ضعف المسلمين .ولهذا كان يصفح ويعفو (وهل بيد الضعيف إل
الصفح والعفو) ؟! .لقد كان النبي مأمورا ً طيلة العصر المكي بالعفو
والصفح وكف اليد عن المشركين ،كما قال في القرآن{ :فاعفوا واصفحوا
حتى يأتي الله بأمره} البقرة .109 :و{قل للذين آمنوا يغفروا للذين ل
يرجون أيام الله} الجاثية .14
.1وعن ابن عباس( :أن عبد الرحمن بن عـوف وأصحـابا ً له أتوا النبي
بمكة فقالوا :يا رسول الله إنا كنا في عز ونحن مشـركون ،فلما آمنا صرنا
أذلة فقال :إني أمرت بالعـفو فل تقاتلوا …) -أخرجه النسائي - 3/6
والحاكم .2/307
وظل محمد على هذه الحال من الصبر والعفو إلى أن قويت شوكته،
فنسخ الصفح والعفو وحل محله القتال والقتل وأصبح الحوار السلمي
بالحديد الذي فيه بئس شديد.
.2قال المام ابن جرير الطبري في تفسير قوله{ :فاعفوا واصفحوا
حتى يأتي الله بأمره} البقرة ،109 :فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم
والصفح بفرض قتالهم حتى تكون كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة أو يؤدوا
الجزية عن يد صغاراً .ثم نقل الطبري القول بالنسخ عن ابن عباس وقتادة
والربيع بن أنس تفسير الطبري 504-2/503
.3وكذا نقل الحافظ ابن كثير في تفسير قوله{ :فاعفوا واصفحوا حتى
يأتي الله بأمره} البقرة .109 :نقل القول بالنسخ عن ابن عباس ثم قال:
(وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي :إنها منسوخة بآية
السيف ،ويرشد إلى ذلك أيضا ً قوله تعالى{ :حتى يأتي الله بأمره} - )...
تفسير القرآن العظيم .1/154
.4وقال ابن عطية في تفسيره لية السيف( :وهذه الية نسخت كل
موادعة في القرآن أو ما جرى مجرى ذلك ،وهي على ما ذكر مائة آية وأربع
عشرة آية) -تفسير ابن عطية .6/412
.6وقال في تفسير قوله{ :يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ
عليهم} التوبة .73 :وهذه الية نسخت كل شيء من العفو والصفح -الجامع
لحكام القرآن .8/20
.8وقال شيخ السلم ابن تيمية …( :فأمره لهم بالقتال ناسخ لمره لهم
بكف أيديهم عنهم) -الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح .1/66
وقد نقل الجماع على القول بالنسخ غير واحد من أهل العلم:
.11فقد قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى{ :قل للذين آمنوا يغفروا
للذين ل يرجون أيام الله} الجاثية( ،14 :وهذه الية منسوخة بأمر الله بقتال
المشركين ،وإنما قلنا هي منسوخة لجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك)
-تفسير الطبري .25/144
.13وقال الشوكاني( :أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على
السلم أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية ...وما
ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق
المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال مع ظهور القدرة
عليهم والتمكن من حربهم وقصدهم إلى ديارهم) -السيل الجرار .519-4/518
.14ونقل الجماع أيضا ً صديق حسن خان بنفس ألفاظ الشوكاني دون أن
ينسب القول إليه) الروضة الندية .2/333
.15فقد أقر الزركشي في برهانه بأن آية السيف ناسخة ليات الصفح
والعفو ،وزاد على ذلك أن جعل آية السيف منسوخة بآية سيف أهل الكتاب -
أحكام القرآن لبن العربي - 1/110والبرهان للزركشي .2/3
سل َ َ
خ فإِذَا ان َ .16قال النيسابوري في كتابه (الناسخ والمنسوخ) في قولهَ { :
مه ْصُرو ُ ح ُوا ْ
م َ ه ْخذُو ُ
و ُ م َه ْ
مو ُ جدْت ُ ُ
و َ
ث َ حي ْ ُن َركِي َش ِم ْ قتُلُوا ال ْ ُفا ْ م َ هُر ال ْ ُ
حُر ُ ش ُ ال َ ْ
ُ َ َ
م
ه ْ سبِيل َ ُخل ّوا َ ف َوا الَّزكَاةَ َوآت َ ْ
صلةَ َموا ال َّ قا ُوأ َ ن تَابُوا َ
فإ ِ ْد َ ص ٍ
مْر َ ل َ م كُ ّ ه ْعدُوا ل َ ُ ق ُوا ْ َ
َ
هغ ُ َ ّ إ ِ َّ
م} توبة 5هي الية الناسخة ،نسخت من القرآن مائة آية رحي ٌ فوٌر َِ ن الل َ
وأربعا ً وعشرين آية -راجع المصدر السابق .284
.18وقال ابن عباس في هذه الية :لم يبق لحد المشركين عهد ول ذمة
منذ أن نزلت (براءة) = أي سورة التوبة .ونقل عنه العوفي وعلي بن أبي
طلحة – راجع تفسير القرطبي وابن كثير في شرحهم لية التوبة .5
.19وقال الكلبي صاحب تفسير (التسهيل في علوم التنزيل) ونقدم هنا ما
جاء من نسخ مسالمة الكفار والعفو عنهم والعراض والصبر على آذاهم
بالمر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه ،فإنه وقع منه في
القرآن مائة وأربع عشرة آية من أربع وخمسين سورة ،نسخ ذلك كله بقوله:
{فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
.20قال الحسن بن فضل فيها :هي آية السيف نسخت هذه الية كل آية
في القرآن فيها ذكر العراض والصبر على أذى العداء -راجع تفسير ابن
كثير.
.21وقال ابن حزم في كتابه الناسخ والمنسوخ :في القرآن مائة وأربع
عشرة آية في ثمان وأربعين سورة نسخت الكل بقوله{ :اقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم} .
وقد لخص المام ابن القيم تلك المراحل في قوله( :وكان محرما ً ثم مأذوناً
به ثم مأمورا ً به لمن بدأهم بالقتال ثم مأمورا ً به لجميع المشركين )...زاد
المعاد .2/58
بعد أن بينا القليل جدا ً من النفاق في السلم .دعونا ننتقل لمسألة العنف
والرهاب في السلم.