You are on page 1of 32

‫الفصل الثالث‬

‫ـ العنصرية في السلم ـ‬

‫‪ .1‬مقدمة‬

‫‪ .2‬أحكام أهل الذمة ـ الشروط العمرية‬

‫ـ العلن العالمي لحقوق النسان‬

‫‪ .3‬علقة المسلم بغير المسلم ـ الموالة في اللغة‬

‫ـ الموالة في الشرع‬

‫ـ خرافة مقولة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)‬

‫ـ علقة المسلم بغير المسلم من القرآن والسنة‬

‫‪ .4‬أحكام الديار ـ تقسيم العالم إلى دارين من القرآن والسنة‬

‫ـ تعريف دار السلم ودار الكفر‬

‫ـ مقدمة ـ‬

‫"في الثلث الول من القرن التاسع عشر‪ ،‬عرف المسيحيون‪ ،‬رعايا‬


‫المبراطورية العثمانية‪ ،‬فترات من المل بامتلك الحرية بفضل المصالح‬
‫التي كانت تربط الحكم العثماني وبعض الدول الغربية وبفضل الضغوط‬
‫التي كانت تمارسها هذه الدول على تركيا السلمية لمنح رعاياها الحقوق‬
‫الساسية‪ .‬على هذا الساس‪ ،‬سنت الحكومة العثمانية قوانين إصلحية‬
‫غايتها تحديث نظام الحكم وتحقيق المساواة والعدل والحرية بين جميع‬
‫المواطنين العثمانيين‪ .‬وتعدل نظام القليات غير السلمية في عهد‬
‫السلطان عبد المجيد (‪ )1861 -1839‬بموجب مشروع إصلحي عرف بالخط‬
‫الشريف – غولخانه ‪ -‬الذي صدر بتاريخ ‪ 3‬تشرين الول ‪ ،1839‬ونص على‬
‫ضمان أمن المواطنين المنتمين إلى أي دين أو طائفة‪ .‬وبموجب هذا‬
‫اللتزام وضعت قاعدة المساواة العلنية بين المسلمين وغير المسلمين‬
‫لول مرة منذ الفتح السلمي‪ .‬لكن هذا اللتزام لم يتخذ في الواقع ترجمة‬
‫عملية نظرا ً لمعارضة الرأي العام السلمي له‪ .‬فبقى حبرا ً على ورق‪.‬‬

‫كانت السياسة العثمانية تمنح المسيحيين المساواة والعدل على الورق من‬
‫ناحية‪ ،‬وتدبر لهم الدسائس من ناحية أخرى‪ ،‬كما حدث في أحداث ‪ 1841‬و‬
‫‪ - 1860‬مذابح المسيحيين في لبنان وسوريا ‪ -‬ليس فقط في لبنان وسوريا‬
‫بل في أوروبا الشرقية وأرمينيا خلل الربع الخير من القرن التاسع عشر‬
‫ومطلع القرن العشرين‪ .‬وتزامنت الصلحات مع المجازر على مدى ثمانية‬
‫عقود‪ ،‬وانتهت بوضع حد لقدر كبير من الوجود المسيحي في المبراطورية‬
‫العثمانية وجوارها‪ .‬وكان للمسؤولين السياسيين في تقرير وتنظيم المجازر‬
‫نصيب واضح‪ ،‬أثبتتها الوقائع والوثائق ‪ -‬راجع حسر اللثام عن نكبات الشام‬
‫ص ‪ 96‬و ‪.111‬‬

‫قبل وقوع المجازر في دمشق عام ‪ ،1860‬انتشر بين الناس بيان موجه ضد‬
‫سياسة الصلحات العثمانية التي تمنح المسيحيين حق المساواة‬
‫بالمسلمين‪ .‬اعتبر البيان هذه الصلحات تجاوزا ً للقوانين السلمية‬
‫المفروضة منذ عهد المام عمر بن الخطاب (غايتهم ‪ -‬أي النصارى ‪ -‬مساواة‬
‫المسلمين ل بل إحراز السيادة عليهم وهم يجهلون أن المسلمين صمموا‬
‫على إبادتهم عمل ً بتعاليم الشريعة الغراء) على حد ما جاء في ترجمة البيان‬
‫الذي أكد على نقاط اعتبرها أساسية‪ :‬منها (أولً‪ :‬إن سفك دم المسيحيين‬
‫وهتك حرمة عرضهم واغتصاب أموالهم وحرق كنائسهم وتدمير بيوتهم مباح‬
‫لنهم امتنعوا عن دفع مال العناق (الجزية)‪ .‬وثانياً‪ :‬إن كثيرا ً من الفتاوى‬
‫الهندية والبخارية تنهي بصراحة عن السماح للمسيحيين باشتداد ساعدهم‬
‫وتوجب إضعافهم بإهلك نسلهم وتخريب بيوتهم وعرقلة جميع أعمالهم‪،‬‬
‫وقصارى القول منع نجاحهم)‪ .‬أضاف البيان‪( :‬استيقظي أيتها المة‬
‫السلمية واستأصلي شأفة خدمة الصليب في هذه البلد المقدسة)‪.‬‬

‫ودعا البيان إلى انتهاز فرصة إنهاك قوة الدول الوروبية في حرب القرم‬
‫للتغلب على المة المسيحية‪.‬‬

‫(فقد آن وقت محو آثارها ودنا أجلها)‪ .‬وكشف البيان عن مؤامرة كانت‬
‫تدبرها الجمعيات السرية المؤسسة في الستانة بمعاونة (الوزراء والعلماء‬
‫وأعيان المة السلمية) على خلع السلطان وإبادة المسيحيين‪:‬‬

‫صممنا بالتفاق مع الوزراء والعلماء على إبادة المسيحيين قاطني جبل‬


‫لبنان ودمشق وحلب وحمص وحماة وسائر المدن السورية‪ .‬وقد آثرنا الفتنة‬
‫في لبنان فأهلكناهم وشتتنا الباقين‪ .‬فإذا حدث عندكم مثل هذا‪ ،‬ل تغيثوا‬
‫المسيحيين‪ ،‬إنما تصرفوا بحكمة وأفيدونا لنعلمكم كيف تتدبرون) ‪ -‬راجع‬
‫حروب اللهة‪ .‬إصدار مركز العلم الكاثوليك ص ‪. 9-8‬‬

‫لم تقف عند هذا الحد‪ ،‬الوامر الصادرة عن أناس موجودين في موقع‬
‫المسؤولية‪ ،‬للقضاء على الوجود المسيحي في منطقة الشرق الوسط‪.‬‬
‫ففي عام ‪ ،1919‬صدر أمر عن وزير الداخلية في الحكومة العثمانية‪( ،‬طلعت‬
‫باشا)‪ ،‬إلى والي حلب نوري بك‪ ،‬يقضي بإبادة الشعب الرمني يقول فيه‪:‬‬
‫بالرغم أن قرارا ً سابقا ً اتخذ في سبيل القضاء على العنصر الرمني‪000‬‬
‫فإن مقتضيات الزمن لم تكن توفر إمكانية تحقيق هذه النية المقدسة‪.‬‬
‫والن بعد القضاء على العقبات‪ ،‬ونظرا ً إلى أنه جاء وقت تخليص الوطن من‬
‫هذا العنصر الخطر‪ ،‬نوصيكم بإلحاح أن ل تستسلموا لمشاعر الشفقة أمام‬
‫وضعهم البائس‪ .‬وأنه في سبيل وضع حد لوجودهم يجب أن تعملوا بكل ما‬
‫لديكم من عزم على القضاء على السم الرمني في تركيا ‪ -‬راجع‪ :‬مجازر‬
‫الرمن‪ ،‬مذكرات نعيم بك ص ‪.43‬‬
‫نذكر هذه المور التاريخية في مقدمة فصلنا هذا لنبين أن مسألة مساواة‬
‫المسلمين مع الذميين أمر خرافي ترفضه الشريعة السلمية بشدة لنه‬
‫يتنافى مع تعاليم القرآن والسنة‪.‬‬

‫نقول يُعتبر التنوع ظاهرة كونية من مظاهر الخلق الكبرى‪ ،‬إنها ظاهرة‬
‫كونية شملت جميع الموجودات الروحية والمادية العاقلة والغير عاقلة دون‬
‫استثناء‪ .‬هذا التنوع ليس تنوعا ً في الشكال فقط‪ ،‬بل هو تنوع في المهمات‬
‫وفي الوظائف‪ ،‬وفي الجوهر‪ ،‬وفي المظاهر الخارجية‪ .‬إنه تنوع يستوعب‬
‫كل شيء ويشمل كل شيء‪.‬‬

‫أما شريعة السلم بتعاليمها وأحكامها تحاول تغيير هذه الظاهرة الكونية‪.‬‬
‫بمعنى آخر‪ :‬شريعة السلم ترفض التنوع‪.‬‬

‫فكل ما يخالف السلم في قليل أو كثير‪ ،‬في عقيدته أو شريعته‪ ،‬هو ليس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫سول َ ُ‬ ‫س َ‬
‫ل َر ُ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫حقاً‪ ،‬بل باطل‪ .‬باطل يجب إزالته بشتى الطرق‪ُ { .‬‬
‫ه َ‬
‫ن} الصف ‪.9‬‬ ‫ركو َ‬‫ُ‬ ‫ش ِ‬‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫رهَ ال ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و كَ ِ‬ ‫ن كُل ِّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫علَى ال ِ‬
‫دّي ِ‬ ‫ق لِيُظْ ِ‬
‫هَرهُ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫وِدي ِ‬ ‫بِال ْ ُ‬
‫هدَى َ‬

‫السلم يحاول أن يثبت نفسه عن طريق نفي الخر‪ ،‬وتاريخ السلم حفل‬
‫بالعديد والعديد من الحروب وأعمال العنف والرهاب التي كان منشؤها‬
‫محاولة نفي الخر‪ ،‬وهذا ما يفسر كثرة الحروب الدينية التي احتلت مساحة‬
‫كبيرة جدا ً من تاريخ السلم‪.‬‬

‫لم تشهد البشرية بتاريخ ويلتها ونكباتها السود أمة نادت وأيدت ومارست‬
‫العنصرية بجميع أنواعها وأشكالها مثل أمة السلم‪ .‬فبرغم كثرة استشهاد‬
‫المسلمين بآيات وأحاديث العدل والمساواة والمسامحة والعفو عند المقدرة‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬رغم هذا كله يبقى الواقع القرآني‬
‫والسنة والتاريخ السلمي وواقع حال المسلمين شهود عدل على عنصرية‬
‫وتتارية وبربرية وظلم شريعة السلم‪.‬‬

‫نعم السلم عنصري في تعاليمه وتشريعاته وعنصري في أحكامه‪ .‬والشيء‬


‫المضحك والملفت للنظر هو أنهم يحاربون الصهيونية لنها عنصرية الفكر‬
‫والمنطلق والساس!!!‪.‬‬

‫حاربوا الصهيونية العنصرية‪ ،‬وتغافلوا عن تعاليم شريعتهم التي فاقت‬


‫بأضعاف المرات عنصرية ووحشية النازية‪ .‬هتلر أراد أن يمحو عرق‪ ،‬أما‬
‫شريعة خاتم النبياء الذي بعث رحمة للعالمين تريد أن تمحو كل العراق‬
‫الغير مسلمة‪.‬‬

‫ل قيمة ول كرامة ول مكانة ول حرمة ول حقوق في السلم لغير‬


‫المسلمين‪ .‬إنها حقيقة أعلنها القرآن‪ ،‬وأيدتها وبينتها السنة‪ ،‬وشرحها وبين‬
‫مدلولتها وأحكامها الشرعية وبشكل دقيق ومفصل فقهاء وعلماء‬
‫المسلمين قديما ً وحديثاً‪.‬‬

‫السلم وضع أهل القليات الدينية داخل معسكر إبادة جماعي وأحاطوه‬
‫بسياج القهر والظلم والقسوة وكتبوا على بوابته الكبرى (ل إكراه في‬
‫الدين)‬
‫ول نبالغ إذا قلنا أن تاريخ القهر والظلم النساني لم يشهد بكل بشاعته‬
‫وظلمه وقسوته عنصرية وقهر وظلم واستبداد وتكبر وسحق مثل التي‬
‫جاءت به شريعة السلم من أحكام تتعلق بأهل الذمة في السلم‪ :‬أحكام‬
‫كنائسهم‪ ،‬وأحكام لباسهم وغيارهم‪ ،‬وأحكام معاملتهم والتعامل معهم‪.‬‬

‫لقد قسمت الشريعة السلمية أبناء الوطن الواحد إلى قسمين؛ أصحاب‬
‫مواطنة كاملة وهم المسلمين‪ ،‬وأصحاب مواطنة ناقصة وهم الذميين (أهل‬
‫الكتاب اليهود والمسيحيين)‪ .‬فالذي يحق للمسلم ل يحق للذمي والذي يجوز‬
‫للذمي ل يجوز على المسلم وبالعكس‪.‬‬

‫ولكي ل يتهمنا البعض بالفتراء على شريعة السماحة الذي أتى بها نبي‬
‫الرحمة صلوات الله عليه وسلم‪ ،‬دعونا نستعرض وبشكل مختصر وسريع‬
‫بعض (أحكام أهل الذمة في السلم) ليرى القارئ إلى أي حد أكرم السلم‬
‫النسان‪.‬‬

‫ـ أحكام أهل الذمة في السلم ـ‬

‫في الشروط العمرية‬

‫ل بد لمن شاء دراسة تاريخ النصرانية في السلم‪ ،‬منذ الحتلل السلمي ‪-‬‬
‫الفتح ‪ -‬إلى يومنا هذا‪ ،‬البحث في السباب والعوامل التي أدت إلى تقلص‬
‫ظل المسيحية وانحطاطها في الشرق‪ ،‬بعد أن كانت شائعة في أعظم‬
‫المعابد‪ ،‬سائدة في أكثر المصار‪ .‬وأول ما يبدو له من هذه السباب‪ ،‬بعد‬
‫تغلب الدين السلمي‪ ،‬هو الشروط العمرية التي أوجبها الشرع السلمي‬
‫على أهل الذمة‪ ،‬ومعظمهم من أهل الكتاب‪ .‬وهذه الشروط هي التي جَّرت‬
‫عليهم في كل حين أصناف المحن والشدائد‪ ،‬وأرغمت الكثيرين منهم على‬
‫الخروج من دين آبائهم‪ ،‬وانتحال السلم صيانة لدمائهم وأموالهم‬
‫وأعراضهم‪ ،‬وهربا ً من الذل والصغار‪ .‬فأقفرت الديار والديار‪ ،‬وعادت‬
‫الكنائس مساجد‪ ،‬والبِيَع معابد‪ ،‬والصوامع جوامع لعبدة الشيطان ‪ -‬كما قال‬
‫العماد الصبهاني في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لبى شامة‬
‫‪.2/134‬‬

‫نقول‪ :‬الشروط العمرية هي مجموعة الشروط والحكام التي بُنيت عليها‬


‫مظالم النصارى مدة أربعة عشر قرناً‪ ،‬وهي التي شتت شملهم في الشرق‬
‫والغرب وأخلت بيعهم وديارهم‪ ،‬واستنزفت أموالهم ودماءهم وأباحت‬
‫حرماتهم العامة والخاصة‪ .‬فما هي تلك الشروط؟‬

‫الشروط العمرية‪:‬‬

‫قال الخلل في كتابه (أحكام أهل الملل)‪ :‬أخبرنا عبد الله بن أحمد فذكره‪.‬‬
‫وذكر سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الحمن بن غنم قال‪ :‬كتبت لعمر‬
‫بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرطهم عليهم فيه‪:‬‬

‫دثوا في مدينتهم ول فيما حولها ديرا ً ول كنيسة ول قلية ول‬


‫أن ل يح ِّ‬
‫صومعة راهب‪ ،‬ول يجددوا ما خرب‪ ،‬ول يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من‬
‫المسلمين ثلثة ليالي يطعمونهم‪ ،‬ول يؤووا جاسوساً‪ ،‬ول يكتموا غشاً‬
‫للمسلمين‪ ،‬ول يعلموا أولدهم القرآن‪ ،‬ول يظهروا شركاً‪ ،‬ول يمنعوا ذوي‬
‫قرابتهم من السلم إن أرادوه‪ ،‬وأن يوقروا المسلمين‪ ،‬وأن يقوموا لهم‬
‫من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس‪ ،‬ول يتشبهوا بالمسلمين في شئ من‬
‫لباسهم ول يتكنوا بكناهم‪ ،‬ول يركبوا سروجاً‪ ،‬ول يتقلدوا سيفاً‪ ،‬ول يبيعوا‬
‫الخمور‪ ،‬وأن يجزوا مقادم رؤوسهم‪ ،‬وأن يلزموا زيهم حيثما كانوا‪ ،‬وأن‬
‫يشدوا الزنانير على أوساطهم‪ ،‬ول يظهروا صليبا ً ول شئ من كتبهم في‬
‫شئ من طرق المسلمين‪ ،‬ول يجاوروا المسلمين بموتاهم‪ ،‬ول يضربوا‬
‫بالناقوس إل ضربا ً خفيفاً‪ ،‬ول يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في‬
‫شئ من حضرة المسلمين‪ ،‬ول يخرجوا شعانين‪ ،‬ول يرفعوا أصواتهم مع‬
‫موتاهم‪ ،‬ول يظهروا النيران – الشموع ‪ -‬معهم‪ ،‬ول يشتروا من الرقيق ما‬
‫جرت فيه سهام المسلمين‪.‬‬

‫فإن خالفوا شيئا ً مما شرطوه‪ ،‬فل ذمة لهم‪ ،‬وقد حل للمسلمين منهم ما‬
‫يحل لهل الشقاق والمعاندة ‪ -‬أحكام أهل الذمة لبن القيم الجوزي ‪114 /2‬‬
‫–‪ .115‬راجع أيضا الجهاد لبن تيمية ‪ 2/223‬والخراج لبو يوسف ص ‪- 140‬‬
‫‪. 153‬‬

‫وقد تضمنت شروط عمر هذه جمل ً من العلم تدور على ستة فصول‪:‬‬

‫الفصل الول‪ :‬في أحكام الكنائس والبيع والصوامع وما يتعلق بذلك –‬
‫(البيعة هي الكنيس اليهودي)‬

‫الفصل الثاني‪ :‬في أحكام ضيافتهم للمارين بهم وما يتعلق بها‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬فيما يتعلق بضرر المسلمين والسلم‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬فيما يتعلق بتغيير لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في‬


‫المركب واللباس وغيره‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬فيما يتعلق بإظهار المنكر من أفعالهم وأقوالهم مما نهوا‬
‫عنها‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬في أمر معاملتهم للمسلمين بالشركة ونحوها ‪ -‬أحكام‬


‫أهل الذمة في السلم ابن قيم الجوزي ص ‪116 /2‬‬

‫ملحظة‪ :‬ل نريد سرد جميع الحكام لن هذا أمر يطول شرحه‪ ،‬لكننا سوف‬
‫نعرض فقط ما يهمنا من أحكام اتفق عليه جمهور علماء المسلمين‪.‬‬

‫قال الماوردي في أحكامه‪ :‬يجب على أهل الذمة‪ ،‬بالضافة إلى ما ذُكر أن‬
‫رط عليهم في عقد الذمة‪ ،‬وقد بينا في بحثنا لعقد الذمة أن‬
‫يقوموا بما اشت ِ‬
‫هناك شروطا ً تجب عليهم دون أن تذكر في عقد الذمة وقد ذكرتها هناك‪.‬‬

‫يقول الماوردي‪ :‬ويشترط عليهم في عقد الذمة شرطان مستحق ومستحب‪.‬‬


‫أما المستحب فستة أشياء‪:‬‬
‫الولى‪ :‬تغيير هيئاتهم بلبس الغيار وشد الزنار‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن ل يعلون على المسلمين في البنية‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن ل يسمعوهم أصوات نواقيسهم‪ ،‬وتلوة كتبهم‪ ،‬ول قولهم في‬
‫المسيح‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬أن ل يجاهروهم بشرب خمورهم‪ ،‬ول بإظهار صلبانهم وخنازيرهم‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬أن يخفوا دفن موتاهم‪،‬ول يجاهروا بندب عليهم ول نياحة‪.‬‬

‫السادس‪ :‬أن يمتنعوا عن ركوب الخيل ‪ -‬راجع أحكام الماوردي ص ‪.14‬‬

‫في أحكام الكنائس والبيع والصوامع وما يتعلق بذلك ‪:‬‬

‫‪ .0‬ل نظهر عليها صليباً‬

‫لما كان الصليب من شعائر الكفر الظاهرة‪ ،‬كانوا ممنوعين من إظهاره‪.‬‬


‫قال أحمد في رواية حنبل‪ :‬ول يرفعوا صليبا ً ول يظهروا خنزيرا ً ول يرفعوا‬
‫نارا ً ول يظهروا خمرا ً وعلى المام منعهم من ذلك‪.‬‬

‫وقال عبد الرزاق‪ :‬حدثنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال‪:‬‬


‫كتب عمر بن عبد العزيز أن يمنع النصارى في الشام أن يضربوا ناقوسا ً ول‬
‫قدر على من فعل من ذلك شيئا ً بعد‬
‫يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم فإن ُ‬
‫التقدم إليه فإن سلبه لمن وجده‪ .‬وإظهار الصليب بمنزلة إظهار الصنام‬
‫فإنه معبود النصارى كما أن الصنام معبود أربابها ومن أجل هذا يسمون‬
‫عباد الصليب‪ .‬ول يمكنون من التصليب على أبواب كنائسهم وظواهر‬
‫حيطانها ول يتعرض لهم إذا نقشوا ذلك داخلها ‪ -‬كتاب أحكام أهل الذمة‪،‬‬
‫الجزء ‪ ،3‬صفحة ‪ .1240‬راجع الخراج لبي يوسف ‪. 178 - 176‬‬

‫‪ .1‬ول نضرب نواقيسنا إل ضربا ً خفيفا ً في جوف كنائسنا‬

‫لما كان الضرب بالناقوس هو شعار الكفر وعلمه الظاهر اشترط عليهم‬
‫تركه‪.‬‬

‫وقال عمر بن الخطاب (إن أحق الصوات أن تخفض أصوات اليهود‬


‫والنصارى في كنائسهم)‬

‫وقال أبو الشيخ في كتاب (شروط عمر) حدثنا طاهر بن عبد الله ‪000‬‬
‫عن أنس بن مالك قال (إذا نقس بالناقوس اشتد غضب الرحمن عز وجل‪،‬‬
‫فتنزل الملئكة‪ ،‬فتأخذ بأقطار الرض فل تزال تقول (قل الله أحد) حتى‬
‫يسكن غضب الرب ‪ -‬راجع‪ :‬أحكام أهل الذمة ص‪ - 153 /2‬راجع أيضاً‪:‬‬
‫الخطط للمقريزي ‪ 1/263‬و‪ 507 /2‬و‪ 494-492 /2‬وكتاب الروضتين لبي‬
‫شامة ‪.2/11‬‬

‫‪ .2‬ول نرفع أصواتنا في الصلة ول في القراءة في كنائسنا مما يحضره‬


‫المسلمون‬

‫لما كان ذلك من شعار الكفر منعوا من إظهاره‪ .‬قال أبو الشيخ حدثنا‬
‫عبد الله بن عبد الملك الطويل‪ ،‬حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب‪ ،‬حدثنا عمرو‬
‫بن عثمان‪ ،‬حدثنا بقية عن ضمرة قال‪ :‬كتب عمر بن عبد العزيز أن امنعوا‬
‫النصارى من رفع أصواتهم في كنائسهم فإنها أبغض الصوات إلى الله عز‬
‫وجل وأولها أن تخفض‪ .‬وقال أحمد في رواية أبي طالب ول يرفعوا‬
‫أصواتهم في دورهم‪.‬‬

‫وقال الشافعي واشترط عليهم أل يسمعوا المسلمين شركهم ول‬


‫يسمعونهم ضرب ناقوس فإن فعلوا ذلك عزروا انتهى فرفع الصوات التي‬
‫منعوا منها ما كان راجعا ً إلى دينهم وإظهار شعاره كأصواتهم في بحوثهم‬
‫ومذاكرتهم ونحو ذلك ‪ -‬كتاب أحكام أهل الذمة‪ ،‬الجزء ‪ ،3‬صفحة ‪ .1241‬و‪/2‬‬
‫‪.154‬‬

‫في أحكام الكنائس‬

‫تنحصر مسألة بناء وترميم الكنائس في أربعة جوانب‪ ،‬تقسم البلد إلى‬
‫القسام التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬بلد أسلم عليها أهلها‪.‬‬

‫‪ .2‬وبلد م َّ‬
‫صرها المسلمون كالبصرة والكوفة‪.‬‬

‫‪ .3‬وبلد فتحها المسلمون عنوة‪.‬‬

‫‪ .4‬وبلد صولح أهلها عليها‪.‬‬

‫وبناء الكنائس والمعابد لهل الذمة يختلف باختلف هذه القسام ‪:‬‬

‫‪ .1‬فالبلد التي أسلم عليها أهلها والبلد التي مصرها المسلمون يُمنع‬
‫أهل الذمة من أن يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة ‪ -‬راجع‪ :‬أحكام أهل الذمة لبن‬
‫الجوزي ‪ 118 - 2/116‬والمغنى المحتاج ‪ 4/253‬وبدائع الصنائع للكاساني‬
‫‪7/114‬والمغنى لبن قدامه ‪.10/60‬‬

‫‪ .2‬أما ما مصرته العرب‪ ،‬فليس لهم أن يحدثوا فيه بناء بيعة ول كنيسة‪،‬‬
‫ول يضربوا فيه بناقوس ول يظهروا فيه خمراً‪ ،‬ول يتخذوا فيه خنزيراً‪ ،‬وكل‬
‫مصر كانت العجم مصرته ففتحه الله على العرب ‪ -‬المسلمين ‪ -‬فنزلوا على‬
‫حكمه فللعجم ما في عهدهم‪ ،‬وللعرب أن يوفوا لهم بذلك ‪ -‬راجع الخراج‬
‫لبي يوسف ص ‪.149‬‬

‫(يستدل أن هذا البلد ملكا ً للمسلمين‪ ،‬وما دام كذلك فل يجوز إظهار‬
‫معابد الكفر فيه) ‪ -‬راجع المغنى لبن قدامه ‪.610 /10‬‬

‫‪ .3‬أما البلد التي فتحت عنوة‪ ،‬فل يجوز تمكينهم من إحداث بيعة ول‬
‫كنيسة؛ وذلك لن المسلمين قد امتلكوها بالفتح وأصبحت في حكم ما‬
‫مصره المسلمون ‪ -‬راجع‪ :‬مغنى المحتاج ‪ 254 /4‬والمغنى لبن قدامه‬
‫‪10/610‬‬

‫‪ .4‬وأما الكنائس والبيع الموجودة قبل الفتح‪ ،‬فللفقهاء فيها أقوال‪:‬‬

‫‪ .1‬قال ابن القاسم من المالكية‪ :‬تبقى ولو بل شرط‪.‬‬

‫‪ .2‬والحنفية قالوا‪ :‬يمنعون من الصلة فيها‪ ،‬وتبقى كالمساكن ول تهدم‬


‫وتتخذ للسكن ‪ -‬راجع‪ :‬بدائع الصنائع ‪114 /7‬‬

‫‪ .3‬أما الحنابلة فلهم في هذا روايتان؛ الولى‪ :‬أن تهدم لنها بلد مملوكة‬
‫للمسلمين‪ .‬فل يجوز أن تكون فيها بيعة كالذي مصره المسلمون‪ .‬والرواية‬
‫الثانية للحنابلة‪ :‬يجوز بقاؤها لن الصحابة قد فتحوا كثيرا ً من البلد فلم‬
‫يهدموا شيئا ً من الكنائس‪.‬‬

‫‪ .4‬أما الشافعية فقالوا بوجوب هدمها في الصح‪.‬‬

‫‪ .1‬يقول ابن القيم الجوزي (هذه البلد بحالتها المختلفة صافية للمام‬
‫إن أراد أن يقر أهل الذمة فيها ببدل الجزية جاز‪ ،‬فلو أقرهم المام أن‬
‫يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة‪ ،‬أو يظهروا فيها خمرا ً أو خنزيرا ً أو ناقوسا لم‬
‫ً‬
‫يجز‪ .‬وإن شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان الشرط والعقد فاسداً‪ ،‬وهو‬
‫اتفاق المة ل يعلم بينهم فيه نزاع‪.‬‬

‫‪ .2‬وقال المام أحمد‪ :‬حدثنا حماد بن خالد الخياط‪ ،‬أخبرنا الليث بن سعيد‪،‬‬
‫عن توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر قال‪ :‬قال رسول الله (ل خصاء‬
‫في السلم ول كنيسة)‪ .‬الخصاء هنا كناية عن الرهبنة‪.‬‬

‫‪ .3‬عن عمر بن الخطاب أنه قال‪ :‬ل كنيسة ول خصاء في السلم‪.‬‬

‫فقال هل‬ ‫‪ .4‬سئل عكرمة ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب‬
‫فليس للعجم‬ ‫للعجم أن يحدثوا فيها شيئاً؟ فقال‪ :‬أيما مصر مصره العرب‪،‬‬
‫ول يتخذوا فيه‬ ‫أن يبنوا فيه‪ ،‬ول يضربوا فيه ناقوساً‪ ،‬ول يشربوا فيه خمراً‪،‬‬
‫خنزير‪.‬‬

‫‪ .5‬وقال عبد الله بن أحمد‪ :‬سمعت أبي يقول‪ :‬ليس لليهود والنصارى أن‬
‫يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ول كنيسة ول يضربوا بها ناقوسا ً إل‬
‫في مكان لهم الصلح‪ ،‬وليس لهم أن يظهروا الخمر في بلد المسلمين‪.‬‬

‫‪ .6‬قال عبد الرزاق‪ :‬أخبرنا معمر أنه سمع الحسن يقول‪ :‬إن من السنة أن‬
‫تُهدم الكنائس التي في المصار القديمة والحديثة‪ .‬ذكره أحمد عن عبد‬
‫الرزاق‪ .‬وهذا الذي جاءت به النصوص والثار وهو مقتضى أصول الشرع‬
‫وقواعده‪.‬‬

‫‪ .7‬يقول ابن تيمية‪ :‬أن علماء المسلمين من أهل المذاهب الربعة‪ :‬مذهب‬
‫أبو حنيفة‪ ،‬ومالك والشافعي وأحمد‪ ،‬وغيرهم من الئمة‪ ،‬كسفيان الثوري‪،‬‬
‫والوزاعي والليث بن سعد‪ ،‬وغيرهم من الصحابة والتابعين‪ ،‬متفقون‪ :‬على‬
‫أن المام إن هدم كل كنيسة بأرض العنوة؛‪ 000‬يجب طاعته ومساعدته في‬
‫ذلك) ‪ -‬راجع‪ :‬الجهاد ‪.214- 2/212‬‬

‫‪ .8‬عن الحسن البصري أنه قال‪ :‬من السنة أن تهدم الكنائس التي في‬
‫المصار القديمة والحديثة‪.‬‬

‫‪ .9‬عن عمر بن الخطاب أنه قال (ل كنيسة في السلم)‪.‬‬

‫‪ .10‬وهذا مذهب الئمة الربعة في المصار‪ ،‬ول زال من يوفقه الله من‬
‫ولة أمور المسلمين يفعل ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيز‪ ،‬روى‬
‫المام أحمد عنه أنه كتب لنائبه في اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار‬
‫المسلمين فهدمها‪ .‬وكذلك هارون الرشيد أمر بهدم الكنائس في سواد‬
‫بغداد وكذلك المتوكل ‪ -‬راجع‪ :‬أحكام أهل الذمة لبن الجوزي ص ‪- 119 /2‬‬
‫‪.125‬‬

‫‪ .0‬هذا أمر صريح في أنهم ل يملكون رقابها كما يملكون دورهم ‪ :‬إذ لو‬
‫ملكوا رقابها لم يكن للمسلمين أن ينزلوها إل برضاهم كدورهم‪ ،‬وإنما‬
‫متعوها متاعاً‪ ،‬وإذا شاء المسلمون نزلوها‪ ،‬فإنها ملك المسلمين‪ .‬فإن‬
‫المسلمين لما ملكوا الرض لم يستبقوا الكنائس والبيع على ملك الكفار بل‬
‫دخلت في ملكهم كسائر أجزاء الرض‪ ،‬فإذا نزلها المارة ‪ -‬من المسلمين ‪-‬‬
‫بالليل أو النهار فقد نزلوا في ملكهم‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فما فائدة الشرط إن كان المر كذلك؟ قيل‪ :‬فائدته أنهم ل‬
‫يتوهمون بإقرارهم فيها كسائر دورهم ومنازلهم التي ل يجوز دخولها إل‬
‫بأذنهم‪.‬‬

‫فما يدل على ذلك‪ ،‬أنها لو كانت ملكا ً لهم لم يجز للمسلمين الصلة‬
‫فيها إل بأذنهم‪ ،‬فإن الصلة في ملك الغير بغير إذنه في المكان المغصوب‬
‫هي حرام‪ ،‬وفي صحتها نزاع معروف‪ ،‬وقد صلى الصحابة في كنائسهم‬
‫وبيعهم‪.‬‬

‫‪ .1‬لكن المسلمين قد اختلفوا في كراهية الصلة في البيع والكنائس ‪:‬‬

‫واحتج الذين كرهوا الصلة في البيع والكنائس‪ :‬أنها من مواطن الكفر‬


‫والشرك‪ ،‬فهي أولى بالكراهية من الحمام والمقبرة والمزبلة‪ ،‬وأنها من‬
‫أماكن الغضب‪ ،‬وأن النبي قد أنهى عن الصلة في بابل وقال أنها ملعونة‬
‫فعلل منع الصلة فيها باللعنة‪ .‬وكنائسهم موضع اللعنة‪ ،‬والسخطة والغضب‬
‫ينزل عليهم فيها كما قال بعض الصحابة‪( :‬اجتنبوا اليهود والنصارى في‬
‫أعيادهم فإن السخطة تنزل عليهم)‪.‬‬

‫وهي من بيوت أعداء الله‪ ،‬والله ل يُعبد في بيوت أعدائه ‪ -‬أحكام أهل‬
‫الذمة ‪.2/148‬‬

‫‪ .2‬ل حرمة في شريعة السلم السمحة لكنائس الله ‪:‬‬

‫شريعة السلم الكاملة والعادلة أباحت للمسلمين كنائس الله‪ ،‬لهم أن‬
‫يدخلوها في أي وقت ومتى شاءوا دون أن يمنعهم أحد من ذلك‪ ،‬إنهم نزلء‬
‫بيوت الرحمن بالكراه‪ .‬وفي فترة خلفة عمر بن الخطاب دمر الغزاة‬
‫الفاتحون أربعة آلف كنيسة ومعبد للكافرين ‪ -‬راجع الستشراق‪ ،‬أدور‬
‫السعيد ص ‪102‬‬

‫من هنا وبناءً على هذه الحكام والتشريعات السلمية‪ ،‬أُغلقت كنائس‬
‫الله‪ ،‬ونُهبت‪ ،‬وأُحرقت‪ ،‬ودُمرت وذلك عمل ً بتعاليم شريعة السلم السمح‬
‫والمسالم الذي ل إكراه فيه!‬

‫فيما يتعلق بتغيير لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في المركب‬


‫واللباس ‪:‬‬

‫‪ .1‬أن نلزم زينا حيثما كنا وأل نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ول‬
‫عمامة ول فرق شعر ول في مراكبهم ‪.‬‬

‫قيل‪ :‬الغيار مصدر غاير أي خالف‪ .‬ويطلق في العرف على العلمات‬


‫والقيود التي وضعت على أهل الذمة لتشهيرهم وتمييزهم‪ .‬فيتناول كل ما‬
‫خالف زي المسلمين من أزياء النصارى واليهود‪ ،‬كالزنار والعمامة ورقع‬
‫الدراريع‪ ،‬والخيوط الملونة الموضوعة على الكتف‪ ،‬وكل ما خيط على الثياب‬
‫الظاهرة مما يخالف لونه لونها‪ ،‬وما كان يعلق في الرقاب عند دخول‬
‫الحمامات من الدراهم المكتوب عليها (ذمي)‪ ،‬والخواتم‪ ،‬والطواق من‬
‫الحديد أو الرصاص‪ ،‬ويُجعل أحيانا ً في العناق من الجلجل‪ ،‬وما كان يمتاز‬
‫الرجال به من النعال‪ ،‬والنساء من الخفاف‪ ،‬وبالجمال كل ما خالف العادات‬
‫واللوان المختصة بالمسلمين وملبسهم‪ .‬وقد قيل أن الغيار هو علمة‬
‫الكفار‪ .‬هذا أصل الغيار‪.‬‬

‫وربما شمل الغيار ما خالف بعض العادات والهيئات كجز النواصى وعدم‬
‫إرسال الذوائب والركوب على الحمير بالكف‪.‬‬

‫وهناك فوائد أكثر من ذلك منها‪ :‬أنه ل يقوم له‪ ،‬ول يصدره في‬
‫المجالس‪ ،‬ول يقبل يده‪ ،‬ول يقوم لدى رأسه‪ ،‬ول يخاطبه بأخي ول سيدي‬
‫وولي ونحو ذلك‪ ،‬ول يدعى له بما يدعى به للمسلم من النصر والعز ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬ول يصرف إليه من أوقاف المسلمين ول من زكواتهم‪ ،‬ول يستشهد‬
‫تحمل ً ول أداء‪ ،‬ول يبيعه عبدا ً مسلماً‪ ،‬ول يمكنه من المصحف‪ ،‬ول تقبل‬
‫شهادتهم وغير ذلك من الحكام والفعال المتخصصة بإذلل الذميين ‪ -‬راجع‪:‬‬
‫أحكام أهل الذمة ص‪177 /2‬‬

‫والغيار ‪ -‬أي التفرقة ‪ -‬سنة سنها محمد وجرى عليها الصحابة والتابعين‬
‫والئمة وولة أمور المسلمين في كل عصر وكل مصر‪.‬‬

‫قال أبو القاسم الطبري في سياق ما روى عن النبي‪ :‬مما يدل وجوب‬
‫استعمال الغيار لهل الملل الذين خالفوا شريعته صغارا ً وذلً‪ ،‬وشهرة وعلماً‬
‫عليهم‪ ،‬ليعرفوا من المسلمين في زيهم ولباسهم‪ ،‬ول يتشبهوا بهم‪ .‬وكتب‬
‫عمر بن الخطاب إلى المصار بأن تجز نواصيهم‪ ،‬ول يلبسون لباس‬
‫المسلمين حتى يُعرفوا ‪ -‬راجع المصدر السابق ص ‪ 2/165‬والجهاد لبن‬
‫تيمية ‪.2/223‬‬
‫‪ .0‬الوامر السلطانية بإلزام الغيار‪:‬‬

‫سنة ‪ 849 -235‬أمر المتوكل أهل الذمة أن يتميزوا عن المسلمين في‬


‫لباسهم وعمائمهم وثيابهم‪ ،‬وأن يتطليسوا بالمصبوغ بالقالى‪ ،‬وأن يكون‬
‫على عمائمهم رقاع مخالفة للون ثيابهم من خلفهم ومن بين أياديهم‪ ،‬وأن‬
‫يلزموا بالزنانير الخاصرة لثيابهم‪ ،‬وأن يحملوا في رقابهم كرات خشب‬
‫كبيرة‪ ،‬وأن ل يركبوا خيل ً ولتكن ركبهم من خشب إلى غير ذلك من المور‬
‫المذلة لهم والمهينة لنفوسهم‪ ،‬وأن ل يستعملوا في شئ من الدواوين التي‬
‫يكون لهم فيها حكم على مسلم‪ .‬وأمر بتخريب كنائسهم المحدثة‪ ،‬وتضييق‬
‫منازلهم المتسعة‪ ،‬فيؤخذ منها العشر‪ ،‬وأن يُعمل ما كان متسعا ً من منازلهم‬
‫مسجداً‪ .‬وأمر بتسوية قبورهم بالرض‪ ،‬وكتب بذلك إلى سائر القاليم‬
‫والفاق وإلى كل بلد ‪ -‬راجع‪ :‬البداية والنهاية ‪.314 -10/313‬‬

‫من جملة الشروط العمرية أن ل يتشبه الذميون بالمسلمين في شيء‬


‫من لباسهم في قلنسوة… ول نعل ذات عذبة… وعلق الفراء في ذلك‬
‫التفسير التي‪ :‬أما النعلن فقد قيل أنه تجعل شرك نعالهم مثنية وأن‬
‫يحذوها حذو المسلمين لن هذا كان عادة لهم في لباسهم فأمروا بالبقاء‬
‫عليه ليقع الفرق والتمييز بينهم وبين المسلم‪ ،‬وإنما اعتبر ذلك في النعال‬
‫لن المتأمل منا ينظر إلى قدم الماشي والذاهب في الطرقات فإذا وجد‬
‫هيئته على هيئة ‪ -‬راجعه للذمي ‪ -‬حكم له بحكمهم ‪ -‬راجع‪ :‬بيان ما يلزم أهل‬
‫الذمة فعله ص‪. 10‬‬

‫ولقد ذكر ابن القيم الجوزي في كتابه (أحكام أهل الذمة) مجمل تلك‬
‫الحكام‪ ،‬كما بين لنا المدلولت الشرعية لتلك الحكام ‪:‬‬

‫‪ .1‬في قص النواصي‪:‬‬

‫جز النواصي شرط من الشروط العمرية التي أُخذت على أهل الذمة‪.‬‬
‫والنواصي هي مقدمة الرأس أو شعر مقدمة الرأس إذا طال سميت بذلك‬
‫لرتفاع منبتها‪ .‬والناصية مقدار ربع الرأس فإذا كان ربع الرأس محلوقا ً كان‬
‫عالما ً ظاهرا ً وأمرا ً مشهورا ً أنه ذمي‪.‬‬

‫عن ابن عمر‪ ،‬عن عمر بن الخطاب أنه كان يكتب إلى عماله يأمرهم بجز‬
‫نواصيهم‪ ،‬يعني أهل الكتاب ‪ -‬راجع أحكام أهل الذمة ‪ 173 /2‬راجع أيضاً‬
‫صبح العشى ‪ 265 ،13‬وبيان ما يلزم أهل الذمة فعله‪.11‬‬

‫‪ .2‬ل يتكنوا بكناهم‬

‫قالوا السماء ثلثة أقسام‪ :‬قسم للمسلمين‪ ،‬وقسم للكفار‪ ،‬وقسم‬


‫يشترك فيه المسلمون مع الكفار‪.‬‬

‫فالول هو‪ :‬كمحمد وأحمد وأبو بكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة‬
‫والزبير‪ ،‬فهذا النوع ل يمكنهم التسمي به‪ ،‬والمنع منه أولى من المنع من‬
‫التكني بكناية المسلمين‪ ،‬فصيانة هذه السماء عن أخبث خلق الله أمر‬
‫جسيم‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬كجرجس وحنا ومتى ومرقص ونحوه ل يمنعون من التسمي‬


‫بها‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬كيحيى وعيسى ويعقوب وداود وسليمان وأيوب‪ ،‬ل يمنعون‬


‫من التسمي بها‪.‬‬

‫وأما أن يُخاطب الذمي بسيدي ومولنا ونحو ذلك فحرام قطعاً‪ .‬أما‬
‫تلقيبهم بمعز الدولة ونحو ذلك فل يجوز كما أنه ل يجوز أن يسمى سديداً‬
‫ول رشيدا ً ول مؤيدا ً ول صالحا ً ول نحو ذلك‪ ،‬وإن تسمى بشيء من هذه‬
‫السماء ل يجز للمسلم أن يدعوه به‪ ،‬بل إن كان نصرانيا ً يقول له يا مسيحي‬
‫ويا صليبي‪ ،‬وإن كان يهوديا ً يقال له يا يهودي يا إسرائيلي ‪ -‬أحكام أهل‬
‫الذمة للجوزي ‪.189-2/188‬‬

‫‪ .1‬ول نتشبه بالمسلمين في مراكبهم ول نركب السروج ول نتقلد‬


‫السيوف ول نتخذ شيئا ً من السلح ول نحمله معنا‪.‬‬

‫في مراكبهم‬

‫قال‪ :‬أهل الذمة ممنوعون من ركوبهم السروج‪ ،‬وإما يركبون الكف ‪-‬‬
‫وهي البرادع ‪ -‬عرضاً‪ ،‬وتكون أرجلهم جميعا ً إلى جانب واحد‪ ،‬كما أمرهم‬
‫أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه كان‬
‫يكتب إلى عماله يأمرهم أن يركب أهل الذمة في شق‪ .‬وقد قال الشافعي‪:‬‬
‫ول يركبون فرسا ً أصيلً‪ ،‬وإنما يركبون البغال والحمير‪ .‬و يمنع أهل الذمة‬
‫من ركوب الفرس‪ ،‬إذ في ركوبها الفضيلة العظيمة والعز‪ ،‬وهى مراكب‬
‫المجاهدين في سبيل الله الذين يحمون حوزة السلم قال تعالى‪{ :‬واعدوا‬
‫لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}‪.‬‬
‫فجعل رباط الخيل لرهبة الكفار فل يجوز أن يمكنوا من ركوبها‪.‬‬

‫‪ .0‬ل يحملون السيوف‬

‫يمنع أهل الذمة من تقلد السيوف لما بيَّن كونهم أهل ذمة‪ ،‬فإن‬
‫السيوف عز لهلها وسلطان‪ ،‬وقد قال رسول الله بعثت بالسيف بين يدي‬
‫الساعة‪ .‬فبالسيف الناصر والكتاب الهادي عز السلم وظهر في مشارق‬
‫الرض ومغاربها‪ .‬فالسيف أعظم ما يعتمد في الحرب عليه ويرهب به العدو‪،‬‬
‫وبه ينصر الدين ويذل الله الكافرين؛ والذمي ليس من أهل حمله والعز به‪.‬‬

‫فيما يتعلق بإظهار المنكر من أفعالهم وأقوالهم مما نهوا عنها ‪:‬‬

‫‪ .1‬ول نخرج صليبا ً ول كتابا ً في أسواق المسلمين‬

‫زيادة على عدم إظهارهم ذلك على كنائسهم وفي صلواتهم‪ ،‬فهم‬
‫ممنوعون من إظهاره في أسواق المسلمين وإن لم يرفعوا أصواتهم به ول‬
‫يمنعون من إخراجه في كنائسهم وفي منازلهم بل الممنوع منه فيها رفع‬
‫أصواتهم ووضع الصليب على أبواب الكنائس ‪ -‬كتاب أحكام أهل الذمة‪،‬‬
‫الجزء ‪ ،3‬صفحة ‪ .1241‬و‪.154 /2‬‬

‫‪ .2‬الماكن التي يُمنع أهل الذمة من دخولها‪:‬‬

‫قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فل يقربوا‬
‫المسجد الحرام بعد عامهم هذا} التوبة ‪28‬‬

‫عن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول‪ :‬لخرجن اليهود‬
‫والنصارى من جزيرة العرب حتى ل أدع فيها إل مسلماً‪ .‬رواه مسلم – أحمد‬
‫‪210 - 196‬‬

‫وعن عائشة قالت‪ :‬آخر ما عهد رسول الله قال (ل يُترك في جزيرة‬
‫العرب دينان‪ .‬رواه احمد‪ .‬وفي مسنده أيضا ً عن على قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫(يا على إن أنت وليت المر بعدي فاخرج أهل نجران من جزيرة العرب)‪.‬‬

‫عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل تكون‬
‫قبلتان في بلد واحد ‪ -‬أبو داود ‪.2636‬‬

‫غب في ديننا ول ندعو إليه أحداً‬


‫‪ .3‬ل نُر ِ ّ‬

‫هذا من أولى أل أن يُنقض العهد به‪ :‬فإن حراب الله ورسوله باللسان‪،‬‬
‫وقد يكون أعظم من الحراب باليد‪ .‬ولما كانت الدعوة الباطلة مستلزمة ‪-‬‬
‫لبد ‪ -‬للطعن في الحق كان دعاؤهم إلى دينهم وترغيبهم فيه طعنا ً في دين‬
‫السلم وقد قال تعالى {وان نقضوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في‬
‫دينكم فقاتلوا أئمة الكفر}‪ .‬ول ريب أن الطعن في الدين أعظم من الطعن‬
‫بالرمح والسيف ‪ -‬أحكام أهل الذمة ص‪.160 /2‬‬

‫في أمر معاملتهم للمسلمين بالشركة ونحوها ‪:‬‬

‫‪ .4‬المنع من استعمال اليهود والنصارى في شيء من وليات المسلمين‬


‫وأمورهم‪:‬‬

‫‪ .1‬قال أبو طالب‪ :‬سألت أبا عبد الله‪ :‬أيستعمل اليهودي والنصراني في‬
‫أعمال المسلمين مثل الخراج؟ قال‪ :‬ل يستعان بهم في شئ‪.‬‬

‫‪ .2‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬أن رسول الله قال‪ :‬ل تستضيئوا بنار‬
‫المشركين‪ ،‬ول تنقشوا على خواتيمكم عربياً‪ .‬وفسر قوله (ل تستضيئوا بنار‬
‫المشركين) يعني ل تستنصحوهم ول تستضيئوا برأيهم ‪ .‬والصحيح أن معناه‪:‬‬
‫مباعدتهم وعدم مساكنتهم كما جاء في حديث الرسول (لن استعين‬
‫بمشرك) ‪ -‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ .3‬ومن أدلة منع استخدام الذميين ما ورد عن عمر بن الخطاب في منعه‬


‫لبي موسى الشعري من استكتاب نصراني في الحيرة‪ ،‬وعندما قال أبو‬
‫موسى ل يقوم أمر الحيرة إل به‪ ،‬قال عمر‪ :‬مات النصراني والسلم ‪ -‬راجع‪:‬‬
‫أحكام أهل الذمة في السلم لبن القيم الجوزى ‪ 1/211‬وتفسير الرازي‬
‫‪3/414‬‬

‫‪ .4‬كان لعمر بن الخطاب عبد نصراني فقال له‪ :‬اسلم حتى نستعين بك‬
‫على بعض أمور المسلمين‪ ،‬فإنه ل ينبغي أن نستعين على أمرهم بمن ليس‬
‫منهم‪ ،‬فأبى‪ ،‬فاعتقه‪ ،‬وقال له اذهب حيث شئت ‪ -‬راجع أحكام أهل الذمة‬
‫لبن الجوزي ‪114 ،1‬‬

‫‪ .5‬عن عمر بن الخطاب قال‪ :‬ل تكرموهم إذ أهانهم الله‪ ،‬ول تدنوهم إذ‬
‫أقصاهم الله‪ ،‬ول تأتمنوهم إذ خونهم الله ‪ -‬راجع‪ :‬سنن البيهقي ‪127 ،/10‬‬
‫و‪ 9/204‬والمغني ‪ 453 /1‬و‪ 6/425‬ل و‪. 532 /8‬‬

‫‪ .0‬ول يشارك أحد منا مسلما ً في تجارة إل أن يكون إلى المسلم أمر‬
‫التجارة ‪:‬‬

‫وهذا لن الذمي ل يتوقى مما يتوقى منه المسلم من العقود المحرمة‬


‫والباطلة‪ ،‬ول يرون بيع الخمر والخنزير حرام‪.‬‬

‫‪ .1‬وقد قال إسحاق بن إبراهيم‪ :‬سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل‬
‫يشارك اليهودي والنصراني؟ قال‪ :‬يشاركهم ولكن هو يلي البيع والشراء‬
‫وذلك أنهم يأكلون الربا ويستحلون الموال‪.‬‬

‫‪ .2‬ثم قال أبو عبد الله ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الميين سبيل)‬
‫وقال إبراهيم بن هانىء‪ :‬سمعت أبا عبد الله قال في شركة اليهودي ‪-‬‬
‫كتاب أحكام أهل الذمة‪ ،‬الجزء ‪ ،3‬صفحة ‪.1330‬‬

‫‪ .0‬عقل الذمي نصف عقل المؤمن‬

‫عن رسول الله‪ :‬إن عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين‪ ،‬ذكره‬
‫النسائي‪ .‬وعن الترمذي‪ :‬عقل الكافر نصف عقل‪.‬‬

‫وعند أبي داود‪ ،‬كانت قيمة الدية ‪ -‬دية الذمي ‪ -‬على عهد رسول الله‬
‫ثمانمائة دينار‪ ،‬وثمانية آلف درهم ‪ ،‬ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية‬
‫المسلم‪ ،‬فلما كان عمر رفع دية المسلمين وترك دية أهل الذمة لم يرفعها‬
‫فيما رفع ‪ -‬راجع‪ :‬فتأوي رسول الله ‪307‬‬

‫‪ .1‬شهادة أهل الذمة‬

‫قالوا‪ :‬ل تقبل شهادة الكافر على المسلم لقوله تعالى {واستشهدوا‬
‫شهيدين من رجالكم}‪ .‬وقال عمر بن الخطاب‪ :‬المسلمون عدول بعضهم‬
‫على بعض ‪ -‬أي أن غير المسلم ليس عدل ً ‪ -‬فل تُقبل شهادته على المسلم‪،‬‬
‫قال عمر بن الخطاب‪ :‬العبد والذمي إذا شهدا ردت شهادتهما ‪ -‬راجع‪:‬‬
‫موسوعة فقه عمر بن الخطاب ‪ 402‬وسنن البيهقي ‪ 197 /10‬والمحلى ‪/9‬‬
‫‪ 293‬وأخبار القضاة ‪70 /1‬و ‪. 283‬‬

‫فيما يتعلق بضرر المسلمين والسلم ‪:‬‬


‫‪ .2‬ل يُقتل مسلم بكافر‬

‫قال النبي‪( :‬ول يُقتل مسلم بكافر)‪ .‬وأكثر أهل العلم ل يوجبون على‬
‫مسلم قصاصا ً بقتل كافر‪ ،‬أي كافر كان‪ُ .‬روي ذلك عن عمر‪ ،‬وعثمان‪،‬‬
‫وعلي‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬ومعاوية‪ ،‬وبه قال عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وعطاء‪،‬‬
‫والحسن‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬والزهري‪ ،‬وابن شبرمة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والثوري‪ ،‬والوزاعي‪،‬‬
‫والشافعي‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وأبو عبيد‪ ،‬وأبو ثور‪ ،‬وابن المنذر‪ ،‬وقال النخعي‪،‬‬
‫والشعبي‪ ،‬وأصحاب الرأي‪ :‬يُقتل المسلم بالذمي خاصة ‪ 50/.‬قال أحمد‪:‬‬
‫الشعبي والنخعي قال‪ :‬دية المجوسي واليهودي والنصراني‪ ،‬مثل دية‬
‫المسلم‪ ،‬وإن قتله يُقتل به‪ .‬هذا عجب‪ ،‬يصير المجوسي مثل المسلم‪،‬‬
‫سبحان الله‪ ،‬ما هذا القول! واستبشعه‪ .‬وقال‪ :‬النبي يقول‪" :‬ل يقتل مسلم‬
‫بكافر"‪ .‬وهو يقول‪ :‬يُقتل بكافر‪ - ".‬رواه المام أحمد وأبو داود ‪ ،85/.‬وفي‬
‫لفظ‪" :‬ل يُقتل مسلم بكافر" ‪ -‬رواه البخاري‪ ،‬وأبو داود ‪. 85/.‬‬

‫في أحكام ضيافتهم للمارين بهم وما يتعلق بها ‪:‬‬

‫‪ .3‬ونوقر المسلمين في مجالسهم ونقوم لهم‬

‫توقير المسلمين في مجالسهم‪ ،‬والتوقير‪ :‬التعظيم والحتشام لهم‪ ،‬ول‬


‫يمكرون عليهم بمكر‪ ،‬ول يدخلون عليهم بغير استئذان ول يفعلون بين‬
‫أيديهم ما يخل بالوقار والداب‪ ،‬ويحيونهم بتحية أمثالهم ول يمدون أرجلهم‬
‫بحضرتهم‪ ،‬ول يرفعون أصواتهم بين أيديهم ونحو ذلك‪.‬‬

‫قولهم (أي إذا دخلوا ونحن في مجلس قمنا لهم عنه وأجلسناهم فيه‪،‬‬
‫وهذا يعم المجالس المشتركة والمختصة بهم‪ ،‬فإذا دخلوا عليهم دورهم‬
‫وكنائسهم قاموا لهم عن مجالسهم وأجلسوهم فيها ‪ -‬راجع أحكام أهل‬
‫الذمة ‪.2/191‬‬

‫هذه كانت بعض أحكام أهل الذمة في السلم‪ .‬من أراد المزيد عليه‬
‫مراجعة كتاب ابن القيم (أحكام أهل الذمة في إسلم) وكتب الفقه‪ .‬وقد‬
‫ذكر الشروط العمرية ابن كثير في تفسيره لية سورة التوبة ‪ - 29‬راجع‬
‫أيضاً‪ :‬العماد الصبهاني في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لبى شامة‬
‫‪ .2/134‬والجهاد لبن تيمية ‪ 2/223‬والخراج لبي يوسف ص ‪.153- 140‬‬
‫وأحكام الماوردي ص ‪.14‬‬

‫سؤال‪ :‬لو افترضنا جدل ً أن الدول الغربية قررت العمل (تطبيق) أحكام‬
‫أهل الذمة في السلم على رعياها المسلمين ولكن مع تعديل بسيط في‬
‫التسمية وليس في الحكام‪ ،‬فبدل أن يطلق عليها (أحكام أهل الذمة في‬
‫السلم) يطلق عليها (أحكام أهل السلم في الغرب)‪ ،‬ماذا سيكون‬
‫موقفكم من تلك الحكام؟ هل ستتقبلونها؟‬

‫الغريب في أمة السلم هو‪ :‬أنهم يصفون بعض اعتراض الغربيين على‬
‫الحجاب بالعنصرية‪ ،‬لكن أحكام الغيار (أي أحكام لباس أهل الذمة) ليست‬
‫عنصرية!!‬

‫والغرب من هذا وذاك أنهم يتهمون الغرب بالكيل بمكيالين‪ .‬حقا ً إن لم‬
‫تستحي افعل ما شئت وقل ما شئت‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬هل تتماشى تلك الحكام مع العلن العالمي لحقوق النسان‬


‫والصادر عن الجمعية العامة للمم المتحدة في تاريخ ‪ 10‬كانون‬
‫الول‪/‬ديسمبر ‪1948‬؟ والتي نصت مواده على‪:‬‬

‫المادة ‪ 1‬يولد جميع الناس أحرارا ً متساوين في الكرامة والحقوق‪ ،‬وقد‬


‫وهبوا عقل ً وضميرا ً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا ً بروح الخاء‪ .‬وهل من‬
‫تساوي في الكرامة والحقوق في أحكام كهذه ؟ أل تخالف تلك الحكام هذا‬
‫العلن؟‪.‬‬

‫المادة ‪ 2‬لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في‬


‫هذا العلن‪ ،‬دون أي تمييز‪ ،‬كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو‬
‫اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر‪ ،‬أو الصل الوطني أو‬
‫الجتماعي أو الثروة أو الميلد أو أي وضع آخر‪ ،‬دون أية تفرقة بين الرجال‬
‫والنساء‪ .‬وفضل ً عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع‬
‫السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد‬
‫سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقل ً أو تحت الوصاية أو غير متمتع‬
‫بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لي قيد من القيود‪.‬‬

‫المادة ‪ 3‬لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلمة شخصه‪.‬‬

‫المادة ‪ 4‬ل يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص‪ ،‬ويحظر السترقاق‬


‫وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما‪.‬‬

‫المادة ‪ 5‬ل يُعرض أي إنسان للتعذيب ول للعقوبات أو المعاملت‬


‫القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة‪.‬‬

‫المادة ‪ 6‬لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية‪.‬‬

‫المادة ‪ 7‬كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية‬
‫متكافئة منه دون أية تفرقة‪ ،‬كما أن لهم جميعا ً الحق في حماية متساوية‬
‫ضد أي تمييز يخل بهذا العلن وضد أي تحريض على تمييز كهذا‪.‬‬

‫المادة ‪ 8‬لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لنصافه‬


‫عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الساسية التي يمنحها له القانون‪.‬‬

‫المادة ‪ 9‬ل يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً‪.‬‬

‫المادة ‪ 10‬لكل إنسان الحق‪ ،‬على قدم المساواة التامة مع الخرين‪ ،‬في‬
‫أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظرا ً عادل ً علنيا ً للفصل في‬
‫حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 11‬كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا ً إلى أن تثبت إدانته‬
‫قانونا ً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ل يدان أي شخص من جراء أداة عمل أو المتناع عن أداة عمل إل‬
‫إذا كان ذلك يعتبر جرما ً وفقا ً للقانون الوطني أو الدولي وقت الرتكاب‪،‬‬
‫كذلك ل توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫المادة ‪ 12‬ل يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو‬
‫مسكنه أو مراسلته أو لحملت على شرفه وسمعته‪ ،‬ولكل شخص الحق في‬
‫حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملت‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 13‬لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود‬
‫كل دولة‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬يحق لكل فرد أن يغادر أية بلد بما في ذلك بلده كما يحق له‬
‫العودة إليه‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 14‬لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلد أخرى أو يحاول‬


‫اللتجاء إليها هربا ً من الضطهاد‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬ل ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو‬
‫لعمال تناقض أغراض المم المتحدة ومبادئها‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 15‬لكل فرد حق التمتع بجنسية ما‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬ل يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفا ً أو إنكار حقه في‬


‫تغييرها‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 16‬للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج‬


‫وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين‪ ،‬ولهما حقوق متساوية‬
‫عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلله‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬ل يبرم عقد الزواج إل برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى‬


‫كامل ً ل إكراه فيه‪.‬‬

‫( ‪ ) 3‬السرة هي الوحدة الطبيعية الساسية للمجتمع ولها حق التمتع‬


‫بحماية المجتمع والدولة‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 17‬لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالشتراك مع غيره‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬ل يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً‪.‬‬

‫المادة ‪ 18‬لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين‪ ،‬ويشمل‬


‫هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته‪ ،‬وحرية العراب عنهما بالتعليم‬
‫والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا ً أم مع الجماعة‪.‬‬

‫المادة ‪ 19‬لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير‪ ،‬ويشمل هذا الحق‬
‫حرية اعتناق الراء دون أي تدخل‪ ،‬واستقاء النباء والفكار وتلقيها وإذاعتها‬
‫بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 20‬لكل شخص الحق في حرية الشتراك في الجمعيات‬


‫والجماعات السلمية‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬ل يجوز إرغام أحد على النضمام إلى جمعية ما‪.‬‬

‫المادة‪ ) 1 ( 21‬لكل فرد الحق في الشتراك في إدارة الشؤون العامة‬


‫لبلده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيارا ً حراً‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في‬
‫البلد‪.‬‬

‫( ‪ ) 3‬إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة‪ ،‬ويعبر عن هذه الرادة‬


‫بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس القتراع السري وعلى قدم‬
‫المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت‪.‬‬

‫المادة ‪ 22‬لكل شخص بصفته عضوا ً في المجتمع الحق في الضمانة‬


‫الجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما‬
‫يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق القتصادية والجتماعية والتربوية‬
‫التي ل غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 23‬لكل شخص الحق في العمل‪ ،‬وله حرية اختياره بشروط‬


‫عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة‪.‬‬

‫و للعمل‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متسا ِ‬

‫ض يكفل له ولسرته‬‫( ‪ ) 3‬لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مر ِ‬


‫عيشة لئقة بكرامة النسان تضاف إليه‪ ،‬عند اللزوم‪ ،‬وسائل أخرى للحماية‬
‫الجتماعية‪.‬‬

‫( ‪ ) 4‬لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية‬


‫لمصلحته‪.‬‬

‫المادة ‪ 24‬لكل شخص الحق في الراحة‪ ،‬وفي أوقات الفراغ‪ ،‬ولسيما‬


‫في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلت دورية بأجر‪.‬‬

‫ف‬
‫المادة ‪ ) 1 ( 25‬لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كا ِ‬
‫للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولسرته‪ ،‬ويتضمن ذلك التغذية‬
‫والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الجتماعية اللزمة‪ ،‬وله‬
‫الحق في تأمين معيشته في حالت البطالة والمرض والعجز والترمل‬
‫والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن‬
‫إرادته‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬للمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين‪ ،‬وينعم كل‬


‫الطفال بنفس الحماية الجتماعية سواء أكانت ولدتهم ناتجة عن رباط‬
‫شرعي أو بطريقة غير شرعية‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 26‬لكل شخص الحق في التعلم‪ ،‬ويجب أن يكون التعليم‬


‫في مراحله الولى والساسية على القل بالمجان‪ ،‬وأن يكون التعليم‬
‫الولي إلزاميا ً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني‪ ،‬وأن ييسر القبول‬
‫للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية النسان إنماءً كاملً‪،‬‬


‫وإلى تعزيز احترام النسان والحريات الساسية وتنمية التفاهم والتسامح‬
‫والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية‪ ،‬وإلى زيادة‬
‫مجهود المم المتحدة لحفظ السلم‪.‬‬

‫( ‪ ) 3‬للباء الحق الول في اختيار نوع تربية أولدهم‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 27‬لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكا ً حرا ً في حياة‬


‫المجتمع الثقافي وفي الستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي‬
‫والستفادة من نتائجه‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬لكل فرد الحق في حماية المصالح الدبية والمادية المترتبة على‬


‫إنتاجه العلمي أو الدبي أو الفني‪.‬‬

‫المادة ‪ 28‬لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق‬


‫بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا العلن تحققا ً تاماً‪.‬‬

‫المادة ‪ ) 1 ( 29‬على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده‬
‫لشخصيته أن تنمو نموا ً حرا ً كاملً‪.‬‬

‫( ‪ ) 2‬يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي‬


‫يقررها القانون فقط‪ ،‬لضمان العتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها‬
‫ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والخلق في‬
‫مجتمع ديمقراطي‪.‬‬

‫( ‪ ) 3‬ل يصح بحال من الحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة‬


‫تتناقض مع أغراض المم المتحدة ومبادئها‬

‫المادة ‪ 30‬ليس في هذا العلن نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة‬
‫أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم‬
‫الحقوق والحريات الواردة فيه‪.‬‬

‫أسئلة ملحة‪:‬‬

‫هل تتماشى المادة ‪ 21‬من العلن العالمي لحقوق النسان والتي تنص‬
‫على‪ ) 1 ( ( :‬لكل فرد الحق في الشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلده‬
‫إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيارا ً حراً‪ ) 2 ( .‬لكل شخص‬
‫نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلد)‪ .‬مع المنع من‬
‫استعمال اليهود والنصارى في شيء من وليات المسلمين وأمورهم ؟!‬
‫‪ .1‬هل تتماشى المسألة الثانية من المادة ‪ 23‬من العلن العالمي لحقوق‬
‫النسان والتي تنص على‪( :‬لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو‬
‫للعمل) مع ما جاءت به تلك الحكام من حكم‪ :‬ل يشارك أحد منهم مسلماً‬
‫في تجارة إل أن يكون إلى المسلم أمر التجارة؟!‬

‫‪ .2‬هل تتماشى المادة ‪ 18‬من العلن العالمي لحقوق النسان والتي‬


‫تنص على‪( :‬لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين‪ ،‬ويشمل‬
‫هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته‪ ،‬وحرية العراب عنهما بالتعليم‬
‫والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا ً أم مع الجماعة)‬
‫مع ما جاءت به تلك الحكام من‪:‬‬

‫‪ )1‬ل نظهر عليها صليباً‬

‫‪ )2‬ول نضرب نواقيسنا إل ضربا ً خفيا ً في جوف كنائسنا‬

‫‪ )3‬ول نرفع أصواتنا في الصلة ول القراءة في كنائسنا مما يحضره‬


‫المسلمون‪.‬‬

‫‪ )4‬ول نخرج صليبا ً ول كتابا َ في أسواق المسلمين ؟!‬

‫‪ .3‬هل تتماشى المادة ‪ 2‬من العلن العالمي لحقوق النسان (لكل إنسان‬
‫حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا العلن‪ ،‬دون أي تمييز‪،‬‬
‫كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي‬
‫السياسي أو أي رأي آخر‪ ،‬أو الصل الوطني أو الجتماعي أو الثروة أو‬
‫الميلد أو أي وضع آخر‪ ،‬دون أية تفرقة بين الرجال والنساء‪ .‬وفضل ً عما‬
‫تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو‬
‫الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك‬
‫البقعة مستقل ً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته‬
‫خاضعة لي قيد من القيود) مع ما جاءت به تلك الحكام فيما يتعلق بتغيير‬
‫لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في المركب واللباس ونحوه؟!‬

‫إنها العنصرية بأبشع أنواعها وأبشع أشكالها ‪.‬‬

‫عنصرية السلم ألغت كل القيم النسانية وتجاوزت كل الحدود حين حرمت‬


‫المسلم من أن يتخذ من اليهود والمسيحيين أصدقاء له‪.‬‬

‫ـ علقة المسلم بغير المسلم (الموالة)‬

‫‪ .1‬الموالة في اللغــة‪:‬‬

‫و‪ ،‬ومنه‬ ‫ولْى ‪ -‬بسكــون اللم ‪ -‬وهو ال ُ‬


‫قْرب والدُّن ُ ْ‬ ‫أصـل المـوالة من ال َ‬
‫ع‬
‫َ َ‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫شيئين‪:‬‬ ‫بين‬ ‫ووالى‬ ‫يقاربك‪،‬‬ ‫مما‬ ‫أي‬ ‫يليك)‬ ‫مما‬ ‫قول النبي للغــلم (كـ ْ‬
‫ل‬
‫بينهما بل تفرقة‪ ،‬ومنه الموالة في أعمال الوضوء أي المتابعة بينها بل‬
‫تفرقة‪ .‬فأصل الموالة‪ :‬القرب والمتابعة‪.‬‬
‫قال الزبيدي في تاج العروس‪" :‬هي المحبة بغض النظر عن درجة هذا‬
‫الحب ومرتبته‪ ،‬فكل من أحببته وأعطيته ابتداءً من غير مكافأة فقد أوليته‪،‬‬
‫وواليته‪ ،‬والمعنى أي أدنيته إلى نفسك" ‪ -‬تاج العروس ‪10/401‬‬

‫وتأتي أيضا ً بمعنى النصرة‪ ،‬وتأتي كلمة (أولياء) بمعنى الخاصة‬


‫والبطانة‪ ،‬وأيضا ً بمعنى التحاد والتجانس‪.‬‬

‫ولى واحد في كـلم العـرب – (لسـان العـرب)‬‫م ْ‬


‫ي وال َ‬
‫ول ِ ّ‬
‫وقال الفّراء‪ :‬ال َ‬
‫‪ ،15/408‬وكلهمـا يستعمـل فـي الفاعل (الموالِي‪ ،‬بكسر اللم) والمفعول‬
‫(الموالَي‪ ،‬بفتح اللم) ‪ -‬المفردات للراغب الصفهاني صـ ‪.533‬‬

‫وتـولّى فل ٌُ‬
‫ن فلناً‪ :‬أي اتبعه وأطاعه وتقَّرب منه ونصره‪.‬‬

‫ض وذهب وانصرف‪ ،‬فمعناها عكس (تولّى) التي‬ ‫وتولّى عنه‪ :‬أي أعَر َ‬
‫تعنى اقترب‪ ،‬ومنه قوله تعالى {فاعرض عن من تولى عن ذكرنا} النجم‬
‫ل عنهم} القمر ‪ ،6‬وإذا جاءت تولى بمعنى أعرض‬ ‫‪ ،29‬وقوله تعالى {فتو ّ‬
‫وانصرف كما في قوله تعالى {ل يصلها إل الشقى الذي كذّب وتولى}‬
‫قدَّر فيها (عن) محذوفة بعد (تولّى) ‪ -‬انظر‪( :‬لسـان‬
‫الليل ‪ 15‬ـ ‪ ،16‬في ُ َ‬
‫العـرب) لبن منظور‪ ،‬ط دار صادر‪ 15/406 ،‬ـ ‪ ،415‬و(النهاية) لبن الثير ‪/5‬‬
‫‪ 227‬ـ ‪ ،230‬و (المفردات) للراغب الصفهاني ‪ 533‬ـ ‪ ،535‬و (مختار‬
‫الصحاح) للرازي صـ ‪ ،736‬و (المعجم الوسيط) لمجمع اللغة العربية بمصر‬
‫‪ 2/1057‬ــ ‪ ،1058‬و (مجموع فتاوى ابن تيمية) ‪.499 /20‬‬

‫أما التولي‪ :‬قال الجوهري في (الصحاح) ‪" 6/2530‬هو تقديم كامل‬


‫المحبة والنصرة للمتولى بحيث يكون المتولِي مع المتولَى كالظل مع‬
‫الجسم"‪ .‬فالتولي بمعنى التخاذ والتباع المطلق‪ ،‬وبمعنى النقطاع الكامل‬
‫في نصرة المتبع وتقريبه وتأييده‪ ،‬ويأتي بمعنى التباع‪ ،‬وبمعنى التفويض‪.‬‬

‫وكل تولي موالة وليس العكس‪ ،‬والتولي أخص من الموالة‪ ،‬فكل تولي‬
‫كفر والموالة منها ما هو كفر ومنها ما هو دون ذلك‪ ،‬على اختلف بين‬
‫العلماء في التفريق‪.‬‬

‫ي ضــد العــدو‪،‬‬
‫ول ّ‬ ‫وضد الموالة‪ :‬المعاداة‪ ،‬وهى المباعدة والمخالفة‪ .‬وال َ‬
‫ي هو‪ :‬الناصــر والمعــين والحليف والمحـب والصديق والقريب في‬ ‫ول ِ ّ‬
‫وال َ‬
‫ولِيُّه‪ :‬كولي‬
‫َ‬ ‫فهو‬ ‫بأمر‬ ‫قام‬ ‫من‬ ‫وكل‬ ‫د‪،‬‬ ‫ب‬
‫َ ْ‬‫ع‬ ‫وال‬ ‫ق‪،‬‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫والمع‬ ‫عتق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫والم‬ ‫النسب‪،‬‬
‫المر‪ ،‬وولي المرأة في النكاح وولي اليتيم ونحوه‪.‬‬

‫قال بطرس البستاني في (محيط المحيط) ‪" 2/1353‬هي مصدر عادى‬


‫يعادي وعداءً‪ ،‬والعداء مصدر عادى أي خاصمه‪ ،‬وصار له عدواً‪ ،‬والعداوة‪ :‬اسم‬
‫بمعنى الخصومة والمباعدة‪ ،‬والعدو والعداوة‪ ،‬أخص من البغضاء لن كل عدو‬
‫مبغض‪ ،‬وقد يبغض من ليس بعدو"‬

‫والعدو‪ :‬ضد الولي‪ ،‬والجمع أعداء وجمع الجمع أعادي‪ ،‬وهو ضد الصديق‬
‫أيضاً‪ ،‬والعدو‪ ،‬والعداوة‪ ،‬والعداء‪ ،‬والعدوان‪ ،‬كلها ورد استعمالها في‬
‫القرآن‪ ،‬وتأتي المعاداة في أغلب استعمالتها‪ ،‬ويراد بها البغض والكراهية‬
‫وحب النتقام‪ ،‬عكس الموالة تماماً‪ ،‬والتي تدل في أغلب استعمالتها على‬
‫المحبة والمودة والمتابعة والنصرة والقربة‪ ،‬وبذلك فالموالة والمعاداة بهذا‬
‫المعنى المتقدم ضدان ل يجتمعان‪ ،‬فوجود أحدهما ينفي الخر لزوما ً في‬
‫حق ذات معينة‪.‬‬

‫ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في (الرسائل الشخصية) ص‪232‬‬


‫"أبلغوهم أن المعاداة ملة إبراهيم عليه السلم‪ ،‬ونحن مأمورون في‬
‫متابعته"‪ ،‬قال تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه}‬
‫إلى قوله {حتى تؤمنوا بالله وحده}‪ .‬ثم قال "واذكروا لهم‪ ،‬أن الواجب على‬
‫الرجل أن يعلّم عياله وأهل بيته الحب في الله‪ ،‬والبغض في الله‪ ،‬والموالة‬
‫في الله‪ ،‬والمعاداة في الله‪ ،‬مثل تعليم الوضوء والصلة‪ ،‬لنه ل صحة‬
‫لسلم المرء إل بصحة الصلة ول صحة لسلمه أيضا ً إل بصحة الموالة‬
‫والمعاداة في الله"‪.‬‬

‫‪ .2‬المولة في الشرع‪:‬‬

‫تُطلق الموالة على عدد من المعاني‪ ،‬يُعرف المراد منها بحسب‬


‫السياق‪ ،‬وجميع المعاني الشرعية للموالة ترجع إلى أصلها اللغوي وهو‬
‫قرب والدُّن ُ ْ‬
‫و‪.‬‬ ‫ال ُ‬

‫والمـوالة المحـرمة شرعا ً هي صـرف المسلـم شيـئا ً من هـذه الخصـال‬


‫إلى الكافرين‪ ،‬كما جاء في القرآن‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي‬
‫وعدوكم أولياء} الممتحنة ‪ .1‬فإن الله تعالى قد أوجب على المؤمنين أن‬
‫يعادوا الكفار ويبغضوهم ويقاتلوهم ما استطاعوا‪.‬‬

‫كما جاء في القرآن {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين‬
‫معه‪ ،‬إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله‪ ،‬كفرنا‬
‫بكم‪ ،‬وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ً حتى تؤمنوا بالله وحده}‬
‫الممتحنة ‪ ،4‬وقال أيضاً‪{ :‬يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ‬
‫عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} التوبة ‪ 73‬والتحريم ‪.9‬‬

‫فمن قام بخلف هذا فأطاع الكافرين أو أحبهــم أو نصــرهم‪ ،‬فقــد‬


‫تولّهم‪ ،‬ومن تولهم فــقد كفــر لقوله ‪ -‬في اليات موضع الستدلل ‪-‬‬
‫{ومن يتولهم منكم فإنه منهم} المائدة ‪ ،51‬ويتأكد كفره إذا ما أطاع‬
‫الكافرين أو نصرهم فيما يضر السلم والمسلمين كما يفعل أنصار الحكام‬
‫المرتدين لن هذه مشايعة لهم فيما هم عليه من الكفر وإعانة على ظهور‬
‫الكفر على السلم‪.‬‬

‫‪ .3‬قال ابن جرير الطبري في تفسيره ‪{ " 6/160 :‬ومن يتولهم منكم‬
‫فإنه منهم إن الله ل يهدي القوم الظالمين} من تولهم ونصرهم على‬
‫ل أحدا ً إل وهو به وبدينه‬
‫المؤمنين من أهل دينهم وملتهم‪ ،‬فإنه ل يتولى متو ِ‬
‫ض‪ ،‬وإذا رضيه ورضي دينه‪ ،‬فقد عادى ما خالفه وسخطه‪،‬‬ ‫وما هو عليه را ٍ‬
‫وصار حكمه كحكمه"‪.‬‬

‫وبيَّن ابن جرير العموم الذي تدل عليه الية بقوله (والصواب من القول‬
‫في ذلك عندنا أن يقال‪ :‬إن الله تعالى في ذكره نهى المؤمنين جميعا ً أن‬
‫يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا ً وحلفاء على أهل اليمان بالله ورسوله‪،‬‬
‫وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا ً وحليفا ووليا ً من دون الله ورسوله والمؤمنين‪،‬‬
‫فإنه منهم في التحّزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين‪ ،‬وأن الله ورسوله‬
‫منه بريئان ‪ -‬إلى أن قال‪{ :‬ومن يتولهم منكم فإنه منهم}‪ ،‬ومن يتو َ‬
‫ل‬
‫اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم‪ ،‬يقول‪ :‬فإن من تولهم ونصرهم‬
‫ل أحدا ً إل‬
‫على المؤمنين‪ ،‬فهو من أهل دينهم وملتهم‪ ،‬فإنه ل يتولى متو ّ‬
‫ض‪ ،‬وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما‬ ‫وهو به وبدينه وما هو عليه را ٍ‬
‫خالفه وسخطه‪ ،‬وصار حكمه كحكمه) ‪ -‬تفسير الطبري ‪ 276 /6‬ــ ‪.277‬‬

‫‪ .4‬وقال القرطبي في قوله‪{ :‬ومن يتولهم منكم} أي يعضدهم على‬


‫حكمه كحكمهم‪ ،‬وهو يمنع إثبات‬ ‫المسلمين {فإنه منهم} بيّن تعالى أن ُ‬
‫ق‬ ‫با‬ ‫الحكم‬ ‫هذا‬ ‫ثم‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ب‬‫الميراث للمسلم من المرتد‪ ،‬وكان الذي تولّهم ابن أ ُ‬
‫ٍ‬ ‫َ ّ‬
‫إلى يوم القيامة في قطع الموالة‪ ،‬وقد قال تعالى {ول تركنوا إلى الذين‬
‫ظلموا فتمسكم النار}‪ ،‬وقال تعالى في آل عمران {ل يتخذ المؤمنون‬
‫الكافرين أولياء من دون المؤمنين}‪ ،‬وقال تعالى {ل تتخذوا بطانة من‬
‫دونكم} وقد مضى القول فيه‪ .‬وقيل‪ :‬إن معنى {بعضهم أولياء بعض} أي‬
‫في النصرة‪{ .‬ومن يتولهم منكم فإنه منهم} شرط وجوابه‪ ،‬أي لنه قد‬
‫خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا‪ ،‬ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم‪،‬‬
‫ووجبت له النار كما وجبت لهم‪ ،‬فصار منهم أي من أصحابهم) ‪ -‬تفسير‬
‫القرطبي ‪.217 /6‬‬

‫‪ .5‬ويقول ابن حزم في (المحلى) ‪ " 13/35‬صح أن قوله تعالى {ومن‬


‫يتولهم منكم فإنه منهم} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار‬
‫فقط‪ ،‬وهذا ل يختلف فيه اثنان من المسلمين"‪.‬‬

‫‪ .6‬يقول ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) ‪" 1/67‬إنه سبحانه قد حكم‪،‬‬
‫ول أحسن من حكمه أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم‪{ ،‬ومن‬
‫يتولهم منكم فإنه منهم} فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم‬
‫حكمهم"‪.‬‬

‫‪ .7‬يقول البيضاوي نقل ً عن (الدلئل في حكم موالة أهل الشراك) ص‪56‬‬


‫وص‪" :39‬قال تعالى {ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين‬
‫ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء}‪{ ،‬ومن يفعل ذلك} أي اتخاذهم‬
‫أولياء‪{ ،‬فليس من الله في شيء} أي من وليته في شيء يصح أن يسمى‬
‫ولية‪ ،‬فإن موالة المتعاديين ل يجتمعان"‪.‬‬

‫‪ .8‬يقول شمس الحق العظيم آبادي في (عون المعبود) ‪" 7/337‬عن‬


‫سمرة بن جندب قال‪ :‬قال رسول الله (من جامع المشرك وسكن معه فهو‬
‫مثله)‪ ،‬قال أصحاب اللغة جامعه على كذا اجتمع معه ووافقه انتهى المشرك‬
‫بالله‪ ،‬والمراد الكفار ونص على المشرك لنه الغلب حينئذ‪ ،‬والمعنى من‬
‫اجتمع مع المشرك ووافقه ورافقه ومشى معه وسكن معه أي في ديار‬
‫الكفر فإنه مثله‪ ،‬أي من بعض الوجوه؛ لن القبال على عدو الله وموالته‬
‫توجب إعراضه عن الله‪ ،‬ومن أعرض عنه توله الشيطان ونقله إلى الكفر‪.‬‬

‫‪ .9‬قال الزمخشري‪ :‬وهذا أمر معقول‪ ،‬فإن موالة الولي وموالة العدو‬
‫متنافيان وفيه إبرام وإلزام بالقلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم‬
‫والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم {ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من‬
‫دون المؤمنين} والمؤمن أولى بموالة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك‬
‫إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم‬
‫حسما ً لمادة الفساد {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم‬
‫على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين}‪ ،‬وقوله {يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا‬
‫اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن‬
‫الله ل يهدي القوم الظالمين‪ ،‬فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون‬
‫فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من‬
‫عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}‪ ،‬فنهى سبحانه وتعالى‬
‫المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى وذكر أن من والهم فهو منهم أي من‬
‫تولى اليهود فهو يهودي ومن تولى النصارى فهو نصراني‪.‬‬

‫‪ .10‬وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال‪ ،‬قال عبد الله بن‬
‫عتبة‪ :‬ليتق أحدكم أن يكون يهوديا ً أو نصرانيا ً وهو ل يشعر‪ ،‬قال فظنناه‬
‫يريد هذه الية ‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} إلى‬
‫قوله {فإنه منهم}‪..‬‬

‫‪ .11‬وقال ابن تيميـة أيـضاً‪ :‬يبـين ذلك أنـه ذكــر هـذا في ســياق النهي‬
‫عن مــوالة الكفــار‪ ،‬فـقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا ل تتخــذوا اليهــود‬
‫والنصــارى أوليـاء‪ ،‬بعضهم أولياء بعض‪ ،‬ومن يتولهم منكم فإنـه منهم‪ ،‬إن‬
‫الله ل يهدي القوم الظالمين‪ .‬فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون‬
‫فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة‪ ،‬فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر‬
‫من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم‬
‫ويحبونه}‪ .‬فالمخاطبون بالنهي عن موالة اليهود والنصارى هم المخاطبون‬
‫بآية الردة‪ .‬ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون المة‪ .‬وهو لما نهـي عن‬
‫مــوالة الكفار وبيَّن أن من تولهم من المخاطبين فإنه منهم بيَّن أن من‬
‫تولهم وارتد عن دين السلم ل يضر السلم شيئا ً ‪ -‬مجموع الفتاوى ‪/18‬‬
‫‪ ،300‬وله مثله في جـ ‪.193 /28‬‬

‫‪ .12‬وقال ابن تيمية أيضاً‪ :‬قال تعالى {يا أيها الـذين آمــنوا ل تتخــذوا‬
‫اليهـود والنصـارى أوليـاء‪ ،‬بعضهم أولياء بعض‪ ،‬ومن يتولهم منكم}‬
‫فيوافقهم ويعينهم {فإنه منهم} أهـ – مجموع الفتاوى ‪.326 /25‬‬

‫وكذلك من تولى المشرك فهو مشرك ومن تولى العاجم فهو أعجمي‪،‬‬
‫فل فرق بين من تولى أهل الكتابين وغيرهم من الكفار‪ ،‬ثم أخبر تعالى أن‬
‫الذين في قلوبهم مرض أي شك في الدين وشبهة يسارعون في الكفر‬
‫قائلين {… نخشى أن تصيبنا دائرة…} المائدة ‪ ،52‬أي إذا أنكرت عليهم‬
‫موالة الكافرين قالوا‪ :‬نخشى أن تكون الدولة لهم في المستقبل‪،‬‬
‫فيتسلطون علينا‪ ،‬فيأخذون أموالنا ويشردوننا من بلداننا‪ ،‬وهذا هو ظن‬
‫السوء بالله الذي قال الله فيه {الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة‬
‫السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً}‪.‬‬

‫قد أفادت آيات سورة المائدة موضع الستدلل بأن من تولى الكفار‬
‫فر‪ ،‬وقد تأكد كفره بعدة مؤكدات من نفس اليات ومن غيرها‪ ،‬ومن‬ ‫فقد ك َ َ‬
‫ذلك‪{ :‬ومن يتولهم منكم فإنه منهم} المائدة ‪ ،51‬وأكّد أنه منهم بحرف‬
‫ن)‪ .‬وقوله {حبطـت أعمالهـم فأصبحوا خاسرين} المائدة ‪،53‬‬ ‫التوكيد (إ َّ‬
‫وحبوط العمل والخسران بسبب الكفر‪ .‬وقوله {من يرتـد منكـم عن دينه}‬
‫المائدة ‪ 54‬فإنها خطاب لنفس المخاطبين بالنهي عن موالة الكافرين كما‬
‫قال ابن تيمية والشوكاني فيما نقلته عنهما آنفاً‪ :‬إن الموالة نوع من‬
‫الردة‪ .‬وقوله {ل يتخــذ المؤمنــون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن‬
‫يفعل ذلك فليس من الله في شيء} آل عمران ‪ ،28‬قال ابن جرير الطبري‬
‫في تفسيرها‪ :‬ومعنى ذلك‪ :‬ل تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا ً وأنصاراً‬
‫توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين‪،‬‬
‫وتدلونهم على عوراتهم فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء‪ ،‬يعني‬
‫بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ‪-‬‬
‫تفسير الطبري ‪.313 /6‬‬

‫وقد أفـادت أيضا ً آيات سـورة المائــدة موضع السـتــدلل أن هذا‬


‫الحكـم بالكفر عام‪ ،‬يجري على كل مسلم تولى الكافرين‪ ،‬وذلك لن الية‬
‫ن)‬ ‫مصدَّرة بـ ( َ‬
‫م ْ‬ ‫المشتملة على هذا الحكم هي من صيغ العموم‪ ،‬لنها ُ‬
‫ن يتولهم منكم فإنه منهم}‪ ،‬وقال ابن تيمية‪ :‬ولفظ‬ ‫م ْ‬
‫الشرطية‪ ،‬قال {و َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ن) أبلغ صيغ العموم‪ ،‬لسيما إذا كانت شرطا أو استفهاما ‪ -‬مجموع‬ ‫م ْ‬
‫( َ‬
‫الفتاوى جـ ‪ ،82 /15‬وله مثله في جـ ‪.346 /24‬‬

‫إذن موقف القرآن من علقة المسلمين بغير المسلمين بشكل عام‬


‫ومن اليهود والمسيحيين بشكل خاص واضح وصريح‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل‬
‫تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه‬
‫منهم إن الله ل يهدي القوم الظالمين} المائدة ‪.51‬‬

‫{يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين‬


‫أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا ً مبيناً} النساء ‪.144‬‬

‫وهذا نهي عام للمسلمين من أن يتخلقوا بأخلق المنافقين الذين‬


‫يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين‪ ،‬فيكونوا مثلهم في دروب ما‬
‫نهاهم عنه من موالة أعدائه‪ .‬يقول لهم‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله‬
‫ول توالوا الكفار فتؤازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين‪،‬‬
‫فتكونوا كمن أوجب له النار من المنافقين}‪.‬‬

‫{يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا بطانة من دونكم ل يألونكم خبالً‪ ،‬ودوا ما‬
‫عنتم‪ ،‬قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر‪ ،‬قد بينا لكم‬
‫اليات إن كنتم تعقلون‪ .‬ها أنتم أولء تحبونهم ول يحبونكم !!} آل عمران‬
‫‪.118،119‬‬

‫{يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء‪ ،‬تلقون إليهم‬
‫بالمودة‪ ،‬وقد كفروا بما جاءكم من الحق‪ ،‬يخرجون الرسول وإياكم‪ ،‬أن‬
‫تؤمنوا بالله ربكم} الممتحنة ‪.1‬‬

‫{بشر المنافقين بأن لهم عذابا ً أليما ً الذين يتخذون الكافرين أولياء من‬
‫دون المؤمنين‪ .‬أيبتغون عندهم العزة؟ فإن العزة لله جميعاً} النساء ‪138،1‬‬
‫‪.39‬‬

‫***‬
‫علقة المسلم بغير المسلم من القرآن والسنة ‪:‬‬

‫ولم تقف أوامر القرآن عند حد مطالبة المسلمين بعدم اتخاذ اليهود‬
‫والمسيحيين أصدقاء‪ ،‬بل أخذ القرآن أبعادا ً أكثر وأخطر من ذلك بكثير؛‬
‫أبعادا ً وصلت لحد مطالبته بملحقتهم والتضييق عليهم وقتالهم أينما‬
‫وجدوهم حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية (التاوة)‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫حَّر َ‬ ‫ما َ‬
‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ر ُ‬
‫ح ِّ‬
‫ول ي ُ َ‬
‫ر َ‬‫خ ِ‬ ‫ول بِالْي َ ْ‬
‫وم ِ ال ِ‬
‫َ‬
‫ن بِالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫منُو َ‬‫ؤ ِ‬‫ن ل يُ ْ‬‫ذي َ‬‫قاتِلُوا ال ّ ِ‬ ‫{ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬‫ة َ‬ ‫جْزي َ َ‬ ‫عطوا ال ِ‬ ‫حت ّى ي ُ ْ‬ ‫ب َ‬‫ن أوتُوا الكِتَا َ‬ ‫ذي َ‬
‫ن ال ِ‬ ‫م ْ‬‫ق ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال َ‬‫ن ِدي َ‬‫دينُو َ‬ ‫ول ي َ ِ‬ ‫ه َ‬‫سول ُ ُ‬‫وَر ُ‬
‫َ‬
‫ن} التوبة ‪.29‬‬ ‫َ‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫غ‬
‫ِ‬ ‫صا‬‫يَ ٍ َ ْ َ‬
‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫د‬

‫‪{ .1‬قاتلوا} القوم {الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر} يقول‪ :‬ول‬
‫يصدقون بجنة ول نار‪.‬‬

‫‪{ .2‬ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق} يقول‪ :‬ول‬
‫يطيعون الله طاعة الحق‪ .‬يعني‪ :‬أنهم ل يطيعون طاعة أهل السلم‪.‬‬

‫‪{ .3‬من الذين أوتوا الكتاب} وهم اليهود والنصارى‪.‬‬

‫‪{ .4‬من الذين أوتوا الكتاب} وهم أهل التوراة والنجيل‪.‬‬

‫‪{ .5‬حتى يعطوا الجزية} ومعنى الكلم‪ :‬حتى يعطوا الخراج عن رقابهم‬
‫الذي يبذلونه للمسلمين دفعا ً عنها‪.‬‬

‫‪ .6‬وأما قوله‪{ :‬عن يد وهم صاغرون} أي يدفعوا الجزية بأيديهم‬


‫للمسلمين دون إنابة وهم أذلء مقهورون‪ ،‬يقال للذليل الحقير‪ :‬صاغراً‪.‬‬

‫قال القرطبي في تفسيره للية‪{ :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول‬


‫باليوم الخر} الخ‪ .‬أمر سبحانه وتعالى بمقاتلة جميع الكفار‪ ،‬وخص أهل‬
‫الكتاب بالذكر‪ .‬وسبب قتالهم يرجع لنكرانهم نبوة محمد‪.‬‬

‫م‬
‫ه ْ‬
‫مو ُ‬
‫جدْت ُ ُ‬‫و َ‬‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬‫ركِي َ‬ ‫ش ِ‬‫م ْ‬ ‫قتُلُوا ال ْ ُ‬ ‫فا ْ‬‫م َ‬ ‫هُر ال ْ ُ‬
‫حُر ُ‬ ‫ش ُ‬‫خ ال ْ‬ ‫سل َ َ‬‫فإِذَا ان َ‬ ‫{ َ‬
‫وا‬ ‫َ‬
‫وأ َ‬ ‫د َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مك ّ‬ ‫َ‬ ‫وا ْ‬
‫وآت َ ْ‬
‫موا الصلةَ َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ن تَابُوا َ‬‫فإ ِ ْ‬ ‫ص ٍ‬
‫مْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ْ‬‫عدُوا ل ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫صُرو ُ‬ ‫ح ُ‬‫وا ْ‬ ‫هم‬
‫َ ْ َ ُّ‬
‫خذُو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫م} التوبة ‪.5‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫َ ِ ُ ْ‬‫يل‬ ‫سب‬ ‫وا‬ ‫خل‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬

‫‪ .7‬يعني بقوله‪{ :‬فإذا انسلخ الشهر الحرم} فإذا انقضى ومضى أشهر‬
‫الحرم‪ ،‬وهي بعض الشهر العربية‪ :‬ذي القعدة‪ ،‬وذي الحجة‪ ،‬ومحرم‪.‬‬

‫‪{ .8‬فاقتلوا المشركين} يقول‪ :‬فاقتلوهم {حيث وجدتموهم} حيث‬


‫لقيتوهم من الرض في الحرم وغير الحرم‪.‬‬
‫‪{ .9‬وخذوهم} يقول‪ :‬وأسروهم {واحصروهم} يقول‪ :‬وامنعوهم من‬
‫التصرف في بلد السلم‪.‬‬

‫‪{ .10‬واقعدوا لهم كل مرصد} يقول‪ :‬واقعدوا لهم بالطلب لقتلهم أو‬
‫أسرهم كل مرصد‪ ،‬يعني‪ :‬كل طريق ومرقب‪ ،‬وهو مفعل من قول القائل‬
‫رصدت فلنا ً أرصده رصداً‪ ،‬بمعنى‪ :‬رقبته‪{ .‬فإن تابوا} أي إن اسلموا وأقروا‬
‫بنبوة محمد‪{ .‬فخلوا سبيلهم} ‪ -‬راجع‪ :‬تفسير الطبري‪ ،‬شرح آية سورة‬
‫التوبة ‪ .5‬وتفسير القرطبي‪ .‬وابن كثير‪ .‬وصفوة التفاسير‪.‬‬

‫‪{ .11‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله} البقرة ‪.193‬‬
‫يقول للمؤمنين به فقاتلوهم حتى ل يكون شرك ول يعبد إل الله وحده ل‬
‫شريك له‪.‬‬

‫‪{ .12‬ويكون الدين كله لله} يقول‪ :‬حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله‬
‫خالصة دون غيره‪ .‬لكي ل يكون مع دينكم كفر وحتى يقال‪ :‬ل إله إل الله‪،‬‬
‫عليها قاتل النبي‪ ،‬وإليها دعا‪.‬‬

‫‪ .13‬عن الربيع‪{ :‬ويكون الدين لله} يقول‪ :‬حتى ل يعبد إل الله‪ ،‬وذلك ل‬
‫إله إل الله؛ عليه قاتل النبي وإليه دعا‪ .‬فقال النبي‪( :‬إني أمرت أن أقاتل‬
‫الناس حتى يقولوا ل إله إل الله‪ ،‬ويقيموا الصلة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا‬
‫ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على الله)‪.‬‬

‫‪{ .14‬فإن انتهوا فل عدوان إل على الظالمين} يعني بقوله‪{ :‬فإن انتهوا}‬
‫فإن انتهى الذين يقاتلونكم من الكفار عن قتالكم‪ ،‬ودخلوا في ملتكم‪،‬‬
‫وأقروا بما ألزمكم الله من فرائضه‪ ،‬وتركوا ما هم عليه من عبادة الوثان‪،‬‬
‫فدعوا العتداء عليهم وقتالهم وجهادهم‪ ،‬فإنه ل ينبغي أن يُعتدى إل على‬
‫الظالمين وهم المشركون بالله‪ ،‬والذين تركوا عبادته وعبدوا غير خالقهم‪.‬‬

‫‪ .15‬عن قتادة قوله‪{ :‬فل عدوان إل على الظالمين} والظالم الذي أبى أن‬
‫يقول ل إله إل الله ‪ -‬راجع‪ :‬تفسير الطبري في شرحه للية سورة البقرة‬
‫‪.193‬‬

‫‪{ .16‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} النفال ‪.60‬‬
‫وأعدوا لهؤلء الذين كفروا بربهم‪{ ،‬ما استطعتم من قوة} يقول‪ :‬ما‬
‫أطقتم أن تعدوه لهم من اللت التي تكون قوة لكم عليهم من السلح‬
‫والخيل‪.‬‬

‫‪{ .17‬ترهبون به عدو الله وعدوكم} يقول‪ :‬تخيفون بإعدادكم ذلك عدو‬
‫الله وعدوكم من المشركين‪.‬‬

‫‪{ .18‬سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق العناق}‬


‫أنفال ‪ .12‬يقول‪ :‬سأرعب قلوب الذين كفروا بي أيها المؤمنون منكم‪،‬‬
‫وأملها فرقا ً حتى ينهزموا عنكم‪ ،‬فاضربوا فوق العناق!! أي اضربوا‬
‫الرقاب‪ ،‬رقاب الكفار أي الغير مسلمين‪ .‬راجع جميع تفاسير القرآن في‬
‫شرحهم للية‪.‬‬
‫{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الرض فسادا أن‬
‫يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض}‬
‫المائدة ‪.33‬‬

‫***‬

‫ـ خرافة مقولة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا) ـ‬

‫من أين جاءونا بقانون المعاملة بالمثل وبمقولة (لهم ما لنا وعليهم ما‬
‫علينا)؟ هل لكم أن تدلونا على آية أو حديث يقرر هذا المبدأ؟ إن هذا المبدأ‬
‫مبدأ باطل مخالف للقرآن وللسنة رغم شيوعه على ألسنة الكثيرين‪..‬‬

‫لقد نسوا أصحاب الفضيلة المنادين بمقولة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)‬
‫قوله تعالى‪:‬‬

‫{أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} القلم‪.36 – 35‬‬

‫فهذا النص يدل على أنه ل يمكن أن يساوى المسلم بالكافر ل في الدنيا ول‬
‫في الخرة‪ ،‬فكيف يكون لغير المسلم ما للمسلم وعليه ما عليه؟‬

‫ثم إني أسـأل المسلم ومن قال بقوله‪ :‬أنى للمسلم أن يتزوج بالكتابية‬
‫فهل للكتابي أن يتزوج بالمسلمة؟ وإذا كانت الجابة بل وهي كذلك قطعاً‬
‫فكيف يكون لهم ما لكم ؟!‬

‫وإن على المسلم أن يدفع زكاة ماله فهل على الذمي – وإن كان من أغنى‬
‫الغنياء – أن يدفع الزكاة؟ ل شك أنه ليس عليه زكاة فإذا كان المر كذلك‬
‫فكيف يكون عليهم ما على المسلمين؟!‪.‬‬

‫والعجيب أن الكثيرين ممن يذكرون هذا المبدأ ينسبونه إلى النبي‪ ،‬وهذا‬
‫باطل‪ .‬فإن هذا القول ل أصل له في كتب السنة إذا كان المقصود به أهل‬
‫الذمة‪ ،‬وإل فهو وارد في شأن من أسلم من الكفار والمشركين‪ ،‬كما في‬
‫حديث أنس مرفوعاً‪( :‬أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إل الله وأن‬
‫محمدا ً عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا ويأكلوا ذبيحتنا وأن يصلوا صلتنا‬
‫فإذا فعلوا ذلك فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل بحقها لهم ما‬
‫للمسلمين وعليهم ما على المسلمين) ‪ -‬أخرجه أبو داود ‪ 2641‬والترمذي‬
‫‪.2608‬‬

‫وقد بين الشـيخ اللباني في السـلسلة الضعيفة (‪ )2176( )1103‬بطلن‬


‫ن مما يؤكد بطلنه مـخالفته‬‫هذا الحـديث إذا قصد به أهـل الذمـة ثم قال‪ :‬وإ َّ‬
‫لنصوص أخرى قطعية؛ كقوله تعالى {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم‬
‫كيف تحكمون}‪ ،‬وقوله‪{ :‬ل يقتل مسلم بكافر}‪ ،‬وقوله‪{ :‬ل تبدؤوا اليهود‬
‫والنصارى بالسلم ‪ ،}...‬وكل هذه الحاديث مما اتفق العلماء على صحتها‪.‬‬

‫ومن مظاهر العنصرية في السلم أيضا ً (أحكام الديار)‪ ،‬فكما قسمت‬


‫شريعة السلم العباد إلى مؤمن وكافر‪ .‬هكذا أيضا ً قسمت شريعة السلم‬
‫البلد إلى قسمين بلد السلم أو دار السلم‪ .‬وبلد الكفر أو دار الحرب‪ .‬فما‬
‫هو الساس الشرعي لهذا التقسيم؟‬

‫ـ أحكــــام الديـــــار ـ‬

‫قال صاحب كتاب (الجامع في طلب العلم الشريف) الشيخ الدكتور عبد‬
‫القادر بن عبد العزيز‪ :‬اعلـم أن أسـاس تقسيـم العالـم إلى داريــن ـ دار‬
‫السـلم ودار الكفـر ـ هو عمـوم بعثـة النـبي إلى الناس كافة‪ :‬عموما ً مكانياً‬
‫لجميع أهل الرض‪ ،‬وعموما ً زمانيا ً من وقت بعثته وإلى يوم القيامة‪ ،‬ومع‬
‫ه بدعوته انقسم الخلق إلى مؤمن به وكافر‪ ،‬ثم فرض‬ ‫ع ِ‬
‫صدْ ِ‬
‫عموم بعثته و َ‬
‫الله تعالى على المؤمنين الهجرة من بين الكافرين‪ ،‬وقيض الله لهم أنصاراً‬
‫بالمدينة فكانت هي دار الهجرة ومجتمع المهاجرين وبها أنشأ رسول دولة‬
‫السلم‪ ،‬وظل فرض الهجرة إلى المدينة قائما ً حتى فتح مكة‪ ،‬ثم ظلت‬
‫فريضة الهجرة على كل مسلم يقيم بين الكافرين‪ ،‬فتميزت الديار بذلك إلى‬
‫دار السلم وهى مجتمع المسلمين وموضع سلطانهم وحكمهم‪ ،‬ودار الكفر‬
‫وهى مجتمع الكافرين وموضع سلطانهم وحكمهم‪ ،‬ثم فرض الله على‬
‫المؤمنين قتال الكفار إلى قيام الساعة فسميت دارهم أيضا ً دار الحرب‪.‬‬

‫الدلة على هذا التقسيم ‪:‬‬

‫ذهب بعض المعاصرين ‪ -‬مثل د‪ .‬وهبة الزحيلي في كتابه (آثار الحرب في‬
‫الفقه السلمي) ‪ -‬إلى أن تقسيم العالم إلى دارين ل أساس له من الكتاب‬
‫والسنة وإنما هو اجتهاد من الفقهاء بعد عصر النبوة وعصر الصحابة‪.‬‬

‫ويجب أن يكون معلومــا ً أن هذا التقسيـم مجمع عليه بين علماء المة من‬
‫السلف والخلف‪ .‬وأن الجماع لبد أن يستند إلى دليل من الكتاب أو السنة‬
‫كما قال ابن تيمية ‪ -‬انظر (مجموع الفتاوى) ‪39 /7‬‬

‫ونحن نذكر هنا بعض الدلة على هذا التقسيم‪:‬‬

‫فمن القرآن قوله‪{ :‬وقال الذين كفـروا لرسلهـم لنخرجنكـم من أرضـنا أو‬
‫لتعودن في ملتنا} إبراهيم ‪ ،13‬وقوله {قال المل الذين استكبروا من قومه‬
‫لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا}‬
‫العراف ‪.88‬‬

‫فالضافة في كلمتي (أرضنا) و (قريتنا) ‪ -‬وهى إضافة الرض والقرية إلى‬


‫ضمير المتكلمين (نا) ‪ -‬هي إضافة تملك‪ ،‬فأرضنا وقريتنا تعني أرض‬
‫الكافرين وقرية الكافرين التي يملكها الكفـار ويتحكمـون فيها بالمر‬
‫والنهي والسلطان ولهذا هدّدوا رسلهم‪ ،‬وهذه هي صفة دار الكفر‪.‬‬

‫وقوله {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن‪ ،‬الله‬
‫أعلم بإيمانهن‪ ،‬فإن علمتموهن مؤمنات فل ترجعوهن إلى الكفار} الممتحنة‬
‫‪10‬‬

‫وقوله {والذين آمنـوا ولم يهاجـروا مالكم من وليتهم من شيء حتى‬


‫يهاجروا} النفال ‪.72‬‬
‫فهذه النصوص الخاصة بالهجرة تدل دللة واضحة على الدارين دار السلم‬
‫ودار الكفر‪ ،‬إذ الهجرة إذا أطلقت في نصوص الشرع تعني النتقال من دار‬
‫الكفر إلى دار السلم‪.‬‬

‫ومن النصــوص في هــذا أيضــا ً قولــه {سأوريكــم دار الفاسقـين}‬


‫العراف ‪.145‬‬

‫ومن السنــة‪:‬‬

‫‪ .1‬الحــاديث الــواردة في وجوب الهجرة وهى تدل على تقسيم العالم‬


‫إلى دارين‪ ،‬ومنها الحاديث المذكورة في المسألة الولى ومنها أيضا قوله‬
‫ل مسلم ٍ على مسلم محرم‪ ،‬أخوان نصيران‪ ،‬ل يقبل الله عز وجل من‬ ‫(ك ُ‬
‫ك بعدما أسلم عمل ً أو يفارق المشركين إلى المسلمين) ‪ -‬رواه‬
‫ٍ‬ ‫مشر‬ ‫ُ‬
‫النسائي بإسناد حسن عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده‪.‬‬

‫‪ .2‬وبالضافة إلى أحاديث وجوب الهجرة‪ ،‬فمن النصوص الدالة على هذا‬
‫التقسيم‪ :‬عن ابن عمر (أن رسـول الله نهــى أن يُسافــر بالقرآن إلى أرض‬
‫العـدو) – متفق عليه‪.‬‬

‫‪ .3‬ومنها حديث ابن عباس الطــويل في الرجم وفيه أن عبد الرحمن بن‬
‫عوف قال لعمر بن الخطاب بمنى (فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار‬
‫الهجرة والسنة) ‪ -‬الحديث رواه البخاري (‪.)6830‬‬

‫‪ .4‬ومنها ما رواه النســائي بإســناد صحيــح عن ابن عباس قال (إن‬


‫رسـول الله وأبا بكر وعمر كانوا من المهاجرين لنهم هجروا المشركين‬
‫وكان من النصار مهاجرون‪ ،‬لن المدينة كانت دار شرك‪ ،‬فجاءوا إلى رسول‬
‫الله ليلة العقبة)‪.‬أهـ‪.‬‬

‫‪ .5‬قال ابن منظور (والدارة‪ :‬لغة في الدار) (لسان العرب) ‪ ،298 /4‬ط دار‬
‫صادر‪.‬‬

‫‪ .6‬وبلدة الكفر هي دار الكفر كما قال ابن حجر في شرحه (وفيه فضل‬
‫الهجرة من دار الكفر) فتح الباري ‪.535 /1‬‬

‫فهــذه النصــوص تدل على أن تقسيــم العــالم إلى دارين دار‬


‫الســلم ودار الكفــر ثابت بالكتاب والسنة ومنقول عن الصحابة‪ .‬وأن‬
‫الهجرة واجبة من الثانية إلى الولى‪.‬‬

‫بل قد وردت المصطلحات الخاصة بهذه الديار في الكتاب والسنة ‪ -‬في‬


‫النصوص السابقة ‪ -‬بألفاظ مختلفة مثل‪ :‬دار الفاسقين ‪ -‬أرض العدو ‪ -‬دار‬
‫الهجرة والسنة ‪ -‬دار شرك ‪ -‬دارة الكفر ‪ -‬بلدة الكفر‪ .‬وهذا كله في الرد‬
‫على من زعم إن تقسيم العالم إلى دارين أمر أحدثه الفقهاء باجتهادهم‪.‬‬

‫تعريف دار السلم ودار الكفر‪:‬‬

‫يظهر من الدلــة المذكــورة في المسألتين السابقتين أن دار السلم‬


‫هي البلد الخاضعة لسلطان المسلمين وحكمهم‪ ،‬وأن دار الكفر هي البلد‬
‫الخاضعة لسلطان الكافرين وحكمهم‪ ،‬وإليك أقوال العلماء في هذا‪:‬‬

‫‪ .7‬قال ابن القيم (قال الجمهــور‪ :‬دار السـلم هي التي نزلها‬


‫ر عليه أحكام السلم‬ ‫المسلمــون وجــرت عليـها أحكــام السلم‪ ،‬وما لم تج ِ‬
‫ً‬
‫لم يكن دار إسلم وإن لصقها‪ ،‬فهذه الطائف قريبة إلى مكة جدا ولم تصر‬
‫دار إسلم بفتح مكة) ‪ -‬أحكام أهل الذمة لبن القيم‪ ،366 /1 ،‬ط دار العلم‬
‫للمليين ‪.1983‬‬

‫خسي الحنفي (عند أبي حنيفة إنما تصــير دارهــم‬ ‫‪ .8‬وقال المــام ال َّ‬
‫سـَر ْ‬
‫دار الحرب بثلث شرائط‪ ،‬أحدها‪ :‬أن تكون متاخمة أرض الترك ليس بينها‬
‫وبين أرض الحرب دار للمسلمين‪ ،‬والثاني‪ :‬أن ل يبقى فيها مسلم آمن‬
‫بإيمانه ول ذمي آمن بأمانه‪ ،‬والثالث‪ :‬أن يُظهروا أحكام الشرك فيها‪.‬‬

‫‪ .9‬ولم يعتبــر العلمـاء الشـروط التي ذكـرها أبو حنيفة حتى خالفـه‬
‫صاحبـاه‪ :‬القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني كما ذكر‬
‫السرخسي‪ ،‬وذكره أيضا ً علء الدين الكاساني وعلل قولهما بقوله (إن كل‬
‫دار مضافة إما إلى السلم وإما إلى الكفر‪ ،‬وإنما تضاف الدار إلى السلم‬
‫إذا طُبقت فيها أحكامه‪ ،‬وتضاف إلى الكفر إذا طبقت فيها أحكامه‪ ،‬كما‬
‫تقول الجنة دار السلم والنار دار البوار لوجود السلمة في الجنة والبوار‬
‫في النار‪ ،‬ولن ظهور السلم أو الكفر بظهور أحكامهما) ‪ -‬بدائع الصنائع‬
‫للكاساني‪ ،4375 /9 ،‬ط زكريا علي يوسف‪ .‬فجعل الكاساني مناط الحكم‬
‫على الدار هو نوع الحكام المطبقة فيها‪.‬‬

‫‪ .10‬وانتقــد ابن قدامة الحنبلي أيضا ً شــروط أبي حنيفة فقال (ومتــى‬
‫ارتد أهــل بلد وجــرت فيه أحكامـهم صاروا دار حرب في اغتنام أموالهم‬
‫وسبي ذراريهم الحادثين بعد الردة‪ ،‬وعلى المام قتالهم فإن أبا بكر الصديق‬
‫قاتل أهل الردة بجماعة الصحابة‪ ،‬ولن الله تعالى قد أمر بقتال الكفار في‬
‫مواضع من كتابه وهؤلء أحقهم بالقتال لن تركهم ربما أغرى أمثالهم‬
‫بالتشبه بهم والرتداد معهم فيكثر الضرر بهم‪ ،‬وإذا قاتلهم قتل من قدر‬
‫عليه ويُتبع مدبرهم ويُجاز على جريحهم وتغنم أموالهم‪ ،‬وبهذا قال‬
‫الشافعي‪.‬‬

‫‪ .11‬وعن أبي يوسف ومحمد إذا أظهروا أحكام الشرك فيها فقد صارت‬
‫دارهم دار حرب‪ ،‬لن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القوة والغلبة‪.‬‬
‫فكل موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضع للمشركين‬
‫فكانت دار حرب‪ ،‬وكل موضع كان الظاهر فيه حكم السلم فالقوة فيه‬
‫للمسلمين ‪ -‬المبسوط للسرخسي‪ ،‬جـ ‪ 10‬صـ ‪ ،114‬ط دار المعرفة‪.‬‬

‫فجعل الصاحبان المناط‪ :‬هو الغلبة والحكام‪.‬‬

‫‪ .12‬قال ابن قدامة ‪ -‬ولنا أنها دار كفار فيها أحكامهم فكانت دار حرب ‪-‬‬
‫المغني مع الشرح الكبير ‪.95 /10‬‬

‫ابن قدامة مناط الحكم على الدار نوع الحكام الجارية فيها‪.‬‬
‫‪ .13‬وقال السرخسي في شرحه لكتاب (السير الكبير) (والدار تصير دار‬
‫المسلمين بإجراء أحكام السلم) ‪ -‬السير الكبير ‪.2197 /5‬‬

‫‪ .14‬وللقاضي أبي يعلى الحنبلي (كل دار كانـت الغلبة فيها لحكام الكفر‬
‫دون أحكام السلم فهي دار الكفر) ‪ -‬المعتمد في أصول الدين لبي يعلى‬
‫صـ ‪ ،276‬ط دار المشرق ببيروت ‪.1974‬‬

‫‪ .15‬ولعبد القاهر البغدادي مثله في (أصــول الــدين) له‪ ،‬صـ ‪ ،270‬ط دار‬
‫الكتب العلمية ط ‪2‬‬

‫‪ .16‬وقال الشيخ منصور البهوتي (وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار‬


‫دينه بدار الحرب وهى ما يغلب فيها حكم الكفر) – كشاف القناع‪.43 /3 ،‬‬

‫هذه هي شريعة السلم التي قسمت البلد والعباد‬

‫هذا هو السلم دين الصدق والرحمة والتسامح والسلم!! وهذه هي‬


‫حقيقته‪ ،‬دون زيادة بل نقصان‪.‬‬

You might also like