You are on page 1of 21

‫الفصل الثاني‬

‫ـ الرهاب والعنف في السلم ـ‬

‫‪ .1‬وجوب الجهاد‬

‫‪ .2‬موقف القرآن والسنة من الجهاد‬

‫‪ .3‬الرهاب‬

‫‪ .4‬الستيلء على البلد وتفريغها هو حلم نبي السلم الكبر‬

‫‪ .5‬معاهدات الصلح‪:‬‬

‫ـ أنواع المعاهدات‬

‫ـ شروط المعاهدات‬

‫ـ وجوب الجهاد ـ‬

‫نفتتح مسألتنا هذه بسؤال سنترك الجابة عليه لمصادر التشريع‬


‫السلمي (القرآن والسنة) ولواقع حال الشارع العربي والسلمي الذي‬
‫يتماشى مع ما سنبينه من حقائق شرعية‪ .‬والسؤال هو‪ :‬للمسلمين في‬
‫العالم حصة السد في أعمال العنف والرهاب؟ فهل هذه الظاهرة من قبيل‬
‫الصدفة؟ أم أن للسلم علقة وثيقة بالرهاب والعنف؟‬

‫ل شك أن الحرب بما تحمله من نتائج هي إرهاب وعنف حتى وإن كانت‬


‫مقدسة‪ .‬لهذا قيل (الحرب خسارة حتى على رابحها)‪ .‬لكن أمر القتال في‬
‫السلم مختلف‪.‬‬

‫إنه فريضة إلهية مقدسة كتبها رب الكعبة على المسلمين كما كتب‬
‫عليهم الصيام {كتب عليكم الصيام} بقرة ‪{ ،183‬كتب عليكم القتال} بقرة‬
‫‪ .216‬فهل يجوز شرعا ً على المة تعطيل صيام رمضان؟‬

‫الجواب طبعا ً ل ومن هنا حددت شريعة السلم مدة قصوى (سنة)‬
‫لتأدية هذه الفريضة المقدسة في السلم وفي حياة المسلمين‪ .‬وأقل ما‬
‫يُفعل مرة في كل عام‪.‬‬

‫‪ .1‬يقول الشافعي‪ :‬إن كان بالمسلم قوة لم أرى أن يأتي عليه عام إل‬
‫وله جيش أو غارة في بلد المشركين الذين يلون المسلمين من كل ناحية‬
‫عانة وإن كان يمكنه في السنة بل تغرير بالمسلمين أحببت له أن ل يدع ذلك‬
‫كلما أمكنه‪ ،‬وأقل ما يجب عليه أن ل يأتي عليه عام إل وله فيه غزو حتى ل‬
‫يكون الجهاد معطل ً في عاما ً إل من عذر ‪ -‬راجع‪ :‬المام للشافعي ‪،4/177‬‬
‫والمغنى لبن قدامه‪.‬‬
‫‪ .2‬وجاء في الشرح الصغير (الجهاد في سبيل الله لعلء كلمة الله تعالى‬
‫كل سنة فل يجوز تركه سنة كإقامة الموسم بعرفة والبيت وبقية المشاهد‬
‫كل سنة فرض كفاية) ‪ -‬الشرح الصغير‪.272-2/267‬‬

‫فتحديد الجهاد مرة في كل سنة ل يتماشى مع آية عدم العدوان {ل‬


‫تعتدوا} لو كان القتال في السلم ل يجوز إل عند وقوع العدوان على‬
‫المسلمين‪ ،‬لم يجز التحديد بأن يكون في كل سنة مرة‪ ،‬ولكان الواجب حينئذ‬
‫أن يقول إنه يجب عند الحاجة إليه لدرء العدوان عن المسلمين‪.‬‬

‫ولهذا لقد بلغت غزوات محمد التي غزا فيها بنفسه تسعا ً وعشرين‬
‫غزوة‪ .‬وهي غزوات ودان وبواط العشيرة سفوان (وتسمى غزوة بدر‬
‫الولى) وغزوة بدر الكبرى وغزوة بني سليم وغزوة بني قينقاع وغزوة‬
‫السويق وغزوة قرقرة الكدر وغزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر‪ ،‬وغزوة‬
‫بحران بالحجاز وغزوة أحد وغزوة حمراء السد وغزوة بني النضير وغزوة‬
‫ذات الرقاع وهي غزوة محارب وبني ثعلبة‪ ،‬وغزوة بدر الخيرة وهي غزوة‬
‫بدر الموعد وغزوة دومة الجندل وغزوة بني المصطلق (ويقال لها المريسع‪،‬‬
‫وبعد العودة منها تأخرت عائشة وباتت ليلتها مع صفوان بن المعطل)‬
‫وغزوة الخندق وغزوة بني قريظة وغزوة بني لحيان وغزوة الحديبية وغزوة‬
‫قُرد وغزوة خيبر وغزوة وادي القرى وغزوة عمرة القضاء وغزوة فتح‬ ‫ذي ُ‬
‫مكة وغزوة حنين والطائف وغزوة تبوك‪ .‬وأما سراياه (أي الغزوات التي لم‬
‫قدها بنفسه بل أرسل إليها بعض أصحابه) فعددها تسع وأربعون‪ ،‬أي‬ ‫ي ُ‬
‫بمعدل سبع سرايا في السنة الواحدة ‪ -‬راجع طبقات ابن سعد ‪.3/43‬‬

‫أمر القتال في السلم أمر مطلق غير مقيد بأن يكون القتال رافعاً‬
‫لعدوان أو في مقابلة قتال‪ .‬وهذا الطلق واضح في قوله {فإذا انسلخ‬
‫الشهر الحرام فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم‬
‫واقعدوا لهم كل مرصد} التوبة ‪.5‬‬

‫فلقد أمر القرآن المسلمين بأن يقاتلوا غير المسلمين حتى يسلموا أو‬
‫يعطوا الجزية وهذا المر مطلق غير مقيد بأن يكون القتال رفعا ً لعدوان أو‬
‫في مقابلة قتال‪ ،‬فدل هذا الطلق في أمره بالقتال على أنه دعوة إلى‬
‫السلم‪ ،‬وحمل المخالفين على نبذ دينهم واعتناق السلم‪{ .‬وقاتلوا الذين‬
‫ل يؤمنون بالله واليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون‬
‫دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}‬
‫التوبة ‪ .29‬هذا أمر عام ومطلق بقتال المسلمين لهل الكتاب حتى يسلموا‪.‬‬
‫فهذه الية هي آية سيف أهل الكتاب القاضية بقتالهم لكونهم كفروا بالله‬
‫ورسوله ولم يدينوا دين الحق وهو السـلم‪.‬‬

‫ونص الية واضح وصريح {وقاتلوا}‪ ،‬ولم يقل القرآن وجادلوا بالحسنة‬
‫بل قال {وقاتلوا الذين ل يدينون دين الحق} أي قاتلوا الذين ل يؤمنون‬
‫ويدينون بالسلم حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية وهم أذلء أو ي ُ‬
‫قتُلوا‪.‬‬

‫لقد وضعت آية التوبة ‪ 29‬أهل الكتاب أمام أمرين أحلهما مر‪ :‬إما‬
‫السلم‪ ،‬وإما الجزية‪.‬‬
‫كما أن الية ذكرت الوصاف التي لجلها استحق هؤلء أن يُقاتلوا وهي‬
‫كونهم ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول‬
‫يدينون دين الحق‪ ،‬فهذه الوصاف هي الباعث على قتالهم‪ .‬فإن انتهوا عنها‬
‫ودخلوا في السلم انتهى القتال‪ ،‬وإن لم ينتهوا عنها ولكنهم قبلوا دفع‬
‫الجزية فل بأس بذلك أيضاً‪.‬‬

‫***‬

‫ـ موقف القرآن والسنة من الجهاد ـ‬

‫وقد جاءت أحاديث صحيحة بذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬أمر الله بقتال أهل الكتاب ابتداءً حتى يدخلوا في السلم أو يعطوا‬
‫الجزية ‪ -‬أخرجه البخاري ‪ - 3157‬وأبو داود ‪ - 3043‬والترمذي ‪.1586‬‬

‫‪ .2‬عن نبي السلم أنه قال‪" :‬إذا لقيت عدوك من المشركين‪ ،‬فادعهم‬
‫إلى إحدى ثلث خصال‪ ،‬فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم؛‬
‫ادعهم إلى السلم فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬فإن هم أبوا‬
‫فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬فإن أبوا‬
‫فاستعن بالله عليهم وقاتلهم" ‪ -‬رواه أبو داود ومسلم‪.‬‬

‫‪ .3‬يقول شيخ السلم ابن تيمية في كتابه الجهاد‪" 1/11‬يقاتل فقط في‬
‫شرع السلم من يرفض أن يستجيب لواحدة من ثلث‪ :‬إما السلم‪ ،‬وإما‬
‫الجزية‪ ،‬وإما القتال ‪ -‬راجع المصدر المذكور‪ ،‬الجهاد‪.1/11‬‬

‫‪ .4‬أمر الله بقتال أهل الكتاب ومن في حكمهم حتى يسلموا أو يعطوا‬
‫الجزية عن يد وهم صاغرون‪ ،‬ول شك أن الصغار هو الذلل وبذلك فسره‬
‫المام البخاري في صحيحه ‪.6/257‬‬

‫إذن من الواضح والثابت أن غاية القتال أحد أمرين إما السلم وإما دفع‬
‫الجزية‪.‬‬

‫والقتال ‪ -‬الجهاد ‪ -‬هو المحور الساسي والهم التي تدور حوله رسالة‬
‫نبي السلم‪ .‬وهذا واضح من اليات الجهادية التي شغلت حيزا ً كبيرا ً يكاد‬
‫يبلغ أكثر من نصف القرآن المدني ولنا على ما نقول مثال‪:‬‬

‫‪{ .5‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فل عدوان‬
‫إل على الظالمين} البقرة ‪.193‬‬

‫‪{ .6‬كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير‬
‫لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم ل تعلمون} البقرة‬
‫‪.216‬‬

‫‪{ .7‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم‬
‫الصابرين} آل عمران ‪.142‬‬
‫‪{ .8‬فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا‬
‫الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله‬
‫لنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن‬
‫يضل أعمالهم} محمد‪ ،4 :‬آل عمران‪.195 :‬‬

‫‪{ .9‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن‬
‫الله بما يعملون بصير} النفال ‪.39‬‬

‫‪{ .10‬يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم‬
‫تفلحون} النفال ‪.45‬‬

‫‪{ .11‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو‬
‫الله وعدوكم وآخرين من دونهم ل تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من‬
‫شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم ل تظلمون} النفال ‪.60‬‬

‫‪{ .12‬يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} النفال ‪.65‬‬

‫‪{ .13‬فإذا انسلخ الشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‬


‫وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا‬
‫الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} التوبة ‪.5‬‬

‫‪{ .14‬وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة‬
‫الكفر إنهم ل أيمان لهم لعلهم ينتهون} التوبة ‪.12‬‬

‫‪{ .15‬قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور‬
‫قوم مؤمنين} التوبة ‪.14‬‬

‫‪{ .16‬الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم‬


‫أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون}التوبة‪20‬‬

‫‪{ .17‬قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم‬


‫الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية‬
‫عن يد وهم صاغرون} التوبة ‪.29‬‬

‫‪{ .18‬فقاتل في سبيل الله ل تكلف إل نفسك وحرض المؤمنين عسى‬


‫الله أن{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة‬
‫يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا ً عليه حقا في التوراة‬
‫والنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم‬
‫به وذلك هو الفوز العظيم} التوبة ‪.111‬‬

‫‪{ .19‬يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيل} النساء ‪.84‬‬

‫‪{ .20‬ل يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في‬
‫سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم‬
‫على القاعدين درجة وكل وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على‬
‫القاعدين أجرا عظيما} النساء ‪.95‬‬
‫‪{ .21‬تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم‬
‫ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الصف ‪.11‬‬

‫‪{ .22‬يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم‬
‫وبئس المصير} التحريم ‪.9‬‬

‫‪{ .23‬يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم‬
‫يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل‬
‫الله ول يخافون لومة لئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}‬
‫المائدة ‪.54‬‬

‫وانظر أيضا ً آل عمران ‪ , 157 – 121 - 13‬الحج ‪ , .40 - 39‬الفتح ‪– 19 - 16‬‬


‫‪ , 20‬النفال ‪ , 74 – 72 - 67 -65 – 60 – 16 – 15 - 8 – 6‬النساء ‪– 74 - 57‬‬
‫‪ , 102 - 100 – 94 - 77 - 76‬البقرة ‪261 - 251 – 250 - 244 – 218 - 154‬‬
‫‪ , 262 -‬التوبة ‪77 – 73 - 60 – 41 – 39 – 38 – 36 – 16 - 13 – 12 – 3 – 2‬‬
‫– ‪ , 123 – 122 - 121 – 120 – 83 - 81‬الحديد ‪ , - 10‬محمد ‪ - 20‬المائدة ‪35‬‬

‫ولقد استثنى من تلك الفريضة‪:‬‬

‫{ليس على العمى حرج ول على العرج حرج ول على المريض حرج ومن‬
‫يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها النهار ومن يتول يعذبه عذابا‬
‫أليماً} الفتح ‪{ , .17‬ل على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ل أجد ما‬
‫أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أل يجدوا ما ينفقون}‬
‫التوبة ‪{ , 92‬ليس على الضعفاء ول على المرضى ول على الذين ل يجدون‬
‫ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله‬
‫غفور رحيم} التوبة ‪91‬‬

‫بناءا ً على ما بينا من آيات قرآنية تحرض وتشجع المسلمين على القتال‬
‫والقتل‪ ،‬فإنه ليس من الغرابة أن يطالب القرآن المسلمين بأن يمارسوا‬
‫الرهاب مع عدوهم‪.‬‬

‫ـ الرهاب ـ‬

‫‪ .1‬قال ابن منظور في كتابه "لسان العرب" في معنى كلمة الرهاب‬


‫هبا ً بالتحريك؛ أي‬
‫هبا ً بالضم‪ ،‬وَر َ‬
‫ة وُر ْ‬
‫هب َ ً‬
‫ب َر ْ‬
‫ه ُ‬ ‫ب بالكسر‪ ،‬يَْر َ‬ ‫ه َ‬
‫ومشتقاتها‪َ :‬ر ِ‬
‫ة‪ :‬خافه‪.‬‬ ‫هب َ ً‬‫هبا ً وَر ْ‬
‫ب الشيء َر ْ‬ ‫ه َ‬
‫خاف‪ .‬وَر ِ‬

‫ة إليك"‪ ،‬الرهبة‪ :‬الخوف والفزع‪.‬‬


‫هب َ ً‬
‫‪ .2‬وفي حديث الدعاء‪" :‬رغبة وَر ْ‬

‫فه وفَّزعه ‪.‬‬


‫هبَه‪ :‬أخا َ‬ ‫هبَه ور َّ‬
‫هبَه واستَْر َ‬ ‫ب غيره‪ :‬إذا تو َّ‬
‫عده‪ .‬وأر َ‬ ‫‪ .3‬وتَر َّ‬
‫ه َ‬

‫‪ .4‬وفي "النهاية" لبن الثير‪ :‬الَّرهبَة‪ :‬الخوف والفزع‪ .‬وفي حديث ب َ ْ‬


‫هز بن‬
‫وف‪ .‬وفي‬ ‫زع وتُخ ِّ‬ ‫ة " هي الحالة التي تُرهب‪ :‬أي ت ُ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫حكيم‪" :‬إني لسمع الَّراهب َ‬
‫هباً" أي خائفاً‪.‬‬ ‫ة‪" :‬أسمعك را ِ‬
‫رواي ٍ‬
‫نستخلص مما تقدم أن الرهاب يعني‪ :‬الخوف ‪ ..‬والفزع‪ ،‬والرهابي‪ :‬هو‬
‫الذي يُحدث الخوف والفزع عند الخرين‪.‬‬

‫وعليه فكل من أحدث الخوف والفزع عند الخرين ممن يريد إخافتهم‬
‫فهو إرهابي‪ ،‬وقد مارس في حقهم الرهاب‪ ،‬وهو يكون بذلك متلبساً‬
‫بالرهاب‪ ،‬ومتصفا ً به ‪ ..‬سواء تسمى إرهابيا ً أم لم يتسمى ‪ ..‬وسواء اعترف‬
‫بذلك أم لم يعترف‪.‬‬

‫ولقد ذكر القرآن لفظة الرهاب بمشتقاتها في أكثر من سورة منها‪:‬‬


‫ر‬
‫ح ٍ‬
‫س ْ‬
‫جاءُوا ب ِ ِ‬
‫و َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫هبُو ُ‬
‫ستَْر َ‬
‫وا ْ‬
‫س َ‬ ‫َ‬ ‫حُروا أ َ ْ‬
‫عي ُ َ‬
‫ن الن ّا ِ‬ ‫س َ‬
‫وا َ‬ ‫ما أَل ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫فل َ َّ‬ ‫ل أَل ْ ُ‬
‫قوا َ‬ ‫{ َ‬
‫قا َ‬
‫عظِيمٍ} العراف‪.116 :‬‬ ‫َ‬

‫وفوهم‪ .‬وقال‬‫‪ .5‬قال ابن الجوزي في زاد المسير‪{ :‬واسترهبوهم} أي‪ :‬خ َّ‬
‫الزجاج‪ :‬استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس ا‪ -‬هـ‪ .‬أي خافهم الناس‪.‬‬
‫َ‬ ‫م أَ َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫ر ِ‬
‫صدُو ِ‬
‫في ُ‬
‫ة ِ‬ ‫شدُّ َر ْ‬
‫هب َ ً‬ ‫‪ .6‬قال ابن كثير في التفسير‪{ :‬لنْت ُ ْ‬
‫ذلك بأنهم قوم ل يفقهون} الحشر‪ 13 :‬أي يخافون منكم أكثر من خوفهم‬
‫من الله ا‪ -‬هـ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫م لَ َ‬
‫و‬‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِديَا‬ ‫م ْ‬
‫ب ِ‬‫ِ‬ ‫ل الْكِتَا‬
‫ِ‬ ‫ه‬‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ج ال ّ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ذي أ َ ْ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫{ ُ‬
‫َّ‬ ‫فأ َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫خرجوا وظَنُّوا أ َ‬ ‫ما ظَنَنْت ُم أ َ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ُ ِ ْ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫الل‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ُ ْ ِ َ‬‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫صو‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫ُ ْ َ َ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ ُ‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫دي‬ ‫خربون بيوت َهم بأَيديهم َ‬ ‫م الُّر ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث لَ‬
‫وأي ْ ِ‬ ‫ُ ْ ِ ْ ِ ِ ْ َ‬ ‫ب يُ ْ ِ ُ َ ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‬ ‫قل‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ح‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ر} الحشر‪.2:‬‬ ‫صا ِ‬ ‫عتَبُِروا يَا أولِي الب ْ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫منِي َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫َ َ‬
‫في‬
‫ف ِ‬ ‫و َ‬
‫قذَ َ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬
‫صي ِ‬
‫صيَا ِ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ب ِ‬‫ل الْكِتَا ِ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫هُرو ُ‬‫ن ظَا َ‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫وأَنَْز‬
‫{ َ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ريقا} الحزاب‪.26:‬‬ ‫ف ِ‬‫ن َ‬ ‫سُرو َ‬‫وتَأ ِ‬ ‫ن َ‬‫قتُلو َ‬‫ريقا ت َ ْ‬
‫ف ِ‬‫ب َ‬ ‫م الُّر ْ‬
‫ع َ‬ ‫قلُوب ِ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫ُ‬

‫‪ .7‬وقد أوصى القرآن المسلمين بضرورة إرهاب عدوهم أي المخالفين‬


‫عدُ َّ‬
‫و‬ ‫ه َ‬
‫ن بِ ِ‬
‫هبُو َ‬
‫ل تُْر ِ‬
‫خي ْ ِ‬‫ط ال ْ َ‬ ‫ربَا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬‫و ٍ‬‫ق َّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬‫عت ُ ْ‬‫ستَطَ ْ‬‫ما ا ْ‬‫م َ‬‫ه ْ‬‫عدُّوا ل َ ُ‬‫وأ َ ِ‬‫لهم‪َ { :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م} النفال‪ .60:‬قال‬ ‫ه ْ‬‫م ُ‬‫عل ُ‬ ‫ه يَ ْ‬
‫م الل ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫مون َ ُ‬‫عل ُ‬ ‫م ل تَ ْ‬‫ه ْ‬‫ن دُون ِ ِ‬‫م ْ‬‫ن ِ‬‫ري َ‬
‫خ ِ‬‫وآ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫وك ْ‬ ‫عدُ َّ‬‫و َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫وفون {به عدو الله وعدوكم}‬ ‫ابن كثير في التفسير‪ :‬قوله {ترهبون} أي تخ ِّ‬
‫أي من الكافرين ا‪ -‬هـ‪.‬‬

‫‪ .8‬وفي الحديث عن النبي كما في صحيح البخاري وغيره أنه قال‪:‬‬


‫"نُصرت بالرعب شهراً‪ ،‬يُرعب مني العدو مسيرة شهر"‪ .‬أي نصرت بخوف‬
‫العدو مني قبل أن أواجهه بمسيرة شهر ‪ ..‬حيث كان العدو يُصاب بالرعب‬
‫والخوف لمجرد علمه أن جيش النبي متوجه إليه وبمسيرة شهر كامل ‪..‬‬
‫فهذا إرهاب للعدو ‪..‬‬

‫إذن يتضح لنا من خلل استعراضنا لهذا الكم الهائل من اليات الجهادية‬
‫أن الدعوة السلمية هي في جوهرها دعوة إرهابية ذات طابع ديني أكثر من‬
‫كونها دعوة دينية ذات طابع سلمي‪.‬‬

‫وهذا أيضا ً ما تؤكده لنا السنة المحمدية التي فاقت أحاديث تحريضها‬
‫وترغيبها على القتال والتقتيل أضعاف اليات القرآنية التي بيناها‪ .‬لهذا‬
‫اعتبر السلم القتال والتقتيل (الجهاد) درة العبادات وتاجها ل تعادله‬
‫فريضة ل بالمكانة ول بالولوية‪.‬‬

‫‪ .1‬إنه الساس الذي قام عليه السلم‪.‬‬

‫‪ .1‬عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي في سفر فأصبحت يوما ً قريبا ً منه‬
‫ونحن نسير‪ ،‬فقلت يا نبي الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من‬
‫النار‪ .‬قال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد‬
‫الله ول تشرك به شيئا ً وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج‬
‫البيت ثم قال أل أخبرك برأس المر وعموده وذروة سنامه؟ فقلت بلى يا‬
‫رسول الله‪ .‬قال‪ :‬رأس المر وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد – أحمد‬
‫‪ – 21008‬أحمد ‪.21039 – 21036‬‬

‫‪ .2‬قال المام أحمد‪ :‬ل نعلم شيئا ً من أبواب البر أفضل من الجهاد في‬
‫سبيل الله‪.‬‬

‫‪ .1‬إنه رهبنة السلم‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي‬
‫رهبانية ورهبانية هذه المة الجهاد في سبيل الله عز وجل ‪ -‬أحمد ‪.13306‬‬
‫من هنا وبناءا ً على ما ذكرنا‪ ،‬جعل السلم الجنة تحت ظلل السيوف‪.‬‬

‫‪ .2‬عن رسول الله قال واعلموا أن الجنة تحت ظلل السيوف ‪ -‬البخارى‬
‫‪.2607‬‬

‫{ول تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن ل‬


‫تشعرون} البقرة ‪.154‬‬

‫{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم‬
‫الصابرين} آل عمران ‪142‬‬

‫‪ .3‬عن أبي أمامه عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسول الله‪ :‬عليكم‬
‫بالجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به‬
‫الهم والغم ‪ -‬أحمد ‪.21660‬‬

‫{فاستجاب لهم ربهم أني ل أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى‬
‫بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي‬
‫وقاتلوا وقتلوا لكفرن عنهم سيئاتهم ولدخلنهم جنات تجري من تحتها‬
‫النهار ثوابا ً من عند الله والله عنده حسن الثواب} آل عمران ‪.195‬‬

‫لهذا ترتفع درجة ومكانة المقاتلين في السلم عن القاعدين‪:‬‬

‫{فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة‬


‫‪..‬وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا ً عظيماً} النساء ‪95‬‬

‫‪ .1‬إنه وسيلة لمغفرة خطايا المسلم‪:‬‬


‫{ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما‬
‫يجمعون} آل عمران ‪157‬‬

‫تبرز أهمية مكانة الجهاد في السلم من كون (الجهاد) يدخل في إطار‬


‫نشر الدعوة (أي نشر السلم) هذا ما دل عليه القرآن‪ ،‬وهذا ما أيدته وبينته‬
‫السنة المحمدية‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫ن كُل ِّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫علَى ال ِ‬
‫دّي ِ‬ ‫ق لِيُظْ ِ‬
‫هَرهُ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫وِدي ِ‬ ‫ه بِال ْ ُ‬
‫هدَى َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫س َ‬
‫ل َر ُ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬‫{ ُ‬
‫ن} التوبة ‪.33‬‬ ‫َ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫رهَ ال ْ ُ‬
‫م‬ ‫كَ ِ‬

‫{وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله} النفال ‪.39‬‬

‫{قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله‬


‫ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن‬
‫يد وهم صاغرون} التوبة ‪.29‬‬

‫‪ .1‬عن أبي موسى قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الله أرأيت‬
‫الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟‬
‫قال‪ :‬فقال رسول الله‪ :‬من قاتل لتكون كلمة الله عز وجل هي العليا فهو‬
‫في سبيل الله عز وجل ‪ -‬أحمد ‪.18722‬‬

‫‪ .2‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول الله‪ :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله‪ .‬فإذا شهدوا واستقبلوا‬
‫قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل‬
‫بحقها لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ‪ -‬أحمد ‪.12583‬‬

‫‪ .3‬يقول شيخ السلم ابن تيمية في كتابه الجهاد‪" 1/11‬يقاتل فقط في‬
‫شرع السلم من يرفض أن يستجيب لواحدة من ثلث‪ :‬إما السلم‪ ،‬وإما‬
‫الجزية‪ ،‬وإما القتال ‪ -‬راجع المصدر المذكور‪ .‬الجهاد‪. 1/11‬‬

‫‪ .4‬عن نبي السلم أنه قال‪ :‬إذا لقيت عدوك من المشركين‪ ،‬فادعهم إلى‬
‫إحدى ثلث خصال‪ ،‬فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم؛ ادعهم‬
‫إلى السلم‪ ،‬فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬فإن هم أبوا فادعهم‬
‫إلى إعطاء الجزية‪ ،‬فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم‪ ،‬فإن أبوا فاستعن‬
‫بالله عليهم وقاتلهم ‪ -‬رواه أبو داود ومسلم‬

‫‪ .5‬عن أبي موسى قال‪ :‬سئل رسول الله عن رجل يقاتل شجاعة ويقاتل‬
‫حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله‪ .‬قال‪ :‬من قاتل لتكون كلمة الله‬
‫هي العليا فهو في سبيل الله‪ .‬قال أبو عيسى وفي الباب عن عمر وهذا‬
‫حديث حسن‬

‫‪ .6‬عن أبي موسى الشعري قال جاء أعرابي إلى رسول الله يقاتل ليذكر‬
‫ويقاتل ليغنم ويقاتل ليرى مكانه في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة‬
‫الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل ‪ -‬صحيح الترمذى ‪- 1570‬‬
‫النسائي ‪ - 3085‬أبو داود ‪ - 2156‬البخارى ‪ - 2599‬البخارى ‪.6904‬‬
‫إذن من الواضح أن القتال في السلم هو من أجل أن تكون كلمة الله‬
‫هي العليا أي من أجل نشر السلم‪{ :‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون‬
‫الدين لله} النفال ‪ ،39‬البقرة ‪.193‬‬

‫‪ .1‬عن ابن عمر أن رسول الله قال أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا‬
‫أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا‬
‫فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على‬
‫الله ‪ -‬البخارى ‪.24‬‬

‫‪ .2‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول‪ :‬الله أُمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫يقولوا ل إله إل الله فإذا قالوها وصلوا صلتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا‬
‫ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على الله ‪-‬‬
‫البخارى ‪.379‬‬

‫‪ .3‬عن أبي مالك عن أبيه قال‪ :‬سمعت رسول الله يقول‪ :‬من قال ل إله‬
‫إل الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ‪-‬‬
‫مسلم ‪.34‬‬

‫‪ .4‬عن أبي هريرة يقول‪ :‬قال رسول الله‪ :‬أُمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا‬
‫ي دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله عز وجل ‪-‬‬ ‫الزكاة ثم قد حرم عل ّ‬
‫ً‬
‫أحمد ‪ – 8188‬مسلم ‪ – 31‬وأيضا قالها جابر – مسلم ‪ – 32‬وعبد الله بن عمر‬
‫– مسلم ‪33‬‬

‫‪ .5‬عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي قال‪ :‬اغزوا باسم الله وفي‬
‫سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله ‪ -‬أبو داود ‪.2246‬‬

‫‪ .6‬عن سعيد بن جبير قال‪ :‬خرج علينا عبد الله بن عمر ونحن نرجو أن‬
‫يحدثنا حديثا ً حسناً‪ ،‬فبدرنا رجل منا يقال له الحكم فقال‪ :‬يا أبا عبد الرحمن‬
‫ما تقول في القتال في الفتنة؟ قال‪ :‬ثكلتك أمك وهل تدري ما الفتنة إن‬
‫محمدا ً كان يقاتل المشركين فكان الدخول فيهم أو في دينهم فتنة وليس‬
‫كقتالكم على الملك – أحمد ‪ – 5125‬أحمد ‪ – 8377‬أحمد ‪ – 18673‬أحمد‬
‫‪ – 18905‬أحمد ‪ - 18805‬أحمد ‪.18771.‬‬

‫يقول صاحب كتاب الفريضة الغائبة "القتال في السلم هو لرفع كلمة‬


‫الله في الرض سواء هجوما ً أو دفاعا ً ‪ ..‬والسلم انتشر بالسيف ولكن في‬
‫وجه أئمة الكفر الذين حجبوه عن البشر‪ ،‬وبعد ذلك ل يكره أحد‪ ،‬فواجب على‬
‫المسلمين أن يرفعوا السيوف في وجوه القادة الذين يحجبون الحق‬
‫ويظهرون الباطل‪ ،‬وإل لن يصل الحق إلى قلوب الناس" ‪ -‬راجع الفريضة‬
‫الغائبة لمحمد عبد السلم‪ ،‬تعليق جمال البنا ص ‪.95‬‬

‫ويقول حسان المقدسي في كتابه الجهاد وأوضاعنا المعاصرة في ضوء‬


‫الزمات السلمية المعاصرة‪ :‬إن الجهاد أمر جاء به السلم لخراج الناس‬
‫من عبودية البشر إلى عبودية خالق البشر‪ ،‬ولن يكون ذلك بالكلمة إذا عجزت‬
‫أن تخترق أذهان الكفرة أو السياج المحيط بهم‪ .‬إن بواعث الجهاد في‬
‫السلم ينبغي تلمسها في طبيعة السلم ذاته‪ ،‬ودوره في هذه الرض‪،‬‬
‫وأهدافه العليا التي قررها الله له‪ .‬إذن السلم ليس مجرد عقيدة‪ ،‬إنما‬
‫السلم‪ ،‬وكما قلنا‪ ،‬إعلن عام لتحرير النسان من عبودية العباد‪ ،‬فهو يهدف‬
‫ابتداءً إلى إزالة النظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر‬
‫للبشر وعبودية النسان للنسان‪ .‬إن النظام الذي يحكم البشر في الرض‬
‫يجب أن تكون قاعدته العبودية لله وحده وذلك بتلقي الشرائع منه وحده‪.‬‬

‫إن محاولة أيجاد مبررات دفاعية للجهاد في السلم بالمعنى الضيق‬


‫للمفهوم العصري للحرب الدفاعية‪ ،‬ومحاولة البحث عن أسانيد لثبات أن‬
‫وقائع الجهاد السلمي كانت لمجرد صد العدوان المجاور على الوطن‬
‫السلمي ‪ -‬وهو في عرف بعضهم جزيرة العرب ‪ -‬فهي محاولة تنم عن قلة‬
‫إدراك لطبيعة هذا الدين‪ ،‬ولطبيعة الدور الذي جاء ليقوم به في الرض ‪-‬‬
‫راجع كتاب الجهاد وأوضاعنا المعاصرة في ضوء الزمات السلمية‬
‫المعاصرة ص ‪.17-15‬‬

‫مهما حاول مهندسو الترميم والترقيع الشرعي خلق العذار والسباب‬


‫الشرعية وغير الشرعية لشرعة العنف والرهاب (الجهاد) في السلم فإن‬
‫هدف السلم ظاهر وواضح للعيان وهو (إخضاع العباد والبلد كافة لسيطرة‬
‫وحكم السلم والمسلمين)‪.‬‬

‫هذا ليس افتراءً على السلم كما يزعم المجاهدون‪ ،‬ول هي محاولة منا‬
‫لتشويه صورة السلم السمحة كما يزعم الذين اسودت وجوههم إذا بشرهم‬
‫أحد بالحق! بل هذا ما أعلنه القرآن بوضوح‪ ،‬وبينت تفاصيله السنة النبوية‬
‫المطهرة‪ .‬وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين قديما ً وحديثا ً وأعلنوه‬
‫بصراحة ووضوح في مصادرهم الشرعية‪ .‬وهذا ما يحاول المسلمون أقصى‬
‫جهدهم لتنفيذه وإن كره المشركون‪.‬‬

‫{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو‬
‫كره المشركون} التوبة ‪.33‬‬

‫لم يقتصر هدف الجهاد في السلم على قهر غير المسلمين وإذللهم‬
‫وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبالتالي إجبارهم على نبذ دينهم والدخول‬
‫في السلم كما بينا سابقا ً من خلل القرآن والسنة‪ ،‬بل يهدف السلم من‬
‫وراء تلك الفريضة العدوانية ‪-‬الجهاد‪ -‬إلى احتلل العالم أجمع ‪ -‬أي فتح‬
‫العالم بحسب المصطلح السلمي‪.‬‬

‫وهذا ما أعلنه وصرح به السلم والمسلمون من خلل مصادر تشريعهم‬


‫وتصريحات علمائهم‪.‬‬

‫يقول أبو العلى المودودي في كتابه الجهاد في سبيل الله‪:‬‬

‫"إن كان السلم نحلة كالنحل الخرى والمسلمون أمة كغيرهم من أمم‬
‫العالم؛ فل جرم إن الجهاد السلمي يفقد بذلك جميع المزايا والخصائص‬
‫التي جعلته رأس العبادات ودرة تاجها‪ .‬لكن الحقيقة أن السلم ليس بنحلة‬
‫كالنحل الرائجة وأن المسلمين ليسوا بأمة كأمم العالم‪ ،‬بل المر أن السلم‬
‫فكرة انقلبية ومنهاج انقلبي يريد أن يهدم نظام العالم الجتماعي بأسره‬
‫ويأتي بنيانه من القواعد ويؤسس بنيانه من جديد حسب فكرته ومنهاجه‬
‫العملي‪.‬‬

‫ومن هنا نعرف أن لفظ المسلم وصف للحزب النقلبي العالمي الذي‬
‫يكونه السلم وينظم صفوفه ليكون أداة في إحداث ذلك البرنامج النقلبي‬
‫الذي يرمي إليه السلم ويطمح إليه ببصره‪ ،‬والجهاد عبارة عن الكفاح‬
‫النقلبي عن تلك الحركة الدائبة المستمرة التي يُقام بها للوصول إلى هذه‬
‫الغاية وإدراك هذا المبتغى ‪ -‬راجع الجهاد في سبيل الله لبي العلى‬
‫المودودي ص ‪.11-10‬‬

‫إن السلم ل ينظر إلى مصلحة أمة دون أمة ول يقصد النهوض بمصلحة‬
‫شعب دون شعب ‪ ..‬وله فكرة خاصة ومنهاج عملي مختار لسعادة المجتمع‬
‫البشري والصعود به إلى معارج الفلح‪ .‬فكل حكومة مؤسسة على فكرة غير‬
‫هذه الفكرة ومنهاج غير هذا المنهاج يقاومها السلم ويريد أن يقضي عليها‬
‫قضاءً مبرماً‪ ،‬ول يعنيه في شيء بهذا الصدد أمر البلد التي قامت فيها تلك‬
‫الحكومة غير المرضية أو المة التي ينتمي إليها القائمون بأمرها‪ .‬فإن غايته‬
‫استعلء فكرته وتعميم منهاجه وإقامة الحكومات وتوطيد دعائمها على‬
‫أساس هذه الفكرة وهذا المنهاج بصرف النظر عمن يحمل لواء الحق‬
‫والعدل بيده ومن تنتكس بذلك راية عدوانه وفساده‪ .‬والسلم يتطلب‬
‫الرض ول يقتنع بقطعة أو جزء منها ‪ ..‬ول يتطلبها لتستولي عليها وتستبد‬
‫بمنابع ثروتها أمة بعينها بعدما تُنتزع من أمة أو أمم شتى‪ ،‬بل يتطلبها‬
‫السلم ويستدعيها ليتمتع الجنس البشري بأجمعه بفكرة السعادة البشرية‬
‫ومنهاجها العملي اللذين أكرمه الله بهما وفضله بهما على سائر الديان‬
‫والشرائع‪ .‬وتحقيقا ً لهذه البغية السامية‪ ،‬يريد السلم أن يستخدم جميع‬
‫القوى والوسائل التي يمكن استخدامها لحداث انقلب عام شامل‪ ،‬ويبذل‬
‫الجهد المستطاع للوصول إلى هذه الغاية العظمى‪ ،‬ويسمى هذا الكفاح‬
‫المستمر بانتشار القوى والبغي واستخدام شتى الوسائل المستطاعة‬
‫(الجهاد) ‪ -‬راجع نفس المصدر ‪13‬‬

‫إن السلم ليس مجرد مجموعة من العقائد الكلمية وجملة من‬


‫المناسك والشعائر كما يُفهم من معنى الدين في هذه اليام‪ .‬بل الحق إنه‬
‫نظام كلي شامل يريد أن يقضي على سائر النظم الباطلة الجائرة الجارية‬
‫في العالم ويقطع دابرها ويستبدل بها نظاما ً صالحا ً ومنهاجا ً معتدل ً يرى أنه‬
‫خير للنسانية من النظم الخرى‪ ،‬وأن فيه نجاة الجنس البشري من أدواء‬
‫الشر والطغيان وأنه سعادة له وفلحا ً في العاجلة والجلة معاً‪ .‬ودعوته في‬
‫هذه السبيل‪ ،‬سبيل الصلح والتجديد والهدم والبناء‪ ،‬عامة للجنس البشري‬
‫كافة‪ ،‬ل تختص بأمة دون أمة أو طائفة دون طائفة‪ .‬فهو يدعو بني آدم‬
‫جميعا ً إلى كلمته؛ حتى أنه يهيب بالطبقات الجائرة نفسها ممن اعتدوا على‬
‫حدود الله في أرضه واستأثروا بخيرات الرض دون سائر الناس‪ ،‬يهيب‬
‫بالملوك والمراء أنفسهم ويناديهم قائلً‪ :‬ل تطغوا في الرض‪ ،‬ادخلوا في‬
‫كنف حدود الله التي حددها لكم‪ .‬فإن أسلمتم لمر الله وِدنتم لنظام الحق –‬
‫السلم – والعدل الذي أقامه للناس خير وبركة‪ ،‬فلكم المن والدعة‬
‫والسلمة‪ .‬فإن الحق ل يعادي أحد‪ ،‬وإنما يعادي الحق الجور والفساد‬
‫والفحشاء‪ .‬فكل من آمن بهذه الدعوة وتقبلها بقبول حسن‪ ،‬يصير عضواً‬
‫في الجماعة السلمية أو الحزب السلمي‪ ،‬ل فرق في ذلك بين الحمر‬
‫منهم أو السود أو الغني منهم أو الفقير‪ .‬كلهم سواسية كأسنان المشط‪،‬‬
‫ل فضل لمة على أمة أو لطبقة على أخرى‪ .‬وبذلك يتكون ذلك الحزب‬
‫العالمي أو الممي الذي سمي (حزب الله) بلسان الوحي‪.‬‬

‫وما أن يتكون هذا الحزب حتى يبدأ بالجهاد في سبيل الغاية التي أنشئ‬
‫من أجلها‪ .‬فمن طبيعته ومما يستدعيه وجوده أن ل يألو جهدا ً في القضاء‬
‫على نظم الحكم التي أسس بنيانها على غير قواعد السلم واستئصال‬
‫شأفتها‪ ،‬وأن يستنفد مجهوده في أن يستبدل بها نظاما ً للعمران والجتماع‬
‫معتدلً‪ ،‬مؤسسا ً على قواعد ذلك القانون الوسط العدل الذي يسميه القرآن‬
‫ع سعيه وراء‬
‫(كلمة الله)‪ .‬فإن لم يبذل هذا الحزب الجهد المستطاع ولم يس َ‬
‫تغيير نظم الحكم وإقامة نظام الحق ‪ -‬السلم‪ -‬ونظام الحكم المؤسس على‬
‫قواعد السلم ولم يجاهد حق جهاده في سبيل هذا‪ ،‬فاتته غايته وقصر عن‬
‫تحقيق البغية التي أنشئ لجلها‪ ،‬فإنه ما أنشئ إل لدراك الغاية وتحقيق‬
‫هذه البغية‪ ،‬بغية إقامة نظام الحق والعدل – السلم ‪ -‬ول غاية له ول عمل‬
‫إل الجهاد في هذه السبيل‪ .‬وهذه الغاية الوحيدة التي بينها الله تعالى في‬
‫كتابه بقوله‪{ :‬كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران ‪.110‬‬

‫ول يظن أحد أن هذا الحزب ‪ -‬حزب الله بلسان الوحي ‪ -‬مجرد جماعة‬
‫من الوعاظ المبشرين يعظون الناس في المساجد ويدعونهم إلى مذاهبهم‬
‫ومسالكهم بالخطب والمقالت‪ .‬ل‪ ،‬ليس المر كذلك وإنما هو حزب أنشأه‬
‫الله ليجعل الحق والعدل بيده ويكون شهيدا ً على الناس‪ .‬ومهمته التي‬
‫أُلقيت على كاهله من أول يوم أن يقضي على منابع الشر والعدوان ويقطع‬
‫دابر الجور والفساد في الرض والستغلل الممقوت‪ ،‬وأن يكبح جماح اللهة‬
‫الكاذبة الذين تكبروا في أرض الله بغير حق وجعلوا أنفسهم أربابا ً من دون‬
‫الله‪ ،‬ويستأصل شافة ألوهيتهم ويقيم نظاما ً للحكم والعمران يتفيأ ظلله‬
‫القاصي والداني والغني والفقير‪ .‬وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى في‬
‫غير واحدة من آية الذكر الحكيم‪{ :‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين‬
‫كله لله} النفال ‪.39‬‬

‫{إل تفعلوه تكن فتنة في الرض وفساد كبير} النفال ‪.73‬‬

‫{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو‬
‫كره المشركون} التوبة ‪.33‬‬

‫فتبين من كل ذلك أن الحزب ‪ -‬حزب الله‪ -‬ل بد له من امتلك ناصية‬


‫المر ول مندوحة له عن القبض على زمام الحكم‪ ،‬لن نظام العمران الفاسد‬
‫ل يقوم إل على أسس حكومة مؤسسة على قواعد العدوان والفساد في‬
‫الرض‪ ،‬كذلك ليس من الممكن أن يقوم نظام للحكم الصالح ويؤتي أكُله إل‬
‫بعد ما يُنتزع زمام المر من أيدي الطغاة المفسدين ويأخذه بأيديهم رجال‬
‫يؤمنون بالله واليوم الخر‪ .‬أضف إلى ذلك أن هذا الحزب ‪ -‬حزب الله ‪-‬‬
‫بصرف النظر عما يرمي إليه من إصلح العالم وبث الخير والفضيلة في‬
‫أنحاء الرض كافة‪ ،‬ل يقدر أن يبقى ثابتا ً على خطته‪ ،‬متمسكا ً بمنهاجه‪،‬‬
‫عامل ً وفق مقتضياته‪ ،‬مادام نظام الحكم قائما ً على أساس آخر‪ ،‬سائرا ً على‬
‫منهاج غير منهاجه‪ .‬وذلك أن حزبا ً مؤمنا ً بمبدأ ونظام للحياة والحكم الخاص‪،‬‬
‫ل يمكنه أن يعيش متمسكا بمبدئه عامل ً حسب مقتضاه في ظل نظام للحكم‬
‫مؤسسا ً على مبادئ وغايات غير المبادئ والغايات التي يؤمن بها ويريد‬
‫السير على منهاجها‪ .‬وكذلك إن أراد مسلم أن يقضي حياته مستظل ً بنظام‬
‫للحكم مناقض لمبادئ السلم الخالدة وبوده أن يبقى مستمسكا ً بمبادئ‬
‫السلم‪ ،‬سائرا ً وفق مقتضاه في أعماله اليومية‪ ،‬فلن يتسنى له ذلك ول‬
‫يمكنه أن ينجح في بغيته هذه أبداً‪ ،‬لن القوانين التي يراها باطلة والضرائب‬
‫التي يعتقدها غرما ً ونهبا ً لموال الناس والقضايا التي يحسبها جائرة عن‬
‫الحق وافتئاتا ً على العدل والنظم التي يعرف أنها مبعث الفساد في الرض‬
‫ومنهاج التعليم‪ ،‬التي يجزم بوخامة عاقبتها وسوء نتائجها ويرى فيها هلكاً‬
‫للمة‪ .‬فالذي يؤمن بعقيدة ونظام‪ ،‬فردا ً كان أو جماعة‪ ،‬مضطر بطبيعة‬
‫عقيدته وإيمانه بها أن يسعى سعيه في القضاء على نظم الحكم القائمة‬
‫على فكرة غير فكرته ويبذل الجهد المستطاع في إقامة نظام للحكم مستند‬
‫إلى الفكرة التي يؤمن بها ويعتقد أن فيها سعادة البشر‪ ،‬لنه ل يتسنى له‬
‫العمل بموجب عقيدته والسير على منهاجه إل بهذا الطريق‪.‬‬

‫‪ ..‬ومن أجل ذلك وجب على الحزب المسلم‪ ،‬حفاظا ً على كيانه‪ ،‬وابتغاءً‬
‫للصلح المنشود أن ل يقتنع بإقامة نظام الحكم السلمي في قطر واحد‬
‫بعينه‪ ،‬بل من واجبه الذي ل مناص له منه بحال من الحوال أن يدخر جهداً‬
‫في توسيع نطاق هذا النظام وبسط نفوذه في مختلف أرجاء الرض‪ .‬ذلك‬
‫بأن يسعى الحزب السلمي في جانب وراء نشر الفكرة السلمية وتعميم‬
‫نظرياتها الكاملة ونشرها في أقصى الرض أدناها ويدعو سكان المعمورة‬
‫على اختلف بلدهم وأجناسهم وطبقاتهم‪ .‬هذه هي الخطة التي سلكها‬
‫وهذا هو المنهاج الذي انتهجه النبي ومن جاء بعده وسار بسيرته من الخلفاء‬
‫الراشدين‪ .‬فإنهم بدءوا ببلد العرب التي أشرقت شمس السلم من آفاقها‬
‫وأخضعوها أول ً لحكم السلم وادخلوها في كنف المملكة السلمية‬
‫الجديدة‪ ،‬ثم دعا النبي الملوك والمراء والرؤساء في مختلف بقاع الرض‬
‫إلى دين الحق – السلم ‪ -‬للذعان لمر الله‪ .‬فالذين آمنوا بهذه الدعوة‬
‫انضموا إلى هذه المملكة السلمية وأصبحوا من أهلها‪ .‬والذين لم يلبوا‬
‫دعوتها ولم يتقبلوها بقبول حسن‪ ،‬شرع في قتالهم وجهادهم‪ .‬ولما‬
‫استخلف أبو بكر بعد وفاة النبي‪ ،‬حمل على المملكتين المجاورتين للمملكة‬
‫السلمية؛ مملكتي الروم والفرس ‪ -‬راجع كتاب (الجهاد في سبيل الله)‬
‫لبي العلى المودودي ص ‪.39-28‬‬

‫هل يستطيع أي مسلم إذن أن يشكك بأقوال المودودي المستمدة من‬


‫القرآن والسنة؟‬

‫السلم يتطلب الرض كلها ول يقتنع بجزء منها‪!!.‬‬

‫‪ .1‬عن تميم الداري قال‪ :‬سمعت رسول الله يقول‪ :‬ليبلغن هذا المر ما‬
‫بلغ الليل والنهار ول يترك الله بيت مدر ول وبر إل أدخله الله هذا الدين بعز‬
‫عزيز أو بذل ذليل عزا ً يعز الله به السلم وذل ً يذل الله به الكفر‪ .‬وكان‬
‫تميم الداري يقول قد عرفت ذلك في أهل بيتي‪ ،‬لقد أصاب من أسلم منهم‬
‫الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافرا ً الذل والصغار‬
‫والجزية ‪ -‬أحمد ‪.16344‬‬

‫‪ .2‬عن نبي السلم قال‪( :‬إن الله زوى لي الرض فرأيت مشارقها‬
‫ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها لي منها ‪ -‬رواه مسلم وأبو داود والترمذي‬
‫وابن ماجة‪.‬‬

‫‪ .3‬وفي الحديث الصحيح يقول أبو قبيل‪ :‬كنا عند عبد الله بن عمرو بن‬
‫العاص وسئل أي المدينتين تفتح‪ :‬القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله‬
‫بصندوق له حلقة فأخرج منه كتابا ً وقال‪ :‬فقال عبد الله بينما نحن حول‬
‫رسول الله‪ ،‬نكتب إذ سئل رسول الله أي المدينتين تفتح أولً؟ يعني‬
‫القسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله‪ :‬مدينة هرقل تفتح أولً‬
‫القسطنطينية ‪ -‬رواه احمد ‪ -‬وراجع أيضا ً الفريضة الغائبة ص ‪.44-42‬‬

‫***‬

‫ـ الستيلء على البلد وتفريغها من أهلها كان حلم نبي السلم الكبر ـ‬

‫‪ .1‬عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله‪ :‬لئن عشت لخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى ل‬
‫أترك فيها إل مسلما ً ‪ -‬أحمد ‪ - 21‬أحمد ‪ – 210‬الترمذي ‪1531‬‬

‫‪ .2‬أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول‪ :‬لخرجن اليهود‬
‫والنصارى من جزيرة العرب فل أترك فيها إل مسلماً‪ .‬قال أبو عيسى هذا‬
‫حديث حسن صحيح ‪ -‬الترمذى ‪ - 1532‬أحمد ‪.196‬‬

‫‪ .3‬عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من‬
‫أرض الحجاز‪ ،‬وكان رسول الله لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها‪.‬‬
‫وكانت الرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين وأراد إخراج اليهود‬
‫منها فسألت اليهود رسول الله ليقرهم بها أن يكفوا عملها ولهم نصف‬
‫الثمر‪ ،‬فقال لهم رسول الله‪ :‬نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى‬
‫أجلهم عمر إلى تيماء وأريحا ‪ -‬البخاري ‪ - 2170‬البخارى ‪2919‬‬

‫‪ .4‬عن أبي هريرة قال بينما نحن في المسجد خرج النبي‪ ،‬فقال‪ :‬انطلقوا‬
‫إلى يهود فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس‪ ،‬فقال‪ :‬أسلموا تسلموا واعلموا‬
‫أن الرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم من هذه الرض فمن يجد منكم‬
‫بماله شيئا فليبعه وإل فاعلموا أن الرض لله ورسوله ‪ -‬البخارى ‪.293‬‬

‫‪ .5‬عن نافع عن ابن عمر قال حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير‬
‫وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة فقتل رجالهم وقسم نساءهم‬
‫وأولدهم وأموالهم بين المسلمين إل بعضهم لحقوا بالنبي فأمنهم‬
‫وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم؛ بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن‬
‫سلم ويهود بني حارثة وكل يهود المدينة – البخارى ‪ – 3724‬أبو داود ‪2634‬‬
‫– أحمد ‪9450‬‬

‫‪ .6‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول الله‪ :‬ل تصلح قبلتان في أرض واحدة‬
‫وليس على المسلمين جزية‪ .‬والنصراني إذا أسلم وضعت عنه جزية رقبته ‪-‬‬
‫الترمذى ‪ – 574‬أبو داود ‪.2636‬‬

‫‪ .7‬عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز‬
‫يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله أن قال‪ :‬قاتل الله اليهود‬
‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ل يبقين دينان بأرض العرب ‪ -‬مالك‬
‫‪ 1387‬مالك ‪.1388‬‬
‫هذه كانت وصية النبي الخيرة ‪:‬‬

‫عن ابن عباس أنه قال‪ :‬يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب‬
‫دمعه الحصباء‪ ،‬فقال‪ :‬اشتد برسول الله وجعه يوم الخميس فقال‪ :‬ائتوني‬
‫بكتاب أكتب لكم كتابا ً لن تضلوا بعده أبدا ً فتنازعوا ول ينبغي عند نبي تنازع‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬هجر رسول الله قال‪ :‬دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه‬
‫وأوصى عند موته بثلث؛ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب‪ ،‬وأجيزوا‬
‫الوفد بنحو ما كنت أجيزهم‪ ،‬ونسيت الثالثة‪ .‬وقال يعقوب بن محمد‪ :‬سألت‬
‫المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب‪ ،‬فقال‪ :‬مكة والمدينة واليمامة‬
‫واليمن‪ .‬وقال يعقوب والعرج أول تهامة ‪ -‬البخارى ‪.2825‬‬

‫سؤال‪ :‬إذا كانت وصية ورغبة نبي السلم هي إخراج اليهود والنصارى من‬
‫جزيرة العرب فهل يعقل بأن تكون رغبة العرب والمسلمين مختلفة أو‬
‫مخالفة لوصية ورغبة نبيهم؟!‬

‫{من يطع الرسول فقد أطاع الله} النساء ‪80‬‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫وات َّ ُ‬
‫ديدُ‬
‫ش ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ه إ ِ َّ‬
‫قوا الل ّ َ‬ ‫هوا َ‬ ‫ه َ‬
‫فانت َ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫هاك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬
‫خذُوهُ َ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما آتَاك ُ ُ‬
‫م الَّر ُ‬ ‫و َ‬
‫{ َ‬
‫ب} الحشر ‪7‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫ع‬‫ال ْ ِ‬

‫إن إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب أصبح واجب ديني يجب على‬
‫كل مسلم أن يسعى جاهدا ً لتنفيذه عمل ً بوصية وسنة النبي الذي ل ينطق‬
‫عن الهوى بل بوحي يوحى‪.‬‬

‫وتفريغ الشرق الوسط من المسيحيين واليهود واجب ديني يجب على كل‬
‫مسلم أن يبذل قصارى جهده لتحقيقه وإن كره المشركون‪ .‬إنها وصية نبي‬
‫السلم الخيرة بأن ل يُترك في الجزيرة دينان‪.‬‬

‫عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله قال‪ :‬ل يجتمع دينان في جزيرة‬
‫العرب ‪ -‬مالك ‪.1388‬‬

‫في تصريح لمين عام منظمة المؤتمر السلمي‪ ،‬السيد حبيب الشطي في‬
‫حديث خاص لجريدة الشرق الوسط في ‪ 16‬تموز ‪ ،1984‬أعلن فيه أن‬
‫المنظمة رفعت دعوى ضد الجريدة الفرنسية ‪ . le figaro‬وأن المحاكم‬
‫الفرنسية ستنظر هذه الدعوى بحلول شهر تشرين الول‪ ،‬والدعوة تدور‬
‫حول ما زعمته هذه الجريدة حول عقد مؤتمر للدول السلمية في لهور‬
‫عام ‪ 1980‬لبحث القضاء على المسيحيين في الدول السلمية وإجبارهم‬
‫على اعتناق السلم قبل نهاية القرن الحالي‪.‬‬

‫قال السيد الشطي (إن ذلك تلفيق ل يمت إلى الواقع والحقيقة بصلة بقدر‬
‫ما هو إشهار غير مسؤول يستهدف النيل من السلم ومبادئه القويمة التي‬
‫تدعو إلى التسامح الديني والتعايش السلمي والتعاون المثمر بين كل‬
‫المجتمعات في العالم أيا كانت معتقداتها وألوانها ومشاربها الروحية‬
‫والجتماعية ‪) ..‬‬

‫وختم تصريحه بقوله (أنه ل يعقل أن نتآمر ضد مواطنين مسيحيين يعيشون‬


‫جنبا ً إلى جنب مع بني أوطانهم المسلمين في بلدان عديدة‪ ،‬وفي أمان‬
‫مطلق تربطهم المال واللم الوطنية وتشدهم ببعض التطلعات القومية‬
‫والقضايا المصيرية الواحدة) ‪ -‬راجع حروب اللهة ‪.97-96‬‬

‫تقودنا هذه الحقائق والحكام الشرعية‪ ،‬سواء كانت أحكام الجهاد أو أحكام‬
‫التقية‪ ،‬إلى سؤال أعتقد أنه مهم خصوصا ً في هذه المرحلة الصعبة؛ مرحلة‬
‫مواجهة الدول المتحضرة للرهاب‪.‬‬

‫سؤالي هو‪ :‬هل يُعد السلم في السلم استراتيجية أم تكتيك تقوي؟‬

‫ـ معاهدات الصلح ـ‬

‫ة ومن أجل الفادة‪ ،‬دعوني أبين لكم موقف السلم من معاهدات الصلح‬‫بداي ً‬
‫بشكل عام ‪..‬‬

‫نقول‪ :‬عقد المعاهدات هو أمر جائز في السلم نزول ً عند حكم الية‬
‫القرآنية‪{ :‬براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} توبة‬
‫‪.1‬‬

‫وقد عرف العرب قبل السلم المعاهدات (العهود) بشكل عام وسموها‬
‫(إيلفاً) أو (حلفاً) ومن ذلك إيلف قريش وحلف الفضول ‪ ..‬الخ‪ .‬وكانت هذه‬
‫العهود أو الحلف على نوعين‪ :‬المساندة وهي تنصب على مساعدة كل‬
‫قبيلة طرف في حلف للقبيلة الخرى الطرف فيه عند الحاجة‪ ،‬مما يجعلها‬
‫شبيهه بالحلف العسكرية في هذه اليام‪.‬‬

‫أما النوع الثاني‪ :‬فهو الموادعة‪ :‬وهي وفاق صلح وسلم يتعهد فيه كل‬
‫طرف بالكف عن أية أعمال ذات طابع عدواني تجاه الطراف الخرى‪ .‬وهي‬
‫تشبه اتفاقيات الهدنة المعاصرة إذا كانت مؤقتة‪ .‬ومعاهدات الصلح إذا كانت‬
‫دائمة‪ ،‬علما ً بأن العرب نادرا ً ما كانوا يقبلون بعقد موادعات تزيد مدتها عن‬
‫عشر سنوات ‪ -‬راجع‪ :‬أحكام الحرب والسلم في دار السلم ص ‪.73‬‬

‫أما المعاهدات في السلم فيمكن ردها إلى ثلثة أنواع وذلك لجملة العهود‬
‫التي عقدها المسلمون مع غيرهم وهي‪ :‬عهد المان‪ ،‬وعهد الذمة‪ ،‬وعهد‬
‫الصلح‪.‬‬

‫‪ .1‬عهد المان‪ :‬هو عهد مؤقت ل تزيد مدته في العادة عن سنة يعقده‬
‫المسلمون مع أحد الحربيين أي مواطني العدو أو عدد محدود منهم‪ ،‬ويسمى‬
‫هؤلء بعد حصولهم على المان باسم (المستأمنين)‪ ،‬حتى إذا انتهى مفعول‬
‫العهد الممنوح لهم عادوا حربيين‪.‬‬

‫‪ .2‬عهد الذمة‪ :‬هو نوع من العهود كان يتم عقده بين قادة جيوش الفتح‬
‫(الغزو) وبين سكان البلد المفتوحة الذين اختاروا البقاء على ديانتهم‬
‫الصلية مع دفع الجزية‪ .‬وبمجرد توقيع هذا العهد‪ ،‬تُطبق على المعاهدين‬
‫الذميين قواعد القانون السلمي (الشريعة)‪.‬‬

‫‪ .3‬عهد الصلح‪ :‬معاهدة تتم بين دار السلم من جهة وبين دار الحرب من‬
‫جهة ثانية‪ .‬والصلح في الشرع السلمي عبارة عن عقد على ترك القتال‬
‫مدة معلومة لزمة يقع بين طرفين في زمن محدد بشروط مخصوصة‪.‬‬

‫وعهود الصلح ل تزيد مدتها من الناحية الشرعية عن عشر سنوات‬


‫تقليدا ً لصلح الحديبية الذي عقده محمد مع القريشيين وكانت مدته كذلك‪.‬‬

‫وللمعاهدات في السلم شروط وهي‪:‬‬

‫أولً‪ :‬أل تخالف المعاهدة حكما ً من الحكام الشرعية؛ فلكي تنعقد‬


‫المعاهدة بشكل صحيح يجب أل تخالف أي حكم قطعي وارد في القرآن‬
‫وذلك نزول ً عند حكم الحديث القائل (من اشترط شرطا ً ليس في كتاب الله‬
‫فهو باطل) ‪ -‬فتاوى ابن تيمية ‪.3/329‬‬

‫ثانياً‪ :‬أن يكون في ذلك مصلحة للمسلمين؛ فإن لم يكن للمسلمين‬


‫مصلحة كتجاوز ضعف أو توفير مال أو توقع إسلم المعقود معهم الصلح‪،‬‬
‫فل يهادنون بل يقاتلون حتى يسلم الكفار أو يدفعون الجزية‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أن ل يكون في العقد شروط يأباها السلم منها‪:‬‬

‫‪ .1‬اعتراف أو إقرار الكفار على جزء ولو كان شبرا ً من أرض المسلمين‬
‫لنه ل يجوز لحد أن يتصرف فيما ل يملك ول يفاوض عليه‪ .‬يقول المام‬
‫مالك‪( :‬إذا وقع الخليفة الصلح … والمسلمون ل يرون إل الجهاد فمهادنته‬
‫منقوصة وفعله مردود) ‪ -‬راجع فتح العالي لمام مالك ‪.1/289‬‬

‫‪ .2‬الستنفار للجهاد‪ :‬إذا تعين الجهاد بطل الصلح كما إذا دخل العدو أرض‬
‫المسلمين أو كان طالبا ً لهم‪ .‬وحيث تعين الجهاد في موضع لم يجز فيه‬
‫الصلح‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬أن ل تزيد مدة المصالحة عن أربعة اشهر عند قوة المسلمين‬
‫وأمنهم ول تجوز الزيادة عن عشر سنين ول إطلق المدة‪.‬‬

‫فل بد أن تكون المصالحة معلومة محدودة لن تركها من غير تقدير‬


‫يؤدي إلى ترك فريضة الجهاد بالكلية هذا في حالة كون العدو في بلده أو‬
‫بأطراف البلد السلمية على الحدود‪ .‬أما إن أخذ العدو جزءا ً من بلد‬
‫السلم وادعى ملكيته لهذا الجزء وأنكر حق المسلمين فيها وجار عليهم‬
‫في العدوان‪ ،‬فإن المصالحة أو المهادنة أو المسالمة ل تتم بإجماع آراء‬
‫الفقهاء في كافة العصور السلمية‪.‬‬

‫أما إذا كان المسلمون في حالة ضعف كمثل الذي هم عليها الن‪ ،‬فل‬
‫بأس في أن يعقدوا صلح مؤقت مع أعدائهم إلى أن يزول سبب ضعفهم‪.‬‬
‫فإن كان سبب ضعف المسلمين لسباب خارجة عن إرادتهم وظهور قوة‬
‫عدوهم عليهم‪ ،‬جاز لهم المهادنة والمصالحة لمدة محدودة ومعلومة حتى‬
‫يزول سبب الضعف‪ .‬فالصلح المطلق والمقود والمتضمن ترك الجهاد يجب‬
‫نقضه لنه بمقضي الشرع غير مبرم‪ ،‬وحكمه غير لزم عند كل من حقق في‬
‫أصول الشريعة‪.‬‬
‫أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى‬
‫المام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك ‪ -‬راجع تفسير‬
‫الطبري وابن كثير والقرطبي في شرحهم لية سورة محمد ‪ ،35‬والتوبة ‪.5‬‬

‫قال الطبري في تفسيره‪ :‬إذا كان المسلمون في حالة ضعف ُرخص‬


‫لهم في موالتهم ‪ -‬أي في موالة العداء ‪ -‬إذا أخافوهم‪ ،‬والمراد بتلك‬
‫الموالة محالفة ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء‬
‫وانتظار زوال المانع من قصر العصا وإظهار الطرية ‪ -‬راجع تفسير الطبري‬
‫في شرحه لية آل عمران ‪.28‬‬

‫أما إذا كان المسلمون في حالة ضعف والعياذ بالله‪ ،‬فل باس إن جنحوا‬
‫مع العداء إلى السلم‪ ،‬إن يجنح لهم المؤمنون‪{ .‬وإن جنحوا للسلم فاجنح‬
‫لها} النفال ‪.61‬‬

‫أما إن كان المسلمون في حالة قوة تسمح لهم بالمقاومة فل يجوز‬


‫سلْمِ‬
‫عوا إِلَى ال َّ‬
‫وتَدْ ُ‬
‫هنُوا َ‬ ‫شرعا ً عقد سلم أو مصالحة‪ ،‬وذلك لقوله‪َ { :‬‬
‫فل ت َ ِ‬ ‫َ‬
‫م العلون} محمد ‪.35‬‬ ‫وأنْت ُ ْ‬‫َ‬

‫{فل تهنوا} أي ل تضعفوا عن العداء‪{ ،‬وتدعوا إلى السلم} أي‬


‫المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة‬
‫عددكم وعدتكم‪ ،‬ولهذا قال‪{ :‬فل تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم العلون}‬
‫أي في حال علوكم على عدوكم ‪ -‬راجع تفسير الطبري وابن كثير‬
‫والقرطبي والشوكاني والواحدي في شرحهم لية سورة محمد ‪.35‬‬

‫يقول الشيخ الدكتور عبد القادر بن عبد العزيز في كتابه الجامع في‬
‫طلب العلم الشريف‪ :‬ول يمنع المسلمين من الجهاد إل العجز‪ ،‬وذلك لقوله‬
‫سلم وأنتم العلون}‪ ،‬فما دامت بالمسلمين‬ ‫تعالى‪{ :‬فل تهنوا وتدعوا إلى ال َّ‬
‫سلم ول هدنة ول صلح‪ ،‬بل القتال حتى ل‬ ‫ْ‬ ‫قوة وكانوا أعلى من عدوهم فل ِ‬
‫تكون فتنة ويكون الدين كله لله‪ .‬وذلك لن آخر ما نـزل في الجهاد هو قوله‬
‫تعالى‪{ :‬فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا‬
‫لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله‬
‫غفور رحيم}‪ ،‬فهذه الية وآية الجزية بنفس السورة أمر بالقتال العام‪ ،‬وهو‬
‫من أواخر ما أنزل من القرآن‪ ،‬فل ناسخ له‪ ،‬وروى البخاري عن البراء قال‪:‬‬
‫"آخر سورة نـزلت براءة" ‪ -‬صحيح البخاري حديث ‪.4654‬‬

‫وهكذا فعل النبي والخلفاء من بعده في قتال المشركين وأهل الكتاب‪،‬‬


‫ول يمنع من هذا إل العجز‪.‬‬

‫ولم يسمح الله سبحانه وتعالى لمة السلم أن تدعو إلى السلم مع‬
‫الكفار إل في إحدى حالتين‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يذل الكفار ويضعفوا وتخور قواهم ويجنحوا إلى السلم‪ ،‬فعند ذلك‬
‫يكون السلم في صالح المسلمين لن عقيدتهم أقوى‪ ،‬وفعلهم أكبر‪ ،‬وبذلك‬
‫يفتح المجال لدخول الناس في الدين كما كان الشأن بين الرسول وقريش‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن يكون الصلح من باب ارتكاب أخف الضررين‪ ،‬فيلجأ المسلمون‬
‫إليه دفعا ً لمصيبة أعظم كما هم الرسول أن يصالح غطفان على نصف ثمار‬
‫المدينة حتى يفك تحالفهم مع قريش‪ ،‬وينفرد النبي بقتال قريش بعد ذلك‪..‬‬

‫أما في غير هاتين الحالتين‪ ،‬فإنه ل يجوز للمسلمين الدعوة إلى السلم‬
‫كأن يكون ركونا ً للدنيا وكراهة للجهاد أو خوفا ً من كثرة الكفار‪ ،‬وذلك أن‬
‫أهل اليمان ينصرون مع قلتهم على الكفار على كثرتهم‪ ،‬وهذه سنة الله‬
‫الجارية أبدا ً في عباده‪{ :‬كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله‬
‫مع الصابرين} البقرة ‪.249‬‬

‫{ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الدبار ثم ل يجدون وليا ً ول نصيراً‪ ،‬سنة‬
‫الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلً} الفتح ‪.23– 22‬‬

‫وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائياً‪ ،‬ومصالحة الكفار أبداً‬
‫ونبذ الحرب والقتال مطلقاً‪ ،‬فهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة السلم‪،‬‬
‫وإلغاء لفريضة الجهاد التي جعلها الله فرضا ً على كل مسلم إلى يوم‬
‫القيامة كما قال تعالى‪{ :‬كتب عليكم القتال وهو كره لكم} البقرة ‪،216‬‬
‫وكتب بمعنى فرض ‪ .....‬فالجهاد ماض بعد فتح مكة إلى يوم القيامة‪ ،‬وهو‬
‫إما خروج بالنفس وهذا الفرض العيني‪ ،‬وإما نية دائمة لكل مسلم يجب أن‬
‫يصحبها دائماً‪ ،‬ويموت عليها‪ ،‬فيكون مستعدا ً لمزاولة القتال في كل حال‪،‬‬
‫قائما ً به في حالة الوجوب العيني‪ ،‬وإل أثِم‪.‬‬

‫مما سبق نرى أن الصل في العلقة بين المسلمين والكافرين هو‬


‫القتال‪ ،‬وأن الستثناء منه هو السلم في صورة هدنة أو صلح‪ ،‬وأنه ل يلجأ‬
‫إلى هذا الستثناء إل لضرورة من عجز ونحوه‪ ،‬وذلك لقوله تعالى‪{ :‬فل‬
‫تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم العلون}‪.‬‬

‫‪ .1‬قال ابن قدامة‪ :‬ومعني الهدنة أن يعقد لهل الحرب عقدا ً على ترك‬
‫وض‪ ،‬وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة‪ ،‬وذلك‬ ‫ع َ‬
‫وض وبغير ِ‬ ‫ع َ‬
‫القتال مدة ب ِ‬
‫جائز بدليل قول الله تعالى‪{ :‬براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من‬
‫المشركين} وقال سبحانه‪{ :‬وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}‬

‫ور بن مخرمة (أن النبي صالح سهيل ً بن عمرو‬ ‫س َ‬


‫م ْ‬
‫‪ .2‬وروي مروان و ِ‬
‫بالحديبية على وضع القتال عشر سنين‪ ،‬ولنه قد يكون بالمسلمين ضعف‬
‫فيهادنهم حتى يقوي المسلمون‪ ،‬ول يجوز ذلك إل للنظر للمسلمين‪ .‬إما أن‬
‫يكون بهم ضعف عن قتالهم وإما أن يطمع في إسلمهم بهدنتهم أو في‬
‫أدائهم الجزية والتزامهم أحكام الملة أو غير ذلك من المصالح‪ .‬إذا ثبت هذا‬
‫فإنه ل تجوز المهادنة مطلقا ً من غير تقدير مدة لنه يفضي إلى ترك الجهاد‬
‫بالكلية) ‪ -‬المغنى لبن قدامه ‪.10/517‬‬

‫وكما ترى فإن ابن قدامة قال عن الهدنة‪" :‬ل يجوز ذلك إل للنظر‬
‫ف َّ‬
‫صله‪.‬‬ ‫للمسلمين" أي لمصلحتهم كما َ‬

‫‪ .3‬وقال صاحب المجموع‪" :‬ل يجوز عقد الهدنة لقليم أو صقيع إل للمام‬
‫عل ذلك إلى كل واحد لم يؤمن أن يهادن‬ ‫ج ِ‬
‫أو لمن فوض إليه المام لنه لو ُ‬
‫الرجل أهل إقليم‪ ،‬والمصلحة في قتالهم فيعظم الضرر فلم يجز إل للمام‬
‫أو النائب عنه‪ ،‬فإن كان المام مستظهرا ً نُظَِرت فإن لم يكن في الهدنة‬
‫مصلحة لم يجز عقدها لقوله عز وجل‪{ :‬فل تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم‬
‫العلون والله معكم}‪ - ".‬المجموع شرح المهذب ‪.19/439‬‬

‫‪ .4‬وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى‪{ :‬فل تهنوا وتدعوا إلى السلم‬
‫وأنتم العلون والله معكم}‪ .‬قال‪{" :‬فل تهنوا} أي ل تضعفوا عن العداء‪،‬‬
‫{وتدعوا إلى السلم} أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين‬
‫عدَِدكم و ُ‬
‫عدَِدكم‪ ،‬ولهذا قال {فل تهنوا وتدعوا‬ ‫الكفار في حال قوتكم وكثرة َ‬
‫إلى السلم وأنتم العلون} أي في حال علوكم على عدوكم‪ .‬فأما إذا كان‬
‫الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين‪ ،‬ورأي المام في‬
‫عل رسول الله حين‬ ‫المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك كما َ‬
‫ف َ‬
‫وه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر‬ ‫صده كفار قريش عن مكة ودَ َ‬
‫ع ْ‬
‫سنين فأجابهم إلى ذلك‪.‬‬

‫حدَثِين ‪ -‬إلى أن الصل في العلقة بين‬


‫م ْ‬
‫ويذهب البعض ‪ -‬خاصة من ال ُ‬
‫المسلمين والكافرين هو السلم‪ ،‬وأن الستثناء من هذا هو القتال إذا دعت‬
‫إليه الضرورة‪ .‬ويحتجون لذلك بقوله تعالى‪{ :‬وإن جنحوا للسلم فاجنح لها‬
‫وتوكل على الله}‪.‬‬

‫وهذا رأي يفضي إلى تعطيل الجهاد بالكلية‪ .‬وهذا ل يجوز شرعا ً لن‬
‫الجهاد فريضة مثله مثل الصيام‪{ :‬كتب عليكم الصيام} بقرة ‪{ .183‬كتب‬
‫عليكم القتال} بقرة ‪ . 216‬فكما أنه ل يجوز شرعا ً تعطيل صيام رمضان‬
‫لنه كُتب على المسلمين أي فرض عليهم‪ .‬هكذا أيضا ً ل يجوز شرعا ً تعطيل‬
‫فريضة القتال لنها مكتوبة على المسلمين كصيام شهر رمضان‪.‬‬

‫أما الية المحتج بها فل حجة فيها‪ ،‬إذ إنها محمولة على جواز المسالمة‬
‫بشرط حاجة المسلمين لذلك‪ ،‬وهذا الشرط تبينه الية الولى {فل تهنوا‬
‫وتدعوا إلى السلم وأنتم العلون}‪ .‬فآية النفال تختص بحال وهو كون‬
‫المسالمة في مصلحة المسلمين ويحتاجون إليها‪ ،‬أما آية سورة محمد فهي‬
‫تختص بحال آخر وهو كون المسالمة ليست في مصلحة المسلمين وذلك‬
‫عندما تكون بهم قوة يقهرون بها عدوهم‪ .‬فإنه ل تجوز المسالمة حينئذ‬
‫لهذه الية ولن في هذا عدول عن الصل المطلوب وهو إظهار دين السلم‬
‫على ماعداه‪ ،‬لقوله‪{ :‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله}‬
‫النفال ‪ ،39‬وقوله‪{ :‬ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} التوبة‬
‫‪ 32‬والصف ‪.9‬‬

‫‪ .1‬قال ابن كثير في تفسير آية النفال {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}‪:‬‬
‫قال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني وعكرمة والحسن‬
‫وقتادة إن هذه الية منسوخة بآية السيف في براءة {قاتلوا الذين ل يؤمنون‬
‫بالله ول باليوم الخر}‪ ،‬وفيه نظر أيضاً‪ ،‬لن آية براءة فيها المر بقتالهم إذا‬
‫أمكن ذلك‪ ،‬فأما إن كان العدو كثيفا ً فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه هذه‬
‫الية‪ ،‬وكما فعل النبي يوم الحديبية‪.‬‬

‫‪ .2‬وقال ابن حجر في نفس الية {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}‪" :‬هذه‬
‫الية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬ومعنى‬
‫الشرط في الية أن المر بالصلح مقيد بما إذا كان الحظ للسلم‬
‫المصالحة‪ ،‬أما إذا كان السلم ظاهرا ً على الكفر ولم تظهر المصلحة في‬
‫المصالحة فل"‪ - ).‬فتح الباري ‪.276-6/275‬‬

‫فالية المحتج بها دالة على مشروعية المسالمة عند الحاجة ل وجوب‬
‫المسالمة‪.‬‬

You might also like