Professional Documents
Culture Documents
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي-الفصل الثاني
فقه الإرهاب-الشيخ المقديسي-الفصل الثاني
.1وجوب الجهاد
.3الرهاب
.5معاهدات الصلح:
ـ أنواع المعاهدات
ـ شروط المعاهدات
ـ وجوب الجهاد ـ
إنه فريضة إلهية مقدسة كتبها رب الكعبة على المسلمين كما كتب
عليهم الصيام {كتب عليكم الصيام} بقرة { ،183كتب عليكم القتال} بقرة
.216فهل يجوز شرعا ً على المة تعطيل صيام رمضان؟
الجواب طبعا ً ل ومن هنا حددت شريعة السلم مدة قصوى (سنة)
لتأدية هذه الفريضة المقدسة في السلم وفي حياة المسلمين .وأقل ما
يُفعل مرة في كل عام.
.1يقول الشافعي :إن كان بالمسلم قوة لم أرى أن يأتي عليه عام إل
وله جيش أو غارة في بلد المشركين الذين يلون المسلمين من كل ناحية
عانة وإن كان يمكنه في السنة بل تغرير بالمسلمين أحببت له أن ل يدع ذلك
كلما أمكنه ،وأقل ما يجب عليه أن ل يأتي عليه عام إل وله فيه غزو حتى ل
يكون الجهاد معطل ً في عاما ً إل من عذر -راجع :المام للشافعي ،4/177
والمغنى لبن قدامه.
.2وجاء في الشرح الصغير (الجهاد في سبيل الله لعلء كلمة الله تعالى
كل سنة فل يجوز تركه سنة كإقامة الموسم بعرفة والبيت وبقية المشاهد
كل سنة فرض كفاية) -الشرح الصغير.272-2/267
ولهذا لقد بلغت غزوات محمد التي غزا فيها بنفسه تسعا ً وعشرين
غزوة .وهي غزوات ودان وبواط العشيرة سفوان (وتسمى غزوة بدر
الولى) وغزوة بدر الكبرى وغزوة بني سليم وغزوة بني قينقاع وغزوة
السويق وغزوة قرقرة الكدر وغزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر ،وغزوة
بحران بالحجاز وغزوة أحد وغزوة حمراء السد وغزوة بني النضير وغزوة
ذات الرقاع وهي غزوة محارب وبني ثعلبة ،وغزوة بدر الخيرة وهي غزوة
بدر الموعد وغزوة دومة الجندل وغزوة بني المصطلق (ويقال لها المريسع،
وبعد العودة منها تأخرت عائشة وباتت ليلتها مع صفوان بن المعطل)
وغزوة الخندق وغزوة بني قريظة وغزوة بني لحيان وغزوة الحديبية وغزوة
قُرد وغزوة خيبر وغزوة وادي القرى وغزوة عمرة القضاء وغزوة فتح ذي ُ
مكة وغزوة حنين والطائف وغزوة تبوك .وأما سراياه (أي الغزوات التي لم
قدها بنفسه بل أرسل إليها بعض أصحابه) فعددها تسع وأربعون ،أي ي ُ
بمعدل سبع سرايا في السنة الواحدة -راجع طبقات ابن سعد .3/43
أمر القتال في السلم أمر مطلق غير مقيد بأن يكون القتال رافعاً
لعدوان أو في مقابلة قتال .وهذا الطلق واضح في قوله {فإذا انسلخ
الشهر الحرام فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم
واقعدوا لهم كل مرصد} التوبة .5
فلقد أمر القرآن المسلمين بأن يقاتلوا غير المسلمين حتى يسلموا أو
يعطوا الجزية وهذا المر مطلق غير مقيد بأن يكون القتال رفعا ً لعدوان أو
في مقابلة قتال ،فدل هذا الطلق في أمره بالقتال على أنه دعوة إلى
السلم ،وحمل المخالفين على نبذ دينهم واعتناق السلم{ .وقاتلوا الذين
ل يؤمنون بالله واليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون
دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}
التوبة .29هذا أمر عام ومطلق بقتال المسلمين لهل الكتاب حتى يسلموا.
فهذه الية هي آية سيف أهل الكتاب القاضية بقتالهم لكونهم كفروا بالله
ورسوله ولم يدينوا دين الحق وهو السـلم.
ونص الية واضح وصريح {وقاتلوا} ،ولم يقل القرآن وجادلوا بالحسنة
بل قال {وقاتلوا الذين ل يدينون دين الحق} أي قاتلوا الذين ل يؤمنون
ويدينون بالسلم حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية وهم أذلء أو ي ُ
قتُلوا.
لقد وضعت آية التوبة 29أهل الكتاب أمام أمرين أحلهما مر :إما
السلم ،وإما الجزية.
كما أن الية ذكرت الوصاف التي لجلها استحق هؤلء أن يُقاتلوا وهي
كونهم ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول
يدينون دين الحق ،فهذه الوصاف هي الباعث على قتالهم .فإن انتهوا عنها
ودخلوا في السلم انتهى القتال ،وإن لم ينتهوا عنها ولكنهم قبلوا دفع
الجزية فل بأس بذلك أيضاً.
***
.1أمر الله بقتال أهل الكتاب ابتداءً حتى يدخلوا في السلم أو يعطوا
الجزية -أخرجه البخاري - 3157وأبو داود - 3043والترمذي .1586
.2عن نبي السلم أنه قال" :إذا لقيت عدوك من المشركين ،فادعهم
إلى إحدى ثلث خصال ،فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم؛
ادعهم إلى السلم فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن هم أبوا
فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن أبوا
فاستعن بالله عليهم وقاتلهم" -رواه أبو داود ومسلم.
.3يقول شيخ السلم ابن تيمية في كتابه الجهاد" 1/11يقاتل فقط في
شرع السلم من يرفض أن يستجيب لواحدة من ثلث :إما السلم ،وإما
الجزية ،وإما القتال -راجع المصدر المذكور ،الجهاد.1/11
.4أمر الله بقتال أهل الكتاب ومن في حكمهم حتى يسلموا أو يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون ،ول شك أن الصغار هو الذلل وبذلك فسره
المام البخاري في صحيحه .6/257
إذن من الواضح والثابت أن غاية القتال أحد أمرين إما السلم وإما دفع
الجزية.
والقتال -الجهاد -هو المحور الساسي والهم التي تدور حوله رسالة
نبي السلم .وهذا واضح من اليات الجهادية التي شغلت حيزا ً كبيرا ً يكاد
يبلغ أكثر من نصف القرآن المدني ولنا على ما نقول مثال:
{ .5وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فل عدوان
إل على الظالمين} البقرة .193
{ .6كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير
لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم ل تعلمون} البقرة
.216
{ .7أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم
الصابرين} آل عمران .142
{ .8فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا
الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله
لنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن
يضل أعمالهم} محمد ،4 :آل عمران.195 :
{ .9وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن
الله بما يعملون بصير} النفال .39
{ .10يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم
تفلحون} النفال .45
{ .11وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو
الله وعدوكم وآخرين من دونهم ل تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من
شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم ل تظلمون} النفال .60
{ .12يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} النفال .65
{ .14وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة
الكفر إنهم ل أيمان لهم لعلهم ينتهون} التوبة .12
{ .15قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور
قوم مؤمنين} التوبة .14
{ .19يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيل} النساء .84
{ .20ل يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في
سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم
على القاعدين درجة وكل وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على
القاعدين أجرا عظيما} النساء .95
{ .21تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم
ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} الصف .11
{ .22يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم
وبئس المصير} التحريم .9
{ .23يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم
يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل
الله ول يخافون لومة لئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}
المائدة .54
{ليس على العمى حرج ول على العرج حرج ول على المريض حرج ومن
يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها النهار ومن يتول يعذبه عذابا
أليماً} الفتح { , .17ل على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ل أجد ما
أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أل يجدوا ما ينفقون}
التوبة { , 92ليس على الضعفاء ول على المرضى ول على الذين ل يجدون
ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله
غفور رحيم} التوبة 91
بناءا ً على ما بينا من آيات قرآنية تحرض وتشجع المسلمين على القتال
والقتل ،فإنه ليس من الغرابة أن يطالب القرآن المسلمين بأن يمارسوا
الرهاب مع عدوهم.
ـ الرهاب ـ
وعليه فكل من أحدث الخوف والفزع عند الخرين ممن يريد إخافتهم
فهو إرهابي ،وقد مارس في حقهم الرهاب ،وهو يكون بذلك متلبساً
بالرهاب ،ومتصفا ً به ..سواء تسمى إرهابيا ً أم لم يتسمى ..وسواء اعترف
بذلك أم لم يعترف.
وفوهم .وقال .5قال ابن الجوزي في زاد المسير{ :واسترهبوهم} أي :خ َّ
الزجاج :استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس ا -هـ .أي خافهم الناس.
َ م أَ َ َ
ن الل ّ ِ
ه م َ
م ِ
ه ْ
ر ِ
صدُو ِ
في ُ
ة ِ شدُّ َر ْ
هب َ ً .6قال ابن كثير في التفسير{ :لنْت ُ ْ
ذلك بأنهم قوم ل يفقهون} الحشر 13 :أي يخافون منكم أكثر من خوفهم
من الله ا -هـ.
َ َ
ر
ش ِ ح ْ ل ال ْ َ ِ م لَ َ
وّ ْ ه
ر ِ ِ ن ِديَا م ْ
ب ِِ ل الْكِتَا
ِ هن أَ ْ م ْ فُروا ِ ن كَ َ ذي َ ج ال ّ ِ خَر َ ذي أ َ ْ و ال ّ ِ ه َ { ُ
َّ فأ َ
َ َّ َ خرجوا وظَنُّوا أ َ ما ظَنَنْت ُم أ َ
ن م
ُ ِ ْ ه الل مُ ه
ُ اَ ت ه
ِ الل ن م
ُ ْ ِ َم ه ُ ن صو ح م ه ُ
ُ ْ َ َ ُ ْ ُ ُ ت ع ِ ن ما م ه ّ ن َ ْ َ ُ ُْ ي ن ْ َ
دي خربون بيوت َهم بأَيديهم َ م الُّر ْ ُ ُ َ َ ث لَ
وأي ْ ِ ُ ْ ِ ْ ِ ِ ْ َ ب يُ ْ ِ ُ َ ُ ُ ع َ ه ُ ِ ِ وب قل في ِ فَ ذ ق و
َ وا ُ ب س
ِ َ ت حْ َ ي م
ْ ُ ْ ي ح
َ
َ ُ
ر} الحشر.2: صا ِ عتَبُِروا يَا أولِي الب ْ َ فا ْ ن َ منِي َ ؤ ِ ال ْ ُ
م ْ
َ َ
في
ف ِ و َ
قذَ َ م َه ْ
صي ِ
صيَا ِ
ن َ
م ْ
ب ِل الْكِتَا ِ ن أَ ْ
ه ِ م ْم ِه ْ
هُرو ُن ظَا َ ذي َل ال ّ ِ وأَنَْز
{ َ
ً ْ ُ ً
ريقا} الحزاب.26: ف ِن َ سُرو َوتَأ ِ ن َقتُلو َريقا ت َ ْ
ف ِب َ م الُّر ْ
ع َ قلُوب ِ ِ
ه ُ ُ
إذن يتضح لنا من خلل استعراضنا لهذا الكم الهائل من اليات الجهادية
أن الدعوة السلمية هي في جوهرها دعوة إرهابية ذات طابع ديني أكثر من
كونها دعوة دينية ذات طابع سلمي.
وهذا أيضا ً ما تؤكده لنا السنة المحمدية التي فاقت أحاديث تحريضها
وترغيبها على القتال والتقتيل أضعاف اليات القرآنية التي بيناها .لهذا
اعتبر السلم القتال والتقتيل (الجهاد) درة العبادات وتاجها ل تعادله
فريضة ل بالمكانة ول بالولوية.
.1عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي في سفر فأصبحت يوما ً قريبا ً منه
ونحن نسير ،فقلت يا نبي الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من
النار .قال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد
الله ول تشرك به شيئا ً وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
البيت ثم قال أل أخبرك برأس المر وعموده وذروة سنامه؟ فقلت بلى يا
رسول الله .قال :رأس المر وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد – أحمد
– 21008أحمد .21039 – 21036
.2قال المام أحمد :ل نعلم شيئا ً من أبواب البر أفضل من الجهاد في
سبيل الله.
.1عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي
رهبانية ورهبانية هذه المة الجهاد في سبيل الله عز وجل -أحمد .13306
من هنا وبناءا ً على ما ذكرنا ،جعل السلم الجنة تحت ظلل السيوف.
.2عن رسول الله قال واعلموا أن الجنة تحت ظلل السيوف -البخارى
.2607
{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم
الصابرين} آل عمران 142
.3عن أبي أمامه عن عبادة بن الصامت قال :قال رسول الله :عليكم
بالجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به
الهم والغم -أحمد .21660
{فاستجاب لهم ربهم أني ل أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى
بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي
وقاتلوا وقتلوا لكفرن عنهم سيئاتهم ولدخلنهم جنات تجري من تحتها
النهار ثوابا ً من عند الله والله عنده حسن الثواب} آل عمران .195
{وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله} النفال .39
.1عن أبي موسى قال :جاء رجل إلى النبي ،فقال :يا رسول الله أرأيت
الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟
قال :فقال رسول الله :من قاتل لتكون كلمة الله عز وجل هي العليا فهو
في سبيل الله عز وجل -أحمد .18722
.2عن أنس بن مالك قال :قال رسول الله :أمرت أن أقاتل الناس حتى
يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله .فإذا شهدوا واستقبلوا
قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل
بحقها لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم -أحمد .12583
.3يقول شيخ السلم ابن تيمية في كتابه الجهاد" 1/11يقاتل فقط في
شرع السلم من يرفض أن يستجيب لواحدة من ثلث :إما السلم ،وإما
الجزية ،وإما القتال -راجع المصدر المذكور .الجهاد. 1/11
.4عن نبي السلم أنه قال :إذا لقيت عدوك من المشركين ،فادعهم إلى
إحدى ثلث خصال ،فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم؛ ادعهم
إلى السلم ،فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن هم أبوا فادعهم
إلى إعطاء الجزية ،فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ،فإن أبوا فاستعن
بالله عليهم وقاتلهم -رواه أبو داود ومسلم
.5عن أبي موسى قال :سئل رسول الله عن رجل يقاتل شجاعة ويقاتل
حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله .قال :من قاتل لتكون كلمة الله
هي العليا فهو في سبيل الله .قال أبو عيسى وفي الباب عن عمر وهذا
حديث حسن
.6عن أبي موسى الشعري قال جاء أعرابي إلى رسول الله يقاتل ليذكر
ويقاتل ليغنم ويقاتل ليرى مكانه في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة
الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل -صحيح الترمذى - 1570
النسائي - 3085أبو داود - 2156البخارى - 2599البخارى .6904
إذن من الواضح أن القتال في السلم هو من أجل أن تكون كلمة الله
هي العليا أي من أجل نشر السلم{ :وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون
الدين لله} النفال ،39البقرة .193
.1عن ابن عمر أن رسول الله قال أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا
أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا
فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على
الله -البخارى .24
.2عن أنس بن مالك قال :قال رسول :الله أُمرت أن أقاتل الناس حتى
يقولوا ل إله إل الله فإذا قالوها وصلوا صلتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا
ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على الله -
البخارى .379
.3عن أبي مالك عن أبيه قال :سمعت رسول الله يقول :من قال ل إله
إل الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله -
مسلم .34
.4عن أبي هريرة يقول :قال رسول الله :أُمرت أن أقاتل الناس حتى
يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا
ي دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله عز وجل - الزكاة ثم قد حرم عل ّ
ً
أحمد – 8188مسلم – 31وأيضا قالها جابر – مسلم – 32وعبد الله بن عمر
– مسلم 33
.5عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي قال :اغزوا باسم الله وفي
سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله -أبو داود .2246
.6عن سعيد بن جبير قال :خرج علينا عبد الله بن عمر ونحن نرجو أن
يحدثنا حديثا ً حسناً ،فبدرنا رجل منا يقال له الحكم فقال :يا أبا عبد الرحمن
ما تقول في القتال في الفتنة؟ قال :ثكلتك أمك وهل تدري ما الفتنة إن
محمدا ً كان يقاتل المشركين فكان الدخول فيهم أو في دينهم فتنة وليس
كقتالكم على الملك – أحمد – 5125أحمد – 8377أحمد – 18673أحمد
– 18905أحمد - 18805أحمد .18771.
هذا ليس افتراءً على السلم كما يزعم المجاهدون ،ول هي محاولة منا
لتشويه صورة السلم السمحة كما يزعم الذين اسودت وجوههم إذا بشرهم
أحد بالحق! بل هذا ما أعلنه القرآن بوضوح ،وبينت تفاصيله السنة النبوية
المطهرة .وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين قديما ً وحديثا ً وأعلنوه
بصراحة ووضوح في مصادرهم الشرعية .وهذا ما يحاول المسلمون أقصى
جهدهم لتنفيذه وإن كره المشركون.
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون} التوبة .33
لم يقتصر هدف الجهاد في السلم على قهر غير المسلمين وإذللهم
وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبالتالي إجبارهم على نبذ دينهم والدخول
في السلم كما بينا سابقا ً من خلل القرآن والسنة ،بل يهدف السلم من
وراء تلك الفريضة العدوانية -الجهاد -إلى احتلل العالم أجمع -أي فتح
العالم بحسب المصطلح السلمي.
"إن كان السلم نحلة كالنحل الخرى والمسلمون أمة كغيرهم من أمم
العالم؛ فل جرم إن الجهاد السلمي يفقد بذلك جميع المزايا والخصائص
التي جعلته رأس العبادات ودرة تاجها .لكن الحقيقة أن السلم ليس بنحلة
كالنحل الرائجة وأن المسلمين ليسوا بأمة كأمم العالم ،بل المر أن السلم
فكرة انقلبية ومنهاج انقلبي يريد أن يهدم نظام العالم الجتماعي بأسره
ويأتي بنيانه من القواعد ويؤسس بنيانه من جديد حسب فكرته ومنهاجه
العملي.
ومن هنا نعرف أن لفظ المسلم وصف للحزب النقلبي العالمي الذي
يكونه السلم وينظم صفوفه ليكون أداة في إحداث ذلك البرنامج النقلبي
الذي يرمي إليه السلم ويطمح إليه ببصره ،والجهاد عبارة عن الكفاح
النقلبي عن تلك الحركة الدائبة المستمرة التي يُقام بها للوصول إلى هذه
الغاية وإدراك هذا المبتغى -راجع الجهاد في سبيل الله لبي العلى
المودودي ص .11-10
إن السلم ل ينظر إلى مصلحة أمة دون أمة ول يقصد النهوض بمصلحة
شعب دون شعب ..وله فكرة خاصة ومنهاج عملي مختار لسعادة المجتمع
البشري والصعود به إلى معارج الفلح .فكل حكومة مؤسسة على فكرة غير
هذه الفكرة ومنهاج غير هذا المنهاج يقاومها السلم ويريد أن يقضي عليها
قضاءً مبرماً ،ول يعنيه في شيء بهذا الصدد أمر البلد التي قامت فيها تلك
الحكومة غير المرضية أو المة التي ينتمي إليها القائمون بأمرها .فإن غايته
استعلء فكرته وتعميم منهاجه وإقامة الحكومات وتوطيد دعائمها على
أساس هذه الفكرة وهذا المنهاج بصرف النظر عمن يحمل لواء الحق
والعدل بيده ومن تنتكس بذلك راية عدوانه وفساده .والسلم يتطلب
الرض ول يقتنع بقطعة أو جزء منها ..ول يتطلبها لتستولي عليها وتستبد
بمنابع ثروتها أمة بعينها بعدما تُنتزع من أمة أو أمم شتى ،بل يتطلبها
السلم ويستدعيها ليتمتع الجنس البشري بأجمعه بفكرة السعادة البشرية
ومنهاجها العملي اللذين أكرمه الله بهما وفضله بهما على سائر الديان
والشرائع .وتحقيقا ً لهذه البغية السامية ،يريد السلم أن يستخدم جميع
القوى والوسائل التي يمكن استخدامها لحداث انقلب عام شامل ،ويبذل
الجهد المستطاع للوصول إلى هذه الغاية العظمى ،ويسمى هذا الكفاح
المستمر بانتشار القوى والبغي واستخدام شتى الوسائل المستطاعة
(الجهاد) -راجع نفس المصدر 13
وما أن يتكون هذا الحزب حتى يبدأ بالجهاد في سبيل الغاية التي أنشئ
من أجلها .فمن طبيعته ومما يستدعيه وجوده أن ل يألو جهدا ً في القضاء
على نظم الحكم التي أسس بنيانها على غير قواعد السلم واستئصال
شأفتها ،وأن يستنفد مجهوده في أن يستبدل بها نظاما ً للعمران والجتماع
معتدلً ،مؤسسا ً على قواعد ذلك القانون الوسط العدل الذي يسميه القرآن
ع سعيه وراء
(كلمة الله) .فإن لم يبذل هذا الحزب الجهد المستطاع ولم يس َ
تغيير نظم الحكم وإقامة نظام الحق -السلم -ونظام الحكم المؤسس على
قواعد السلم ولم يجاهد حق جهاده في سبيل هذا ،فاتته غايته وقصر عن
تحقيق البغية التي أنشئ لجلها ،فإنه ما أنشئ إل لدراك الغاية وتحقيق
هذه البغية ،بغية إقامة نظام الحق والعدل – السلم -ول غاية له ول عمل
إل الجهاد في هذه السبيل .وهذه الغاية الوحيدة التي بينها الله تعالى في
كتابه بقوله{ :كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران .110
ول يظن أحد أن هذا الحزب -حزب الله بلسان الوحي -مجرد جماعة
من الوعاظ المبشرين يعظون الناس في المساجد ويدعونهم إلى مذاهبهم
ومسالكهم بالخطب والمقالت .ل ،ليس المر كذلك وإنما هو حزب أنشأه
الله ليجعل الحق والعدل بيده ويكون شهيدا ً على الناس .ومهمته التي
أُلقيت على كاهله من أول يوم أن يقضي على منابع الشر والعدوان ويقطع
دابر الجور والفساد في الرض والستغلل الممقوت ،وأن يكبح جماح اللهة
الكاذبة الذين تكبروا في أرض الله بغير حق وجعلوا أنفسهم أربابا ً من دون
الله ،ويستأصل شافة ألوهيتهم ويقيم نظاما ً للحكم والعمران يتفيأ ظلله
القاصي والداني والغني والفقير .وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى في
غير واحدة من آية الذكر الحكيم{ :وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين
كله لله} النفال .39
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون} التوبة .33
..ومن أجل ذلك وجب على الحزب المسلم ،حفاظا ً على كيانه ،وابتغاءً
للصلح المنشود أن ل يقتنع بإقامة نظام الحكم السلمي في قطر واحد
بعينه ،بل من واجبه الذي ل مناص له منه بحال من الحوال أن يدخر جهداً
في توسيع نطاق هذا النظام وبسط نفوذه في مختلف أرجاء الرض .ذلك
بأن يسعى الحزب السلمي في جانب وراء نشر الفكرة السلمية وتعميم
نظرياتها الكاملة ونشرها في أقصى الرض أدناها ويدعو سكان المعمورة
على اختلف بلدهم وأجناسهم وطبقاتهم .هذه هي الخطة التي سلكها
وهذا هو المنهاج الذي انتهجه النبي ومن جاء بعده وسار بسيرته من الخلفاء
الراشدين .فإنهم بدءوا ببلد العرب التي أشرقت شمس السلم من آفاقها
وأخضعوها أول ً لحكم السلم وادخلوها في كنف المملكة السلمية
الجديدة ،ثم دعا النبي الملوك والمراء والرؤساء في مختلف بقاع الرض
إلى دين الحق – السلم -للذعان لمر الله .فالذين آمنوا بهذه الدعوة
انضموا إلى هذه المملكة السلمية وأصبحوا من أهلها .والذين لم يلبوا
دعوتها ولم يتقبلوها بقبول حسن ،شرع في قتالهم وجهادهم .ولما
استخلف أبو بكر بعد وفاة النبي ،حمل على المملكتين المجاورتين للمملكة
السلمية؛ مملكتي الروم والفرس -راجع كتاب (الجهاد في سبيل الله)
لبي العلى المودودي ص .39-28
.1عن تميم الداري قال :سمعت رسول الله يقول :ليبلغن هذا المر ما
بلغ الليل والنهار ول يترك الله بيت مدر ول وبر إل أدخله الله هذا الدين بعز
عزيز أو بذل ذليل عزا ً يعز الله به السلم وذل ً يذل الله به الكفر .وكان
تميم الداري يقول قد عرفت ذلك في أهل بيتي ،لقد أصاب من أسلم منهم
الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافرا ً الذل والصغار
والجزية -أحمد .16344
.2عن نبي السلم قال( :إن الله زوى لي الرض فرأيت مشارقها
ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها لي منها -رواه مسلم وأبو داود والترمذي
وابن ماجة.
.3وفي الحديث الصحيح يقول أبو قبيل :كنا عند عبد الله بن عمرو بن
العاص وسئل أي المدينتين تفتح :القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله
بصندوق له حلقة فأخرج منه كتابا ً وقال :فقال عبد الله بينما نحن حول
رسول الله ،نكتب إذ سئل رسول الله أي المدينتين تفتح أولً؟ يعني
القسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله :مدينة هرقل تفتح أولً
القسطنطينية -رواه احمد -وراجع أيضا ً الفريضة الغائبة ص .44-42
***
ـ الستيلء على البلد وتفريغها من أهلها كان حلم نبي السلم الكبر ـ
.1عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قال :قال
رسول الله :لئن عشت لخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى ل
أترك فيها إل مسلما ً -أحمد - 21أحمد – 210الترمذي 1531
.2أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول :لخرجن اليهود
والنصارى من جزيرة العرب فل أترك فيها إل مسلماً .قال أبو عيسى هذا
حديث حسن صحيح -الترمذى - 1532أحمد .196
.3عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من
أرض الحجاز ،وكان رسول الله لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها.
وكانت الرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين وأراد إخراج اليهود
منها فسألت اليهود رسول الله ليقرهم بها أن يكفوا عملها ولهم نصف
الثمر ،فقال لهم رسول الله :نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى
أجلهم عمر إلى تيماء وأريحا -البخاري - 2170البخارى 2919
.4عن أبي هريرة قال بينما نحن في المسجد خرج النبي ،فقال :انطلقوا
إلى يهود فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس ،فقال :أسلموا تسلموا واعلموا
أن الرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم من هذه الرض فمن يجد منكم
بماله شيئا فليبعه وإل فاعلموا أن الرض لله ورسوله -البخارى .293
.5عن نافع عن ابن عمر قال حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير
وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة فقتل رجالهم وقسم نساءهم
وأولدهم وأموالهم بين المسلمين إل بعضهم لحقوا بالنبي فأمنهم
وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم؛ بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن
سلم ويهود بني حارثة وكل يهود المدينة – البخارى – 3724أبو داود 2634
– أحمد 9450
.6عن ابن عباس قال :قال رسول الله :ل تصلح قبلتان في أرض واحدة
وليس على المسلمين جزية .والنصراني إذا أسلم وضعت عنه جزية رقبته -
الترمذى – 574أبو داود .2636
.7عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز
يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله أن قال :قاتل الله اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ل يبقين دينان بأرض العرب -مالك
1387مالك .1388
هذه كانت وصية النبي الخيرة :
عن ابن عباس أنه قال :يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب
دمعه الحصباء ،فقال :اشتد برسول الله وجعه يوم الخميس فقال :ائتوني
بكتاب أكتب لكم كتابا ً لن تضلوا بعده أبدا ً فتنازعوا ول ينبغي عند نبي تنازع،
فقالوا :هجر رسول الله قال :دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه
وأوصى عند موته بثلث؛ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ،وأجيزوا
الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ،ونسيت الثالثة .وقال يعقوب بن محمد :سألت
المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب ،فقال :مكة والمدينة واليمامة
واليمن .وقال يعقوب والعرج أول تهامة -البخارى .2825
سؤال :إذا كانت وصية ورغبة نبي السلم هي إخراج اليهود والنصارى من
جزيرة العرب فهل يعقل بأن تكون رغبة العرب والمسلمين مختلفة أو
مخالفة لوصية ورغبة نبيهم؟!
إن إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب أصبح واجب ديني يجب على
كل مسلم أن يسعى جاهدا ً لتنفيذه عمل ً بوصية وسنة النبي الذي ل ينطق
عن الهوى بل بوحي يوحى.
وتفريغ الشرق الوسط من المسيحيين واليهود واجب ديني يجب على كل
مسلم أن يبذل قصارى جهده لتحقيقه وإن كره المشركون .إنها وصية نبي
السلم الخيرة بأن ل يُترك في الجزيرة دينان.
عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله قال :ل يجتمع دينان في جزيرة
العرب -مالك .1388
في تصريح لمين عام منظمة المؤتمر السلمي ،السيد حبيب الشطي في
حديث خاص لجريدة الشرق الوسط في 16تموز ،1984أعلن فيه أن
المنظمة رفعت دعوى ضد الجريدة الفرنسية . le figaroوأن المحاكم
الفرنسية ستنظر هذه الدعوى بحلول شهر تشرين الول ،والدعوة تدور
حول ما زعمته هذه الجريدة حول عقد مؤتمر للدول السلمية في لهور
عام 1980لبحث القضاء على المسيحيين في الدول السلمية وإجبارهم
على اعتناق السلم قبل نهاية القرن الحالي.
قال السيد الشطي (إن ذلك تلفيق ل يمت إلى الواقع والحقيقة بصلة بقدر
ما هو إشهار غير مسؤول يستهدف النيل من السلم ومبادئه القويمة التي
تدعو إلى التسامح الديني والتعايش السلمي والتعاون المثمر بين كل
المجتمعات في العالم أيا كانت معتقداتها وألوانها ومشاربها الروحية
والجتماعية ) ..
تقودنا هذه الحقائق والحكام الشرعية ،سواء كانت أحكام الجهاد أو أحكام
التقية ،إلى سؤال أعتقد أنه مهم خصوصا ً في هذه المرحلة الصعبة؛ مرحلة
مواجهة الدول المتحضرة للرهاب.
ـ معاهدات الصلح ـ
ة ومن أجل الفادة ،دعوني أبين لكم موقف السلم من معاهدات الصلحبداي ً
بشكل عام ..
نقول :عقد المعاهدات هو أمر جائز في السلم نزول ً عند حكم الية
القرآنية{ :براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} توبة
.1
وقد عرف العرب قبل السلم المعاهدات (العهود) بشكل عام وسموها
(إيلفاً) أو (حلفاً) ومن ذلك إيلف قريش وحلف الفضول ..الخ .وكانت هذه
العهود أو الحلف على نوعين :المساندة وهي تنصب على مساعدة كل
قبيلة طرف في حلف للقبيلة الخرى الطرف فيه عند الحاجة ،مما يجعلها
شبيهه بالحلف العسكرية في هذه اليام.
أما النوع الثاني :فهو الموادعة :وهي وفاق صلح وسلم يتعهد فيه كل
طرف بالكف عن أية أعمال ذات طابع عدواني تجاه الطراف الخرى .وهي
تشبه اتفاقيات الهدنة المعاصرة إذا كانت مؤقتة .ومعاهدات الصلح إذا كانت
دائمة ،علما ً بأن العرب نادرا ً ما كانوا يقبلون بعقد موادعات تزيد مدتها عن
عشر سنوات -راجع :أحكام الحرب والسلم في دار السلم ص .73
أما المعاهدات في السلم فيمكن ردها إلى ثلثة أنواع وذلك لجملة العهود
التي عقدها المسلمون مع غيرهم وهي :عهد المان ،وعهد الذمة ،وعهد
الصلح.
.1عهد المان :هو عهد مؤقت ل تزيد مدته في العادة عن سنة يعقده
المسلمون مع أحد الحربيين أي مواطني العدو أو عدد محدود منهم ،ويسمى
هؤلء بعد حصولهم على المان باسم (المستأمنين) ،حتى إذا انتهى مفعول
العهد الممنوح لهم عادوا حربيين.
.2عهد الذمة :هو نوع من العهود كان يتم عقده بين قادة جيوش الفتح
(الغزو) وبين سكان البلد المفتوحة الذين اختاروا البقاء على ديانتهم
الصلية مع دفع الجزية .وبمجرد توقيع هذا العهد ،تُطبق على المعاهدين
الذميين قواعد القانون السلمي (الشريعة).
.3عهد الصلح :معاهدة تتم بين دار السلم من جهة وبين دار الحرب من
جهة ثانية .والصلح في الشرع السلمي عبارة عن عقد على ترك القتال
مدة معلومة لزمة يقع بين طرفين في زمن محدد بشروط مخصوصة.
.1اعتراف أو إقرار الكفار على جزء ولو كان شبرا ً من أرض المسلمين
لنه ل يجوز لحد أن يتصرف فيما ل يملك ول يفاوض عليه .يقول المام
مالك( :إذا وقع الخليفة الصلح … والمسلمون ل يرون إل الجهاد فمهادنته
منقوصة وفعله مردود) -راجع فتح العالي لمام مالك .1/289
.2الستنفار للجهاد :إذا تعين الجهاد بطل الصلح كما إذا دخل العدو أرض
المسلمين أو كان طالبا ً لهم .وحيث تعين الجهاد في موضع لم يجز فيه
الصلح.
رابعاً :أن ل تزيد مدة المصالحة عن أربعة اشهر عند قوة المسلمين
وأمنهم ول تجوز الزيادة عن عشر سنين ول إطلق المدة.
أما إذا كان المسلمون في حالة ضعف كمثل الذي هم عليها الن ،فل
بأس في أن يعقدوا صلح مؤقت مع أعدائهم إلى أن يزول سبب ضعفهم.
فإن كان سبب ضعف المسلمين لسباب خارجة عن إرادتهم وظهور قوة
عدوهم عليهم ،جاز لهم المهادنة والمصالحة لمدة محدودة ومعلومة حتى
يزول سبب الضعف .فالصلح المطلق والمقود والمتضمن ترك الجهاد يجب
نقضه لنه بمقضي الشرع غير مبرم ،وحكمه غير لزم عند كل من حقق في
أصول الشريعة.
أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى
المام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك -راجع تفسير
الطبري وابن كثير والقرطبي في شرحهم لية سورة محمد ،35والتوبة .5
أما إذا كان المسلمون في حالة ضعف والعياذ بالله ،فل باس إن جنحوا
مع العداء إلى السلم ،إن يجنح لهم المؤمنون{ .وإن جنحوا للسلم فاجنح
لها} النفال .61
يقول الشيخ الدكتور عبد القادر بن عبد العزيز في كتابه الجامع في
طلب العلم الشريف :ول يمنع المسلمين من الجهاد إل العجز ،وذلك لقوله
سلم وأنتم العلون} ،فما دامت بالمسلمين تعالى{ :فل تهنوا وتدعوا إلى ال َّ
سلم ول هدنة ول صلح ،بل القتال حتى ل ْ قوة وكانوا أعلى من عدوهم فل ِ
تكون فتنة ويكون الدين كله لله .وذلك لن آخر ما نـزل في الجهاد هو قوله
تعالى{ :فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا
لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله
غفور رحيم} ،فهذه الية وآية الجزية بنفس السورة أمر بالقتال العام ،وهو
من أواخر ما أنزل من القرآن ،فل ناسخ له ،وروى البخاري عن البراء قال:
"آخر سورة نـزلت براءة" -صحيح البخاري حديث .4654
ولم يسمح الله سبحانه وتعالى لمة السلم أن تدعو إلى السلم مع
الكفار إل في إحدى حالتين:
أ -أن يذل الكفار ويضعفوا وتخور قواهم ويجنحوا إلى السلم ،فعند ذلك
يكون السلم في صالح المسلمين لن عقيدتهم أقوى ،وفعلهم أكبر ،وبذلك
يفتح المجال لدخول الناس في الدين كما كان الشأن بين الرسول وقريش.
ب -أن يكون الصلح من باب ارتكاب أخف الضررين ،فيلجأ المسلمون
إليه دفعا ً لمصيبة أعظم كما هم الرسول أن يصالح غطفان على نصف ثمار
المدينة حتى يفك تحالفهم مع قريش ،وينفرد النبي بقتال قريش بعد ذلك..
أما في غير هاتين الحالتين ،فإنه ل يجوز للمسلمين الدعوة إلى السلم
كأن يكون ركونا ً للدنيا وكراهة للجهاد أو خوفا ً من كثرة الكفار ،وذلك أن
أهل اليمان ينصرون مع قلتهم على الكفار على كثرتهم ،وهذه سنة الله
الجارية أبدا ً في عباده{ :كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله
مع الصابرين} البقرة .249
{ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الدبار ثم ل يجدون وليا ً ول نصيراً ،سنة
الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلً} الفتح .23– 22
وأما الدعوة إلى السلم بمعنى ترك الحرب نهائياً ،ومصالحة الكفار أبداً
ونبذ الحرب والقتال مطلقاً ،فهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة السلم،
وإلغاء لفريضة الجهاد التي جعلها الله فرضا ً على كل مسلم إلى يوم
القيامة كما قال تعالى{ :كتب عليكم القتال وهو كره لكم} البقرة ،216
وكتب بمعنى فرض .....فالجهاد ماض بعد فتح مكة إلى يوم القيامة ،وهو
إما خروج بالنفس وهذا الفرض العيني ،وإما نية دائمة لكل مسلم يجب أن
يصحبها دائماً ،ويموت عليها ،فيكون مستعدا ً لمزاولة القتال في كل حال،
قائما ً به في حالة الوجوب العيني ،وإل أثِم.
.1قال ابن قدامة :ومعني الهدنة أن يعقد لهل الحرب عقدا ً على ترك
وض ،وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة ،وذلك ع َ
وض وبغير ِ ع َ
القتال مدة ب ِ
جائز بدليل قول الله تعالى{ :براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من
المشركين} وقال سبحانه{ :وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}
وكما ترى فإن ابن قدامة قال عن الهدنة" :ل يجوز ذلك إل للنظر
ف َّ
صله. للمسلمين" أي لمصلحتهم كما َ
.3وقال صاحب المجموع" :ل يجوز عقد الهدنة لقليم أو صقيع إل للمام
عل ذلك إلى كل واحد لم يؤمن أن يهادن ج ِ
أو لمن فوض إليه المام لنه لو ُ
الرجل أهل إقليم ،والمصلحة في قتالهم فيعظم الضرر فلم يجز إل للمام
أو النائب عنه ،فإن كان المام مستظهرا ً نُظَِرت فإن لم يكن في الهدنة
مصلحة لم يجز عقدها لقوله عز وجل{ :فل تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم
العلون والله معكم} - ".المجموع شرح المهذب .19/439
.4وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى{ :فل تهنوا وتدعوا إلى السلم
وأنتم العلون والله معكم} .قال{" :فل تهنوا} أي ل تضعفوا عن العداء،
{وتدعوا إلى السلم} أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين
عدَِدكم و ُ
عدَِدكم ،ولهذا قال {فل تهنوا وتدعوا الكفار في حال قوتكم وكثرة َ
إلى السلم وأنتم العلون} أي في حال علوكم على عدوكم .فأما إذا كان
الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ،ورأي المام في
عل رسول الله حين المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك كما َ
ف َ
وه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر صده كفار قريش عن مكة ودَ َ
ع ْ
سنين فأجابهم إلى ذلك.
وهذا رأي يفضي إلى تعطيل الجهاد بالكلية .وهذا ل يجوز شرعا ً لن
الجهاد فريضة مثله مثل الصيام{ :كتب عليكم الصيام} بقرة { .183كتب
عليكم القتال} بقرة . 216فكما أنه ل يجوز شرعا ً تعطيل صيام رمضان
لنه كُتب على المسلمين أي فرض عليهم .هكذا أيضا ً ل يجوز شرعا ً تعطيل
فريضة القتال لنها مكتوبة على المسلمين كصيام شهر رمضان.
أما الية المحتج بها فل حجة فيها ،إذ إنها محمولة على جواز المسالمة
بشرط حاجة المسلمين لذلك ،وهذا الشرط تبينه الية الولى {فل تهنوا
وتدعوا إلى السلم وأنتم العلون} .فآية النفال تختص بحال وهو كون
المسالمة في مصلحة المسلمين ويحتاجون إليها ،أما آية سورة محمد فهي
تختص بحال آخر وهو كون المسالمة ليست في مصلحة المسلمين وذلك
عندما تكون بهم قوة يقهرون بها عدوهم .فإنه ل تجوز المسالمة حينئذ
لهذه الية ولن في هذا عدول عن الصل المطلوب وهو إظهار دين السلم
على ماعداه ،لقوله{ :وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله}
النفال ،39وقوله{ :ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} التوبة
32والصف .9
.1قال ابن كثير في تفسير آية النفال {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}:
قال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني وعكرمة والحسن
وقتادة إن هذه الية منسوخة بآية السيف في براءة {قاتلوا الذين ل يؤمنون
بالله ول باليوم الخر} ،وفيه نظر أيضاً ،لن آية براءة فيها المر بقتالهم إذا
أمكن ذلك ،فأما إن كان العدو كثيفا ً فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه هذه
الية ،وكما فعل النبي يوم الحديبية.
.2وقال ابن حجر في نفس الية {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}" :هذه
الية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين -إلى قوله -ومعنى
الشرط في الية أن المر بالصلح مقيد بما إذا كان الحظ للسلم
المصالحة ،أما إذا كان السلم ظاهرا ً على الكفر ولم تظهر المصلحة في
المصالحة فل" - ).فتح الباري .276-6/275
فالية المحتج بها دالة على مشروعية المسالمة عند الحاجة ل وجوب
المسالمة.