You are on page 1of 14

‫ـ الفصل الرابع ـ‬

‫رحم الصولية‬

‫‪ .1‬مقدمة‬

‫ـ الحركة الجتماعية في رأي علماء الجتماع‬

‫ـ مراحل نمو الحركة الجتماعية‬

‫‪ .2‬الحركة السلمية‬

‫ـ خصائص الحركة السلمية‬

‫ـ خصائص حركات الرفض والحياء السلمي‬

‫ـ التغريب الفكري كأحد الدوافع للحياء التاريخي‬

‫ـ رؤية أصحاب التجاه الصلي الحركي في مصر لسباب الحياء‬


‫السلمي‬

‫ـ رؤيتنا لسباب حركات الحياء والرفض السلمي‬

‫ـ مقدمة ـ‬

‫ماذا نقصد بالحركة السلمية ؟‬

‫هي نظام منفتح وغير مقيد وعالمي النطاق يقوم فيه الفراد أو‬
‫المجموعات من المسلمين بالعمل عن وعي في سبيل إعادة توحيد المة‬
‫(لن ليس من حق البشر التيان بقوانينهم أو التحكم في مقدراتهم لن الله‬
‫وحده هو المتحكم في أمور البشر وهو المشرع العظم)‬

‫أولً‪ :‬لكي نفهم الحركة السلمية ينبغي أن نفهم الرحم الذي تمخض‬
‫بها وأخرج لنا هذا الكائن ‪ ..‬المارد العجيب ‪ ..‬هذا الزرع البدوي الذي يجول‬
‫ملتمسا ً من يبتلعه ‪.‬‬

‫الحركة الجتماعية في رأي علماء الجتماع ‪:‬‬

‫يقول هربرت بلومر ‪:‬‬

‫أن الحركة الجتماعية هي ذلك النشاط الجتماعي الذي يأخذ غالبا ً شكل‬
‫التصورات والمشاعر غير المنظمة‪ ،‬وهو النشاط الذي يصبح تدريجيا ً معبراً‬
‫عن أشكال جديدة من العتقاد والسلوك الجمعي التي ل تجد منافذ للتعبير‬
‫عن مطالبها‪ ،‬من خللها‪ ،‬فتتحول إلى حركة منظمة تهدم النماط‬
‫الجتماعية الموجودة وتستبدلها بأخرى تتفق ومصالحها الفعلية‬
‫يقول رودولف هيبرل ‪:‬‬

‫هي تعد "نوعا ً خاصا ً من جماعات الفعل المتسق والتي تستمر مدة‬
‫أطول وتكون أكثر تكامل ً أو تماسكا ً من حركات الغوغاء والجمهرة وهي‬
‫ليست منظمة مثل الندية السياسية والجمعيات الخرى"‬

‫الحركة الجتماعية تعد سلوك جمعي تكون بدايته في ظرف من القلق‬


‫ويشتق قوته الدافعة من السخط الجماهيري على النظام الجتماعي القائم‪،‬‬
‫ويبحث عن نسق جديد للعلقات الجتماعية وللحياة‬

‫يقول لورنز فون شتاين‬

‫الحركة الجتماعية هي ذلك الجهد الجماعي الذي يبذل من أجل إيجاد‬


‫مجتمع جديد‪ ،‬والمصلحة هي مركز التفاعل في هذا الجهد‪ :،‬وبالتالي هي‬
‫أساس الحركة الجتماعية‪ ،‬والوضاع الطبقية السيئة هي التي تشكل ملمح‬
‫الحركة الجتماعية‬

‫الحركة الجتماعية وفقا ً لتحليل علماء الجتماع العرب ‪:‬‬

‫يرى البعض أن الحركة الجتماعية هي جهد جماعي مقصود موجه لتغيير‬


‫المجتمع في أي اتجاه وبأي وسيلة بما في ذلك العنف واللشرعية والثورة‬
‫والنسحاب من الواقع‪.‬‬

‫وفي رأي آخر‪ :‬هي ذلك السلوك الجمعي لعضاء المجتمع الذين يرون‬
‫أنهم ل يشغلون مكاناتهم التقليدية ول يلعبون أدوارهم المنسوبة إليهم‪،‬‬
‫ويرون أن الدور الذي يلعبونه في المجتمع ل يتناسب مع مركزهم وأنه على‬
‫مدار فترة من الزمن ينمي كثير من هؤلء نظرة جديدة عما يعتقدونه وعما‬
‫يحلمون به من آمال ورغبات تمثل في النهاية ما يتعارف على تسميته‬
‫بالحركة الجتماعية‪.‬‬

‫هي بمثابة سلوك جماهيري ثوري‪ ،‬ويتجه عادة لممارسة العنف‬


‫السياسي باعتباره حالة من حالت الصراع السياسي‪ ،‬بهدف إيجاد مخرج‬
‫للزمات السياسية القائمة‪ ،‬وهي‪ -‬أي الحركة الجتماعية ‪ -‬عند هؤلء‪ ،‬تدين‬
‫عادة أنساق القيم السائدة باعتبارها مصدرا ً للشر ينبغي تقويضه‪.‬‬

‫مراحل الحركات الجتماعية في رأي علماء الجتماع العرب ‪:‬‬

‫‪ .1‬تجمع غير الراضين عن الوضع القائم والمطالبين بالتغيير لتتشكل‬


‫منهم بداية الحركة‬

‫‪ .2‬دور المثقفين في إثارة الشعب عن طريق الدب الثوري‬

‫‪ .3‬عدم الرضا في التركز حول نقط معينة عن طريق بعض الطلئع‬


‫القيادية‬

‫‪ .4‬العتراض والحتجاج التي يترتب عليها احتواء الناس وجعلهم حاضرين‬


‫للتجنيد في الحركة الجتماعية‬

‫‪ .5‬خلق روح جماعية عن طريق تنظيم الشعور ورفع شعار "نحن وهم"‬
‫ويصاحب ذلك عملية تطوير معنويات للحركة وعقيدة سياسية لها‬

‫‪ .6‬يكون أمام الحركة الثورية عملية تطوير تكتيك العمل والصدام مع‬
‫الوضع القائم والستيلء على السلطة‬

‫الحركة الجتماعية وفقا ً للتحليل الماركسي ‪:‬‬

‫تنطوي الحركة الجتماعية في التحليل الماركسي على التغير الذي‬


‫يمس بنية المجتمع‪ ،‬وهي تظهر للمجتمع الحاصلة فيه روابط ووظائف من‬
‫نوعية جديدة‪.‬‬

‫وفي تعريف ماركسي آخر يرى أصحابه أن الحركة الجتماعية تعني‬


‫التيار العام على النطاق العالمي الذي يدفع طبقة من الطبقات أو فئة من‬
‫الفئات الجتماعية إلى تنظيم صفوفها بهدف القيام بعمل موحد ومحدد‬
‫لتحسين أحوالها القتصادية ولتحقيق التقدم الجتماعي لجميع أفرادها‬
‫والمساهمة الفعالة في السلطة السياسية ‪.‬‬

‫ووفقا ً لتحليل ماركس فإن الحركة الجتماعية تعني ذلك التحرك‬


‫الجماهيري الذي ينشأ كنتيجة للصراع الطبقي‪ ،‬ويستدل على ذلك من‬
‫التاريخ حيث رأى أن الحركة التاريخية تنشأ كنتيجة لكون كل مرحلة تاريخية‬
‫يسبقها ثورة جديدة في الساليب والعلقات الجتماعية للنتاج‪ ،‬والتي يمكن‬
‫أن تفسر كاستجابة جدلية للتغيرات في الظروف المجتمعية والواقعية‬
‫والصراعات الطبقية للمجتمع‪.‬‬

‫هذا النمط من رد الفعل يتخذ شكل الفكرة ونقيضها ثم التأليف بينهما‪.‬‬


‫هكذا فإن ظهور البرجوازية وعملية التجمع الرأسمالي يمكن أن يعتبر‬
‫حركة‪ ،‬وهذه كانت نقيضا ً للحركة الثورية للبروليتاريا والتي تنبأ ماركس من‬
‫خللها بميلد المجتمع الشيوعي اللطبقي الجديد‪ .‬في رأي تلك المدرسة‬
‫أيضاً‪ :‬أن الحركة الجتماعية تعني ذلك الجهد الجماعي الذي ينشأ نتيجة‬
‫لصراع المصالح وأن تلك الحركة تكون قوية إذا ما ارتبطت في سلوكها‬
‫بنظرية اجتماعية كالماركسية‪.‬‬

‫وعلى المعنى نفسه يذهب لينين إلى القول بأن الحركة الجتماعية هي‬
‫ذلك الفعل الثوري الذي يعني تحرك الجماهير تجاه تغيير الوضاع القائمة‬
‫وأن هذه الحركة لبد لها من طليعة مؤمنة بهذا التغيير‪.‬‬

‫وبناء على التعريفات السابقة‪ :‬يعد الصراع الطبقي هو القاسم‬


‫المشترك بينها في التفسير والتعريف بالحركة ولكن المدرسة الماركسية‬
‫رغم ذلك لم تأخذ بعين العتبار أن الصراع الطبقي الذي تصوره ماركس‬
‫بين البرجوازية والبروليتاريا هو صراع طبقة ضد أخرى‪ ،‬وهو في حد ذاته‬
‫صراع سياسي حيث لم يفصل ماركس بين الحركة الجتماعية والحركة‬
‫السياسية إل وهي في الوقت نفسه حركة اجتماعية‪.‬‬
‫الشروط الساسية التي تؤدي لقيام الحركات الثورية ‪:‬‬

‫‪ .7‬وجود عناصر دافعة اغترابية قوية وواسعة النتشار بين الناس‪ ،‬أي‬
‫الحاجة للبرهنة على أن النظام الجتماعي القائم في حاجة إلى التغيير‬
‫وهذه الحاجة تؤدي إلى تجمع أعداد هائلة من الفراد المغتربين بسبب بعض‬
‫الحداث مثل التضخم والبطالة ولكن هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى‬
‫الجريمة والتوتر النفسي ولكنها ل تؤدي إلى الثورة‪.‬‬

‫‪ .8‬تنظيم جماعة فرعية مستقلة‪ ،‬وهذا يفترض قيام قادة الحركة بعملية‬
‫تنظيم وتوفير التضامن بين أعضاء الحركة‪ .‬ولكن تنظيم حركة معينة ل‬
‫يكفي ليجاد أو لشعال ثورة‪.‬‬

‫‪ .9‬وجود أيديولوجية أو مجموعة من المعتقدات الدينية التي يمكن أن‬


‫تنجح في اكتساب الشرعية‪.‬‬

‫‪ .10‬مدى استقرار جوانب النظام الجتماعي الذي تصطدم به الحركة‬


‫وعلقته بالتوازن في المجتمع‪.‬‬

‫هناك ستة أسباب تؤدي إلى ظهور الحركات الجتماعية ‪:‬‬

‫‪ .11‬عدم الملءمة الجتماعية؛ ويتمثل هذا العامل في عدم ملءمة القيم‬


‫السائدة للظروف الفعلية للحياة الجتماعية‪.‬‬

‫‪ .12‬الوعي الجماعي بالستياء من الوضاع الجتماعية القائمة‪.‬‬

‫‪ .13‬القلق الجتماعي‪ ،‬حيث يسبب انتشار بعض المشاعر مثل الشك‬


‫والرتباك والتخبط وعدم الستقرار واليأس‪ ،‬حالة من القلق الجتماعي‬
‫والذي يتولد نتيجة للتصال أو النتقال الجماعي السريع الذي يؤدي إلى‬
‫حدوث الحركات الجتماعية‪.‬‬

‫‪ .14‬عدم الرضا الشخصي‪ ،‬والذي يرجع إلى حدوث فجوة بين الماني‬
‫والرغبات المتوقعة وبين ما هو قائم‪.‬‬

‫‪ .15‬الفوضى الثقافية؛ وتمثل مناخا ً ملئما ً للحركات الجتماعية وغالبا ً ما‬


‫يكون هذا نتيجة للتغيرات السريعة مما يظهر العديد من التناقضات في‬
‫العرف والمعتقدات والقيم التي تظهر نتيجة لعدم التجانس الجتماعي‪.‬‬

‫‪ .16‬الحرمان النسبي‪ ،‬وقد اعتبره علماء الجتماع سبب أساسي لحدوث‬


‫الحركات الجتماعية ولتكوين أيديولوجيتها‪.‬‬

‫مراحل نمو الحركة الجتماعية ‪:‬‬

‫وفقا ً ل " ركس هوبر " ‪ -‬أحد علماء الجتماع الغربيين ‪ -‬فإن الحركات‬
‫الجتماعية تمر بأربع مراحل للنمو هي‪:‬‬

‫‪ .17‬المرحلة الساسية التحضيرية التي يتحتم على الجماعات فيها مواجهة‬


‫مشاكل متعددة ولكنها ل تستطيع التعامل معها‪ ،‬وتظل جهودها مشتتة‬
‫والقيادة غير مبلورة‪.‬‬

‫‪ .18‬المرحلة الشعبية والتي تصبح عندها تلك الجماعات على وعي بأن‬
‫غيرهم يشاركهم عدم قناعتهم بالوضع القائم‪ .‬وتتميز القيادة في هذه‬
‫المرحلة بطابعها الصلحي‪ ،‬وتباشر مسئوليتها من خلل القدرة على قيادة‬
‫الجماعة وتبصيرها بالمشكلت وبالحلول النوعية لها‪.‬‬

‫‪ .19‬المرحلة الرسمية‪ :‬في تلك المرحلة تتم إثارة الجماهير وتتبلور‬


‫أيديولوجية الحركة والتي تضفي عليها تماسكا ً وكذلك تتضح القيم‬
‫والهداف‪ ،‬وفي نفس الوقت تظهر الحركة داخل هذه المرحلة تسلسلً‬
‫هرميا ً للقيادات وأدوار العضاء وتتحدد أيضا ً السياسات وبرامج العمل‪.‬‬

‫‪ .20‬المرحلة الشرعية‪ :‬حيث تصبح الحركة في هذه المرحلة مقبولة من‬


‫المجتمع وتضيع مثالية الحركة وحماس أعضائها ويصبح الداري المنفذ هو‬
‫أكثر القادة تأثيرا ً وقد ل تصل كل الحركات إلى هذه المرحلة ومع ذلك فإن‬
‫كثيرا ً منها يصبح ذا تأثير‪.‬‬

‫جب ‪ ..‬هاوية الصولية السلمية ‪ ..‬بأبعاده وجذوره المتباينة‬


‫هذا هو رحم ‪ُ ..‬‬
‫‪..‬‬

‫أعمدة هذا الهيكل الصولي المختبئ وراء أقنعة الزخارف المصطنعة‬


‫والتقوى المزيفة والبياض المدنس ‪..‬‬

‫والقرابين البشرية الموضوعة على مذبحه منذ ‪ 1400‬عام ‪..‬‬

‫مذبحه المقدس جدا ً ‪ ..‬والمعصوم جداً‬

‫لعله يرضي اللهة ‪ ..‬لعلها تشم رائحة الدم ‪ ..‬فترحم !!‬

‫وتدخلهم جناتها التي تجري من تحتها النهار‬

‫حيث أنهار الخمر المعتقة ‪ ..‬واللبن البدي ‪ ..‬والذهب الثمين‬

‫والولدان المخلدون ‪ ..‬وحور العين …‬

‫اشتياق اللهثين‬

‫هذا الهيكل المقدر علينا ‪ ..‬والمكتوب بماء الذهب على بابه ‪ ..‬بابه المرصع‬
‫بالحجار الكريمة ‪..‬‬

‫{قاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله‬


‫ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن‬
‫يد وهم صاغرون} التوبة ‪29‬‬

‫{فإذا انسلخ الشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم‬


‫واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وأتوا الزكاة‬
‫فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} التوبة ‪5‬‬

‫الحركة السلمية‬

‫نحن ننقل فقط ما قالوه دون تأويل ول تحريف …‬

‫خصائص الحركة السلمية ‪:‬‬

‫خصائص ثابتة ‪:‬‬

‫‪ .1‬حركة ربانية أي أنها ليست حركة وضعية‪ ،‬بل أن الحقيقة تُستمد في‬
‫هذه الحركة من الوحي والنظم وما فيها من مفاهيم أيضا ً ترتبط بالوحي‬
‫وتصدر عنه‪ ،‬وعن الوحي أيضا ً يصدر نظام القيم السلمي في كل ميادينه‪.‬‬

‫‪ .2‬حركة إيجابية تؤكد أهمية هذه الحياة وتنظر إليها باعتبارها جسرا ً إلى‬
‫الخرة‪.‬‬

‫‪ .3‬حركة واقعية أي أنها حركة تؤمن بالواقع وتسعى إلى معرفته وتتعامل‬
‫معه سواء في نظرتها إلى النسان أو في نظرتها إلى المجتمع وكذلك في‬
‫نظرتها إلى التاريخ والسياسة‪.‬‬

‫‪ .4‬حركة أخلقية ذلك أن الخلق هي جوهر السلم سواء في دعوته أو‬


‫تفكيره أو ما ينبثق عنه من نظم قيمية أو نظم سياسية واقتصادية‪.‬‬

‫‪ .5‬حركة عالمية ذلك أن السلم هو دين النسانية الشامل يستوعب‬


‫الماضي والحاضر والمستقبل‪.‬‬

‫‪ .6‬حركة أيديولوجية اليديولوجيا هي استعمال العقيدة كوسيلة للتغيير‬


‫الجتماعي‪ ،‬ولم تكن العقيدة السلمية يوما ً ما ثقافة نظرية بل ثقافة حية‪،‬‬
‫أي أن السلم كان دائما ً يؤدي وظيفته الجتماعية‪.‬‬

‫خصائص مكتسبة ‪:‬‬

‫هي التي تكتسبها الحركة السلمية بحكم الحقبة الزمنية التي تعاصرها‬
‫أو الرقعة الجغرافية التي تنتشر فيها أو الظروف الجتماعية التي تحيط بها‬
‫في المجتمع الذي تمارس فيه نشاطها‪.‬‬

‫خصائص حركات الرفض أو الحياء السلمي ‪:‬‬

‫ظاهرة الحياء الديني تمتاز بعدد من الخصائص تصنف في ثلث‪:‬‬

‫‪ 0 1‬سرعة النتشار فظاهرة الحياء السلمي تتخطى "القومية"‬


‫وتحدث بنفس القدر في كل مجتمع إسلمي بغض النظر عن البيئة‬
‫السياسية والقتصادية والثقافية‪.‬‬
‫كما أنها ل تتجسد فقط في البلد التي تضم أغلبية إسلمية بل انتشرت‬
‫بين القليات السلمية‪.‬‬

‫والهم مما سبق أن الحياء السلمي ل يقتصر فقط على طبقات‬


‫اجتماعية واقتصادية دون غيرها‪ .‬فبينما نجد أن ظاهرة الحياء قد اعتمدت‬
‫في تأسيسها على الطبقات الدنيا‪ ،‬والدنيا المتوسطة‪ ،‬فإن هناك من‬
‫الدلئل المتزايدة على انتشار محاكاة نمط الحياة السلمية السليمة بين‬
‫الطبقة الوسطى‪ ،‬والوسطى ‪ -‬العليا في البلدان المتقدمة نسبياً‪.‬‬

‫‪ 0 2‬تعدد المراكز هي خاصية فريدة لحركة البعث السلمي‪ ،‬حيث أن‬


‫المة المندمجة ل تحتوي على أي مركز ثوري أو تنظيمي‪ ،‬والمركزان‬
‫المحتملن اللذان يمكنهما قيادة الحركة هما السعودية ومصر‪.‬‬

‫‪ 0 3‬الستمرار والمثابرة يمكن ملحظة عملية مد وجزر دائمة بين‬


‫التيارات العلمانية والسلمية‪ ،‬فقد كان من نتيجة الستعمار الوروبي‬
‫وحركة التغريب القوية وجود رد فعل السلم بدءا ً بالسلم الشامل عند‬
‫الفغاني ثم محاولت محمد عبده لجعل السلم قابل ً للتطبيق في‬
‫المجتمعات الحديثة‪ .‬هذا الجدل المستمر بين العلمانية والسلم هو خير‬
‫دليل على صمود السلم كقوة اجتماعية وهو دليل أيضا ً على فشل الدول‬
‫السلمية في صياغة حلول لتلك السس المتصارعة للمجتمعات السلمية‬
‫المعاصرة‪.‬‬

‫إن حركات الحياء السلمي القديمة قد اتخذت شكل جماعات اقتصرت‬


‫جهودها على أن تنادي بالقضاء على البدع‪ ،‬أو أن تسيطر على دولة لتنشر‬
‫مذهبها‪ .‬وبذلك اتسمت في الغلب العم بالنظرة الجزئية والتوجه للداخل‬
‫وسيادة النزعة الصلحية‪.‬‬

‫غير أن حركات الحياء في القرن العشرين اتخذت شكل جماعات تتبنى‬


‫نظرة شاملة للسلم‪.‬‬

‫خصائص الرفض أو الحياء السلمي كما عرفته المجتمعات السلمية ‪-‬‬


‫بالخص في مصر ‪:‬‬

‫‪ .7‬الشمول‬

‫يرى راشد الغنوش قائد حركة التجاه السلمي بتونس أن فكرة‬


‫الشمول توجد بالسلم ثلث اتجاهات مترابطة هي العقيدة والشريعة‬
‫والعبادة ‪ .‬فالسلم يؤخذ على أنه ك ٌ‬
‫ل مترابط‪ ،‬فالعقيدة والشريعة والعبادة‬
‫كل متكامل ومن ثم ل مجال للتفريق بين الدين والسياسة والدين والدولة‪.‬‬

‫‪ .8‬القضية الوطنية‬

‫من وجهة نظر الغنوش والترابي‪ ،‬أنه ل تناقض في نظر الحركة‬


‫السلمية بين العالمية والوطنية إذ الوطنية هي منطلق العالمية‪ ،‬وإن عناية‬
‫المسلم بإصلح وطنه واجب ديني‪ ،‬إذ كلما تقدم هذا الوطن أصبح أقدر على‬
‫إعانة الوطان السلمية الخرى‪ .‬ويستشهد بقول المودودي‪" :‬الجماعة‬
‫السلمية ليست بجماعة تستهدف القومية الوطنية ول تقتصر دعوتها على‬
‫أمة بعينها ووطن بعينه بل الدعوة التي ترفعها عالمية الهداف‪ ،‬غير أن‬
‫الجماعة تؤمن أننا معشر المسلمين ما دمنا ل نجعل بلدنا مثل ً حيا ً للنظام‬
‫السلمي فإننا ل نقدر على إقناع الناس بسلمة هذه العقيدة‪ ،‬فالمسلم إذاً‬
‫وطني وليس أولى منه بهذه الصفة لنه المتداد الحقيقي لثقافة الوطن‬
‫وأمجاده وغيره ممن ل يحملون دعوة السلم هم غرباء عن هذا الوطن بل‬
‫هم بقايا تركها المستعمر بعد انسحابه"‪.‬‬

‫‪ .9‬السلفية‬

‫تعني استعادة السلم من أصوله دون تعصب لما وجد في تاريخ‬


‫السلم من نظريات واجتهادات‪ .‬ويلحق بالمعنى السلفي تجميع المسلمين‬
‫حول ما هو معلوم من الدين بالضرورة إبعادا ً للخلف وتوحيدا ً للصفوف‬
‫حسب القاعدة‪" :‬نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا ً فيما اختلفنا‬
‫فيه"‪.‬‬

‫‪ .10‬البعد اليماني‬

‫أن الحركة السلمية تؤكد في تربيتها على ضرورة الخذ بالسباب‬


‫ولكن مع العتقاد بأن هذه السباب لن تؤدي إلى نتائجها إل بإذن الله‪.‬‬

‫‪ .11‬الشعبية‬

‫أن الحركة السلمية ليست حركة فئة معينة أو طريقة صوفية تحصر‬
‫عملها في مجموعة مريدين‪ .‬إنها ضمير المة المتحرك وأعماقها الثائرة‪.‬‬
‫ومن ثم فهي ترفض مقولة الصراع الطبقي وتعتبر أن السلم وحده قادر‬
‫على إزالة كل ألوان الظلم والستغلل داخل المجتمع السلمي‪.‬‬

‫إن الحركة السلمية في مصر ترتبط بطبيعة الشعب ارتباطا ً وثيقاً‪،‬‬


‫وهذا الرتباط إنما يمليه الواقع التاريخي لهذا الشعب‪ .‬وهو الذي يجعل‬
‫كفتها راجحة شعبيا ً في مواجهة التيارات السياسية الخرى‪ ،‬لكن الحركة‬
‫السلمية حتى الن لم تستطع استثمار التعاطف الجماهيري معها نظراً‬
‫لفتقادها الكوادر الواعية التي يمكن أن يقوم على كاهلها هذا الدور‪.‬‬

‫* ولعلنا هنا نوجز أهم ملمح الشعب المصري التي تبرز طبيعته‪،‬‬
‫نلخصها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ التدين الجوف‬

‫‪ 2‬ـ العاطفة الشديدة التي تذبذب مواقفه تجاه الحركة السلمية‬

‫‪ 3‬ـ سهولة الحتواء من قبل السلطة‬

‫‪ 4‬ـ انعدام الوعي و الهتمامات السياسية‬

‫‪ 5‬ـ العتدال السلبي‬


‫ومن الواضح أن تلك الملمح لها انعكاساتها السلبية على واقع الحركة‬
‫السلمية وهي تعد مدخل ً أساسيا ً لفهم التناقضات القائمة على ساحتها‬

‫وكان رد الفعل السلمي على سلسلة الخفاقات متمثل ً من الناحية‬


‫التنظيمية في تنظيمين‪:‬‬

‫الخوان المسلمين في مصر والجماعة السلمية في الهند البريطانية‬


‫(ثم في باكستان)‬

‫حيث مثلتا أولى المحاولت لنقاذ المة من قاع الهزيمة والخنوع‪.‬‬

‫لقد ظهرت هاتان الحركتان في بلدين يكثر فيهما تعداد المسلمين كما‬
‫أنهما استقطبا عددا ً كبيرا ً من الناس‪ ،‬وليس من باب المبالغة أن نقول إن‬
‫الخوان المسلمين والجماعة السلمية ملتا الفراغ ‪ -‬الذي نتج عن إلغاء‬
‫الخلفة سنة ‪ - 1924‬بالنسبة للمليين من مسلمي العالم‪ .‬فقد ظهرت‬
‫هاتان الحركتان في أحلك فترات التاريخ السلمي عندما لم تكن تدين‬
‫بالسلم دولة من الدول‪ ،‬ولقد مثلتا وقتها روح السلم الباحثة عن جسدها‬
‫المتمثل في الدولة السلمية‪ .‬ورغم أنهما لم تتمكنا من إنشاء دولة‬
‫إسلمية في بقعة ما‪ ،‬إل أن ذلك ل ينتقص من الدين الذي ظلت هاتان‬
‫الحركتان تمثلنه في النصف الول من هذا القرن‪.‬‬

‫فشل العلماء المسلمين ‪:‬‬

‫بعض المفكرين السلميين المعاصرين أكملوا رسم صورة النحطاط‬


‫السياسي الذي لزم أمة السلم في بداية هذا القرن‪ ،‬والذي كان أحد‬
‫الدوافع الساسية لحركة الحياء السلمي في السبعينات وحتى اليوم‪.‬‬

‫يضفي بعض المفكرين السلميين المعاصرين على العلماء صفة‬


‫(الئمة) وبأنهم الذين فشلوا في قيادة الجماهير المسلمة‪ ،‬وأن ذلك يعد‬
‫وجها ً جديدا ً ميز حركة الحياء السلمي في السبعينات حين قادها نوعية‬
‫جديدة ومتميزة من (العلماء) و(الئمة)‪ ،‬وذلك لن فشل العلماء في قيادة‬
‫الجماهير المسلمة لمواجهة السر الحاكمة المتسلطة في أيامهم جعل‬
‫الجماهير تنظر لهم كجزء من النظام الحاكم لن أغلبية العلماء لم يقودوا‬
‫الجماهير المسلمة بل فضلوا أن يخدموا السلطين والمراء‪.‬‬

‫وفي مقابل هذا نجد أن هؤلء الحكام ينفقون الموال الطائلة على‬
‫المؤسسات اللدينية وعلى "جامعات إسلمية" هم ينشئونها بأنفسهم‪،‬‬
‫وخريجو هذه المؤسسات والجامعات يلتحقون في خدمة مؤسسات وأنشطة‬
‫"إسلمية" وديعة‪ ،‬موالية تحت رعاية هؤلء الحكام‪.‬‬

‫والنتيجة أن كثيرين من علماء السنة‪ ،‬على القل‪ ،‬أصبحوا إما موالين‬


‫للنظمة اللدينية أو هم جد فقراء عاجزين عن القيام بشيء يذكر‪ .‬وفي كل‬
‫الحوال نجد أن هؤلء العلماء كان ينقصهم البداع الفكري والقتناع بالدور‬
‫السياسي الذي يقومون به ولذلك فشلوا في إلهاب ثقة الجماهير فيهم‪.‬‬
‫إل أن السبعينات والثمانينات شهدت تحول ً كيفيا ً في قيادة العلماء‬
‫والفقهاء لحركة السلم الثوري‪ .‬وكانت إيران أبرز تلك النماذج التي أبرزت‬
‫أن الصراع مع الغرب سواء بشكل مباشر أو من خلل وسطاء لبد منه‪،‬‬
‫ولكي تستجيب الجماهير مع قيادة هذا الصراع عليها أن تلتزم برفض كل‬
‫نفوذ للحضارة الغربية في المجالت السياسية والقتصادية والثقافية‬
‫والجتماعية وترفض نظام (الدولة القومية) وتلتزم بالدولة السلمية‬
‫والوحدة السلمية وأن تكون تلك القيادة من العلماء الملتزمين لن الصراع‬
‫مع الغرب هو صراع مع قوى الكفر‪.‬‬

‫التغريب الفكري كأحد الدوافع للحياء التاريخي ‪:‬‬

‫إن الستعمار الغربي نفسه خلل القرنين الماضيين كان أحد أسباب‬
‫حركة الحياء السلمي المعاصرة لن هذا الستعمار جاء حامل ً معه أهم‬
‫دوافع الستفزاز للمة السلمية؛ وهو دافع التغريب الفكري‪ ،‬ففي رأي‬
‫"منير شفيق" أن جوهر التغريب الفكري يقوم على الركائز التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬اعتبار النموذج الحضاري السلمي يمثل زمنا ً ماضياً‪ ،‬فهو نظام‬


‫العصور الوسطى ولم يعد صالحا ً للنطلق من على أرضه لتحقيق أهداف‬
‫المة‪.‬‬

‫‪ .2‬اعتبار النموذج الحضاري ‪ -‬الثقافي الوروبي المعاصر ‪ -‬يشكل أرقى‬


‫ما وصلت إليه النسانية من تطور‪ ،‬وهو النموذج الذي يجب أن يعمم في‬
‫العالم كله‪.‬‬

‫إذا اختلف أهل التغريب فهم ل يختلفون على جوهر النقطتين‬


‫المذكورتين آنفاً‪ ،‬وإنما يختلفون حول النموذج الرأسمالي أو النموذج‬
‫الشتراكي أو النموذج الشيوعي من النماذج التي قامت على أرض الحضارة‬
‫الوروبية المعاصرة‪.‬‬

‫انطلقا ً مما تقدم‪ ،‬يجد التغريب نفسه مضطرا ً إلى القرار ضمنا ً بأعمال‬
‫الغزو والقهر التي قام بها الرجل البيض وهو يحطم النموذج الحضاري‬
‫السلمي ويفرض نموذج المدنية المعاصرة باعتباره يحطم نظام العصور‬
‫الوسطى ومعناها لدى الكثيرين "عصور الظلم والنحطاط والستبداد‬
‫الشرقي" ويحل مكانه نظام القرن العشرين‪.‬‬

‫يؤدي اعتبار النموذج الحضاري الوروبي (الفكري‪ -‬الثقافي ‪-‬‬


‫القتصادي ‪ -‬الجتماعي ‪ -‬الحقوقي ‪ -‬السياسي) الرض التي يجب على‬
‫المة أن تقف عليها وتسعى إليها‪ .‬ومن ثم يؤدي اعتبار معاييره ومقاييسه‬
‫هي المرجع في الصراعات والخلفات إلى أن توضع جانبا ً أو تستبعد أوسع‬
‫الجماهير الشعبية التي ل تستطيع أن تشارك في خلف مرجعه ( كاونسكي‬
‫أو تروتسكي أو لسكي أو ماركس أو هيجل ) وبهذا تتحول الجماهير إلى‬
‫قوة مشلولة تاركة الملعب للذين درسوا وتعلموا في الجامعات التي تدرس‬
‫هذه المراجع أو تثقفوا عليها بجهدهم الخاص‪.‬‬

‫تزكية الغرب لعدم الستقرار السياسي بالدول السلمية كأحد أسباب‬


‫الحياء والرفض السلمي ‪:‬‬
‫يلخص البعض جدلية الصراع بين السلم والستعمار الغربي‪ ،‬الذي يمثل‬
‫عنده (قوى الكفر)‪ ،‬في كونه صراعا ً بين (السلم) و(الكفر)‪ ،‬وأنهما‬
‫التجاهان الرئيسيان في التاريخ العالمي‪ ،‬وأن النهاية المنطقية للسلم‬
‫هي الثورة كما حدثت في النموذج اليراني‪ .‬أما الكفر فإن نهايته (سيطرة‬
‫من القوى الكبرى)‪ .‬وإن الصراع المستمر بين الغرب الستعماري وقوى‬
‫الحركة السلمية على امتداد عالم السلم مثل دائما ً وطيلة القرنين‬
‫الماضيين أحد السباب التاريخية لتعاظم الداء الحركي لقوى الحياء‬
‫السلمي‪ ،‬أيضا ً كما كان من قبل مع أوائل هذا القرن عندما ربطت‬
‫القيادات الفكرية الوروبية بين دراستها للسلم وعمليات صحوته وبين‬
‫المركز الستعماري الذي اكتسبته بلده حديثاً‪.‬‬

‫رؤية أصحاب التجاه الصلي الحركي في مصر لسباب الحياء‬


‫السلمي‪:‬‬

‫من واقع مخطوط لم يقدر له النشر بعد ‪ .‬وهو يرجع عملية الحياء‬
‫السلمي إلى أربعة عوامل نلخصها في التي‪:‬‬

‫العامل الول ‪:‬‬

‫قدر الله الذي ل يتغير ول يتبدل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن‬
‫دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على‬
‫الكافرين يجاهدون في سبيل الله ول يخافون لومة لئم ذلك فضل الله‬
‫يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}‪،‬‬

‫وقوله تعالى‪{ :‬هاأنتم هؤلء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من‬
‫يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن‬
‫تتولوا يستبدل قوما ً غيركم ثم ل يكونوا أمثالكم}‪ ،‬وقوله ص‪" :‬ولن يزال‬
‫أمر هذه المة مستقيما ً حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله"‪ ،‬وقوله‬
‫ص‪" :‬ل يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون"‬

‫العامل الثاني‪:‬‬

‫يتمثل في أن حركة الحياء السلمي تبدأ في أعماق الضمير ثم تحقق‬


‫نفسها في عالم الواقع ول يتم مقامها إل حين تتحقق في عالم الواقع‪.‬‬

‫وحين تستقر العقيدة السلمية في الضمير البشري استقرارا ً حقيقياً‬


‫فإنه يستحيل عليها أن تبقى ساكنة أو أن تظل مجرد شعور وجداني في‬
‫أعماق الضمير بل لبد وأن تندفع لتحقيق ذاتها في عالم الواقع‪ .‬فالسلم‬
‫بطبيعته منهج حي تتفاعل معه النفوس تفاعل ً إيجابيا ً وجاداً‪ ،‬وفي تفاعلها‬
‫هذا ل يمكن أن تبقى ساكنة كما ل يمكن أن تبقى كما كانت من قبل‬
‫انفعالها بهذا المنهج الرباني‪.‬‬

‫وفقا ً للرؤية السابقة تُرصد حركة الحياء على إنها تغيير سلوكي يتمثل‬
‫في مظاهر شتى أبرزها المناداة بتطبيق الشريعة السلمية والحكم بما‬
‫أنزل الله‪ ،‬ثم التمسك بالمظهر السلمي الخارجي كإطلق اللحى وارتداء‬
‫القميص مرورا ً بالتطبيق الجتماعي للسلم‪.‬‬

‫وهكذا فطبيعة السلم كمنهج شامل أول ً ثم كمنهج معبر عن الفطرة‬


‫النسانية ثانيا ً كان العامل الثاني من عوامل حركة الحياء السلمي‪.‬‬

‫العامل الثالث‪:‬‬

‫يعود إلى طبيعة المة ذاتها‪ .‬فالمة السلمية هي الجماعة التي تربطها‬
‫علقة أساسها الستجابة للمنهج القرآني الذي أرسله الله للناس عن طريق‬
‫رسوله والجهاد في سبيل تحقيق هذا المنهج في واقع الناس بما يجعلها‬
‫تستحق الخيرية على بقية المم‪.‬‬

‫إن هذا التعريف للمة السلمية يثير المعاني التية‪:‬‬

‫أول ً ‪ :‬الوحدة بين أعضاء هذه الجماعة‬

‫ثانيا ً ‪ :‬الوحدة بين أعضائها على أساس ديني (الستجابة للمنهج)‬

‫ثالثا ً ‪ :‬الساس الذي تقوم عليه هذه الوحدة يفرض التمييز الذي يعني‬
‫الستغلل أو الخيرية من منطلق النشاط في سبيل هذه الرابطة التي تؤلف‬
‫بين هذه الجماعة كقوله تعالى‪{ :‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون‬
‫بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}‬

‫المة السلمية بهذا المعنى تصبح مفهوما ً معنويا ً يتجاوز الزمان‬


‫والمكان فهو قائم رغم غياب الدولة‪ .‬فالمسلم يجد نفسه مشدودا ً لخيه‬
‫المسلم في أي بقعة من العالم حتى لو لم تكن الرض التي ينتمي إليها‪.‬‬

‫هذا المر‪ :‬أما المر الثاني وهو الهم أن المة آمرة بالمعروف ناهية‬
‫عن المنكر‪ ،‬إن شئنا الدقة فتفسير ابن تيمية رحمه الله هو أن المة‬
‫المسلمة آمرة بكل معروف ناهية عن كل منكر‪ ،‬وهكذا علقتها بالمنهج على‬
‫المستوى الجماعي وبعيدا ً حتى عن الحكومة ذاتها ‪ -‬نجد أن المجتمع يلفظ‬
‫كل ما هو جاهلي؛ ومن ثم فالمسلم ل يمثل نفسه بل يمثل حضارة ودنيا‪.‬‬
‫وبهذا العتبار ل يحق لي أحد بدعوى الفردية أو الحياة الخاصة أو الحرية أن‬
‫يمارس سلوكا ً من شأنه أن يناقض من منهج القرآن ومنهج المجتمع‬
‫السلمي‪.‬‬

‫الحرية الشخصية تبخرت وأصبحنا جميعا ً كما ترون كالبنيان‬


‫المرصوص !! رغم وجود افتراض بديهي ووجودي أن الله قد خلقنا أفراداً‬
‫متميزين ومتفردين ‪ ..‬وأحرارا ً ‪000‬‬

‫العامل الرابع‪:‬‬

‫يرجع إلى حقيقة موضع النسان في التصور السلمي؛ ففي أكثر من‬
‫موضع واحد أعلن الله سبحانه تكريم النسان فقد قال تعالى‪{ :‬لقد كرمنا‬
‫بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على‬
‫كثير من خلقنا تفضيلً}‬
‫ومن علمات تكريمه أن أمر الله الملئكة بالسجود له كما جعله خليفة‬
‫له في الرض‪ ،‬وأيضا ً ابتله بالقدرة على الختيار من خلل أداة التكليف‬
‫وهي العقل‪ .‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا عرضنا المانة على السموات والرض‬
‫والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها النسان ‪ ،‬إنه كان ظلوماً‬
‫جهولً}‬

‫يمكن أن نضيف إلى السباب الصلية لحركة الحياء والتي تنبع من‬
‫طبيعة الدين السلمي أسبابا ً فرعية ترجع إلى طبيعة الواقع وتتمثل في‪:‬‬

‫‪ .3‬الفلس اليديولوجي الذي تعيشه البشرية اليوم والذي لم يحقق‬


‫للنسان استقراره النفسي‪.‬‬

‫‪ .4‬فشل الحضارة الغربية على المستوى القيمي‪.‬‬

‫‪ .5‬عجز النظمة السياسية التي تنتمي إلى العالم السلمي على‬


‫المستوى القتصادي؛ حيث تفاقمت المشاكل إلى حد أهلك حتى المرافق‬
‫الحيوية الحياتية والتي ل يمكن الحياة بدونها‪ .‬وعلى المستوى السياسي‬
‫فقد عجزت هذه النظمة عن حماية أراضيها أمام موجات الغزو الخارجية‬
‫والرضوخ للحلول الستسلمية والنهزامية‪.‬‬

‫رؤيتنا لسباب حركات الحياء والرفض السلمي ‪:‬‬

‫السبب الول‬

‫أن اكتشاف أسباب الحياء السلمي ‪ -‬كما عرفته السبعينات ‪ -‬يكمن‬


‫في تلك الكتابات التي تشكل مجتمعة إطارا ً مرجعيا ً وفكريا ً محكما ً وصلباً‬
‫لدى القائمين بالحياء السلمي في السبعينات‪ .‬وعليه فالشارة بشيء من‬
‫التفصيل إلى هذا الطار باتت ضرورية‪:‬‬

‫‪ .1‬فتاوي ابن تيمية بشأن التتار ‪:‬‬

‫في بداية فتواه يقول مخاطبا ً العلماء الذين ل يدعون للعنف الديني‬
‫وللجهاد (ما تقول السادة العلماء … في هؤلء التتار الذين يقدمون إلى‬
‫الشام مرة بعد مرة) ‪ " ..‬أي يغزون الشام غزوة بعد غزوة "‪ .‬وقد تكلموا‬
‫بالشهادتين وانتسبوا إلى السلم ولم يبقوا على الكفر الذي كانوا عليه في‬
‫أول المر‪ .‬فهل يجب قتالهم أم ل ؟؟ نعم‪ ،‬يجب قتال هؤلء بكتاب الله‬
‫وسنة رسوله واتفاق أئمة المسلمين وهذا مبني على أصلين‪ :‬أحدهما‬
‫المعرفة بحالهم‪ ،‬والثاني معرفة حكم الله فيهم ‪.‬‬

‫‪ .2‬كتابات أبي العلى المودودي وسيد قطب ‪:‬‬

‫كان لرؤية المفكر السلمي أبي العلى المودودي تأثيرها الفعال في‬
‫بلورة فكر الجهاد و"التمايز" الفلسفي والسياسي الذي ميز الحركة‬
‫السلمية في أغلب بلدان العالم السلمي‪ .‬أتى تأثير المودودي في طرحه‬
‫رؤية ذات أربعة مستويات مثلت النموذج الذي احتذاه وقالت به تنظيمات‬
‫الحياء السلمي في السبعينات‪.‬‬

‫هذه المستويات هي ‪:‬‬

‫‪ .1‬حاكمية الله في مواجهة حاكمية البشر‬

‫‪ .2‬ألوهية الله في مواجهة ألوهية البشر‬

‫‪ .3‬ربانية الله في مقابل العبودية لغيره من البشر‬

‫‪ .4‬وحدانية الله في مقابل العتماد على أي آخر في تيسير أمور الحياة‬

‫‪ .1‬التأثير الفكري لية الله الخميني على فكر تنظيمات الحياء السلمي‪:‬‬

‫يتمثل هذا التأثير فيما أعلنه المام آية الله الخميني في كتاباته العديدة‪،‬‬
‫وبالخص تلك التي قال فيها بضرورة الثورة السياسية وبالمقاومة على‬
‫المدى الطويل‪ ،‬وبحتمية تدمير الحكومات الجائرة‪.‬‬

‫إن أعضاء تنظيمات الحياء السلمي‪ ،‬وبالخص التنظيمات التي عرفت على‬
‫امتداد الساحة السلمية في السبعينات "بالجهاد"‪ ،‬قد تأثروا وقبلوا هذه‬
‫الفكار على علتها دون تمحيص أو مناقشات مذهبية وفكرية‪.‬‬

‫السبب الثاني‪:‬‬

‫أن الحياء يعود بالساس إلى السلم ذاته كدين وكمنهج شامل للحياة‬
‫وسط علم معاصر تتقاسمه أيديولوجيات عديدة بشرية محققة في أغلبها‬
‫حيث السلم تكمن بداخله عوامل إحيائية متجددة وهي لم تمت على‬
‫الطلق‪.‬‬

‫أما السبب الثالث‪:‬‬

‫فيرجعه الباحث إلى استشراء عوامل الفساد الجتماعي والسياسي داخل‬


‫القيادة الحاكمة والنخبة السياسية والقتصادية المسيطرة في بلدان العالم‬
‫السلمي مما يؤدي بالضرورة إلى تخلف مجمل جوانب عملية التنمية في‬
‫تلك البلد وإخفاق برامجها‪.‬‬

‫باقي هذا الكتاب في ملفات بعنوان‬


‫‪ rtf.‬جماعة الخوان المسلمين‬

You might also like