You are on page 1of 1

‫بحـــــر خـــــــاص جــــــــــدا‬

‫الليل يلملم ثيابه إيذانا منه بالرحيل ‪ ,‬والنسيم يجري يداعب الشجار فتدمع أوراقها بقطرات الندى‬
‫فتنسال على الرض لهيبا !‬
‫أسير وحدي وسط الدروب الصاعدة الهابطة والسماء فوقي تكتسي بلون فضي ذو بقع رصاصية‬
‫وكأنها تتوعد الرض بالمطر ‪.‬‬
‫وصلت إلى شاطيء البحر بعد أن أجهدني السير وقفت بالشاطيء ‪ ,‬كان البحر ساكنا دليل على‬
‫سحق أغواره ‪ ,‬فوقي تعجز الشمس عن السطوع ‪ ,‬فهي غير قادرة على مواجهتي ‪ ,‬فكيف تبتسم ؟‬
‫كيف ! ونهر الحزن يجري بين يدي !!‬
‫*‬ ‫*‬
‫*‬
‫مللت من الوقوف بالشاطيء فنزعت من قلبي قارب الحنين ونشرته في بحر الشوق ! عجبا ‪ ..‬لم‬
‫أرى بحياتي قط قاربا ذو شراع اسود ‪.‬‬
‫ركبت القارب " فاتخذ سبيله في البحر سربا " اضطجعت وركنت رأسي إلى يدي ‪ ,‬اتجهت‬
‫ببصري إلى ما ل نهاية واجتررت الماضي فحانت مني ابتسامة وندت عني تنهيدة عميقة أتت من‬
‫صدر عميق الغوار فغدت ذات صوت وصدى اضطرب له البحر وهاجت منه الريح ‪ ,‬الموج‬
‫يتلطم في صدري ‪ ,‬والقارب يعلو ويهبط ‪ ,‬ألمس السماء ‪ ,‬يغمرني الماء ‪ ,‬وجاءت موجة شديدة‬
‫علت بالقارب فخفق قلبي بشدة هنالك ! ظننت أن ل من مفر وحتما حتما أني غريق ‪.‬‬
‫ولكنها أخذته بعيدا إلى مكان هاديء ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬
‫*‬
‫نظرت إلى المدى فرأيت السماء تعانق الرض ‪ ,‬مددت يدي للفق فانتزعت منه قوس قزح‬
‫ووضعت فيه قلبي وغلفته به كأجمل هدية ‪.‬‬
‫نظرت إلى الشراع السود فوجدته قد تمزق ! فأخذت أجدف وأجدف حتى وصلت إلى اليابسة ‪,‬‬
‫وكان النهار يستعد لرتداء ثياب النوم والرض تكتسي بلون برتقالي ورأيت ظلها ممددا على‬
‫الرض ‪ ..‬يا لها من لوحة جميلة تسر الناظرين !‬
‫قدمت هديتي إليها بينما هي كانت تمد يدها لتأخذها غابت الشمس ‪ ,‬و اختفى قوس قزح ومعه‬
‫قلبي ‪ ,‬تسمرت قدماي وفغر فاهي !‬
‫أيقظني من دهشتي رذاذ وصوت رعد وبرق ‪.‬‬
‫بصرت فوجدت قارب الحنين في بحر أشواقي – بحر ألمي – وقد انتشر فيه مرة أخرى شراع‬
‫اسود !‬
‫‪-‬تمت –‬
‫‪-‬السنبلوين في ‪05/10/1993‬‬

You might also like