You are on page 1of 15

‫بسم اللـه الرحمن الرحيم‬

‫تابع الحساب‬

‫إن المد ل نمده ونستغفره ونستهديه ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من‬
‫يهده اللـه فل مضل له ومن يضلل فل هادى له ‪.‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل اللـه وحده لشريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪.‬‬
‫{ يَاأَّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اّتقُوا اللـه حَقّ ُتقَاِتهِ وَلَا تَمُوتُنّ إِلّا َوأَنُْتمْ ُمسْلِمُونَ } ‪ [ .‬آل عمران ‪-‬‬
‫‪. ] 102‬‬
‫{ يَاأَّيهَا النّاسُ اّتقُوا َربّكُمُ الّذِي خَ َل َقكُمْ مِنْ َنفْسٍ وَاحِدَةٍ َوخَلَقَ مِ ْنهَا زَ ْو َجهَا وَبَثّ مِ ْن ُهمَا ِرجَالًا‬
‫َكثِيًا وَنِسَاءً وَاّتقُوا اللـه الّذِي تَسَا َءلُونَ ِبهِ وَالْأَرْحَامَ إِنّ اللـه كَانَ عَلَ ْيكُمْ َرقِيبًا } ‪ [ .‬النساء ‪] 1-‬‬
‫‪.‬‬
‫ح َلكُـمْ أَعْمَـالَكُمْ‬
‫صلِ ْ‬
‫{ يَاأَّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اّتقُوا اللـه وَقُولُـوا قَ ْولًا سَدِيدًا (‪ )70‬يُ ْ‬
‫وََي ْغفِــرْ َلكُـمْ ُذنُوَبكُـمْ َومَـنْ يُطِـعِ اللـه وَرَسُولَـهُ َفقَــدْ فَـا َز فَوْزًا عَظِيمًا } ‪.‬‬
‫[ الحزاب ‪. ] 71 ، 70-‬‬
‫أما بعـــد ‪...‬‬
‫فإن أصدق الديث كتاب اللـه وخي الدى هدى ممد وشر المور مدثاتا وكل مدثة بدعة‬
‫وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف النار ‪.‬‬
‫أحبت ف اللـه ‪:‬‬
‫نن اليوم بتوفيق اللـه جل وعل على موعد مع اللقاء الامس عشر من لقاءات هذه السلسلة‬
‫النهجية الباركة ‪.‬‬
‫أخى البيب ‪ :‬تذكر معى أننا قد توقفنا ف اللقاءين الاضيي على التوال مع قواعد العدل الت‬
‫ياسب اللـه جل وعل عباده با يوم القيامة ‪ ،‬ث تعرفنا على أول أمة ياسبها اللـه جل وعل ‪ ،‬وعلى‬
‫أول من يقضى اللـه بينهم يوم القيامة ‪ ،‬وعلى أول ما سيحاسب وما يسأل عنه العبد بي يدى الرب‬
‫جل وعل ‪ ،‬ونن اليوم بإذن اللـه تعال ل زلنا مع الناس ف ساحة الساب بي يدى اللـه سبحانه‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)10‬‬

‫وتعال ‪ ،‬فإن اللـه عز وجل يسأل العبد بعد الصلة عن أربع ‪:‬‬
‫عن عمره فيما أفناه ؟! وعن علمه ماذا عمل فيه ؟! وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟! وعن‬
‫جسمه فيما أبله ؟! هذه الربع هى موضوع لقاءنا مع حضراتكم ف هذا اليوم الكري البارك ‪.‬‬
‫أحبت الكرام ‪ :‬أعيون القلوب والساع فإن الوضوع من الهية بكان واللـه أسأل أن يسترنا‬
‫فوق الرض وتت الرض ويوم العرض ‪.‬‬
‫ول شك أن اللـه عز وجل سيسأل العبد ف ساحة الساب عن كل ما قدم ف هذه الياة ‪.‬‬
‫قال اللـه سبحانه ‪ { :‬فَ َمنْ َيعْمَلْ مِ ْثقَالَ ذَ ّرةٍ َخ ْيرًا َي َرهُ(‪َ )7‬ومَنْ َيعْمَلْ ِم ْثقَالَ ذَ ّر ٍة َشرّا َي َرهُ }‬
‫[ الزلزلة ‪. ] 7،8 :‬‬
‫وقال جل وعل ‪{ :‬فَوَ َربّكَ لََنسْأَلَنّهُ ْم َأجْ َم ِعيَ(‪َ )92‬عمّا كَانُوا َيعْمَلُونَ} [ الجر ‪. ] 92،93 :‬‬
‫ذكرك اللـه إياهـــــــــا‬ ‫فكم من معصية قد كنــت نسيتها‬
‫أظهرها ال لــــك وأبـداهـا‬ ‫وكم من مصيبة قـد كنـت أخفيتها‬
‫ولكن النب قد ذكر أن اللـه سبحانه سيسأل العبد بعد الصلة عن أربع كما ف الديث‬
‫الصحيح الذى رواه الترمذى والطبان ف معجمه والصغي ‪ ،‬والطيب ف التاريخ ‪ ،‬وصححه شيخنا‬
‫اللبان ف السلسلة الصحيحة وصحيح الامع من حديث عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه أن‬
‫النب قال ‪ (( :‬ل تزول قدما عبد يوم القيامة حت يسأل عن أربع ‪ :‬عن عمره فيما أفناه ؟ وعن‬
‫علمه ما عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيما أبله ؟ )) (‪. )1‬‬

‫أول ً ‪:‬السؤال عن العمر‬

‫أحبت ف اللـه ‪:‬‬


‫العمر هو البضاعة ‪ ،‬ورأس الال فمن ضاعت بضاعته ‪ ،‬وانتهى رأس ماله دون أن يقق الربح فهو‬
‫من الاسرين ‪.‬‬
‫هل حسبت أن هذا العمر ‪ ،‬وهذه اليام ‪ ،‬وهذه الشهور وهذه السنوات ‪ ،‬الت هى عمرك ‪ ،‬والت‬
‫تضى منك ‪ ،‬وأنت ل تشعر ‪ ،‬هل حسبت أن اللـه لن يسألك عنها ؟!!‬

‫‪ )(1‬رواه الترمذى رقم (‪ ، )2419‬فى صفة القيامة ‪ ،‬باب رقم (‪ ، )1‬وقال ‪ :‬حسن صحيح ‪ ،‬وصححه شيخنا اللبانى فى‬
‫الصحيحة رقم (‪ ، )946‬وهو فى صحيح الجامع رقم (‪. )7299‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)11‬‬

‫سبْتُمْ أَنّمَا خَ َل ْقنَاكُمْ َعَبثًا َوأَّنكُ ْم ِإلَ ْينَا لَا ُت ْر َجعُونَ(‪َ )115‬فَتعَالَى ال ّلهُ الْ َملِكُ‬
‫حِ‬‫قال اللـه تعال ‪َ { :‬أفَ َ‬
‫[ الؤمنون ‪. ] 116 - 115 :‬‬ ‫ب اْل َعرْشِ اْل َك ِريِ}‬
‫اْلحَ ّق لَا إَِلهَ إِلّا هُوَ رَ ّ‬
‫ب الِْإنْسَانُ أَنْ يُ ْترَكَ سُدًى(‪َ)36‬ألَمْ يَكُ ُن ْط َفةً ِمنْ َمِنيّ يُ ْمنَى(‪)37‬ثُمّ كَانَ‬
‫حسَ ُ‬
‫وقال سبحانه ‪َ { :‬أيَ ْ‬
‫ك ِبقَادِرٍ َعلَى َأنْ ُيحِْييَ‬
‫جعَلَ مِ ْنهُ ال ّزوْ َجيْنِ الذّ َكرَ وَالْأُْنثَى(‪َ)39‬ألَيْسَ َذلِ َ‬
‫َع َل َقةً َفخَلَقَ فَسَوّى(‪)38‬فَ َ‬
‫الْمَ ْوتَى }‬
‫[ القيامة ‪] 36،40 :‬‬
‫أليس ذلك بقادر على أن يبعثهم للوقوف بي يديه للسؤال عما قدموه وعما فعلوه ‪ ..‬للسؤال عن‬
‫القليل ‪ ،‬والكثي ‪ ،‬صغي أو كبي ‪ ،‬حقي أو عظيم !!‬
‫أيها السلم اليام تر والشهر ترى وراءها تسحب معها السني ‪ ،‬وتر خلفها العمار وتطوى‬
‫حياة جيل بعد جيل وبعدها سيقف الميع بي يدى اللك الليل ‪.‬‬
‫العمر يول ستسأل عن كل ساعة ‪ ،‬عن كل يوم ‪ ،‬عن كل أسبوع ‪ ،‬عن كل سنة ‪ ،‬عن عمرك كله‬
‫فيما أفنيته ‪.‬‬
‫قال السن البصرى رحه اللـه تعال ‪ " :‬يا ابن آدم إنا أنت أيام مموعة فإن مضى يوم مضى‬
‫بعضك وإن مضى بعضك مضى كلك " ‪.‬‬
‫ولذا كان السن رحه اللـه يقول ‪ " :‬ما من يوم تطلع فيه الشمس إل وينادى بلسان الال ويقول‬
‫يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمن فإن ل أعود إل يوم القيامة ‪.‬‬
‫وكان عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه يقول ‪ " :‬واللـه ما ندمت على شئ كندمى على يوم‬
‫طلعت شسه نقص فيه أجلى ول يزد فيه عملى "‪.‬‬
‫العمر هو البضاعة القيقة ‪ ،‬وواللـه ما منحنا هذه البضاعة الكرية للهو واللعب واللزات‬
‫والشهوات ‪ ،‬واللـه ما للهو خلقنا بل خلقنا لغاية كرية ولغاية عظيمة ‪.‬‬
‫ج ّن وَالْإِنْسَ ِإلّا ِلَي ْعبُدُونِ } [ الذاريات ‪. ] 56 :‬‬
‫ت الْ ِ‬
‫قال جل وعل ‪َ { :‬ومَا خَ َل ْق ُ‬
‫هذه هى الغاية الت خلق اللـه لا اللق ‪ ،‬واللـه ما خلقنا اللـه لنضيع العمار أمام السلسلت ‪،‬‬
‫وأمام الباريات ‪ ،‬وأمام الفلم ‪ ،‬وأمام هذا العبث واللـهو الذى تول ف حياة هذه المة السكينة إل‬
‫جد ‪.‬‬
‫ومن أجل ما قيل ف قول اللـه تعال ف حق نب اللـه يي { وَأتينَاهُ الكْمَ صَبِيا }‬
‫[ مري ‪. ] 12 :‬‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)12‬‬

‫قال جهور الفسرين أى أتاه اللـه الكمة وهو طفل صغي فذهب إليه يوما بعض أترابه من‬
‫زملئه قبل أن يوحى اللـه إليه بالنبوة فقالوا ‪ :‬يا يي هيا بنا لنلعب ! فقال يي ‪ :‬واللـه ما للعب‬
‫خلقنا واللـه ما للهو والعبث خلقنا ‪.‬‬
‫واللـه ما خلقنا لنضيع العمار ‪ ،‬فإن ُجلّ المة الن يقضى ُجلّ الليل أمام التلفاز ول حول ول قوة‬
‫إل باللـه العلى العظيم ‪.‬‬
‫يا من يضى عمرك وأنت ل تدرى ‪ ..‬اعلم بأنك ستسأل عن هذه الساعات‪ ..‬ستسأل عن هذا‬
‫العمر‪..‬‬
‫وتذكر يا من يضى عمرك وأنت ف غفلة أن الدنيا مهما طالت فهى قصية ‪ ،‬ومهما عظمت فهى‬
‫حقية وأن الليل مهما طال لبد من طلوع الفجر ‪ ،‬وأن العمر مهما طال لبد من دخول القب ‪ ،‬تذكر‬
‫وصية البيب لعبد اللـه بن عمر كما ف صحيح البخارى أنه أخذ بنكب عبد اللـه بن عمر‬
‫وقال يا عبد اللـه‪ ((:‬كن ف الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ))(‪. )1‬‬
‫ما أحوجنا ورب الكعبة لذه الكلمات ‪ ،‬ونن نعيش الن عصرا طغى فيه حب الشهوات وحب‬
‫اللزات وحب الدنيا ‪ ،‬فإن كثيا من الناس يُذَكّر بقول اللـه فل يتذكر !! ‪ ،‬ويُذَكّر بديث رسول‬
‫اللـه فل يتحرك قلبه وكأن القلوب تولت إل حجارة !!‬
‫حجَا َرةِ أَوْ َأشَدّ قَسْ َوةً َوإِنّ مِنَ‬
‫قال اللـه تعال ‪ { :‬ثُ ّم َقسَتْ ُقلُوبُكُمْ ِمنْ َبعْدِ َذلِكَ َف ِهيَ كَالْ ِ‬
‫خرُجُ ِم ْنهُ الْمَاءُ وَإِنّ ِم ْنهَا لَمَا َي ْهِبطُ مِنْ خَشَْيةِ‬
‫شقّقُ فََي ْ‬
‫اْلحِجَارَةِ لَمَا يََت َفجّرُ مِ ْنهُ الْأَْنهَارُ وَِإنّ مِ ْنهَا لَمَا يَ ّ‬
‫اللّهِ } [ البقرة ‪] 74 :‬‬
‫شَيةِ ال ّلهِ‬
‫وقال اللـه تعال ‪ { :‬لَوْ أَْن َزْلنَا هَذَا اْل ُقرْءَانَ عَلَى َجبَلٍ َل َرأَْيَتهُ خَا ِشعًا مُتَصَدّعًا ِمنْ خَ ْ‬
‫[ الشر ‪. ] 21 :‬‬ ‫ض ِرُبهَا لِلنّاسِ َلعَلّهُمْ َيَت َف ّكرُونَ }‬
‫ك الَْأ ْمثَالُ نَ ْ‬
‫وَِتلْ َ‬
‫اللـهم ارزقنا التفكي ف آلئك ونعمك برحتك يا أرحم الراحي ‪.‬‬
‫وكان ابن عمر يقول ‪ " :‬إذا أمسيت فل تنتظر الصباح ‪ ،‬وإذا أصبحت فل تنتظر الساء " ‪.‬‬
‫قيل لبراهيم بن أدهم طيب اللـه ثراه ‪ ،‬يا إبراهيم ‪ :‬كيف وجدت الزهد ف الدنيا ؟!‬
‫فقال إبراهيم ‪ :‬بثلثة أشياء ‪ ،‬قيل ‪ :‬وما هى ؟!‬
‫قال إبراهيم ‪ :‬رأيت القب موحشا وليس معى مؤنس ‪ ،‬ورأيت الطريق طويلً وليس معى زاد ‪،‬‬

‫‪ ،‬والترمذى رقم (‪، )2334‬‬ ‫))‬ ‫كن فى الدنيا كأنك غريب‬ ‫((‬ ‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم (‪ ، )11/192‬فى الرقاق ‪ ،‬باب قول النبى‬
‫فى الزهد ‪ ،‬باب ما جاء فى قصر المل ‪.‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)13‬‬

‫ورأيت جبار السموات والرض قاضيا وليس معى من يدافع عن ‪.‬‬


‫أيها الحبة الكرام ‪ :‬الدنيا كلها إل زوال والعمر كله إل فناء ‪ ،‬ويوم أن نام السلطان الفاتح ممد‬
‫بن ملك شاه على فراش الوت ‪ ،‬وكان من السلطي الثرياء الغنياء قال ‪ :‬اعرضوا عََلىّ كل ما أملك‬
‫من الوارى والغلمان ‪ ،‬والنساء ‪ ،‬والموال ‪ ،‬والواهر بل ‪ ،‬وليخرج الند جيعا ‪ ،‬فخرج اليش عن‬
‫بَكْرَة أبيه ‪ ،‬فنظر السلطان إل هذا اللك العظيم وبكى وقال ‪ :‬واللـه لو قَِبلَ من ملك الوت كل هذا‬
‫لفتديت به !!‬
‫ث نظر إل جنوده وقال ‪ :‬أما هؤلء واللـه ل يستطيعوا أن يزيدوا ف عمرى ساعة ث أجهش‬
‫[ الاقة ‪.] 29 - 28 :‬‬ ‫بالبكاء وقال ‪ { :‬مَا أَ ْغنَى عَنّي مَاِلَيهْ(‪)28‬هَ َلكَ َعنّي سُ ْلطَانَِيهْ }‬
‫وهذا أخوه هارون الرشيد الذى كان ياطب السحابة ف كبد السماء ‪ ،‬ويقول لا ‪ :‬أيتها السحابة‬
‫ف أى مكان شئت أمطرى فسوف يمل إل خراجك إن شاء اللـه تعال ‪.‬‬
‫لا نام على فراش الوت بكى هارون وقال لخوانه ‪ :‬أريد أن أرى قبى الذى سأدفن فيه !!‬
‫فحملوه إل قبه ‪ ،‬فنظر هارون إل قبه وبكى ورفع رأسه إل السماء ‪ :‬وقال يا َمنْ ل يزول مُلكه‬
‫ارحم من زال ملكه ‪.‬‬
‫ب‬
‫واذكـر ذنوبك وابكها يا مذنــ ُ‬ ‫دع عنك ما قد فات فى زمـ‪ ،‬الصبا‬
‫بــل أثبتاه وأنـــت لهٍ تلعبُ‬ ‫لم ينسـه الملكـان حيـن نسيتـه‬
‫ستــــردها بالرغم منك وتُسلبُ‬ ‫والروح منك وديعة أودعتهــــا‬
‫ب‬
‫دارٌ حقيقتهـــــا متـاعٌ يذه ُ‬ ‫سعَــى لها‬
‫وغرور دنياك التـى َت ْ‬
‫أنفاسنا فيها ُتعَــــ ّد وتُحسَــبُ‬ ‫الليل فاعلم والنهـــار كلهمـا‬
‫حسِ ْبتُمْ َأنّمَا َخ َلقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَّنكُمْ إَِليْنَا لَا ُت ْر َجعُونَ(‪)115‬فََتعَالَى اللّ ُه الْمَ ِلكُ اْلحَقّ لَا ِإَلهَ إِلّا‬
‫{ أَ َف َ‬
‫[ الؤمنون ‪]115،116 :‬‬ ‫هُوَ رَبّ اْل َع ْرشِ اْل َكرِيِ}‬
‫أخى الكري ‪:‬‬
‫لن تتحرك قدمك يوم القيامة حت تسأل عن عمرك ‪.‬‬
‫انتبه يا من تغافلت عن هذه البضاعة ورأس الال القيقى الذى تلكه أل وهو عمرك ‪ ،‬واعلم يقينا‬
‫أن كل يوم ير عليك يبعدك عن الدنيا يوما ويقربك من الخرة يوما ‪.‬‬
‫قال لقمان الكيم لولده ‪ :‬أى ُبنَ ّى إنك من يوم أن نزلت إل الدنيا استدبرت الدنيا واستقبلت‬
‫الخرة فأنت إل دار تقبل عليها أقرب من دار تبتعد عنها ‪.‬‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)14‬‬

‫ولقى الفضيل بن عياض رجلً فقال الفضيل ‪ :‬كم عمرك ؟!‬


‫قال الرجل ‪ :‬ستون سنة ‪ ،‬قال الفضيل ‪ :‬إذا أنت منذ ستي سنة تسي إل اللـه يوشك أن تصل ‪.‬‬
‫فقال الرجل ‪ :‬إنا ل وإنا إليه راجعون ‪.‬‬
‫قال الفضيل ‪ :‬هل عرفت معناها ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم عرفت أن ل عبد وأن إل اللـه راجع ‪.‬‬
‫قال الفضيل ‪ :‬يا أخى من عرف أنه ل عبد وأنه إليه راجع ‪ ،‬عرف أنه موقوف بي يديه ومن عرف‬
‫أنه موقوف عرف أنه مسئول ‪ ،‬ومن عرف أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا ‪.‬‬
‫فبكى الرجل وقال ‪ :‬يا فضيل وما اليلة ؟! قال الفضيل ‪ :‬يسية ‪ ،‬قال ‪ :‬ما هى يرحك اللـه ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬أن تتقى اللـه فيما بقى من عمرك يغفر اللـه لك ما قد مضى ‪ ،‬وما قد بقى من عمرك ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬عن علمه ماذا عمل به ؟!‬

‫اعلم يقينا أنك ستسأل عن كل كلمة استمعت إليها ف خطبة جعة ‪ ،‬أو ماضرة أو قرأتا ف‬
‫كتاب ‪ ،‬ستسأل عن علمك الذى تعلمت ‪ ،‬ماذا عملت به ؟؟ تُرى منذ مت ونن نسمع عن اللـه ؟!‬
‫تُرى منذ مت ونن نسمع عن رسول اللـه ؟! ومع ذلك سترى البون شاسعا بي القول والعمل ‪،‬‬
‫سترى فجوة خطية بي القول ‪ ،‬والعمل ‪ ،‬وهذه الفجوة سبب من أسباب النفاق ‪ ،‬قال تعال ‪ { :‬يَاَأّيهَا‬
‫[ الصف ‪:‬‬ ‫الّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ َتقُولُونَ مَا لَا َت ْفعَلُونَ(‪)2‬كَُبرَ َم ْقتًا ِعنْدَ ال ّلهِ أَنْ َتقُولُوا مَا لَا َت ْف َعلُونَ }‬
‫‪. ] 2،3‬‬
‫سكُمْ َوأَْنتُمْ تَ ْتلُونَ الْ ِكتَابَ َأفَلَا َت ْع ِقلُونَ }‬
‫وقال جل وعل ‪ { :‬أَتَ ْأ ُمرُو َن النّاسَ بِاْلِبرّ َوتَ ْنسَوْنَ أَْنفُ َ‬
‫[ البقرة ‪. ] 44 :‬‬
‫أسأل اللـه أن يرزقنا الصدق ‪ ،‬والخلص ف القول ‪ ،‬والعمل ‪.‬‬
‫أيها الحبة الكرام ‪ :‬العلم أغلى ما يطلب ف هذه الياة بل شك ‪ ،‬ول نزاع فل سبيل إل معرفة‬
‫اللـه ‪ ،‬ول سبيل إل الوصول إل رضوان اللـه ف الدنيا والخرة إل بالعلم الشرعى ‪ ،‬العلم يبذل له‬
‫الال ‪ ،‬العلم يبذل له العمر ‪ ،‬العلم يبذل له الوقت كله ‪ ،‬فإن أغلى ما يضحى له هو العلم ‪ ،‬ول يأمر‬
‫اللـه نبيه بطلب الزيادة من شئ إل من العلم ‪ ،‬كما قال تعال آمرا نبيه الصطفى ‪ { :‬وَقُلْ َربّ‬
‫ِز ْدنِي عِ ْلمًا } [ طه ‪. ]114 :‬‬
‫خشَى اللّهَ مِنْ عِبَا ِد ِه اْلعُ َلمَاءُ } [ فاطر ‪] 28 :‬‬
‫ث قال { ِإنّمَا يَ ْ‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)15‬‬

‫ث قال تعال ‪َ { :‬ي ْرفَعِ ال ّلهُ الّذِينَ ءَامَنُوا ِم ْنكُ ْم وَالّذِينَ أُوتُوا اْلعِلْمَ دَ َرجَاتٍ}‬
‫[ الجادلة ‪. ] 11 :‬‬
‫سطِ لَا إَِلهَ إِلّا هُوَ‬
‫ث قال سبحانه‪َ { :‬شهِ َد ال ّلهُ أَّنهُ لَا ِإَل َه ِإلّا هُوَ وَالْ َملَاِئ َك ُة وَأُولُو اْلعِلْمِ قَائِمًا بِاْلقِ ْ‬
‫حكِيمُ } [ آل عمران ‪. ] 18 :‬‬
‫اْل َعزِيزُ اْل َ‬
‫وف الصحيحي من حديث عبد اللـه بن عمر أن النب قال ‪ (( :‬إن اللـه ل يقبض العلم‬
‫انتزاعا – قال ابن حجر ف الفتح ‪ :‬أى موا من الصدور‪ -‬ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبض العلم‬
‫بقبض العلماء حت إذا ل يبق عالا اتذ الناس رؤوسا جهالً – وف لفظ رؤساء جهال ‪ -‬فسئلوا‬
‫فأفتوا بغي علم فَضَلّوا وأَضَلّوا ))(‪. )1‬‬
‫وف الصحيحي أن النب قال ‪ (( :‬من يرد اللـه به خيا يفقه ف الدين ))(‪.)2‬‬
‫ل واحدا خيُ لك من حر‬
‫وف الصحيحي أن النب قال لعلى ‪ (( :‬لن يهدى اللـه بك رج ً‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)3‬‬
‫))‬ ‫النعم‬
‫وف الديث الذى رواه أبو داود والترمزى وابن ماجه وغيهم وحسنه شيخنا اللبان بشواهده من‬
‫حديث أب الدرداء رضى اللـه عنه أن النب قال ‪ (( :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل اللـه‬
‫له به طريقا إل النة‪ ،‬وإن اللئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا با يصنع ‪ ،‬وإن العال ليستغفر‬
‫له كل من ف السموات والرض حت اليتان ف الاء ‪ ،‬وإن فضل العال على العابد كفضل القمر ليلة‬
‫البدر على سائر الكواكب ‪ ،‬وإن العلماء ورثة النبياء ‪ ،‬وإن النبياء ل يورثوا دينارا أو درها‪ ،‬وإنا‬
‫ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بظ وافر )) (‪. )4‬‬
‫من أتاه اللـه العلم أتاه الظ الوافر ‪ ،‬وأتاه الي كله ‪ ،‬فإن اللـه يعطى الدنيا من يب ‪ ،‬ومن ل‬
‫يب ‪ ،‬ولكن اللـه ل يعطى الدين إل لن يب ‪ ،‬ومن يرد اللـه به خيا يفقه ف الدين ‪ ،‬قال كما‬
‫ف صحيح مسلم وغيه ‪ (( :‬إذا مات النسان انقطع عمله إل من ثلثة ‪ :‬صدقة جارية أو علم ينتفع‬
‫‪ )(1‬رواه البخارى (‪ ، )1/174‬فى العلم ‪ ،‬باب كيف يقبض العلم ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )2673‬فى العلم ‪ ،‬باب رفع العلم وقبضه ‪،‬‬
‫والترمذى رقم (‪ ، )2654‬فى العلم ‪ ،‬باب ما جاء فى ذهاب العلم ‪.‬‬
‫‪ )(2‬رواه البخارى رقم (‪ ، )3116‬الجهاد ‪ ،‬باب قول ال تعالى { فإن ل خمسه وللرسول} ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )1027‬فى‬
‫المارة ‪ ،‬باب فضل الرمى ‪.‬‬
‫‪ ،‬باب مناقب على بن أبى طالب رضى ال عنه ‪ ،‬ومسلم رقم (‬ ‫‪ )(3‬رواه البخارى رقم (‪ )3701‬فى فضائل أصحاب النبى‬
‫‪ )2406‬فى فضائل الصحابة ‪ ،‬باب من فضائل على ابن أبى طالب ‪.‬‬
‫‪ )(4‬رواه أبو داود رقم (‪ ، )3641،3642‬فى العلم ‪ ،‬باب الحث على طلب العلم ‪ ،‬والترمذى رقم (‪ ، )2683،2684‬فى العلم ‪،‬‬
‫باب ما جاء فى فضل الفقه على العبادة ‪ ،‬وهو فى صحيح الجامع حديث رقم (‪. )6297‬‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)16‬‬

‫به أو ولد صال يدعو له )) (‪. )1‬‬


‫هذا العلم إن ل يرك قلبك وجوارحك للعمل ‪ ،‬ولشية اللـه وتقواه فل خي فيه ‪ ،‬ول بركة له ‪.‬‬
‫ما ثرة العلم إن ل يورثك العمل ؟! ما ثرة العلم إن ل يقر بنا من اللـه سبحانه وتعال ؟!‬
‫ما ثرة هذه الحاضرات والطب والكلمات الت تلع القلوب إن ل تعبد القلوب لرب الرض‬
‫والسموات ؟!‬
‫إن ل يورثنا هذا العلم خشية اللـه ‪ ..‬إذا ل يورثنا هذا العلم تقوى القلوب ‪.‬‬
‫إن ل يورثنا هذا العلم حُب السنة وبُغض البدعة فما ثرة هذا العلم ؟!‬
‫يقول المام الشاطب ف كتابه القيم الوافقات ‪:‬‬
‫" إن كل علم ل يفيد عمل ليس ف الشرع ما يدل على استحسانه "‬
‫سكُ ْم وََأنْتُ ْم َتتْلُونَ اْلكِتَابَ أَ َفلَا َت ْعقِلُونَ }‬
‫قال تعال ‪َ { :‬أتَ ْأ ُمرُونَ النّاسَ بِالِْب ّر وََتنْسَوْنَ َأْنفُ َ‬
‫[ البقرة ‪. ] 44 :‬‬
‫وف الصحيحي من حديث اسامة بن زيد ان النب قال ‪ (( :‬يؤتى بالرجل فيلقى ف النار فتندلق‬
‫أقتاب بطنه ( أى أمعاءه ) ‪ ،‬فيدور با كما يدور المار ف الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا‬
‫فلن مالك ؟ أل تكن تأمر بالعروف وتنهى عن النكر فيقول ‪ :‬بلى كنت أمر بالعروف‬
‫ول أتيه وأنى عن النكر وأتيه )) (‪. )2‬‬
‫لذا كان البيب الصطقى يستعيذ من علم ل ينفع كما ف صحيح مسلم وسنن الترمذى من‬
‫حديث زيد بن الرقم أن النب كان يقول ف دعاءه (( ‪ ...‬اللـهم إن أعوذ بك من علم ل ينفع‬
‫ومن قلب ل يشع ومن نفس ل تشبع ومن دعوة ل يستجاب لا )) (‪. )3‬‬
‫وقال أبو الدرداء رضى اللـه عنه ‪ " :‬إنن أخاف أن يقال ل يوم القيامة أعلمت أم جهلت ؟ فأقول‬
‫‪ :‬علمت فل تبقى أية آمرة أو زاجرة إل جاءتن تسألن فريضتها فتقول المرة ‪ :‬هل أترت ؟ وتقول الزاجرة‬

‫‪ )(1‬رواه مسلم رقم (‪ ، )1631‬فى الوصية فى باب ما يلحق النسان من الثواب بعد وفاته ‪ ،‬وأبو داود رقم (‪ ، )2880‬فى‬
‫الوصايا ‪ ،‬باب ما جاء فى الصدقة عن الميت ‪ ،‬والترمذى رقم (‪ )1376‬فى الحكام ‪ ،‬باب فى الوقف ‪ ،‬والنسائى (‪، )6/251‬‬
‫فى الوصايا ‪ ،‬باب فضل الصدقة عن الميت ‪.‬‬
‫‪ )(2‬رواه البخارى (‪ ، )6/238‬فى بدء الخلق ‪ ،‬باب صفة النار ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )2989‬فى الزهد ‪ ،‬باب عقوبة من يأمر‬
‫بالمعروف ول يفعله ‪.‬‬
‫‪ )(3‬رواه مسلم رقم (‪ ، )2722‬فى الذكر والدعاء ‪ ،‬باب التعوذ من شر ما عمل ‪ ،‬ورواه الترمذى رقم (‪ ، )3478‬فى الدعوات ‪،‬‬
‫باب رقم (‪ ، )69‬والنسائى (‪ ، )8/255‬فى الستعاذة ‪ ،‬باب الستعاذة من قلب ل يخشع ‪.‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)17‬‬

‫‪ :‬هل ازدجرت ؟ "‬


‫ليس العلم بكثرة الرواية ‪ ،‬ولكن العلم القيقى هو الذى يورثك خشية اللـه هو الذى يورثك‬
‫العمل ‪.‬‬
‫وكان على بن أب طالب يقول ‪ " :‬يا حلة العلم اعملوا به فإن العال من علم ث عمل ‪ ،‬ووافق علمه‬
‫عمله ‪ ،‬وسيأتى أقوام يملون العلم ل ياوز تراقيهم يالف علمهم عملهم ‪ ،‬وتالف سريرتم علنيتهم‬
‫يقعدون جلفاء يباهى بعضهم بعضا ‪ ،‬حت إن أحدهم ليغضب على جليسه إن تركه ‪ ،‬وجلس إل غيه ‪،‬‬
‫أولئك ل ترفع أعمالم تلك إل اللـه عز وجل "‪.‬‬
‫إن اللـه ل يقبل من العمال إل ما كان خالصا صوابا ‪ ،‬لذا قال مالك بن دينار ‪ " :‬إن العال إذا ل‬
‫يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا " ‪ ،‬اللـهم ارزقنا الصدق والخلص‬
‫ف القول والعلم ‪ ،‬وقال ابن السماك ‪:‬‬
‫كم من ُمذَكّر ل وهو ناس ل !!‬
‫خوّف من اللـه وهو جرئ على اللـه !!‬ ‫وكم من ُم َ‬
‫وكم من ُمقَرّب إل اللـه وهو بعيد عن اللـه !!‬
‫وكم من تال لكتاب اللـه وهو منسلخ عن آيات اللـه !!‬
‫فأنت ترى كما هائلً من الحاضرات ‪ ،‬والدروس ‪ ،‬وترى كما هائل من الراجع ‪ ،‬والجلدات ‪،‬‬
‫والكتب ‪ ،‬ومع ذلك ترى بونا شاسعا وفرقا كبيا بي هذا النهج النظرى وبي هذا الواقع العملى ‪.‬‬
‫إن هذه الفجوة تبذز بذور النفاق ف القلوب كما قال علم الغيوب ‪{ :‬يَاأَّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ‬
‫[ الصف ‪. ] 2،3 :‬‬ ‫َتقُولُونَ مَا لَا َت ْف َعلُونَ(‪)2‬كَُبرَ َم ْقتًا ِعنْدَ ال ّلهِ أَنْ َتقُولُوا مَا لَا َت ْف َعلُونَ }‬
‫ل تزول قدما عبد يوم القيامة حت يسأل عن عمله ماذا عمل به ؟!‬

‫ثالثا ً ‪ :‬عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟!‬

‫الال نعمة من أعظم النعم ‪ ،‬الال زينة الياة الدنيا مع الولد ‪.‬‬
‫حيَاةِ الدّْنيَا } [ الكهف ‪]46:‬‬
‫قال جل وعل { الْمَالُ وَاْلبَنُونَ زِيَن ُة الْ َ‬
‫ولحظ أن اللـه قدم ف هذه الية الال على الولد ‪ ،‬الال زينة ونعمة عظيمة ‪ ،‬ولكن ل يعرف‬
‫قدر هذه النعمة إل من عرف الغاية من الال ‪ ،‬فما أكرمها من نعمة إن حركتها أيدى الصالي ‪،‬‬
‫والشرفاء ‪.‬‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)18‬‬

‫الال نعمة ل يعرف قدرها إل صال تقى عرف الغاية من الال ‪ ،‬وعرف الوظيفة القيقية للمال ‪،‬‬
‫وعرف أن الال ظل زائل وعارية مسترجعة ‪.‬‬
‫الال نعمة من اللـه َمنّ با عليك ‪ ،‬وزينة َزّينَكَ اللـه با ‪.‬‬
‫ولكن انتبه سوف تُسأل عن هذا الال كله من أين اكتسبت ؟! وفيما أنفقت ؟! سؤالن يلن‬
‫القلب بالوف والوجل ويعلن العبد يسأل نفسه ألف مرة قبل أن يصل على هذا الال ‪.‬‬
‫يا من تتاجر ف الرام ‪ ،‬ف الخدرات لتحرق قلوب فلذة أكبادنا ول هم لك إل أن تمع الال ‪،‬‬
‫حاسب نفسك الن وقف مع نفسك موقف صدق ‪ ،‬من الن َطهّر مالك كله قبل أن تُسأل بي يدى‬
‫اللـه الذى يعلم السر وأخفى ‪ ،‬عن كل ما جعت من مال ؟ من أين لك هذا الال ؟ وفيما أنفقته ؟؟‬
‫فالال نعمة إذا حركته أيدى الصالي والشرفاء ‪ ،‬الال منحة لؤمن تقى عرف الغاية منه ‪ ،‬وعرف‬
‫الوظيفة لذا الال ‪ ،‬لذا يقول سيد الرجال كما ف الصحيحي ‪ (( :‬ل حسد إل ف اثنتي رجل أتاه‬
‫اللـه القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ‪ ،‬ورجل أعطاه اللـه مالً فهو ينفقه آناء الليل‬
‫وآناء النهار )) (‪. )1‬‬
‫وتدبر معى أخى الكري قول البيب والديث رواه أحد والترمذى وصححه شيخنا اللبان من‬
‫حديث أب كبشة المارى عنه قال ‪(( :‬ثلثة أقسم اللـه عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه ‪ :‬ما‬
‫نقص مال عبد من صدقة ‪ ،‬وما ظُلِمَ عبد مظلمةً فصب عليها إل زاده اللـه عز وجل با عزا ول‬
‫فتح عبد باب مسألةٍ إل فتح اللـه عليه باب فقر وأحدثكم حديثا فاحفظوه إنا هذه الدنيا لربعة‬
‫نفر ‪ :‬عبد رزقه اللـه مالً وعلما فهو يتقى ف ماله ربه ويصل به رحه ‪ ،‬ويعلم ل فيه حقا فهذا‬
‫بأفضل النازل ‪ ،‬وعبد رزقه اللـه علما ول يرزقه مالً ‪ ،‬فهو صادق النية ل يقول لو أن ل مالً‬
‫لعملت فيه بعمل فلن ‪ ،‬فهو بنيته فأجرها سواء ‪ ،‬وعبد رزقه اللـه مال ول يرزقه علما فهو يبط‬
‫ف ماله بغي علم ‪ ،‬ل يتقى فيه ربه ول يصل به رحه ‪ ،‬ول يعلم ل فيه حقا فهذا بأخبث النازل ‪،‬‬
‫وعبد ل يرزقه اللـه ما ًل ول علما فهو يقول لو أن ل مالً لعملت بعمل فلن ‪ ،‬فهو بنيته ووزرها‬
‫سواء )) (‪. )2‬‬
‫إن الال ل يصبح نعمة إل إذا كان ف يد صالة تعرف الغاية منه والال الذى سنتركه ليس مالً لنا‬
‫((‬ ‫وإنا هو مال ورثتنا كما ف صحيح البخارى من حديث ابن مسعود رضى اللـه عنه قال قال ‪:‬‬
‫‪ )(1‬رواه البخارى (‪ ، )9/65‬فى فضائل القرآن ‪ ،‬باب اعتباط أصحاب القرآن ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )815‬فى صلة المسافرين ‪،‬‬
‫باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ‪ ،‬والترمذى رقم (‪ ، )1937‬فى البر والصلة ‪ ،‬باب ما جاء فى الحسد ‪.‬‬
‫‪ )(2‬رواه مسلم رقم (‪ ، )2588‬فى البر والصلة ‪ ،‬ورواه الترمذى واللفظ له رقم (‪ ، )2326‬فى الزهد ‪ ،‬باب جاء أن مثل الدنيا‬
‫مثل أربعة نفر ‪ ،‬ورواه أيضا المام أحمد فى المسند (‪ ، )4/230،231‬وابن ماجة ‪ ،‬فى الزهد رقم (‪. )4228‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)19‬‬

‫أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله )) قالوا ‪ :‬يا رسول اللـه ما منا أحد إل وماله أحب إليه من ماله‬
‫وارثه ‪ ،‬قال ‪ (( :‬فإن ماله ما قدم ومال ورثته ما أخر )) (‪. )1‬‬
‫لذا يقول الصطقى كما ف صحيح مسلم من حديث اب هريرة رضى اللـه عنه ‪ (( :‬يقول العبد‬
‫‪ :‬مال مال ‪ ،‬وإنا له من ماله ثلث ‪ :‬ما أكل فأفن ‪ ،‬أو لبس فأبلى ‪ ،‬أو اعطى فأقن ‪ ،‬وما سوى‬
‫ذلك ‪ ،‬فهو ذاهب وتاركه للناس )) (‪. )2‬‬
‫ولذا ورد ف سنن الترمذى أن عائشة رضى اللـه عنها ذبت شاة وتصدقت با كلها إل الذراع‬
‫فقال النب ‪ (( :‬ما بقى من الشاة يا عائشة؟ )) قالت ‪ :‬ما بقى منها شئ إل الذراع ‪ ،‬فقال الصطفى‬
‫‪ (( :‬بقى كلها إل الذراع )) (‪. )3‬‬
‫إن الذى تصدقت به هو الذى سيبقى لك ف ميزان أعمالك يوم ل ينفع مال ول بنون إل من أتى‬
‫اللـه بقلب سليم ‪.‬‬
‫واسع لبيبك الصطفى وهو يقول كما ف صحيح مسلم من حديث اب هريرة قال ‪ (( :‬أيها‬
‫الناس إن اللـه طيب ل يقبل إل طيب وإن اللـه أمر الؤمني با أمر به الرسلي قال تعال ‪:‬‬
‫{ يَاأَّيهَا ال ّرسُلُ كُلُوا ِمنَ الطّيّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ِإنّي بِمَا َتعْمَلُونَ َعلِيمٌ } [ الؤمنون ‪]51 :‬‬
‫وقال تعال للمؤمني ‪ { :‬يَاَأّيهَا الّذِينَ ءَا َمنُوا ُكلُوا مِنْ طَيّبَاتِ مَا رَ َزقْنَاكُمْ }[ البقرة ‪، ] 172 :‬‬
‫ت وَاعْ َملُوا صَاِلحًا } [الؤمنون ‪ ، ] 51 :‬وقال ‪ { :‬يَاأَّيهَا‬
‫وقال ‪ { :‬يَاأَّيهَا ال ّرسُلُ ُكلُوا مِنَ الطّيّبَا ِ‬
‫الّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا ِمنْ َطيّبَاتِ مَا رَ َزقْنَاكُمْ} [ البقرة ‪ ، ] 172 :‬ث ذكر (( الرجل يطيل السفر أشعث‬
‫أغب يَمُدّ يديه إل السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام ‪ -‬وف رواية (وملبسه حرام )‬
‫‪ -‬وغُذِى بالرام فَأَنّى يُستَجَاب لذلك )) (‪. )4‬‬
‫أن يستجاب لن أكل الرام ‪ ،‬أن يستجاب لن شرب الرام أن يستجاب لن غذى أولده‬
‫بالرام ‪ ،‬إننا نرى الن تاونا مروعا ف الكل الطيب اللل فنرى الرجل ل هم له إل جع الال ‪ ،‬من‬
‫أى سبيل كان حت لو كان حرام حت لو كان من الربا حت لو كان من أموال الناس بالباطل الهم ان‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم (‪ ، )6442‬فى الرقاق ‪ ،‬باب ما قدم من ماله فهو له ‪ ،‬ورواه المام أحمد فى المسند رقم (‪. )3626‬‬
‫‪ )(2‬رواه مسلم رقم (‪ ، )2959‬فى الزهد ‪ ،‬باب الزهد ‪.‬‬
‫‪ )(3‬رواه الترمذى رقم (‪ ، )2472‬فى صفة القيامة ‪ ،‬باب رقم (‪ ، )34‬وقال ‪ :‬هذا حديث صحيح ‪.‬‬
‫‪ )(4‬رواه مسلم رقم (‪ ، )1015‬فى الزكاة ‪ ،‬باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها ‪ ،‬والترمذى رقم (‪ ، )2992‬فى‬
‫التفسير ‪ ،‬باب ومن سورة البقرة ‪.‬‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)20‬‬

‫يكتن الال ‪ ،‬ومع ذلك فواللـه لن يرج من الدنيا بدرهم أو دولر‬


‫والفقر خير مـن غنــا يطغيها‬ ‫النفس تجزع أن تكـــون فقيرة‬
‫فجميع ما فى الرض ل يكفيهـا‬ ‫وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت‬
‫ملكا لو لم تكن لك إل راحة البدن‬ ‫هــى القناعـة فالزمهــا تكن‬
‫هل راح منها بغير الطيب والكفن‬ ‫وانظـر لمن ملك الدنيا بأجمعهـا‬
‫ل تزول قدما عبد حت يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟‍‬

‫رابعا ً ‪:‬عن جسمه فيما أبله‬

‫صرَ وَاْلفُؤَادَ كُ ّل أُولَئِكَ كَانَ َع ْنهُ َمسْئُولًا}‬


‫قال تعال ‪ { :‬إِنّ السّمْعَ وَالْبَ َ‬
‫[ السراء ‪. ] 36 :‬‬
‫سيسأل الفؤاد والقلب عما وعاه من اعتقاد ‪ ،‬هل امتل القلب بب اللـه وبب رسول اللـه‬
‫والؤمني وامتل ف الوقت ذاته ببغض الشرك والشركي والباطل والبطلي ؟! سيسأل السمع عن كل ما‬
‫سع سيسأل البصر عن كل ما رأى ‪ ،‬فهل يا ترى ل يسأل العبد بي يدى الرب سبحانه إل عن هذه‬
‫الوارح فحسب ‪..‬؟ كل ‍ بل سيسأل النسان عن جسمه كله‪.‬‬
‫سيشهد هذا السم كله با قدم وبا صنع وبا فعل سيشهد السمع والبصر والفؤاء ستشهد الرجل‬
‫ش َه ُد َأ ْر ُجُل ُه ْم ِبمَا كَانُوا‬
‫خِت ُم َعلَى َأ ْفوَا ِه ِه ْم َوُت َكّل ُمنَا َأْيدِي ِه ْم َوَت ْ‬
‫واليد والوارح عامة قال تعال ‪ { :‬الْيَوْمَ َن ْ‬
‫سبُو َن }‬
‫َي ْك ِ‬
‫[ يس ‪. ] 65 :‬‬
‫ش ُر أَعْدَا ُء ال ّلهِ إِلَى النّا ِر َفهُمْ يُوزَعُونَ(‪)19‬حَتّى ِإذَا مَا جَاءُوهَا‬ ‫حَ‬ ‫وقال اللـه جل وعل { وَيَوْ َم ُي ْ‬
‫َشهِدَ عَلَ ْيهِمْ سَ ْم ُعهُمْ وََأبْصَارُهُ ْم وَ ُجلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا َيعْ َملُونَ(‪َ )20‬وقَالُوا ِلجُلُودِهِمْ لِمَ َشهِ ْدتُمْ َعلَيْنَا‬
‫قَالُوا َأنْ َط َقنَا اللّ ُه الّذِي َأنْطَقَ ُك ّل َشيْ ٍء وَهُوَ خَ َل َقكُمْ أَوّلَ مَ ّرةٍ َوإَِل ْيهِ ُت ْر َجعُونَ}‬
‫[ فصلت ‪. ]21 - 19 :‬‬
‫سيشهد عليك بدنك كله وسوف تسأل عن هذا البدن وعن هذا السم فيما أبليته ‪ ،‬هل أبليت‬
‫جسمك ف عمل الدنيا والخرة أم ف عمل الدنيا فحسب ؟‍‬
‫فل حرج أن يبلى النسان جسمه ف عمل الدنيا وف عمل الخرة‪ ,‬والطأ والرج أن يفن وأن يبلى‬
‫جسمه كله وحياته كلها ف عمل الدنيا ليضيع بذلك حق اللـه وعمل الخرة ‪ ،‬ياأخى ف اللـه تاجر‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)21‬‬

‫وعَمّر وابن واجع الال من اللل لكن ل تنسى حق الكبي التعال ل تنسى الخرة ‪ .‬اعمل لدنياك‬
‫كأنك تعيش أبدا واعمل لخرتك كأنك توت غدا ‪ ،‬فل حرج أن تمع بي المرين ‪ .‬قال الصطفى‬
‫(( اللـهم اصلح ل دين الذى هو عصمت أمرى وأصلح ل دنياى الت فيها معاشى )) (‪. )1‬‬
‫فل تعل عمرك جله للدنيا وتنسى الخرة ‪ ،‬ستتمن يوم القيامة الرجعة والعودة إل الدنيا ل لتعمل‬
‫ب أَعُو ُذ بِكَ مِ ْن هَ َمزَاتِ الشّيَا ِطيِ(‬
‫للدنيا مرة أخرى بل لتعمل للخرة ‪ ،‬قال تعال ‪َ { :‬وقُلْ رَ ّ‬
‫ضرُونِ(‪)98‬حَتّى ِإذَا جَا َء َأحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبّ ا ْر ِجعُونِ(‪َ)99‬ل َعلّي‬
‫‪)97‬وَأَعُوذُ بِكَ رَبّ أَنْ يَحْ ُ‬
‫أَعْمَلُ صَاِلحًا فِيمَا َترَكْتُ َكلّا إِّنهَا َك ِل َمةٌ هُوَ قَاِئ ُلهَا َومِنْ وَرَاِئهِمْ َبرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُ ْب َعثُونَ }‬
‫[ الؤمنون ‪. ] 100 - 97 :‬‬
‫كل ‪ ..‬فاعمل الن للدنيا وللخرة قبل أن تتمن الرجعة والعودة فيقال لك ‪ { :‬كَلّا ِإّنهَا كَلِ َمةٌ هُوَ‬
‫[ الؤمنون ‪. ] 100 :‬‬ ‫قَائِ ُلهَا }‬
‫ل يسمعها اللـه ول ييبها اللـه ‪ ،‬واعلم يقينا أنه واللـه لو أفنيت جسمك كله ليلً ونارا من أجل‬
‫الدنيا ونسيت عمل الخرة واللـه لن تصل من الدنيا إل ما قدره الرزاق لك ‪ ،‬تدبر هذا الديث‬
‫الميل الذى رواه الترمذى وغيه وصحح الديث الشيخ اللبان ف صحيح الامع أنه صلى اللـه عليه‬
‫وسلم قال ‪ (( :‬من كانت الخرة هه جعل اللـه غناه ف قلبه وجع عليه شله وأتته الدنيا وهى راغبة‬
‫‪ ،‬ومن كانت الدنيا هه جعل اللـه فقره بي عينيه وفرق عليه شله ول يأته من الدنيا إل ما قدر‬
‫اللـه له )) (‪. )2‬‬
‫أخى البيب سل نفسك الن فيما أبليت جسمك ف عمل الدنيا والخرة أم ف عمل الدنيا ‍؟‬
‫هل أبليت جسمك ف طاعة اللـه ورسوله أم ف معصية اللـه ورسوله؟‬
‫سل نفسك الن فيما مضى من عمرك هل َسخّرت جسمك ف طاعة اللـه ورسوله أم سخرته ف‬
‫معصية اللـه ورسوله ؟‬
‫هل أعطاك اللـه نعمة هذا السم لنعصى اللـه با أم لتطيع اللـه با ؟‬
‫واعلم يقينا أن العصية سبب لكل شقاء وضنك وبلء ف الدنيا والخرة والطاعة سبب لكل فلح‬
‫وفوز وخي ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫قال ابن عباس ‪ " :‬إن للطاعة نورا ف الوجه ونورا ف القلب وسعة ف الرزق وقوة ف البدن ومبة ف‬
‫قلوب اللق ‪ ،‬وإن للمعصية سواد ف الوجه وظلمة ف القلب وضيق ف الرزق وضعف ف البدن وبغضا‬
‫‪ )(1‬رواه مسلم رقم (‪ )2721‬فى الذكر ‪ ،‬باب التعوذ من شر ما عمل ‪ ،‬وهو فى صحيح الجامع رقم (‪. )1263‬‬
‫‪ )(2‬صححه شيخنا اللبانى فى الصحيحة رقم (‪ )949‬وقال أخرجه الترمذى (‪. )2/76‬‬
‫خطب الشيخ ‪ /‬محمد ح سان‬ ‫(‪)22‬‬

‫ف القلوب " ‪.‬‬


‫وذهب رجل إل إبراهيم بن أدهم طيب اللـه ثراه فقال له يا إبراهيم ‪ :‬ساعدن ف البعد عن‬
‫معصية اللـه ‪،‬كيف أترك معصية اللـه جل وعل ‍؟ فقال له إبراهيم تذكر خسا فإن عملت با لن تقع‬
‫ف معصية اللـه وإن زلت قدمك سرعان ما ستتوب إل اللـه جل وعل ‪ ،‬قال ‪ :‬هاتيها يا إبراهيم قال‬
‫إبراهيم ‪ :‬أما الول إن أردت أن تعصى اللـه جل وعل فل تأكل من رزق اللـه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬كيف ذلك والرزاق كلها بيد اللـه؟‬
‫قال ‪ :‬فهل يدر بك أن تعصى اللـه وأنت تأكل من رزقه ‪.‬‬
‫قال يرحك اللـه يا إبراهيم ‪ :‬هات الثانية ‪.‬‬
‫قال إبراهيم ‪ :‬أما الثانية إن أردت أن تعصى اللـه جل وعل فابث عن مكان ليس ف ملك اللـه‬
‫واعصى اللـه عليه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬كيف ذلك واللك ملكه والرض ملكه والسماء ملكه ؟!‬
‫قال ‪ :‬أل تستحى أن تعصى اللك ف ملكه ‪.‬‬
‫قال يرحك اللـه هات الثالثة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬أما الثالثة إن أردت أن تعصى اللـه جل وعل فابث عن مكان ل يراك اللـه فيه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكيف ذلك واللـه يسمع ويرى ؟!‬
‫قال أل تستحى أن تعصى اللـه وأنت على يقي أن يراك اللـه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬يرحك اللـه هات الرابعة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬إذا جاءك ملك الوت فقل له أجلن ساعة حت أتوب إل اللـه وأدخل ف طاعته ‪.‬‬
‫ستَ ْأ ِخرُونَ‬
‫قال ‪ :‬كيف ذلك يا إبراهيم ؟! واللـه جل وعل يقـــول ‪ { :‬فَِإذَا جَاءَ أَجَ ُلهُ ْم لَا يَ ْ‬
‫سَتقْ ِدمُونَ } [ العراف ‪. ] 34 :‬‬
‫سَا َع ًة وَلَا يَ ْ‬
‫قال ‪ :‬فهل يدر بك وأنت تعلم ذلك أن تسوف التوبة وعمل الطاعات‬
‫قال ‪ :‬يرحك اللـه هات الامسة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬أما الامسة إذا جاءتك زبانية جهنم لتأخذك إل جهنم فإياك أن تذهب معهم ‪ ،‬فبكى الرجل‬
‫وعاهد اللـه عز وجل على الطاعة ‪.‬‬
‫أيها السلم فكر ف هذه المس جيدا قبل أن تعصى اللـه ‪ ،‬واعلم يقينا أنك بشر فإن زلت قدمك‬
‫ف معصية اللـه جدد الوبة والتوبة إل اللـه واعلم جيدا أن اللـه يب التوابي والتطهرين وما من‬
‫فى رحاب الدار الخرة " ت ابع ال حس اب"‬ ‫(‪)23‬‬

‫ليلة إل واللك ينل إل السماء الدنيا نزولً يليق بكماله وجلله كما ف الصحيحي من حديث أب‬
‫هريرة وينادى الق سبحانه وتعال ويقول ‪ (( :‬أنا اللك ‪ ،‬أنا اللك ‪ ،‬من ذا الذى يدعون فأستجيب له‬
‫‪ ،‬من ذا الذى يسألن فأعطيه ‪ ،‬من ذا الذى يستغفرن فاغفر له ‪ ،‬فل يزال كذلك حت يضئ الفجر‬
‫( ‪. )1‬‬ ‫))‬
‫فهيا أخى البيب عُد إل اللـه وتب إل اللـه واستعد للجواب عن هذه السئلة الربعة ‪ ،‬واعلم‬
‫علم اليقي أنه ل تزول قدما عبد يوم القيامة حت يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ؟ وعن علمه ماذا‬
‫عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ وعن جسمه فيما أبله ؟!‬
‫أسأل اللـه العظيم رب العرش الكري أن يسن خاتتنا ‪ .‬إنه ول ذلك والقادر عليه ‪.‬‬

‫‪ ...........‬الدعـــــاء‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم (‪ )1145‬فى التهجد ‪ ،‬باب الدعاء والصلة من آخر الليل ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ )758‬فى صلة المسافرين ‪،‬‬
‫باب الترغيب فى الدعاء والذكر فى آخر الليل ‪ ،‬والموطأ (‪ )1/214‬فى القرآن ‪ ،‬والترمذى رقم (‪ )3493‬فى الدعوات ‪ ،‬وأبو‬
‫داود رقم (‪ )1315‬فى الصلة ‪.‬‬

You might also like