You are on page 1of 3

‫اكتشف جون ميتشيل عام ‪ 1783‬أن النجوم العملقة سوف تكون لها جاذبية كبيرة تجعل الشعاعات‬

‫والضواء المنبعثة منها ترتد مرة أخري الي سطحها‪ .‬ولم يحاول انذاك البحث فيما قاله ميتشيل أو‬
‫صياغة قانون حتي أعلن اينشتاين نظرية النسبية العامة عام ‪ 1915‬والتي تنبأ فيها بوجود نجوم‬
‫متقلصة شديدة الجاذبية وعبر عن ذلك بثلث معادلت محددة الولي ثابت الجاذبية لنيوتن والثانية كتلة‬
‫النجم المتقلص والثالثة النسبية بين كتلة النجم المتقلص وكتلة النجم العملق الصلي وقطره قبل أن‬
‫ينفجر ويتقلص قلبه‪ .‬وقد تأكد تماما من وجود تلك النجوم وتصويرها لول مرة عام ‪ 92‬بتليسكوب‬
‫الفضاء هوبل فقد لحظ أنه في آخر مرحلة من مراحل النجوم العملقة التي تنهار تحت ثقلها مما يؤدي‬
‫الي اشتعال مادتها ويتحول النجم خلل ‪ 6‬ساعات الي نجم سوبر نوفا متفجر‪ .‬ويطيح النفجار بسطح‬
‫النجم وغلفه الخارجي حيث يتحول الي سديم حلقي أما القلب فيتحول الي نجم نيوتروني ليزيد قطره‬
‫علي ‪ 20 15‬كيلو مترا‪ .‬أما اذا كان الثقب السود ل يدور حول محوره فهو مستدير الشكل تماما وليس‬
‫له شحنة واذا كان دوارا فهو مفلطح ويحمل شحنة‪ .‬ولكن المر ليس بهذه البساطة‪ ،‬فهذه النجوم من‬
‫الثقوب السوداء تتمتع بقدر كبير جدا من الغرابة والتناقض‪.‬‬

‫فالمشكلة أن كل ما يصل الينا هو ما يحدث عند الحدود الخارجية للثقب نفسه أما فيما يخص داخل الثقب‬
‫فل أحد يمكن الوصول اليه‪ .‬فنتائج البحاث تشير الي أن الطاقة الكلية الموجودة داخل الثقب السود‬
‫صفر‪ ،‬فهو يتصرف كأي جسم في درجة حرارة الصفر المطلق حيث يمكنه تحويل الحرارة‪.‬‬
‫وتصل درجة الحرارة في قلبه أقل من الصفر المطلق مع أن درجة الحرارة علي سطحه مئوية‪.‬‬
‫ويري بعض علماء الفلك أن مادة الثقب السود هي من المادة المضادة والتي تنتج هذه الحرارة الهائلة‬
‫عند التحامها بمادة النجم المجاور وتسحقها كلية‪ .‬ويبدو أن الطاقة الموجبة للمادة التي يتم ابتلعها‬
‫تتحول فور عبورها 'الفق الخارجي' الي طاقة سالبة وتفقد كتلتها الذاتية تماما‪ .‬وتدل البحاث أن حرارة‬
‫قلب الثقب هي حرارة سالبة أي ربما أقل حرارة من الصفر المطلق الذي ل نعرف عنه شيئا أقل منه‬
‫حرارة في علوم الفيزياء‪.‬‬
‫وأهم ما يحدث في ظاهرة الثقوب السوداء هو تحول السهم الزمن من المام الي الوراء في لحظات أي‬
‫تعود الي الزمن التخيلي‪ .‬فلو كان قلب الثقوب السوداء في درجة الصفر المطلق لتوقف الزمن حيث‬
‫تتوقف الليكترونيات عن الدوران حول نواة الذرات‪ .‬وهذا يجعل العلماء متحيرين مرة أخري‪ .‬فهل يمكن‬
‫لتلك الظاهرة تعدي الحاجز الفاصل لتصل الي عالم الطاقة السالبة 'العالم التخيلي' فالمعروف أن هذا‬
‫العالم يسير وفقا للقانون أما العالم التخيلي فيسير وفقا لقانون غير معروف البعاد‪.‬‬
‫ويبرر بعض العلماء ما يحدث داخل الثقوب السوداء بانقلب شامل لوظيفة الزمن والمكان فسهم الزمن‬
‫ليس له اتجاه واحد داخلها‪ .‬وأما الفضاء مع المادة فنجده مجبرا بالجاذبية للتجاه نحو مركز الثقب فقط‪.‬‬
‫ويرجع العلماء الي السؤال عن أين تذهب كل هذه المواد من النجوم الخري التي يبتلعها الثقب السود؟‬
‫وبالطبع ل يوجد اجابة‪ .‬ال أن العالم هوكينج يري أن الثقب السود في هذه الحالة يتزايد حجمه وينمو‬
‫الي أن يبتلع كل أو معظم نجوم المجرة وربما يتحول بعد ذلك الي كويزر كما يشير‪ .‬ال أن العالم‬
‫المريكي جون ويلر يري أن تلك الثقوب دودية أو انفاق داخلية أشبه بالثقوب الطولية التي يحشو بها‬
‫قرص الجبنة‪ .‬وهذه النفاق تبدأ عند مركز الثقب السود وتربط بين قطاعات أو أطراف أو أجزاء الكون‬
‫المنظور منه وغير المنظور‪ .‬وأكد أيضا أن تلك الثقوب الدودية ل يمكن أن تبدأ ال في مركز نجوم‬
‫الثقوب السوداء الدوارة المفلطحة ذات الشحنة‪ .‬أما الثقوب السوداء التي ل تدور حول محورها‬
‫والمستديرة الخالية من الشحنة‪ ،‬فل تحتوي علي اية انفاق دودية عند مركزها‪ .‬ومن هنا جاءت‬
‫افتراضية السفر عبر الزمن الي قطاعات أخري في الكون وأن كان المر ليس مؤكدا‪.‬‬
‫واكتشف أيضا أن تبخر الثقوب السوداء اذ أن سطح الثقب السود تصل درجة حرارتها الي شدة‬
‫النخفاض في حالة الثقوب السوداء العملقة وشديدة الرتفاع علي عكس حالة الثقوب الصغيرة‪ .‬فحسب‬
‫قوانين الطبيعة‪ ،‬فان أي جسم مادي تزيد درجة حرارته عن قيمة الصفر المطلق يكون جسما مشعا‬
‫وعلي هذا الساس فالثقوب السوداء اجرام كونية مشعة‪..‬‬
‫ويري آخرون أن الثقوب السوداء عندما تنفجر فانها تفقد جزءا من كتلتها في صورة طاقة اشعاعية‬
‫وبمرور الزمن تنقص أحجام الثقوب السوداء وكلما نقص حجمها زادت كثافة اشعاعاتها‪.‬‬
‫وهذا النقصان في حجمها يؤدي الي انفجارها واختفائها‪ .‬ولكن تري ماذا يحدث بعد اختفاء الثقب‬
‫السود؟‬
‫يري العلماء أن هناك نقطة شاذة سوف تتخلف عن النفجار عبارة عن نقطة مادية صفرية البعاد ل‬
‫نهائية الكثافة‪.‬‬
‫وان كان الدكتور ستيفن هيوكينج له رأي آخر في مسألة ماذا يحدث بعد النفجار‪ ،‬فهو يري أنه بالفعل‬
‫اذا ما انفجر الثقب السود فانه سيختفي تماما بما في ذلك تلك النقطة الشاذة الي عالم آخر‪ .‬أما بقايا‬
‫النفجار فستشكل في صورة نفق أو قناة تصل عالمنا بالعالم الخر الذي انتقل اليه الثقب السود‪ .‬وقد‬
‫اعتمد علي نظرية جاذبية الكم والتي تصور أن هناك انفاقا تظهر وتختفي بصورة مستمرة في الفضاء‬
‫الكوني وتقاس هذه النفاق بمقياس لم يثبت صحته 'مقياس بلنك' وهنا نجد أنفسنا ندور في حلقة‬
‫مفرغة حول هل بالفعل نستطيع السفر الي الماضي‪ .‬فانفجار الثقوب السوداء يذهب بنا الي عالم آخر ل‬
‫نعلمه وينتظر منا الكثير لكتشافه‪.‬‬

‫السفر عبر الزمن‬


‫ظلت مشكلة النتقال الي الزمن التخيلي تشغل العقول من قديم الزل خاصة بعد ظهور نظرية الوتر أو‬
‫الربطة التي تشير الي أن ثقوب الفضاء لن تغير من تجانس الكون وتماسكه الكمي ولكنها قد تؤثر في‬
‫ثوابته الساسية في الطبيعة‪ .‬وظل السؤال هل اذا ما بدأ النسان من زمن حقيقي فكيف له أن ينتقل الي‬
‫زمن تخيلي؟‬
‫فقد أكد اينشتاين أن الزمن ظاهرة محلية وأنه يجري وفقا لمعدلت متفاوتة بالنسبة للمراقبين مختلفين‬
‫في الكون وذلك اعتمادا علي سرعة كل من هذين الراصدين‪ .‬فمثل لو أن هناك رائدي فضاء يتحركان‬
‫بسرعتين مختلفتين فان كل منهما سوف يري الزمان يمضي علي سكان سطح الرض بمعدل مختلف‬
‫عما يراه الرائد الخر وبالتالي هذا يتناقض مع فكرة نيوتن حول كونية الزمن‪.‬‬
‫واستطاع أيضا اثبات أن الزمن يمضي ببطء نسبي في المواقع ذات التجاذب القوي وفي المناطق شديدة‬
‫التقوس والنحناء في الكون‪ .‬وقد استغل علماء العصر الحديث تلك النظرية التي تؤكد علي امكانية‬
‫ابطاء حركة الزمن‪.‬‬
‫ومن هذا انطلق الفيزيائي ريتشارد فينجان الذي أكد أن تفاعل الجسيمات مع أضدادها تجعل احدها‬
‫يتحرك للمام والخر للوراء‪ .‬وفي حالة التقاء النقيضين فانهما يصطدمان ويفني كل منهما الخر‪.‬‬
‫وبالتالي فان مضادات الجسيمات يمكنها أن تسير في الزمن الي الوراء‪ .‬وهذا ما تؤكده نظرية النفجار‬
‫العظيم والتي تفترض أن مادة الكون كانت معبأة في حجم صغير للغاية يصعب تصوره ثم حدث انفجار‬
‫فانطلقت منه محتويات هذا الجسم وكونت المجرات في الكون التي تقدر اعدادها بآلف البليين‪ .‬والغريب‬
‫أن المجرات منذ ‪ 18‬ألف مليون سنة وحتي اليوم تجري بعيدا عن بعضها البعض في أرجاء الكون‬
‫بسرعة عالية مما يؤدي الي تمدد الكون واتساعه بصفة مستمرة‪ .‬ولكن هذا يجعل العلماء في حيرة أكثر‬
‫وأمام سؤال خطير‪ :‬هل سوف يستمر تمدد الكون واتساعه الي ما ل نهاية؟ أم سيتراجع وينكمش علي‬
‫نفسه؟ وهل للزمن بداية أو أنه أزلي بل بداية ول نهاية؟ حتي وأن كانت الحصائيات تشير الي أن بداية‬
‫الزمن منذ ‪ 18‬ألف مليون سنة وهو عمر الكون‪.‬‬
‫وهناك الكثير من العقبات تقف أمام هذا الحلم لعل أهمها عامل السرعة الذي ل يمكن تجاوزه وفقا‬
‫لنظرية النسبية الخاصة اذ أن تخطي سرعة الضوء يحتاج الي امداد الجسم بكمية غير متناهية من‬
‫الطاقة لتصل الي سرعة الضوء التي ل يستطيع أحد أن يدركها‪.‬‬
‫ومع ذلك فان بعض العلماء قد تخيلوا جسما تخيليا يدعي 'تاكيونات' له مواصفات خاصة ولد بها ليتفوق‬
‫علي سرعة الضوء‪ .‬ويعتقد العلماء أنه من الممكن أن يوجد مثل هذا الجسم في الشعة الكونية الولية‬
‫المحملة بقدر كبير من الطاقة‪ .‬وحتي الن ليس هناك اجابة شافية علي ما اذا كانت بالفعل تلك الشعة‬
‫الكونية تحمل في طياتها هذا الجسم التخيلي‪.‬‬
‫ويري عدة باحثين أن هناك العديد من المشاكل يجب حلها للتفكير في رحلة الزمن وأهمها‪ .‬ضرورة‬
‫التعرف علي طبيعة الكون من حيث الزمان والمكان وبخاصة نطاقهما الصغير الذي يقدر وفقا لمقياس‬
‫بلنك من ‪ 33 10‬سنتيمترا‪ .‬وضرورة الوصول الي نظرية موحدة في الفيزياء تتضمن نظرية جاذبية‬
‫الكم وهذا بالفعل ما تحاوله الدول الوروبية اليوم فمن المقرر اطلق قمر صناعي أوروبي‪' ،‬ليزا' عام‬
‫‪ 2012‬لدراسة تلك النقطة‪ .‬والهم من ذلك التوصل الي بناء انفاق الفضاء التي يمكن استغللها كمعابر‬
‫للسفر في الزمن‪ .‬وقد يكون ذلك باقتلع انفاق من الرغوة الكمية التي اشار اليها كيب ثورن أو بتمديد‬
‫الفراغ الزائف وهي حالة غير ثابتة من حالت المادة ذات طاقة عالية والتي اشار اليها آلن جوث‪.‬‬
‫اضافة الي التعرف علي خواص المادة الغريبة وكيفية استخدامها في تبطين وتقوية جدران انفاق الفضاء‬
‫لتصبح قابلة للعبور والسفر فيها الي النجوم البعيدة‪ .‬ول يعدو أمر السفر في الزمن مجرد حلم يراود كل‬
‫شخص أمامه مئات السنين ليتحقق‪.‬‬

You might also like