Professional Documents
Culture Documents
آراء الغزالي والآمدي والرازي في الحديث - عبد الكريم بن عبد الله الخضير
آراء الغزالي والآمدي والرازي في الحديث - عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الجواب :هؤالء أعني الغزالي والرازي واآلمدي من أبعد الناس عن الحديث وعلم الحديث ،واعترفوا
على أنفسهم بأن بضاعتهم في الحديث مزجاة ومصنفاتهم تشهد بذلك ،فعلى سبيل المثال اإلحياء
للغزالي مشحون باألحاديث الضعيفة والواهية والموضوعة ،وصرح فقال :إن بضاعته في الحديث
مزجاة ،وهو أعرف من غيره بنفسه ،وكذلك الرازي حاطب ليل ،يجمع من األحاديث الصحيح
والضعيف والموضوع وغير ذلك ،وليست له يد في هذا الباب ،باب التصحيح والتضعيف،
واآلمدي ُّ
أشد منهما في البعد عن السنة ،على كل حال هم لهم جهودهم وعلومهم في أصول الفقه
جدا ،ويدل على ذلك مصنفاتهم ،وذكر الرازيوغيره من العلوم لكن بضاعتهم في هذا العلم قليلة ً
موضوعا :أن امرًأة شربت الخمر وزنت وجاءت بولد فقتلته ثم
ً في تفسير سورة العصر حديثًا
ِّ
تصل جاءت تصيح في أسواق المدينة تبحث عنه -عليه الصالة والسالم -فقال لها لعلك لم
ّ
العصر ،هذا ذكره الرازي ونقله اآللوسي عنه -وهذا اللي يهمنا -نقله اآللوسي عنه ،وقال :تفرد
بذكره اإلمام ،واإلمام إذا أطلق في كتب الشافعية وحتى في كتب األصول ينصرف إلى الرازي،
ثم قال اآللوسي ولعمري أنه إمام في معرفة ما ال يعرفه أهل الحديث يعني هذا مدح له أو قدح؟
المقدم :مدح.
يعني عند أهل العلم المدح بما يشبه الذم والذم بما يشبه المدح وهذا منه ،وعلى كل حال أقوالهم
موجودة ومباحث السنة موجودة في كتب األصول ،وهي قسم كبير من أقسام األصول كالمباحث
المتعلقة بالكتاب ،فاألصول األربعة :الكتاب والسنة واإلجماع والقياس تبحث عند األصوليين
كلهم بما في ذلك مباحث السنة ،وثم تقارب كبير بين هذه المباحث وما يبحث في مصطلح
الحديث وعلوم الحديث ،قد يقول قائل إن المصِّّنفين في مصطلح الحديث وهم أهل الحديث كابن
الصالح ومن جاء بعدهم يذكرون أقوال األصوليين واألصوليون تأثروا بعلم الكالم وانتقل تأثرهم
إلى أصول الفقه ومن ثم إلى علوم الحديث ولذا ينادي بعض الغيورين على السنة أن تنظف
كتب المصطلح عن أقوال هؤالء الذين ليس لهم عالقة بعلم الحديث ،والمسألة تحتاج إلى شيء
من التفصيل ودقة النظر فمن علوم الحديث ما معوله على النقل وهذا بالفعل ليست لهم به أدنى
عالقة ،أما ما كان مداره ومعوله على النظر فال مانع من اإلفادة من أقوالهم ،والحكمة ضالة
المؤمن ،ليس لهم عالقة بالرواية لكن قد يكون لهم نظر في الدراية حينما يقال في مباحث السند
المعنعن والمأنأن إن من أهل الحديث من يرى الفرق بينهما وأن المعنعن متصل والمأنأن منقطع
مرد هذا الفرق إلى النظر ،فاإلمام أحمد ويعقوب بن شيبة فيما نسبه إليهما ابن الصالح َّ
فرقا
بينهما ،فقالوا أن المعنعن متصل والمأنأن منقطع ما الدليل على ذلك؟ قالوا إنهما حكما على
حديث عمار بن ياسر عن محمد بن الحنفية عن عمار بن ياسر أن النبي -صلى هللا عليه
عمار مر به النبي -عليه الصالة
ًا وسلم -مر به قالوا هذا متصل ،وعن محمد بن الحنفية أن
والسالم -قالوا منقطع والسبب في ذلك أن ذاك يروى بصيغة عن والثاني يروى بصيغة أن فهذا
معنعن وهذا مأنأن فالمعنعن متصل والمأنأن غير متصل؛ ولذا الحافظ ابن الصالح إذا ما عزى
القول المطلق لإلمام أحمد ويعقوب ابن شيبة بناء على هذا الحديث والحكم على هذا الحديث فيه
قصور والنظر يقتضي أن التفريق بين الروايتين ال ألن هذا بصيغة عن وتلك الرواية رويت
ِّ
يصوب بصيغة أن ،ولذا قال الحافظ العراقي في ألفيته (:كذا له) يعني البن الصالح( ،ولم
ّ
صوبة) يعني ما أدرك حقيقة المعنعن والمأنأن ،في رواية عن محمد بن الحنفية عن عمار أن
النبي عليه الصالة والسالم مر به ،محمد بن الحنفية أدرك عمار ويروي عنه قصة تتعلق به
عمار مر به
ًا فهي متصلة ألنه يرويها عن صاحبها ،فالرواية الثانية عن محمد بن الحنفية أن
النبي -عليه الصالة والسالم -هو يروي قصة لم يدركها فهي منقطعة ،مثل ما تقول أنت عن
فالن عن شخص أدركته من شيوخك أنه قال ،أو أنه حصل له كذا ،متصلة ألنك ترويها عن
صاحبها ،لكن لما تروي عنه قصة أو تحكي قصة حصلت في أول عمره وأنت لم تدركها وتقول
أن شيخنا فالن حصل له كذا ما تقول عنه ففي هذه الحال يكون السند منقطعا ،فمثل هذه األمور
تحتاج إلى رواية؟ ال تحتاج إلى رواية هذه تحتاج إلى دقة نظر ،فالغزالي له مدخل في هذا
النظر ،واآلمدي له مدخل في هذا النظر ،والرازي له مدخل في هذا النظر؛ ألنه مبني على هذا
النظر ويدرك واال لقلنا أن كثير ممن ينتسب إلى علم الحديث في حكم الرازي والغزالي واآلمدي
ليست لهم رواية تذكر وال يعول عليهم في باب الرواية ،لكن لهم نظر في مسائل المصطلح
ويرجحون من باب الدراية ال من باب الرواية ،فالشك أنه إذا كان معول المسألة االصطالحية
أيضا ال دخل للمتأخرين فيها النقطاع أسانيدهم فيها ،واذا
على الرواية ال دخل لهم فيها كما أنه ً
كان معوله على النظر والدراية فرب مبلغ أوعى من سامع ،فالمتأخر قد يفتح عليه في فهم بعض
المسائل ما ال يوجد عند من تقدمه من الشيوخ.
المصدر :برنامج فتاوى نور على الدرب ،الحلقة السابعة واألربعون3311/9/31 ،هـ