You are on page 1of 3

‫عتبر عودة المغرب لإلتحاد اإلفريقي خطوة هامة باعتبارها تشكل تصالحا للمغرب مع فضائها اإلفريقي من جهة و تعزز‬

‫الحضور العربي في البيت اإلفريقي من جهة أخري بعد أن كان التمثيل مقتصرا علي دول قليلة و بعضها غير مؤثر في‬

‫‪.‬مجريات األحداث األفريقية‬

‫هذه العودة قد تؤسس لمرحلة جديدة داخل اإلتحاد اإلفريقي من خالل خلق توازن في الرؤية الكلية لإلتحاد في بعض المواقف و‬

‫‪.‬الملفات الهامة على مستوي القارة بشكل عام و شمالها و منطقة الساحل بشكل أكثر تحديدا‬

‫فاإلتحاد األفريقي ظل منذ تأسيسه محكوم برؤية تقليدية ت ُغلب الثوابت األساسية لمنظمة الوحدة األفريقية(سلف اإلتحاد‬

‫اإلفريقي) كالدفاع عن سيادة و استقالل و الحوزة الترابية للدول األعضاء على غيرها من الملفات و التحديات الكبيرة التي‬

‫تواجه القارة السمراء اليوم‪ ،‬و ت ُدعم هذه الرؤية من طرف الجزائر و جنوب إفريقيا و نيجريا‪ ،‬في حين أن التيار الذي يعتمد‬

‫مقاربة جديدة لإلتحاد تقوم على االهتمام بالقضايا التنموية و االقتصادية الزال ضعيفا و من المنتظر أن تلعب المغرب دورا‬

‫محوريا في تزعمه و تصدره علي المستوي اإلفريقي من اجل محاولة قلب المقاربة التقليدية لصالح توجه جديد تحكمه في‬

‫األساس المصالح االقتصادية على حساب األجندات السياسية مما قد يفقد تعاطف األفارقة مع ملف الصحراء الغربية لذي على‬

‫‪.‬أساسه انسحب المغرب من منظمة الوحدة اإلفريقية سنة ‪ 1984‬بعد اعتراف األفارقة بالصحراء و دعم استقاللها عن المغرب‬

‫االختراق الناعم‬

‫عودة المغرب لإلتحاد األفريقي جاءت في سياقات و ظروف بذلت فيها المغرب جهودا كبيرة علي المستويات الدبلوماسية و‬

‫االقتصادية لتهيئة عودة قوية تتيح لها أن تكون وافدا مؤثرا و قادرا على المساهمة في خلق حراك جديد داخل اإلتحاد‬

‫‪.‬اإلفريقي‬

‫لقد ركزت المغرب قبل التحاقها باإلتحاد اإلفريقي على اختراق دول افريقية جديدة في وسط و شرق القارة من خالل تكثيف‬

‫الزيارات الدبلوماسية و تعزيز التعاون االقتصادي البيني من خالل توجيه االستثمارات المغربية نحو إفريقيا‪ ،‬حيث تقوم فلسفة‬

‫‪.‬االختراق االقتصادي للقارة على تخصيص نصف االستثمارات المباشرة الخارجية للمغرب إلي إفريقيا‬

‫حسابات السياسية بثوب االقتصاد مكنت المغرب من جلب تعاطف معها بخصوص قضية الصحراء حيث قطعت العديد من الدول‬

‫‪.‬اإلفريقية عالقاتها مع الصحراء و ارتمت في أحضان المغرب‬

‫توظيف البعد الروحي في دبلوماسية "العمق اإلستراتيجي" التي تبنتها المغرب لالنفتاح على القارة السمراء ساهم هو اآلخر‬

‫‪.‬في توثيق الصلة بالفعاليات الدينية بإفريقيا و التي تمتلك نفوذا معتبرا خاصة في دول غرب القارة‬
‫فقد اهتمت المغرب بدعم الطريقة التيجانية بمختلف فروعها و مدت جسورا مع باقي الطرق و اعتمدت مقاربة لتكوين أئمة‬

‫‪.‬دول منطقة الساحل على محاربة اإلرهاب و التطرف‪ ،‬هذا باإلضافة لبناء مساجد كبيرة ومحورية في بعض العواصم اإلفريقية‬

‫نقاط قوة المغرب لكسب ود األفارقة ال تتوقف عند هذا الحد فالمغرب اليوم تعتبر نفسها أبرز بلد إفريقي يتملك تجربة رائدة في‬

‫مجال الطاقة المتجددة‪ ،‬و إفريقيا تعتبر منطقة جاذبة لهذه الطاقة في المنظور القريب‪ ،‬حيث ذكرت دراسة أجرتها خدمة‬

‫“هافاس هوريزون” أن المستثمرين الدوليين يعتبرون أن قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا سوف يكون األكثر جذبا بحلول‬

‫‪ 2020‬وهم مستعدون"‪.‬مشيرة إلي أن القارة األفريقية قد تصبح مرجعا عالميا للطاقة المتجددة وهو نشاط بات يحظى بمكانة‬

‫‪.‬مميزة في استثمارات العالمية‬

‫محور جديد‬

‫هناك عوامل سياسية و اقتصادية دفعت المغرب لالهتمام بإفريقيا و التصالح مع اإلتحاد اإلفريقي كغياب سوق افريقية مندمجة‬

‫و معوقات التقارب و االندماج مع الفضاء األوروبي نتيجة لالعتبارات التاريخية و الثقافية‪،‬و قد زاد هذه المعوقات عامل‬

‫األزمة االقتصادية التي عصفت بأوروبا في السنوات األخيرة‪.‬لكن العامل الرئيسي الذي يقف وراء عودة المغرب لإلتحاد‬

‫‪.‬اإلفريقي قد يكون سعي األخيرة لمنافسة غريمتها الجزائر التي تمتلك نفوذا واسعا في اإلتحاد و تعتبر أحد بلدانه الممولة‬

‫فالمغرب ربما يسعي من خالل انضمامه لإلتحاد لتصدر محور جديد داخل اإلتحاد مقابل محور الجزائر‪-‬أبوجا‪-‬بريتوريا الذي‬

‫يعتبر المحور المهيمن على اإلتحاد‪ ،‬و قد تجلت بوادر هذا األمر من خالل مطالبة ‪ 28‬بلد من الدول األعضاء في قمة كيجالي‬

‫بيوليو ‪ 2016‬بطرد الصحراء‪ ،‬كما أن وقوف المغرب مع مرشح السنغال الخاسر لمنصب رئيس مفوضية اإلتحاد اإلفريقي‬

‫‪.‬مقابل وقوف المحور األخر خلف مرشح تشاد موسي فاكي الذي فاز يعزز هذا الطرح‬

‫فقد تكون من مبررات المغرب للعودة للبيت اإلفريقي محاولة التأثير و التغيير من الداخل و كسر شوكة االعتراف بجمهورية‬

‫الصحراء بشكل متدرج‪ ،‬و لعل هذا األمر هو ما بات يقلق الدول الداعمة للصحراء التي ظلت تتحفظ على دخول المغرب و تري‬

‫فيه مساسا بالقضية الصحراوية‪ ،‬و قد ذهب حزب المؤتمر الوطني الحاكم بجنوب إفريقيا للتعبير عن هذه المخاوف‪ ،‬حيث أبدي‬

‫في بيان للحزب أسفه على عودة المغرب لإلتحاد اإلفريقي‪ ،‬معتبرا أن قرار اإلتحاد اإلفريقي قبول المغرب يعد انتكاسة واضحة‬

‫‪.‬لقضية الشعب الصحراوي و مطالبه بتقرير مصيره و استقالل الصحراء الغربية‬

‫كما اعتبر رئيس زيمبابوي روبرت موغابي أن قرار قبول المغرب "يثبت أن القادة األفارقة ال يفكرون بشكل صحيح‪ ،‬مضيفا‬

‫‪".‬أن المال المغربي هو الذي لعب الدول األكبر في اتخاذ هذا القرار‬
‫نختم بالقول أن االستقطاب التقليدي بين الجزائر و المغرب سيؤثر حتما على طبيعة االنسجام التي ظلت تطبع اإلتحاد اإلفريقي‬

‫في السنوات األخيرة‪،‬فملف الصحراء لن يكون هو نقطة الخالف الجوهري الوحيدة بل أن تباين وجهات النظر بين الجارتين‬

‫‪.‬الشماليتين في كثير من الملفات اإلقليمية(الوضع في منطقة الساحل مثال) سيلقي بظالله على األجندات اإلتحاد اإلفريقي‬

You might also like