You are on page 1of 3

‫اقتصاد السوق والسياسة الجإتماعية‬

‫اقتصاد السوق‪ :‬يسمى كذلك بالقتصاد الرأسمالي ‪ ،‬ويقوم على الملكية الخاصة لوسائل النإتاج والمبادرة‬
‫الفردية ‪ ،‬ويخضع لتفاعل العرض والطلب داخل السوق‪.‬‬
‫إن المؤسسات الثلثاة الرئيسية اللزامة لـ"البنية التحتية الخفيفة" في اقتصاد السوق هي النظام القانإونإي‪،‬‬
‫ونإظام المحاسبة‪ ،‬والمواقف الثقافية‪ .‬هذه المؤسسات ‪ ،‬إذا ما اجإتمعت سوية‪ ،‬فهي أشبه بكرسي بثلثاة أرجإل‪،‬‬
‫حيث أن أي ضعف أو قصر في إحداها سيقلل من استقرار الكرسي إلى حد كبير‪.‬‬
‫‪*-‬اقتصاد السوق الجإتماعي كمفهوم‪ :‬أحسن المصطلحات والشعارات لتعني شيئاا‪ ،‬إذا لم تؤكد الممارسة‬
‫مصداقيتها‪.‬‬
‫واليوم في إطار الصراع الجاري مع قوى السوق الكبرى التي تريد سوق فوضى تسميها »بالحرة«‪ ،‬يأتي‬
‫مفهوم اقتصاد السوق الجإتماعي ليفتح إمكانإية‪ ،‬مجرد إمكانإية‪ ،‬للقوى المناهضة لخطار السوق الحرة‪ ،‬كي‬
‫تمنع حدوث كارثاة إذا أحسنت تنظيم قواها وعبأت قوى المجتمع معرفيا ا وسياسيا ا في التجاه الصحيح‪.‬‬
‫وبعبارة أدق‪ ،‬إن مصطلح اقتصاد السوق الجإتماعي‪ ،‬ليس تعويذة قادرة بلمسة ساحر على إيقاف قوى السوق‬
‫الكبرى المنفلتة والمتوحشة والمرتبطة بقوى السوق العالمية‪ ،‬فالشكل النهائي والملموس له ستحدده على‬
‫الرض محصلة صراع القوى الجإتماعية المختلفة‪ ،‬والذي يجري في بيئة إقليمية وعالمية غير ملئمة مؤقتا ا‬
‫للقوى النظيفة في جإهازا الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫لذلك فإن وضوح صياغة المفاهيم‪ ،‬وإيجاد أشكالها التطبيقية على الرض سيرتدي أهمية كبيرة بالنسبة لمآل‬
‫الصراع الجاري في البلد حول آفاق التطور اللحق‪.‬‬
‫من هنا تأتي أهمية الجإابة الدقيقة والواضحة عن السئلة التالية‪:‬‬
‫‪ .1-‬ماهي علقة اقتصاد السوق‪ ،‬حتى لو كان اجإتماعياا‪ ،‬بأشكال الملكية المختلفة )خاص‪ ،‬دولة‪ ،‬عام‪ ،‬الخ(؟‬
‫يحاول البعض أن يتنصل من هذا الموضوع‪ ،‬كي يبقى الطابع الجإتماعي لقتصاد السوق معوماا؟ والمقصود‬
‫بالجإتماعي هو‪ :‬مصالح أية فئة اجإتماعية يجب أن يخدم في ظل وجإود مصالح متناقضة في المجتمع مستحيلة‬
‫التوافق فيما بينها؟ أي بكلم آخر كيف يجري توزايع الدخل الوطني في المجتمع؟ وفي نإهاية المطاف ماهي‬
‫العلقة بين الجإور والسعار؟‬
‫لذلك يبقى الكلم عن اقتصاد السوق الجإتماعي بل معنى‪ ،‬إذا لم يلمس أشكال الملكية التي تؤثار على طريقة‬
‫توزايع الدخل‪ ،‬من هنا يصبح واضحاا أن أي تراجإع لدور الدولة وأشكال ملكيتها هو خطوة إلى الوراء‬
‫موضوعياا فيما يخص العدالة الجإتماعية‪ ،‬حتى لو كان هذا الدور من خلل ما ينتجه من قيمة مضافة يجري‬
‫حتى الن ليس لصالح الجماهير الشعبية‪ ،‬فهذا الدور هو شرط ضروري للعدالة الجإتماعية ولكنه غير كاف إذا‬
‫لم يرافقه ضرب لمواقع الفساد يسمح بإعادة توزايع عادلة‪ ،‬وغني عن البيان أن التراجإع عن هذا الشرط‬
‫الضروري يطيل المسافة نإحو العدالة الجإتماعية‪.‬‬
‫‪ .2-‬ماهي علقة اقتصاد السوق الجإتماعي بدرجإة التحكم أو العفوية في القتصاد؟‬
‫من المعروف أن القتصاد الن هو في أحسن الحوال اقتصاد سوق مشوه‪ ،‬وهذا يعني أن درجإة التحكم فيه‬
‫منخفضة بغض النظر عن العلنإات المختلفة حول دور الدولة المركزي سابقاا‪ ،‬وهذا يعني أن درجإة عفوية فعل‬
‫قوانإين السوق عالية‪ ،‬والسير إلى المام يتطلب تخفيف التشوه وصولا إلى إزاالته ل زايادته‪ ،‬مما يتطلب زايادة‬
‫درجإة التحكم الواعي الذي يتطلب دوراا جإديداا للدولة‪ ،‬كما يتطلب تخفيض مساحة عفوية فعل قوانإين السوق‬
‫التي تنعش وتقوي قوى السوق الكبرى‪ ،‬وهذا إن حصل سينعكس إيجابياا على وتائر النمو التي تتطلب موارد‬
‫يجب توجإيهها نإحوه بشكل واع‪ ،‬كما يتطلب تغيير معادلة الجإور والرباح بشكل واع وعقلنإي نإحو تحقيق‬
‫العدالة الجإتماعية مع كل ما يتطلبه ذلك من تحكم بالسعار والضرائب والستثمار وإزاالة الفساد‪.‬‬
‫‪ .3-‬مامحتوى اقتصاد السوق الجإتماعي بعلقة القتصادي والجإتماعي؟‬
‫حتى الن يحممل البعض انإخفاض الفعالية القتصادية لنشاط الدولة لعبائها الجإتماعية‪ ،‬والواقع أن العبء‬
‫الجإتماعي هو دور وواجإب للدولة‪ ،‬لمبرر لوجإودها دونإه في العالم المعاصر‪ ،‬ولكن السؤال‪ :‬كيف يجب‬
‫ممارسة هذا الدور؟‬
‫إن رفع الفعالية القتصادية على مستوى المنشأة عبر القضاء على النهب والفساد والهدر‪ ،‬سيؤمن تلك‬
‫الفوائض الضرورية لممارسة الدولة لدورها الجإتماعي في التعليم والصحة والثقافة‪ ..‬إلخ‪ ..‬التي هي مجالت‬
‫للستثمار البعيد المدى وليست استهلكا ا لتقوى الدولة عليه‪ .‬وخلصة القول إن قوى السوق الكبرى تريد‬
‫تخفيض دور الدولة القتصادي‪ ،‬وبالتالي الجإتماعي‪ ،‬لتصبح ل دولة‪ ،‬كي تبني دولتها الحامية لنإفلت قوى‬
‫النهب والفساد‪ ،‬ولكن هذه المرة بشكل مقونإن ومشروع حقوقيا ا‪.‬‬
‫‪ - .4‬وأخيراا‪ :‬ما وضع قوة العمل في السوق الجإتماعي؟‬
‫من المعروف أن مكونإات السوق هي البضائع والرساميل وقوة العمل‪ ،‬وأنإصار السوق الحرة يريدون تحرير‬
‫سوق البضائع والرساميل‪ ،‬وإبقاء سوق قوة العمل مقيدة‪ ،‬بالمعنى القتصادي‪ :‬حيث تثبيت الجإور‪ ،‬وبالمعنى‬
‫السياسي‪ :‬حيث منع أية مطالبة بالحقوق بأي شكل كان‪ .‬إن اقتصاد السوق الجإتماعي الذي يحرر البضائع‬
‫والرساميل من كل قيد ويبقي قوة العمل مقيدة هو اقتصاد سوق أكثر تشوها ا من الذي عرفناه‪ ،‬وهو ينقلنا عمليا ا‬
‫إلى دكتاتورية الرساميل‪ ،‬لذلك يصبح تحرير قوة العمل أجإراا وحقوقا ا هو الشرط الضروري لقتصاد سوق‬
‫اجإتماعي متوازان‪.‬‬
‫‪*-‬السياسة الجإتماعية واقتصاد السوق الجإتماعي‪ :‬إن درجإة عمق الدور الجإتماعي لقتصاد السوق‬
‫الجإتماعي سيحدده عوامل موضوعية لها علقة بدرجإة استعداد المجتمع من جإهة للدفاع عن حقوقه‪ ،‬ومن‬
‫جإهة أخرى قدرة جإهازا الدولة على استيعاب ضرورات الجانإب الجإتماعي من التطور وإيجاد الليات والموارد‬
‫المختلفة الضرورية له‪.‬‬
‫وعن مشكلة الموارد تحديداا لتأمين الدور الجإتماعي للدولة‪ ،‬وإمكانإية تأمينه ومصادر هذه الموارد سيتحدد‬
‫مصير العملية الجإتماعية كلها‪.‬‬
‫إذ أن حجم الموارد الضرورية‪ ،‬هي قضية مرتبطة بنهاية المطاف بطريقة تأمينها وتوجإيهها بالتجاه الصحيح‪.‬‬
‫وهذه القضية ليمكن أن تخرج خارج إطار الصراع الجإتماعي بين الجإور والرباح‪ ،‬إذن فتناسب القوى‬
‫الجإتماعية والبرامج الملموسة التي تعبر عنها هي التي ستحدد مآل هذه العملية في نإتائجها‪.‬‬
‫وفي حال تم تحقيق الجانإب الجإتماعي وتلبية حاجإاته‪ ،‬فستنفتح الفاق للعملية القتصادية نإفسها كي ترتقي إلى‬
‫مستوى أعلى نإوعياا مما كانإت عليه‪ .‬وفي حال لم يتحقق ذلك‪ ،‬ستدور العملية القتصادية في حلقة مفرغة‬
‫باتجاه التباطؤ التدريجي وانإخفاض نإسب النمو وتحولها إلى نإسب سلبية مع ازادياد تدهور كل المؤشرات التي‬
‫لها علقة بالوضع المعاشي والجإتماعي‪.‬‬
‫لذلك لبد من دراسة بعض جإوانإب هذه العملية واحتمالتها المختلفة في ظل الخيارات والراء‪ .‬سنتناول في‬
‫البحث المواضيع التالية‪:‬‬
‫‪ .1-‬مستوى المعيشة‪.‬‬
‫‪ - .2‬البطالة‪.‬‬
‫‪ - .3‬الدعم الحكومي‪.‬‬
‫‪ / .1‬مشكلة مستوى المعيشة وطرق حلها‪ :‬حسب دراسة مسح دخل ونإفقات السرة ‪ 2004‬هناك ‪ 3.5‬مليون‬
‫شخص أو ≈ ‪ %30‬من السكان تحت خط الفقر‪ ،‬وكشفت علقة الفقر بروابط التعليم والنوع الجإتماعي‬
‫والتوزاع الجغرافي ولكنها لم تستطع أن تكتشف الرابط المركزي للفقر‪.‬‬
‫إن الشعبوية بعينها هي التي تطلق شعارات براقة بحجة محاربة الفقر وغيره ولكن تخفي في طياتها حين‬
‫البحث والتمحيص ديماغوجإية اقتصادية تستخدم لغة شعبوية للتطمين‪.‬‬
‫إن قضية مستوى المعيشة حين المعالجة يجب أن تأخذ بعين العتبار النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ (1-‬خط الفقر المقترح دولياا شيء‪ ،‬والحد الدنإى لمستوى المعيشة الضروري الذي يضمن الحد الدنإى للكرامة‬
‫النإسانإية شيء آخر‪.‬‬
‫‪- (2‬إن قضية انإخفاض مستوى المعيشة تخلق توتراا اجإتماعيا ا غير مسموح باستمراره في جإو المخاطر‬
‫القليمية والتي يفرضها تغير الوضع الدولي في العقد الخير‪ ،‬إذا كنا نإريد الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى‬
‫إرادة المواجإهة‪.‬‬
‫‪ (3 -‬المشكلة الساسية تكمن في استحالة حل قضية مستوى المعيشة ضمن آجإال منطقية تفرضها حساسية‬
‫الوضع السياسي الحالي‪ ،‬دون إعادة النظر في العلقة جإذريا ا بين الجإور والرباح‪ ،‬وهي قضية خرجإت بالتالي‬
‫من دائرة مفهوم العدالة الجإتماعية البحتة إلى دائرة المن الوطني‪.‬‬
‫‪ - (4‬من كثرة استخدام مصطلح الحد الدنإى لمستوى المعيشة‪ ،‬تراءى للبعض أن الوصول إليه هو هدف بحد‬
‫ذاته‪ ،‬بينما المقصود أن يتحول هذا الحد الدنإى إلى مقياس لدراسة مستويات المعيشة الخرى وخاصة الحد‬
‫المتوسط للمعيشة الذي يجب أن تذهب الجهود باتجاه ‪.‬‬
‫‪ (5 -‬يجب أن تبحث جإدياا قضية الجإال الضرورية لحل مشكلة مستوى المعيشة ليس من زااوية الممكن ضمن‬
‫الحداثايات القتصادية الجإتماعية المشوهة الحالية‪ ،‬وإنإما انإطلقاا من الضرورات السياسية ـ الجإتماعية التي‬
‫تفرضها حدة المعركة التي تدور حول البلد وفيها‪ ،‬وأعتقد أن حل هذه المواضيع يجب أن يتم حتى ضمن آجإال‬
‫متوسطة فقط ل غير من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات كحد أقصى‪ ،‬فالشعوب تستحق أن تتمتع بثروات وخيرات بلدانإها‬
‫وأن لتؤجإل القضية إلى الحفاد دون ضمانإات حقيقية‪.‬‬
‫‪ - (6‬إن انإخفاض مستوى المعيشة يخلق سلسلة من المشاكل المشتقة منه وأولها الفساد والنإحرافات‬
‫الجإتماعية واستنزاف قوى العمل و انإخفاض النإتاجإية‪ ،‬وابتعاد الرساميل عن الستثمار الحقيقي المنتج نإتيجة‬
‫انإخفاض القوة الشرائية في المجتمع‪.‬‬
‫‪ v‬والسؤال هل لدينا حلول أخرى حقيقية وقابلة للتطبيق؟‬
‫نإعم لدينا‪:‬‬
‫‪ – .1‬ليوجإد هناك حل إل حل قضية الحد الدنإى للجإور ورفعهبما يتماشى واقتصاد‬
‫السوق‬
‫‪ - .2‬البطالة‪ :‬يجب تحديد مشروع لتخفيض معدل البطالة إلى أقصى حد ممكن لتخفيض حدة التوتر الجإتماعي‬
‫الذي تسببه ظاهرة خطيرة كالبطالة‪.‬‬
‫نإعتقد أن هذا الموضوع يندرج أيضاا ضمن مفهوم المن الجإتماعي الذي يتطلب حله اللتزام بآجإال متوسطة‬
‫المدى‪ .‬فالبطالة إلى جإانإب كونإها قوى وثاروة مهدورة فهي تخلق بؤر توتر اجإتماعي يسبب توسع دائرة‬
‫المهمشين‪.‬‬
‫فهل هناك حلول عملية واقعية للموضوع في الظرف الحالي؟‪ .‬إن البحث العلمي الجاد يؤكد أنإه يمكن إيجاد‬
‫حلول حقيقة‪.‬‬
‫إن حل مشكلة البطالة يتطلب التوسع في الستثمار وتوسيع القاعدة القتصادية‪.‬‬
‫ليس هنالك دولة في العالم ل تقدم الدعم لجهات اعتبارية أو فردية‪ ،‬ويخدم الدعم في النهاية أهداف سياسية‬
‫اقتصادية واجإتماعية‪.‬‬
‫فالبقرة في أوروبا تحظى بدعم يومي قدره ‪ 2.5‬دولر أما في اليابان فوضعها أحسن إذ تحظى بـ ‪ 7.5‬دولر‬
‫يومياا‪) ،‬المفارقة مع حد الفقر الدنإى(‪.‬‬
‫أما الوليات المتحدة ذات القتصاد الحر فتدعم مزارعيها‪ ،‬وأوروبا يشكل مجموع الدعم الزراعي ‪ %30‬من‬
‫قيمة النإتاج النهائي‪.‬‬
‫إن معزوفة أن يذهب الدعم إلى مستحقيه ولعادة النظر تحمل في طياتها خطر أن يتبخر الدعم عن مستحقيه‬
‫وغير مستحقيه‬
‫‪ v‬دعم السكر والخبز‪ ،‬والزيت‪ ،‬والحليب‪،‬و‪. ...‬‬
‫‪ .4‬دعم البنزين والمازاوت‬
‫إن سياسة الدعم يجب أن تعتمد على فكرة أن الدولة ل يجب أن تقوم بدور الجابي والتاجإر بقدر ماتقوم بدور‬
‫الضامن للمن الجإتماعي وللستقرار السياسي‪.‬‬
‫إن السياسة الجإتماعية الصحيحة هي التي توجإه السياسات القتصادية ضمن منظور أولويات وأهداف محددة‬
‫على أساس آجإال زامنية مدروسة تفرضها ضرورات الواقع القليمي والمحلي‪.‬‬

You might also like