You are on page 1of 27

‫السنة الخامسة ـ العدد ( ‪ ) 30‬شهرأغسطس ‪2011‬‬

‫مجلة إلكـرتونية ـ دورية ـ متخصصة يف تنمية الذات‬


‫طور حيا‬
‫ـ‬

‫رئيس التحـرير‬
‫إســــالم سـلـيـمـان‬
‫اخـتر صاحـبك‬ ‫مديـر التحريـر‬
‫جـمـيـلـة شـعـيـب‬
‫ُكـتـاب الـعـدد‬
‫يغـفـل كـثـري مـن الـنـاس عـن أهمـية الصحـبـة‪ ،‬فإذا بهـم يسـريون مع أصحـابهـم دون‬ ‫د‪ .‬إســمـاعيل أبــو بـكـــر‬
‫اخـتـيـارأو تـدقـيـق‪،‬ودون معـرفـة بحـقـوقالصحـبـةوآدابهـافـينتـج عـن ذلكزالت‪.‬‬ ‫م‪ .‬عـبـد الدائم الـكـحـيـل‬
‫أ‪ .‬حذيفة السيد عبد املعطي‬
‫ويبني رسول الله صيل الله عليه وسلم خـطورة الصحـبة وأهمية اخـتيار الصاحـب حـني‬ ‫أ‪ .‬رءوف شـــبـــايــــــــــك‬
‫أ‪ .‬كـــريــــم الــشـــاذلـــي‬
‫قال‪« :‬املـرء عـىل دين خـليله فلينظـر أحـدكم من يخـالل»‪ .‬ويقول عبد الله بن مسعود‪:‬‬
‫أ‪.‬محـمـد عمــر باعـثـمــان‬
‫ما مـن شـيء أدل عـىل شـيء‪ ،‬وال الدخـان عـىل النـار مـن الصاحـب عـىل الصاحـب‪.‬‬ ‫أ‪ .‬مـحـمـود الـحـوسـنـــي‬
‫أ‪ .‬نـجــــــالء مـحـــفــــوظ‬
‫ويقول علامء االجـتامع‪ :‬الطـبـاع يرسق بعـضـها من بعـض‪ ،‬ومن هـنـا يتـأثـر اإلنسـان‬ ‫أ‪ .‬هدى بـنت نارص الفريح‬
‫بصـاحـبـه دون أن يلـحـظ أو يتـعـمـد ذلك‪ ،‬فإن دوام العـرشة مع املحـبـة يـؤدي إىل‬ ‫أ‪ .‬وحــيــــــد مـــهــــدي‬
‫التـعـود عىل ما يفـعـله الصاحـب‪ ،‬ثم قـبـولـه‪ ،‬ثم تـقـلـيـده‪ ،‬ثم فـعـله عـاده‪ .‬لذلك قال‬ ‫إســـــــــــراء ريــــــــاض‬
‫رسول الله صيل الله عليه وسلم‪« :‬ال تصاحـب إال مؤمـنا‪ ،‬وال يأكل طـعـامك إال تـقـي»‪.‬‬ ‫ريــــــــــــم عـبــــــد الله‬
‫عــــــــــــالء مـــــــــــراد‬
‫عن املـرء ال تسـأل وسل عن قرينـه‬ ‫عـــبــد الــعـزيـــز دلـــول‬
‫فكــل قـريــن باملـقــارن يـقتـــدي‬ ‫محـمــد حـمــدان الـرقـب‬
‫إذا كـنت يف قوم فصاحـب خيارهم‬ ‫مـصطـفـــي كـــــريــــــم‬
‫وال تصحب األردى فرتدى مع الردى‬ ‫مصــمم العــدد‬
‫إســــالم سـلـيـمـان‬
‫طــــور حـيـاتــك‬
‫غــالف الخلفية‬
‫روان دعـــاس‬
‫‪www.feker.net‬‬
‫مصـمم الشعـار‬
‫أحــمــــد املــــــال‬
‫إذا ك ـ ـ ـ ـن ــت تــرغ ـ ـ ـ ـ ــب باملـ ـ ـشـ ـ ــارك ـ ـ ـ ــة‬
‫مبوضوعأوفكرةأومالحظةأوتعليق‪..‬‬
‫تواصل معنا عن طريق بريد اجمللة‪:‬‬
‫‪twrhayatk@hotmail.com‬‬
‫أو ع ـ ــرب اهلــاتـ ــف رقـ ـ ـ ــم‪:‬‬
‫‪)+2(01008750575‬‬
‫وميكنكم متابعتنا عن طريق املدونة‪:‬‬
‫‪www.twrhayatk.blogspot.com‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة ©‬
‫مجلة طور حياتك ‪ 2006‬ـ ‪2011‬‬
‫المحتويات‬
‫‪09‬‬ ‫‪07‬‬
‫رحلـــــتيلــــــــواديصحــــــــراوي ‪04‬‬
‫املـصـائـب صـديـقـا ‪05‬‬
‫ُ‬ ‫حــيـنمـا تـغــدو‬
‫اكــــرس يأســـــك بإرادة االنـتــصــــار ‪06‬‬
‫عـــــــــــــــــش حـاضـــــــــــــــرك ‪07‬‬
‫الصـــداقـة وصــديــقــي مـصطفـــى ‪08‬‬ ‫هــل أنــت شـخــــــص نـاجــــح؟‬ ‫عــــــــــــــش حــــــــاضـــــــرك‬
‫هـل أنــت شــــــخـــص نـاجـــــــح؟ ‪09‬‬
‫تجارب رياضية لتجاوز مشاعر القلق ‪10‬‬
‫الحــــــيــاة اتـصــــــال وتـواصــــــل ‪11‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪16‬‬
‫الــفـــــــــــــــالح ومحـصـول الـذرة ‪12‬‬
‫اخـربين من صديقـك اعرف من تكـون؟ ‪13‬‬
‫دون بالــقــلـــــــــــــــــــــــــــــم ‪15‬‬
‫النجــــــــاح يف تحــديـد األولـويــات ‪16‬‬
‫اشــحــــــــــــن نــفــســـــــــــــك ‪17‬‬
‫واحـــــــــــــة طـــــور حــــيــاتـــك ‪18‬‬
‫كـــــــــــــــن كالـجــــــــــــبـــل‬ ‫النجـــاح يف تحـــديـد األولـويــــات‬
‫اكـرس القضـبان‪ ..‬واخـــرج من سجـنـك ‪19‬‬
‫أقــوال ملهمـة لألديـب محـمد الغـزايل ‪21‬‬
‫الـتـفــــــــــــــــــــــــــــــــــــاؤل ‪22‬‬
‫قـصــــة كـفــاح جــوان ك‪ .‬رولينــج ‪23‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪22‬‬
‫ألـيـــــس الصـبـــــح بـقـــــريـب؟! ‪25‬‬
‫اتــصــــــــــــــل بـنـفــســـــــــــك ‪26‬‬

‫ألـيـــس الصـبـــح بـقــــريــــب؟!‬ ‫الــتــفــــــــــــــــــــــــــــــــاؤل‬

‫‪30‬‬
‫تنويه‪ :‬نحن نعمل جاهدين عىل التقليل من األخطاء اللغوية واملعرفية وكذلك األخطاء الناتجة عن تنقل‬
‫جمل مقالة إىل مقالة أخرى أثناء التصميم‪ ،‬وبرغم ذلك تظل مجهوداتنا يف هذا املضامر برشية يف النهاية‪،‬‬
‫ومن أجل ذلك كله نرجو أن تلتمسوا لنا العذر وأن تقبلوا تأسفنا العميق‪ .‬والقادم أفضل بحول الله‪.‬‬

‫موقع فوائد تي في‬


‫(((( قناتك على النت ))))‬
‫)‬ ‫(‬

‫‪www.fawaed.tv‬‬
‫كلمة العدد‬ ‫ـ‬

‫رحلتي لوادي صحراوي‬


‫منذ عدة سنـوات سافـرت يف رحـلة علمية إىل إحـدى الوديان الصحـراوية بغـرب مرص‪ .‬والـوادي هو أرض‬
‫منخفضة تحيط بها أرايض مرتفعة قد تكون جبال أو هضاب‪ ،‬قضينا به عدة أيام رائعة‪ ،‬اخـتلست فيها بعض‬
‫لحظات التأمل والتفكر لبعض مكونات هذا الوادي‪ ،‬كانت كافية الستلهامي بعض الدروس املفيدة للحياة‪.‬‬

‫أذكر أننا عندما وصلنا إىل هناك بعد مشقة بالسفر‪ ،‬بدأنا بتفقد املكان‪ ،‬وبدأ كل منا يقول نظرته يف تحديد‬
‫حدود الوادي‪ ،‬وما هو أعىل مكان به‪ ،‬قضينا اليوم األول والثاين ويف ثالث يوم أخذت صديق ّيل يسمى‬
‫«أرشف» وقررنا أن نصعد إىل أعىل نقطة بقمة أعىل جبل يف هذا الوادي‪ ،‬وبالفعل بدأنا بالتسلق وأعيننا‬
‫عىل هذا املكان الذي حددناه يف أول يوم‪ ،‬وعند وصولنا إليه بعد مشقة اكتشفنا أنه يوصلنا ملكان أعىل منه‬
‫وبالفعل اتجهنا إليها‪ ،‬ومنه آلخر حتى وصلنا ألعيل نقطة بالوادي‪ .‬عندها رأينا بأعيننا حدود الوادي وتضاريسه‬
‫بوضوح عىل عكس ما وصفه زمالئنا أول يوم وهم يقفون بأسفله‪ .‬رحلنا بعدها بثالث أيام والجميع يظن أن‬
‫أعىل مكان هو ذاك الذي رأوه من أسفل‪ ،‬ألنهم مل يجهدوا أنفسهم بالصعود ألعىل واالستامع برؤية الوادي‬
‫من أعىل واستنشاق الهواء النقي‪ .‬ومن هذا نتعلم أنه مهام حققنا من نجاحات ومتيز‪ ،‬فهناك نجاحات أكرث‬
‫بقلم‪ /‬إســالم سلـيامن‬ ‫تنتظرنا أن نحققها‪ ،‬ومهام بلغنا من العلم‪ ،‬فهناك علوم أخرى نتعلمها‪ ،‬فسقف الطموح ال حدود له‪ .‬وأنه علينا‬
‫الكـد والتعـب حـتى نصل إىل أعىل املراتـب فالراحـة ال تجـلب لصاحـبها إال البـؤس والقناعـةمبا هو موجـود‪.‬‬

‫ونحن يف صعودنا ألعيل قمة جبل بالوادي كان الطريق غري ممهد وميلء بالحىص املفتت الذي يرجع آلالف‬
‫السنوات‪ ،‬فقد ساعدت عوامل التعرية طوال هذه السنوات من الهواء واملطر يف تفتيته‪ ،‬لفت انتباهنا‬
‫تفاوت أحجام هذا الحىص‪ ،‬فهي نفسها العوامل التي تعرض لها الصخر فتفتت لحيص متفاوت األحجام‪.‬‬
‫فهناك صخور قاومت وصمدت أمام عوامل التعرية فلم تتفتت ومل تصبح ترابا‪ ،‬وأخري ضعفت أمامها فتفتت‬
‫وأصبحت ترابا‪ .‬وهكذا اإلنسان عندما تنزل عليه مصائب ومحن الحياة‪ ،‬إذا صرب وشكر واحتسب األجر‬
‫عند الله‪ ،‬وريض بقضاء الله‪ ،‬فإن الله سيعينه عىل ما أصابه به‪ ،‬وسينزل عىل قلبه السكينة‪ ،‬وسيعوضه خريا‪،‬‬
‫وسيصلح له حاله‪ .‬أما إذا سخط وجزع وغضب‪ ،‬فلن يزيده ذلك إال أملا وحزننا‪ ،‬واضطرابا يف قلبه وانزعاجا‪.‬‬

‫ننظر إيل األرض فإذا هي جرداء خالية من أي زرع أو ماء‪ ،‬وفجأه نجد نبته صغرية بها بعض الورود‪ ،‬تعجبنا كثريا‬
‫لوجودها وسط هذه الصحراء القاسية‪ .‬فمهام ضاقت بنا الدنيا‪ ،‬وأسودت يف عيوننا الحياة‪ ،‬وأغرقتنا مبشاكلها‪،‬‬
‫لنبحث عن بارقة أمل نتمسك به فيعيد لنا نور الحياة وابتسامتها‪ ،‬فمن األمل يولد العمل‪ ،‬ومن األمل يولد النجاح‪.‬‬

‫يف الليل والظالم يغطي سامء الوادي‪ ،‬يطل القمر منريا بوسطها‪ ،‬ليهدي السائرين ويرشدهم‪ .‬فعيل كل منا أن يبحث‬
‫عن من يقتدي به‪ ،‬عن اإلنسان الذي يتعلم منه الحكمة ويستلهم منه العربة يف كل مسألة من مسائل الحياة‪.‬‬

‫بعد قضاء عدة أيام بالوادي‪ ،‬وبعد أن ألفنـا تواجدنا به‪ ،‬حانت لحظة الرحيل‪ ،‬الجميع كان يف حالة حزن‪ ،‬ومتني‬
‫لو قيض به أياما أخري‪ .‬ونحن أيضا يوما ما سرنحل من هذه الحياة إىل‪ ،‬ولكننا ال نعرف وقت الرحيل‪ ،‬لنتذكر أننا‬
‫لن نعيش إال حياة واحدة‪ ،‬علينا االستمتاع بها‪ ،‬ورضا الله عز وجل‪ ،‬والحرص عىل أن نرتك أثرا جميال وذكرى طيبة‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫ديسمرب‪4 2010‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 28‬شهر‬
‫إشراقة أمل‬

‫حينما تغدو المصائب صديقا‬


‫بقلم‪ /‬محمد حمدان الرقب ـ األردن‬

‫تأرسه مصائ ُبه‪ ،‬أو يث ّب ُطه خو ُر ق ّو ِته‪،‬‬


‫نصل إىل آخ ِر سرِ ْ ٍب تزهَ ُق فيها‪ ،‬إ ّال وتن ّغ ُصه همو ُمه‪ ،‬أو ُ‬‫ما ِمنْ أح ٍد يف هاته البسيطة َبد ًءا منْ لدُ ْن آد َم عليه السالمُ حتّى ِ‬
‫ّاس‪،‬‬
‫كبرية من الن ِ‬‫طائفة ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫املستقبل مخي ًفا مف ِزعًا‪.‬ه ِذ ِه هي الحال ُة الطبيع ّي ُة التّي اعتادت عليها‬
‫ُ‬ ‫ويصبح‬
‫َ‬ ‫وق ّل ُة حيل ِته‪ ،‬أو تق ّيدُ ه أوها ُمه‪ِ ،‬ليص َري الواقعُ َص ْع ًبا‪،‬‬
‫مفاجئ؛ فنجدُ تفك َريهم ين َْص ّب‬ ‫ٍ‬ ‫مرض‬
‫صديق‪ ،‬أو مداهم ِة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حبيب‪ ،‬أو نزولِ نازل ٍة‪ ،‬أو خسار ِة مالٍ ‪ ،‬أو خيان ِة‬
‫فقدان ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األس بوفا ِة عزي ٍز‪ ،‬أو‬ ‫وخاصة من َ‬
‫ذاق ُم َّر ىَ‬ ‫ّ‬
‫ّلف املحيطِ بهم‪.‬‬ ‫اليأس ودهاليز الت ِ‬ ‫هات ِ‬ ‫ُ‬
‫ني ت َّر ِ‬‫َُح ْو َل هاتيك البقائع‪ُ ،‬مترَ دّدين ب َ‬
‫يحتسب همو َمه وآال َمه يف ميز ِان حسنا ِته يو َم القيام ِة‪ .‬هذه أ ّو ُل نقط ٍة نتّفق عليها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وج ّل‪ ،‬وأن‬ ‫وضعه فينبغي له أن ي َُس ِّل َم أم َره ك َّله لل ِه ع َّز َ‬
‫كان هذا ْ‬ ‫و َمنْ َ‬
‫الرسول صلىّ الل ُه عليه وس ّل َم ً‬
‫بعضا‬ ‫ُ‬ ‫أنهل عليه خ ٌري أم حاقت به مصيبة‪ .‬وقد َذ َك َر‬ ‫أنا وأنت‪ ،‬ال ّرضا بقضا ِء الل ِه وق َد ِره‪ ،‬فينبغي للمسلم ْأن يح َم َد الل َه تعالىَ َسوا ٌء َّ‬
‫للمؤمن‪ْ .‬إن أصابتْه سرَ ّا ُء َش َك َر‪ .‬فكان خ ًريا له‪.‬‬‫ِ‬ ‫اإلميان عندما قال‪« :‬عج ًبا ألم ِر املؤمن‪ّ .‬إن أم َره ك َّله خ ٌري‪ ،‬وليس ذاك ألح ٍد إال‬ ‫ِ‬ ‫املؤمن السائر عىل طريق‬
‫ِ‬ ‫صفات‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫واآلالم َ‬
‫وقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫مواطن الرزايا‬‫ِ‬ ‫الح ْم َد يف‬
‫وإن َ‬ ‫ضا ُء َصبرَ َ‪ .‬فكان خ ًريا له»‪ .‬إذ ّإن الشك َر يُديمُ استمرار ال ِّن َع ِم التي يُس ِب ُغها الل ُه َج ّل يف عُ اله عىل عب ِده‪ّ .‬‬ ‫وإن أصابته رَ ّ‬
‫ريبط الله تعاىل عىل قل ِبه ويصبرّ َه يف مصا ِبه‪ ،‬ويهد َيه إىل سبيل الرشاد‪.‬‬ ‫إ ّنا لله وإنا إليه راجعون َليخ ّف ُف ِمنْ ح ّد ِة املصيب ِة وو ْق ِع الطا ّمة حني تتغشاه‪ِ ،‬ل َ‬

‫األمام‪ ،‬وكذلك العمر فإنه ينقيض ووجهُه تلقا َء القادم‪ ،‬والقافل ُة كدأ ِبها تس ُري باستقامة‪ ،‬وأ ّما املايض فقد ز َال واندث َر‪ ،‬ود َ‬
‫َرست آثا ُره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّإن الحيا َة تمَ ْيض نح َو‬
‫َ‬
‫ونلتفت َص ْو َب ماضينا‬ ‫تس ُ‬
‫اقط من بني أيدينا‬ ‫ات الحيا ِة ّ‬‫الغريب يف األمر أن َندَعَ ح ّب ِ‬
‫َ‬ ‫والحارض هو الذي بقي لنا ِمل ًكا وحيا ًة‪ ،‬ولكنّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واملستقبل ال نعلمُ شي ًئا عنه‪،‬‬
‫يأسنا وقل ِقنا‪ ،‬فنرتك القافلة تسري وتتعدّانا مبنازل‪ ،‬ونرىض بأن نق َب َع يف أماكننا ومطارحنا‬ ‫املستقبل الذي مل َي ِجئْ َب ْعدُ ‪ ،‬و َن َظ ّل غارقـني يف َغ ْم َر ِة ِ‬
‫ِ‬ ‫أو ني ّمم ناحي َة‬
‫حظنا العاث َر الذي ش ّكلناه بأفكارنا فأصبح ج ْز ًءا منّا وال ّ‬
‫ينفك عنّا‪.‬‬ ‫نندب َّ‬ ‫حول ذواتنا‪ ،‬ونبقى ُ‬ ‫متقوقعني َ‬
‫َ‬
‫نسترشف مستقب ًال ييضء حياتنا‪ .‬ومن يعلمُ ؟!‬ ‫وفرص النجاح‪ ،‬وأن‬ ‫بتالبيب الحياة ِ‬
‫ِ‬ ‫ننترص عىل ضعفنا وتخاذلنا وأن َ‬
‫منسك‬ ‫َ‬ ‫والنصب وأن‬
‫َ‬ ‫التعب‬
‫َ‬ ‫يجب أن ُنقاو َم‬
‫كل ِم ْح َن ٍة ِمن َْح ٌة‪ ،‬فل ُر ّمبا إن ضاق األمر انفرج وا ّتسع‪ ،‬كام ِ‬
‫الحبل إن ُش ّد انقطع‪ ،‬واألضداد أندادٌ ‪َ ،‬ف َت َع َّل ْم أ َنه ْإن وجـدت األم َر تشت ّد حلكتُه ويطول ليـالؤه‪،‬‬ ‫ففي ّ‬
‫فإن تلك اللحظة ستكون معها الفرج واملنحة من الله الع ّ‬
‫يل القدير‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وأم ٌر آخ ُر علينا التصديق به وهو ّأن الل َه تعاىل ما ابتىل عبدًا من عبا ِده إال ألنه يح ّبه‪ ،‬فتأيت اآلالم ّ‬
‫ممحصة للذنوب املتكدّسة عىل صفحات قلبه‪ ،‬وتكون له‬
‫غم‪،‬‬
‫حزن وال أذى وال ّ‬
‫هم وال ٍ‬
‫وصب‪ ،‬وال ٍّ‬
‫نصب وال ٍ‬‫نت من ذي قبل‪َ ،‬و ْلنتذك ْر قول الرسول الكريم‪« :‬ما يصيب املسلم‪ ،‬من ٍ‬ ‫مق ّوية من عزميته ِليغد َو بع َد ذلك أم َ‬
‫حتّى الشوكة يشاكها‪ ،‬إال ك ّف َر الله بها من خطاياه»‪.‬‬
‫أجل‪ ،‬تذ ّك ْر َّأن املصيب َة هي َم ْح َفز ٌَة لك يف التغ ّلب عليها والتّصدّي لها والوقوف بوجهها وتجاوز عقبا ِتها‪ ،‬واملجاهد ِة عىل ذلك‪ ،‬واملثابر ِة عىل رؤية الوج ِه اآلخ ِر منها‪،‬‬
‫َ‬
‫ويجعل الله فيه خ ًريا كث ًريا»‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫نافـعـة «وعىس أن تكرهوا شي ًئا‬ ‫الوجـ ِه اإليجـا ّيب الذي َي ْك ُم ُن يف ّأن الل ّه تعاىل ْمل ي ِر ْد لك حـينام ابتـالك إال الخـ َري‪ ،‬و ُر َّب ضا ّر ٍة‬
‫َ‬
‫وتناضل حتّى تحيا‬ ‫الحيرْ َة‪ -‬بأال تركنَ إىل وه ِنك وأال ترىض بخو ِر ق ّو ِتك وعزمي ِتك‪ ،‬بل عليك أن تجاه َد‬ ‫اك ِمنَ َ‬ ‫يف ختام قويل أو ّد أن أذكرك‪-‬ع ََص َمنَا الل ُه وإ ّي َ‬
‫حيا ًة طيبة « َوا َّل ِذينَ َجاهَ دُ وا ِفينَا َل َن ْه ِد َي َّنه ُْم ُس ُب َلنَا»(العنكبوت‪ )69:‬و» َو َمنْ َي َت َو َّك ْل َعلىَ ال َّل ِه َف ُه َو َح ْس ُب ُه»(الطالق‪.)3:‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫ما شكوت الزمان وال برمت بحكم السامء‪ ،‬إال عندما حفيت قدماي‪ ،‬ومل أستطع رشاء حذاء فدخلت مسجد الكوفة‪،‬‬
‫وأن ضيق الصدر‪ ،‬فوجدت رجال بال رجلني‪ ،‬فحمدت الله وشكرت نعمته‪ .‬حكيم فاريس‬

‫حياتك ‪5‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫طريقك حنو حياة أفضل‬

‫اكسر يأسك بإرادة االنتصار‬


‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬نجالء محفوظ ـ مرص‬

‫يأيت إليها الكثريون يف كل لحظة ويغادرها أيضا العديد من البرش يف نفس اللحظة؛ إنها الحياة التي تستقبل دوما من يقدمون عليها وسط ترحيب وأمنيات طيبة‬
‫من األهل‪ ،‬وتودع الكثريين بعد أن عاشوا حياة مل يسعدوا بها ومل يحققوا فيها إال القليل من أحالمهم وهزمتهم تفاصيل الحياة ومعوقاتها وغباواتها‪ .‬وبعد أن‬
‫سمحوا لها بالرتاكم داخل أرواحهم وقلوبهم وعقولهم‪ ،‬انسحبت الحيوية من العيون وتراجعت محبة الحياة من القلوب‪ ،‬وانهزمت الروح يف الرصاعات املختلفة‪،‬‬
‫وتداعت أمام معوقات الحياة‪ ،‬والتي ال تخلو منها أي حياة‪ .‬وعاشوا أجسادا تأكل وتنام وتتكاثر بال حامس‪ ،‬ومل يضيفوا ألنفسهم أو ملن يحبون أو للحياة شيئا‪،‬‬
‫بل تعاملوا مع الحياة وكأنها قطعة من املطاط يلوكونها يف أفواههم بال طعم وبال فائدة‪ ،‬ومل يصنعوا ألنفسهم املذاق الرائع للحياة؛ ألنهم تخلوا عن تفردهم‬
‫اإلنساين‪ ،‬وقبلوا أن يكونوا مجرد أرقام أو مناذج برشية تتحرك وإن خلت منها روح الحياة الحقيقية‪ .‬وأكاد أسمع من يهتف‪ :‬ما هذه القسوة؟ أال تعرفني‬
‫أن الحياة ممتلئة باالختبارات القاسية وأننا مجرد برش‪ ،‬وال ميلك أحدنا صفات خارقة؟ وأرد بود واحرتام‪ :‬كلنا برش ولكن األقلية فقط هي التي استطاعت‬
‫تذوق الحياة واستمتعت بها واحرتمت كل ثانية من عمرها وعندما تعرضت الختبارات الحياة القاسية‪ ،‬والتي ال ينجو منها أحد‪ ،‬قررت اختيار الصمود وعدم‬
‫التخيل عن إرادة االنتصار يف االختبار وتحويل األمل النابع من املحنة إىل قوة مولدة للمزيد من الحامس املتنامي بلطف وعذوبة لالستمتاع مبا يتبقى يف‬
‫الحياة‪ .‬وقد يتبادر إىل الذهن عند قراءة كلمة االستمتاع أن األمر ينرصف إىل الرتفيه وامللذات املختلفة‪ ،‬والحقيقة أن هذه األنواع من املتع مؤقتة للغاية‬
‫ومفعولها ينتهي بعد فرتة قد تقرص أو تطول بعض اليشء‪ .‬واملتعة الحقيقية التي تستمر طويال وعندما يتذكرها اإلنسان تنري له العتمة ومتنحه نوعا من البهجة‬
‫املتفردة التي تربت عىل أوجاعه بحب واحرتام بالغني‪ ،‬ومتده بطاقات هائلة تجدد حيويته وتنعش روحه وتجعل عقله صافيا وقلبه رحبا‪ ،‬يحتضن كل ما يف‬
‫الكون من جامل ويتسامح مع القبح الذي يحارصنا جميعا بل يشعر بالشفقة من أجله‪ ،‬فمن يختار القبح يرسق عمره ويحرم نفسه من متع الجامل والرقي‪.‬‬
‫أفضل أنواع املتع هي متعة االنتصار عىل معوقات الحياة وعدم السامح لها بإحداث أي خدش ولو كان بسيطا يف إنسانية صاحبها واحرتامه وتصالحه مع نفسه‪ .‬وليك‬
‫تتحقق هذه املتعة البد أن يحرتم اإلنسان نعمة الحياة وأن يضع لنفسه خطوطا حمراء يف التعامل مع نفسه ومع من حوله بل ومع الدنيا كلها‪ ،‬وأال يترصف أبدا كرد‬
‫فعل ملا يحدث من حوله وأال يرتك دفة حياته تختل من بني يديه ؛ ألنه إن فعل فسيمسك بها غريه‪ ،‬مع مالحظة أن الهبوط إىل الهاوية أسهل كثريا من الصعود إىل القمة‪.‬‬
‫ففي الهبوط يكفي أن ينىس اإلنسان نفسه وسيهوي بأرسع مام يتخيل‪ ،‬أما يف الصعود فالبد من الوعي أوال بأهميته‪ ،‬ثم تنمية الرغبة فيه ثانيا‪ ،‬ويأيت بعد ذلك احتضان‬
‫املثابرة ووضع مكاسب الصعود نصب عينيه ليال ونهارا؛ لتهون عليه مشاق الصعود ولتكون ترنيمته املتفردة أثناء الصعود ليستمتع بكل مراحله‪ .‬ومينح نفسه من‬
‫آن آلخر اسرتاحة محارب ينتيش فيها بالقدر الذي حققه‪ ،‬ويربت عىل نفسه ليزيل أوجاعه فال أحد سيفعل ذلك أفضل منه‪ ،‬وهذا أرقى وأذىك من انتظار الرتبيت من‬
‫الخارج‪ ،‬وقد علمتنا الحياة أن القوة تكمن يف االستغناء وأن الذيك هو من يقوم بتعويض نفسه أوال بأول عام فاته وال يضيع سنوات العمر يف تسول ذلك من اآلخرين‪.‬‬
‫وعىل من يريد تأجيج إرادة االنتصار بداخله أن يثق دامئا أن حياته هي ثروته الحقيقية فال يبدد أي لحظة منها يف عناء بال جدوى أو يف مخالطة من يجذبونه‬
‫إىل األسفل أو يف االستمرار يف التجارب الفاشلة واالستسالم الحتكار الرثاء‪ ،‬فاملنترص يف الحياة هو من ينتبه للعالمات يف الوقت املناسب فيقفز بعيدا قبل‬
‫تزايد الخسائر وعندما يتعرض للهزمية من آن آلخر ال يحتكر الرثاء لنفسه وال يبحث عن اإلنقاذ الخارجي وال يطيل املكوث عىل األرض‪ ،‬بل يسارع باحتواء‬
‫أمله والتأكيد بأنه ليس قابال للكرس أو حتى للخدش واالستمتاع برتميم جراحه واعتباراها أوسمة عىل رشف املحاولة وعدم االستسالم‪ ..‬ويتذكر أن من ال تهزم‬
‫روحه ال يهزم أبدا‪ ،‬ويصنع لنفسه من رشاب الهزمية املر مادة حلوة لتجارب قادمة ناجحة ويخوض الحياة بقلب شجاع‪ .‬وصدق أديبنا الرائع نجيب محفوظ‬
‫رحمه الله وهو القائل‪« :‬لن ينصلح حال الدنيا إال إذا عرف الناس أن عاقبة الجنب أوخم من عاقبة الشجاعة»‪ .‬وكام قال ميكيافييل‪« :‬األبرياء العزل من الخربة‬
‫والفطنة يهلكون»‪ .‬لذا فإن املنترص يف الحياة يخرج من هزامئه –وال يوجد محارب بال هزائم‪ -‬بخربات هائلة تضاعف من وعيه اإلنساين ومن اتساع أفقه‬
‫ومن رحابة قلبه ونور روحه مام يقوي عزميته ويجعله أهال لالنتصارات املتواصلة الذايت وتهويل معاناته وتوهم انه أنه وحده من يتأمل يف الحياة فيهزم نفسه‬
‫ويسمح لألمل بتشويه نظرته للحياة ويحرم نفسه من البحث عن الحلول الواقعية ملعاناته ويفرح بتقليصها قدر املستطاع ويتشاغل عام ال يستطيع التخلص منه‪.‬‬
‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫علينا أن نجلس مع أنفسنا من آن آلخر‪ ،‬لرنى كيف تسري حياتنا‪ ،‬وهل متيض كام نريد أم أن معوقات الحياة هزمتنا‬
‫وأخذتنا بعيدا عن طموحاتنا وأحالمنا وأحيانا إنسانيتنا أيضا‪ ..‬والبد أن نتحىل باألمانة التامة يف هذه الجلسة عىل‬
‫أال نبالغ ال يف القسوة عىل النفس وال يف خداعها بأنه ليس يف اإلمكان أبدع مام كان فدامئا ميكن وجد ما هو أفضل‪،‬‬
‫وبإمكاننا التنافس مع أنفسنا النتزاع أفضل ما يف داخلنا بحب ورفق ومنحه إدارة دفة حياتنا ومساعدته بكل ما منلك‬
‫من طاقات وطرد كل ما يخصم من انتصاراتنا يف الحياة أوال بأول وليكن شعارنا يف الحياة قول اإلمام عيل كرم الله‬

‫حياتك ‪6‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫دروس للحياة‬

‫عش حاضرك‬ ‫بقلم‪ /‬مصطفى كريم ـ مرص‬

‫يف يوم من األيام يف قديم الزمان‪ ،‬ويف بالد بعيدة كان يعيش رجل حكيم عجوز مبنزل عىل قمة تل‪ ،‬وكان قد كرس حياته بكاملها للتعلم والتأمل‪ ،‬وقد طبقت شهرته‬
‫رجال السياسة واملال والتجارة وأصحاب املقامات الرفيعة‪ ،‬فيقدم لهم عىل‬ ‫اآلفاق؛ بسبب ذكائه ورهافة حسه وحكمته‪ ،‬وكان يأيت لزيارته ولطرح األسئلة عليه ُ‬
‫الدوام الجواب الصحيح‪ .‬وكان هذا الحكيم يتحىل مبلكة فريدة تتيح له أن يصل مبارشة إىل جوهر املشكلة أو القضية‪ ،‬وبالعمل مبا يقدمه من إجابات وحلول تكون‬
‫النتائج ممتازة دامئا‪ ،‬ورسعان ما امتدت شهرته عرب البالد‪ .‬ويف القرية التي تقع أسفل التل‪ ،‬اعتادت مجموعة من الفتيان اللعب معا‪ ،‬وأحيانا كانوا يتسلقون التل‬
‫لزيارة الحكيم وسؤاله بعض األسئلة‪ ،‬والتي كان يجيب عنها دامئا اإلجابة الصحيحة‪ ،‬حتى تحول األمر مع الوقت إىل مباراة صغرية‪ ،‬يحاول فيها الفتيان التفكري يف‬
‫سؤال ال ميكن للحكيم أن يجيب عنه‪ ،‬لكنهم مل ينجحوا يف هذا أبدا‪ .‬ويف أحد األيام قرر زعيم الفتيان واسمه «آرام» بدعوة اآلخرين من حوله وقال لهم‪ :‬لقد وجدت‬
‫أخريا الطريقة التي سنعجز بها الحكيم العجوز‪ ،‬هاهنا يف يدي عصفور سنذهب إىل العجوز ونسأله ما إذا كان هذا العصفور حيا أم ميتا‪ ،‬فإذا قال أنه ميت فسأطلق‬
‫العصفور وسيطري محلقا‪ ،‬وإذا قال إنه حي سأدق عنق العصفور وسيكون ميتا‪ ،‬ويف كل من الحالني سيثبت أنه مخطئ أخريا‪ .‬أرسع الفتيان بصعود التل‪ ،‬تسوقهم‬
‫الفرحة بتوقع النيل من الحكيم أخريا‪ ،‬ودفعه إىل اإلجابة الخاطئة‪ ،‬فالحظ الحكيم قدومهم إليه وملح النظرات املتلهفة تعلو وجوهم ثم اقرتب «آرام» منه وسأله‪:‬‬
‫أيها الحكيم‪ ،‬معي بني يدي هنا عصفور‪ ،‬ونود أن نعرف منك هل هو حي أم ميت؟ نظر الحكيم إىل وجوهم املتخابثة واملتحفزة للنيل منه‪ ،‬ثم قال يف هدوء‪ :‬إن‬
‫األمر بني يديك يا «آرام»‪ .‬األمر بني يديك‪ :‬هل الزلت تتنفس؟ وهل تشعر بالهواء يدخل إىل رئتيك ثم يخرج منها؟ وهل تستطيع أن تجلب أفكا ًرا من شتى املجاالت‬
‫إىل عقلك؟ وهل الزال لديك قلب يضخ الدماء يف جميع أنحاء جسدك فيبعث فيك النشاط والحيوية؟‪ ،‬إذا كانت اإلجابة عن هذه األسئلة هي «نعم»‪ ،‬فحسب‬
‫معلومايت الضئيلة يف الطب أنك ال تزال ح ّيا‪ ،‬وحسب معلومايت يف اإلدارة فإنك متلك القدرة عىل اختيار اتجاه هذه الحياة‪ ،‬وتسيريها وفق ما تريد‪ ،‬سواء أكان اتجاها‬
‫سلبيا أم إيجابيا‪ .‬األمر ال يزال بني يديك‪ ،‬فأنت سيد مصريك‪ ،‬وأنت الذي تتحكم يف حارضك وتوجهه ـ بعد مشيئة الله ـ كام تريد‪ ،‬إال أننا كثريا ما نفتقد للعمل‪ ،‬فننشغل‬
‫بالنظر إىل املايض ومحاولة قراءة املستقبل مام يحول بيننا وبني العمل الجاد يف الحارض‪ ،‬ففي حارضك ميكنك أن تفعل اآلن أي يشء تريده‪ ،‬إال أنك ال تستطيع أن‬
‫تغري شيئا من ماضيك‪ ،‬وال أن تحرك شيئا يف املستقبل‪ .‬إن هذه الثواين التي تقرأ فيها ذلك الكالم ستكون بعد قليل جزءا من املايض‪ ،‬وستقتطع جزءا من مستقبلك‬
‫املحدود األجل‪ ،‬إال أنها قد تكون لحظات توفر بعد ذلك الكثري من الوقت يف املستقبل‪ ،‬وتضاعف لك إنجازاته فيصبح هذا الحارض وسيلة السترشاف املستقبل‪،‬‬
‫وقد تكون هذه اللحظات من األفكار السلبية هي الباعث عىل ضياع ذلك الحارض باإلضافة إىل أوقات كثرية من املستقبل؛ بسبب تفكري سلبي قد يطرأ عىل ذهنك‪.‬‬

‫يتوقف حارض املرء بني مطرقة النظر السلبي إىل املايض وسندان مخاوف املستقبل‪ ،‬وكالهام يشتت انتباهه وتركيزه يف هدفه وحارضة‪ ،‬وحتى التخطيط ملستقبله‪.‬‬
‫تتوقف درجة السكينة التي تغلف قلوبنا عىل مدى قدرتنا عىل العيش يف الوقت الحارض‪ ،‬وبرصف النظر عام حدث يف العام املايض أو باألمس‪ ،‬وما قد يحدث أو ال‬
‫يحدث يف الغد فإن الوقت الحارض هو الزمن الذي تعيش فيه فعال‪ .‬ودون أدىن شك إن الكثري منا قد تيقنوا من قضاء قدر كبري من حياتهم يف القلق بشأن العديد‬
‫من االمور يف آن واحد فنحن نسمح ملشكالت املايض واهتاممات املستقبل بالسيطره عىل وقتنا الحارض بدرجه تؤدي بنا إىل الشعور بالقلق واإلحباط والضيق‬
‫واليأس‪ .‬ومن ناحيه أخرى فإننا نؤجل شعورنا بالبهجه وأولوياتنا املحدده وسعادتنا ويف الغالب نقنع أنفسنا بأن يوما يف املستقبل سيكون أفضل من اليوم ولسوء‬
‫الحظ فإن اآلليات العقليه التي تجعلنا نتطلع للمستقبل سوف تكرر نفسها حتى أن هذا اليوم األفضل لن يأيت أبدا‪ .‬إن الكثري منا يعيشون وكأن الحياه تجربه‬
‫ملا سيحدث يف املستقبل‪ ،‬ولكن ليس هذا حالها ليس هناك مايضمن حياة أي منا يف الغد‪ ،‬فالوقت الحارض هو الوقت الوحيد الذي منلكه والوقت الذي نسيطر‬
‫عليه‪ ،‬فعندما نركز عىل الوقت الحارض فإننا نلقي بالخوف خارج عقولنا فالخوف هو القلق بشأن األحداث التي قد تقع يف املستقبل وليك نقاوم الخوف فإن أفضل‬
‫اسرتاتيجه تتمثل يف أن نتعلم كيفية اعادة تركيزنا عىل الوقت الحارض‪ ،‬لذا ركز انتباهك عىل الوقت الحارض وسوف تثمر جهودك بشكل أفضل‪ .‬وأعظم أسباب‬
‫الهروب من الحارض سببه الندم عىل املايض أو الخوف من املستقبل‪ ،‬هذان بُعدان أنت تفقد السيطرة عليهام‪ ،‬استفد من تجارب املايض وخطط لتوقعات املستقبل‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫عش حارضك‪ ،‬وأكرث القلق سببه الندم عىل املايض أو الخوف من املستقبل‪ .‬هذان بُعدان أنت تفقد السيطرة عليهام‪ .‬استفد‬
‫من تجارب املايض وخطط لتوقعات املستقبل‪ .‬واجه املخاوف‪ ،‬فمعظم املخاوف ال حقيقة لها‪ .‬كن شجاعاً يف مواجهة‬
‫املصاعب‪ .‬روض نفسك لتقبل األسوء ثم اعمل عىل أن ال يكون ذلك األسوأ‪« .‬اعقلها وتوكل»‪.‬تقبل الواقع‪ ،‬فرؤيتك هي‬
‫واقعك‪ .‬اعرف ما يقلقك ثم ادرسه جيدا‪ .‬قم بعدها باستشارة واالستخارة ثم اتخذ قرارا وال تندم عليه‪ .‬د‪ .‬صالح الراشد‬

‫حياتك ‪7‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫ابـتســم للـغـد‬

‫الصداقة وصديقي مصطفى‬


‫بقلم‪ /‬د‪ .‬إسامعيل أبوبكر ـ األردن‬

‫هذه رسالة أرسلهـا أحـد األصـدقاء إيل ‪-‬أسميته مصطفى‪ -‬عن طريق الربيد يشكـو إيل قلة األصـدقاء وندرتـهم‪ ..‬ويشكـو وحـدتـه وأنه يعـاين من النكـران‬
‫واستغالل اآلخرين له لطيبته‪ ..‬ويسألني‪ :‬هل أصبح سيئاً أن أجازي الناس مبثل ما يعاملوين أو أكون كام أنا؟؟‪ ..‬واخربين أنه يحس بأنه ال يريد أن يكون إنسانا‬
‫آخر بحيث يُعا ِمل الناس بقسوة بعكس ما يف قلبه من طيبة وليونة‪ ..‬فكان الرد‪:‬‬
‫عزيزي مصطفى‪ ../‬ال أدري عن حـالتـك التي تتكـلم عنها يا مصطفى لكني متأكد من شعـورك بالوحـدة ألن الحـياة بال صديـق مخـلص ال تسـوى‪..‬‬
‫فالصداقة هي الرابط الوحيد الذي يجعل لإلنسان الرغبة يف الحياة‪ ..‬فالصداقة يف بعض األحيان تكون أقوى من رابطة الدم‪ ..‬ألنها عبارة عن تألف روحني‬
‫فيام بينهام‪ ..‬ومعلوم أن رابطة الروح أقوى بكثري من رابطة الدم فالدم ليس سوى سائل يف وعاء‪ ..‬والروح ال وعاء لها‪ ..‬والروح هي اإلنسان‪ ..‬ال تكن‬
‫متشامئاً يا صديقي‪ ..‬فأنا مل أجب عىل رسالتك إال ألين اتخذتك كصديق رغم مشاغيل‪ ..‬ومشاغل الدنيا ومصالحها كلها ال تسوى حرفاً يف رسالة أرسلها أو يرسلها‬
‫إىل صديق‪ ..‬ال تظن أنك وحيد بهذه الدنيا فأنا بقربك أينام كنت‪ ..‬قد تفصلنا الحدود لكن تجمعنا املشاعر‪ ..‬فاألصدقاء موجودون لكن ينبغي لنا أن نبحث عنهم‪..‬‬
‫كل ما عليك فعله هو أن تكون صديقاً مخلصاً وستجد ذلك الصديق‪ ..‬ال تتوقع أن تجد صديقاً ما مل تكن أنت قاب ًال ألن تكون صديقاً‪ ..‬ألن فاقد اليشء ال يعطيه‪.‬‬
‫ال تأخذ بكالم املتشامئني بأن العامل يفتقر إىل األصدقاء‪ ..‬فهؤالء ليسوا بأهل للصداقة‪ ..‬كل األصدقاء الذين تعرفت عليهم إىل اآلن‪ ،‬ومنهم أنت‪ ،‬ال أذكر‬
‫هل أنا املبادر بالتحدث إليهم أم كانوا هم املبادرين‪ ..‬وعادة أنىس السنة التي تقابلنا فيها‪ ..‬ال تتغري بل كن كام أنت ذلك الشاب الطيب القلب املحب لآلخرين‬
‫وال تبايل باآلخرين‪ ..‬مشكلة الناس حني يظنوا أن الطيب ساذج أو الوقح جريء أو النذل شهم ذيك‪ ..‬فهؤالء ال حول لنا وال قوة إلصالح أمرهم‪ ..‬ألن التغيري‬
‫يبدأ من النفس أوال‪ ..‬اتخذ لك يا مصطفى صديقاً يرفع من شأنك ويوضح لك أخطاءك وينصحك وال تكن ضيق الصدر‪ ..‬وتلمس لصديقك العذر واسرت عيوبه‬
‫وأحفظ رسه وال تخن أمانته‪ ..‬كن لصديقك نعم املعني عىل نوائب الدهر فالدهر ميلء بالنوائب‪ ..‬وأحب له ما تحب لنفسك‪ ،‬وال تحقد عليه أو تكرهه‬
‫وتقبله كام هو‪ ..‬زره يف مرضه‪ ،‬وكن أنت املبادر يف مصالحته‪ ..‬افرح لفرحه واغتم ملصيبته‪.‬‬
‫اذكر لك ها هنا موقفاً كنا نصادفه عندما كنّا صغارا‪ ..‬كنت أتخاصم مع أحد األصدقاء وال ُاكلمه‪ ،‬وينترش الخرب بني الناس‪ ..‬لكن أحدا منهم مل يأت ملصالحتنا‪..‬‬
‫كنت برصاحة أتوق إىل التحدث مع ذلك الصديق لكن املكابرة كانت متنعني ألين كنت أظن أن الحق معي‪ ..‬منيض أياما وال نتحدث لكنا ال نحقد عىل بعضنا‬
‫وننرش أرسارنا وال نسمح ألحد بأن يتدخل فيام بيننا مهام يكن األمر‪ ..‬كنا ننتظر أي مناسبة للتحدث سوية‪ ،‬وغالباً ما كانت كرة القدم تجمعنا‪ ،‬فنتحدث مع‬
‫بعضنا يف الفريق‪ ،‬وترجع عالقتنا مثل ما كانت من قبل‪ ..‬لكن اليشء الذي كنت استغرب منه أن بعض األشخاص كانوا يأتون إلينا ويتساءلون‪ :‬من تحدث إىل‬
‫الثاين أوال؟؟‪ ..‬ألنهم كانوا يعتربون أن املتحدث األول تنازل للثاين‪ ..‬نصيحتي لك أال تستمع إىل هؤالء‪ ..‬فليس بني األصدقاء تنازل ألن كرامة الصديق من كرامتك‪.‬‬
‫عش وحيداً إن أردت‪ ،‬وكن نذ ًال‪ ،‬وكن أنانيا متشامئاً‪ ،‬واحرص عىل مصلحتك ولتدس عىل من هم دونك‪ ،‬ولتعلنها أن من ال يهتم يب‪ ،‬فعليه اللعنة‪ ،‬ويف النهاية‬
‫ابعث يل ماذا وجدت ؟؟‪ ..‬اضمن لك أنك ستظل وحيداً كام أنت‪ ،‬وستموت كذلك‪ ،‬ولن يلتفت إليك أحد‪ ..‬ألن اإلنسان بطبعه كائن أناين يفكر بنفسه‬
‫قبل أن يفكر يف اآلخرين‪ ..‬وسيظل صدرك ضيقاً وستكون محتاراً قلقاً‪ ..‬ال تظن أنك محور األرض ففي األرض مليارات البرش ولكل منهم مصالح ومشاغل‬
‫واهتاممات‪ ..‬ولهم نفس الجسد الذي متلكه‪ ..‬لكن الفارق الوحيد بينكم هو النفس‪ ..‬والنفس أو الفكر هو ما يحدد لإلنسان طريقة عيشه‪ ..‬فقل يل فيام‬
‫تفكر وسأقول لك كيف ستكون حياتك‪ ..‬إن اإلنسان الذي يهتم لآلخرين سيجد وبال شك من يهتم به‪ ..‬يف بعض األحيان قد تهتم لشخص وال يهتم بك‬
‫فهذا كام قلت لك ليس أهال للصداقة فال تلتفت إليه بل أمض يف مسريتك وكن كام أنت وال تتغري وستجد مبتغاك‪ ..‬ومن سار عىل الدرب وصل‪ ..‬وهذه سنة الحياة‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫أكـرثوا من األصـدقاء يف الدنيـا فإنهم ينفعـون يف الدنيـا واآلخـرة‪ .‬أما يف الدنيـا فحـوائج يقومون بها‪ ،‬وأما اآلخـرة فإن‬
‫أهل جـهـنم قالـوا فاملنـا من شافعـني وال صديـق حـميم‪ .‬اإلمام الصادق‬

‫حياتك ‪8‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫اعرف نفسك‬

‫هل أنت شخص ناجح؟‬

‫؟‬
‫اكتشف معنا أرسار نجاحك وتأكد من الصفات التى تجعلك ناجحا‪ ،‬اكتشف كيف تكون عمليا من أجل النجاح‪ .‬من فضلك أجب عىل األسئلة التالية‪..‬‬

‫متاثلني غالبا‬ ‫متاثلني أحيانا‬ ‫ال متاثلني‬ ‫ضع عالمة أمام االختيار املناسب بعد كل جملة‬

‫‪ .1‬أنا أمــيـــــــل إىل الـعـمـــــل أكـــثــــر من الـقـــــــول‪.‬‬


‫‪ .2‬أنا ال أعـتــــــقـــــــــد يف الحــــــــــــــظ كـــثـــيـــــرا‪.‬‬
‫‪ .3‬يــرانــــــــي الــنـــــــاس واثــقـــــــا مـن نــفــــســـي‪.‬‬
‫‪ .4‬أنا أتـجــــــنـــــب الحــــــديـــث مــع الـجــــمــهـــور‪.‬‬
‫‪ .5‬الـنـاس يعـتـقـدون أننــي صــبــور وال اسـتـسـلـم أبـــداً‪.‬‬
‫‪ .6‬أنا أبــــــذل كـل جــهــــدي يف أي شــــئ أفــعــلـــــــه‪.‬‬
‫‪ .7‬أنا أعتقد أن النجاح أكرب من مجرد تحقيق األهداف املهنية‪.‬‬
‫‪ .8‬أنا أحـــــــب البـحـــــث واالستــكـشـــاف والتــعـلــــم‪.‬‬
‫‪ .9‬أنا واثـــــق مـمــا لـــدى من معلـــومـات وقـانــع بـهــا‪.‬‬
‫‪ .10‬يــرانـــــي اآلخــــــرون مـتـطلـعــــــا للمـسـتـقـبــــل‪.‬‬
‫‪ .11‬أنا أشــعـــــر ببـعـــض املـخـــــاوف تجــــاه عـمــلــي‪.‬‬
‫‪ .12‬أنا أحـب العمــل مبفـردي وال أحـب العـمـل الجـمـاعـي‪.‬‬
‫‪ .13‬أنا مؤمـن بأهـميـة مشـاركـة اآلخـريـن لتحـقيق النجـاح‪.‬‬
‫‪ .14‬أنا ال أحــب أن أسـمــع شخــصـاً يفـتـخـر بانجــازاتـــه‪.‬‬
‫‪ .15‬أنا أعـمــــل بجــــد و قـد ال يـسـاعــدنـــي الـقــــــدر‪.‬‬
‫‪ .16‬أنا أتطلع لألفضل فيام أعمل وال أكرث التفاخر كام أنجزت‪.‬‬

‫امنح نفسك نقطتني لكل جواب بـ ((متاثلني غالبا))‪ ،‬ونقطة لكل جواب بـ ((متاثلني أحيانا))‪ ،‬وال متنح نفسك يشء لكل جواب بـ ((ال متاثلني))‪.‬‬

‫ـ إذا كان مجموع نقطك «‪ 22‬درجة فام فوق»‪ ،‬فأنت شخصية ممتازة‪ ،‬بل رائعة فأنت متتلك أرسار النجاح‪ ،‬صفات تجعلك أكرث سعادة وأنت تعمل ما تحب‬
‫وعندك إرصار عىل تحقيق النجاح‪ ،‬أنت مثابر‪ ،‬مبتكر‪ ،‬طموح‪ ،‬جاد ىف عملك‪ ،‬اسع ىف طريقك وثق ىف أنك سوف تحقق النجاح فقط ع ِّمق ثقتك ىف ذاتك‪.‬‬

‫ـ إذا كان مجموع نقطك محصورا بني «‪ 20-16‬درجة»‪ ،‬فأنت شخصية جيدة‪ ،‬عندك مؤرشات النجاح واضحة تسري عليها‪ ،‬ىف عملك ورغبتك الدامئة‬
‫يف التعلم والسعي من أجل النجاح‪ ،‬ولكنك يف حاجة إىل ترك التكاسل جانبا‪ ،‬وبذل مزيد من الجهد واإلميان مبا تعمل وأن تكون أكرث وضوحا يف أهدافك‬
‫ومنهجك يف العمل والحياة‪.‬‬

‫ـ إذا كان مجموع نقطك «‪ 14‬درجة فأقل»‪ ،‬فأنت شخصية تحتاج إىل تطوير‪ ،‬حيث أنك رغم ما تتمتع به من رغبة ىف العمل ورمبا متيز فيه‪ ،‬وإمنا ينقصك‬
‫الطموح والثقة يف نفسك مع األخذ باألسباب من التعلم املستمر‪ ،‬واالندماج يف فرق العمل و االقرتاب من الناجحني وأخيارهم لريتفع عندك الحافز‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫السامء ال ُتبلغ بقفزة واحدة‪ ،‬فنحن نصنع الس َلم التي نتسلقها من األرض السفىل إىل السموات العليا‪ ،‬ونرتقي إىل‬
‫قمتها رويدا رويدا‪ .‬هوالند‬

‫حياتك ‪9‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫اخـــتـرنـا لــك‬

‫تجــــــارب رياضــــية‬
‫لتجــاوز مشاعــر القلــق‬
‫يصيب التوتر الناجم عن العمل الكثري من الناس‪ ،‬وخاصة الذين يتعني عليهم مواجهة الجامهري والدخول يف منافسات صعبة لتحقيق الفوز‪ .‬ومن تجاربهم‬
‫ساقت مجلة “فوربس” هذه اللقطات علها تسهم يف مساعدة اآلخرين عىل تجاوز مشاعرهم بالقلق والتوتر الناجم عن ضغوط العمل املتنامية‪.‬‬
‫“قسم التحديات”‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كل قفزة نواجهها متثل يف حد ذاتها مخاطرة‪ ،‬فالرسعة تصل إىل ‪ 45‬ميال يف الساعة واالرتفاع يصل إىل أكرث من ‪ 50‬قدما‪ .‬ولقد شهدت الكثري من الالعبني يتعرضون‬
‫لكرس أعناقهم يف القفزات الصعبة‪ .‬إال أنني وجدت الحل املناسب يف تقسيم القفزة إىل خطوات صغرية أركز عىل الواحدة منها فاألخرى‪ ،‬وبذلك متكنت من الفوز‪.‬‬
‫“واجه املنافسة”‪.‬‬
‫أكرث املواقف التي تعرضت خاللها للتوتر هي الوقت الذي لعبنا فيه مع فريق “أريزونا” خالل دراستي الجامعية‪ ،‬ففي آخر ‪ 15‬ثانية كان عيل اتخاذ القرار الحاسم‬
‫فالكرة مل تكن ممررة يل‪ ،‬لكن وضعي كان األنسب للوصول إىل الهدف‪ ،‬وبالتايل كان عيل أن أنقذ املوقف مبواجهة املنافسة اللحظية وتسديد الهدف الذي‬
‫ساعد فريقي عىل النرص يف نهاية املطاف‪.‬‬
‫“التحضري املسبق”‪.‬‬
‫أفضل طريقة ملواجهة التوتر تتمثل يف التحضري املسبق لكل خطوة وكل مرحلة من مراحل العمل‪ .‬فاالختالف الوحيد الذي ميكن أن مييزك عن منافسيك‬
‫هو اجادتك للتحضري واالستعداد املسبق‪ .‬فالتحضري يساعدك عىل استكشاف كل النقاط وجميع االحتامالت املمكنة ويكفل لك القدرة عىل مواجهة كل‬
‫ما ميكن أن يطرأ أو يستجد من مفاجآت‪.‬‬
‫“احلم بالنرص”‪.‬‬
‫أكرث األوقات أو املباريات التي أثارت بضغوطها توتري هي مبارايت مع اندري اغايس عام ‪ 2002‬يف واشنطن العاصمة وعام ‪ 2005‬خالل افتتاح الدورة األمريكية‪.‬‬
‫ويف املباراة األوىل كنت يف أفضل حااليت عىل االطالق وربحت‪ .‬ويف الثانية كان الربح من نصيب اغايس غري أن مستوى املباراة بشكل عام كان مبهراً‪.‬‬
‫وسجل اغايس النرص بفارق نقطة واحدة‪ .‬والرس يف تألق األداء كان يكمن يف تركيزي عىل النرص‪ ،‬ومعرفتي أن بإمكاين تحقيقه‪.‬‬
‫“ال تخضع للمخاوف”‪.‬‬
‫يف بدايايت كنت ألعب مع فريق ثورنتو الكبري‪ .‬وكان يزورين الكثري من األهل واألصدقاء لحضور أول مباريايت‪ ،‬إال أن مستوى أدايئ كان ضعيفاً للغاية‪.‬‬
‫ولعل السبب يف ذلك هو أنني مل أكن مستعداً وقتها لتحمل كل هذه الضغوط‪ .‬لكن مع مرور الوقت واستشارة كبار الزمالء اكتشفت أن الرس الحقيقي‬
‫للنجاح يكمن يف تجاوز املخاوف ونسيانها‪ ،‬والرتكيز فقط عىل املباراة‪.‬‬
‫“ال تعرتف بالفشل”‪.‬‬
‫مل أشعر أبداً بالقلق أو التوتر خالل لعبي الكرة‪ ،‬لكن هذه املشاعر املرهقة انتابتني لدى دخويل الجامعة‪ ،‬واحسايس برتاكم الكثري من االلتزامات اإلضافية‬
‫عىل كاهيل‪ .‬والرس يف مشاعر الخوف هذه أنني مل أكن أقوم بالتحضري املسبق األمر الذي كان وراء نجاحي دوماً يف مباريايت‪.‬‬
‫“ثق بنفسك”‪.‬‬
‫ال ينكرس أمام الضغوط إال الضعفاء أو األشخاص الذين ال يثقون كفاية يف أنفسهم‪ .‬وأنا عن نفيس لدي الثقة يف قدرايت وهذا ساعدين كثرياً عىل تحقيق النجاح‪.‬‬
‫ولعل املرة الوحيدة التي شعرت فيها بضغط حقيقي هي املرة التي منعتني فيها إصابتي من اللعب مع الفريق يف البطولة الوطنية‪.‬‬
‫“استمتع بوقتك”‪.‬‬
‫برصاحة أنا ال أشعر أبداً بالضغوط لدى مامرسة الرياضية حتى يف أصعب الظروف وأقوى املباريات‪ .‬إن الرياضة بالنسبة يل متعة‪ ،‬ورس عدم شعوري أبداً‬
‫بالتوتر يكمن يف قدريت عىل االستمتاع بكل لحظة حتى تلك اللحظات التي تتسم بالصعوبة‪.‬‬

‫حياتك ‪10‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫طـور نـفـسـك‬

‫الحــــــياة‬ ‫اتصال‪ ..‬وتواصل‬


‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬محمود الحوسني ـ اإلمارات‬

‫ترغب خلود بالبكاء يف كل موقف يشعرها بأنها مختلفة وأنها غريبة‪ ،‬وعادة ما تظن أنها إنسان غري مرغوب به وأن اآلخرين ال يفهمونها فزوجها عادة ما يتربم‬
‫منها ويحمل مزاحها عىل محمل الجد وزمالء العمل ينزعجون منها بسبب بعض الكلامت التي كانت ال تقصدها أو أنها تقصدها ولكن ليس بالشكل الذي فهموه‪.‬‬

‫قصة خلود قد متر يف حياة كل شخص منا بحكم أننا نعيش يف شبكة من العالقات وأصبح الشخص منا يعيش يف بيئة واسعة من العالقات وهذا ما يجعل االتصال‬
‫من أهم األمـور التي يجـب أن يتقـنهـا اإلنسان حـتى يستطيـع أن يحـقق أهـدافه مبساعدة اآلخـرين ويساهم يف نفـس الوقـت يف تحـقيق أهـدافهم كـذلك‪.‬‬

‫البعض يقول أنه ال يعرف االتصال والتواصل مع اآلخرين وأنه يكره ذلك ونقول لهذا الشخص هناك حالن ال ثالث لهام إذا كان يرغب يف النجاح والعيش بسالم فإما‬
‫أن يبحث عن كوكب آخر ال يوجد به اتصال أو أنه يتعلم فن االتصال والتواصل مع اآلخرين ويطور نفسه وشخصيته حتى يستطيـع التواصل مع اآلخرين بكل نجاح‪.‬‬

‫االتصال والتواصل ليس مع من نحب بل هي تقنية إنسانية متكنك من الحياة بسالم وتستطيع من خاللها فهم اآلخرين بشكل صحيح وتستطيع كذلك توصيل‬
‫رسالتك بشكل يفهمه اآلخرين بشكل جيد وصحيح‪ .‬عندما ال يفهمك اآلخرين أو ال تفهم اآلخرين فهناك أسباب حالت دون وصول الرسالة بالشكل الصحيح‬
‫وساهم يف تشويشها وقد يكون السبب أنت أو اآلخر أو البيئة املحيطة ولهذا من املهم أن يهتم اإلنسان برسالته ومبا يريد بحيث يعرب بشكل واضح ومبارش‬
‫ويتأكد من وصول رسالته بالشكل الصحيح إىل اآلخرين‪.‬‬

‫فن االتصال اإليجـايب من املهـارات التي يجـب أن نتعلمهـا ونطـورها يف أنفسنا حتى نكسب اآلخـرين ونتحـاور معهم بالشكل الصحيـح فكل من حـولنا‬
‫بحاجة إىل حسن اتصال وتواصل وكل املقربني لن نستطيع فهمهم بدون فن االتصال‪ ،‬ومن الصعب أن يتخصص اإلنسان يف مجال يهتم بحسن االتصال‬
‫مثل العالقات العامة واإلعـالم واإلرشاد واملوارد البرشية وغـريها وهو ال يتقـن فن االتصال وال يهتم يف تطـوير نفسه يف هذا املجال فهذا الشخـص وحـتى‬
‫إن توالت انتصاراتـه يف مجـال عمـله من الصعـب أن يستمـر وأن يتألـق بشكل مستمـر يف مجـال ال يناسـبه‪ .‬فن االتصـال ميكـنك من كـسب اآلخـريـن‬
‫ومن املساهمة يف تغيريهم إىل األفضل والعكس صحيح فعندما يكون التواصل سيئ قد يجرب اإلنسان لسلوك بعض الترصفات السلبية التي مل يعتاد عليها‪.‬‬

‫من األمور املهمة والتي تحتاج لرشح مطول وقراءة متأنية‪ ،‬وعىل الجميع االهتامم بها حتى تكون شخصياتنا متميزة وناجحة هي املهارات السلوكية التي تعكس‬
‫شخصية اإلنسان بالشكل الصحيح وبشكل يجعل اآلخرين ينظرون له بثقة واهتامم مثل حركات الجسم وتعابري الوجه واالبتسامة الهادئة التي متنح اإلنسان‬
‫بريق خاص واالهتامم بامللبس واملظهر بحيث يساهم يف نجاح االتصال والتواصل مع اآلخرين فالشخص غري املرتب مزعج للنظر ومن الصعب أن تتقبله‪.‬‬

‫يجب أن يهتم اإلنسان الناجح أيضا بوضوح صوته وهدوئه ومن الخطأ أن يرفع اإلنسان صوته دامئا بدافع الثقة بالنفس‪ ،‬بل أنه من املهم أن يحسن اإلنسان االتصال‬
‫والتواصل أن ينوع يف مستوى الصوت حتى يجذب اآلخرين‪ .‬من املهم أن نهتم يف تطوير أسلوبنا يف الحديث وأن تكون لغتنا واضحة ومبارشة ومن املهم أن تكون‬
‫شخصياتنا عفوية بشكل رائع وجذاب وعدم التكلف يف الحديث وفرض النفس والذات فمهام مثلت وادعيت الثقة فالبد أن تنكشف إذا كانت حقيقتك مختلفة‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫العني ميكن أن تهدد كام تهدد بندقية معبأة ومصوبة‪ ،‬أو ميكن أن تهني كالركل أو الرفس أما إذا كانت نظرتها حانية‬
‫ولطيفة فإنه ميكنها بشعاع رقتها وعاطفتها أن تجعل القلب يرقص بكل بهجة‪ .‬رالف والدو إميورسون‬

‫حياتك ‪11‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫قـصة ومـعنى‬

‫الفالح ومحصول الذرة‬


‫تقديم‪ /‬أ‪ .‬محمد عمر باعثامن ـ السعودية‬

‫يحىك أن فالحاً متواضعاً كان يزرع أجود أنواع الذرة يف حقله‪ ،‬حتى بلغ صيته اآلفاق وحاز عىل عد ٍد من الجوائز املتتابعة ألفضل محصول من الذرة يف البلد‪،‬‬
‫فأدهشت هذه األوسمة واأللقاب والسمعة الحسنة لهذا الفالح أحد الصحفيني‪ ،‬وأثارت فضوله‪ ،‬فقرر الذهاب إىل مزرعته إلجراء مقابلة معه لينال أفضل‬
‫صحفي عنه‪ ،‬وقد أعدَّ الصحفي نفسه ليكتشف َّ‬
‫رس النجاح املتواصل لهذا الفالح املتواضع‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫سبق‬
‫ٍ‬

‫ويف املقابلة اعرتف الفالح برس نجاحه املتواصل قائ ًال‪ :‬كل ذلك يرجع إىل أنني كنت أرشك جرياين وأعطيهم من بذور الذرة التي كانت تنال الجوائز واألوسمة‬
‫ليزرعوها يف حقولهم‪ .‬فاستغرب الصحفي من هذا الحديث‪ ،‬فقال للفالح‪ :‬كيف ميكنك أن ترشك جريانك يف أفضل البذور التي متلكها وأنت تعلم أنهم داخلون‬
‫يف منافسة معك كل عام للفوز بأفضل محصول؟ فأجاب الفالح قائ ًال‪ :‬وماذا يف ذلك؛ سيدي؟ أمل تعلم أن الرياح تنقل لقاحات الذرة الناضجة من حقل إىل آلخر؟‬
‫إذا قام جرياين بزراعة بذور رديئة وأقل جودة مام لدي‪ ،‬فإن عملية التلقيح التي تحدث سوف تقلل من جودة الذرة التي أزرعها باستمرار‪ ،‬وإذا كنت أريد‬
‫زراعة ذرة جيدة فإنه يتحتم عيل أن أساعد جرياين يف فعل اليشء نفسه‪.‬‬

‫لقد كان هذا الفالح عىل وعي تام بهذا الرتابط الوثيق يف الحياة‪ ،‬وأن محصوله من الذرة لن يتحسن ما مل يتحسن محصول جريانه‪ ،‬وكذلك بالنسبة للحاالت‬
‫األخرى‪ ،‬فالذين يبتغون تحقيق النجاح عليهم أن يساعدوا من حولهم يف تحقيق النجاح‪ ،‬والذين يبتغون رغد العيش فإن عليهم أن يساعدوا اآلخرين يف‬
‫العيش بهناء‪ ،‬ألن قيمة حياة الشخص تقاس بقدر التأثري اإليجايب الذي يحدثه يف حياة اآلخرين‪ .‬والذين يريدون السعادة عليهم أن يساعدوا اآلخرين يف الحصول‬
‫عىل السعادة ألن سعادة الفرد مرهونة بسعاد جميع من حوله‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫يف أحد املسابقات يف أوملبياد سياتل‪ ،‬كان هناك تسعة متسابقني معوقون جسديا أو عقليا‪ ،‬وقفوا جميعا عىل خط‬
‫البداية لسباق مئة مرت ركض‪ .‬وانطلق مسدس بداية السباق‪ ،‬مل يستطع الكل الركض ولكن كلهم أحبوا املشاركة فيه‪.‬‬

‫وأثناء الركض انزلق أحد املشاركني من الذكور‪ ،‬وتعرض لشقلبات متتالية قبل أن يبدأ بالبكاء عىل املضامر‪ .‬فسمعه الثامنية‬
‫اآلخرون وهو يبيك‪ .‬فابطأوا من ركضهم وبدأوا ينظرون إىل الوراء نحوه‪ .‬وتوقفوا عن الركض وعادوا إليه‪ ..‬عادوا كلهم جميعا‬
‫إليه‪ .‬فجلست بجانبه فتاة منغولية‪ ،‬وضمته نحوها وسألته‪ :‬أتشعر اآلن بتحسن؟ فنهض الجميع ومشوا جنبا إىل جنب‬
‫كلهم إىل خط النهاية معا‪ .‬فقامت الجامهري املوجودة جميعا وهللت وصفقت لهم‪ ،‬ودام هذا التهليل والتصفيق طويال‪.‬‬

‫األشخاص الذين شاهدوا هذا‪ ،‬مازالوا يتذكرونه ويقصونه‪ .‬ملاذا؟ ألننا جميعنا نعلم يف دواخل نفوسنا بأن الحياة هي أكرث‬
‫بكثري من مجرد أن نحقق الفوز ألنفسنا‪ .‬األمر األكرث أهمية يف هذه الحياة هي أن نساعد اآلخرين عىل النجاح والفوز‪،‬‬
‫حتى لو كان هذا معناه أن نبطئ وننظر إىل الخلف ونغري اتجاه سباقنا نحن‪.‬‬

‫حياتك ‪12‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫عش حياتك‬

‫اخبرني من صديقك‪..‬‬
‫اعـرف من تكــون؟؟‬
‫بقلم‪ /‬إرساء رياض ـ فلسطني‬

‫كرث الكالم يف أيامنا هذه عن الصداقة وعن الصديق الحميم والصاحب الويف وعن رضورة إيجاد الصديق الصدوق الذي إن وجدته فأنت فعال من أكرث الناس املحظوظني‬
‫عىل وجه األرض وهذا إن دل عن يشء فإمنا يدل عىل الزمن الصعب الذي اصحبنا نعيشه والذي اكتسب طابع املادية وحب الذات‪ ،‬فاغلب الناس يبحث عن‬
‫مصلحته الشخصية وال يبايل بالغري‪ ،‬لذى فان وجدت صديقا حقيقيا فاعلم أنه كنزك واحرص أال تضعه‪ ..‬ومبا أن الصداقة تعترب أول انجاز شخيص يف حياتنا‬
‫منذ الطفولة ‪-‬ألن االختيار يكون من أنفسنا نحن دون تأثري من أحد‪ -‬ومبا أنها تندرج أيضا ضمن احتياجات اإلنسان للشعور باالستقالل والتقبل االجتامعي فان حسن‬
‫اختيار الصديق أصبح يشء غري مهم لدى كثريين إذ أنهم ال يبالون من يصاحبون املهم أنهم يعرفون عدة أشخاص و أن القامئة لديهم مليئة بأناس يسمونهم أصدقاء ‪..‬‬

‫صديقك هو مرآتك ألنك تقيض معه جزء مهم من وقتك وحياتك وباملنطق فأنت ال تستطيع أن تبقى يف مكان ما مع شخص ال تحبه‪ ،‬شخص تشعر معه‬
‫بامللل أو الضيق والضجر وهذا دليل عىل أن الصديقان يكون لهم نفس الرؤية‪ ،‬يحبان نفس اليشء ويكرهان نفس اليشء (يف أغلب األحيان)‪ ،‬حتى أن‬
‫تفكريهام يصبح متشابها إذ أنهام ولو باإلشارة يفهامن بعضهام البعض‪ .‬من الصعب أن تجد صديقا صالحا يف زماننا هذا‪ ،‬لكن ليس من املستحيل أبدا‪،‬‬
‫كام يقال‪« :‬الطيور عىل أشكالها تقع» فاملهم أن تحرص أنت عىل أن تكون حسن الخلق حتى ينجذب إليك أناس من نفس نوعك‪ ،‬فصديقك سيكون أنت متاما‬
‫لكن مع بعض االختالفات البسيطة‪ ،‬فانتبه لنفسك واعرف أي نوع من األشخاص أنت؟؟‪.‬‬

‫وهنا سأرضب بعض األمثلة عن صداقات عرفها التاريخ وخلدها وكرمت من فوق سبع ساموات‪ ،‬من مناذج الصديقان املثاليان إن بحثتنا يف جميع الكتب والسري‪،‬‬
‫فلن نجـد صـداقة أصـدق أو أعـمق من صـداقة سيدنا موىس وأخـيه سيدنا هارون عليهام السالم‪ ،‬إذ جـاء يف اآليات الكـرمية من سورة طه‪ :‬قوله تعاىل‪:‬‬
‫نت ِبنَا َب ِص ًريا»‪ ،‬تأمل معي هذه اآليات جـيـدا‪،‬‬ ‫ون أَ ِخي ْاشدُ ْد ِب ِه أَ ْز ِري َوأَشرْ ِ ْك ُه فيِ أَ ْم ِري كيَ ْ ُن َس ِّب َح َك َك ِث ًريا َو َن ْذ ُك َر َك َك ِث ًريا إِ َّن َك ُك َ‬
‫« َو ْاج َعل ليِّ َو ِزي ًرا ِّمنْ أَهْ ليِ هَ ا ُر َ‬
‫من يتحدث؟؟ إنه سيدنا موىس كلـيم الله‪ ،‬النبي املرسل‪ ،‬ورغم كل قدره عليه السالم فهو يف حاجـة لصـديق‪ ،‬نعم ملعـني‪ ،‬وما أجمل أن يكون صديقك هو‬
‫َاك عَىل أَ ْن تُشرْ ِ َك بيِ َما َل ْي َس َل َك ِب ِه ِع ْل ٌم َفال ُت ِط ْع ُهماَ َو َص ِ‬
‫اح ْب ُهماَ فيِ الدُّ ْن َيا َم ْع ُرو ًفا» (لقامن‪ ،)15:‬واملصاحبة هنا‬ ‫أمك أو أبوك‪ ،‬تصديقا لقوله تعاىل‪َ « :‬وإِ ْن َجاهَ د َ‬
‫تعني املالزمة دامئا وهي أقوى من املرافقة والصداقة العادية‪ ،‬أو كام جاء يف الحديث عن أيب هريرة ريض الله عنه قال‪ :‬جاء رجل إىل النبي صىل الله عليه وسلم‬
‫فقال‪« :‬من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال‪ :‬أمـك‪ ،‬قال ثم من؟ قال‪ :‬أمـك‪ ،‬قال ثم من؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال ثم من؟ قال‪ :‬أبوك» (رواه البخاري ومسلم)‪،‬‬
‫فان ظفرت بصحبة أهل بيتك فأنت والله قد أدركت شيئا نادرا ما يدركه املرء‪ ،‬ابحث فيهم عن من يناسبك يف التفكري واالهتاممات يك يصبح صديقك‪،‬‬
‫أهي أمـك؟‪ ،‬أهو أبـوك؟‪ ،‬أم أخـيـك كسيـدنا هارون؟‪ ،‬ابن عـمـك؟‪ ،‬ابن جـريانـك؟‪ ،‬أيا كان ذاك الشـخـص‪ ..‬تـذكـر دامئـا «األقـربـون أوىل باملـعـروف»‪.‬‬

‫إذا ملا نحـتاج إىل صـديق؟؟ ذكر سيدنا موىس يف اآليات الكرمية أنه يحـتـاج صاحـبا يشـد من أزره يكـون عـونـا له وسـنـدا‪ ،‬يـقف بجـانـبـه يف أشــد اللحــظـات‬
‫«الصديق وقت الضيق»‪ ،‬أي الصديق الذي يشاركني يف أمري ويقاسمني أحالمي وطموحايت وأهدايف‪ ،‬يعيينني ويشجعني‪ ،‬ويحب يل الخري كام يحبه لنفسه‪،‬‬
‫كام جاء يف الحديث‪ :‬عن أنـس بن مالك ريض الله عـنه عن النبـي صىل الله عليـه وسلـم أنه قال‪« :‬ال يؤمـن أحـدكم حـتى يحـب ألخـيه ما يحـبه لنفسه»‬
‫رواه البخاري ومسلم‪ ،‬نعم كلنا نحتاج إىل صديق ـ صغارا كنا أم كبارا ـ صديق يكون مرآتنا وظلـنا‪ ،‬يكـون هو نحـن إن غـبنا ونكون نحن هو إن غـاب‪.‬‬

‫ومن األمثلة املبهرة للصداقة أيضا‪ ،‬صداقة ستظل تذكر لقيام الساعة‪ ،‬وهي صداقة سيدنا محمد عليه الصالة و السالم ـ سيد الكون ـ وسيدنا أىب بكر ريض الله عنه‬
‫ـ أول الخلفاء الراشدين ـ الذي قال عنه الحبيب صىل الله عليه‪ :‬حدثنا أبو داود عمر بن سعد عن بدر بن عثامن عن عبيد الله بن مروان عن أيب عائشة عن‬
‫ابن عمر قال‪« :‬خرج إلينا رسول الله صىل الله عليه وسلم ذات غداة فقال‪ :‬رأيت آنفا أين أعطيت املوازين واملقاليد‪ ،‬فأما املقاليد فهذه املفاتيح وأما املوازين‬
‫فهي التي تزنون بها‪ ،‬فوضعت يف كفة ووضعت أمتي يف كفة فرجحت بهم‪ ،‬فجيء بأيب بكر فرجح‪ ،‬ثم جيء بعمر فرجح‪ ،‬ثم جيء بعثامن فرجح‪ ،‬ثم قال‪ :‬رفعت‪،‬‬
‫قال‪ :‬فقال له رجل‪ :‬فأين نحن؟ قال‪ :‬حيث جعلتم أنفسكم»‪ ،‬ال تستغرب لقدر وقيمة سيدنا أىب بكر‪ ،‬لكن انتبه معي لعنوان املوضوع‪ :‬اخربين من صديقك‪..‬‬
‫اعـرف من تكـون؟؟ اخـربنا من صديقـك يا خـليفـة رسـول الله؟؟! سـؤال كـلنـا نعـرف إجـابتـه ونعـرف أن صحـبتـه كـانـت مع النبـي عليـه الصـالة والسـالم‪،‬‬
‫بالله عليكم كيف كنتم تتخيلون أن يكون من كان صديقه هو النبي صىل الله عليه و سلم؟؟ بالتأكيد كام ذكر رسولنا الكريم يف الحديث وال يشء غري ذلك!!‪.‬‬

‫حياتك ‪13‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫عش حياتك‬
‫ومن املواقف النبيلة لسيدنا أيب بكر مع النبي عليه السالم‪ ،‬اذكر موقفه البطويل يوم لدغة العقرب له وهو مع النبي يف غار ثور (يف أيام الهجرة الرشيفة)‪،‬‬
‫حيث كان النبي نامئا عىل رجله فجاء عقرب ولدغه ريض الله عنه فلم يكرتث لنفسه أبدا بل من كرث حبه للنبي قاوم السم الذي كان يجري يف عروقه‬
‫حتى ال يضايق النبي «صاحبه» ويوقظه من نومه!! فعال التضحية إىل املوت‪.‬‬

‫أنت أيها القارئ‪ ،‬اخربنا عن نفسك‪ ،‬أتحب صديقك لهذه الدرجة‪ ،‬لدرجة التضحية بالنفس والحب املتفاين؟؟ كن صادقا مع نفسك واجب؟؟ إن كان جوابك‪ :‬ال‪،‬‬
‫ألنه شخـص ال يستحـق هذا وال يبـادلني نفس الشعـور‪ ..‬إذا ماذا تنتظر؟؟ وملاذا تصاحـبه؟؟ إن كانت الصداقـة بينكام مبفهـومها الحـقيقي ال وجـود لها‪،‬‬
‫هيا استبدل هذا الشخص فورا بصديق تحبه ويحبك‪ ،‬لهذا ذكرت يف األول مصاحبة أهل بيتك ألنهم أكرث الناس حبا لك وخوفا عىل مصلحتك ومستقبلك‪.‬‬

‫أحب أن اختم مبوقف آخر جميل لصاحب رسولنا الكريم ريض الله عنه وأرضاه‪ ،‬يوم أن أذن لنبينا املصطفى بالهجرة من مكة إىل املدينة املنورة‪ ،‬حيث ذهب‬
‫صىل الله عليه وسلم مرسعا إىل بيت صديقه‪ ،‬فقال له‪« :‬يا أبا بكر أخرج من عندك‪ .‬قال أبو بكر‪ :‬إمنا هم أهلك يا رسول الله‪ .‬قال‪ :‬فإين قد أذن يل يف الخروج‪.‬‬
‫قال أبو بكر‪ :‬الصحبة‪ ،‬بأيب أنت يا رسول الله ‪ ،»...‬انتبه إىل الرد التلقايئ لسيدنا أىب بكر‪ ،‬أول كلمة نطقها كانت «الصحبة»‪ ،‬نعم الصداقة التي مل تعد لها‬
‫قيمة لدى معظم الناس‪ ،‬فخيانة الصديق لصديقه أصبح أمرا كثرياً ما نسمع به‪ ،‬يشء معتاد وجاري به العمل لدى البعض‪ ،‬بل وهناك حتى من يعي متاما أنه‬
‫ال وجود لصديق حقيقي يف حياته إمنا يوجد فقط من يرافقه ليك ال يظل وحيدا بني البرش‪ .‬لو تأملنا ديننا لوجدناه ميلء بالقيم العظيمة التي تطابق تركيبة‬
‫اإلنسان واحتياجاته وتريح باله وقلبه‪ ،‬لكن يبقى التطبيق دامئا أمرا غائبا عنا‪ ،‬لذي يجب أن نعيد التفكري يف أسلوب حياتنا‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫يحيك أحد شيوخ اململكة العربية السعودية‪ ..‬جاءين يف يوم من األيام جنازة لشاب مل يبلغ األربعني‪ ،‬ومع الشاب مجموعة من أقاربه‪ ،‬لفت انتباهي‪ ،‬شاب‬
‫يف مثل سن امليت يبيك بحرقة‪ ،‬شاركني الغسيل‪ ،‬وهو بني خنني ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتامنه‪ ،‬أما دموعه فكانت تجري بال انقطاع‪ ..‬وبني لحظة وأخرى‬
‫أصربه وأذكره بعظم أجر الصرب‪ ..‬ولسانه اليتوقف عن قول‪ :‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪ ،‬الحول وال قوة إالبالله‪ ..‬هذه الكلامت كانت تريحني قليال‪ ..‬بكاؤه أفقدين‬
‫الرتكيز‪ ،‬هتفت به‪ ..‬إن الله أرحم بأخيك منك‪ ،‬وعليك بالصرب‪ ..‬التفت نحوي وقال‪ :‬إنه ليس أخي‪ .‬ألجمتني املفاجأة‪ ،‬مستحيل‪ ،‬وهذا البكاء وهذا النحيب‪.‬‬
‫نعم إنه ليس أخي‪ ،‬لكنه أغىل وأعز إ ّيل من أخي‪ ..‬سكت ورحت أنظر إليه بتعجب‪ ،‬بينام واصل حديثه‪ ..‬إنه صديق الطفولة‪ ،‬زميل الدراسة‪ ،‬نجلس معا يف الصف‬
‫ويف ساحة املدرسة‪ ،‬ونلعب سويا يف الحارة‪ ،‬تجمعنا براءة األطفال مرحهم ولهوهم‪ ..‬كربنا وكربت العالقةبيننا‪ ،‬أصبحنا ال نفرتق إال دقائق معدودة‪ ،‬ثم‬
‫نعود لنلتقي‪ ،‬تخرجنا من املرحلةالثانوية ثم الجامعة معا‪ ..‬التحقنا بعمل واحد‪ ..‬تزوجنا أختني‪ ،‬وسكنا يف شقتني متقابلتني‪ ..‬رزقني الله بابن وبنت‪،‬‬
‫وهو أيضا ُرزق ببنت وابن‪ ..‬عشنا معا أفراحنا وأحزاننا‪ ،‬يزيد الفرح عندما يجمعنا‪ ،‬وتنتهي األحزان عندما نلتقي‪ ..‬اشرتكنا يف الطعام والرشاب والسيارة‪..‬‬
‫نذهب سويا ونعود سويا‪ ..‬واليوم‪ ..‬توقفت الكلمة عىل شفتيه وأجهش بالبكاء‪ ..‬يا شيخ هل يوجد يف الدنيا مثلنا؟؟‪ ..‬خنقتني العربة‪ ،‬تذكرت أخي البعيد عني‪،‬‬
‫ال‪ ..‬ال يوجد مثلكام‪ ..‬أخذت أردد‪ ،‬سبحان الله‪ ،‬سبحان الله‪ ،‬وأبيك رثاء لحاله‪ ..‬أنتهيت من غسله‪ ،‬وأقبل ذلك الشاب يقبله‪ ..‬لقد كان املشهد مؤثرا‪،‬‬
‫فقدكانينشقمنشدةالبكاء‪،‬حتىظننتأنهسيهلكيفتلكاللحظة‪..‬راحيقبلوجههورأسه‪،‬ويبللهبدموعه‪..‬أمسكبهالحارضونوأخرجوهليكنصيلعليه‪..‬‬
‫وبعد الصالة توجهنا بالجنازة إىل املقربة‪ ..‬أما الشاب فقد أحاط به أقاربه‪ .‬وعند القرب وقف باكيا‪ ،‬يسنده بعض أقاربه‪ ..‬سكن قليال‪ ،‬وقام يدعو‪ ،‬ويدعو‪.‬‬
‫انرصف الجميع‪ ..‬عدت إىل املنزل ويب من الحزن العظيم ما ال يعلمه إال الله‪ ،‬وتقف عنده الكلامت عاجزة عن التعبري‪ ..‬ويف اليوم الثاين وبعد صالة العرص‪،‬‬
‫حرضت جنازة لشاب‪ ،‬أخذت اتأملها‪ ،‬الوجه ليس غريب‪ ،‬شعرت بأنني أعرفه‪ ،‬ولكن أين شاهدته‪ ..‬نظرت إىل األب املكلوم‪ ،‬هذا الوجه أعرفه‪ ..‬تقاطر الدمع‬
‫عىل خديه‪ ،‬وانطلق الصوت حزينا‪ ..‬يا شيخ لقد كان باألمس مع صديقه‪ ..‬يا شيخ باألمس كان يناول املقص والكفن‪ ،‬يقلب صديقه‪ ،‬ميسك بيده‪ ،‬باألمس كان‬
‫يبيك فراق صديق طفولته وشبابه‪ ،‬ثم انخرط يف البكاء‪ ..‬انقشع الحجاب‪ ،‬تذكرته‪ ،‬تذكرت بكاءه ونحيبه‪ ..‬رددت بصوت مرتفع‪ :‬كيف مات؟‪ ..‬قال عرضت زوجته‬
‫عليه الطعام‪ ،‬فلم يقدر عىل تناوله‪ ،‬قرر أن ينام‪ ،‬وعند صالة العرص جاءت لتوقظه فوجدته‪ ،‬وهنا سكت األب ومسح دمعا تحدر عىل خديه ‪،‬رحمه الله مل يتحمل‬
‫الصدمة يف وفاة صديقه ‪ ،‬وأخذ يردد ‪ :‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪ ..‬قلت له إنا لله وإنا إليه راجعون‪ ،‬اصرب واحتسب‪ ،‬اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه يف الجنة‪،‬‬
‫يوم أن ينادي الجبار عز وجل‪ :‬أين املتحابني ِّيف اليوم أظلهم يف ظيل يوم الظل إال ظيل‪ ..‬قمت بتغسيله‪ ،‬وتكفينه‪ ،‬ثم صلينا عليه‪ ..‬توجهنا بالجنازة إىل القرب‪،‬‬
‫وهناك كانت املفاجأة‪ ..‬لقد وجدنا القرب املجاور لقرب صديقه فارغا‪ ..‬قلت يف نفيس مستحيل!‪ ..‬أنزلناه يف قربه‪ ،‬وضعت يدي عىل الجدار الذي يفصل بينهام‪،‬‬
‫وأنا أردد‪ ،‬يالها من قصة عجيبة‪ ،‬اجتمعا يف الحياة صغارا وكبارا‪ ،‬وجمعت القبور بينهام أمواتاً‪ ..‬خرجت من القرب ووقفت ادعو لهام‪ :‬اللهم أغفرلهام وأرحمهام‪،‬‬
‫اللهم واجمع بينهام يف جنات النعيم عىل رسر متقابلني‪ ،‬يف مقعد صدق عند مليك مقتدر‪ ،‬ومسحت دمعة جرت‪ ،‬ثم انطلقت أعزي أقاربهم‪ ،‬وأخذت ادعو لهام‪.‬‬
‫قال الحكامء يف الصداقة‪ ،‬الصداقة ليست حروف تنرث‪ ،‬أوكلامت تقال‪ ،‬إنها نبضات قلب‪ ،‬وهمسات وجدان‪ ،‬هي مشاعر وإحساس‪ ،‬من وحي والهام‬
‫القلوب‪ ،‬مائها الحب‪ ،‬وشعارها األخالص‪ ،‬ومضمونها الوفاء‪ ،‬وعنوانها التواصل‪ ،‬ال تعرف التوقيت وال التعليق‪ ،‬غايتها اختالط القلوب‪ ،‬ومتازج األرواح‪،‬‬
‫معنوية األركان غري مادية األجزاء‪ ،‬أساسها متني‪ ،‬محكمة القواعد‪ ،‬بابها مكتوب عليه نأسس لنبني ال نبني لنهدم‪ ،‬وعىل جدرانها الحب ال يعرف دوران‬
‫املصالح‪ ،‬وعىل أرضها منقوش ما بني عىل فاسد مصريه إىل زوال‪ ،‬أي ضع األساس عىل صخرة وإال انهار البناء‪ ،‬بنيانها ال يتصدع بعد التامم‪ ،‬ال تأثر فيها‬
‫عوامل التعرية‪ ،‬تتالىش جنباتها بعد التمزق‪ ،‬إنها باختصار رشيان الحياة‪ ،‬ووصل السامء‪ ،‬وينبوع األرض‪ ،‬ال ينقطع سيبها‪ ،‬مددها فياض‪ ،‬هي ملن عرفها‬
‫الحصن الحصني‪ ،‬والركن املتني‪ ،‬الذي يأوي إليه يف كل وقت وحني‪ ،‬منها يستقي الدفئ والحنان‪ ،‬ويأمن يف كنفها من رشور حوادث الزمان واملكان‪.‬‬

‫حياتك ‪14‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫وقود للحياة‬

‫دون بالقلم‬ ‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬هدى بنت نارص الفريح ـ السعودية‬

‫أجمل وأطيب رحلة يف حياتك كلها والتي سوف تستمتع أثناء امتطاءك صهوتها بل وستتعاظم متعتك بعد ترجلك وانقضائها‪ ،‬هي هندسة بنانك ألجمل صورك‪،‬‬
‫فيها تعزف حواسك جميعها أعذب األلحان ومعها تزهو بأبهى ِّ‬
‫وأجل حللك‪.‬‬

‫ما هي الرحلة؟‬

‫إنها رحلة تدوينك بالقلم ألهدافك يف الحياة واستمتاعك املمتد اتساعا حني تحـقيق ما دونته شيئا فشيئا ألنه حتام يف جـوفك يقني بقدرتك عىل تحقيق‬
‫ما تريد وعقلك كم استحـثـك عىل اللحـاق وال يزال‪ ،‬فال تتـأخـر عىل الرحـلة وتظل طيـلة حـياتـك تنظـر ألمنيـاتـك وأحـالمك كام ينظـر العطـش للرساب يرمقـه‬
‫بحرسات تارة وبظنون األوهام مرات!‬

‫ملاذا ندون؟‬

‫سأل مجموعة من الباحثني خريجي جامعة هارفرد عن أهدافهم وكام هو متوقع كان ملعظم هؤالء الخريجني الجدد أهدافهم لكن ‪ %3‬فقط منهم دونوا‬
‫أهدافهم وبعد مرور ثالثني عاما أجريت دراسة تابعة لنفس الخريجني‪..‬؟ الذي أثبت حينها أن ال‪ %3‬اكتسبوا ثروة تقدر برثوات ‪ %97‬اآلخرين مجتمعة‪.‬‬

‫وليس املقصود املال هنا بل لنعلم أن التخطيط لألهداف مهم وأن تدوينها هو األهم ألنك حينام تدونها ستلتزم بها أو بجزء منها وسوف تتضح لك متاما حتى‬
‫تحصل عليها ويف أحوال أخرى ستعود لها مستذكرا أو يف أسوأ الحاالت سوف تهملها وما أن تقرأها إال وتشحذ همتك وتحفزك تأنيبا وتقريعا يلزمك سباقا فوريا‪.‬‬

‫اآلن انطالقتك‬

‫ساعد نفسك وال تبدد وقتك واقبض بيدك عىل ما تريد ودونه بالقلم عىل الورق كأهداف تسعى بعزم ال يحيد لتحقيقها و تذكر حني تخطها أن تثق متام‬
‫الثقة بإمكاناتك وقدراتك وأن تحسن التوكل عىل الله تحقيقا ال تعليقا وأخلص كل اإلخالص يف جهدك ال يثنيك مثبط وال يوقفك معطل فام دام ما تفعله‬
‫يريض الله فال يعنيك ما يقوله الناس وانتبه أن تخفض رأسك ملا تحدثه نفسك‪ ،‬اعمل مبا بني يديك وانظر لألعىل واطمع مبا عند الكريم املنان واشكره‬
‫سبحانه حني مينحك القليل ألنه الطريق إىل الكثري فقط دون وانطلق لتفعيل ما خطته يداك‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫إن كانت أهدافك مت ّثل أهمية بالنسبة لك‪ ،‬عند كتابتك لها ستبدأ يف رؤية فرص جديدة يف الحياة مل تكن تراها من قبل‪،‬‬
‫وستجدنفسكمنجذباالشعورياتجاههذهالفرص‪،‬وستبدأيفتنميةقدراتكليكتأخذكخطوةبخطوةنحنتحقيقأحالمك‪.‬‬
‫لذلك ضع كل ما يخطر ببالك من أهداف عىل الورق‪ .‬وسيساعدك قيامك بتنظيم هذه األهداف وتحديد األولويات منها‬
‫عىل تحقيقها‪ .‬ستالحظ أنك يف بعض األحيان لن تحقق هدفا بالطريقة التي خططت لها‪ .‬ويف أحيان أخرى ستجد أن تجربتك‬
‫لبعض الخطط اإلبداعية واتخاذك بعض الخطوات الفعلية تقودك يف اتجاهات مل تتوقعها من قبل‪ ،‬ويف الغالب تكون أعظم‬
‫وأكرث نجاحا من تلك التي وضعتها يف خططك‪ .‬عش من أجل يشء‪ ،‬ليكن لك غاية‪ ،‬وهذه الغاية احـتفظ بها أمام ناظريك‪.‬‬
‫فأنت بسريك يف هذا العامل كالسفينة بال دفة ال تستطيع أن تكون صادقا مع الحياة‪.‬‬

‫حياتك ‪15‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫هيا نـنـــــجـح‬

‫النجــــــاح‬ ‫في تحديد األولويات‬

‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬كريم الشاذيل ـ مرص‬

‫يف حياتنا نحتاج كثريا أن نتمتع بفطنة وذكاء يك نفرق بني املهم واألهم!‪ ،‬ونحتاج إىل أن منيز ـ بدقة ـ بني خري الخريين ورش الرشين!!‪ ،‬وذلك ألننا كثريا ما ُنخدع‬
‫يف التفريق بينهام‪ ،‬وتضطرب من أمام أعيننا معامل الطريق‪ ،‬ونجد أنفسنا سعداء بجني األقل بينام ميكننا أن نجني األكرث‪.‬أحدنا ينفق يومه يف القيام بعمل مفيد‪،‬‬
‫بينام هو قادر عىل صنع األكرث فائدة‪ .‬إن الرشاك والفخاخ التي تقف أمام حلمك وطموحك لكثرية‪ ،‬وأحدها ذلك الرشك الذي يدفعك إىل االنكباب عىل عمل‪،‬‬
‫وبذل الجهد يف تجويده وإحسانه‪ ،‬بينام هذا العمل يف ميزان هدفك الرئييس ال يساوي الوقت الذي أنفقته فيه!‪.‬‬

‫تعال وانظر إىل شخص يعطي للعالقات االجتامعية وقتا كبريا‪ ،‬فهو من مجلس إىل آخر‪ ،‬ومن منتدى إىل غريه‪ ،‬فتسأله‪ :‬هل لديك طموحات سياسية وتحتاج اللتفاف‬
‫الناس حولك؟‪ ،‬فيجيبك‪ :‬ال لكني أجد متعة يف ذلك!‪ .‬بال شك التواصل االجتامعي مهم ولكن ليس عىل حساب أهدافك وطموحاتك‪ ،‬وعىل هذا املثال فقس!‪.‬‬

‫تحرضين هنا قصة عامل املنارة‪ ،‬ذلك الرجل طيب القلب‪ ،‬والذي تسبب يف كارثة كبرية أودت بحياة الكثريين‪ ،‬وتسببت يف خسائر مادية فادحة‪ ،‬والسبب أنه مل ير‬
‫ويركز عىل أولوياته جيدا‪ ..‬ونبأه أن كان هناك رجال يعمل كحارس ملنارة عىل امتداد ساحل صخري‪ ،‬كان يحصل كل شهر عىل ما يكفي من زيت الوقود‬
‫ليك يحافظ عىل ضوء املنارة متوهجاً‪ .‬عُ رف عن الرجل طيبة القلب وحب اآلخرين‪ ،‬وألنه مل يكن يبعد عن املدينة كثريا فلقد كان يقصده كل من‬
‫نفذ الوقود لديه القـرتاض كوبا أو أكرث من الزيت‪ ،‬فهذه امرأة من القرية املجاورة استجدته قلي ًال من الزيت؛ ألجل أرستها‪ ،‬وذاك أب يرجوه قليال ً‬
‫من الزيت ألجل مصباحه‪ ،‬وهذا رجل يحتاج إىل يشء من الزيت يك يزيت عجلته!‪ .‬وألن كل الطلبات بدت له معقولة وإنسانية‪ ،‬مل يكن الحارس يرد‬
‫أحداً خاوي الوفاض‪ ،‬لكن عندما أوشك الشهر عىل االنتهاء‪ ،‬الحظ أن مخزونه من الزيت قلـي ًال جداً‪ ،‬ثم ما لبث أن نفد‪ ،‬فانطفأ فجـأة ضـوء املنـارة‪،‬‬
‫و يف تـلك الليـلة‪ ،‬غرقـت سفـن عديـدة‪ ،‬وهـلك كـثري من النـاس‪ ،‬وعـند التحقيق فيام حـدث‪ ،‬بدأ الحـارس شـديد الندم عىل ما حـدث‪ ،‬حاول مرارا‬
‫أن يستعطف املسؤولـني عىل خطأه‪ ،‬مؤكدا عىل حسن نيته‪ ،‬ونبل دوافعه‪ ،‬بيد أن العبارة التي كانت تتكرر عىل أذنه دامئا‪ :‬أعطيناك الزيت لهدف‬
‫املحافظة عىل ضوء املنارة ساطعاً‪ .‬يعلمنا هذا املوقف أن اليشء الجيد ليس كذلك‪ ،‬إذا ما جعلنا نقرص يف األجود‪ ،‬وأنه كثريا ما يكون الطريق إىل الجحيم‬
‫محفوف بالنوايا الطيبة كام يقول املثل االنجليزي!‪.‬‬

‫يعيدين هذا إىل العبقري املسلم‪ ،‬الفقيه اإلمام مالك‪ ،‬ورده عىل أحد تالمذته حينام وقع يف نفس الخطأ!‪ .‬فمام يحيك أن اإلمام ابن وهب ـ وهو أحد األمئة الكبار ـ‬
‫كان ذات يوم يف مجلس علم لإلمام مالك ريض الله عنه فوضع ألواحه التي يكتب فيها وقام ليصيل‪ ،‬وعندما عاد سأله اإلمام عن صالته‪ ،‬فأجابه بأنها‬
‫صالة النافلة قام لقضائها‪ .‬هنا قال له اإلمام كلمة يف عمق إدارة األولويات‪ ،‬قال‪ :‬والله ما الذي قمت إليه بأفضل مام كنت عليه!‪ .‬أي أن العلم والقراءة‪،‬‬
‫أهم من صالة نافلة‪ ،‬وذلك ألن ضياع ساعة العلم قد ال تعوض بينام صالة النافلة قادر عىل تأديتها يف أي وقت‪.‬‬

‫من هنا أهيب بك يا صديقي أن تجعل هدفك حارضا دامئا بذهنك‪ ،‬واضحا أمام عينيك‪ُ ،‬ملحا عىل كيانك ووجدانك‪ ،‬فال يغيب عنك لحظة‪ ،‬يك ال تحيد بعيدا‪،‬‬
‫أريدك أن تعرض كل عمل تؤديه‪ ،‬ومهمة تفعلها عىل الهدف الكبري الذي تؤمن به‪ ،‬فإذا ما كان متامشيا معه‪ ،‬أنفذته‪ ،‬وإن كان غري ذلك أوقفته‪.‬‬
‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫عندما تركـز عليـه الترى غـريه فتعـيش هدفـك وتحـسه وتلمسه‪ ،‬تقوم عليـه وتنام عليه ال يفارقك وال ترى غريه‬
‫وتشعر بأهميته وتعمل له‪ ،‬ويحفزك أيضا لبذل املزيد من العـمل حتى تحـققه‪ .‬فالـرتكـيز عىل الهـدف الرئيـيس‬
‫يبعد عنك املشتتات ومل تعد تجذبك التوافه‪ ،‬فال تصبح وكأنها هدفا تقدمـه عىل األهـداف الحقيقية‪ .‬فمن عرف‬
‫هدفه وحدده عمل من أجله وحققه‪ .‬التنس الرتكيزعىل الهدف هو قدرتك عىل توجيه أفكارك يف اتجاه الهدف‬
‫لفرتة طويلة دون تداخل أفكار أخرى ترصف انتباهك عنه‪ .‬فعندما تركز عىل ما تريده‪ ،‬فإنه سيتحقق بإذن الله‪.‬‬

‫حياتك ‪16‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫برمج عقلك‬

‫اشحـن نفـسـك‬ ‫بقلم‪ /‬عبد العزيز دلول ـ قطر‬

‫النجاح يف حياتك‪ ،‬أد ِرك هذا اليشء أو ًال‪ ،‬وكن مقتنعاً أنك تستطيـع فعل ما تريده‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لتحقيق‬
‫ِ‬ ‫أنت إنسان رائع بالفعل‪ ،‬كن مؤمناً بذلك‪ ،‬وتأكد أنك متلك كل الوسائل‬
‫والوصول إليه كذلك‪ ،‬هل عندك شك؟ ال أظن‪ ،‬ألنك تحمل كنوزاً‪ ،‬وطاقات كامنة هائلة القدرات العقلية‪ ،‬والجسدية والفنية‪ ،‬تدفعك لتصل وترتقي للقمة‪،‬‬
‫تحتاج فقط أن تكتشفها وتؤمن بها‪ ،‬ومن ثم اشحن بني فرتة وأخرى طاقاتك الذهنية والجسدية والعاطفية‪ ،‬تعرف َمل؟ ألنك كالبطارية غالية الثمن‪ ،‬ال نتخلص منها‬
‫والتأمل والتنفس‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وشحن قواك وطاقاتك من خالل االسرتخاء‬ ‫ِ‬ ‫بعد أن تنتهي‪ ،‬بل نشحنها لنستعملها مرات عديدة‪ .‬يف هذه الحياة‪ ،‬تحتاج وقتاً لشحذ عزميتك‪،‬‬
‫ليك ترى إىل أين أنت متجه‪ ،‬وتـرثي عقلك بعالقات مهمة تطورك‪ ،‬لتتعلم وتنمو وترتقي‪ ،‬وتستمتع بجامل روحك ومزجها مع طبيعة العا َلم الذي خلقه الله سبحانه‪..‬‬

‫سأعطيك مثا ًال لرجلني مساف َِر ْين‪ ،‬أحدهام كان متقدماً عىل اآلخر‪ ،‬ال يتوقف وال يرتاح‪ ،‬حتى تعب ومل يستطع إكامل رحلته يف الوقت املحدد‪ ،‬أما الثاين فقد وصل‬
‫يف الوقت املحدد واملخطط له‪ ،‬وعندما التقيا يف املدينة قال له األول‪ :‬كيف وصلت قبيل وقد كنت متقدماً عليك بأميال‪ ..‬قال له‪ :‬ببساطة كنت أعد ألوقات راحتي‬
‫يف جدويل ألشح َذ وأشحن بها طاقايت الرضورية يف حيايت‪ ،‬التي ال أستطيـع العيش من دونها‪ ،‬فقد كنت أصيل ألغذيَ روحي وأتقرب لريب وأشعر بالسكينة ّ‬
‫والطأمنينة‪،‬‬
‫كنت أقيض وقتي بالقراءة ألشحن عقيل باملعرفة والثقافة والعلم‪ُ ،‬ألحافظ عىل لياقة ُقدرايت الذهنية‪ ،‬وكنت ال أنىس أوقات غذايئ الصحي‪ ،‬ألحصل عىل طاقة جسدية‬
‫تساعدين عىل االستمرا ِر يف رحلتي‪ ..‬بعض األحيان كنت أتحدث مع أشخاص وابتسم لهم ألنعش انفعااليت العاطفية بحبي واهتاممي وتقدي ِري واحرتامي لآلخرين‪.‬‬

‫أعط وقتاً لنفسك لتتعرف عليها جيداً ‪ ..‬كيف؟ وتتعمق يف مكنونك الداخيل ‪ ..‬كيف؟ وتكتشف جوهرك لتزيد قيمتك وحبك لنفسك‪ ،‬فذلك يساعدك ليك تتميز ‪..‬‬
‫بعطر اإلخالص والود املوقر لآلخرين‪ .‬وبتخصيص وقتاً‬ ‫لكن كيف كيف؟ امنح الحب لكل من يستحقه من حولك‪ ،‬فسرِ ُّ الت َمكن يف هذه الحياة هو العطاء املمزوج ْ‬
‫القرآن‪ ،‬لتت َقرب أكثرَ من ربك‪َ ،‬ف ِهي ثروتك واستثامرك آلخرتك‪ ،‬فمهام كرثت ْأخ َطاؤك‪ ،‬ال تبتعد‪َ ،‬فربك واسع الرحمة ينتظر توبتك‪،‬‬
‫روحانياً للعبادة والصالة وتالوة ِ‬
‫إلنعاش عقلك وإغراء أ ْفكارك‬
‫ِ‬ ‫النجاح يف عملك ومهنتك‪ .‬حدد وقتاً للقراءة‬
‫ِ‬ ‫اتك ومهاراتك‪ ،‬فذلك مثن‬‫جـدد نيتك يا أروع املخلوقات‪ ،!..‬أوجـد وقتاً لتطوير قدر َ‬
‫تط ِوي ِر الذات‪ ،‬انعش حياتك بتحسني نفسك باستمرار‪..‬‬ ‫أساس املع ِرفة‪ ،‬اقرأ كتب ْ‬
‫وتح ِريك معلوماتك لت ْكتب وتقول وتعلم وتفيد نفسك وغريك‪ ،‬فالقراءة ُ‬
‫لن تت َذ ّو َق َكلماَ ت مقالتي إال عندما تقرأها‪ ،‬أصحيح؟ إذاً ال بُد أن تقـرأ‪ ،‬ألن القـراءة معـدية‪ ،‬فإن كـنت قارئـاً‪َ ،‬فسيقرأَ أخـوك‪ ،‬أخـتك كذلك‪ .‬انخـرط يف الدورات‬
‫العمل التطـوي ِرية ا ُمل ِرثيـة للعقل‪ ،‬وارت ِبـط مع ِ‬
‫الناس املتفائـلني‪ ،‬الناجحـني‪ ،‬ابحـث عنهم وستجـدهم‪ ،‬ال تبقى كسـو ًال هكذا‪ ،‬وتنتظر كل يشء يأيت عنـدك‪..‬‬ ‫وورش ِ‬ ‫ِ‬
‫بادر لأل ْفضل‪ ،‬و ُكن قدوة إيجا ِبية يف حياتك‪ٌ ،‬‬
‫مؤمن بك‪.‬‬

‫تنس أن مترح وتلعب‪َ ،‬فرس الشباب هو أن تبتهج وتستمتع بوقتك بذكاء‪ ..‬خصص وقتاً لعائلتك وألصد َقائك لتضحك وتقيض أوقاتا مسلية معهم‪ ،‬فهذا مصدر‬
‫ال َ‬
‫ً‬
‫األفق محلقا يف السامء عاليا‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫تنس أن تحلم‪ ،‬فذلك يجعلك طموحا وواسع ِ‬ ‫سعادة لك ولهم‪ ،‬فأنت مهم يف هذا العامل‪ ،‬والناس تحبك‪ ،‬نعم الناس تحبك‪ .‬ال َ‬
‫َ‬
‫ميزتك ‪ ..‬فأكرث منها‪ ،‬لرتى مثلها‪.‬‬ ‫آمال حية ونظرة تفاؤلية‪ ،‬تستطيع تحويلها إىل واقع‪ .‬ابتسامتك‬

‫فس َك وحد ِّد ما تريد تحقي َقه ومتى َ‬


‫وكيف ت ِريد شحن قدراتك ومواه ِبك بذكاء‪.‬‬ ‫هل لديك وقت لتعيش بسالم مع ربك‪ ،‬نفسك‪ ،‬عا ِئ َل ِتك‪َّ ،‬‬
‫صح ِتك‪َ ،‬تعلي ِمك؟ إذاً ْاج ِلس َم َع َن ِ‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫نم سمـاتك الشخصية‪ ،‬ومنهـا الثقـة بالنفـس‬
‫والطـمــــــوح واإلصــــرار عــىل النـجــــاح‬
‫والرغـبـة يف الوصــول إىل مستوى النجـومية‬
‫واملحـافـظــــــــــة عــىل الـتـــألــــــــــق‪.‬‬

‫حياتك ‪17‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫واحة طور حياتك‬

‫كــــن كالجــــبـل‬
‫بقلم‪ /‬عالء مراد ـ لبنان‬

‫صلب ليس مبتحجر‪ ،‬يرتدي ثوب البياض يف الشتاء فيبدو نقياً صافياً‪ ،‬ويف الصيف تراه ُ‬
‫يتزين باللون األخرض‬ ‫شامخ ليس مبتكرب‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫الج ّذاب ف ُيبه ُر الخالئق بإبداعه وجامله‪ ،‬قمم ُه العالية ُّ‬
‫تدل عىل عل ِّو همته والثقة بنفسه‪ ،‬مت ٌني ألبعد الحدود يف وجه املتغريات‬
‫والظروف الطبيعية‪ ،‬يحتضن الجميع من نه ٍر وشج ٍر وزه ٍر وور ٍد وأودي ٍة وينابيع‪ ،‬يتقبل اآلخر ويحرتمه‪ ،‬ال يح ّقر من نفسه‬
‫واثق بقدراته دامئاً‪ ،‬لديه زاد يومي من األمل حيث ترشق شمس أمله صباح كل يوم وإذا ما غابت شمس‬ ‫وال يق ّلل من شأنها‪ٌ ،‬‬
‫األمل مساءاً فله القمر‪ ..‬والقمر له‪ ..‬فيصبح أنيس ليله‪ ،‬وجليس وحدته يتبادالن األرسار واأللغاز فتدفعان به اىل اإلبداع‬
‫خصوصاً عندما يأيت فصل الجامل‪ ،‬حينها تتفجر ينابيع ابداعه‪ ،‬وتظهر قدراته الخارقة‪ ،‬ويعطي من الخري العظيم دون مقابل‪،‬‬
‫مستعيناً بالله ومتوك ًال عليه‪ ..‬كن كالجبل يف شموخه‪ ،‬يف عل ِّو قممه‪ ،‬يف عطائه‪ ،‬يف صالبته أمام التحديات‪ ،‬يف احتضانه لكل‬
‫ونبات وحيوان‪ .‬عندها صدّقني ستتغري حت ًام‪ ،‬وستدرك بأنك تستطيع فعل املستحيالت‪ ،‬وصنع العجائب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إنس‬
‫الكائنات من ٍ‬
‫ً‬
‫واتكل عىل الله يف كل أمر من أمور حياتك‪ ،‬فالله ال يخزيك أبدا‪ ،‬ألنك اخرتت الطريق الصحيح‪ ،‬وأدركت جميل ابداع الله فيك‪،‬‬
‫فهو خلقك يف أحسن تقويم‪ ،‬وأوجد فيك ذاتاً مليئة بالقدرات واملهارات‪ ،‬فكل ما عليك أن تكتشفها وتنميها بقدر ما تستطيع‪.‬‬
‫كن كالجبل‪ ،‬فال حرج أن يتعلم اإلنسان من الجامد‪ ،‬يك نستفيد ونفيد‪ ،‬وننتج ونبدع‪ .‬فلنكن كالجبال‪...‬يك ننعم براحة البال‪...‬‬

‫األصدقاء الرائعون هم الممتعون‬


‫خدمة الغير تكسب األصدقاء‬
‫بقلم‪ /‬م‪.‬إيرين زيلنسيك‬
‫“بإمكان اإلنسان عقد عدد من الصداقات يف شهر عن طريق اهتاممه بالناس‬ ‫األصدقاء الرائعون يغذون عقولنا ويلهمون مخيالتنا وينورون أرواحنا‪.‬‬
‫أكرث مام قد يتسنى له يف عامني عن طريق حمل الناس عىل االهتامم به”‪.‬‬ ‫وىك ننعم بالسعادة فنحن نحتاج األصدقاء يف حياتنا إذ لدينا حاجات‪.‬‬
‫يف دراسة تحليلية أجرتها رشكة تليفونات نيويورك وجدت أن أكرث الكلامت‬ ‫ومن الصعب بل من املستحيل بالنسبة لنا كأشخاص أن نلبي احتياجاتنا‬
‫استخداماً يف املحادثات التليفونية هي ضمري املتكلم “أنا” حيث تم استخدام‬ ‫كافة بانفسنا‪ .‬مفتاح الربح يف لعبة الصداقة هو الحصول عىل أصدقاء‬
‫هذه الكلمة أكرث من ‪ 3990‬مرة يف ‪ 500‬محادثة تليفونية‪ .‬يسقط الكثري من‬ ‫حقيقيني ال مجرد رفاق‪ .‬لكن يك تنجح الصداقة يجب أن ينجحها الطرفان‬
‫الناس يف هذا الخطأ‪ ،‬وأقصد خطأ الرتكيز عىل ذواتهم من دون التفكري يف الغري‬ ‫يف مختلف نواحيها‪ ،‬فأنت يجب أن تثق بأصدقائك وهم بدورهم يجب‬
‫ويف احتياجاتهم‪ ،‬األمر الذي يجعل اآلخرين بدورهم ينأون عنهم يف نهاية‬ ‫أن يثقوا بك‪ .‬وأنت يجب أن تحصل عىل ما له قيمة منهم وهم يجب أن‬
‫املطاف ويتجاهلونهم‪ .‬قال “ألفرد أدلر” عامل النفس النمساوي الشهري كتب‬ ‫يحصلوا منك عىل ما يوازيه قيمة‪ .‬كامن يجب أن تراهم مستمتعني برفقتك‬
‫يف مؤلفه “ما ينبغي أن تعنيه لك الحياة” يقول‪“ :‬إن الشخص الذي ال يهتم‬ ‫وهم يجب أن يجدوك مستمتعا برفقتهم‪ .‬تكمن روعة األصدقاء يف أنك من‬
‫باآلخرين هو أحق الناس مبعاناة شدائد الحياة‪ ،‬ويف مثل هذا الشخص تتجىل‬ ‫تختارهم عىل عكس األقارب الذين تضطر إىل تحملهم يف اللقاءات العائلية‬
‫الخيبة اإلنسانية يف مختلف صورها”‪ .‬وبتأمل سري الناس الذين نالوا القدر‬ ‫أو الزمالء الذين تضطر إىل مشاركتهم املكان يف العمل‪ .‬فاألصدقاء الرائعون‬
‫األكرب من الشعبية سواء أكانوا زعامء سياسيني أو من رجال الفن واإلعالم نجد‬ ‫يجعلون الحياة كاملة‪ .‬فهل سبق والحظت أنك عندما تتناول العشاء يف‬
‫أن الرس األكرب يف نجاحهم يكمن يف شغفهم هم نفسهم باآلخرين واحرتامهم‬ ‫صديق جيد تغدو الوجبة العادية فاخرة املذاق؟ كام أن‬ ‫برفقهملهمة‪:‬‬
‫مطعمرشاقة‬
‫إ‬
‫للجامهري التي حققت لهم ما هم فيه من نجاح‪ ،‬فعىل سبيل املثال كان رس‬ ‫األصدقاء الجيدين يجعلون رحلة طويلة تبدو أقرص بكثري‪ .‬وتجدهم‬
‫الشهرة الذائعة التي متتع بها الرئيس األمرييك األسبق ثيودور روزفلت حبه‬ ‫بجانبك ليجـعلوك تشعر أنك أفضل إذا تشاجرت مع زوجتك أو زميلك‬
‫لآلخرين‪ ،‬فقد جمع قلوب الناس جميعاًبذلك حتى حملهم عىل حبه‪ ،‬ويروى‬ ‫أو قـريبـك‪ .‬واألهم من ذلك أن مجـرد عـرش دقائق بصحـبة صـديــق‬
‫أنه زار مرة البيت األبيض بعد تنحيه عن الرئاسة‪ ،‬يف عهد رئاسة تافت‪ ،‬وكان‬ ‫جــيـد تكـفـي لجـعـل يــوم رديء ليوم جميل يستـحـق أن تعـيشـه‪،‬‬
‫تافت وزوجته خارج البيت فأخذ يحادث خدم البيت ويناديهم بأسامئهم‬ ‫فالصـداقة الرائعـة تضاعف أفراحك وتخلصك من معظم أحزانك‪.‬‬
‫متلطفاً ومداعباً‪ .‬ويومها قال الخدم إن هذا كان أسعد يوم مر عليهم منذ‬
‫عامني كاملني‪ ،‬ولن يرىض أحد منهم استبدال ذكراه مبئات الدوالرات‪ .‬وقال‬
‫ديل كارنيجي يف كتابه “كيف تكسب األصدقا وتؤثر يف الناس” إنه وجد‬ ‫من مقوالت حكماء الصين‬
‫بالتجربة أن يف وسع املرء أن يفوز باهتامم أرفع الناس قدراً وأعظمهم درجة‬
‫لو أنه أبدى بهم اهتامماً‪ .‬إن نحن أردنا أن نكسب األصدقاء فلنضع أنفسنا‬ ‫إذا قـدمــت يل سـمـكـة‪ ،‬فقــد وفــرت يل غـــداء يــوم‪،‬‬
‫يف خدمة غرينا من الناس‪ ،‬ولنمد لهم يداً مخلصة نافعة مجردة من األنانية‬
‫واملصلحةالذاتية‪،‬هذهالحقيقةليستبالجديدة‪،‬ففيالسنةاملائةقبلامليالد‬ ‫وإذا علمتنـي كـيف أصـيد‪ ،‬فقد قدمـت يل غـداء كل يوم‪،‬‬
‫قال ببليليوس سريوس أحد شعراء الرومان األقدمني “إننا ال نهتم بالناس حتى‬ ‫وإذا علمتني كيف أصنع السنارة‪ ،‬فقد فتحت يل طريقا إىل الرثاء‪.‬‬
‫يهتموا بنا” فإذا أردت أن تحبب الناس إليك فاظهر بداية اهتاممك بالناس”‪.‬‬

‫حياتك ‪18‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫غـري حـياتـك‬

‫اكسر القضبان‪..‬‬
‫واخرج من سجنك‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬وحيد مهدي ـ مرص‬

‫يُعترب الحبس االنفرادي واحداً من أش ّد أنواع العقاب‪ ،‬التي تط ّبق عىل ُنزالء السجون يف مختلف بقاع العامل‪ ،‬وقد يكون هذا الحبس مصحوباً بطرق أخرى لتعذيب‬
‫السجني‪ ،‬مثل مساحة الزنزانة التي يط ّبق فيها هذا العقاب‪ ،‬أو تخفيض عدد الوجبات التي ُتقدّم له‪ ،‬أو حجب األغطية والفراش املسموح له بها‪ ،‬أو منع بعض الوسائل‬
‫الرتفيهية عنه؛ مثل الجرائد والكتب‪ .‬وعىل الرغم من بشاعة هذه الطرق وقسوتها؛ فإن السمة األساسية لهذا النوع من العقاب تبقى هي العزلة عن اآلخرين؛ فقد عرف‬
‫الخرباء ‪-‬الذين ابتدعوا هذا النوع من العقاب منذ نبضات التاريخ األوىل‪ -‬أن بقاء اإلنسان وحيداً أم ٌر صعب عليه؛ ألنه ال يوجد وسيلة يعبرّ بها عن نفسه غري إطالق‬
‫العنان لألفكار املخزونة داخل عقله‪ .‬وألن زبانية الجحيم ممن ابتكروا ذلك العقاب يتمتّعون بقسط معقول من دراسة النزعات اإلنسانية؛ فقد عرفوا أن أغلب الناس‬
‫لن يستطيعوا السيطرة عىل مشاعرهم يف هذا الوضع‪ ،‬وستسيطر عليهم حالة من الضعف والضآلة؛ مام يؤدي إىل إطالق العنان لألراجيف والهواجس‪ ،‬واألفكار ا ُمل ِذ ّلة‪.‬‬

‫حبس انفرادي يف غري مكانه‬

‫كل هذا نتيجة لشعور اإلنسان بالوحدة وافتقاده ألنيس يصاحب روحه‪ ،‬ويشاركه ساعاته ودقائقه بتفاصيلها؛ فاملشاركة ‪-‬ولو يف العقاب أو الظروف السيئة‪-‬‬
‫تخفف كثرياً من وطأة السنني ورسعة دوران الزمن‪ ،‬وبالطبع فوجود الحبس االنفرادي يف السجون واملعتقالت هو أمر مفهوم‪ ،‬والغرض منه معلوم‪.‬‬
‫ولكن أن يوجد هذا العقاب القايس خارج أسوار السجون؛ هو األمر الغريب‪ ،‬واليشء العجيب‪ ،‬واألكرث عجباً أن يُصبح ّ‬
‫السجان القائم عىل تنفيذه هو نفس الشخص‬
‫املحبوس!!‪ .‬لعلك فهمت مقصدي من وراء هذا الكالم‪ ..‬نعم كام تقول؛ فالحبس االنفرادي الذي أتحدث عنه هو ما ميارسه أغلبنا من فرض العزلة عىل نفسه‪،‬‬
‫واالنزواء بعيداً عن اآلخرين حتى لو كان وسطهم‪ .‬إنه واحد من أشد العقوبات التي نحكم بها عىل أنفسنا‪ ..‬وملاذا نفعل ذلك؟ ألن بعض من نتعامل معهم‬
‫قد ضايقوننا‪ ،‬أو أهانوننا‪ ،‬أو خانوننا؛ فنحن املجني علينا بسببهم؛ فامذا َف َعلنا؟‪.‬‬

‫الشخص املحبوس!!‬

‫لعلك فهمت مقصدي من وراء هذا الكالم‪ ..‬نعم كام تقول؛ فالحبس االنفرادي الذي أتحدث عنه هو ما ميارسه أغلبنا من فرض العزلة عىل نفسه‪ ،‬واالنزواء بعيداً عن‬
‫اآلخـرين حـتى لو كان وسطهـم‪ .‬إنه واحد من أشد العقوبات التي نحكم بها عىل أنفسنا‪ ..‬وملاذا نفعل ذلك؟ ألن بعض من نتعامل معهم قد ضايقوننا‪،‬‬
‫أو أهانوننا‪ ،‬أو خانوننا؛ فنحن املجني علينا بسببهم؛ فامذا َف َعلنا؟‪.‬‬

‫جرمية مل نرتكبها‪ ..‬وعقاب ال نستحقه‬

‫لقد قررنا معاقبة أنفسنا بالحبس االنفرادي داخل أسوار ذاتنا بسبب جرمية مل نرتكبها‪ ،‬و ِزدنا من الطني بلة‪ ،‬وارتحنا أن نكون ضحايا مرة أخرى لآلخرين‪ ،‬مع االختالف يف‬
‫أن يكون الظلم الواقع علينا هذه املرة من أنفسنا‪ .‬إذا كنت ترى يف كالمي شيئاً من املبالغة؛ فأنا أدعوك لتنظر حولك وتتأمل أحوالنا؛ فانظر لهذا الشاب الذي يجلس‬
‫دامئاً وحيداً إما منعزال عن أهله يف غرفته الخاصة‪ ،‬ويف األماكن العامة تراه ُيصرِ ّ عىل هذه الوحدة‪ ،‬ومن الصعب أن يستجيب لفتح كالم من أحد رواد املكان املجاورين‬
‫له‪ .‬وتأ ّمل معي تلك الفتاة التي جعلت من ادعائها الغرور درعاً لها لالبتعاد عن زميالتها‪ ،‬وكل من تحاول ال َّت َق ُّرب منها‪ .‬انظر كيف رصنا نبني األسوار العالية بيننا وبني‬
‫من حولنا‪ ،‬معتقدين أنها دروع حامية لنا؛ مع أنها يف الحقيقة ليست إال قضباناً تحيط بنا لنصبح ‪-‬مبرور الوقت‪ -‬مقيمني يف سجن دائم صنعناه بأنفسنا‪ ..‬ألنفسنا!!‬

‫حياتك ‪19‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫غري حياتك‬
‫ال تحرق املنزل‬

‫إننا بذلك الفعل نق ّلد ذلك األحمق الذي وجد يف بيته أثراً لحرشة أو حيوان قارض يعبث بفضالت الطعام؛ فقرر أن يقيض عليه بأن يحمل ِمشعل نار ليخيفه به‬
‫فيطرده أو يقتله‪ ،‬وبدأت املطاردة‪ ،‬ويف النهاية ُقتل هذا الحيوان ّ‬
‫املرض؛ ولكن بأي مثن؟ لقد حرق املنزل بأكمله!!‪ ،‬فلامذا نحاول حرق حياتنا بكل ما فيها‬
‫عرفت مل يكن أه ًال لهذه الصداقة‪،‬‬
‫َ‬ ‫وطموح بسبب بعض األشخاص الذين خذلوننا‪ ،‬ومل يكونوا عىل قدر ثقتنا بهم؟!‪ ،‬فكم صديقاً‬ ‫من جامل وذكريات ُ‬
‫وكم وغداً َو َعد َِك بأن يكون رشيك حياتك وتخىل عن وعوده‪ ،‬وكم شخصاً تتعامل معه وتجده يحاول إهانتك أو السخرية منك بال ٍ‬
‫داع‪ ..‬واحد‪ ،‬اثنان‪ ،‬ثالثة‪ ،‬عرشة‪،‬‬
‫عرشون‪ ،‬مائة‪...‬؟ حتى وإن كانوا أكرث؛ فام زال هناك املاليني من الناس أنت مل تتعامل معهم بعد‪ ،‬ورمبا وجدت بينهم العديد ممن يستحقون أن يُكملوا‬
‫معك مشوار الحياة كأصدقاء‪ ،‬أو زوجات وأزواج‪ ،‬أو حتى كزمالء عمل أو جريان‪.‬‬

‫عُ د للحياة‬

‫ألغ حبسك االنفرادي وعُ د للحياة‪ ..‬اهدم تلك األسوار املصطنعة من حياتك‪ ،‬وقابل الناس بابتسامة بسيطة غري متكلفة‪ ،‬وتق ّبل محاولتهم للتقرب منك‬ ‫ِ‬
‫‪-‬بالطبع داخل حدود الرشع واألعراف‪ -‬إذا شعرت بصدقها‪ ،‬وتع ّلم كيف تكسبهم‪ ،‬وتحافظ عىل صداقاتهم‪ ،‬دون أن تق ّلل من نفسك‪ .‬فصحبة الناس قد تكون صعبة‪،‬‬
‫تنس أن تح ّدثني عن نفسك وتخربين‪:‬‬
‫وتسبب بعض األمل‪ ،‬أو الكثري منه؛ ولكن العزلة والحبس االنفرادي داخل الذات قد يكون الجحيم نفسه؛ فاحذر منه‪ ،‬وال َ‬
‫تفضل الحبس االنفرادي داخل نفسك‪ ،‬أم أنك عىل استعداد ملخالطة الناس وتح ّمل أذاهم‪.‬‬ ‫هل ّ‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬

‫اليــوم‬
‫وبدون سابق إنذار‪ ،‬ف ُـصلت من وظيفتي كمصمم مواقع انرتنت‪ ،‬وكان لزاما عىل الرحيل عن الرشكة‪ ،‬وبينام أسري إىل حيث ركنت سياريت‪ ،‬وجدت‬
‫أنها قد س ُـحبت من مكانها ألين تركتها فوق جزء صغري من املساحة املخصصة لحنفيات إطفاء الحريق‪ .‬أكملت طريقي وأرشت لسيارة أجرة‬
‫تاكيس‪ ،‬وبعدما ركبت فيها‪ ،‬سألني سائقها عن يومي وكيف كان‪ ،‬فحكيت له عن كل يشء‪ .‬بعدما استمع يل‪ ،‬أخربين ذلك السائق أن الراكبة التي‬
‫كانت تركب قبيل كانت قد بدأت رشكتها الخاصة لتصميم املواقع‪ ،‬وتبحث دون جدوى عن مصمم مواقع يساعدها يف عملها‪ ،‬وأعطته بطاقتها يف‬
‫حال كان يعرف أي شخص مناسب‪ .‬مرر السائق البطاقة يل‪ ،‬وما أن وصلت بيتي حتى اتصلت بهذه السيدة‪ ،‬وعندي موعد مقابلة توظيف معها غدا!‬
‫اليــوم‬
‫وبينام أفتح متجري‪ ،‬وجدت مظروفا فيه ‪ 600‬دوالر ومعه رسالة قصرية‪ ،‬قالت‪ :‬منذ خمس سنوات مضت‪ ،‬رسقت متجرك وأخذت منه طعاما‬
‫بقيمة‪ 300‬دوالر‪ .‬سامحني‪ ،‬لقد كنت يف أشد درجات اليأس والحاجة‪ .‬هذه هي قيمة ما رسقت‪ ،‬مع مضاعفتها للتعويض عن كل يشء‪ .‬حني وقعت هذه الرسقة‪،‬‬
‫شعرت بأن السارق فعل فعلته بحثا عن طعام يأكله‪ ،‬فلم أبلغ الرشطة عن هذا الحادث‪.‬‬
‫اليــوم‬
‫فتحت بايب ألجد ذلك املترشد السابق الذي كان ينام بالقرب من سكني‪ ،‬ومنحته بذلتي من ‪ 10‬سنوات‪ .‬وقف ببايب يخربين أنه اليوم ميلك الوظيفة‬
‫واملنزل والعائلة‪ ،‬وأنه ارتدى هذه البذلة التي أعطيته إياها يف كل مقابالت التوظيف التي ذهب إليها‪ ،‬ثم شكرين‪.‬‬
‫اليــوم‬
‫وبينام أخي الذي يعمل يف وظيفة رئيس مهنديس الربمجيات لدى فيسبوك‪ ،‬يزورنا يف مدينتنا‪ ،‬عرضت عليه شبكة الراديو املحيل إجراء حوار معه‬
‫حول وظيفته‪ ،‬وبينام يتحدث مع املعلق سأله‪ ،‬ما أهم يشء ساهم يف نجاحك‪ ،‬فأجابه أخي‪ :‬كان يف حيايت وأنا صغري عشقان‪ ،‬األول عشق لرياضة كرة السلة‪،‬‬
‫والثاين عشق للربمجة عىل الحواسيب‪ ،‬وبعدما فقدت ساقيي يف حادث سيارة وعمري ‪ 16‬سنة‪ ،‬قررت أن أصب كل حبي يف الربمجة‪ ،‬فلم يعد ملامرسة رياضة‬
‫كرة السلة نصيب‪ ،‬وهذا هو ما أوصلني للجلوس معك هنا وإجراء هذا الحديث!‬
‫اليــوم‬
‫ال زال أمامك متسع من الوقت لتجعله أفضل من أمس‪ .‬ال تضيـع الفرصة‪ .‬تحىل بالشجاعة وحاول مرة أخرى‪.‬‬

‫حياتك ‪20‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫أقوال ملهمة‬

‫من أقوال الداعية األديب‬


‫محمد الغـزالي‬
‫(الجزء األخير)‬

‫عىل طـول الخـط الطويـل املمتـد من املـهـد إىل اللحـد يواجـه اإلنسـان أمـورا شــتى تحــتـاج إىل فــؤاد صــاح وبصـرية نــرية‪،‬‬
‫فإن اشتباك النفس بهموم الرزق وفتون الناس وتلقيها ألوان الوساوس وتأرجحها بني جوانب اليمني واليسار وفقرها إىل استجامع‬
‫قـوى كـثـرية يك تحـقق الخـري وكـي تصـد الرش‪ ،‬ذلك كـله يستـدعـى جـهـادا متصـل الحـلقـات‪ ،‬ولن ينـجـح اإلنسان ىف هذا الجـهـاد‬
‫إال إذا مـرن عىل عصـيـان هــواه‪ ،‬ومىض قـدمـا عىل الرصاط املستقـيم جـلـدا مثـابـرا ال يقعـده إعـيـاء وال يـرده اسرتخـاء‪.‬‬

‫إذا وجدنا يف امرئ عيبا‪ ،‬فنحن بإزائه بني أمور معينة‪ :‬إذا كان هذا العيب عاهة يف بدنه‪ ،‬أو ضآلة يف مرتبته‪ ،‬فمن السفاهة التشنيـع عليه‬
‫به عيانا أو غيابا‪ ،‬وإذا كان ذنبا انزلق إليه‪ ،‬وليس من شأنه أنه يقارفه‪ ،‬إمنا هي كبوة الجواد‪ ،‬فمن الدناءة أن نفضح مثله وأن نشهر به بني الناس‪،‬‬
‫وإن كان العيب الذي وجدناه جرأة مستهرت‪ ،‬أو مصيبة مجاهر‪ ،‬فهذا الذي يجـب أن يقـابل بكـلمة الحق تقرع أذنيه دون مبـاالة‪.‬‬

‫الرشف أن ترشـد الحـيارى‪ ،‬وأن ُتعـلم الجـهـال‪ ،‬وأن تخـرج النـاس من‬ ‫امض حـثيث الخـطو نحـو هدفـك‪ ،‬ومهام اخـطأت فتشبث بالحزم‪،‬‬
‫الظلامت إىل النور‪ .‬وأن تعرف الناس بربهم‪ ،‬وأن تنقذهم من أهوائهم‪،‬‬ ‫واستأنف املسري‪ .‬الكامل هو أن تسعي لبلوغ الكامل ما بقي يف صدرك‬
‫وأن تحميهم من خزي الدنيا وعذاب اآلخرة‪ .‬وأن تعمر الحياة بالحق‪،‬‬ ‫نفـس يـرتدد والسقوط يف الدنيـا واآلخرة أن تحتجب عن ناظريك‬
‫وتبث يف جنبتاها العدالة‪ ،‬وتغرس يف ترابها الفضائل والتقاليد الصالحة‪.‬‬ ‫امل ُـثل الرفيعة‪ ،‬وأن يستويل عليك اليأس والخمول‪ ،‬وتقف وتستكني‪.‬‬

‫إن إدراك الكامل اإلنساين يشبه بلوغ الكامل الفني ىف أي موضوع‪..‬‬ ‫االكتفاء الذايت يلزم اإلنسان أن يعرف موارده جيدا‪ ،‬ثم يضغط شهواته‬
‫البد أن مير «مبسودات» كثرية ومناذج متفاوتة‪ .‬ومعنى هذا أنه البد‬ ‫ورغائـبه حـتى ال تعـدو به حـدود ما ميـلك‪ ،‬وأن يغمـض عينـه عن حـيـاة‬
‫من أخـطاء تقع‪ ،‬ثم يلحـقها التصحيـح والتقويم‪ ،‬حـتى ميكن إفـراغها‬ ‫اآلخـريـن فال يحـاول املقـارنـة املـثـرية‪ .‬وأن يوقــن بأن سقـوطـه رهـن‬
‫ىف قالب أفضـل‪ .‬وعندما توضع ىف القالـب الجـديد ستبدو بها هنات‪،‬‬ ‫مبـد يـده إىل هذا أو ذاك‪ ،‬وأنـه كـلمـا تـرفـع واستـعـف مــلك نفـسـه‪،‬‬
‫أو ينكشف عوج مل يكن ملحوظا من قبل‪ ،‬فرياد تصحيحها وتقوميها‪.‬‬ ‫وثـبــت كـرامـتــه‪ ،‬وعــاش وجــيــهــا يف الـدنـيــــا واآلخــــرة‪.‬‬

‫ال تحسنب القدر يجرى وفق هواك‪ .‬إن وراء الواقع الذي نعش له أو نضيق به ِحك ًام عليا تجعل الحوادث تسري‪ ،‬وهى ال صلة لها برضانا أو سخطنا‪.‬‬
‫فمن أراد تغـيري قدر غالب‪ ،‬وأحـب تقديم شئ أخـره الله‪ ،‬أو تأخـري شئ قـدمه الله‪ ،‬فهو ينطـح الصخـر‪ ،‬ولن يستفـيد من ذلك إال تصديـع رأسه‪.‬‬
‫والعـاقل يرسـم خطـتـه عىل أن ما حـدث حـقيقـة ال منـاص من االعـرتاف بها ثم يبنى سلوكـه بعد ذلك وفـق ما يشـري به الحـزم‪ ،‬ويوحـى به السـداد‪.‬‬

‫الحياء ليس جبنا؛ فإن الرجل الخجول قد يفضل أن يُريق دمه عىل أن يريق ماء وجهه‪ ،‬وتلك هي الشجاعة يف أعىل صورها‪ ،‬وقد يكون يف الحياء يشء من‬
‫التخوف‪ ،‬بيد أن تخوف الرجل الفاضل عىل مكارمه ومحامده أن تذهب ببهائها األوضاع املحرجة‪ .‬وهذا التخوف يقارن الجراءة يف مواطنها املحمودة‪.‬‬

‫حياتك ‪21‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫الـعـلــم يـتـحــدث‬

‫التفــــــــاؤل‬ ‫بقلم‪ /‬م‪ .‬عبد الدائم الكحيل ـ سوريا‬

‫وجد العلامء أن بعض التغريات الواضحة يف طريقة عمل الدماغ ميكن أن تعطي مؤرشات تسمح بالتفريق والفصل بني الشخصية املتفائلة وتلك املتشامئة‪،‬‬
‫ومن املعروف أن العديد من الناس لهم ردود فعل مختلفة متاماً لنفس املشهد أو الحدث أو الفعل‪ ،‬منها السلبي ومنها اإليجايب‪ .‬ويرى فريق علمي‬
‫من جامعة ستانفورد األمريكية‪ ،‬قام بدراسة حول املوضوع‪ ،‬أنه ميكن التفريق بني الشخصية املتفائلة املرحة وبني تلك الحزينة املتشامئة‪ ،‬وغطى البحث‬
‫مجموعة من النساء املختلفات ترتاوح أعامرهن بني تسعة عرش واثنني وأربعني عاماً‪ .‬و ُقسمت النساء إىل قسمني وعرض العلامء عىل القسمني صوراً ملشاهد‬
‫مفرحة‪ ،‬مثل حفالت أعياد ميالد‪ ،‬وصوراً أخرى كئيبة حزينة مثل أجنحة مستشفيات وما إليها‪ ،‬وفيام كانت عملية عرض الصور مستمرة قام العلامء بقياس‬
‫نشاط الدماغ‪ ،‬والحظ الفريق العلمي أن املرأة املتفائلة استجابت بشكل أقوى للصور السعيدة مقارنة بالنساء القلقات املتشامئات‪ .‬والعكس كان صحيحاً‬
‫أيضا‪ ،‬فقد لوحظ وجود نشاط غري عادي يف أدمغة النساء القلقات العصابيات عندما عرضت عليهن صور كئيبة ومحزنة‪ .‬ويقول الدكتور جون جابرييل‬
‫رئيس فريق البحث‪ :‬إن استجابات الدماغ للمشاهد اعتمدت بشكل كبري عىل طبيعة شخصية كل امرأة منهن‪ ،‬إال أن التجربة مل تربهن بالطبع عىل ما‬
‫إذا كان السبب يف التشاؤم أو التفاؤل هو ضعف أو قلة نشاط الدماغ‪ ،‬أو أنه مجرد عرض أو تغري فسيولوجي آخر‪ .‬لكن الدكتور جابرييل يقول إن إلقاء‬
‫مزيد من الضوء عىل نشاطات الدماغ وطبيعته املعامرية الحقاً ميكن أن يكون مفيداً يف معالجة أمراض نفسية مثل الكآبة‪ ،‬وأنه من غري املعلوم حتى‬
‫اآلن ما إذا كان املوضوع متعلق برشوط جينية مسبقة‪ ،‬أم هي جزء من العملية الرتبوية والتكيف االجتامعي‪ .‬ولذلك فإن الدماغ يكون يف حالة استقرار‬
‫وراحة عندما يكون اإلنسان متفائ ًال‪ ،‬ويؤكد علامء النفس أن استقرار عمل الدماغ مهم جداً للحفاظ عىل صحة اإلنسان النفسية والجسدية‪ .‬وينصح‬
‫العلامء بالتفاؤل كأسلوب مهم لعالج الكثري من األمراض النفسية‪ .‬بل هناك دراسات كثرية تؤكد أن املتفائلني أكرث صحة من املتشامئني‪ .‬وبالتايل فإن‬
‫التفاؤل يعترب عالجاً لكثري من األمراض املستعصية‪ ،‬ورمبا يكون من أهم األشياء أنه يف حالة التفاؤل فإن النظام املناعي لدى اإلنسان يعمل بحالة أفضل!!‬
‫ك ُّلنا يعلم كيف كان نبي الرحمة صىل الله عليه وسلم ينظر إىل الحياة نظرة متفائلة‪ ،‬وكيف كان يعج ُبه التفاؤل ويأمر أصحابه أن يكونوا متفائلني‪ .‬بل إن النبي‬
‫صىل الله عليه وسلم وهو يف أصعب املواقف التي مرت يف حياته‪ ،‬علمنا كيف نعالج القلق والخوف بكلمة واحدة فقط! وك ُّلنا يذكر قصة الهجرة النبوية‬
‫من مكة إىل املدينة‪ ،‬عندما خرج النبي وصاحبه أبو بكر الصديق ودخال الغار‪ ،‬وكان املرشكون يبحثون عنهام‪ ،‬ومل يكن بينهام وبني املوت إال أن يراهام‬
‫أحـد املرشكني‪ ،‬ولكن رحـمة الله وحـفظه أكرب وأقوى من كيد املرشكني‪ .‬يف هذا املوقف الصعـب التفـت أبو بكر إىل النبي وقال له يا رسول الله‪ :‬لو أن‬
‫أحدهم نظـر إىل موضع قدميه لرآنا‪ ،‬ثم قال له يا رسول الله إين ال أخـاف عىل نفـيس ولكن أخـاف عليـك‪ ...‬إنه مـوقف يعـتـرب يف قمـة الخـوف والقـلق‪.‬‬
‫فكيف عالج النبي هذا املوقف؟ تأملوا معي هذا النص اإللهي الذي يصور لنا تلك الحادثة‪( :‬إِلاَّ َتنْصرُ ُو ُه َف َق ْد َنصرَ َهُ ال َّل ُه إِ ْذ أَ ْخ َر َج ُه ا َّل ِذينَ َك َف ُروا َثانيِ َ ا ْث َنينْ ِ‬
‫السفْلىَ َو َك ِل َم ُة ال َّل ِه ِه َي‬ ‫اح ِب ِه لاَ َت ْح َز ْنإِ َّن ال َّل َه َم َعنَا َف َأ ْنز ََل ال َّل ُه َس ِكي َن َت ُه َع َل ْي ِه َوأَ َّيدَهُ ِب ُجنُو ٍد َل ْم َت َر ْوهَ ا َو َج َع َل َك ِل َم َة ا َّل ِذينَ َك َف ُروا ُّ‬ ‫إِ ْذ هُ ماَ فيِ ا ْل َغا ِر إِ ْذ َي ُق ُ‬
‫ول ِل َص ِ‬
‫يم) [التوبة‪ .]40 :‬إنها كلمة رائعة (لاَ َت ْحز َْن إِ َّن ال َّل َه َم َعنَا) يجب عىل كل مؤمن أن يتذكرها عندما يتعرض ملوقف صعب‪ ،‬وهكذا‬ ‫ا ْلعُ ْل َيا َوال َّل ُه َع ِزي ٌز َح ِك ٌ‬
‫جميع األنبياء عليهم السالم‪ ،‬ومنهم سيدنا يعقوب بعدما ابتيل بفقدان ابنيه فامذا فعل‪ ،‬وكيف عالج هذا القلق والحزن؟ هل تشاءم وغضب وانفعل؟‬
‫ون) [يوسف‪.]87 :‬‬ ‫ُوس َف َوأَ ِخي ِه َولاَ َت ْي َئ ُسوا ِمنْ َر ْو ِح ال َّل ِه إِ َّن ُه لاَ َي ْي َئ ُس ِمنْ َر ْو ِح ال َّل ِه إِلاَّ ا ْل َق ْومُ ا ْل َكا ِف ُر َ‬ ‫انظروا ماذا قال لبنيه‪َ ( :‬يا َب ِن َّي ا ْذهَ ُبوا َفت ََح َّس ُسوا ِمنْ ي ُ‬
‫ون)‪ ،‬إنها أجمل عبارة لعالج القلق والتشاؤم‪.‬‬ ‫انظروا إىل هذه العبارة الرائعة‪َ ( :‬ولاَ َت ْي َئ ُسوا ِمنْ َر ْو ِح ال َّل ِه إِ َّن ُه لاَ َي ْي َئ ُس ِمنْ َر ْو ِح ال َّل ِه إِلاَّ ا ْل َق ْومُ ا ْل َكا ِف ُر َ‬
‫تأملوا معي هذا النداء اإللهي املفعم بالتفاؤل واألمل‪ ،‬كيف يعلمنا القرآن األمل والثقة برحمة الله‪ ،‬وأن ندعوه يف جميع حاجاتنا ومشاكلنا‪ ،‬وسوف يستجيب لنا‪،‬‬
‫يب ُأ ِج ُ‬
‫يب َد ْع َو َة الد َِّاع إِ َذا َدع ِ‬
‫َان َف ْل َي ْست َِجي ُبوا ليِ َو ْل ُي ْؤ ِمنُوا بيِ َل َع َّله ُْم َي ْر ُش َ‬
‫دُون) [البقرة‪.]186 :‬‬ ‫برشط أن يكون الدعاء صادقاً! يقول تعاىل‪َ ( :‬وإِ َذا َس َأ َل َك ِع َبا ِدي َعنِّي َفإِنيِّ َق ِر ٌ‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫كلام ازددنا أملاً وتعباً زدنا ارصاراً وجداً‪ ،‬فام من ليل دائم وما من شقاء أبدي والبد لنا من قطف مثار تعبنا يوماً وإن كان بعيداً ودربه‬
‫شائكاً وطوي ًال فسنسعى ومنيض إىل أن نصل سوياً‪ ،‬فام من طعم للفرح لوال عظيم الحزن‪ ،‬وما من معنى للراحه لوال طعم القسوة‪.‬‬

‫حياتك ‪22‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫قصة جناح‬

‫قصة كفاح جوان ك‪ .‬رولينج‬


‫المؤلفة األكثر ثراء ـ صانعة هاري بوتر‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬رءوف شبايك ـ اإلمارات‬

‫يرى البعض أنه لوال الحالة النفسية السيئة التي سادت العامل بعد أحداث سبتمرب ‪ 2001‬ملا حققت هذه الرواية كل هذا النجاح الكاسح غري املسبوق‪،‬‬
‫فقد وجد الناس يف نسيج األحداث الخيالية والعامل السحري الذي صنعته املؤلفة ما يساعدهم عىل نسيان قلقهم وخوفهم من األحداث الجارية‪ .‬إنها‬
‫رواية هاري بوتر‪ ،‬ذلك الطفل اليتيم الذي ورث قدرات سحرية من والديه‪ ،‬لكن قبل أن ينجح هاري بوتر‪ ،‬نجحت قبله مؤلفته وصانعته من خيالها‪،‬‬
‫االنجليزية جوان رولينج ‪ ،Joanne Rowling‬ألنها مثال حي المرأة تحولت من الفقر املدقع إىل ثراء بالغ‪ .‬جاء ميالدها يف ‪ 31‬يوليو من عام ‪ 1965‬يف‬
‫مدينة جلوسيسرتشري االنجليزية (جنوب غرب إنجلرتا)‪ ،‬وكانت األخت الكربى لصغرية جاءت بعدها بعامني‪ .‬منذ صغرها والجميع ينادونها «جو» اختصارا‪،‬‬
‫وحني يغضب أحدهم منها‪ ،‬كان يناديها جوان! لطاملا رسدت ’جو‘ ألختها ديان القصص الخيالية‪ ،‬كام كانت تحب األرانب بشدة‪ ،‬حتى أنها وعمرها‬
‫ست سنوات عمدت لتأليف قصة من وحي خيالها أسمتها «أرنب» ليك تقنع والديها بالسامح لهام برتبية أرنب يف منزلهام‪ .‬مل تحصل جوان عىل أرنبها‪،‬‬
‫لكنها عرفت وقتها أنها تريد االستمرار يف تأليف وكتابة القصص‪.‬‬

‫بعدها انتقل والدا جوان للعيش يف الريف االنجليزي يف بيت أوسع‪ ،‬ومل تكن املدارس هناك بالتي تروق لجوان‪ ،‬لكنها اكتسبت أصدقاء كرث من خالل قصصها‬
‫الخيالية التي كانت ترويها يف أوقات الغداء‪ ،‬وحني بلغت مرحلة الدراسة الجامعية‪ ،‬كانت الكتابة والتأليف مجرد هواية جانبية لها‪ ،‬وعمال بنصيحة والديها لها‪،‬‬
‫درست اللغة الفرنسية يف جامعة اكسرت حتى تخرجت‪ ،‬أمال يف أن يساعدها ذلك بعد التخرج يف العمل يف وظيفة سكرترية‪ ،‬إذ أن إتقان لغتني كان من العوامل‬
‫املساعدة يف نجاح من ميتهن هذه الوظيفة‪ ،‬عىل أن التخصص يف اللغة الفرنسية منحها عاما دراسيا يف العاصمة الفرنسية باريس ضمن نطاق دراستها الجامعية‪.‬‬

‫لألسف‪ ،‬مل تكن جوان تجيد أو تحب التنظيم وإدارة الوقت‪ ،‬لكنها تخرجت وعملت باحثة وسكرترية يف العاصمة لندن من أجل غرض واحد‪ ،‬إذ أن عملها‬
‫وفر لها حاسوبا تعمل عليه‪ ،‬وقد استغلته أثناء أوقات فراغها يف كتابة قصصها‪ ،‬ومل متض فرتة طويلة حتى كان تأليف قصصها قد استوىل عىل كل تفكريها‬
‫وشغل كل وقتها‪ .‬وعمرها ‪ 26‬ربيعا‪ ،‬أدركت جوان أنها نالت كفايتها من هذه الوظيفة‪ ،‬وبعد مصيبتها يف وفاة أمها عن عمر ‪ 45‬سنة فقط‪ ،‬آثرت أن ترتك‬
‫كل يشء ورائها وترحل إىل مدينة بورتو يف الربتغال لتعمل يف تدريس اللغة االنجليزية‪ ،‬ورغم أنها وظيفة بعيدة كل البعد عام كانت تحبه وتريده وتحلم به‪،‬‬
‫لكنها كذلك سمحت لها بأوقات فراغ أطول‪ ،‬أملت أن تقربها من هدفها وهو إنهاء الجزء األول من قصة هاري بوتر‪ .‬أما كيف جاءتها فكرة الطفل الصغري‬
‫الذي أرسلوه إىل مدرسة لتعليم السحر‪ ،‬وما مر به هذا الطفل خالل سنوات تعليمه – قصة هاري بوتر التي جلبت لها النجاح والشهرة – فتخربنا جوان‬
‫أنها هبطت عليها من السامء وهي مسافرة بقطار مزدحم يف عام ‪ 1990‬من مانشسرت إىل لندن‪ ،‬يف رحلة تأخرت ‪ 4‬ساعات‪ ،‬ويف حني استغل الجالس بجانبها‬
‫هذه الفرتة يف النوم‪ ،‬قضت جوان هذه الساعات يف تخيل كيف كانت مدرسة السحر هوجوارتس لتبدو‪ ،‬وما أن هبطت من محطة القطار حتى كانت قد‬
‫اخرتعت أشهر شخصيات املدرسني والعاملني يف املدرسة‪ ،‬وظلت منذ هذا الوقت تكتب مغامرات هاري يف عامه األول‪ ،‬مستغلة أي وقت وكل وقت يتوفر لها‪.‬‬

‫حياتك ‪23‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫قصة جناح‬

‫بعدها تزوجت جوان يف الربتغال من صحفي‪ ،‬وولدت ابنتها جيسيكا (والتي سمتها عىل اسم كاتبتها املفضلة جيسيكا متفورد)‪ ،‬ثم حصلت عىل الطالق‬
‫بعد قرابة العام ‪ ،‬لتجد أن الوقت قد حان بعدها لترتك الربتغال‪ ،‬قاصدة مدينة إدنربة يف اسكتلندا حيث كانت أختها الصغرية تقيم‪ ،‬لتجاهد بعدها من‬
‫أجل العثور عىل وظيفة تعول بها نفسها وابنتها‪ ،‬وبعد جهد عرثت عىل وظيفة م ُـدرسة لغة فرنسية‪ ،‬لكن من داخلها كانت تريد شيئا وحيدا‪ :‬الرتكيز‬
‫عىل التأليف والكتابة ليك تنهي قصتها التي بدأتها‪ ،‬قصة الصبي بوتر ‪ ،‬وإال فإنها لن تنهيها أبدا‪ ،‬وهذا ما كانت تخشاه بشدة‪ .‬كانت أ ًما تعيش مبفردها‬
‫مع صغريتها‪ ،‬تعتمد عىل املعونة الحكومية وتعمل بأجر زهيد‪ ،‬وكان املال شحيحا جدا حتى أنها كانت تعجز أحيانا عن دفع فاتورة الكهرباء الشهرية‪.‬‬

‫دافعة أمامها ابنتها الرضيعة يف عربتها‪ ،‬وما بني طاوالت املقاهي وأثناء فرتات نوم ابنتها‪ ،‬كانت جوان تجمع أطراف قصتها معا ليك تنهيها‪ ،‬وكانت تطبع‬
‫نصوص القصة عىل آلة كاتبة قدمية‪ ،‬استعدادا ليك تبدأ بعدها رحلة البحث عن نارش يقبل نرش قصتها هذه‪ ،‬وكان عام ‪ 1995‬الوقت الذي انتهت فيه من‬
‫كتابة الجزء األول‪ .‬توالت دور النرش يف رفض نرش قصتها‪ ،‬حتى رفضتها ‪ 12‬دار نرش ‪ ،‬لكن جوان مل تكن لتتخىل عن هاري بوتر‪ ،‬ولذا كم كانت سعادتها‬
‫عندما جاء رد دار النـرش رقم‪ 13‬باملوافقـة عىل النرش‪ ،‬بعد عام كامل من الرفض واالنتظار والرتقب‪ ،‬ويف مقابل ‪ 1500‬جنيه إسرتليني فقط‪.‬‬

‫املؤمل أن دار النرش خافت من وضع اسم سيدة عىل الغالف فتعزف الناشئة (الفئة املستهدفة بالكتاب) عن رشاء القصة‪ ،‬ولذا طلبت منها استعامل األحرف األوىل‬
‫من اسمها‪ ،‬وطالبتها بوضع حرفني ثم اسم عائلتها‪ ،‬ولذا اختارت جوان حرف ‪ J‬ثم اتبعته بحرف ‪ K‬وهو أول حرف من اسم جدتها كاثلني‪ ،‬مع اسم عائلتها رولنج‪.‬‬
‫الطريف أن العامل الكبري يف موافقة دار النرش بلومسربي عىل النرش هو ابنة مدير الدار‪ ،‬ذات الثامين سنوات‪ ،‬والتي نالت القصة إعجابها الشديد بعدما‬
‫طلب منها والدها إبداء رأيها يف الفصل األول من القصة‪ ،‬فجاءته بعدها تدق الباب مطالبة ببقية القصة‪.‬‬

‫بعدها خرجت قصة هاري بوتر إىل مكتبات إنجلرتا‪ ،‬لكنها مل تحظ ببداية سهلة‪ ،‬ويف أول حفل لتقرأ جوان كتابها بنفسها‪ ،‬حرض أربعة أشخاص ليسمعوها تقرأ‪،‬‬
‫حتى أن العاملني يف املكتبة التي احتضنت حفل القراءة التفوا حولها ليشدوا من أزرها ويسمعوا لها‪ .‬هذه البداية الصعبة جعلت القلق يدب يف أوصال النارش‪،‬‬
‫ولذا نصحها محرر الدار بأن تعرث لنفسها عىل وظيفة نهارية تقيم أودها‪ ،‬كام هاجم القصة بقوة العديد من الجامعات الدينية التي رفضت ما فيه من سحر وسحرة‪،‬‬
‫حتى أن الحكومة املحلية اضطرت لسحب الكتاب من املكتبات العامة يف بعض املدن‪.‬‬

‫بعدها بشهور حصلت جوان عىل منحة من مجلس الفنون االسكتلندي‪ ،‬ساعدتها عىل االستمرار يف الكتابة‪ ،‬وبعدها بيعت حقوق النرش داخل الواليات املتحدة‬
‫يف مقابل مايل سخي (وقتها بالطبع‪ ،‬وبلغ ‪ 105‬ألف دوالر)‪ ،‬سمح لها بأن تستقيل من وظيفتها وتركز عىل هوايتها‪ :‬تأليف القصص‪ ،‬وإكامل قصص السنوات‬
‫التالية للصغري بوتر بينام يجتاز صفوفه الدراسية‪.‬‬

‫يف يونيو ‪ ،1997‬طبعت دور النرش ألف نسخة من الجزء األول – حجر الفيلسوف‪ ،‬أرسلت نصفها إىل املكتبات‪ ،‬لكن بعد خمسة أشهر فاز هذا الجزء بأول‬
‫جائزة له‪ ،‬وبعدها بأشهر ثالث جاءت الجائزة الثانية ثم الثالثة‪ ،‬وشهد شهر يوليو من عام ‪ 1998‬طباعة الجزء الثاين من القصة‪ .‬اليوم‪ ،‬تقدر القيمة املالية‬
‫للعالمة التجارية ’هاري بوتر‘ بأكرث من ‪ 15‬مليار دوالر‪ ،‬تلك القصة املمتدة عىل سباعية وعرب ‪ 4195‬صفحة وترجمت إىل ‪ 65‬لغة يف العامل‪ ،‬وبيع منها ما‬
‫يربو عن ‪ 400‬مليون نسخة عامليا‪ ،‬كام تقف األجـزاء األربعـة األخـرية من السباعية لتكون أرسع الكتب بيعا يف العامل (وفق موسوعة ويكيبيديا)‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫رمبا تضطرك الظروف لفعل ماال تحب حتى يأيت اليوم الذي تجد نفسك فيام تحب‪ ،‬و إمنا هي أقدار وعلينا السعي والعمل‪.‬‬
‫السعي وراء تحقيق أهدافك يشبه إىل حد كبري تجميـع صور متقطعة لتصل إىل الصورة النهائية وبينام تسعى يف النهاية إىل تحقيق‬
‫النتيجة النهائية مازال عليك العمل قطعة بقطعة‪ .‬اغتنم البهجة من هذه العملية واستخدم النجاحات الصغرية التي تحققها يف‬
‫تزويدك بالوقود ملواصلةجهودك املستمرة‪ .‬الثقة بالنفس تشبه فريوس ينترش يف جسدك كله‪ ،‬إذا كنت تتحىل بها فإنها سوف تصيب‬
‫كل يشء بطريقة إيجابية وإذا كنت ال تتحىل بها فإنها تحط من قيمة أي يشء تفعله ‪.‬‬

‫حياتك ‪24‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫نـبـضــات قـلــم‬

‫أليس الصبح بقريب؟!‬


‫بقلم‪ /‬ريـم عبدالله ـ األردن‬

‫يسوق الله عز وجل لعباده باألرض الشدة ليفرز بها املؤمنني وهذه حكمة ألفعاله ‪..‬فعىل املؤمن أن يوطن نفسه أنه ممتحن يف كل مام أعطاه من عطياته وفضله‪..‬‬
‫يف أي يشء ناله من الله إما بعلم أو وظيفة أو مهمة سيؤديها وإما بذكاء أو باملال هل سيستخدمه ببيان الحق ونفقته يف سبيل الله أم يتاجر به ملصالح شخصية‬
‫أمللتنعمفقط أوليستعيلعىلالبرش‪..‬سئل االمام الشافعي‪ (( :‬ندعو الله بالتمكني أم باالبتالء قاله‪ :‬لن متكن قبل أن تبتىل))‪ ..‬فدرجات الدنيا متفاوته واالبتالء فيها‬
‫مستويات وكل عبد عىل حسب مقدار إميانه وصربه تأيت املصيبة عليه مثل العقاب حتى تأدبه ‪ ..‬فإذا استقام وأصلح حاله ميتحنه سبحانه حتى وهو يف موضع‬
‫استقامة عندها سيدعو الله الصرب والثبات وبهذا يكون مبرحلة اإلمتحان‪ ..‬فإذا نجح االنسان مبرحلة التأديب وتاب ومبرحلة االمتحان وصرب عندها سيكرمه الله‬
‫وسيبلغ مرحلة التكريم‪ .‬فالعباد يف هذه الدنيا تقع عليهم املصائب فيكون حالهم بني الدفع والرفع أي أن العبد املستقيم هو إنسان عند الله جيد وله‬
‫مكانه‪ ،‬لكنه انشغل بالدنيا وصار مقرص أحيانا بعباداته وأداء واجباته أو قد غرق يف املباحات فتأتيه مصيبة لتعالجه وتدفعه إىل باب الله فيخاطبهم‬
‫الصا ِب ِرينَ )‪ ،‬عندما يرىض االنسان بعمل صالح متواضع فعله‬ ‫ات َو َبشرِّ ِ َّ‬ ‫وع َو َن ْق ٍص ِمنَ الأْ َ ْم َوالِ َوالأْ َ ْن ُف ِس َوال َّث َم َر ِ‬
‫سبحانه‪َ ( ..‬و َل َن ْب ُل َو َّن ُك ْم ِبشيَ ْ ٍء ِمنَ ا ْل َخ ْو ِف َوا ْل ُج ِ‬
‫وهو لديه إمكانات أكرب منها ومل يفعلها بسبب تقصري وفتور يف الهمة يبعث الله له مصيبة تجعله أن ترفع من مستوى عمله و اللجوء إليه فيقول لهم‪..‬‬
‫ون) [البقرة‪ ،]157 ،156 :‬فرضب مثل‬ ‫ات ِمنْ َر ِّب ِه ْم َو َر ْح َم ٌة َو ُأو َل ِئ َك هُ مُ ا ْل ُم ْهتَدُ َ‬ ‫ون ُ‬
‫**أو َل ِئ َك َع َل ْي ِه ْم َص َل َو ٌ‬ ‫(ا َّل ِذينَ إِ َذا أَ َصا َب ْته ُْم ُم ِصي َب ٌة َقا ُلوا إِ َّنا ِل َّل ِه َوإِ َّنا إِ َل ْي ِه َر ِاجعُ َ‬
‫لصاحب االبتالءات عندما مىش سيد الحق وحبيب الخلق عىل قدميه ما يزيد عىل مثانني كيلو مرتا يف أصعب الجبال ليصل إىل أهل الطائف يدعوهم إىل الله‬
‫ليهديهم إىل طريق الحق ‪..‬فكذبوه وسخروا منه وأغروا صبيانهم أن ينالوه باألذى‪ ..‬هذه مصيبة لكن هذا االمتحان سوف يعرب بعد قليل عن الكامل‬
‫الذي ينطوي عليه النبي‪ .‬فأرسل له ملك الجبال قال‪ :‬يا محمد‪ ،‬أمرين ريب أن أكون طوع إرادتك‪ ،‬لو شئت ألطبقت عليهم األخشبني الجبلني‪ ،‬وهنا أراد‬
‫الله أن ميكنه حتى ينتقم لكنه رفض وقال‪« :‬اللهم اهدي قومي‪ ،‬يارب إن مل يكن بك غضب عيل فال أبايل ولك العتبى حتى ترىض»‪.‬‬

‫واعـلـم بـأن املرء غــري مخـلد‬ ‫فاصـبـر لكـل مصـيبـة وتجـــلــد‬


‫نوب اليـوم تكشـف فـي غــد‬ ‫واصـرب كام صبـــر الكــرام فإنهــا‬
‫هذا سبيل لست عنـه بأوحــد‬ ‫من مل يصب ممـن ترى مبصيـبـة؟‬
‫فاذكـر مصابـك بالنبي محمـد‬ ‫فإذا ذكــرت مصـيبـة ومصــابهــا‬

‫متر علينا هذه االمتحانات يف مراحل عمرنا إما بيوم أو حتى بلحظه فال توجد حياة من دون ابتالء ( إِ ّنا ُكنّا ٌمب َت ِلني) فالدنيا دار التواء حتى يسوقنا الله عز وجل‬
‫إىل دار اإلستواء‪ ..‬فعلم جل يف عاله ماكان وما يكون وما سيكون‪ ..‬علم مامل يكن لو كان كيف كان يكون‪ ..‬لكن!! اذا واجهتك صعاب وشعرت أنك عىل وشك‬
‫الضياع ابحث بنفسك ستكتشف أنك موجود ومستحيل أن تضيع وبقلبك إميان ومعك رب عزيز‪ ،‬عندها اعلم أنه بطل هذه املحنة هو من يجتازها حتى‬
‫النهاية بال عودة وهوالفائز فمهام تعاظم معك الداء فإن مآله إىل الزوال‪ ..‬وإن طال ظالم الليل سيشقه خيط رقيق يتسلل بهدوء يعلن هناك نور سيعقبه‬
‫صباح مرشق ‪ ..‬تهب منه نسامت نقية لتخفف آالم القلب وتدفن دمع العيون ‪ ..‬ويأيت النهار ليصافح األجواء ويلطفها بنسيم يدفئ الروح لسامع صوت دعاء‬
‫وتسابيح العصافري وهي مقبلة تقول للمكسور أفق فهناك رب جابر ‪..‬انعش روحك فللحزن دواء بارد ‪ ..‬تبسم فلقبضك حليم باسط جاءت لتقول أن الحياة‬
‫فـيهـا دامئـا ركـن ميضء يجــدد الحـيـاة يسمـى األمـل ‪..‬جــاءت لتـقـول همسة بآذاننـا تاليـة (أليـس الصبـح بقـريـب) أي بىل وريب إنـه لقـريـب‪..‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫إذا مل تستطع أن تنظر أمامك ألن مستقبلك مظلم ومل تستطع أن تنظر خلفك ألن ماضيك مؤمل فانظر إىل األعىل تجد‬
‫ربك تجاهك‪ ،‬فإن هناك من يحبك‪ ،‬يعتنى بك‪ ،‬يحميك‪ ،‬ينرصك‪ ،‬يسمعك‪ ،‬يراك‪ ،‬إنه (الله) ما أخذ منك إال ليعطيك‪،‬‬
‫وما ابكاك إال ليضحكك‪ ،‬وما حرمك اال ليتفضل عليك‪ ،‬وما ابتالك إال ألنه يحبك‪.‬‬

‫حياتك ‪25‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫لـكـي نتـواصل‬

‫اتصل بنفسك‬ ‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬حذيفة السيد عبد املعطي ـ مرص‬

‫املرء يحتاج إىل أن يتصل بنفسه مبهارة أكرب من اتصاله باآلخرين‪ ،‬فنحن نسعى إىل تطوير مهاراتنا من خالل التدريب عىل مهارات االتصال بالقراءة والتدرب ىف‬
‫مراكز التنمية البرشية للنجاح ىف العمل والنهوض مبستوى اإلنتاج ىف العمل املعامالت الحياتية‪ .‬ولكننا نغفل عن االتصال بأنفسنا‪ ،‬والتواصل مع النفس‬
‫يكون بالحديث معها أكرث من االستامع إليها‪ ،‬فاالتصال الجيد مع النفس بفعالية هو الطريق إىل الثقة بالنفس‪ ،‬والطريق إىل الطموح‪ ،‬والطريق إىل التطور‬
‫والتطوير فالكثري منا ال يجيد فن التواصل مع نفسه‪ ،‬فنفسه تحدثه دامئا ً بصوت خفي فيستمع إليها ويلبى ندائها وال يفتح قناة للحوار بينه وبينها‪.‬‬

‫نفسك قد تحدثك بالخوف من املستقبل فتستمع إليها دون التحاور معها واالتصال بها ملعالجة هذا األمر‪ ..‬فالبد أن تحدثها أنت باالطمئنان بالقدر‪ ،‬وعندما‬
‫تحدثك نفسك بالقلق من مواجهة اآلخرين‪ ..‬فالبد أن تحدثها أنت بالشجاعة والثقة ىف القدرات‪ ،‬وعندما تحدثك نفسك باملشاعر السلبية تجاه اآلخرين‪..‬‬
‫فالبد أن تحدثها أنت عن اختالف طبائع البرش‪ ،‬وعندما تحدثك نفسك بالخوف من الفشل‪ ..‬فالبد أن تحدثها أنت بالثقة بالله وأن األهم من النجاح الدروس‬
‫املستفادة من الفشل‪ ،‬وعندما تحدثك نفسك بالسخط عىل إمكانياتك املادية أو العلمية‪ ..‬فالبد أن تحدثها أنت عن الرضا وأهمية العمل عىل التغيري‪،‬‬
‫وعندما تحدثك نفسك بالتسويف ىف املهامت والقراءة املفيدة‪ ..‬فالبد أن تحدثها أنت عن رسعة انقضاء الوقت والعمر‪ ،‬وعندما تحدثك نفسك باليأس‬
‫من تقدم بالدك والقنوط من حال املجتمعات‪ ..‬فالبد أن تحدثها أنت بقوله تعاىل «إِ َّن ال َّل َه ال ُي َغيرِّ ُ َما ِب َق ْو ٍم َحتَّى ُي َغيرِّ ُ وا َما ِب َأ ْن ُف ِس ِه ْم»(الرعد‪،)11:‬‬
‫وعدم السامح للهزمية النفسية بالتسلل لقلبك‪.‬‬

‫لنتعلم فن االتصال بالنفس‪ ،‬ولنجعل الدقائق التى نخلوا بها بأنفسنا حديثاً وحواراً بيننا وبني أنفسنا قائد دفة الحديث هو أنت وال تكن مستمعاً فقط ولكن‬
‫دعِّم ما تسمع بالرد عليه بتفاؤل وال تجعل دائرة التأثر لديك خارج دائرة التأثري منك‪ ،‬لنعالج أوامر النفس إلينا معالجة موضوعية‪ ،‬فنعيد برمجة النفس‬
‫بالقرآن الكريم؛ لتتحول النفس من نفس أمارة تهوى الرضر إىل نفس طامحة ت ّواقة تهوى النافع‪ ،‬وتتحدى ألوان الفشل‪ ،‬ولتتحول النفس من نفس تخاف‪..‬‬
‫إىل نفس مطمئنة راضية تسعى للقمم‪ ،‬ومحاكاة ذوى الهمم‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬

‫اتصل بنفسك بإيـجـــــــــــــــابـــيــــــة‪،‬‬


‫اتصل بنفسك بـتـــــفـــــــــــــــــــــاؤل‪،‬‬
‫اتصل بنفسك بالصــــــــرب والــرضــــــــا‪،‬‬
‫اتصل بنفسك وحدثها عن أخبار الناجحني‪،‬‬
‫اتصل بنفسك وحـدثـها عن اإلميـان بالقـدر‪،‬‬
‫اتصل بنفسك بفـعـالـيــــــــــــــــــــــــة‪..‬‬
‫إىل أن نلتـقـي عىل أعىل قـمـــة نـجــــــاح‪.‬‬

‫حياتك ‪26‬‬ ‫طور‬


‫العدد ( ‪ ) 30‬شهر أغسطس‪2010‬‬
‫عنوان الصورة‪ :‬الصديق قبل الطريق‬ ‫تصوير فوتوغرايف‪ :‬روان دعاس‬

You might also like