You are on page 1of 29

‫السنةالخـامسـةـ العـدد(‪) 27‬شهـرديسمـرب‪2010‬‬

‫مجلة إلكـرتونية ـ دورية ـ متخصصة يف تنمية الذات‬


‫ـ‬

‫بل عشت برفقتها ردحا من الزمن‪..‬‬


‫بقلم‪ /‬نسيم عبد الوهاب ـ الجزائر‬

‫بإحـسان إىل يوم الدين ‪ ..‬أما بـعـد‪ ،‬صـبـاح الخـري‪..‬‬


‫ٍ‬ ‫الحـمد لله والصالة والسالم عىل سـيد الخـلق وعىل آله و صحـبـه ومن تبعـهم‬
‫أم مساء الخري‪ ..‬أم تحية لكم‪ ..‬لقد غـرين إرشاق هذه املجـلة وإرشاق أقالمكم حتى مل أعد أدري ما أكتب‪ ،‬وما أدري من أين ابدأ‪،‬‬
‫تحية طيبة لكم جـميعا إخـواين أخـوايت‪ ،‬فقد سكـبتم علينا من كأس سحـركم حـتى سحرمتونا بيانا‪ ،‬ومثلنا روعة‪ ،‬دامئا مــا أجد بني‬
‫طيات هذه املجلة أقالما جديدة بصرية بجـزل القـول ورائـع البيان ولطـيف العبارة وحـريصة كـثريا عىل اإليجـاز واإلبداع واإلمتـاع‪،‬‬
‫فكل كلمة من كلامتكم مختارة بعـناية شديدة‪ ..‬وكل جـملة من جملكـم املبدعـة مصطفـاة بذكـاء وعبقرية‪ .‬وكأنكم قطفتم أبكار‬
‫رئيس التحرير‬
‫املعاين يف كلامت راقية‪ ،‬شباب رواد يف الكتابة‪ ..‬تنظمون كالمكـم وكلامتكـم يف عقـد جـميل وبهيـج فتلقونه علينا كأنه السحر بعينه‪.‬‬ ‫إســــالم سـلـيـمـان‬
‫لقد عـدت لعـلـني أرتـوي من الظـأم الذي أصـابنـي بعـد االبتـعـاد عن املجـلـة املحـبـوبـة لعـلنـي أتـذوق الكـلمـة الطـيبـة‪..‬‬ ‫مديـر التحريـر‬
‫والقصيدة الراقـية‪ ..‬والحرف الجميل بني أوراقها الباهية املتميزة بكم يا أصحاب األقالم الرائدة‪ ،‬عدت بعد ظأم شديد حتى أقول‬ ‫جـمـيـلـة شـعـيـب‬
‫لكم أن مجـلة «طور حياتك» وطني الثاين‪ ،‬الوطن الذي كتبت فيه بعض إبداعايت ‪-‬إن كانت تصح هذه الكلمة‪ -‬وطن عشت به‬ ‫ُكـتـاب الـعـدد‬
‫رشخ شبايب‪ ..‬وطن أحببته وأشتاق إليه‪ ..‬اآلن أتيت إليكم يف ثوب املندهش وأمتنى أن تقبلوين من جديد بينكم‪ ..‬أتردد كثريا‬
‫د‪ .‬إســمـاعيل أبــو بـكـــر‬
‫حـينام أود الكتابة عن مجلة «طور حياتك» فأنا أعـرتف لها بالفضـل‪ ..‬ولكـاتبيهـا بالسـبق والفضـل ولكـننـي سأدون شيئا شجي‬
‫الروح وهمس الفؤاد‪ ..‬لقد قدمت يل مجلة «طور حياتك» عـونا كـبريا‪ ..‬وأفكارا جـميلة وخـواطر راقيـة‪ ..‬وقوانـني تنظـم الحـياة‪..‬‬ ‫د‪ .‬غـــالــيــــة اإلمـــــــام‬
‫وساعدتني عىل التغيري‪ ..‬لقد قدمت يل الكـثري والكـثري‪ ..‬لقد قـدمـت يل ‪ 26‬عددا‪ .‬كلها إبـداع ومتـيز ونجـاح‪ ..‬واآلن سأقدم لها بعض‬ ‫م‪ .‬عـبـد الدائم الـكـحـيـل‬
‫من نتاجها‪ ..‬سأقدم لها هذه األحرف القالئل‪ ..‬عرفانا لها ولكاتبيها‪ ..‬وأنا عىل يقني من أنني مل أويف لها حقها وحق روادها املبدعني‪.‬‬ ‫أ‪ .‬حذيفة السيد عبد املعطي‬
‫مجـلـة «طور حياتك» تحـفـة فـنـيـة تنـظـم أجـمـل الكـالم‪ ..‬وأروع الحـروف‪ ..‬إنها نــوع مخــتـلف من أنـــواع املجـــالت‪..‬‬ ‫أ‪ .‬عمـرو مـحـمـود حـسن‬
‫إن من يتصـفـح املجـلة‪ ..‬يشـعر مـنذ النـظـرة األوىل أنه أمام يشء مخـتلف‪ ..‬أمام مجـلة‪ ..‬رصدت لها أرقى وأجمل التقنيات‬ ‫أ‪ .‬كـــريــــم الــشـــاذلـي‬
‫وأكرثها إبداعا‪ ..‬بدءاً من األلوان املتناسقة‪ ..‬ومرورا بروعة التنظيم والرتتيب‪ ..‬وانتهاء بأحىل إخراج‪ ..‬فإذا توغلت بني أحرفها‪..‬‬ ‫أ‪ .‬محمـد بن عمر باعثامن‬
‫ستجد أي فكر راق يتصـبب من مـقـاالتها‪ ..‬وأي أدب رفيـع يتقـاطـر من أقالم كاتبيها‪ ..‬لقد اجـتمعت يف هذه املجـلة أقـالم‪..‬‬
‫قلام تجـتمـع يف مجـلة واحـدة‪ ..‬فمن مطلـعها مبرص‪ ..‬يطل علينا رئيـس تحـريرها‪« ..‬إسالم سليامن» بروائعه‪ ..‬وتجاربه‪ ،‬ومن‬
‫أ‪ .‬مـحـمـود الـحـوسـنـــي‬
‫شقيقتها املغرب‪ ..‬تطل علينا «جميلة شعيب» بأفكارها الجميلة وبقلبها الكبري‪ ،‬ومن أرض الكنانة تتبدى لنا أجمل األفكار‬ ‫أ‪ .‬مـحـمــود الـقـلـعــاوي‬
‫والتجارب والخواطر يف مقاالت األستاذ «كريم الشاذيل»‪ ،‬ومن اإلمارات يطل علينا األستاذ «رءوف شبايك» يف قصـة نجاح‪،‬‬ ‫أ‪ .‬هـــانـــي بـاحــويـــرث‬
‫ومن الجـزائـر والسعـودية‪ ،‬ومن فلسطـني وقطـر‪ ..‬بل من كل وطن عريب وإسالمي ‪ ..‬تستقطب مجـلتنا الرائدة أجمل األقالم‬ ‫أ‪ .‬هدى بـنت نارص الفريح‬
‫ض َب الل ُه َم َث ًال َك ِل َم ًة َط ِّي َب ًة َك َش َج َر ٍة َط ِّي َب ٍة أَ ْص ُلهَا‬
‫وأروعها وأحىل الحـديث‪ ..‬وأقوى األفكار‪ ..‬إنها الكلمة الطيبة‪﴿ ..‬أَ َل ْم َت َر َك ْي َف رَ َ‬
‫أ‪ .‬وحــيــــــد مـــهــــدي‬
‫ون﴾(إبراهيم‪.)25-24:‬‬ ‫َّاس َل َع َّله ُْم َي َت َذ َّك ُر َ‬ ‫َض ُب الل ُه َ‬
‫األ ْم َث َال ِللن ِ‬ ‫السماَ ِء * ُت ْؤتيِ ُأ ُك َلهَا ُك َّل ِح ٍ‬
‫ني ِبإِ ْذ ِن َر ِّبهَا َوي رْ ِ‬ ‫َثا ِب ٌت َو َف ْرعُ هَا فيِ َّ‬
‫إســــــــراء ريـــــــــــاض‬
‫مجلة طور حياتك بيت لكل من عشـق التغـيري‪ ..‬وأراد لقلـمـه التعـبـري‪ ..‬هنا يتفـجـر املاء‪ ..‬فيكـون بحـرا من املحـبة والتآخـي‬
‫بـشـايــر عــزيــز قـبـوري‬
‫واإلبداع‪ ..‬فيسبح فيه األحبة بكل حـرية‪ ..‬وميارسوا السباحة يف مياه الوقار واإلبداع واملحبة‪ ..‬التي حافظت عىل األخالق والقيم‬
‫واملبادئ الراقـية‪ ..‬هنا تجـتمع ثقافات متعـددة وتخرج لنا إيقاعات جميلة عذبة تشبه صوت البالبل‪ ..‬يف مجلة «طور حياتك»‬ ‫رؤى عــلــــــيــــــــــــوة‬
‫يتنفس اإلبداع بعمق‪ ..‬فينسج حصنا منيعا يحرصه رجـال من عشـاق اإلبـداع‪ ..‬ورواد التميز والنجاح‪ ..‬يف مجلة «طور حياتك»‬ ‫شــيــخــــــة أحـــمــــــد‬
‫نجتمع لنتغري ونغري إىل األفضل واألجمل واألروع‪ ..‬فشكرا لكل املبدعني الذين مـروا من هـنا ومن هم ال يـزالـون تحـت سقف‬ ‫عــبــد الــعـزيــز دلـــول‬
‫املجلة‪ .‬مجلة «طور حياتك» وردة سقتنا من رائحتها الزكية‪ ..‬وعشنا برفقتها ردحا من الزمن وسنعيش معها‪ ،‬وال يسعني إال أن‬ ‫مـحـمـد حـمـدان الـرقـب‬
‫أتوجـه إىل كل القامئـني عليهـا بقـول شوقـي ‪:‬‬
‫نـســيـم عـبـد الــوهــاب‬
‫عامق‬ ‫رف َعت َتهانيها ِمنَ َ‬
‫األ ِ‬ ‫لوب َوأَ َ‬
‫نت ِمل ُء صَ مي ِمها‬ ‫إِ َّن ال ُق َ‬
‫وأتخـيل املجـلة تتكـلم فتقول لنا‪ :‬من مرص جـئتكم ألقاسـمكم حـبي‪ ،‬وأفكاري وذايت من ضفاف النيل‪ ..‬من أرض الكنانة‪ ..‬من‬
‫مصــمم العــدد‬
‫املدينة التي يفوح منها عطر الثقافة والعلم ورائحة العلامء واألعالم‪ ..‬تفتحت زهرة جميلة‪ ..‬يود القامئون عليها سقيها ورعايتها‬
‫إســــالم سـلـيـمـان‬
‫حتى يصل عبقها إىل دمشق وبغداد‪ ..‬إىل الجـزائر والربـاط‪ ..‬إىل املدينـة املنـورة ومكـة املكرمـة‪ ..‬إىل القـدس الرشيف واألردن‬ ‫مصـمم الشعار‬
‫والكويت‪ ..‬إىل كل من ينطـق بلسان عريب وإىل كل مدينـة يصـدع بها «الله أكرب»‪ ..‬إنها مجـلتكـم الرائدة مجـلة «طور حياتك»‬
‫أول مجلة إلكرتونية متخصصة يف تنمية الذات يف الوطن العريب‪ ..‬وإن شاء الله نراها يف املستقبل القريب ترتدي لباسها الورقي‪..‬‬ ‫أحــمــــد املــــــال‬
‫وإن مجلة ‪:‬طور حياتك» تفتح صدرها مبرصاعـيه لكـل من يريد أن يعـرب عن أفكـاره ويـدون إبداعـاتـه‪ ..‬ويشـاركـنا نجــاحـاتـه‬ ‫إذا ك ـ ـ ـ ـن ــت تــرغ ـ ـ ـ ـ ــب باملـ ـ ـشـ ـ ــارك ـ ـ ـ ــة‬
‫مبوضوعأوفكرةأومالحظةأوتعليق‪..‬‬
‫وتجـاربـه وخـواطـره‪ ..‬وشكرا مرة أخـرى لكل روادها املبـدعـني‪ ..‬ولكـل الذين مـروا من هـنا‪ ..‬وساهـمـوا يف تطـوير املجلة‪..‬‬ ‫تواصل معنا عن طريق بريد اجمللة‪:‬‬
‫وشكرا لقرائها األوفياء‪ ..‬وملحبيها‪ ..‬وملعجبيها‪ ..‬وأيضا أتخـيل املجـلة تنشـد عىل لسان الدكـتور عائض القـرين فـتقول لقرائهـا‪:‬‬ ‫‪twrhayatk@hotmail.com‬‬
‫أو ع ـ ــرب اهلــاتـ ــف رقـ ـ ـ ــم‪:‬‬
‫تكاد ُتحرق من أشواقـنا لـهـبــا‬ ‫دبجـنـا رسـائـلنــــا‬
‫إلـى رحابـك ّ‬ ‫‪)+2(0108750575‬‬
‫وقبلها قد بعثنا الدمع منسكبــا‬ ‫يا قارئ الحرف أهديناك أحرفـنـا‬ ‫وميكنكم متابعتنا عن طريق املدونة‪:‬‬
‫مهراً وإال بعـثـنا القلب والهدَبـا‬ ‫شوقاً إليك فهل ترىض مـحـبـتـنـا‬ ‫‪www.twrhayatk.blogspot.com‬‬
‫ومن دمانا كتبنا الشعر والخطـبا‬ ‫فـغـيـرنا بـمداد الـحرب قد كـتبـوا‬ ‫جميع الحقوق محفوظة ©‬
‫مجلة طور حياتك ‪ 2006‬ـ ‪2010‬‬
‫ـ‬

‫المحتويات‬
‫صـــديـــقــيوالــرجـــلواألعــمـــى ‪04‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪05‬‬
‫شعـرةمعـاويـةبـيـنالتفـاؤلوالتشاؤم ‪05‬‬
‫فــكــــــــــــــر مـــــبـــكــــــــــــرا ‪06‬‬
‫إحــــــســـــــاس مــخـــــتـــلـــــف ‪07‬‬
‫اقــتحـم ماضـيـــك ليبتـسـم حــارضك ‪08‬‬
‫مـدىانصاتـكلآلخــريـنبـشكلفـعـال ‪09‬‬
‫ثــــــــــــروة الــتـــــراجـــــــــع؟!‬ ‫شعـرة معـاويـة بـيـن التفـاؤل والتشاؤم‬
‫التفكـيـرالرسيـعيغــيـرمجـرىحياتك ‪10‬‬
‫ح ُــــكــــــم الــعـــــــــــواطــــــف ‪11‬‬
‫الـــشــــــــــــاب والــجـــــبــــــــل ‪13‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪13‬‬
‫خـطـواتلتـنمـيـةالـذكـاءاالجـتامعـي ‪14‬‬
‫ثــــــــــــــروة الــتـــــراجـــــــــع؟! ‪16‬‬
‫أنــــــتخــلــيـفــــةاللهفـــياألرض ‪17‬‬
‫مـســئـــــولـيـتــــــك أنـــــــــــــت ‪18‬‬
‫واحـــــــــةطـــــــــــورحـــيــاتـــك ‪19‬‬
‫فــــــن احـــــتـــــواء الــنــــقـــــــد ‪20‬‬
‫ماراثـــونالحــيـــاةوالـمـــركــزاألول ‪21‬‬
‫اتــــــــــــــــــرك أثــــــــــــــــــــرا ‪22‬‬
‫أنــــــت خــلــيـفــــة الله فـــي األرض‬ ‫خـطـوات لتـنمـيـة الـذكـاء االجـتامعـي‬
‫كـلـنـــايـجــــبأننــكــــونقــــادة ‪23‬‬
‫مـن أقـوال الشيـخ محمد الغـزايل (‪24 )1‬‬
‫زيادةعدداألصـدقـاء‪..‬رسطـولالعـمـر ‪25‬‬
‫الــمـــــربــــــــع الــــوهــــمــــــي ‪26‬‬
‫َتـــــفـــــــ َّكـــــــــــــــــــــــــــــر ‪27‬‬
‫إنـهــــــــــــــــا الـقــوانـيــــــــــــن ‪28‬‬
‫هــنـــــاكحــــفــــرةفـــيطـريـقـي ‪29‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪25‬‬
‫كـلـنـــا يـجــــب أن نــكــــون قــــادة‬ ‫الــمـــــربــــــــع الــــوهــــمــــــي‬

‫‪27‬‬ ‫ميكنكممتابعـتنـاعـىلجــروباملجـلـةعـىلالفيـسبـوك‬
‫‪www.facebook.com/group.php?gid=307221274171‬‬

‫تنويه‪ :‬نحن نعمل جاهدين عىل التقليل من األخطاء اللغوية واملعرفية وكذلك األخطاء الناتجة عن تنقل‬
‫جمل مقالة إىل مقالة أخرى بعد التصميم‪ ،‬وبرغم ذلك تظل مجهوداتنا يف هذا املضامر برشية يف النهاية‪،‬‬
‫ومن أجل ذلك كله نرجو أن تلتمسوا لنا العذر وأن تقبلوا تأسفنا العميق‪ .‬والقادم أفضل بحول الله‪.‬‬
‫ـ‬
‫كلمة العدد‬

‫صديقي والرجل واألعمى‬


‫سافرت ذات يوم إىل إحدى املدن املرصية‪ ،‬وعند عوديت وبعد قضاء حاجتي بها ذهبت إىل محطة القطار وقمت‬
‫بحجز تذكرة عودة إىل مدينتي‪ ،‬ثم قصدت الرصيف املحدد لوصول القطار وجلست منتظرا موعد قدومه‪،‬‬
‫وإذا بصديق يل من مدينتي يجلس بجانبي منتظرا نفس القطار‪ ،‬وصديقي هذا يدرس بإحدى الكليات التي‬
‫توجد يف هذه املدينة‪ ،‬تبادلت الحديث معه حيث مل أره منذ شهور‪ ،‬وأثناء ذلك وصل إىل املحطة قطار آخر‬
‫كان مقرر وصوله قبل قطارنا‪ ،‬وإذا برجل أعمى ميسك بيده أحد الرجال ويساعده يف النزول من القطار‪،‬‬
‫كانت عينا الرجل تبحثان عن أحد ليسلمه هذا الشخص الرضير حتى يساعده عىل الخروج من املحطة بسالم‬
‫ليعود إىل القطار مرة أخرى باتجاه مدينته‪ ،‬والحظ صديقي ذلك فأعطاين أغراضه الخاصة برسعة شديدة‬
‫وأخذ بيد الرجل األعمى وساعده يف الخروج إىل خارج املحطة وأيضا يف ركوب تاكيس أجرة ليوصله إىل منزله‪.‬‬

‫عاد صديقي ووجهه مبتسم نتيجة ملا فعل‪ ،‬لحظات ثم وصل قطارنا وتحدثنا طوال الطريق عام أنعم الله‬
‫علينا به من فضل وكرم‪ ،‬وعن حال أمثال الرجل األعمى الذي أخذ الله منه برصه وكيف أن الله لطيف‬
‫بعباده فيسخر له من البرش لخدمته ومساعدته‪ ،‬وعندما كان القطار عىل وشك الوصول إىل مدينتنا أخربين‬
‫بقلم‪ /‬إســالم سلـيامن‬ ‫صديقي أنه ذهب ظهرا ألداء امتحان مادة ما يف الجامعة لكنه فوجئ بتغيري ميعاد أداء االمتحان دون أن‬
‫ُتخطره الجامعة‪ ،‬وقد ُقرر اجتيازه يف صباح ذلك اليوم عوض ُظهره‪ ،‬فتعجبت كثريا منه وسألت نفيس كيف‬
‫ترصف معي منذ أن رأيته ومع هذا الرجل األعمى رغم مصيبته هذه خاصة أنه يدرس يف السنة النهائية‬
‫وستؤثر هذه املادة عىل شهادته‪ ،‬فلو كان أحدا غريه لكان يبيك ويتحرس عىل ما حدث له‪ ،‬ولكنه تقبل قدر‬
‫الله وريض به‪ ،‬بل وقدم خريه لغريه‪.‬‬

‫منا من فقد أحد أبنائه‪ ،‬ومنا من مل يوفق يف دراسته‪ ،‬ومنا من خرس ماله أو تجارته أو وظيفته‪ ،‬ومنا من‬
‫فقد أحد أبويه‪ ،‬ومنا من ابتاله الله مبرض أو فقدان أحد أعضاء جسده‪ ،‬ومنا من كرثت عليه الديون‪ ،‬ومنا‬
‫من دخل السجن ظلام‪ .....،‬تتعدد أشكال املصائب والكوارث التي تحل بنا‪ ،‬ولكن الشعور واإلحساس بالذي‬
‫يصيبنا واحد فهو شعور باليأس واإلحباط والندم والضيق‪ ،‬والقليل منا من يشكر ويصرب ويرىض بقضاء‬
‫وقدر الله فال يفكر أنه طاملا أخذ باألسباب فهذه إرادة الله النافذة لخري وحكمه ال يعلمها إال هو‪ ،‬وأن‬
‫علينا أن نكمل الحياة وكلنا يقني وأمل وتفاؤل بأن الله سيعوضنا خريا‪ ،‬وإن حدث ذلك نتيجة ألفعالنا‬
‫فعلينا أن نحاسـب ونراجـع أنفسنا وال نحـزن ألن حـزننا لن يعـيد الزمـن إىل الـوراء ولن يغـري من يشء‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫املبادرون يحددون خياراتهم بناء عىل القيم واملبادئ‪ .‬إنهم يفكرون قبل أن يترصفوا‪ ،‬ويدركون أنهم‬
‫ال ميكنهم السيطرة عىل كل يشء يحدث لهم‪ ،‬ولكنهم ميكنهم السيطرة عىل ترصفاتهم حيال هذا‬
‫الذي يحدث‪ .‬وعىل عكس املستجيبني املمتلئني بالغازات الكربونية الف َّوارة‪ ،‬فإن املبادرون يشبهون‬
‫املاء‪ .‬هزّهم كام يحلو لك وانزع غطاء اإلناء‪ ،‬ال يشء يحدث‪ .‬ال فوران‪ ،‬وال فقاعات‪ ،‬وال ضغط إنهم‬
‫هادئون‪ ،‬رابطو الجأش‪ ،‬مسيطرون عىل أنفسهم وعىل انفعاالتهم‪ .‬شني كويف‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪4‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫إشراقة أمل‬

‫شعرة معاوية بني‬


‫التفاؤل والتشاؤم‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬محمد بن عمر باعثامن ـ السعودية‬

‫هذه النظـرة التي يعيشها أفرادٌ من البرش تحيك لنا أي نفسي ٍة مندثر ٍة‬ ‫من األقوال املشهورة ما قاله الخـليفة معـاويـة ريض الله عنه يف أن تعامله‬
‫يحــويـهـا قلـب اإلنسـان‪ ،‬فأهل التـفـاؤل ال يتـوقـفـون عـند العـقـبات‪،‬‬ ‫مع الناس كالشعـرة‪« ،‬إن أرخى الناس شددت وإن شدَّ الناس أرخيت»‪،‬‬
‫ولكنهـم يزيلونهـا أو يتخـطونها ويسـريون ُقدُ ما و كام قيل‪« :‬إن الرضبة التي‬ ‫وهذا ميز ٌان جـميل لو عملنـا به يف الكـثري من األمـور الحياتية التي منر بها‪،‬‬
‫ال تـقـتــلك تـقـويـك»‪ ..‬فلـمـاذا تـركـن إىل الـتـشـاؤم أخـي الحــبـيـب؟؟‪.‬‬ ‫وخـصـوصـاً فـن التـعـامـل مع النـفـس والغـري‪ ،‬فـنـفـوس الناس متقـلـبة‪..‬‬
‫ونفوسنا نحن أيضـاً يف صـر ٍاع بني الخـري والرش وبني التفـاؤل والتشـاؤم‪.‬‬
‫إن التاريخ ليشهـد أن الغلبة كانت للمتفائلني‪ ..‬ومن أمثال هذا األمر‬
‫ما كان يفعـله األمري املجاهـد نور الدين زنيك‪ ،‬حـيث كان يبنـي منرباً‬ ‫ـف الكـأس ٌ‬
‫فـارغ أو مـيلء‪ ..‬نفـوس املتفائلـني تنـظــر إىل الجـزء امليلء‬ ‫ف ِن ْص ُ‬
‫ويزينه بيديه‪ ،‬فلام ُسئل عنه قال‪ :‬هذا منرب املسجد األقىص‪ ،‬وكانت‬ ‫ونفوس املتشامئني ال ترى إال الجانب الفارغ منه‪ ،‬ومن أمثال املتشامئـني‬
‫الروعة حينام حرر صالح الدين األيويب القدس من أهل الصليب و ُنصبت‬ ‫الشهـرية أن أحـدهـم يـقـول‪ :‬لـو جـعـلـت تجــاريت يف األكـفـان ملا مـات‬
‫املوازين وقام الخطباء‪ ..‬كان من نصيب املسجد األقىص ذاك املنرب الذي‬ ‫أحد!! فسبحان الله العظيم‪ ،‬يقول أحـد الحكامء‪« :‬ما شكـوت الـزمـان‪،‬‬
‫صنعه املجاهد نور الدين زنيك‪ ،‬وقام الخطيب يخطب عىل هذا املنرب‬ ‫وال تربمـت بحـكم السامء إال عندما حفيت قدماي‪ ،‬ومل أستـطـع شـراء‬
‫خمس وعرشين سنة من صناعته‪.‬‬ ‫بعد ٍ‬ ‫حـذاء‪ .‬فدخلت إىل مسجد الكوفة وأنا ضيق الصدر كثري الهم فوجدت‬
‫رج ًال بال رجلني‪ ،‬فحمدت الله وشكرت نعمته عيل»‪ ،‬ويقال‪« ..‬لو فكر‬
‫يقول الشاعر‪:‬‬ ‫الطائر يف الذبح‪ ،‬ما حام فوق القمح»‪ .‬وما أبدع ما قاله إيليـا أبو مايض‪..‬‬
‫كـثب يكــون لها انفر ُاج‬
‫وعـــن ٍ‬ ‫رتـاج‬
‫رويــــدك فالهـمـــوم لـهـا ُ‬
‫انـبـالج‬
‫ُ‬ ‫تناهـى حـان للـصـبـح‬ ‫أمل تـــــ َر أن طــــول اللـيـل ملــا‬ ‫تـتــوق قـبـل الرحيل رحيال‬ ‫نفـس‬‫ٌ‬ ‫إن رش الجناة يف األرض‬
‫أن ترى الندى فوقها إكليال‬ ‫وترى الشوك يف الورد وتعمـى‬
‫قال امللك حسني بن طالل‪« :‬من يرتك نفسه أسري املايض‪ ،‬فإنه يفقد‬ ‫من يرى يف الحياة عبئاً ثقيال‬ ‫ٌ‬
‫ثـقيـل‬ ‫هـو عـب ٌء عـلـى الحياة‬
‫املستقبل»‪ .‬لقد آن لنا أن ننظر لألمور بانرش ٍاح كبري‪ ،‬وأن نسرِّ خطواتنا‬ ‫ال يرى يف الوجود يوماً جميال‬ ‫والـذي نـفـســه بغـيـر جــمــالٍ‬
‫إىل الفأل الذي يقودنا للخري‪.‬‬ ‫وال تخف أن يزول حتى يزوال‬ ‫فتمتـع بالصـبـح مـا دمــت فيـه‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫أنا متفائل دامئا‪ ،‬ذلك أنني مل أجد أي فائدة تعود عيل من كوين أي يشء غري ذلك‪ .‬وينستون ترششل‬

‫طور حياتك‬
‫‪5‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫طريقك حنو حياة أفضل‬

‫فـكــر مبـكـرا‬
‫بقلم‪ :‬أ‪ .‬حذيفة السيد عبد املعطي ـ مرص‬

‫إن التفكري مهارة ُفطر عليها اإلنسـان‪ ،‬فالله سبحانه وتعاىل عندما خلقه وسواه أعطاه من اإلمكانيات والقدرات ما يجعله قادرا عىل التفكري والتفكر‪،‬‬
‫ولكن كعادة أي فطرة خلقها الله تعاىل يف اإلنسان إذا مل متارس ومل تراعـى جـيدا وتستخـدم فإنها متـوت‪ ،‬إذن فالتفكـري عمل عقـيل ونشـاط ذهـني‬
‫البد أن ميارسـه الفـرد منا يف حـياتـه اليوميـة‪ ،‬وىف كل شئـون حـياتـه‪ ،‬فالله سبحانه وتعاىل ميدح املتفكرين يف الكون‪ ،‬الذين ينظرون لألشياء حولهم‬
‫ات َو َ‬
‫األ ْر ِض َو ْاخ ِت َال ِف‬ ‫«إن فيِ َخ ْل ِق السَّماَ َو ِ‬
‫نظرة تأمل‪ ،‬فالتفكري يجعلك قادرا عىل رؤيـة بديـع صنعـه‪ ،‬وجـامل خلقـه‪ ،‬وإبداع ملكوته‪ ،‬فقال تعاىل‪َّ :‬‬
‫ات َواأل ْر ِض‪( »....‬آل عمران‪.)191‬‬ ‫َ‬ ‫السمـَا َو ِ‬ ‫ات لأِّ ُ ْوليِ األل ْـبـَ ِ‬
‫اب»(آل عمران‪ ،)190‬ثم وصـف أولـئـك األلـبـاب « َو َي َت َفـك َّـ ُر َ‬
‫ون فيِ َخـل ْـ ِق َّ‬ ‫ال َّل ْي ِل َوالنَّـهَـا ِر آل َي ٍ‬

‫فأخـذ اإلنسـان نفسـه وحـمله عىل التفكـري أمـر رضوري ليك يصبـح من عاداته‪ ،‬فقصة الحسن والحسني خري شاهد عىل صبيان تربيا عىل‬
‫التفكري‪ ،‬قصتهام مع الرجل الذي كان ال يحسن الوضوء‪ ،‬كيف استطاعـا أن يفكرا يف طريقة يخربا بها الرجل عن الوضوء الصحيح دون أن‬
‫يغـريا قلـب الرجـل عليهام لفارق السن بينـه وبينهام‪ ،‬فقـرر االثنـان يف رسعـة عجـيبة ومعالجة متناهية يف الدقة لهذه املشكلة الدعوية يف‬
‫لحظة وقوعها‪ ،‬إمنا يدل عىل عقول تربت عىل التفكري مبهاراته املخـتـلفة‪ ،‬فكانت رسالة رقيقة نتعلم منها ونعلمها صغارنا‪ ..‬كيف يفكرون يف‬
‫مشكالتهم‪ ..‬حتى ينتج جيل مفكر‪ ،‬ونالحظ أيضا أن التفكري كان والزال من سمـات الناجحـني واملبدعني واملخرتعني‪ ..‬فإسحق نيوتن وقعت‬
‫أمامه التفاحة من عىل الشجرة كام تقع أمام غرية ولكنه‪ ..‬فكر‪ ،‬وآينشتاين انكرست زاوية أشعة الشمـس فـوق عينيه النصف مفتوحة مثل‬
‫غريه‪ ..‬فاملشهد يتكرر مع الكثريين‪ ،‬ولكنه‪ ..‬فكر‪ ،‬والصحايب الشاب «سلامن الفاريس» امللقب بالباحث عن الحقيقة وصل إىل النبي واعتنق‬
‫اإلسالم ألنه‪ ..‬فكر‪ ،‬وسيدنا إبراهيم ظل يفكر حتى هداه الله‪ ،‬فنجد اإلنسان الذى يفـكـر طاقـتـه مـوفـورة‪ ..‬وعمـله مثـمـر‪ ..‬والذى ال يفكر‬
‫خامل النشاط‪ ..‬بطئ اإلنـتـاج‪ .‬فالحـياة حـولنا ملـيئـة باألرسار‪ ،‬والكـون يدعـونا للتفكـر‪ ،‬والعـقـل قادر عىل البحـث فيها والعـبـور من خـاللها‪.‬‬
‫لذا كن ذا خيال واسـع‪ ..‬فالله تعاىل يقول «‪...‬أَفَلاَ َت َت َف َّك ُر َ‬
‫ون» (األنعام‪ ،)50‬حث ونداء إىل التفكري واإلبداع واالبتكار والتأمل والتذكر واالتعاظ‪.‬‬

‫فكر يف الوقـت املبكـر‪ ..‬يف طـرق جـديدة للوصـول إىل أهدافـك وطموحاتك‪ ،‬فكر يف الوقت املبكر‪ ..‬يف الصباح الباكر‪ ،‬ويف طريق عملك‪ ،‬ويف‬
‫بيتك‪ ،‬اجعل التفكري مترينا متارسه يف كل يوم‪ ،‬فكر يف طرق حديثة تدخل بها الرسور عىل قلب مسلم‪ ،‬وعىل أهل بيتك‪ ،‬فكر يف طرق مبتكرة‬
‫تصل بها إىل قلب زوجتك وتكسب ودها‪ ،‬فكر يف أسـالـيب مبـدعـة يف التعـامل مع أوالدك وجريانك‪ ،‬فكر يف حلول عديدة لتقىض عىل الكسل‬
‫الذى تعـيشه‪ ،‬فكـر يف حـل ملشكـلة إهـدار الوقـت وإضاعتـه‪ ،‬فكـر يف عمـل تعـمله يعيد تنظيم الناس وحثهم عىل التعاون واالتحاد‪ ،‬فكر يف‬
‫فكرة تطبقها فتعود بالنفع عليك وعىل من حولك‪ ،‬فكر يف استثامر عمرك بعـمل يدخـلك الجـنة فـكـر قبـل فـوات األوان‪ ..‬فكر يف الوقت املبكر‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫فكر دامئا فيام يُسعدك وابتعد بفكرك دامئا عام يقلقك‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪6‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫دروس للحياة‬

‫إحساس مختلف‬
‫بقلم‪ /‬جميلة شعيب ـ املغرب‬

‫علمتنـي تجـربتي القصـرية يف الحـياة أن الفـرق بني إنسانيـة الواحد منا يحدده إحـساس‪ .‬وأن اإلنسان من غري أحـاسيس‬
‫حـب وإخـالص‬
‫إحـساس ٍّ‬
‫ُ‬ ‫إنسان فارغ هو أشـبه ما يكـون بفزاعة حـقل بليدة‪ ،‬فنجـاح الواحد منا يف حـياته العملية يحسمه‬
‫ورضا عن هذا الجـانب‪ ،‬واملثل الصيني «إذا كنت تحب مهنتك فلن تضطر إىل العمل طوال حياتك» صحيح بال ريب‪.‬‬
‫كذلك نظرتنا ألنفسنا ُي َو ِّلدُ هَ ا إحساس باحرتام متبادل مع اآلخرين‪ ،‬ووعي تام بدو ِر ذواتنا يف الحياة وبأننا حتام سنضيف شيئا‬
‫ولو بسيطا عرب سعينا الواعي عىل األرض‪ ،‬كام يولدها إحساس باحتواء و َقبول اآلخرين بكالم َض َّخ ُه القلب وبابتسامات َت َه َّل َل لها‬
‫غاضب‪ ،‬متعب‪ ،‬مستهرت‪ ،‬متهكم‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫الوجدان يف وج ِه‬
‫إحـساس مخـتلف ذاك الذي يغمـرك وأنت تحـصد نجاحات صغـرية‪ ،‬وأنت ترتـقي درجـات السلم لتقـطـف نجاحـا ِت ْل َو اآلخر‬
‫بينام العني ال تفارق موضع الهدف األكرب‪.‬‬
‫إحساس مختلف ذاك الذي يتملكك وأنت تقول «آسف‪ ،‬أعتذر‪ ،‬أستسمحك‪ »...‬إلنسان مررت به صدفة وملسته بحقيبتك من‬
‫غري قصد‪ ..‬فام بالك إن كان قريبا منك وأخطأت يف حقه‪ ..‬إحساس مختلف يداعبنا ونحن نقول «أحــبـك» لألب‪ ،‬لألم‪ ،‬ولكل‬
‫عـزيز علينا؛ مخـتلف بأفعالنا التي ترتجـمه وبأعيننا التي تقطـر بالحـب‪ ..‬إحـساس مخـتلف هذا الذي تنبض به قلوبنا ونحن‬
‫نهـتـف «يا رب» من أعمق نقطة تسكننا‪.‬‬
‫إحساس مختلف هذا الذي يتملك كياننا ونحن نتحرى الصدق واألمانة واإلخالص مع أنفسنا ومع اآلخـرين‪ .‬إحـساس مخـتلف‬
‫كتاب شاكرين و ُملهمني من كاتب إنسان وضع حياته بني أيدينا لتنضاف لحيواتنا‪.‬‬‫يتوقد بداخـلنا ونحن نطوي آخر صفحات ٍ‬
‫إحساس مختلف يسكننا حينام نستيقظ مبكرين ونسعى مستبرشين ونعطي عطاء املحـبني ونحـرص حـرص املحبني كذلك عىل‬
‫الذين نعرفهم وال نعرفهم عىل النبات والحـيوان عىل أحـيائنا وبيـوتنا عىل أرض احتوتنا وحملتنا أحياء وميتني من غري تذمر‪.‬‬
‫هي أحـاسيس كثرية ومختلفة باخـتالف املواقف وباختالف عيوننا وقلوبنا أيضا‪.‬‬
‫فلتنتق لقلبك أحاسيسه‪ ،‬ولتجتهد يف ذلك‪ ،‬وتذكر أن مجرد إحساس إيجايب يصنع الفرق ويرتك أبلغ األثر‪ .‬ولعيل لن أجانب‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫الصواب إن قلت «أخـربين عن إحـساسـك أخـربك من تكـون ومن ستكـون»‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫أن تضحك كثريا‪ ،‬وتفوز باحرتام األذكياء وحب األطفال‪ ،‬أن تنال التقدير عىل نقدك األمني‪ ،‬وتتحمل‬
‫خيانة األصدقاء املزيفني‪ ،‬أن تقدر الجامل وتجد أفضل مايف اآلخرين‪ ،‬أن ترتك العامل أفضل مام كان عليه‬
‫ولو بقليل‪ ،‬أن تعرف أن حياة ولو شخص واحد قد أصبحت أسهل ألنك قد وقفت إىل جواره‪ ،‬أن تنرش‬
‫الحب والخري رغم األمل ‪ ...‬هذا هو النجاح‪ .‬رالف والدو إمرسون‬

‫طور حياتك‬
‫‪7‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫فلنبتسم للغد‬

‫اقتحم ماضيك‬
‫ليبتسم حاضرك‬
‫ويشرق مستقبلك‬
‫بقلم‪ /‬رؤى عليوة ـ مرص‬

‫ىف حياة كل منا مراحل‪ ،‬أغلبيتنا نفكر فقط فيام نحن فيه وما قد يأيت‪ ،‬حتى أننا قد نعيش مشكلة وال نعرف سببا وجيها لها أو متى‬
‫بدأت بالتحديد؟‪ ،‬قد يرجع السبب ملرحلة معينة أو ملوقف معني من املايض‪ ،‬ومع أننا ال نفتأ نردد «من ال مايض له ال حارض وال‬
‫مستقبل له» إال أننا نقولها من غري إدراك للكثري مام مىض‪ ،‬ناسني أو متناسني‪ ،‬وقد يكون النسيان من كرثة ما نشغل أنفسنا بالحارض‬
‫واملستقبل!!! مل أقصد أنه من الخطأ أن نفكر يف الحارض واملستقبل لكني أشدد عىل رضورة إعطاء مزيد من الوقت للاميض‪ .‬إننا‬
‫غالبا ما نحرص املايض يف مخزونه من السلبيات التي تؤثر علينا بشكل سلبي دون أن نحاول تغيريها وحجتنا يف ذلك أن املنطق يقتىض‬
‫استحالة الرجوع للاميض لتصحيح أخطاء قد وقعنا فيها أو تجارب ومواقف رمبا تكون خارجة عن إرادتنا لكن أثرها يف نفوسنا بالغ!!!‪.‬‬

‫هل فكرنا أن نجلس مع أنفسنا ونحن صغار؟! ال جنون يف هذا! ولو كان فال بأس أن يكون لدقائق أو ساعات أو أسابيع أو حتى‬
‫شهور‪ ..‬ال نسمح خاللها ألحد مهام كان أن يخرتق تلك الخلوة التي تجمعنا بأنفسنا نتصاىف ونشكو ونعاتب ونلوم ونعتذر‪ ..‬نرى‬
‫كيف كنا نحلم ونحن صغار وما كنا نريد فعله أو نكونه عندما نكرب‪ ..‬حتى ولو كان ما نريده هو رشاء لعبة ومل نستطع وقتها‪..‬‬
‫نستمع للشكوى من شخص أثر فينا مبوقف‪ ..‬متى فقدنا أشخاصا عز علينا فراقهم وكيف أثر فينا ذلك؟ متى بكينا بحرقة؟ وما‬
‫الذي كان يفرحنا حتى لو كانت قطعة شيكوالتة‪ ..‬ماذا كنا نحب؟ كيف كنا نفكر يف األشياء؟؟ ماذا كنا نتمنى أن نصبح عندما نكرب؟‬
‫هل بلغنا ذلك؟ متى كانت بداية مشكلة ما زالت ترافقنا؟؛ فكر‪ ،‬قد تكون ترصفا معينا أو خوفا من أمر ما رغم أنه ال يخيف؟‪.‬‬

‫كل ما نحيا به يف الحارض وما سيمتد للمستقبل له جذور راسخة يف املايض ال محالة‪ ،‬فكيف نفكر يف املستقبل مبعزل عن املايض‬
‫إذن؟‪ ..‬كل ما نفعله هو تذكر املواقف واألشخاص من غري تحليل ومراجعة! عندما نفكر اآلن فيام مىض سرناه بعني الناقد ورمبا‬
‫نقوم بدور املحلل قد منر بلحظات ضيق ورمبا نتذكر أمورا تبكينا‪ ..‬لكن بالتأكيد سنفكر بإيجابية أكرث‪ ..‬بتدبر‪ ..‬بهدوء أكرب‪..‬‬
‫هل فكرنا يف أن نعقد صداقة بني اثنني أحدهام من املايض واآلخر من الحارض‪ ..‬كل منهام يع ِّرف نفسه لآلخر يرتكه يتحدث‬
‫عن نفسه وال يدعي معرفته‪ ..‬يتحدثان عن األحالم‪ ..‬عن املخاوف‪ ..‬عام يفرح‪ ..‬وعام يحزن‪ ..‬عام يبيك‪ ..‬وعام يضحك‪ ..‬عام‬
‫يحب‪ ..‬وعام يكره ‪ ...‬كل منهام له صوته الذي يتحدث به وبطريقته واآلخر يستمع فقط‪ ..‬قد يرى البعض أن ما ذكرت نوع‬
‫من الجنون‪ ..‬لكنه يف الحقيقة شكل من أشكال املواجهة‪ ،‬وذلك ما ال يقدر عليه أيا كان‪.‬‬

‫ليتنا نصل لحـل يريض جـميع األطـراف أو مبعـنى آخـر يريض أنفـسنا وماضـينا وحـارضنا وحـتى مستقـبلنا‪ ،‬فمع حالة الرضا هاته‬
‫نستطيـعبالريـبالسعـيوالعملعىلتحـقيقماهفـتإليهنفـوسـنـاوترقـبتـه‪،‬وذلكيفتهـويـنتامللصـعـابواملؤثـراتاملحـبطـة‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫عش حياتك كل يوم كام لو كنت ستصعد جبال‪ .‬و انظر بني الفينة واالخرى إىل القمة حتى ال تنس‬
‫هدفك‪ ،‬ولكن دون إضاعة الفرصة لرؤية املناظر الرائعة يف كل مرحلة‪ .‬هارولد ميلرشت‬

‫طور حياتك‬
‫‪8‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫اعرف نفسك‬

‫مدى انصاتك‬
‫لآلخرين بشكل فعال‬

‫االنصات لآلخرين ليس عملية سلبية‪ ،‬إمنا هو عملية تفاعلية ناضجة‪ ،‬كام أنه قيمة تربوية وأخالقية‪ ،‬و سلوك حضاري وإنساين يؤكد احرتامنا لآلخر‪،‬‬
‫والتقييـم التايل يسـاعـدك يف التـعـرف عىل مـدى قـدرتـك عىل االنـصـات بشـكـل فعـال‪ .‬من فضلك‪ ..‬أجب عىل األسئلة الواردة بهذا التقييم‪..‬‬

‫نادرا‬ ‫أحيانا‬ ‫غالبا‬ ‫دامئا‬ ‫ضع عالمة أمام االختيار املناسب بعد كل جملة‬

‫‪ .1‬أتــجـــــه بــجــســدي ملــن يـتــحــدث مــعـــي‪ ،‬وأقــبـــل عـلـــيـــه بــوجــــهـــي‪.‬‬


‫‪ .2‬ال أقـــوم مبــقــاطــعـــة مــــن يــتــحـــــدث مــعــــي ولـــــو طـــال حــــديـثــــه‪.‬‬
‫‪ .3‬ألـخـص كــالم املـتــحــدث وأطـمـئــنـه إلـــى أنــنـــي أفـهــم املــراد مــن حـديـثــه‪.‬‬
‫‪ .4‬أقــاوم انــصــراف انــتــبــاهــــي إلــــى أي شــــيء آخــــر أثــنـــاء الــحــــديـــث‪.‬‬
‫‪ .5‬أتوقـف عـن الكـالم أثنــاء استامعـي لآلخرين‪ ،‬وأعـط لهم الفرصة ليعربوا عن أنفـسهـم‪.‬‬
‫‪ .6‬ال أتســرع يف طــرح رأيـي وابــداء وجــهـة نـظــري قـبـل اسـتـمـاعـي بـشـكـل جـيـد‪.‬‬
‫‪ .7‬أوضـح للمتـحـدث أننـي قـد استقبلـت وتفهـمـت مشـاعـره بجـانـب فهـمـي لكلمـاته‪.‬‬
‫‪ .8‬ال أقوم بتجهيز الـرد يف نفـيس وأنا اسـتـمـع إىل اآلخرين وأنشغل بجمع األفكار والحلول‪.‬‬
‫‪ .9‬أوجه بعض األسئلة االستيضاحية حتى أبدو راغباً يف االسـتامع ألفكار من يتحـدث معـي‪.‬‬
‫‪ .10‬أحكم عىل حديث محاديث بـناء عىل مزاياه ومضمونه وليس عىل أساس طريقة توصيله‪.‬‬
‫‪ .11‬ال أتعصب لألفكار أو اآلراء وأنظر إليها عىل أنهـا وجـهات نظر قابلة للخـطأ والصـواب‪.‬‬
‫‪ .12‬أنصت جيدا ملا يـقـولـه الـطـرف اآلخـر‪ ،‬بغـض النـظـر عام إذا كـنت متفقا معـه أم ال‪.‬‬
‫‪ .13‬أؤمـن بـأن كـل شـخـص لـديـه مـا يـقـولـه لـذا أسـمـع وأتـفـهـم بـوعـي لـآلخـــرين‪.‬‬
‫‪ .14‬ال أفـــســــــر كــــــالم املــتـــحـــدث مـــــن وجـــهــــة نــــظـــــري أنا ولـكــنـــي‬
‫أتــقــمـــــص شخــصــيــتــه وأنــظــــــر إىل األمــــــــور مـــن وجــــــــه نـــــظــــــره‪.‬‬
‫‪ .15‬أنـصـت بـكـل جــوارحــي وأطــبــق قــول الـقــائــل‪« :‬كــلــي آذان صــاغـيـــة»‪،‬‬
‫وأجـــعـــل شـــكـــل وتــعــبــيــرات وجــهــي تــوحــــي بـأين مــســتــمــع جــيـــــدا‪.‬‬

‫امنح نفسك أربع نقاط لكل جواب عىل ((دومـــا))‪ ،‬وثالث نقاط لكل جواب يتعلق بـ ((غـالـبـا))‪ ،‬ودرجتني لكل جواب بـ ((أحــيـانـا))‪،‬‬
‫ودرجة واحـدة إذا كـنـت تـفـعـل ذلك ((نـــادرا))‪.‬‬

‫ـ إذا حصلت عىل ما بني ‪ 15-30‬ال تتحدث كثريا‪ ،‬تذكر أن لديك أذنني ولسانا واحدا؛ حتى تستمع أكرث مام تتحدث‪َ .‬‬
‫اخش أن تكون سخرية‬
‫اآلخرين يف بعض املواقف لحديثك الكثري‪.‬‬
‫ـ إذا حصلت عىل ما بني ‪ 31-40‬أنت تحاول االنصات لآلخرين‪ ،‬ولكن هناك بعـض املشكالت التي تعرتضـك سـواء يف مفاهيمـك عن نفسك‬
‫أو عن اآلخرين‪ ،‬خطط للتعامل معها؛ حتى تصبح فعاال يف التعامل مع اآلخرين‪.‬‬
‫ـ إذا حصلت عىل ما بني ‪ 41-50‬أنت تحرتم اآلخرين‪ ،‬وترى أن لحديثهم قيمة كبرية‪ ،‬لذا فأنت تجتهد يف االنصات إليه‪ ،‬وبالطبع يكون هذا‬
‫االنصات دليلك إىل التميز‪ ...‬فقط اجتهد أكرث‪.‬‬
‫ـ إذا حصلت عىل ما بني ‪ 51-60‬أنت إنسان متميز جدا ىف انصاتك لآلخرين… ثق يف أنهـم سيحـبون الحديث والتـواصل معك واالقـرتاب منك‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫أنصت مئة مرة‪ .‬وتأمل ألف مرة‪ .‬وتحدث مرة واحدة‪ .‬مجهول‬

‫طور حياتك‬
‫‪9‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫اخـــتـرنـا لــك‬

‫التفكري السريع‬
‫يغري مجرى حياتك‬
‫اسم الكـتـاب‪ /‬كيف تضاعف ذكاءك‬
‫املــــؤلـــــف‪ /‬ســـــكــــــوت وات‬

‫«وكان رد فعل صاحـبنـا أن أوضـح لصـديـقـه أنه كان يستـشـري رؤسـاءه‬ ‫لقد سمعت «جيم» يروي الحكاية التالية مرات عديدة‪ ،‬ومل أمل قط‬
‫يف املسائـل الـهـامــة‪ ،‬ألنـهـم كــانـوا يـريــدون مـنـه ذلك ألنـهـم لـم‬ ‫من سامعها‪ ،‬وأعتقد أنك أيضا عزيزي القارئ تعرف مزايا التعلم من‬
‫يلمسوا فيـه الـقـدرة عىل اتـخـاذ الـقـرارات بنـفـسـه بـشـجـاعـة»‪.‬‬ ‫تجارب اآلخرين الناجحة‪ ،‬ولهذا فقد حصلت عىل إذن منه ليك أروي‬
‫لكم هذه القصة‪.‬‬
‫«بعد أن فكر مليا فيام قاله الصديق‪ ،‬قرر أن يفعل شيئا إلصالح األمر‪،‬‬
‫ورشع يف قراءة كل ما كتب عن اتخاذ القرار‪ ،‬وعالج املشاكل واإلبداع‬ ‫كمـا يـقـول «جيم»‪ ،‬كان هـنـاك رجــل متـوسـط العـمـر كـان يـعـمـل‬
‫الشخيص‪ ،‬ووضع منهجا خاصا به لتعلم ما يعرف اآلن بالتفكري الرسيع‪.‬‬ ‫بالـشـركـة التي يـعـمـل بـهـا هـو‪ ،‬وكـان كـثـيـرا ما يـتـخـطـاه رؤسـاؤه‬
‫واكتشف أن التفكري الرسيع ليس موهبة يولد بها اإلنسان‪ ،‬بل مهارة‬ ‫يف الـتـرقـيــة‪ ،‬وكـان الـرجـال والسـيـدات األصـغـر سـنــا أو حــديـثـي‬
‫ميكنه اكتسابها بالتعليم»‪.‬‬ ‫العـمـل يف الـشـركـة ينـالـون الـتـرقـيـات‪ .‬وبـعـد فـتـرة وجـد نـفـسـه‬
‫وقد أصبـح تابـعـا ألشـخـاص عملـوا يف يوم من األيام تحـت سلطـتـه‪.‬‬
‫«ورسعان ما تغريت األمور لدى صاحبنا‪ ،‬وأصبح محط أنظار رؤسائه‪،‬‬
‫حتى أولئك الذين يصغرونه سنا‪ ،‬وألن قراراته كانت منذ تلك اللحظة‬
‫«وبالطبـع كـان ذلـك الشـخـص مضـطـلـعـا مبسـؤولـيـات مـا‪ ،‬ولـكـنـه‬
‫سليمـة وقـويـة‪ ،‬فـقـد حـظـي أداؤه بتـقـديـر وإعجــاب الجـمـيـع»‪.‬‬
‫كان يعـمـل يف دهالـيـز الشـركـة‪ ،‬يف منـصـب تنفـيـذي صغـيـر ال يرجو‬
‫«وعىل الرغم من أنه كان يف منتصف عمره‪ ،‬إال أن نسائم التغيري هبت‬ ‫االنـتـقـال مـنـه إىل منـصـب أعىل‪ .‬ويف يـوم من األيـام‪ ،‬وبـيـنـمـا كـان‬
‫عىل حياته املهنية‪ ،‬وبدأ يتلقى الرتقية واحدة تلو األخرى بعد أن أمىض‬ ‫يتنـاول طـعـام الـغـذاء مـع زمـيل لـه‪ ،‬تـسـاءل بـصـوت مسـمـوع عن‬
‫سنـوات عجـاف يف الرشكـة‪ ،‬بل وتخطـى اآلن من سبقـوه إىل الرتقية»‪.‬‬ ‫السبب يف تـحـول مستقـبـلـه الوظيـفـي إىل هذا الطـريـق املـسـدود‪.‬‬

‫«ومل يتوقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬فقد ذاع صيته يف الرشكات األخرى‬ ‫وجاءته اإلجابة من صديقه كالصاعقة‪.‬‬
‫التي تعمل يف تفس املجال‪ ،‬ويف النهاية‪ ،‬استطاعت إحدى الرشكات‬
‫اسـتـقـطـابـه للـعـمـل لـديهـا يف مـنـصـب رئـيـس مـجـلــس إدارة»‪.‬‬ ‫«لـقـد أخــبـره صـديـقــه أنــه عىل الـرغــم من متـتـعــه مبـزايــا عـديــدة‬
‫تـؤهـلـه لشغـلـه منـاصـب أفـضـل يف الشـركـة‪ ،‬إال أنه كان يفـتـقـد مليزة‬
‫«لعلك تتساءل عن الشخص الذي أتحدث عنه‪ ،‬إنه أنا‪ ،‬فقد غيرَّ أسلوب‬ ‫واحـدة‪-‬الحسـم‪ .‬وقال له بصـراحـة إن عـلـيـه أن يـتـوقـف عن الذهـاب‬
‫التفـكـيـر السـريـع مجـرى حـيـايت بأسـرهـا وأنـا يف منتـصف العمر»‪.‬‬ ‫لرؤسائه الستشارتهم يف أمـوره‪ ،‬وأن عـليه أن يـتخذ قـراراتـه بـنـفـسـه»‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫«إنك الشخص الوحيد الذي ميكنه استخدام قدراتك‪ .‬إنها مسئولية مفزعة بحق»‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪10‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫طـور نـفـسـك‬

‫حـكم العواطف‬
‫ُ‬
‫بقلم‪ /‬د‪ .‬إسامعيل أبو بكر ـ األردن‬

‫حامس وخوف شـديـد‪ ،‬ليلقـي الرهبة يف‬ ‫تـلك الدولـة واملنطـقـة‪ ،‬أصـبـحـت تـلـك‬ ‫يف كـتـاب يتحـدث عن طرق التفكري لدى‬
‫قلوب الـنـاس‪ ،‬ويـوحـي لهـم أن املجتمـع‬ ‫الـدولــة يف نـظـره جــنـة الله يف أرضــه‪..‬‬ ‫اإلنسان يبدأ الكـالم عن البرش بوصفهم‬
‫يف هــالك وبـالء يوشـك عىل الفـنـاء‪ ،‬وأن‬ ‫وإذا مـا صـادف تجـربـة أرسيـة أو عملية‪،‬‬ ‫كائنـات متتـاز بلـغـة تخـاطـب‪ ،‬ويقـسـم‬
‫الخـالص لـديـه دون غـريه‪ ،‬من دون أرقام‬ ‫ناجـحــة كـانـت أو صـعـبـة ســـرى ذلك‬ ‫الكاتب اللغة إىل قسمني‪ :‬لغـة تعريفية‪،‬‬
‫مؤكدة أو برهان‪ ،‬فيهب الناس مذعوريـن‪،‬‬ ‫األمــــر يف كـــل مــجـــاالت حــيــاتــه‪..‬‬ ‫ولغة عاطـفية‪ ..‬فأنت قد تقول عن فالن‬
‫سـاخـطـني‪ ،‬تـقـود وجـهـتـهـم العـاطـفـة‪،‬‬ ‫أنه «رجل»‪ ،‬وتعني بها أن له صفات الرجل‬
‫فيمـيـلـون إىل إنكـار كـل الخـري واالزدهـار‬ ‫قال أحـد الفـالسـفـة الغـربـيـني ذات مرة‪:‬‬
‫التي يشـرتك فيها جميع الرجال‪ ،‬كالشارب‬
‫والطـهـارة يف املجتمـع‪ ،‬وينسونها‪ ،‬فتكون‬ ‫(أنه يتمـنى أن يصـل النـاس من الحضارة‬
‫واللحـيـة ونسبة الهرمونات الذكورية‬
‫الترصفات عشـوائـيـة وغـيـر محـسـوبـة‪..‬‬ ‫إىل الدرجـة التي ال يبـكـون فيهـا إال بـعـد‬
‫وغريهـا‪ ،‬وهــذا هــو التـعـريـف املـجـرد‬
‫سامعهم لألرقام)‪ ..‬ولـذلك نـجـد أن العامل‬
‫والواقعي الذي يتفق عليه جميع الناس وال‬
‫إن العاطفة مل ولن ترتكز إىل حقيقة‪ ،‬ألنها‬ ‫الـغـريب مـهـووس باألرقـام‪ ،‬وعليهـا تقـوم‬
‫يختلفون‪ ..‬لكن ما مييز اإلنسان أيضا‪ ،‬أنه‬
‫كحكم‪ ،‬ألن‬ ‫وقتية‪ ،‬وليس هذا مكانها‪َ ،‬‬ ‫معامالته وميزانياته واقتصاده‪ ،‬فيعطى كل‬
‫قد يقـول بنربة معينة‪ :‬أنه «رجل»‪ ،‬ويضع‬
‫اإلنسان ال يرى أكرث من تجاربه القليلة‬ ‫ذي حق حقه‪ ،‬حتى أن العـبـي كـرة القدم‬
‫فيهـا انفعـاالته ويشـدد عليهـا‪ ،‬فتفهم من‬
‫والصغرية يف دنيا الواقع الكبرية‪ ،‬وأنها ال‬ ‫يُقاس مقدار ما يركـضـون يف امللعب خالل‬
‫نربة صوته أنه يعني بها رجال شهام‪ ،‬شجاعاً‪،‬‬
‫تساوي شيئا مقارنة بالواقع‪ ..‬فاألطباء يرون‬ ‫املبـاراة ودقــة متـريراتهـم‪ ..‬فـتبنى بتلكـم‬
‫إلخ‪ ،‬عىل حسب مقتىض الكالم ومناسبته‪..‬‬
‫كـل النـاس مرضـى‪ ،‬ورجال األمن تتملكهم‬ ‫األرقام املباين واملؤسسات وتعقد الصفقات‬
‫وال شــك يف أنك تالحـظ الـفــرق يف هذا‪..‬‬
‫الريبة والتوجـس‪ ،‬ورجال الفضيلة يظنون‬ ‫ويُعالـج املرىض وترتتب األولويات‪ ،‬بل‬
‫أن الناس يف خـري‪ ،‬ومن يتـعـرض للظـلم‬ ‫حتى يُختار بها الحكام واملسئولني‪ ..‬ولذلك‬ ‫قدميا كـنت عـنـدما اقـرأ يف أحد الكتب‬
‫أو القهر يرى الدنيـا جحـيام‪ ،‬واملتفائلـون‬ ‫نسـتـغـرب أيضـا‪ ،‬نحـن‪ ،‬ممـن يتعاملـون‬ ‫الدينية عــن التعريـفـات الفقهـيـة يف‬
‫واألغنياء يظنون أن الناس يف ضحك وسعة‪..‬‬ ‫بالعاطفة واملشاعـر‪ ،‬ونتعـجـب‪ ،‬حـني تأيت‬ ‫اللغة واملصطلحات الشـرعـيـة أعترب أن‬
‫أرقـام دولـة كـنا نظنها «متخلفة» وبعيدة‬ ‫املسألة كالم زائــد ال يحـتـاج إىل تفسري‬
‫وهذا ما أخربين به صديق ذات مرة‪ ،‬بأن‬
‫كل البعـد عن التأثـري وصناعة األحداث‬ ‫وتوضيح‪ ،‬لكـني مل أعـد كذلك بعد اآلن‪..‬‬
‫ما يضايقه يف األخبار هو أنه كلام سقطت‬
‫بأرقـام منو أفضـل مام علـيـهـا الـدول التي‬ ‫فنحــن نعـيـش يف مجـتـمـعـات عاطـفـيـة‬
‫طائرة يف مكان ما يف هذا العامل‪ ،‬فإنك‬
‫نسميها «متحرضة» ومـلء السمع والبرص‪..‬‬ ‫تسـوقـهـا عواطفهـا يف كل يشء حتى غدا‬
‫ستجد وتشاهد أن كل قنوات األخبار‬
‫لكـل شخـص تعريـفـه الخـاص املـشـبـوب‬
‫والفضائيات‪ ،‬جميعها‪ ،‬تتحدث عن سقوط‬ ‫ولذلك مل نعـد نفـرق بني املدنية والحضارة‬
‫بالعاطفة والبعـيد كل البـعـد عـن الواقع‪..‬‬
‫الطائرات منذ اخرتاعها من ِقبل األخوين‬ ‫والتقدم‪ ..‬فنظن أن الحضارة والتقدم هي‬
‫رأيت وحتى يومنا هذا‪ ،‬ويستمر ذلك‬ ‫يف تـشـيـيـد البنـيـان وناطحـات السحاب‬ ‫فتكـفـي زيـارة إلنسـان ملنطـقـة كانت أو‬
‫املنوال ألسابيع‪ ..‬بينام يهملون ذكر نسبة‬ ‫ونوعـيـة اإلسفـلـت يف الـشـوارع‪ ،‬ونظافة‬ ‫مدينة‪ ،‬أو مـرورا بهـا‪ ،‬ليصنع موقفـا منهـا‬
‫احتامل سقوط الطائرات ــ وهي نسبة‬ ‫املرافـق‪ ،‬وكـرب املطـارات وإنفـاق املـال‪..‬‬ ‫ويضـع تعريفـا له مـن عـنـده‪ ،‬أو تسـمـيـة‬
‫ضئيلة جداً ــ وينسون رمبا ويتجاهلون‬ ‫بينـمـا قـد نـهـمـل اإلنـسـان واحـتياجـاتــه‬ ‫إىل األبـد‪ ..‬فـتـلك دولـة متـخـلـفـة‪ ،‬وهـذه‬
‫حقيقة أن ماليني الرحالت كانت قد حطت‬ ‫وأولوياته ونتشبث باملظاهر ونستغرب من‬ ‫شعب‬
‫مدينـة عصـريـة ومتـفـتحـة‪ ،‬وذاك ٌ‬
‫عىل األرض بسالم‪ ..‬فتخاف من الطائرات‪..‬‬ ‫حياتنا وعدم تفوقنا واعتبارنا دول نامية‪..‬‬ ‫بدايئ بربـري‪ ..‬وإذا ما شاهـد شخـص آخر‬
‫لكني أخربته بأن هذا هو عمل مذيعي‬ ‫ويكفينـا أن يتحكـم فـينا شخـص عاطفي‬ ‫تقريرا عن شاطئ أو مركز سياحي يف قناة‬
‫األخبار‪« ،‬التخويف»‪ ،‬ليتأكدوا من تس ّمرك‬ ‫أويت قـوة يف البـيـان‪ ،‬فـريمـي بكلمـة فيها‬ ‫تلفزيونـيـة‪ ،‬ونـسـاء جـمـيـالت يف نـفـس‬

‫طور حياتك‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫طـور نـفـسـك‬
‫ويف الدنيا كـل شخـص يسـيـره الله كيف‬ ‫جحيام‪ ،‬وأنك ستموت جوعا بعد غد‪ ،‬وأن‬ ‫أمام شاشاتهـم‪ ،‬وإال فسيغدو األمر ممال‪،‬‬
‫يشـاء وليـس له دخـل فيـام يحدث‪ ،‬وأن‬ ‫القيامة مل يتبق منها سوى نفخة إرسافيل‪..‬‬ ‫ف ُيطردون‪ ،‬وعندها سيضطرون إىل إيجاد‬
‫أتباع الديانة أو الطائـفـة املعـيـنـة كـلهـم‬ ‫عمل أخر‪ ..‬وقس عىل ذلك من يشتغلون‬
‫منحرفون وسفـاحون‪ ..‬بغري أرقام أو دالئل‬ ‫ومـن أكـثـر األمـور التي رأيـتـهـا مـرتبـطـة‬ ‫يف الوعظ‪ ،‬ومن يتعرضون للطالق والظلم‪،‬‬
‫أو برهان يتفـق عليها كل الناس‪ ،‬بل هي‬ ‫بالعاطـفـة وأكـرب أخـطـائـهـا‪ :‬التـعـميـم‪..‬‬ ‫فكلهم يريد منك االستامع‪ ..‬ولذلك قد تجد‬
‫أمثلة فردية وآراء شخصـيـة هنا وهناك‪..‬‬ ‫وال أدري ملاذا ميـيـل اإلنسان إىل التعميـم‪،‬‬ ‫نفسك يف نهاية األمر‪ ،‬تعيش يف دنيا تعاسة‬
‫لكن أحـد الكـتب يـذكـر أن السبب يعود‬ ‫عاطفية جحيمية‪ ،‬تذكر لك األتراح واألحزان‬
‫لـسـت أطلـب مـن الناس أن ينظروا إىل‬ ‫ــ رمبا ــ يف أن اإلنسـان يجد راحة كبرية يف‬ ‫وتركز عليها‪ ،‬فتمحو من خاللها كل جميل‪..‬‬
‫العـامل مبنـظـار وردي متفـائـل‪ ،‬لكــن عىل‬ ‫التعميم‪ ،‬ويساعده يف ذلك ملفات خرباته‬
‫األقـل أن ينظـروا إىل العامل بنظـرة واقعية‬ ‫السابقة‪ ،‬وأنه يريد فعال أن يكون األمر‬ ‫إن العاطـفـة ليـسـت شـيئـا سـيـئـا يـجـب‬
‫مجردة‪ ،‬بعيدة عن الهوى‪ ،‬معـتـمــدة عىل‬ ‫عىل ما هو عليه حسب ظنه‪ ،‬تجنبا للبحث‬ ‫التخلص منه‪ ،‬لكن يجـب عدم استخـدامها‬
‫األرقام والحقائق ال عىل ظنـون ومشـاعر‪..‬‬ ‫عن الحقيقة وإلقاء للمسئولية عن عاتقه‬ ‫حال اتخـاذنا لقـرار يحتاج إىل املوضوعـية‬
‫وأنا شـبـه مـتـأكـــد يف أنــنـا لـو فـعـلـنـا‬ ‫إلثبات العكس‪ ،‬وليصنـع منطقة لراحته‬ ‫والتجرد واملصداقية‪ ..‬فهي ِجدُ جميلة حني‬
‫ذلك فسيــكـون رد فـعـلـنـا الطبيعـي هو‬ ‫وال يسعى لتغيري حاله‪ ..‬لكـنـه بداخـلـه‬ ‫استخدمها يف التعبري عن املشاعر‪ ،‬واألشياء‬
‫التفكري يف الوصـول إىل نتائـج نخـفض بهـا‬ ‫يؤمن بالحقيقة ويشعـر بعكـس ما يقـول‬ ‫الجمـيلـة واملؤثـرة يف الحـياة‪ ،‬لتصـل مـن‬
‫هذه املـعـدالت الـعـالـيـة من القـصــور‬ ‫لكنه مييل إىل تجاهلـه‪ ،‬واعتبار كل موقف‬ ‫القلـب إىل القـلب‪ ،‬فنستشعـرها‪ ،‬كاملودة‬
‫والعـجـز يف مجاالت حـياتنا‪ ،‬متسلحني‬ ‫يثبت عكس ما يـقـول محـض استثـناء‪..‬‬ ‫والحـب واألسـى واألمل‪ ..‬ال أن نـتـخـذهــا‬
‫بــقــوة مـشـاعــرنـا الصـادقـة‪ ،‬وحـيـنـهـا‬ ‫كحكم عىل األمور‪ ،‬ونحكم بصحـة األمـور‬
‫سنـفرح ونتفاءل عند كـل نقـطــة انتصار‬ ‫وأكرب مصيـبـة تحدث حني يؤولها بنصوص‬ ‫بنــاء عليهـا‪ ،‬ونـركـز عليها ونضـفـي عليها‬
‫نحـصـدهــا‪ ..‬ال أن نـكـون أناس يبـكـــون‬ ‫دينية أو مقوالت حكامء أو حتى اقتباسات‬ ‫تعاريفا خيالية ونهولها‪ ..‬فليـس هنالك من‬
‫عىل شـيء ال يـعـرفـون ماهـيــتـه ونسبته‬ ‫روايات أو أفالم‪ ،‬فتسمع عبارات‪ :‬الرجال‬ ‫وجهة نظري اسوأ من املرجـفيـن يف األرض‬
‫ردحـا الـزمـن‪ ،‬حـتــى ولو كان الوضع يف‬ ‫غـدارون‪ ،‬والنـسـاء شـر كـلهـن وماكـرات‪،‬‬ ‫واملتشامئني‪ ،‬والـذيـن حـني تجـلـس معـهم‬
‫حــقــيــقــة األمــــــر يف تـحــــســـــن‪..‬‬ ‫واألقـارب عقارب‪ ،‬والناس مرىض نفسيني‪،‬‬ ‫تظن أن الدنيا يف خراب‪ ،‬وأن العامل قد غدا‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫غالبا ال نرى األمور عىل حقيقتها ولكننا نراها كام ندركها نحن‪ ،‬كن واقعيا وانظر لألمور كام هي بال تحيز‪.‬‬

‫عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش‬
‫يف حياتك وراء األمور التي تحسن شخصيتك ونوعية حياتك‪.‬‬ ‫عندما تفتقر إىل السعادة يف حياتك فإن هذا يعني أنك غري ناجح إطالقا‪ َ .‬‬
‫اسع‬
‫هناك أشياء قليلة يف الحياة لها أهمية وهي نفسها التي تؤدي إىل السعادة والنجاح‪ .‬من الخطأ أن تلهث وراء أمور غري مهمة عىل حساب أمور مهمة‬
‫يف حياتك‪ .‬ليس املهم أن تكون مشغوال بل األهم ما هو الذي يشغلك؟ اعمل بذكاء أكرث وبجهد أقل أي اعمل بحدود معقولة تنجح وإن تعديت‬
‫الحدود املعقولة تفشل‪ ،‬كن واعيا صاحيا منتبها للخيارات التي تتخذها يف حياتك وأعاملك‪ .‬أفضل ما ميكن أن تفعله غالبا هو أال تفعل شيئا‪ ،‬وأفضل‬
‫ما ميكن أن تقوله غالبا هو أال تقول شيئا‪ .‬بدل أن تقيض الوقت يف التدرب عىل عدم الخوف من األفاعي‪ ،‬تجنبها وانتهى األمر‪ .‬ال تتبع الناس فيام‬
‫يفعلونه وتنافسهم أي ال تكن ممن يتبع القطيع‪ .‬فكر أن تعمل أشياء مختلفة‪ ،‬وفكر باتجاهات مغايرة التجاهات الناس‪ .‬إن قلة قليلة من الناس‬
‫يكونون آراءهم الخاصة ويتخذون قراراتهم بأنفسهم‪.‬فخالفا ملا هو شائع‪ ،‬هناك دامئا بديل عن اللحاق بالقطيع ‪.‬ففيام يسري الناس باتجاه ما‪ ،‬تستطيع‬
‫أنت أن تذهب يف أحد االتجاهات الكثرية املفتوحة أمامك‪ .‬يعترب اللحاق بغالبية الناس الذين يبحثون عن السعادة يف األماكن التي ال أثر للسعادة‬
‫فيها أمرا بال جدوى‪ .‬ملاذا تضيع وقتك وطاقتك ومالك عىل مطاردة أشياء ال تحتاجها فعليا وال تبعث الرسور اىل نفسك؟ يف الحياة أشياء هامة‬
‫وأشياء غري هامة‪ .‬فبعض األشياء تبدو هامة بنظر الناس والسبب أن املجتمع واملؤسسات وأصحاب رشكات اإلعالنات قد غسلوا أدمغة هؤالء الناس‬
‫ليجعلوهم يؤمنون بأن هذه األشياء مهمة‪ .‬لو أمعنا النظر لوجدنا أن ال عالقة البتة لهذه األشياء بالعيش يف منط حياة صحي وسعيد‪ .‬كلام ركزت‬
‫انتباهك عىل ما تفعله عامة الناس‪ ،‬أدركت أن «تقليد الناس مبا يفعلونه» ليست الوسيلة الناجعة لترتك بصمتك عىل هذا العامل‪ .‬تذكر دامئا عندما‬
‫تغريك نفسك باالنضامم إىل هؤالء الناس أن لديك أحالما هادفة وأشياء أهم لتسعى وراءها‪ .‬ليكن أحد أهم أهدافك أن تعيش كام أنت دوما وليس‬
‫كأي شخص آخر‪ .‬عندما سئل ليونارد دافنتيش ما هو أعظم إنجاز أنجزه يف حياته أجاب‪« :‬ليونارد دافنتيش»‪ .‬لنكن صادقني مع أنفسنا وال ننجر وراء‬
‫عامة الناس‪ ،‬فالسعي وراء الحصول عىل استحسان اآلخرين عرب منافستهم هو لعبة خارسة‪ .‬أن تكون مبهورا باآلخرين ومبمتلكاتهم معناه «خسارة‬
‫نفسك وشخصيتك الحقيقية»‪ .‬اعرف ما هو املهم لك‪ ،‬لك أنت وحدك‪ .‬عليك أن تتأكد أن خياراتك يف الحياة هي ملكك أنت‪ .‬الذي يبذل قصارى‬
‫جهده ليال نهارا ليقولبك حتى تكون كأي شخص آخر‪ ،‬يعني أن تخوض بال توقف أرشس معركة قد يخوضها أي انسان»‪ .‬إيرين زيلنسيك‬

‫طور حياتك‬
‫‪12‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫كان يا ما كان‬

‫الشاب والجبل‬
‫إعداد‪ /‬أ‪ .‬وحيد مهدي ـ مرص‬

‫قـرر شـاب السفـر إىل إحـدى املدن سـريا عىل األقـدام‪ ،‬وبعد أن قطع مسافة طويلة اعرتضه جبل صخري ضخم فوقف يتأملـه وهو‬
‫يفكـر كـيف يتخـطـى هذا الجـبـل العـمـالق ويواصـل مسـريتـه‪ ،‬ونظـر حـوله فوجد بعض املسافريـن يلتـفـون حول صخرة‬
‫عـظـيـمــة يف عـمـق الـجـبـل ويـغـيـبـون عأن نـظـره فاستـغـرب الـشـاب فعلـهـم وتـسـاءل يف نـفـسـه‪ :‬إىل أيـن يـذهـبـون؟‪.‬‬

‫ولكنه مل يحـاول أن يسألـهـم واتـخـذ قـراره بعـبـور الجـبـل عن طريق تسلقـه‪ ،‬وبدأ بالفعل مشوار الصعود الصعب‬
‫فالصخور مدببة وحادة والجـبل عال والشمس محـرقـة‪ ..‬وبـعـد مجـهـود شـاق استطاع الشاب القوي الوصول ألعىل‬
‫الجبل منهك القوى‪ ،‬وما أن أطل برأسـه عىل القـمـة املسطحـة حتى أصابـته الدهشة وجد عرشات األشخاص يقيمون‬
‫املخيامت‪ ،‬ورأى من تحتهم طريقا ممهداً نهـايتـه عند القمة وبدايـتـه كانت خلـف الصخـرة التى رآها أسفـل الجـبـل‪،‬‬
‫كام أن هناك طريقاً آخر ميتد من سطح الجبل ثم يهبط إىل طريق مخترص عىل الجهة األخرى املوصلة للمدينة التي‬
‫يقصدها الشاب‪ ،‬وبعد لحظات من تأمل الشاب للموقف تبدلت دهشته إىل حرسة وندم ولوم لذاته‪ ،‬ألنه مل يحاول‬
‫أن يسأل من سبقوه إىل هذا الطريق فلو كان كلف نفسه عناء السؤال لكان وفر الكثري من الوقت والجهد‪.‬‬

‫ترى يا أصدقايئ هل يذكركم هذا املوقف مبا نفعله يف كثري من األحيان عندما ال نحاول أن نتعلم من تجارب اآلخرين ونرص‬
‫عىل التوغل يف متاهة الحياة وشعابها دون دليل يقودنا ويرشدنا‪ ،‬فندفع مثناً غالياً لذلك من أموالنا وصحتنا‪ ،‬واألهم من‬
‫ذلك أعامرنا التي تضيع يف تجارب فاشلة كان بإمكاننا تجنبها لو أننا اخرتنا أقرص طريق للنجاح‪ ،‬أال وهو االطالع عىل تجارب‬
‫اآلخرين والتعلم منها واالستفادة من نصائحهم‪ ،‬وأعتقد أنه ليس هناك أكرث سعادة من اإلنسان الناجح الذي يتعلم من تجارب‬
‫اآلخرين وسريهم الذاتية وعباراتهم املأثورة وخطواتهم العملية التي تركوها لنا‪ ،‬أما الشخص الفاشل فهو الذي يرفض التعلم‬
‫ممن سبقوه ويرص عىل خوض التجارب بنفس الطرق التي ثبت فشلها من قبل‪ ،‬وهذا ما كان يقصده ((هادي املد ِّريس))‬
‫حني كتب‪« :‬ليس صحيحا أن علينا أن نبدأ من الصفر لننجح‪ ..‬بل البد أن نبدأ مام انتهى إليه اآلخرين وليس مام بدءوا به»‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫إن السعيد من وعظ بغريه‪ ،‬والشقي من انتظر ليوعظ بنفسه‪ .‬حكمة عربية‬

‫طور حياتك‬
‫‪13‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫ـ‬
‫عش حياتك‬

‫خـطـوات لتنميـة‬
‫الذكاء االجتماعي‬
‫بقلم‪ :‬أ‪ .‬عمرو محمود حسن ـ الكويت‬

‫كـمـا أن اإلسـالم يـنـهـانـا عـن االبـتـعـاد عن دائرة املجتمع‪ ،‬فالجامعة‬ ‫ظهر مصطلح الذكاء االجـتامعـي يف أواخـر الـقـرن املـايض بعـد ظـهـور‬
‫تكون يف الصالة وهي عبادة‪ ،‬وفيـهـا ألفـة ومحـبـة وتـعـارف وتـكـويـن‬ ‫نظرية األذكياء املتعـددة‪ ،‬وقـد قـام كارل الربشت بتأليف كتاب بعنوان‬
‫صداقات جديدة‪ ،‬ولقـد فـتـح اإلسـالم الكثري من املجاالت التي تكون باباً‬ ‫(الذكاء االجتامعي) وقـد وضـع فـيـه أسـاس هـذا املصطلـح وخطوطـه‬
‫مـفـتـوحـاً لـتـكـويـن الـجـديـد مـن الـصـداقـات حـتى مـيـاديـن الـجـهـاد‪.‬‬ ‫العريضة‪ ،‬وليس عجـباً أن يكـون اإلسـالم ومنـذ أكرث من ‪ 1400‬عام قـد‬
‫ويف الحديث قال رسول الله – صىل الله عليه وسلم ‪ :-‬املـؤمـن الـذي يخالط‬ ‫دعا أتباعه أن يتسموا بهذا النوع من الذكاء حتى يتسنى لهم التعامل‬
‫النـاس ويـصـرب عىل أذاهـم أعظـم أجـراً من املـؤمـن الـذي ال يخالط الناس‬ ‫مع الناس‪ ،‬والتواصـل معهـم عىل نحـو يخـدم اإلسالم واملسلمني‪ ،‬ونحن‬
‫وال يصـرب عىل أذاهـم) ويف هـذا دعـوة رصيحة للتقرب من الناس وتكوين‬ ‫يف هذا العدد سوف نبحث عن أسس هذا العـلـم‪ ،‬واملواقف التي ذكرها‬
‫صـداقـات جـديـدة‪ ،‬وقاعـدة انـطـالق لتـوسـيـع دائـرة املـعـارف واألصدقاء‪.‬‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬ومواقف من حياة الرسول – صىل الله عليه وسلم ‪ -‬ثم‬
‫‪2‬ـ دع أعمـالك واهتامماتـك تتحـدث عنك‪ :‬يكفينا أن نعلم هنا أن عدد‬ ‫نسقطها عىل واقعنـا حتى نستفـيد من هذا العلم وذاك املصطلح‪.‬‬
‫الغـزوات التي قادها الرسول صىل الله عليه وسلم بلغ (‪ )28‬غزوة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫يقـول كارل ألربيخت يف تعـريـفـه للـذكـاء االجـتامعي‪ :‬هو القدرة عىل‬
‫إىل ذلك بلغـت عـدد البعـوث والسـرايـا ‪ 38‬ما بني بعث ورسية‪ ،‬كل ذلك متت‬ ‫االنسجام والتآلف الجيد مع اآلخرين وكـسب تعاونهـم معك‪ ،‬وعرفه‬
‫ألن املهمة التي كانت بسببها تلك الـغـزوات هي إخـراج النـاس من الظلمـات‬ ‫ثورنديك بأنه‪ :‬القدرة عىل فهم وقيادة الرجال والنساء والبنني والبنات‪،‬‬
‫إىل النور‪ ،‬من عبادة العـبـادة إىل عبادة رب العباد‪ ،‬توصيل الرحمة للمسلم‬ ‫ليعملـوا بحـكـمة يف العالقـات اإلنسانـيـة‪ ،‬وعـرفـه آخـرون بأنه القدرة‬
‫وغري املسلـم‪ ،‬لإلنسـان والحـيوان‪ ،‬لإلنـس والجـن‪ ،‬قال تعاىل‪َ ( :‬و َما أَ ْر َس ْلن َ‬
‫َاك‬ ‫عىل التعامل مع الناس‪ ،‬كام يظهـر يف الـقـدرة عىل إصـدار األحـكام يف‬
‫إِلاَّ َر ْح َم ًة ِّ�ل ْل َعا َل ِمنيَ) هكذا كانت كل أعامل واهتاممات الرسول – صىل الله‬ ‫املواقـف االجـتامعية‪ ،‬والقـدرة عىل التعرف إىل حـالة املـتـكـلـم النـفسـيـة‪،‬‬
‫عليه وسلم – حول دائرة اسمها الرحمة والسعي لنجاة اآلخرين‪ ،‬وسعادتهم يف‬ ‫والـقـدرة عىل مالحـظـة السلـوك اإلنسـاين‪ ،‬وأخـرياً روح املرح والدعـابـة‪.‬‬
‫الـدنـيـا واآلخـرة‪ ،‬ومن أجـل هذه األهـداف قامـت األعـمـال الجـلـيـلة التي‬ ‫ومام سبق يتضح لنا أن الذكاء االجتامعي يدور بشكل أسايس يف فلك‬
‫قامـت بهـا الحـضـارة اإلسـالمـيـة‪ .‬فمـن نبـل األهـداف كانـت األعـمـال‪.‬‬ ‫العالقات اإلنسانية وكيف يستطيع الشخص أن يبني عالقات إنسانية ناجحة‬
‫من املواقف التي ال تـنـسـى وتعـرب عن نبـل األهـداف والثبـات عليها وبالتايل‬ ‫سواء يف محيط األرسة أو املجتمع أو األمة‪ .‬فام هي املبادئ التي تنطلق منها‬
‫كونـت قيام كالجبال الراسخات‪ ،‬موقف أبو بكر الصديق – ريض الله عنه –‬ ‫تلك العالقات ليك نستطيع القول بأن هذا الشخـص يتمتع بذكاء اجتامعي؟‪.‬‬
‫من العجزة‪ ،‬واملساكني‪ ،‬والضعفاء قبل الخالفة وبعد الخالفة‪ ،‬فقبل الخالفة‬ ‫‪1‬ـ اكـسـب صـديـقـاً جـديــداً‪ :‬من منا ال يحب أن يكسب صديقاً جديدا‬
‫الحي أغنامهم‪ ،‬فلام بُويع بالخالفة قالت جارية منهم‪ :‬اآلن‬ ‫كان يحلب ألهل ِّ‬ ‫كل يوم بل كل ساعة ليكـون أخـاً له يعـينه يف أوقـات الفـرح والنوائب‬
‫منائح (الناقة أو الشاه) دارنا‪ ،‬فسمعها فقال‪( :‬بىل‪ ،‬ألحلبنَّها‬
‫َ‬ ‫ال يحـلب لنا‬ ‫والشدة‪ ،‬يشد من أزره‪ ،‬يـتـنـاصـح مـعـه ويـدلـه عىل الخـري‪ ،‬فالله تعاىل‬
‫دخلت فيه)‪ .‬أخرجه الطربي يف تاريخه ‪.354/2‬‬‫ُ‬ ‫لكم‪ ،‬وإين ألرجو أال يغيرِّ ين ما‬ ‫خلق اإلنسان وجبله عىل فـطـرة األلـفـة والتعـارف‪ ،‬ومخالطـة اآلخـرين‬
‫فهذه الخدمات واألعامل االجتامعية التي كان يقدمها الخليفة أبو بكر‬ ‫ومجالستهم‪ ،‬واملنهج اإلسالمي يف اختيار الصديق واضحاً يف هذا الصـدد‪،‬‬
‫– ريض الله عنه – هي التي تتحـدث اآلن عن الخليفة أبو بكر‪ ،‬ولعل‬ ‫ففي الحديث يقول الرسول – صىل الله عليه وسلم ‪( :-‬إمنا مثـل الجـلـيس‬
‫اآليـة ‪ :17‬من سـورة الـرعـد‪َ ( :‬ف َأ َّما ٱل َّز َبـدُ َف َيـ ْذهـَ ُب ُجـفـَاء َوأَ َّما َما يَنـفـَعُ‬ ‫الصالح والجليس السوء كحامل املسك ونافخ الكري‪ ،‬فحـامـل املسـك إما‬
‫َّاس َف َي ْم ُك ُث فىِ ٱأل ْر ِض) هـي األسـاس يف هـذا املـبـدأ من مـبـادئ الذكـاء‬ ‫ٱلن َ‬ ‫ريحـا طـيبـًا‪ ،‬ونافـخ‬
‫أن يحذيـك وإما أن تـبـتـاع منه‪ ،‬وإما أن تجد منه ً‬
‫االجتامعي‪ ،‬فصدق األعامل واألهداف يبقيها لالنتـفـاع بها عىل مـر األجـيال‪،‬‬ ‫ريحا خبيثة)‪ .‬متفق عليه‪.‬‬‫الكـري إما أن يحـرق ثيابك‪ ،‬وإما أن تجد منه ً‬
‫أما الباطل منها فهو فالباطل كـغثاء املاء يتـالىش أو ُي ْرمى إذ ال فائـدة مـنـه‪.‬‬ ‫إذاً البد من مصاحبة األخيـار فهم املسك ال تجد منها إال الريح الطيب‬
‫‪3‬ـ تـبـسـمـك يف وجــــه أخـيـك صـدقـة‪ :‬من الذكاء االجتامعي إدخال الرسور‬ ‫وهـو الخـلـق واملبـادئ والـقـيـم اإلسـالمـيـة‪ ،‬قـال تـعـاىل‪( :‬لاَ َت ِجدُ َق ْوماً‬
‫عىل قلوب اآلخـريـن وال يوجد يشء عديم التكلفة عظيم الفائدة يف هذا من‬ ‫ُون ِبال َّل ِه َوا ْل َي ْو ِم الآْ ِخ ِر يُـ َواد َ‬
‫ُّون َمنْ َحـا َّد ال َّل َه َو َر ُسـو َل ُه) وهـذا تـكـون‬ ‫ُي ْؤ ِمن َ‬
‫(الـتـبـسـم)‪ ،‬فهـذه االبتسامـة لها أثراً طيبـاً عىل اآلخريـن‪ ،‬وإذا أردت أن تصـل‬ ‫املصاحبة لألخيار والنصـح واإلرشـاد للعـصـاة لعل الله يلني قلوبهم لذكره‬
‫إىل قلوبهم رسيعاً فام عليك سوى باالبتسامة التي تزيل كل اضطراب وتوتر‬ ‫فيتغري الحال ونـكـسـب أصـدقـاء جـدد‪ ..‬باإلضافـة إىل مصاحبـة األخـيـار‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪14‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫عش حياتك‬
‫للسيدة عائشة (كـنت لك كـأيب زرع ألم زرع إال أنني ال أطلقك) وهذا من ذكاءه‬ ‫بينك وبني اآلخرين‪ ،‬ولقد بينت أجـهـزة املسـح بالرنـني املغنطييس أن تأثري‬
‫الشديـدفتخــيـلـواكـيفكانـتمشاعـرالزوجـةعندماسمـعـتهذهالكلامت‪.‬‬ ‫الكلمة يختلف كـثرياً إذا كانـت محـمـلة بابتسـامـة‪ ،‬ولقـد وردت األحـاديث‬
‫‪ .7‬قـدم يـد املسـاعـدة بـذكـاء‪ :‬بينام يتفقد الرسول الجيش وهو يف طريق‬ ‫الكثرية التي تحـث عىل التبسـم من باب تأليـف قلـوب اآلخرين‪ ،‬قال رسول‬
‫عودته للمديـنـة وجـد سيـدنـا جابر بن عبد الله األنصاري وهو يسـري ىف‬ ‫الله ‪ -‬صىل الله عليه وسلم ‪( -‬أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم‬
‫مؤخرة الجيش وكان شابا فسأله الرسول عن إن كان متزوجـا أم ال والحـظ‬ ‫منكم بسط الوجه وحسن الخلق) رواه مسلم‪ ،‬وقال – صىل الله عليه وسلم‪:‬‬
‫الرسول أن جـابـر لديـة مشـاكـل ماديـة لذا أراد أن يساعـده بطريقة ذكية‬ ‫(ال تحقرن من املعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) رواه الحاكم‬
‫فعـرض عليه رشاء جمله وقال له الرسول أتبيعه بدرهم فقال‪ :‬تغبنني يا‬ ‫والبيهقي يف شعب اإلميان وعن جـريـر بـن عـبـد الله ريض الله عنه قـال ‪:‬‬
‫رسول الله! فام زاال يتزايدن حتى بلغا به ‪ 40‬درهم واشرتاه الرسول منه‬ ‫(ما حـجبني النبي صىل الله عليه وسلم ‪ ،‬وال رآين إال تبسم يف وجهي) رواه‬
‫ب ‪ 40‬درهام ثم بعد أن قبـض جابـر الدراهم وانرصف أرسل الرسول إليه‬ ‫البخاري‪ ،‬ونصيحتى‪ :‬ال تدع االبتسامة تفارقك فهي ال تكلفك بل تكسبك‪.‬‬
‫بالل بن رباح ومعـه الجمل وأعطاه إىل جابر مرة أخرى فلام أىت جابر إىل‬ ‫‪4‬ـ منـاداة اآلخرين مبا يحـبـون‪ :‬إن نبـي الله إبراهيم ‪-‬عـلـيـه الـسـالم‪-‬‬
‫الرسول مستفرسا عن السبب قال له (أتراين ماكستك آلخذ جملك) يعني‬ ‫يف حواره مع أبيه إلقـناعـه باإلسـالم استخدم لفظة رقيقة هدف منها إىل‬
‫أنا مل أكن أطالبك بخـفض السـعـر ألجـل أن أخـذ جـمـلك وإمنا ألجل أن‬ ‫تــرقـيــق قلـبـه واسـتـمـالـتـه إىل أن (يُسـلــم) وذاك عـنـدمــا قـال له‪:‬‬
‫أقدر كم أعطيك من املال معونـة لك عىل أمـورك‪ .‬الحـظ أخي املسلم أن‬ ‫(يا أبتي) وكام نعرف أن استخدام أرق األلفاظ يف الحوار مع اآلخـرين من‬
‫الرسول تخري الحديث عن الـزواج مع سيدنا جابر ألنه شاب وهذا أكرث ما‬ ‫الذكاء االجتامعي الذي يهـدف إىل التـوصـل لقـنـاة للتـقـارب مع اآلخـريـن‪.‬‬
‫يشغـل الشبـاب ثم عنـدما أراد أن يحـسن إليـه اخـتـار ذلك بأدب ولطـف‪.‬‬ ‫ومن هذا املوقف – أيضاً ‪ -‬نتعلم دوماً أن نختار أنسب األلفاظ عندما نتكلـم‬
‫‪8‬ـ اجعل صدرك واسعا للناس وناقشهم بهدوء‪ :‬أىت شاب إىل رسول الله صىل الله‬ ‫مع من نريـد‪ ،‬وأن نقنعهـم بيشء السيمـا لو كان بيننا وبينهم عالقـة أرسيـة‬
‫علية وسلم وقال له يا رسول الله ائذن يل بالزنا ؟؟؟؟؟؟ فام كان من رسول الله‬ ‫أو معرفة عابرة‪ ،‬أما نبي الله يوسف ‪ -‬علية السالم ‪ -‬فقد علمنا أساس متني‬
‫أال أن تعامل مع املوقف بهدوء وسكينة ونتعلم أن الرسول مل ينهره ومل يعنفه‪،‬‬ ‫من أسـس الذكـاء االجـتامعـي والتأثـري يف النـاس خاصـة مع من أساؤوا إلينا‬
‫فقال له (أترضاه ألمك ‪.......‬أترضاه ألختك ‪.......‬أترضاه لزوجتك ) حتى أقنع‬ ‫الش ْي َط ُان َب ْي ِني َو َبينْ َ إِ ْخ َوتيِ )‪،‬‬ ‫يف املايض وذلك عندمـا قال‪ِ ( :‬من َب ْع ِد أَن َّن َ‬
‫زغ َّ‬
‫الشاب بذكاء شديد بحرمانية الزنا وبطريقة مثىل وهذه دعوة منه لنا بأن نحسن‬ ‫وهذا من أجـل أن يزيـل عنـهـم الحـرج وال يعاتبهـم‪ ،‬فقد أسند ما حدث‬
‫التعامل مع الناس بل ونحاول أن نوجد مساحة مشرتكة للتفاهم مع اآلخرين‪.‬‬ ‫بينهم كأخوة إىل الشيطان‪ ،‬ونزغـه‪ ،‬وهذا األسلـوب هو األمثل فقد قال ‪-‬‬
‫‪9‬ـ أشـعـر الـنـاس بأهميتهم لديك‪ :‬عندما فتح الله عىل رسوله صىل الله علية‬ ‫صىل الله علية وسلم ‪ -‬يف الحديث الصحيح‪( :‬ما زاد الله عبدا بعفو إال عزاً)‪.‬‬
‫وسلم مكـة املكرمـة وقد أعطى الله مسلمة الفتح الكثري والكثري من العطايا‬ ‫‪5‬ـ تعـرف عىل مداخـل الـنـاس لتكسـب ودهم‪ :‬أىت إىل رسول الله الحليس‬
‫حـتـى شـهـد له الناس بأنـه يعـطي عـطاء من ال يخـىش الفقـر وقد أثـار هذا‬ ‫بن علقمة لىك يقنع الرسول بأن يعـود إىل املدينة وذلك ىف صلح الحديبية‬
‫املوقـف حفيظـة األنصار الذين قالوا أن رسول الله يعطيهم العطايا وسيوفنا‬ ‫إال أن الرسول عندما علـم به علـم أنة رجـل مادي وهو زعـيـم االحـابيش‬
‫تقطر من دمائهم ‪ ...‬وعندما علم الرسول بهذا املوقف تعامل مبارشة مع هذا‬ ‫ومن ثم أمر الرسول بان يطلقوا الهدى يف وجهه فلام رآه الحـليس وقد‬
‫املوقف بذكاء شديد وبسحن ترصف عال حيث اجتمع باألنصار وقال لهم إن‬ ‫أكل الهدى وبرة من الجـوع فقال الحـليـس ال قـبل لنا مبحمد وما معه‪،‬‬
‫سمعت كذا وكذا ثم قال كلامت تفيـض حـبا لهم فقال‪ :‬أترضون أن يذهب‬ ‫املوقف الثاين حدث يف نفس الحدث عندما أرسلت قريش إىل رسول الله‬
‫الناس بالشاة والبعري وتذهـبون أنتم برسول الله والله لو سـلك النـاس شعبا‬ ‫عروة بن مسعود الثقفي الذى كان رأسا ىف قومه ورجال له شأن ويحرتم‬
‫وواديا لسلكت شعب ووادي األنصار الناس دثـار واألنصـار شعار اللهم اغفر‬ ‫من قومه والن الرسول صىل الله علية وسلم كان يتمتع بالذكاء االجتامعي‬
‫لألنصار وأبناء األنصار)‪ ،‬لو نظرنا إىل هذه الكلامت البسيطة نجد أن الرسول‬ ‫العايل فإنه وألول مرة سمـح للصحـابة بأن يعظموه أمام عروة فام من‬
‫قد استخدم اسرتاتيجية رائعة ىف إقناع الناس فذكرهم بأنه مثلهم مل يأخذ‬ ‫قطرة ماء سقطت من وضوئه إال وتلقفـاه الصاحـبـة وهم يتقاتلون عليها‬
‫يشء وأنه لو اختاروا هم واديا وشعبا ليسلكوه تبعهم يف ذلك وقال لهم أنهم‬ ‫فلام رجل عروة بن مسعود إىل قريـش قال لهم (إين قد رأيت ملك كرسى‬
‫أقرب إليه من أي يشء فام كان رد فعل األنصار إال أنهم بكوا جميعا وقالوا‬ ‫وقيرص والنجايش فام رأيت رجـال يحبه ويعظمه أصحابة مثل محمد )‪،‬‬
‫رضينا بك يا رسول الله ‪ ...‬رضينا بك يا رسول الله)‪ ،‬وهكذا استطاع الرسول أن‬ ‫وكان هذا موقف رائع من الرسول الـذى تعرف عىل شخصية عروة ومن‬
‫يستخدم هذا املوقف لصالح اإلسالم وأن يريض األنصار بهذه الكلامت الرائعة‪.‬‬ ‫ثم ترصف معه الترصف الذى يؤثـر فيه ايجابيا بل وأن عروة قد اسلم‬
‫ويا ليتنا نحذو حذوه يف اختيار الكلامت التي ترتك أثرا طيبا يف النفوس‪.‬‬ ‫ومات شهيدا بعدما قتلة أحد املرشكـني من أهلة وعندما سأله أهلة ىف من‬
‫قتلة قال لعلها كرامة أكرمني الله بها ‪ .‬انظروا كيف كان تعامل الرسول له‬
‫املـالئـم لطبـعـة له ابـلـغ األثــر ىف شـخـصـيـة عــروة بن مسعود الثـقفـي‪.‬‬
‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫‪6‬ـ أنصـت لزوجـتـك حـتـى تسـعـد حـيـاتـك‪ :‬الرسول صىل الله علية‬
‫«الذكاء االجتامعي» ميكن تنميته وتطويـره بالنسبة ألي واحد منا‪ ،‬وال ميكن‬ ‫وسلم كان مشــغـــوال بـهــمـــوم الدعــوة ونـشـر اإلســالم واستـقـبــال‬
‫ألحد اإلدعاء بأنه قد خلـق هكذا وال يستطيـع تقويم عـيـوبـه االجـتامعية‪،‬‬ ‫الوفود وإرسال الرسيا ورغـم ذلك كـان ينـصـت لـزوجـاتـه ويستمع لهم‬
‫أو تنميـة ذاتـه وشحـذ قدراتـه‪ .‬إننا نستطيـع أن نكـون أفضـل اجـتامعيا‪،‬‬ ‫مع مشاغلة العديدة فله نظرنا إىل حديث أم زرع لوجدنا أن الرسول قد‬
‫ونتواصل بشكل فعال؛ رشيطة أن نهتم بتغيري قناعاتنا واالنتباه إىل سلوكنا‪،‬‬ ‫أنصت لها لفرتة طويلة وهي تروي له قصة اإلحدى عرش امرأة اللوايت‬
‫وتعلم املهارات التي تيرس لنا االندماج الحضاري املتزن مع اآلخريـن‪.‬‬ ‫روين خـبـر أزواجـهـن وظل الرسول منصتـا لزوجـتـه وهى تروي‬
‫هذه القصص حـتـى بعد انتهت اخـتـار أفـضـل زوج مـنـهـم وهو أبـو زرع وقال‬

‫طور حياتك‬
‫‪15‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫وقود للحياة‬

‫ثروة الرتاجع؟!‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬هدى بنت نارص الفريح ـ السعودية‬

‫تخيل أنك كنت يف حوار مع أحدهم وإذا به يقذفـك بكلامت قادحـة وجارحة فتنفعل غضبـا صارخا ومنافحا أو تراك تكون‬
‫صامتـا من حجـم الصـدمة وحـمم بركانية يف جـوفـك تتصاعـد تزداد حـرارتهـا تبعا لحجـم سلبيتهـا وبينام أنت يف أحد هذين‬
‫املوقفني وإذا بأخيك الغائب منذ سنوات لدراسته يف الخارج يدخـل عليكام ماذا ستفعل؟ «إنها مفاجأة سارة وقد تكون أغىل‬
‫مفاجأة لك»‪ ،‬حتام سوف تتبدل حالة مزاجك إىل فـرح وسـرور وكذلك صاحـبك عىل الـغـالـب سيتفاعـل معك وإذا بغضبكام‬
‫انحرس وانقىض واستحال إىل جلسة أنس وسمر‪ ..‬مثل هذه املشاهد حيث اإلبدال من حالة لحالة قد تحدث ألي منا‪ .‬ولكننا‬
‫هنا افرتضناها خياال واستباقا لنعي أننا جميعـا يف هكـذا موقف نستطيـع أن نتحـكم بذواتـنـا وال أجـمل من أن ننقلها من‬
‫حالة ألخرى بقوة إرادتنا وال ننتظر موقفا طارئـا خارجـيـا أو من الطـرف اآلخر‪ ،‬قد تجتاحك الرغبة لالندفاع وتندفع قليال ولكن‬
‫الفضل كله حينام تشعر بوخز يف نفـسك يستحـثك عىل العـودة فال تركـب الركـب الصعـب وتكون ترصفاتـك ما هي إال ردود‬
‫فعل معتادة! هي أشـد وطـئا وأنكـل بؤسـا بل تنـقـاد برتاجـع ودي وتحـلق بك وباآلخـر حيث أعىل مراتب الصفاء والنقاء‪..‬‬

‫وإليك مل يجد القنوط سبيال‬ ‫وجد القنوط إىل الرجال سبيـله‬


‫وعـلوه خلقـا يعـادل جـيـال‬ ‫ولــرب فــرد يف سـمـو فـعـالـه‬

‫كن حاضـرا ويقظا لـرثوة الـرتاجـع فهي مفـتـاح امتـالك العادة الجميلة‪ ،‬عندما ميسك بيدك امليسء منفعال حذار أن متدد‬
‫يدك األخرى أو حتى أصبعك ملوحا به عليه بل أمسـك بيـده وابتسـم لطفا وال بأس أن تقبلها‪ ،‬عنـدما يتعـرث لسانك يف‬
‫قول الكلامت الكاذبة بحق أحدهم حذار أن تستمر وتطلقها وترددها! حينام تهم بسلوكـيات مهام كـنت تـراها صغـرية‬
‫راجــع نفسـك وحكـم ذاتك وتراجـع بتساؤل‪ :‬ماذا عن الشخـص الذي تـتـمـنى أن تكـونه؟ ما الذي سـوف يفعله الشخص‬
‫الذي تتمناه يف هذه املوقف أو ما الترصف الذي سيجتهد لعمله؟ سوف تداهـمـك حـوافـز الخري وتـهـديك للفعل السليم‬
‫وحتام بعد فرتة وجيزة من تراجعات عديدة وشيئا فشيئا سوف تتمكن من التحيل بالترصف الحكيم يف أشد املواقف‬
‫صـعـوبـة‪ .‬مجـددا كن حـارضا لفضـيـلـة الـرتاجـع وآمن بـقـدراتـك عىل امـتـالك الصـورة الجـميلة التي تحلم أن تكون عليها‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫فكر بنفسك إلنهاضها فالحياة ال تعطيك إال بقـدر ما تعطـيـهـا‪ ،‬وال تحرمك‬
‫إال مبقدار ما تـحـرم نـفـسـك منهـا‪ ..‬الحـيـاة مـرآة أعـمـالك وصـدى أقـوالك‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪16‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫هيا نـنـــــجـح‬ ‫ـ‬

‫أنــت‬
‫خليفـة اهلل يف األرض‬

‫بقلم‪ /‬إســراء رياض ـ فلسطني‬

‫وأن نكون يف املستـوى املطلـوب كمـا كان عظـمـاء األمـة قبلنا كسيدنا عمر ابن‬ ‫لكل من ال يجد هدفا ثابتا لحياته أو دافعا كافيـا لنجاحـه ومتيـزه‪ ،‬ستجد يف‬
‫الخطاب «الفاروق»‪ ،‬الذي عرف باالتزان يف حياته‪ ،‬والحـكمة يف تقسيم وقته‪،‬‬ ‫هذه املقالة ما سيغري حياتك لألفضل ‪-‬بإذن الله‪ -‬وسأدلك عىل يشء يف قمة‬
‫إذ أنه كان يفصل بني عبادته وبني إعامر األرض وخـالفـتـه‪ ،‬فكان ريض الله عنه‬ ‫الروعة لطاملا أغفلناه وتناسيناه ومنا فعال من ال يدرك معناه‪ ..‬كلنا ومع بداية‬
‫يتناوب يف الشغل مع جـار له من األنصـار فكـان يرافـق رسول الله يومـا ويومـا‬ ‫كل سـنـة ــ هجرية كانـت أم ميالدية ــ أو حتى مع شـروق شـمـس كل يـوم‬
‫يراقب عمله يف البستـان يك يضمن األكل للمسلمني حتى ال يحتاجوا إىل الكفار‪،‬‬ ‫جديد‪ ،‬نحـدد أهـدافا معـينة ألنفسنـا ونبحــث لنا عن دوافـع أي وقـود ميكـننـا‬
‫كان إنسانا متقنا لعمله وموازنا بني عبادته وشغله الذي كان يحبه لدرجة كبرية‬ ‫من السعي وراء تحقيق املبتغى‪ ،‬ولكن رسعـان ما نخـلط أوراقـنا وترجـع حياتنا‬
‫حتى أنه متنى أن ميـوت شـهـيــدا أو ميـوت يف عـمـلـه؛ إذ روي عـنـه أنـه قـال‪:‬‬ ‫للعشوائية والروتني والعادات التلقائية املتكررة؛ ألن دوافـعـنا تلك التي اخـرتناها‬
‫«ما أحب أن يأتيني أجيل بعد الجهاد يف سبيل الله أحب إيل من أن يأتيني وأنا‬ ‫للنجاح بدأت تفقد قيمتها مع الوقت وبدأ مفعولها السحـري يتالىش تدريجيا‪..‬‬
‫بني شعبتي راحلتي أطلـب من فـضـل الله»‪ ،‬وشـعـبـة الراحلة هي الجامل التي‬ ‫واآلن‪ ،‬سأخـربك أيها القارئ‪ ،‬عن الـدافـع الذي لو وضـعـه كل واحـد منا نـصـب‬
‫يحمل عليها سيدنا عمر الزرع الذي تعب فيه ويذهـب مع الراحلة للسوق ليك‬ ‫عينيه ومأل به فكره و قلبه وروحه لعدنا من جديد لسيادة العامل والسـرتجـعنا‬
‫يبيعه‪ ،‬الحظ معي درجة الوعي بالخالفة وتحمل األمانة واملسؤولية وقوة الرغبة‬ ‫عزة امتنا وعظمة أسالفنا‪ ،‬ولعشنا مثلهم عظامء‪ ..‬الدافع ببساطة‪ ،‬أنك أنت‬
‫يف البذل والعطاء والرقي باملجتمع‪ ،‬حـيث قال فيه النبي صىل الله عليه و سلم‪:‬‬ ‫«خـليـفـة الله يف األرض»‪ ،‬أتـدرك هذا املعنى؟؟ نـعـم‪ ،‬أنت من اختارك الخالق‬
‫«إن الله جعل الحق عىل لسان عمر وقلبه» رواه أحمد وغريه‪ ،‬ملا اتصف به من‬ ‫عز وجل لتخـلـفه عىل أرضـه يف هذا الزمـان ويف هذا الوقـت بالتحـديد‪ ،‬إذ قال‬
‫حب وغرية شديدة عىل دينه‪ ،‬أتعرف أن تكون مثل املتزن عمر ريض الله عنه؟؟‪.‬‬ ‫تـعـاىل يف كـتـابـه الكـريـم ‪َ « :‬وإِ ْذ َق َال َر ُّب َك ِل ْل َمال ِئ َك ِة إِنيِّ َجا ِع ٌل َ‬
‫األ ْر ِض َخ ِلي َف ًة»‬ ‫فيِ‬
‫فهيا اجـعـل من خـالفتـك لله يف األرض دافعـا قويـا للنجاح‪ ،‬دافعا مستمرا معك‬ ‫(اآلية ‪ 30‬سورة البقرة)‪ ،‬نعم أنت يا ابن ادم من جاءت فيه اآلية الكرمية‪ ،‬فكان‬
‫أينام حللت وال ترتكه يغيب عنك لحظة واحدة بل اجعـله جـزءا ال يتـجـزأ منك‪،‬‬ ‫البد أن تكون مسئوال عن كافة ترصفاتك وعن نوعـيـة حـيـاتـك‪ ،‬فخليفة الله يف‬
‫فنجاحك ومتيزك أمام العامل هو عامرة األرض‪ ،‬وأنت بهذا تخربهم من أنت بالفعل‬ ‫األرض ال يصح أن يكون شخصا عاديا يعيش ليستهلك ما أنتجـه غـريه‪ ،‬مستهرتا‪،‬‬
‫ال بالقول‪ ،‬أي تخربهم أنك «اإلســالم» ميـيش عىل األرض‪ ،‬وبالتايل سنقـوى بالفعل‬ ‫ال يكرتث للتغريات التي تطرأ يف العامل من حـوله‪ ..‬بل هو من يدهـش الجـميـع‬
‫ونصبح أعظم شعوب العامل‪ ،‬تصديـقـا لقوله تعاىل‪َ »:‬و َع َد ال َّل ُه ا َّل ِذينَ آ َمنُوا ِم ُنك ْم‬ ‫بشخصيته املتميزة والنقية من كل الشوائب‪ ،‬ويذهـل الكل بتـفـوقه ونجـاحـه‬
‫ات َل َي ْست َْخ ِل َف َّنهُم فيِ الأْ َ ْر ِض كَماَ ْاست َْخ َل َف ا َّل ِذينَ ِمن َق ْب ِل ِه ْم َو َل ُي َم ِّكنَنَّ‬ ‫َو َع ِم ُلوا َّ‬
‫الصا ِل َح ِ‬ ‫املبـهـر يف عملـه ويف قدرتـه عىل االبتكـار وإفادة البرشيــة باخرتاعاته وتفكريه‪..‬‬
‫َله ُْم ِدي َنهُمُ ا َّل ِذي ا ْرتَضىَ َله ُْم َو َل ُي َب ِّد َل َّنهُم ِّمن َب ْع ِد َخ ْو ِف ِه ْم أَ ْمناً َي ْع ُبدُ و َن ِني لاَ ُيشرْ ِ ُك َ‬
‫ون‬ ‫فهذا ترشيف وتكريم من املوىل عز وجل لك أنت أيها املسلم‪ ،‬أنت أيها القارئ‪،‬‬
‫ون»‪( .‬اآلية ‪ 55‬سورة النور)‪.‬‬ ‫اس ُق َ‬ ‫بيِ َش ْيئاً َو َمن َك َف َر َب ْع َد َذ ِل َك َف ُأ ْو َل ِئ َك هُ مُ ا ْل َف ِ‬ ‫فهنيئا لك بهذا اللقب املرشف‪ ..‬وهنا معنى ثان شديد األهـمـية أريـد أن أسلط‬
‫أنـت الخلـيـفـة من اآلن فـصـاعـدا‪ ،‬فاعـزم واعـقـد الـنـيـة أن تـكـون كـذلك‪،‬‬ ‫الضوء عليه‪ ،‬منا من يعيش حياته بحثا عن لقب له كلقب طبيب أو مهندس‪،‬‬
‫فال أحـد يصـلـح لهذه املهـمـة العظيمة غريك‪ ،‬فمن اختارك هو العليم األعلم‬ ‫وزير أو حتى رئيس دولة‪ ،‬أو أيا كان ذلك اللقب‪ ،‬واملدهش يف األمر أن اإلنسان‬
‫بك من نفسك‪ ،‬ال تقل أنا غري قادر عىل هذا‪ ،‬فلو كنت كذلك ما اختارك تعاىل‬ ‫خلق ليعيش باللقب الذي اختاره الله له‪ ،‬أي لقـب «الخـلـيـفــة»‪ ،‬ال أن يعيش‬
‫لتحيى يف هذه الدنيا وما اصطفـاك لتـكـون مسلام ‪ ..‬كـن ذلك اإلنـسـان الذي‬ ‫حياته تائها‪ ،‬يبحث عن لقب يظن أنه أعظـم وأشـرف مام اختري له‪ ،‬األصل يف‬
‫ال يعرف املستحيل الذي يحـيا وهو مدرك معنى وجوده وأنه مل يخلق عبثا‪،‬‬ ‫األمر‪ :‬أن يكون الطبيب هو «الطبيب الخليفة»‪ ،‬الذي يفهم معنى الخالفة يف‬
‫وانتبه معي‪ ،‬فخـالفـة الله يف األرض كام أمـر‪ ،‬هي االتجاه الصحيح للطريق‬ ‫مهنته‪ ،‬فيكون رحيام بالناس ألنه عــرف الله الرحــيم‪ ،‬فخـلـفـه يف هذه الصفة‬
‫إىل السعـادة والنجـاح الحـقـيـقـي وراحـة الـبـال‪ ،‬وكل من تجـده يعـاين عىل‬ ‫الـربـانيـة‪ ،‬و كذا «الـقـايض الخـلـيـفـة» الذي رأى عدل الله يف كل يشء‪ ،‬فعامل‬
‫وجه األرض اعلم أنه مييش عكـس السـري‪ ،‬فانـتـبه وال تكـن أنت ذاك الشخص‪..‬‬ ‫الناس بـعـدل‪ ،‬وأن نـجـد «»املوظف الخليفة» و «البائع الخليفة»‪ ،‬وهكذا‪...‬‬
‫يف الحقيقة إن تتلمذ شخص ما ونشأ عىل يد دكـتور ناجح ومشهـور أو عامل ذائـع‬
‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫الصيت له وزنا ووقارا‪ ،‬ستجد هذا الشخص يبذل جهدا غري عاديا يك يبدو مرشفا‬
‫إن اإلسالم ينظر إىل اإلنسان نظرة التبجيل واالحرتام‪ ،‬وذلك ألن اإلنسان يف نظر‬
‫ملن علمه وتبناه‪ ،‬ليك يقول الناس بعدها‪« :‬فعال أنت تربية فالن‪ ،‬فالن ما قرص»‬
‫اإلسالم ورشيعته هو خليفة الله يف أرضه يعمرها وينميها ويستخرج كل خرياتها‬
‫أو كام نسمع «هذا الشبـل من ذاك األسـد» وغريه‪ ..‬لكن يبقى لله املثل األعىل؛‬
‫وكنوزها لتعينه عىل الحياة والعيش فيها‪ ،‬والتمكن من أداء الخالفة الرشعية‬
‫فأنت من رباك هو الرب سبحـانـه وتعاىل‪ ،‬فأنا وأنت تربـيــة الله‪ ،‬من أجـل هذا‬
‫التي ك ُــلف بها وكانت منحة من الله إليه اختصه بها دون بقية خلقه‪ ،‬وأباح‬
‫ال يجب أن نقبل عىل أنفسنا إال أن نكـون خـارقـني ومبدعني وناجحني يف حـيـاتـنـا‬
‫له فيها كل الطيبات التي تحقق له دوام الحياة واستمرارها‪ .‬يوسف القرضاوي‬
‫الشخصية والعملية ــ وإن كانـت كـلمة النجـاح قلـيـلة جــدا عىل املعنـى املراد ــ‬

‫طور حياتك‬
‫‪17‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫برمج عقلك‬

‫مسئوليتك أنت‬
‫بقلم‪ /‬عبد العزيز دلول ـ قطر‬

‫نحن يف حـياتنـا نشبه األشخـاص الذين ميارسـون هواية القفـز باملظـالت‪ ،‬مسئولـني عن التحـكم بالـتـوازن املطـلـوب يف الـهـواء‪،‬‬
‫ثم حساب املسافة للقياس بالتوقيت الدقيق بعد تحديد مكان الوصول للضغط عىل زر املظلة والهبوط بسالم عىل سطح األرض‪،‬‬
‫فإن مل تكن األولـويـات يف وقـتـها الصحيح ومرتبـة‪ ،‬وغـري مهتمـني بالتـوازن ومل نكـرتث باملسافة‪ ،‬فهل سنتحـمل مسئوليـة موتـنـا؟‬
‫قيمـنا ومبـادئنـا تجـعـلنا مسـؤولـني تجاه أفعالنا وسلوكنا‪ ،‬والرسالة يف حياتنا هي شغفنا ودافعنا لزرع بذور الرغبة‬
‫بداخلنا‪ ،‬واألهداف هي رؤيتنا لجميع أدوارنا‪ ،‬الروحانية‪ ،‬الذاتية‪ ،‬االجتامعية‪ ،‬العلمية‪ ،‬املالية‪ ،‬الوظيفية‪ ،‬الجسدية‪،‬‬
‫نحن املسئولـون عن كل هذه األدوار‪ ،‬فلن يصـيل‪ ،‬ويتـوب عـنـا أحد‪ ،‬ولن يطور عقلنا ويرفع‬ ‫التطوعية‪ ،‬الرتفيهية‪ُ ،‬‬
‫مستوى مهاراتنا إن مل نرغب ونقرر ذلك‪ ،‬لن يقبل أخوك رأس والديك بالنيابة عنك‪ ،‬ال واسطة يف البيت مع عائلتك‪،‬‬
‫لن يدرس صديقك عنك‪ ،‬وإن ركزت يف أساليب الغش‪ ،‬فستتخرج فارغ العقل‪ ،‬ولن تشعر بقيمتـك‪ ،‬لن تخرس وزنك‬
‫وأنت تأكل من «كنتايك» «ماكدونالدز» طوال الوقت‪ ،‬لن يركض عنك حـتى من يحـبك‪ ،‬أجـمل يشء تفعله يف حياتك‪،‬‬
‫هو تحملك للمسؤولية‪ ،‬ستشعر بالقوة واالحرتام لذاتك‪ ،‬وستجد الناس تحرتمك كذلك‪ ،‬جرب واحكم بنفسك‪.‬‬
‫أتـعـلـم‪ ،‬جـميل لو كان هـنـاك دواء لإلرادة وزيادة نسبـة النجـاح‪ ،‬لكـن لألسف ال يوجــد‪ ،‬استـغـل عـقـلك‪ ،‬ورتـب أمــورك‬
‫يا بطل‪ ،‬فال أحد سيهتم بك إن مل تتميز وتصـبح مجـنـوناً بذكاء‪ ،‬فالجـنون هو الشـغـف لفـعـل املستحـيـل لتحـقـيـق أهـدافـك‪،‬‬
‫دون اللجوء للطرق غري االنسانية كاستغالل اآلخـرين‪ ،‬والوقـوف عىل أكـتافهم‪ ،‬ثم االستـغـناء عنـهـم‪ ،‬أو الرسقـة والكـذب عليهم‪.‬‬
‫القيم هي البذور التي تنمو منها الجـذور‪ ،‬والرسـالة هي الرتبـة الصالحـة لتهيئة البذرة للنمو وشق طريقها للخارج وتحقيق حلمها‪،‬‬
‫فالبذرة لديها حلم مثلك متاماً‪ ،‬هي ال يشء بدون املاء‪ ،‬وال الرتبة‪ ،‬وال املقـومات الخارجية‪ ،‬األهداف ترسم من بداية مرشوع الزراعة‪،‬‬
‫وهي النتيجة التي نريد الحصول عليها وهي الثمرة‪ ،‬وتأيت طرق التخـطيـط‪ ،‬بجذع الشجرة ثم الوسائل وهي الغصون‪ ،‬ثم املحاوالت‬
‫وهي الورقات الخرضاء‪ ،‬بعضها يعيش والبعض ميوت ويحـرتق وال يتحـمل العـقـبات من الشـمـس‪ ،‬الريـاح‪ ،‬الحـشـرات‪ ،‬ثم نحصل‬
‫عىل اإلنجاز بعد صمود الشجر وإرادتها يف البقاء‪ ،‬لنقـطـف الثـمـرة‪ ،‬سبحان الله‪ ،‬نحن كالشجـر متاماً‪ ،‬تأمـل ذلك يا صديـقـي تأمل‪.‬‬
‫لتتحمل مسؤولية ذاتك ال بد أن ُتقر متاماً بأنك مسئـول عن قراراتك الشخصية‪ ،‬أنك لن تلقي اللوم‪ ،‬املالمة عىل أحد‪،‬‬
‫ولن تشتيك دامئاً عن اآلخرين‪ ،‬وعن املسببات الخارجية‪ ،‬انشغـل يف ذاتك‪ ،‬وكثف الوقت كله ملراقبة نفسك وطرق‬
‫تحسينها‪ ،‬بد ًال من تخصيص الوقت لنقد اآلخرين‪ ،‬هم سيتقدمون‪ ،‬وأنت ستبقـى مكانك‪ ،‬تنقد يف هذا وذاك‪ ،‬وما‬
‫أسهل هذه الوظيفة‪ .‬اطلب من ربك العون‪ ،‬وستجد النتيجـة الحـقاً بالتأكـيـد‪ ،‬وال تستـعـجـل‪ ،‬أعدك‪ ،‬ستشعر بالفرق‪.‬‬
‫نقطـة مهمـة‪ ،‬بـدون لـف وال دوران‪ ،‬حـب نفسك‪ ،‬حـب نفسك‪ ،‬حـب نفسك‪ ،‬يعني االستقاللية الذاتية‪ ،‬املسؤولية الشخصية‪،‬‬
‫يعني األنانية الحالل‪ ،‬التي يكون فيها قليل من الحرص عىل املصالح التي تخصك لتدير شؤون حياتك بتميز وتفوق‪ ،‬إذن‬
‫قل لنفـسـك اآلن‪ ،‬أنا أحـب نفـيس ومن حـقي ذلك‪ ،‬وافـتخـر بها‪ ،‬وسأسـعى لتصحيح أخـطـايئ‪ ،‬والعمل عىل تقوية مهارايت‬
‫وقدرايت‪ ،‬وسأكـرس الوقـت لالهـتـامم بها بـعـون الله‪ ،‬ولن أتـنـازل عن حـقي‪ ،‬فأنا أستحـق األفضل واألجمل والرائع يف هذه‬
‫الحـيـاة‪ ،‬إنني أحـب نفـيس‪ ،‬ألن الله يحـبني‪ ،‬إنني أحـب نـفـيس‪ ،‬ألين فع ًال أنا نفيس‪ ،‬فإن مل أحـبـها وأهـتـم بها‪ ،‬فمن سيفعـل ؟‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫حـيـاتـك تـحـتـاج مـسـؤولـيـتـك عـنـهـا‪ ،‬ومـسـئـولـيـتـك تـحــتـاج حــبـك‬
‫لـنـفـسـك‪ ،‬وحــبـك لـنـفـسـك يحـتـاجـك أنـت‪ ،‬فـهـل أنـت مـسـتـعــد؟‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪18‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫واحة طور حياتك‬ ‫ـ‬

‫للناجحني سامت سبـع‪ ..‬فهم أشخاص لديهم يف املقام األول نظرة إيجابية «فهم يعتقدون أن الشمس سترشق‬
‫من جديد يوما ما»‪ ،‬الناجحـون أشخـاص لهم نظـرة واقعـية ألنفسهـم‪ ،‬ولكنهم يف الوقت ذاته ميكنهم وبوجه‬
‫عام أن يحتفظوا مبستوى مرتفع من احرتامهم للذات «الناجحـون برش»‪ ،‬الناجحـون يأخذون مسئولية أنفسهم‬
‫ومسئولية حياتهم عىل عاتقهم‪ ،‬ورغـم أنهـم قد يكونـون مدركـني أنهم مل يتسببـوا شخصيا يف بعض العقبات‬
‫واملشكالت التي تواجههم‪ ،‬إال أنهم يفرتضون أن واجبهم أن يبدءوا ويرشفوا بأنفسهم عىل شفائهم وسعادتهم‬
‫ورفاهيتهم «الناجحـون صخور ميكنك االعتامد عليها»‪ ،‬الناجحون هم نوعية األشخاص الذين ميكنك االعتامد‬
‫عليهم إليجـاد طـرق جـديـدة للمشكـالت التي تبـدو يف ظاهـرها مستحـيلـة «الناجحـون مفكرون ومبـدعـون‬
‫ومبتكرون»‪ ،‬الناجحون أشخاص متعددو املهارات‪ ،‬وكثريا ما يؤدي تحدي عقبة ما إىل ظـهور جـانب آخـر‬
‫مفـيـد لهـم قـد ال يكـون ظـهـر من قـبل قـط «الناجحـون هم أصحـاب الصنـائـع السبع وأساتذة العقـبـات»‪،‬‬
‫الناجحـون ليسوا باألشخـاص الذين ينجحـون يف األوقات العصـيبـة رغـم قلـة الكـفـاءة والتنظـيـم فهـم منظمـون‬
‫نظاما جيدا‪ ،‬وقادرون عىل أداء العمل بكفاءة وسط الفوىض التي تزرعها العقبات «الناجحون ليسوا باملتلعثمني‬
‫املرتبكني‪ ،‬إنهم يتمـيزون بالكـفـاءة»‪ ،‬الناجحـون يتسـمون بالحـسم واإلرصار‪ ،‬فمتى اتخـذوا قرارا بامليض قدما‪،‬‬
‫فاعلم أنهم سيمضون قدما‪ ،‬وهم قادرون عىل ذلك «الناجحون لهم عناد الثور متى أرادوا ذلك»‪ .‬جيل لندنفيلد‬

‫(كريستوفر ريف ‪ )1952‬ولد كريستوفر يف الواليات املتحدة وصار نجم‬ ‫ُسـئل أحد الحكامء عام تعلمه من الحياة‪ ،‬فأجاب ‪:‬تعلمت أن املتسلق‬
‫أفالم عامل ًيا يف دور سوبـر مان ورغم أن حياة الطفولة لديه مل تكن حياة‬ ‫الجيد يركز عىل هدفـه وال ينظر إىل األسفـل‪ ،‬حيث أن املخاطر تشتت‬
‫حرمان اقتصادي إال أنها كانت مليئة باالضطرابات العاطفـيـة‪ ...‬عندما‬ ‫الـذات‪ ،‬تـعـلـمت أن الـفـشـل ال يعـتـرب اســوأ يشء يف هـذا الـعــامل‪،‬‬
‫كان شا ًبا بال ًغا فقد اثـنـني من أصدقائـه املقـربني يف حادثتـني رياضـيتني‬ ‫إمنا الفشـل األعظم هو أن ال نجرب‪ ،‬تعلمت أنه ال يتم تحقيق أي يشء‬
‫وهو نفسـه تعـرض للعـديـد من التصـادمـات‪ .‬وعنـدما تعـرض لحادث‬ ‫عظيم يف هذه الحيـاة من دون حامسة‪ ،‬تعلمت أن كل االكتشافات‬
‫خطري تركه مشلو ًال وقال مبارشة‪« :‬سأكـون عىل ما يرام‪ ،‬كل يشء حسن‪،‬‬ ‫واالخـرتاعـات التي نشهدهـا يف الحارض‪ ،‬تم الحكم عليها قبل اكتشافها‬
‫لقد نجـوت من الكـثري من املـواقف الصعـبـة من قـبل بدن ًيا وعاطف ًيا»‪.‬‬ ‫أو اخـرتاعها بأنها مستحـيلة‪ ،‬وتعـلـمـت أن األمس هو شيك تم سحبه‪،‬‬
‫ورغم العقبات الكثرية وفرتات القنوط الشديد وعدم الثـقـة يف النفـس‬ ‫والغـد هو شيـك مؤجـل‪ ،‬أما الحـارض فهو السيولة الوحـيـدة املتوفرة‪،‬‬
‫خالل سنوات ثالث ماضـيـة؛ فإنه يثـبت لنفـسـه أنه عىل حـق بصورة‬ ‫لذا فإنه علينا أن نرصفـه بحـكـمـة‪ ،‬وتعلمـت أن الذين لديهم الجـرأة‬
‫مذهلة‪ .‬ورغـم أنه غري قادر عىل الحركة أو التنفس بنفسه؛ فإنه كتب‬ ‫عىل مواجهة الفشل‪ ،‬هم الذين يقهرون الصعـاب وينجحون‪ ،‬وتعلمت‬
‫كتا ًبا رائ ًعا وأخرج فيلماً وألقى محارضات ملهمة وأذاع حلقات باإلذاعة‬ ‫أن املـعــرفــة مل تـعــد قــوة يف عصـر السـرعـة واإلنـرتنت والكمبيـوتـر‪،‬‬
‫والتليفزيون ال حرص لها وجمع تربعات ضخمة للمعاقني مثله؛ ولكنهم‬ ‫إمنا تطبيـق املعرفة هو القـوة‪ ،‬وتعلمـت أن الفاشلني يدعون أن النجاح‬
‫محرومون‪ ،‬وقام بنفسه بتشجيـع الكـثري من األفراد الذين يعانون‪.‬‬ ‫هو مجـرد عمـلـيـة حـظ‪ ،‬وتعـلـمت أن التنـافـس مع الذات هو أفضل‬
‫كام كان مسئو ًال عن التسارع الرهيب لعجـلة األبحـاث يف الجراحة‬ ‫تنافس يف العامل‪ ،‬وكـلام تنافـس اإلنسـان مع نفسه كـلام ازداد تطـورا‪،‬‬
‫الفقرية للدرجة التي تقدمـت إليها اآلن حتى إنه قد يشفى بدن ًيا‪.‬‬ ‫بحـيث ال يكون اليوم كام كان باألمـس‪ ،‬وال يكـون غـداً كام هو اليوم‪.‬‬

‫• إذا مل تكن الحياة تسري كام ترغب‪ ،‬فرمبا أنها تطلب منك التخيل‬ ‫أوجـد طـريقك يف الحـياة‪ ..‬إنك الفنان الذي يستطيع بريشته أن يرسم‬
‫عـن يشء ما‪ ،‬رمبـا أنـهـا تـطـلـب مـنـك التخـيل عـن بـعـض أفـكـارك‬ ‫حياتك‪ ..‬إنك عمل يتقدم باستمرار‪ ..‬إن البحث هو هدفك أيضا‪ ..‬وإن‬
‫أو اعتقاداتك أو ادراكاتك أو عـاداتـك أو مخـاوفـك التي تعيقك‪ ،‬لن‬ ‫هـويتـك سـوف تتضـح من خـالل بحـثك عن ذلك الهـدف‪ ..‬إن عملك‬
‫تحـــدث طـفــرات جـديـــدة يف حـياتـك طـاملا أنـك تتمـسـك بأشيـائـك‬ ‫أن تجد عملك دامئا‪ ..‬إن إميانـك بـذاتـك يصـبح حـياتك‪ ..‬ترصف وفقـا‬
‫الـقـدميـة‪ ،‬إن األمل هـو إشــارة تـدعـــوك إيل التـخــيل عــن يشء مـا يف‬ ‫ملا تــراه صوابـا‪ ،‬أما باقي األشـيـاء فسوف تتـوىل أمـر العـنايـة بنفسهـا‪..‬‬
‫حياتك‪ ،‬وإفساح ذهنك وقلبك لتجـربــة يشء جــديــــد‪ .‬روبرت هولدن‬ ‫أوجـد شـيئـا متنحه للعامل وال تستقر سوى عىل األشياء التي تحمل بني‬
‫• من املهم أن نتعلم أن نكون عطوفني عيل أنفسنا‪ ،‬ونتعلم أن نحرتم ذواتنا‪،‬‬ ‫طياتها معنى ذلك‪ ..‬ال تحاول أن تجعل من كل يشء أمرا ممكناً‪ ..‬ليكن‬
‫والسبب يف أهمـية ذلك أننا عنـدما نبحـث داخـل قلوبنـا فإننـا ال نتـعـرف‬ ‫لك هدف واحد وسوف تتعلـم منـه كل يشء‪ ..‬إنك دامئا تحـيا الحـيـاة‬
‫عيل أنفسنا فقط‪ ..‬إننا أيضا نتعرف عيل العامل من حـولنا‪ .‬آن بيام كودرون‬ ‫التي تبتكرها‪ ..‬وإن مل تكن حـياتك تبدو يف مسار صحيـح‪ ،‬ابتكـر شيئـا‬
‫• الـصـالحـــون‪ ..‬هـم أنـــاس وقـعــوا يف أخـطـــاء وتعـلـمـوا كـيـف‬ ‫أفـضـل‪ ..‬إن عـمـلك هو الطـريـق‪ ..‬إن حـبـك هو الطـريـق‪ ..‬إن ماضـيك‬
‫يتـوبـون عـنهـا ويسـتـمـرون يف حـيـاتـهـم‪ .‬روبرت لويس ستيفنسن‬ ‫هو الطريق‪ ..‬إن حــارضك هو الطريق‪ ..‬إنك الطريق‪ .‬ديفيد فيسكوت‬

‫طور حياتك‬
‫‪19‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫غـري حـياتـك‬

‫فن احتواء النقد‬


‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬محمود الحوسني ـ اإلمارات‬

‫يعاين الكثري من الناس من مسألة تقبل النـقـد أو رفـضـه فال يعلمون متى يقبلونه ومتى يردونه بكل قسوة حتى أن الكثري منا أصبح‬
‫يخىش أن يقول كلمة لآلخر حتى ال يغضـب وال يفهم بطريقة خاطـئة وأصبح التناصح بني االصدقاء صعب وعسري لدى البعض وقد‬
‫أكون أحد ضحايا النصيحة ألننـي ال أقـبل أن أكون متـفـرجـا عنـدما أجـد الخـطأ حيث البد أن أنصح اآلخرين ألن الخطأ ليس بعيب‬
‫ولكـن تكـراره هو املصـيبة التي تدمر املؤسسات وتدمر املجتمعات‪ .‬ونقول لكل شخص ال يريد أن يتقبل النقد مقولة ألربت هابارد‬
‫“يك تتجنب النقد ال تعمل شيئا‪ ،‬وال تقل شيئا‪ ،‬وال تكن شيئا”‪ ،‬بإمكاننا احتواء النقد من خالل عدة أمور قد أقولها ويكررها اآلخرين‬
‫وتختلف من شخص آلخر عىل حسب العالقـة وحـسب املوقف ومن أهمها أن أطبق الكالم عىل نفيس وأن يبدأ كل شخص مع نفسه‬
‫فكيف أحدث الناس عن النقـد وال أقـبله عىل نفـيس وأرفض أي وجـهـة نظـر تخـالفـني وهذا املوضـوع صـعـب ولكـن ليـس مبستحـيـل‪.‬‬
‫ـ االتفاق عىل الخـطأ والتقصـري من أهم تقنيات احتواء النقد فعندما يخربين أحد ما عن خطأ أمارسه يف العمل فعيل قبل أن أبرر أو‬
‫أرفض هذا النقد أن أفكر يف املالحظة وأدقـق بها جـيدا فاآلخـريـن قد يكونون عىل حق‪ ،‬وبعض الناس لو أجمع الناس كلهم عىل أنه‬
‫مخطئ وأنه ميارس العمل بشكل خاطئ لقال أنهم كاذبني وال يفهمـون يشء فـرأيـه يف نـفـسـه هو األسـاس وباقـي اآلراء ال تعنـي شـيـئـا‪.‬‬
‫ـ عـدم مبـادلـة النـقـد بنـقـد آخــر مـن األمــور األســاسـيــة التي تجــعـلـنـا نـتـعـامــل مع النـقـد كمــوضــوع للـبـنـاء ولـكـن‬
‫عنـدمـا يـصـبـح مـقـايـضـة كل شخـص يـريـد أن يخـرب اآلخـر أنـه مخـطـئ فهنا خرجنا عن املوضوع وال داع للتكملة فاألصل يف‬
‫النقد هو التصحيح والبناء وعندما يصبح هناك حلبة للنقاش كل واحد يبحث عن نقاط الضـعـف لدى اآلخـر هنا نـكـون قـد أضـعـنا‬
‫هـدف النـقـد وأصـبـحـنـا من الـغـوغـاء الـذيـن يبـحـثـون عن كـرثة الـقـيـل والـقـال وإضـاعـة األوقـات يف النـقـاشـات العـقـيـمـة‪.‬‬
‫ـ االعـرتاف بالحـق فضــيـلـة فعـنـدما متايش النـاقــد وتـتـفق معـه وتخـربه عن الخـلل الحـاصـل تجربه عىل تخفيف العبء والرفق بك‬
‫فامذا يفعل بشخص يتفق معه ويناقـش الخـلل ليصلحــه هنا نستطيـع أن نقول أن الهـدف تحقق وال داع للتكملة فقبل أيام جاءين‬
‫أحد األشخاص ليخربين أن هناك مقاال من املقاالت التي أنرشها قـد احـتـوى عىل نـقـاط مكـرر وحـشـو ال فائـدة منه وعندما فتحت‬
‫عىل املـقـال وجـدت كـالمـه صحيـحـا وكـنـت أالحـظ بعـض العـيــوب يف هذا املقال فأخـربتـه أننــي أوافـقـه وبحـثت عن الخـلل‬
‫فـسـرعـان ما تـغـريت نـربتـه وأصـبـح يـدافـع عن باقـي املـقـال ويخـربين أنها مالحـظــة بسـيـطــة قـد ال تـخـدش املـقـال بـيشء‪.‬‬
‫ـ تنـاول النـقــد بالـهـدوء والطمـأنـيـنـة ميـنـح الشـخـص اآلخــر نـظــرة احـتـرام وتـقـديــر حـيـــث أن االهـتـــزاز والـزلـــزال الـذي‬
‫يحـل بنـا عنـدما ينتقدنا اآلخرين قد يزلزل مكـانـتـنـا أيضـا فكـم هو جـمـيـل أن نبتسـم ونقـول ملن ينقـدنـا أنه منحـنا فائـدة‬
‫وأضـاف لنا الكـثري ونشكـره عىل حـرصه بـل من املهم أن نكون جادين يف تصحيـح الخـطأ ومحـاولـة تجـنب تكـرار تلك املالحـظـات‬
‫حتى نصـل إىل ثـقـافـة الـتـنـاصـح واظـهـار األخــطـاء بـهــدوء دون الـدخــول يف مـتـاهــة الـعــنـف الحــواري والـنـقـاش العـقـيـم‪.‬‬
‫ـ الرتكيز عىل املشكـلة وعىل الكالم دون البحث يف تاريـخ القـائـل واملتحـدث فعندما يخـربين شخص ما عن عيب فيني ويف عميل فال داع ألن‬
‫أبحث يف تاريخ ذلك الشخص وأن أحلل كل ما أكله ورشبه منذ أن فطمته أمه ألقول له يف نهاية الحديث أن يذهب لعالج أخطائه قبل أعالج‬
‫أخطايئ واألفضل من ذلك كله أن أركز عىل خطئي وفعيل وأن أعده بالتصحيح وأن أشكره وقد استثمـر النصح يف موقف آخر ويوم آخر ‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫«إننا بعدم قبولنا للنقد لن نستطيع منع اآلخرين من توجيهه لنا إمنا نحرم أنفسنا فرصة االستفادة منه»‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪20‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫فعـّـل شبابك‬ ‫ـ‬

‫ماراثون الحياة‬
‫واملركـز األول‬
‫بقلم‪ /‬بشاير عزيز قبوري ـ السعودية‬

‫نحن يف هذه الحياة نلعب دور العدائني يف سباق املاراثون الختبار مدى قدرتنا عىل التحمل‪ ،‬حيث أننا يف ماراثون الحياة مجربين عىل‬
‫السري للوصول إىل نقطة النهاية سواء علمنا أم جهلنا بقواعد اللعبة‪.‬‬
‫فطالب الدراسة‪ ،‬ومعلم الطالب‪ ،‬ومربمج الحاسوب‪ ،‬وأب األوالد‪ ،‬وعامل امليكانيكا‪ ،‬ومحلل املختربات‪ ،‬ومرشد الناس‪ ،‬والداعي للخري‪ ،‬ومخرتع‬
‫األدوات‪ ،‬هؤالء وغريهم يسريون يف هذا املاراثون كل حسب ميدانه‪ ،‬فمن أدرك حقيقة قدراته وتحمل يف سبيل صقلها املتاعب و تعلم عن‬
‫ميدانه أكرث وأنجز أكرث وأفاد الناس أكرث واخرتع طرق أذىك وأبدع هو من قرر منهم الفوز والوصول للمركز األول‪ ،‬حيث أننا كام تقول األستاذة‬
‫نسيبة املطوع‪« :‬نعيش نتائج قراراتنا اللحظية فمن الحكمة أن نتخذ القرارات املناسبة لنتائج الحياة التي نريدها»‪ ،‬فمتى ما اتخذنا قرار‬
‫اللعب يف ماراثون الحياة عىل املركز األول فنحن نرسم شكل حياتنا فيام بعد كنتيجة إلصداره‪ ،‬فكان لزاما عىل اإلنسان العاقل الذي يرغب‬
‫يف الوصول أن يتخذ القرار فورا فالوقت كام قال براين ترييس من ذهب‪ ،‬فابحث باستمرار عن طرق لتفعل األشياء أرسع وأفضل‪ ،‬وقد قيل‪:‬‬
‫لنفيس حياة إال أن أتقدما‬ ‫تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد‬
‫فقـرار الوصـول للمركـز األول يعـني املداومـة عىل عـمـل شـاق له مـواصفـاتـه وأهـدافـه املرحليـة‪ ،‬وله خطة عمل اسرتاتيجية عليه‬
‫أن يؤديها بإتقان ممسكا بخريطته التي ترشده للوصـول بكـامـل قـوتـه حـتى ال تفلـت منه يف لحـظـة ضعـف وسقـوط‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬
‫عند الصعاب أال فلتشحذ الهمم‬ ‫لن يدرك املجد من خارت عزامئه‬
‫يقول ابن القيم رحمه الله‪« :‬فالعبد سائر ال واقف فإما إىل فوق أو إىل أسفل إما إىل األمام أو إىل الوراء‪ ،‬وليس يف الطبيعة أو الرشيعة‬
‫وقوف البتة‪ ،‬وما هي إال مراحل تطوى أرسع طي إىل الجنة أو النار‪ ،‬فمرسع ومبطئ ومتقدم ومتأخر وليس يف الطريق واقف البتة‪ ،‬وإمنا‬
‫يتخلفون يف جهة السري ويف الرسعة والبطء‪ ،‬يقول الله تعاىل‪ِ « :‬ل َمن َشاء ِم ُنك ْم أَن َي َت َق َّد َم أَ ْو َيت ََأ َّخ َر» (املدثر‪ ،)37‬إذ ال منزل بني الجنة والنار‬
‫وال طريـق سـالك إىل غري الداريـن‪ ،‬فمن مل يتقـدم إىل هذه باألعمـال الصالحة فهو متأخر إىل تلك باألعامل السيئة» انتهى كالمه رحمه الله ‪.‬‬
‫وإليك بعض الخطوات لالنطالق برتكيز وفاعلية من كتاب اإلنجاز الشخيص‪:‬‬

‫تحتاج أن تتعلمه لتح‬ ‫أنه ميكنك أن تتعلم أي يشء‬ ‫أولها‪:‬‬


‫قق أي هدف تحدده لنفسك‪.‬‬
‫فعل ما ميكنك مبا متتلكه حيثام تكون» لنصيحة عظيمة‪.‬‬
‫نصيحة روزفيلت‪« :‬ا‬ ‫ثانيها‪:‬‬
‫وتفعل أكرث ألنك تستطيع تغيري ما أنت عليه‪.‬‬
‫أنك تستطيع أن متتلك أكرث‪ ،‬وتكون أكرث‬ ‫ثالثها‪:‬‬
‫بالفعل أول الفضائل ألن عليها تعتمد كل الفضائل األخرى‪.‬‬
‫جاعة‬ ‫رابعها‪:‬‬ ‫قولة ترششل‪ :‬تعترب الش‬

‫خامسها‪ :‬أن االتجاه العميل واالستعداد للتحرك برسعة عندما تسنح الفرصة سمتان أساسيتان للنجاح يف كل املجاالت‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪21‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫حياتك أحلى‬

‫اتــرك أثــرا‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬محمود القلعاوي ـ مرص‬

‫ملاذا ال تجتهد يف أن ترتك أثرا؟!‪ ..‬أثراً يف بيتك‪ ،‬يف عملك‪ ،‬يف ح ِّيك‪ ،‬يف أقاربك‪ ،‬يف أصحابك‪ ،‬يف املسجد الذي تصيل فيه‪ ،‬يف كل مكان تتواجد فيه‪..‬‬
‫ترك األثر سيدي فكرة البد أن تستحوذ عىل تفكرينا‪ ..‬ملاذا نتباهى بأننا نأخذ الصور التذكارية مع الناجحـني أصحاب األثر وال نفكر يف أن نكون‬
‫منهم؟! ملاذا تريد ممن حولك أن يقدمـوا لك كل ما بوسعهـم يف حني تبخـل أنت بذلك؟!‪ ..‬اإلنسان سيـدي الكريم ال يشعـر بذاتـه وكـيانه إال‬
‫إذا أحس أن له أثرا يف الحياة مهام ضـؤل‪ ..‬أما هؤالء الذين يعـيشون يف زاوية مظلمـة ال يقدمـون شيئـا مهام كان صغرياً فهم يف حكم األموات‪.‬‬

‫يقـول الشيـخ «محمد صالح املنجد» عن تـرك املسلـم أثــرا فيـمـن حـولــه‪ ( :‬من أعـظـم األعمـال أجـرا‪ ،‬وأكـرثها مرضـاة لله التي يتعـدى‬
‫نفعهـا إىل اآلخرين‪ ،‬وذلك ألن نفعـها وأجـرهـا وثواﺑﻬا ال يقترص عىل العامل وحـده‪ ،‬بل ميتد إىل غريه من الناس‪ ،‬حتى الحيوان‪ ،‬فيكون النفع‬
‫عاما للجـميع)‪ ،‬ومن أعظـم األعـامل الصالحة نفعا‪ ،‬تلك التي يأتـيك أجرها وأنت يف قربك وحيدا فريدا‪ ،‬ولذا يجدر باملسلم أن يسعى جاهدا‬
‫لرتك أثر قبل رحيله من هذه الدنيا ينتفع به الناس من بعده‪ ،‬وينتـفـع به هو يف قربه وآخرته وصدق الله العظيم‪ ( :‬وما تقدموا ألنفسكم‬
‫من خري تجدُ و ُه ِع ْن َد ال َّل ِه هُ َو خري وأع َ‬
‫ْظم َ ْأج ًرا ) (سورة املزمل‪.)20:‬‬

‫فهذا «عمر بن الخطاب» ريض الله عنه ملا وىل الخـالفـة خـرج يتحـسس أخـبار املسلمـني‪ ،‬فوجـد أرمـلـة وأيتامـاً عندها يبكون‪ ،‬من شدة الجوع‪،‬‬
‫فلـم يلـبـث أن قـصـد بيـت مال املسـلـمـني‪ ،‬فحـمـل طعـامـا عىل ظـهـره وانـطلـق فأنـضـج لـهـم طعـامهـم‪ ،‬فام زال بهم حـتى أكـلوا وضحـكــوا‪.‬‬
‫وهذا «عيل بن الحسني» ريض الله عنهم‪ ،‬جاء عنه يف سـِري أعالم النبالء أنه‪ ( :‬كان يحمل الخبز بالليل عىل ظهره يتبع به املساكني يف الظلمة‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫إن الصدقة يف سواد الليل تطفئ غضب الرب‪ ،‬وذكر محمد بن إسحاق‪ :‬كان ناس من أهل املدينة يعيشون‪ ،‬ال يدرون من أين كان معاشهم‪ ،‬فلام مات‬
‫عيل بن الحسني‪ ،‬فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل‪ ،‬فلام مات عيل بن الحسني‪ ،‬وجـدوا بظهره أثرا مام كان ينقل الجرب بالليل إىل منازل األرامل)‪.‬‬

‫وأيضا هذا املعاق السويدي الذي ترك أثرا رغـم أنه ال يتحـرك وال يتـكلـم‪ ،‬فقد أسلم عىل يده العـديـد من السويديني وأثـر يف الكـثري منهم‪،‬‬
‫قد تسأل وكيف ذلك؟!‪ ..‬أقول لك‪ :‬كانت الحكومة السويدية تضـع له من يخدمه وكان يتغري كل فرتة‪ ,‬ومبا أن هذا املعاق ال يتحرك وال يتكلم‬
‫فقد وضعوا أمامه لوحة كبرية فيها مربعات صغرية‪ ،‬وكل مربع مكتوب فيه كتابة معينة‪ ،‬فمثال‪ ( :‬أريد طعاما‪ ،‬شكرا‪ ،‬اتصل بصديقي‪ ..‬وغريها)‬
‫ووضعوا عىل رأسه مثل القبعـة فيها عود طويـل يشـبه القلم لكـن أطـول‪ ،‬وإذا أراد شيئا أشار بهذا العود عىل الكلامت التي يريد‪ ،‬وكان هذا‬
‫الشخــص إذا جــاءه يف بيتـه من يخـدمـه وهم يف الـغـالـب غري مسلـمـني‪ ،‬يطلب منهـم من خــالل هذه املـربـعـات أن يتصـلـوا له بصديـقـه‬
‫ــ ويكون بينه وبني صديقه تنسيق ــ فيقوم املوظف باالتصال عىل صديـق املعاق‪ ،‬فـريد الصديـق‪ :‬نعم! فيقول هذا املعاق اسأله ما هو اإلسالم؟‬
‫مبارشة الخادم يقول‪ :‬صديقك يسألك عن اإلسالم‪ ..‬فريد اآلخر‪ :‬اإلسالم أن تعبد الله وحده ال رشيـك له‪ ..‬إلخ‪ ،‬ثم يتكلم الخادم مع املعاق ويعيد‬
‫عليه ما قاله صديقة عن اإلسالم‪ ،‬هذا املعاق طبعا يعرف هذا الكالم عن اإلسالم لكن يريد أن يعلم الخادم بطريقة غري مبارشة‪ ..‬ثم يطلب منه‬
‫أن يسأله عن الفرق بني اإلسالم والنرصانية؟ وما عاقبة املسلم وما عاقبـة الكـافر وهكذا‪ ..‬ملدة نصف ساعـة يومـيـا‪ ..‬وإذا انتهـى دوام املوظف‬
‫طلب منه املعاق إن يفتح الدرج ويأخذ معه كتاب عن اإلسالم‪ ..‬انظر إىل الهمة كيف ترك له بصمة وأثر يدل عىل وجوده يف هذه الحياة‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫إذا كـــنـت تـعـتـقـد أنـك ضـئـيـل جـدا لـدرجـة تجـعـلك عـاجــزا عـن أن يـكــون لك أي تـأثـــري‪،‬‬
‫فـجـــرب الــذهــاب إىل الـفــــراش‪ ،‬وهــنـاك بعــوضـــة يف الـغــرفــة‪ .‬أنيـتـا روديـك‬

‫طور حياتك‬
‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪22 2010‬‬
‫من مطبخ حياتي‬ ‫ـ‬

‫كلنا يـجب أن‬


‫نكون قادة‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬هاين باحويرث ـ بريطانيا‬
‫متخصص يف القيادة واالستشارات الرتبوية‬

‫هدئ من روعك‪ ..‬ال يوجد يشء يف الحياة باإلجبار من دون خيار‪ ..‬نعم كلنا يجب أن نكون قادة‪ ،‬بدال من تسليم مسئوليتنا وقوتنا‬
‫يف حياتنا لقادة من الخارج‪ ،‬ونعلق اآلمال عليهم‪ ،‬وننتظرهـم لنعمل تحـت إداراتهـم وقيادتهـم‪ ،‬جـاء الوقـت لنعلم أنه ليس املدراء‬
‫فقط هم املعنيون بتعلم مهارات القيادة وإمنا حتى األشخاص الذيـن ليـس لهم مطامع قياديـة‪ .‬فنحـن نحـتاج أن نعمل من أجل‬
‫تطـويـر املهـارات والصفـات القياديـة الخـاصـة بنا للحـصـول عىل أجـمـل ما بـداخـلنـا من طاقـات وقــدرات‪ .‬أراك تتـسـاءل ملاذا؟!‬
‫فأنا ال أرغـب أن أكـون مـديـرا أو حـتـى قائـدا‪ ،‬ملاذا كـلنا يجـب أن نكـون قادة؟ ماذا لو علـمـت أن كل شخـص منا مارس أو ميارس‬
‫أو سوف ميارس دورا قياديا يوما ما أو يف مرحلة ما أو يف مجال من مجاالت حياته؟ قد تجد أنك مضطرا أن تقود نفسك بوضع هدف‬
‫لها والتـأثـري عليها واإلرشاف عىل الخـطـة املوضـوعـة حتى تصل إىل ما تريـده تارة بالتحـفيـز وتارة بالتخـطيط إلخ‪ .‬أو قد تجد نفسك‬
‫يوما ما مضطرا أيضا لقيادة فريق إلنجاز مهـمـة‪ ،‬أو مجـمـوعـة من الشـباب لعـمل رحـلة‪ ،‬أو صـديـق لتشاركـه عمل تطوعي‪ .‬أو عندما‬
‫تنظر إىل أدوارك اليومية سوف تجد نفسـك قائـدا إما يف منـزلك أو عـمـلك أو وسـط أصـدقائك أو حتى عرب النت يف منتدى أو موقع ما‪.‬‬

‫هناك أوقـات كـثرية يف حياتنـا نحـتاج أن نقودهـا بأنفسنـا ال أن نقـاد بغـرينا‪ ،‬مل يوجـد بعد القائد الذي يستطيع أن يعرفك أكرث‬
‫منك‪ ،‬ال تتخـيل أن يأيت شخـص ما ويعـيش معك ليقـودك يف كل مراحـل حـياتـك‪ ،‬الشخـص الوحـيد الذي يجب أن يحرص عىل‬
‫وضع هدف لحياته هو‪ ..‬أنت‪ ،‬الشخص الوحـيد الذي يجـب أن يتابـع ذلك الهدف هو‪ ..‬أنــــت‪ ،‬الشخص الوحــيد الذي يجب أن‬
‫يحفزك ويشجعك ويحاورك بإيجابية هو‪ ..‬أنت‪ .‬صدقني الناس مشغولون مبا يبنـون‪ ،‬فكم أعرف من الشباب الذين زهدوا يف تعلم‬
‫بعض املهارات القيادية وعندما وجــدوا أنفسهم مجــربين عىل أن يخططـوا لرحـلة أرسية أو ينفـذوا عمـال شبابيا أو مؤسسيا‬
‫فقدوا السيطرة‪ ،‬حينها علموا أن املهارات القيادية هي من أهم املهارات التي ينبغـي اتقـانها سواء (تطمح أن تكون مديرا أو‬
‫حتى موظفا عاديا)‪ ،‬نحن هنا لنقود أنفسنا للخـري‪ ،‬وإن استطـعـنـا قـيـادة اآلخـريـن للخــري معـنـا فـقـد أصـبـنـا الخـرييـن مـعــا‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬

‫ميكن أن تصبـح جديـرا بقيـادة نفسـك‪ ،‬إال إذا أصبحت جديـرا بقيـادة حياتـك‪.‬‬ ‫ال‬

‫طور حياتك‬
‫‪23‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫قـالـــــــــــــــــــوا‬ ‫ـ‬

‫من أقوال الداعية األديب‬


‫محمد الغـزالي‬
‫(الجزء األول)‬

‫ال تعلق بناء حياتك عىل أمنية يلدها الغيب‪ ،‬فهذا اإلرجاء لن يعود‬ ‫الرجـل العظـيم حـقـا كلام حلق ىف آفاق الكامل اتسع صدره وامتد‬
‫عـلـيـك بخـري‪ .‬الحـارض القـريب املاثـل بني يديـك‪ ،‬ونفسـك التي بني‬ ‫حـلمـه‪ ،‬وعـذر الناس من أنفسـهـم‪ ،‬وألتمـس املربرات ألغالطهم‪،‬‬
‫جنبيك‪ ،‬والظروف الباسمة أو الكالحـة التي تلـتـف حـوالـيـك‪ ،‬وحـدها‬ ‫فإذا عـدا علـيـه غـر يريــد تجـريحـه نظر إليه من قمتـه كام ينظـر‬
‫الداعــم التي يتـمـخـضعنها مستـقـبـلك‪ ،‬فال مـكــان إلبطـاء أو انتـظار‪.‬‬ ‫الفـيـلسـوفإىلصـبيـانيعـبـثــونيفالطـريـقوقـديرمـونـهبالحجـار‪.‬‬

‫إن أكـرثنـا يتـربم بالظـروف التي تحـيط به‪ ،‬وقد يضاعـف ما فيها من نقـص‬ ‫أتدري كيف يُرسق عمر املرء منه؟ يذهل عن يومـه يف ارتقاب غده‪ ،‬وال‬
‫وحرمان ونكد‪ ،‬مع أن املتاعب واآلالم هي الرتبة التي تنبت فيها بذور‬ ‫يزال كذلك حـتى ينـقـيض أجـله ويـده صفـر من كل خـري‪ .‬إننا نتعلم بعد‬
‫الرجولة‪ ،‬وما تفتقت مواهب العظامء إال وسط ركام من املشقات والجهود‪.‬‬ ‫فوات األوان أن قيمة الحـياة يف أن نحياها‪ ،‬نحيا كل يوم منها وكل ساعة‪.‬‬

‫من طبيعـة اإلميان أنه إذا تـغـلـغـل واستمـكـن‪ ،‬أنه يضفـي عىل صاحـبـه‬ ‫مـن الخـطـأ أن تحـسـب رأس مالك هو ما اجــتـمـع لـديـك من ذهــب‬
‫قوة تنطبع يف سلوكـه كله‪ ،‬فإذا تكـلم كان واثـقـا من قـولـه‪ ،‬وإذا اشتغل‬ ‫وفضة!! إن رأس مالك األصـيل جملة املواهب التي سلحك الله بها من‬
‫كان راسخا يف عمله‪ ،‬وإذا اتجه كان واضحـا يف هدفـه‪ ،‬وما دام مطمئننا‬ ‫ذكاء وقـدرة وحـريـة‪ ،‬ويف طليعـة املواهـب التي تحـىص عليـك‪ ،‬وتعـتـرب‬
‫إىل الفكرة التي متأل عقله وإىل العاطفة التي تغمـر قلبه‪ ،‬فقلام يعرف‬ ‫من العـنارص األصـيلة يف ثروة ما أنعم الله به عليك من صحة سابغة‪،‬‬
‫الرتدد سبيال إىل نفسه‪ ،‬وقلام تزحزحه العواصف العاتيـة عن موقفه‪.‬‬ ‫وعافية تتألق من رأسك إىل قدمـيك‪ ،‬وتتأنق بها يف الحياة كيف تشاء‪.‬‬

‫العاقل يسمع ما يقوله أعداؤه عنه‪ ،‬فإذا كان باط ًال أهمله‬ ‫إن الرجـل القـوي يجـب أن يـدع أمـر الناس جانبا‪ ،‬وأن يندفع‬
‫فــوراً ومل يــأس لـه‪ ،‬وإن كـان غـري ذلك تـــروى يف طــريــق‬ ‫بقواه الخاصة شاقا طريقه إىل غايتـه‪ ،‬واضعـا يف حـسابـه أن‬
‫اإلفادة منه‪ ،‬فإن أعـداء اإلنسـان يفـتشـون بدقـة يف مسالكه‪،‬‬ ‫النـاس عليـه ال له‪ ،‬وأنهـم أعـبـاء ال أعـوان‪ ،‬وإذا نالـه جـرح أو‬
‫وقـد يـقـفـون عىل ما نغـفــل نحـن عـنه من أمـس شئـوننـا‪.‬‬ ‫مسه إعياء فليكـتم أمله عنهـم وال ينتظـر خـريا من بثـهـم أحـزانـه‪.‬‬

‫ال شك أن اإلنسـان يحـزنـه أن يتهجـم عىل شخصه أو عىل من يحب‪،‬‬ ‫ليس الزهد هو الجهل بالحياة وهجـر أسبـاب العمل‪ ،‬وقصور الباع‬
‫وإذا واتته أسباب الثأر سارع إىل مجـازاة السيئـة مبثـلها‪ ،‬وال يـقـر له‬ ‫ـرف‪ ،‬وتـرك زينـة الدنيـا عجـزاً عن بلوغها أو بالدة‬ ‫الح ِ‬‫يف مخـتـلف ِ‬
‫قرار إال إذا أدخل من الضيق عىل غرميه بقدر ما شعر به هو نفسه‬ ‫عن تذوق الجـامل الذي أودعـه الله فيها‪ .‬ورب نبي استمـتـع باملال‬
‫من أمل‪ .‬ولكـن هـنالك مسـلك أنبـل من ذلك‪ ،‬وأريض لله‪ ،‬وأدل عـىل‬ ‫والبنـني‪ ،‬وهو مع ذلك من الزاهـديـن! ورب مجــرم عاش يشـتـهـي‬
‫العظمة واملـروءة‪ ،‬أن يبتـلـع غـضـبـه فال ينفـجـر‪ ،‬وأن يقبـض يـده‬ ‫ويتـلـمـظ‪ ،‬فمــا كـان فـقـره رفـعـــة لشـأنـه‪ ،‬وال زيــادة يف حـسنـاتـه‪..‬‬
‫فال يقـتص‪ ،‬وأن يجـعـل عـفـوه عـن املسـيئ نوعـا من شـكـر الله‪.‬‬ ‫إن الزهـد أال تبيـع مثلك العليا مبلك الدنيا إذا خريت بني هذا وذاك ‪.‬‬

‫ال تجــعـــل غـيـــوم املــــايض تـغـطــــي شــمــــس الحــاضــر‪.‬‬ ‫الـفـقـــرفـقـــرأخــــالقومـواهــــبالفـقـــرأرزاقوإمكـانـيــات‪.‬‬

‫طور حياتك‬
‫‪24‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫الـعـلــم يـتـحــدث‬ ‫ـ‬
‫ـ‬

‫زيادة عدد األصدقاء‬


‫سر طول العمر‬
‫بقلم‪ /‬م‪ .‬عبد الدائم الكحيل ـ سوريا‬

‫يـوفـر الـدعـم االجــتـمـاعـي من جـــهــة‪ ،‬واإلرشــاد‪ ،‬واملســاعـدة املـاديـــة‪،‬‬ ‫لقد كـانـت الرهبانـيـة منتـرشة قـبل اإلسـالم ويظـنـون أنهـا يشء حـسـن‪،‬‬
‫ألن العالقة مستمدة من الثقة املتبادلة بني الطـرفني‪ ،‬إضافة إىل ذلك فإن الروابـط‬ ‫ولكـن النبـي الكـريـم صـىل الله علـيــه وسـلم نـهـى عـن االنـعـزال فـقـال‪:‬‬
‫املشرتكةبنياألصدقـاءتجـعـلهميقضـونوقتاًممتـعـاًحـتىيفاألوقـاتالـعـصـيبة‪.‬‬ ‫(ال رهبانية يف اإلسالم) وأمر بالصحـبة الصالحة ور َّغب بالجامعة‪ ،‬حتى إنه‬
‫دراسات سابـقـة وجـدت أن رس طـول العـمـر هـو زيـادة عــدد األصـدقـاء‪،‬‬ ‫جـعـل ثـواب صـالة الجـمـاعـة أفـضـل من صـالة الفـرد بسبـع وعرشين درجة!‪.‬‬
‫وأن الحياة االجتامعية النشيطة تزيد من كفاءة جهاز املناعة‪ ،‬مام يكسب‬ ‫عندما جـاء العـرص الحـديـث وابتـعـد كـثري من الناس عن تعاليم هذا النبي‬
‫اإلنـسـان تـسـعـة أعـوام إضـافـيـة‪ .‬وأوضـح العـلـمـاء أيضـاً أن االيجابية يف‬ ‫الكريـم‪ ،‬ظـهـرت حـركـات ونظـريـات وأفكـار فلسفـية كـثرية‪ ،‬وكان منها أنهم‬
‫مواجـهة الهمـوم اليوميـة تزيـد من العـمـر‪ ،‬بواقـع سبعـة أعـوام ونصـف العام‪.‬‬ ‫عـزفـوا عن الصحـبة الصالحـة‪ ،‬حـتى إنهم تخـلـوا عن صحبة األبوين‪ ،‬لنجد دور‬
‫واآلن مـاذا عـن تعـاليـم هذا الديـن الحـنيـف؟‬ ‫العجـزةقدامـتـألتعنـدهمباملسـنـني‪...‬وأوالدهـماليأتـونإاليفاألعـيـادفـقـط!‬
‫‪ -1‬تؤكـد الدراسـات الحـديثـة عىل أهميـة العـالقـات االجـتامعية يف رفع نظام‬ ‫هذه النظرة الفلسفية بزعمهم تضمن لإلنسان الحـياة السعيدة‪ ،‬حيث إن اإلنسان‬
‫املناعـة والتمـتـع بصـحـة أفـضـل‪ ،‬وهنا نتـذكـر كـيـف أن أول عـمـل قـام به‬ ‫ح ّر فيام يصنع ولذلك نجدهم قد عزفوا عن الزواج واكـتفوا بالعالقات غري الرشعية‪...‬‬
‫النبي األعظم صىل الله عليه وسلم عندما هاجر إىل املدينة أنه آخى بني املهاجرين‬ ‫حتى بلغت نسبة األوالد غري الرشعيني يف أرقـى بلدان العـامل (السويـد) أكـرث من‬
‫واألنصـار‪ ،‬ولـذلك قال تـعـاىل‪َ ( :‬وأَ َّل َف َبينْ َ ُق ُلو ِب ِه ْم َل ْو أَ ْن َف ْق َت َما فيِ الأْ َ ْر ِض َج ِمي ًعا‬ ‫خمسني باملئة‪ ...‬أي نصـف املجـتمع غـري رشعـي‪ ،‬فامذا نرجـو من مجـتمـع كهذا!؟‬
‫َما أَ َّل ْف َت َبينْ َ ُق ُلو ِب ِه ْم َو َل ِكنَّ ال َّل َه أَ َّل َف َب ْي َنه ُْم إِ َّن ُه َع ِزي ٌز َحكِيمٌ ) [األنفال‪.]63 :‬‬ ‫ومع تطور علوم الطب وعلم النفس وتطور التكنولوجيا برزت أمراض جديدة‬
‫‪ -2‬إن أهـم صحـبة هي بالنسبـة للكبار‪ ،‬وتأملوا معي كيف أن القرآن مل يغفل‬ ‫عىل رأسها االكتئاب الذي يعاين منه أكرث من ‪ %10‬من املجتمع! بدأ العلامء‬
‫أهمية الصداقة والصحبة الحسنة بالنسبة لكبار السن‪ ،‬يقول تعاىل يأمرنا بحسن‬ ‫بإيجاد أسباب الوفاة املبكرة وأسباب اإلصابة باألمراض النفسية‪ ،‬وضمن هذه‬
‫اح ْب ُهماَ فيِ الدُّ ْن َيا َم ْع ُرو ًفا) [لقامن‪ .]15 :‬فإذا اتبع كل واحد‬ ‫صحـبة األبويـن‪( :‬وَصَ ِ‬ ‫التجارب ما قام به فريق بحثي حول أسباب طول العمر‪.‬‬
‫منا هذه القاعـدة الذهـبيـة (صحبة أبويه باملعروف) تـزول مشاكـل كبـار السـن‪.‬‬ ‫يقول الباحـثـون إن الـدراســـة‪ ،‬الـتي اعـتـمـدت عـىل مراجـعـة ‪ 148‬دراسـة‬
‫‪ -3‬الخــطـاب يف الـقـرآن يـأيت دامئـاً بصـيغـة الجـمـع فيــأمـرنا بالتـعـاون مـثـ ًال‪:‬‬ ‫مخـتـلـفـة حـول العـالقـات االجـتامعـيـة والوفـيـات‪ ،‬وجـدت أن من يتمتعون‬
‫( َو َت َعا َو ُنوا َعلىَ ا ْلبرِِّ َوال َّت ْق َوى َولاَ َت َعا َو ُنوا َعلىَ الإْ ِ ْث ِم َوا ْلعُ ْد َو ِان َوا َّت ُقوا ال َّل َه إِ َّن ال َّل َه َش ِديدُ‬ ‫بعـالقـات اجـتمـاعـيـة قـويـة‪ ،‬ارتفـعـت بينـهـم احـتـامالت طول العمر بواقع‬
‫اب) [املائدة‪ .]2 :‬وآيات تأمـرنـا بأال نتفرق ونعتزل الناس بل نبقى متحدين‬ ‫ا ْل ِع َق ِ‬ ‫‪ 50‬يف املائة‪ ،‬مام يؤكـد أهمـيـة الصـداقــة للصـحـة العـامــة‪ ،‬ويؤكـد البـحـث‬
‫مـتـمـاسكــني‪ ،‬كمـا يف قـولـه تـعـاىل‪َ ( :‬وا ْعت َِص ُموا ِب َح ْب ِل ال َّل ِه َج ِمي ًعا َولاَ َت َف َّر ُقوا)‬ ‫ما كشفته دراسات سابقة بأن الصداقة تعترب مصدراً هاماً من مصـادر السعـادة‬
‫[آلعمران‪.]103:‬وآياتكـثريةيفالقرآنتحـضاملؤمننيعىلالتعاونوالعملالصالح‪.‬‬ ‫الحقيقيـة‪ ،‬وال تقل أهمـيـة عن السعادة التي تولدها الحـيـاة العائليـة‪ ،‬وتزداد‬
‫أهمية الصداقة مع التقدم بالعمـر‪ ،‬ويقـول الطـبيب النـفـيس‪ ،‬جوليان هولت‪،‬‬
‫‪ -4‬اإلسالم يأمرنا دامئاً بحسن الصحـبة واملودة بني املؤمنني‪ ،‬يقول تعاىل‪َ ( :‬وا ْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ُون‬ ‫من جـامعـة «برايتام يونغ» يف يوتاه‪« :‬أعتـقـد أننا وجـدنـاً دليال قاطعاً عىل أن‬
‫ون‬ ‫وف َو َي ْن َه ْو َن ع َِن ا ْل ُم ْن َك ِر َو ُي ِق ُيم َ‬
‫ون ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫َات َب ْع ُضه ُْم أَ ْو ِل َيا ُء َب ْع ٍض ي َْأ ُم ُر َ‬
‫َوا ْل ُم ْؤ ِمن ُ‬ ‫العالقـات االجـتمـاعـية ينبـغـي أن تؤخذ عىل محمل الجد‪ ،‬إىل حـد بعـيـد من‬
‫ون ال َّل َه َو َر ُسو َل ُه ُأو َل ِئ َك َسيرَ ْ َح ُمهُمُ ال َّل ُه إِ َّن ال َّل َه َع ِزي ٌز‬
‫ون ال َّز َكا َة َوي ُِطيعُ َ‬ ‫الصلاَ َة َو ُي ْؤ ُت َ‬
‫َّ‬ ‫حيث خفض معدل الوفيات»‪.‬‬
‫ً‬
‫َحكِيمٌ ) [التوبة‪ ،]71 :‬وتأملوا معي كيف جاء الخطاب دامئا بصيغة الجمع ليؤكد لنا‬
‫العزلة داء خـطري يهدد اإلنسان ويصيبه باألمراض ونقص املناعة‪ ،‬ويؤكد البحث‬
‫الله تعاىل عىل أهمية أن نبقى ضمن الجـامعة‪ ،‬فالذئب يأكل من الغنم القاصية!‪.‬‬
‫الجـديـد أنه قـد تـم إجــراء ‪ 148‬دراسـة مخـتـلفـة‪ ،‬مبشـاركـة ‪ 380‬ألف شخص‪،‬‬
‫‪ -5‬لقـد أوصـانا النبـي الكريـم بالصـديـق الصـالـح وأن نحـرص عليه وأال نعزل‬ ‫جـرتمتابعـتـهـمعىلمـدىسـبـعسـنـواتونصـف‪،‬يفاملتـوسـط‪،‬قامالباحـثــون‬
‫أنفسنا‪ ،‬بل إن املؤمن الذي يخالط الناس ويصرب عـىل أذاهـم أفضـل من املؤمن‬ ‫بقياس العالقات االجـتامعية بعدد من الطـرق‪ ،‬من بينها النظر إىل حجم الشبكة‬
‫الذي ال يخـالط النـاس وال يصـرب عىل أذاهـم‪.‬‬ ‫االجتامعية للمشارك‪ ،‬وإذا ما كان متزوجاً أم يعيش عازباً‪ ،‬باإلضـافة إىل تقدير‬
‫‪ -6‬إن حــياة النبـي كـانـت مليـئــة بالصحـبـة الصالحـة‪ ،‬مليئـة بصلة الرحم‬ ‫مفهوم العالقات بالنسبة للمشاركني‪ ،‬وكيفية اندماجهم يف الشبكات االجتامعية‪.‬‬
‫وبالعـطـفعـىلالصـغــريورحـمـةالكـبــري‪،‬ومسـاعـدةالـنــاسوالصــربعليهـم‪.‬‬ ‫ويفـرس العلامء رس ذلك التـأثـري بأن عـالقـتـنـا ميـكــن أن تـؤثر عىل صحـتـنـا‬
‫بطرق شتى‪ ،‬عىل سـبيـل املثال‪ ،‬ميكـن أن تساعـدنـا عىل التعامل مع الضغـوط‬
‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫العصـبـيـة الـتي قـد يكـون لها تأثـري قـاتـل‪ ،‬وتابع‪« :‬عندما منر بأوقات‬
‫إنالــرتبــةالخـصــبــةالـتـيينـمـــوفـيــهــاكـلتـقــدم‪،‬وكــلنـجـــاح‪،‬‬ ‫عصـيـبـة يف حـياتـنـا‪ ،‬ونـدرك بأن هـنـاك من ميكـننا االعتامد عليهـم أو التـوجـه‬
‫وكـلإنجـازيفالحـياةالحـقيقيةهيتـربـةالعـالقاتالشخـصـيـة‪.‬بنشتاين‬ ‫إليهم‪ ،‬هذا يجعل األمر أقل إجـهاداً ألننا ندرك بأنه ميكننا التعامل مع الوضع»‪،‬‬
‫ويرى الخـرباء يف الدراسة‪ ،‬التي نرشت يف دورية «‪ PLoS‬الطبية‪ ،‬أن الصديق‬

‫طور حياتك‬
‫‪25‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫بـأقــــالمــكـــــم‬

‫املربع الوهمي‬
‫بقلم‪ /‬محمد حمدان الرقب ـ األردن‬

‫خـلقنا الله عـز وجل لهدف سام وغاية نبيلة وهي عامرة األرض والسري يف مناكبها واالنطالق بكل عزم وقوة الكتشاف نواميس هذا الكون‬
‫وأرساره تلك الحـياة ليزداد اإلنسان إميانا بخـالقه‪ ،‬ولقد خلقـنا الله تعـاىل وأودع فـينا القـوة الكـافـية لتحـمـل تكـاليف الحياة وعامرة‬
‫األرض‪ ،‬وجعل فينا قوة فارهة وميزات متنوعة تساعدنا عىل اإلبداع‪ ..‬لكن فئة ليست بالهينة من الناس تعيش بصورة رتيبة مملة وتجدهم‬
‫يف روتني قاتل يظنون أن الحياة لها خيار واحـد‪ ،‬ومل يدروا أن رشوط الحياة وخياراتها كثرية‪ ،‬إنهم يسجنون عقولهم ويقيدونها بالسالسل‬
‫الغليظة‪ ،‬ويجعلونها أسرية للمربع الوهمي والخـيايل الذي صنعوه بأيديهم وأصبح دأبهم وديدنهم‪ ،‬فتجدهم ال يفكرون وال يحاولون‬
‫وال يغامرون‪ ،‬ويرون أن للحياة لونا أسودا وال يكتفون بذلك بل يظنون أن الناس جميعهم يفكرون تفكريهم ويعتقدون اعتقادهم‪،‬‬
‫ولو فكروا بشكـل ُمجـ ٍد لوجـدوا الحـياة حـلوة نرضة‪ ،‬و َلوجدوا أنفسهم يركبون عُ باب الحياة‪ ،‬يرشفون من معني التجارب وينهلون من‬
‫عطلوا ملكاتهم فكان اليأس نصيبهم‪ ،‬فتجد أحدهم جالسا ُم َكتِّفا يديه ال‬
‫محـيطات األحـداث‪ ،‬يصنـعـون ويكـتشفون ويخـرتعون‪ ..‬لكنهم َّ‬
‫يدري ما العمل! فمن كان تفكريه بهذه الطريقة ال َّرعناء َفأخلق به عىل هذا النحو من رداءة حياته وتعس أحواله وهبوط حالته النفسية‪.‬‬
‫تقول هيلني كيلر‪« :‬الحياة مغامرة جريئة أو ال يشء عىل اإلطالق»‪ .‬فعلينا أن نغامـر فيها ونجـدف حتى نصل إىل شاطئ النجـاح والتألق‪.‬‬

‫يوجـد يف الحياة أكرث من خيار للسعادة وحصول املطلوب وتحقيق األهداف ولكن منا من مل يتمكن من إدراك ذلك فيجد‬
‫نفسه محـصورا يف خيار واحد وهو الخيار الذي َجبل عليه نفسه واعتاده يف مواجهة متطلبات الحياة ولذا أصبح مستسلام ملا هو‬
‫فيه ومؤمن أنه ليس يف اإلمكان أفضـل مام كان‪ ،‬ولو أخـذ هذا الشخـص قسـطا كافـيا من التفكري املتعمق ألدرك حقيقة أنه ميتلك‬
‫أكرث من قدرة لصنع واقع أفضل مام يعيشه اآلن‪ ،‬فكـثريون نشاهدهـم وقد تغـريت أحـوالهم‪ .‬أولئك الذين يؤمنون دوما بأن هناك‬
‫أك َرث من سبيل للوصول إىل الهدف املنشود‪ .‬بالطبع هناك أهداف محددة ووسائل الوصول لها محدودة أيضا ولكن تبقى يف الغالب‬
‫هذه األهـداف مبنيـة عىل قداسات معينة والتي تكون تعاليمها ناتجـة عن حكـمة نهائيـة‪ ،‬أما أغلـب أهـداف الحـياة ومنها هـدف‬
‫تحسني األوضاع للمرء ذكـرا كان أم أنثـى فباستطاعـة اإلنسـان التغـيري والتبديـل بني أكـرث من خـيار‪ ،‬والتمثيل عىل ذلك يفوق الحرص‪.‬‬

‫يف النهايـة أقول إنه دوما علينا أن نوقـن أن فرصـة ما ميكـنها أن تغـري من حـياتنا ولكن علينا التفكـري دوما يف الفـرص فإذا هـبت رياحـك فاغتنمهـا‬
‫فإن لكل عاصفة سكون عىل قول الشاعر‪ ،‬وإذا قفـل باب ما فإن ألف باب آخـر بإمكانه أن يوصلك إىل حـيث تريد «فأينام ُتو ّلوا َّ‬
‫فثم وجـه الله‪».‬‬
‫فام علينا سوى التفكري بعمق للوصـول إىل أجـمل طـرق النجـاح وأكـرثها دميومة ال أن نبقـى أسـريي تفكـري قاتل يقتـل الحـياة والجـامل من حــولنا‪.‬‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫الفرص الجميلة متر علينا دون أن نستوقفها؛ ألنها تندس داخل مالبس بالية اسمها العمل الشاق‪ .‬محمد مستجاب‬

‫طور حياتك‬
‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪26 2010‬‬
‫نـبـضــــات قــلـــم‬ ‫ـ‬
‫ـ‬

‫َت َّ‬
‫ـفكـــر‬
‫بقلم‪ /‬د‪ .‬غالية اإلمام ـ سوريا‬

‫نحن خلقنا من ماء وتراب‪ ..‬أيها االنسان‪ ..‬تحل بصفات العنارص التي منها خلقت‪ ..‬كن كاملاء‪ ..‬صافيا‪ ..‬نقيا‪ ..‬طاهرا‪ ..‬تأيت بالخري والنفع‬
‫أينام حللت‪ ..‬صابرا‪ ..‬مثابرا‪ ..‬ال تعرف امللل وال الفتور‪ ..‬مؤثرا فعاال ال تهن عزميتك‪ ..‬أال ترى املاء كيف ينحت الصخر رغم أنه يبدو‬
‫أضعف منه؟؟؟‪ ..‬كن مثل األرض التي منها وإليها املعاد‪ ..‬األرض الخرية املعطاءة‪ ..‬التي كلام رويتها وتعهدتها بالعناية والرعاية منت‬
‫وأمثرت وأغدقت من الخري الكثري‪ ..‬اجعل نفسك زكية تعبق بالطيب يف كل حني‪ ..‬أال تشم أحىل رائحة لرتاب األرض حينام تخالطه أوىل‬
‫قطرات املطر الطهور؟‪ ..‬كن كعنارص الرتاب والطبيعة‪ ..‬كالحديد صلبا متينا يف الحق‪ ..‬تصقلك الرضبات القوية وال تكرسك‪ ..‬تصهرك نار‬
‫الشدائد وتنقيك وتزيدك متاسكا وقوة‪ ..‬وكن كالذهب نقيا خالصا ال تغريه العوامل الخارجية مهام أتت عليه‪ ..‬كن كباقي املخلوقات‬
‫من حولك‪ ..‬كن كالزهرة النرضة‪ ..‬تهدي عبريها الفواح دون مقابل‪ ..‬وكن كالشجرة املثمرة‪ ..‬تحمي بظلها كل غاد ورائح‪ ..‬تهدي مثارها‬
‫لكل طالب و جائع‪ ..‬تقابل بالعطاء حتى من يقذفها بحجر‪ ,‬فكل إناء مبا فيه ينضح‪ ..‬وكن كالبذرة الصغرية‪ ..‬ضعيفة؟ نعم! ولكنها‬
‫تحتمي برحم األرض وتشق طريقها بهدوء حتى تخرج نبتا قويا راسخا رسوخ الحق‪ ..‬وكن كالسنبلة‪ ..‬خرجت من رحم حبة فأنبتت‬
‫(بفضل الله) مئة حبة‪ ..‬مرنة مهام عصفت بها الريح تبقى ثابتة ال تغادر أرضها فجذورها أقوى من أي ريح‪ ..‬وكن كالنحلة الصغرية‪..‬‬
‫ال تقع إال عىل أطايب الزهر‪ ..‬وال تلتقط إال أنقى الرحيق‪ ..‬وال تخرج إال أطهر وأصفى رشاب‪ ..‬وكن كالنملة الضعيفة (فيام يبدو)‪..‬‬
‫مرصا عىل هدفك‪ ..‬ال تحيد عنه مهام حصل حتى تبلغه‪ ..‬ال توقفك الصعوبات وال توهن عزميتك العوائق‪ ..‬بل تزيدك همة ونشاطا‪.‬‬
‫كن كالطـبـيـعـة كـلـهـا‪ ..‬أال تـراها تـعـاكـس الـفـراغ وتـأبـاه؟؟؟ أال تـرى كـيـف يـسـري الـمـاء فـي أصـغـر الـشـقـوق وميألها؟؟؟‬
‫فكيف بك (أيها اإلنسان) ترتك نفسك نهبا للفراغ وأنت أكرم مخلوقات الله؟؟؟ كن مع الله عبدا خاضعا باختيارك متناغام مع حركة الكون‬
‫من حولك تسعد يف الدنيا واآلخرة‪ ..‬فام خلقك ليشقيك وما جاء بك لألرض ليعذبك إمنا سخر لك كل يشء وكرمك وفضلك عىل كل خلق‬
‫ات َو َف َّض ْلنَاهُ ْم َعلىَ َك ِث ٍري ِم َّمنْ َخ َل ْقنَا َت ْف ِضيلاً »(اإلرساء‪.)70‬‬ ‫سواك‪َ « ،‬و َل َق ْد َك َّر ْمنَا َب ِني آ َد َم َو َح َم ْلنَاهُ ْم فيِ ا ْلبرَِّ َوا ْل َب ْح ِر َو َر َز ْقنَاهُ ْم ِمنَ َّ‬
‫الط ِّي َب ِ‬

‫عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش عىل الهامش‬
‫حياتنا هي أعظم املدارس‪ ...‬يف كل يوم لنا درس‪ ...‬ويف كل ساعـة لنا استفادة‪ ...‬كم هي األيام التي ذهـبت من أعامرنا‪...‬‬
‫وقد حفرت يف كل ذاكــرة منا موقف‪ ...‬نعيش أيام عىل ذكراه‪ ...‬قد يكون مبثابة الوقود الذي يدفعنا لألمام‪ ...‬نعم وكان هذا‬
‫هو درس يومي‪ ...‬أميش بخطوايت مرسعة ليك أتدارك حافلة النقل إىل املكتبة العامة‪ ...‬ولهيب الشمس قد أحرق كل ذرة‬
‫صرب عندي فالحافلة ذهبت والبد أن أنتظر بعد‪ ...‬قد عال تضجري حتى كدت أن أبثه لكل من حويل‪ ...‬وبينام أنا عىل هذا‬
‫الحال‪ ...‬تراءا يل شخص من بعيد وكأنه أيضا عىل عجلة من أمره‪ ...‬ولكن وضعه مختلف متاما عني‪ ...‬فهو رجل مقعد فجعلت‬
‫أحدق فيه وكأين أرى معنى الصبـــر الحقيقي الذي فقدته بحجة حرارة الشمس‪ ...‬الصرب الذي قل من جربه‪ ...‬يدفع كرسيه‬
‫املتحرك بيداه وقد أثقله حمل الكتب‪ ...‬ماذا عساي أن أصنع بت خجلة من نفيس‪ ...‬وصل إىل سيارته وقد زاد فيني الفضول‬
‫كيف سريكبها وماذا سيفعل بهذا الكريس‪ ...‬نسيت أين أنتظر حافلة النقل ‪ ...‬ونسيت حينها حرارة الشمس‪ ...‬تفكريي ونظري‬
‫موجه لذلك الذي جاء ليعلمني الدرس‪ ...‬وصل سيارته‪ ...‬فتح الباب الخلفي رمى الكتب بطول يديه عىل املقعد وقفل عائدا‬
‫نحو الباب األمامي وأنا اطيل النظر فتحه وبدأ بتحريك نفسه باتجاه املقعد فليس ما كان يفعله سهال‪ ...‬ال وألف ال قام برفع‬
‫نفسه قليال ثم رمى بجسده عىل املقعد وتدلت رجاله للخارج ثم قام بحملها ووضعها داخل السيارة‪ ...‬وكان هذا جديرا أن‬
‫يجعلني أخجل من نفيس وأستصغرها وما زاد دهشتي الكريس املتحرك الذي ظل بجانب السيارة وأنا أظن أن الدرس قد انتهى‬
‫إىل هنا ولكن كانت املفاجأة أقصد الصفعة التي أيقظتني فعال هو أنه قام بفتح كل عجلة عىل حده ووضعها يف السيارة ثم‬
‫انتهى بالكريس ووضعه هو كذلك بجانبه‪ ...‬سألت نفيس كم مرة يفعل ذلك يف اليوم؟!! ماهو صربي أمام صربه؟!! كم منا‬
‫معاىف يف بدنه ويف عقله ومل يصرب عىل أقل القليل‪...‬كم منا ال يعرف غري عبارات التضجر والتشاؤم‪ ...‬شكرا لك يا من علمتني‬
‫درسا لن أنساه‪ ...‬يامن علمتني الصرب الحقيقي‪ ...‬لن أتضجـر بعد اليـوم وحـرارة الشمـس ستكـون الدافـع للبـذل والصـرب‪...‬‬
‫«الحمدلله الذي عافني مام ابتىل به كثريا من الناس»‪ .‬شيخة أحمد‬

‫طور حياتك‬
‫‪27‬‬ ‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪2010‬‬
‫لــكـي نتواصل‬

‫إنها القوانني‬
‫بقلم‪ /‬أ‪ .‬كريم الشاذيل ـ مرص‬
‫كاتب وباحث يف مجال العلوم اإلنسانية‬

‫يُروى أن كان هناك حـصانان يحمالن حـمولتـني‪ ،‬فكان الحـصان األمامـي ميـيش بهمة ونشـاط‪ ،‬أما الحـصان الخلفي فكان كسوال جدا‪ ،‬بدأ الرجال‬
‫يكدّسون حمولة الحصان الخلفي ــ الكسول ــ عىل ظـهـر الحـصان األمامي ــ النشيط ــ وبعد أن نقـلوا الحـمولة كلها‪ ،‬وجد الحصان الخلفي أن‬
‫األمر ج ّد جميل‪ ،‬وأنه قد فاز وربح بتكاسله‪ ،‬وبلغت به النشـوة أن قال للحـصان األمامي‪ :‬اكـدح واعـرق!‪ ،‬ولن يـزيـدك نشـاطـك إال تعـباَ ونصـبـا!!‪.‬‬

‫وعندما وصلوا إىل مبتغاهم‪ ،‬قال صاحب الحصانني‪ :‬وملاذا ُأطعم الحصانني‪ ،‬بينام أنقل حمولتي عىل حصان واحد؟‪ ،‬من األفضل أن أعطي‬
‫الطعام كله إىل الحصان النشيط‪ ،‬وأذبح الحصان اآلخر‪ ،‬وسأستفيد من جلده عىل األقل!‪ ،‬وهكذا فعلها‪.‬‬

‫قسم عىل الجميع سواسية‪ ،‬املجتهد منهم والكسول‪ ..‬واملدهش‬ ‫ظن هذا الحصان الذيك ــ وبعض الذكاء مهلكة! ــ أن الحياة تؤخذ بالحيلة‪ ،‬وأن األرباح ُت ّ‬
‫أن هذه القصة تتكرر كثريا يف الحياة‪ ،‬يظن املرء يف ظل وضع فاسد أن الحياة ميلكها أصحاب الحيل‪ ،‬وأن الدَّ هْ امء هم الذين يضعون قوانني اللعبة!‪.‬‬

‫كثري من التعساء ال يدركون أن للحياة قوانني ال تحيد‪ ،‬حتى وإن مالت قليال لظروف ما‪ ،‬متاما كام مالت أمام الحصان الكسول فغ ّررت به‪ ،‬ولعل من‬
‫حسن طالعنا أن القرآن أخربنا أن هناك قانونا يف الحياة يُدعى قانون العمل‪َ { :‬و ُق ِل ا ْع َم ُلوا َف َسيرَ َى ال َّل ُه َع َم َل ُك ْم َو َر ُسو ُل ُه َوا ْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ُون}‪ ،‬بوضوح غري قابل‬
‫للتشويش‪ ،‬الله ‪-‬جل اسمه‪-‬يعطينا خالصة قانون هام من قوانني الحياة‪ ،‬وهو العمل‪ ،‬والجد‪ ،‬واالجتهاد‪ ..‬وهوماسيتمتقييمه يف اآلخرة‪ ،‬فضال عن الدنيا‪.‬‬

‫قانون السبب والنتيجة‪ ،‬والفعل ور ّد الفعل‪ ،‬كلها تؤكد أن األعامل تفرز نتائج معروفة وواضحة‪ ،‬وأن للحياة قواعد ترسي عىل الكبري والصغري‪.‬‬

‫هل حـزنت مثيل عندما وجـدت أن هناك من هم أقل منك وفازوا‪ ،‬وأغبى منك وربحوا‪ ،‬وأصغر منك ونالوا من الحياة قسطا أكرب مام نلته؟!‪.‬‬
‫ال تحـزن‪ ..‬فالله ال يظلـم مثـقـال ذرة‪ ،‬اعـمـل واكــدح وقـدّم ما تستـحــق عليـه املكــافـأة يف آخــر الطـريـق‪ ،‬وال تتـذ ّمــر‪ ،‬فـرمبا قـدّم هذا‬
‫وسلخ كصاحـبنا الحـصان!‪.‬‬ ‫الشخـص أو ذاك ما يستـحـق أن ينـال ما تــراه فـيـه من نعـمـة‪ ،‬أو رمبا يُسـاق دون أن يـدري إىل خـامتته‪ ،‬فرتاه وقد ُذبح ُ‬

‫إرشاقة ملهمة‪:‬‬
‫لعلك كمعظم الناس متيل إىل الوقوع يف فخ االعتقاد بأن شخصا آخر سيتح ّمل التحديات التى تواجهك ىف حياتك‬
‫مبا فيها دفع نفقاتك يف هذا العامل‪ .‬ولكن من غري املحتمل أن يقوم أي شخص بتأمني املعيشة لك‪ .‬وحتى لو كان‬
‫ممكنا لنا أن نحصل عىل بعض األشياء من غري مجهود‪ ،‬فلن يعترب هذا نجاحا‪ .‬علينا يك نشعر بأننا ناجحون أن‬
‫نخترب معنى االنجاز وأن نشعر بأننا نستحق ما نحصل عليه‪ ،‬فأفضل طريقة للوصول ملبتغاك هو أن تبذل جهدا من‬
‫أجله‪ ،‬ميكنك أن تعمل من أجله عمال شاقا مد ُته طويلة‪ ،‬أو أن تكون خالقا أكرث فتعمل وقتا أقل بحيث تجد بعض‬
‫الوقت لتستمتع مبا تريده يف الحياة‪ ،‬علام أن الطريقة الثانية تسمح لك باالستمتاع بالحياة أكرث‪.‬إيرين زيلنسيك‬

‫طور حياتك‬
‫العدد ( ‪ ) 27‬شهر ديسمرب‪28 2010‬‬
‫هناك حفرة يف طريقي‬
‫سرية ذاتية يف خمسة فصول قصرية‬
‫بقلم‪ /‬بورشيا نيلسون‬

‫الفصل األول‬
‫كنت أسري يف الشارع‪،‬‬
‫واجهتني حفرة عميقة يف الطريق‪،‬‬
‫سقطت فيها‪.‬‬
‫ضعت‪ ...‬وال حيلة يل‬
‫وليس هذا بخطأي‬
‫يتطلب األمر دهرا للخروج‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫كنت أسري يف نفس الشارع‪،‬‬
‫وهناك حفرة عميقة يف الطريق‪،‬‬
‫وسقطت ثانية‪.‬‬
‫لست أصدق أنني يف املكان نفسه مرة أخرى‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬ليس هذا خطأي‪.‬‬
‫ما يزل األمر يتطلب وقتا طويال للخروج‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫كنت أسري يف نفس الشارع‪،‬‬
‫وهناك حفرة عميقة يف الطريق‪،‬‬
‫إنني أرى أنها هناك‪،‬‬
‫ولكنني سقطت أيضا‪ .‬إنها عادة‪.‬‬
‫عيناي اآلن مفتوحتان‪،‬‬
‫وأعرف أين أنا‪.‬‬
‫إنه خطأي‪ .‬وخرجت عىل الفور‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫كنت أسري يف نفس الشارع‪،‬‬
‫وهناك حفرة عميقة يف طريقي‪،‬‬
‫مل أسقط‪ .‬التففت حولها‪.‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫رست يف شارع آخر‪.‬‬

‫‪2010 © Copyright‬‬

You might also like