Professional Documents
Culture Documents
و تحياتى
مقدمة
نحو رؤية مستقبلية للتعليم فى بلدنا
نعرض هنا إقتراحا لتغيير جذرى للعملية التعليمية ،تغييرا يتلءم مع منجزات
العصر الذى نعيش فيه .والهدف الساسى من التغيير هو أن نكون مساهمين
فى إنجازات عصرنا و مشاركين فى صنع أحداثه ،وليس فقط متفرجين و
متأثرين بما يدور حولنا .ولكن كيف نكون فاعلين دون أن نغير و نطور من قدرات
النسان المصرى و العربي ؟ وإن كان التعليم هو أحد الوسائل ،فلماذا ل
نطوره ليقوم بدوره في هذه المهمة الحضارية؟
ربما كان من المناسب لشعوب العالم الثالث أن تبتكر أفكارا جديدة ،قابلة
للتطبيق ،لتساعدهم على السراع فى عملية التنمية و النمو لشعوبهم
للوصول بعد جيل أو جيلين إلى المشاركة فى قيادة البشرية .فإذا لم نبذل
جهدا ونقبل التغيير فى هذ التجاه ،فسوف يتأخر إقلعنا الحضارى و سوف
نبقى فى آخر الركب .وأساس التغيير هو النسان ،والتعليم السليم هو الذى
يبنى النسان السليم .فإذا كان عددا قليل من الفراد المؤهلين للقيادة
يستطيعون أن يفعلوا الكثير لبلدهم و أوطانهم و حضارتهم ،فما بالك بزيادة
العدد ليشمل نسبة كبيرة من شبابنا المتعلم؟ وهنا يتضح دور التعليم و
مؤسساته فى البناء الحضارى المعتمد على النسان ،وهنا نجد أنفسنا فى
أشد الحاجة لفكر تعليمى جديد.
سوف أعرض هنا الخطوط العامة لستراتيجية تعليمية جديدة لقرن قادم.
وهى مبنية على رؤية مستقبلية للتعليم فى مصر و العالم العربى ،و هى
رؤية غير مألوفة لنها تهدف إلى تغيير كلى وشامل لنظام التعليم الحالى بكل
مشاكله وتبنى نظا fم آخر يصلح لجيال عصر المعلومات وثورة المعرفة والذكاء
الصناعى .وهى تهدف أيضا gإلى بناء جيل مستقبلى قادر على تنمية الحياة و
انتاج العلوم وحل المشكلت بدل gمن الكلم حول المشاكل و العلم .وبعد
مناقشة هذه الرؤية مع كل مهتم بالتعليم ،ومراجعتها بالتعديل والحذف
والضافة ،ومن ثم التفاق على صلحيتها يمكن لنا أن نعمل معا كفريق من
أجل التخطيط لمشروع قومى مستقبلى لتطوير التعليم مبنى على هذه
الرؤية.
التعليم ومشاكله التى ل تنتهى
يدور الحديث كثيرا gعن إصلح التعليم ،وتكررت كثيرا gقضية تطوير و جودة
التعليم ،وتكلم العديد من المهتمين وكتبوا عن تعقيدات نظام التعليم الحالى
ومشاكله المتشابكة والتى ل تنتهى .الجميع يشتكى ،الطلب والمدرسون
والمدراء والنظار وأولياء المور .ومن أمثلة الشكاوى من نظام التعليم
الحالي :كثرة المقررات ،صعوبة المتحانات ،طول سنوات الدراسة ،التركيز
على الحفظ والتلقين ،حفظ السئلة و أجوبتها النموذجية ،إرتفاع نسبة
الرسوب ،المية التعليمية ،الهدر التعليمي والتسرب ،الدروس الخصوصيه ،
إنشغال المدرسين بطرق أخرى للكسب لضعف رواتبهم ،مشاكل المبانى
والتجهيزات ،و مشاكل سلوك الطلب و طرق التدريس و أسالبب التقويم،
وغيرها من مشاكل العملية التعليمية وعناصرها من منهج وكتب ومدرسين
ورواتب و إدارة تعليمية وتعليم خاص .ومن أهم المشاكل عدم وجود ارتباط
بين التعليم وسوق العمل و بين التعليم ودوره فى التنمية الحقيقية للمجتمع.
بالضافة إلى أن ما يدور فى عقل الطالب وهو البحث عن شكل أو منصب
إجتماعى عن طريق الحصول على درجة علمية أو شهادة ،فقد أصبح
الهتمام الول والخير عند غالب الطلب هو الحصول على شهادة وليس
التعلم.
أسئلة قبل التفكير فى الصلح
إعتمادا tعلى أجوبة السئلة السابقة ،هل يمكن إصلح نظام التعليم الحالى
من خلل مجموعة من التعديلت والجراءات التى تحل مشاكل المقررات
والتدريس والمتحانات و رواتب المدرسين وملئمة المبانى والتجهيزات وأعداد
الطلب فى الفصل ،والدروس الخصوصية ،دون مراجعة شاملة لدور التعليم
فى الدولة والمجتمع؟ أم من الفضل تبديل نظام التعليم و ابتكار نظام تعليمى
جديد قادر على التحكم فى العملية التعليمية لخراج مواطن يصلح لدارة
الحياة فى بلدنا فى المئة سنة القادمة؟
نحومشروع قومى للتعليم للمئة سنة القادمة
بعد مراجعة السئلة السابقة يلح علينا الفكر فى الختيار بين بعض التعديلت
والتغيرات فى نظام التعليم الحالى وبين تبديل كل النظام السائد .و عندما
نفكر لمشروع مستقبلى ،لمئة عام قادمة ،فإننا يجب أن نغير طرق التفكير
المألوفة ونعتمد على توقعات للمستقبل مبنية على معارفنا واحتياجتنا
الحالية ،وعلى ماذا نريده من التعليم حتى يحقق رؤيتنا لمستقبل المجتمع
والدولة؟ ولن مدة مئة سنة هى فترة طويلة فيجب أن تتضمن خطط التطوير
المستقبلية آلية دورية للمراجعة والتعديل .فما رأيكم في قبول دعوة للتغيير،
تغيير النظام التعليمي كله .فأى تعليم نريد؟ ومن يقرر التغيير ؟ وكيف يقبل
هذا الفكر الجديد؟ وهل يمكن أن يطبق؟ هذه السئلة سوف نجيب عليها
تحت العناوين التية:
*******************
أول :fالتعلم ودوره فى المجتمع والتنمية البشرية
)(1
بحثا عن التكامل
هل يمكن فصل نظام التعليم عن باقى أنظمة الدولة ،وهل يمكننا أن نطور
التعليم ونجوده بمعزل عما يجرى من مؤثرات داخلية وخارجية؟ وهل يمكن أن
نغير التعليم ونصلحه دون الستناد إلى أهداف الدولة واستراتيجيتها ،وهل
يمكن ذلك بعيدا tعن حاجات الناس ومصالح المجتمع؟ هذا ما نحاول ان نتعرض
له هنا.
ول يمكن مناقشة قضية إصلح التعليم دون نظرة شاملة ومتكاملة للتعليم
العام والتعليم الجامعى معا ، tوهذا الشمول يجب ان يتضمن تصورا tما
لمستقبل الخريج ،وماذا سيفعل بعد تخرجه من العمل أوالوظيفة إو إكمال
الدراسة؟ وهل يتيح له المجتمع ما يريده؟ بالطبع فإننا فى حاجة شديدة
لمعرفة سوق العمل وأحتياجه لنوعيات محددة من المتخرجين لعقود تالية
حتى يمكن تأمين وظائف للمتخرجين ،و حتى يمكن التخطيط لعداد الطلب
الممكن قبولهم فى التعليم الجامعى بأقسامه وتنوعاته المختلفة .وأيضا يجب
معرفة اهداف الدولة ،وخريطة البحث العلمى المطلوبة مستقبل ، tفهى التى
توجه المتخرج الذى يريد إكمال دراسته العليا ،فى إختيار مجال الدراسات
العليا المتاح.
هذا عن قضية تطوير التعليم المطروحة بإلحاح منذ سنوات .وماذا عن قضية
جودة التعليم المطروحة أيضا t؟ فى الحقيقة ومن منظور عملى فإننا ل يمكن
ان نناقش مسألة جودة التعليم دون أن نعرف مقدما tلماذا نعلم أولدنا؟
فمعرفة أهداف التعليم هى التى ترشدنا الى تصميم معايير الجودة ،فقياس
جودة التعليم يقوم على إبتكار معايير موضوعية لقياس ما حققة التعليم من
أهداف فى شكل معارف ومهارات اكتسبها المتخرج و يمكن قياسها .وابتكار
نماذج قياسية لختبار قدرات المتخرج يمكنها ان تعطى دللت على مواصفات
المتخرج التعلمية وطاقته المحتملة للنجاح فى الحياة ،فالتقويم والجودة ليس
لهما معنى حقيقى دون معرفة أهداف النظام التعليمى ،وماذا يفيد التعليم
كل tمن الطالب والمجتمع و سوق العمل والدولة.
)(2
مكونات إنسان المستقبل
وأهم شىء هو التوازن بين هذه المكونات ،بحيث ل يطغى مكون على الخر.
لكل من العقل و القلب و الساعد عدد محدد من الصفات ،يمكننا أن نتفق
عليها ،ولكننى ل أتوقع ان كل مواطن سوف يحمل نفس العدد من صفات كل
مجموعة و بنفس الدرجة .لذلك أرى أن التنوع فى الدرجه لكل صفة هو
المطلوب ،ولكن لبد من وجود حد ادنى من كل صفة ،وأيضا حد أدنى من
الصفات من كل مكون .وهذه هى بعض المثله من الصفات:
العقل يمكن ان يؤدى إلى فهم وتنمية وتطبيق مفاهيم العدل ،والقانون ،
والحكم ،والسيادة ،والمن ،والعلم .بينما القلب يمكن أن يؤدى إلى
التعاون ،التحمل ،المبالة ،النتماء ،ال أنانية ،التكافل ،التراحم ،الحب
وغيرها .أما الساعد فيمكن أن يؤدى إلى النتاج ،القوة ،إرهاب العدو ،
التفوق الرياضى ،الدفاع عن النفس و ...الخ.
ومن خلل التفاعل و التوازن بين هذه المكونات سوف تظهر صفات أخرى مثل
المساواة ،والعتراف وقبول الخر ،التعاون ،العمل الجماعى ،مفهوم أعمق
للحرية ،تقسيم العمل ،التضامن ،مفهوم العقد الجتماعى ،نظام عادل
للحكم ،إلخ .وسوف نستطيع ان نرى كثيرا tمما يطالب بة المفكرون وغيرهم
من الحقوق والواجبات على مستوى الفراد والجماعات .
)(3
التنمية البشرية و إنسان المستقبل
إذا أعتبرنا الدولة و المجتمع كمجموعات متنوعة من الفراد ،وأن كل فرد له
مكونات ثلثة :العقل ،والقلب ،والساعد ،وأن كل مكون له صفات عديدة ،
فإن ما نراه من مجتمعات و دول مختلفة هو الناتج عن تفاعل المكونات
المختلفة لفراده خلل مدد زمانية طويلة.
وبنا tء على ذلك الفهم يمكننا ان نفسر عددا tكبيرا tمن الظواهر الجتماعية
والحداث التاريخية إعتمادا tعلى النسب المختلفة لهذه المكونات الثلث
الموجودة فى النسيج الجتماعى الموجودة فى ذلك الوقت .وهذا يعود فى
النهاية إلى مكونات كل فرد فى هذه المجتمعات ،وكيفية التفاعل الجتماعى
بين أفراد و فئات المجتمع.
وهنا نستطيع ان نعيد صياغة السؤال الخاص بمكونات إنسان مصر المستقبل
كالتى:
ما هى النسب المطلوبة لتكوين هذا ألنسان ،بين عقل و قلب و ساعد ؟
وما هى الصفات المرجوه فى كل مكون ،وما هو مدى التنوع المقبول فى كل
صفة بحيث يكون المجتمع متوازنا؟ ومن سيقوم بهذه المسئولية الوطنية؟
ة ام السرة أم وسائل العلم أم من؟ وكم نحتاج من الوقت والمجهودالمدرس t
والمال لتمام هذا المشروع؟
)(4
مسلمات ل يجب أن نهملها عند التخطيط لتطويرالتربية و التعليم
عندما نريد أن نغير التعليم ونطوره فنحن أمام واقع ،أمام تاريخ ،أمام دولة لها
حضارة و ملمح ،و أمام شعوب لها عقائد دينية سماوية ولها هوية من لغة و
فكر وثقافة ،كما ان لها عادات وتقاليد ومثل وقيم وثوابت .ولكى ينتج التطوير
نتائج مأمولة ول يسبب مشاكل ل تحل ،لبد ان ل يتصادم التغيير مع عموم
ما تؤمن به المة من ثوابت وطنية ودينية ل يختلف عليها عموم المة .وهنا
يجب إعادة المراجعة لكل الساسيات التى نبنى عليها حياتنا لنزيل منها
الشوائب ،من أفكار وعادات وتقاليد وسلوكيات ،ونضيف اليها المفيد الذى
يعيد بلدنا إلى الصدارة.
والن نعرض لبعض المسلمات ،و كلمة " مسلمة" تعنى امور نسلم بها
ابتدا tء دون الخوض فى إثباتها بل نتفق على صحتها كنقطة بدء للتفكير فى
الصلح ،ونتفق أيضا tعلى ان هذه المسلمات ضرورية لبناء حياة إجتماعية
صحية للغالبية بأقل مشاكل .وإذا كان قبولها يجلب من المصالح اكثر مما
يسبب من أ ضرار ،فعلينا ان نتمسك بها ونترك العبء على من يريد ان يثبتها
أو يفندها ليقدم لنا النصيحة والمشورة بعد ذلك .وربما حدث فى المستقبل ما
يجعلنا ان نراجع هذه المسلمات فسوف نجد عندئذ هذا الرصيد من الثبات
والتفنيد ليساعدنا على الترجيح أو اللغاء أو الضافة أو التعديل لهذه
المسلمات .وهذه هى بعض المسلمات.
المسلمة الثانية :فى العالم المعقد الذى نعيش فيه الن يلعب العلم دورا
مهما ،ل يمكن الستغناء عنه ،وسيظل كذلك فى المستقبل المنظور .لقد
أصبح العلم والتكنولوجيا من أهم الدوات لحل المشاكل وتسهيل الحياة.
والعلم ل يعطى مجانا tول تقدم التكنولوجيا دون مقابل ،فى عالم يحكمة
المال والقتصاد ،لذلك لبد ان يأخذ العلم مكانه الصحيح فى مناهجنا وفى
طرق تفكيرنا لحل مشاكلنا .ونحن ل تنقصنا القدرات ول المهارات العلمية ،
ولكن ينقصنا النظام الذى يسهل التعامل مع العلوم ،وتنقصنا الدارة العلمية ،
ونحتاج الهمة والعزيمة والصبر والنفس الطويل والصرار والمثابرة حتى يمكننا
ان نتمكن من العلم والتكنولوجيا حتى ل نظل تابعين ومستهلكين لنتائج العلم
والتكنولوجيا التية من الخارج .ونحن أيضا ليس عندنا تناقض بين العلم
والدين ،فبينما يتعامل العلم مع الطبيعة الجامدة والحية و مع مواد ونبات
وحيوان ليفهم قوانينها للستفادة منها فى حياتنا ،فإننا فى المقابل نجد ان
من اهم وظائف الدين هو عمارة الرض وتحقيق النماء الفردى والجمعى .وهل
يمكننا ان نحقق مقاصد الدين فى الستخلف دون العلم والتكنولوجيا؟ لذلك
ل يصح لنا ان نهمل العلم بأى دعوة من الدعاوى .وحتى الملحدين ل يمكنهم
استخدام العلم لهدم العقيدة فى ا لنه ليس من وظيفة العلم ول فى
طرقه و منهاهجه طرق علمية لنفى وجود ا.
المسلمة الثالثة :التغيير يحتاج إلى من يقوم به ،وعادة يقوم بالتغيير عدد
قليل ولكنه يلقى مقاومة من عدد قليل أخر ،وإذا لم يحدث التغيير إلى الفضل
فستظل المور كما هى او تسوء أكثر ،وينفجر الواقع دون إستعداد لتحمل
نتائجه .ودون مساعدة من الغلبية الصامتة فستكون المور أكثر صعوبة لى
مجموعة رائدة تريد الصلح التعليمى والتربوى.
المسلمة الرابعة :التفريق بين المواطنين الذين يسكنون معا منذ مئات
السنين ،ولهم نفس العادات والتقاليد واللغة وغيرها من ملمح مشتركة ،
هذا التفريق على اى اساس سوف يعمل تمزيق النسيج الجتماعى للدولة
ويكون بؤر يمكن ان تكون مدخل tلعدم الستقرار وكسر التجانس الوطنى ،
وفتح البواب لعداء المة لتمزيق الوطن ،بمساعدة فئة ضد الخرى ،لذلك
يجب ان يشارك الجميع فى مشروع إصلح التعليم حتى نسد مداخل
الشيطان ،ونمحى بؤر النزاع الداخلى الذى أذا حدث لن يسلم منه أحد.
المسلمة الثامنة :نحن فى فترة إنتقالية وعندما نعمل على التغيير فأنه
سوف يأخذ وقتا طويل ، tفالتغيير يحتاج وقتا tطويل tحتى تنتج عمليات الصلح ،
لذلك الصبر مطلوب والمثابرة أيضا .ويجب ان ل نعتمد على أشخاص بل على
ثبات المنظومة مع تغير الشخاص والعمل المستمر لكمال مشروع الصلح.
**********************
ثانيا :fرؤية إستراتيجية للتعلم
نحن نريد مواطنا tله قلب وعقل وجسم ،يعيش فى مجتمع مع أناس مثله
لهم نفس الثقافة ونفس اللغة ونفس العادات ونفس التقاليد ،ويؤمنون بعقائد
سماوية توحيدية لها نفس المصدر وهو ا وان اختلفوا فى تفسير الوحدانية.
لذلك فالرؤية المستقبلية ترى الهمية القسوى فى اخذ البعد الدينى والبعد
الثقافى والبعد العلمى كأبعاد متكاملة لمنظومة التعليم المأمول .و إذا نظرنا
الى التعليم كنظام يخرج لنا طلب لهم صفات مطلوبة ،فما هى هذه
المواصفات المستقبلية لخريج الجامعات والمدارس الذين نرغب ان نراهم؟
هذا السؤال يحتاج نقاشا tطويل tمع كل فئات المجتمع لنه المفتاح ولنة مصدر
من مصادر الخلف الفكرى .ولنبدأ ببعض التصورات الممكن التفاق عليها.
)(1
النسان هو الساس
نحن نريد أن نبنى و نعد إنسانا للجيال القادمة ،والفكر الذى يبنى هذا
النسان يحتاج إلى مراجعة ،والبرامج التى يعتمد عليها تحتاج إلى إعادة
تصميم .والمناهج المرتبطة بالعمليات التعليمية و التربوية تحتاج إعادة صياغة
وتخطيط .نحن نريد بنا tء و نموا tو نماء يرتكز على قواعد أكثر صلبة ،و إلى
وسائل أكثر علمية ،وإلى مناهج أكثر مرونة ،وإلى رؤية تستشرف
المستقبل و تعتمد على منجزات العصر الفكرية و العلمية و التقنية .نحن نريد
أن نطور أنفسنا عمليا لنستطيع أن نربط بين فكرتنا عن النسان ،وبين نتائج
البحاث و الدراسات فى مجالت التعلم و الدراك والتصال و المعلومات و طرق
التفكير السليم و طرق البحث .ونربط أيضا tبين فكرنا الصلحى و بين ما
سبق من برامج التعليم ومشروعات التنمية ،خططا و تنفيذا .فإذا اتفقنا على
هذا الهدف ،فلبد لنا من مراجعة شاملة لكل العملية التعليمية من أجل
إنسان الجيل القادم ،النسان الذى نأمل أن يتحمل مسئوليته كاملة و يأخذ
مكانه للدفاع عن هويتنا و حضارتنا و ثقافتنا و لغتنا ،ويستطيع أن يواجه
مشاكلنا بما يتطلبه العصر القادم.
عملية بناء النسان هى عملية طويلة و صعبة ،تحتاج صبرا و مثابرة ،تحتاج
إيمانا بها و معاناة من أجلها ،تحتاج تعاونا وتكاتفا و تأييدا و مؤازرة من
الجميع ،تحتاج عمل مخططا منظما ،تحتاج خطوات عملية متسقة ،كل منها
له هدفا tمحددا tو دورا فى إنجاز مرحلته التعليمية ليؤدى إلى مرحلة أعلى و
مستوى أفضل للنسان .و هذه العملية التعليمية تحتاج قبل كل ذلك و بعده
إلى رؤية ،إلى فلسفة تعليمية ،إلى تصور محدد للنسان ،لهذا الخليفة
الذى خلقه ا ليحمل المانة والذى نريد أن نؤهله ليصبح إنسانا فى علقته
مع الكون ومع نفسه و مع أخيه النسان .هذا هو إذن لب العملية التعليمية و
التربوية التى من المفروض أن تقوم بها المؤسسات التعليمية بمساندة من
كل مؤسسات الدولة و بمساعدة من السر .فإذا وضح الهدف و أخلص
معظمنا للعمل له ،فإننا نأمل كل خير بعون ا .و إذا تأملنا ما سبق فإننا نجد
أنفسنا وجها لوجه أمام مشكلة المشاكل فى أمتنا ،مشكلة التعليم و
مناهجه ،والتي نعانى منها ونكتب كثيرا عنها و نشتكى و نلف و ندور حولها
بحثا عن مخرج.
)(2
بحثا عن فكرة جديدة
هناك ثلثة أنواع من الفكار يطرحها النسان من أجل التغيير و التى تربط بين
مفهوم التغيير وكيف نحققه على الواقع ،وتربط بين المشاكل و علجها ،
وبين النظرية و التطبيق .النوع الول هو الفكار التي تعمد إلى التحسين
البسيط والمستمر لتفاصيل العملية التعليمية دون الهتمام بالشكل العام
والشامل للتعليم و أهدافه .والنوع الثانى من الفكار هو الفكار التطورية ،
فهى تسير فى إتجاه التطور الناتج من تراكم الخبرات التعليمية و الجراءات
التحسينية لفترات طويلة من الزمن .أما النوع الخير من الفكار فهى الفكار
الثورية ،وهى الفكار التى تبدل الساس القديم و تغيره .
وفى مجال التعليم مررنا بالفكار التحسينية و الفكار التطورية ،و عشنا معها
عشرات السنين ،ومع ذلك مازلنا نشكو من التعليم و مخرجاته ،و لم نستفد
من خبرتنا فى التحسن و التطور فى أفكارنا التعليمية ،ولم نجرب بعد الفكار
الثورية .وربما يكون وضعنا الحالى يرجح حاجتنا إلى فكر ثورى جديد يغير
الساس التعليمى ،فكر يربط النظرية بالعمل ،فكر يدرس حدوده و إمكانية
تنفيذه قبل المناداة بتطبيقه .نحن نحتاج مشروعا تعليميا مبنيا على هذا
الفكر ،مشروعا قوميا قابل للتنفيذ ،و يجد من يقف وراءه ويؤيده ،مشروعا
ليس طرحا فقط لمنتجات العصر من أسماء أجهزة ،ومصطلحات ،وكلمات
رنانة.
مجرد عرض الفكار و إلقاء الكلمات عن ثورة المعرفة ،والتصالت و المعلومات ،
والحاسب أو الحاسوب اللي ،وشبكة النترنت ،وغيرها ،لن يؤدى إلى عائد
مجز ما لم يترجم إلى خطه عمل متكاملة .وليس تكرار الكلم حول البداع
والحداثة وما بعد الحداثة ،والتقدم والعلم والتكنولوجيا ،والعلمانية والعولمة و
القرن الواحد والعشرين… ،و غيرها من كلمات ظريفة ،ليس هذا الستعمال
الكلمى هو الذي يحل مشاكل التربية و التعليم ،وليس هو الذى سيطور
المناهج ويرتقى بمؤسسات التعليم ،ولكنه يدل على إننا عندنا مثقفين على
وعى محمود بإنتاج الغرب الفكرى وينقلوه كتبا tومقالت .ولكننا نريد أن
نستفيد من هذه الثقافة و هذا الفكر و تلك الكلمات والمصطلحات ونوظفها
فى التخطيط لمشروع قومى للتعليم ،يثوره و يؤهل القائمين عليه لقبوله
وإداراته ،ويخرج لنا طالبا له عقل و قلب و ساعد .عقل يفكر و يخطط ،وقلب
يحب و يشعر و يشتاق و يحلم فيدفع و يحفز ،وأخيرا ساعدا...قوة أو عضلت
تعمل و تنفذ ،وتدافع وتصد و تحمى.
علينا إذن أن نفكر من جديد ونتأمل ونناقش مفاهيمنا الساسية حول التعليم
فى ضوء منجزات عصر الطب و الهندسة ،وعلينا أن نستفيد بما حققاه )الطب
و الهندسة( من ربط النظرية بالتطبيق ،وبعد ذلك نعيد بلوره مفاهيمنا
التعليمية فى إطار التغيرات الحادثة فى مجالت النظريات العلمية الخاصة
بالتعلم والدراك والمعلومات والتصالت وعلوم الحاسب اللكتروني ،ثم نصب
كل ذلك فى مشروع ثورى للتعليم .و نحن هنا فى أشد الحاجة للتأييد
والتشجيع والمؤازرة من المفكرين والتربويين ،ومن أولياء المور والطلب.
)(3
إطار عام للمشروع الجديد
قدرات و قوى النسان :هناك ثلث قدرات أساسية للنسان ،أولها قدراته
العضلية أو الجسمية ،ثانيها قدراته المالية أو القتصادية أي الثروة ،و ثالثها
قدراته المعرفية وهى تضم المكانات التأملية والروحية والعقلية وكل هذه
متصلة أشد التصال بما تستقبله كل الحواس من معلومات وما يبنى عليها
من عقائد و تصورات و نظريات .وتاريخ حياة النسان على الرض سجل حافل
باستعمال هذه القدرات من أجل سيطرة وتحكم النسان فى نفسه وفى
غيره وأيضا فى محيطه.
هذه هى الرؤية التى نرغب ونريد أن نبنى النسان من أجلها وبأدوات عصرنا.
إنسان يتمتع بالصحة الروحية والصحة النفسية والصحة العقلية و الصحة
البدنية.
)(5
بعض المرتكزات للمشروع التعليمي الجديد
( 2تطور معارف النسان المكتسبة سار في اتجاه مماثل لما هو مقترح في
المشروع الجديد وتقريبا بنفس التدرج حيث بدأ النسان من المعلومات
المباشرة والبسيطة المرتبطة بالشياء المحسوسة وانتهى إلى الفكار
والمفاهيم غير المادية وتكوين العادات والتقاليد مع تراكم الخبرات ،ثم مرحله
التجريد ووضع النظريات والقوانين.
(6ما نتوقعه مستقبل من مشاكل صعبه ومعقده ،تحتاج عمل جماعيا ،يحتم
تدريب الجيال القادمة على طرق التعامل مع المعلومات ومعالجتها من خلل
التعاون وتقسيم العمل والستفادة من المهارات المختلفة لفريق العمل من
أجل حلول علميه متكاملة ،فالبرنامج التعليمي الجديد هدفه تأهيل الجيل
القادم ليتعامل مع مشاكله بروح الفريق وبكفاءة عالية .وهذا يوضح دور التعليم
فى العداد للحياة الجتماعية والعملية وسوق العمل .
من المتوقع أن تنتج العملية التعليمية طالبا يجمع بين النظري والعملي قادرا
على تطبيق معرفته لحل مشاكل حياته ومجتمعه ،طالبا له الصفات آلتية:
*********************
ثالثا :fرؤية غير مألوفة للتعليم العام
)(1
المشروع التعليمي العام الجديد
يهدف هذا المشروع إلى تدريب الطالب وصقل مهاراته للتعامل مع المعلومات،
ثم تطوير معلوماته حتى تصبح معرفة ثم علما .tوتدريب الطالب على ربط العلم
بالعمل من خلل تطبيقه لدوات المعرفة على مشاكله ليحلها ويتأكد من
صلحية الحل ثم يضع خطوات لتنفيذ الحل .وهذه هى العناصر بقليل من
التفصيل :
في هذه المرحلة يتم شحذ مهارات الطالب الخاصة بأدوات المعرفة من
تحليل وتركيب واستقراء واستنباط واستنتاج .ويتعلم الطالب أساسيات تفسير
الظواهر والنصوص والجمل اللغوية من خلل أمثلة بسيطة .وأيضا يتعلم
الطالب كيف يختار المعلومات المناسبة من كم هائل من المعلومات .ويدرب
على أخذ القرارات بناء على المعلومات و السلوك بناء على القرارات .وهناك
الكثير جدا من نشاطات الحياة العادية ومجالتها التي يمكن الستفادة منها
هنا لتطبيق ما يتعلمه الطالب مثل tفى السوق ومشاهدة ما يجرى فيه عرضا
و اختيارا و بيعا وشراء ،ومن السرة والتعامل مع أفرادها ،ومن المدرسة ،
ومن وسائل العلم ،ومن الرحلت ،ومن المسجد ،ومن ملحظة الرض
والسماء .من خلل كل هذا ،ومن خلل إبتكار المئات من النشطة
التعليمية ،يستطيع الطالب أن يشعر بالرتباط بين الفكار والمشاهدات وما
في الكتب وما يجرى بين الناس من تدافع تسير به الحياة .سوف يتعلم
الطالب الرؤية المتعددة البعاد ويكتسب القدرة على النقد و يطور قدرات
التذوق الفني والدبي ويقوم بكل ذلك من خلل أنشطه متنوعة تشترك فيها
قدراته البدنية والعقلية و حسه الجتماعي .وسيعمل كل ذلك على تعويد
الطالب على الربط بين الفكر والعمل.
بناء على ما سبق نقترح إلغاء النظام الحالي للتعليم بمراحله الثلثة ،
البتدائي والعدادي و الثانوي وفيه يقضى الطالب اثنتي عشرة سنة ،
ونستبدل نظاما آخر به .النظام الجديد يتكون أيضا من ثلثة مراحل بحيث
تتلءم كل مرحلة مع مستوى الدراك الطبيعي للطالب في الفترة العمرية
المقترحة ،و هذه ممكن معرفتها من الدراسات النفسية الخاصة بالدراك في
علم النفس ،و ستقسم المراحل بناء على مقدرة الطالب على التعامل مع
المعلومات إلى المراحل التالية .المرحلة الولى هي مرحلة التآلف مع
المعلومات ،و المرحلة الثانية هي مرحلة انتقالية لتحديد المجال المناسب
للطالب للتعامل مع المعلومات ،أما المرحلة الخيرة فهي للستقرار والتركيز
والتمرن على مجال المعلومات الذي يرغب فيه الطالب لكمال طريقة بعد ذلك
،إما عمل أو استمرارا في الدراسة .وكإقتراح أولى سنقسم المراحل إلى
مرحلة مدتها سبع سنوات ومرحلتين مدة كل منهما ثلث سنوات ،آخذين في
العتبار إمكانية إضافة مرحلة الروضة إلى هذه المراحل وإعدادها لتتسق مع
المراحل التالية.
المرحلة الثالثة :فى هذه المرحلة يتدرب الطالب على تطوير أدواته
المختلفة للتعامل مع المعلومات ،ويركز على المهارات المفضلة للطالب .ويتم
تدريب الطالب على تطبيق مهاراته في المجالت التخصصية التي يفضلها
الطالب والتي يرغب أن يعمل فيها أو يكمل دراسته فيها مثل :الداب ،
التذوق و النقد الفني ،الرياضيات ،اللغات ،الحاسب اللي ،الفيزياء ،
الكيمياء ،الدارة ،التجارة ،التاريخ ،الجغرافيا ،الفلسفة و غيرها .المقررات
المستخدمة سوف تعمد إلى تعليم الطالب من خلل النتقال من السهل
إلى المعقد ،ومن البسيط إلى المركب ،ومن المعلوم إلى المجهول ،و
تدريبه على اكتشاف النتظام من عدمه ،وعلى اكتشاف القوانين ،وعلى
الستنباط السليم والستقراء .بالضافة إلى ذلك محاولة تدريبه على
إستعمال الحدس وعلى تصميم و إجراء التجارب وتحليل نتائجها و إستعمال
الطرق العلمية فى حل المشاكل .ويدرب أيضا على التعميم والتخصيص ،
وعلى الختيار بين البدائل ،وعلى إختيار المعلومات التي يحتاجها من بين كم
هائل من المعلومات ) ، (assimilation mining, data fusionوعلى أخذ
القرار بناء على دراسة الولويات و البدائل والمكسب والخسارة .ومن أهم
المهارات المطلوبة هي إجادة قراءة نص مكتوب و تفسير الجمل والعبارات ،
والتذوق الدبي .
)(3
بعض التفاصيل لمراحل التعليم المقترحة
أول :اللغة
النسان ككائن اجتماعي يحتاج إلى لغة للتعبير وللحوار والنقاش مع الخرين.
واللغة هنا تثرى النفس و تغنى الحياة الجتماعية والدبية و الفنية فهي
ضرورة لزمة للحياة .وكثير من مشاكل النسان تنشأ من سوء إستعمال
اللغة وما يترتب عليها من سوء الفهم .فل جرم أن تكون اللغة هي أهم
المحاور التي يجب علينا أن نوليها الهمية الساسية في نظام التعليم.
وهناك كما tكبيرا tمن المعلومات يصل إلينا من الكون المادي و الطبيعة،
ولنتعامل مع هذا النوع من المعرفة وجب علينا أن نتقن لغته ،وهى لغة العلم
، .نحن أذن أمام لغتين :
(1لغة التخاطب و التحاور والتصال والتواصل ،لغة الدب والشعر والخيال ،لغة
التعبير عن النفس وعن المشاعر ،لغة النسان المخلوق للتعارف ) وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا( ،إنها في الساس ،لغة الم ،لغة القوم ،لغة الثقافة
والمة .
( 2لغة التعامل مع الكون ،مع الطبيعة ،مع الرقام ،مع الرموز .لغة التعامل
مع الفكار المجردة والنظريات ،لغة الحوار العلمي والتقني ،لغة النتاج
العلمي والبحث العلمي ،وهى هنا لغات الرياضيات ولغات الحاسب
اللكتروني.
ثانيا :المعلومات
هو هذا البحر العميق والممتد من المعطيات و المعارف والذي نعد الطالب
للتعامل معه .ومصادر المعلومات التي سيتعامل معها الطالب في المنهج
الجديد هي الطبيعة المحيطة بالطالب ثم وسائط نقل المعلومات المسموعة
و المقروءة و المرئية وهذه تأخذ أشكال متعددة .بالنسبة للطبيعة تؤخذ
المعلومات من الظواهر و الحداث عن طريق الملحظة و التسجيل وتصميم
التجارب التي تهدف إلى التركيز على مشاهدة ظاهرة محددة .أما بالنسبة
للمعلومات المأخوذة من وسائط نقل المعلومات من خلل حواس السمع
والبصر فهي تأخذ شكل الكلمات و الجمل و الصوات والشارات .والمعارف
النسانية تبنى إعتمادا على ما يتلقاه النسان من المعطيات عن طريق
المعالجة وتتبلور في شكل مدركات و تصورات و مفاهيم و قيم حول الكون
والحياة و النسان .وتأخذ الفكار المختلفة صيغا مكتوبة أو غير مكتوبة في
شكل فروض و نظريات و قوانين ومسلمات و كل هذا ينعكس في حياة
النسان في العقائد والعادات والتقاليد والقيم وقواعد السلوك .وهنا نجد
أنفسنا في خضم محيط المعلومات المتنوعة ومجالتها المتعددة وأعماقها
المتباينة وأبعادها المختلفة .إنها المعطيات والمعلومات والمعارف ،من أعماق
الرض إلى ما فوق السماء ،ومن أصغر المخلوقات الحية التي عرفها النسان
إلى معرفة خالق الكوان ،ومن الكوارك إلى المجرات .إن مصادر المعرفة هي
الساس الذي ولدت منه الفكار ودارت حوله العواطف والنوازع وأثارت العديد
من أشكال الحركة والسلوك والفعل والنفعال.
اللغة العربية :هي اللغة التي يستعملها الطفل من ميلده إلى وفاته ،
وهى اللغة التي يتعرف بها على محيطه ويتواصل بها مع والديه و أخواته و
الناس حوله ،فيتعود على وسيلة للتصال لها مفردتها المألوفة ،فل يتشتت
ذهنه من تعدد اللغات وإختلف اللكنات وتنوع المفاهيم والقيم والثقافات.
والتشتت من شأنه أن يؤخر نطقه ويشوه مدركاته .و الستقرار التعليمي في
المراحل الولى من أهم المرتكزات لبناء شخصية متوازنة .وفى هذه المرحلة
يجب أل نركز على القواعد اللغوية ،فالمرحلة العمرية للطفل ل تتناسب مع
التجريديات النظرية للقواعد النحوية ويشجع الطفل على حرية التعامل مع
اللغة بتنوع في الشكال بما يتناسب مع خواص الطفل النفسية والدراكيه
في هذه الفترة من عمره .وأكثر الطفال في هذه المرحلة يحبون أن يتكلموا
ويرسموا ،وعقلهم في هذا السن له إستعداد على حفظ العديد من الكلمات.
فيتدرب الطفل في هذه المرحلة على الستماع والرسم و القراءة المتنوعة
والعديدة المصادر )شريط ،مجلة ،فيلم ،رحله (…، ،ومجالت معرفية
مختلفة ) قصص ،علوم (… ،في صور وأشكال بسيطة .وتصمم الكتب
والنشطة التعليمية المختلفة لتدريب الطالب على إستقبال وإرسال
المعلومات البسيطة في شكل كلمات و جمل و رسومات وإشارات .ويتدرب
الطالب على وصف وتقسيم وتصنيف المعلومات ويعبر عن ذلك كلما و رسما
وكتابة أو تمثيل .ويتدرب أيضا على إستعمال القلم واللسان في الحوار
والكتابة والرسم .ويتدرب على إستعمال أجهزة التسجيل الصوتي والمرئي
والحاسب ،ويتم التركيز على إتقان القراءة وزيادة سرعتها ،وآداب النصات
والسماع و الحوار والكلم .ويعود الطالب على استعمال حصيلته اللغوية في
الربط بين الكلمات في معاني بسيطة في مجالت متعددة .وتصمم النشطة
الفصلية المختلفة لتدريب الطالب على صقل مهارته المعلوماتية وطرق
الستنتاج وأخذ القرارات .
الرياضيات :و الرياضيات ،لغة العلم والفيزياء ،هى اللغة الثانية المصاحبة
للغة الحوار و التخاطب والدب .وفى مقرر الرياضيات سيتدرب الطالب على
التعامل مع الرقام والرموز والمفاهيم الحسابية و المنطق الرياضي البسيط .
وستعمد النشطة المصاحبة على تدريب الطالب على التطبيقات الرياضية
المرتبطة بظواهر طبيعية واجتماعية مألوفة له و يوجه الطالب إلى التعرف
والتمييز واكتشاف النماذج ) (patternsالرياضية البسيطة وطرق الستنتاج
الرياضي.
في نهاية هذه المرحلة تقاس مهارات الطالب المختلفة ) تحدد بالضبط عند
وضع المنهج( ومن خلل طرق التقييم تحدد عدة إتجاهات تصف ملمح الطالب
المعلوماتية مثل حب الشعر والدب أو الهتمام بالحشرات أو النباتات أو الفلك
،أو حب التاريخ والقصص ،وهل يفضل الطالب الرسم أو القراءة أو الكلم أو
الكتابة ،وهل يحب الطالب الحفظ أو التحليل .وبناء على ذلك يوجه الطالب
فى المرحلة الثانية.
هذه المرحلة تسير على خطى المرحلة الولى مع زيادة في العمق ،والتركيز
أكثر على طرق التعامل مع المعلومات .يبدأ الطالب هذه المرحلة وهو يمتلك
مهارة في إستقبال المعلومات ) الملحظة والقراءة السريعة و التركيز
السماعي( بحيث تمكنه هذه القدرة من زيادة عدد و تنوع الوسائط التي
يستخدمها في المقررات الدراسية )كتب ،أفلم ،شرائط ،برامج كمبيوتر( ،و
في هذه المرحلة يستكمل مقرر اللغة العربية من حيث درجة إستعمال اللغة
سماعا tو قراء tه و فهما tو تعبيرا tو تحليل مع الكثار من موضوعات القراءة
والتنوع في مجالت المعرفة و عمق التناول .في هذه المرحلة يوجه الطالب
للتعرف على القواعد اللغوية ،عن طريق الستقراء ،مع زيادة حصيلته من
الكلمات وتدريبه على إستعمال الكلمات والفكار بعرضها كتابة أو إلقاء )خطبة
و محاضرة ودرسا( أو رسما tكل ذلك بإستعمال السلوب الملئم ) أساليب
العلم أو الدب و اللقاء أو الخطابة(.
وبالضافة إلى اللغة العربية والرياضيات يضاف مقرران جديدان وهما اللغة
النجليزية والتعريف بلغات الحاسب اللكتروني .فاللغة النجليزية هي اللغة
المتداولة عالميا وهى اللغة المستعملة في علوم العصر وثقافته ولبد من
إجادتها حتى يمكن التعامل مع منجزات العصر علمه و آدابه وأجهزته و
شركاته ومؤسساته .أما الحاسب اللكتروني فهو المارد الجديد لعصر
المعلومات ،ولكي نستطيع السيطرة عليه والستفادة منه يجب أن نتقن
علومه وتقنيات إستعماله .والحاسب هو الوسيلة المستعملة بكفاءة عالية
لمساعدة النسان في المعالجة السريعة للمعلومات الوفيرة ،وفى حل
المشاكل .وطرق التعامل مع الحاسب تعلم الطالب التفكير المنطقي وهذا
شئ مطلوب في إنسان المستقبل .وتخصص و توزع مقررات الدراسة في
هذه المرحلة تبعا لتجاهات الطلب ،فل يدرس كل الطلب نفس الكتب بل
يقسم الطلب إلى مجموعات متجانسة في التجاهات المعلوماتية والعلمية
وتوجه كل مجموعة من الطلب إلى ما يناسب إتجاهها ،فتتعامل من وسائط
المعلومات المطلوبة لتقان المهارات المطلوبة .
فى هذه المرحلة يتدرب الطالب على تطبيق ما تعلمه من طرق التعامل مع
المعلومات ،ومن إستخدام التفكير السليم و الطريقة العلمية في مواجهة
المشاكل ،طرق حل المشاكل ،والقراءة السريعة ،وتنظيم الوقت ،وكيفية
أخذ القرار الكثر سلمة ،والتذوق الدبي .ويعرف الستخدام المناسب لكل t
من الطرق العلمية والدبية في التعبير و إستعمال غير ذلك مما تعلمه ،وكيف
يوظفه ويستعمله في المجال المهني أو العلمي الذى يحب ان يتخصص فيه ،
من المجالت المتوقع أن يجد فيها وظيفة أو تطلبها الجامعة لكمال دراسته
بعد هذه المرحلة .هذه إذن مرحلة للتأهيل لمستويات أعلى يستطيع فيها
الطالب الستفادة من قدراته في التعامل مع المعلومات لتقليل الزمن لكمال
دراسته أو إنجاز عمله بكفاءة عالية .وبهذا يتحول دور المعلم من ملقن إلى
موجه ومربى .
كل ما سبق يمثل الطار العام للمشروع ومراحل التعليم الثلثة المقترحة ،
وهى أفكار توجهنا عند التخطيط للدراسات التفصيلية.
*****************************
رابعا :fالتعليم العام ومفهوم التربية المأمول
تكلمنا عن الجزء المعرفى ووضعنا أهدافا للتعلم وهى تدور حول قدرات
ومهارات عقلية لجمع وتصنيف ومعالجة المعلومات للوصول إلى معارف ،ولكننا
لم نطرح بعد الهداف السلوكية المطلوب تحقيقها تربويا ، gوكيف تؤثر وسائل
العلم و الثقافة السائدة والعادات والتقاليد على تغيير المعنى الساسى و
المعروف للتربية .لقد تحولت التربية إلى مقررات للدراسة حول معنى التربية
وفلسفة التربية والنظريات التربوية وإنفصلت عن الحياة وإنعدم تاثيرها على
تغيير الواقع السلوكى للطلب والمدرسين والساتذة .وأصبحت التربية مرتبطة
بالحصول على معارف ومعلومات حول التربية وليس تحقيق أو تعديل سلوكاg
غير ملئم .وت tعود الطلب ان يدخلوا المتحان للنجاح فى مادة التربية ول يهم
المعنى الحياتى للتربية وحتى ان بعض مدرسى التربية يناقضون كل ما
يعلموه للطلب عن التربية من خلل تعاملهم الفعلى فى الفصل مع الطلب
وهم يدرسون مادة التربية.
البحث عن معنى للتربية وكيف نحقق هذا المعنى عمليا gفى المدرسة أو
الجامعة هى محور أساسى سوف نتعرض له بإختصار فى هذا الجزء من
رؤيتنا المستقبلية للتعليم.
)(1
إعادة المعنى لمفهوم التربية
هذا عن التعليم والتعلم ولكن أين نجد التربية؟ وما معناها؟ التربية شىء
محير فى النظام التعليمى السائد من عقود .هناك كليات للتربية وهناك
مقررات لعلوم التربية ،كما ان هناك نظريات خاصة بالتربية والعلم والتعليم
والتعلم .أيضا هناك مقررات خاصة بفلسفة التربية وفلسفة التعليم وفلسفات
العلم .ولكن من ملحظة ما يحدث فى غرف التدريس فى المدارس وقاعات
المحاضرات فى الجامعة ،ل نجد فرقا جوهريا بين ما يجرى فى كليات التربية
وبين ما يجرى فى غيرها من مدارس وكليات .بمعنى كلها مقررات ،كتب و
محاضرات و دروس ،يتلقاها الطالب ويذرسها ويتذكرها للمتحان وينساها بعد
التخرج .إذن ما هى التربية؟ وما الداعى لها؟ وهل الوقت والمال الذى
يصرف عليها له عائد إنسانى؟ أسئلة ملحه يجب أخذها فى العتبار عند
كل من يفكر فى إصلح أو تطوير نظم التعليم أو البحث عن معايير للجودة.
)(2
الملمح التربوية المرغوبة
فماهو البرنامج التربوى الذى نطبقه وكيف نطبقه ومن يقوم بهذا العمل؟ و
كيف نتحقق ان الطالب اكتسب سلوكا gمرغوبا gتربوياg؟
-أن يستمع جيدا gقبل ان يرد أو يناقش ويختار اللفاظ الجيدة فى اللغة
للتواصل.
-ان يتدرب على النظر من منظور متعدد البعاد ول يكون أحادى الفكر والحكم.
-ان يكون إيجابيا gويشارك فى العمل ويفهم معنى التعاون.
-ان يقود مجموعة من الناس ويحقق مفاهيم الدارة والقيادة والحترام
والطاعة.
-ان يتحكم فى لسانه فل يسب أو يلعن.
-ان يعرف كيف يصبر ويتحمل ومتى.
-أن يعرف حقوقه وواجباته وان يعرف القوانين السائدة فى بلده ويقرأ دستوره.
-ان يثابر ويقاوم الخطأ ويستطيع ان يدافع عن نفسه وعن حقوقه.
-أن يشعر ويحس بالجمال ويتذوقه ويعبر عنه ول يحصره فى الجمال الحسى.
-ان يقبل الخر ويتعامل معه ،و يقتنع بمعانى التعددية وطبيعة الختلف.
-أن يتعلم ان يحب الخرين ويتعاطف مع المهمومين.
-ان يعلم نفسه وينمى قدراته ويتعلم النقد الذاتى.
-ان يميز بين الخير والشر عمل gوليس قول gفقط.
-ان ينفذ الشورى أو الديمقراطية عمل gحياتيا gعن قناعة.
-ان يكون منتميا gويقدر على المشاركة اليجابية والتفاعل المثمر الجماعى
لحل المشاكل.
-ان يثق بنفسه ووطنه ويكون رأيا gلنفسه ويستطيع ان يأخذ قراراg.
-ان يعرف كيف يخاطب الخرين وكيف يختار الكلمات الملئمة.
-ان يعرف كيف يشتكى و يتحكم فى إنفعالته ويعبر عن نفسه.
-ان يكون إيجابيا tونشطا gوفعال gومقبول tإن لم يكن محبوبا.g
-ان يكون متحمل gمثابرا gصابرا gمتفائل.g
-ان يتعلم التأنى و يتحكم فى نوبات الغضب والكتئاب.
-ان يقلل من نزعات التسلط والتفرد والتعصب والعنف.
-ان ل يكتفى بعرض المشاكل ،بل يفكر فى حلول لها ويكون شخصية قادرة
على المبادرة.
-ان يدرك أخطاؤه ويعترف ،بما سببته من مشاكل ويعمل على تصحيحها.
-ان يعرف معنى اللتزام و يدرك تبعات المسئولية الفردية.
-ان يعى أن مفهوم العبادة الدينى من أفضل وسائل التربية النفسية.
-ان يتعلم ربط الفكر بالواقع والكلم بالعمل.
-ان يربى عادة التفاؤل و يتعلم كيف يحلم.
أليست هذه امور تسعى اليها التربية؟ و هل هذه المواصفات تحتاج تربية
وتدريب أم إنها أمور تقرأ وتدرس؟ وكيف ننمى سلوك الطالب فى التجاهات
المرغوبة كفرد وكعضو فى مجموعة؟ هذه الصفات وغيرها كثير تحتاج إلى
إبتكار وتصميم مجموعة كثيرة من النشطة العملية ،الفردية والجماعية ،
والتى تتأسس على القيم التربوية المراد تنميتها فى الطالب .وتجرى هذة
النشطة فى داخل الفصل الدراسى وخارجة ،ويطلب من أسرة الطالب
المشاركة فى العداد لها .ولبد من وجود المربى الذى يلحظ و يكتشف
الخطاء فى التطبيق ومن ثم يعدل .هذا هو المطلوب وليس حصص و
محاضرات وكتب ومقررات.
فى الرؤية الجديدة يجب إعادة تصميم الدوار لعناصر العملية التعلمية من
طالب ومدرس وإدارى حتى تنسجم مع ما تم عرضة حتى الن.
إذا كان دور المدرس فى الجزء التعليمى يجب ان يتغير ليكون المدرس مثل
المايسترو أو قائد الوركسترا أو مخرج السينما ،فإن دور المدرس كتربوى
يجب أن يضاف إلى دوره التعليمى ،فهو هنا يعمل كشيخ طريقة أو قائد
ميدانى أو كوالد فى أسرة أو معد برامج وموجه أنشطة .المدرس هنا مربى
يستطيع أن يتعامل مع الطلب بإختيار السلوب المناسب فى الظرف
المناسب والموقف المناسب .بين الحنو والقسوة ،وبين الشدة واللين ،وبين
التدليل والحزم ،يعطى الطالب ما يحتاجه تربويا tليعود ذلك إيجابيا tعلى
العملية التعليمية بإحترام المدرس وطاعتة بل خوف أو إرهاب .مربى يعمل
على تقليل ميل الطلب إلى اللمبالة وعدم النتماء والنعزال ما أمكن.
المدرس هنا يجب ان يكون هو القدوة فى الجانب المعرفى والجانب التربوى.
لقد تعود الطالب ان يلعب دورا tسلبيا وليس مركزيا ، tالمدرس هو الذى يتكلم
ى دائما ، tل يتفاعل ول يتواصل ول يناقش .ولقد ا tن الوان
دائما والطالب متلق t
ان يكون التلميذ هو محور العملية التعليمية والتربوية ،لبد ان يشارك فيها
بمجهوده ومشاركاته ول يكون سلبيا tمستمعا tمتلقيا دوما ،tيحفظ للمتحان
لينسى ما تلقاه بعد إكمال الجابة على ورقة السئلة.
ألدارة التربوية والتعليمية لها ان تغير من دورها المعتاد لتشارك إيجابيا فى
العملية الجديدة من خلل الحوار واللقاءات وإبتكار وسائل جديدة للتقويم
والتفاعل مع المدرس والطالب والسرة والمشرف الجتماعى ومدرس اللعاب
الرياضية .وتعدد النشطة التربوية ومشاركة الجميع فيها هو من أهم عناصر
نجاحها .ولبد ان تبتكر اساليب جديدة لوضع منهج يدمج التربوى مع المعرفى
د
ولبد أن يستفاد أكثر من الجازة الصيفية الطويلة ،فيكفى الطلب شهرا واح t
فى الصيف.
)(4
خلصة
ليست التربية اذن هى إكتساب معارف عن طريق مقرر دراسى ،بل هى
تدريب سلوكى للتعامل مع مواقف حياتية محتملة فى أغلب المجالت الفردية
والجماعية .الطالب يتصرف مع نفسه ومع زميله ومع مدرسه ومع اسرته من
أخوة ووالدين وأقارب .وأيضا tيتدرب كيف يتعامل مع أبناءه وزوجته مستقبل ، tأو
رئيسه فى العمل أو كيف يكون مرؤسا .tوالتربية هنا هى فى تعديل السلوك
لكى يتعود الطالب أن يكون أكثر إيجابية وأقل سلبية ،فى حدود قدراته وملمح
شخصيته المرتبطة بتركيب جيناته الوراثية التى خلقه ا بها.
التربية تسعى لنتاج بشر بمواصفات معينة ،وكل ما نرجوه ان يكون بشرا tل
يساق ويقاد دون وعيه وإختياره ،بشر ل يستعبد من بشر مثله ،بشر ل يقسر
على الطاعة ولكنه يطيع عن قناعة وإختيار ،بشر ل يسجن فى فصول دراسية
ويفقد ما أخذه فى غرف الدراسة عندما يتعرض للهواء خارجها .تربية ل تنفصل
عن واقع التعامل فى الحياة ،بل تربية تنتج إنسانا tيسلك سلوكا واعيا اراديا،
يتحمل تبعاته وملتزما tبمسؤلياته .ولبد ان تكون الصفات المرغوبة قابلة
للوجود خارج جدران الفصول الدراسية ،وان ل تتناقض مع ما هو منتشر
ومتداول من سلوك سائد فى المجتمع و السرة ،وبين الصحاب وفى وسائل
المواصلت والسوق ،وإل لن تؤدى التربية دورها المأمول .فبدل tمن تعديل
السلوك السىء فى المجتمع والسوق يكون السلوك السائد هو القدوة
وينسى الطالب أو ييأس من النسجام مع السائد من سلوك .وهذا التناقض
بين ما يقال فى الخطب والمحاضرات والدروس والكتب عن السلوك الممتاز
والقيم النبيلة ،وبين ما يحدث بإستمرار فى الحياة العامة والبيت والعمل
والنادى ،هذا التناقض هو من أسباب تدهور الحياة المدنية ومن ظهور كل
اشكال العنف أو النعزال أو عدم النتماء أو الثقة بكل ما يحدث فى الدولة.
وهذا لن يؤدى بنا إلى رؤية مستقبلية مأمولة ،بل ربما أدى بنا إلى الذهاب
إلى هامش التاريخ .وما النتيجة إذا ، tاذا كان النظام التربوى يعمل على خلق
مواطن قوى وأمين فى داخل المدرسة ولكن هذا المواطن يلحظ ان المدرسة
تدربة على المانة وعدم السرقة والوضوح والصراحة وعدم خلق الكاذيب
واليجابية و هو ل يجدها خارج المدرسة ،بل يجد نفاقا وسلبية ول إنتماء ،
ويقرأ فى الصحف عن كسب غير مشروع وسرقات .ول يجد فى المجتمع صور
متكررة للحب والخوة والتكافل والروح الرياضية واللتزام وتحمل المسئولية.
ويسمع عن الحرية والمساواة والشورى والديمقراطية ولكنة ل يراها فى حزب
ول فى بعض اسر المعارف والصدقاء .وماذا عليه ان يفعل بعد كل هذا اذا
كانت شخصية الفهلوى هى المثال؟
كل ما سبق إذا أمكن تحقيق جزءا منه فأنه يحقق مفهوم النماء الفردى
ويؤدى إلى تفعيل مفاهيم التنمية البشرية .ولكن هل هذا ممكن؟ أين
المدرس التربوى وأين الدارى التربوى وهل هناك إمكانية مالية لتحقيق هذا
الحلم التربوى؟ والجابة باليجاب ،إذا خلصت النية و صحت الرادة على
تحقيق رؤية لمستقبل الوطن .والميزانية المالية ممكنة لو تصورنا ان بناء
المواطن السليم هو اولى واجبات الدفاع عن الوطن ،والصرف على المواطن
مثل الصرف على السلحة والطائرات والصواريخ والمدرعات والدبابات
والغواصات إن لم يكن له الولوية فى المئة سنة القادمة .ولتدمج ميزانية
التعليم من ميزانية القوات المسلحة.
**********************
خامسا :fما بعد التعليم العام من منظور مختلف
عند البحث عن تطوير التعليم العالى ل يمكننا فصل إرتباط التعليم العام وتأثيره
على التعليم العالى .وكل التعليم العام والعالى مرتبط بسياسة الدولة
العلمية وفكرها التعليمى .فقد تعود الطلب ان يذهبوا إلى الجامعة بعد إنهاء
تعليمهم العام ،لذلك فلبد ان يكون هناك إرتباط بين وزارتى التربية والتعليم
والتعليم العالى ،وهذا الرابط هو وضع أهداف كل الوزارتين وسياستهما ضمن
إستراتيجية الدولة وفكرها الوطنى و القومى والقطرى والدولى .والساس فى
كل ذلك هو مواصفات المواطن الذى تعمل على تحقيقه إستراتيجية الدولة
فى محيطها المحلى والعالمى .والسؤال هو أى مواطن تريده الدولة وتعمل
على تكوينه من خلل كل أنظمتها التعليمية و القتصادية والسياسية
والجتماعية والدفاعية؟ من الذى يقوم بتحقيق سياسة الدولة العلمية
والبحثية والتعليمية غير المواطن ،فكيف نعده ليحقق طموحات دولتة وأماله
هو أيضا t؟ ومن ناحية أخرى فالمتخرج من النظام التعليمى يجب ان يجد لة
عمل tمناسبا tووظيفة ،وان كان النظام التعليمى غير مسئول عن توفير فرص
عمل للمتخرجين فإن المجتمع والدولة هما المسؤلن الساسيان عن توفير
فرص العمل من خلل مؤسسات الدولة ووزاراتها ومصانعها وشركاتها
والسواق وغيرها من اماكن تحتاج عمال وموظفين ومهندسين ومدرسين
وأطباء وغيرهم .ودور الدولة هنا أساسى فى وضع القوانين والتشريعات التى
تسهل هذا النسجام والتألف بين الدولة والمجتمع بكل كياناته للتعاون من
أجل مواطن يثق فى دولته وفى مجتمعه ويزيد إنتمائة وولئه لهما ،ويوثق
إرتباطه بأرضه مع مبالته وعدم إنعزاله عن مواطنيه مع التوازن بين فرديته
وأنانيته وواجباته تجاه الخرين .أليس كل هذا يدخل فى مفاهيم التنمية
البشرية؟ وهل يمكن للبلد أن يتقدم فى كل المجالت دون هذا النسجام بين
مؤسسات الدولة ومواطنيها؟ وهل يمكن تحقيق أهداف الدولة وإستراتيجيتها
دون وجود هذا النوع من المواطنين؟
إذن ل يمكن فصل نظام التعليم عن كل أنظمة الدولة ،وإذا أردنا ان نطور نظام
التعليم ونبحث عن جودته دون أخذ هذه العتبارات ،فإن مفهوم التطوير يفقد
كثيرا من معانيه وأهدافه ويصبح التجويد مصطلح بل معنى وتفقد الدولة
والمجتمع قوة جهازها المناعى ،وتصبح أكثر عرضة للمراض .ومن أجل الربط
بين نظام التعليم وخريجيه وبين الدولة والمجتمع المدنى ،أقدم هذا القتراح
لمرحلة أخرى موازية للتعليم العالى .هذه المرحلة إختيارية للطالب بعكس
مرحلة التعليم العام الجبارية لكل مواطن .فى هذه المرحلة على الطالب ان
يختار ما يراة مناسبا tله كمستقبل مهنى .ألختيار هنا مرتبط بتصنيف الطالب
تبعا tلكفاءاته وقدراته ومهارته وهواياته التى سوف يتم قياسها فى مرحلة
التعليم العام.
ما أقترحه هنا يحتاج تأمل طويل ،ومناقشات جادة لنه إقتراح جديد ومن
منظور مختلف .من المفترض ان يقوم نظام التعليم العام المقترح على إخراج
أعداد كبيرة من المواطنين بمهارات وقدرات ومواهب وإستعددات مختلفة .فى
العلم والدب والفن والعمال اليدوية والحرفية ،وغيرها .ولبد ان تعمل طرق
التقويم فى السنة الخيرة من التعليم العام لتصنيف الطلب على هذا
الساس .وهذا التصنيف هو الذى يساعد على توجيه الطلب لختيار
مستقبلهم المهنى بعد مرحلة التعليم العام .فى الفترة التالية بعد التقويم
يستطيع الطالب بمساعدة مشرفين ومدرسين ومربيين من مدرسته ان
يحددوا ميول الطالب ورغبته فى مجال عمله المستقبلى .يمكن للطالب ان
يميل الى العمل فى شركة او مؤسسة او مصنع او وزارة معينة او مدرسة او
بنك أو سلك القضاء والمحاماة أو فى مستشفى أو فى عمل حر أو فى
ورشة أو محل تجارى أو مطعم أو فى كتابة الشعر أو القصة أو العمل الصحفى
أو العمل الدينى أو ان يكمل دراسته فى الجامعة .ويكون من مسئولية الدولة
ان تضع قوائم بكل الماكن الممكن ان يعمل فيها المتخرج مستقبل . tوتعمل
الدولة بالتعاون مع المسؤلين عن التشغيل فى أماكن العمل الممكنة لمعرفة
متطلباتها من عمالة فى السنين القادمة .وبنا tء على ذلك يتقدم الطالب
المتخرج من التعليم العام إلى جهة العمل التى يرغب فيها وتكون مسئولية
هذة الجهة هى إكمال تعليم وتأهيل المقبول بحيث يحقق مؤهلت العمل
المطلوب ومهاراتة ،وهذا ما تحدده الجهة التى سيعمل بها ،فهى التى تحدد
نوع المعارف والمهارات المطلوبة وتعمل وحدها أو بالتفاق مع الجامعة على
وضع المقررات اللزمة لذلك .أويمكن لكل جهات عمل متشابهه ان تنشىء
كليات لها تعمل على تأهيل موظفوا المستقبل وتضمن لهم العمل أيضا .tوبناء
على ذلك تكون أحد مسؤليات كل أماكن العمل فى الدولة هى تحديد
إحتياجها من العمال والموظفين مستقبل ، tوتقوم بإختيارهم مقدما tمن
خريجى التعليم العام ،وتعمل على إكمال تعليمهم وتأهيلهم كعمالة لها فى
السنين القادمة .وتعمل هيئات العمل على إختيار ما يلئمها من مقررات
ومعارف ومهارات ،لكمال تعليم ما إختارتهم وهى مسؤلة بالصرف عليهم.
ويمكن لها ان تاخذ ما صرفته عليهم من مرتباتهم بعد تخرجهم .وهذه
المرحلة مصصمة لخدمة المجتمع من خلل الوظيفة ،ولخدمة سوق العمل
ولتحقيق حاجات المتخرج الراغب فى العمل .هذا عن المقترح الجديد
بالتعليم الموازى للتعليم الجامعى ،وماذا عن التعليم الجامعى؟
**********************************
سادسا :وماذا عن التعليم العالى أو الجامعى
عند الحديث عن التعليم الجامعى يتبادر لنا السئلة التية :هل الدولة
والمجتمع فى حاجة لهذا النوع من التعليم؟ وهل هناك عائد إقتصادى من
وراءه؟ وهل هذا التعليم يؤثر على الحالة الصحية والنفسية والفكرية والروحية
للمجتمع؟ وما هى أهداف الدولة من وراء التعليم العالى؟ هل الدولة فى
حاجة لخريجى الجامعة لملىء الوظائف الشاغرة؟ أم انها فى حاجة لجامعيين
قادرين على حل مشاكل دولتهم ومجتمعهم؟ هل الدولة تريد خريجين لدارة
شئون الدولة مستقبل t؟ أم ليقدموا خدمات لمواطنى الدولة؟ أم هى فى
حاجة لخريجين مؤهلين تأهيل tعاليا tليكونوا كوادر البحث العلمى فى الدولة؟
أم تريد الدولة مواطنين أكفاء ليقوموا بتحقيق أهداف وخطط الدولة؟ هذه
السئلة تحتاج نقاشا tموسعا tمن كل المهتمين بالتعليم فى الدولة.
)(1
لماذا الجامعة؟
لن يعتمد دخول الجامعة على شهادة المرحلة السابقة او على مجموع
الدرجات ولكن على تصنيف قدرات الطالب المتعددة كما وصفت فى خطط
ومقررات التعليم العام .هذه المرحلة من التعليم ستخصص أساسا tللطلب
الراغبين فى إكمال دراستهم دون اى مسئوليه من الجامعة بتوفير فرص عمل
للمتخرجين بدرجة علمية جامعية .فالجامعة هنا مخصصة لمن أحب الدراسة
للتعمق فى العلم وهى لمن أراد ان يدرس مثل tالدب أو التاريخ أو الفلسفة أو
فلسفة العلوم أو الهندسة أو الطب .و تكون مسؤلية الجامعة فى هذه
المرحلة هى إعداد الكوادر المطلوبة لمؤسسات البحث العلمى ،أى لتخريج
علماء وفقهاء فى العلم والدين والقانون ،بل قادة فى الرأى والفكر .بالضافة
الى ذلك تكون من مسؤلية الجامعة التعاون مع كل المؤسسات والوزرات وكل
أماكن التوظيف فى إعداد المناهج لها والتطوير المستمر للتعليم ،والعمل
على تقديم ورش العمل و برامج للدبلومات المتخصصة و لدرجات الماجستير
والدكتوراة والتى توجه لحل مشاكل الدولة و تحقيق أهدافها المستقبلية.
والتعليم الجامعى ليس مجانيا ، tوهو مشروط بتوفر قدرات ومهارات للطالب
يمكن معرفتها من شهادة التعليم العام .ولتوفير فرص اللتحاق بالجامعة
للطلب المقبولين من محدودى الدخل تعمل الدولة على تشجيع الغنياء
والبنوك على دفع مصاريف الطلب بشروط ميسرة للسداد عندما يحصل
الطالب الجامعى على وظيفة بعد تخرجه .وتتمحور الدراسة فى الجامعه حول
الطالب أساسا tكمركز للعملية التعليمية ،ول يكون هناك كتاب مقرر بل مكتبة
يستطيع الطالب ان يبحث هو عن الكتب التى يراها مناسبة للمقررات .ويكون
دور الستاذ هو دور الموجه والمناقش وليس دور المحاضر .وفى الدراسة
الجامعية يتدرب الطالب على إستعمال طرق البحث المختلفة فى تناسق.
فليس هناك بحث نظرى فقط أو بحث عملى فقط أو بحث بإستعمال الحاسب
اللى فقط ولكن الدراسة تدمج الطرق المتعددة للبحث معا حتى يمكن
الطمئنان لصحة نتيجة البحث.
)(3
مثال من التعليم الهندسى
قبل إنشاء كليات هنسة جديدة ،أو تطوير التعليم الهندسى الموجود ،أو
مراجعة المناهج والمقررات الهندسية ،علينا ان نسأل لماذا دراسة الهندسة؟
ماذا نريد منها للدولة وللوطن وللفرد؟ ماذا نريد من المهندس المتخرج ؟
التصليح أو التصميم أو التجميع أو الصيانة أو بيع منتجات المصانع أم البحث
والتطوير للصناعة ؟ أم إبتكار تكنولوجيا مطلوبة للدولة؟ وما دور الهندسة فى
عمليات التسليح والدفاع عن البلد؟ وما دورها فى التنمية؟ وما دورها فى
تحسين إقتصاد البلد؟ وما اهميتها فى إعداد كوادر البحث العلمى ؟ وما هى
حاجة السوق المصرى والعربى والعالمى من مهندسين بكفاءات يتطلبها
سوق العمل؟ وبعد الجابة على هذه السئلة ،يجب ان تعيد كليات الهندسة
صياغة أهدافها فى التعليم الهندسى حتى تخدم أهداف المجتمع ومصالح
الدولة وإستراتجيتها ذات الصلة بالرض والمواطن والعالم العربى.
ومن أهم مسؤليات المهتمين بالتعليم الهندسى تحديد الملمح التى نريدها
لمهندس المستقبل فى مصر والعالم العربى؟ و هل هناك علقة بين علوم
الهندسة وما يجرى خارج كليات الهندسة فى الحياة و المصانع والشركات؟ و
هل دراسة الهندسة ليست لها علق بالسوق والقتصاد ودورة رأس المال ؟
وبناء على ذلك تعاد صياغة المناهج الدراسية.
ويمكن ان تقسم أهداف المنهج الهندسى إلى اربع مجموعات من الهداف ،
ويكون واجب كليات الهندسة تحقيقها .المجموعة الولى هى تمكن كل
الخريجيين من الساسيات التى ل غناء عنها لى مهندس ،وهى تضمن
المفاهيم والمبادىء والقوانين والطرق الهندسية لفهم الفكر الهندسى .أما
المجموعة الثانية من الهداف فهى تعمل على تأهيل المتخرج ليكون متمكنا t
من أساسيات الرياضيات والفيزياء الضرورية لكل التخصصات الهندسية .وبعد
ذلك تأتى الهداف المرتبطة بكل فرع او تخصص هندسى مثل الهندسة
المدنية والهندسة الكيميائية وغيرها من التخصصات .وعلى المتخرج من أى
تخصص أن يثبت تمكنة من أساسيات تخصصه .وأخيرا tفهناك الهداف التى
ترمى إلى تفهم الخريج لساسيات الدراسات والعلوم السياسية والجتماعية
من منظور هندسى حتى يستطيع المهندس ان يربط الدراسة الهندسية بما
يحدث فى السياسة والقتصاد وتأثيرها على المجتمع من تغيرات وتطورات.
لن الدين لزال مؤثرا tفى فكر وسلوك المواطنين ،وسيظل مؤثرا ، tفيجب
تخصيص جزءا tمن المجهود لتطوير التعليم لمراجعة المنهج الدينى الموجود
فى مناهج التعليم .هناك إيجابيات كثيرة فى الدين يجب التأكيد عليها ،وهناك
سلبيات فى سلوك بعض المتدينيين ومفاهيمهم ،يمكن تعديلها بالعودة إلى
أصول الدين النقية وثوابته مع الفقه الصيل الذى تميزت به الجيال الولى من
المسلمين وفهمهم العميق للدين ودوره فى الحياة .وهنا تكون الدعوة إلى
إعادة فهم الدين وتدريسه وتعليمه والتدرب على تطبيقه من خلل مقاصده
وأهدافه ،ومراجعة أى سلوك وحكم بناء على كيف نحقق أهداف الدين
ومقاصده ،فى الظروف المحيطة ،بفهم أعمق للصول والنصوص .الدين كما
فهمه الصحابة جاء للحياة هنا على الرض ،وللنجاح بعد إنتهاء الحياة عليها .و
من أهم اهداف الدين الكبرى ثلث أهداف تتلخص فى التوحيد والنماء الفردى
والجماعى وفى الستخلف وعمارة الرض .وهذه الهداف تغطى الدنيا و
وتحقيقها يحقق الفوز فى الخرة.
ويجب إعادة كتابة الفقه بلغة يمكن أن يستوعبها الطالب ،ويجب أن يعى
الطالب الصول والقواعد الفقهية الساسية وهى سهلة للطالب الذى نرجو
تخرجه من التعليم العام الذى اقترحناه .فهل يصعب على الطالب أن يعى ان
الصل فى السلم هو الباحة وان الستثناء هو المحرم .وهل يصعب على
الطالب ان يفهم ان من مقاصد الشريعة حفظ العقل والدين والنفس والمال
والنسل .وهل يصعب على الطالب فهم ان الصل هو التيسير وليس التعسير،
و إن الكثير من دللت النصوص ظنية وليست قطعية ،وهل يصعب على
الطالب إستيعاب قاعدة أخف الضررين أو قاعدة درء الحدود أو قاعدة دفع
المضرة مقدم على جلب المنفعة ،وغيرها كثير .لقد تعود كثير من المسلمين
ان يقرأ فى كتب الفقه ليأخذ حكما دون أن يعرف الشروط وغيرها ،أو ينقل
فهمه لقضية فقهية ليجيب ويفتى شخصا tيسأله ،ولكن إذا استطعنا أن نعلم
الطلب كيف يستخرج الحكم من النص ،وان هناك علة وهناك حكمة من وراء
كل حكم ،وان كتب الفقه المتداولة هى مثل كتب المسائل المحلولة ،التى
تعود الطلب ان يحفظوا مسائلها لينجحوا فى المتحانات ،إذا ادرك الطلب
هذا لقلت أعداد الفتاوى السهلة ،ولقل عدد هؤلء المفتيين الموجودين على
القنوات الفضائية .وهل إذا تعلم المواطن هذه الصول ،وإذا تحقق له فى
الحياة مصالحه الضرورية كما بسطت فى كتب الفقه ،وإذا عرف المواطن
الحلل والحرام ،وان ما حرم قليل مقارنة بالمباح ،واذا إستطاع أن يقرأ القرأن
ويفهم الحديث ،هل تتوقع ان نخاف على الدين من اى مصدر كان؟
)(5
مثال من العلوم والدراسات السياسة والجتماعية
ولكن الواقع يشير إلى أن هذه العلوم إنفصلت عن إرتباطها بالمصدر الذى
أوجدها ،وهو الحياة و الناس و المجتمع و الثروات وتبادلها وغيرها كثير من
أمور الحياة .لقد إنحصرت هذه العلوم فى مقررات ومناهج وإمتحانات داخل
فصول مغلقة .والسؤال هو كيف نعيد الحياة للعلوم الجتماعية؟ وكيف نجعل
للعلوم السياسية وظائف فى حياتنا؟ أن من واجب كل العاملين فى مجال
هذه العلوم إعادة التفكير فى تعريف هذة العلوم وعلقتها بالحياة ودور الطالب
المتخرج فى تطبيق ما تعمله على عمل السلطات الثلثة وفى مؤسسات
الدولة .ويجب إعادة صياغة أهداف كليات العلوم السياسية والنسانية بحيث
تعاد هذه العلوم والدراسات إلى ممارسة دورها فى تنمية الحياة .وتوضع
المناهج والمقررات لتحقيق هذه الهداف ،و لتمكن الدراسة المواطن من أن
يعرف العلقة العملية بين ما يدرسه وبين أهم ما يحكم حياتة فى شكل
قوانين وتشريعات ،من المفروض ان تقوم بها السلطات الثلث المستقلة هى
السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.
*****************************
سابعا :fمسؤليات إضافية لدور التعليم فى التنمية البشرية
لبد من وجود تنسيق على مستوى الهداف بين وزارة التربية والتعليم وبين
الحضانات ودور رعاية الطفال حتى يكون إعداد الطفال متناسقا tمع متطلبات
التعليم العام.
لبد أن يكون هناك تخطيط وتنسبق بين وزارات التعليم وبين وزارة الثقافة وبين
أماكن عمل المتخرجين لتصميم برامج للتعليم المستمر ودورات تدريبية لما
يستجد من نتائج العلوم.
لبد أن يكون هناك تنسيق بين كل مؤسسات المجتمع المدنى ووزارة التربية
والتعليم ووسائل العلم للعمل على تخطيط برامج لتقليل نسبة المية.
وسائل العلم لها ادوار إيجابية ،ولها أيضا tتأثيرات سيئة وسلبية .فعندما تلتزم
وسائل العلم بالهداف القومية للتنمية البشرية ،تكون من أقوى الوسائل
لتحقيق أمن وأهداف الدولة ،أما إذا اكتفت بالبحث عن الكسب المادى فقط ،
وما يستتبعه من الستعباد لصناعة التسلية وقضاء وقت الفراغ ،وإذا لم يحدث
توازن بين نوازعها التجارية وبين ما تقدمه من فكر وثقافة وقيم ،فإنها ستعمل
على تدمير ما تحاوله النظم التعليمية .فإذا كان النبهار بما يقدمه الغرب من
تقنيات هو الساس وتقليده هو دافع للفخر ،فسوف تعمل وسائل العلم
على تشويه النماذج البشرية التى نأمل بوجودها عندنا .وسوف يسود الترويج
لفكار العنف ،و الغنى الفاحش و إستعمال السلحة وترويج المخدرات و
المشروبات المسكرة و التسرع فى الحصول على المال كنماذج يراها
الشباب أو يسمعوا عنها أو يقرأوها .فهذا ممكن أن يؤدى إلى غلبة النانية
الفردية و المفاهيم الستهلكية وتحويل النسان إلى شىء من الشياء
ودفعه دوما tللبحث عن المتع الحسية .و كل هذا مع وجود دخول منخفضة
للغالبية سوف يؤدى إلى مشاكل الصحة النفسية ،وإلى ظهور افكار للتغيير
بالعنف ،أو زيادة فى تفكك السر وزياد فى الشكاوى من الظلم ،ولننا مجتمع
متدين سوف تزداد الفتاوى وتختلف وتتناقض .وكل هذا يساعد على عدم
تحقيق الفكر العلمى والتعليمى والتربوى الذى اقترحته فى الرؤية
المستقبلية للتعليم.
************************
ثامنا :خطوات على الطريق للعداد والتنفيذ
وتبقى بعد ذلك بعض المور خاصة بالعداد لتطوير التعليم وخطوات التنفيذ.
العداد لهذا المشروع يتطلب التى:
كل هذه المور بحاجة إلى تفصيل ولكنها تؤجل حتى يجد المشروع الجديد
قبول.
**********************
تاسعا :مشروعات مقترحة
هذا المشروع هدفه تدريب الجيال القادمة على الكتابة العربية الفعالة
والجاذبة والمؤثرة .فكثيرا tمن الكتب المعروضة فى السوق العربية مملة
ومنفرة و مكررة ول تملك ل الصياغة والسلوب الذى يشد .وبهذا نأمل فى
ظهور جيل tجديدا tمن الكتاب المؤثرين .وهذا يدخل فى أهم أهداف التعليم
العام وهو تدريب الطالب على القراءة الفعالة ،فهل يمكن تحقيق هذا ول توجد
الكتب التى تحقق هدف القراءة؟
هذه دعوة لكل المهتمين بحل مشاكل المة الى أن تفكر فى كيفية انشاء
وادارة مراكز للبحث العلمى تكون مهمتها البحث العلمى لمشاكلنا بدل tمن
نقل مشاكل البحث فى العالم الغربى مع نقل حلولهم أيضا.
من أهم أهداف التعليم العام هو تدريب الطلب على التفكر السليم .وهناك
محاولت وكتابات حول التفكير العلمى و التفكير النقدى والتفكير اليجابى و
التفكير البتكارى .وهنا اتقدم بمقترح لكل المهتمين من المفكرين والعلماء
والتربويين العرب الى وضع برنامج لتدريب الطلب على هذه النواع من التفكير
والعمل على إدماج هذا البرنامج فى كل المقررات الدراسية والتعليمية وفى
الساليب والنشطة التربوية وغيرها.
هذه دعوة لكل المهتمين بتعديل مناهج تدريس الدين ،وبكل المهتمين
بإصلح الخطاب الدينى والمهتمين بدور الفقه السلمى فى الحياة ،أن
يكونوا لجنة من علماء الدين والمفكرين تعمل على إعادة صياغة كتب الفقه
بصورة جديدة تساعد على فهمه ،وكيف تستخرج الحكام ،وكيف يمكن ان
تتغير الحكام إعتمادا tعلى طرق فهم النص و كيف تربط النصوص ربطا سليما
حتى يمكن ان تحقق مقاصد الشريعة وأهداف الدين ،مع التركيز على إرتباط
الدين بالحياة .فمعظم كتب الفقه المعروضة تجعل الفقه مثل كتب المسائل
المحلولة فى المدارس والجامعات ،فيحفظ الطالب المسألة وحلها دون معرفة
عن كيف تم الوصول للرأى وما هى شروط صلحيته ،ومتى يطبق وهل
ممكن أن يتغير .ومن المفضل أن يلم العاملين فى مجال الفقه بالطريقة
العلمية فى الرياضيات ،والفيزياء ،وعلوم الذكاء الصناعى لنها تساعد على
فهم طرق الستنتاج .وأيضا عليهم التدريب على المنطق متعدد القيم ومنطق
المنظومات ،فالمنطق الرسطى المستخدم هو منطق قاصر ،ول يمكنه
التعامل مع المشاكل المعقدة منطقيا .tوانا أقترح على المهتمين بالفقة
دراسة كتب المام الشافعى ) الم والرسالة( كمثال فقط لمعرفة العبقرية
العربية فى فهم الفقه ومسائلة .وبعد النتهاء من هذا المشروع وكتابته
يعرض للناس و على المؤسسات الدينية حتى تناقشه وتبحث إمكانية
تطبيقة.
هذه دعوة لنشاء لجنة للتنسيق بين وزرات التربية والتعليم والتعليم العالى
والثقافة ،وبين وسائل العلم المقروء والمرئى للعمل على تقليل التناقضات
بين ما يقوم به التعليم وما تقوم به الثقافة المنشورة ،وبين ما يقوم به
العلم .ويعمل فى هذه اللجان مجموعة من مفكرى وحكماء هذه المة
لوضع خطط للتنسيق بين الجهات المذكورة لتقليل التاثيرات المتناقضة.
لن المتعلم ليس معزول tعن المجتمع ،ولن ما يتعلمه داخل جدران الفصول
الدراسية يجب أن يربطه بالحياة ،ولن للسرة دورها فى تحقيق أهداف
التعليم ،لذلك يجب التفكير فى مشروعات وافكار للتنسيق بين السر
والمدارس فى كل المناطق التعليمية وتحت إشراف الوزرات المعنية للتنسيق
بين أهداف العملية التعليمية وتقليل كل ما يعوق تحقيقها عمليا .t
*****************************
عاشرا :fالمعوقات
هناك العديد من المعوقات التي نتوقع لها أن تقاوم هذا المشروع ،وهى
تحتاج إلى تفصيل ،ليس هذا محله الن ،لذلك سأكتفي بالخطوط العريضة .
ليست أي فكرة جديدة مقبولة ،بل عادة تلقى معارضات كثيرة .وأتوقع أن تجد
الفكرة المطروحة هنا العديد من المعوقات .معوقات من الذين تعودوا النظام
التعليمي الحالي ،و معوقات من المحيط الجتماعي ،و معوقات من
التكاليف المالية للمشروع الجديد ) الميزانية( فمعوقات المشروع الجديد
تتضح من السئلة التية :ما هي تكلفة هذا المشروع؟ ومن هو الذي يتحمل
نفقات مثل هذا المشروع؟ و أين نجد من ينفذ هذا المشروع؟ و كيف تقنع
أولياء المور والطلب به؟ و أين يجد المتخرج طبقا لهذا المشروع وظيفة
ملئمة له و دخل معقول؟
ربما كان أفضل حل لكثر هذه المعوقات هو أن نعيد مفهومنا للتعليم .فإذا
اعتبرناه هو من أهم عناصر الدفاع عن أنفسنا و عقيدتنا و ثقافتنا وإنتمائنا و
حضارتنا ووطننا ،وأعتقدنا إن النسان هو سلحنا في معركة الدفاع و هو
القائد والجندي المسئول عن تنفيذ هذا الواجب الدفاعي ،وإذا آمنا بان أهم
أسلحة الدفاع في العصر القادم هو المعلومات ،إذا آمنا بهذا كله فان أغلب
مشاكلنا تكون قد حلت .ففي هذه الحالة نضع ميزانية التعليم تحت أحد بنود
ميزانية الدفاع .و في هذه الحالة تكون تكاليف التعليم ،وإنشاء سوق العمل
الملئم لمخرجاته ،والعداد العلمي لقامة هذا المشروع والدعوة إليه ،
وإقناع الناس به ،كل هذا سيكلف أقل من شراء طائرات مقاتلة حديثة أو
صواريخ أو معدات حربية للقتال .وعلى البلد الراغبة في هذا المشروع أن
تدخل في حلف دفاعي مشترك حيث تتقاسم الجهود والتكاليف من أجل أمة
قوية .
********************** *******************
الختام
لقد عرضت عليكم مشروعا gجديد للتعليم يهدف إلى الوصول لحضارة
أرضية يمثلها خليفة ا على الرض .إنسان يستطيع أن يطور قدراته
وقواه من أجل حل مشاكل البشرية ،فإذا حاز هذا المشروع بالقبول
والتأييد فعلينا أن نكمل ما تبقى من دراسات تفصيلية ووضع خطوات
التنفيذ .والسؤال هو :
فما رأيكم؟
Ben.mazher@tricity.wsu.edu
أو
amazher@hotmail.com
أو
muzhar@gmail.com
من هو الدكتور عبد الحميد مظهر
• بعد الحصول على الدكتوارة عمل بنفس المعهد لعدة سنوات فى
وظيفة باحث علمي