Professional Documents
Culture Documents
كامل النجار
من هو حسن الترابي؟ الدكتور حسن الترابي رجل تخطى السبعين من العمر وقد
تخرج في جامعة الخرطوم ،كلية القانون والشريعة ثم نال درجة الدكتوراه من
جامعة السوربون في باريس وصار فيما بعد عميد كلية القانون بجامعة
الخرطوم .وهو يجيد اللغة العربية والنكليزية والفرنسية .وقد انضم الترابي إلى
تنظيم الخوان المسلمين عندما كان طالبا وظل يتدرج في التنظيم إلى أن أصبح
زعيم الجماعة بالسودان .فالرجل متشبع بالسلم منذ صغره ومتبحر في القانون
الشرعي والمدني .وعندما يتحدث رجل مثل الترابي ،قضى جل عمره في دراسة
وتدريس السلم ،عن السلم ،يجب أن تناقشه العقول نقاشا فكريا بدل رميه
بتهمة الزندقة التي رموا بها المعتزلة والقدرية وغيرهم من المفكرين مثل
الراوندي والجعد بن جهم قبل آلف السنين .ولكن للسف فهناك عقول تحجب
العمائم عنها ضوء العلم كما تحجب أشعة الشمس عن الوصول إلى تلك الرؤوس
الخاوية .هذه العمائم التي تسمي نفسها "الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة
بالسودان" بقيادة الشيخ المين الحاج محمد ،صاحب موقع "الدين النصيحة"
تطالبه بتطبيق حد الردة على د .الترابي إن لم يتب عما قال .وذكرت هذه
المجموعة في بيانها للناس السباب التي دعتهم إلى الحكم بردة الترابي ،وقالت
في أول البيان )وصلى ال وسلم وبارك على رسوله الذي حذر من الدجاجلة
وأخبر بخروجهم ،فقال" :ل تقوم الساعة حتى يخرج ثلثون كذابا دجاةل"( انتهى.
والمنجد يقول عن الدججال ) :هو ماء الذهب وجمعها دجالون ودجاجلة :الكذاب
تشبيها بماء الذهب لنه ييظهر خلف ما ييبطن( انتهى .ود .الترابي ل ينطبق
عليه هذا الوصف إذ أنه أعلن ما أغضب هذه الجماعة ولم يبطنه ،وظل يقول به
منذ الستينات ،كما تقول المجموعة نفسها في عريضتها) :ما فتئ د .الترابي منذ
الستينات يردد ويجتر أقواةل شاذة ،وأفكارا ضالة ،يفتري فيها الكذب على ال،
ورسوله ،ودينه ،يلبس ويدلس بها على الناس ،تصب كلها في معين واحد ،وهو
السعي إلى تبديل الدين وتطويعه حتى يساير ما عليه الكفار اليوم .عندما نبذه
ورفع عقيرته ،وأبدى ما كان يخفيه من قبل ،تزلفا للكفار ،وخطبا لود السياد،
فكانت النتيجة هذيانه في ندوة بورتسودان ،وفي مقابلة قناة العربية ،وندوة
حزب المة الصلحا ،وما تطفح به صحيفة "رأي الشعب" من الضلل المبين
والقول المشين( انتهى .فالمجموعة تقول إنه ظل يقول بهذه القوال منذ
الستينات ،فكيف يكون دجاةل ييظهر شيئا ويبطن غيره؟ هذه المجموعة التي ل
وغيره تعين على أهل العلم في هذا البلد خاصة ،وفي غيره من دار السلم ،أن
يبينوا حكم الشرع فيما صدر منه ،عمةل بالميثاق الذي أخذ عليهم" :ذوإإذذ أذذخذذ ا ي
ل
إميذثاذق المنإبليذيذن ذلذما آذتذييتيكم لمن إكذتاةَب ذوإحذكذمةَة يثمم ذجاءيكذم ذريسوقل ممذصلدقق لذما ذمذعيكذم
ذليتذؤإمينمن إبإه ذوذلذتنيصيرمنيه ذقاذل أذأذذقذرذريتذم ذوأذذخذذيتذم ذعذلى ذذإليكذم إإذصإري ذقايلوذا أذذقذرذرذنا ذقاذل
ذفاذشذهيدوذا ذوأذذنذا ذمذعيكم لمذن المشاإهإديذن" ( انتهى .وواضح من الية أن ال كان يخاطب
النبيين وأخذ ميثاقهم على أن يؤمنوا بمن جاء بعدهم من النبياء ،والية ل
تخاطب عامة المسلمين كما تزعم هذه المجموعة .يقول القرطبي في تفسير هذه
الية) :قيل أخذ ال تعالى ميثاق النبياء أن يصدق بعضهم بعضا ويأمر بعضهم
باليمان بعضا ،فذلك معنى النصرة بالتصديق .وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة
وطاوس والسدي والحسن .وهو ظاهر الية .قال طاوس :أخذ ال ميثاق الول
ال عليه وسلم" :من سئل عن علم فكتمه ألجمه ال بلجام من نار يوم القيامة" (
انتهى .ولم تقل لنا المجموعة من الذي سألهم عن العلم وخافوا أن يكتموه
فيلجمهم ال بلجام من نار .وأين هو هذا العلم الذي تخاف المجموعة من
كتمانه؟
ثم تقفز المجموعة إلى إصدار الحكم على د .الترابي دون الستماع إلى أقواله
ودون مناقشته فيما قال ،وبذا تكون المجموعة قد كونت من نفسها محكمة
حكمت على الترابي غيابيا ،فقالت) :وحيث ل يجوز تأخير البيان عن وقت
الحاجة ،فقد صدر هذا البيان ،وحرر هذا الحكم ،تبرئة للذمة ،ونصحا للمة" ،أن
الترابي كافر مرتد" ،ما لم يتب عن جميع تلك القوال ،ويعلن توبته على المل
مفصلة ،يتنصل فيها ويتبرأ عن كل ما صدر منه أمام طائفة من أهل العلم ،بحكم
قوله تعالى" :إإمل املإذيذن ذتايبوذا ذوأذذصذليحوذا ذوذبميينوذا" ،فأهل الهواء ل تقبل لهم توبة إل
إذا أعلنوها وأشهدوا عليها ،وإن كان الزنديق ل تقبل له توبة في الدنيا في
أرجح قولي العلماء( انتهى .ويبدو أن هؤلء العلماء الذين يخافون ال ل يريدون
أن يتأخر إعلنهم بالحكم على الترابي فتبرأ ذمتهم بهذه العجلة في الحكم .فقد
دفعهم حبهم ل أن يتولوا عنه مشيئته ،فقالوا إن الزنديق ل تقبل توبته ،رغم أن
ال يقول في القرآن" :ول ما في السموات وما في الرض يغفر لمن يشاء
ويعذب من يشاء وال غفور رحيم" )آل عمران .(129 ،وقال كذلك" :إن ال ل
يغفر أن ييشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" )النساء .(48والترابي لم
يشرك بال إنما اجتهد في تفسير بعض آيات القرآن ،فكيف يحرمونه من التوبة
يختلف فيه اثنان ،إذا توفرت السباب وانتفت الموانع ،كحال الترابي ،فهو بالغ،
عاقل ،عالم بما يقول ،بل مدةَع للجتهاد وكاسر لبابه( انتهى .فإن الذي يجتهد
يكون قد كسر باب الجتهاد الذي أوصده فقهاء البصرة في القرن الثاني عشر
الميلدي ،حسب ما تقول هذه المجموعة .والسباب التي أدت إلى الحكم بالردة
هي:
-1إباحته للردة ،وزعمه أن سلمان رشدي ليس كافرا ،ردا لقوله تعالى" :ذوذمن
ذيذرذتإدذد إمنيكذم ذعن إديإنإه ذفذييمذت ذويهذو ذكاإفقر ذفيأذوذلإئذك ذحإبذطذت أذذعذمايليهذم إفي المدذنذيا ذوالإخذرإة
ذوأيذوذلإئذك أذذصذحايب المناإر يهذم إفيذها ذخاإليدوذن" ،وقوله صلى ال عليه وسلم" :من بمدل
دينه فاقتلوه" ،ولقوله" :ل يحل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث" ،وذكر منها:
فإذا سألنا هذه المجموعة التي ربما لم يقرأ واحد منهم كتاب سلمان رشدي :بأي
شيء كفر سلمان رشدي؟ هل أنكر الشهادة أو أشرك بال؟ كونه كتب رواية
وملها بما احتوته كتب السيرة ل يجعله كافرا .ثم حتى لو أقررنا بأن هناك شيئا
في كتابه قد يبرر قول بعضهم بردته ،فهل إذا أختلف معهم الترابي وقال إنه لم
يرتد ،يصبح الترابي مرتدا بقوله هذا؟ أما الية التي ذكروها من سورة البقرة
فل تدل على أن الترابي قد ارتد ول حتى سلمان رشدي إذ أن سلمان رشدي لم
يعلن أنه ارتد عن السلم وما عقدت له محكمة أدانته بالردة .كل ما في المر أن
الخميني أفتى بردته دون أن يقرأ الكتاب ليتأكد بنفسه .أما الحديثين المذكورين
فهما حديثان متفق عليهما وليسا مرفوعين .ثم أن الحديثين يقولن اقتلوا من
ارتد بينما يقول القرآن صراحةة" :يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه
فسوف يأتي ال بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين"
) المائدة .(54ويقول كذلك " :يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ل يضركم من
ضل إذا اهتديتم إلى ال مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون" )المائدة .(105
ويقول " :ول يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا ال شيئا يريد ال
أل يجعل لهم حظا في الخرة ولهم عذاب عظيم" ) آل عمران .(176وأخيرا
يقول" :إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن ال
ليغفر لهم ول ليهديهم سبيل" ) النساء( .فالقرآن هنا ل يذكر شيئا عن قتل
المرتد ،فأي فقيه هذا الذي ينسخ القرآن بأحاديث معنعنة ومتفق عليها فقط.
. -2رفعه الكفر عن اليهود والنصارى الحاليين ،ردا لقوله" :إإمن املإذيذن ذكذفيروا
إمذن أذذهإل اذلإكذتاإب ذواذليمذشإرإكيذن إفي ذناإر ذجذهمنذم ذخاإلإديذن إفيذها أيذوذلإئذك يهذم ذشمر اذلذبإرميإة"،
ونرد على هؤلء بأن نذكرهم بقول ال " :ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة
يتلون آيات ال آناء الليل وهم يسجدون .يؤمنون بال واليوم الخر ويأمرون
) آل عمران .(114وكذلك " :إن من أهل الكتاب من يؤمن بال وما أنزل إليكم
ربهم إن ال سريع الحساب" ) آل عمران .(199وكذلك " :ومن قوم موسى أمة
يهدون بالحق وبه يعدلون" ) العراف .(159ثم قال" :إن الذين آمنوا والذين
هادوا والنصارى والصابئين من آمن بال واليوم الخر وعمل صالحا فلهم
الية في سورة الحج .فأهل الكتاب يومنون بال ويعملون صالحا اكثر مما يعمل
أعضاء هذه الجماعة الذين حكموا بردة الترابي .فأهل الكتاب هم الذين يهبون
إلى مساعدة المنكوبين في الكوارث الطبيعية وهم الذين يطعمون الجائع .ألم
يطعم الرئيس المريكي ريغان أهل السودان في الثمانينات عندما كادت أن تهلكهم
المجاعات؟ ألم يضحي المغني النكليزي بوب جلدوف بوقته وماله لحياء حفلت
عنهم وقد رفعه ال في صريح كتابه؟ وعندما قال القرآن " إن الذين كفروا من
أهل الكتاب" قصد بهم اليهود الذين عاصروا ظهور عيسى بن مريم الذي جاء
أ .أن إبراهيم عليه السلم كان شاكا ،وكان يعبد الكواكب قبل البعثة.
ج .وأن يونس عليه السلم شرد ،وأنه كان مغاضبا لربه.
ردا لكثير من اليات والحاديث التي حضت على تعظيم النبياء ،كقوله تعالى:
تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" )البقرة .(260
فإبراهيم نفسه يقول إن قلبه لم يكن مطمئنا ولذلك طلب من ال أن يريه كيف
يحيي الموتى .ثم أن ال نفسه يقول للنبي محمد" :الحق من ربك فل تكونن من
ربهم .فهل في هذا القول ارتداد؟ أما عن ضلل الرسول محمد فقد عاتبه ال
عندما عبس وتولى عن ابن أم مكتوم العمى ،فإذا عاتبه ال فل بد أن يكون قد
ضل .وماذا عن أول النبياء آدم عندما قال ال عنه" :وعصى آدم ربه فغوى"
)طه .(121والرسول محمد بشر يخطئ كما يخطئ بقية البشر ،وقد كرر القرآن
مرارا أن النبياء بما فيهم محمد ،بشر مثلنا .وأما قصة يونس قد حكتها التوراة
وقالت إنه هرب في المركب عندما طلب منه ال أن يذهب إلى مدينة بعينها،
ولذلك أغرقه ال وجعل الحوت يبتلعه .أما الية التي أوردوها عن التوقير فآَية
ناقصة وقد أخرجوها عن سياقها .فالية تكمل ما قبلها حيث تقول الية 8من
سورة الفتح" :إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا" ثم الية 9تقول" :لتؤمنوا بال
ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيةل" فاليات هنا تخاطب الرسول
وتقول له إنا أرسلناك لتؤمنوا بال ورسوله وتعزروا ال وتوقروه وتسبحوا له،
واليتين من سورة البقرة ل يدلن على أن آدم يخلق أوةل .فقوله" إني جاعل في
الرض خليفة" ل تعني أن الخليفةة بالضرورة رجل ،فقد يكون الخليفة امرأةة.
وأحب أن أؤكد للسادة المشايخ أن النسان أصله قرد وأن العلم الحديث أثبت بما
يقل عن 98بالمائة منها .وكل الحفريات أظهرت هياكل النسان الول الذي
عاش قبل مئات اللف من السنين قبل أن يخلق ال آدم قبل خمسة آلف سنة
كما يقولون ،كل هذه الهياكل اثبتت أن النسان كان يمشي على أربعة ثم صار
. -6إنكاره لنزول عيسى عليه السلم ،ردا لقوله تعالى" :ذوإإن لمذن أذذهإل اذلإكذتاإب
إإمل ذليذؤإمذنمن إبإه ذقذبذل ذمذوإتإه ذوذيذوذم اذلإقذياذمإة ذييكوين ذعذلذيإهذم ذشإهيةدا" ،15وللعديد من
الحاديث التي تواترت تواترا معنويا
ويبدو أن هذه المجموعة من الشيوخ يتخفي اليات القرآنية التي ل توافق ما
ذهبوا إليه .فماذا يقولون عن الية " :إذ قال يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلجي
ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم
القيامة" ) آل عمران .(55ألم يقل ال لعيسى إنه متوفيه قبل أن يرفعه إليه.
وماذا عن الية التي يخاطب فيها عيسى بن مريم ال فيقول " :ما قلت لهم إل ما
أمرتني به أن اعبدوا ال ربي وربكم وكنيت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما
توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد" )المائدة .(117
فواضح أن ال قد توفاه فإذا اختلف الناس في تفسير اليات ل يعني هذا أنهم
ارتدوا عن السلم .فإذا كانت آيات القرآن نفسها مليئة بالمتناقضات ،فليس على
. -7رده لكثير من الحاديث التي تلقتها المة بالقبول ،نحو حديث الذباب ،حيث
قال) :إنه يأخذ فيه برأي الطبيب الكافر ،ول يأخذ فيه بحديث رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،ول يسأل عنه عالم الدين( ،تكذيبا للرسول صلى ال عليه وسلم فيما
أخبر
وليس به أي نفع كما أثبت العلم الحديث .وقد نفهم أن يؤلهوا النبي ول يقبلوا
تكذيبه ،أما أن يؤلهوا أبا هريرة ورواة الحديث الخرين فأمر شاذ .والترابي هنا
لم يكذب الرسول وإنما كجذب الذين نقلوا عنه مثل هذا الحديث الذي يطير في وجه
الحقائق العلمية .إفتحوا عيونكم إن كانت عقولكم محجوبة ،وانظروا أين يحط
س المذذكير ذكايلنذثى"،
. -8إنكاره لفضل الذكر على النثى ،ردا لقوله تعالى" :ذوذلذي ذ
ولقوله صلى ال عليه وسلم" :كيمل من الرجال كثير ،ولم يكمل من النساء إل
أربع" ،وزعمه أن المرأة مساوية للرجل ،بل هي أفضل من الرجل لنها تحمل.
مرة أخرى يتلعب الشيوخ بالنص القرآني لخداع الناس أن ال قال "وليس الذكر
كالنثى" وهذا القول خاطئ ،فجملة "ليس الذكر كالنثى" جملة اعتراضية قالتها أم
مريم عندما وضعتها وكانت قد نذرت ولدها لخدمة ال .والجملة ليست من قول
ال .يقول القرطبي في تفسيره) :وهذه الصالحة إنما قصدت بكلمها ما تشهد له
به بينة حالها وقطع كلمها ،فإنها نذرت خدمة المسجد في ولدها فلما رأته
أنصى ل تصلح وأنها عورة ،اعتذرت إلى ربها من وجودها لها على خلف ما
قصدته فيها( .والطبري أكثر أيضاحا هنا إذ بقول ) :فتأويل الكلم إذا :وال أعلم
من كل خلقه بما وضعت .ثم رجع جل ذكره إلى الخبر عن قولها وأنها قالت
اعتذارا إلى ربها مما كانت نذرت في حملها فحررته لخدمة ربها " وليس الذكر
كالنثى" لن الذكر أقوى على الخدمة( انتهى .فإذا شبه الجملة التي أوردوها "
-9إباحته للمرأة أن تلي المامة الكبرى والقضاء ،والوزارة ،ونحوها ،وأن تؤم
الرجال في الصلة ،ردا لقوله تعالى" :اللرذجايل ذقموايموذن ذعذلى اللنذساء" ،ولقوله صلى
والشيوخ ل شك يعرفون أن قوامة الرجل على المرأة تعني النفاق عليها لنها
تشتغل بتربية الطفال ول تستطيع دائما الكسب من العمل لتعول نفسها ،ول تعني
أنهم أحسن من النساء ،إنما القوامة أعطيت لهم بما أنفقوا من أموالهم ،كما تقل
الية .أما إمامة المرأة للرجال فأمر مختلف عليه ومن حق الترابي أن يختار أي
رأي مما قال به أهل التفسير .فالمام ابن رشد القرطبي يقول) :اختلفوا في إمامة
المرأة ،فالجمهور على أنه ل يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء،
فأجاز ذلك الشافعي ،ومنع ذلك مالك وشذ أبو ثور والطبري ،فأجازا إمامتها على
الطلق ،وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال ،لنه لو كان جائزا لنقل
ذلك عن الصدر الول ،ولنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلة التأخير عن
الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم ،لقوله عليه الصلة والسلم
"أخروهن حيث أخرهن ال" ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات
في المرتبة في الصلة ،مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الول ،ومن أجاز
إمامتها فإنما ذهب إلى ما رواه أبو داود من حديث أم ورقة "أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها ،وأمرها أن تؤم
أهل دارها" وفي هذا الباب مسائل كثيرة أعني من اختلفهم في الصفات
المشترطة في المام تركنا ذكرها لكونها مسكوتا عنها في الشرع .قال القاضي:
وقصدنا في هذا الكتاب إنما هو ذكر المسائل المسموعة أو ماله تعلق قريب
بالمسموع) (.بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،ج ،1ص .(104فإذا كان الترابي
قد ارتد بهذا القول ،فقد أرتد أبو ثور وارتد المام الطبري كذلك .فهل يحكم
الشيوخ بردتهم؟ ثم ماذا عن المام ابن الجوزي الذي قال في كتابه "أحكام
النساء") :وتصح إمامة المرأة للرجال في موضع واحد ،وهو صلة التراويح إذا
كانت المرأة تحفظ القرآن ،إل أنها تقف وراءهم( )ص .(133فهل ارتد ابن
الجوزي؟ وإذا اأباحا لها ابن الجوزي أن تؤمهم في التراويح ،أليس من حق
. -10أجاز للكافر أن يتزوج المسلمة ،ردا لقوله تعالى" :ل يهمن إحلل مليهذم ذول يهذم
ومرة أخرى تقاضى الشيوخ عن الية التي يقول " :ول ذتذنكحوا المشركات حتى
يؤمجن ولةم ققة مؤمنة خيير من مشركةَة ولو أعجبتكم ول يتذنإكحوا المشركين حتى
يؤمنوا" )البقرة .(221فأهل الكتاب الذين عناهم الترابي ليسوا مشركين ،فهم
يؤمنون بال الواحد .وإذا كانوا مشركين فل يجوز للمسلم زواج نسائهم كما
تقول الية .فإذا أجاز الشيوخ زواج أنفسهم من الكتابيات فالواجب أن يجيزوا
زواج رجال أهل الكتاب من المسلمات ،ويجب عليهم أل يكيلوا بمكيالين .فالذي
. -11زعمه أن شهادة المرأة تعدل شهادة الرجل ،ردا لقوله تعالى" :ذفإإن ملذم
وليس هناك أي سبب يجعل شهادة المرأة أقل من شهادة الرجل ،وقد أخذ القدماء
بشهادة امرأة واحدة في سبب نزول بعض اليات .فقد قال المام جلل الدين
السيوطي في كتاب "التقان" ما يلي) :ومنها أول المائدة أخرج البيهقي في شعب
اليمان عن أسماء بنت يزيد أنها نزلت بمنى وأخرج في الدلئل عن أم عمرو
عن عمها أنها نزلت في مسير له) )ص .(28فإذا أخرجوا أحاديث وأسباب
نزول اليات بشادة امرأة واحدة ،فلماذا ل تكون شهادة المرأة مساوية لشهادة
الرجل؟ وهل ييكجفر هؤلء الشيوخ كل أهل تونس والمغرب الذين جعلوا المرأة
-12وصفه للحجاب بأنه عادة عربية ،ردا لقوله تعالى" :ذيا أذميذها المنإبمي يقل
أما هذه الية التي أتى بها الشيوخ فل تتحدث عن الحجاب إذ ليس الجلباب
كالحجاب .الجلباب ييضم على الجسم والصدر بينما الحجاب على الرأس والوجه.
وآية الحجاب نزلت في نساء النبي تحت إلحاحا عمر بن الخطاب الذي طلب من
النبي أن يحجب نساءه عن الرجال الذين كانوا يدخلون منزله دون إذن .والترابي
ليس أول من قال إن الحجاب ليس إسلميا وإنما لباس عربي قديم سبق السلم.
فهل ارتد كل الذين قالوا بهذا ،وهل نقتلهم بردتهم؟
والعلماء هم الولياء ،وقد توعد ال من عادى له وليا" :من عادى لي وليا فقد
آذنته بالحرب"
وأنا لم أر فيما قرأت ما يدل على أن هؤلء الشيوخ علماء حتى يقولوا إن
الترابي قد أزرى بهم .ثم أن القرآن ل يقول بذلك والحديث الذي أوردوه عن
البخاري ليس ملزما لكل مسلم .وخلصة القول إن الذين حكموا بردة الترابي
ليسوا أه ةل لمثل هذا الحكم .وقد فعلوا نفس الشي عندما طالبوا بمحاكمة الشيخ
محمود محمد طه الذي حاكمه الجنرال النميري وحكمت المحكمة الشرعية بردته
وقتله ،وفيما بعد حكمت المحكمة العليا بخطأ الحكم الول لن القانون السوداني
وقتها لم تكن به مادة تنص على جريمة الردة )الوطن القطرية 30أكتوبر
.(2003ولكن مع ذلك قتلوا محمود محمد طه .فهل يقتل الجنرال البشير عجراف
ثورة النقاذ الذي أتى به إلى الحكم وكان أستاذه على مدى عدة أعوام إلى أن