Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
مقدمة
إن التقرير الدولي الذي مت إصداره يف عام 1995خبصوص اإلدارة املغربية ،أبان أن إدارتنا املغربية
مريضة جدا وينبغي معافاتها قبل فوات األوان ،على اعتبار أن اإلدارة عموماً هي الوسيلة ألداء
.املؤسسة إن كانت مؤسسة عامة أو خاصة ،وأن املؤسسة هي وسيلة ألداة اجملتمع
ولقد أوىل جاللة امللك االهتمام منذ اعتالئه العرش باجلانب اإلداري إضافة إىل اجلوانب
االجتماعية واالقتصادية حيث جاء خطابه السامي حول املفهوم اجلديد للسلطة والتشبع
بثقافة الغرب واإلدارة املسؤولة والشفافة واملواطنة املشاركة .وأكد جاللته أن دور الدولة
ينبغي أن يكون تنظيميا وتوجيهيا وضبطيا مع التخلص من سلطة اإلدارة الفوقية واإلرغامية
والقهرية ،وهذا هو مفهوم الدولة احلديثة اليت تعتمد على أسس احلق والقانون دولة املشاركة
دولة اإلدارة احلديثة املنفتحة ،فهل ميكن أن حنقق ما يصبو إليه جاللة امللك ويصبو إليه
مجيع املواطنني الغيورين على بلدهم؟ جبعل اإلدارة املغربية إدارة حديثة ومنفتحة وأداؤها
جيد ومتميز يضاهي أداء الدول األخرى املتميزة يف هذا اجملال؟ فكيف السبيل إىل ذلك؟ وإدارتنا
املغربية تعاني لألسف اجلمود والروتني والبريوقراطية؟
تعترب االدارة العمومية مؤسسة دات صبغة عمومية تابعة لوزارة معينة هدفها باألساس تقديم
خدمة معينة للمواطن املغربي يف مجيع اجملاالت .على اعتبار ان هذه اخلدمة هي حق لكل
مواطن بدون رشوة و ال زبونية ..لكن يبقى مستوى اخلدمات مبؤسسات االدارة العمومية دون
املستوى حبيث يثري غصب املواطنني اضافة اىل الرشوة و احملسوبية اليت تنخر كيان االدارة
:العمومية ..لذلك فهي تواجه عدة حتديات ميكن امجاهلا يف االتي
التحـدي السياسي :ويهدف اىل بناء دولة احلق والقانون وارساء املؤسسات وجعل االدارة كجهاز ×
.يعمل على حتقيق اغراض املواطنني ويف خدمتهم وليس العكس
التحدي االقتصادي :بالتحكم يف كتلة االجور وضبط التوازنات املاكروقتصادية ×
( .االقتصاد الكلي)
التحدي االجتماعي :باحلفاظ على التماسك االجتماعي وحماربة الفوارق االجتماعية ×
.وحماربة البطالة والتهميش والفقر
التحــدي الثقايف :اعتماد ثقافة جديدة مبنية على مفهوم دولة احلق والقانون واملفهوم ×
اجلديد للسلطة وثقافة القرب باالنصات للمواطنني ومشاغلهم وحتقيق مبدا املساءلة ،ومبدا
ربط املسؤولية باحملاسبة ،وحتقيق التساؤل :من أين لك هذا؟
التحدي التكنولوجي :بتسخري التقنيات احلديثة وتقديم اخلدمات العمومية بكلفة اقل× ،
.واعتماد اللغة العربية يف الرماسالت االدارية ويف كل املعامالت االدارية
:املبحث الثاني :إشكالية اإلصالح اإلداري
ال ينبغي احلديث عن إصالح لإلدارة املغربية إصالح جزئي فهذا اإلصالح اجلزئي أبان عن عدم
حتقيق األهداف املرجوة عن
حتديث اإلدارة وجودة أدائها ،وإمنا ينبغي احلديث عن اإلصالح الكلي أو مبقاربة شاملة
.لإلدارة
:ومن بني هذه اإلشكاليات املطروحة يف إدارتنا
.سوء توزيع املوظفني على املستوى اإلداري واجلغرايف ×
.عدم ترسيخ مبدأ املساءلة واملراقبة احلازمة ×
عدم توزيع الدخل الفردي بشكل عادل .وقد ذكر أحد النواب الربملانيني أخريا يف حوار ×
صحفي أنه يستحسن أن تكون األجور املغربية على مستوى املؤسسات العمومية ال تتجاوز
.سقف املدخول الشهري للوزير األول
ضعف اإلمكانيات التقنية والوسائل التكنولوجية يف التعامالت اإلدارية املغربية مع ×
.املواطنني
.عدم إجياد منظومة وطنية شاملة للتكوين املستمر للموظفني واألطر ×
عدم التخطيط اإلداري واالسرتاتيجي املعقلن اهلادف واحملدد بشكل دقيق من خالل برنامج ×
.زمين واضح وحمدد
الرشوة :إذ حيتل املغرب املرتبة 77عامليا حسب مؤسسة ترانسبارنسي الدولية وحتدث السيد ×
من الناتج الوطين %2الوزير حممد نبيل بن عبد اهلل الناطق الرمسي باسم احلكومة أن
.اإلمجالي تذهب يف الفساد
الفساد اإلداري ×
...تعقيد املساطر اإلدارية بالنسبة لالستثمارات ×
:ال ميكن حتديث اإلدارة العمومية باملغرب إال بوجود آليات لتحقيق ذلك ومنها
.إدماج ثقافة ختليق احلياة العامة يف املناهج والربامج التعليمية-
إعادة االنتشار للموظفني واألطر على املستوى اجلغرايف واإلداري لسد اخلصاص اليت تعانيه -
بعض القطاعات
.مسايرة الركب التكنولوجي والعلمي لدى املغرب عموما وأمريكا وأوروبا واليابان خصوصاً -
إرسال البعثات من الطلبة الطموحني واملتفوقني واملبدعني إىل الدول الغربية املتميزة بتقدمها -
.وتفوقها العلمي والتكنولوجي من أجل تكوينهم
إعداد ميثاق للتخليق وحسن التدبري داخل كل قطاع حيدد منظومة القيم واالجتاهات رزنامة -
.القواعد السلوكية وحيدد أيضا املسؤوليات
اختاذ سياسة جديدة للتدبري اجتاه األطر اإلدارية واملوظفني بصفة عامة باملغرب وهي "سياسة -
الزجر والتحفيز" واقصد بها أن كل موظف أو إطار أبان عن كفاءة وقدرة على اإلبداع واملواظبة
...واالجتهاد ،واالنضباط ينبغي حتفيزه ودعمه ماديا ومعنويا ،والعكس صحيح
.وضع منظومة وطنية للتكوين املستمر -
.تفعيل دور الالمركزية -
إشراك اجملتمع املدني يف ورش التخليق من خالل إلزام اإلدارة على االنفتاح والتواصل مع -
.املرتفقني لتسيري وتسهيل الولوج إىل اخلدمات املرفقية
.إعداد ميثاق يضع قيم حقوق اإلنسان واملواطنة يف عالقة املر تفق باملرفق العام-
إرساء ثقافة القيام باالفتحاص والتدقيق وايضا التفتيش على مستوى االدارات العمومية -
املركزية واجلهوية واالقليمية مع احلث على نشر نتائج التحقيقات والتدقيقات اليت تقوم بها
اهليئات املختصة وتوسيع دائرة اإلعالن بها ألجل تقوية احلواجز املانعة من جهة والتعريف
.مبمارسات التدبري اجليد من جهة ثانية
بداية إن مفهوم التنمية قديم مت استعماله يف اجملال االقتصادي منذ عهد االقتصادي آدم مسيث
إىل غاية احلرب العاملية الثانية ثم تطور إىل اجملال السياسي وقد تبنت األمم املتحدة مفهوم
التنمية يف عام 1977بقرار ينص على أن احلق يف التنمية يعد حق من حقوق اإلنسان.فتطور
هذا املفهوم إىل أن مت إصدار أول تقرير للتنمية البشرية عن هيئة األمم املتحدة يف العام 1990
ويأخذ هذا التقرير بعني االعتبار ثالثة مؤشرات هامة وهي مستوى الدخل الفردي ،ومستوى
التعليم ومستوى عمر اإلنسان.وباختصار شديد ميكنين أن اطرح التساؤل ملاذا باتت التنمية
اليوم هي الشغل الشاغل يف بلدان العامل بأسره؟ ألن التنمية هي عملية اقتصادية واجتماعية
وسياسية وثقافية تنبع داخل اجملتمع وليس من خارجها ،فحتى البنك الدولي الذي كان يطبق
سياسة التقوية اهليكلي بفرض جمموعة من اإلمالءات على الدول املدينة ومنها املغرب مثال
الذي طبقت عليه هذه اإلمالءات يف عامي 1984-1983بعد أن عجز عن التوازن املاكرو
االقتصادي بسبب ارتفاع أسعار النفط مع أواخر السبعينات وسياسة احلماية اليت كانت تعرفها
بعض الدول على املنتجات املغربية وظروف أخرى اعترب أن سياسة التقويم اهليكلي ال جدوى
منها والبطالة يف ارتفاع مستوى الفقر بات ظاهرة عاملية ،واألمية مستفحلة يف دول العامل الثالث
عموما واملغرب له نصيب وافر منها ،فقد غيّرت املؤسسة املالية الدولية سياستها اإلقراضية
حتديدا يف يونيو 2004حيث أصبحت هذه السياسة اإلقراضية تسمى "قروض سياسة التنمية"
مبعنى أنه مل تعد تفرض اإلمالءات على الدول املدينة بقدر ما مينح الفرصة هلذه الدول بأن
تنهض بتنمية شاملة متوازنة وانطالقا من املشاريع التنموية املعروضة على املؤسسة املالية
الدولية ميكن أن تقدم القروض املرجوة وميكن للمتتبعني للشان الدولي يف املغرب أن
.يالحظوا أن سياسة التنمية البشرية اليت بدا ينتهجها املغرب تسري يف هذا االجتاه
لكن يبدو أن املغرب حلد اآلن مل يستطع اخلروج من نفق اجلمود واحللول اجلزئية الرتقيعية
لإلدارة وهو ما أكده وزير الوظيفة العمومية األسبق السيد حممد خليفة يف كتابه "التوقيت
املستمر" حيث ذهب بالقول إىل أن املناظرات اليت تعقد يف املغرب حول اإلصالح اإلداري وترشيد
املوارد البشرية يصرف عليها الكثري من ميزانية الدولة لكنها ال تعدو كونها جمرد حرب على
ولذلك فما هو اهلدف احلقيقي من وراء هذه .ورق توضع يف الرفوف حتى تتآكل مع الزمن
املناظرات؟ ففي 8-7ماي 2002مت تنظيم مناظرة وطنية باملدرسة الوطنية لإلدارة حول موضوع
"اإلدارة املغربية وحتديات اإلصالح اإلداري لعام "2010وخلصت إىل جمموعة من النتائج اهلامة،
منها ترشيد النفقات العمومية ،تأهيل املوارد البشرية ،حتفيز ودعم املوارد البشرية ،التكوين
املستمر...لكن هل فعال مت تفعيلها؟
أما احلل األجنح يف اعتقادي لتحديث اإلدارة املغربية هو وضع خطة أو ميثاق لإلدارة العمومية
املغربية على غرار ميثاق الرتبية والتكوين بان يتفضل جاللة امللك بوضع جلنة خاصة مبيثاق
وطين اإلدارة العمومية املغربية متألفة من شخصيات بارزة يف اجملال اإلداري وتدبري الشأن العام
ومن أكادمييني وحمللني اقتصاديني ومتتبعني مغاربة للشأن اإلداري على املستوى الدولي
للخروج مبيثاق موحد حول اإلدارة العمومية املغربية "حيث يصبح هذا امليثاق مبثابة دستور
.إداري حيرتمه اجلميع بعد االتفاق عليه
:خامتة
بيرت دراكر الكاتب األمريكي الذي أصدر كتابا متميزا من ثالثة أجزاء كبرية امسه
اإلدارة" -يقول دراكر -ينبغي أن نتخذ قرارا اآلن ،وحنتاج إىل عمل اآلن ،فاإلكراهات تواجهنا "
اآلن ،وينبغي ترشيد املوارد البشرية اآلن ،وحنن باملغرب حنتاج اىل قرار اآلن إلصالح اإلدارة
.العمومية االن
وأخريا إن التسريع بوترية التنمية الشاملة واملتوازنة واملستدامة حيث أن مبادرة جاللة امللك
للتنمية البشرية خبصوص الفقر ميكن اعتبارها حافزا لالنطالقة حنو تنمية شاملة مبا فيها
التنمية اإلدارية ألن الوضع االجتماعي يف املغرب ال يطمئن باخلري أبدا ،بدليل ما ذهب إليه
ممثل البنك الدولي باملغرب الذي ذكر أنه إذا بقي املغرب يعرف نسبة منو منخفضة ال تصل إىل
!! %6فإنه من األرجح أن يعرف عدة توترات اجتماعية ال ميكن التحكم فيها ولذلك فقد اقرتح
هذا املسؤول أن يكون تشجيع االستثمار والتنمية االقتصادية ،وجودة التعليم واالهتمام
بتزويد مجيع املواطنني باملاء الصاحل للشرب والصرف الصحي ،واالهتمام األكرب بالفقر وبالطبقة
الضعيفة واهلشة واملهمشةو االهتمام بالسكن الالئق والتعليم النافع والعمل املنتج والتنمية
املستدامة ،وكخالصة وجيزة حنن نعاني من الفساد االداري و من الظلم االجتماعي والبون
.الشاسع بني الطبقات االجتماعية وحنتاج إىل العدالة االجتماعية ومنها العدالة التوزيعية