You are on page 1of 243

‫أساسيات‬

‫البحث العلمي‬
‫اإلصدار األول‬
‫البحث العلمي‬
‫اإلصدار األول‬
‫أساسيات‬
‫إعداد املادة العلمية‪:‬‬
‫أحمد مايض‬ ‫أحمد حسن‬
‫جامعة ميشيجان‬ ‫رشكة مايكروسوفت‬
‫أسامة سيد‬ ‫أحمد نجا‬
‫جامعة بني سويف‬ ‫رشكة أباليد أوتوميشن‬
‫إسالم حسني‬ ‫أمجد أبو جبارة‬
‫معهد ماسيتشوستس للتقنية‬ ‫رشكة مايكروسوفت‬
‫رشا سليامن‬ ‫خالد األشموين‬
‫جامعة شيفلد‬ ‫رشكة أبل‬
‫معتز عطاالله‬ ‫محمد زهران‬
‫جامعة بريمنجهام‬ ‫جامعة نيويورك‬

‫تنسيق ومراجعة‪:‬‬
‫جهاد الديباين ‪ -‬جامعة االسكندرية‬ ‫فهد محمد ‪ -‬جامعة قطر‬
‫إميان بخيت ‪ -‬جامعة عني شمس‬ ‫هند الحاوي ‪ -‬جامعة عني شمس‬
‫مروة العرتيب ‪ -‬جامعة ميونخ التقنية‬
‫ ‬ ‫ ‬

‫تصميم الغالف والصفحات‪:‬‬


‫محمد أبوليلة ‪ -‬جامعة املنوفية‬
‫املحتوى املحتوى‬
‫‪8‬‬
‫‪12‬‬
‫‪14‬‬
‫املحتوى‬ ‫املحتوى‬
‫العنوان‬
‫مقدمة‬
‫عن مؤسسة علماء مصر‬
‫عن المحاضرين في مساق الدراسة في الخارج‬
‫‪17‬‬ ‫رسالة شكر لفريق عمل الكتاب وكافة المتطوعين‬
‫‪19‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬رحلة تحفيزية حول البحث العلمي‬
‫‪20‬‬ ‫جوهر وأثر البحث العلمي‬
‫‪22‬‬ ‫حضارات اإلنسان ومركزية البحث العلمي‬
‫‪26‬‬ ‫عشرة أشياء جيب عليك معرفتها‬
‫‪34‬‬ ‫عشرة قواعد للتميز‬
‫‪37‬‬ ‫بعض املوارد املفيدة‬
‫‪39‬‬ ‫متارين على الفصل األول‬
‫‪40‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬البحث العلمي والطريقة العلمية للبحث‬
‫‪34‬‬ ‫أنواع البحث العلمي‬
‫‪34‬‬ ‫السمات العامة للبحث العلمي‬
‫‪46‬‬ ‫الطريقة العلمية للبحث العلمي‬
‫‪62‬‬ ‫إرشادات حول كتابة مقرتح أو تقرير حبثي‬
‫‪63‬‬ ‫هيكل املقرتح البحثي‬
‫‪63‬‬ ‫انشر حبثك‬
‫‪65‬‬ ‫احلجة البحثية‬
‫‪69‬‬ ‫متارين على الفصل الثاين‬
‫‪72‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬بين الباحث وطريق البحث العلمي‬
‫‪72‬‬ ‫البحث العلمي يف املرحلة اجلامعية‬
‫‪75‬‬ ‫اهلدف من الدراسة ما بعد اجلامعية‬
‫‪76‬‬ ‫مهنة البحث العلمي‬
‫‪76‬‬ ‫عملية البحث‬
‫املحتوى املحتوى‬
‫‪77‬‬
‫‪79‬‬
‫‪81‬‬
‫‪82‬‬
‫املحتوى‬ ‫املحتوى‬
‫مهارات البحث‬
‫احلياة داخل املعمل ‪ -‬الطريقة العلمية‬
‫دور العلماء والباحثني يف حل املشاكل‬
‫الدراسة التجريبية «‪»Pilot study‬‬
‫‪83‬‬ ‫النصائح السبع للقيام ببحث علمي‬
‫‪87‬‬ ‫متارين على الفصل الثالث‬
‫‪88‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬أخالقيات وسلوكيات البحث العلمي‬
‫‪90‬‬ ‫ما أخالقيات البحث العلمي؟‬
‫‪90‬‬ ‫ما مدى أمهية وضع أخالقيات البحث العلمي؟‬
‫‪93‬‬ ‫ما القيم اليت جيب أن يأخذها الباحث يف اعتباره عند القيام ٍ‬
‫ببحث ما؟‬
‫‪95‬‬ ‫ما أكثر األخطاء السلوكية اليت قد يقع فيها الباحث‪ ،‬خمال ًفا أخالقيات البحث العلمي؟‬
‫‪101‬‬ ‫ضوابط العمل على أحباث البشر واحليوانات وأشهر خمالفاهتا‬
‫‪101‬‬ ‫‪ -‬اجلزء األول‪ :‬األحباث اليت ُترى جتارهبا على البشر‬
‫‪105‬‬ ‫‪ -‬اجلزء الثاين‪ :‬األحباث اليت تقوم على احليوانات‬
‫‪109‬‬ ‫متارين على الفصل الرابع‬
‫‪111‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬النشر العلمي وأهميته‬
‫‪112‬‬ ‫نظرة عامة حول النشر العلمي وأمهيته‬
‫‪114‬‬ ‫ملاذا ننشر؟‬
‫‪115‬‬ ‫مىت تباشر عملية النشر؟‬
‫‪116‬‬ ‫ما الذي ستنشره؟‬
‫‪117‬‬ ‫مىت تبدأ يف الكتابة؟‬
‫‪118‬‬ ‫ما سبل النشر وأنواعه واألوراق البحثية؟‬
‫‪120‬‬ ‫أنواع النشر ‪Publications‬‬
‫‪122‬‬ ‫أنواع األوراق البحثية‬
‫‪125‬‬ ‫خارطة الطريق ‪The Road Map‬‬
‫‪126‬‬ ‫كيف نتعامل مع الرفض؟‬
‫املحتوى املحتوى‬
‫‪127‬‬
‫‪129‬‬
‫‪131‬‬
‫املحتوى‬ ‫املحتوى‬
‫كيف سيعلم الناس مبا قمت به؟‬
‫كيف تبيع فكرتك؟‬
‫متارين على الفصل اخلامس‬
‫‪134‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬الكتابة العلمية وعناصر الورقة البحثية‬
‫‪135‬‬ ‫قبل بدء الكتابة العلمية‬
‫‪136‬‬ ‫مسات الكتابة العلمية‬
‫‪138‬‬ ‫خطوات الكتابة بتشويق وتسويق‬
‫‪142‬‬ ‫هيكل الورقة البحثية (‪)Paper structure‬‬
‫‪153‬‬ ‫أسئلة وأجوبة متعلقة بالفصل السادس‬
‫‪155‬‬ ‫متارين على الفصل السادس‬
‫‪157‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬مهارات وفنيات الكتابة العلمية‬
‫‪158‬‬ ‫مراجعة اإلنتاج الفكري‬
‫‪161‬‬ ‫أسلوب الكتابة العلمية‬
‫‪168‬‬ ‫مناذج لبعض األمثلة اجليدة يف كتابة الورقة العلمية‬
‫‪169‬‬ ‫اخلالصة‬
‫‪170‬‬ ‫أسئلة وأجوبة متعلقة بالفصل السابع‬
‫‪173‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬أدوات ووسائل هامة في البحث العلمي‬
‫‪175‬‬ ‫مصادر املعلومات واملعارف للباحثني‬
‫‪178‬‬ ‫أدوات تنظيم الوقت وأرشفة األوراق‬
‫‪178‬‬ ‫‪ -‬أدوات تنظيم الوقت‬
‫‪181‬‬ ‫‪ -‬األدوات اخلاصة بإدارة املراجع‬
‫‪182‬‬ ‫‪ -‬خدمات وسائل التخزين السحابية (‪)Cloud stores services‬‬
‫‪184‬‬ ‫أدوات الزمة للبحث للوصول للمعلومات‬
‫‪184‬‬ ‫‪ -‬حمركات البحث‬
‫‪191‬‬ ‫‪ -‬قواعد البيانات األكادميية واملكتبات الرقمية‬
‫املحتوى املحتوى‬
‫‪192‬‬
‫‪195‬‬
‫‪195‬‬
‫‪200‬‬
‫املحتوى‬ ‫املحتوى‬
‫أدوات الزمة لتحليل البيانات (‪)Data analysis‬‬
‫أدوات الزمة لكتابة األوراق البحثية وحتريرها‬
‫‪ -‬أدوات اللغة‬
‫‪ -‬أدوات العرض والتوضيح ‪Illustration‬‬
‫‪201‬‬ ‫‪ -‬أدوات التنسيق وحترير الورقة البحثية ‪Styling and editing‬‬
‫‪204‬‬ ‫‪ -‬أدوات كتابة املراجع واالستشهاد ‪Referencing and Citation‬‬
‫‪208‬‬ ‫أسئلة وأجوبة متعلقة بالفصل الثامن‬
‫‪210‬‬ ‫متارين على الفصل الثامن‬
‫‪212‬‬ ‫متارين عامة على الكتاب‬
‫‪213‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬أسئلة وإجابات حول البحث العلمي‬
‫‪214‬‬ ‫أسئلة خاصة مبرحلة إعداد البحث‬
‫‪223‬‬ ‫البحث العلمي واجملاالت املختلفة‬
‫‪225‬‬ ‫أسئلة متعلقة بالسفر واحلصول على املنح الدراسية‬
‫‪230‬‬ ‫أسئلة متعلقة بسوق العمل‬
‫‪235‬‬ ‫أسئلة متنوعة أخرى‬

‫‪237‬‬ ‫خاتمة الكتاب‬


‫‪239‬‬ ‫مصادر هامة للمزيد عن البحث العلمي‬
‫‪8‬‬
‫مقدمــة مقدمـــة‬
‫أساسيات البحث العلمي‬

‫مقدمــة‬ ‫مقدمـــة‬
‫منــذ قــدمي األزل والنــاس يعيشــون ويتعايشــون يف جمتمعــات تطـرأ عليهــا التغـ ّـرات واألحــداث والتحديــات الــي تضطرهــم‬
‫إىل التفكــر والتأمــل يف حلــول هلــا‪ .‬يتبــع تلــك احللــول حمــاوالت للتطبيــق يبــوء كثــر منهــا بالفشــل الــذي يتعلــم منــه النــاس‬
‫ويســتمرون يف حتســن احلــل وتطبيقــه حــى يصلـوا ملرادهــم ويتغلبـوا علــى املعوقــات والتحديــات‪.‬‬
‫هكــذا أخــذت اجملتمعــات يف التطــور وهكــذا هــي طبيعتنــا البش ـرية الــي ال يُهــدئ شــغفها أو يُرضيهــا ســوى أن تبتكــر‬
‫تأمــل مثـاً يف زراعــة األرض‬‫ويوســع حتكمهــا يف املتغـرات الــي حتيــط هبــا‪ّ .‬‬
‫املزيــد واملزيــد ممــا يعطيهــا القــوة ويعــزز بقاءهــا ّ‬
‫جوعــا‪ .‬مث تأمــل كيــف تطــور بــك احلــال‬
‫وختيــل نفســك ال تعــرف شــيئًا عــن احلصــول علــى غذائــك الــذي بدونــه ســتموت ً‬
‫فالحظــت الفصــول األربعــة وحبــوب اللقــاح الــي تتناثــر يف الربيــع وغريهــا مــن الظواهــر الــي تعلمــت منهــا مبالحظتــك مث‬
‫أخضعتهــا لتجربتــك الشــخصية الــي انتهــى بعضهــا بالنجــاح وبعضهــا بالفشــل حــى وصلــت لســبل ووســائل تــزرع هبــا‬
‫البقــاع احمليطــة بــك وحتصــد منهــا قوتــك وقــوت مــن يعيــش معــك‪ .‬لــن نســرد بقيــة احلكايــة لكــن فقــط لــو تأملــت يف كيــف‬
‫وصلــت الزراعــة يف يومنــا هــذا ملــا هــي عليــه مــن كفــاءة وتوســع بعــد مــا بــدأَت مبالحظــة مــن آالف أو رمبــا ماليــن الســنني‬
‫تأمــل يف تطــور أي صناعــة أو لغــة أو جمــال وف َكــر يف اجملتمعــات‬ ‫ومــرت بتحســينات علــى مــدار تلــك الســنني‪ .‬هكــذا ّ‬
‫الــي اندثــرت واجملتمعــات الــي بقيــت وكيــف كان تطويــر احللــول والتنبــؤ باالحتياجــات ركنًــا أساســيًا يف قوهتــا وكيــف كان‬
‫االنشــغال عنــه ســببًا يف فشــلها‪.‬‬
‫وحــى يف وقتنــا هــذا ومــا يليــه ســتجد نفــس الظاهــرة‪ .‬فلــو درســت تاريــخ مائــة عــام مضــت وتطــور جمتمعــات ودول وختلــف‬
‫أخــرى‪ ،‬ســتجد ذلــك متناســبًا بقــوة مــع اهتمــام – أو عــدم اهتمــام – تلــك اجملتمعــات والــدول بابتــكار حلــول متكنهــا مــن‬
‫البقــاء والتحكــم يف قوهتــا ومواردهــا‪.‬‬
‫عموما؟‬
‫ولكن ما عالقة كل ذلك هبذا الكتاب أو البحث العلمي ً‬
‫كلمتيــه ينقســم إيل «حبــث» ومعنــاه‬
‫ســتجد اإلجابــة بــن دفــي الكتــاب ولكــن دعنــا نذكــر اختصـ ًـارا أن البحــث العلمــي يف ْ‬
‫أن هنــاك حتديــات أو مشــاكل تبحــث هلــا عــن حــل‪ ،‬والبــد أن نصــل هلــذا احلــل بشــكل «علمــي» ســليم وإال فســيكون‬
‫عندنــا مئــات احللــول أشــبه مــا تكــون بالرتهــات أو اخلرافــات‪ .‬إ ًذا لكــي يتقــدم جمتمعنــا وتتطــور جماالتــه ومقوماتــه األدبيــة‬
‫والصناعيــة والزراعيــة والصحيــة وغريهــا‪ ،‬ســنواجه حتديــات ومعوقــات نبحــث هلــا عــن حلــول نتأكــد مــن جدواهــا باتبــاع‬
‫منهجيــة علميــة تضمــن لنــا الوصــول حللــول حقيقيــة وتدلنــا علــى التطبيــق الصحيــح‪.‬‬
‫وملــا كانــت ثقافــة جمتمعاتنــا يف مصــر واملنطقــة العربيــة بشــكل عــام متواضعــة أو رمبــا ضعيفــة إذا مــا قورنــت بــدول أخــرى‬
‫متقدمــة‪ ،‬فقــد رأينــا أن تكــون أوىل فعالياتنــا موجهــة لنشــر وتعزيــز تلــك الثقافــة والــي مــن شــأهنا تطويــر األفـراد ومتكينهــم‬
‫ـرا‬
‫مــن الوصــول حللــول ملشــاكل تواجــه اجملتمــع‪ .‬بدأنــا عــام ‪ ٢٠١٤‬مبســاق عــن «أساســيات البحــث العلمــي» وانتشــر كثـ ً‬
‫بــن الشــباب واملبتدئــن يف الطريــق‪ ،‬مث أتبعنــاه بنشــاطات وبرامــج توجيهيــة هبــدف مســاعدة شــباب الباحثــن يف تطبيــق‬
‫أحباثهــم‪ .‬مــن هــذه الربامــج «معامــل علمــاء مصــر» والــذي ختـ ّـرج منــه مئــات الطــاب حــى اآلن وقــد مت وضعهــم علــى‬
‫بداية الطريق ومتكينهم من اخلوض فيه بشــكل عملي‪ .‬ويف أوائل ‪ ٢٠١٦‬رأينا أن خنرج املســاق على شــكل كتاب ميكن‬
‫أن يقـرأه أي شــخص يبغــى البدايــة يف هــذا الطريــق الشــاق واملمتــع يف نفــس الوقــت كمــا ميكــن اســتخدامه يف املكتبــات‬
‫واجلامعــات كأحــد املراجــع يف هــذا املوضــوع أو تدريســه كمســاق مــع بعــض التمرينــات آخــر كل فصــل‪.‬‬

‫هذا اإلصدار‬
‫وهــا قــد ظهــر اإلصــدار األول بفضــل مــن اهلل مــن خــال عمــل دؤوب مــن فريــق عمــل ر ٍاق مــن املتطوعــن ويتوقــع تطويــر‬
‫احملتــوى مــا مت االحتيــاج لذلــك ليواكــب أي متغـرات أو معطيــات قــد حتــدث خــال األعـوام املقبلــة‪ .‬تعــد هــذه النســخة‬
‫اإلصــدار األول مــن الكتــاب‪ ،‬وهــو الكتــاب الثــاين الــذي تصــدره مؤسســة علمــاء مصــر‪.‬‬

‫نبذة عن المحتوى‬
‫يبــدأ الكتــاب برحلــة تارخييــة وحتفيزيــة البــد أن ميــر هبــا كل باحــث يرغــب يف تــرك أثــر‪ ،‬ولكــن تلــك الرغبــة ســتزيد وتنضــج‬
‫كلمــا عــرف الباحــث دور مــن ســبقوه وأثــر البحــث والتطويــر يف هنضــة األمــم ورقيهــا‪ .‬قــد ترجــع هلــذه الرحلــة كلمــا صعــب‬
‫الطريــق وضعفــت العزميــة لتتذكــر أنــك لســت وحــدك بــل هنــاك ماليــن أفنـوا أعمارهــم لــرك بصمــة يَنتفــع ويَتأثــر هبــا مــن‬
‫عاشـوا يف زماهنــم ومــا بعــده‪.‬‬
‫يأخذنــا بعدهــا الفصــل الثــاين للتعــرف علــى طريــق البحــث العلمــي وتفاصيلــه واحلديــث املرّكــز عــن الطريقــة العلميــة للبحــث‬
‫بــدءًا باملالحظــة وحــى اإلثبــات واالســتنتاج ملــا هــو جديــد وقيــم‪ .‬الفصــل الثالــث يُعــى مبهنــة البحــث العلمــي بــدءًا مــن‬
‫املرحلــة اجلامعيــة وكيــف يســتطيع الطالــب واخلريــج أن يلتحقـوا بركــب البحــث العلمــي‪ ،‬كذلــك يتضمــن نظــرة قريبــة حليــاة‬
‫الباحــث داخــل املعمــل وبعــض النصائــح املوجهــة للباحثــن بشــكل عــام‪.‬‬
‫الفصــل الرابــع يركــز علــى األخالقيــات والســلوكيات املرتبطــة بالبحــث العلمــي والــي قــد يقــع مــن جيهلهــا يف مشــاكل‬
‫عظيمــة‪ ،‬ولذلــك جيــب علــى الباحــث االهتمــام جيـ ًـدا هبــذا اجلانــب وفهمــه جيـ ًـدا‪.‬‬
‫الفصــول التاليــة – اخلامــس وحــى الســابع ‪ -‬تتطــرق بشــيء مــن االســتفاضة إىل النشــر العلمــي وكتابــة األوراق العلميــة‬
‫وأســاليب الكتابة‪ .‬مث يتطرق الفصل الثامن للعديد من الوســائل واألدوات اهلامة واليت من شــأهنا زيادة إنتاجية الباحث‪.‬‬
‫يف الفصــل األخــر جنيــب علــى بعــض األســئلة املتداولــة والــي وصلتنــا علــى مــدار املســاق واملعامــل الــي أقامتهــا املؤسســة‬
‫علــى مــدار األعـوام الســابقة‪.‬‬

‫كيف تقرأ الكتاب ومن أين تبدأ‬


‫عمومــا بقـراءة الكتــاب برتتيــب فصولــه كمــا ننصــح بقراءتــه بشــكل كامــل لطــاب البكالوريــوس وحــى الدراســات‬
‫ننصــح ً‬
‫العليــا‪ .‬الطــاب مــن املراحــل مــا قبــل اجلامعيــة سيســتفيدون بشــكل كبــر كذلــك وخاصـةً بالفصــول الثالثــة األوىل‪ .‬وليكــن‬
‫دومــا معــك دليـاً عمليًــا وشــارك نصائحــه مــع زمالئــك ألن ذلــك مــن شــأنه ترســيخ املعلومــات لديــك‪.‬‬
‫الكتــاب ً‬

‫‪9‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫كيف تستخدم الكتاب في التدريس‬
‫نظـرا ألمهيــة أساســيات البحــث العلمــي فقــد مت تصميــم الكتــاب حبيــث ميكــن ألســاتذة اجلامعــات تدريســه للطــاب ضمــن‬
‫مســاق بعن ـوان «أساســيات البحــث العلمــي» وننصــح بــأن يكــون املســاق ضمــن مســاقات أول عــام جامعــي وننصــح‬
‫كذلــك باســتخدام الفصــول بنفــس ترتيبهــا حيــث حرصنــا أن يتعــرض الطالــب ملقدمــة يــرى مــن خالهلــا الصــورة واألثــر‬
‫األكــر للبحــث العلمــي يف جمتمعــه ودور العلمــاء والباحثــن ومهنتهــم‪ ،‬مث كيفيــة البحــث والطريقــة العلميــة‪ ،‬مث أمهيــة نشــر‬
‫العلــم وأدواتــه‪ ،‬مث االســتفاضة يف الكتابــة ومهاراهتــا‪ ،‬وأخ ـرا نتطــرق ألدوات هامــة تزيــد مــن إنتاجيــة الطالــب والباحــث‪.‬‬
‫كمــا أضفنــا لــكل فصــل بعــض التمرينــات املقرتحــة لتعــزز مــن اســتيعاب الطالــب للمــادة العلميــة وتدفعــه ملزيــد مــن التعمــق‬
‫والفهــم‪.‬‬

‫أين تجد محتوى إضافي؟‬


‫مثة مصادر ننصحك باالطالع عليها بشكل دائم وتتمثل يف اآليت‪:‬‬
‫‪ )1‬مكتبة علماء مصر‪ :‬ميكنك الوصول هلا عرب موقعنا مباشرة‪( .‬الرابط)‬
‫‪ )2‬مساق أساسيات البحث العلمي‪ :‬ميكنك الوصول له عرب املكتبة كذلك‪( .‬الرابط)‬
‫‪ )3‬العديد من املصادر األخرى واملشار إليها بني طيات الفصول‬

‫خدمات عليك االستفادة بها‬


‫منــذ نشــأة املؤسســة عــام ‪ 2012‬وحنــن هنتــم بقضيــة البحــث العلمــي والدراســة يف اخلــارج كهــدف اسـراتيجي مــن شــأنه‬
‫تنميــة وتطويــر قدراتنــا البش ـرية ونقــدم يف ذلــك خدمــات املراجعــة واالستشــارات – بــدون متييــز ‪ -‬لــكل الطــاب مــن‬
‫خمتلــف البــاد واجلنســيات وكذلــك خدمــات متنوعــة يف اإلش ـراف والتوجيــه ويف مقدمتهــا معامــل أساســيات البحــث‬
‫العلمــي والــي تتــم بشــكل ســنوي‪.‬‬
‫ملعرفة املزيد عن تلك اخلدمات وطرق استخدامها ميكنك زيارة موقع املؤسسة ومتابعة قائمة اخلدمات‪.‬‬
‫لــدى مؤسســة علمــاء مصــر كذلــك العديــد مــن اخلدمــات األخــرى واحملاض ـرات الــي هتــدف للتوجيــه والتطويــر يف شــى‬
‫اجملــاالت العلميــة واالجتماعيــة‪ .‬وحــى اللحظــة فــإن مائــة باملائــة مــن العاملــن يف املؤسســة متطوعــن نرغــب يف شــكرهم‬
‫داعمــا هلــم‪.‬‬
‫نيابــة عنــك عزيزنــا القــارئ ونرجــو أن تكــون منهــم أو ً‬
‫ساعدنا في تطوير هذا الكتاب‬
‫مل حنــاول يف هــذه النســخة ابتغــاء الكمــال بقــدر مــا عزمنــا علــى إخـراج نســخة جيــدة يف أقصــر وقــت ممكــن‪ .‬لذلــك –‬
‫عزيــزي القــارئ – ســنعتمد عليــك يف مراســلتنا الدائمــة ملســاعدتنا يف املزيــد مــن التنقيــح والتدقيــق وإضافــة مراجــع وحمتــوى‬
‫بشــكل دائــم حبيــث ميثــل كل إصــدار جتديـ ًـدا وحتســينًا ولــو بســيطًا‪ .‬يف حالــة وجــود أخطــاء أو مقرتحــات نرجــو منــك‬
‫مراســلتنا عــر بريدنــا اإللكــروين‪books@egyptscholars.org :‬‬

‫‪10‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫ادعمنا وابدأ رحلتك‬
‫نرجــو منــك عزيزنــا القــارئ أن تبلــغ وتنقــل املــادة العلميــة لــكل مــن حيتاجهــا ونرجــو أن جتــد الكتــاب مليئًــا بالفائــدة‪ .‬وال‬
‫مجيعــا «ألن كل عقــل‬ ‫تنســى دعمنــا بــكل قدراتــك املعنويــة واملاديــة والتطوعيــة؛ فنحــن حنتاجــك كمــا حتتاجنــا وشــعارنا ً‬
‫يفــرق»‪ .‬واآلن نــركك لتســتمتع ببدايــة الرحلــة الــي نرجــو أن تغــر مســتقبلك ومســتقبلنا لألفضــل‪ .‬ونشــكر لــك الق ـراءة‬
‫واملتابعــة والدعــم املســتمر‪.‬‬

‫فريق العمل – مؤسسة علماء مصر‬


‫اجلمعة – ‪ 3‬نوفمرب ‪ 12 / 2017‬صفر ‪1439‬‬

‫‪11‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫عن مؤسسة علماء مصر‬
‫أثنــاء دراســة جمموعــة مــن طــاب الدكتــوراه بــن عــدة دول خمتلفــة‪ ،‬ونقاشــهم عــن وضــع البحــث العلمــي والتقنيــة يف‬
‫العــامل العــريب بصفــة عامــة‪ ،‬ويف بلدهــم مصــر بصفــة خاصــة‪ ،‬شــعر هــؤالء الباحثــون أن عليهــم القيــام مبــا هــو أكثــر مــن‬
‫دراســة العلــوم؛ فقــرروا إنشــاء كيــان علمــي؛ ملســاعدة الباحثــن والطــاب يف مصــر‬
‫والوطــن العــريب‪ .‬وبعــد مخســة أعـوام مــن العمــل التطوعــي احلثيــث املتواصــل‪ ،‬نســتمر‬
‫كمؤسســة غــر رحبيــة‪ ،‬يعمــل فيهــا مــا يتجــاوز املائــي متطــوع ـ مــن خمتلــف األعمــار‬
‫والتخصصــات العلميــة والصناعيــة ـ يف عــدة مشــروعات‪ ،‬يتــم مــن خالهلــا تقــدمي‬
‫خدمــات ومنتجــات مميــزة لطلبــة اجلامعــات‪ ،‬والباحثــن‪ ،‬واخلرجيــن‪ ،‬ورواد األعمــال‪.‬‬

‫بــدأت مؤسســة « علمــاء مصــر» يف مطلــع عــام ‪ 2012‬كمبــادرة علميــة (ميكنــك‬


‫التعــرف علــى مشــروعات املؤسســة ومراســلتها مــن خــال موقعهــا (الرابــط) أطلقهــا بضعــة طــاب للدراســات العليــا جبامعــة‬
‫متشــيجان بالواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬هبــدف إحــداث طفــرة كميــة وكيفيــة يف عــدد العاملــن يف البحــث العلمــي‬
‫والصناعــة وريــادة األعمــال‪ .‬بــدأ التواصــل مــع املهتمــن واملســتفيدين حــول العــامل مــن خــال وســائل التواصــل االجتماعــي‪،‬‬
‫وقــد اجتذبــت رســالة «علمــاء مصــر» املزيــد مــن املتطوعــن للمشــاركة‪.‬‬

‫وىف منتصــف عــام ‪ ،2013‬مت تســجيل املبــادرة بالواليــات املتحــدة‪ ،‬كمؤسســة غــر رحبيــة‪ ،‬مســتقلة‪ ،‬وقــد وصــل اآلن‬
‫انتشــار املتطوعــن ألكثــر مــن ‪ 20‬دولــة حــول العــامل‪ .‬ركــزت املؤسســة نشــاطها علــى تنميــة عــدة حمــاور‪ ،‬لرفــع الوعــي‬
‫العلمــي‪ ،‬وتفعيــل التعــاون بــن األكادمييــن والصناعيــن‪ ،‬ودعــم الباحثــن‪ ،‬والطــاب‪ ،‬ورواد األعمــال‪.‬‬

‫المحــور األول الــذي ركــزت عليــه املؤسســة هــو االهتمــام بتطويــر املســتوى العلمــي لــدى اخلرجيــن‪ ،‬خاصــة ذوي الشــغف‬
‫بالبحــث العلمــي والصناعــات املتطــورة‪ ،‬الراغبــن يف االلتحــاق بالدراســات العليــا يف أرقــى اجلامعــات واملعاهــد حــول العــامل‬
‫‪.‬وملســاعدهتم منــذ بدايــة املرحلــة اجلامعيــة‪ ،‬مت إصــدار موســوعة «خطـوات» املعلوماتيــة؛ لتمهــد للطالــب والباحــث معرفــة‬
‫أي شــيء خــاص بالدراســة يف اخلــارج‪ ،‬مــن بدايــة جتهيــز امتحانــات القبــول (مثــل اللغــة‪ ،‬وغريهــا)‪ ،‬إىل مــا ميكــن توقُّعــه‬
‫ـرورا باملنــح الدراســية املتوفــرة‪ ،‬وفــرص القبــول‪ ،‬وم ـوارد مفيــدة أخــرى‪ .‬اســتعانت املؤسســة‬ ‫يف العــام األول مــن دراســته‪ ،‬مـ ً‬
‫بعش ـرات الباحثــن املتميزيــن للكتابــة يف املوســوعة‪ ،‬ليشــاركوا خرباهتــم األكادمييــة حــول جمــاالت الدراســة‪ ،‬والــدول الــي‬
‫يعيشــون فيهــا‪ .‬كمــا تقــدِّم املؤسســة خدمــات استشــارات للطــاب عــن كل مــا يتعلــق بالدراســة يف اخلــارج‪ ،‬وخدمــات‬
‫مراجعــة ألوراق التقــدمي؛ إلضافــة خ ـرات هلــم‪ ،‬وزيــادة فــرص قبوهلــم‪ .‬وقــد دعمــت أكثــر مــن ألــف باحــث حــى اآلن‪،‬‬
‫وراجعــت أوراقهــم‪.‬‬

‫المحــور الثانــي هــو نقــل العلــم واملعرفــة‪ ،‬حيــث قامــت املؤسســة بعمــل عــدد كبــر مــن النــدوات التفاعليــة عــر اإلنرتنــت‪،‬‬
‫يف ختصصــات علميــة وحبثيــة وصناعيــة‪ ،‬وكذلــك للمهتمــن بريــادة األعمــال‪ ،‬جبانــب النــدوات املتعلقــة بشــرح ســبل الدراســة‬
‫باخلــارج‪ ،‬وتنميــة املهــارات املهنيــة والفرديــة‪.‬‬

‫المحــور الثالــث هــو التوجيــه الفــردي واجلماعــي‪ ،‬ويتمثــل يف إنشــاء معامــل تفاعليــة تضــم عش ـرات الطــاب كل أربعــة‬
‫أشــهر‪ ،‬ليمارس ـوا آليــات البحــث العلمــي‪ ،‬حتــت إش ـراف خنبــة مــن األســاتذة وطــاب الدكتــوراه‪ .‬يتــم تقســيم الطــاب‬
‫إىل جمموعــات أصغــر‪ ،‬ويتــم العمــل علــى مشــروع حبثــي بــن مشــرف وجمموعــة صغــرة مــن الطــاب والباحثــن الناشــئينن‪.‬‬
‫بتخرجهم‬‫جديدا للتوجيه واإلشـراف املكثف لطالب اجلامعة ملدة ثالث ســنوات‪ ،‬تنتهي ُّ‬ ‫ـروعا ً‬ ‫وتبدأ املؤسســة حاليًّا مشـ ً‬

‫‪12‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫بإمكانــات عاليــة‪.‬‬

‫المحــور الرابــع يتمثــل يف تكويــن جمتمعــات مــن املتخصصــن يف اجملــاالت املختلفــة‪ .‬يعمــل كل جمتمــع علــى عــدة‬
‫مشــروعات هتــدف إىل إعــاء وتطويــر اجملــال يف مصــر والــدول الناميــة‪ ،‬واحتضــان األجيــال الناشــئة الــي ترغــب يف‬
‫الدخــول إىل عــا َل التخصــص‪ ،‬باإلضافــة إىل املشــروعات البحثيــة واملشـ َـاركات بــن أعضــاء اجملتمــع الواحــد‪ .‬يوجــد حاليًّــا‬
‫جمتمــع ألحبــاث الســرطان‪ ،‬وآخــر لالقتصــاد‪ ،‬وال تشــمل اجملموعــات مصريــن وعربًــا فقــط‪ ،‬بــل ترحــب املؤسســة بالباحثــن‬
‫واملتخصصــن مــن كل اجلنســيات‪.‬‬

‫معــا‪ ،‬مــن خــال مشـ َـاركات ترعاهــا وتســهل حدوثهــا املؤسســة‪،‬‬ ‫المحــور الخامــس هــو ربــط البحــث العلمــي والصناعــة ً‬
‫وفــق معايــر واضحــة لألطـراف املختلفــة‪ ،‬ومســاعدة الشــركات يف إجيــاد َمـ ْـن قــد يســاعدهم يف حــل املشــكالت البحثيــة‬
‫أو التطويريــة‪ ،‬والعكــس‪ .‬يهــدف هــذا احملــور إىل اســتقطاب الباحثــن الذيــن يرغبــون يف التطــوع للعمــل يف أحبــاث ترعاهــا‬
‫املؤسســة والفريــق املنــوط بذلــك داخلهــا‪.‬‬

‫وخصوصــا فيمــا يتعلــق باحتكاكهــم اجملتمعــي‪ ،‬وحصوهلــم علــى‬


‫ً‬ ‫المحــور الســادس هــو دعــم ذوي االحتياجــات اخلاصــة‪،‬‬
‫فــرص تعليميــة ومهنيــة متكافئــة مــع فــرص غريهــم‪ ،‬قــدر املســتطاع‪ .‬كذلــك تضمــن املؤسســة ـ مــن خــال ذلــك ـ أن مجيــع‬
‫خدماهتــا متاحــة للجميــع‪ ،‬بغــض النظــر عــن احتياجاهتــم املختلفــة‪.‬‬

‫يف الفــرة املقبلــة‪ ،‬تعتــزم املؤسســة إنشــاء فــروع طالبيــة يف جامعــات متعــددة مــن مجيــع أحنــاء العــامل؛ لتشــجيع الطــاب‬
‫واألســاتذة علــى تبــادل اخل ـرات‪ ،‬والتوجيــه‪ ،‬واملشــاركة يف مشــروعات املؤسســة‪.‬‬
‫نقل عن جملة نيتشر الطبعة العربية بعنوان «الدور اآلخر للعلماء» عدد يناير ‪)2015‬‬
‫(املقال ً‬

‫‪13‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫عن المحاضرين في مساق الدراسة بالخارج‬
‫د‪ /‬أحمد حسن‬
‫باحــث يف مركــز مايكروســوفت للبحــوث‪ .‬ترتكــز اهتمامــه البحثيــة علــى تقاطــع جمــاالت اســرجاع املعلومــات‪ ،‬معاجلــة اللغــة‬
‫الطبيعيــة والتعلــم اآليل وعلــى فهــم كيفيــة تفاعــل البشــر مــع املعلومــات وكيفيــة تطويــر خورازميــات لتقييــم وحتســن نظــم‬
‫اســرجاع املعلومــات‪ .‬ينطــوي اجلــزء األساســي مــن عملــه علــى حتليــل البيانــات النصيــة وبيانــات ســلوك املســتخدم علــى‬
‫نطــاق واســع‪ .‬حصــل د‪ .‬أمحــد حســن علــى الدكتــوراه يف هندســة وعلــوم احلاســوب مــن جامعــة ميشــيجان آن آربــر يف‬
‫عــام ‪ ،2011‬وعلــى البكالوريــوس واملاجســتري ىف هندســة احلاســبات مــن جامعــة القاهــرة يف عامــي ‪ 2003‬و ‪.2007‬‬

‫د‪ /‬أحمد سمير ماضي‬


‫حاصــل علــى بكالوريــوس الصيدلــة مــن جامعــة عــن مشــس عــام ‪ 2006‬بتقديــر عــام امتيــاز مث عمــل بقســم البحــوث‬
‫الدوائيــة يف مركــز حبــوث اإلشــعاع هبيئــة الطاقــة الذريــة ملــدة عــام ســافر بعدهــا إىل هولنــدا حيــث حصــل علــى املاجســتري‬
‫يف اإلبــداع الدوائــي مــن جامعــة أوترخــت عــام‪ 2001‬وحصــل علــى الدكتــوراه يف الكيميــاء الطبيــة جبامعــة ميتشــيجان يف‬
‫الواليــات املتحــدة عــام ‪.2016‬‬
‫اهتماماتــه البحثيــة تشــمل اســتخدام علــم الكيميــاء العضويــة والكيميــاء احليويــة وعلــم األحيــاء اخللويــة يف عمليــة اكتشــاف‬
‫وتطويــر األدويــة ولــه عــدة أحبــاث يف هــذا اجملــال‪.‬‬

‫د‪ /‬أحمد نجا‬


‫حصــل علــى البكالوريــوس يف هندســة احلاســبات والتحكــم مــن جامعــة املنصــورة يف عــام ‪ 1995‬وعــن كمعيــد بنفــس‬
‫اجلامعــة‪ .‬التحــق د‪ .‬جنــا جبامعــة أوكالنــد يف ‪ 1998‬للعمــل كمعيــد والســتكمال الدراســة لدرجــة الدكتــوراه يف الرياضيــات‬
‫درس د‪ .‬جنــا العديــد مــن‬
‫التطبيقيــة‪ .‬وىف عــام ‪ 1999‬انتقــل إىل جامعــة ويــن ســتيت حيــث أهنــى درجــة الدكتــوراه‪ّ .‬‬
‫املقــررات الدراســية يف عــدد مــن اجلامعــات املصريــة واألمريكيــة ويشــغل حاليًــا منصــب رئيــس قســم األحبــاث والتطويــر‬
‫بشــركة ‪.Applied Automation Technologies‬‬

‫د‪ /‬أسامة سيد‬


‫حصــل علــى البكالوريــوس واملاجســتري يف العلــوم الصيدالنيــة مــن جامعــة القاهــرة يف عامـ ّـي ‪ 2003‬و‪ 2006‬علــى التـوايل‪،‬‬
‫وعلــى الدكتــوراه مــن كليــة الصيدلــة جامعــة بــى ســويف يف ‪2013.‬عمــل كباحــث زائــر بكليــة الصيدلــة جامعــة لنــدن‬
‫الســتكمال درجــة الدكتــوراه يف الفــرة مــا بــن عامــي ‪ 2010‬و‪2011.‬ويشــغل حاليًــا منصــب حماضــر بكليــة الصيدلــة‬
‫جامعــة بــى ســويف‪ .‬تركــز أحبــاث د‪ .‬ســيد علــى توصيــل األدويــة مــن خــال اجللــد واألغشــية املخاطيــة‪ .‬وعلــى فهــم كيفيــة‬
‫انتقــال األدويــة مــن خــال هــذه األنســجة البيولوجيــة‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫د‪ /‬أمجد أبو جبارة‬
‫حصــل علــى بكالوريــوس هندســة احلاســبات مــن اجلامعــة اإلســامية ‪ -‬فلســطني عــام ‪ 2005‬مث علــى درجــي املاجســتري‬
‫والدكتــوراه يف علــوم وهندســة احلاســبات مــن جامعــة ميشــيجان‪ ،‬آن أربــور يف ‪ 2009‬و‪.2013‬‬
‫جماالت اهتمامه البحثية والعملية تشمل معاجلة اللغات احلية واسرتجاع املعلومات والتعلم اآليل وحتليل الشبكات‪.‬‬
‫يعمــل حاليــا كباحــث تطبيقــي ومطــور برجميــات يف جمــال تقنيــات اإلعــان احملوســب مــن خــال حمــركات البحــث يف شــركة‬
‫مايكروســوفت يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪.‬‬

‫د‪ /‬إسالم حسين‬


‫مــن املتخصصــن يف علــم الفريوســات اجلزيئيــة‪ ،‬حصــل علــى البكالوريــوس واملاجســتري يف الطــب البيطــري مــن جامعــة‬
‫الزقازيــق عامــي ‪ 1999‬و‪ 2003‬علــى الت ـوايل‪.‬‬
‫عمل كمدرس مساعد يف نفس اجلامعة يف علم الفريوسات بني عامي ‪2003-2000.‬‬
‫حصــل علــى الدكتــوراه مــن جامعــة كامربيــدج باململكــة املتحــدة عــام ‪ 2007‬وتــدرب مــا بعــد الدكتــوراه يف املعهــد القومــي‬
‫للصحــة واملركــز الطــي جبامعــة كانســاس بالواليــات املتحــدة األمريكيــة‪.‬‬
‫يعمــل حاليًــا يف معهــد ماسيتشوســتس للتكنولوجيــا كعــامل باحــث وترتكــز أكثــر اهتماماتــه البحثيــة علــى دراســة التطــور‬
‫واالنتقــال واملســببات املرضيــة لفــروس إنفلون ـزا الطيــور‪.‬‬
‫َ‬
‫د‪ /‬خالد األشموني‬
‫حصــل علــى البكالوريــوس واملاجســتري يف اهلندســة احليويــة الطبيــة واملنظومــات مــن جامعــة القاهــرة يف عامــي ‪2003‬‬
‫و‪2006‬علــى التـوايل و حصــل علــى الدكتــوراه يف اهلندســة الكهربيــة و علــوم احلاســوب مــن جامعــة ميشــيجان آن آربــر‬
‫يف ينايــر ‪ 2013‬حيــث عمــل يف جمــال تصميــم دوائــر األنالــوج املتكاملــة و دوائــر االتصــاالت و النظــم امليكرونيــة ثالثيــة‬
‫األبعــاد لتطبيقــات القياســات العصبيــة داخــل املــخ‪.‬‬
‫ويعمل حاليًا يف شركة أبل بوالية كاليفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫د‪ /‬رشا سليمان‬


‫حصلــت علــى بكالوريــوس الطــب واجلراحــة العامــة‪ ،‬وماجســتري الفســيولوجيا الطبيــة مــن جامعــة املنصــورة عامــي ‪2003‬‬
‫و‪2009‬علــى التـوايل‪ .‬عملــت كمعيــد مث مــدرس مســاعد بنفــس اجلامعــة يف الفــرة مــا بــن ‪ .2009 -2005‬وحصلــت‬
‫علــى الدكتــوراه يف علــوم األعصــاب مــن جامعــة شــيفلد اململكــة املتحــدة عــام‪.2016‬‬

‫د‪ /‬محمد زهران‬


‫حصــل علــى البكالوريــوس واملاجســتري يف هندســة احلاســبات مــن جامعــة القاهــرة‪ ،‬وعلــى الدكتــوراه يف اهلندســة الكهربائيــة‬

‫‪15‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫وهندســة احلاســبات مــن جامعــة مريالنــد عــام ‪ .2003‬وحاليًــا عضــو هيئــة تدريــس يف قســم علــوم الكمبيوتــر‪ -‬معهــد‬
‫كورانــت للعلــوم الرياضيــة جبامعــة نيويــورك‪.‬‬
‫ترتكــز اهتماماتــه البحثيــة علــى اجملــاالت اخلاصــة هبندســة احلاســبات والتفاعــات بــن اهلاردويــر والســوفت ويــر وحمــاكاة‬
‫النظــم احليويــة‪.‬‬
‫كمــا يشــغل عضويــة عــدد مــن اجلمعيــات العلميــة الكــرى مثــل مجعيــة مهندســي الكهربــاء واإللكرتونيــات‪ ،‬ومجعيــة تصميــم‬
‫احلاســبات ومنظمة اجملتمع العلمي‪.‬‬

‫د‪ /‬معتز عطااهلل‬


‫حماضــر يف جامعــة برمنجهــام باململكــة املتحــدة يف جمــال علــوم املـواد والتصنيــع‪ ،‬حصــل علــى البكالوريــوس واملاجســتري يف‬
‫اهلندســة امليكانيكيــة مــن اجلامعــة األمريكيــة يف عامـ ّـي ‪ 2001‬و‪ 2003‬علــى التـوايل‪ ،‬مث الدكتــوراه مــن جامعــة برمنجهــام‬
‫يف ‪2007.‬عمــل كباحــث يف جامعــة مانشســر يف مركــز أحبــاث علــوم امل ـواد يف الفــرة مــا بــن ‪ 2007‬إىل ‪2010.‬‬
‫هتتــم أحبــاث د‪ .‬عطــا اهلل بعديــد مــن تكنولوجيــات التصنيــع ومنهــا الطباعــة ثالثيــة األبعــاد‪ ،‬الســبائك املتقدمــة‪ ،‬اللحــام‬
‫باالحتــكاك واســتخدام الليــزر يف تعديــل خ ـواص امل ـواد‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫رسالة شكر ‪..‬‬
‫ال شــك أن االنتهــاء مــن اإلصــدار األول لكتــاب «أساســيات البحــث العلمــي» هــو مثــرة عمــل العديــد مــن املتطوعــن‬
‫مبشــاركات خمتلفــة ومتفاوتــة‪ .‬وتضافــر تلــك اجلهــود كان ســببًا يف إخـراج عمــل نرجــو أن يكــون موف ًقــا‪ .‬وال يســعنا يف هــذا‬
‫نوجــه رســالة شــكر للجميــع ونذكــر بعــض مــن تطوعـوا بوقتهــم غــر هــؤالء املذكوريــن ســاب ًقا‪.‬‬
‫اجلــزء ســوى أن ّ‬
‫نــود أن نشــكر كل مــن نرمــن صديــق‪ ،‬مــي مجــال‪ ،‬خالــد رشـوان‪ ،‬أميــن الطيــب‪ ،‬هبــة خطــاب‪ ،‬آيــة حممــد‪ ،‬فاطمــة مجــال‪،‬‬
‫أمحــد املصيلحــي‪ ،‬أمحــد جمــدي‪ ،‬أمحــد شــليب‪ ،‬فاطمــة ربيــع‪ ،‬عمــاد الطحــان‪ ،‬أمحــد عصمــت‪ ،‬آالء رفعــت‪ ،‬عبــد القــادر‬
‫أمحــد‪ ،‬أمــل ســيدين‪ ،‬عمــرو خــر الديــن‪ ،‬بســمة حممــد‪ ،‬داليــا محــزة‪ ،‬شــادي عبــد العــال‪ ،‬أمحــد العــاديل‪ ،‬إميــان حممــد‪،‬‬
‫إميــان أمحــد‪ ،‬عــزت أمحــد‪ ،‬هديــر أبــو العــزم‪ ،‬حليمــة صــرة‪ ،‬حــامت حســاين‪ ،‬هيثــم املســلمي‪ ،‬هبــة املنجــي‪ ،‬هبــة حنتــور‪،‬‬
‫هبــة رمضــان‪ ،‬هبــة منصــور‪ ،‬إسـراء أمحــد‪ ،‬ماهيتــاب احلديــي‪ ،‬حممــد صــاح الديــن‪ ،‬حممــود صــاحل‪ ،‬حممــود حنفــي‪ ،‬حممــد‬
‫عبدالكــرمي‪ ،‬معــاذ خالــد‪ ،‬حممــد فرفــور‪ ،‬مــى عمــاد الديــن‪ ،‬نصــر إمساعيــل‪ ،‬نســيبة الســيد‪ ،‬فاطمــة بــركات‪ ،‬رشــا موســى‪،‬‬
‫ســامح ســعد‪ ،‬ســامح مســر‪ ،‬ســارة عبــدو‪ ،‬مليــاء حممــد بــن غربيــة‪ ،‬حممــد حســن‪ ،‬الزهـراء حســن‪ ،‬عبــد اهلل املســلمي‪ ،‬أمــرة‬
‫عتمــان‪ ،‬وعبــد اهلل أشــرف‪.‬‬
‫ممتعا ونرجو أن ينال الناس مثرته‪.‬‬
‫مجيعا وقد كان العمل معكم ً‬
‫شكرا لكم ً‬
‫ً‬

‫‪17‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫لماذا يجب أن أقرأ هذا الكتاب؟‬
‫عزيــزي القــارئ‪ ،‬مــن البديهــي أن يكــون هــذا السـؤال هــو أول مــا يتبــادر إىل ذهنــك حلظــة وقــوع هــذا الكتــاب بــن يديــك‪،‬‬
‫قدمــا يف رحلتــك معنــا‪ ،‬فســتكون‬‫وكوننــا نــدرك جيـ ًـدا أمهيــة اإلجابــة علــى هــذا السـؤال‪ ،‬يف ســبيل تشــجعيك علــى املضــي ً‬
‫أول حمطاتنــا يف هــذه الرحلــة خمصصــة لإلجابــة عليــه‪ ،‬بصــورة تفصيليــة شــاملة ترضــي تســاؤالتك‪.‬‬
‫ولكــن قبــل ذلــك‪ ،‬مــن الضــروري أن ننــوه علــى أن وقــوع هــذا الكتــاب بــن يديــك‪ ،‬هلــو بالتأكيــد إشــارة علــى تلــك الرغبــة‬
‫املوجــودة بداخلــك‪ ،‬الرغبــة يف البحــث عــن العلــم‪ ،‬واإلجابــة علــى تلــك التســاؤالت القابعــة يف نفســك‪ ،‬وهــي بالتأكيــد‬
‫إشــارة حيركهــا ذلــك الدافــع بداخلــك‪.‬‬
‫ولكن ما الذي قد يدفعك إلى قراءة هذا الكتاب؟‬
‫• وقت التغيير‪:‬‬
‫نعــم‪ ،‬رمبــا مــا قــد يدفعنــا هــي تلــك اللحظــة الــي نعــي فيهــا‪ ،‬أنــه جيــب هلــذه النفــس أن تتغــر إجيابًــا‪ ،‬وتتخــذ طري ًقــا آخــر‬
‫غــر الــذي اعتــادت أن تســلكه‪.‬‬
‫عما كنَّا عليه في السابق‪:‬‬
‫• االختالف َّ‬
‫إهنا أفكارنا واهتماماتنا اليت ُجبِلَت على أن تتغري‪ ،‬واليت رمبا قد يكون اختالفها هو السبب وراء ذلك الدافع‪.‬‬
‫• التحفيز و اإلرشاد‪:‬‬
‫قــد تكــون حاجتــك إىل وجــود مــن حيفــزك ويرشــدك إىل الطريــق‪ ،‬ســببًا آخــر يدفعــك ملواصلــة مس ـرتك يف ق ـراءة هــذا‬
‫الكتــاب‪.‬‬
‫• األمل‪:‬‬
‫تلــك العاطفــة اإلجيابيــة القابعــة بداخلنــا؛ الثقــة يف قدرتنــا علــى التغيــر وبنــاء مســتقبل أفضــل‪ ،‬قــد تكــون هــي الدافــع الــذي‬
‫يُ ْكســي روحــك ثــوب العزميــة واإلصـرار‪.‬‬
‫• اإلرادة‪:‬‬
‫إنــه التصميــم الــذي حيــركك باجتــاه هدفــك‪ ،‬ســعيك لتحويــل هــذه اإلرادة إىل عمــل‪ ،‬قــد يكــون هــو الدافــع ملتابعــة رحلتــك‬
‫معنا‪.‬‬

‫ختتلــف الدوافــع‪ ،‬ولكــن يف النهايــة ســتكون أنــت وحــدك عزيــزي القــارئ‪ ،‬مــن هــو قــادر علــى أن يعـ ّـن َمــن ِمــن بــن هــذه‬
‫الدوافــع‪ ،‬هــو مــا حيــرك الرغبــة والعــزم بداخلــك‪.‬‬
‫وأيًــا كانــت تلــك الدوافــع الــي حتــرك عزميتــك وإص ـرارك‪ ،‬فإننــا نعــدك بأنــك ســتغدو يف هنايــة رحلتــك املبهجــة طـ َّـي هــذا‬
‫َخـ َـر‪ ،‬ومتمكنًــا مــن كتابــة حبــث علمــي‬ ‫ـادرا علــى التبــدل حنــو األ ْ‬
‫مفعمــا باألمــل‪ ،‬قـ ً‬
‫عزومــا‪ً ،‬‬
‫همــا‪ً ،‬‬ ‫الكتــاب‪ ،‬خمتل ًفــا‪ُ ،‬م ْل ً‬
‫يعكــس حقيقــة أفــكارك برباعــة مكتملــة‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬املقدمة‬


‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬
‫رحلة تحفيزية حول البحث العلمي‬

‫ســعيت دو ًمــا نحــو املعرفــة والحقيقــة وآمنــت بأنــه لــي أتقــرب إىل اللــه فليــس‬
‫هنــاك طريقــة أفضــل مــن أن أبحــث عــن املعرفــة والحقيقــة‪.‬‬
‫‪ -‬ابن الهيثم‬
‫إن طبيعتنــا كبشــر متيزنــا بالقــدرة علــى املالحظــة‪ ،‬مث يدفعنــا الفضــول إىل التســاؤل لكــي حنصــل علــى إجابــة ملــا يــدور يف‬
‫أذهاننــا أثنــاء وبعــد املالحظــة‪ .‬ولنحقــق ذلــك البــد مــن االســتعانة بالبحــث العلمــي ال ســيّما إذا أردنــا إجابــة أقــرب مــا‬
‫تكــون إىل احلقيقــة وأبعــد مــا تكــون عــن األهـواء‪.‬‬
‫يف هــذا الفصــل نأخــذك يف رحلــة متعــددة األغـراض‪ .‬ولعــل أمههــا هــو حتفيــزك علــى البــدء بقــوة مبجــرد الوصــول إىل آخــر‬
‫حمطــات هــذه الرحلــة‪ .‬حنــن علــى يقــن أنــك ستســتمتع بالرحلــة ورمبــا حتتــاج أن متــر هبــا مــرة أخــرى مبجــرد انتهائــك مــن‬
‫الكتــاب ورمبــا م ـرات أخــرى كلمــا أردت أن تشــحذ مهتــك وتتذكــر ملــاذا بــدأت يف مســار البحــث العلمــي‪ .‬فلنبــدأ إ ًذا‪.‬‬

‫برنامج الرحلة‬
‫سنمر يف رحلتنا خبمس حمطات كما يلي‪:‬‬
‫• المحطة األولى‪ :‬نتعرف فيها على جوهر وأثر البحث العلمي‪ ،‬وملاذا حتتاج البشرية إليه‪.‬‬
‫• المحطــة الثانيــة‪ :‬تتضمــن رحلــة زمنيــة هتــدف بشــكل أساســي إىل تأكيــد مــا تعرفنــا عليــه يف احملطــة الســابقة مــن خــال‬
‫تاريــخ بســيط عــن احلضــارات البشـرية املختلفــة وكيــف كان البحــث العلمــي ركنًــا رئيســيًا يف قيامهــا‪.‬‬
‫• المحطة الثالثة‪ :‬تتضمن قائمة بعشرة نقاط حمورية وحقائق جيب عليك معرفتها‪.‬‬
‫• المحطــة الرابعــة‪ :‬تتضمــن قائمــة بعشــرة نصائــح جيــب عليــك العمــل مبقتضاهــا حــى تتفــوق يف جمالــك البحثــي ورمبــا‬
‫عمومــا‪.‬‬
‫يف احليــاة ً‬
‫• المحطة الخامسة‪ :‬نتعرف فيها على جمموعة من املصادر النافعة‪.‬‬

‫لعلك اآلن مستعد للمحطة األوىل يف رحلتنا‪.‬‬

‫المحطة األولى – جوهر وأثر البحث العلمي‬


‫كان البشــر – ومــا زالـوا ‪ -‬شــغوفني مبتابعــة مــا جيــري حوهلــم‪ ،‬وقــد أدى فضوهلــم الدائــم ورغبتهــم امللحــة يف فهــم كل مــا‬
‫يــدور يف عاملهــم إىل طــرح الكثــر والكثــر مــن األســئلة‪ ،‬باإلضافــة إىل عــرض الكثــر مــن الطــرق واالسـراتيجيات يف ســبيل‬
‫الوصــول إىل إجابــات‪.‬‬
‫ومنــذ أقــدم العصــور القدميــة – والــذي يســميه البعــض بالعصــر احلجــري ‪ -‬كان هــذا الشــغف متمثـ ًـا يف التجريــب‪ ،‬مث‬
‫تطــور األمــر حــى وصــل إىل مــا يســمى باألســلوب العلمــي‪ ،‬والــذي اختلــف تعريفــه عــر العصــور‪ ،‬حــى وصــل إىل عصرنــا‬
‫احلــايل مكتســيًا مبجموعــة مــن األخالقيــات والقوانــن الثابتــة الــي ينبغــي لــكل طالــب علــم وباحــث اإلملــام هبــا‪.‬‬
‫ويف هــذه احملطــة نتعــرف علــى املراحــل الفطريــة للبحــث العلمــي الــي تبــدأ برؤيــة ظاهــرة معينــة جتعلنــا نتســاءل ونبحــث عــن‬
‫أيضــا إىل جوهــر البحــث العلمــي وأثــره يف حياتنــا‪.‬‬
‫اإلجابــة مــن خــال الرصــد ومجــع املعلومــات‪ ،‬ومنهــا ســنتطرق ً‬

‫‪20‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫المراحل الفطرية للبحث العلمي‬
‫لنأخــذ هنــا مثـ ًـال تقريبيًــا نفهــم مــن خاللــه كيــف بــدأ القدمــاء‪ .‬ختيــل أنــك مل تكــن علــى علــم مســبق بظاهــرة الــرق ومل تــره‬
‫مــن قبــل‪ ،‬وبينمــا كنــت تراقــب الســماء يف ليلــة مــا‪ ،‬رأيــت الــرق يلتمــع بــن الســحب للمــرة األوىل‪ ،‬فمــا حــدث معــك يف‬
‫هــذه اللحظــة حتديـ ًـدا ميثــل أولــى مراحــل البحــث العلمــي‪:‬‬
‫أول‪ :‬رؤيــة الظاهــرة‪ :‬بعــد رؤيــة الــرق ســتنتابك الدهشــة للحظــات مث الفضــول‪ ،‬وســتبدأ علــى الفــور يف طــرح العديــد مــن‬ ‫ً‬
‫األسئلة‪.‬‬
‫ثانيًــا‪ :‬التســاؤل‪ :‬والــي تعــد واحــدة مــن أهــم مراحــل البحــث العلمــي‪ ،‬وذلــك ألنــه كلمــا كانــت هــذه األســئلة دقيقــة‬
‫ومكمــة‪ ،‬كلمــا كان احتمــال فهــم مــا حيــدث أمامــك أكــر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ثالثًا‪ :‬الرصد والمراقبة‪.‬‬
‫ابعــا‪ :‬تجميــع المكونــات الالزمــة مــن الطبيعــة المحيطــة بنــا‪ ،‬بغيــة اســتخدامها يف عمــل التجــارب املختلفــة‪ ،‬وكلمــا‬ ‫رً‬
‫كانــت هــذه املكونــات الــي مت جتميعهــا قريبــة مــن الظاهــرة املـراد رصدهــا‪ ،‬كلمــا كان احتمــال الوصــول إىل نتائــج مرضيــة‬
‫أكــر‪.‬‬
‫ويف النهايــة‪ ،‬إمــا أن حتصــل علــى إجابــات احتماليــة‪ ،‬أو أن تتمكــن مــن إثبــات مــا تــود إثباتــه‪ ،‬حمق ًقــا بذلــك الوصــول إىل‬
‫إجابــة قاطعــة‪.‬‬
‫واآلن لعلك اندهشت من بساطة تلك املراحل ومنطقيتها‪ .‬فهل يف البشر ما مييزهم ويدفعهم لكل هذا؟‬

‫جوهر البحث العلمي‬


‫دائمــا مــا حتركهــا تلــك العاطفــة املتعطشــة أبـ ًـدا‬
‫نعــم‪ .‬فجوهــر ذلــك يتمثــل يف نفوســنا البشـرية اجملبولــة علــى الفضــول‪ ،‬والــي ً‬
‫ودائمــا مــا تالزمهــا تلــك الرغبــة امللحــة يف التحســن مــن نفســها ومــن اآلخريــن‪ ،‬باإلضافــة إىل تأثــر ذلــك‬ ‫إىل املعرفــة‪ً ،‬‬
‫االعتقــاد الراســخ يف نفــوس الكثرييــن بأننــا مل ُنلــق عبثًــا‪ ،‬وبــأن لوجودنــا حكمــة تقتضــي إصــاح األرض وتعمريهــا‪ ،‬مــى‬
‫توفــرت الظــروف املالئمــة لذلــك‪.‬‬
‫إهنا طبيعتنا‪ ،‬طبيعتنا اليت ستظل ُمتيمة بكل ما هو جديد ومبتكر مدى احلياة‪.‬‬
‫ميدهــا كل مــن التفكــر‪ ،‬والســعي حنــو التجديــد‪ ،‬والتعطــش املســتمر لفهــم وإدراك كل مــا حييــط بنــا‪ ،‬بالوقــود الــازم إلكمــال‬
‫حتديدا يكمن جوهر البحث العلمي‪.‬‬ ‫مســرهتا يف ســبيل البحث واملعرفة‪ ،‬وهنا ً‬
‫هذا اجلوهر له أثره ومصدره الفردي كما له أثره ومصدره اجملتمعي والذي به بىن البشر دوهلم وحضاراهتم املختلفة‪.‬‬

‫أثر البحث العلمي في حياتنا‬


‫للبحث العلمي آثار ونتائج نلخصها كاآليت‪:‬‬
‫• بناء جمتمعات متينة وقوية فكريًا واقتصاديًا‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫• ضمان دوام األمم واستقالهلا عن التبعية‪.‬‬
‫• بناء األرض وإعمارها‪.‬‬
‫• توعية الناس وإعانتهم على نيل معيشة أفضل‪.‬‬
‫• رصد وتوقع املستقبل‪.‬‬
‫• اإلبداع واالبتكار‪.‬‬
‫ولعــل مــن آثــار البحــث العلمــي الــي نراهــا جليــة يف العصــر احلديــث دعــم التعــاون واالحتــاد بــن البشـرية مجعــاء ال ســيما‬
‫يف ســبيل حتقيــق مــا يفيدهــم‪ .‬فأنــت اآلن وغــرك تســتخدمون اإلنرتنــت بشــكل يومــي‪ ،‬ولكــن هــل تعلــم أن وصولــه إىل‬
‫مــا هــو عليــه تســبب فيــه احتــاد ومشــاركة باحثــن مــن أكثــر مــن ‪ ١٠٠‬دولــة عملـوا ســويًا يف أحــد املراكــز البحثيــة املوجــودة‬
‫حاليًــا يف سويسـرا – خمتــر ســرن – ليخــرج لنــا هــذا اإلجنــاز العظيــم ويســتفيد بســببه العــامل أمجــع‪ .‬فالتعــاون بــن خمتلــف‬
‫اجملــاالت واخللفيــات – دون شــك – هــام وضــروري لتطويــر البحــث العلمــي ودفعــه حنــو األمــام‪.‬‬
‫ـرا قيّ ًمــا علــى عمــوم أمورنــا احلياتيــة‪ ،‬فناتــج العمــل بــه لــه أثــر كبــر يف حتســن جــودة املعيشــة‪ ،‬ويبــدو‬
‫وللبحــث العلمــي تأثـ ً‬
‫ذلــك ظاهـ ًـرا يف العديــد مــن األمــور املختلفــة حولنــا كمعــدل الوفيــات علــى ســبيل املثــال‪ ،‬حيــث جنــد أنــه بــات يف وقتنــا‬
‫أيضــا التطــور اهلائــل يف كل‬
‫احلــايل أقــل بكثــر ممــا ســبق‪ ،‬بســبب التطــور الكبــر يف الرعايــة الصحيــة‪ ،‬وكذلــك ال ننســى ً‬
‫مــن‪ :‬التكنولوجيــا‪ ،‬التجــارة واالقتصــاد‪ ،‬الفنــون واإلعــام‪.‬‬
‫كل مــا ســبق يؤكــد كذلــك أن البحــث العلمــي ليــس مقتصـًـرا علــى ختصــص مــا بعينــه‪ ،‬بــل ميتــد ليشــمل مجيــع التخصصــات‬
‫بأنواعهــا‪ ،‬ويظهــر ذلــك جليًــا يف التعــاون احلاصــل مــا بــن العديــد مــن اجملــاالت املختلفــة‪ ،‬مثــل‪ :‬الطــب واهلندســة‪ ،‬اهلندســة‬
‫وريــادة األعمــال‪ ،‬العلــوم والطــب‪ ،‬علــم النفــس والسياســة‪ ،‬والفنــون واحملــاكاة البيولوجيــة‪.‬‬
‫واآلن حنــن علــى مشــارف احملطــة الثانيــة لنتعــرف علــى مقتطفــات مــن التاريــخ عــن احلضــارات املختلفــة ومركزيــة البحــث‬
‫العلمــي يف قيامهــا ونشــأهتا‪.‬‬

‫المحطة الثانية – الحضارات البشرية ومركزية البحث العلمي‬


‫دراســة تاريــخ العلــوم مــن أكثــر الدراســات متعــة وحتفيـًـزا‪ ،‬ألهنــا توضــح كيــف انتقلــت البشـرية مــن الصــورة البدائيــة لألشــياء‬
‫إىل صورهتــا احلاليــة املعقــدة الــي مت تطويرهــا علــى مــر الزمــان‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬كيــف تدرجــت قــدرة اإلنســان مــن جمــرد‬
‫النظر إىل الســماء للنظر إىل النجوم إىل قدرة اإلنســان احلالية حيث االنطالق إىل الفضاء والوصول إىل القمر واملريخ؟!‬
‫اهلــدف مــن هــذه احملطــة التأكيــد علــى مــا ســبق ذكــره يف احملطــة األوىل‪ ،‬وســيتم التعــرض لنقــاط مثــل‪ :‬كيــف تت ـواىل‬
‫احلضــارات؟ بــدءًا مــن احلضــارة الفرعونيــة وحــى احلضــارة احلديثــة مبفرداهتــا ومبادئهــا اجلديــدة‪ ،‬وكيــف تتــم االســتفادة بــن‬
‫البشــر مــن خمتلــف احلضــارات برتمجــة اللغــات املختلفــة؟‪ ،‬وكيــف يعــرض الباحثــون أفكارهــم ونتائجهــم العلميــة دون حتيــز‬
‫لفئــة أو للحضــارة الــي ينتمــون إليهــا ممــا ســاهم يف إفــادة البش ـرية ككل وليــس فئــة بعينهــا؟‬
‫وليــس اهلــدف هــو ســرد قصــص مــن التاريــخ‪ ،‬إمنــا ذكــر العلمــاء والبحــث والقـراءة عــن إجنازاهتــم العلميــة‪ ،‬فهــذا هــو الغــرض‬
‫األساســي مــن هــذه احملطــة‪ .‬فبعــد القـراءة عــن هــؤالء العلمــاء‪ ،‬ســتجد أنــه ال فــارق بينهــم وبينــك أيهــا القــارئ إال بعــض‬

‫‪22‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫املهــارات الــي عملـوا علــى تطويرهــا وممارســتها حــى وصلـوا إلجنازاهتــم‪.‬‬

‫الحضارة الفرعونية‬
‫تعتــر أول حضــارة دوهنــا التاريــخ (‪ 6000‬ق‪ .‬م‪ 332 :‬ق‪.‬م)‪ .‬وامتــدت تلــك احلضــارة كمــا هــو معــروف علــى ضفــاف‬
‫وخصوصــا يف اســتخدام الكتابــة‪ ،‬فقــد اســتخدمت‬
‫ً‬ ‫هنــر النيــل‪ ،‬واســتفادت معظــم احلضــارات الالحقــة اســتفادة كبــرة منهــا‬
‫هــذه احلضــارة ورق الــردي والرمــوز للتأريــخ والتوثيــق‪ ،‬ومت فــك رمــوز هــذه الكتابــة يف العصــر احلديــث ممــا ســاهم يف معرفــة‬
‫مــا أراد القدمــاء املصريــون توثيقــه لنــا‪.‬‬
‫بــرع املصريــون القدمــاء يف علــم الرياضيــات‪ ،‬وذلــك حلــل املشــاكل الــي واجهتهــم مثــل فيضــان النيــل‪ ،‬كمــا دفعهــم ذلــك إىل‬
‫تطويــر علــم الفلــك مــن أجــل حتديــد العالقــة بــن املــد واجلــزر‪ ،‬ولفهــم العالقــة بــن منســوب امليــاه والزمــن‪ .‬وقــد كان تفــوق‬
‫هــذه احلضــارة نتيجــة اإلجيابيــة والســعي حنــو إجيــاد احللــول للمشــاكل الــي واجهتهــم‪ .‬لــذا لكــي ينجــح الباحــث جيــب أن‬
‫يتحلــى باإلجيابيــة ممــا ســيمكنه مــن حتقيــق الفائــدة ليــس فقــط لنفســه بــل للبلــد الــي ينتمــي إليهــا‪.‬‬
‫وقــد ســامهت أوراق الــردي يف فهــم الكثــر مــن األحــداث املرتبطــة باحلضــارة الفرعونيــة‪ ،‬ومــن املمتــع فعـ ًـا أن تتوقــف قليـ ًـا‬
‫لتقـرأ عنهــا‪ ،‬حيــث ســتجد الكثــر مــن املقــاالت املتعلقــة هبــذه احلضــارة إذا قمــت ببحــث بســيط علــى اإلنرتنــت‪.‬‬

‫الحضارة اليونانية (اإلغريقية)‬


‫بعــد احلضــارة الفرعونيــة‪ ،‬توالــت احلضــارات يف الع ـراق واهلنــد واليونــان‪ ،‬لكــن متيــزت احلضــارة اليونانيــة (‪ 776‬ق‪ .‬م‪:‬‬
‫‪ 146‬ق‪.‬م) مبنهجيــة للتفكــر واملنطــق‪ .‬ومــن الفـوارق يف البحــث العلمــي بــن احلضــارة املصريــة القدميــة واليونانيــة القدميــة‬
‫أن املصريــن القدمــاء طــوروا حلـ ًـول للمشــاكل الــي تعرضـوا هلــا كخطــر الفيضــان‪ ،‬أمــا احلضــارة اليونانيــة فمــع تطويــر حلــول‬
‫أيضــا العلــوم الفلســفية وعلــوم املنطــق واالجتمــاع‪ ،‬كمــا أن اســتخدام التفكــر العلمــي‬ ‫ملــا واجهــوه مــن مشــاكل‪ ،‬أضاف ـوا ً‬
‫واملالحظات والقياس يف التحليل العلمي من أهم السمات اليت متيزها‪.‬‬
‫مــن أشــهر أعــام تلــك احلضــارة الفيلســوف أفالطــون (‪ ،)Plato‬معلــم‬
‫أرســطو الــذي أســس أول أكادمييــة علميــة يف احلضــارة اإلغريقيــة‪ .‬اعتمــد‬
‫أفالطــون علــى التفســر الفلســفي للوصــول للحقيقــة‪ ،‬بينمــا اعتمــد أرســطو‬
‫علــى التفســر املنطقــي العقلــي للوصــول إىل احلقيقــة‪ .‬والصــورة أدنــاه مــن‬
‫إبداعــات الفنــان رافايللــو ويظهــر فيهــا أفالطــون وأرســطو يف نقــاش يشــر‬
‫ـتندا إىل الفلســفة يف تفســر مــا حيــدث بينمــا‬
‫فيــه أفالطــون إىل الســماء مسـ ً‬
‫يشــر أرســطو إىل األرض قاصـ ًـدا التفســر العقلــي واملنطقــي مــن خــال اخلــرة‬
‫والتجربــة‪.‬‬
‫وجيــب التوقــف هنــا عنــد مقولــة رائعــة ألرســطو يقــول فيهــا‪ « :‬أفالطــون عزيــز‬
‫شكل ‪ 1‬أرسطو يسري مع أفالطون (‪)Source: Wikipedia‬‬

‫‪23‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫علــي‪ ،‬لكــن الحقيقــة أهــم»‪ .‬حيــث حتتــوي هــذه اجلملــة علــى قيمــة مهمــة جـ ًـدا‪ ،‬أال وهــي ضــرورة الفصــل بــن احـرام‬
‫املعلــم والوصــول إىل احلقيقــة دون حتيــز؛ فاحـرام املعلــم واجــب مهمــا اختلفــت معــه يف الـرأي‪ ،‬لكــن الوصــول إىل احلقيقــة‬
‫هــو األهــم‪.‬‬
‫عمومــا تفتقــر إىل اختبــار الفرضيــات الــي تفســر الظواهــر إلثبــات صحتهــا‪ ،‬مبعــى هــل التفســر‬ ‫كانــت احلضــارة اإلغريقيــة ً‬
‫املنطقــي العقلــي لظاهــرة مــا صحيــح أم خاطــئ؟ مثـ ًـا‪ ،‬مــن املنطقــي أن تســقط الريشــة بعــد احلجــر ألنــه أثقــل وزنًــا‪ ،‬لكــن‬
‫هــل آليــة اجلاذبيــة تعمــل علــى هــذا النحــو؟‬

‫الحضارة اإلسالمية‬
‫اعتمــدت احلضــارة اإلســامية (‪ 600‬ميالديـًـا‪ 1600:‬ميالديًــا) علــى الطــرق التطبيقيــة والتجــارب أكثــر مــن النظريــات‪،‬‬
‫ويعــد مؤرخــو البحــث العلمــي تلــك الفــرة بدايــة اســتخدام الطــرق العلميــة املعتمــدة علــى التجــارب التطبيقيــة‪.‬‬
‫يُعتــر الحســن بــن الهيثــم مــن أوائــل العلمــاء الذيــن اســتخدموا منهجيــة للبحــث العلمــي تعتمــد علــى التجربــة ونقــد‬
‫كتابــات القدمــاء باحلجــة والربهــان يف ســبيل البحــث عــن احلقيقــة‪.‬‬
‫« ليــس الباحــث عــن احلقيقــة مــن يــدرس كتابــات القدمــاء علــى حالتهــا ويضــع ثقتــه فيهــا‪ ،‬بــل هــو مــن‬
‫ُيعلــق إميانــه هبــم ويتســاءل مــا الــذي جنــاه منهــم‪ .‬هــو الــذي يبحــث عــن احلجــة وال يعتمــد علــى قــول إنســان‬
‫طبيعتــه ميلؤهــا كل أنـواع النقــص والقصــور‪ .‬وهلــذا جيــب علــى مــنُحيقــق يف كتابــات العلمــاء‪ ،‬إذا كان البحــث‬
‫عــن احلقيقــة هدفــه‪ ،‬أن يســتنكر مجيــع مــا يقــرؤه‪ ،‬ويســتخدم عقلــه حــى النخــاع لبحــث تلــك األفــكار مــن‬
‫أيضــا‪ ،‬حــى يتجنــب الوقــوع يف أي حتيــز أو تســاهل »‪.‬‬ ‫كل جانــب‪ .‬وعليــه أن يتشــكك يف نتائــج دراســته ً‬
‫‪-‬ابن اهليثم‬
‫جيــب علــى الباحــث عــن احلقيقــة أال يقتبــس مســلمات مــن كتابــات العلمــاء الســابقني فقــط‪ ،‬ولكــن جيــب أن يتســاءل مــا‬
‫فائــدة هــذه املســلمات؟ ومــا هــي احلجــة للثقــة يف هــذه املســلمات خاصــة أن الطبيعــة اإلنســانية مليئــة بالنقــص والقصــور‪،‬‬
‫فــأي ورقــة علميــة ُمعرضــة للنقــص واخلطــأ‪ .‬فهــذا النقــص إمــا أن يتــم جتاهلــه‪ ،‬وإمــا أن يتــم البحــث واالستكشــاف مــن‬
‫خاللــه‪ ،‬وبالتــايل جيــب علــى الباحــث التســاؤل عــن كل مــا يقـرأه مــن مجيــع االجتاهــات والنواحــي‪ ،‬والشــك فيمــا قــد توصــل‬
‫إليــه حــى يتجنــب التحيــز أو التســاهل‪.‬‬
‫وجيــب أن تكــون التجربــة البحثيــة قابلــة للتك ـرار‪ ،‬فــإذا مل تكــن التجربــة قابلــة للتك ـرار‪ ،‬فهــي معرضــة لنوعــن مــن اخلطــأ‬
‫ومهــا‪ :‬خطــأ بشــري‪ ،‬وخطــأ يف األداة املســتخدمة يف التجربــة‪ .‬ومــن أجــل جتنــب الوقــوع يف خطــأ احنيــاز التجربــة‪ ،‬ال بــد أن‬
‫يتــم تكـرار التجربــة مــع احلصــول علــى نفــس النتائــج يف كل مــرة‪.‬‬
‫ويعتــر البيرونــي هــو مــن صــاغ مبــدأ تكـرار التجربــة للتأكــد مــن النتائــج ومعرفــة األخطــاء الــي قــد تنتــج أثنــاء التجربــة‪ ،‬مثــل‬
‫أخطــاء القيــاس (أخطــاء بشـرية أو أخطــاء مــن اآللــة)‪.‬‬
‫وتزخر احلضارة اإلسالمية بالكثري من العلماء مثل ابن سينا والذي يُعد و ً‬
‫احدا من الرواد يف تاريخ العلم‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫الحضارة األوروبية‬
‫حدثــت النهضــة العلميــة األوروبيــة يف القــرن الثــاين عشــر‪ .‬اســتمد علمــاء هــذه احلضــارة معرفتهــم مــن احلضــارات الســابقة‬
‫كاحلضــارة اإلغريقيــة واإلســامية مــن خــال الرتمجــة ملعرفــة آخــر مــا توصلــت إليــه تلــك احلضــارات كمــا أضاف ـوا هلــا مــن‬
‫خــال مســامهات بعــض العلمــاء مثــل‪:‬‬
‫فرانســيس باكــون ‪ :)1626 - 1561( Francis Bacon‬مــن أشــهر العلمــاء يف احلضــارة األوروبيــة‪ ،‬حيــث‬
‫طــور منهجيــة البحــث العلمــي‪ ،‬وأوضــح أن الباحــث إذا بــدأ باليقــن ســينتهي إىل الشــك‪ ،‬بينمــا إذا بــدأ الباحــث بالشــك‬
‫فســينتهي إىل احلقيقــة‪.‬‬
‫جاليليــو‪ :)1642–1564( Galileo‬مل يُضــف هــذا العــامل فقــط إىل علــم الفلــك واملالحظــات الكونيــة‪ ،‬بــل‬
‫أضــاف كذلــك إىل منهجيــة البحــث العلمــي‪ .‬ويقــول‪:‬‬
‫« كل احلقائق من السهل معرفتها مبجرد اكتشافها فاهلدف هو اكتشافها»‪.‬‬
‫‪-‬جاليليو جاليلي‬
‫وحــى هــذه املرحلــة‪ ،‬مــرت املنهجيــة العلميــة بالكثــر مــن النقــد والشــك وإعــادة اهليكلــة‪ ،‬حــى طــور العــامل الفــذ إســحاق‬
‫نيوتــن (‪ ،)1642-1727‬منهجيــة للبحــث العلمــي تعتمــد علــى أربــع قواعــد لتفســر الظواهــر واالســتدالل علــى‬
‫احلقائــق‪ ،‬هــذه املنهجيــة هــي أســاس تفســر الكثــر مــن الظواهــر العلميــة يف القــرن الثامــن عشــر وحــى بدايــة القــرن التاســع‬
‫عشــر‪ ،‬مث تطــورت املنهجيــة البحثيــة يف العصــر احلديــث علــى يــد العــامل العبقــري ألبــرت أينشــتاين‪.‬‬

‫الحضارة الحديثة‬
‫ـرا يف مجيــع اجملــاالت‪.‬‬
‫ـورا كبـ ً‬
‫عنــد املقارنــة بــن حــال البحــث العلمــي اآلن وبــن نظــره خــال املائــي عــام املاضيــة‪ ،‬ســنجد تطـ ً‬
‫فمــا حــال دراســة علــم اجلينــات يف القــرن التاســع عشــر وحاهلــا اليــوم؟ ومــا هــو وضــع علــم املـواد يف بدايــة القــرن العشـرين‬
‫وحالــه اليــوم؟‬
‫اليــوم بالطبــع مت اســتخدام الكثــر مــن اآلالت والتكنولوجيــا املعقــدة‪ ،‬بينمــا كانــت هــذه املعــدات املســتخدمة قدميـًـا بســيطة‪،‬‬
‫أيضــا هــو وجــود وســيلة متميــزة لتبــادل األفــكار‬
‫حيــث كان الباحــث يصنعهــا بنفســه‪ .‬ولعــل مــا مييــز العصــر احلديــث ً‬
‫واألحبــاث مــع تنقيحهــا ونقدهــا بواســطة متخصصــن فيمــا نســميه بالنشــر العلمــي ومراجعــة األقـران‪ .‬ونتيجــة لتطـ ّـور العلــوم‬
‫وتشــعبها ظهــرت املزيــد مــن التخصصــات والفــروع للعلــوم وأصبــح التعــاون والتداخــل بينهــا واجبــن‪ .‬وأصبحــت منظومــة‬
‫البحــث العلمــي بالكامــل ختضــع إلش ـراف وقوانــن املنظمــات الدوليــة الــي وضعــت جمموعــة مــن األخالقيــات جيــب أن‬
‫يلتــزم هبــا كل باحــث‪.‬‬
‫النشر العلمي ومراجعة األقران (‪)Publication and Peer Review‬‬
‫تضخــم النشــر العلمــي ومراجعــة األق ـران بعــد اســتخدام الشــبكة العنكبوتيــة‪ ،‬حيــث يتــم إنتــاج الكثــر مــن األحبــاث يف‬
‫خمتلــف التخصصــات‪ ،‬لدرجــة أن الباحــث قــد يصعــب عليــه أن يُلــم بــكل األحبــاث الــي نشــرت يف نقطــة حبثيــة مــا‪ ،‬لذلــك‬
‫كان لز ًامــا علــى الباحــث أن يتأكــد مــن أن البحــث املـراد كتابتــه ســيكون ُمهمــا وُيثــل إضافــة جديــدة جملالــه البحثــي‪ ،‬ممــا‬

‫‪25‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫يتيــح االقتبــاس واالســتفادة منــه علــى أوســع نطــاق ممكــن‪ ،‬فهــذه ســتكون املســامهة الــي مينحهــا الباحــث للبشـرية‪.‬‬
‫التعاون والتداخل بين التخصصات‬
‫يف العصــر احلديــث كذلــك جتلــت أمهيــة التعــاون بــن التخصصــات ‪-‬كمــا ذكرنــا مــن قبــل‪ -‬حيــث تتداخــل التخصصــات‬
‫خلدمــة بعضهــا البعــض‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬تتداخــل علــوم اهلندســة مــع الطــب والبيئــة وتتداخــل علــوم الفيزيــاء مــع الكيميــاء ليطــور كل‬
‫منهــا اآلخــر‪ ،‬ويتعــاون علمــاء االقتصــاد مــع علمــاء اإلدارة خلدمــة اجملــال الذيــن يعملــون لــه‪ .‬فالدافــع واحلافــز األساســي مــن‬
‫البحــث العلمــي هــو خدمــة وتطويــر اجملــال الــذي ينتمــي إليــه الباحــث‪.‬‬
‫األخالقيات والسلوكيات‬
‫يف العصــر احلديــث أصبحــت هنــاك منظمــات وجهــات حكوميــة ومؤسســية تتبــى البحــث العلمــي وختضــع املنظومــة‬
‫بأكملهــا جملموعــة مــن القواعــد واألخالقيــات والقوانــن‪ ،‬وذلــك لتجنــب حــدوث أخطــاء أخالقيــة مثــل الســرقة األدبيــة‬
‫أو أخطــاء تتعلــق بالســامة والصحــة املهنيــة‪ .‬جيــب أن يتحلــى الباحــث بأخالقيــات البحــث العلمــي‪ ،‬فهــذا األمــر بالــغ‬
‫األمهيــة‪ ،‬فعــدم احـرام حقــوق امللكيــة أو ســرقة النصــوص أو أحبــاث اآلخريــن مــن خــال عــدم ذكــر املرجعيــة البحثيــة هلــذه‬
‫األحبــاث‪ ،‬كل ذلــك قــد يــؤدي إىل هنايــة رحلــة الباحــث علميًــا وهــذا مــا ســنتناوله الح ًقــا بالتفصيــل يف فصــل أخالقيــات‬
‫البحــث العلمــي‪.‬‬

‫الحضارة في المستقبل‬
‫ال أحــد يســتطيع التنبــؤ باملســتقبل بدقــة مطلقــة‪ ،‬ولكــن االجتــاه الســائد لألحبــاث هــو كيفيــة احلفــاظ علــى البيئــة وحتقيــق‬
‫االســتدامة للمـوارد املتاحــة وخاصــة املـوارد احملــدودة‪ ،‬ويشــمل هــذا االجتــاه جمــاالت الطاقــة واملـوارد املائيــة والفضــاء والصناعــة‬
‫والعلــوم الطبيــة متضمنــة علــوم الوراثــة وتكنولوجيــا النانــو‪ .‬هــل هــذا يعــي أن هنــاك جمــاالت أهــم مــن جمــاالت أخــرى؟ مثـ ًـا‪،‬‬
‫هــل علــوم الطــب أهــم مــن علــوم األدب أو غريهــا؟ بالطبــع ال‪ ،‬ألن كل اجملــاالت تســاهم يف تطــور احلضــارة‪ .‬فالبحــث‬
‫العلمــي حيتــاج إىل إدارة ماليــة ومتويــل مــادي وبالتــايل حيتــاج إىل متخصصــن يف اإلدارة واألعمــال للحفــاظ علــى اســتدامة‬
‫ومتويــل األحبــاث‪ .‬وجيــب علــى رجــال السياســة واالقتصــاد ورجــال األعمــال أن يدركـوا أمهيــة البحــث العلمــي حــى يلقــى‬
‫البحــث العلمــي الدعــم املطلــوب‪.‬‬
‫انتهينــا مــن احملطــة الثانيــة ولننتقــل اآلن لنتعــرف علــى بعــض النقــاط اهلامــة عــن البحــث العلمــي وعــن األمــل يف جيــل‬
‫احلاضــر واملســتقبل‪.‬‬

‫المحطة الثالثة ‪ -‬عشرة أشياء يجب عليك معرفتها‬


‫يف حمطتنــا الثالثــة يهمنــا أن تتعــرف علــى عشــر نقــاط عســى أن تنفعــك وتتأملهــا أثنــاء رحلتــك مــع البحــث العلمــي‪ .‬فنحــن‬
‫منلــك مهــارة البحــث العلمــي منــذ الصغــر بــل ومنارســها تلقائيًــا ونســتخدمها علــى نطــاق واســع‪ .‬باإلضافــة إىل ذلــك فإنــه‬
‫ميكــن تطويرهــا والعمــل علــى إثرائهــا وصقلهــا ألن املنافســة شرســة جـ ًـدا يف جمــال البحــث العلمــي‪ .‬ولكــي تكــون باحثًــا‬
‫متميـ ًـزا عليــك أن تنمــي قدراتــك اإلبداعيــة وأن تكــون متعاونًــا وتتمتــع بأخالقيــات عاليــة‪ .‬فنحــن كأمــة عربيــة مــا زلنــا‬

‫‪26‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫موجوديــن علــى خريطــة البحــث العلمــي‪ ،‬لدينــا بالفعــل الكثــر مــن املـوارد واإلمكانيــات اجليــدة وثــروة بشـرية هائلــة حتتــاج‬
‫إىل االســتغالل‪ ،‬لكــن مــا ينقصنــا هــو التوجيــه الصحيــح واالحتــاد علــى هــدف واحــد‪ .‬فمشــاركة كل منــا أساســية للوصــول‬
‫إىل هــذا اهلــدف؛ ألن كل عقــل يفــرق!‬
‫أول‪ :‬البحث العلمي مهارة فطرية‪ -‬فأنت تمارسها منذ وقت طويل ج ًدا!‬
‫ً‬
‫نعم اإلنسان بفطرته يستخدم خطوات البحث العلمي منذ نعومة أظافره‪.‬‬
‫معــروف عــن األطفــال الصغــار كثــرة مالحظاهتــم‪ .‬وهنــا تبــدأ سلســلة مــن األحــداث قريبــة جـ ًـدا مــن اخلط ـوات العلميــة‬
‫للبحــث‪:‬‬
‫مثل)‪ ،‬مث‬
‫‪ .1‬يالحظ الصغري شيئًا ما (كقطعة طعام ً‬
‫‪ .2‬يضع افرتاضية عنه (رمبا طعام جيد الطعم)‪ ،‬مث‬
‫‪ .3‬خيترب وجيرب هذه الفرضية (بأن يتذوق الطعام من خالل األداة املخصصة لذلك‪ :‬اللسان)‪ ،‬مث‬
‫‪ .4‬حيصل على نتائج التجربة وحيللها أثناء املضغ والتذوق‪ ،‬مث‬
‫‪ .5‬يصــدر تقريـًـرا عــن النتائــج (يظهــر يف شــكل انزعــاج مــن تــذوق الطعــام إذا كان ســيئًا أو انســجام وســرور إذا كان حلــو‬
‫املــذاق)‪ ،‬مث‬
‫‪ .6‬يدعو آخرين لتكرار التجربة وإعادة إصدار النتائج (حيث يدعو من حوله من األطفال لتذوق قطعة الطعام)‬

‫شكل ‪ 2‬كل طفل مر بالطريقة العلمية يف البحث‬

‫‪27‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫ثانيًا‪ :‬البحث العلمي مهارة تستخدم على نطاق واسع‪.‬‬

‫شكل ‪ 3‬البحث العلمي كعملية مستمرة (‪)Source: Wikipedia. Image by: Garland, Jr., Theodore‬‬

‫كل اجملاالت تقريبًا تستخدم األسلوب العلمي‪ ،‬فتبدأ بـسؤال وبعدها يتحول إىل مفهوم مث تبحث عما قام به اآلخرون‬
‫مــن قبــل إلجابــة هــذا السـؤال‪ ،‬وتبــدأ يف وضــع افرتاضــات وتوقعــات‪ ،‬مث مرحلــة إجـراء التجــارب يف املعمــل‪ ،‬ويف النهايــة‬
‫حتــدد مــا إذا كانــت التجربــة ســتقودك يف هــذا االجتــاه أو ذاك‪ ،‬يف حماولــة للتوصــل إىل اســتنتاج أو تعميــم أو نظريــة‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬البحث العلمي مهارة يمكن تعلمها‪.‬‬


‫أيضــا أن البحــث العلمــي أو األســلوب العلمــي عبــارة عــن مهــارة مــن بــن عــدة مهــارات‪ .‬وهلــذا ميكــن أن‬
‫جيــب أن تعلــم ً‬
‫تتعلمهــا ولــن يتميــز عنــك أحــد علــى اإلطــاق بطريقــة لتعلــم البحــث العلمــي غــر متاحــة لــك‪ .‬فعليــك أن تــدرك هــذا‬
‫دافعــا لــك‪.‬‬
‫األمــر جيـ ًـدا وأن تشــكل هــذه احلقيقــة ً‬
‫وبذكر املهارات وحتصيل املوهبة‪ ،‬هناك ندوة مسجلة (الرابط) ميكنك الرجوع إليها عن معىن املوهبة وأسرار اكتساهبا‪.‬‬

‫فورا‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬في مجال البحث العلمي المنافسة شرسة‪ ،‬لذا ابدأ ً‬
‫رً‬
‫املنافســة شرســة جـ ًـدا خاصــة يف وقتنــا احلــايل‪ .‬وهــذا بالطبــع ال ينفــي كوهنــا منافســة قويــة علــى الــدوام‪ ،‬وهــو باملناســبة أمــر‬
‫جيّــد يبعــث علــى النشــاط!‬
‫املهــم أن عليــك أن تبــدأ منــذ اللحظــة يف اســتخدام الطــرق العلميــة يف التفكــر‪ ،‬بصــرف النظــر عــن مرحلتــك العمريــة أو‬
‫التعليميــة‪ .‬ومــن شــأن ذلــك مــع املزيــد مــن االطــاع والعمــل الــدؤوب أن جيعلــك يف مقدمــة الصفــوف‪.‬‬

‫‪28‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫متميزا‪ ،‬استمر في صقل مهاراتك وابت ِغ الوصول للحكمة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬لتكون باحثًا ً‬
‫ً‬
‫لنوضــح ذلــك دعنــا نتأمــل قليـ ًـا حمــركات البحــث علــى اإلنرتنــت‪ .‬وأنــت تبحــث يف حمــرك جوجــل مثـ ُـا هــل تســاءلت عــن‬
‫مــدى عبقريــة ذلــك احملــرك وأنــك عــادة مــا جتــد مــا تريــد معرفتــه يف أول صفحــة بعــد البحــث عنــه‪ .‬لقــد بلغــت تلــك احملــركات‬
‫مــن الدقــة مــا جعــل مــن النــادر أن حنتــاج يف حبثنــا أن نذهــب للصفحــة الثانيــة يف نتائــج البحــث‪ .‬لدرجــة أن هنــاك مثـ ًـا‬
‫يف الواليــات املتحــدة يقــول مــا معنــاه «إذا أردت أن تدفــن قتيـ ًـا فقــم بذلــك يف الصفحــة الثانيــة مــن جوجــل»‪.‬‬
‫ورغــم هــذه النتيجــة املبهــرة‪ ،‬إال أن تلــك احملــركات ال ت ـزال حباجــة إىل تطويــر مســتمر‪ ،‬ولعــل الشــكل أدنــاه – يســميه‬
‫البعــض هــرم احلكمــة ‪ -‬يوضــح لــك أن التطويــر املســتقبلي غرضــه أن يصــل حمــرك البحــث القــادم إىل احلكمــة‪.‬‬

‫شكل ‪ 4‬هرم البيانات‪ ,‬املعلومات‪ ,‬املعرفة والحكمة (‪)Source: Wikipedia. Image by Gene Bellinger‬‬
‫هــذا الشــكل اهلرمــي يعــر عــن عمليــات البحــث الــي حتــدث مــن خــال حمــركات البحــث‪ .‬ولــو أمعنــت النظــر ســتجد أنــه‬
‫أيضــا كباحــث‪ .‬ففــي البدايــة يكــون لديــك الكثــر مــن « البيانــات األوليــة » ‪ ،‬وكلمــا‬ ‫نفــس املســار الــذي متــر بــه أنــت ً‬
‫ـودا يف اهلــرم يــزداد فهمــك هلــذه البيانــات والســياق الــذي جتمــع فيــه هــذه البيانــات يضيــق ويتحــدد جبــزء معــن‪.‬‬
‫ارتقيــت صعـ ً‬
‫نوعــا مــا‪ ،‬وعندمــا تتعمــق يف فهمهــا قليـ ًـا وجتمــع‬
‫يف نقطــة البدايــة‪ ،‬حتصــل علــى «بيانــات أوليــة» مبعثــرة وحجمهــا ضخــم ً‬
‫األجـزاء مــن هنــا وهنــاك تتحــول إىل معلومــات‪ ،‬وهــذه املعلومــات تتفاعــل هبــا ومعهــا وتبــدأ يف حتويلهــا إىل «معرفــة»‪ .‬مث‬
‫ـتنتاجا حيتــاج املزيــد مــن التأمــل والتعديــل لتصــل إىل احلكمــة الــي‬
‫تبــدأ يف مجــع أجـزاء املعرفــة الــي وصلــت هلــا لتشــكل اسـ ً‬
‫قــد تتمثــل يف ابتــكار أو إبــداع أو نظريــة ينتفــع هبــا اجلميــع‪.‬‬
‫اعتــر نفســك إ ًذا كمحــرك حبــث وســتجد أنــه بصقــل مهارتــك سيســهل عليــك الوصــول إىل احلكمــة بعــد عــدة حمــاوالت‬
‫وهبمــة عاليــة‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫مبدعــا‪ ،‬متعاونًــا‪ ،‬وذا أخالقيــات‬
‫سادســا‪ :‬لكــي تنجــح فــي مجــال البحــث العلمــي عليــك أن تكــون ً‬
‫ً‬
‫عاليــة‪.‬‬
‫عموما مرتبط بثالثة أمور رئيسية جيب أن تضعها نُصب عينيك‪.‬‬
‫جيب أن تعرف أن النجاح يف البحث العلمي واحلياة ً‬
‫‪ .1‬اإلبــداع‪ :‬فنجاحــك مرتبــط مبقــدار الطاقــة اإلبداعيــة لديــك‪ .‬وهلــذا جيــب أن هتتــم بتنميــة هــذا اجلانــب وتتعلــم كيــف‬
‫مبدعــا يف كافــة جوانــب عملــك‪ .‬اإلبــداع كذلــك هــو املمــر الــذي يربــط بــن البحــث واســتخدام النــاس لــه وتطبيقاتــه‬
‫تصبــح ً‬
‫العمليــة الــي تقدمهــا ريــادة األعمــال‪.‬‬
‫‪ .2‬التعــاون‪ :‬أن يكــون لديــك اســتعداد للتعــاون مــع كل النــاس بغــض النظــر عــن انتمائهــم أو جنســياهتم أو أ ٍي مــن هــذه‬
‫األمــور طاملــا اشــركتم يف اهلــدف البحثــي‪.‬‬
‫عموما وباألخص ما خيص التعامل مع الناس واألمانة العلمية‪.‬‬ ‫‪ .3‬ال ُخلق‪ :‬أن يكون لديك ً‬
‫دائما أخالقيات متميزة ً‬
‫عمومــا ويف مســار البحــث العلمــي علــى‬
‫ناجحــا يف احليــاة ً‬
‫ـخصا ً‬
‫هــذه األمــور الثالثــة جمتمعــة ســتمكنك مــن أن تصبــح شـ ً‬
‫وجــه اخلصــوص‪ .‬ولعــل احملطــة الرابعــة تُلقــي املزيــد مــن التفصيــل‪.‬‬

‫ـابعا‪ :‬مــا زلنــا موجوديــن علــى خريطــة البحــث العلمــي‪ ،‬لكننــا بحاجــة إلــى التوجيــه والتوحــد حــول‬
‫سـ ً‬
‫أهــداف محــددة‪.‬‬
‫قبــل اســتكمال القـراءة وجــب التنويــه عــن أن بعــض اإلحصائيــات أدنــاه هــي مــن أعـوام ســابقة وقــد اســتعنا هبــا يف مســاق‬
‫أساســيات البحــث العلمــي‪ ،‬وميكــن للقــارئ حتديــث معلوماتــه مــن خــال البحــث عــن نفــس اإلحصائيــات زمــن ق ـراءة‬
‫هــذا الكتــاب‪.‬‬
‫تتواجــد مصــر وبعــض الــدول العربيــة علــى خريطــة البحــث العلمــي عامليًــا‪ ،‬لكننــا ينقصنــا نــوع مــن التوجيــه والتوحــد حــول‬
‫تقدمــا علــى هــذه اخلريطــة‪.‬‬
‫أهــداف معينــة متكننــا مــن حصــاد موقــع أكثــر ً‬
‫الشــكل التــايل يوضــح أعلــى ‪ 40‬دولــة يف نشــر األوراق البحثيــة يف العــامل لعــام ‪ .2011‬وكمــا هــو موضــح‪ ،‬مصــر مــن‬
‫الــدول املتواجــدة ضمــن جمموعــة الشــرق األوســط وإفريقيــا‪.‬‬
‫األعمدة العرضية يف األسفل متثل الدول ذات املعدل األكثر زيادة يف العام احلايل مقارنة بالعام السابق‪.‬‬
‫للوصول إىل بيانات مشاهبة (الرابط)‬

‫‪30‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫شكل ‪ 5‬توضيح ألعىل أربعني دولة يف عدد األبحاث العلمية لهذا العام (‪)Source: Web of Science. Image by: Thomson Reuters‬‬

‫يف هــذا املثــال مقارنــة بــن عامــي ‪ 2010‬و‪ ،2011‬وجنــد فيهــا أن إي ـران مــن أكثــر الــدول منـ ًـوا وبعدهــا الصــن مث تــأيت‬
‫إســبانيا واهلنــد وكوريــا اجلنوبيــة‪ .‬تغــر الوضــع قليـ ًـا حبســب الشــكل أدنــاه لعــام ‪ ،2012‬يف خريطــة ‪ 2012‬جنــد مصــر‬
‫أيضــا متواجــدة‪ ،‬وهــذا يشــر إىل وجــود مـوارد لدينــا وأفـراد علــى أهبــة االســتعداد للعمــل‪ ،‬ولكــن نالحــظ أيضــا ظهــور دولــة‬
‫ً‬
‫جديدة يف هذه اخلريطة وهي الســعودية‪ ،‬مما يعد طفرة هامة للغاية؛ فقد تصدرت الســعودية معدالت الزيادة يف اإلنتاج‬
‫العلمــي علــى مســتوى العــامل بــن عامــي ‪ 2011‬و‪.2012‬‬
‫نقطــة أخــرى مهمــة يف هــذه اخلريطــة وهــو املربــع باللــون االزرق الفاتــح‪ ،‬الــذي ميثــل األوراق البحثيــة ذات معامــل التأثــر‬
‫العــايل ‪ ،‬الــي حصلــت علــى عــدد كبــر مــن االقتباســات العلميــة ‪ ،‬فهــي فعــا علــى درجــة عاليــة مــن األمهيــة لتجعــل‬
‫الباحثــن اآلخريــن يســتخدموهنا ويبنــون عليهــا عملهــم‪.‬‬

‫شكل ‪ 6‬توضيح لعدد أوراق البحث العلمي املنشورة يف عام ‪)Source: Thomson Reuters/Essential Science Indicators(2012‬‬

‫‪31‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫لألسف مصر مل تنتج تقريبًا يف هذا العام أًيًا من هذه األوراق‪ ،‬وهو أمر حنتاج إىل العمل عليه وإجياد حلول له‪.‬‬
‫بشـ ٍ‬
‫ـكل عــام اإلنتــاج العلمــي ملصــر مــا بــن عامــي ‪ 2011‬و‪ 2012‬مل حيــدث فيــه نقــص ولكــن كانــت هنــاك نســبة طفيفــة‬
‫جـ ًـدا مــن الزيــادة‪.‬‬

‫ثامنًا‪ :‬لدينا بعض الموارد والقدرات الجيدة‪.‬‬


‫مصــر واملنطقــة العربيــة بشــكل عــام لديهــا كميــة كبــرة جـ ًـدا مــن املـوارد والقــدرات‪ ،‬لكنهــا حباجــة إىل التعريــف هبــا وتســليط‬
‫أيضــا العديــد مــن التقاريــر والدوريــات املتميــزة ملــن يرغــب يف‬
‫الضــوء عليهــا بشــكل يزيــد مــن التوعيــة العامــة هبــا‪ .‬هنــاك ً‬
‫االطــاع علــى النواحــي املختلفــة يف االقتصــاد والتعليــم واملــورد البشــري وغريهــا مــن املعلومــات اهلامــة‪ .‬مــا يهــم معرفتــه هنــا‬
‫أن املـوارد موجــودة بالفعــل‪ .‬مــن ضمــن هــذه املـوارد أن مصــر دولــة رئيســية علــى مســتوى الشــرق األوســط ومشــال أفريقيــا‬
‫يف جمــال التعــاون يف األحبــاث العلميــة‪ .‬ســتجد أدنــاه بعــض األرقــام مــن عــدة مصــادر لعــل أمههــا تقريــر «العلــوم واالبتــكار‬
‫يف مصــر» الــذي قامــت بــه اجلمعيــة امللكيــة بالتعــاون مــع جهــات أخــرى وميكنــك قرائتــه مــن خــال هــذا الرابــط‪.‬‬
‫يف اجلــدول أدنــاه ميكنــك التعــرف علــى أكثــر عش ـرين دولــة تتعــاون معهــا مصــر علميًــا وخاصــة يف نشــر وعمــل أحبــاث‬
‫طبعــا يهمنــا‬
‫مشــركة‪ .‬والتعــاون داللــة جيــدة علــى وجــود قــدرات بشـرية متميــزة حــى وإن كانــت اإلمكانــات متواضعــة‪ً .‬‬
‫زيــادة هــذا العــدد وعمــل طفــرة كميــة وكيفيــة فيــه‪.‬‬

‫جدول ‪ 1‬يوضح أكرث ‪ 20‬دولة تعاونًا مع مرص يف مجال البحث العلمي لعام ‪)Source: Elsevier( 2008‬‬

‫ويشــر هــذا التقريــر للنمــو الكبــر الــذي تشــهده مصــر يف جمــال تكنولوجيــا االتصــاالت واملعلومــات‪ ،‬فمعــدالت منــو هــذا‬
‫اجملــال يف مصــر مميــزة مقارنــة باملســتويات العامليــة‪ ،‬والتقريــر يُرجــع هــذا النمــو املطــرد يف عــدد اخلرجيــن امللمــن بالتكنولوجيــا‬
‫ُ‬ ‫اجلديــدة ومــا يؤسســونه مــن شــركات ناشــئة‪.‬‬
‫أيضــا مبجــال الرياضيــات‪ ،‬فــاألوراق البحثيــة الــي ختــرج مــن مصــر يف جمــاالت الرياضيــات التطبيقيــة‬
‫أشــاد التقريــر كذلــك ً‬
‫والنظريــة تتخطــى املتوســط العاملــي لالقتباســات العلميــة يف هــذا اجملــال وهــذا يــدل علــى مســتوى جيــد جـ ًـدا مــن العلــم‬
‫يقــدم يف مصــر‪.‬‬
‫مث يشــر التقريــر لتميــز مصــر مبــا متتلكــه مــن املـوارد الطبيعيــة مثــل الريــاح والشــمس بشــكل كبــر‪ ،‬خاصـةً وأنــه مــن املتوقــع‬
‫أن يــؤدي اســتخدامهما بالشــكل األمثــل إىل طفــرة كبــرة يف جمــال الطاقــة املتجــددة‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫تاسعا‪ :‬لدينا ثروة بشرية شابة مبهرة‪.‬‬
‫ً‬
‫جدا مقارنة بدول كثرية‪.‬‬
‫حنن كأمة بشكل عام أمة شابة‪ ،‬وبيننا عدد كبري من الشباب مما يعد عالمة جيدة ً‬
‫عامــا‪ ،‬ممــا يعــد مصــدر قــوة كبــر جـ ًـدا لــو مت اســتغالله‬
‫يف مصــر حتديـ ًـدا تقريبًــا ‪ %55‬مــن الســكان يقــل عمرهــم عــن ‪ً ٢٥‬‬
‫بالشــكل األمثــل‪.‬‬
‫وحــى وإن مل يتــم اســتغالل هــذا املــورد علــى مســتوى اجملتمــع فيجــب أن حتــاول اســتغالله بشــكل شــخصي علــى أكمــل‬
‫وجــه إذا كنــت يف هــذا الســن أو أقــل مــن الثالثــن أو حــى األربعــن‪.‬‬

‫شكل ‪ 7‬يوضح عدد الباحثني يف كل مليون من سكان كل دولة (‪)Source: ChartsBin.com‬‬

‫علــى صعيــد آخــر توضــح اخلريطــة أعــاه عــدد الباحثــن بــن كل مليــون مواطــن يف كل بــاد العــامل‪ ،‬وجنــد أنــه كلمــا خ ّفــت‬
‫درجة اللون البنفســجي‪ ،‬كان العدد أقل‪ ،‬وكلما اشــتدت كان العدد أكرب‪.‬‬
‫تقــع مصــر يف منطقــة اللــون البنفســجي الفاتــح‪ ،‬وهدفنــا بالطبــع االنتقــال مــن منطقــة اللــون البنفســجي الفاتــح إىل منطقــة‬
‫اللــون البنفســجي الداكــن‪.‬‬
‫كل مــا حتدثنــا عنــه حــى اآلن‪ ،‬ومــا ذكرنــاه مــن معلومــات تعطــي مؤشـًـرا أن أمامنــا مســتقبل مشــرق جـ ًـدا إذا مــا مت تفعيــل‬
‫أول‪ ،‬قبــل أن نتنــاول دور اجملتمــع الــذي‬
‫تلــك املـوارد‪ ،‬لعــل البدايــة تتطلــب منــا تفعيــل هــذه املـوارد علــى املســتوى الفــردي ً‬
‫ـرا – أن تــدرك دورك كفــرد‪ .‬كل مــا حنتــاج إليــه كشــباب هــو الوقــت وااللتـزام‪ .‬حنتــاج إىل‬ ‫ال ينفــي إطالقًــا ‪ -‬مهمــا كان كبـ ً‬
‫توفــر الوقــت‪ ،‬واســتغالله يف تغيــر أنفســنا‪ ،‬وتعلــم كل مــا يفيدنــا يف حتقيــق طموحاتنــا؛ سـواءً علــى املســتوى الشــخصي‪،‬‬
‫أو املســتوى اجملتمعــي أو الدولــة ككل‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬كل عقل يصنع فارقًا «ألن كل عقل يفرق!»‬


‫ً‬
‫جيــب أن تؤمــن هبــا كباحــث وكإنســان بشــكل عــام أن تؤمــن بــأن كل عقــل يفــرق‪ ،‬هــذا هــو الشــعار الرئيســي ملؤسســة‬
‫علمــاء مصــر‪ .‬ألن مشــاركتك وعملــك وعلمــك بغــض النظــر عــن ســنك أو جنســك أو لونــك أو ديانتــك أو كونــك مــن‬
‫ذوي االحتياجات اخلاصة أو حالتك االجتماعية أو املادية أو مكان إقامتك يف منتهى األمهية‪ ،‬وميكن أن تصنع الفرق‬

‫‪33‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫يف بنــاء الوطــن‪ ،‬الــذي حنلــم أن يكــون مركـًـزا صناعيًــا وعلميًــا وحضاريًــا خيــدم شــعبه وشــعوب العــامل أمجــع‪.‬‬
‫مجيعــا أنــه لتحقيــق هــذا احللــم‪ ،‬وألن كل منــا بإمكانــه إحــداث الفــرق فــكل فــرد منــا ســيكون عليــه دور‬
‫فالبــد إ ًذا أن نتفــق ً‬
‫جيــب أن يفهمــه ويؤديــه‪.‬‬
‫حــاول أن تعمــل جاهـ ًـدا وأن تســتمر يف البحــث عــن منطقــة الشــغف اخلاصــة بــك‪ ،‬وتبــي خطتــك متمركـًـزا حوهلــا‪ .‬وإذا مل‬
‫تعــرف بعــد مصــدر الشــغف اخلــاص بــك فعليــك أن جتــرب العديــد مــن اجملــاالت يف حماولــة للتعلــم واكتشــاف اجملــال الــذي‬
‫حتبــه فعـ ًـا وتســتطيع مــن خاللــه أن تســاهم يف تقــدم وتطويــر البشـرية بشــكل عــام‪.‬‬
‫واآلن وبعــد اطالعــك علــى النقــاط العشــرة الســابقة‪ ،‬مــا هــو دورك الشــخصي إلحــداث نهضــة فــي دورة بنــاء بيئــة‬
‫أصيلــة للبحــث العلمــي؟‬
‫سنتوقف عند هذا السؤال وننهي احملطة الثالثة‪ ،‬لكن عليك أن جتيب هذا السؤال لنفسك قبل اآلخرين‪.‬‬
‫وننتقل اآلن لعرض بعض القواعد اليت سيساعدك اتباعها على التميز‪.‬‬

‫المحطة الرابعة ‪ -‬عشرة قواعد للتميز‬


‫نكــرر تأكيدنــا علــى أمهيــة دورنــا كأف ـراد‪ ،‬ومــا يشــمله ذلــك مــن ســعي مســتمر لــكل منــا يف تطويــر نفســه‪ .‬ويف حمطتنــا‬
‫الرابعــة يهمنــا أن تتعــرف علــى عشــرة قواعــد يلزمــك اتباعهــا حــى تبــدع وتتميــز بــن أقرانــك‪ .‬مــن أهــم املهــارات الــي حتتــاج‬
‫أيضــا‬
‫دائمــا لتتعلــم‪ .‬مــن الضــروري ً‬
‫إليهــا يف العصــر احلديــث هــي التعلــم الــذايت وأن حتافــظ علــى فضولــك حيًــا وتتســاءل ً‬
‫أن تبــذل جهـ ًـدا يف فهــم النظريــات إىل جانــب االهتمــام باجلانــب العملــي واألنشــطة لكــن حبســاب‪ ،‬فــا يقتصــر تركيــزك‬
‫يصــا علــى الفهــم قــدر اإلمــكان‪ .‬تطـ ّـوع جبــزء مــن وقتــك أو جهــدك‬ ‫ٍ‬
‫علــى نشــاط دون اآلخــر‪ .‬حافــظ علــى نزاهتــك وكــن حر ً‬
‫خلدمة اجملتمع لتشــعر بأنك عضو فعال ومنتمي للمجتمع وتتســع دائرة معارفك وعالقاتك االجتماعية‪ .‬امنح لنفســك‬
‫الوقــت لتتأمــل وتــدرك بأنــك جــزء مــن الــكل وأن تُ ِبقــي عينــك علــى الصــورة الكــرى ملــا حيــدث حولــك‪.‬‬

‫وتوجه نفسك بنفسك!‬


‫القاعدة األولى‪ :‬تَعلّم أن تُعلّم ّ‬
‫هنــاك وســائل تواصــل وحبــث كثــرة ميكــن أن تســتفيد منهــا‪ ،‬وتطلــع مــن خالهلــا علــى مــا توصــل إليــه الســابقون يف هــذا‬
‫ـورا‬
‫متاحــا علــى شــبكة اإلنرتنــت‪ ،‬ممــا يعــد تطـ ً‬
‫ـرا منــه ً‬‫اجملــال‪ .‬وقــد شــهد التعليــم نفســه تغ ـرات هامــة وأصبــح جــزءًا كبـ ً‬
‫ملحوظًــا مل يكــن متوفـ ًـرا يف الســابق‪.‬‬
‫ولكن على قدر توفر هذه املوارد اجلديدة املتاحة بقدر ما تتزايد التحديات واملنافسة أمامك‪.‬‬
‫دائمــا أن تطبــق هــذه القاعــدة حــى حتقــق االســتفادة منهــا‪ ،‬وهــذا ال ينفــي أمهيــة القواعــد املتبقيــة وال يعــي انفصــال‬
‫فحــاول ً‬
‫هــذه القاعــدة عنهــا ‪ ،‬فالتعلّــم الــذايت رغــم أمهيتــه لكنــه ال يكفــي كمــا ســنوضح يف القواعــد الالحقــة‪.‬‬

‫دائما!‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬اسأل ً‬
‫خصوصــا حنــو‬
‫ً‬ ‫حافــظ علــى جــذوة فضــول املعرفــة مشــتعلة داخلــك‪ ،‬واحــرص علــى توجيههــا إىل الطريــق الصحيــح‬

‫‪34‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫أســاتذتك أو املتخصصــن يف اجملــال العلمــي الــذي حتبــه‪.‬‬
‫أمــا إذا كنــت مــن النــوع الــذي خيجــل مــن السـؤال‪ ،‬أو كنــت مــن النــوع الــذي يرتفــع عــن السـؤال‪ ،‬فحــاول أن تغــر هــذا‬
‫متامــا‪ ،‬وإال فمثــل هــذه األشــياء هــي أول دليــل ينبــئ بفشــلك يف مســار البحــث العلمــي‪.‬‬
‫األمــر ً‬
‫دائمــا أن تقرهنــا مــع القاعــدة األوىل‪ .‬فالتعلــم الــذايت ليــس صعبًــا وبإمكانــك القيــام بــه‪ ،‬لكــن األســئلة‬
‫هــذه القاعــدة جيــب ً‬
‫ســتظل تالحقــك حــى جتــد جوابًــا عليهــا‪.‬‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬اهتم بفهم النظريات‪.‬‬


‫وتطورت حىت أصبحت على ما هي عليه يف النهاية‪.‬‬
‫ال تكن متلقيًا! فيجب أن تعرف أصل النظرية وكيف تكونَت َ‬
‫الفكــرة ال تكمــن يف حماولــة اجتيــاز مســار املعرفــة حــى هنايتــه‪ ،‬لكــن املمارســة وطريقــة التفكــر وحماولــة الفهــم تشــكل‬
‫هامــا يف تطويــر عقليتــك وطريقــة تفكــرك‪.‬‬ ‫عامـ ًـا ً‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬اهتم بالتطبيق العملي‪.‬‬
‫ـرا مــن املمكــن أن يكــون نتــاج قلــة املعامــل واإلمكانيــات‪،‬‬ ‫االكتفــاء بالدراســة النظريــة دون تطبيــق علمــي يعــد خط ـأً كبـ ً‬
‫دومــا عــن حــل باالجتمــاع مثـ ًـا مــع زمالئــك لشـراء بعــض األمــور البســيطة الــي حتتاجــون إليهــا أو اللجــوء إىل‬
‫لكــن احبــث ً‬
‫إدارة الكليــة أو أي جهــة أخــرى مســئولة للمســاعدة يف هــذه األمــور املاليــة‪.‬‬
‫دومــا‬
‫أيضــا أن حتصــل علــى تدريــب عملــي‪ ،‬وأن تتعــرف علــى طريقــة التطبيــق العملــي‪ ،‬فمــا مييــزك يف النهايــة ً‬‫حــاول ً‬
‫توصلــك للنظريــات عــن طريــق تطبيقهــا ال دراســتها فقــط‪ ،‬إضافــة إىل مــا تكتســبه مــن مهــارات عديــدة مثــل العمــل‬
‫اجلماعــي وغريهــا مــن املهــارات‪.‬‬

‫القاعدة الخامسة‪ :‬تطوع‪.‬‬


‫حــاول أن تتطــوع بوقتــك يف جمــال تنمــوي أو جمــال خــري‪ ،‬فاجلامعــة مليئــة باألنشــطة الطالبيــة واملؤسســات التنمويــة الــي‬
‫يفضــل أن هتتــم هبــا يف مرحلــة التعليــم اجلامعــي‪.‬‬
‫دائمــا أن ختصــص ثــاث ســاعات علــى األقــل مــن أســبوعك ملؤسســة تنمويــة أو أنشــطة طالبيــة معينــة‪ ،‬فالتطــوع‬
‫حــاول ً‬
‫ســيفيدك بشــكل غــر عــادي‪ ،‬وسيكســبك مهــارات هامــة ال يســتهان هبــا‪.‬‬

‫القاعدة السادسة‪ :‬اصنع عالقات متينة‪.‬‬


‫خصوصــا مــع‬
‫ً‬ ‫دائمــا علــى أن تظــل هــذه العالقــات متينــة‬
‫دائمــا أن تبــي شــبكة مــن العالقــات مــن حولــك‪ ،‬واعمــل ً‬
‫حــاول ً‬
‫أســاتذتك وزمالئــك يف العمــل‪ ،‬وكلمــا اتســعت دائــرة عالقاتــك وأضفــت آخريــن إليهــا كلمــا كان أفضــل لــك‪.‬‬
‫ليــس مــن الضــروري أن تعــرف فيمــا ستســتخدم هــذه العالقــات يف الوقــت احلــايل ولكنهــا مــن املمكــن أن تشــكل فارقًــا‬
‫ـرا يف مســتقبلك‪.‬‬
‫كبـ ً‬
‫أيضــا ولكنــك قــد تفشــل يف النهايــة؛‬
‫ومبدعــا يف جمالــك وأن يكــون يف اســتطاعتك تغيــر العــامل ً‬
‫ً‬ ‫مبقــدورك أن تكــون واعـ ًـدا‬

‫‪35‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫ـودا يف تكوينهــا يف وقــت باكــر‪.‬‬
‫الفتقــارك إىل شــبكة عالقــات معينــة كان مــن املمكــن أن حتصــل عليهــا إذا بذلــت جمهـ ً‬
‫القاعدة السابعة‪ :‬كن نزيها‪.‬‬
‫ـخصا نزيهــا ومتكامـ ًـا يف شــخصيتك‪ ،‬وأن تتحلــى مبــكارم األخــاق سـواء يف تعاملــك مــع النــاس أو‬ ‫البــد أن تكــون شـ ً‬
‫يف البحــث العلمــي ومــا يقتضيــه مــن أمانــة‪ ،‬وأال تعتــر نفســك اســتثناء عــن القاعــدة‪ ،‬فمــا ال تقبلــه علــى نفســك ينبغــي‬
‫أيضــا‪.‬‬
‫أال تقبلــه علــى غــرك‪ ،‬والعكــس ً‬
‫يصا على الفهم أكثر من الحفظ‪.‬‬
‫القاعدة الثامنة‪ :‬كن حر ً‬
‫البــد أن تعلــم أن التفــوق ‪ -‬يف حــد ذاتــه ‪ -‬ال يعــي حفــظ منهــج مــن أجــل ســرده يف امتحــان مث احلصــول علــى تقديــر‬
‫امتيــاز فتظــن أنــك متفــوق يف ذلــك‪ ،‬فــإذا كانــت هــذه هــي آليــة التفــوق لديــك فاعلــم أنــك قــد اقتحمــت اجملــال اخلاطــئ‬
‫ـاعدا علــى الفهــم أكثــر مــن احلفــظ‪ ،‬واعلــم أن‬
‫دافعــا لألمــام ومسـ ً‬
‫وأنــك لــن تتعلــم منــه شــيئًا؛ فالتفــوق ال بــد أن يكــون ً‬
‫التفــوق ســيدفعك س ـر ًيعا لألمــام‪ ،‬ولكــن انتبــه أال يكــون نصيبــك منــه مكســبًا عاجـ ًـا جيعلــك تضحــي بــكل شــيء مــن‬
‫أجلــه‪ .‬فكمــا ذكرنــا ســاب ًقا ال بــد أن تكــون صاحــب أخــاق رفيعــة‪ ،‬وأن تكــون لديــك الرغبــة يف مســاعدة النــاس؛ حــى‬
‫حتقــق النجــاح يف حياتــك عامــة‪ ،‬ويف البحــث العلمــي خاصــة‪.‬‬

‫القاعدة التاسعة‪ :‬اهتم بالجزء العملي واألنشطة‪ ،‬ولكن بحساب‪.‬‬


‫دائمــا لعامــل الوقــت‪ ،‬فــكل عمــل أو نشــاط وباألخــص اجلــزء العملــي‬
‫اهتــم باجلــزء العملــي واألنشــطة التطوعيــة‪ ،‬لكــن انتبــه ً‬
‫سيســتهلك منــك وقتًــا‪ ،‬وقــد يفوتــك الكثــر إذا مل تنتبــه لوقتــك‪ ،‬ففــي كل عمــل تعملــه يكــون هنــاك وقــت وتكلفــة‪ ،‬فاجعــل‬
‫دومــا‪ ،‬ولكــن ال تتجاهــل حســاب وقتــك‪.‬‬ ‫هدفــك التميــز والتفــوق ً‬
‫القاعدة العاشرة‪ :‬انظر للصورة الكبرى لألشياء‪.‬‬
‫هــذه هــي القاعــدة األم واألخــرة‪ ،‬ال بــد أن تكــون صاحــب عزميــة‪ ،‬وأن تنظــر للصــورة الكــرى لألمــور‪ ،‬وأن حتــاول تفســر‬
‫مــا حيــدث حولــك مــن خــال تلــك الصــورة الكــرى؛ ألن ذلــك يــؤدي بــك إىل أن تتســاءل ملــاذا حيصــل هــذا؟ وملــاذا أفعــل‬
‫دافعــا‬
‫هــذا؟ وغريهــا مــن األســئلة العميقــة الــي ستســاعدك – بالتأمــل والتدبــر ‪ -‬علــى تطويــر قدراتــك العقليــة‪ ،‬وتكــون ً‬
‫لــك يف نفــس الوقــت‪.‬‬
‫نصــل هنــا إىل هنايــة احملطــة‪ .‬واآلن‪ ،‬ينبغــي عليــك مــن خــال مــا علمتــه مــن معلومــات أن حتــدد هــل لديــك القــدرة علــى‬
‫حتــدي نفســك؟ وهــل لديــك العزميــة الكافيــة الكتســاب مــا حتتــاج إليــه مــن معلومــات والعمــل علــى مــا تريــد؟‬

‫اطرح على نفسك هذه األسئلة‪:‬‬


‫الســؤال األول‪ :‬مــا هــي أكثــر قاعــدة مــن القواعــد العشــرة الســابقة تعتقــد أنــك تطبقهــا؟ وملــاذا؟ وأي منهــا تعتقــد أنــك‬
‫ال تطبقهــا؟ وملــاذا؟‬
‫الســؤال الثانــي‪ :‬يف أي جزئيــة ممــا ســبق تشــعر حباجــة إىل املســاعدة فيهــا؟ ألن حتديــدك هلــا بدقــة ســيجعل مــن مســاعدة‬
‫اآلخريــن لــك مهمــة ســهلة تعــود عليــك بنفــع أكــر‪.‬‬

‫‪36‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫المحطة الخامسة – بعض الموارد المفيدة‬
‫يف احملطــة اخلامســة نــود أن نــزودك ببعــض املصــادر‪ ،‬والــي تســتطيع مــن خالهلــا أن تطــور مهاراتــك‪ ،‬فاحــرص علــى‬
‫االســتفادة قــدر املســتطاع مــن هــذه املصــادر؛ ألهنــا بالطبــع ســتعود عليــك بفوائــد كثــرة‪ .‬هــذا وجيــب التنويــه أن الفصــول‬
‫القادمــة هبــا مــن املصــادر املتخصصــة مــا جيعــل املصــادر التاليــة جمــرد مقدمــة بســيطة لبعــض املـوارد املتعلقــة مبــا مت ذكــره حــى‬
‫اآلن‪.‬‬
‫التعلم الذاتي عبر اإلنترنت‬
‫يف حالــة وجــود قصــور لديــك يف التعلــم يف اجلامعــة أو يف مــادة حمــددة أو حــى لــو مل يكــن لديــك قصــور معــن ولكنــك‬
‫ترغــب يف االطــاع علــى طــرق تعلــم خمتلفــة‪ ،‬فإنــه مــن الضــروري أن تســتخدم منصــات (‪ ،)MOOC‬وهــي املســاقات‬
‫اجلماعيــة اإللكرتونيــة املفتوحــة ‪ ، Massive Open Online Courses‬لتتمكــن مــن معرفــة طــرق الشــرح يف‬
‫اجلامعــات املتقدمــة جـ ًـدا وحتصــل عليهــا‪ ،‬وهــذا األمــر متوفــر س ـواء علــى مســتوى الدراســة يف املــدارس‪ ،‬أو اجلامعــات‪،‬‬
‫أو يف مناهــج دراســة املاجســتري أو الدكتــوراه‪ ،‬وحــى لــو مل يكــن لديــك قصــور حــاول أن تطلــع علــى مواقــع مثــل‪:‬‬
‫‪ Coursera - Khan Academy - Edx - Udacity‬لكــي تطلــع علــى مــا هــو جديــد وتوســع مــداركك‬
‫يف م ـواد أخــرى‪.‬‬
‫حنــرص مــن خــال مكتبتنــا اإللكرتونيــة اإلشــارة إىل العديــد مــن تلــك املـوارد‪ ،‬وميكنــك بشــكل دوري االطــاع علــى مــا‬
‫نقــوم بإضافتــه يف هــذا (الرابــط) ويف رابــط مكتبتنــا الرئيســي (الرابــط)‪.‬‬
‫بعــد االكتفــاء ممــا ســبق‪ ،‬احبــث عــن مـواد إضافيــة مــن تلــك الــي تعتــر دجمــا بــن ختصصــن‪ :‬ختصصــك وختصــص آخــر‪،‬‬
‫فهــذه مــن أهــم االســتثمارات يف هــذا الوقــت وستشــعر بعائدهــا بعــد ذلــك‪ ،‬وال يكــن مهــك حتصيــل الشــهادات فقــط‬
‫وكتابتهــا يف س ـرتك الذاتيــة‪ ،‬فعنــد تقدمــك للعمــل يف مركــز حبثــي‪ ،‬ســيكون تقديــرك وتقييــم اســتمراريتك وتطــورك علــى‬
‫قــدر اســتفادتك ممــا تعلمــت‪ ،‬وليــس فقــط علــى مــا تتضمنــه الســرة الذاتيــة‪.‬‬
‫إتقان اللغة اإلنجليزية‬
‫أمــا مــن يعــاين مــن مشــكلة اللغــة‪ ،‬فهــي حجــة غــر مقبولــة‪ ،‬فمــن املمكــن أن تشــرك يف دورة بالقــرب منــك‪ ،‬وإن مل‬
‫تتوفــر فمــن املمكــن أن حتضــر دورة جمانيــة يف اللغــة اإلجنليزيــة علــى اإلنرتنــت؛ ألن تعلــم اللغــة اإلجنليزيــة مــن األساســيات‬
‫أيضــا اســتخدام القامــوس ملعرفــة معــاين الكلمــات‪ ،‬وهنــاك الكثــرون‬ ‫الالزمــة لالطــاع علــى العلــوم املتقدمــة‪ ،‬كمــا ميكنــك ً‬
‫أيضــا كثــرة قـراءة األحبــاث‪ ،‬فهــي تعينــك‬
‫ممــن قــد يســاعدونك علــى تطويــر لغتــك‪ .‬ومــن أســاليب تطويــر اللغــة اإلجنليزيــة ً‬
‫علــى االســتخدام الصحيــح للجمــل عنــد كتابتــك لألحبــاث بعــد ذلــك‪ .‬تابــع هــذا (الرابــط) باســتمرار للتعــرف علــى بعــض‬
‫املصــادر املتميــزة‪.‬‬
‫أول وقبــل أي شــيء؛ فقــوة اللغــة ســتجعل لــك‬
‫املهــم أنــه إذا كانــت لديــك مشــكلة يف اللغــة فالبــد أن تعمــل علــى حلهــا ً‬
‫باعــا يف جمــال البحــث العلمــي‪.‬‬
‫ً‬
‫االطالع على األبحاث المنشورة في مجالك‬
‫االطــاع علــى األحبــاث العلميــة املتخصصــة املنشــورة ( ‪ ) Publications‬قــد يكلفــك بعــض املــال ومعظمهــا باهــظ‬

‫‪37‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫اطالعــا جمانيًــا علــى بعــض األحبــاث‪ ،‬ونظــن أن االجتــاه الســائد هــو جعــل‬
‫الثمــن‪ ،‬ولكــن هنــاك بعــض املواقــع الــي توفــر ً‬
‫هــذه األحبــاث مفتوحــة املصــدر للجميــع ودون رســوم‪ ،‬ونــرى هــذا علميًــا‪ ،‬وهــو مــا يفــرض أن حيــدث علــى مســتوى العــامل‪.‬‬
‫وإليــك بعــض املواقــع الــي قــد تســاعدك يف حبثــك عــن األحبــاث العلميــة املتخصصــة أو قــد تســتخدمها يف عمــل‬
‫‪ ، Literature Review‬أو تــرى مــن خــال هــذه املواقــع مــا أجنــزه الباحثــون مــن قبــل يف هــذا اجملــال‪:‬‬
‫)الرابط( ‪- The public library of science:‬‬
‫)الرابط( ‪-The Proceeding of National Academy of Sciences:‬‬
‫)الرابط( ‪- The Directory of Open Access Journals:‬‬
‫كما ننصحك أن تتطلع باستمرار على اجلزء املتخصص يف مكتبتنا اإللكرتونية عرب هذا (الرابط)‪.‬‬
‫هنــا نكــون قــد انتهينــا مــن الفصــل األول مــن كتــاب ( أساســيات البحــث العلمــي ) واســتعرضنا خاللــه بعــض النقــاط‬
‫ـنفصلها الح ًقــا عــن البحــث العلمــي وتارخيــه وتأثــره علــى اإلنســان وحياتــه اليوميــة بشــكل خــاص وعلــى‬
‫العامــة الــي سـ ّ‬
‫احلضــارات وســر األمــم وتارخيهــا بشــكل عــام‪.‬‬
‫‪.....................................‬‬

‫‪38‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫تمارين على الفصل األول‬
‫األسئلة المقاليّة‪:‬‬
‫ف بأسلوبك اخلاص مشكلةً واقعيةً مت حلها من خالل البحث العلمي‪.‬‬ ‫‪ِ .1‬ص ْ‬
‫• ما هو احلل املقرتح لتلك املشكلة؟‬
‫ساه َم البحث العلمي يف حل تلك املشكلة؟‬
‫• كيف َ‬
‫تتوق إىل حلها يف املستقبل‬
‫‪ .2‬من خالل مالحظاتك اليومية‪ ،‬ح ّدد أحد املشاكل اليت َ‬
‫• يف رأيك‪ ،‬ما هي اخلطوات األساسية لكي تصل حلل املشكلة؟‬
‫(يشجعك هذا السؤال على تنظيم أفكارك للوصول إىل حل مشكلة ما)‬

‫‪39‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل األول‬


‫الفصل الثاني‬

‫‪2‬‬
‫البحث العلمي والطريقة العلمية للبحث‬

‫إذا كانت رؤيتي أبعد من اآلخرين فذلك ألين أقف عىل أكتاف العاملقة‪.‬‬
‫‪ -‬إسحق نيوتن‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫البحث العلمي والطريقة العلمية للبحث‬

‫على أكتاف العمالقة نقف!‬


‫«إذا كانت رؤييت أبعد من اآلخرين فذلك ألين أقف على أكتاف العمالقة»‬
‫‪If I have seen further than others, it is by standing upon the shoulders‬‬
‫‪.of giants‬‬
‫‪-‬إسحق نيوتن‬
‫يف هــذه املقولــة النفيســة يشــيد نيوتــن بفضــل مــن ســبقوه مــن العلمــاء يف البحــث وإنتــاج العلــوم الــي وصلــت إليــه فــكان‬
‫بدراســتها مــع اجتهــاده الوصــول ملــا أنتجــه هــو مــن علــم‪.‬‬
‫نقــرب أكثــر يف هــذا الفصــل مــن البحــث العلمــي لنتعــرف ماهيتــه وأنواعــه والســمات العامــة الــي يتميــز هبــا‪ .‬فالبحــث‬
‫العلمــي هــو الطريــق الــذي يــؤدي إىل كل االبتــكارات اجلديــدة الــي حتســن حياتنــا وتفتــح لنــا املزيــد مــن الطــرق وآفــاق املعرفــة‬
‫لنســلكها ونتعــرف إليهــا‪ .‬فالبحــث العلمــي يتقــدم بســرعة هائلــة جـ ًـدا وكل يــوم هنــاك املزيــد مــن املعــارف واالكتشــافات‪.‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن هــذه الســرعة فــإن طريــق البحــث العلمــي دقيــق جـ ًـدا وذو قوانــن صارمــة ينبغــي أن يلتــزم هبــا كل مــن‬
‫يســلك هــذا الطريــق‪ .‬وهــذه القوانــن جتعــل مــن البحــث العلمــي الســليم طري ًقــا موضوعيًــا جـ ًـدا حيــث يقــل العامــل الفــردي‬
‫واألخطــاء الفرديــة إىل أقصــى درجــة ممــا جيعلــه موثوقًــا بــه وقابـ ًـا للتكـرار حتــت نفــس الظــروف‪.‬‬
‫وهنــاك خطـوات علميــة للســر يف طريــق البحــث العلمــي‪ .‬تبــدأ بــأن تالحــظ مشــكلة أو ظاهــرة مــا فتتســاءل عنهــا وتشــرع‬
‫يف مالحظتهــا ومجــع املعلومــات عنهــا ومنهــا حتــدد اجتــاه البحــث والطــرق الــي ستســلكها لإلجابــة علــى تســاؤالتك‪ .‬يلــي‬
‫ذلــك أن تقــوم بــأداء التجــارب وتســجيل مــا توصلــت إليــه مث دراســته لتخــرج باســتنتاجات ونتائــج تســاهم يف حــل املشــكلة‬
‫أو الظاهــرة األساســية‪ .‬ويف النهايــة تنقــل هــذه التجربــة بالكامــل إىل اجلمهــور العلمــي مــن خــال نشــر ورقتــك البحثيــة يف‬
‫جملــة علميــة‪.‬‬
‫بعد ذلك نتعرف على املنشــورات العلمية وأنواعها ومصادرها وكيف نراجع هذه املنشــورات ونتوصل إىل حكم أو فكرة‬
‫حــول جودهتــا ومــدى مصداقيــة مــا حتمــل مــن معلومــات أو نتائــج‪.‬‬
‫ويف النهايــة نتطــرق إىل املقــرح البحثــي وهــو عبــارة عــن وثيقــة تكــون مبثابــة عقــد بينــك وبــن اجلهــة املاحنــة توضــح فيــه‬
‫خطتــك بالكامــل وأهدافــك مــن البحــث وجدولــك الزمــي والتفاصيــل الكاملــة للتكاليــف الــي ســتحتاجها إلمتــام البحــث‪.‬‬
‫ونظـًـرا ألمهيــة املقــرح البحثــي‪ ،‬نتقــدم إليــك مبجموعــة مــن اإلرشــادات الــي جيــب أن تؤخــذ بعــن االعتبــار عنــد كتابــة أي‬
‫مقــرح حبثــي؛ بــدءًا مــن حجتــك البحثيــة إىل كيفيــة التعامــل مــع املراجعــن واالســتعداد ملواجهــة املشــاكل بتجنبهــا مــن‬
‫البدايــة وتوفــر البدائــل وكيفيــة التعامــل معهــا‪.‬‬
‫طريق وعر وممتع‬
‫طريــق البحــث العلمــي مظلــم ملــيء بالعقبــات وإشــارات التحذيــر‪ ،‬لكــن هنايتــه مضيئــة‪ .‬وهدفنــا اآلن أن نعــرض كيفيــة‬
‫الســر يف هــذا الطريــق املظلــم حــى نصــل إىل الضــوء‪.‬‬
‫«لو كنا نعلم ما نقوم به‪ ،‬فلن يُطلَق على ذلك حبثًا‪ ،‬أليس كذلك؟»‬
‫‪If we knew what it was we were doing, it would not be called‬‬
‫‪?research, would it‬‬
‫‪-‬ألربت أينشتاين‬
‫ومــع صعوبــة وتعقيــد هــذا الطريــق‪ ،‬ففــي هــذا الفصــل ســنحاول كذلــك الوقــوف علــى أكتــاف العمالقــة ولكــن لغــرض‬
‫آخــر وهــو أن نتعلــم ونســتفيد مــن خبراتهــم وتعريفهــم لطريــق البحــث العلمــي‪ .‬ســنقف عنــد بعــض األقــوال المأثــورة‬
‫للعديــد مــن كبــار العلمــاء والفالســفة والحكمــاء‪ ،‬ونحــاول ‪-‬قــدر اإلمــكان‪ -‬أن نــرى األمــر مــن خــال نظرتهــم‬
‫والتــي تحمــل الكثيــر مــن الخبـرات‪ .‬ويتنــاول الفصــل إجابــة ألســئلة أربعــة أساســية‪ ،‬وهــي‪:‬‬
‫‪ .1‬ما هو البحث العلمي؟‬
‫‪ .2‬ما هي السمات العامة املميزة للبحث العلمي؟‬
‫‪ .3‬ما هي الطريقة العلمية للبحث؟‬
‫‪ .4‬كيف أفكر عند كتابة مقرتح حبثي؟‬

‫ما هو البحث العلمي؟‬


‫شوشــا‪ ،‬وتشــعر بالتيــه‪ ،‬وحتــك‬
‫عندمــا تســمع كلمــة «البحــث العلمــي» وأنــت ال تـزال حديــث العهــد هبــذا اجملــال تكــون ُم ً‬
‫رأســك‪ ،‬تســأل نفســك مــن أنــا؟ مــاذا أفعــل هنــا؟ مــا الــذي أتــى يب إىل هنــا؟ ومــا القــادم؟‬
‫‪-‬نوعــا مــا‪ -‬حالــة مــن االرتبــاك‪ ،‬وهــذا أمــر طبيعــي‪ .‬واهلــدف مــن هــذا الفصــل أن نعطــي مقدمــة متهيديــة حنــاول‬
‫تغمــرك ً‬
‫مــن خالهلــا فــك طالســم طريــق البحــث العلمــي ومواصفاتــه‪.‬‬
‫ولــو أمعنــت النظــر يف كلمــة ‪ ReSearch‬ســتجد أهنــا عبــارة عــن كلمــة ‪ Search‬أي «يبحــث»‪ ،‬يســبقها مقطــع‬
‫«‪ »RE-‬ويعــي اإلعــادة‪ ،‬أي أنــك تعيــد هــذا البحــث مــرة بعــد أخــرى! وهلــذا مــن الطبيعــي أن يكــون طريــق البحــث‬
‫العلمــي معقـ ًـدا!‬
‫البحــث العلمــي ‪-‬ببســاطة‪ -‬هــو عمليــة هدفهــا البحــث عــن حلــول ملشــكلة مــا‪ ،‬حبيــث يتــم ذلــك عــن طريــق خط ـو ٍ‬
‫ات‬
‫مدروســة ودقيقـ ٍـة جـ ًـدا اتُبعــت فيهــا املعايــر اخلاصــة بالطريقــة العلميــة‪ -‬الــي ســنتحدث عنهــا الح ًقــا‪ -‬حــى تصــل إىل‬
‫إجابــة علــى س ـؤالك‪.‬‬
‫وأول خطــوة يف طريــق البحــث العلمــي هــي حتديــد املشــكلة الــي تريــد أن تدرســها بشــكل دقيــق‪ ،‬مبعــى حتديــد الس ـؤال‬

‫‪42‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫الــذي تبحــث لــه عــن إجابــة‪ .‬يلــي ذلــك البــدء يف مجــع معلومــات أكثــر عــن هــذه املشــكلة‪ ،‬ومــا الــذي وصــل إليــه الباحثــون‬
‫يف هــذه النقطــة؟ مث تضــع هــذه املعلومــات أمامــك‪ ،‬وبعــد ذلــك تبــدأ يف اختــاذ خط ـوات جتريبيــة‪ -‬مبعــى أن تذهــب إىل‬
‫املعمــل وتبــدأ يف إج ـراء جتــارب تصــل مــن خالهلــا لنتائــج‪ ،‬تقــوم بتحليلهــا‪ ،‬ويف النهايــة ختــرج باســتنتاج مــا‪ .‬يفــرض أن‬
‫يكــون هــذا االســتنتاج فيــه إجابــة عــن سـؤالك أو ‪-‬علــى األقــل‪ -‬يســاعدك يف إجيــاد إجابــة عنــه‪ .‬وهــذا باختصــار شــديد‬
‫مــا نعنيــه بالبحــث العلمــي‪.‬‬
‫«مع أن اهلدف من العلم هو حل املشاكل‪ ،‬إال أنه خيلق املزيد منها!»‬
‫‪ -‬إبراهام فلكسنر‪ ،‬أحد الرواد الذين أسسوا للتعليم الطيب يف أمريكا‬
‫أي أنــك كلمــا فتحــت بابـًـا‪ ،‬دخلــت طري ًقــا آخــر بــه بــاب مغلــق آخــر تســعى إىل فتحــه‪ ،‬وبعــد فتحــه جتــد بابًــا آخــر مغل ًقــا‪،‬‬
‫وهكــذا‪ .‬فطريــق البحــث العلمــي ال هنايــة لــه‪ .‬يقــول اهلل عــز وجــل «ومــا أوتيتــم مــن العلــم إال قليـ ًـا»‪.‬‬

‫أنواع البحث العلمي‪:‬‬


‫اآلن سنوضح الفرق بني نوعني أساسيني من البحث العلمي‪ ،‬ومها البحث األساسي والبحث التطبيقي‪:‬‬
‫البحث األساسي‪:‬‬
‫حتــاول فيــه أن جتــد حـ ًـا ملشــكلة ليــس هلــا تطبيــق مباشــر يف احليــاة اليوميــة للنــاس وغالبًــا هــذا النــوع مــن األحبــاث يقــوم بــه‬
‫الباحــث لكــي يُشــبع فضولــه حنــو مشــكلة معينــة‪.‬‬
‫البحث التطبيقي‪:‬‬
‫حتــاول مــن خاللــه إجيــاد حــل أو إجابــة علــى مشــكلة يواجههــا النــاس يف حياهتــم كل يــوم‪ .‬علــى ســبيل املثــال لــو أنــك‬
‫تبحــث عــن عــاج ملــرض مــا يعايشــه النــاس‪.‬‬
‫وهــذان النوعــان مــن البحــث العلمــي علــى نفــس القــدر مــن األمهيــة‪ ،‬فــإذا كنــت تــدرس أحــد العلــوم اإلنســانية أو حــى‬
‫املوســيقى‪ ،‬وأخــرك شــخص أن مــا تفعلــه ليــس لــه أمهيــة‪ ،‬فهــذا مفهــوم خاطــئ‪ ،‬فــكل شــيء لــه أمهيتــه وفائدتــه‪ .‬الفــرق بــن‬
‫هذيــن النوعــن أن إيصــال البحــث التطبيقــي للنــاس أســهل وأيســر يف فهمــه‪ ،‬ألنــه ميــس مشــاكل تواجههــم‪ ،‬أمــا البحــث‬
‫ـودا أكــر حــى يفهمــه النــاس‪ .‬إ ًذا‪ ،‬فــكل أن ـواع البحــث العلمــي مهمــة‪ ،‬حــى ولــو مل يكــن فيهــا‬ ‫األساســي فيحتــاج جمهـ ً‬
‫حــل ملشــكلة تطبيقيــة‪.‬‬

‫ما السمات العامة للبحث العلمي؟‬


‫اآلن‪ ،‬ننتقل إىل اجلزء الثاين وهو‪ :‬ما السمات العامة املميزة للبحث العلمي؟‬
‫نوجزهــا يف عــدة نقــاط‪ .‬فالبحــث العلمــي هــو األســاس الــذي تقــوم عليــه كل االكتشــافات واالبتــكارات احلديثــة‪ ،‬وهــو‬
‫يتقــدم باســتمرار حنــو هــدف حمــدد بســرعة عاليــة‪ .‬وبالرغــم مــن هــذه الســرعة الــي يتحــرك هبــا إال إنــه دقيــق جـ ًـدا يســر وفــق‬
‫قوانــن ومناهــج صارمــة لتكــون نتائجــه يف النهايــة موضوعيــة وموثــوق هبــا وميكــن توارثهــا عــر األجيــال وقابلــة للتكـرار يف‬
‫أماكــن خمتلفــة مــن العــامل وكلمــا كان أثرهــا أوســع كلمــا كانــت أفضــل‪.‬‬

‫‪43‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫محرك لكل االبتكارات‬
‫مبعــى أن أي تطويــر أو جتديــد يف العــا َل س ـواء كانــت تطوي ـرات تراكميــة أو انتقــاالت شاســعة يف املعرفــة أو ‪Game‬‬
‫‪ Changer‬أو ‪ Disruptive‬فهــي يف األســاس مبنيــة علــى البحــث العلمــي‪.‬‬

‫شكل ‪)Source: experiencinginformation.com - Image by: Jim Kalbach( 1‬‬

‫متحرك بسرعة عالية‬


‫جمــال البحــث العلمــي يتحــرك بســرعة شــديدة جـ ًـدا‪ ،‬فــكل يــوم هنــاك جديــد‪ ،‬ومــا كان مقبـ ًـول العــام املاضــي قــد يتغــر يف‬
‫الوقــت احلاضــر بنــاءً علــى النتائــج اجلديــدة الــي وصــل إليهــا الباحثــون‪.‬‬
‫ســأل أحــد الطــاب أينشــتاين‪ :‬أليســت أســئلة امتحانــات هــذا العــام هــي نفــس أســئلة العــام املاضــي؟‪ ،‬فأجــاب‪ :‬نعــم‪،‬‬
‫لكــن اإلجابــات خمتلفــة!‬

‫متحرك نحو هدف‬


‫فكما قلنا ساب ًقا بأن البحث يف بدايته هو عبارة عن سؤال تبحث له عن حل‪.‬‬
‫فضول يف شكل رمسي‪ .‬هو تطفل وفضول حنو هدف‪».‬‬
‫«يعترب البحث العلمي ً‬
‫زورا هريستون ‪-‬عاملة أنثربولوجي‪-‬‬

‫دقي ٌق وصارم‬
‫وقلمــا وتــدون‬
‫صممــة بعنايــة‪ ،‬أي أن تفكــر يف موضــوع يشــغلك‪ ،‬وتتنــاول ورقـةً ً‬‫مبــي علــى أســاس متــن وطريقــة تنفيــذ ُم َّ‬
‫ـارب لتثبــت مــدى صحــة نظريتــك‪ .‬فهــي عمليــة‬
‫مالحظاتــك ونظريتــك جتــاه هــذه النقطــة‪ ،‬ومــا املمكــن عملــه مث ُتــري جتـ َ‬
‫دقيقــة جـ ًـدا ومبنيــة علــى خطـوات صارمــة‪.‬‬

‫‪44‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫مبني على فرضية‬
‫ّ‬
‫مبعىن أنك تفكر يف مشكلة‪ ،‬مث تضع هلا فرضية والطرق اليت ميكن أن تسري فيها حىت تصل إىل إجابة على سؤالك‪.‬‬

‫شــكل ‪ 2‬البحــث العلمــي يبــدأ مبشــكلة نفكــر لهــا يف‬


‫حــل مبنــي عــى فرضيــة (‪Source: Baymard.com -‬‬
‫‪)Copyright to Baymard Institute‬‬

‫قابل للتكرار‬
‫أي أنــه ميكنــك احلصــول علــى نفــس النتائــج الــي وصلــت إليهــا عنــد إعــادة التجربــة أكثــر مــن مــرة‪ .‬وذلــك حــى تتأكــد مــن‬
‫أن اإلجابــة الــي وصلــت إليهــا ليســت عــن طريــق الصدفــة‪ .‬فيجــب أن تتأكــد أن النتائــج الــي حتصــل عليهــا عنــد إعــادة‬
‫التجــارب أكثــر مــن مــرة قريبــة مــن بعضهــا ومنســجمة وليســت متناقضــة‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬ســتجد يف جتــارب علــم األحيــاء بعــض‬
‫االختالفــات بــن النتائــج ألســباب كثــرة‪ .‬ويف هــذه احلالــة‪ ،‬يقبــل الباحثــون ب ـ «معــدل اخلطــأ» أو ‪ P value‬وهــو ميثــل‬
‫احتمــال صحــة الفرضيــة عشـوائيًا عــن طريــق الصدفــة‪ ،‬كلمــا كانــت هــذه القيمــة صغــرة كلمــا زادت الداللــة اإلحصائيــة‬
‫لالختبــار‪ .‬يف العــادة نعتــر أن االختبــار ذو مدلــول إحصائــي إذا كانــت ال ـ ‪ P-value‬أقــل مــن ‪ 0.05‬أو ‪. 0.01‬‬

‫شكل ‪ 3‬الدقة مقابل التكرار (‪)Source: yuriystoys.com‬‬

‫‪45‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫دقيق وموثوق به‬
‫ال يســتطيع الباحــث أن جيــري دراســته علــى الكــون كلــه‪ ،‬بــل خيتــار عيّنــة مــن هــذا اجملتمــع يبــي عليهــا جتاربــه‪ ،‬وتتــم طريقــة‬
‫اختيــار العينــة بدقــة شــديدة حــى تكــون النتائــج الــي حصــل عليهــا الباحــث معــرة عــن اجملتمــع بأكملــه‪ .‬فكلمــة الدقــة‬
‫تعــي مــدى قــرب نتائجــك مــن الواقــع‪.‬‬
‫أمــا الثقــة فتعــي أن نتائجــك ُيتمــل أن يصــل مــدى صحتهــا إىل ‪ %95‬ومــدى خطئهــا إىل ‪ ،%5‬أو باللغــة اإلحصائيــة أن‬
‫حتــدد مســتوى داللــة جتاربــك‪ .‬وتشــر فــرة الثقــة (‪ )Confidence Interval‬إىل مقــدار االحتمــال الــذي نثــق بــه‪،‬‬
‫فقولنــا ثقــة مقدارهــا ‪ %99‬يعــي أن هنــاك فرصــة قدرهــا ‪ 99‬مــن ‪ 100‬بــأن تضــم الفــرة قيمــة املتوســط احلقيقــي للمجتمــع‪.‬‬

‫موضوعي‬
‫ـت إليهــا مبنيــة علــى بيانــات فعليــة وليســت عــن انطباعــات أو آراء أو عواطــف شــخصية‪،‬‬
‫أي أن تكــون النتائــج الــي وصلـ َ‬
‫فأنــت تســعى إىل ترمجــة النتائــج الــي حصلــت عليهــا مــن التجربــة العمليــة فقــط‪ ،‬فــا يكــون لشــخصك تأثــر علــى النتائــج‪.‬‬
‫«ال توجــد معتقــدات يف العلــم‪ ،‬فإمــا أن نكــون علــى علــم بأم ـ ٍر مــا‪ ،‬أو يف مرحلــة تعلمــه‪ ،‬أو نعــرف بأننــا‬
‫جنهلــه حــى اآلن!»‬
‫‪-‬ديفيد كامبل‪ ،‬أستاذ فيزياء جبامعة بوسطن‬

‫عالمي‬
‫كلمــا كانــت نتائجــك ذات تطبيقــات علــى مســتوى العــامل‪ ،‬كان تأثريهــا أعلــى‪ .‬فــإذا كانــت أحباثــك متعلقــة بالتكنولوجيــا‪،‬‬
‫مرضــا وحتــاول إجيــاد عــاج لــه ووصلــت لــه‪ ،‬ســتجد أن العــامل كلــه‬
‫سيســعى العــامل كلــه لشـرائها منــك‪ .‬ولــو كنــت تــدرس ً‬
‫يستخدمه‪.‬‬

‫متوارث بين األجيال‬


‫َ‬
‫عامــا ِمــن نشــر ورقتــك البحثيــة‪ ،‬جتــد مــن يتعلــم منهــا ويضيــف هلــا‬
‫فأنــت تصــل إىل نتائــج‪ ،‬مث تنشــرها‪ ،‬وبعــد مخســن ً‬
‫وهكــذا‪ .‬فمنتــج البحــث العلمــي ينتقــل مــن جيـ ٍـل إىل جيــل‪.‬‬
‫«العلم هو ذلك النشاط البشري الذي يزداد تدرجييًا‪ ،‬وقوام العلم احلقيقي ينتقل من جيل إىل جيل‪».‬‬
‫‪-‬إدوين هابل‪ ،‬عامل فلك‬

‫ما الطريقة العلمية للبحث؟‬


‫يـُتّبــع يف البحــث العلمــي أســلوب تدرجيــي ُمنظــم ومنطقــي وصــارم للوصــول إىل حــل املشــكلة‪ .‬وهنــا ســنتناول شــرح الطريقــة‬
‫العلميــة واخلطـوات الــي منــر هبــا لنصــل إىل النتائــج يف النهايــة‪.‬‬
‫كيزا أكرب‪.‬‬
‫ويف جزء الحق من هذا الفصل سنويل الطريقة العلمية تر ً‬

‫‪46‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫ماذا نعني بالطريقة العلمية ببساطة؟‬
‫معقدا‪ ،‬هي أمر ميكنك إدراكه بالفطرة‪.‬‬
‫مثال من الطبيعة‪ ،‬هي ليست شيئًا ً‬
‫لنأخذ ً‬
‫مثل‪ ،‬مث أخذت‬ ‫لنفرتض أنك جالس يف مكان ما‪ ،‬واسرتعت انتباهك مالحظة ما (‪ )Observation‬لظاهرة طبيعية ً‬
‫تتســاءل (‪ ،)Question‬بعــد ذلــك بــدأت يف البحــث عــن معلومــات أكثــر ختــص هــذا املوضــوع (‪ ،)Research‬مث‬
‫فروضــا حــول الظاهــرة الــي الحظتهــا (‪ -)Guess‬أي أنــي‪ ،‬مثـ ًـا‪ ،‬لــو فعلــت كــذا قــد أصــل إىل كــذا‪ ،‬مث بــدأت‬
‫مخّنــت ً‬
‫يف إج ـراء جتربــة (‪ )Experiment‬بنــاءً علــى الفرضيــات الــي وضعتهــا‪ .‬ســتحصل علــى نتائــج مــن هــذه التجــارب‪،‬‬
‫وحتلــل هــذه النتائــج (‪ ،)Analysis‬ويف النهايــة ســتصل إىل اســتنتاج (‪.)Conclusion‬‬
‫هذه هي الطريقة العلمية مبنتهي البساطة!‬
‫«إن الغــرض الرئيســي مــن الطريقــة العلميــة هــو التأكــد مــن أن الطبيعــة مل تضللــك بإيهامــك أنــك تعلــم أمـًـرا‬
‫مــا أنــت ‪-‬يف احلقيقــة‪ -‬ال تعلمــه‪».‬‬
‫‪-‬روبرت بريسينج‪ ،‬أحد أشهر الفالسفة األمريكيني‬
‫أي أنــك تتبــع هــذه اخلطـوات حــى ال ختــدع نفســك‪ ،‬وتتأكــد أن اســتنتاجاتك صحيحــة‪ .‬هــذا مــا نعنيــه بالطريقــة العلميــة‬
‫باختصــا ٍر شــديد‪.‬‬

‫تمر الطريقة العلمية بتسع خطوات‪:‬‬


‫‪ .1‬رصد مالحظة معينة‪)Question/Observation( .‬‬
‫‪ .2‬حتديد جمال املشكلة اليت تسعى إىل حلها‪.‬‬
‫‪ .3‬حتديد أهداف حبثك واألسئلة اليت يطرحها البحث‪.‬‬
‫‪ .4‬مجع املعلومات (مراجعة األحباث املنشورة)‪)Collect Data( .‬‬
‫‪ .5‬وضع فرضية تبين عليها حبثك‪)Form Hypothesis( .‬‬
‫‪ .6‬حتديد الطرق اليت ستتبعها يف إجراء جتاربك‪)Test Hypothesis( .‬‬
‫‪ .7‬مجع بيانات التجارب اليت قمت هبا مث حتليلها‪)Analyze Data( .‬‬
‫‪ .8‬تفسري النتائج ووضع استنتاج هنائي لتجربتك‪)Conclusion( .‬‬
‫‪ .9‬توصيل النتائج لآلخرين‪)Communicate results( .‬‬
‫وفيما يلي تفصيل لكل من هذه اخلطوات‪:‬‬
‫أول‪ :‬رصد المالحظة‪:‬‬
‫ً‬
‫هل تثريك مالحظة ما‪ ،‬وتتساءل ملاذا حيدث هذا؟‬

‫‪47‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫أي أن البشــر –بشــكل عــام ‪ -‬حيبــون أن يستكشــفوا العــامل مــن حوهلــم‪ ،‬ويفهمـوا ُكْنــه الظواهــر الــي حتــدث يف حميطهــم‪،‬‬
‫فيزيائيــة كانــت أو طبيعيــة‪ .‬وذلــك هــو األســاس ألي علــم‪.‬‬
‫أنــت طالــب ماجســتري أو دكتــوراه حديــث‪ ،‬بــدأت للتــو يف طريــق البحــث العلمــي وال تعــرف أيــن البدايــة‪ ،‬تشــعر بالســعادة‬
‫اللتحاقــك مبنحــة حصلــت عليهــا يف جامعــة مرموقــة‪ ،‬مث يقــول لــك مشــرفك حينهــا‪« :‬ضــع بيانًــا ملشــكلتك البحثيــة‪،‬‬
‫وصياغــة للبحــث الــذي ســتقوم بــه»‪ ،‬وأنــت ال تـزال حديــث العهــد هبــذه املرحلــة!‬
‫فقــد يبــدأ البحــث مبالحظـ ٍـة يقــوم هبــا الباحــث أو املشــرف مــن خــال قـراءة ورقــة علميــة‪ ،‬هــذه املالحظــة تَصلُــح ألن تكــون‬
‫نـواةً لفكــرة حبثيــة‪ ،‬وعليهــا يقــوم الباحــث بعــد ذلــك ببنــاء أســئلته البحثيــة والــي ينتهــي البحــث باإلجابــة عليهــا‪.‬‬
‫وأحيانًــا حيــدث العكــس‪ ،‬فيبــدأ البحــث بسـؤال يــدور يف رأس الباحــث‪ ،‬وخــال إجرائــه للتجــارب يالحــظ الباحــث بعــض‬
‫أول‪ ،‬وال‬
‫األشــياء ونتائــج معينــة تدفعــه للتفكــر يف أســئلة حبثيــة أخــرى حــى يتــم بنــاء البحــث كامـ ًـا‪ .‬ال يهــم أيهمــا جــاء ً‬
‫أي االثنــن قــاد إىل اآلخــر‪ ،‬املهــم أن املالحظــة ‪ /‬السـؤال مهــا العامــان التحفيزيـّـان األساســيّان اللــذان يدفعــان الباحــث‬
‫للعمــل علــى فكــرة حبثيــة معينــة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تحديد المشكلة البحثية‪:‬‬
‫ومير باخلطوات التالية‪:‬‬
‫مرضا ما‪.‬‬
‫• حتديد املشكلة التطبيقية‪ :‬فريوس يسبب ً‬
‫• حتديد السؤال البحثي‪ :‬كيف أمنع الفريوس من التسبب يف املرض؟‬
‫• حتديــد املشــكلة البحثيــة‪ :‬ال أدري إن كانــت هنــاك مــادة كيميائيــة ميكنهــا أن تقــوم هبــذه الوظيفــة‪ ،‬وهلــذا أحتــاج‬
‫إىل إجيــاد طريقــة لفحــص مركبــات الكيميائيــة لتحديــد فعاليتهــا‪.‬‬
‫فعال‪.‬‬
‫• نتيجة البحث‪ :‬املركب «س» ّ‬
‫• التطبيق‪ :‬عالج املرض‪.‬‬
‫خطوات تناول المشكلة البحثية‪:‬‬
‫«ليس ِ‬
‫العال من يعطي إجابات صحيحة‪ ،‬بل هو من يطرح األسئلة السليمة‪».‬‬
‫‪ -‬كلود ليفي سرتاس‪ ،‬عامل فرنسي‬
‫وهذا هو دورك يف البحث الذي تقوم به‪ ،‬كيف تسأل السؤال السليم!‬
‫أول الفرق بني املشكلة التطبيقية واملشكلة البحثية‪:‬‬
‫لنوضح ً‬
‫• املشــكلة التطبيقيــة‪ :‬هــي وضــع حيــايت جيعلنــا غــر ســعداء ألنــه يكلفنــا الوقــت واملــال واألمل‪ ..‬إخل‪ ،‬أي ببســاطة‬
‫ـرض مــا أو تكلفــة عاليــة‪.‬‬‫مشــكلة حيــاول اإلنســان العــادي جتنــب الوقــوع فيهــا مثــل مـ ٍ‬
‫• املشــكلة البحثيــة‪ :‬هــي معرفــة غــر مكتملــة‪ ،‬مشــكلة يبحــث عنهــا الباحــث بــل قــد خيتلقهــا إذا لــزم األمــر‪ ،‬فــإذا‬
‫مل يكــن لديــه مشــكلة حبثيــة يعمــل عليهــا‪ ،‬فلــن يكــون لــه دور‪.‬‬

‫‪48‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫دور الباحث هو االنتقال باملشكلة التطبيقية إىل املخترب‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬تحديد أهداف البحث واألسئلة التي يطرحها – تكوين «بيان المشكلة البحثية»‪.‬‬
‫ايل «ملــاذا» وهــو الغــرض الرئيســي مــن الدراســة‪ ،‬و»مــاذا» وهــو الس ـؤال البحثــي املركــزي أو‬
‫يتنــاول بيــان املشــكلة س ـؤ ْ‬
‫جمموعــة األســئلة‪.‬‬
‫وهناك ست مسات رئيسية لصياغة بيان مشكلة جيد وهي أن يكون‪:‬‬
‫‪ .1‬وثيق الصلة باملشكلة التطبيقية‪.‬‬
‫‪ .2‬من املمكن حتقيقه‪.‬‬
‫مشوقًا‪.‬‬
‫‪ّ .3‬‬
‫يكون بيان المشكلة وثيق الصلة إذا‪:‬‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫موضوعا مل يُطرح من قبل‪ ،‬ويف هذه احلالة عليك أن تُثبت أن هذا االعتقاد‬
‫ً‬ ‫‪ .1‬تناول‬
‫موضوعــا توجــد معلومــات كثــرة حولــه‪ ،‬لكنهــا متناثــرة وليســت ُممعــة يف شــكل متســق‪ .‬فأنــت تنظّــم مــا‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬تنــاول‬
‫تناثــر مــن معــارف حــول موضــوع مــا‪ ،‬حبيــث تظهــر يف صــورة متكاملــة‪.‬‬
‫‪ .3‬كانــت هنــاك أحبــاث كثــرة حــول املوضــوع‪ ،‬ولكــن هنــاك تناقــض يف النتائــج املنشــورة‪ ،‬ودورك هنــا هــو حــل هــذا‬
‫التناقض‪.‬‬
‫ويكون بيان المشكلة من الممكن تحقيقه إذا‪:‬‬
‫‪ .1‬كان بإمكانــك حــل مشــكلتك البحثيــة يف حــدود الوقــت واألمـوال واإلمكانــات املتاحــة‪ ،‬أي جيــب أن تكــون‬
‫واقعيًــا‪.‬‬
‫حل‪.‬‬
‫‪ .2‬كنت واقعيًا يف سؤالك البحثي الذي تستطيع أن جتد له ً‬
‫‪ .3‬كنــت تضــع يف اعتبــارك أنــه مهمــا كانــت براعــة حبثــك العلمــي فإهنــا لــن حتــل كل املشــاكل‪ ،‬بــل ســتقربنا خطــوة‬
‫حنــو حــل املشــكلة‪ .‬فاجعــل طموحــك يف حــدود املعقــول أو املســموح بــه الــذي ميكــن للمجتمــع العلمــي االقتنــاع‬
‫بــه‪.‬‬
‫ويجب أن يكون بيان المشكلة مشوقًا ألن‪:‬‬
‫• البحــث العلمــي مرهــق ومزعــج‪ ،‬ومتــر خاللــه بفـرات صعــود وهبــوط قبــل وصولــك خلــط النهايــة‪ .‬فيجــب عليــك‬
‫أن تبــدي اهتمامــك الشــديد بالبحــث‪.‬‬
‫«البحث العلمي هو أن ترى ما يراه اآلخرون‪ ،‬ويف نفس الوقت تفكر فيما مل يفكر به أحد‪».‬‬
‫‪-‬ألربت جيورجي‪ ،‬عامل فسيولوجي جمري مكتشف فيتامني سي‪ ،‬واحلاصل على نوبل عام ‪1973‬‬
‫• أي أن تفكر بشــكل خمتلف عند عرضك لتقريرك البحثي‪ ،‬ألن من تقدم هلم هذا التقرير خرباء يف هذا اجملال‪،‬‬

‫‪49‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫وقــد قــرؤوا يف الغالــب كل مــا قـرأت‪ .‬فعليــك أن تعــرض رؤيتــك حــول املوضــوع بشــكل جديــد ومــن زاويــة خمتلفــة‪،‬‬
‫اهتمامــا أكــر‪.‬‬
‫ً‬ ‫حــى يولــوك‬
‫ويكون بيان المشكلة قويًا إذا‪:‬‬
‫• بــدأت بالسـؤال‪ :‬ومــاذا بعــد؟ مــا الــذي جيعــل هــذا البحــث يســتحق القيــام بــه؟ مــا الــذي خيطــف أنظــار مجهــور‬
‫قرائــي يف سـؤايل البحثــي؟ فــأول خطــوة هــي أن تســأل نفســك ملــاذا أقــوم هبــذا البحــث؟‬
‫• استطعت أن تصوغ بيان املشكلة يف ثالث خطوات‪:‬‬
‫سم موضوعك‪ :‬أسعى أن أتعلم حول أو أدرس ‪.....‬‬
‫‪ِّ .1‬‬
‫‪ .2‬ضع سؤ ًال (لنفسك)‪ :‬أنا أحبث ‪ ....‬ألين أريد أن أكتشف كيف وملاذا؟‬
‫دافعا يف أسئلتك لآلخرين‪.‬‬
‫‪ .3‬ضع ً‬
‫اإلجابة على هذا السؤال ستحل مشكلة مهمة لكثري من القراء‪ ،‬وإذا مل ُتَل ستتسبب يف مشاكل مجة‪.‬‬
‫عليــك أن تفكــر جيـ ًـدا يف هــذا النمــوذج عندمــا تبــدأ يف اإلعــداد لبحثــك‪ ،‬وال تبــدأ يف إجـراء خطـوات قبــل أن تقتنــع يف‬
‫قـرارة نفســك مــا الــذي تفعلــه؟ وملــاذا تفعلــه؟ ألنــك ستســأل ملــاذا تــود القيــام هبــذا؟ ملــاذا ســتقضي ســنوات مــن عمــرك يف‬
‫احلصــول علــى درجــة علميــة؟ فمــن املهــم جـ ًـدا التفكــر بعمــق يف نقطــة بيــان املشــكلة قبــل أن تبــدأ يف حبثــك‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬جمع المعلومات ومراجعة األبحاث‪:‬‬ ‫رً‬
‫وهــي مرحلــة جتميــع املعلومــات‪ ،‬وقــد وردتنــا أســئلة علــى صفحــة علمــاء مصــر خبصــوص جتميــع املــادة العلميــة لألحبــاث‪.‬‬
‫ســنحاول هنــا أن نعطــي بعــض اخلطــوط العريضــة املتعلقــة هبــذا األمــر كتمهيــد‪.‬‬
‫ما معنى المنشورات العلمية؟‬
‫هي املادة العلمية املتاحة لك أو ما هو معروف ومنشور فيما يتعلق مبشروعك البحثي‪.‬‬
‫مراجعــة املنشــورات العلميــة هــي عمليــة التعــرف علــى األحبــاث املنشــورة عــن املوضــوع الــذي هتتــم بــه‪ ،‬وتقييــم هــذه األحبــاث‬
‫اخلاصــة هبــذه املشــكلة‪ ،‬وتوثيــق هــذه األعمــال‪ .‬هنــا نســتخدم بعــض برامــج إدارة املراجــع الــي ختــزن هــذه األحبــاث يف‬
‫مكتبــة مــع بياناهتــا الوصفيــة‪.‬‬
‫أمثلة على المصادر‪:‬‬
‫• األحباث املنشورة باجملالت العلمية‪.‬‬
‫• املراجع العلمية‪.‬‬
‫• رسائل املاجستري والدكتوراه‪.‬‬
‫• قواعد البيانات األكادميية‪.‬‬
‫• التقارير احلكومية أو التجارية‪.‬‬

‫‪50‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫• املوســوعات املطبوعــة (غــر ويكيبيديــا) فويكيبيديــا ال يُعتمــد عليهــا كمرجــع موثــوق بــه يف البحــث العلمــي‪ ،‬لكــن‬
‫ميكــن اســتخدامها كمصــدر للمعلومــات‪.‬‬
‫• اإلنرتنت‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬كن على حذ ٍر شديد عند استخدام اإلنرتنت كمصدر للمعلومات‪ ،‬لألسباب التالية‪:‬‬
‫موقعــا إلكرتونيًــا وتضــع عليــه أي معلومــات غــر موثقــة وال‬
‫‪ o‬اإلنرتنــت غــر ُمنظــم‪ ،‬فمــن الســهل أن تُنشــئ ً‬
‫قيمــة هلــا‪.‬‬
‫‪ o‬املــادة العلميــة مــن اإلنرتنــت ميكــن أن تســاعدك علــى صياغــة الس ـؤال البحثــي‪ ،‬لكــن مــن الصعــب جـ ًـدا‬
‫الوصــول إىل مصــادر علميــة يُعتمــد عليهــا لعمــل حبــث علمــي جــاد‪.‬‬
‫دائما للمصادر املطبوعة‪ ،‬إال إذا كانت جملة علمية على اإلنرتنت‪.‬‬
‫‪ o‬األولوية ً‬
‫‪ o‬الباحث العلمي جلوجل سيساعدك يف احلصول على األحباث األكادميية‪.‬‬
‫دائمــا بــن صفحــات اجملــات العلميــة واملواقــع غــر املعتمــدة أو املوثــوق هبــا‪ ،‬ألن ذلــك ســيكون ذا تأثــر كبــر علــى‬
‫فـّـرق ً‬
‫ُ‬
‫االنطبــاع الــذي ســيؤخذ عنــك مــن قِبَــل مــن تقــدم هلــم هــذه املعلومــات‪.‬‬
‫معايير اختيار المصادر‪:‬‬
‫• هل املصادر تتمتع مبصداقية عالية أم ال؟‬
‫• هل هلا عالقة بالفرضية اليت وضعتها؟‬
‫• هل هي منشورة عن طريق دار نشر حسنة السمعة؟‬
‫• هل متت مراجعتها من قبل املتخصصني يف اجملال؟‬
‫• هل املؤلف حسن السمعة؟‬
‫• هل املصدر حديث؟‬
‫«من واقع خربيت ِ‬
‫كعال‪ ،‬تعلمت أن قيمة مصدر املعلومة ال تقل أمهية عن قيمة املعلومة ذاهتا‪».‬‬
‫‪-‬دان براون‪ ،‬املؤلف األمريكي املشهور‬
‫كما أن قيمة املعلومات مبنية على مصدرها‪.‬‬
‫ثالثة استخدامات للمصادر‪:‬‬
‫‪ .1‬ق ـراءة حبــث عــن مشــكلة‪ :‬فــإذا كانــت تواجهــك صعوبــة يف حتديــد مشــكلة حبثيــة أو س ـؤال حبثــي فن ّقــب عــن‬
‫اإلهلــام‪ ،‬والفراغــات املعرفيــة‪ ،‬واملســائل املعلقــة أو مســالك جديــدة يف البحــث العلمــي‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ .2‬قـراءة حبــث عــن ُحجــة‪ :‬أي أنــك تســتطيع أن تتعلــم مــن الباحثــن اآلخريــن كيفيــة تناوهلــم للمشــاكل البحثيــة‬
‫املشــاهبة‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫‪ .3‬قـراءة حبــث عــن دليــل‪ :‬وذلــك حــى تصــل إىل املعلومــات الــي تســتطيع اســتخدامها لتدعــم اعتقــادك‪ ،‬أي أنــك‬
‫عمــا‬
‫تبحــث عــن أدلــة حــى تدعــم النتائــج الــي وصلــت إليهــا‪ ،‬أو –علــى العكــس‪ -‬إليضــاح وصولــك لنتائــج خمتلفــة ّ‬
‫ســبق نشــره مع توضيح األســباب‪.‬‬
‫مراجعة المنشورات العلمية تضمن لك‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تضع حبثك يف السياق العام للموضوع الذي تعمل فيه‪ ،‬وتتعرف على أبعاده‪.‬‬
‫طويل يف حبثك مث تكتشــف أن هذا املوضوع منشــور‬ ‫‪ .2‬أال تقوم بإجراء حبث مت عمله مســب ًقا‪ ،‬فقد تقضي وقتًا ً‬
‫مســب ًقا‪ ،‬فتصبــح قيمــة عملــك متدنيــة (ال ختــرع الدراجــة مــرةً ثانيــة!) وتقلــل ســعة اطالعــك علــى مــا مت نشــره يف‬
‫نقطتــك البحثيــة مــن خماطــر التعــرض هلــذا األمــر‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تنظر إىل مشكلتك البحثية من زوايا متعددة‪.‬‬
‫‪ .4‬أال تغفل عن أي متغري مهم يف التجربة‪.‬‬
‫‪ .5‬أن تعلم الطرق البحثية اليت ستعمل عليها‪.‬‬
‫اقرأ بنظرة نقدية‪:‬‬
‫• ضع البحث يف السياق السليم‪.‬‬
‫• احبــث عــن نقــاط الضعــف يف حجــج األحبــاث األخــرى‪ ،‬فليــس هنــاك شــخص معصــوم مــن اخلطــأ‪ ،‬وقــد يكــون‬
‫تناولــك هلــذه النقطــة أقــوى مــن تنــاول البحــث املنشــور هلــا‪ ،‬عنــد توضيــح األســباب‪.‬‬
‫• ليــس بالضــرورة أن تتفــق مــع اســتنتاج املصــدر‪ ،‬فقــد يكــون لــك رأي آخــر‪ .‬فيمــا مضــى كان املشــرفون مقتنعــن‬
‫بأنــه إذا نُشــر البحــث فــكل مــا فيــه موثــوق بــه‪ ،‬لكــن هــذا ليــس صحيحــا‪.‬‬
‫مدعومــا بشــكل‬
‫ً‬ ‫ـادا جملــرد ذكــره يف حبــث منشــور يف جملــة حمرتمــة‪ ،‬خاصــة إذا مل يكــن هــذا االعتقــاد‬
‫• ال تقبــل اعتقـ ً‬
‫كاف‪ ،‬فالبشــر قــد خيطئــون يف تفســر النتائــج الــي يصلــون إليهــا بأنفســهم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬وضع فرضية تبني عليها البحث‪:‬‬
‫ً‬
‫اقعــا مؤكـ ًـدا أو حقيقــة إمنــا جمــرد نظريــة يفرتضهــا‬‫تملــة للس ـؤال البحثــي‪ ،‬وهــي ليســت و ً‬ ‫االفرتاضيــة البحثيــة هــي إجابــة ُم َ‬
‫الباحــث‪ ،‬وقــد تكــون هــذه الفرضيــة صحيحــة‪ ،‬وقــد يكــون الصـواب علــى خــاف هــذا‪ .‬فالباحــث ال بــد أن يتعامــل مــع‬
‫الفرضيــة علــى أهنــا ليســت حقيقـةً ُمسـلّ ًما هبــا‪.‬‬
‫مثــال‪ :‬مـّـر أحــد األســاتذة بالتجربــة التاليــة أثنــاء الدكتــوراه أثنــاء دراســة تأثــر بعــض املـواد املشــتقة مــن املـواد املخــدرة علــى‬
‫وظيفــة خاليــا معينــة باملــخ‪ ،‬وقــد كانــت فرضيــة الباحــث أن العقــار املســتخدم يُثبّــط نشــاطُ هــذه اخلاليــا نظـ ًـرا ملــا قـرأه يف‬
‫معظــم األوراق العلميــة املنشــورة‪ ،‬فافــرض الباحــث احلصــول علــى نفــس النتائــج‪ ،‬واخلطــأ الــذي حــدث أنــه تعامــل مــع‬
‫الفرضيــة علــى أهنــا حقيقــة ممــا جعــل الباحــث يعتمــد فقــط علــى النتائــج الــي أظهــرت التأثــر املثبِّــط للــدواء علــى خاليــا‬
‫وجتاهــل بعــض النتائــج الــي جــاءت علــى خــاف هــذا‪ .‬وعنــد حماولــة التعمــق يف دراســة كيفُيــة حــدوث التأثــر املثبــط‬ ‫املــخ َ‬
‫أيضــا‪ ،‬وبالرجــوع إىل النتائــج األوليــة للبحــث‪ ،‬تَبـ ّـن للباحــث أن حـوايل ‪ %85‬مــن‬ ‫أظهــرت بعــض النتائــج التأثــر املنشــط ً‬

‫‪52‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫جتاهــل ‪ %15‬مــن النتائــج تشــر إىل العكــس!‬
‫النتائــج أظهــرت التأثــر املثبــط‪ ،‬بينمــا مت ُ‬
‫ـتخدمة للوصــول إىل نتائــج واضحــة وصحيحــة‪.‬‬ ‫فكــرر التجربــة مــع زيــادة حجــم العينــة حمــل الدراســة وحتســن التقنيــة املسـ َ‬
‫وقــد أدى ذلــك إىل ضيــاع الكثــر مــن الوقــت‪ ،‬لــذا ينبغــي علــى الباحـ ُ‬
‫ـث أال يكــون متحيـًـزا للنظريــة الــي افرتضهــا‪ ،‬وليضــع‬
‫منــذ البدايــة فرضيتــن‪ ،‬إحدامهــا تفــرض صحــة نظريــة الباحــث‪ ،‬واألخــرى تفــرض خطأهــا (‪.)Null Hypothesis‬‬
‫وهنــا تــأيت أمهيــة برامــج اإلحصــاء املختلفــة يف حتليــل النتائــج حيــث ميكــن للباحــث افـراض أن الــدواء لــه تأثــر‪ ،‬مــع اعتبــار‬
‫النظريــة األخــرى الــي تثبــت أن الــدواء ليــس لــه تأثــر‪.‬‬
‫جيــب علــى الباحــث أن يضــع فرضيــة قبــل بدايــة حبثــه‪ ،‬والفرضيــة هــي افـراض مبدئــي باإلمــكان اختبــاره‪ ،‬وتعــد تنبـ ًـؤا مبــا‬
‫تتوقــع أن تصــل إليــه مــن معلومــات جتريبيــة‪.‬‬
‫ويجب أن تستوفي الفرضية العلمية هذه الشروط‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون قابلة لالختبار‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون من املمكن إثبات خطئها‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تكون إجابةً حمتملةً لسؤ ٍال أو مالحظة ما‪.‬‬
‫‪ .4‬ميكــن تلخيصهــا يف مجلــة تبــدأ ب ـ (إذا‪ /‬لــو) وتنتهــي ب ـ (ســوف‪ /‬مث)‪ .‬كاآليت”‪ :‬إذا مت اســتخدام هــذا الــدواء‪،‬‬
‫ميكنــي أن أتوقــع أن نشــاط اخلاليــا ســيزيد “‪.‬‬
‫ومن املتوقع أن تُكتشف احللول اليت تصحح املشكلة املطروحة عن طريق اختبار الفرضية‪.‬‬
‫أبدا أي اكتشافات عظيمة إال بأفكار جريئة‪».‬‬
‫«مل حتدث ً‬
‫‪-‬إسحق نيوتن‬
‫اختبار الفرضية‪:‬‬
‫االختبــار هــو اخلطــوة الــي تلــي وضــع االفرتاضيــة‪ .‬ولتجنــب حــدوث التجربــة الــي مــرت باحملاضــر أثنــاء الدكتــوراه‪ ،‬ينبغــي‬
‫علــى الباحــث أن يــدرك أن البحــث هــو مســؤوليته الشــخصية باألســاس‪ ،‬وال بــد أن يُعــره كل اهتمامــه ط ـوال الوقــت‪،‬‬
‫ـادا كليًــا‪ .‬وعليــه كذلــك أن يراعــي‬ ‫فاح ـرام الباحــث ملشــرفه واتّباعــه لنصائحــه ال يعــي أن يعتمــد علــى املشــرف اعتمـ ً‬
‫األخالقيــات العلميــة وأن ميتلــك املهــارات واإلمكانيــات املاديــة الــي متكنــه مــن تنفيــذ التجربــة‪ .‬فقبــل تنفيــذ أي فكــرة‪،‬‬
‫ال بــد أن يســأل الباحــث نفســه جمموعــة مــن األســئلة‪ ،‬مثــل‪ :‬هــل ميكــن القيــام هبــا؟ وبعــد هــذه األســئلة يبــدأ الباحــث يف‬
‫اإلعــداد للتجربــة مــن خــال جتهيــز قائمــة باملـواد الــي ســيحتاجها خــال البحــث‪ ،‬تدويــن خطـوات التجربــة خطــوة خبطــوة‪،‬‬
‫ـرا تصميــم وبنــاء الطريــق‬
‫تســجيل البيانــات حبــرص مــن بدايــة التجربــة إىل هنايتهــا‪ ،‬حتديــد املتغـرات الــي ســيعمل عليهــا وأخـ ً‬
‫الــذي ســيتبعه خــال رحلتــه البحثيــة‪.‬‬
‫المعايير التي تُم ّكن الباحث من تقييم إمكانية قيامه بتلك التجربة من عدمها‪:‬‬
‫• الوقــت‪ :‬ال بــد أال تتجــاوز مــدة التجربــة وظهــور النتائــج فــرة دراســة الباحــث‪ ،‬فطالــب الدكتــوراه الــذي ســيقضي‬
‫فــرة دراســة حـوايل ثــاث ســنوات‪ ،‬ال يناســبه القيــام بتجربــة تصــل مدهتــا إىل مخــس ســنوات‪ ،‬وذلــك ينطبــق علــى‬

‫‪53‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫أيضــا‪ ،‬خاصــة يف الشــهور القليلــة األخــرة الــي يتوقــع الباحــث فيهــا احلصــول علــى نتائــج‪.‬‬
‫طالــب املاجســتري ً‬
‫• مراعــاة أخالقيــات البحــث العلمــي‪ :‬هــل التجربــة مناســبة أخالقيًــا أم ال‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬إجـراء دراســة علــى َمرضــى‪،‬‬
‫ـتلزم احلصــول علــى موافقتهــم علــى اخلضــوع لتلــك التجربــة‪ ،‬والتعامــل مــع احليوانــات لــه قواعــد ال بــد مــن اتباعهــا‪،‬‬
‫يَسـ ُ‬
‫ففــي إجنل ـرا مثـ ًـا‪ ،‬ال يُســمح للباحــث بالتعامــل مــع احليوانــات مــن قتــل أو تش ـريح إال بعــد حصولــه علــى دورة‬
‫تدريبيــة يليهــا اختبــار‪ ،‬إن اجتــازه يأخــذ رخصـةً تســمح لــه بالتعامــل مــع احليوانــات يف البحــث‪.‬‬
‫لمــا باملعرفــة الالزمــة مثــل اســتخدام األجهــزة املتوقَّــع أن يعمــل عليهــا‬
‫• المهــارات‪ :‬جيــب علــى الباحــث أن يكــون ُم ً‬
‫بالبحث‪.‬‬
‫• وجــود المصــادر الالزمــة فــي مــكان عمــل الباحــث‪ :‬مــن أجهــزة وأدوات وغريهــا‪ ،‬فهــل مجيــع االحتياجــات‬
‫متوفــرة يف اجلامعــة الــي يــدرس هبــا الباحــث أم أنــه حيتــاج للتعــاون مــع جامعــة أو جهــة أخــرى‪ ،‬فيجــب عندهــا التأكــد‬
‫مــن موافقــة اجلهــة األخــرى‪.‬‬
‫• قدرة الباحث نفسه على تنفيذ البحث‪.‬‬
‫• درجــة تعقيــد التقنيــات المســتخدمة‪ :‬هــل تتميــز بالســهولة والسالســة أم معقــدة مثــل تقنيــات التعديــات‬
‫الوراثيــة؟‬

‫شكل ‪ 4‬املعايري التي توضع يف االعتبار عند اختبار الفرضية‬

‫سادسا‪ :‬تحديد منهجية البحث والبدء في إجراء تجاربك‪:‬‬


‫ً‬
‫حتدد منهجية البحث اليت ستتبعها مث تبدأ يف عمل جتاربك الختبار الفرضية اليت وضعتها‪.‬‬
‫غالبًــا مــا تضــع تصميــم التجربــة يف شــكل منظــم ومنســق‪ ،‬ولكــن األمــر ينتهــي بــك غالبًــا إىل فوضــى عارمــة‪ ،‬وهــذا طبيعــي‬
‫جـ ًـدا ومنطقــي‪ ،‬وعندمــا تصــل إىل مرحلــة الفوضــى هــذه تأكــد أنــك تســر يف الطريــق الســليم‪ ،‬أمــا لــو كانــت خطواتــك‬
‫دائمــا فلــن تصــل إىل النتيجــة املرجـ ّـوة‪.‬‬
‫منظمــة ً‬
‫جديدا‪».‬‬
‫«إن البحث العلمي املنظم بشكل مبالغ فيه كفيل بأال ينتج شيئًا ً‬
‫‪-‬فرانك هربرت‬

‫‪54‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫جدا‪».‬‬
‫«إن اخلبري هو الشخص الذي فعل كل األخطاء املمكن فعلها يف جمال حمدود ً‬
‫‪-‬الفيزيائي نيلز بور‬
‫التحضير للتجربة‪:‬‬
‫حيتاج الباحث قبل قيامه بالتجربة إىل التحضري املسبَق هلا والتحضري يشتمل على‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ .1‬تحضير قائمة بالمواد واألدوات الالزمة للتجربة والتي تختلف من تخصص آلخر‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫• طالــب اهلندســة حيتــاج إىل برجميــات معينــة وتزويــد احلاســوب ب ــمعدات معينــة ليقــوم بتشــغيل تلــك الربامــج‪ .‬فليــس‬
‫مناســبا أن يفاجــأ الطالــب قبــل كل خطــوة بــأن هنــاك نقصــا يف أي مــن هــذه األدوات‪ ،‬ممــا يؤخــر التجربــة لفـ ٍ‬
‫ـرة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً ُ‬
‫أطــول‪.‬‬
‫• القيام بتجارب على حيوانات معينة يستلزم حتضري احليوانات مسب ًقا‪.‬‬
‫• توفّر الكيماويات الالزمة‪.‬‬
‫• توفّر األدوية املستخدمة‪.‬‬
‫مــن الضــروري جـ ًـدا حتضــر تلــك القائمــة قبــل البــدء بالعمــل‪ ،‬فعــدم جتهيــز احلاســوب باملعــدات الالزمــة لتشــغيل الربجميــات‬
‫املســتخدمة يعطــل ويؤخــر البحــث‪ ،‬ووجــود نقــص يف العقــار الــذي حيتــاج إليــه الباحــث يف جتربتــه قــد يعطــل البحــث‬
‫ـتخدمة‪ ،‬كذوباهنــا يف املــاء مــن عدمــه‪،‬‬
‫أيضــا‪ ،‬ال بــد مــن معرفــة خصائــص الكيماويــات املسـ َ‬ ‫ألســبوعني لطلبِــه واســتالمه‪ً .‬‬
‫ُ‬ ‫فمعرفــة املذيــب املناســب وطلبــه قــد يؤخــر البحــث لوقــت أطــول‪.‬‬
‫ال بــد أن تُســتثمر فــرة دراســة املاجســتري أو الدكتــوراه يف اجلــزء العملــي وأال تضيــع يف أشــياء ليــس هلــا عالقــة بالتجربــة‬
‫البحثيــة‪.‬‬
‫‪ .2‬تدوين تعليمات إجراء التجربة خطوة بخطوة‪:‬‬
‫بعــد حتضــر األدوات واملـواد الالزمــة‪ ،‬ال بــد مــن توافــر املعرفــة الكاملــة لــدى الباحــث للخطـوات الــي ســيتبعها يف البحــث‪،‬‬
‫فقــد يَنتُــج عــن إغفــال أي خطــوة صغــرة نتائــج غــر جيــدة أو ليســت مطابقــة للمتوقَّــع‪ .‬ولتجنــب ذلــك‪ ،‬يســتعني بعــض‬
‫الباحثــن بتصويــر كل خطــوة مــن التجربــة‪ ،‬باإلضافــة إىل كتابــة اخلط ـوات‪ ،‬وعمــل فيديوهــات مث حفظهــا علــى أجهــزة‬
‫الكمبيوتــر اخلاصــة هبــم‪ ،‬فتســجيل التفاصيــل الكاملــة ضــروري جـ ًـدا خاصــة يف املراحــل األوىل للبحــث‪.‬‬
‫‪ .3‬تسجيل البيانات والمالحظات والجداول‪:‬‬
‫ـت بعــد‬‫ـت بإضافــة الــدواء حمــل الدراســة إىل الش ـرائح الــي مت جتهيزهــا مســب ًقا ملعرفــة تأثريهــا علــى اخلاليــا‪ ،‬وقمـ ُ‬
‫مثـ ًـا‪ ،‬قُمـ َ‬
‫ذلــك بفحصهــا حتــت امليكروســكوب‪ .‬اخلطــوة التاليــة‪ ،‬هــي القيــام بتســجيل املالحظــات‪ ،‬فباإلضافــة إىل مــا يســجله‬
‫احلاســوب مــن بيانــات‪ ،‬جيــب علــى الباحــث أن يقــوم بتســجيل مالحظاتــه األخــرى مثــل تاريــخ القيــام بالتجربــة ورقــم‬
‫التجربــة‪ ،‬فبنهايــة فــرة الدراســة يكــون لــدى الطالــب حـوايل مائــة جتربــة‪ ،‬وقــد يصعــب الوصــول إىل نتائــج معينــة أو رســومات‬
‫وحفظهــا يف ملفــات بطريقــة ُمنظمــة مدونـًـا كل‬ ‫بيانيــة خاصــة بتجربـ ٍـة مــا إذا مل يكــن الطالــب قــد أحســن ترتيــب التجــارب ِ‬

‫‪55‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫جتربــة بتارخيهــا‪ .‬وتُعــد هــذه هــي أفضــل طــرق التســجيل‪.‬‬
‫وختتلــف طــرق تســجيل املالحظــات‪ ،‬فيمكــن اســتخدام أ ٍي مــن الربامــج اآلتيــة ‪ ،Word، Excel، Notepad‬أو‬
‫حصلــة واحــدة‪ ،‬وهــي ســهولة احلصــول علــى املالحظــات بطريقــة صحيحــة ويف وقــت‬
‫حــى تســجيلها يف ُكتيّــب‪ ،‬ولكــن امل ِّ‬
‫ُ‬ ‫أسرع‪.‬‬
‫هناك نوع آخر من املالحظات جيب تدوينه‪ ،‬وهي اليت ختتلف من جتربة إىل أخرى‪.‬‬
‫مثل‬
‫ً‬
‫• درجة حرارة املكان واليت ختتلف بالطبع من يوم آلخر‪ ،‬قد يكون هلا تأثري على صحة النتائج‪.‬‬
‫• حالــة اجلهــاز مثــل املايكروســكوب يف يــوم التجربــة إن كان ال يعمــل بكفــاءة‪ ،‬فهــذه مالحظــة تســتحق التدويــن‪،‬‬
‫ألهنــا ســتؤثر علــى النتائــج عنــد التحليــل‪.‬‬
‫لــذا ينبغــي أال يعتمــد الطالــب فقــط علــى ذاكرتــه‪ ،‬فالقيــام بأكثــر مــن جتربــة‪ ،‬مثـ ًـا مخــس جتــارب يوميًــا‪ ،‬مخــس م ـرات‬
‫أســبوعيًا ألكثــر مــن عامــن‪ ،‬ينتــج عنــه الكثــر مــن التفاصيــل الــي قــد تُفقــد نظـًـرا لتكـرار األحــداث يف تلــك الفــرة الطويلــة‪.‬‬
‫أ‌‪ -‬تحديد المتغيِّرات‪:‬‬
‫بعــد التحضــر للتجربــة وإعــداد كيفيــة تســجيل البيانــات‪ .‬ال بــد أن حيــدد الباحــث مــا املتغ ـرات الــي ســيقوم‬
‫مبالحظتهــا واختبارهــا وقياســها‪ .‬املتغـرات هــي أي عامــل لــه تأثــر علــى النتائــج النهائيــة للتجربــة‪ ،‬وتنقســم إىل ثالثــة‬
‫أن ـواع‪:‬‬
‫• المتغيرات المستقلة‪:‬‬
‫غيهــا الباحــث يف التجربــة‪ ،‬مثــل إضافــة دواء للخاليــا‪ ،‬فهنــا يكــون الــدواء هــو املتغــر املســتقل‬
‫هــي العوامــل الــي يُ ِّ‬
‫الــذي يُـراد معرفــة تأثــره علــى خاليــا املــخ املســتخدمة يف التجربــة‪.‬‬
‫ُ‬
‫• المتغيِّرات التابعة‪:‬‬
‫املتغــر الــذي يعتمــد علــى املتغــر املســتقل (كالــدواء مثـ ًـا)‪ .‬ففــي املثــال الســابق‪ ،‬املتغــر التابــع هــو نشــاط خاليــا‬
‫املــخ‪ ،‬الــذي خيتلــف ُمعتمـ ًـدا علــى متغــر الــدواء‪.‬‬
‫• متغيرات خاضعة للسيطرة‪:‬‬
‫هــي جمموعــة العوامــل األخــرى الــي قــد تؤثـّـر علــى النتائــج وينبغــي علــى الباحــث أن يســيطر عليهــا ليضمــن ثباهتــا‪،‬‬
‫حبيــث ال يكــون هلــا تأثــر علــى نتائــج التجربــة‪.‬‬
‫رجوعــا للمثــال الســابق لدراســة تأثــر الــدواء علــى نشــاط خاليــا املــخ‪ ،‬فــإن درجــة ح ـرارة مــكان التجربــة قــد تؤثــر‬
‫ً‬
‫بالســلب أو باإلجيــاب علــى نشــاط اخلاليــا كوهنــا كائنًــا حيًــا‪ .‬لــذا‪ ،‬ولكوهنــا عامـ ًـا مــن العوامــل الــي ميكــن التحكــم‬
‫فيهــا‪ ،‬جيــب علــى الباحــث أن حيافــظ علــى درجــة احلـرارة ثابتــة يف كل احلــاالت‪ ،‬ولتكــن مثــا درجــة حـرارة الغرفــة‬
‫‪ 24‬درجــة ســيليزية للتأكــد أن نشــاط اخلاليــا يتغــر نتيجــة إضافــة الــدواء وليــس لتغـ َـر درجــة احلـرارة‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫مثــال آخــر‪ :‬دراســة يف جمــال علــم النفــس تفــرض نظريــة أن مســتوى طــاب املرحلــة االبتدائيــة يف مصــر يف اللغــة‬
‫اإلجنليزيــة ضعيــف‪ .‬لــذا‪ ،‬ميكــن اعتبــار أن مســتوى الطــاب يف اللغــة هــو املتغــر املســتقل‪ ،‬بينمــا الطــاب أنفســهم‬
‫هــم املتغــر التابــع للمتغــر املســتقل‪ ،‬ويكــون املتغــر اخلاضــع للســيطرة هــو الظــروف الــي ُتيــط بالطــاب مثــل توحيــد‬
‫املرحلــة الدراســية‪ ،‬فــا ميكــن أن نقــارن يف هــذه الدراســة مســتوى طــاب باملرحلــة االبتدائيــة بآخريــن باملرحلــة‬
‫أيضــا ال بــد وأن يكــون الطــاب مــن نفــس املدرســة‪ ،‬فــا نقــارن بــن طــاب مدرســة حكوميــة‬ ‫اإلعداديــة أو الثانويــة‪ً ،‬‬
‫وأخــرى خاصــة أو لغــات‪ .‬فــا بــد مــن التحكــم بــكل العوامــل الــي مــن املمكــن أن يكــون هلــا أثـٌـر علــى النتائــج‪.‬‬
‫وهنــا تــرُز أمهيــة توحيــد معايــر الباحــث (‪ ،)Standardize your procedures‬وهــي توحيــد وتثبيــت‬
‫معايــر القيــاس يف البحــث‪ ،‬فالقيــام بتجربــة علــى أطفــال يف س ـ ٍن مــا‪ ،‬أو طــاب يف مرحلــة دراســية مــا‪ ،‬يعــي أن‬
‫يكــون كل الطــاب مــن نفــس الســن‪ ،‬أو مرحلــة الدراســة‪ .‬واألمــر ذاتُــه عنــد اســتخدام خاليــا أو أنســجة ال بــد أن‬
‫يكــون مصدرهــا نفــس احليـوان‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬تصميم أو بناء معالم الطريق الذي سيتَّبعه البحث‪:‬‬
‫اخلطــوة الرابعــة بعــد حتديــد املعايــر الــي ســيتلزم هبــا الباحــث‪ ،‬واالنتهــاء مــن التحضــر للتجربــة وحتديــد املتغـرات الــي ســيقوم‬
‫بقياســها‪ .‬يبــدأ يف تصميــم الطريــق الــذي ســيتبعه البحــث يف النهايــة‪ .‬هنــاك ثالثــة مبــادئ جيــب اتباعهــا عنــد تصميــم‬
‫التجربــة البحثيــة‪:‬‬
‫‪ .1‬العشوائية‪:‬‬
‫يف اختيار العيّنات‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫• عنــد القيــام بدراســة مــا علــى ســكان مدينــة معينــة‪ ،‬لــن يتمكــن الباحــث مــن إجـراء الدراســة علــى مجيــع الســكان‪،‬‬
‫فقــد يســتحيل ذلــك‪ ،‬لــذا ميكــن اختيــار عينــات مــن الســكان تكــون ُمثّلــة للمدينــة‪ .‬ويُشــرط لصحــة هــذا االختيــار‪،‬‬
‫أن يكــون علــى أســاس عشـوائي‪ ،‬حبيــث يكــون لــكل فــرد يف املدينــة نفــس الفرصــة ليكــون جــزءًا مــن الدراســة‪ .‬فــا‬
‫يتــم اختيــار ســكان حــي معــن فقــط أو جمموعــة اجلـران املعروفــن للباحــث‪ ،‬لكــن يتــم اختيــار عينــة عشـوائية غــر‬
‫متحيزة‪.‬‬
‫• الدراســة القائمــة علــى حيوانــات جتــارب ال بــد أن ختلــو مــن أي حتيُّــز‪ ،‬فــا ينبغــي اختيــار احليوانــات الــي بــدا عليهــا‬
‫حجما دون األخرى‪.‬‬ ‫الضعف دون احليوانات األخرى اليت بدت بصحة أفضل أو اختيار احليوانات األكرب ً‬
‫‪ .2‬السيطرة المحليّة‪:‬‬
‫هــي نفــس مبــدأ التحكــم يف املتغـرات اخلاضعــة للســيطرة الــذي مت شــرحه ســاب ًقا‪ ،‬والغــرض منــه تثبيــت مجيــع العوامــل الــي‬
‫ـارب يف النتائــج ووجــود أكثــر‬ ‫رجــات التجربــة‪ ،‬عــدا العامــل اخلاضــع لالختبــار؛ وذلــك لتجنــب أي تضـ ُ‬ ‫قــد تؤثــر علــى ُم َ‬
‫مــن متغــر يؤثــر علــى نتائــج الدراســة‪.‬‬
‫‪ .3‬التكرار‪:‬‬
‫بعــد قيــام الباحــث بالتجربــة للمــرة األوىل وحصولــه علــى النتائــج‪ ،‬مــن املتوقَّــع عنــد تك ـرار هــذه التجربــة أن حيصــل علــى‬
‫نتائــج مشــاهبة وإن مل حيــدث ذلــك فهنــاك خطــأ ال بــد مــن تداركــه‪ .‬فيجــب عنــد إعــادة التجربــة‪ ،‬احلصــول علــى نتائــج‬

‫‪57‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫متشــاهبة علــى األقــل عنــد إج ـراء التحليــل اإلحصائــي‪ ،‬وأن تُ ِ‬
‫عطــي النتائــج نفــس األرقــام أو أرقــام متقاربــة جـ ًـدا‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬جمع البيانات وتحليلها‪:‬‬
‫ً‬
‫دارســا للعلــوم‬
‫توصلــت إليهــا ووضعهــا يف ســياق حبثــك‪ ،‬حــى لــو كنــت ً‬
‫وهــي مرحلــة البــدء يف حتليــل األرقــام والبيانــات الــي ّ‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫«إن التجربة عبارة عن سؤال يطرحه العلم على الطبيعة‪ ،‬والقياس هو تسجيل إجابة الطبيعة عليه‪».‬‬
‫‪-‬الفيزيائي ماكس بالنك‬

‫قابل للقياس‪».‬‬
‫«عليك بقياس كل ما ميكن قياسه‪ ،‬واجعل ما ال ميكن قياسه ً‬
‫‪-‬جاليليو جاليلي‬
‫بعــد تكويــن الس ـؤال وتكويــن الفرضيــة واختبارهــا‪ ،‬نبــدأ يف اخلطــوة الرابعــة وهــي حتليــل البيانــات‪ .‬البيانــات هــي جمموعــة‬
‫املعلومــات الــي حيصــل عليهــا الباحــث مــن التجربــة‪.‬‬
‫عمليــة حتليــل البيانــات تلــي عمليــة جتميــع هــذه البيانــات واملـراد منهــا حتويــل النتائــج إىل شــكل أو منــط ُموثـَّـق مــن التغيــر‪،‬‬
‫الوصــول إليــه يتطلــب عمــل حتليــل إحصائــي‪ .‬فبالرجــوع إىلُ جتربــة تأثــر الــدواء علــى نشــاط اخلاليــا‪ ،‬يكــون املعيــار الــذي‬
‫صدر عنها‪ ،‬فلو أن عدد النبضات الصادرة‬ ‫على أساســه ميكن تقييم نشــاط اخلاليا‪ ،‬هو معدَّل النبضات العصبية اليت تَ ُ‬
‫عــن اخلاليــا قبــل إضافــة الــدواء هــو عشــر نبضــات يف الدقيقــة‪ ،‬ينخفــض معدهلــا إىل مخــس نبضات‪/‬الدقيقــة بعــد إضافــة‬
‫الــدواء‪ ،‬أو يــزداد إىل مخــس عشــرة نبضة‪/‬دقيقــة‪.‬‬
‫بعــد إج ـراء التجربــة وتكرارهــا لفــرة زمنيــة معينــة‪ ،‬يكــون لــدى الباحــث جمموعــة مــن النتائــج اخلاصــة بنشــاط اخلاليــا‬
‫قبــل إضافــة الــدواء وأثنــاء إضافــة الــدواء وبعــد إضافــة الــدواء‪ .‬ويقــوم الباحــث بتجميــع البيانــات وحتليلهــا بواســطة برامــج‬
‫إحصائيــة للحصــول علــى متوســط النتائــج‪ ،‬وإمجــايل تأثــر الــدواء علــى اخلاليــا‪ ،‬هــل زاد نشــاط اخلاليــا أم اخنفــض؟ أم زاد‬
‫أول مث اخنفــض بعدهــا؟ وهــل ميكــن بعــد ذلــك متثيلهــا بيانيًــا يف شــكل رســومات بيانيــة تُظ ِهــر بوضــوح تأثــر الــدواء؟‬
‫ً‬
‫• مثال‪ :‬تسجيل بيانات درجات احلرارة خالل السنة‪.‬‬
‫ـجلة يف أوقــات خمتلفــة مــن الســنة‪ .‬وهنــاك تذبــذب‬
‫متثــل النقــاط الزرقــاء‪ ،‬كمــا يظهــر يف الصــورة‪ ،‬البيانــات املختلفــة املسـ َّ‬
‫واختالف واضح يف البيانات بني صعود وهبوط يف نقاط خمتلفة‪ُ .‬بينما ميثل اخلط األمحر متوســط النتائج‪ ،‬وهو الشــكل‬
‫العــام للبيانــات‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫شكل ‪ 5‬متوسط درجات الحرارة خالل فرتة زمنية (‪)Source: scoop.it.com - Credit: M. Edward (Ed) Borasky‬‬

‫ورغــم أمهيــة خطــوة حتليــل النتائــج يف احلصــول علــى بيانــات واضحــة‪ ،‬إال أن النتائــج أحيانـًـا تــأيت مبــا ال يشــتهي الباحــث!‬
‫ـث جمموعـةٌ مــن األخطــاء املتنوعــة والــي تؤثــر علــى صحــة النتائــج النهائيــة‪.‬‬
‫فقــد يواجــه الباحـ َ‬
‫وتنقسم هذه األخطاء إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ .1‬أخطاء منهجيّة‪:‬‬
‫وهــي األخطــاء الثابتــة الــي تســر مــع الباحــث مبنهجيــة التجربــة‪ ،‬إذا مل يتــم اكتشــافها‪ ،‬مــن التجربــة األوىل وحــى‬
‫األخــرة‪ ،‬ومنــذ بدايــة الرحلــة البحثيــة وحــى هنايتهــا‪ .‬ويكــون الســبب وراء تلــك األخطــاء‪:‬‬
‫المستخ َدمة في التجربة‪.‬‬
‫أ‌‪ -‬وجود عيب في األجهزة أو األدوات ُ‬
‫مثال‪:‬‬
‫ـدل مــن صفــر‪ ،‬فيتســبب ذلــك يف وجــود خطــأ مصاحــب‬
‫• اســتخدام ترمومــر يبــدأ تدرجيــه ب ــدرجة ســيليزية واحــدة بـ ً‬
‫لــكل القياســات طـوال الوقــت‪.‬‬
‫للمعايـَـرة‪ ،‬والــي تُســتخدم بكثــرة يف معامــل الكيميــاء‪ ،‬يــؤدي لنفــس النــوع مــن‬
‫• وجــود خطــأ يف األجهــزة اخلاضعــة ُ‬
‫األخطــاء‪ .‬لذلــك ينبغــي علــى الباحــث أن يقــوم مبعايــرة األجهــزة بانتظــام للتأكــد مــن صحــة األجهــزة واألدوات‬
‫املســتخدمة يف جتاربــه باســتمرار‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬البيئة المحيطة‪:‬‬
‫هناك عامل ثابت له تأثري مثل ُجهد الكهرباء املستخدم الذي يؤثر على أداء اجلهاز يف التجربة‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ .2‬أخطاء في نظرية البحث‪:‬‬
‫كأن يتعامــل الباحــث مــع النظريــة ببســاطة شــديدة‪ .‬فمثـ ًـا يف دراســة خاصــة بدراســة مســتوى طلبــة اإلبتدائــي يف‬
‫مصــر يف اللغــة اإلجنليزيــة‪ ،‬كانــت الفرضيــة أن مســتوى طلبــة املرحلــة االبتدائيــة يف مصــر ضعيــف يف اللغــة اإلجنليزيــة‪،‬‬

‫‪59‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫فتــم اختيــار مدرســة مــا لتخضــع للتجربــة ويتــم احلصــول علــى النتائــج منهــا وحتليلهــا لتتبــن صحــة النظريــة وضعــف‬
‫الطلبــة‪.‬‬
‫وجيــب االنتبــاه هنــا إىل أنــه مت التعامــل مــع النظريــة بشـ ٍ‬
‫ـيء مــن الســطحية‪ ،‬فثَ ّمــة اعتبــارات كان ال بــد مــن أخذهــا يف‬
‫االعتبــار‪ ،‬مثــل‪ :‬هــل متــت مراعــاة اختــاف مســتوي طــاب مدرســة يف املدينــة عــن مدرســة يف القريــة؟ أو مســتوى‬
‫الطــاب يف منطقــة شــعبية عــن منطقــة أخــرى؟ هــل ســيختلف مســتوى الطــاب يف حمافظــة القاهــرة عــن أي حمافظــة‬
‫أخــرى مثــل مشــال أو جنــوب ســيناء؟‬
‫رغــم َت ُكــن الباحــث مــن احلصــول علــى نتائــج تبــدو صحيحــة‪ ،‬إال أنــه قــام بتعميــم النتائــج وتبســيطها‪ ،‬مــع عــدم‬
‫اعتبــار مجيــع االحتمــاالت الــي قــد تؤثــر علــى نتائــج التجربــة‪ .‬فيجــب مراعــاة الدقــة يف الفرضيــة مــن البدايــة‪.‬‬
‫مشكلة األخطاء املنهجية أنه إن مل يالحظ الباحث أن هناك خطأ يف التقنية أو يف معايرة األجهزة فمن السهل‬
‫حدوث اخلطأ الذي يصعب االنتباه إليه واكتشــافه‪.‬‬
‫‪ .3‬أخطاء عشوائية‪:‬‬
‫هــذا النــوع مــن األخطــاء ال يتصــف بالثبــات مثــل اخلطــأ الســابق‪ ،‬بــل حيــدث مــن وقــت آلخــر‪ ،‬ويرتبــط يف الغالــب‬
‫بظــروف التجربــة‪ .‬وهــو نوعــان‪:‬‬
‫أ‌‪ُ -‬متعلــق بالمراقـَبَــة‪ :‬كمــا يف مثــال معاجلــة اخلاليــا بالــدواء‪ ،‬لــو أن التجربــة عبــارة عــن إضافــة الــدواء للخاليــا ملــدة‬
‫عشــر دقائــق‪ ،‬ومتــت إضافــة الــدواء للخاليــا يف إحــدى التجــارب ملــدة تســع دقائــق وإحــدى عشــرة دقيقــة يف جتربــة‬
‫أخــرى‪ .‬وتَكتَشــف االختبــارات اإلحصائيــة هــذه األخطــاء العش ـوائية البســيطة‪ .‬حيــث تظهــر البيانــات يف صــورة‬
‫ـودا وهبوطًــا علــى حمــاور الرســم البيــاين‪ ،‬ولكــن مــن خــال الربامــج اإلحصائيــة الــي تقــوم حبســاب‬ ‫احننــاءات صعـ ً‬
‫املتوســط واالحنـراف املعيــاري‪ ،‬يتــم اكتشــاف تلــك األخطــاء‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬تَغيُّــر عشــوائي فــي البيئــة‪ :‬مثــل انقطــاع التيــار الكهربائــي‪ ،‬الــذي ينتــج عنــه اختــاف درجــة احلـرارة داخــل‬
‫ـتلزمات التجربــة‪ ،‬فتَغـ ّـر درجــة احلـرارة مــن ســبعني درجــة ســيليزية إىل أعلــى مــن ذلــك قــد‬
‫الثالجــة احملفــوظ هبــا ُمسـ َ‬
‫يكــون لــه تأثــر ســليب علــى التجربــة وهــذا قــد يؤثــر علــى دقــة النتائــج‪.‬‬
‫‪ .4‬أخطاء السهو‪:‬‬
‫ـهوا مــن الباحــث عنــد تدويــن النتائــج ونقلهــا‪ ،‬كنســيان رقــم مــن األرقــام‪ ،‬أو تبديــل رقــم‬
‫وهــي األخطــاء الــي تقــع سـ ً‬
‫ـدل مــن ‪ .10‬وكل مــا حيتــاج إليــه الباحــث لتفــادي هــذا النــوع مــن األخطــاء هــو‬ ‫مــكان اآلخــر‪ ،‬مثــل كتابــة ‪ 100‬بـ ً‬
‫املزيــد مــن الدقــة‪ ،‬كــي ال يذهــب جمهــوده هبــاءً‪.‬‬

‫‪60‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫شكل ‪ 6‬أنواع األخطاء التجريبية‬
‫ثامنًا‪ :‬تفسير البيانات وبناء االستنتاجات‪:‬‬
‫حدد ما إذا كانت فرضيتك مدعومة بالنتائج اليت حصلت عليها أم ال‪.‬‬
‫إذا كانــت نتيجــة التحليــل متوافقــة مــع النظريــة ينتقــل الباحــث إىل املرحلــة األخــرة‪ ،‬أمــا إذا كان هنــاك اختــاف‪ ،‬جيــب‬
‫علــى الباحــث الرجــوع مــرة أخــرى إىل التجربــة لتحســينها أو إج ـراء جتربــة إضافيــة للتأكــد مــن صحــة االفرتاضيــة‪.‬‬
‫«إن الفرضيــة ال ميكــن أبـ ًـدا إثبــات صحتهــا‪ ،‬فهنــاك احتماليــة دائمــة أن تثبــت األحبــاث املســتقبلية أهنــا‬
‫خاطئــة‪ .‬وهلــذا الســبب‪ ،‬فــإن الفشــل يف إثبــات خطــأ فرضيــة مــا ال يثبــت هــذه الفرضيــة‪ .‬بــل تظــل ُمعلقــة‬
‫حــى يثبــت خطؤهــا‪».‬‬
‫‪-‬الفيلسوف كارل بوبر‬
‫تاسعا‪ :‬مشاركة النتائج مع اآلخرين‪:‬‬
‫ً‬
‫التوصــل إليــه مــع اآلخريــن‪ .‬وخيتلــف األمــر‬
‫بعــد االنتهــاء مــن اخلط ـوات الســابقة‪ ،‬تــأيت مرحلــة مشــاركة النتائــج ومــا مت ُّ‬
‫يف مصــر عــن اخلــارج يف هــذه اخلطــوة فتــأيت تلــك اخلطــوة عنــد مناقشــة الرســالة أو عنــد النشــر‪ ،‬أمــا يف اخلــارج فهنــاك‬
‫اجتماعــات أســبوعية تقريبًــا‪ ،‬جتتمــع فيهــا اجملموعــات البحثيــة ويَعــرض كل باحــث أمــام اآلخريــن‪ ،‬مــا توصــل إليــه مــن نتائــج‬
‫وحت ّديــات التجــارب‪ ،‬فيتــم مناقشــة النتائــج ومــا واجــه الطالــب مــن صعوبــات للحصــول عليهــا‪ .‬وال ضــرر يف أن يناقــش‬
‫ـروف لــدى مــن حولــه أنــه يعمــل بتلــك النقطــة البحثيــة‪،‬‬
‫الباحــث مــا توصــل إليــه مــن نتائــج مــع اآلخريــن قبــل النشــر‪ ،‬فمعـ ٌ‬
‫ومعروف أنه قد توصل إىل نتائج ما‪ ،‬فال ميكن أن يسبقه أحد بنشرها‪ ،‬ولكن ميكن للباحث أن حيتاط يف حالة عرضه‬
‫للنتائــج الــي توصــل إليهــا أمــام جمموعــة حبثيــة أخــرى تعمــل علــى نفــس النقطــة حفاظًــا علــى أفــكاره‪ .‬فاهلــدف مــن مشــاركة‬
‫النتائــج مــع اآلخريــن هــو االســتفادة مــن اخلـرات الســابقة وجتــارب الباحثــن اآلخريــن عنــد مواجهــة أي حتـ ٍـد بالتجــارب‪.‬‬
‫ممــا ســبق‪ ،‬يتبــن لنــا أن هلــذا النــوع مــن املناقشــات فائــد ًة عظيمــة تعــود علــى الباحــث نفســه وعلــى حبثــه كذلــك‪ .‬منهــا‪،‬‬

‫‪61‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫تعزيــز الفكــرة وإمنائهــا وتقويتهــا‪ ،‬فعقــل الباحــث وفكــره وحــده رمبــا يغيــب عنــه تفاصيــل يدركهــا آخــرون‪ .‬فمــا يغيــب عنــك‬
‫فهمــه‪ ،‬أو جتهــل تفســره‪ ،‬أو يقــف أمــام حبثــك حجــر عثــرة‪ ،‬قــد يكــون معروفًــا لــدى طــاب آخريــن‪ ،‬أو باحثــن معــك‬
‫يف نفــس املــكان واجه ـوا األمــر ذاتــه مــن قبــل‪ .‬لــذا‪ ،‬فــإن أمهيــة هــذه النقطــة ال تقتصــر فقــط علــى مشــاركة النتائــج الــي‬
‫توصلــت إليهــا‪ ،‬وإمنــا متتــد لتشــمل حــل املشــكالت‪ ،‬وإزالــة العقبــات‪ ،‬بــل والوصــول إىل أفــكار جديــدة لدعــم البحــث‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫تكويــن فكــرة جديــدة يف حبــث آخــر‪ .‬وال تقتصــر تلــك اخلطـوات علــى األحبــاث يف العلــوم التطبيقيــة فحســب‪ ،‬بــل تســر‬
‫األحبــاث يف جمــاالت العلــوم اإلنســانية املختلفــة يف نفــس املضمــار‪ ،‬فتبــدأ بفرضيــة‪ ،‬يليهــا س ـؤال‪ ،‬يليــه نظريــة‪ ،‬مث اختبــار‬
‫النظريــة‪ ،‬والــذي يكــون يف صــورة اســتبيان مثـ ًـا يتــم توزيعــه علــى عناصــر الدراســة‪ ،‬وبنــاءً علــى نتائــج االســتبيان يكــون‬
‫حتليــل النتائــج‪ ،‬حــى يتــم الوصــول إىل ُملخــص البحــث الــذي قــد يدعــم النظريــة األوليــة أو حيتــاج إىل تعديــل‪ .‬فمــا ســبق‬
‫ـات ألســئلة يف جمــال العلــوم التطبيقيــة أو حلــول ملشــكالت‪ ،‬هــو نفســه‬ ‫ذكــره مــن خطـوات يف ســبيل احلصــول علــى إجابـ ٍ‬
‫الطريــق الــذي تســلكه الدراســات الــي تنتمــي إىل أي نــوع مــن العلــوم‪.‬‬

‫كيف أفكر عند كتابة مقترح بحثي؟‬


‫املقــرح البحثــي عبــارة عــن وثيقــة توضــح فيهــا فكرتــك البحثيــة وأهدافــك مــن البحــث والطــرق الــي ســتعمل عليهــا لتحقيــق‬
‫أيضــا تكاليــف حبثــك واجلــدول الزمــي الــذي ســتلتزم بــه وتتقــدم بــه إىل اجلهــة املاحنــة‬
‫هــذه األهــداف‪ .‬يتضمــن املقــرح ً‬
‫ليتمكنـوا مــن تقييــم فكرتــك وتقريــر هــل ســيمولون حبثــك أم ال‪.‬‬
‫ونتنــاول يف هــذا اجلــزء إرشــادات عامــة حــول كتابــة املقــرح البحثــي وبيــان دور املراجــع والكاتــب الواجــب أخذهــم يف‬
‫أيضــا نتطــرق إىل احلجــة البحثيــة وكيــف يســرد الكاتــب املــررات واألســباب الــي تدعمهــا‪،‬‬
‫االعتبــار أثنــاء الكتابــة واإلعــداد‪ً .‬‬
‫كيــف يتوقــع املشــاكل واالعرتاضــات ويســتعد ببدائــل وطــرق حلــل هــذه املشــكالت‪.‬‬

‫إرشادات حول كتابة مقترح أو تقرير بحثي‪:‬‬


‫الخوض في مجال البحث العلمي‪:‬‬
‫لــذا‪ ،‬يتطلــب اخلــوض يف جمــال البحــث العلمــي إىل ُمــول لألحبــاث ومــا حتتــاج إليــه‪ ،‬ويعــد إقنــاع هــذا املمــول مــن أهــم‬
‫األمــور يف البحــث العلمــي‪.‬‬
‫هل تحتاج إلى دعم مادي؟‬
‫حبثي‪ ،‬مث انشر‪ ،‬وإال فاهلالك!‬
‫إ ًذا‪ ،‬اطلب‪ ،‬وتقدم مبقرتح ّ‬
‫وقــد تناولــت إحــدى حماضـرات علمــاء مصــر املتاحــة عــر اإلنرتنــت العــروض التقدمييــة‪ ،‬لــذا ســيكون اهتمامنــا اآلن ُمنصبًــا‬
‫علــى املقــرح البحثــي‪.‬‬

‫المقترح البحثي‪:‬‬
‫وتوضــح فيــه مــا ســتفعله‪ ،‬والتكلفــة‪ ،‬واملــدة الزمنيــة الالزمــة إلمتــام البحــث‪ ،‬وهــذا يعتــر مبثابــة عقــد بينــك وبــن اجلهــة‬
‫املمولــة‪.‬‬

‫‪62‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫وتتابــع هــذه اجلهــة خمرجــات عملــك‪ ،‬ومــدى التزامــك مبــا طرحتــه مســب ًقا يف مقرتحــك البحثــي‪ ،‬ويف حالــة انتهــاء التمويــل‬
‫يدعمــك بتمويــل آخــر‪ .‬لكــن إذا خرجــت عــن االتفــاق املســبق‪ ،‬يتغــر أســلوب التعامــل معــك!‬
‫ُ‬
‫ويكــون دور هــذا االتفــاق ضمــان عــدم حــدوث أي لَبــس أو مشــاكل ألي مــن الطرفــن الح ًقــا‪ ،‬ويتــم مــن خــال تقــدمي‬
‫املقــرح البحثــي مــن قِبــل الباحــث‪ ،‬مث تقبلــه اجلهــة الراعيــة‪ ،‬وتصــدر خطــاب تفويــض إلجـراء الدراســة‪.‬‬
‫هيكل المقترح البحثي‪:‬‬
‫‪ .1‬عنوان البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬اخللفية العلمية للدراسة‪.‬‬
‫أ‌‪ -‬بيان املشكلة البحثية‪:‬‬
‫‪ .1‬غرض الدراسة‪.‬‬
‫‪ .2‬أسئلة البحث‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬جمال الدراسة‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬الصلة يف الدراسة‪.‬‬
‫‪ .3‬تصميم البحث‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬نوع الدراسة‪ ،‬هل هي استكشافية أم وصفية؟‬
‫ب‌‪ -‬طرق مجع البيانات‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬نظام أخذ العينات‪.‬‬
‫ث‌‪ -‬حتليل البيانات‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلطار الزمين للدراسة‪.‬‬
‫‪ .5‬التكاليف‪.‬‬
‫‪ .6‬املراجع‪.‬‬
‫انشر بحثك‪:‬‬
‫سهل‪ ،‬وكلما أردت أن تنشر يف جملة ذات مستوى أعلى‪ ،‬زادت الصعوبة‪.‬‬
‫الطريق للنشر ليس ً‬
‫وميــر الباحــث مبراحــل خمتلفــة قبــل النشــر‪ ،‬ففــي البدايــة تتكــون لديــك فكــرة‪ ،‬مث جتمــع املعلومــات‪ ،‬مث تكتــب املســودة‪ ،‬وبعــد‬
‫ذلــك تقدمهــا للمجلــة العلميــة‪ ،‬ويف النهايــة يتــم نشــرها‪ .‬ومــع ختطيــك لــكل مرحلــة مــن هــذه املراحــل ســتزداد القيمــة املهنيــة‬
‫لديك‪ ،‬كما ســيزداد رضاك الشــخصي‪.‬‬
‫يوضح الرسم البياين التايل بني اخلطني كل ما سيواجهك من إحباط يف فرتة البحث‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫شكل ‪ 7‬مراحل النرش وما يصاحبها من إحباط (‪)Source: patheos.com – Copyright to Bradley Wright‬‬
‫وإليك بعض المالحظات التي يجب عليك االنتباه إليها عند كتابة تقريرك البحثي‪:‬‬
‫دور المراجع‪:‬‬
‫• ضع أمهيةً كبرية للمراجع الذي سيقرأ رسالتك‪ ،‬فبحثك لن تكون له قيمة إال إذا قُرئ‪.‬‬
‫• ضــع وجهــة نظــر املراجــع يف حســابك‪ ،‬كأن تفكــر فيمــا ســرد يف ذهــن املراجــع عنــد قـراءة مــا كتبــت؛ حيــث تُعتــر‬
‫عمليــة كتابــة تقريــرك البحثــي كتابــة ألفــكارك علــى الــورق‪.‬‬
‫• ختيل أن املراجعني يف حوار صامت معك أثناء قراءهتم لتقريرك البحثي‪.‬‬
‫للمر ِاجــع حبثــك‪ ،‬وهــو حيــدد‬
‫• اعلــم أن املراجعــن ســيحكمون عليــك مــن خــال قراءهتــم ألعمالــك‪ ،‬فأنــت تقــدم ُ‬
‫مــا إذا كان حبثــك مقبـ ًـول أو حيتــاج إىل تعديــل أشــياء فيــه‪.‬‬
‫وخصوصا ما يعرفونه‪ ،‬وما هم يف حاجة إىل معرفته‪.‬‬
‫ً‬ ‫• كن ذا نظرة ُمسبقة عن مراجعيك‪،‬‬
‫دور الكاتب‪:‬‬
‫• ضــع يف اعتبــارك أن مــن يراجــع تقريــرك البحثــي جيــب أن جيــد لديــك مــا يشــجعه علــى االهتمــام بــه‪ ،‬فهــو يفعــل‬
‫ذلــك يف الغالــب دون مقابــل‪ ،‬وغالبًــا مــا يراجعــه بامتعــاض‪.‬‬
‫• عليك أن تقدم شيئًا مما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تتوصل إىل شيء ملفت لالنتباه‪.‬‬
‫للمر ِاجع‪.‬‬
‫حل ملشكلة عملية هامة ُ‬
‫‪ .2‬أن جتد ً‬
‫‪ .3‬أن تتوصل إىل إجابة على أسئلة حيوية يهتم هبا‪.‬‬
‫جديدا‪.‬‬
‫للمراجع أن عملك ذو قيمة‪ ،‬وسيضيف ً‬
‫‪ .4‬أن توضح ُ‬

‫‪64‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫الحجة البحثية‪:‬‬
‫ُ‬
‫«حجــة» أو»نقــاش» فــإن مــا يتبــادر إىل الذهــن هــو تبــادل اآلراء والــذي غالبًــا مــا يُفضــي إىل النـزاع‬
‫عنــد مساعنــا لكلمــة ُ‬
‫ـليما يف حياتنــا العاديــة‪ ،‬لكــن احلجــة يف جمــال البحــث العلمــي ليســت هبــذه الصــورة‪،‬‬ ‫واخلــاف‪ ،‬ويعتــر هــذا املعــى سـ ً‬
‫ـادل لــآراء‪ ،‬بــل هــي ســعيك إلبـراز احلقائــق واالعتقــادات الــي تُعــن علــى إجيــاد أفضــل اإلجابــات عــن األســئلة‬ ‫فليســت تبـ ً‬
‫احليويــة‪ .‬فاحلجــة تتكــون مــن عبــارات هلــا هيــكل تنظيمــي معــن ختــر مــن خالهلــا املراجعــن بــأن حبثــك ذو أمهيــة‪ ،‬وتقنعهــم‬
‫باألســس الــي بُنيــت عليهــا نتائجــك‪.‬‬
‫باختصار‪ ،‬تعترب احلجة هي إجابتك على السؤال التايل‪ :‬ما الذي جيعلين كقارئ أن أصدق ما كتبت؟‬
‫عليــك أن تتوقــع أن مــن ســيقرأ مــا تكتبــه سيتســاءل عــن كل جزئيـ ٍـة يف حبثــك‪ ،‬ليــس هبــدف اإلفشــال أو اإلقصــاء‪ ،‬بــل‬
‫هبــدف الوصــول إىل احلقيقــة وفهمهــا جيـ ًـدا‪ ،‬وعــادة العلمــاء التدقيــق يف الصغــرة والكبــرة‪.‬‬
‫لماذا تحتاج إلى حجة بحثية قوية؟‬
‫ٍ‬
‫شديدة حتتاج إىل إقناع الناس مبا تعمل‪ ،‬وذلك من خالل أدلة تدعم ما تقوم به‪.‬‬ ‫• ألنك ببساطة‬
‫توصلــت إىل إجابــة مبدئيــة لكــن منطقيــة لإلجابــة عــن س ـؤالك البحثــي‪ ،‬ودورك اآلن هــو كيفيــة إقنــاع‬
‫• ألنــك ّ‬
‫القــارئ بصحتهــا‪.‬‬
‫جيــب أن تكــون لديــك قائمــة باملــررات الــي تدعــم اعتقــادك‪ ،‬وأدلــة تدعــم هــذه املــررات‪ ،‬وتكــون عنــدك درايــة باألســئلة‬
‫واالعرتاضــات الــي قــد تثــور‪.‬‬
‫ماذا نعني بالحجة البحثية؟‬
‫ـادا‪ ،‬وتدعمــه مبــررات مبنيــة علــى أدلــة‪ ،‬وتذكــر وجهــات النظــر األخــرى وتناقشــها‪ ،‬ويف بعــض‬
‫يف التقريــر البحثــي تضــع اعتقـ ً‬
‫األحيان توضح األســس اليت بَنيت عليها اســتداللك‪.‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬عليك أن تسأل نفسك هذه األسئلة‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬ما هو االعتقاد الذي تسعى إلثباته؟‬
‫ب‌‪ -‬ما املربرات اليت تدعم هذا االعتقاد؟‬
‫ت‌‪ -‬ما أدلتك اليت تدعم هذه املربرات؟‬
‫هل ذكرت األطروحات البديلة وجوانب القصور واالعرتاضات؟‬ ‫ث‌‪ -‬‬
‫ج‌‪ -‬ما هو األساس الذي بنيت عليه ارتباط املربرات باالعتقاد؟‬

‫‪65‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫شكل ‪ 8‬هيكل الخطة البحثية‬
‫مدعومــا باألدلــة‪ ،‬عليــك أن توضــح أنــك مســتعد ملواجهــة كافــة االعرتاضــات واألســئلة والبدائــل‬
‫ً‬ ‫فحــى إذا كان اعتقــادك‬
‫املطروحــة خبصــوص البحــث‪.‬‬
‫المقترح البحثي‪:‬‬
‫االعتقاد الذي تسعى إلثباته في ُ‬
‫االعتقاد هو إجابة عن السؤال البحثي‪.‬‬
‫ويتميز االعتقاد القوي بأنه‪:‬‬
‫‪ .1‬حمــدد‪ :‬حيــث جيــب أن يُعــرض بلغــة خمتصــرة حمــددة‪ ،‬ومبنطــق واضــح ال لَبــس فيــه (االعتقــاد املبهــم = حجــة‬
‫مبهمــة)‬
‫‪ .2‬ذو أمهيــة‪ :‬وســيحكم مجهــور القـراء علــى مــدى أمهيــة اعتقــادك بقيــاس الدرجــة الــي جتعلهــم يغــرون مــا يعتقدونــه‬
‫بالفعــل‪ .‬وكلمــا ظهــر للنــاس أنــك تفكــر بشــكل خمتلــف خبصــوص هــذه النقطــة‪ ،‬ازدادت أمهيــة مــا كتبتــه‪.‬‬
‫وقــد يدفــع اعتقــادك اجلمهــور إىل تقبــل معلومــات جديــدة حــول موضــوع متــت دراســته بالفعــل‪ ،‬بــل قــد يدفــع أوســاط‬
‫البحــث العلمــي إىل أن يغــروا إحــدى املعتقــدات الراســخة يف األذهــان‪ ،‬ويف هــذه احلالــة تأكــد أن هــذا االعتقــاد ســتزداد‬
‫فــرص معارضتــه‪.‬‬
‫المبررات واألدلة التي تدعم هذا االعتقاد‪:‬‬
‫• ال يُقبــل شـ ٌـيء يف البحــث العلمــي إال باألدلــة الــي تدعمــه‪ ،‬علــى عكــس حواراتنــا الدارجــة حيــث غالبًــا مــا نقبــل‬
‫االعتقــاد املطــروح إذا صاحبتــه مربراتــه‪ ،‬وال نســأل عــن األدلــة الــي تدعــم هــذا االعتقــاد‪.‬‬
‫• الدليــل املوثــوق بــه هــو الدليــل الــذي يســتطيع مجهــور الق ـراء أن يقبلــوه كإثبــات دامــغ كمــا تبينــه النتائــج الــي‬
‫توصلــت إليــه (وغالبًــا مــا يكــون بيانــات أو صــور كميــة)‪.‬‬
‫ّ‬
‫• رفض الدليل يستلزم رفض احلجة بأكملها‪.‬‬
‫• املربرات توضح ملاذا تعتقد أن على مجهور قرائك أن يقبلوا اعتقادك؟‬

‫‪66‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫ومدونــة بدقــة عاليــة‬
‫• مجهــور الق ـراء ســيبحث عــن كل الثغ ـرات يف أدلتــك‪ ،‬هلــذا جيــب أن تكــون أدلتــك كافيــة‪ّ ،‬‬
‫قــدر اإلمــكان‪.‬‬
‫«حنن ال نثق إال باهلل‪ ،‬أما من سواه فعليهم اإلتيان بالدليل‪».‬‬
‫‪-‬إدوارد دمنج‪ ،‬عامل اإلحصاء األمريكي‬
‫كيفية التعامل مع جمهور القراء أثناء الكتابة‪:‬‬
‫أثنــاء الكتابــة عليــك أن تضــع يف اعتبــارك اجلمهــور الــذي ســيقرأ عملــك‪ .‬لكــن إذا اقتصــرت فقــط علــى االعتقــادات‬
‫واألســباب واألدلــة ســيعتقد القــارئ أن حجتــك البحثيــة ضعيفــة وهبــا قصــور‪ ،‬وذلــك ألن لــكل قــارئ خرباتــه اخلاصــة‪،‬‬
‫وطريقــة تفكــر خمتلفــة عنــك‪ ،‬وقــد تتبــادر إىل أذهاهنــم أســئلة مل تكــن تنتبــه هلــا‪ ،‬فعليــك أن تضــع ذلــك يف احلســبان قبــل‬
‫إرســال احلجــة البحثيــة‪ ،‬حــى تكــون منطقيــة‪.‬‬
‫ومبــا أن مجهــور القـراء ليسـوا جالســن جبـوارك بينمــا تكتــب مســودة حجتــك‪ ،‬فعليــك أن تتخيــل وجودهــم وهــم يطرحــون‬
‫األســئلة‪.‬‬
‫وعندما تتجاوب مع مثل هذه األسئلة واالعرتاضات التخيلية‪ ،‬ستصبح حجتك أقرب للواقع‪.‬‬
‫االعتراف بالبدائل والتعامل معها‪:‬‬
‫إن اجلمهــور عميــق التفكــر لــن يقبــل اعتقــادك جملــرد دعمــه باملــررات واألدلــة‪ ،‬فهــم سيشــككون يف كل جزئيــة مــن‬
‫حجتــك‪.‬‬
‫وقــد يرفــض القــارئ اعتقــادك ألن مربراتــك ليــس هلــا صلــة هبــذا االعتقــاد وال تدعمــه‪ ،‬بــل قــد خيــرج باعتقــادات بديلــة مل‬
‫تضعهــا يف احلســبان‪.‬‬
‫تقديرا هلا وجتاوبًا معها‪.‬‬
‫فعليك أن تستشرف مثل هذه النوعية من التساؤالت قدر اإلمكان‪ ،‬وتبدي ً‬
‫سيتساءل جمهورك حول‪:‬‬
‫‪ .1‬مــدى صحــة حجتــك مــن خــال احلكــم علــى درجــة وضــوح اعتقــادك‪ ،‬ودرجــة ارتبــاط املــررات بــه‪ ،‬وقــوة‬
‫أدلتــك‪.‬‬
‫‪ .2‬البدائل املتاحة‪ ،‬كالطرق املختلفة اليت تناولت نفس املشكلة‪ ،‬أو أدلة مل تذكرها‪ ،‬أو استنتاجات خمتلفة‪.‬‬
‫االعتراضات والتعامل معها‪:‬‬
‫جيدا‪ ،‬وتؤمن هبا إىل حد بعيد‪.‬‬
‫• أنت تفهم حجتك ً‬
‫• اقرأ احلجة كأنك شخص آخر‪ ،‬وال تتحيز‪.‬‬
‫• عزز مصداقيتك باالعرتاف بكل نقاط الضعف يف حجتك وتعارضها مع أي دراسات منشورة مسب ًقا‪.‬‬
‫• اعرتف باألسئلة اليت مل تستطع اإلجابة عنها‪ ،‬ألن حبثك ‪-‬كما ذكرنا ساب ًقا‪ -‬لن جييب على كل األسئلة‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫حول نقاط الضعف والقصور إىل فرضيات ختتربها يف املستقبل‪.‬‬
‫• ّ‬
‫• ال تتساهل مع نفسك‪ ،‬فإن مجهورك لن يفعل‪.‬‬
‫كبريا من املر ِاجع‪.‬‬
‫صرح بذلك يف احلجة‪ ،‬وستلقى احرت ًاما ً‬
‫متاما‪ّ ،‬‬
‫أكيدا منه ً‬
‫دليل لست ً‬
‫• لو أن هناك ً‬
‫• ال تتجاهل نقاط الضعف والبدائل‪ ،‬على أمل أن الناس لن تنتبه هلا‪.‬‬
‫• ليس عيبًا أن تعرتف باحلاجة إىل أحباث أكثر «أحباث أكثر ستبني‪« .....‬‬
‫ال يوجد عمل كامل!‬
‫دائمــا‬
‫ـتحيل‪ ،‬فاحلقيقــة ً‬
‫احلصــول علــى دليــل دامــغ جبــودة عاليــة لرتســيخ قضيــة مــا أمـ ٌـر نــادر احلــدوث إن مل يكــن مسـ ً‬
‫معقــدة‪ ،‬ويف بعــض األحيــان غامضــة وخادعــة‪.‬‬
‫ســيحرتمك القـراء وحيرتمــون حجتــك عندمــا تقـ ّدر اعرتاضاهتــم‪ ،‬وسيســاعد تفاعلــك مــع القـراء حــى ولــو كان طفي ًفــا يف‬
‫قبــول اعتقــادك حــى ولــو مل يكــن كامـ ًـا‪.‬‬
‫معظم األسئلة متوقعة!‬
‫• ملاذا حددت هذه املشكلة هبذه الطريقة؟ هل تعتقد أن هناك مشكلة من األساس؟‬
‫• مــا هــي نوعيــة احللــول الــي تقرتحهــا؟ هــل يف اإلمــكان تطبيقهــا؟ هــل ســتكون تكلفــة تطبيــق حلــك أقــل مــن‬
‫تكلفــة املشــكلة نفســها؟ هــل ســتخلق مشــكلة أكــر‪ -‬أكثــر منهــا حـ ًـا‪ -‬للمشــكلة القائمــة؟ وملــاذا تــرى أن‬
‫حلولــك أفضــل مــن احللــول األخــرى؟‬
‫عبت عن اعتقادك بوضوح وبشكل حمدد حبيث تستطيع التفكري يف التوقعات وأوجه القصور؟‬
‫• هل ّ‬
‫• هل أدلتك كافية؟ فأنا يف حاجة إىل االطالع على بيانات وجتارب أكثر‪( .‬يعترب هذا أشهر االعرتاضات)‬
‫• هل أدلتك دقيقة؟ هل أرقامك منطقية؟‬
‫أرقاما حمددة‪ ..‬موادك وأدواتك ليست حديثة‪.‬‬
‫• هذا الدليل ليس دقي ًقا‪ ،‬فماذا تعين بكلمة “كثري»؟ أعطين ً‬
‫اطمئن! فاحلق يسود يف النهاية طاملا أن ما تقدمه منطقي‪ ،‬وبذلك سيُقبل حبثك للنشر‪.‬‬
‫«إن العلم أسلوب تفكري أكثر منه معرفة‪».‬‬
‫‪-‬كارل ساجان‪ ،‬عامل الفلك‬
‫نوجــه طريقــة التفكــر هــذه حنــو البحــث العلمــي فقــط‪ ،‬بــل هنــاك أمــور‬
‫مــا نتمــى أن خنلــص بــه مــن هــذا الفصــل‪ ،‬هــو أال ّ‬
‫كثــرة يف حياتنــا نســتطيع أن نطبــق عليهــا هــذه القواعــد بعيـ ًـدا عــن املختـرات واألحبــاث‪.‬‬
‫نســتطيع أن نقــول إن الطريقــة العلميــة هــي أســلوب حيــاة‪ ،‬فقــد تغــر أشــياء كثــرة يف حياتــك‪ ،‬وعندمــا تتناقــش مــع مــن‬
‫حولــك يف موضــوع مــا‪ ،‬ضــع يف ذهنــك هــذه املبــادئ‪ ،‬فالطريقــة العلميــة تســتطيع تطبيقهــا يف املختــر أو العمــل أو البيــت‬
‫جائعــا‪ ،‬ابــق جاهـ ًـا»‬
‫أو أي شــيء‪ .‬يف النهايــة‪ ،‬يقــول ســتيف جوبــز «ابــق ً‬

‫‪68‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫تمارين على الفصل الثاني‬
‫األسئلة المقالية‪:‬‬
‫‪ .1‬كيــف تُعـ ّـرف البحــث العلمــي؟ وهــل اطلعــت علــى تعريفــات للبحــث العلمــى؟ ومــا هــو مــدى اقتناعــك‬
‫بهــا؟ (يهــدف السـؤال للوصــول إىل صــورِة واضحـ ِـة عــن ماهيــة البحــث العلمــي ممــا يســاعد علــى حتديــد أهدافــك‬
‫بصــورة صحيحــة)‬
‫‪ .2‬ما هي السمات األساسية للبحث العلمي؟‬
‫‪« .3‬البحث العلمي في تطور سري ِع ودائم»‪ ،‬هل تؤيد أم تعارض تلك العبارة؟ ولماذا؟‬
‫(اهلدف أن تُؤكد أو تَنفي حقيقة ما بأسلوب علمي)‬
‫‪ « .4‬أنــا أؤمــن باالبتــكار‪ ،‬وبــأن الطريــق لتحقيقــه يكــون مــن خــال تمويــل األبحــاث وتعلــم الحقائــق‬
‫األساســية»‪ ،‬بيــل جيتــس‪.‬‬
‫مستخدما أحد األمثلة‪.‬‬
‫ً‬ ‫• ناقش تلك العبارة‬
‫للفهم العميق لتلك العبارة وتطبيقها ىف حياتك البحثية)‬
‫(هذا السؤال يدعوك َ‬
‫‪ .5‬في كثي ٍر من األحيان نحتاج ألن نقوم ٍ‬
‫بعرض أدبي للمشكلة البحثية‪ ،‬لماذا؟‬
‫(إجابة السؤال تعزز فهمك ألمهية العرض األديب للمشكلة البحثية)‬
‫‪« .6‬تُمثّــل أهميــة االســتنتاج البحثــي نفــس أهميــة االفتراضيــة البحثيــة أو الســؤال البحثــي»‪ ،‬هــل تؤيــد أم‬
‫تعــارض هــذه العبــارة؟ ولمــاذا؟‬
‫(أثناء حبثك عن إجابة السؤال ستعرف أمهية االستنتاج العلمي بطر ٍ‬
‫يقة وافية)‬
‫‪ .7‬ما هي األجزاء األساسية للمقترح البحثي؟‬

‫األسئلة االختيارية‪:‬‬
‫‪ -1‬يهتم فرع البحث العلمي األساسي بـ‬
‫‪ o‬مشكلة أولية‬
‫‪ o‬مشكلة ليس هلا تطبيقات حمددة‬
‫‪ o‬بداية مشكلة حبثية‬
‫‪ -2‬خاصية «القابلية إلعادة اإلنتاج» أثناء البحث العلمي هى أن‬

‫‪69‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫‪ o‬تعيد بعض التجارب من حبث منشور لتتأكد من صحته‬
‫‪ o‬تعيد عملك البحثي لتثبت صحته‬
‫‪ o‬تتأكد من فاعلية حبثك‬
‫‪ o‬مجيع ماسبق‬
‫بناء على ما تم سرده بالفصل الثاني‪ ،‬عدد الباحثين لكل مليون نسمة فى تونس‬
‫‪ً -3‬‬
‫‪400-300 o‬‬
‫‪2000-1000 o‬‬
‫‪7000-6000 o‬‬
‫‪ -4‬يجب أن يبنى استنتاجك البحثي على‬
‫‪ o‬معطيات موضوعية‬
‫‪ o‬معطيات غري موضوعية‬
‫‪ o‬معطيات شخصية‬
‫‪ -5‬أثناء قراءة ورقة بحثية ينبغي لك أن‬
‫‪ o‬تقتنع بكل ما توصلت إليه الورقة من استنتاجات‬
‫‪ o‬توافق على االدعاءات املذكورة إذا كانت الورقة منشورة يف جملة علمية جيدة‬
‫‪ o‬تنظر إىل مواطن الضعف يف الورقة‬
‫‪ -6‬السرقة العلمية هي‬
‫‪ o‬سرقة الشخص لبحث شخص آخر ونَسبِه إليه‬
‫‪ o‬استخدام كلمات أو أفكار شخص آخر دون اإلشارة إليه‬
‫‪ o‬كتابة البحث بدون ذكر مراجع‬
‫‪ o‬مجيع ماسبق‬
‫‪ -7‬إذا اكتشف الباحث أنه قام بسرقة أدبية ٍ‬
‫لورقة بحثية ما‪ ،‬يجب عليه أن‬
‫‪ o‬يتجاهل ذلك األمر حىت ينشر ورقته البحثية مث يعلن ذلك‬
‫‪ o‬يعيد كتابة ورقته البحثية‬
‫‪ o‬يشري إىل املؤلف األصلي دون إعادة كتابة الورقة البحثية‬

‫‪70‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫‪ -8‬دورك كمؤلف للورقة البحثية أن‬
‫‪ o‬تكتب ورقة حبثية مركزة وكاملة التفاصيل‬
‫‪ o‬جتذب القارئ إىل ورقتك‬
‫جيدا يف كتابتها‬
‫‪ o‬تستخدم أسلوبًا ً‬
‫‪ -9‬أعد ترتيب الخطوات اآلتية لمعالجة أي مشكلة بحثية‬
‫‪ o‬املشكلة العملية‪ ،‬السؤال البحثي‪ ،‬املشكلة البحثية‪ ،‬اإلجابة البحثية‬
‫‪ o‬السؤال البحثي‪ ،‬املشكلة البحثية‪ ،‬املشكلة العملية‪ ،‬اإلجابة البحثية‬
‫‪ o‬السؤال البحثي‪ ،‬املشكلة العملية‪ ،‬املشكلة البحثية‪ ،‬اإلجابة البحثية‬

‫‪71‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثاين‬


‫الفصل الثالث‬

‫‪3‬‬
‫بين الباحث ومهنة البحث العلمي‬

‫يتكــون البحــث العلمــي مــن أربعــة أشــياء‪ :‬العقــول التــي نفكــر بهــا‪ ،‬والعيــون التــي نالحــظ‬
‫بهــا‪ ،‬واألدوات التــي نقيــس بهــا‪ ،‬وراب ًعــا املــال‪.‬‬
‫‪-‬ألربت زنت جيورجي ‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫بين الباحث ومهنة البحث العلمي‬

‫بَ ِاد َ‬
‫ئ ذي بَ ْدء‪« :‬البحث العلمي ليس جمرد مهنة‪ ،‬البحث العلمي أسلوب حياة‪».‬‬

‫والسـؤال هــو إىل أي مــدى تتفــق مــع هــذه املقولــة؟ أيًــا كانــت إجابتــك‪ ،‬فإننــا ســنُحلِّ ُق كثـ ً‬
‫ـرا حــول هــذه املقولــة‪ ،‬مناقشــن‬
‫إياهــا بالتفصيــل يف هــذا الفصــل‪.‬‬
‫وسنتناول ما يلي‪:‬‬
‫• طالب املرحلة اجلامعية وكيف ميكنهم البدءُ ‪-‬اآلن‪ -‬بالبحث العلمي قبل التخرج‪.‬‬
‫• اهلــدف مــن الدراســة مــا بعــد اجلامعيــة‪ :‬أغلــب الدراســات البحثيّــة تكــون بعــد االنتهــاء مــن مرحلــة الدراســة‬
‫ـول مبنيـ ٍـة علــى حبـ ٍ‬
‫ـث علمـ ٍّـي ملشــاكل تواجــه اجملتمــع‪.‬‬ ‫اجلامعيــة‪ ،‬وختتــص بإجيــاد حلـ ٍ‬
‫ومتطلباهتا‪.‬‬ ‫• معرفة مهنة البحث العلمي ُ‬
‫• احلياة داخل املعمل وأمهية استخدام الطرق العلمية يف إجراء التجارب املطلوبة‪.‬‬
‫• العلماء‪ ،‬واعتبارهم مسئولني عن حل املشاكل اليت تواجه العامل‪.‬‬
‫علمي‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫سب ِع نصائح للقيام ببحث ّ‬ ‫أهم ْ‬
‫• ُّ‬

‫أول‪ :‬البحث العلمي في المرحلة الجامعية‬


‫ً‬
‫هل يمكن لطالب المرحلة الجامعية أن يقوم بعمل بحث علمي؟‬
‫كمــا هائـ ًـا مــن الفــرص‬
‫لإلجابــة عــن هــذا الس ـؤال ببســاطة‪ ،‬ميكنــك االســتعانة مبوقــع جوجــل للبحــث‪ ،‬حيــث جتــد ً‬
‫عمــا اكتســبوه مــن خـرات‬‫واألحبــاث املتاحــة هلــؤالء الطــاب‪ ،‬كمــا جتــد خـرات قــام طــاب جامعيــون بكتابتهــا ليتحدثـوا ّ‬
‫رائعــة أثنــاء قيامهــم ببحــث علمــي خــال دراســتهم اجلامعيــة‪ .‬ففــي اجلامعــات األجنبيــة تكــون األحبــاث يف صــورة مشــاريع‬
‫حبثيــة تتــم يف فــرة الصيــف‪.‬‬
‫قيام الطالب اجلامعي بالعمل باألحباث يف تلك الفرتة له فوائد كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬إثبات نفسه بالمجتمعات العلمية‪:‬‬
‫ضــم امســه إىل البحــث املنشــور كمشــارك فيــه‪ ،‬ويكــون‬‫إذا انضــم الطالــب إىل جمموعــة حبثيــة وأبلــى معهــم بــاءً حســنًا‪ ،‬قــد يُ َ‬
‫بذلــك قــد بــدأ مشـواره يف النشــر العلمــي ويصــر امســه معروفًــا وميكــن البحــث عنــه‪ ،‬ممــا يدعــم مسـرته البحثيــة الح ًقــا‪.‬‬
‫‪ .2‬تكوين العديد من العالقات بالجامعة والعاملين بها‪:‬‬
‫مــن املهــم للطالــب يف مس ـرته البحثيــة أن يبــي عالقــة قويــة بينــه وبــن مــن هــم حولــه مــن األســاتذة والباحثــن‪ .‬وهنــاك‬
‫أمثلــة لطــاب حصل ـوا علــى منـ ٍـح مــن خــال املشــرفني الذيــن عمل ـوا معهــم يف مشــاريع حبثيــة خــال فــرة الصيــف أثنــاء‬
‫دراســتهم اجلامعيــة‪.‬‬
‫إال أن هــذا يف الواقــع ليــس حــال كل املشــرفني‪ ،‬لكــن قيامــك كطالــب جامعــي باالش ـراك يف البحــث العلمــي يعطيــك‬
‫فكــرة ُمســبقة عــن املشــرفني اجليديــن والســيئني‪ ،‬ممـّـا ميكنــك مــن جتنــب املشــرف غــر الكــفء يف مرحلــة الدراســات العليــا‪.‬‬
‫‪ .3‬تنمية مهارات قيّمة‪:‬‬
‫ـرا يف مهــارات البحــث العلمــي‪ ،‬وهــذا يعــي أن الباحــث‬ ‫مثــة نظريــة تقــول إن املــرء حيتــاج إىل ‪ 10,000‬ســاعة ليكــون خبـ ً‬
‫حيتــاج إىل الكثــر مــن الوقــت للتعلــم‪ .‬لــذا‪ ،‬فكلمــا بــدأ الطالــب يف التعلــم مبكـرا أثنــاء املرحلــة اجلامعيــة‪ ،‬كلمــا كان أقــدر‬
‫علــى اســتخدام املهــارات والتقنيــات املختلفــة بســهولة ومتكــن‪ ،‬ففــي ذلــك توفــرٌ للوقــت‪.‬‬
‫‪ .4‬تطبيق التقنيات والمبادئ التي تتعلمها بالمحاضرات‪:‬‬
‫القيــام مبشــاريع علميــة أثنــاء الدراســة اجلامعيــة ينقــل العلــوم النظريــة احملبوســة بــن صفحــات الكتــب إىل أرض الواقــع‪ ،‬فمــا‬
‫ممتعــا ونســيانه‬
‫اقعــا‪ ،‬ممــا جيعــل تعلمــه ً‬
‫تدرســه يف العلــوم البيولوجيــة مــن أشــكال لألعضــاء واألنســجة واخلاليــا‪ ،‬س ـراه و ً‬
‫ـتحيل‪.‬‬
‫مسـ ً‬
‫‪ .5‬بناء سيرة ذاتية جيدة‪:‬‬
‫مــا يقــوم بــه الطالــب مــن أحبــاث ســيضيف إىل رصيــده يف الســرة الذاتيــة‪ ،‬ممــا جيعــل نســبة قبولــه أكــر مــن أقرانــه الذيــن مل‬
‫جيــروا حبثًــا علميًــا أثنــاء فــرة الدراســة إذا مــا تقدمـوا ســويًا لنفــس املــكان بعــد التخــرج للحصــول علــى منــح‪.‬‬
‫‪ .6‬التحضير لمرحلة الدراسات العليا‪:‬‬
‫القيــام ببحــث ‪ -‬ولــو لفــرة قصــرة ‪ -‬قبــل االنضمــام إىل برنامــج لدراســة املاجســتري أو الدكتــوراه‪ ،‬يكــون مبثابــة اختبــار‬
‫حقيقــي يضــع فيــه الطالــب نفســه يف ظــروف مماثلــة ملــا ســيواجهه بعــد التخــرج‪ ،‬وبنــاءً عليــه يكــون الق ـرار هــل يريــد أن‬
‫عازمــا بالفعــل علــى الدراســة بعــد التخــرج والقيــام باألحبــاث‪ ،‬فــإن ذلــك‬
‫يكمــل يف ذلــك الطريــق أم ال‪ ،‬فلــو كان الطالــب ً‬
‫يكــون مبثابــة اإلمحــاء واالســتعداد املبكــر ملبــاراة عديــدة األش ـواط امسهــا «البحــث العلمــي»‪.‬‬
‫‪ .7‬أ ْخذ فكرة عما ستكون عليه مهنته في المجال العلمي‪:‬‬
‫هنــاك مثــال لطالبــة جامعيــة بأمريــكا قضــت ســنوات الدراســة األربعــة يف التنقــل بــن معامــل العلــوم املختلفــة مثــل الفضــاء‬
‫واألحيــاء وغريمهــا‪ ،‬الكتشــاف مــا ميتعهــا بالفعــل‪ ،‬لكنهــا اكتشــفت يف النهايــة أن شــغفها احلقيقــي هــو العمــل يف اخلدمــة‬
‫العامــة وليــس أيـًـا مــن هــذه العلــوم‪ .‬لــذا‪ ،‬يعتــر اشـراك الطالــب اجلامعــي يف البحــث العلمــي ُمعينًــا قويـًـا علــى توضيــح رؤيتــه‬
‫حنــو وجهتــه األخــرة‪.‬‬
‫‪ .8‬دعم حياة الطالب المهنية المستقبلية‪:‬‬
‫حىت ولو مل يُكمل الطالب رحلته البحثية بعد ذلك‪ ،‬تقدم له األحباث فوائد عامة أخرى كثرية‪.‬‬

‫‪74‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫خطوات عملية لطالب الجامعة لالشتراك في مشاريع بحثية‪:‬‬
‫هناك طريقتان لطالب اجلامعة للحصول على فرصة للتدريب الصيفي‪:‬‬
‫• الطريقــة األولــى‪ :‬مــن خــال التواصــل مــع رئيــس القســم أو األســتاذ املشــرف علــى حبــث يــود الطالــب املشــاركة‬
‫فيــه‪ ،‬وقــد يوافــق املشــرف علــى ذلــك‪ ،‬إذ ســبق أن حتدثــت إحــدى الطالبــات مــع رئيــس قســم باجلامعــة للعمــل معــه‬
‫ووافــق علــى ذلــك‪ ،‬فليــس هنــاك مســتحيل!‬
‫• الطريقــة الثانيــة‪ :‬هنــاك مؤسســة تقــدم جمموعــة مــن املنــح تســمى‪NSF - National Science( ،‬‬
‫متاحــا مرتــن ســنويًا‪ ،‬وننصــح بالتقــدم للحصــول علــى منحــة إن‬
‫‪ ،)Foundation‬ويكــون التقــدمي فيهــا ً‬
‫أمكــن‪ .‬وتقــوم املؤسســة مــن خــال برناجمهــا الــذي يســمى خ ـرات حبثيــة للطلبــة اجلامعيــن «‪Research‬‬
‫‪ »Experiences for Undergraduates‬بتقــدمي الدعــم للطــاب‪( .‬الرابــط)‬

‫ثانيًا‪ ،‬الهدف من الدراسة ما بعد الجامعية‪:‬‬


‫س ـواءً كانــت الدراســة مــا بعــد اجلامعيــة خاصــة باملاجســتري أو الدكتــوراه‪ ،‬علــى الباحــث أن يعــرف أهــداف اجلامعــة أو‬
‫املؤسســة البحثيــة الــي ينــوي االلتحــاق هبــا‪ ،‬ومــا هــي توقعا ُتــم خــال فــرة دراســته لديهــم‪ ،‬ففــي هنايــة مرحلــة الدراســة يقــوم‬
‫الباحــث بتقييــم جناحــه عــن طريــق تقييــم مــدى حتقيقــه ألهــداف املؤسســة‪.‬‬
‫بالذكــر مرحلــة الدكتــوراه‪ ،‬هــو أن تُصبــح باحثًــا حمرتفًــا‪ ،‬والباحــث‬ ‫أخــص منهــا ِّ‬ ‫فاهلــدف مــن البحــث يف هــذه املرحلــة‪ ،‬و ُ‬
‫احملــرف ال بــد أن تتوافــر فيــه عــدة صفــات منهــا‪:‬‬
‫ـهر اجملموعــات املعنيّــة بالبحــث يف هــذا‬ ‫• أن يكــون ملِمــا مبجــال حبثــه‪ ،‬يعـ ُ ِ‬
‫ـرف آخـ َـر مــا نُشــر فيــه مــن أحبــاث وأشـ َ‬ ‫ًُ‬
‫اجملــال‪.‬‬
‫• أن يكــون علــى درايـ ٍـة بأهــم النقــاط أو املشــكالت الــي حتتــاج إىل املزيــد مــن البحــث والــي ميكــن لبحثــه أن يتناوهلــا‬
‫أو جيــد هلــا حلـ ًـول‪ ،‬مــن خــال توافــر األفــكار والــرؤى املناســبة لديــه‪.‬‬
‫• أن يكــون علــى درايـ ٍـة بأخالقيــات البحــث العلمــي يف جمــال عملــه وأن يتَّبعهــا حــى ال يقــع يف أي خطــأ مــن‬
‫أول كيفيــة التعامــل معهــم‬‫ـب علــى الباحــث أن يـَْعلــم ً‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أخطــاء األخالقيــات‪ ،‬فإجـراء حبــث علمـ ّـي علــى َمرضــى يُوجـ ُ‬
‫بالطريقــة الصحيحــة‪ ،‬كمــا يكــون عليــه اتّبــاع أخالقيــات البحــث العلمــي يف األحبــاث الــي ُتـَـرى علــى احليوانــات‪،‬‬
‫هــذا كلــه باإلضافــة إىل مراعــاة قواعــد كتابــة البحــث ونشــره وحقــوق امللكيــة ومــا إىل ذلــك مــن أمــور حتدثنــا عنهــا‬
‫ُمســب ًقا‪.‬‬
‫ـث حمرتفًــا يف اســتخدام مــا لديــه مــن تقنيــات وأدوات وأجهــزة معمليــة‪ ،‬وأن يعلــم الغــرض الــذي‬ ‫• أن يكــون الباحـ ُ‬
‫كل تقنيــة‪ ،‬فلــكل تقنيــة وظيفــة وفائــدة مــا للباحــث‪ ،‬ممــا يدفــع الباحــث أحيانـًـا إىل دمــج أكثــر‬ ‫تُســتخدم مــن أجلــه ُ‬
‫مــن تقنيــة يف جتربـ ٍـة واحــدة للوصــول بطريقـ ٍـة أفضــل للنتائــج‪ ،‬ولــن يتمكــن مــن ذلــك إال الباحــث احملــرف‪.‬‬
‫• أن يكون لدى الباحث مهارات حبثيّة‪.‬‬
‫أيضــا يف صياغــة نتائجــه وإظها ِرهــا بطريقـ ٍـة سلسـ ٍـة واضحــة‬
‫• وينبغــي علــى الباحــث احملــرف أن يكــون حمرتفًــا ً‬

‫‪75‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫أيضــا االعتمــاد عليــه الح ًقــا يف أحباثهــم‪.‬‬
‫لآلخريــن يف جمالــه‪ ،‬ممــا ُيكنّهــم مــن االســتفادة مــن حبثــه‪ ،‬و ً‬
‫ثالثًا‪ ،‬مهنة البحث العلمي‪:‬‬
‫يف هــذا اجلــزء نتنــاول احلديــث عــن حقيقــة مهنــة البحــث العلمــي حيــث ميكــن تقســيم الباحثــن بعــد حصوهلــم علــى درجــة‬
‫املاجســتري أو الدكتــوراه إىل قســمني‪ :‬القســم األول‪ ،‬يكــون احلصــول علــى الدرجــة العلميــة لديــه جمــرد وســيلة لزيــادة فــرص‬
‫احلصــول علــى مكانــة أعلــى يف ســوق العمــل والصناعــة‪ .‬بينمــا تعلــو ِهّــة القســم الثــاين‪ ،‬فــا يــرح حــى يُتـ ّـم الطريــق إىل‬
‫فمــن دراســة املاجســتري‪ ،‬إىل الدكتــوراه‪ ،‬إىل دراســات مــا بعــد الدكتــوراه‪ ،‬مث العمــل كم ِ‬
‫حاضــر أو مــا إىل ذلــك وقــد‬ ‫هنايتــه‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫يصــل حــى األســتاذية يف ختصصــه‪ ،‬ورمبــا إىل مــا هــو أبعــد مــن ذلــك بكثــر‪.‬‬
‫ولكــن قبــل احلديــث عــن البحــث العلمــي كمهنــة‪ ،‬جيــب الرتكيــز علــى معلومــة يف غايــة األمهيــة وهــي أن الغايــة مــن‬
‫البحــث العلمــي ال تقتصــر علــى وصــف الظواهــر فحســب‪ ،‬بــل هــي أكثــر تعقيـ ًـدا مــن ذلــك‪ ،‬فالبحــث العلمــي يهتـ ّـم‬
‫أكثــر بتحليــات الظواهــر وإجيــاد تفس ـرات هلــا‪ ،‬وإيضــاح العالقــات املوجــودة بــن األج ـزاء املختلفــة وربطهــا ببعضهــا‬
‫وعقــد مقارنــات عديــدة بــن األشــياء إىل جانــب القيــام بتنبـؤات أو تعميــم النظريــات واالســتنتاجات علــى أكــر عــدد مــن‬
‫اجلمهــور حمـ ّـل الدراســة‪ ،‬وذلــك للتأكــد مــن صحــة النتائــج وهــو أمــر يف غايــة األمهيــة‪.‬‬

‫عملية البحث (‪)The Research Process‬‬


‫لــو ختيلنــا أن البحــث العلمــي أشــبه بكائــن حــي‪ ،‬تتكـ ّـون دورة حياتــه مــن جمموعــة مــن املراحــل‪ ،‬خيتلــف نشــاطه يف كل‬
‫مرحلــة عــن األخــرى‪ ،‬ســتكون مراحلــه كاآليت‪:‬‬
‫• تكوين وبناء الفكرة البحثية‪.‬‬
‫• قراءة ما مت نشره وآخر ما مت التوصل إليه فيما خيص هذه النقطة البحثية‪.‬‬
‫• تكوين النظرية أو فرضية البحث‪.‬‬
‫• القيام بعمل تصميم للبحث لبناء معامل الطريق الذي سيتّبعه البحث‪.‬‬
‫• تنفيذ البحث وجتميع البيانات للقيام بعد ذلك بتحليلها‪.‬‬
‫ونتبي مدى ُمطابقتها لألصل الذي اعتمدنا عليه يف البداية‪.‬‬ ‫• مقارنة التحليالت بالنظرية اليت افرتضناها ّ‬
‫كل هــذه املراحــل جعلــت مهنــة البحــث العلمــي حباجــة إىل توافــر أكثــر مــن مهــارة لــدى الباحــث يف ٍ‬
‫آن واحــد‪ ،‬ليســتحق‬
‫بذلــك أن يكــون باحثًــا حمرتفًــا‪.‬‬

‫‪76‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫شكل ‪ 1‬خطوات العملية البحثية (‪)Baltimore County Public Schools 2010 © Source: BCPS One. Copyright‬‬
‫مهارات البحث‪:‬‬
‫وضحاهــا‪ ،‬فاألمــر حيتــاج إىل وقــت وجهــد كبرييــن منــذ الشــروع يف دراســة‬ ‫ال ميكــن أن يكتســبها الباحــث بــن َعش ـيَّة ُ‬
‫ـرورا بدراســة الدكتــوراه‪ ،‬وحــى الوصــول إىل مــا هــو أبعــد مــن ذلــك‪ .‬فهنــاك طريقتــن الكتســاب هــذه املهــارات‬‫املاجســتري‪ ،‬مـ ً‬
‫إمــا عــن طريــق الوعــي أو الالوعــي ويف كلــي احلالتــن ميــر الباحــث مبرحلــة التدريــب أوال‪ ،‬مث تليهــا مرحلــة املمارســة العمليــة‪.‬‬
‫هناك طريقتان الكتساب تلك املهارات‪:‬‬
‫ـخص آخــر مــن تقنيــات‪،‬‬
‫• الطريقــة األويل‪ :‬اكتســاب الباحــث للمهــارات عــن طريــق الوعــي‪ ،‬وإدراك مــا يقــوم بــه شـ ٌ‬
‫أو تعلّــم طــرق الســتخدام الربجميــات الــي حيتــاج إليهــا يف البحــث‪.‬‬
‫• الطريقــة الثانيــة‪ :‬عــن طريــق الالوعــي‪ ،‬ويكــون ذلــك مــن خــال وجــود الباحــث يف بيئــة حبثيــة حتيــط بــه ويتأثــر فيهــا‬
‫مبــن حولــه مــن باحثــن‪ ،‬فتــارةً يتعلــم منهــم كيــف ميكــن أن يقـرأ األحبــاث وحيلّلهــا بــل وين ُق ُدهــا‪ ،‬وتــارةً يتعلــم منهــم‬
‫كيــف يشــرحون أفكارهــم لآلخريــن باحرتافيــة وســهولة ويُســر‪ .‬كمــا يتعلــم كيــف ميكنــه التغلــب علــى املشــكالت‬
‫الــي تواجــه حبثــه وذلــك مــن خــال مشــرف البحــث‪.‬‬

‫شكل ‪ 2‬خريطة املهارات التي يجب أن يكتسبها الباحث (‪)Source: www.kent.ac.uk/careers‬‬

‫‪77‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫أ‌‪ -‬كيف تكتسب مهارًة ما؟‬
‫هناك خطوتان مهمتان الكتساب أي مهارة‪:‬‬
‫‪ .1‬خطوة التدريب‪:‬‬
‫يف هــذه اخلطــوة يشــرح أحــد األشــخاص املتمكنــن كيفيــة عمــل شـ ٍ‬
‫ـيء مــا بالتفصيــل‪ ،‬ويتعلــم اآلخــرون منــه‪ .‬وللمســاعدة‬
‫يف فهــم ذلــك‪ ،‬هنــاك مــا يُعــرف بــ‪:‬‬
‫• حتليــل احلاجــات التدريبيــة (‪ ،Training Needs Analysis (TNA‬وفيــه يقــوم الباحــث بتحليــل كل‬
‫احتياجاتــه التدريبيــة يف اجملــاالت املختلفــة التابعــة لدراســته‪.‬‬
‫• خطة التطوير الشخصية للباحث‪ ،‬ويأيت دورها بعد كتابة وحتليل تلك املهارات‪.‬‬
‫ويف هنايــة الفــرة التدريبيــة‪ ،‬يكــون تقييــم جنــاح الباحــث مــن عدمــه علــى أســاس خطــط التدريــب الــي كانــت لديــه يف‬
‫بدايــة العــام‪ ،‬وإىل أي مــدى جنــح يف حتقيقهــا بنهايــة العــام‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫حيتــوي (الرابــط) علــى منــوذج مللــف ‪ TNA‬يتــم تســليمه يف جامعــة ســيدين‪ ،‬وفيــه جمموعــة مــن املهــارات واخلـرات الــي‬
‫أيضــا اجتمــاع الطالــب واملشــرف‬
‫يوضــح ً‬‫صلهــا بانتهــاء فــرة الدراســة‪ .‬كمــا ّ‬
‫ميكــن لطالــب الدراســات مــا بعــد اجلامعيــة أن ُي ّ‬
‫ُ‬
‫يف بدايــة كل عــام‪ ،‬حيــث يتناقــش الطالــب مــع مشــرفه حــول املهــارات الــي حيتــاج إليهــا وينبغــي عليــه حتصيلهــا بانتهــاء‬
‫العــام‪.‬‬
‫تنقسم تلك املهارات إىل عدة أقسام‪:‬‬
‫• التقنيات واألجهزة اليت حيتاج الطالب أن يتدرب عليها يف املعمل‪.‬‬
‫• املهــارات الــي ختــص حرفــة البحــث العلمــي نفســه‪ ،‬مثــل كيفيــة البحــث عــن املعلومــات‪ ،‬كيفيــة جتميــع البيانــات‬
‫وحتليلهــا والتعــرف علــى األخطــاء وحتليلهــا‪.‬‬
‫• املهــارات الــي ختــص قــدرة الباحــث علــى توصيــل املعلومــات وعــرض النتائــج الــي مت التوصــل إليهــا يف حماضـرات‪،‬‬
‫أو نــدوات عــر اإلنرتنــت أو مؤمتـرات‪.‬‬
‫• املهــارات الــي ُت ّكــن الباحــث مــن كتابــة أفــكاره يف مشــروع حبثــي بغــرض تقدميهــا إىل اهليئــات ِ‬
‫املانــة وجهــات‬
‫متويــل األحبــاث أو التقــدمي علــى الوظائــف‪.‬‬
‫فيقــوم طالــب الدراســات العليــا باتبــاع خطــة تدريبيــة ويقضــي فــرة املاجســتري أو الدكتــوراه الــي تـراوح مــا بــن ثــاث إىل‬
‫أربــع ســنوات يف اكتســاب أكــر قــدر ممكــن مــن هــذه املهــارات‪.‬‬
‫‪ -2‬خطوة الممارسة‪:‬‬
‫ونستدل هنا هبذه العبارة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫من الضروري ممارسة املهارات بشكل دائم بعد تعلُّمها مباشرًة‪.‬‬
‫تدرب عليه حىت ال يعود باستطاعتك أن ُتطئ فيه»‬ ‫ٍ‬
‫«ال تتدرب على شيء حىت تتقنه‪ ،‬بل ّ‬

‫‪78‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫فاحلصــول علــى نتائــج جيــدة مــن املـرات األوىل للتدريــب‪ ،‬ال يعــي التوقــف عــن مواصلــة املمارســة والتكـرار مـر ٍ‬
‫ات ومـرات‪،‬‬
‫ـكل صحيــح‪ ،‬ممــا يعــي أنــك أصبحــت‬ ‫فالغــرض هنــا هــو الوصــول إىل احلــد الــذي ختــرج بعــده النتائــج يف كل مــرة بشـ ٍ‬
‫ـرا» يف تلــك املهــارة‪.‬‬
‫«خبـ ً‬
‫ويف هــذا الســياق‪ ،‬دعنــا نتســاءل‪ ،‬كــم حيتــاج الباحــث مــن الســاعات لنُطلــق عليــه لقــب «اخلبــر» يف تقنيــة أو جمموعــة‬
‫مــن املهــارات؟ ُتيــب عــن هــذا السـؤال دراســة مشــهورة قــام هبــا دكتــور «أنــدروز إريكســون»‪ ،‬وتقــول الدراســة أن الباحــث‬
‫لمــا‬ ‫ٍ‬
‫حيتــاج إىل مــا ال يقــل عــن عشــرة آالف ســاعة مــن املمارســة‪ ،‬أي تقريبًــا عشــر ســنوات مــن الدراســة اجلــادة‪ ،‬ليصبــح ُم ً‬
‫ـرا بشــأن جمموعــة مــا مــن املهــارات‪ .‬وعلــى الطالــب أو الباحــث أال يقلــق علــى اإلطــاق‪ ،‬فهــذا العــدد مــن الســنوات‬ ‫وخبـ ً‬
‫ميــر منــه تقريبًــا ثــاث أو أربــع ســنوات يف دراســة املاجســتري‪ ،‬ومثلهــا أو أكثــر قليـ ًـا يف دراســة الدكتــوراه‪ ،‬وهــذا يزيــد تقريبًــا‬
‫عــن نصــف املـ ّدة‪ ،‬مث يُكمــل الباحــث بعدهــا يف مرحلــة مــا بعــد الدكتــوراه النصــف الباقــي مــن املــدة‪ ،‬وبانتهــاء هــذا العــدد‬
‫كمشــرف عــن أحبــاث طــاب‬ ‫ُ‬
‫ـؤول ُ‬‫مــن الســاعات تقريبًــا يكــون الباحــث حمرتفًــا‪ ،‬مــا ُي ّكنــه بعــد ذلــك مــن أن يكــون مسـ ً‬
‫آخريــن‪.‬‬
‫ونُشري هنا إىل حماضرة (الرابط) قدمها الدكتور حممد زهران‪ ،‬مع مؤسسة علماء مصر‪ ،‬وعنواهنا ( ‪The Question‬‬
‫‪ ) of Talent‬وفيهــا يوضــح عالقــة املوهبــة بالتدريــب وهــل املهــارة موهبــة فطريــة أم ميكــن اكتســاهبا بالتدريــب للوصــول‬
‫إىل درجــة اخلبري‪.‬‬

‫ابعا‪ ،‬الحياة داخل المعمل‪:‬‬


‫رً‬
‫بالوصــول إىل هــذا اجلــزء‪ ،‬نكــون قــد وصلنــا إىل النقطــة األساســية مــن هــذا الفصــل‪ ،‬وفيهــا نتعلــم كيفيــة حتويــل النظريــات‬
‫والطــرق الصحيحــة اخلاصــة باحليــاة داخــل املعمــل‪ ،‬إىل خطـوات عمليــة‪.‬‬
‫واحلديــث عــن احليــاة داخــل «املعمــل» ال يعــي جتاهلنــا للعلــوم اإلنســانية‪ ،‬فاملعمــل هــو كِنايــة عــن أي مــكان يقــوم فيــه‬
‫الباحــث بعمــل جتربتــه‪.‬‬
‫هنــاك خطـوات عامــة يلــزم علــى كل الباحثــن اتباعهــا سـواءً كان البحــث يف العلــوم التطبيقيــة أو اإلنســانية‪ ،‬وال ختلــو تلــك‬
‫مجيعــا علــى اختــاف ختصصاهتــم‬ ‫اخلطـوات مــن جــزء تطبيقــي‪ ،‬فنحــن نتنــاول هنــا الطريقــة العلميــة الــي يتبعهــا الباحثــون ً‬
‫عنــد القيــام بالبحــث‪.‬‬
‫والطريقــة العلميــة عبــارة عــن سلســلة مــن اخلُطـوات يســتخدمها العلمــاء إلجيــاد إجابــة علــى سـؤال مــا‪ ،‬أو حــل ملشــكلة‬
‫لديهــم‪ .‬وهــي ســت خطــوات كاآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬التساؤل أو املالحظة (‪)Question/Observation‬‬
‫‪ .2‬تكوين االفرتاضية (‪)Form Hypothesis‬‬
‫‪ .3‬اختبار االفرتاضية (‪)Test Hypothesis‬‬
‫‪ .4‬حتليل البيانات (‪)Analyze Data‬‬
‫‪ .5‬االستنتاج (‪)Conclusion‬‬

‫‪79‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫‪ .6‬توصيل النتائج لآلخرين (‪)Communicate results‬‬
‫وتتشــابه هــذه اخلطـوات الســت مــع الــي ســبق ذكرهــا ضمــن خطـوات العمليــة البحثيــة «‪،»Research Process‬‬
‫فــكل جتربــة صغــرة داخــل البحــث تأخــذ نفــس خط ـوات املشــروع البحثــي ككل‪ ،‬ويتبــع اجلميــع نفــس اخلط ـوات الــي‬
‫ذكرناهــا ســاب ًقا بالتفصيــل‪ ،‬وميكنــك الرجــوع إليهــا يف الفصــل الثــاين‪.‬‬

‫شكل ‪ 3‬خطوات التجربة العملية ( ‪) Source: Scientific Method WebQuest‬‬

‫ويف هذا املخطط مراجعة على خطوات التجربة العلمية‪ ،‬اليت تبدأ بسؤال أو مالحظة‪ ،‬وال يهم الرتتيب بينهما فكالمها‬
‫يــؤدي إىل ُاآلخــر‪ .‬بعــد ذلــك يَفــرض الباحــث نظريــة مث يقــوم باختبــار تلــك النظريــة إلثبــات صحتهــا مــن عدمهــا‪ ،‬وهــذا‬
‫االختبــار مــن املمكــن أن يتــم داخــل املعمــل أو يف صــورة اســتبيان حســب اجملــال‪ .‬جيمــع الباحــث يف تلــك املرحلــة البيانــات‬
‫والنتائــج مث يقــوم بعمــل حتليــل إحصائــي للبيانــات ليبــي اســتنتاجه‪ ،‬وعنــد هــذه اخلطــوة إمــا تكــون النتيجــة داعمــة للنظريــة‬
‫الســابق افرتاضهــا فيصــل للمرحلــة النهائيــة وهــي مشــاركة النتائــج الــي توصــل إليهــا مــع اآلخريــن‪ ،‬وإذا مل تكــن النتيجــة‬
‫داعمــة للنظريــة فعلــى الباحــث أن يُعيــد التفكــر بالنظريــة والتجربــة‪ .‬اجلديــر بالذكــر هنــا أن خطـوات التجربــة العلميــة ثابتــة‬
‫ألي نــوع مــن العلــوم فهــي قابلــة للتطبيــق يف اجملــاالت املختلفــة سـواء كانــت عمليــة أو علــوم إنســانية‪.‬‬
‫ويوضح هذا الفيديو خطوات التجربة العلمية بشكل بسيط (الرابط)‪.‬‬
‫مــاذا لــو حــدث شــيء خاطــئ بعــد القيــام بــكل الخطــوات الســابقة بدقَّــة‪ ،‬ولــم تَ ِســر التجربــة كمــا تخيــل الباحــث‪،‬‬
‫كيــف يتصــرف حينهــا إ ًذا؟‬
‫هناك قاعدة بسيطة لإلجابة عن هذا السؤال وهي‪:‬‬
‫«إذا سارت األمور يف االجتاه اخلاطئ‪ ،‬فال تتبعها»‬
‫فعلــى الباحــث أال يفقــد رباطــة جأشــه وحيافــظ علــى ثباتــه ويتقبــل واقــع وحقيقــة البحــث العلمــي‪ ،‬أن األمــور عــاد ًة ال‬
‫للمتوقَّــع‪ ،‬بــل هنــاك العديــد مــن التحديــات أثنــاء البحــث‪.‬‬
‫تســري وف ًقــا ُ‬

‫‪80‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫ما األمور التي قد يحدث بها خطأ أثناء تجربة البحث؟‬
‫عرض للخطأ أثناء التجربة فقد حيدث اخلطأ يف‪:‬‬
‫كل شيء ُم ّ‬
‫‪ .1‬الفرضيــة‪ :‬حيــث يكــون اخلطــأ يف البدايــة عنــد اف ـراض النظريــة‪ ،‬لذلــك تتــم مقارنــة النتائــج بالنظريــة للتأكــد‬
‫مــن صحتهــا‪.‬‬
‫المستخدمة بالبحث‪:‬‬
‫‪ .2‬المواد ُ‬
‫• كأن يكــون الــدواء الــذي يتــم اســتخدامه ُمنتهــي الصالحيــة أو هنــاك مشــكلة يف درجــة احلموضــة أو القلويـّـة أو‬
‫املــاء املســتخدم غــر معقــم وبــه بكترييــا‪.‬‬
‫ُ‬
‫صــص فقــط لألســئلة متعــددة االختيــارات‪،‬‬ ‫• وقــد يكــون االســتبيان الــذي اســتعنت بــه لتقييــم مســتوى الطلبــة ُم َّ‬
‫مقياســا حقيقيًــا ملســتوى الطلبــة يف‬
‫فيكــون غــر قــادر علــى تقييــم مســتوى الطلبــة ومهارهتــم يف الكتابــة وال يعطــي ً‬
‫اللغــة اإلجنليزيــة‪.‬‬
‫‪ .3‬طريقــة إجـراء التجربــة‪ :‬اضطـراب اليــد أثنــاء التعامــل مــع جهــاز مــا أو إغفــال خطــوة معينــة يف الطريقــة مثــل‬
‫إغفــال إضافــة حملــول معــن أو إغفــال إجنــاز عمـ ٍـل مــا‪.‬‬
‫‪ .4‬االســتنتاج‪ً :‬‬
‫رجوعــا للتجربــة الــي واجههــا أحــد األســاتذة‪ ،‬كان االســتنتاج املبدئــي أن تأثــر الــدواء ُمثبِّــط‬
‫لتجاهــل بعــض البيانــات واالعتمــاد علــى نتائــج أخــرى فحســب‪.‬‬‫ُ‬ ‫خاطئًــا‪ ،‬وذلــك نتيجــة‬

‫خامسا‪ ،‬دور العلماء والباحثين في حل المشاكل‪:‬‬


‫ً‬
‫إن وظيفــة الباحــث يف األســاس هــي حــل املشــكالت‪ ،‬لــذا جيــب علــى الباحــث أن يتعلــم كيفيــة مواجهــة املشــكالت‪ ،‬وهنــا‬
‫يــرز مصطلــح يعــرف ب ـ «حلقــة حــل املشــكالت»‪ ،‬وهــي عبــارة عــن عــدة خطـوات‪:‬‬
‫صحيحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫أول‪ ،‬تحديد المشكلة وتوصيفها توصي ًفا‬
‫ً‬
‫فكلمــا كان توصيــف املشــكلة أكثــر دقــة كان الوصــول إىل حــل هلــا أســهل وأســرع‪ .‬مثــال‪ :‬إذا افرتضنــا أن اخلاليــا الــي كنــا‬
‫نقــوم بصبغهــا علــى ش ـرائح لفحصهــا حتــت املايكروســكوب تســتطيع أن حتيــا ملــدة ‪ 6‬ســاعات‪ ،‬لكــن اخلاليــا ماتــت يف‬
‫إحــدى املـرات بعــد ســاعتني فقــط‪ ،‬تكــون املشــكلة هنــا هــي «املــوت املبكــر للخاليــا»‪.‬‬
‫ثانيًــا‪ ،‬أن يقــوم الباحــث بتجميــع المعلومــات والتفكيــر فــي األســباب التــي أدت إلــى مــا آلــت إليــه النتائــج‪ .‬فمثـ ًـا‬
‫ب يف حدوث تلف للنســيج فماتت‬ ‫يكمن الســبب يف عدم جتهيز الشـرائح بالصورة املثالية كاملرات الســابقة‪ ،‬مما تســبّ َ‬ ‫قد ُ‬
‫الصبغــات املســتخدمة غــر مطابقــة للرتكيـزات الالزمــة‪ ،‬وقــد يكــون‬ ‫اخلاليــا سـر ًيعا‪ ،‬وقــد يكــون ذلــك بســبب أن احملاليــل أو َّ‬
‫اختــاف درجــة احلـرارة باخنفاضهــا أو زيادهتــا عــن املفــروض هــي الســبب الرئيســي فيمــا ســبق مــن نتائــج ســلبية‪ ،‬وقــد يكــون‬
‫عــدم نقــاوة امليــاه املســتخدمة‪ ،‬كاحتوائهــا علــى بكترييــا‪ ،‬هــو ســبب املشــكلة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ثالثًــا‪ ،‬يقــوم الباحــث بعمــل فلتــرة لألســباب والتركيــز علــى أكثــر األســباب احتماليّـةً‪ .‬مث التأكــد مــن صحــة فكرتــه‪.‬‬
‫مثل يف طريقة التشـريح‪ ،‬فيجد أن هذه الطريقة يتم اســتخدامها كل مرة دون أي تغيري‪ ،‬فيبحث وراء سـ ٍ‬
‫ـبب‬ ‫كأن يفكر ً‬
‫آخــر‪ ،‬فلــو كان املــاء املســتخدم مــاءً ُمقطـًـرا وليــس مــاء صنبــور يكــون مصــدر املــاء ثابــت واحتماليــة كونــه ملوثـًـا تــكاد تكــون‬

‫‪81‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫منعدمــة‪ ،‬فينطلــق إىل نقطــة أخــرى مثــل درجــة احل ـرارة ويكــون القيــام بنفــس التجربــة كل مــرة يف نفــس املــكان يف درجــة‬
‫حـرارة الغرفــة يعــي بـراءة درجــة احلـرارة مــن تلــك التهمــة‪.‬‬
‫يتبقــى إ ًذا التأكــد مــن حالــة احملاليــل أو األصبــاغ املســتخدمة‪ ،‬فمــن املمكــن أن يكــون الباحــث قــد أضــاف كميــة مــن‬
‫األمــاح الزائــدة‪ .‬وألن جــودة احملاليــل قــد تتغــر مـ ُـن وقــت آلخــر‪ ،‬يــأيت دور‬
‫ابعــا‪ ،‬اختبــار فكــرة الحــل‪ .‬لــذا ميكــن أن يقــوم الباحــث بتحضــر جمموعــة أخــرى مــن احملاليــل‪ ،‬مث جتريبهــا‪ .‬فــإن ظلّــت‬ ‫رً‬
‫عمــا ســبق‪ ،‬هــو مــا أثــر علــى بقــاء النســيج لوقــت أطــول‪ .‬وإن اختفــت‬ ‫املشــكلة كمــا هــي‪ ،‬فهــذا يعــي أن ســببًا مــا‪ ،‬بعيـ ًـدا ّ‬
‫املشــكلة‪ ،‬فهــذا يعــي أننــا بالفعــل جنحنــا يف حتديــد املشــكلة‪ ،‬وجنحنــا يف التغلــب عليهــا‪ ،‬وهــذا مــا يتــم التأكــد منــه يف‬
‫خامســا‪ ،‬تقديــر النتائــج‪ .‬فبعــد أن اختــار الباحــث أكثــر األســباب احتمـ ًـال وراء املشــكلة الــي تواجهــه‪ ،‬مث ف ّكــر يف حــل‬
‫ً‬
‫ُمتمــل مث قــام بتقييــم مــدى جنــاح الفكــرة يف حــل املشــكلة‪ ،‬فــإذا جنحــت كان هبــا وإذا مل تنجــح فعليــه أن يبحــث عــن‬
‫حلــول أخــرى‪.‬‬
‫شديد الذكاء‪ ،‬بل أنين أواصل العمل على املشكالت ٍ‬
‫لفرتة أطول»‬ ‫«السر ال يكمن يف أنين ُ‬
‫‪-‬ألربت أينشتاين‬
‫ـت باحثًــا أكثــر جــدارةً مــن اآلخريــن‪،‬‬
‫ـرا علــى مـرات احملاولــة‪ُ ،‬كنـ َ‬
‫حتمــل املشــكالت‪ ،‬وأكثــر صـ ً‬
‫ـت أقـ َـدر علــى ُّ‬
‫فكلمــا ُكنـ َ‬
‫ولعــل هــذا هــو أهــم مــا جعــل أينشــتاين عاملــا عبقريًــا صاحــب إجنــازات كثــرة‪ ،‬أدت بــه إىل احلصــول علــى جائــزة نوبــل يف‬
‫ً‬ ‫الفيزيــاء عــام ‪.1921‬‬

‫الدراسة التجريبية «‪:»Pilot study‬‬


‫وهــي عبــارة عــن دراســة مبدئيــة ينبغــي أن يقــوم هبــا الباحــث يف بدايــة البحــث‪ ،‬وبالرجــوع إىل مثــال تقديــر مســتوى الطلبــة‬
‫ـدل مــن البــدء باختبــار مــدارس مصــر كلهــا‪ ،‬جيــدر هنــا تنفيــذ‬ ‫باملرحلــة االبتدائيــة يف مصــر يف اللغــة اإلجنليزيــة‪ ،‬جنــد أنــه بـ ً‬
‫التوصــل إىل اســتخدام طــرق أخــرى لتنفيــذ‬ ‫الدراســة مبدئيًــا علــى مدرســة واحــدة فقــط‪ ،‬مث النظــر يف النتائــج املبدئيــة‪ ،‬مث ُّ‬
‫التجربــة‪ ،‬أو رمبــا اســتخدام نفــس الطــرق مــع إدخــال بعــض التحســينات بنــاءً علــى مــا مت التوصــل إليــه مــن مالحظــات‪.‬‬
‫فقــد يكــون الطــاب حمــل الدراســة قــد عانـوا مــن اضطـراب أو خــوف أو أي مؤثــر آخــر‪ ،‬ممــا نتــج عنــه نتائــج ســلبية أثـَّـرت‬
‫علــى نتائــج االختبــار‪ .‬وعليــه‪ ،‬ميكــن النظــر فيمــا حصلـوا عليــه مــن نتائــج يف اختبــارات ســابقة للتأكــد وجتنــب خضوعهــم‬
‫الختبــار مباشــر‪ .‬ومــن فوائــد القيــام بدراســة جتريبيــة‪:‬‬
‫• ُت ّكــن الباحــث عــن طريــق النتائــج املبدئيــة مــن احلصــول علــى قــدر مــن املعلومــات ميكــن أن يقــدم الكثــر للباحــث‬
‫يف التجــارب التاليــة‪ ،‬فقــد تعطــي الباحــث بشــارةً بصحــة مــا افــرض مــن نظريــات‪.‬‬
‫توصــل الباحــث إىل معلومــة جتعلــه يُغـ ّـر مــن تصميــم التجربــة‪ ،‬فيوفــر بذلــك الوقــت الــذي كان سيســتغرقه‬
‫• احتمــال ُّ‬
‫يف مجــع معلومــات قــد ال تكــون صحيحــة‪ ،‬وقــد يطــول الوقــت لعــدة شــهور‪ .‬فوجــود خطــأ يف تصميــم التجربــة أو‬
‫الدراســة ميكــن اكتشــافه بــل وإجيــاد حــل لــه بأقــل خســائر‪ .‬وليســت اخلســائر يف الوقــت فقــط‪ ،‬وإمنــا يف اجملهــود الــذي‬
‫ـتخدمة‪.‬‬
‫يبذلــه الباحــث وكذلــك يف اخلامــات واملـوارد املسـ َ‬
‫ُ‬
‫• أن يتوصــل الباحــث إىل التأكــد مــن صحــة الطــرق املســتخدمة يف إجـراء الدراســة وحتليــل النتائــج‪ ،‬ومــن مث جتهيــز‬

‫‪82‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫وشـراء كل املـواد واخلامــات املطلوبــة للدراســة ككل بكميــات وتكلفــة أكــر‪ ،‬مث القيــام بالتجربــة علــى نطــاق أوســع‬
‫بعــد ذلــك‪.‬‬
‫• اكتساب املهارات‪ ،‬اليت ال ميكن أن تُكتسب‪ ،‬دون مرور الباحث بكل ما سبق من خربات‪ ،‬وال تأيت اخلربات‬
‫إال بكثــرة املمارســة ملــا ســبق مــن خط ـوات يف الدراســة التجريبيــة‪ ،‬ليصبــح الباحــث يف النهايــة مبســتوى احملــرف‪،‬‬
‫وتكــون نتائجــه علــى الوجــه املرضــي‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقــد ذكرنــا بالفصــل الثــاين‪ ،‬أن طريـ َـق البحــث العلمــي طريـ ٌـق طويــل‪ ،‬ونفــق مظلــم إال أن هنــاك نقطــة مضيئــة يف آخــره‪،‬‬
‫رغــم مــا بــه مــن صعوبــات وعوائــق‪ .‬فــا يظــن الباحــث أن أول خليــة أو نســيج أو حيـوان يســتخدمه‪ ،‬أو أول جتربــة يقــوم‬
‫هبــا‪ ،‬ســتأيت مبــا اشــتهى مــن مثــار‪ ،‬وال َي َســب أن أول اســتبيان يقــوم بــه ســيصيب قلــب احلقيقــة‪ ،‬فالطريــق إىل ذلــك حيتــاج‬
‫إلثقــال الكثــر مــن املهــارات والتمــرن وكثــرة املمارســة إلتقــان التقنيــات الــي حيتــاج إليهــا‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬النصائح السبع للقيام ببحث علمي‪:‬‬


‫ً‬
‫بعــد أن تعرفنــا علــى اهلــدف مــن الدراســة مــا بعــد اجلامعيــة وعلــى مهنــة البحــث العلمــي علــى وجــه التحديــد وتطرقنــا إىل‬
‫احليــاة داخــل املعمــل ودور العلمــاء والباحثــن يف حــل املشــكالت‪ .‬نقــدم جمموعــة مــن النصائــح الــي ينبغــي علــى الباحــث‬
‫تسـ ُـهل املداومــة عليهــا‪ .‬البحــث العلمــي‬
‫دائمــا‪ ،‬وقــد جعلناهــا ســبع نصائــح بعــدد أيــام األســبوع كــي ْ‬‫ذكــر نفســه هبــا ً‬ ‫أن يُ ِّ‬
‫طريــق شــاق حيتــاج مــن الباحــث أن يظــل حمافظًــا علــى هدوئــه حــى النهايــة‪ ،‬واهلــدوء مصاحــب للســبع نصائــح للقيــام‬
‫بالبحــث العلمــي‪ ،‬فدراســة الدكتــوراه مثـ ًـا حتتــاج علــى األقــل ثــاث ســنوات‪ ،‬وإذا مل يتعلــم الطالــب فيهــا جيـ ًـدا كيفيــة‬
‫ـرا‪.‬‬
‫ـرا ســلبيًا كبـ ً‬
‫التحكــم يف التوتــر والقلــق‪ ،‬فســيؤثر هــذا عليــه وعلــى حبثــه تأثـ ً‬
‫سا‪:‬‬ ‫كن م ِ‬
‫تحم ً‬
‫ُ َ‬
‫متحمســا يف البدايــة‪ ،‬فالغالبيــة تبــدأ حبماســة كبــرة وخطــط ُمســبقة ملــا جيــب القيــام بــه مــن جتــارب‪.‬‬
‫ً‬ ‫غالبًــا مــا يكــون الباحــث‬
‫بــل يرســم أكثريــة الطــاب مسـ ًـارا زمنيًــا متوقـًَّعــا البتــداء وانتهــاء البحــث وكتابتــه ونشــره واحلصــول علــى الدرجــة يف غضــون‬
‫ســنتني أو ثــاث علــى األكثــر‪ .‬ولكــن مــا حيــدث يف الواقــع‪ ،‬أنــه ومــع ظهــور عقبــات مل تكــن يف احلســبان‪ ،‬وخــروج نتائــج‬
‫ختالــف مــا افـ ُـرض مســب ًقا‪ ،‬يصيــب الباحــث شــيءٌ مــن فقــدان احلماســة للبحــث‪.‬‬
‫ـادا علــى مــا بــات يفعلــه ملـرات كثــرة بشــكل‬ ‫الفتــور ســبب آخــر لفقــدان احلماســة لــدى الباحــث‪ ،‬نظـًـرا لكونــه صــار معتـ ً‬
‫ـروي وتوزيــع اجلهــد املبــذول علــى الوقــت املتــاح لــك‬ ‫يومــي‪ ،‬فمــن الطبيعــي أن يقــل احلمــاس مــع الوقــت‪ .‬لــذا‪ ،‬عليــك بالـ ِّ‬
‫فمـ ْـن يبــدأ دراســته حبماســة زائــدة عــن احلــد املطلــوب ودون أخــذ القســط الــكايف مــن الراحــة‪ ،‬قــد‬ ‫كــي ال تنفــد محاســتك‪َ ،‬‬
‫ينتهــي بــه األمــر إىل الشــعور بالفتــور والرتابــة ورمبــا الكســل بعــد فــرة مــن الوقــت‪ .‬وإذا كانــت هــذه هــي املشــكلة‪ ،‬فمــا احلــل‬
‫دائمــا‪ .‬فعلــى الباحــث‬
‫إ ًذا؟ أفضــل مــا يســاعد الباحــث علــى جتــاوز ذلــك الشــعور هــو وضــع الغايــة أمــام عينيــه‪ ،‬والتفكــر ً‬
‫أن يربــط نفســه بغايــة أو غايــات كثــرة‪ .‬وكلمــا َكـ ُـرت الغايــة‪ ،‬كلمــا كان احملفــز واملعــن عليهــا أكــر! قــد تظــن أهنــا درب‬
‫دكتــوراه يف جامعــة مانشســر مــع مشــرفه‬ ‫مــن اخليــال أو نــوع مــن املـزاح‪ ،‬واحلقيقــة أهنــا ليســت كذلــك‪ ،‬فقــد حصــل طالــب ُ‬
‫ـث قامــا بــه‪ .‬فلمــاذا ال يضــع طالــب الدكتــوراه‪ ،‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬يف عقلــه أن يقــوم‬ ‫علــى جائــزة نوبــل يف الفيزيــاء لبحـ ٍ‬
‫ببحــث يف غايــة األمهيــة قــد يقــوده إىل نوبــل؟ هــذا ليــس خيـ ًـال‪ ،‬بــل أمــر واقــع ويقــع بالفعــل‪ .‬وأقــل تقديــر أنــه ‪-‬إن مل ينجــح‬
‫يف احلصــول علــى نوبــل‪ -‬ســينجح يف حتقيــق جناحــات أخــرى كثــرة‪ ،‬فعندمــا تؤمــن بفكــرة وتُصـّـر عليهــا وتضعهــا أمامــك‬

‫‪83‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫طـوال الوقــت‪ ،‬ســتبدأ باالقتنــاع هبــا والعمــل علــى أساســها‪ ،‬لذلــك مــن الضــروري للباحــث أن يكتــب حلمــه ويعلقــه أمامــه‬
‫يف كل مــكان ليكــون مصــدر طاقــة وحتفيــز لــه‪.‬‬
‫فكــن ذا قيمــة كاجلوهــرة‪ ،‬تــزداد قيمتهــا مــع الوقــت‪ ،‬فــا يكفــي نشــر حبثــك العلمــي لتحقيــق إجنــاز‪ ،‬إذ ال بــد أن يقــدم‬
‫حبثــك قيمــة وإضافــة‪.‬‬
‫وباحلديــث عــن القيمــة وإضافــة القيمــة إىل البحــث‪ ،‬جنــد أن الغــرض مــن القيــام ببحــث يف مصــر يف كثــر مــن اجلامعــات‬
‫واملراكــز البحثيــة ‪ -‬هــو احلصــول علــى درجــة علميــة مــن خــال نشــر جمموعــة مــن األحبــاث أو األطروحــات الــي يكــون‬
‫أساســا هــو النشــر وال تعــرض األحبــاث‬‫أكثرهــا تك ـر ًارا لنقــاط حبثيــة ال تقــدم قيمــة أو إضافــة جديــدة‪ ،‬فيكــون الغــرض ً‬
‫ـث عليــك‬ ‫ـك معضلـةً‪ ،‬وال تقــدم حـ ًـا‪ ،‬وال تضيــف جديـ ًـدا‪ .‬وهــذا مــا ينبغــي عليــك رفضــه‪ ،‬فأنــت كباحـ ٍ‬ ‫مشــكلة‪ ،‬وال تـَُفـ ُّ‬
‫أال تســعى فقــط للحصــول علــى شــهادات أو مــا يصاحبهــا مــن ألقــاب أو إضافــة عنـوان جديــد يف سـرتك املهنيــة‪ ،‬بــل‬
‫عليــك أن تقــدم قيمــة فعليّــة‪.‬‬
‫وجـ َـد‪ ،‬ومــن اعتــاد طَـ ْـرق البــاب فُتِــح لــه‪ ،‬وكل مــن يســعى وخيلــص و ِجيـ ُّـد يف عملــه‬
‫وليكــن الباحــث علــى يقــن أن مــن َجـ ّد َ‬
‫يفلح‪.‬‬

‫ستقل‪:‬‬
‫كن ُم ً‬
‫يف بدايــة الدراســة والقيــام باألحبــاث‪ ،‬ونظـ ًـرا لقلــة اخلــرة –خاصــة يف مرحلــة املاجســتري‪ ،-‬يكــون االعتمــاد يف أغلــب‬
‫األوقــات علــى املشــرف‪ ،‬ومــع مــرور الوقــت ‪-‬يف النصــف الثــاين مــن الوقــت احملــدد للحصــول علــى الدكتــوراه رمبــا‪ -‬يبــدأ‬
‫الطالــب يف االعتُمــاد علــى نفســه أكثــر‪ ،‬ويناقــش أفــكاره ورؤيتــه مــع املشــرف‪ .‬وقـُبَيــل االنتهــاء مــن الدراســة‪ ،‬يُفــرض أن‬
‫يكــون الطالــب أكثــر خــرة‪ ،‬حــى مــن مشــرفه‪ ،‬يف تلــك النقطــة الــي كـّـرس جهــده لدراســتها وفهمهــا والقيــام بأحبــاث عليهــا‬
‫آن واحــد‪ ،‬فتكــون وحــدك‬ ‫لســنوات‪ .‬فاملشــرف لديــه مشــاريع حبثيــة أخــرى ينشــغل هبــا‪ ،‬ويشـ ِرف علــى أكثــر ِمــن طالــب يف ٍ‬
‫ُ‬
‫مــن يُفــرض بُــه أن يكــون علــى عل ـ ٍم بالكثــر ممــا جيهلــه اآلخــرون عــن حبثــك‪ .‬وال تتكـ ّـون لــدى الباحــث املعرفــة الكافيــة‬
‫عــن حبثــه وطــرق احلصــول علــى كل نتيجــة إال باالعتمــاد علــى النفــس قــدر االســتطاعة‪.‬‬
‫اعتمادهــم علــى‬
‫ُ‬ ‫وهنــا تــرز مســألة جيــب التنويــه عنهــا‪ .‬عــاىن بعــض الباحثــن مــن وجــود مشــرفني غــر أكفــاء‪ ،‬فــكان‬
‫أنفســهم يف كل شــيء منــذ البدايــة دون مســاعدة مــن املشــرف‪ ،‬ومل مينعهــم ذلــك مــن أن يكونـوا باحثــن متميزيــن‪ ،‬حيــث‬
‫وحولوهــا إىل نقطــة إجيابيــة يف صاحلهــم للخــروج مــن املوقــف مبكســب وإضافــة ملهاراهتــم البحثيــة‪.‬‬ ‫اســتغلوا اخلســارة ّ‬
‫فالباحــث يكــون ِ‬
‫معتمـ ًـدا علــى نفســه يف كل شــيء‪ ،‬فهــو مــن خيطــط لبحثــه‪ ،‬وهــو مــن يوفّــر مــا ســيحتاج إليــه البحــث مــن‬
‫م ـواد‪ ،‬وهــو مــن يتعــاون مــع باحثــن آخريــن مــن أماكــن أخــرى طالبًــا التعــاون والنصيحــة والتوجيــه‪ .‬وكل هــذا جيعــل منــه‬
‫باحثًــا قويًــا!‬
‫ِ‬
‫أدر وقتك بكفاءة‪:‬‬
‫وقــت الباحــث هــو رأس مالــه األساســي! لــذا‪ ،‬جيــب علــى الباحــث أن ينتبــه إىل وقتــه جيـ ًـدا‪ ،‬فعليــه أن يعلــم أن وقــت‬
‫ـددا إلهنــاء دراســته‪.‬‬
‫الدراســة حمــدَّد بزمــن معــن ‪ -‬ســنتني لدراســة املاجســتري‪ ،‬وأربعــة لدراســة الدكتــوراه ‪ -‬ويضــع وقتًــا حمـ ً‬
‫ودراســة الدكتــوراه ليســت هنايــة املطــاف‪ ،‬فهنــاك مراحــل مــا بعــد الدكتــوراه‪ ،‬والبحــث العلمــي ال تنتهــي أفــكاره‪ ،‬حيــث‬

‫‪84‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫توجــد الكثــر مــن األســئلة الــي حتتــاج إجاب ـةً‪ ،‬والكثــر مــن التقنيــات الــي جيــب تعلُّمهــا‪ ،‬والطريــق أمــام الباحــث طويــل!‬
‫يُعتــر التخطيــط مــن حســن إدارة الوقــت‪ ،‬فالباحــث ُملـَـزم بإتقــان الكثــر مــن التقنيــات أو معرفتهــا علــى األقــل‪ ،‬ومــن ُحســن‬
‫ـرا للوقــت كذلــك‪ ،‬أن يــدرك الباحــث أولوياتــه‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬إذا كان أمامــه عشــر تقنيــات ليتعلمهــا لكــن وقتــه‬ ‫التخطيــط‪ ،‬وتوفـ ً‬
‫ال يســمح إال باثنتـ ْـن فقــط‪ ،‬يكــون عليــه أن يركــز عليهمــا فحســب‪ ،‬فيتقــن مــا حيتــاج إليــه مــن تقنيــات‪ ،‬ويأخــذ ولــو جمــرد‬
‫فكــرة عامــة عــن التقنيــات األخــرى حــى ولــو مل يتوصــل يف مجيعهــم إىل نفــس الدرجــة مــن االحرتافيــة‪ ،‬حيــث يكــون لذلــك‬
‫أثــر إجيــايب عليــه بعــد ذلــك يف املرحلــة املقبلــة مــن حياتــه البحثيــة كمشــرف‪ ،‬فيكــون علــى معرفــة عامــة بالتقنيــات ومــدى‬
‫ُ‬ ‫جودهتــا عنــد التجربــة‪.‬‬
‫هنــاك خطــأ شــائع وعــام يرتكبــه غالبيــة طــاب املاجســتري والدكتــوراه‪ ،‬إذ يتخــذون أول ســنة مــن الدراســة كفــرة راحــة بعــد‬
‫صدمــة فــرة الدراســة اجلامعيــة قبــل التخــرج‪ .‬ينبغــي علــى الباحــث أن يــدرك أمهيــة هــذه الفــرة األوىل‪ ،‬فمــن ُحســن إدارة‬
‫أيضــا أن يعلــم أن أول ســنتني يف مرحلــة الدكتــوراه مهــا األنســب علــى اإلطــاق للتعلــم واالســتمتاع ألن‬ ‫الطالــب للوقــت ً‬
‫الضغــط النفســي يكــون أكــر يف آخــر املرحلــة‪ ،‬كمــا أن الوقــت يكــون أضيــق بكثــر‪ .‬فيمكــن للطالــب أن يســتغل أول‬
‫فــرة يف الدكتــوراه يف تعلــم الكثــر مــن التقنيــات مــن خــال حضــور تدريبــات وورش عمــل‪ ،‬والتــدرب علــى الكتابــة بطريقــة‬
‫أكادمييــة‪ ،‬وكذلــك االنتهــاء مــن دراســة الــدورات املقــرر دراســتها‪ .‬أمــا النصــف الثــاين مــن مرحلــة الدكتــوراه يف الســنة الثالثــة‬
‫ـغل طـوال الوقــت‪ُ ،‬منكبًــا علــى جتربتــه باحثًــا عــن حلــول ملــا يواجهــه مــن مشــكالت‪.‬‬ ‫والرابعــة‪ ،‬فيكــون الطالــب منشـ ً‬
‫أيضــا‪ ،‬علــى الباحــث أن يـُـداوم علــى الق ـراءة يف جمــال ختصصــه ط ـوال مش ـواره البحثــي‪ ،‬فاملشــكلة الــي‬ ‫ـرا للوقــت ً‬ ‫وتوفـ ً‬
‫ـودا ببســاطة يف حبــث آخــر منشــور ألن الباحثــن عــاد ًة مــا‬
‫ـهرا للوصــول إىل حلهــا‪ ،‬قــد يكــون حلهــا موجـ ً‬ ‫قــد تُضيِّــع شـ ً‬
‫يواجهــون املشــاكل ذاهتــا‪ .‬ومــن خــال القـراءة ميكــن التوصــل إىل طــرق جديــدة أكثــر دقــة‪ ،‬ومنهجيــة أفضــل للعمــل‪ ،‬لذلــك‬
‫جيــب علــى الباحــث تقســيم وقتــه بــن اجلــزء العملــي والقـراءة‪ ،‬فمــن وقــت آلخــر ال حتــرم نفســك فائــدة مطالعــة األحبــاث‬
‫أول‪ ،‬مث‬ ‫املنشــورة يف جمالــك‪ ،‬وآخــر مــا توصــل إليــه العلمــاء‪ ،‬وليكــن ذلــك مثـ ًـا مــن خــال قـراءة ملخــص الورقــة العلميــة ً‬
‫قـراءة البحــث كامـ ًـا بالتفاصيــل بعــد ذلــك إذا وجــدت أن لــه عالقــة بنقطــة ختصصــك‪.‬‬
‫ميكن تقسيم األوراق املمكن قراءهتا واالحتفاظ هبا إىل ثالثة أنواع أو مراتب لتيسري الرجوع إليها بعد ذلك‪:‬‬
‫ـرا مــع مــا تقــوم بــه‪ ،‬فيســتخدم مثـ ًـا نفــس نــوع اخلاليــا أو احليوانــات أو العينــات حمــل الدراســة‪،‬‬
‫الفئــة (أ)‪ :‬حبــث يتشــابه كثـ ً‬
‫إال أن هنــاك اختالفــات بســيطة‪ ،‬كالعقــار املســتخدم يف معاجلــة اخلاليــا مثـ ًـا‪.‬‬
‫ُ‬
‫الفئة (ب)‪ :‬حبث قريب ملا تقوم به‪ ،‬لكنه أقل تشاهبَا من النوع األول‪.‬‬
‫عدا عما تقوم به‪.‬‬ ‫الفئة (ج)‪ :‬حبث متعلق باملوضوع لكنه األقل تشاهبا واألكثر بُ ً‬
‫صبورا‪:‬‬
‫كن ً‬
‫بالتصب»‬
‫ُّ‬ ‫«إمنا العلم بالتعلُّم‪ ،‬وإمنا احلِلم بالتحلُّم‪ ،‬وإمنا الصرب‬
‫‪-‬الرسول الكرمي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فعلــى طالــب العلــم أن يضــع هدفــه نُصــب عينيــه‪ ،‬وأن جياهــد ويُصـ ِّـر نفســه علــى كل مــا يُالقيــه مــن عقبــات يف طريــق‬
‫الوصــول إىل هدفــه‪ ،‬وأن يثابــر‪ ،‬فنهايــة الطريــق بعــد كل مــا يالقيــه مــن عقبــات يف النفــق املظلــم‪ ،‬مضيئــة جـ ًـدا‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫ال تُحبَط‪:‬‬
‫ـعارا بأنــك ســتُحبِط اإلحبــاط! فالباحــث يعــد مسـ ً‬
‫ـئول عــن حــل مشــاكل العــامل وال بــد أال‬ ‫عليــك أن تضــع لنفســك شـ ً‬
‫يصــاب باإلحبــاط أبـ ًـدا‪ .‬فعليــه أن يتغلــب علــى مــا يلقــاه مــن عقبــات‪ ،‬وأال يتأقلــم معهــا فحســب‪ ،‬بــل يكــون علــى ثقــة‬
‫تامــة بأنــه ســيتغلب عليهــا ليصــل يف النهايــة إىل مــا يســعى إليــه‪.‬‬

‫حافظ على سالمة ما توصلت إليه من نتائج‪:‬‬


‫بالنســبة للطالــب‪ ،‬يكــون أبشــع مــا يقابلــه هــو حلظــة ضيــاع نتائجــه بــأي طريقــة كانــت‪ ،‬فمــن القاســي جـ ًـدا أن تُف َقــد‬
‫البيانــات بعــد ُمضـ ّـي ســنوات كثــرة مــن عُمــر وجهــد الطالــب‪ ،‬وكذلــك الكثــر مــن اإلنفــاق علــى مـوارد مت اســتخدامها يف‬
‫البحــث‪ .‬وقــد حيــدث هــذا بســهولة إذا مل حيافــظ الطالــب علــى بياناتــه وأدق تفاصيــل نتائجــه يف أكثــر مــن مــكان آمــن‬
‫لتجنــب أي خطــأ قــد حيــدث يف جهــاز احلاســوب اخلــاص بــه أو يف برجميــات احلاســوب‪ .‬وهــذا أمــر غايــة يف األمهيــة ألنــه‬
‫ـرا‪ ،‬بــل إهنــا مــن أهــم النصائــح‬
‫لألســف ال توجــد خطــة بديلــة لتعويــض مــا مت فقــده! لــذا ينبــه مجيــع األســاتذة علــى هــذا كثـ ً‬
‫الــي يســمعها الباحــث باســتمرار منــذ بدايــة البحــث وحــى آخــر حلظــة‪ ،‬أن حيتفــظ بأكثــر مــن نســخة مــن النتائــج يف أكثــر‬
‫مــن مــكان آمــن‪ .‬وهنــا يُقــرح أن حيتفــظ الطالــب بنســخة مــن املعلومــات علــى احلاســوب اخلــاص بــه‪ ،‬ونســخة أخــرى علــى‬
‫قــرص ختزيــن خارجــي (هــارد خارجــي)‪ ،‬ونســخة ثالثــة حمفوظــة علــى بعــض املواقــع الشــبكية املتخصصــة يف حفــظ البيانــات‬
‫أول بــأول‪.‬‬
‫اعــى حتديــث البيانــات ً‬
‫بأمــان‪ ،‬كمــا يُر َ‬
‫استمتع بالتجربة‪:‬‬
‫أنت ِ‬
‫عال‪ ،‬فعليك االستمتاع بتجاربك‪ ،‬فالعا َل يف انتظارك وانتظار ما تقوم به!‬
‫ونذكــر مــا بدأنــا بــه ســاب ًقا أن البحــث العلمــي ليــس جمــرد مهنــة‪ ،‬البحــث العلمــي أســلوب حيــاة‪ ،‬فاملهــارات الــي يكتســبها‬
‫الباحــث أثنــاء رحلــة البحــث العلمــي‪ ،‬ال تقتصــر علــى حــدود املعمــل الــذي حييــط بــه فقــط‪ ،‬بــل تؤثــر علــى شــخصيته‬
‫وحياتــه ككل‪ .‬فاملنهجيــة العلميــة الــي يطبقهــا الباحــث يوميًــا تتحــول يف مرحلــة معينــة إىل أســلوب حيــاة وعنــد تتبــع‬
‫الباحــث ألي قضيــة‪ ،‬جيــد نفســه يطبــق تلــك املنهجيــة العلميــة يف التفكــر‪ ،‬ويُقيّــم واقعيــة األفــكار وقابليتهــا للتطبيــق‪.‬‬

‫‪86‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫تمارين على الفصل الثالث‬
‫األسئلة المقالية‪:‬‬
‫‪ .1‬اختــر أي ظاهــرة طبيعيــة تالحظهــا فــي حياتــك اليوميــة دون أن تعــرف التفســير العلمــي وراءهــا‪ .‬طبّــق‬
‫خطــوات الطريقــة العلميــة للبحــث لكــي تصــل إلــى تفســير جيــد لتلــك الظاهــرة‪( .‬مثــال‪ :‬ملــاذا نــرى النجــوم يف‬
‫املســاء فقــط؟)‬
‫متامــا ولكــن جيــب أن تطبــق خطـوات الطريقــة العلميــة يف البحــث والــي‬
‫(مالحظــة‪ :‬ال جيــب أن تبتكــر سـؤ ًال جديـ ًـدا ً‬
‫قرأت عنها يف كتاب أساســيات البحث العملي‪ ،‬جيب أال تتعدى اإلجابة ‪ 400‬كلمة)‬
‫‪ .2‬لكــي تصبــح باحثًــا محترفًــا يجــب أن تتمتــع بعــدة خصائــص‪ ،‬اذكــر بعــض تلــك الخصائــص مــع تفســير‬
‫جيــد لــكل منهــا‪ .‬هــل عاصــرت أحــد هــذه املواقــف واســتخدمت إحــدى تلــك اخلصائــص دون أن تــدرك ذلــك؟‬
‫(جيب أال تتعدى اإلجابة ‪ 400‬كلمة)‬
‫‪ .3‬لكــي تقــوم ببحــث علمــي ســليم‪ ،‬يجــب أن يمــر بحثُــك بســتة مراحــل‪ ،‬اذكرهــا مــع الشــرح‪ .‬فكــر يف سـؤ ٍال‬
‫علمـ ٍي مــا مث اتبّــع خطـوات الطريقــة العلميــة للبحــث يف اإلجابــة عليــه‪.‬‬
‫(جيب أال تتعدى اإلجابة ‪ 400‬كلمة)‬
‫األسئلة االختيارية‪:‬‬
‫نوعا من‬
‫‪ .1‬تـَُعد أخطاء المعايرة ً‬
‫األخطاء البيئية‬ ‫‪ o‬‬
‫األخطاء النظرية‬ ‫‪ o‬‬
‫أخطاء اآلالت‬ ‫‪ o‬‬
‫‪( .2‬كل تجربة يجب أن تحظى بنفس الفرصة) هو مبدأ‬
‫التوزيع العشوائى‬ ‫‪ o‬‬
‫التحكم املوضعي‬ ‫‪ o‬‬
‫التعدد‬ ‫‪ o‬‬
‫متغيرا‬
‫‪ .3‬أثناء قيامك بعملية زراعة الخاليا في معملك‪ ،‬تعد الحرارة ً‬
‫مستقل‬
‫ً‬ ‫‪ o‬‬
‫تابعا‬
‫ً‬ ‫‪ o‬‬
‫ثابتًا‬ ‫‪ o‬‬

‫‪87‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثالث‬


‫الفصل الرابع‬

‫‪4‬‬
‫أخالقيات وسلوكيات البحث العلمي‬

‫ال تس َع وراء النجاح‪ ،‬بل كُن ذا قيمة‬

‫‪-‬ألربت أينشتاين‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪89‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫أخالقيات وسلوكيات البحث العلمي‬

‫أول أن يتعلــم أخــاق البحــث‪ ،‬ولألســف قلّمــا جنــد مــن‬


‫ممــا ال شــك فيــه أن الســائر يف طريــق البحــث العلمــي عليــه ً‬
‫يهتــم بتعليــم الطــاب أخالقيــات البحــث العلمــي أثنــاء املرحلــة اجلامعيــة‪ ،‬لذلــك خصصنــا الفصــل الثالــث للحديــث عــن‬
‫«أخالقيــات وســلوكيات البحــث العلمــي»‪.‬‬
‫عندمــا نتكلــم عــن أخالقيــات البحــث العلمــي فاألمــر ال يتوقــف فقــط علــى صــدق الباحــث وأمانتــه يف عــرض نتائــج‬
‫حبثــه ‪ -‬ســلبية كانــت أو إجيابيــة‪ -‬وإمنــا ميتــد ألبعــد مــن هــذا فيشــمل ضــرورة تعلــم الباحــث وإملامــه مبهــارات أخــرى كثــرة‪.‬‬
‫إمجـ ًـال‪ ،‬ميكــن تعريــف أخالقيــات وســلوكيات البحــث العلمــي علــى أهنــا تلــك القواعــد الــي تضمــن ســر البحــث العلمــي‬
‫بطريقــة صحيحــة‪.‬‬
‫ســنتعرف علــى هــذه القواعــد والغــرض مــن ٍ‬
‫كل منهــا ضمــن مراحــل البحــث العلمــي املختلفــة‪ ،‬وأمهيــة اتبــاع تلــك القواعــد‪،‬‬
‫أيضــا بعــض األمثلــة لتوضيــح ذلــك‪.‬‬‫ليــس فقــط بالنســبة للباحــث‪ ،‬وإمنــا جملتمــع البحــث العلمــي َك ُكل‪ ،‬وســنتناول ً‬
‫يف هــذا الفصــل ســنقوم بتغطيــة اإلجابــة عــن جمموعــة مــن األســئلة املتعلقــة بأخالقيــات البحــث‪ ،‬والــي ميكــن تلخيصهــا‬
‫فيمــا يلــي‪:‬‬
‫‪ .1‬ما أخالقيات البحث العلمي؟‬
‫‪ .2‬ما مدى أمهيتها؟‬
‫‪ .3‬ما القيم اليت جيب أن يأخذها الباحث يف اعتباره عند القيام ٍ‬
‫ببحث ما؟‬
‫‪ .4‬ما النقاط اليت جيب جتنبها كباحثني؟‬
‫‪ .5‬ما ضوابط العمل على أحباث البشر واحليوانات وما أشهر خمالفاهتا؟‬
‫خمتصرا يف هذا الرسم املبسط‪.‬‬
‫ً‬ ‫وهذا ما ترونه‬
‫ُ‬

‫شكل ‪ 1‬أسئلة متعلقة بأخالقيات البحث العلمي‬


‫أول‪ :‬ما أخالقيات البحث العلمي؟‬
‫ً‬
‫أن لــكل شـ ٍ‬
‫ـيء نقــوم بــه يف حياتنــا اليوميــة جمموعـةَ مــن الضوابــط والقوانــن الــي ُتَيّــز بــن الصـواب‬ ‫ال خيفــى علــى أحـ ٍـد منــا َّ‬
‫واخلطــأ‪ ،‬والــي جيــب علينــا االلت ـزام هبــا‪ .‬كذلــك فــإن أخالقيــات البحــث العلمــي هــي تلــك الضوابــط الــي جيــب علــى‬
‫الباحــث أن يلتــزم هبــا‪ ،‬والقوانــن الــي ينبغــي عليــه اتباعهــا أثنــاء البحــث‪.‬‬
‫«عامل الناس كما حتب أن يعاملوك «‪.‬‬ ‫أول وأهم هذه القوانني ما يعرف بالقاعدة الذهبية “‪ِ ”Golden Rule‬‬
‫ُ‬
‫هــذه القاعــدة ســتجد هلــا أصـ ًـا يف معظــم األديــان والثقافــات‪ ،‬وهــي أساســية ضمــن أخالقيــات البحــث‪ ،‬فعندمــا َتِـ ُّـم بفعــل‬
‫أول أن تفكــر يف تأثــر هــذا علــى مــن حولــك‪ ،‬فــإذا وجــدت لفعلــك هــذا أثـًـرا إجيابيًــا فافعــل‪ ،‬وإال فــا‪.‬‬ ‫مــا‪ ،‬جيــب عليــك ً‬
‫مــن أوضــح األمثلــة علــى ذلــك‪ :‬االستشــهاد “‪ ،”Citation‬فكمــا ال ميكنــك أن تقبــل أن يعتمــد باحــث آخــر علــى‬
‫ـث مــا أن تعــرف لصاحبــه بالفضــل‪ ،‬بــأن‬ ‫أحباثــك دون اإلشــارة إليــك‪ ،‬كذلــك ينبغــي عليــك إذا مــا اعتمــدت علــى حبـ ٍ‬
‫ـدد مــن‬
‫أيضــا إذا قــام بالبحــث عـ ٌ‬
‫تشــر لذلــك يف حبثــك “‪ .”Acknowledgements & Citation‬كذلــك ً‬
‫متامــا كمــا ال حتــب أنــت أن يتجاهــل اآلخــرون جمهــودك‪.‬‬
‫الباحثــن‪ ،‬فــا ينبغــي اإلشــارة ألحــد دون غــره‪ً ،‬‬
‫لذلــك فأخالقيــات البحــث العلمــي ال ختتلــف كثــرا عــن تلــك الــي نتعلمهــا يف بيوتنــا‪ ،‬يف مدارســنا‪ ،‬أو يف أي مـ ٍ‬
‫ـكان‬ ‫ً‬
‫آخــر‪ ،‬فهــي نفــس القواعــد الــي جتعــل منــا مواطنــن صاحلــن يف وطننــا الــذي نعيــش فيــه‪ ،‬نعامــل اآلخريــن بطريقــة حســنة‪،‬‬
‫وحنــرم حقوقهــم ونعــرف بفضلهــم‪.‬‬
‫فرابطــة البحــث العلمــي أشــبه برابطــة الوطــن‪ ،‬وينبغــي علــى الباحــث أن يراعــي حقــوق املواطنــة فيهــا‪ .‬وهــذا هــو لُــب مــا‬
‫ميكــن أن تُوصــف بــه أخالقيــات البحــث العلمــي‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬ما مدى أهمية وضع أخالقيات البحث العلمي؟‬


‫سنجيب عن هذا السؤال يف نقطتني‪:‬‬
‫‪ .1‬كمــا ذكرنــا يف مقدمــة الكتــاب فــإن البحــث العلمــي يهــدف يف األســاس إىل زيــادة املعرفــة لــدى الباحــث‪ ،‬والــي‬
‫ميكــن هلــا بعــد ذلــك أن ُت ِّكنــه مــن االقـراب مــن احلقيقــة‪ ،‬وتســاعده لتصحيــح األخطــاء‪ ،‬أو ُتنّبــه الوقــوع فيهــا مــن‬
‫البدايــة‪ .‬ولتحقيــق ذلــك فــا بــد للباحــث مــن التـزام الدقــة وعــدم نشــر حبثــه بشــكل خمالــف للطــرق العلميــة املتعـ َـارف‬
‫ـدرا‬ ‫ُ‬
‫عليهــا لنشــر األحبــاث‪ ،‬كمــا ال ميكــن لــه أن يقــوم بكتابــة نتائــج مل يصــل إليهــا حقيقـةً ألن ذلــك ســيكون مصـ ً‬
‫للضــرر وخمال ًفــا للغــرض األساســي للبحــث‪ ،‬أال وهــو معرفــة احلقيقــة وتصحيــح األخطــاء‪ ،‬وإظهــار ذلــك بأمانـ ٍـة‬
‫لآلخريــن‪ ،‬وهــذا يســتدعي وضــع ضوابــط ثابتــة ُملزمــة للباحثــن كافــة‪.‬‬
‫‪ .2‬أمــا النقطــة الثانيــة فهــي تراكميــة املعرفــة وأمهيــة العمــل اجلماعــي يف البحــث العلمــي‪ ،‬إذ ال ميكــن لشــخص أن‬
‫ـكارا جديــدة ال تكــون إال مــن خــال‬ ‫ٍ‬
‫يقــوم بإمتــام حبــث علمــي مبفــرده‪ ،‬كمــا أن األحبــاث اجليــدة والــي حتمــل أفـ ً‬
‫وحتكمهــم‬ ‫ـس األهــداف والــرؤى‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـم‬
‫ـ‬ ‫ه‬‫جتمع‬ ‫ـن‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫آخ‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫ث‬ ‫باح‬ ‫ـع‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـاء‬
‫ـ‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫اســتقر ٍاء جيــد ألفــكار مــن ســبقوك‪ ،‬وتعـ ٍ‬
‫ـاون‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جمموعـةٌ مــن القواعــد‪.‬‬
‫هلذين السببني صار لز ًاما على اجملتمع العلمي أن يضع ضوابط للتعامل وأخالقيات تنظم العالقة فيما بينهم‪.‬‬

‫‪90‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫جدوى االلتزام بأخالقيات البحث العلمي‬
‫أن الغايــة األُوىل مــن البحــث العلمــي هــي زيــادة املعرفــة احلقيقيــة‪ ،‬وال يكــون ذلــك إال مــن خــال أدلـ ٍـة‬ ‫أوضحنــا فيمــا ســبق َّ‬
‫ـاس علمـ ٍي متــن‪ ،‬ويهــدف البحــث العلمــي كذلــك إىل احلفــاظ علــى جمموعــة مــن القيــم اجملتمعيــة‪.‬‬ ‫ـن مبنيـ ٍـة علــى أسـ ٍ‬ ‫وبراهـ َ‬
‫ـث مــا‪ ،‬فقــد ختتلــف نســبة مشــاركة كل باحــث يف تأليــف‬ ‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬عندمــا يقــوم جمموعــة مــن الباحثــن بإجـراء حبـ ٍ‬
‫ذلــك البحــث “‪ ،”Authorship‬وهــذا مــا جيــب مراعاتــه عنــد نشــر هــذا البحــث‪ ،‬كذلــك اعتمــاد الباحــث علــى حبــث‬
‫آخــر يوجــب عليــه أن يُشــر لذلــك يف حبثــه متّ ًبعــا قواعــد حقــوق النشــر “‪ ”Copyright Policies‬مــا يعــي أنــه قــام‬
‫باإلشــارة “‪ ”Citation‬إىل أحبــاث غــره‪ ،‬فهــذا ح ّقهــم‪ ،‬وهــو مــا ال ُيكــن لباحـ ٍ‬
‫ـث أن يتجاهلــه‪.‬‬
‫أيضــا اإلشــارة إىل أي‬ ‫ليــس ذلــك فحســب‪ ،‬بــل حــى يف مشــاركة املعلومــات مــع اآلخريــن أو عنــد مراجعــة أحباثهــم‪ ،‬جيــب ً‬
‫حبــث يقــوم الباحــث باالســتفادة منــه‪ ،‬أيـًـا كان نــوع االســتفادة‪ .‬وهــذا هــو قانــون دولــة البحــث العلمــي‪ ،‬والــذي يضمــن‬
‫تعاونـًـا مثمـًـرا للمواطنــن فيهــا‪.‬‬
‫علــى ســبيل املثــال فــإن صناعـةُ دو ٍاء باالســتعانة بنتائــج حبــث علمــي حيتــوي علــى خطـ ٍـأ مــن الباحــث‪ -‬بقصــد أو بــدون‬
‫ـرر البالــغ باملرضــى‪ ،‬فعــدم التـزام الباحثــن بقواعــد الســامة يف إجـراء جتــارب الكيميــاء وغريهــا ميكــن‬ ‫ِ‬
‫قصــد‪ -‬قــد يـُْلحـ ُـق الضـ َ‬
‫أن يــؤدي إىل الضــرر الشــديد ورمبــا الوفــاة‪.‬‬

‫عواقب عدم االلتزام بأخالقيات البحث العلمي‬


‫وكمــا هتــدف أخالقيــات البحــث العلمــي إىل احلفــاظ علــى حيــاة اآلخريــن‪ ،‬وتوفــر األمــان هلــم‪ ،‬وتزويدهــم باملعلومــات علــى‬
‫أسـ ٍ‬
‫ـاس علمــي‪ ،‬وتبصريهــم مبواضــع الزلــل‪ .‬فــإن اإلملــام هبــا وتطبيقهــا يعــود بالنفــع علــى الباحــث نفســه‪ ،‬ويقيــه مــن عواقــب‬
‫كثــرة‪ ،‬قــد يصــل بعضهــا إىل تدمــر مســتقبله البحثــي كامـ ًـا‪ ،‬إذا مــا خالــف تلــك القواعــد‪.‬‬
‫فعلــى ســبيل املثــال نذكــر مــا وقــع بالفعــل لطالــب دكتــوراه يف جامعــة واشــنطن‪ ،‬عندمــا اكتُ ِشــف تزويــره لبعــض النتائــج‬
‫يف أربعــة أحبــاث‪ ،‬منهــا ثالثــة أحبــاث مت نشــرها بالفعــل‪ ،‬ومنهــا مــا كان يف طريقــه للنشــر‪ .‬مــا جعلــه يعــرف بأنــه قــد قــام‬
‫بتغيــر بعــض النتائــج‪ ،‬معلـ ًـا ذلــك بأنــه مل يكــن لديــه احلافــز الــكايف أو الصــر الــازم للحصــول علــى النتائــج بعــد عــدد‬
‫مقنعــا للمحققــن معــه يف اجلامعــة‪ ،‬ممــا أدى هبــم‬ ‫مــن التكـرارات هبــدف الوصــول إىل احلقيقــة‪ .‬كل هــذا بالطبــع مل يكــن ً‬
‫إىل فصلــه‪ ،‬ومنعــه مــن إكمــال دراســته لدرجــة الدكتــوراه‪ ،‬بــل وكان لفعلــه هــذا عقــاب آخــر بأثــر رجعــي فقــد ُســحبت منــه‬
‫درجــة املاجســتري‪ ،‬والــي قــد حصــل عليهــا بالفعــل قبــل ســنوات‪ ،‬ليــس هــذا فحســب‪ ،‬بــل مت إلغــاء أحباثــه األربعــة املنشــورة‪،‬‬
‫والــي اعـ َـرف بتزويــر بعــض النتائــج هبــا‪ ،‬وامتــدت العقوبــة كذلــك إىل حرمانــه مــن حــق التقــدم للحصــول علــى التمويــل‬
‫الــذي تقدمــه املؤسســة الوطنيــة للعلــوم بالواليــات املتحــدة املعروفــة اختصـ ًـارا “‪ ”NSF‬والــي تقــوم بتمويــل األحبــاث‬
‫العلميــة‪ ،‬وذلــك ملــدة ثــاث ســنوات‪ .‬مــا يعــي أن مســتقبله يف البحــث العلمــي قــد ُد ّمــر ُكلي ـةً‪ ،‬وذلــك ملخالفتــه ‪ -‬عــن‬
‫عمــد‪ -‬قواعــد وأخالقيــات البحــث العلمــي‪.‬‬
‫فعلــى الباحــث أن يعــي جيـ ًـدا أن خمالفــة أخالقيــات البحــث العلمــي ســيُلحق بــه أضـر ًارا كثــرة‪ ،‬خاصـةً إذا كان ذلــك منــه‬
‫عــن عمــد‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫ميكن تلخيص ما سبق يف مخس نقاط‪:‬‬
‫‪ .1‬البحــث العلمــي أدا ًة فعالـةً إلحــداث تقــدم علمــي “‪ ”Scientific Progress‬حقيقــي يشــهده اجملتمــع‬
‫ـبيل إال إظهــار احلقائــق‪ ،‬وحتــري الدقــة فيمــا يتــم نشــره مــن أحبــاث وحقائــق علميــة‪.‬‬
‫العلمــي‪ .‬وليــس لذلــك سـ ٌ‬
‫‪ .2‬بعــض األحبــاث يكــون هلــا تأثــر مباشــر علــى اجملتمــع‪ ،‬علــى حيــاة النــاس أو علــى البيئــة احمليطــة هبــم‪ ،‬لذلــك يكــون‬
‫حتقيــق مــا ســبق مرهونـًـا بدقــة هــذه األحباث‪.‬‬
‫ـرا مــن االحـرام والتقديــر مــن اجملتمــع ملــا يقدمونــه مــن فوائــد مجّــة ونفــع‪ ،‬بــل ويعتربهــم‬ ‫‪ .3‬الباحثــون ينالــون نصيبًــا كبـ ً‬
‫النــاس قــدوةً ومثـ ًـا ملــا هلــم مــن عظيــم األثــر‪ .‬هــذا كلــه ُيتــم علــى الباحــث أن حيســن معاملــة اآلخريــن‪ ،‬وأن يكــون‬
‫مواطنًــا صاحلًــا يف وطــن العلــم‪ ،‬كمــا ذكرنــا آن ًفــا‪.‬‬
‫‪ .4‬الســمعة العلميــة احلســنة مــن أهــم مــا مييــز الباحــث يف مسـرته البحثيــة‪ ،‬ويرفــع مــن درجتــه الوظيفيــة‪ ،‬فبمجــرد‬
‫حتريــه الدقــة فيمــا‬
‫أن يتكــون لــدى جمموعــة مــن العلمــاء وكبــار الباحثــن مسعــة ســيئة عــن باحــث مــا مــن خــال عــدم ّ‬
‫يقــوم بنشــره مــن أحبــاث‪ ،‬أو كــون أحباثــه ال حتمــل قيمـةً مضافـةً إىل أحبــاث مــن ســبقوه‪ ،‬يكــون لذلــك أثــر ســليب علــى‬
‫كل أحباثــه‪ ،‬مــا يقــف َعثــرة أمــام تقدمــه الوظيفــي يف جمــال البحــث العلمــي‪.‬‬
‫‪ .5‬حتـ ّـري الدقــة فيمــا يقــوم الباحــث بنشــره هــو ســبيله الوحيــد للوصــول لتلــك املكانــة بــن العلمــاء والباحثــن‪،‬‬
‫ـدر مــن الثقــة واحلفــاوة والتقديــر‪.‬‬ ‫ويكــون لنتاجــه البحثــي قـ ٌ‬

‫شكل ‪ 2‬األسباب الخمس الرئيسية التباع أخالقيات البحث العلمي (‪)Source: elsevier.com/ethics‬‬

‫‪92‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫ٍ‬
‫ببحث ما؟‬ ‫ثالثًا‪ :‬ما القيم التي يجب أن يأخذها الباحث في اعتباره عند القيام‬
‫األمانة “‪:”Honesty‬‬
‫األمانــة يف كتابــة النتائــج “‪ .”Reporting‬كذلــك األمانـةُ يف وصــف الطــرق املســتخدمة “‪،”Methodology‬‬
‫باإلضافــة إىل األمانــة يف وصــف وحتليــل البيانــات والنتائــج “‪ .”Data Analysis‬وهــذا األمــر يف غايــة األمهيــة‪ ،‬وبنــاءً‬
‫عليــه تكــو ُن جــودة البحــث وقــوة الباحــث‪ .‬وأهــم معيــا ٍر مــن معايــر جــودة البحــث‪ ،‬هــو مــدى اعتمــاد الباحثــن اآلخريــن‬
‫عليــه‪ ،‬واإلشــارة إليــه “‪ ،”Citation‬وهــذا ال يكــون إال بتحــري الصــدق واألمانــة يف كل مرحلــة مــن مراحــل البحــث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫ومــن أهــم املواضــع الــي تنعــدم فيهــا األمانــة‪ ،‬اصطنــاع بيانــات مــن أجــل احلصــول علــى نتائــج قــد تبــدو صحيحــة لكنهــا غــر‬
‫حقيقيــة (تأليــف النتائــج “‪ ،)”Fabrication‬أو القيــام بتزييــف وتزويــر النتائــج مــن خــال عمــل بعــض التعديــات‬
‫ـب‬
‫علــى البيانــات (تزويــر النتائــج “‪ ،)”Falsification‬وهــذا كلــه خيالــف أخالقيــات البحــث العلمــي‪ ،‬وينــذر بعواقـ َ‬
‫وخيمــة‪ ،‬عاجـ ًـا كان أو آجـ ًـا كمــا ســنعرض الح ًقــا‪.‬‬

‫الحيادية “‪:”Objectivity‬‬
‫أي احنيــاز‪ ،‬ال عنــد عرضــه لبحثــه‪ ،‬وال عنــد تقييمــه ألحبــاث اآلخريــن‪ .‬فعلــى ســبيل‬ ‫احلياديــة تعــي أال يكــون للباحــث ُ‬
‫ـوة أو جمموعـ ٍـة مــن اخلطـوات أثنــاء قيامــه بتجربــة مــا ‪ -‬دون اإلشــارة لذلــك‪ -‬هبــدف الوصــول‬ ‫املثــال‪ ،‬تغيــر الباحــث خلطـ ٍ‬
‫ـدم التز ِامــه احلياديــة أثنــاء عــرض خط ـوات التجربــة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لنتائــج مــا تبــدو أكثــر قبـ ًـول‪ ،‬يعــي احنيـ َـاز الباحــث وعـ َ‬
‫أن البحــث العلمــي قائـ ٌـم يف األســاس علــى فكــرة التطــوع‪ ،‬فليــس هنــاك هيئــة معينــة تقــوم‬ ‫أيضــا نــود أن نُنـ ّـوه هنــا إىل َّ‬
‫ً‬
‫باإلنفــاق علــى مراجعــة األحبــاث قبــل نشــرها يف اجملــات العلميــة‪ .‬ولذلــك فمــع تَ َكـ ّـون اخلــرة لــدى الباحــث‪ ،‬يُطلــب منــه‬
‫إبــداءُ رأيــه ومناقشــتُه ألحبــاث غــره واحلكـ ُـم عليهــا‪ .‬لذلــك جيــب علــى الباحــث أال يكــون منحـ ًـازا مــع أو ضــد أحـ ٍـد ألي‬
‫ـباب شــخصية‪ ،‬وإمنــا يتوجــب عليــه أن ينحــاز فقــط لدقــة ووضــوح البحــث‪ ،‬وحيــدد بنــاءً علــى ذلــك قبُولُــه أو رفضــه‪.‬‬ ‫أسـ ٍ‬
‫وخنتم احلديث عن هذه القيمة بذكر أحد األقوال املهمة‪:‬‬
‫“‪People devote entire career based on scientific findings. If you‬‬
‫‪are not going to be trustful in what you report, you have not only‬‬
‫‪.”wasted people›s time, you have wasted their lives‬‬
‫‪Librarian USA-‬‬
‫ـرا مــن الباحثــن يقضــون وقتًــا طويـ ًـا مــن أجــل الوصــول إىل احلقائــق العلميــة‪ ،‬مــن خــال قـراءة الكثــر‬
‫وهــذا يعــي أن كثـ ً‬
‫مــن األحبــاث‪ ،‬فلــو مل تكــن مــن البدايــة تتحــرى الدقــة فيمــا تكتــب وتنشــر‪ ،‬فتوقــف عــن ذلــك‪ ،‬فإنــك ال تضيــع أوقاهتــم‬
‫ســعيًا وراء معلومــات غــر دقيقــة فحســب‪ ،‬بــل إنــك يف الواقــع تضيــع أعمارهــم!‬

‫‪93‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫الحرص “‪:”Carefulness‬‬
‫يصــا‪ .‬وهــذا مــن أهــم قيــم أخالقيــات البحــث العلمــي‪ .‬فبعــض األخطــاء تقــع‪ ،‬ال عــن‬ ‫جيــب علــى الباحــث أن يكــون حر ً‬
‫قصــد وإمنــا لقل ـةُ حــرص الباحــث دون وجــود ســوء نيــة يف ذلــك‪ .‬وميكــن التغلــب علــى ذلــك مبراجعـ ِـة النتائــج والبيانــات‬
‫ـوم بتســجيل مــا يقــوم‬ ‫ِ‬ ‫حبـ ٍ‬
‫ـرص شــديد‪ ،‬ومراجعــة نتائــج اآلخريــن املشــاركني يف نفــس البحــث‪ .‬كمــا يتعــن علــى الباحــث أن يقـ َ‬
‫جمعــة واالس ـراتيجية‪ ،‬الــي اعتمــد‬ ‫بــه للحصــول علــى تلــك النتائــج “‪ ،”Recording‬وأن يتأكــد أن املعلومــات امل َّ‬
‫عليهــا يف تصميــم التجربــة‪ ،‬ســتكون متاحـةً ومذكــورةً يف حبثــه‪ ،‬فيتمكــن اآلخــرون بذلـُـك مــن اســتخدامها إذا مــا أرادوهــا‬
‫ـرض آخــر‪ ،‬دون إضاعــة وقــت يف ذلــك‪.‬‬ ‫لغـ ٍ‬
‫أيضا أن نذكر أحد األقوال املهمة فيما خيص قيمة احلرص‪:‬‬
‫ونود هنا ً‬
‫ُّ‬
‫“‪Without absolutely rigorous data and complete accuracy, scientific‬‬
‫‪.”inquiry cannot advance‬‬
‫‪Laurie Calhoun, Librarian, USA-‬‬
‫أي‬
‫وهــذا يعــي أنــه إذا مل تكــن هنــاك دقـةٌ يف تســجيل املعلومــات والطــرق العلميــة املُتَّبَعــة يف البحــث‪ ،‬فلــن يكــون هنــاك ّ‬
‫تقــدٍُّم علمــي‪ .‬فالقاعــدة األساســية يف البحــث العلمــي‪ ،‬أن الباحــث يبــدأ مــن حيــث انتهــى اآلخــرون‪ ،‬مث يــأيت ِمــن بعـ ِـده‬
‫ـج ِلة بدقـ ٍـة وتفصيــل‪.‬‬‫ـبيل إىل ذلــك إال بتوافــر املعلومــات الصحيحـ ِـة املسـ َّ‬
‫ٌ‬ ‫َمــن يبــدأ مــن حيــث انتهــى هــو‪ .‬وليــس هنــاك سـ‬
‫ُ‬
‫احترام الملكية الفكرية‪:‬‬
‫ـرا يف ســبيل الوصــول إىل نتائــج‬
‫ممــا ال خيفــى علــى أحــد يف جمتمــع البحــث العلمــي وخارجــه‪ ،‬أن الباحــث يبــذل جهـ ًـدا كبـ ً‬
‫أيضــا‪ .‬لــذا كان ح ًقــا للباحــث‬ ‫صحيحــة وبطـ ٍ‬
‫ـرق ُمت َقنــة ليتمكــن مــن نشــرها بعــد ذلــك‪ .‬وهــذا يتطلــب منــه وقتًــا طويـ ًـا ً‬
‫علــى اجملتمــع البحثــي أن ُيــرم ح ُقــه‪ ،‬وأن يُقـ ّدر ُجهــده‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال‪:‬‬
‫‪ .1‬ال ميكن لشخص أو مؤسسة استغالل براءة اخرتاع ملنتَج دون الرجوع إىل صاحبها‪.‬‬
‫‪ .2‬جيب أن تشري “‪ ”Citation‬لألحباث اليت اقتبست منها يف حبثك‪.‬‬
‫ـات مل تُنشــر بعــد‪ ،‬فــا ميكـ ُـن‬‫ـاث‪ ،‬ووجــدت أثنــاء املراجعــة نتائــج ومعلومـ ٍ‬
‫‪ .3‬لــو أنـّـك ممــن يقومــون مبراجعـ ِـة األحبـ ِ‬
‫َ‬
‫أول‪.‬‬
‫ـوع ملالكهــا ً‬
‫لــك أن تَســتخدم أيـًـا منهــا دو َن الرجـ ِ‬
‫ـرق العرفـ ِ‬
‫ـان والتقديـ ِر ملــا يبذلــه اآلخــرون مــن‬ ‫ـب‪ .‬وتتبايـ ُـن طـ ُ‬
‫‪ .4‬إســداء الشــكر ملــن اســتفدت منــه يف أحباثــك واجـ ٌ‬
‫جمهــود‪ .‬فيُمكــن مثـ ًـا اإلشــارةُ إليهــم “‪ ”Citation‬أو توجيــهُ الشــك ِر هلــم “‪”Acknowledgement‬‬
‫عامــة‪ ،‬وإىل حبثــك خاصــة‪.‬‬
‫نظـ ًـرا ملــا أضافــوه إىل اجملتمــع البحثــي ً‬
‫أن أفــكار الباحثــن وكتاباهتــم ملكي ـةٌ فكري ـةٌ هلــم “‪Intellectual‬‬ ‫‪ .5‬أخــرا وليــس ِ‬
‫آخـ ًـرا‪ ،‬فكمــا أش ـرنا إىل َّ‬ ‫ً‬
‫ـتخدامها إال بشــروط‪ ،‬فــإن التعــدي علــى ملكياهتــم يـَُعــد َسـ ِرقة أدبيــة “‪.”Plagiarism‬‬‫‪ ”property‬ال ميكــن اسـ ُ‬

‫‪94‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫مسؤوليةُ النشر‪:‬‬
‫القيام بنش ِر أحباثِك‪ .‬منها ً‬
‫مثل‪:‬‬ ‫هناك جمموعة من املخالفات جيب عليك جتنُبها عند ِ‬
‫ُ‬
‫ـدمي إضافـ ٍـة علميــة حقيقيــة‪ .‬هــذا‬ ‫ـاث منشــورٍة دو َن تقـ ِ‬‫ـك مــن أحبـ ٍ‬‫• أن يكــو َن هدفُــك الوحيـ ُـد هــو زيــادةُ مــا لديـ َ‬
‫يعتــر تضييعــا لوقــت القائمــن علــى مراجعــة البحــث وجهودهــم‪ .‬إذا كان البحــث يتألــف مــن عش ـ ِر صفحـ ٍ‬
‫ـات‬ ‫ً‬
‫مثـ ًـا‪ ،‬حيتــاج مــا ال يقــل عــن ســاعتني ملراجعتــه قبــل نشــره‪ .‬وال يقتصــر األمــر علــى ُمراجــع واحـ ٍـد فقــط‪ ،‬ممــا يعــي أن‬
‫ـمل عــد َة مراحـ ٍـل قبــل املوافقــة علــى نشــر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القائمــن علــى مراجعــة األحبــاث ُيضــون وقتًــا طويـ ًـا يف عمليــة معقــدة تشـ ُ‬
‫الباحث حبثه إىل اللَّجنة القائمة على املراجعة يف جملة أو مؤمتر‪ ،‬تقوم اللجنة‬ ‫ُ‬ ‫رسل‬
‫َ‬ ‫البحث أو رفضه‪ ،‬فبمجرد أن ي‬
‫ُ‬
‫مرفوضــا‬ ‫ـث‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫باختيــار مــن ســيتوىل عملي ـةَ املراجعــة‪ ،‬ليقــوم بتقييــم البحــث بشــكل أويل‪ ،‬مث يقــرر مــا إذا كان البحـ ُ‬
‫مقبول بشروط “‪.”Accepted Conditionally‬‬ ‫مقبول “‪ ”Accepted‬أو ً‬ ‫“‪ ،”Rejected‬أو ً‬
‫ـزء‪ ،‬أو جمموعـ ٍـة مــن األجـزاء‪ ،‬أو حــى القيــام بإعــادة جتربــة مــا للتأكــد مــن‬ ‫مــن هــذه الشــروط مثـ ًـا‪ ،‬القيــام بتغيـ ِر جـ ٍ‬
‫ُ‬
‫ـن عليــك أن تفكـَـر جيـ ًـدا قبــل إهــدار أوقــات اآلخريــن يف حبــث ال حيمــل‬ ‫كل هــذا‪ ،‬يُعـ ِّ ُ‬
‫صحتهــا قبــل نشــر البحــث‪ُ .‬‬
‫فائــد ًة إضافيــة وال يقــدم جديـ ًـدا‪ ،‬وتلــك مســؤولية النشــر‪.‬‬
‫ـرف عليــه مــن قِبَـ ِـل املراجعــن‪ ،‬ويرتتــب‬
‫• أن تقــوم بنشــر حبثــك أكثــر مــن مــرة يف أكثــر مــن جملــة‪ .‬وهــذا يَسـ ُـهل التعـ ُ‬
‫ـار ســلبيةٌ كثــرة إذا مــا مت معرفتــه يف احلــال‪ .‬وحــى لــو اســتطعت أن ختدعهــم لبعــض الوقــت فلــن تفلــح‬ ‫علــى ذلــك آثـ ٌ‬
‫بعضــا‪ ،‬إذ تكــون أشــبه بإعــادة تدويــر مــا مت‬ ‫بعضهــا ً‬ ‫أبـ ًـدا فيمــا بعــد‪ .‬فســوءُ الســمعة ســيالحق أحباثــك الــي يشــبه ُ‬
‫نشــره مــن قبــل “‪ ،”Recycling‬ممــا ســيدفع اآلخريــن إىل عــدم االكـراث ملــا تقــوم بنشــره مــن أحبـ ٍ‬
‫ـاث الح ًقــا‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬ما أكثر األخطاء السلوكية “‪ ”Misconducts‬التي قد يقع فيها الباحث‪،‬‬


‫رً‬
‫مخال ًفا أخالقيات البحث العلمي؟‬
‫‪ .1‬السرقة األدبية من اآلخرين “‪.”Plagiarism‬‬
‫‪ .2‬تكرار النشر “‪.”Duplicate Submissions‬‬
‫‪ .3‬التعدي على حقوق التأليف لآلخرين “‪ ”Authorship‬أو نسبة البحث ملن ال يستحق‪.‬‬
‫‪ .4‬تزوير النتائج “‪.”Research Fraud‬‬
‫‪ .5‬خمالفة الضوابط اخلاصة بالتعامل مع البشر أو حىت مع احليوانات إذا كانوا جزءًا من البحث‪.‬‬
‫لنتحدث اآلن عن كل نقطة بشيء من التفصيل‪.‬‬

‫السرقة األدبية “‪:”Plagiarism‬‬


‫هــو أن تقــوم عامـ ًـدا بســرقة مــا قــام بــه اآلخــرون يف كتابــة األحبــاث دون اإلشــارة إىل أحباثهــم الــي اعتمــدت عليهــا يف حبثــك‬
‫«‪ »Citation‬أو دون توجيــه شــكر هلــم « ‪ »Acknowledgment‬اعرتافًــا منــك بالفضــل ملــا انتفعــت بــه مــن‬
‫إســهاماهتم الســابقة يف حبثــك‪.‬‬

‫‪95‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫يد من اإليضاح سنستعرض بعض النماذج العملية‪:‬‬ ‫وملز ٍ‬
‫تعســر عليــك تعريــف مصطلـ ٍـح‬ ‫ـألة مــا تــم شــرحها مــن قبــل‪ ،‬أو َّ‬ ‫ـال وصــف مسـ ٍ‬ ‫مــاذا لــو واجهتــك صعوب ـةٌ ِحيـ َ‬
‫“‪ ”Concept‬وجــدت فــي أبحــاث اآلخريــن مــن قــام بوصفــه‪ ،‬ثــم قمــت بنســخه كمــا هــو دون أي تعديــل‬
‫“‪ ،”Literal Copying‬هــل يوصــف ذلــك بســرقة األفــكار أو بالســرقة األدبيــة “‪”Plagiarism‬؟‬
‫واإلجابــة عــن هــذا السـؤال أن هــذا ال يعــد نوعــا مــن الســرقة املطلقــة كأ ْن تقــوم بنســخ نتائــج أو إحصائيـ ٍ‬
‫ـات مــن أحبــاث‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫اضعــا‬
‫ـوح و ً‬
‫نصوصــا مملوكــة آلخريــن أن تشــر إليهــا بوضـ ٍ‬
‫ً‬ ‫آخريــن‪ ،‬ولكــن جيــب عليــك يف الوقــت ذاتــه إذا مــا اســتخدمت‬
‫إياهــا بــن أقـواس “‪ ”Quotation marks‬للداللــة علــى أن تلــك النصــوص مت اقتباســها مــن حبــث آخــر‪.‬‬
‫مت بإعادة صياغة النص مرًة أخرى إلخراجه بأسلوبك دون تغيي ٍر في الفكرة الرئيسية؟‬
‫ماذا لو قُ َ‬
‫ـول أن تقــوم بإعــادة صياغــة مــا صاغــه‬
‫أيضــا ال يُعــد خمال ًفــا ألخالقيــات البحــث العلمــي‪ ،‬ولكـ ْـن بضوابــط‪ ،‬فمقبـ ٌ‬
‫هــذا ً‬
‫ـتفيدا منهــا دون إعطائهــم حقهــم “‪ ،”Credit‬وذلــك‬ ‫جهودهــم الــي بذلوهــا مسـ ً‬
‫ـول أن تتجاهـ َـل َ‬ ‫اآلخــرون‪ .‬وغــر مقبـ ٍ‬
‫باإلشــارة ألحباثهــم كمــا ذكرنــا آن ًفــا‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ميكن تلخيص الفرق بني احلالتني فيما يلي‪:‬‬
‫نصــا “‪ ”Literal Copying‬يف‬
‫• يف احلالــة األوىل‪ :‬يتوجــب عليــك وضــع النصــوص الــي قمــت بنســخها ً‬
‫حبثــك بــن قوســن‪ ،‬وتوضيــح نســبتها إىل قائلهــا‪.‬‬
‫ـخت‬
‫• يف احلالــة الثانيــة‪ :‬يكفــي أن تشــر فقــط إىل البحــث الــذي اســتفدت منــه‪ ،‬إذا مــا أعــدت صياغ ـةَ مــا نسـ َ‬
‫بأســلوبك وهــو مــا يُعــرف ب ـ “‪ ”Paraphrasing Plagiarism‬كمــا هــو احلــال‪.‬‬
‫مــاذا يحــدث لــو قمــت بســرقة أفــكار اآلخريــن أو نتائجهــم التــي توصلــوا إليهــا وقامــوا بنشــرها‪ ،‬وأدرجتهــا ضمــن‬
‫نتائــج بحثــك دون اإلشــارة لذلــك؟‬
‫هلــذا النــوع مــن الســرقة عواقــب وخيمــة‪ .‬فبمجــرد التحقــق ممــا قمــت بــه‪ ،‬يكــون أول هــذه العواقــب هــو ســحب حبثــك‪ ،‬حــى‬
‫بعــد نشــره‪ .‬ليــس ذلــك فحســب‪ ،‬إذ رمبــا يُشــار إىل مــا قمــت بــه مــن ســرقة‪ .‬وال ينتهــي األمـ ُـر عنــد ذلــك احلــد‪ ،‬بــل قــد‬
‫لح ُق بســمعتك‬ ‫يدفــع ذلــك اجلهـةَ أو املركــز البحثــي الــذي تعمــل لديــه إىل معاقبتــك بــأي صــورٍة مــن صــور العقــاب‪ ،‬مــا ســي ِ‬
‫ُ‬
‫ـرا ملــا فعلــت‪ .‬وميكــن تلخيــص العقوبــات يف اآليت‪:‬‬ ‫البحثيــة الســوءَ‪ ،‬نظـ ً‬
‫سحب البحث بعد نشره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ .2‬اســتحقاق العقوبــة الــي قــد تصــل للرفــد واملنــع مــن العمــل لــدى اجلهــة الــي كنــت تعمــل لديهــا أو أي جهــة‬
‫حبثيــة أخــرى‪.‬‬
‫‪ .3‬ارتباط امسك وأحباثك بسمعة سيئة قد تالحقك إىل األبد‪.‬‬
‫ومثال على ذلك‪ ،‬ما حدث بالفعل ألستاذ مساعد يف جامعة “‪ ”University of Pittsburgh‬وهي واحدة‬ ‫ً‬
‫ـب للحصــول علــى منحـ ٍـة مــن مؤسسـ ٍـة تقــوم بتمويــل األحبــاث‪ ،‬وقــام‬‫مــن كــرى اجلامعــات يف أمريــكا‪ ،‬عندمــا تقــدم بطلـ ٍ‬
‫عامـ ًـدا بنقــل أجـزاء كبــرة كمــا هــي مــن حبثــن مت نشـرمها قبــل ذلــك‪ ،‬ومت اكتشــاف الواقعــة‪ ،‬ممــا دفــع اجلامعـةَ إىل فصلــه‪،‬‬
‫ومل يتوقــف األمــر عنــد ذلــك احلــد‪ ،‬بــل قــررت املؤسســة املاحنــة للتمويــل رفــض طلبــه ومنعــه كذلــك مــن حــق التقــدم ألي‬
‫‪96‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬
‫مؤسســة أخــرى لطلــب منحـ ٍـة يف وقــت الحــق‪ .‬وهــذا يعــي حرفيًــا ضيــاع مســتقبله البحثــي‪ ،‬وذلــك ألن أغلــب اجلهــات‬
‫املاحنــة واملمولــة لألحبــاث يف أوروبــا وأمريــكا جهــات حكوميــة‪ ،‬فحــى إن مت قبولــه يف جامعــة أخــرى‪ ،‬لــن يتمكــن مــن‬
‫احلصــول علــى متويــل ألحباثــه مــن أي جهــة!‬
‫ـافعا‬ ‫ِ‬
‫والســرقة األدبية ُج ٌرم ال يســقط بالتقادم‪ ،‬فبعض الباحثني مت اكتشــاف ســرقاتم بعد ســنوات عدة‪ ،‬ومل يكن ذلك شـ ً‬
‫هلــم‪ ،‬ومت عقاهبــم‪ ،‬وناهلــم مــا ناهلــم مــن ســوء الســمعة!‬

‫تكرار النشر‪:”Duplicate Submissions“ :‬‬


‫قائمــا علــى تقــدمي جديـ ٍـد مل يســبق نشــره‬
‫وهــو أن تقــوم بنشــر حبثــك أكثــر مــن مــرة‪ ،‬إذ جيــب أن يكــون حبثــك يف األســاس ً‬
‫مــن قبــل‪ ،‬وليــس فقــط تكـر ًارا وإعــاد ًة ملــا مت نشــره قبــل ذلــك‪.‬‬
‫أيضــا احرتامــا لوقــت وجهــد املتطوعــن ملراجعــة األحبــاث‪ ،‬جيــب عليــك أال ترســل حبثــك للنشــر يف أكثــر مــن جهــة يف ٍ‬
‫آن‬ ‫ً‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫مجيعا على ذلك ويكون هناك تنســيق بينهم‪ ،‬وإال كان هذا خرقًا ألخالقيات النشــر‪.‬‬ ‫واحد‪ ،‬إال بإعالمهم‪ ،‬فقد يوافقوا ً‬
‫تكرار النشر – قصة حقيقية‬
‫«لقــد اســتقبلنا طلــب نشــر مصحــوب باخلطــاب االعتيــادي ُموقــع مــن قِبَــل املؤلفــن يصرحــون بــأن البحــث مل يتــم تقدميــه‬
‫إىل أي جملــة علميــة أخــرى ليتــم النظــر فيــه‪ .‬بالصدفــة أحــد املراجعــن املختاريــن ملراجعــة هــذا البحــث‪ ،‬تســلم نفــس البحــث‬
‫أيضــا خطابـًـا مــن‬
‫مــن خــال جملــة علميــة أخــرى بعــد مــرور شــهر تقريبًــا‪ .‬أكــدت اجمللــة العلميــة الثانيــة أهنــم قــد تل ّق ـوا ً‬
‫املؤلفــن يصرحــون فيــه بأهنــم مل يتقدمـوا بالبحــث ألي جهــة أخــرى ليتــم النظــر فيــه‪.‬‬
‫العواقب‪:‬‬
‫• مت رفض الورقة البحثية مباشرة من كليت اجلهتني‪.‬‬
‫• مت حظر املؤلفني من تقدمي أوراق حبثية إىل هاتني اجلهتني لعدد من السنني‪.‬‬
‫• مت إعالن أمساء املؤلفني‪.‬‬

‫صور مختلفة لهذا الخطأ‪:‬‬


‫وهناك ٌ‬
‫إعادة تدوير النص “‪:”Text Recycling‬‬
‫أيضــا ســرقة‪،‬‬
‫كتبتَــه بنفســك قبــل ذلــك‪ ،‬إال أنــه يعــد ً‬
‫وهــو أن تقــوم باالقتبــاس مــن أحباثــك الســابقة‪ ،‬فرغــم أنــك تنســخ مــا ْ‬
‫فأنــت إ ًذا تســرق نفســك!‬
‫انطباعــا بــأن هــذا النــص جديــد يُنشــر‬
‫ً‬ ‫قــد تظــن أن هــذا ليــس خطـأً‪ ،‬لكـ َّـن املخالفــة هنــا تكمــن يف أنــك تعطــي القــارئ‬
‫ألول مــرة‪ ،‬رغــم نشــرك لــه قبــل ذلــك وحصولــك علــى حقــك العلمــي واألديب‪ .‬وليــس مــن ذلــك خمــر ٌج إال بــأن تُعاملَــه‬
‫لتوضــح نســبتهُ إليــك‪ .‬أو‬ ‫وتضعــه بــن أقـواس ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معاملـةَ النصـ ِ‬
‫ـخه كمــا هــو َ‬ ‫ـوص املنســوخة مــن أحبــاث اآلخريــن‪ .‬فإمــا أن تنسـ َ‬
‫ـخت منــه‪.‬‬
‫تعيـ َـد صياغتــهُ مــرًة أخــرى‪ ،‬علــى أن تشــر إىل حبثــك الــذي نسـ َ‬

‫‪97‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫النشر المتزامن للبحث الواحد “‪:”Simultaneous Submission‬‬
‫حيــدث هــذا أحيانًــا حبســن نيــة مــن الباحــث خوفًــا مــن أن يتــم رفــض حبثــه يف بعــض اجلهــات‪ .‬ســيرتتب علــى هــذا أمــر مــن‬
‫اثنني‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تقوم أكثر من جهة بنشر البحث‪ ،‬وهذه خمالفة أخالقية جسيمة‪.‬‬
‫‪ .2‬أو أن يتــم قبــول البحــث مــن جهــة فيقــوم الباحــث بســحب حبثــه مــن بقيــة اجلهــات‪ ،‬وهــذا مرفــوض عنــد كثــر‬
‫مــن اجملــات واملؤمتـرات العلميــة‪.‬‬
‫إرســال البحــث إىل مؤمتــر أو جملـ ٍـة بينمــا تتــم مراجعتــه يف مــكان آخــر أمـٌـر غــر مقبــول أبـ ًـدا‪ ،‬إال إذا أخــرت القائمــن علــى‬
‫املراجعــة ُمســب ًقا بذلــك‪ ،‬ولــن يقبــل ذلــك أغلــب املراجعــن‪.‬‬
‫ـورا بلغـ ٍـة مــا‪ ،‬ولتكــن اإلجنليزيــة‪ .‬مث أرســلت بــه مــن أجــل نشــره يف جملــة مصريــة‪ -‬علــى ســبيل‬ ‫مــاذا لــو كان البحــث منشـ ً‬
‫نوعــا مــن تكـرار النشــر لنفــس البحــث؟‬‫املثــال‪ -‬ولكــن باللغــة العربيــة‪ ،‬هــل يعــد هــذا ً‬
‫واإلجابــة عــن هــذا السـؤال هــي أن ذلــك ال يعــد تكـر ًارا للنشــر‪ ،‬وال خمال ًفــا ألخالقيــات البحــث العلمــي‪ ،‬ولكــن يتــم ذلــك‬
‫ـوم أن‬
‫وف ًقــا لشــروط معينــة‪ .‬فقيمــة البحــث تكمــن يف األفــكار اجلديــدة الــي يتناوهلــا‪ ،‬وليــس يف اللغــة الــي ُكتــب هبــا‪ .‬معلـ ٌ‬
‫ـول ملــا نشـرته بلغــة ال جييدوهنــا‪ ،‬لذلــك يلجــأ بعــض الباحثــن إىل ترمجــة أحباثهــم ألكثــر مــن‬ ‫البعــض قــد ال ُي ِكنُهــم الوصـ ُ‬
‫أول‪ ،‬مث جيــب عليــك‬ ‫أيضــا‪ .‬فيجــب أن يســمح لــك املــكان الــذي نشــرت فيــه البحــث بذلــك ً‬ ‫لغــة‪ ،‬ولكــن هــذا لــه شــروط ً‬
‫ـث آخــر مت نشــره يف جملــة أخــرى‪.‬‬ ‫أن تشــر يف النســخة املرتمجــة مــن البحــث إىل أنــه مرتجــم عــن حبـ ٍ‬
‫ٌ‬
‫فالقاعــدة العامــة هــي أن ترمجــة األحبــاث وإعــادة نشــرها مقبــول‪ ،‬ولكــن إذا مــا مهمــت بنشــر حبثــك بلغــة أخــرى‪ ،‬جيــب‬
‫عليــك أن تتبــع الشــروط الــي ســبق ذكرهــا‪.‬‬
‫تجزئة البحث “‪:”Slicing of Research‬‬
‫إذا قمــت بدراسـ ٍـة مــا اســتغرقت وقتًــا طويـ ًـا‪ ،‬وتوصلــت فيهــا إىل نتائــج مهمــة‪ ،‬وتــرى أن مــا توصلــت إليــه بالــغ األمهيــة‪،‬‬
‫وميكن أن يســتفيد منه كثريٌ من الباحثني يف جماالت خمتلفة‪ .‬فهل ميكن جتزئة أو تقطيع البحث إىل أجزاء “‪Slicing‬‬
‫‪ ،”of Research‬وتقــوم بنشــر كل جــزء منهــا علــى حــدة؟‬
‫هــذه املســألة تطــر ُح سـؤ ًال آخــر‪ ،‬وهــو «هــل هــذه اجملموعــة مــن األجـزاء أو الشـرائح ‪-‬الــي تــود نشــرها منفصلـةً يف أكثــر‬
‫ـس الفرضيــة ونفــس الطــرق املســتخدمة للوصــول إىل‬ ‫ٍ‬
‫مــن مــكان‪ -‬قابلــة للجمــع يف حبــث واحــد حيمــل معــى وقيمــة‪ ،‬وهلــا نفـ ُ‬
‫النتائج؟ إذا كانت اإلجابة على هذا السـؤال بنعم‪ ،‬تكون اإلجابة على السـؤال األول أنه ال ميكنُك تقســيم البحث إىل‬
‫اصطالحــا ب ـ “‪ .”Salami Slicing‬أمــا إذا اختلفــت الفرضيــات‬ ‫ً‬ ‫نوعــا مــن تكـرار النشــر ويســمى‬
‫أجـزاء‪ .‬ويعــد هــذا ً‬
‫والطــرق املعمليــة املســتخدمة يف كل جــزء‪ ،‬يكــون مــن املمكــن تقســيم البحــث يف هــذه احلالــة‪.‬‬
‫تجزئة البحث الواحد (تقطيع النقانق) “‪”Salami Slicing‬‬
‫يعــي مصطلــح ‪Salami Slicing‬حرفيًــا «تقطيــع النقانــق إىل شـرائح»‪ ،‬فرغــم أن هلــا نفــس القالــب‪ ،‬ونفــس الطعــم‬
‫واللــون والرائحــة‪ ،‬إال أهنــا مقطعــة إىل شـرائح عديــدة‪ ،‬تُبــاع إىل أشـ ٍ‬
‫ـخاص خمتلفــن‪ .‬يشــبه ذلــك تقطيــع البحــث الواحــد‪،‬‬
‫الــذي لــه نفــس الفرضيــة ونفــس الطــرق املســتخدمة للوصــول لنفــس النتائــج ولكــن مــن خــال جمموعــات خمتلفــة ليتــم نشــر‬

‫‪98‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫كل علــى حــدة‪ .‬أمــا إذا أمكــن اســتخدام البحــث يف أكثــر مــن تطبيــق‪ ،‬وكان لــكل تطبيــق منهــا طريقتــه اخلاصــة‪ ،‬فهــذا ال‬ ‫ٍ‬
‫يُعـ ُّـد عيبًــا وال خرقًــا لقواعــد النشــر وأخالقياتــه‪.‬‬
‫وهنــا قصــةٌأخــرى حقيقيــة وقعــت جملموعــة مــن الباحثــن أرســلوا حبثهــم إىل مــكان لنشــره‪ .‬كثــرٌ مــن املؤمت ـرات واجملــات‬
‫ـب لنشــره ألي مــكان‬ ‫رســل طلـ ٌ‬ ‫تطلــب مــن الناشــر أن يُرسـ َـل خطابـًـا يُقـُّـر فيــه أن هــذا البحــث مل يُنشــر قبــل ذلــك‪ ،‬بــل ومل يُ َ‬
‫آخــر خــاف هــذا املــكان‪ .‬مــا حــدث مــع هــؤالء الباحثــن أهنــم أرســلوا طلبًــا لنشــر حبثهــم يف جملـ ٍـة مــا‪ ،‬مث أرســلوا بــه جمللـ ٍـة‬
‫أخــرى قبــل معرفتهــم بــرد اجمللــة األوىل‪ ،‬وبــدون إعــام القائمــن علــى اجمللــة األوىل‪ .‬مث أتــت الريــاح مبــا ال تشــتهي الســفن‪،‬‬
‫حيــث كان أحــد املراجعــن لذلــك البحــث يف اجمللــة األوىل ضمــن املراجعــن لنفــس البحــث يف اجمللــة األخــرى!‬
‫ـث أو‬ ‫ـض نشـ ِر البحـ ِ‬‫ـض يكتفــي برفـ ِ‬ ‫ـف قواعــد النشــر‪ ،‬فالبعـ ُ‬ ‫قرهــا اجمللــة أو املؤمتــر علــى َمـ ْـن خيالـ ُ‬
‫وختتلــف العقوبــات الــي تُ ُّ‬
‫ـتكمال مراجعتــه مــن قِبَـ ِـل أ ٍي مــن املكانــن‪ ،‬والبعــض ال يرضيــه إال منـ ُـع ذلــك الباحــث مــن النشــر لديــه فــرًة مــن‬ ‫حــى اسـ ِ‬
‫الزمــن‪ ،‬قــد تصــل لبضــع ســنوات‪ ،‬وقــد ميتــد األمــر إىل أبعــد مــن ذلــك‪ ،‬فيقــوم القائمــون بالنشــر يف املؤمتــر أو اجمللــة بنشــر‬
‫مــا حــدث مــن خمالفـ ٍـة ألخالقيــات البحــث‪ ،‬ليعلــم اآلخــرو َن مبــا حــدث‪ ،‬وليكــون عــرة لغــره‪ .‬فحــذا ِر‪ ،‬ســيكون مســتقبلك‬
‫إذا فعلــت ذلــك عُرضـةٌ للخطــر!‬

‫التعدي على حقوق التأليف لآلخرين “‪:”Authorship‬‬


‫ننتقــل بعــد ذلــك إىل قواعــد التأليــف “‪ ،”Authorship‬والبحــث العلمــي‪ ،‬كمــا أشـرنا ســاب ًقا‪ ،‬هــو نِتــاج مشــاركات‬
‫ـث مبفــرده‪ .‬وحــى يــؤيت هــذا التعــاو ُن‬ ‫جملموعــة مــن الباحثــن تتفــاوت فيهــا نســب مشــاركة كل منهــم‪ ،‬وليــس جمهــود باحـ ٍ‬
‫مثــاره‪ ،‬يكــون مــن الضــروري إدراج أمســاء كل مــن شــارك يف البحــث حســب نســبة مشــاركته‪ ،‬أمــا أن حتــذف اســم باحــث‬
‫شــارك يف حبــث مــا‪ ،‬فهــذا خطــأ كبــر‪ .‬وإضافــة اســم مــن مل يشــارك يف البحــث‪ ،‬خطــأ آخــر جيــب جتنبــه‪.‬‬
‫ـب‬‫ـكل منهــم مشــاركةٌ “‪ ”Contribution‬بنسـ ٍ‬ ‫ـث مــا‪ ،‬وكان لـ ٍ‬ ‫ـاب تعاونـوا مجيعــا للقيـ ِـام ببحـ ٍ‬
‫مثــال‪ :‬لدينــا أربعـةُ طـ ٍ‬
‫ً‬
‫ـب أكــر مــن املســؤولية وبــذل اجلهــد‪ .‬اثنــان منهــم قامــا بكتابــة االفرتاضيــة‪ ،‬التعريفــات‬ ‫خمتلفــة‪ ،‬فالبعــض كان لــه نصيـ ٌ‬
‫َّم الطالبــان‬
‫واملصطلحــات الــي تــدور حوهلــا الدراســة‪ ،‬وكذلــك مجــع البيانــات وحتليــل النتائــج وصياغــة البحــث‪ .‬بينمــا قــد َ‬
‫ـض املســاعدة عنــد إجـراء التجــارب دون أي مشــاركة منهمــا يف وضــع الفرضيــات أو الوصــول هبــا إىل النتائــج‬ ‫اآلخـران بعـ َ‬
‫ـب خمتلفــة كمــا يف هــذا املثــال‪ ،‬ميكــن أن يضمــن نفــس القــدر مــن الرصيــد‬ ‫النهائيــة‪ .‬هــل تعتقــد أن مشــاركة الطــاب بنسـ ٍ‬
‫العلمــي “‪ ”Credit‬لــكل منهــم؟‬
‫قــد تكــون اإلجابــة ب ـ نعــم‪ ،‬وقــد تكــون ب ـ ال‪ .‬فلــكل مؤمتــر أو جملــة قوانينهــا واعتباراهتــا املختلفــة بشــأن حتديــد أي مــن‬
‫َّم مــن جمهــود مقارنـةً‬
‫املشــاركني يســتحق النصيــب األكــر مــن نســبة البحــث‪ .‬ويكــون ذلــك يف األســاس بنــاءً علــى مــا قــد َ‬
‫بشــركائه‪ .‬ولكــن علــى كل حــال‪ ،‬ال خيتلــف أحــد علــى أنــه مهمــا كانــت مشــاركتك ولــو بنسـ ٍـبة ضئيلــة ســيكون لــك نصيــب‬
‫ـهام مباشــر يف البحــث‪ ،‬فلــم يشــارك يف وضــع االفرتاضيــة الــي‬ ‫أيضــا‪ ،‬إذا مل يكــن لباحــث مــا إسـ ٌ‬
‫مــن ملكيــة البحــث‪ً .‬‬
‫قــام علــى أساســها البحــث‪ ،‬ومل يشــارك يف الوصــول إىل النتائــج‪ .‬ولكــن بطريقـ ٍـة أو بأخــرى كانــت لــه يـ ٌد يف الدراســة حمــل‬
‫كاف ليجعلــه جــزءًا مــن فريــق املؤلفــن «‪ .»Author‬بينمــا يكتفــي البعــض اآلخــر‬ ‫النشــر‪ ،‬تــرى بعــض اجملــات أن ذلــك ٍ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وجــهَ لــه كلمـةُ عرفــان وشــك ٍر يف هنايــة البحــث “‪ ”Acknowledgment‬نظـ ًـرا ملســاعدته‪.‬‬ ‫فقــط بــأ ْن تُ َّ‬
‫فإضافــة اســم كل مــن شــارك يف البحــث أمـ ٌـر يف غايــة األمهيــة‪ ،‬وركــن رئيســي مــن أركان أخالقيــات البحــث العلمــي‪.‬‬

‫‪99‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫ـص ذلــك يف‬ ‫وحــذف اســم مــن شــارك‪ ،‬أو إضافــة اســم مــن مل يشــارك‪ ،‬يُعـ ُّـد خرقًــا ألخالقيــات البحــث العلمــي‪ .‬ويُ َّ‬
‫لخـ ُ‬
‫هــذه القاعــدة الــي تطبقهــا أغلــب دور النشــر‪:‬‬
‫“‪All persons designated as authors should qualify for authorship,‬‬
‫‪.”and all those who qualify should be listed‬‬
‫تقوم بتضم ِ‬
‫ني اسـ َـم‬ ‫ننتقل بعد ذلك خلطأ آخر وهو ما يســمى ب «املؤلف الزائر»ـ “‪ ”Guest Authors‬وهو أن َ‬
‫باحـ ٍ‬
‫ـث مــا‪ ،‬ال ألنــه شــارك يف حبثــك‪ ،‬وإمنــا لكونــه يتمتــع بســمعة حبثيــة طيبــة‪ ،‬نظـًـرا إلســهاماته وأحباثــه املميــزة‪ ،‬ممــا يضمــن‬
‫كمــهُ مرفــوض كاحلالــة الســابقة‪ ،‬فإضافــة مــن مل يشــارك‪ ،‬كحــذف مــن شــارك‪ ،‬كالمهــا أسـوأ مــن‬ ‫لبحثــك القبــول‪ .‬وهــذا ُح ُ‬
‫كل ذلــك ينــايف أخالقيــات البحــث‪.‬‬ ‫اآلخــر‪ .‬و ُ‬
‫تزوير النتائج “‪:”Research Fraud‬‬
‫وخطورتــه ال تكمــن يف أنــك تقــوم بنســخ كالم اآلخريــن وجمهودهــم ونســبته إىل حبثــك دون اإلشــارة لذلــك‪ ،‬بــل أنــك تقــوم‬
‫بنشــر معلومــات مــزورة ونتائــج غــر صحيحــة‪ ،‬ممــا يلحــق الضــرر بغــرك ممــن سيســتخدمون هــذا البحــث بعــد ذلــك‪.‬‬
‫ـكل ٍ‬
‫كاف‪ ،‬وأنــت مــن‬ ‫مثــال‪ :‬إذا بــدأت حبثــك بفرضيــة مــا‪ ،‬وحصلــت علــى نتائــج ال ميكنهــا تأكيــد الفرضيــة األساســية بشـ ٍ‬
‫تقــوم بالبحــث وميكنــك التحكــم يف حتليــل النتائــج‪ ،‬برأيــك‪:‬‬
‫هل تقوم بإجراء بعض التعديالت على النتائج لتتماشي مع الفرضية اليت وضعتها؟‬
‫أم تقوم حبذف ما شذ من النتائج عما افرتضت؟‬
‫أم حتمل ما أكد وما عارض فرضيتك من نتائج لتذهب هبا إىل مشرفك طالبًا النصيحة؟‬
‫ال شك أن اخليار الثالث هو اخليار الوحيد الذي ميكن قبوله‪.‬‬
‫وتفصيل‪ ،‬وإن كان ينقسم إىل نوعني‪:‬‬
‫ً‬ ‫فتزوير النتائج غري مقبول مجلةً‬
‫تأليف النتائج “‪”Fabrication‬‬
‫وهو أن تقوم بتأليف النتائج لتوافق ما أردت‪ .‬وهذا أسوأ األخطاء على اإلطالق‪.‬‬

‫تحريف النتائج “‪:”Falsification‬‬


‫وهــو أن تقــوم بقبــول مــا لديــك مــن نتائــج موافِقــة ملــا أردت‪ ،‬وإحــداث تعديــات يســرة مــن أجــل احلفــاظ علــى دقــة‬
‫نتائجــك‪ ،‬والتخلــص مــن النتائــج األخــرى الــي تطيــح بفرضيتــك‪.‬‬
‫إ ًذا‪ ،‬فما عقوبة من خالف أخالقيات البحث العلمي‪ ،‬سواء أكان بالتالعب يف النتائج‪ ،‬أو بتأليفها من األساس؟‬
‫ال تقتصــر العقوبــة فقــط علــى جمــرد التأثــر علــى مسعــة الباحــث العلميــة‪ ،‬أو حرمانــه مــن وظيفتــه‪ ،‬أو منعــه مــن الدعــم الــازم‬
‫ألحباثــه‪ .‬وإمنــا قــد تصــل العقوبــة إىل الســجن‪ .‬ومثــال ذلــك مــا حــدث لباحــث بريطــاين يعمــل بشــركة أدويــة‪ ،‬كان يقــوم‬
‫بأحبــاث هلــا عالقــة بتجــارب (قبــل سـريرية) “‪ ”Preclinical‬علــى دواء للســرطان‪ ،‬وقــد تبــن أنــه قــام بتغيــر النتائــج‬

‫‪100‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫مــن أجــل إثبــات مــدى صالحيــة الــدواء لالســتخدام علــى املرضــى الح ًقــا‪ ،‬وخضــع للعقوبــات التاليــة‪:‬‬
‫أول‪ ،‬مث َت التشــهري بــه وبالفضيحــة العلميــة الــي قــام هبــا‪ ،‬ورغــم أن الــدواء مل يكــن قــد‬
‫مت إغــاق الفــرع الــذي يعمــل بــه ً‬
‫خدم يف العــاج بعــد‪ ،‬واألمــر كان جمــرد حمــاوالت أوليــة‪ ،‬إال أنــه ُحكــم عليــه بالســجن ملــدة ثالثــة أشــهر‪ .‬فقــد يكــون‬
‫اســتُ َ‬
‫لفعلتــه هــذه تأثــر ســليب كبــر علــى حيــاة اآلخريــن‪ ،‬لــذا لــو أن أمــره اكتُشــف متأخـ ًـرا لكانــت العقوبــة أغلــظ مــن ذلــك‬
‫بكثــر‪ ،‬كفــرض تعويضــات ماليــة كبــرة‪ ،‬أو إطالــة مــدة الســجن‪ .‬فاملثــر لالهتمــام يف األمــر أنــه ُســجن‪ ،‬ال إلحلــاق الضــرر‬
‫باآلخريــن‪ ،‬وإمنــا «الحتماليــة» حــدوث ضــرر لــو مل يُكتَشــف أمــره مبكـ ًـرا كمــا حــدث‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬ضوابط العمل على أبحاث البشر والحيوانات وأشهر مخالفاتها‪:‬‬


‫ً‬
‫ينقســم احلديــث حــول جزأيــن‪ ،‬اجلــزء األول ســيكون حــول األحبــاث الــي تقــوم علــى البشــر‪ ،‬واجلــزء الثــاين حــول أحبــاث‬
‫احليـوان‪ .‬نتســاءل يف اجلــزء األول عــن ماهيــة األحبــاث الــي ُتــرى علــى البشــر وملــاذا حنتــاج إىل ذلــك وملــاذا علينــا أن نقنــن‬
‫هــذه التجــارب قــدر اإلمــكان‪ .‬ويف هنايــة اجلــزء األول نتذكــر االحتياطــات الواجــب مراعاهتــا عنــد إجـراء التجــارب علــى‬
‫البشــر‪.‬‬
‫أمــا يف اجلــزء الثــاين نوضــح االجتاهــن األساســيني خبصــوص اســتخدام احليوانــات يف التجــارب‪ .‬االجتــاه األول ينــادي‬
‫بضــرورة منــع اســتخدام احليوانــات يف التجــارب واالجتــاه الثــاين يتمســك بأمهيــة اســتخدام احليوانــات يف األحبــاث العلميــة‪.‬‬

‫الجزء األول‪ :‬األبحاث التي تُجرى تجاربها على البشر‪:‬‬


‫ويف هذا اجلزء نناقش ماهيّة األحباث اليت تتم على البشر “‪.”Human Research‬‬
‫ال شــك أن أول مــا يت ـوارد إىل أذهاننــا عنــد احلديــث عــن هــذا النــوع مــن التجــارب‪ ،‬تلــك التجــارب الــي ترتكــز حــول‬
‫األدويــة‪ ،‬أو أنـواع العالجــات اجلديــدة علــى األشــخاص‪ .‬ولكــن بنظــرة أعــم وأمشــل‪ ،‬يتضــح أن األمــر ال يقتصــر فقــط علــى‬
‫أحبــاث الــدواء أو أســاليب اجلراحــة اجلديــدة‪ .‬بــل يتســع ليشــمل حــى االســتبيانات املوجهــة جملموعــة مــا مــن البشــر‪ ،‬أو‬
‫ن مبستشــفى مــا‪ ،‬أو احلصــول علــى معلوماهتــم الشــخصية‪ ،‬كذلــك‬ ‫ـاع علــى ســجالت مــن يعانــون مــن مــرض ُمعـ ٍ‬ ‫االطـ ِ‬
‫احلصــول علــى عينــات الــدم أو البــول أو عينــات مــن األورام‪ .‬كل مــا ســبق ينــدرج حتــت هــذا النــوع مــن األحبــاث‪ ،‬لــذا كان‬
‫ال بــد مــن وجــود قوانــن ُمســبقة لتنظيمهــا‪ ،‬منهــا احلفــاظ علــى سـرية املعلومــات الشــخصية للمريــض حبيــث ال يطّلــع عليهــا‬
‫أحــد ســوى الباحــث‪ ،‬وإال قــد يتســبب ذلــك يف إحلــاق الضــرر بــه‪.‬‬

‫لماذا نحتاج إلى القيام باألبحاث على البشر؟‬


‫هتــدف هــذه األحبــاث إىل احملافظــة علــى صحــة اإلنســان ووقايتــه وعالجــه مــن األمـراض الــي قــد تصيبــه‪ .‬فمثـ ًـا شــهدت‬
‫العشـرينات والثالثينــات حــاالت وفــاة كثــرة ملرضــى الســكر‪ ،‬بينمــا يســتطيع أن يتعايــش مريــض الســكر مــع مرضــه اآلن‬
‫جبرعــات «األنسـولني»‪ .‬ومثــل ذلــك أمـراض أخــرى كثــرة‪ .‬فعالجــات اليــوم الــي أنقــذت حيــاة املاليــن مــن املرضــى‪ ،‬كانــت‬
‫تباعــا إىل حتكـ ٍم أكثــر باملــرض‪ ،‬وحتسـ ٍن واضـ ٍـح يف‬
‫حمــل جتــارب علــى البشــر قدميـًـا للتأكــد مــن صالحيــة العــاج‪ .‬ممــا أدى ً‬
‫أيضــا‪ ،‬املالحظــات الــي تقــوم علــى أســاس نظريــات علميــة‬ ‫ِ‬
‫كفــاءة وجــودة احليــاة الــي يعيشــها النــاس‪ .‬يدخــل يف ذلــك ً‬
‫ـاة اإلنســان االجتماعيـ ِـة أو صحتــه النفســية‪ .‬كذلــك‬ ‫حنتــاج إىل تأكيدهــا أو نفيهــا‪ ،‬كدراسـ ِـة أثــر ممارسـ ِـة الرياضـ ِـة علــى حيـ ِ‬

‫‪101‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫الدراســات االســتقصائية الــي هتــدف إىل جتميــع آراء املرضــى حــول أمـ ٍر يتعلــق مثـ ًـا مبــدى رضائهــم عــن مســتوى اخلدمــة‬
‫أو سياســة التعامــل يف مستشــفى مــن املستشــفيات‪ .‬ويقــوم الباحــث يف هــذه احلالــة بتقســيم املرضــى إىل جمموعتــن يتعــرض‬
‫أيضــا الدراســات الــي تســتهدف‬ ‫ٍ‬
‫كل منهمــا لطريقــة خمتلفــة‪ ،‬مث يتــم تســجيل مــا يط ـرأ مــن مالحظــات أو آراء‪ .‬وهنــاك ً‬ ‫ٌ‬
‫دراســة ســلوك اإلنســان “‪ ”Human Behavior‬والــي تتبايــن بتبايــن املواقــف الــي يتعــرض هلــا‪ .‬وكل هــذه األحبــاث‬
‫الــي ُتــرى علــى البشــر تســتهدف الوصــول إىل مســتوى أعلــى مــن جــودة احليــاة والتقليــل مــن معانــاة املرضــى‪.‬‬

‫لماذا يجب تقنين التجارب التي تتعامل مع البشر؟‬


‫ِأيضــا علــى حقوقــه‪ ،‬حبيــث ال يتــم اســتغالله‬
‫‪ .1‬حلمايــة املريــض أو الشــخص الــذي يقــوم عليــه البحــث‪ ،‬واحملافظــة ً‬
‫ـوع مــن أنـواع األذى‪.‬‬
‫أو احلصــول منــه علــى معلومــات قــد تســبب لــه أي نـ ٍ‬
‫‪ .2‬حلمايــة الباحــث نفســه‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬إجـراء عمليــة جراحيــة تســتخدم تقنيــات جديــدة‪ ،‬ولكــن ال ختلــو‬
‫عرض الباحــث أو الطبيــب القائــم بالبحــث‬ ‫مــن نســبة ضــرر قــد يلحــق باملريــض يف حالــة عــدم جنــاح العمليــة‪ ،‬ســيُ ّ‬
‫ـاءلة قانونيـ ٍـة وعقوبـ ٍ‬
‫ـات بالغــة‪ ،‬إال إذا كان لديــه موافق ـةٌ مكتوب ـةٌ مــن املريــض تســمح لــه بذلــك وتتضمــن قبــول‬ ‫ملسـ ٍ‬
‫أيضــا ُيلــي مســؤولية املؤسســة‬ ‫ُ‬
‫نتائــج اجلراحــة أيـًـا كانــت وعلــى أي حــال‪ ،‬وهــذا حيفــظ حقــوق املريــض والباحــث‪ ،‬و ً‬
‫الــي يقــام فيهــا البحــث‪.‬‬

‫‪ .3‬ســبب آخــر يتعلــق بنشــر النتائــج الــي توصلــت إليهــا‪ ،‬فــكل اجملــات العلميــة اآلن ال تَقبــل البحــث الــذي أُجـ َ‬
‫ـري‬
‫ـبق الســتخدام بيانــات قــد حصــل عليهــا مــن املرضــى خــال‬ ‫ـث مــن ٍ‬
‫إذن ُمسـ ٍ‬ ‫علــى البشــر إال بإظهــار مــا لــدى الباحـ ِ‬
‫أيضــا‪ ،‬فــإن التقــدمي‬
‫حبثــه حــول دواء جديــد‪ ،‬أو اســتبيان أو‪ ..‬إخل مــن أجــل أن يُســمح لــه بالنشــر‪ .‬ويف هــذا الســياق ً‬
‫مــن أجــل احلصــول علــى منحـ ٍـة لتمويــل حبثــك‪ ،‬يتطلــب منــك احلصــول علــى إذن ُمســبق مــن املرضــى باســتخدام‬
‫بياناهتــم إذا كانـوا جــزءًا مــن البحــث‪ ،‬ممــا ســيضمن هلــم أنــك لــن ختالــف أخالقيــات البحــث عنــد قيامــك بالتعامــل‬
‫مــع املرضــى‪ ،‬وتكــون بذلــك حمــل ثقــة لديهــم‪.‬‬

‫أهم النقاط التي يجب اتباعها عند القيام بأبحاث على البشر‪:‬‬
‫الحصول على موافقة مكتوبة‪:‬‬
‫أن حيصــل الباحــث علــى موافقــة مســبقة عنــد قيامــه بتجاربــه علــى البشــر دون اســتغالل الظــروف املرضيــة أو كِـ َـر الســن‬
‫أو أي ظــروف أخــرى‪ ،‬ودون التعــرض ألي ضغــوط‪ .‬بــل وينبغــي إخبــار املريــض بأمانـ ٍـة عــن التفاصيــل الــي ســتتضمنها‬
‫ـوع آثــار جانبيــة علــى املريــض‪ ،‬فيجــب عليــك إخبــاره بذلــك بــكل شــفافية‪ ،‬ولــو‬ ‫التجربــة‪ .‬فلــو كان هنــاك احتمالي ـةٌ لوقـ ِ‬
‫ـر و ٍاع ملــا حيــدث‪َّ .‬أمــا إذا كان‬
‫كان حمــل الدراســة طفـ ٌـل‪ ،‬فيجــب احلصــول علــى املوافقــة مــن والديــه‪ ،‬خاص ـةً إذا كان غـ َ‬
‫الطفــل واعيًــا ملــا حيــدث‪ ،‬فيجــب سـؤاله عــن ذلــك وطلــب اإلذن منــه‪ .‬حــى إذا وافــق الوالديــن‪ ،‬فقــد يكــون الســبب وراء‬
‫غاضــن الطــرف عــن‬ ‫موافقــة الوالديــن هــو رغبتهــم يف احلصــول علــى أمـوال مقابــل الســماح بإجـراء البحــث علــى ابنهمــا‪ّ ،‬‬
‫أي آثــار جانبيــة قــد تلحــق بالطفــل‪ .‬لذلــك يف بعــض األماكــن ال ميكــن الســماح للباحــث بالقيــام ببحثــه علــى األطفــال‬
‫قبــل سـؤاهلم واحلصــول علــى موافقــة حـ ّـرة منهــم دون أي ضغــوط‪.‬‬
‫الشفافية والمصداقية‪:‬‬

‫‪102‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫ويعــي ذلــك أن يتناقــش الباحــث مــع الشــخص حمــل التجربــة عــن ماهيــة التجربــة‪ ،‬خطواهتــا‪ ،‬مميزاهتــا‪ ،‬عيوهبــا‪ ،‬املنافــع املرجــوة‬
‫منهــا‪ ،‬وكذلــك املخاطــر الــي ُيتمــل وقوعهــا‪ .‬مــع الســعي يف نفــس الوقــت وراء جتنبهــا أو التقليــل مــن حدوثهــا‪ .‬مث يـُـرك‬
‫لــه األمــر بعــد ذلــك ليقــرر‪.‬‬
‫حرية المتطوع في االنسحاب‪:‬‬
‫موافقــة الشــخص املتطــوع علــى املشــاركة يف البحــث‪ ،‬ال تعــي أنــه مــى أراد أن خيــرج فإنــه ال ميكنــه ذلــك‪ ،‬بــل لــه ُمطلــق‬
‫احلريــة أن خيــرج مــى استشــعر عــدم الرغبــة يف اســتكمال البحــث للنهايــة‪ ،‬وهــذا واضــح ومعلــوم يف أوســاط الباحثــن‪ .‬تــرى‬
‫ـخصا انســحاهبم لعــدم قدرهتــم علــى املشــاركة‬‫أحيانًــا حبثًــا مــا أقيــم علــى ‪ 300‬شــخص‪ ،‬وعنــد انتهــاء البحــث قــرر ‪ 20‬شـ ً‬
‫حــى النهايــة‪ ،‬وعليــه اســتبعدت بياناهتــم يف التحليــات النهائيــة‪ .‬فاعلــم أن لــكل حالـ ٍـة ُمطلــق احلريــة‪ ،‬فالبحــث العلمــي‬
‫ليــس ســجنًا واملشــاركون فيــه ليس ـوا ســجناء‪ ،‬وختتلــف أســباب الرفــض الــي قــد تكــون جســدية أو نفســية‪ ،‬إال أن املبــدأ‬
‫واحــد‪ ،‬وهــو أهنــم ليسـوا ُم َبيــن علــى أن يُتمـوا البحــث حــى النهايــة‪.‬‬
‫عدم استغالل الفئات الخاصة‪:‬‬
‫فالقيــام بتجــارب علــى األطفــال أو الســيدات احلوامــل‪ ،‬يتطلــب الكثــر مــن احلكمــة والدقــة يف التخطيــط املســبق‪ .‬كذلــك‬
‫ـرض للخطــر‪ ،‬أو‬ ‫اســتخدام األقليــات العرقيــة مثــل الســود‪ ،‬كمــا يف أمريــكا‪ ،‬خوفــا علــى الرجــل األبيــض مــن املــوت أو التعـ ُ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مشــاركة املســاجني الذيــن ينتظــرون تنفيــذ حكــم اإلعــدام نظـًـرا لكوهنــم ينتظــرون املــوت‪ ،‬ممــا جعــل حياهتــم بــا قيمــة كمــا‬
‫أيضــا اســتغالل فقــر البعــض الســتخدامهم يف البحــث دون قناعــة منهــم أو قبــول‪ .‬كل هــذه تصرفــات‬ ‫يظــن البعــض‪ً .‬‬
‫خاطئــة جيــب علــى الباحثــن أال يتورطـوا يف أي منهــا أبـ ًـدا‪.‬‬
‫سريّة المعلومات‪:‬‬
‫سـرية املعلومــات وخصوصيــات املريــض تظــل عالقــة خاصــة بــن املريــض والباحــث فقــط وهــو أمـٌـر يف غايــة األمهيــة‪ .‬وإذا‬
‫قــام الباحــث بنشــر البحــث‪ ،‬جيــب عليــه عــدم نشــر أمســاء املتطوعــن أو املرضــى حمــل التجربــة‪.‬‬
‫الحيادية وعشوائية العينة‪:‬‬
‫فالدراســات واألحبــاث الــي تقــوم يف األســاس علــى املقارنــة بــن نتائــج جمموعــات خمتلفــة‪ ،‬جيــب أن تتــم علــى أســاس واضــح‬
‫أي‬
‫مــن احلياديــة والعــدل يف االختيــار‪ .‬كذلــك تقســيم املشــاركني جملموعــات جيــب أن يكــون عش ـوائيًا‪ ،‬ال علــى أســاس ّ‬
‫معايــر أخــرى‪ .‬واملثــال علــى ذلــك أنــه لــو كان هنــاك نــوع مــا مــن اجلراحــات ملرضــى القلــب يســتخدم يف اخلــارج وخيتلــف‬
‫ـوم بدراسـ ٍـة ملعرفــة الفــروق بــن النوعــن مــن خــال إج ـراء‬
‫ـث أن يقـ َ‬
‫عــن النــوع التقليــدي املســتخدم يف مصــر‪ ،‬وأراد باحـ ٌ‬
‫ـوع‬
‫ـوع التقليــدي‪ ،‬بينمــا يســتخدم البقيــة النـ َ‬
‫يضــا مــن مرضــى القلــب‪ ،‬حبيــث يســتخدم ‪ 25‬منهــم النـ َ‬ ‫دراســة علــى ‪ 50‬مر ً‬
‫متامــا مــن أي أهـواء أو ميــول أو معرفــة شــخصية‪.‬‬
‫ـيم جملموعتــن هنــا ال بــد أن خيلــو ً‬
‫اجلديــد‪ .‬فالتقسـ ُ‬
‫تقليل المخاطر‪:‬‬
‫كمــا أن الغايــة األوىل مــن البحــث العلمــي علــى اإلنســان هــي حتســن جــودة حياتــه يف املقــام األول‪ ،‬فليــس مــن املعقــول‬
‫أن تُســاء معاملتــه ُمــد َة التجربــة‪ .‬فيجــب علــى الباحــث إ ًذا أن حيــاول جاهـ ًـدا تقليـ َـل املخاطــر الــي ميكــن أن يتعــرض هلــا‬
‫ـخاص املشــاركني يف التجربــة‪ ،‬والعمـ َـل علــى زيــادة املنافــع كذلــك‪.‬‬
‫األشـ ُ‬

‫‪103‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫بعضــا‬
‫بعــد احلديــث عــن أهــم النقــاط واملعايــر الــي جيــب علــى الباحــث أن يراعيهــا عنــد القيــام بأحبــاث علــى البشــر‪ ،‬نذكــر ً‬
‫مــن القصــص احلقيقيــة الــي حدثــت جملموعــة مــن الباحثــن الذيــن مل يراعـوا أخالقيــات البحــث العلمــي يف أحباثهــم‪.‬‬

‫احلالة األوىل واملعروفة بـ ‪stuttering children )1939( Tudor Study‬‬


‫يف هذه التجربة قامت باحثة بتقسيم جمموعة من األطفال يف دار أيتام إىل جمموعتني‪:‬‬
‫ويعاملــون بــازدراء وإمهــال‪ ،‬بــل وصــل األمــر أحيانـًـا‬
‫اجملموعــة األوىل كانــت تُعامــل معاملـةً ســيئة‪ ،‬وال يُســمح هلــم بالــكالم‪َ ،‬‬
‫إىل الضــرب‪.‬‬
‫ـجعو َن علــى الــكالم‪.‬‬
‫بينمــا اجملموعــة األخــرى‪ ،‬علــى النقيــض‪ ،‬كانــت تُعامــل معامل ـةً حســنة‪ ،‬ويُعطَـ ْـون احللــوى‪ ،‬ويُشـ َّ‬
‫وبانتهــاء التجربــة‪ُ ،‬وِجـ َـد َّ‬
‫أن األطفــال يف اجملموعــة األوىل صــاروا يعانــون مــن التأتــأة (التهتهــة)‪ ،‬بينمــا كان أطفــال اجملموعــة‬
‫األخــرى أصحــاء‪.‬‬
‫هذا البحث مل يُر ِاع أخالقيات البحث العلمي‪ ،‬ويف هذا املثال جمموعة من األخطاء‪:‬‬
‫أول‪ ،‬متــت هــذه التجربــة علــى أطفــال‪ ،‬مــا يعــي أنــه مل يؤخــذ اإلذن منهــم‪ ،‬فهــم صغــار ال يفهمــون مــا حــدث هلــم‪ ،‬وال‬ ‫ً‬
‫مــن آبائهــم‪ ،‬فهــم أيتــام‪ ،‬وهــذه مأســاة! فرغــم الوصــول إىل نتيجـ ٍـة مهمـ ٍـة جـ ًـدا‪ ،‬وهــي أن هــذا املــرض ليــس جينيًــا وإمنــا ســببه‬
‫ـبب مـ ٍ‬
‫ـرض مــا‪ ،‬غايـةٌ ال تربرهــا الوســيلة‬ ‫ـول إىل معرفـ ِـة سـ ِ‬ ‫التعامــل الســيئ مــع األطفــال‪ ،‬إال أنــه ال ميكــن قبولــه البتــة‪ .‬فالوصـ ُ‬
‫الــي تفضــي إىل إحــداث املــرض بآخريــن‪.‬‬

‫احلالة الثانية واملعروفة بـ ‪)1972-1932( Tuskegee syphilis experiment‬‬


‫الزهــري‪ .‬وفيهــا قــام‬ ‫وهــي دراســة بــدأت يف الثالثينيــات‪ ،‬متـَّـت علــى جمموعــة مــن ُّ‬
‫«الســود» الذيــن كانـوا يعانــون مــن مــرض ُّ‬
‫الباحثــون مبتابعــة املرضــى ملعرفــة تطــورات املــرض دون عالجهــم‪ ،‬إذ مل يكــن هنــاك عــاج‪ .‬العجيــب يف األمــر أنــه‪ ،‬ورغــم‬
‫عالجهــم واكتفـوا مبتابعتهــم فقــط ملــدة أربعــن ســنة‪ ،‬دون إخبــار‬
‫اكتشــاف «البنســلني» بعــد ذلــك‪ ،‬مل حيــاول الباحثــون َ‬
‫أي منهــم باملــرض!‬
‫أيضــا‪،‬‬
‫أيضــا جمموعــة مــن املخالفــات‪ .‬فاملرضــى مل يعلمـوا مبرضهــم‪ ،‬ومل يعلمـوا أهنــم كانـوا حقـ ًـا للتجــارب‪ً .‬‬ ‫يف هــذه احلالــة ً‬
‫مل يكــن اختيــار املرضــى علــى أسـ ٍ‬
‫ـاس عــادل‪ ،‬فقــد كان االختيــار علــى أســاس عنصــري ألقليــة عرقيــة‪ ،‬مــا دفــع الرئيــس «بيــل‬
‫كلينتــون» لالعتــذار عــن هــذه املأســاة‪.‬‬

‫احلالة الثالثة واملعروفة بـ ‪)s ’1950( The Thalidomide Babies‬‬


‫أيضــا مــن أشــهر التجــارب الــي حدثــت يف جمــال الصيدلــة‪ .‬ويف هــذه التجربــة اســتخدم األطبــاء عقــار‬ ‫وهــي ً‬
‫«كمهــدِّئ» ولكــن مل يكــن األطبــاء يف أوربــا وقتهــا علــى عل ـ ٍم بتأثــره‬
‫‪»»Thalidomide‬والــذي كان يُوصــف ُ‬
‫بشــكل ٍ‬
‫كاف نظـًـرا لكونــه دواءً جديـ ًـدا يف ذلــك الوقــت‪ ،‬مــا دفعهــم لوصفــه لبعــض الســيدات احلوامــل اللـوايت ُكـ ّـن يعانــن‬
‫وولِــد حـوايل‪ 12000‬طفـ ٍـل ُمشـ َّـوه‪ ،‬وبالبحــث عــن‬ ‫ب يف تشــوهات يف األجنــة‪ُ ،‬‬ ‫مــن األرق‪ .‬الكارثــة أن هــذا الــدواء تسـبَّ َ‬
‫“‪ ”Thalidomide Babies‬علــى اإلنرتنــت‪ ،‬ميكنــك رؤيــة بعــض الصــور جملموعــة مــن األطفــال املولوديــن بــا‬

‫‪104‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫ـدد كبـ ٍر مــن األطفــال‪ .‬وكذلــك أي‬‫ـف دواء‪ ،‬دمــر حيــا َة عـ ٍ‬ ‫أيضــا‪ .‬فخطـأٌ واحـ ٌد يف وصـ ِ‬
‫أذرع‪ ،‬ومنهــم مــن ولــد بــا ســاقني ً‬
‫ِّد حيــا َة اآلخريــن!‬ ‫ٍ‬
‫ـار قــد ُتــد ُ‬
‫حبــث ال تُتبـ ُـع فيــه أخالقيــات البحــث‪ ،‬ســيرتتب عليــه آثـ ٌ‬
‫ـزم الباحــث‪ ،‬إذا مــا أراد أن ينشــر دراسـةً كان اإلنســان جــزءًا منهــا‪ ،‬أن يرســل للمجلــة مــا يثبــت‬
‫وهنــا نطــرح سـؤ ًال‪ ،‬هــل يلـ ُ‬
‫أن لديــه موافقـةً مســبقة مــن املرضــى أو األشــخاص املشــاركني يف البحــث؟‬
‫ـث مــن خالهلــا بالدراســة‪ .‬وختتلــف‬‫اإلجابــة نعــم‪ .‬فــا بــد مــن احلصــول علــى موافقـ ٍـة مــن خــال املنظمــة الــي قــام الباحـ ُ‬
‫التفاصيــل املطلوبــة إلثبــات أن البحــث مل خيالــف أخالقيــات البحــث مــن مؤمتــر ملؤمتــر ومــن جملــة ألخــرى‪ .‬ولكــن مجيعهــم‬
‫يتفقــون يف األصــل‪ ،‬أال وهــو مراعــاة األخالقيــات يف البحــث العلمــي علــى اإلنســان‪ ،‬وإرســال مــا يثبــت ذلــك‪.‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬األبحاث التي تقوم على الحيوانات‪:‬‬


‫التعامــل مــع احليوانــات يف جمــال البحــث العلمــي‪ ،‬ال يقــل أمهي ـةً عــن التعامــل مــع البشــر‪ .‬فكوهنــا حيوانــات‪ ،‬ال يــرر‬
‫داع‪ ،‬فاســتخدام احليوانــات يف األحبــاث جيــب أن يكــون للضــرورة‬ ‫للباحــث أن يقتــل منهــا مــا يشــاء أو يســتخدمها دون ٍ‬
‫فقــط‪ ،‬مثــل‪:‬‬
‫أول قبل البشر‪.‬‬ ‫‪ .1‬التأكد من تأثري دو ٍاء جديد ال بد أن يتم على احليوانات ً‬
‫‪ .2‬اســتخدام احليوانات (ضفادع‪ -‬محام‪ -‬فئران‪ -‬أرانب) يف مادة التشـريح‪ ،‬للتعرف على أجهزة اجلســم املختلفة‬
‫يف الكليات العلمية (الطب‪ -‬الصيدلة‪ -‬الطب البيطري‪ -‬العلوم ‪...‬إخل)‬
‫‪ .3‬اســتخدام احليوانــات كنمــوذج أويل لدراســة اجلراحــة لطــاب املراحــل األوىل مــن كليــات الطــب‪ ،‬وكذلــك إلجـراء‬
‫العمليــات اجلراحيــة اجلديدة‪.‬‬
‫الجديــر بالذكــر أن المجتمعــات انقســمت حــول قضيــة اســتخدام الحيوانــات فــي البحــث العلمــي إلــى قســمين‪:‬‬
‫ـتخدامها‪.‬‬
‫األول يعــارض اســتخدام الحيوانــات فــي التجــارب‪ ،‬بينمــا يؤيــد القســم اآلخــر اسـ َ‬
‫الرأي األول‪« :‬ال يمكن استخدام الحيوانات في التجارب» ولهذا َّ‬
‫عدةُ أسباب‪:‬‬
‫‪ .1‬استخدام احليوانات يف البحث غري أخالقي من األساس‪.‬‬
‫استها استخدام احليوانات‪ ،‬ميكن القضاء عليها باهتمام البشر بنظافتهم الشخصية‬ ‫‪ .2‬األمراض اليت تستدعي در َ‬
‫ستخدم فيها احليوانات!‬
‫ُ‬ ‫واتباع أساليب الرعاية الصحية دون احلاجة إىل أحباث تُ‬
‫‪ .3‬البيئــة الــي تعيــش فيهــا احليوانــات عنــد إجـراء التجــارب بيئــة غــر صاحلــة‪ ،‬واألماكــن الــي يتــم حجزهــا هبــا ضيقــة‪،‬‬
‫دائمــا يف قلــق‪ .‬كمــا أن الباحثــن يف هنايــة التجــارب يقومــون بقتــل احليوانــات وتشــرحيها‪،‬‬
‫ولذلــك تعيــش احليوانــات ً‬
‫ممــا يــؤدي إىل القضــاء عليهــا‪.‬‬
‫‪ .4‬الرتكيــب التشــرحيي للحيـوان خيتلــف بصــورة أو بأخــرى عــن اإلنســان‪ ،‬فــا فائــدة مــن جتريــب أي عالجــات عليــه‬
‫قبل اســتخدامها مباشــرًة على اإلنســان‪.‬‬
‫‪ .5‬احليوانــات ميكــن االســتعاضة عنهــا باســتخدام خاليــا مأخــوذة مــن اإلنســان‪ .‬ففــي حــال إج ـراء دراسـ ٍـة علــى‬

‫‪105‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫دواء جديـ ٍـد ملــرض الســرطان‪ ،‬ميكــن اســتخدام خاليــا ســرطان تُــزرع يف أطبــاق معمليــة‪ ،‬دون احلاجــة حليوانــات يتــم‬
‫زراعــة الــورم هبــا مث قتلهــا يف النهايــة‪.‬‬

‫الرأي الثاني‪« :‬ضرورة استخدام الحيوانات في التجارب» ولهذا َّ‬


‫عدةُ أسباب‪:‬‬
‫التنبؤ بنتائجها‪ ،‬ال ميكن القيام هبا على اإلنسان مباشرةً‪.‬‬
‫ميكن ُ‬ ‫‪ .1‬األحباث اليت ال ُ‬
‫أيضــا يف حتســن‬ ‫‪ .2‬األحبــاث الــي متـَّـت علــى احليوانــات ســاعدت يف الوصــول ألدويــة جديــدة‪ ،‬كمــا ســاعدت ً‬
‫صحــة احلي ـوان نفســه‪ ،‬وليــس فقــط صحــة اإلنســان‪.‬‬
‫عامــل برمحــة‪ ،‬فيوفَّــر هلــا‬ ‫ٍ‬
‫‪ .3‬احليوانــات الــي تُســتخدم يف األحبــاث‪ ،‬إمنــا يُســمح هبــا يف األســاس يف حــدود ضيقــة‪ .‬وتُ َ‬
‫أيضــا محايتهــا مــن األم ـراض‪ .‬كمــا ال يتــم قتلهــا عنــد االنتهــاء مــن التجربــة‬
‫الطعــام‪ ،‬واملــكان املناســب للمعيشــة‪ ،‬و ً‬
‫إال للضــرورة‪.‬‬
‫إن احليوانات لديها نفس األجهزة املعقدة‪ ،‬ولذا ميكن استخدامها يف دراسة‬ ‫‪ .4‬احليوانات ال بديل عنها‪ ،‬حيث َّ‬
‫تأثري بعض األدوية‪ ،‬واليت ليس من املنطقي أن يتم دراســتها على اإلنســان مباشــرة!‬
‫والرأي األمثل هو أن الباحث له أن يستخدم احليوانات يف أحباثه‪ ،‬ولكن على أن ُيسن معاملتها كما سبق ذكره‪.‬‬
‫بشروط وقو ٍ‬
‫اعد‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وال تُستخدم احليوانات من البداية إال‬
‫ـلوب جراحـ ٍي جديـ ٍـد علــى اإلنســان‪،‬‬ ‫‪ .1‬أال يكــو َن هنــاك بديــل عــن اســتخدامها‪ .‬فاســتخدام عقــا ٍر جديـ ٍـد أو أسـ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أول‪ .‬فإحــداث ضــرر‪ -‬إن وجــد‪ -‬باحليـوان أقـ ُـل ســوءًا منــه‬ ‫ال ميكــن أن تتــم املوافقــة عليــه دون جتريبــه علــى احليـوان ً‬
‫باإلنســان‪.‬‬
‫ـررا‪ ،‬فالبحــث الــذي اســتُخدم فيــه «فــأر» ال ُيكــن أن يُكـّـرر ثانيـةً باســتخدام «عرســة»‪،‬‬
‫‪ .2‬أال يكــون البحــث مكـ ً‬
‫ـتخدم احليوانــات وتُقتــل‬
‫إال إذا كان هنــاك فــرق مت إثباتــه قبــل ذلــك بــن احليوانــات املســتخدمة‪ .‬فليــس مقبـ ًـول أن تُسـ َ‬
‫يف أحبـ ٍ‬
‫ـاث معلومــة النتائــج ومنشــورة قبــل ذلــك‪.‬‬
‫جديدا‪ ،‬أو أن تكون له فائدة على اجملتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون لألحباث هدف‪ ،‬كأن يقدم للعلم ً‬
‫أمــا القواعــد الــي حتكــم التعامــل مــع احليوانــات يف البحــث العلمــي‪ ،‬فقــد اختصرهــا العلمــاء يف ثالثــة قواعــد تبــدأ باحلــرف‬
‫ـت “‪ ،”The Three R’s‬ومخســة تبــدأ باحلــرف ‪ F‬ويطلــق عليهــا “‪”The Five F’s‬‬ ‫‪ُ R‬سِّيَـ ْ‬
‫قاعدة “‪:”The Three R’s‬‬
‫‪ .1‬االستبدال “‪:”Replacement‬‬
‫ماســة الســتخدام‬
‫ويعــي أال ميكــن اســتبدال اســتخدام احليوانــات بــأي شــيء آخــر‪ .‬فكمــا ســبق‪ ،‬إذا مل يكــن هنــاك حاجـةٌ ّ‬
‫ـدل مــن حقــن احليوانــات بالــورم‪ ،‬فهــذا ْأوىل‪.‬‬
‫احليـوان وكان ميكــن اســتخدام خاليــا ســرطانية بشـرية أو حيوانيــة يف املعمــل بـ ً‬
‫‪ .2‬تقليل العدد “‪:”Reduction‬‬
‫إذا مل يكــن مــن اســتخدام احليوانــات بـ ٌد‪ ،‬فتقليــل األعــداد املســتخدمة يف البحــث واجــب‪ .‬فللقيــام ببحــث يَتبــع األســاليب‬

‫‪106‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫اإلحصائية الصحيحة‪ ،‬جيب أن تكون أعداد احليوانات مناسبة‪ .‬فبحث ما حيتاج إىل ‪ 100‬حيوان‪ ،‬ال ميكن استخدام‬
‫‪ 5‬فقــط جتنبًــا إليــذاء عــدد كبــر مــن احليوانــات‪ ،‬وإال كانــت النتائــج دون قيمــة “‪ .”non-significant‬وال ميكــن‬
‫ـال آخــر علــى هــذه القاعــدة‪ ،‬إذا كان البحــث يــدور حــول‬ ‫ـس القاعــدة‪ .‬وهنــاك مثـ ٌ‬ ‫أيضــا اســتخدام ‪ 500‬حيـوان طب ًقــا لنفـ ِ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫ـدوش ســطحية ومعاجلتهــا ب ـ (مرهــم) مــا‪ ،‬فــا ينبغــي للباحــث أن‬‫ـروح أو خـ ٍ‬ ‫اســتخدام الباحــث ل ـ ‪ 20‬حيوانًــا إلحــداث جـ ٍ‬
‫ـدث أكثـَـر مــن جــرح باحليـوان الواحــد‪ ،‬مــن بــاب تقليــل عــدد احليوانــات املســتخدمة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جروحــا أكثــر عُم ًقــا‪ ،‬أو أن ُيـ َ‬
‫ث ً‬ ‫ُيــد َ‬
‫إيالمــا للحيوانــات املســتخدمة‪ ،‬ورمبــا قــد يســبب موهتــا‪.‬‬
‫ألن ذلــك يكــون أكثـَـر ً‬
‫‪ .3‬الرفق “‪:”Refinement‬‬
‫فاســتخدام احليوانــات يف حبــث حيتــاج الباحــث فيــه حلقنهــا‪ ،‬جيــب علــى الباحــث أن ُيســك باحليوانــات عنــد حقنهــا برقــة‬
‫وبرمحــة دون إخافتهــا أو إيذائهــا‪.‬‬

‫قاعدة ‪ The Five F’s‬وتبدأ جميعها بـ “‪”Freedom From‬‬


‫‪ .1‬الحق في المأكل والمشرب “‪:”Freedom from Hunger and Thirst‬‬
‫ال بــد للباحــث أن يُوفـ َـر الطعــام واألعــاف املناســبة للحيوانــات املســتخدمة يف التجــارب‪ ،‬وليــس فقــط أي طعــام أو‬
‫ـوم ملــن يعملــون‬
‫فضــات تُقــدم هلــا‪ ،‬وكذلــك ميــاه الشــرب‪ .‬وال بــد أن يُراعــى الوقــت يف ذلــك‪ ،‬فــا جتــوع أو تظمــأ‪ .‬ومعلـ ٌ‬
‫يف جمــال البحــث أن هنــاك غُرفًــا خمصص ـةً يُوفَّــر فيهــا الطعـ ُ‬
‫ـام للحيوانــات‪.‬‬
‫‪ .2‬الحق في الراحة “‪:”Freedom from Discomfort‬‬
‫وهــو أال يشــعر احليـوان يف أي وقـ ٍ‬
‫ـت بعــدم الراحــة‪ ،‬وذلــك حببســه يف قفــص ضيــق ال يتيــح لــه احلركــة املناســبة حبســب نــوع‬
‫احليـوان وبيئتــه الــي جــاء منهــا‪ ،‬أو أن يكــون عــدد احليوانــات داخــل القفــص الواحــد أكثــر مــن املفــرض ممــا جيعلهــا تــؤذي‬
‫بعضهــا البعــض‪.‬‬
‫‪ .3‬الحق في التصرف بطبيعية “‪:”Freedom to Express Normal Behavior‬‬
‫ليــس غريبًــا أن حيافــظ الباحــث علــى احلالــة النفســية حليواناتــه‪ .‬فوضــع احليوانــات الــي مــن نفــس النــوع أو الفصيلــة ســويًا‬
‫إحساســا باملــرح‬
‫ً‬ ‫يف مــكان واحــد ال شــك أنــه يبعــث فيهــا اإلحســاس بالطمأنينــة وجيعلهــا تظهــر ســلوكها الطبيعــي‪ ،‬ويولــد‬
‫أيضــا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .4‬الحق في الشعور باألمان “‪:”Freedom from Fear and Distress‬‬
‫ـرك إضـ ِ‬
‫ـاءة‬ ‫وهــو أال يتســبب الباحــث بطريقــة أو بأخــرى يف إخافــة احليوانــات أو إزعاجهــا‪ .‬فــا ميكــن للباحــث مثـ ًـا تـ ُ‬
‫متامــا‪ ،‬ممــا يتســبب يف إزعاجهــا وعــدم إشــعارها بالراحــة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الغرفــة ليـ ًـا بينمــا ذلــك الوقــت للنــوم‪ ،‬كمــا هــو احلــال عنــد البشــر ً‬
‫‪ .5‬الحق في الحفاظ على الصحة “‪:”Freedom from Pain, Injury or Disease‬‬
‫جروحــا‪ ،‬وال أن جيعلهــا عرضــة‬ ‫ِ‬ ‫ال ينبغــي للباحــث أن يتســبب يف حــدوث أ ٍمل م َّ ٍ‬
‫ث هبــا ً‬ ‫تعمــد للحيوانــات‪ ،‬وال أن ُيــد َ‬ ‫ُ‬
‫لألم ـراض‪ ،‬مــا مل حيتَـ ْـج البحــث لذلــك‪ .‬ويف احلــاالت الــي حيتــاج فيهــا الباحــث لقتــل احلي ـوان للحصــول علــى بعــض‬
‫أيضــا برمحــة‪ .‬وليكــن التخديــر قبــل القتــل مــا مل يكــن‬
‫األعضــاء الداخليــة أو حتليــل عينــات ورم‪ ،‬جيــب أن يكــو َن القتــل ً‬

‫‪107‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫لــه تأثــر ســليب علــى البحــث‪ .‬وهــذا مــا يُعــرف بالقتــل الرحيــم‪ .‬فالســماح باســتخدام احليوانــات يف البحــث العلمــي ليــس‬
‫ـررا إليذائهــا‪.‬‬
‫مـ ً‬
‫ـال علــى خمالفـ ِـة هــذه القواعـ ِـد يف التعامــل مــع احليوانــات يف البحــث العلمــي‪ ،‬وقــد نُشـَـر يف جريــدة ال ـ «‪Daily‬‬ ‫وهنــاك مثـ ٌ‬
‫ـرا مــن الشــركات تقــوم باســتخدام عــدد مهــول مــن احليوانــات عنــد قيامهــا بأحبــاث‬ ‫ـددا كبـ ً‬
‫‪ »Mail‬الربيطانيــة أن هنــاك عـ ً‬
‫علميــة تقــوم علــى حقـ ِن أعـ ٍ‬
‫ـداد كبـ ٍ‬
‫ـرة مــن احليوانــات ببكترييــا مميتــة تتســبب يف قتــل احليوانــات بكميــة تفــوق بكثــر مــا حيتــاج‬
‫إليــه البحــث‪ .‬وقــد مت التشــهريُ هبــم ملــا قامـوا بــه مــن خمالفـ ٍـة ألخالقيــات البحــث!‬

‫شكل ‪ 3‬خرب يف الصحف عن ضبط عاملقة تصنيع الغذاء متورطني بفضيحة اختبار الحيوانات (‪).Source: dailymail.co.uk‬‬

‫‪108‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫تمارين على الفصل الرابع‬

‫األسئلة المقالية‪:‬‬
‫‪ .1‬وضح المظاهر الرئيسية النعدام أخالقيات البحث العلمي؟ ِ‬
‫أعط أمثلة لكل مظهر‪.‬‬
‫(جيب أال تتعدى إجابتك ‪ 400‬كلمة)‬
‫مثال ٍ‬
‫لكل منهم‬ ‫بشرح مبسط للمفاهيم اآلتية‪ :‬المؤلف الخفي‪ -‬الزائر‪ -‬الهدية‪ ،‬ثم اذكر ً‬
‫ٍ‬ ‫‪ .2‬قُم‬
‫(جيب أال تتعدى إجابتك ‪ 400‬كلمة)‬

‫األسئلة االختيارية‪:‬‬
‫‪ .1‬يمكن أن تستخدم الحيوانات في بحثك العلمي‬
‫‪ o‬أيف أي ٍ‬
‫وقت أردت‬
‫‪ o‬عندما ال توجد لديك أي خيارات‬
‫‪ o‬لكي تعيد حبث سابق‬
‫‪ .2‬استخدام الحيوانات في البحث العلمي‬
‫‪ o‬يساهم بفاعلية يف املعرفة العلمية‬
‫‪ o‬ليس عليه أي قيود‬
‫مهما على اإلطالق‬
‫‪ o‬ليس ً‬
‫‪ .3‬انطالقًا من قاعدة الـ «‪ »Three Rs‬في أخالقيات التعامل مع الحيوانات‬
‫بدل من أن تستعمل عشرين حيوانًا وجترحهم مرة واحدة‬
‫احدا وقم جبرحه عشرين مرة‪ً ،‬‬
‫‪ o‬استعمل حيوانًا و ً‬
‫كبريا من احليوانات لكي تتأكد من نتائجك‬
‫عددا ً‬
‫‪ o‬من األفضل أن تستعمل ً‬
‫بديل عن احليوانات إن أمكن‬
‫‪ o‬يفضل أن تستعمل ً‬

‫أسئلة الصواب والخطأ‪:‬‬


‫‪ .1‬أخالقيات البحث العلمي تختلف باختالف معايير األفراد‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬

‫‪109‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫‪ .2‬السبب الوحيد وراء اتباع أخالقيات البحث العلمي هو حفظ حياتنا وعالمنا‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .3‬إشراك أطفال المدارس في األبحاث التجريبية ال يحتاج إلى تصريح‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .4‬ال يوجد أي اعتبارات أخالقية الستخدام الحيوانات في التجارب العلمية‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫عمل أخالقيًا‬
‫‪ .5‬استخدام أبحاث غير منشورة دون إذن يـَُعد ً‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪« .6‬تقطيع النقانق» هو أن ترسل ورقتك البحثية إلى ثالث مجالت علمية مختلفة للنشر‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .7‬قيام الباحث بتعديل بسيط في نتائجه لكي تصبح متناسقة يسمى باالحتيال البحثي‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .8‬الزيف البحثي هو القيام بتغيير أو حذف بعض النتائج‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬

‫‪110‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الرابع‬


‫الفصل الخامس‬

‫‪5‬‬
‫النشر العلمي وأهميته‬

‫ال وجــود لــيء يســمى «علــم خــاص بوطــن معــن»‪ ،‬كــا ال يوجــد جــدول رضب خــاص بوطــن‬
‫معــن‪ ،‬فــإذا أصبــح كذلــك‪ ،‬مل يعــد علـ ًـا‪.‬‬
‫‪-‬أنطون تشيخوف‪ ،‬طبيب وكاتب رويس‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪112‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫النشر العلمي وأهميته‬

‫يف هذا الفصل سنعرض نظرة عامة عن النشر العلمي وأساسياته‪ ،‬وجنيب عن أسئلة عامة حول النشر العلمي‪.‬‬

‫نظرة عامة حول النشر العلمي وأهميته‬


‫يوجــد يف الســلك األكادميــي مقولــة معروفــة «‪ »publish or perish‬أي (انشــر أو ُمــت!)‪ ،‬مبعــى آخــر أنــك إذا‬
‫قمــت بكتابــة حبــث يف نقطــة مــا وتوصلــت إىل بعــض النتائــج ولكنــك مل تقــم بنشــره فلــن يعــرف أح ـ ٌد بأمــره‪ ،‬حــى لــو‬
‫فكــرت أن تقــوم بعمــل صفحــة ويــب خاصــة بــك ونشــرت هبــا فكرتــك‪ ،‬رمبــا ســتتلقى عبــارات اإلعجــاب والتعليقــات مــن‬
‫بعــض األشــخاص ولكــن لــن يثــق أحــد بتلــك النتائــج‪ ،‬ألن تلــك النتائــج مل جتــد طريقهــا إىل مراجعــن آخريــن كــي يُدلـوا‬
‫برأيهــم فيهــا‪ ،‬إ ًذا فقيامــك بتجربــة وتوصلــك إىل نتائــج معينــة فقــط ال يكفــي يف العصــر العلمــي الــذي نعيشــه‪ ،‬بــل ال بــد‬
‫مــن موافقــة اآلخريــن‪.‬‬
‫مــن املمكــن أن خيطــر ببالــك أنــه مــن احملتمــل أن تكــون فكرتــك قويــة جـ ًـدا لدرجــة أن املراجعــن مل يفهموهــا‪ ،‬يف هــذه‬
‫احلالــة يكــون وصــف الفكــرة ب ـ «قويــة جـ ًـدا» مــا هــي إال وجهــة نظــرك‪ ،‬وحــى إذا عجــز املراجعــون عــن اســتيعاب فكرتــك‬
‫‪ -‬وإن كانــت قويــة جـ ًـدا ‪ -‬فذلــك يرجــع إىل عــدم قدرتــك علــى شــرحها جيـ ًـدا‪ ،‬الحــظ أنــه يف عــام ‪ 1905‬الــذي يُعتــر‬
‫ـرا‬
‫ـدل كبـ ً‬
‫مبثابــة الســنة املعجــزة ل ـ «ألــرت أينشــتاين» حيــث قــام خالهلــا بنشــر مخــس ورقــات حبثيــة ثالثــة منهــا أثــاروا جـ ً‬
‫مثــل النســبية اخلاصــة‪ ،‬وكان يف ذلــك الوقــت ال يعمــل باجلامعــة وليــس لديــه مســاعدون‪ ،‬بــل كان يعمــل مبكتــب بـراءات‬
‫اخـراع يف منصــب إداري وكان هــو مــن يكتــب لنفســه ومــع ذلــك جنــح يف أن ينشــر أفــكاره‪ ،‬وهــذا بــدوره يعــي أنــه جنــح‬
‫يف شــرحها بطريقــة جيــدة‪.‬‬
‫أيضــا عندمــا يوافــق احملــرر «‪ »Editor‬علــى ورقتــك البحثيــة ويتــم نشــرها فهــذا ال يعــي بالضــرورة أهنــا فكــرة صحيحــة‬ ‫ً‬
‫متامــا‪ ،‬ولكــن هــذا قــد يعــي أهنــا فكــرة مــن املمكــن أن تــؤدي فيمــا بعــد إىل توليــد أفــكار أخــرى لــدى غــرك‪ ،‬كأن تقــرح أن‬
‫ً‬
‫أمـًـرا مــا خاطــئ رغــم موافقــة اجلميــع عليــه وأن تــرى أهنــم علــى خطــأ ويكــون لــك نظرتــك يف هــذا املوضــوع‪ ،‬تلــك الطريقــة‬
‫قــد تكــون بوابتــك للنشــر‪ ،‬ولــو ثبــت بعــد ذلــك أن نظريتــك خاطئــة‪ ،‬فــا يوجــد ُمسـ ّـمى «فكــرة خاطئــة» بــل يقــوم النــاس‬
‫مبناقشتها‪.‬‬
‫اجــع بواســطة جمموعــة‬
‫هلــذا كلــه قبــل أن تفكــر يف االكتفــاء بنشــر فكرتــك علــى صفحــة ويــب‪ ،‬جيــب أن حتــرص علــى أن تُر َ‬
‫مــن احملرريــن واملراجعــن ليقـُّـروا بأهنــا قــد تكــون فكــرة نافعــة‪.‬‬
‫طبعــا هــذا ال مينــع أنــه يوجــد الكثــر مــن األحبــاث الــي مت رفضهــا مــن جمــات علميــة مرموقــة منهــم جملــة «‪ »Nature‬وقــد‬ ‫ً‬
‫حصــل حبــث منهــم علــى جائــزة نوبــل بعــد ذلــك رغــم رفــض نشــره‪ ،‬وإذا قمــت بالبحــث علــى موقــع جوجــل علــى الورقــات‬
‫البحثية اليت مت رفضها «‪ ،»Famous Papers That Got Rejected‬ستجد منهم الكثري‪ .‬ولكن ال تفكر‬
‫رفضــا‪ ،‬فالرفــض ال يعــي أنــك ســتحصل علــى نوبــل‪ .‬هــذا غــر واقعــي!‬
‫بذلــك املنطــق عندمــا ترســل ورقتــك البحثيــة وتتلقــى ً‬
‫يمكن تصنيف بعض العاملين في المجال البحثي إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬غيب وقدراته العقلية ذات مستوى سيئ‪ ،‬وعددهم قليل وعاد ًة ال تقابلهم‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬شخص ذكي ً‬
‫جدا لكنه غيب فيما يتعلق بتنفيذ األحباث‪ ،‬وهؤالء عددهم أكثر من النوع األول‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬شخص ذكي ً‬
‫جدا ويقوم بعمل األحباث بطريقة عبقرية‪ ،‬لكنه غيب فيما يتعلق بالكتابة‪.‬‬
‫بالنســبة للعــامل اخلارجــي ســيظهر الثالثــة كأغبيــاء‪ ،‬ألنــه يف آخــر األمــر لــن يــرى املنتــج النهائــي ألعماهلــم النــور ولــن يظهــر‬
‫للنــاس‪ ،‬مبعــى أنــك حــى إذا كنــت نابغــة وقمــت بعمــل عظيــم مث فشــلت يف الكتابــة‪ ،‬ســيخلط النــاس بينــك وبــن النــوع‬
‫األول والثــاين‪ .‬هلــذا ُيرجــى أن تكــون مــن «النــوع الرابــع»‪ ،‬وال تقــع يف اخلطــأ الــذي يرتكبــه الكثــر ممــن يبــدؤون رحلتهــم‬
‫البحثيــة بــأن يظنـوا أن فكرهتــم رائعــة ونتائجهــم العمليــة رائعــة‪ ،‬وأن طريقــة الكتابــة ليســت مهمــة واجلهــات الناشــرة ســتنبهر‬
‫بالفكــرة وتقــوم بنشــرها أيًــا كانــت طريقــة الكتابــة‪ ،‬ألن هــذا االعتقــاد غــر صحيــح‪ ،‬والكتابــة الســيئة لــن تُقبــل ولــن تُقـرأ مــن‬
‫األســاس حــى ولــو كانــت فكرتــك رائعــة بــل أن أحـ ًـدا لــن يســتوعب فكرتــك ويُقـّـر بأهنــا رائعــة‪.‬‬
‫ويــزن الكثــر مــن الباحثــن إذا مــا ُرفــض حبثهــم ويعتقــدون أن فكرهتــم رائعــة وأن كل مــا يف األمــر أن هنــاك أخطــاء إمالئيــة‬ ‫َ‬
‫ومــا إىل ذلــك‪ .‬دعنــا هنــا نوضــح أمـ ًـرا مــا‪ ،‬إذا كانــت الورقــة البحثيــة ستُنشــر يف جملــة علميــة أو ســيتم عرضهــا يف مؤمتــر‪،‬‬
‫فــإن احملــرر «‪ »editor‬اخلــاص بتلــك اجلهــة والــذي يكــون مبثابــة رئيــس التحريــر يقــوم بإرســال الورقــة البحثيــة ألشــخاص‬
‫رســل إىل هــؤالء أحباثـًـا كثــرة جـ ًـدا يف الشــهر ليقومـوا بالتحكيــم فيهــا‪،‬‬ ‫آخريــن معروفــن بالكفــاءة يف هــذا التخصــص‪ ،‬ويُ َ‬
‫وعندمــا يبــدأ أحدهــم بقـراءة حبثــك وجيــد صعوبــة يف فهــم مــا قمــت بكتابتــه مــع وجــود الكثــر مــن األخطــاء اإلمالئيــة‪ ،‬مــع‬
‫اســتمرار الوضــع يف أجـزاء كثــرة مــن البحــث ســيتوقف عــن قراءتــه ويرســل طلبًــا إلعــادة كتابــة ذلــك البحــث مــن البدايــة‬
‫وسـ ُـرفض الورقــة البحثيــة بغــض النظــر عــن الفكــرة‪ ،‬مــع العلــم أن العكــس حيــدث وبكثــرة‪ ،‬أوراق حبثيــة عديــدة تكــون‬
‫أفكارهــا بســيطة للغايــة ومــع ذلــك تُنشــر يف أكــر اجملــات ألهنــا كتبــت بشــكل جيــد‪ ،‬هــذا ال يعــي بالطبــع أن تقــوم بنشــر‬
‫أي شــيء بكتابــة جيــدة‪ ،‬لكــن امل ـراد مــن تلــك األمثلــة هــو الوصــول إىل مبــدأ أن الكتابــة بنفــس أمهيــة البحــث نفســه‪،‬‬
‫وأنــك لــن تتمكــن مــن النشــر دون أن تتمكــن مــن الكتابــة بشــكل جيــد‪.‬‬
‫ـادرا علــى كتابــة شــعر باللغــة اإلجنليزيــة‪ ،‬لكنــك ال‬
‫الحــظ أن الكتابــة العلميــة ختتلــف عــن الكتابــة العاديــة‪ ،‬فقــد تكــون قـ ً‬
‫تســتطيع كتابــة حبــث‪ ،‬فالكتابــة العلميــة تعتــر وســيلة‪ ،‬وســنتحدث عنهــا يف اجلــزء القــادم‪.‬‬
‫ـال أو شــخص‬ ‫يوجــد بعــض النقــاط الــي تتبــادر لذهــن الباحــث قبــل أن يقــوم بالنشــر‪ ،‬عندمــا يقــوم بالبحــث عــن عـ ِ‬
‫أكادميــي وجيــد أن لديــه عش ـرات األحبــاث العلميــة املنشــورة ويأخــذه االنبهــار هبــذا األمــر‪ ،‬ف ــهل هــذا هــو المقيــاس‬
‫الصحيــح كــي يعتبــر هــذا العالِــم مــن العلمــاء المفيديــن للعالَــم؟ ســنتعرف علــى اإلجابــة يف هــذا الفصــل‪ ،‬حيــث ســنطرح‬
‫مثانيــة أســئلة يف غايــة األمهيــة‪:‬‬
‫• لماذا ننشر؟‬
‫• متى تباشر عملية النشر؟‬
‫• ما الذي ستنشره؟‬
‫• متى تبدأ في كتابة البحث الخاص بك؟ وإجابة هذا السؤال غالبًا ستكون غير متوقعة‪.‬‬
‫• مــا أنــواع النشــر؟ ألنــه ال يوجــد نــوع واحــد فقــط للنشــر‪ ،‬فعــاد ًة مــا يظــن النــاس أن النشــر يكــون فــي‬

‫‪113‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫المجــات العلميــة فحســب‪ ،‬لكــن هــذا ليــس الســبيل الوحيــد‪.‬‬
‫أمرا سيئًا وسنتطرق إليه الح ًقا‪.‬‬
‫ضع في اعتبارك أن هذا ليس ً‬
‫• كيف تتعامل مع رفض نشر بحثك؟ و َ‬
‫• ماذا بعد النشر؟ ماذا ستفعل بالبحث الخاص بك؟ فمن الممكن أن تقوم بالنشر وال يقرؤه أحد‪.‬‬
‫أول‪ ،‬وهذا يعني أنك تحتاج مهارات‬‫• النقطة األهم هنا هي أنك كي تقوم بالنشــر يجب أن تبدأ بالكتابة ً‬
‫معينة وليســت مهارة واحدة فقط من مهارات الكتابة‪ ،‬فما مهارات الكتابة وكيف تقوم بتحســينها؟‬
‫ســيكون حمــور احلديــث يف هــذا اجلــزء هــو اإلجابــة عــن هــذه األســئلة الثمانيــة وســيتناول اجلــزء القــادم موضــوع الكتابــة‬
‫نفســها‪.‬‬

‫شكل ‪ 1‬أسئلة هامة عن النرش العلمي‬

‫السؤال األول‪ :‬لماذا ننشر؟‬


‫قبــل أن تتخــذ قـر ًارا بنشــر حبــث مــا‪ ،‬جيــب أن تضــع نصــب عينيــك الســبب الــذي جعلــك تفكــر يف هــذا القـرار‪ ،‬مبعــى أنــه‬
‫يف حالــة إذا كان مــن بــاب التفاخــر أمــام النــاس بعملــك‪ ،‬صحيــح أنــك ستســتطيع القيــام بعمليــة النشــر‪ ،‬ولكــن لــن يكــون‬
‫األمــر بنفــس قيمــة إذا مــا كان الــذي دفعــك للنشــر هــو إفــادة النــاس مبــا قمــت باكتشــافه أو مــا تعلمتــه‪ ،‬لذلــك مــن املهــم‬
‫أن تكــون علــى علــم بســبب رغبتــك يف النشــر العلمــي‪ ،‬وأرجــو أال يكــون الســبب هــو التفاخــر‪.‬‬
‫علــى الصعيــد اآلخــر يتجــه بعــض األشــخاص للنشــر العلمــي ألنــه مطلــوب مــن أجــل احلصــول علــى ترقيــة يف الوظيفــة‪،‬‬
‫ال مانــع مــن ذلــك‪ ،‬ولكــن إذا كان هــذا هــو الســبب الوحيــد‪ ،‬فإنــك ستنشــر غالبًــا يف أي مــكان قــد يوافــق علــى نشــر‬
‫أي فكــرة أيـًـا كانــت فقــط مــن أجــل أن حتصــل علــى الرتقيــة يف العمــل ومــن أجــل أن يظهــر يف سـرتك الذاتيــة الكثــر مــن‬
‫نوعــا مــن اخلــداع‪ ،‬إذا ُوِجــد لديــك ثالثــون أو أربعــون حبــث منشــور‬
‫األحبــاث املنشــورة‪ ،‬ويف بعــض األحيــان يعتــر هــذا ً‬
‫وكان واحــد أو اثنــان منهــم فقــط ذي قيمــة فهــذا ليــس باألمــر اجليــد‪ ،‬لذلــك كان مــن األفضــل أن تضــع إفــادة النــاس‬

‫‪114‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫بشــيء اكتشــفته ســببًا لــك‪ ،‬وهــذا األمــر يظهــر مــن خــال طريقــة العــرض والكتابــة الــي قمــت هبــا عندمــا يُنشــر عملــك‬
‫للنــاس وتبــدأ يف تلقــي الكثــر مــن األســئلة خبصوصــه ويُطلــب منــك القيــام بأعمــال مشــركة مــع آخريــن‪ ،‬فمــن األفضــل أن‬
‫تنــوي هــذه النيــة عنــد النشــر‪.‬‬
‫هكــذا نكــون قــد وصلنــا إلجابــة سـؤال ملــاذا نقــوم بنشــر األحبــاث وعرفنــا أنــه يُفضــل أن يكــون مــن أجــل إفــادة اآلخريــن‬
‫حــى لــو كنــت تريــد التفاخــر أو الرتقيــة يف العمــل فــا بــأس هبــذه األهــداف ولكــن ضعهــا يف ترتيــب يــأيت بعــد نيتــك‬
‫ملســاعدة اجملتمــع العلمــي ومســاعدة العاملــن بــه بأفــكارك تلــك‪ ،‬والحــظ أنــك إذا قمــت بنشــر حبثٍمــا ومل تنــل عليــه جائــزة‬
‫ـب يف ذلــك‪ ،‬هــذا إذا كنــت تبحــث عــن اجلـزاء‬ ‫كبــرة ولكــن هنــاك مــن انتفــع منــه وحصــل علــى جائــزة فإنــه يكــون لــك نصيـ ٌ‬
‫على عملك‪ ،‬وإن مل يكن يف الدنيا ســيكون يف اآلخرة بإذن اهلل‪ ،‬إال إن كنت تبحث عن املقابل املادي والشــهرة فهذا‬
‫أمــر آخــر‪ ،‬ولكــن عليــك توخــي احلــذر منــه ألنــه عــادة مــا يأخــذ الكثــر مــن طاقتــك والــي مــن األفضــل أن يتــم اســتخدامها‬
‫يف عمــل البحــث‪ ،‬فضــع هــذه األمــور نُصــب عينيــك عنــد البــدء يف البحــث العلمــي‪.‬‬

‫السؤال الثاني‪ :‬متى تباشر عملية النشر؟‬


‫مــن املؤكــد أنــك بعــد قراءتــك ملــا ســبق يف هــذا الكتــاب‪ ،‬تعرفــت علــى أساســيات البحــث العلمــي وعرفــت أن أي حبــث‬
‫فدائمــا مــا يكــون البحــث نفســه عبــارة عــن س ـؤال كبــر وعليــك إجيــاد إجابــة لــه‪ ،‬هــذا‬
‫علمــي يبــدأ يف األصــل بس ـؤال‪ً ،‬‬
‫السـؤال الكبــر عــاد ًة مــا يكــون صعبًــا وإال فإنــك لــن حتتــاج إىل أن تقــوم ببحــث كامــل ألجلــه مــن األســاس‪ .‬تلــك األســئلة‬
‫الصعبــة جيــب أن تقــوم أنــت بتفصيلهــا إىل أســئلة أصغــر ‪ sub problems‬وتلــك تُفصــل إىل أســئلة أصغــر حــى‬
‫ـهل جـ ًـدا وإال لــن يكــون‬
‫تصــل لسـؤال مــن املمكــن أن تبــي عليــه ورقتــك البحثيــة‪ ،‬ولكــن جيــب أال يكــون هــذا السـؤال سـ ً‬
‫ذا قيمــة كــي يُنشــر‪.‬‬

‫فأي سؤال يجب أن تقف عنده لتنشر عنه؟‬


‫ِ‬
‫ـي‪ ،‬وعــاد ًة تكــون مــن‬
‫هــذا بالطبــع خيتلــف مــن جمــال جملــال وجيــب اللجــوء خل ـرات الســابقني يف األحبــاث يف اجملــال املَعـ ّ‬
‫ـورا‪ ،‬بــل جيــب أن تكــون هنــاك جتــارب وأرقــام حــى تتــم‬‫خصائــص هــذا الس ـؤال أال يقــع نظــر أحــد عليــه وجييــب عنــه فـ ً‬
‫اإلجابــة عــن هــذا الس ـؤال‪.‬‬
‫دعنــا نقــول إن البحــث الــذي ســتقوم بنشــره جييــب عــن س ـؤال صغــر‪ ،‬الــذي هــو بــدوره جــزء مــن أســئلة أكــر تتضمــن‬
‫الس ـؤال الكبــر الــذي بــدأت بــه مشــروعك البحثــي‪ ،‬ووصلــت إىل إجابتــه‪.‬‬
‫وال نعــي باإلجابــة هنــا أي كالم عــام توصلــت إليــه وأنــت تشــاهد التلفــاز مثـ ًـا‪ ،‬أو أن تقــول إنــك قمــت بتجربــة كــذا‬
‫مدعومــا ببيانــات ‪ ،)backed) by data‬أي أنــك قمــت بإج ـراء بعــض‬ ‫ً‬ ‫وجنحــت‪ ،‬فكلمــة إجابــة هنــا تعــي شــيئًا‬
‫التجــارب وتوصلــت إىل بعــض األرقــام‪ ،‬وهــذه األرقــام تدعــم إجابتــك‪ ،‬ألنــك عندمــا حتــاول اإلجابــة عــن سـؤال مــا‪ ،‬تبــدأ‬
‫يف البحــث عــن حمــاوالت مــن ســبقوك –إن كانـوا قــد حاولـوا البحــث عــن إجابــة– وتبحــث عــن أســباب عــدم توصلهــم‬
‫إىل تلــك اإلجابــة‪.‬‬
‫وإذا توصلــت إىل إجابــة مــا دون أن تتوصــل إىل أرقــام‪ ،‬فــإن هــذه تســمى ب ـ الفرضيــة (‪ ،)hypothesis‬وتقــوم بعدهــا‬
‫بإج ـراء العديــد مــن التجــارب لكــي تدعــم هــذه الفرضيــة‪ ،‬مث تشــرح خط ـوات هــذه التجــارب يف البحــث وتســرد النتائــج‬

‫‪115‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫موضحــا دعمهــا لصحــة فكرتــك‪ .‬وعنــد االنتهــاء مــن هــذه اخلطــوة‪ ،‬حيــن الوقــت املناســب إلرســال ورقتــك البحثيــة للنشــر‪.‬‬
‫ً‬
‫وال حيــدث هــذا األمــر فجــأة‪ ،‬أي أنــك ال تتوصــل إىل النتائــج والبيانــات يف يــوم مــا مث تبــدأ النشــر يف اليــوم التــايل مباشــرة‪،‬‬
‫أول اجمللــة الــي تريــد أن‬
‫فخــال رحلــة اإلجابــة علــى هــذا السـؤال الصغــر‪ ،‬جيــب أن يكــون لديــك جــدول زمــي حتــدد فيــه ً‬
‫تنشــر فيهــا حبثــك أو املؤمتــر الــذي ســيُعرض فيــه‪ ،‬وعــاد ًة مــا يكــون للمؤمتــر ميعــاد حمــدد الســتالم األحبــاث تعرفــه مســب ًقا‪،‬‬
‫فتقــوم حبســاب الوقــت الــذي ســيلزمك لالنتهــاء مــن العمــل علــى حبثــك لرتســله يف الوقــت املناســب‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬يكــون عليــك‬
‫ـهرا واحـ ًـدا يف كتابــة الورقــة البحثيــة وختصــص شــهرين قبــل ذلــك للقيــام‬ ‫أن تنشــر بعــد ‪ 6‬أشــهر يف هــذا املؤمتــر‪ ،‬ف ــتستغرق شـ ً‬
‫بكــذا‪ ،‬وتبــدأ يف وضــع خطــة زمنيــة لتنفيــذ املهــام‪ .‬أمــا إذا كنــت ستنشــر يف جملــة علميــة‪ ،‬فيجــب أن تعــرف الوقــت الــذي‬
‫تســتغرقه تلــك اجمللــة يف مراجعــة األحبــاث‪ ،‬أو يف بعــض األحيــان يكــون هنــاك عــدد خــاص مــن هــذه اجمللــة‪ ،‬هــذا العــدد‬
‫خمتصــا مبناقشــة نقطــة حبثيــة معينــة ويكــون هلــذا العــدد ميعــاد حمــدد‪ .‬يف تلــك احلالــة إذا كان حبثــك يناقــش هــذه‬ ‫يكــون ً‬
‫أول وبعدهــا ميكنــك وضــع خطــة العمــل (‪ )Road Map‬اخلاصــة بــك‪.‬‬ ‫النقطــة‪ ،‬فإنــك تراســلهم ً‬
‫إمــا إذا كنــت تــدرس للحصــول علــى درجــة املاجســتري أو الدكتــوراه وتعلــم مــى تريــد االنتهــاء منهــا ف ــتستطيع حينهــا أن‬
‫تضــع لنفســك وقتًــا لالنتهــاء مــن البحــث‪.‬‬
‫مــن كل هــذا نســتنتج أن اإلجابــة علــى سـؤال مــى يكــون النشــر هــي عندمــا يكــون لديــك إجابــة تدعمهــا أرقــام‪ ،‬ألنــه إذا‬
‫ـعرا أو قصــة وليــس حبثًــا علميًــا‪ ،‬مــا مل يكــن الس ـؤال فلســفيًا فهــذا أمــر آخــر‪ .‬وإذا‬
‫مل توجــد أرقــام فنحــن هنــا نكتــب شـ ً‬
‫تعلــق األمــر بفلســفة العلــوم‪ ،‬فطاملــا ذُكــرت العلــوم جيــب أن تكــون هنــاك أرقــام‪ ،‬وهــذا هــو مــا نتحــدث عنــه يف هــذه احلالــة‪.‬‬

‫السؤال الثالث‪ :‬ما الذي ستنشره؟‬


‫هــذا س ـؤال يف غايــة األمهيــة‪ ،‬ألنــك بعــد أن جتيــب علــى س ـؤالك وتتوصــل إىل أرقــام كثــرة جـ ًـدا‪ ،‬قــد تفضــل جتزئــة هــذه‬
‫األرقــام إىل جمموعــات صغــرة ونشــر كل جمموعــة منهــا يف مؤمتــر أو جملــة مــا‪ ،‬وبذلــك تكــون قــد جنحــت يف نشــر أكثــر‬
‫ـدل مــن نشــر حبــث واحــد فقــط‪ ،‬وهــذه احلالــة توصــف يف وســط البحــث العلمــي مبصطلــح معــروف يســمى‬ ‫مــن حبــث بـ ً‬
‫(‪ Least Publishable (Unit‬وهــو أصغــر شــيء ميكــن نشــره‪.‬‬
‫ـدي البيانــات الــي تثبــت ذلــك‪ ،‬فهــل أقــوم بنشــرها يف حبــث واحــد ذي‬
‫وهنــا يثــور سـؤال‪ :‬لقــد قمــت حبــل مســألة معينــة ولـ ّ‬
‫قيمــة أم أنشــرها علــى هيئــة أربعــة أو مخســة أحبــاث مبســتوى متوســط؟‬
‫إذا نشــرت أربعــة أو مخســة أحبــاث ســيظهر ذلــك بالفعــل يف س ـرتك الذاتيــة وســينبهر غــر املتخصصــن يف جمالــك‬
‫وسعتــك يف وســط اجملتمــع العلمــي‬ ‫باألمــر لكثــرة أحباثــك‪ ،‬لكــن ســيؤثر ذلــك علــى مسعتــك بــن املتخصصــن يف جمالــك‪ُ ،‬‬
‫اجعــا ألحبــاث غــرك‪ ،‬وغريهــا مــن الفــرص‬
‫يف ختصصــك مهمــة للغايــة‪ ،‬ألهنــا مــا ســيجعلك بعــد ذلــك مؤهـ ًـا لتكــون مر ً‬
‫األخــرى‪ ،‬وهــذا بــدوره سيســاعدك يف إيصــال أفــكارك للغــر‪ ،‬الحــظ أن حبثــك ليــس الســبيل الوحيــد لتوصيــل أفــكارك‪،‬‬
‫أيضــا حيــث تقــوم مبســاعدة اجملتمــع البحثــي‪ .‬وهنــاك العديــد مــن الوســائل الــي متكنــك مــن‬
‫اجعــا لألحبــاث ً‬‫بــل كونــك مر ً‬
‫مســاعدة اجملتمع العلمي‪ ،‬ولكي متتلك تلك الوســائل جيب أن يراك اآلخرون باحثًا ذا قيمة‪ ،‬ولكي يتحقق ذلك عليك‬
‫أن تتجنب الـ (‪ Least Publishable (Unit‬إذا كان من املمكن أن تنشر يف ورقة حبثية واحدة قوية ترسلها إىل‬
‫مؤمتــر كبــر أو جملــة علميــة مرموقــة‪ ،‬فهــذا أفضــل مــن أربــع ورقــات حبثيــة يف مؤمتـرات متوســطة‪ ،‬إذ أن العــدد ليــس املعيــار‬

‫‪116‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫األساســي كمــا ســنرى الح ًقــا‪ .‬فضــع تلــك النقطــة نُصــب عينيــك‪ ،‬وابتعــد عــن ال ـ ‪!Least Publishable Unit‬‬

‫السؤال الرابع‪ :‬متى تبدأ في الكتابة؟‬


‫بعــد أن تعلمنــا ملــاذا نقــوم بالنشــر ومــى ومــا الــذي ســنقوم بنشــره يــأيت السـؤال‪ :‬مــى نبــدأ الكتابــة؟ يعتقــد أغلــب النــاس أن‬
‫البــدء يف الكتابــة يكــون بعــد االنتهــاء مــن العمــل البحثــي ومجــع البيانــات كلهــا واســتخراج األرقــام واالنتهــاء مــن الرســوم‬
‫البيانيــة (‪ ،)Graphs‬وهــذا غــر عملــي يف الواقــع وال حيــدث يف احليــاة‪ ،‬حيــث تنتهــي عــاد ًة مــن العمــل علــى حبثــك‬
‫واســتخراج األرقــام قبــل املؤمتــر أو موعــد النشــر يف اجمللــة بأيــام قليلــة‪ ،‬ممــا جيعــل البعــض يدخــل يف حالــة مــن اهللــع ويُضطــر‬
‫ـاول اللحــاق مبوعــد النشــر‪ ،‬فيظهــر البحــث بصــورة ســيئة كمــا حتدثنــا مــن قبــل‬ ‫إىل العجلــة يف الكتابــة واتبــاع أي وســيلة حمـ ً‬
‫عــن النــوع الثالــث مــن أنـواع العاملــن يف جمــال البحــث العلمــي‪ ،‬وهــذا ال يصــح‪.‬‬
‫أفضــل موعــد لبــدء الكتابــة عنــد بدايــة العمــل علــى البحــث‪ .‬لكــن انتبــه! ال يعــي بــدء الكتابــة هنــا البــدء يف كتابــة ورقـةً‬
‫علميــة‪ ،‬بــل تســجيل أفــكارك وجتاربــك‪ ،‬والرســوم البيانيــة‪ ،‬وحــى نتائجــك الســيئة؛ فاحلفــاظ علــى ملــف يتضمــن كافــة‬
‫البيانــات سيســاعدك علــى الرتكيــز‪ ،‬علــى عكــس الــكالم العابــر غــر املــدون‪.‬‬
‫ُ‬
‫فعندمــا تســجل بنفســك مــا تنجــزه‪ ،‬فــإن هــذا سيســاعدك يف احلفــاظ علــى تركيــزك علــى البحــث‪ ،‬ومــع انتهــاء البحــث‬
‫ســيكون حبوزتــك عشـرات الصفحــات الــي ميكنــك اختيــار مــا هــو صــاحل للنشــر منهــا بســهوله فيمــا بعــد‪ ،‬فتكــون إضافــة‬
‫التعديــات (‪ )Editing‬هكــذا أســهل بكثــر منهــا إذا كنــت قــد انتهيــت مــن البحــث وباقــي علــى زمــن التســليم أســبوع‬
‫مثـ ًـا‪ ،‬لكنــك جتلــس أمــام صفحــة بيضــاء تنتظــر أن تكتــب فيهــا كل مــا مــررت بــه يف البحــث منــذ البدايــة! لــذا‪ ،‬احــرص‬
‫ـرورا باملراحــل الــي يتــم فيهــا تنفيــذ البحــث‪ ،‬فهــذا أفضــل بكثــر‪.‬‬
‫علــى الكتابــة منــذ بدايــة ظهــور الفكــرة لديــك مـ ً‬
‫ومتثــل هــذه الصفحــات دفــرك البحثــي اخلــاص (‪ - )Research Notebook‬الــذي يُعــد إحــدى أهــم األدوات‬
‫الــي يســتخدمها أي باحــث مرمــوق سـواء علــى جهــاز كمبيوتــر أو علــى هيئــة ورق ‪ ،‬وهــو حيــوي مجيــع أفــكارك وجتاربــك‪،‬‬
‫ـكارا مهمــة؛ مثــل‪ ،‬هــل كانــت األخطــاء نتيجــة للقيــاس‪ ،‬أم للفكــرة‬
‫حــى الفاشــل منهــا‪ ،‬فهــي بدورهــا تعطيــك معلومــات وأفـ ً‬
‫نفســها؟ كيــف تعمــل علــى حتســينها إ ًذا؟ وهكــذا‪.‬‬
‫احــرص يف مجيــع أيامــك علــى الكتابــة‪ ،‬ويفضــل أن تنهــي عملــك مبكـ ًـرا نصــف ســاعة كل يــوم كــي ختصصهــا للكتابــة‪،‬‬
‫ـكارا تســتطيع أن تســتخرج منهــا األحبــاث الــي تريــد نشــرها‪.‬‬
‫وبعــد فــرة ســيكون لديــك كتــاب حيــوي أفـ ً‬
‫احتــرس! طريقــة كتابتــك للبحــث قــد تكــون خمتلفــة عمــا حــدث يف الواقــع‪ ،‬فعنــد قراءتــك ألي حبــث‪ ،‬قــد جتــد املوضــوع‬
‫ومدعمــة بالتجــارب‪ ،‬وأن األمــر ســهل للغايــة!‬ ‫بســيطًا‪ ،‬واملشــكلة واضحـةً وفكــرة حلهــا منطقيـةً ّ‬
‫لكــن هــذا غــر صحيــح! إذ تكــون املشــكلة موجــودة يف الواقــع‪ ،‬وجيــرب الباحــث العديــد مــن الطــرق‪ ،‬بعضهــا يفشــل‬
‫وبعضهــا يكــون أقــرب إىل الصـواب لكنــه يفتقــر إىل بعــض التعديــات‪ ،‬ويســتمر ذلــك حــى الوصــول إىل أفضــل طريقــة‪،‬‬
‫وهــذه التفاصيــل ال داعــي إلزعــاج قــارئ البحــث هبــا‪ ،‬لــذا‪ ،‬يُكتفــى بوضــع الس ـؤال‪ ،‬مث تذكــر إجابتــك ومــا يؤيدهــا ممــا‬
‫أجريتــه مــن جتــارب ونتائجهــا بالتفصيــل املمــل‪ ،‬لتتحــول إىل روايــة دون إضافــة تفاصيــل غــر ضروريــة‪ ،‬فهــذه التفاصيــل‬
‫ميكنــك االحتفــاظ هبــا يف دفــرك البحثــي الــذي تكتــب فيــه يوميًــا‪ ،‬لكــن ال مــكان هلــا يف الورقــة البحثيــة الــي ستُنشــر بعــد‬
‫ذلــك‪ ،‬حيــث تســتخرج مــن دفــرك البحثــي هــذا مــا ميكنــك كتابتــه يف الورقــة البحثيــة‪ ،‬وهــذا سيســهل وصــول فكرتــك إىل‬

‫‪117‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫خداعــا ألحــد‪ ،‬بــل جمــرد انتقــاء لألجـزاء املهمــة فقــط للنشــر‪.‬‬
‫مجيــع قـراء البحــث‪ ،‬وال يعــد ً‬
‫وهكــذا‪ ،‬تُ ِ‬
‫باشــر كتابــة الفكــرة أو السـؤال‪ ،‬مث تكتــب احلــل‪ ،‬والتجــارب الــي قمــت هبــا‪ ،‬وكيفيــة إمتامهــا‪ .‬كمــا ميكــن حتســن‬
‫البحــث بعــدة خطـوات مســتقبلية‪.‬‬
‫وهذه هي الطريقة املثلى‪ ،‬حيث ختتلف طريقة الكتابة عن طريقة البحث‪.‬‬
‫ُ‬
‫مــن املهــم كذلــك أن تبــدأ يف الكتابــة منــذ اليــوم األول يف البحــث‪ ،‬وليــس مــن الضــروري االهتمــام بقواعــد اإلجنليزيــة أثنــاء‬
‫الكتابــة يف تلــك الفــرة‪ ،‬فهــذا ميكنــك االعتنــاء بــه عنــد العمــل علــى الورقــة الــي ستنشــرها‪ ،‬لكــن اهلــدف األساســي اآلن‬
‫هــو تســجيل مجيــع األفــكار الــي قــد ختطــر ببالــك‪ ،‬حــى تَسـ ُـهل العــودة إليهــا فيمــا بعــد‪ ،‬ألنــه مــن الصعــب للغايــة إبقــاء‬
‫مجيــع التفاصيــل يف الذاكــرة‪.‬‬

‫السؤال الخامس‪ :‬ما سبل النشر وأنواعه واألوراق البحثية؟‬


‫رســل إليهــا األحبــاث بعــد االنتهــاء مــن كتابتهــا‪ .‬فيمكنــك أن ترســلها‬‫يف هــذا اجلــزء ســوف خنــص باالهتمــام اجلهــات الــي تُ َ‬
‫إىل جملــة أو مؤمتــر علمــي والنشــر يف كل منهمــا خمتلــف عــن اآلخــر وف ًقــا للمجــال الــذي تعمــل بــه‪ .‬لكــن إذا اخــرت يف‬
‫النهايــة أن تنشــر حبثــك يف جملــة‪ ،‬فكيــف ختتــار هــذه اجمللــة وكيــف تعلــم أهنــا هــي املناســبة لطبيعــة ومســتوى حبثــك؟ مث‬
‫نتطرق إىل األنواع املختلفة للنشر؛ فمنها ما يُعرف بامللخص املطول‪ ،‬أوراق ورش العمل‪ ،‬األوراق اليت تُنشر يف اجملالت‬
‫ـرا التقاريــر‪.‬‬
‫واألخــرى الــي تُنشــر يف املؤمتـرات‪ ،‬اخلطــة البحثيــة وأخـ ً‬
‫أمــا عــن أن ـواع األوراق البحثيــة ذاهتــا فهنــاك أوراق املراجعــة‪ ،‬التحســن التدرجيــي‪ ،‬املســامهة الســلبية‪ ،‬فكــرة جديــدة‪،‬‬
‫اكتشــاف علمــي وغريهــا‪ .‬وميكــن تصنيــف األوراق البحثيــة عــن طريــق مــدى مســامهتها يف التقــدم العلمــي يف جماهلــا‪ ،‬فهنــاك‬
‫أحبــاث ال تســبق غريهــا بــأي خطــوة‪ ،‬وأحبــاث تســبق خبطــوة واحــدة وأحبــاث تســبق بعشــرة خط ـوات‪.‬‬
‫واآلن بعــد أن مت إرســال الورقــة البحثيــة إىل اجمللــة العلميــة للنظــر فيهــا مــن حيــث قابليتهــا للنشــر أم ال‪ ،‬يتــم اتبــاع أحــد‬
‫ثالثــة طــرق‪ .‬الطريقــة األوىل أال يعــرف الباحثــون واملراجعــون أمســاء بعضهــم البعــض‪ .‬أمــا الطريقــة الثانيــة فهــي أن يعــرف‬
‫املراجعــون فقــط أمســاء الباحثــن والطريقــة األخــرة هــي أن الفريقــن يعــرف كل منهمــا اآلخــر‪ .‬وفيمــا يلــي نعيــد تنــاول مــا‬
‫ذكرنــاه مبزيــد مــن التفاصيــل‪:‬‬

‫بعد انتهائك من البحث‪ ،‬وكتابة الورقة العلمية‪ ،‬يظهر السؤال‪ :‬أين ترسلها؟‬
‫كمــا ذكرنــا يف البدايــة‪ ،‬رمبــا تكــون قــد حــددت مؤمتـ ًـرا علميًــا بالفعــل أو جملــة‪ ،‬لكــن مــا املعايــر الــي ســتقوم باالختيــار‬
‫ـي عــدة أحبــاث ومراجــع‪ ،‬وهــي خطــوة‬ ‫وف ًقــا هلــا؟ يفــرض عــاد ًة قبــل البــدء يف البحــث أن تكــون قــد قـرأت يف اجملــال املعـ ّ‬
‫أساســية قبــل البــدء يف كتابــة أي حبــث‪.‬‬
‫ففــي البدايــة تق ـرأ بعــض الكتــب (‪ )Text Books‬لإلملــام بأساســيات املوضــوع‪ ،‬مث تنتقــل إىل ق ـراءة األحبــاث الــي‬
‫تنقلــك إىل مراجــع وأحبــاث أخــرى وهكــذا‪ ،‬ومــع الوقــت ســتتكون لديــك خــرة يف أفضــل اجملــات واملؤمت ـرات يف هــذا‬
‫أيضــا مــا هــي اجملــات متوســطة املســتوي‪ ،‬ومــا هــي اجملــات الــي ال يقرأهــا أحــد ‪Write-Only‬‬
‫اجملــال‪ ،‬وســتعرف ً‬
‫‪.Journal‬‬

‫‪118‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫نــود أن نشــر إىل نقطــة أخــرى‪ ،‬وهــي أنــه يف أغلــب التخصصــات العلميــة تكــون اجملــات أقــوى مــن املؤمتـرات‪ ،‬لكــن يف‬
‫بعــض التخصصــات مثــل «معمــار احلاســوب ‪ »Computer Architecture‬تعــد املؤمت ـرات أقــوى مبراحــل مــن‬
‫اجملــات‪ ،‬ويرجــع هــذا إىل أنــه يف أغلــب اجملــاالت الــي تكــون فيهــا اجملــات أقــوى مــن املؤمتـرات‪ ،‬تطلــب املؤمتـرات أوراقًــا‬
‫علميــة قصــرة (‪ 8 – 4‬صفحــات) ال حتــوي مجيــع التفاصيــل‪ ،‬بينمــا يف جمــال معمــار احلاســوب تكــون األوراق العلميــة‬
‫يف املؤمت ـرات بنفــس الطــول الــذي يتــم نشــره يف اجملــات‪ ،‬ونســبة القبــول يف املؤمتــر أقــل بكثــر مــن اجملــات العلميــة‪ ،‬ممــا‬
‫أول مث يف املؤمتــر‪ ،‬علــى عكــس أغلــب التخصصــات العلميــة‪.‬‬ ‫يعكــس العمليــة‪ ،‬فالباحثــون يف هــذا اجملــال ينشــرون يف اجمللــة ً‬
‫لــذا‪ ،‬عليــك االنتبــاه جيـ ًـدا إىل النــوع الــذي ينتمــي إليــه جمالــك وأي طــرق النشــر أفضــل يف جمالــك‪ ،‬املؤمتـرات أم اجملــات‪.‬‬
‫أحيانـًـا يكــون لديــك فكــرة‪ ،‬وبعــد القيــام بعــدة جتــارب والتوصــل إىل بيانــات‪ ،‬ال تســتطيع أن حتــدد‪ :‬هــل توصلــت إىل‬
‫أول –إذا كان أضعــف مــن اجمللــة– وإذا مت قبولــه يف‬ ‫اجلـواب النهائــي أم ال؟ ميكنــك عندهــا أن ترســل نتائجــك إىل مؤمتــر ً‬
‫املؤمتــر‪ ،‬سيناقشــك النــاس فيمــا توصلــت إليــه‪ ،‬ممــا سيســاعدك علــى معرفــة هــل كان لديــك اجلـواب النهائــي أم ال‪ ،‬ورمبــا‬
‫ـكارا أخــرى كذلــك مــن املناقشــات‪ ،‬وقــد ميكنــك إضافتهــا بعــد ذلــك إىل ورقتــك العلميــة قبــل إرســاهلا للمجلــة‪.‬‬ ‫تســتلهم أفـ ً‬
‫وهنا يثور تساؤل أخر‪ :‬هل يجوز أن أنشر في مجلة‪ ،‬ثم في مؤتمر؟‬
‫متامــا مرتــن! فبعــد أن تنشــر يف األضعــف منهمــا ويتــم قبولــه‪ ،‬تســتخدم مــا تلقيتــه مــن ردود‬
‫ال ميكنــك نشــر نفــس البحــث ً‬
‫أفعــال وتعليقــات علــى حبثــك كــي تضيــف جتــارب وتفاصيــل أخــرى إىل ورقتــك البحثيــة مث ترســلها للجهــة األقــوى‪.‬‬
‫وجيــب قبــل إرســالك للجهــة الثانيــة أن تذكــر أنــك نشــرت البحــث مــن قبــل‪ ،‬وتوضــح مــا أضفــت إليــه يف هــذه املــرة (عــاد ًة‬
‫جيــب أن يتعــدى ‪ %30‬مــن البحــث األصلــي)‪.‬‬
‫غشــا‪ ،‬وسيكتشــف بعــد قليــل مــن الوقــت لقلــة عــدد األف ـراد يف‬
‫ويعــد إرســالك لنفــس البحــث دون أي إضافــة ملكانــن ً‬
‫ختصصــك‪ ،‬ممــا ســيضر بســمعتك ويــؤدي إىل رفــض مجيــع أحباثــك يف أي مــكان الح ًقــا!‬
‫كيف تختار هذه المجلة؟‬
‫مــن املمكــن أن جتــد أثنــاء قراءتــك لألحبــاث جمــات معينــة ينشــر هبــا معظــم الباحثــن بنفــس اجملــال‪ ،‬فهنــاك عــدة عوامــل‬
‫يتــم مــن خالهلــا تقييــم اجملــات البحثيــة‪.‬‬
‫العامل األول‪ :‬معامل التأثير ‪:Impact Factor‬‬
‫وميثــل قــوة اجمللــة وكلمــا ازداد هــذا الرقــم كانــت اجمللــة أقــوى‪ ،‬وال تعتمــد قــوة اجمللــة علــى أمســاء األشــخاص الذيــن ينشــرون‬
‫هبــا‪ ،‬لكنهــا ُتــدد وف ًقــا لعــدد قـراء تلــك اجمللــة‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال‪ :‬يتــم حســاب ال ـ ‪ Impact Factor‬جمللــة مــا يف عــام‬
‫‪ 2010‬علــى النحــو التــايل‪:‬‬
‫كم كان عدد األحباث اليت أشارت إىل أحباث منشورة يف هذه اجمللة يف عامي ‪ 2009‬و‪2008‬؟ إذا نشرت هذه اجمللة‬
‫مثـ ًـا ‪ 200‬حبــث أشــر إليهــا يف ‪ 2000‬حبــث يف جمــات أخــرى‪ ،‬يكــون ‪،10=200/2000=Impact Factor‬‬
‫مــع األخــذ يف االعتبــار أن هــذا الرقــم يتغــر مــن عــام آلخــر‪.‬‬
‫هامــا جـ ًـدا عنــد اختيــار اجمللــة‪ ،‬وميكــن اســتعمال حمــركات البحــث إلجيــاد معامــل ال تأثــر‬
‫لــذا يعتــر معامــل التأثــر معيـ ًـارا ً‬
‫‪ Impact Factor‬اخلــاص باجملــات‪ ،‬أو مراســلة أشــهر الباحثــن يف جمــال ختصصــك واالســتعانة هبــم‪ ،‬وهــذا أمــر‬

‫‪119‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫طبيعــي للغايــة‪.‬‬
‫العامل الثاني‪ :‬المدة الزمنية ‪:Round Time‬‬
‫عندمــا يراســل شــخص مــا جملــة‪ ،‬يتــم الــرد عليــه بعــد شــهرين بإضافــة تعديــات معينــة‪ ،‬وعنــد اإلرســال مــرة ثانيــة ينتظــر‬
‫عــدة شــهور أخــرى قبــل الــرد‪ ،‬وهلــذا يســتغرق النشــر مــا يتعــدى ســنة أو ســنة ونصــف منــذ وقــت اإلرســال وحــى النشــر يف‬
‫اجمللــة‪ ،‬األمــر الــذي ال يتوافــق مــع اخلطــة الزمنيــة املعــدة ســل ًفا‪ ،‬ويتســبب تأخــر النشــر يف تأخــر بدايــة العمــل علــى نقــاط‬
‫حبثيــة أخــرى‪.‬‬
‫ُيكنــك االطــاع يف مواقــع اجملــات علــى مواعيــد إرســال األحبــاث ونشــرها –يكتــب غالبًــا أســفل كل حبــث تاريــخ إرســاله‬
‫وتاريــخ نشــره‪ -‬فــإذا وجــدت الفــارق أكــر مــن ســنة‪ ،‬فهــذا وقــت كثــر للغايــة‪.‬‬
‫وخيتلف الوضع بالطبع يف املؤمترات ألهنا مرتبطة مبوعد معني لالنعقاد‪.‬‬
‫العامل الثالث‪ :‬الظهور في قواعد البيانات (‪:)Indexed‬‬
‫لــكل مكتبــة رقميــة قاعــدة بيانــات كاملوجــودة يف ‪ Scopus‬و‪ ACM‬و‪ ،IEEE‬فهــل توجــد اجمللــة أو املؤمتــر يف هــذه‬
‫القاعــدة أم ال؟‬
‫تكمــن أمهيــة نشــر حبثــك يف إحــدى اجملــات املدرجــة ضمــن قاعــدة البيانــات لتلــك املكتبــات العامليــة يف معرفــة النــاس‬
‫بعملــك‪ ،‬فــإذا مل يســتطع الباحثــون الوصــول إىل حبثــك‪ ،‬فلــن تُعـ َـرف أعمالــك‪ .‬وإذا كنــت سرتاســل مؤمتـ ًـرا‪ ،‬فعليــك أن‬
‫تعــرف أقــوى مخســة أو ســتة مؤمت ـرات يف ختصصــك‪ ،‬ألن هنــاك العديــد مــن املؤمت ـرات يف كل التخصصــات‪ ،‬وبعــض‬
‫املؤمت ـرات تُعقــد فقــط بغــرض ترقيــة األف ـراد‪ ،‬فيجــب معرفــة املهــم منهــا واالكتفــاء مبراســلته‪ .‬أمــا إذا اخــرت النشــر يف‬
‫املؤمتـرات الضعيفــة‪ ،‬فهــذا ســيعيدنا إىل سـؤال «ملــاذا تنشــر؟» ألنــه لــن يُفيــدك إال بالرتقيــة أو التباهــي بنشــر ورقــة علميــة‪،‬‬
‫بينمــا مل تُفــد أحـ ًـدا يف واقــع األمــر ألن حبثــك مل يق ـرأه أحــد!‬

‫أنواع النشر ‪Publications‬‬


‫هناك العديد من األنواع لألوراق العلمية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬الملخص المطول ‪:Extended Abstract‬‬
‫وهــذا ليــس حبثًــا علميًــا‪ ،‬بــل فكــرة ال تتعــدى صفحتــن‪ ،‬وهــو جمــرد اســتطالع لـرأي القـراء يف الفكــرة‪ ،‬واالسرتشــاد بــه قبــل‬
‫النشــر يف مؤمتــر أو جملــة علميــة‪ ،‬وال يشــكل أمهيــة كــرى يف سـرتك الذاتيــة‪ ،‬ألن مــن الســهل قبولــه ونســب رفضــه قليلــة‪،‬‬
‫ويف بعــض اجملــاالت –الــي تكــون اجملــات فيهــا أقــوى مــن املؤمتـرات– تعــرض املؤمتـرات ملخصــات مطولــة فقــط‪.‬‬
‫‪ .2‬أوراق ورش العمل ‪:Workshop Papers‬‬
‫وتوجــد يف بعــض املؤمتـرات الكبــرة‪ .‬وهنــاك فــارق بــن ورشــة العمــل «‪ »workshop‬والــدورة التعليميــة «‪»tutorial‬‬
‫حيــث جيلــس بعــض األشــخاص ليشــرح أحدهــم تفاصيــل موضــوع مــا‪ ،‬أمــا ورشــة العمــل فتكــون مبثابــة مؤمتــر صغــر‪،‬‬
‫وتكــون األحبــاث فيهــا يف نقطــة متخصصــة جـ ًـدا‪ ،‬علــى عكــس املؤمتــر الــذي يكــون أوســع وأمشــل‪.‬‬
‫وتتميــز ورش العمــل بأهنــا تتيــح لــك أن جتتمــع بباحثــن يعملــون علــى نفــس املوضــوع أو موضــوع قريــب جـ ًـدا مــن نقطــة‬

‫‪120‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫ختصصــك ممــا يســاعد علــى تبــادل األفــكار واآلراء‪.‬‬
‫‪ .3‬األوراق التي تنشر في المؤتمرات ‪:Conference Papers‬‬
‫‪ .4‬األوراق التي تنشر في المجالت ‪ :Journals Papers‬وقد عرضنا كليهما فيما سبق‪.‬‬
‫‪ .5‬الخطة البحثية بغرض الحصول على منحة ‪:Grant Proposal‬‬
‫وتكــون عــاد ًة أكثــر أمهيــة لألســاتذة منهــا للطــاب‪ ،‬واهلــدف األساســي منهــا ليــس النشــر‪ ،‬ولكــن طلــب مبالــغ ماليــة‪.‬‬
‫فعلــي ســبيل املثــال‪ :‬أســتاذ يف جامعــة نيويــورك‪ ،‬لديــه طــاب يعملــون كباحثــن مســاعدين‪ ،‬وعليــه أن جيــد طريقــة ليدفــع‬
‫رواتبهم –غري ماله اخلاص بالتأكيد‪ -‬فحينها يراسل عدة جهات مثل ‪National Science Foundation‬‬
‫‪« NSF‬اهليئــة القوميــة للبحــث العلمــي بأمريــكا» وتقابلهــا أكادمييــة البحــث العلمــي يف مصــر– ليعــرض فكرتــه‪.‬‬
‫وتَعــرض هــذه اهليئــات كل عــام عــدة مواضيــع هتتــم بالبحــث فيهــا‪ ،‬ويتقــدم الباحثــون إليهــا بأفكارهــم وجتارهبــم املبدئيــة الــي‬
‫تدعــم هــذه األفــكار‪ ،‬وإذا مت قبوهلــا‪ ،‬تعطــي اهليئــة منحــة ماديــة هلــم الســتكمال أحباثهــم‪.‬‬
‫متامــا عــن إقناعــك إيــاه بــأن يعطيــك مـ ًـال‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لكــن هنــا العمليــة صعبــة للغايــة؛ ألن إقنــاع أحــد بنشــر حبــث لــك خيتلــف ً‬
‫فنالحــظ أن نســبة القبــول يف «‪ »NSF‬حـوايل ‪ 1( %5‬مــن كل ‪ 20‬طلــب)‪ ،‬ومــن يُقبــل طلبــه حيصــل مثـ ًـا علــى نصــف‬
‫مليــون دوالر علــى فــرة مخــس ســنوات‪.‬‬
‫أيضا أن ترسل طلب املنحة لبعض الشركات مثل ‪ IBM‬أو ‪ ،Intel‬إال أ ّن الشركات تعطي مبالغ أقل عاد ًة‪،‬‬
‫ميكنك ً‬
‫لكنها قد تســاعد بأجهزة أو معامل‪.‬‬
‫أيضــا أن تراســل احلكومــة‪ ،‬ولكنهــا هتتــم أكثــر باملنتــج الــذي حيــل إحــدى مشــاكلها‪ ،‬وليــس جمــرد البحــث‪،‬‬
‫كمــا ميكنــك ً‬
‫منتجــا مبدئيًــا «‪،»Prototype‬‬ ‫وهــذا هــو احلــال يف أمريــكا‪ ،‬إذا حصلــت علــى منحــة مــن احلكومــة فــا بــد أن تنتــج ً‬
‫علــى عكــس ال ـ ‪ NSF‬الــذي يهتــم بكــم األحبــاث الــذي نشـرته‪ ،‬ألن أكادمييــة البحــث العلمــي ليســت شــركة‪ ،‬إمنــا يعنيهــا‬
‫نشر العلم‪ .‬‬
‫‪ .6‬التقرير‪:‬‬
‫بعــد حصولــك علــى املنحــة‪ ،‬تقــوم بتقــدمي تقريــر كل ســتة أشــهر أو ســنة مبــا نشـرته مــن أحبــاث ومــا توصلــت إليــه مــن نتائــج‬
‫سـواء ناجحــة أو فاشــلة‪ ،‬حــى يظهــر حجــم العمــل الــذي قمــت بــه‪.‬‬
‫ـرا حســب اجلهــة الــي تراســلها‪ ،‬وســيرتكز‬ ‫ـرا عــن طلــب املنحــة أو التقريــر‪ ،‬ألهنمــا خيتلفــان اختالفــا كبـ ً‬ ‫لــن نتحــدث كثـ ً‬
‫معظــم حديثنــا علــى أوراق اجملــات واملؤمتـرات وورش العمــل ألهنــا تتضمــن احملتــوى البحثــي احلقيقــي‪ ،‬بينمــا يكــون الوصــف‬
‫األقــرب للملخــص واخلطــة البحثيــة والتقريــر أهنــا وســائل للنقــاش‪.‬‬
‫ست ِســل إليــه سـواءً كان جملــة‪ ،‬أو مؤمتـ ًـرا علميًــا‪ ،‬أو هبــدف‬
‫ـث املــكان الــذي ُ‬ ‫واآلن بعــد أن عرضنــا ألنـواع النشــر مــن حيـ ُ‬
‫احلصــول علــى املــال‪ ،‬أو لعــرض تقدمــك الــذي أجنزتــه وهكــذا‪ ..‬ننتقــل اآلن إىل نــوع البحــث نفســه الــذي ســتقوم بإرســاله‬
‫ألي مــن اجلهــات الســابق ِذكرهــا‪.‬‬

‫‪121‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫أنواع األوراق البحثية‪:‬‬
‫‪ .1‬ورقة مراجعة ‪:Review Paper‬‬
‫وهنــا جيــب التوضيــح أن هــذا النــوع ال يقتصــر علــى ِذكــر أن أحدهــم قــام بعمــل شــيء مــا وقــام اآلخــر بعمــل شــيء ثــاين‬
‫والثالــث توصــل لنتائــج معينــة وهكــذا فقــط‪ ،‬هــذا يُسـ ّـمى «‪.»literature survey‬‬
‫أمــا بالنســبة لل ـ «‪ »review paper‬فأنــت ال تضيــف شــيئًا جديـ ًـدا كنتائــج لعملــك مثـ ًـا‪ .‬ال‪ ،‬فقــط ختتــار مشــكلة‬
‫(نقطــة حبثيــة) معينــة وتقــوم بســرد احللــول امل َق َّدمــة هلــذه املشــكلة مــن قِبــل الباحثــن الســابقني مث تقــوم بســرد تلــك احللــول‬
‫كل علــى ِحــدة‪ ،‬مث تُن ِهــي ُاألمــر بــأن ُتــدد أنــه إذا كانــت املشــكلة هبــذا الشــكل فــإن أنســب حــل هلــا هــو‬ ‫وتقــدم نقـ ًـدا هلــا ً‬
‫احلــل كــذا ‪ -‬مــن احللــول الســابقة ‪ -‬أمــا إذا كانــت بشــكل آخــر فاحلــل املناســب هــو كــذا‪.‬‬
‫ـت منهــا إىل اســتنتاج معــن‪ .‬هكــذا تكــون قــد أضفــت‬ ‫صـ َ‬‫وخلُ ْ‬
‫تلخيصــا لــكل تلــك احللــول الــي تناولتهــا َ‬
‫ً‬ ‫مبعــى أن تُعطــي‬
‫ـهل كمــا أنــه ذو أمهيــة كبــرة‪ ،‬فــأن تضــع تصني ًفــا (‪)Taxonomy‬‬ ‫هلــذا العمــل‪ ،‬لــذا فهــذا النــوع مــن النشــر ليــس سـ ً‬
‫للمشــكالت وهــذا يعتــر مــن األمــور اهلامــة جـ ًـدا حــى يف طريقــة التفكــر العلمــي وليــس فقــط يف طريقــه كتابــة الورقــة‬
‫البحثيــة‪.‬‬
‫ويوجــد كتــاب عنوانــه «‪ »Taxonomy Of Knowledge‬يتحــدث عــن تصنيــف املعــارف البش ـرية‪ ،‬وهــو‬
‫ضــروري ومتعمــق بشــكل كبــر‪.‬‬
‫طبعــا اختيــار نقطــة حبثيــة ميكــن اإلملــام هبــا‪ ،‬فــا‬
‫وعمليــة التصنيــف هــذه جيــب أن تتــم علــى مســتوى معــن‪ ،‬فمــن األفضــل ً‬
‫جدا لدرجة أن احملتوى الســابق‬ ‫جدا فيصعُب اإلملام هبا يف هذا النوع من النشــر‪ ،‬وال بالدقيقة ً‬ ‫هي بالواســعة أو املتشــعبة ً‬
‫نشــره عنهــا غــر ٍ‬
‫كاف للقيــام هبــذا األمــر‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة لطــاب الدراســات العليــا بشــكل عــام وطــاب الدكتــوراه بشــكل خــاص فعــاد ًة مــا يطلُــب منهــم مشــرفُهم‬
‫عمــا قــام بــه غريهــم ومــا‬
‫العمــل علــى نقطــة حبثيــة معينــة وإجيــاد حلــول هلــا‪ ،‬لــذا يكــون أول مــا يقومــون بــه هــو البحــث ّ‬
‫توصــل إليــه بشــأن هــذه النقطــة‪ ،‬وهــذا يُ َسـ ّـمى ‪.literature Survey‬‬ ‫َّ‬
‫أمــا إذا أراد الطالــب أن يتعمــق يف فهــم املشــكلة (النقطــة البحثيــة) فيمكنــه بالطبــع عمــل «‪»review paper‬‬
‫وســتكون هــذه أول ورقــة لــه يقــوم بنشــرها‪ .‬وهنــا جيــب االنتبــاه إىل أنــه مل يقــم بعــد حبــل املشــكلة البحثيــة اخلاصــة بــه‪،‬‬
‫تعمـ َـق يف فهمهــا وطــرق دراســتها وحلوهلــا املقرتحــة ســل ًفا‪.‬‬
‫حيــث ّ‬
‫كاف للحصــول علــى درجــة‬ ‫بعــد ذلــك يــأيت دوره إلجيــاد حـ ٍـل هلــا‪ .‬هــذا يعــي أن هــذا النــوع مــن النشــر بالطبــع غــر ٍ‬
‫الدكتــوراه‪ ،‬بــل جيــب أن يضيــف طالــب الدكتــوراه للعلــم إضافــة جديــدة تســتحق النشــر –ال أن يقــوم فقــط مبراجعــة مــا‬
‫مت بالفعــل كمــا ذكرنــا يف هــذا النــوع–‪ .‬لكــن ميكــن لطالــب املاجســتري أن حيصــل علــى درجتــه إذا قــام بتصنيــف جيــد‪،‬‬
‫وبالطبــع هنــاك اختالفــات بــن اجملــاالت املختلفــة يف هــذه التفاصيــل‪.‬‬
‫‪ .2‬التحسين التدريجي ‪:Incremental Improvement‬‬
‫وهــذا يعــي أن تقــوم بالعمــل علــى نقطــة حبثيــة ســبق النشــر فيهــا وســبق تقــدمي حلــول هلــا‪ ،‬وســتقوم أنــت بإضافــة حـ ٍـل جديـ ٍـد‬
‫مثل ‪ ،-‬أي أن إضافتك ستُســهم بتحســن شــيء بدرجة ما‪.‬‬ ‫بالطبع أفضل مما ســبق نشــره بنسـ ٍـبة ما ‪ً %5 -‬‬

‫‪122‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫ـب‪ ،‬امليــزة أن املشــكلة مطروحــة مســب ًقا أي أنــك ســتعمل علــى مشــكلة حمــددة وســبق إجيــاد بعــض‬ ‫وعْيـ ٌ‬
‫وهــذا النــوع لــه ميــزةٌ َ‬
‫ـكل مــا ســتكون يف ســباق مــع كثرييــن غــرك‪،‬‬ ‫احللــول هلــا‪ ،‬ممــا سيُ َسـ ِّـهل عليــك بعــض األُمــور‪ .‬أمــا العيــب فهــو أنــك بشـ ٍ‬
‫ـكل بالــغ الدقــة‪ ،‬كــي ال تقــوم بالعمــل وإجيــاد حـ ٍـل‬
‫ممــا يعــي أن عليــك أن تقــوم بعمــل «‪ »Literature review‬بشـ ٍ‬
‫ـباق ممــا يعــي أنــك ال بــد وأن تكــون أفضــل منهــم‬ ‫مــا ســبقك غــرك إليــه ومت نشــره بالفعــل وأنــت ال تعــرف‪ ،‬فأنــت يف سـ ٍ‬
‫ويكــون حلُّــك مســتح ًقا للنشــر‪.‬‬
‫‪ .3‬المساهمة السلبية ‪:Negative Contribution‬‬
‫«جربــت ومل ينجــح األمــر»‪ ،‬ولكــن جيــب العلــم أنــه إذا اقتصــرت ورقتــك فقــط علــى أنــك قــد‬ ‫وهــذا باختصــار يعــي أنــك ّ‬
‫قمــت بتجربــة حــل معــن ومل يعمــل فــإن ورقتــك لــن يتــم قبوهلــا للنشــر ألهنــا ال تضيــف شــيئًا‪ .‬أمــا لكــي تضيــف شــيئًا‪،‬‬
‫فعليــك أن تذكــر أنــك توصلــت إىل حـ ٍـل مــا وقمــت بتجربتــه لكنــه مل ينجــح يف حلهــا‪ ،‬وذلــك لألســباب التاليــة (مث تذكــر‬
‫األســباب)‪ ،‬وهبــذا الشــكل تكــون ورقتــك البحثيــة ذات قيمــة مضافــة ويتــم قبوهلــا‪.‬‬
‫ـخصا قــرر أن يذهــب لشـراء آيــس كــرمي‪ ،‬فركــب ســيارته‬ ‫ودعونــا نضــرب لكــم مثـ ًـال توضيحيًــا هنــا لالســتنتاج‪ ،‬ختيــل أن شـ ً‬
‫ـال بيعــه وطلــب آيــس كــرمي فانيليــا وعــاد إىل الســيارة ورحــل هبــا‪ ،‬مث كــرر األمــر يف اليــوم الثــاين لكنــه‬
‫وذهــب إىل إحــدى حمـ ّ‬
‫قــام بطلــب آيــس كــرمي كوكتيــل‪ ،‬وعندمــا عــاد إىل ســيارته مل تـ ُـدر لــدى تشــغيلها‪ ،‬ويف اليــوم التــايل ذهــب وطلــب فانيليــا‬
‫فــدارت الســيارة بــدون مشــاكل‪ ،‬ويف اليــوم التــايل طلــب كوكتيـ ًـا فلــم تـ ُـدر‪ ..‬وهكــذا‪.‬‬
‫ـتنتاجا مــن هــذه التجربــة‪ ،‬ســيكون مــن الســطحي أن تفكــر أنــه عندمــا طلــب فانيليــا دارت‬ ‫إذا أردت أن تســتخلص اسـ ً‬
‫الســيارة وعندمــا طلــب كوكتيـ ًـا تعطلــت‪ ،‬فعليــه تكــون الفانيليــا جيــدة للســيارة والكوكتيــل مضـ ًـرا‪ .‬هــذا يُسـ ّـمى ُه ـراءً ال‬
‫قيمــة لــه!‬
‫أمــا إذا قمــت بتحليـ ٍـل منطقــي عميــق‪ ،‬وفكــرت أن الفانيليــا تكــون جاهــزة عنــد البائــع‪ ،‬فــا يضطــر عنــد طلبهــا إىل ركــن‬
‫الســيارة وفصلهــا‪ ،‬أمــا عندمــا يطلــب كوكتيـ ًـا فــإن إعــداده يســتغرق بعــض الوقــت‪ ،‬ممــا يــؤدي إىل ركــن الســيارة لبعــض‬
‫ـددا كــي تــدور‪.‬‬
‫الوقــت فتســتغرق وقتًــا لتســخينها جمـ ً‬
‫هــذا مــا يعنيــه االســتنتاج واإلضافــة يف هــذا النــوع مــن النشــر‪ ،‬وهــو بذلــك يشــبه أن تتوصــل إىل حـ ٍـل مــا يف نقطتــك البحثيــة‬
‫أيضــا كــي تتمكــن مــن نشــره‪ ،‬فذكــر األســباب وحتليلهــا أمــر بالــغ‬
‫ـليما‪ ،‬حيــث تذكــر األســباب ً‬ ‫وأن يكــون هــذا احلــل سـ ً‬
‫األمهية‪.‬‬
‫‪ .4‬فكرة جديدة ‪:New Idea‬‬
‫أن يكون هناك مشكلة وأنت أول من سيعمل عليها‪.‬‬
‫‪ .5‬اكتشاف علمي ‪:Breakthrough‬‬
‫وهــذا النــوع عــادة مــا حيصــل صاحبــه علــى جائــزة نوبــل مثـ ًـا أو مثيالهتــا‪( .‬وميكــن اإلشــارة هنــا للفــرق بــن نوبــل وغريهــا‪،‬‬
‫حيــث ُتنــح جائــزة نوبــل عــاد ًة يف العلــوم األساســية كالفيزيــاء والكيميــاء والطــب والســام واالقتصــاد واألدب)‪.‬‬
‫أمــا جائــزة أو ميداليــة «‪ »Turing Award‬فتُمنــح للعلمــاء يف جمــال احلاســب اآليل‪ ،‬وكذلــك جائــزة فيلــدز‬
‫عامــا ‪.-‬‬
‫«‪ »Fields Medal‬حيــث ختصــص جملــال الرياضيــات فقــط وتشــرط ســنًا معينًــا – أقــل مــن أربعــن ً‬

‫‪123‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫ـث أن تقــرر أنــك ســتحققه ببحثــك‪ ،‬فهــو يــأيت كقـرار مــن قِبــل اللجنــة‬ ‫وهــذا النــوع مــن األحبــاث بالطبــع ال ميكنــك كباحـ ٍ‬
‫وعــادة ال يكــون معروفًــا قبلهــا‪ ،‬أي تُكتَشــف أمهيتــه بعــد نشــره‪ ،‬فمــن غــر املنطقــي أن تكتــب يف بدايــة ورقتــك البحثيــة‬
‫ممتعــا جـ ًدا‪ »..‬فهــذا أمــر غــر الئــق‪.‬‬
‫مثـ ًـا‪« :‬نقــدم لكــم فــي هــذه الورقــة أمـ ًـرا ً‬
‫لذا‪ ،‬تكون أول أربعة أنواع من أنواع البحث السابق ذكرها هي ما ميكننا الرتكيز عليه‪.‬‬

‫ويمكن تصنيف األبحاث إلى‪:‬‬


‫أحباث ال تسبق غريها بأي خطوة (‪ ،)zero-step ahead‬وأحباث تسبق خبطوة واحدة (‪،)one-step ahead‬‬
‫وأحباث تسبق بعشر خطوات (‪ ،)ten-step ahead‬وذلك كاآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬أبحاث ال تسبق غيرها بأي خطوة ‪:Zero-Step ahead‬‬
‫وهــذا النــوع يشــبه «التحســن التدرجيــي» يف التصنيــف الســابق‪ ،‬ويعــي أنــك تســر يف نفــس الســياق مــع غــرك علــى‬
‫املشــكلة البحثيــة دون أن تســبقهم خبط ـوات يف حلّهــا وتتنافس ـوا فيمــا بينكــم حــول مــن ســيقوم بنشــر أحباثــه‪.‬‬
‫‪ -2‬أبحاث تسبق بخطوة واحدة ‪:One-Step ahead‬‬
‫وهــذا النــوع يعــي أن املشــكلة البحثيــة جديــدة وأنــك مــن أوائــل مــن عمــل علــى حلهــا‪ ،‬وبالطبــع قــد يتبعــك غــرك بعدهــا‬
‫ـول أفضــل هلــا ممــا قدمتــه أنــت‪ ،‬لكنــك أول مــن بــدأت‪ .‬وهــذا بالطبــع لــه‬
‫بالعمــل علــى تلــك النقطــة وقــد تُكتشــف حلـ ٌ‬
‫وجــه اآلخريــن للعمــل علــى تلــك النقطــة‪.‬‬
‫أمهيــة كــرى حيــث أن إســهامك هــو مــن ّ‬
‫ومثــال هــذا أنــك قــد تــرى أن األرقــام القياســية ملســابقة كمســابقة اجلــري مثـ ًـا يف أوملبيــاد القــرن املاضــي‪ ،‬حققتهــا بطولــة‬
‫ـدن مســتوى املتســابقني يف القــرن املاضــي‪ ،‬لكــن عنــد وجــود حــل ونتائــج‬ ‫املــدارس يف أمريــكا هلــذا العــام‪ .‬هــذا ال يعــي تـ ِّ‬
‫أساســا للمقارنــة بــه‪.‬‬
‫ســابقة‪ ،‬يكــون مــن الســهل حتســينها وحتقيــق نتائــج أفضــل وأعلــى بوجــود مــا يعتــر ً‬
‫‪ -3‬أبحاث تسبق بعشر خطوات ‪:Ten-Step ahead‬‬
‫وهــذا يعــي أنــك اكتشــفت مشــكلة حبثيــة جديــدة مل يســبقك غــرك إليهــا‪ ،‬واســتطعت حتديــد أن هــذه املشــكلة ســيظهر‬
‫ـهامك‬
‫ـت حلـ ًـول هلــا)‪ .‬إسـ ُ‬ ‫أثرهــا بعــد ثالثــة أعـوام مثـ ًـا‪ ،‬ولكــي نســتطيع حلّهــا علينــا العمــل علــى كــذا وكــذا‪( ..‬أي ق ّدمـ َ‬
‫وجهــت اجملتمــع إىل مشــكلة مل يكــن يعــرف عنهــا شــيئًا‪ ،‬وهــو بالطبــع أمــر ليــس هينًــا أبـ ًـدا‪.‬‬
‫هنــا أنــك ّ‬
‫يُرجــى مالحظــة أن رغبتــك يف حتقيــق أمــر خــارق ببحثــك أو الســبق بعشــر خطـوات منــذ البدايــة أو قبــل بدايــة عملــك‪،‬‬
‫ســتوجه تفكــرك حنــو الشــهرة وســيتعني عليــك العــودة إىل النقطــة األوىل اخلاصــة باهلــدف مــن نشــر حبثــك‪.‬‬
‫لــذا‪ ،‬إذا عملــت علــى مشــكلة وحققــت نتائــج‪ ،‬انشــرها حــى وإن كانــت ضمــن تصنيــف «األحبــاث الــي ال تســبق غريهــا‬
‫جنيهــا واحـ ًـدا فتقــرر أن‬
‫خصوصــا وأنــك ال تضمــن حتقــق ذلــك‪ .‬كأن يكــون معــك ً‬‫ً‬ ‫بــأي خطــوة»‪ ،‬ألهنــا بالطبــع ســتفيد‪،‬‬
‫تنتظــر حــى يصبــح لديــك عشــرة جنيهــات فتعطيهــا لفقـ ٍر‪ .‬أنــت هنــا ال تضمــن احلصــول علــى هــذه العشــرة جنيهــات!‬
‫وبالنظــر إىل ِسـ َـر العلمــاء نــرى أن مجيعهــم كانـوا يســرون يف طريقهــم البحثــي بشـ ٍ‬
‫ـكل عــادي يف البدايــة‪ ،‬ومــا نالــوه مــن‬
‫أول بــأول‪.‬‬
‫شــهرة أو أمهيــة خارقــة ألحباثهــم أتــت بعــد ذلــك‪ .‬وهلــذا عليــك أن تنشــر عملــك ً‬

‫‪124‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫خارطة الطريق ‪:The Road Map‬‬
‫اآلن وصلنا إىل مرحلة االنتهاء من البحث وإرساله للنشر‪.‬‬
‫وهناك ثالث حاالت يف هذه املرحلة‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬وتسمى ‪:Double-blind‬‬
‫وتعين أن كِليت اجلهتني‪ ،‬الباحث واجلهة املر ِاجعة‪ ،‬ال يعرفان بعضهما‪.‬‬
‫فالورقــة البحثيــة ال يكــون مكتوبًــا عليهــا اســم الباحــث‪ ،‬وال يكــون الباحــث عاملــا مبــن سـراجع لــه حبثــه‪ ،‬وهــذا مــا حيــدث‬
‫يف أغلــب املؤمتـرات الكبــرة ذات القيمــة‪ .‬وهنــاك قواعــد موضوعــة هلــذا األمــر ‪ ً-‬وحنــن هنــا نتحــدث مــن وجهــة نظــر مــا‬
‫حيــدث يف مجيــع التخصصــات العلميــة ‪ -‬ومــن هــذه القواعــد مثـ ًـا أن هنــاك قائمــة مبــن ُينَعــون مــن مراجعــة حبثــك‪:‬‬
‫• من عمل معك خالل اخلمس سنوات السابقة‪.‬‬
‫• ُينع طالبك ‪ -‬سواء طلبة ماجستري أو دكتوراه أشرفت عليهم ‪ -‬من مراجعة أي حبث لك مدى احلياة‪.‬‬
‫• مشرف رسالتك للماجستري أو الدكتوراه ممنوع من مراجعة حبثك مدى احلياة‪.‬‬
‫• أي شخص من جامعتك‪.‬‬
‫وهذا ما حيدث يف املؤمترات الكربى ذات األمهية‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬وتسمى ‪:Single-blind‬‬
‫وفيها يعرف من يراجع حبثك امسك ألنه مكتوب على البحث لكن أنت ال تعرفه‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬وتسمى ‪: None‬‬
‫وهــي أن كال الطرفــن يعرفــان بعضهمــا البعــض‪ ،‬فاألمســاء مســجلة لــدى الطرفــن‪ ،‬وهــذا مــا حيــدث غالبًــا يف مصــر لألســف‬
‫للحصــول علــى ترقيــة ومــا شــاهبها‪.‬‬
‫لذا ‪ double blind‬تـَُع ّد أقوى وأصعب األنواع‪.‬‬
‫كان هنــاك اقـراح ِجـ ّدي بوجــوب نشــر أمســاء املراجعــن بشــكل أساســي‪ ،‬وذلــك ملعرفــة مــا إذا كان املر ِاجــع يقــوم مبراجعــة‬
‫كالم عدمي الفائدة‪.‬‬‫الكثري من األحباث‪ ،‬فقد ال يتقن مراجعة األحباث أحيانًا لضيق الوقت‪ ،‬مما يؤدي بالطبع إىل نشــر ُ ٍ‬
‫ُ‬
‫لــذا يكــون مــن اجليــد معرفتــه لتحديــد املســؤول يف هــذه احلالــة‪ ،‬لكــن هــذا االقـراح مل يؤخــذ جبديــة‪ ،‬وذلــك ألنــه ســيزيد‬
‫عمليــة النشــر صعوبــة علــى صعوبتهــا املوجــودة بالفعــل‪.‬‬
‫وننتقــل اآلن إىل مرحلــة نتيجــة إرســال البحــث‪ .‬عنــد إرســاله إىل مؤمتــر فهــو إمــا ســيتم قبولــه أو رفضــه أمــا عنــد إرســاله‬
‫جمللــة علميــة‪ ،‬فهنــاك خمــس حــاالت‪:‬‬
‫‪ -1‬القبول ‪:Accept‬‬
‫نادرا ما حيدث على األغلب‪.‬‬
‫متاما كما هو‪ ،‬وهذا ً‬
‫وهو أن يتم قبوله ً‬

‫‪125‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫‪ -2‬القبول مع تعديالت طفيفة ‪:Accept with minor revision‬‬
‫وهــو مــا يعــي غالبًــا أنــه مت قبولــه‪ ،‬فالتعديــات كأن يُطلــب منــك إيضــاح مجلــة مــا أو تكبــر صــورة مــا‪ ،‬فهــذا يعــي أنــه لــن‬
‫يتــم إرجاعــه للمراجعــن مــرة أخــرى بعــد التعديــل وســيذهب للمحــرر مباشــرة لنشــره بعدهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬القبول مع تعديالت كبيرة ‪:Accept with major revision‬‬
‫وهنــا ال ميكنهــم نشــر البحــث بصورتــه احلاليــة‪ ،‬فقــد يُطلــب منــك مثـ ًـا أن تقــوم بتجربــة مــا وإضافتهــا قبــل أن يتــم نشــره‪،‬‬
‫ويف هــذه احلالــة ســيأخذ التعديــل بعــض الوقــت‪ ،‬إلجـراء التجربــة ومــن مث إرســاهلا للمحــرر ليقــوم بــدوره بإرســاهلا للمراجعــن‬
‫مــرة أخــرى للتأكــد مــن إجـراء التعديــات املطلوبــة‪.‬‬
‫‪ -4‬رفض مع دعوة إلعادة المحاولة ‪:Reject Request Resubmission‬‬
‫وهنــا يتــم إرســال آراء املراجعــن لكــي تأخذهــا يف االعتبــار عنــد القيــام بالتعديــات‪ ،‬ويدعــوك بعدهــا أن تقــوم بالتعديــات‬
‫ـددا‪.‬‬
‫كــي تعيــد إرســاهلا مــرة أخــرى حبيــث ميكــن مراجعتهــا جمـ ً‬
‫وهــذه ختتلــف عــن القبــول مــع تعديــات كبــرة ففــي هــذه احلالــة ‪ -‬حالــة القبــول ‪ ، -‬يتــم حتديــد مــا حيتــاج للتعديــل أو‬
‫اإلج ـراء بالضبــط‪.‬‬
‫أمــا هنــا –يف حالــة الرفــض– فــا تتــم اإلشــارة إىل األجـزاء الــي حتتــاج ملراجعــة‪ ،‬فقــط يتــم إرســال آراء املراجعــن واإلشــارة‬
‫رســل اآلراء يف مجيــع األحـوال‪.‬‬‫إىل وجــود تبايــن واختــاف يف آراء املراجعــن وعــدم قبوهلــم لتلــك الورقــة البحثيــة‪ .‬وتُ َ‬
‫مرسل جلهة خاطئة‪.‬‬ ‫‪ -5‬الرفض ‪ :Reject‬وهنا قد يكون البحث عدمي القيمة‪ ،‬أو ً‬

‫السؤال السادس‪ :‬كيف نتعامل مع الرفض؟‬


‫حســنًا‪ ،‬قــد تغضــب بعــد تلقــي اخلــر وتظــل تطلــق اهتامــات بعــدم فهمهــم وأنــك تعــرف قيمــة حبثــك وهكــذا‪ ..‬ســتغضب‬
‫بالتأكيــد‪ ،‬لكــن ال تــدع ذلــك يطــول‪ ،‬وحــاول أن تتخطــى األمــر سـر ًيعا‪.‬‬
‫وتذكــر أنــه مــا مــن عــامل أو باحــث إال وســبق أن تعــرض للرفــض مهمــا كان حجــم إجنازاتــه‪« ،‬أينشــتاين» بعــد نظريتيــه‬
‫النســبية العامــة واخلاصــة ُرفضــت أوراق حبثيــة لــه‪« ،‬لينــوس باولنــج» بعــد حصولــه علــى نوبــل مرتــن كذلــك كان يتعــرض‬
‫متامــا‪ ،‬وتذ ّكــر أنــه ال يوجــد أحــد كبــرٌ‬
‫لرفــض بعــض األحبــاث وكان الســبب املذكــور انعــدام قيمتهــا‪ ،‬لــذا فهــو أمــر طبيعــي ً‬
‫علــى العلــم‪.‬‬
‫ودعنــا نســتطرد هنــا قليـ ًـا مبــا أننــا حتدثنــا عــن هــذه النقطــة‪ ،‬ولنتفــق علــى أنــه مــن الصعــب اعتبــار شــخص مــا مكســبًا للعلــم‪،‬‬
‫وأنــه لــوال وجــوده لتأخــر ســبق العلــم‪ ،‬أو أن مــوت أحــد العلمــاء ســيُعد خســارة كبــرة جـ ًـدا للعلــم‪ ،‬أو هكــذا‪ ..‬فــإذا حبثنــا‬
‫موضوعــا للدراســة لــدى علمــاء آخريــن‬
‫ً‬ ‫يف تاريــخ العلــوم جنــد أن االكتشــافات العلميــة الــي توصــل إليهــا العلمــاء كانــت‬
‫يعملــون علــى نفــس النقــاط ورمبــا توصلـوا لنفــس احللــول بفــارق بســيط يف التوقيــت‪ ،‬لكـ ّـن واحـ ًـدا منهــم قــام بالنشــر قبــل‬
‫طبعــا–‪.‬‬
‫اآلخــر بوقــت قليــل –وهــذه هــي فكــرة النشــر وأمهيتــه ً‬
‫فأحيانـًـا حيالــف احلــظ بعــض النــاس‪ ،‬كمــا يتــم النشــر كذلــك بوســائل غــر أخالقيــة‪ ،‬لــذا نــرى أال أحـ ًـدا كبــر علــى العلــم‪،‬‬

‫‪126‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫وال ميكــن لشــخص مبفــرده أن ُيثّــل العلــم كلــه وال يوجــد صفــة «أهــم» شــخص يف العلــم‪ .‬فرجــاءً تواضــع مهمــا بلغــت وال‬
‫ـس هــذا أبـ ًـدا‪.‬‬
‫تنـ َ‬
‫ومــن املمكــن أن يكــون املراجعــون أو احملــررون أخطــؤوا يف فهــم فكرتــك‪ ،‬بينمــا كانــت جيــد ًة فعـ ًـا‪ ،‬لكــن هــذا هــو خطــؤك‬
‫ـكل جيــد‪ ،‬أو أنــك أرســلتها إىل جهــة غــر مناســبة‪ ،‬ورمبــا تكــون هــي‬ ‫أيضــا ألنــك مل تســتطع إيصــال فكرتــك بشـ ٍ‬ ‫أنــت ً‬
‫بالفعــل فكــرة عدميــة النفــع‪ ،‬لــذا يُنصــح بأخــذ آراء اآلخريــن واالســتماع للمحيطــن بــك‪ .‬ومــن املهــم التأكيــد علــى أال‬
‫ترســل للمحــرر يف هــذه الفــرة أنــه أخطــأ هبــذا الرفــض‪ ،‬فطاملــا صــدر القـرار لــن يتــم الرتاجــع عنــه‪ ،‬إمنــا ميكنــك التعديــل يف‬
‫حبثــك إن رأيــت خطـأً يف هــذا القـرار‪ ،‬مث أعــد إرســاله إىل اجمللــة جمـ ً‬
‫ـددا إن كنــت متأكـ ًـدا مــن أهنــا اجلهــة املناســبة بالفعــل‪،‬‬
‫وميكنــك إرســال جـواب مرفــق توضــح فيــه أنــك قمــت ببعــض التعديــات يف الكتابــة وهكــذا‪..‬‬
‫موضوعــا‬
‫ً‬ ‫فهــل حبثــك هــذا عــدمي اجلــدوى بالفعــل؟ أم أنــه ذا قيمــة لكــن مل يتــم إرســاله إىل اجلهــة الصحيحــة؟ أم أنــه يعــرض‬
‫ونتائــج جيــدة لكنهــا مكتوبــة بطريقــة خاطئــة؟‬
‫هــذا كلــه ميكنــك معرفتــه عندمــا تتناقــش مــع غــرك وتطلــب النصيحــة مــن مشــرفك أو زمالئــك يف املعمــل أو أن تراســل‬
‫بعــض األشــخاص‪ ،‬مــع مالحظــة أنــه مــن غــر الصـواب أن ترســل حبثــك املكــون مــن مخســة عشــر صفحــة مثـ ًـا كمرفــق‬
‫ردا‪ ،‬فهــو لــن يق ـرأه يف احلقيقــة‪ ،‬لــذا عليــك اختيــار مــن ميكنــه‬
‫يف بريــد إلكــروين إىل شــخص مــا باخلــارج وتتوقــع منــه ً‬
‫مســاعدتك بالفعــل وإرســال البحــث إىل مــن تعرفــه جيـ ًـدا‪.‬‬
‫بعــد أن ينتهــي املوضــوع –وقــد انتهــى غضبــك واتفقنــا علــى أال حتــارب احملــرر– نصــل إىل النقطــة التاليــة وهــي ق ـراءة‬
‫ـرو‪ ،‬لرتاجــع مــا أشــار إليــه املراجعــون وتضــع النقــاط الــي ذكروهــا يف ‪ ،To-do List‬وختطــط‬ ‫البحــث مــرة أخــرى بـ ٍّ‬
‫لنفســك مــا ســتقوم بــه لــرد علــى كل نقطــة‪ ،‬س ـواء زيــادة يف العمــل أو حتســينًا لــه‪ ،‬مث تبــدأ يف العمــل عليهــا ألنــك لــو‬
‫تأخــرت قــد يســبقك غــرك إىل النشــر‪ ،‬فانتبــه ألنــك لســت الوحيــد الــذي تعمــل يف هــذا املوضــوع‪ ،‬فلــو أن أحـ ًـدا نشــر‬
‫حـ ًـا لنفــس املشــكلة الــي تعمــل عليهــا وكان أفضــل مــن احلــل الــذي قمــت بــه فبحثــك أصبــح أقــل قيمــة‪.‬‬
‫السـؤال الســادس‪ :‬مــاذا بعــد القيــام بالنشــر؟ لنفــرض أنــك كنــت مــن احملظوظــن ومت قبــول حبثــك‪ ،‬وكان حبثــك جيـ ًـدا واجمللــة‬
‫كذلك‪ .‬اآلن‪،‬‬
‫السؤال السابع‪ :‬كيف سيعلم الناس بما قمت به؟‬
‫كــي تســاعد النــاس يف الوصــول إىل حبثــك –ميكنهــم أن يبحث ـوا عــن طريــق مــا عرضنــاه مثــل معامــل التأثــر وقواعــد‬
‫البيانــات–‪ ،‬لكــن ينبغــي عليــك أنــت أن متتلــك وســائل لتحقيــق ذلــك منهــا‪ :‬أن يكــون لديــك موقــع إلكــروين تضــع فيــه‬
‫عملــك‪ ،‬وتضــع ورقــة البحــث علــى هيئــة ملــف ‪ ،PDF‬ولــو كان لديــك شـرائح لعــرض تقدميــي قدمــت بــه عملــك يف‬
‫أيضــا‪ ،‬ولــو كان لديــك أيــة بيانــات إضافيــة ضعهــا‪ ،‬ولــو يف إمكانــك أن تُلقــي بعــض األحاديــث عــن عملــك‬
‫مؤمتــر ضعهــا ً‬
‫ـخاصا يعملــون علــى أفــكار قريبــة مــن‬
‫كذلــك‪ ،‬أو لــو وجــدت نــدوات يف القســم الــذي تــدرس بــه يف اجلامعــة‪ ،‬أو أشـ ً‬
‫أعمالــك‪ ،‬ألـ ِـق نظــرة علــى عملهــم‪ ،‬وراســلهم بالربيــد اإللكــروين‪ ،‬أخربهــم أنــك اطلعــت علــى أعماهلــم ووجــدت مثـ ًـا أن‬
‫باإلمــكان دمــج فكرتــك مــع فكرهتــم للخــروج بفكــرة جديــدة‪ ،‬أو أن باســتطاعتك تعديــل فكرتــك حبيــث تســتخدم التقنيــة‬
‫الــي قامـوا باســتعماهلا‪ ،‬هــذا لــو أردت أن تتعــاون معهــم يف تلــك النقطــة البحثيــة‪.‬‬
‫ـهورا ســيجيبك‪ ،‬لكنــه لــن يعمــل بنفســه معــك‪ ،‬وعلــى العكــس لــو راســلت مبتدئًــا قــد‬
‫و اعلــم أنــك لــو راســلت عاملـًـا مشـ ً‬
‫يعمــل معــك‪ ،‬لكــن العــامل الكبــر يــرد لــك جوابًــا ومينحــك مــن خربتــه وحكمتــه بعــض النصائــح الــي ســتُفيدك فيمــا بعــد‪.‬‬

‫‪127‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫الطريقــة األخــرى واملنتشــرة مؤخـ ًـرا‪ ،‬أن تضــع عملــك علــى ‪ Linkedin‬أو تضــع عن ـوان البحــث مــع الرابــط اخلــاص‬
‫باملوقــع اإللكــروين اخلــاص بــك علــى ‪ ،Twitter ،Facebook، Researchgate‬وهــي مواقــع جمانيــة‪ ،‬وذلــك‬
‫بفــرض أن هنــاك مــن يهتــم بعملــك البحثــي علــى صفحتــك الشــخصية‪ ،‬والفكــرة مــن ذلــك أن تعرضــه لألشــخاص املهتمــة‬
‫مبــا تقــوم بــه ال للتباهــي أمــام أصدقائــك‪.‬‬
‫هنالــك شــيء آخــر ميكــن اســتخدامه‪ ،‬لكــن ال تعتــره املصــدر الرئيســي لــك‪ ،‬ويســمى ‪ H-Index‬وكــي تســتوعبه انظــر‬
‫إىل الصــورة املرفقــة‪.‬‬

‫شكل ‪ 2‬يوضح الـ ‪) Source: Wikipedia - Credit to J. E. Hirsch) h index‬‬

‫تبعــا لعــدد االستشــهادات «‪ »Citation‬تنازليًــا‪ ،‬فمثـ ًـا‬ ‫أول إىل ال ـ ‪ X-axis‬وفيــه يتــم ترتيــب أوراقــك البحثيــة ً‬
‫انظــر ً‬
‫إذا كان البحــث األول (أول نقطــة أعلــى اليســار) قــد أشــار لــه ‪ 100‬شــخص مثـ ًـا‪ ،‬يتــم ترتيــب باقــي أوراقــك البحثيــة‬
‫تبعــا لعــدد الذيــن حتدثـوا عنهــا برتتيــب تنــازيل مــن اليســار إىل اليمــن (أي أن الورقــة البحثيــة ذات االستشــهادات األعلــى‬
‫ً‬
‫تكــون يف أول ‪ X-axis‬مــن اليســار)‪ ،‬وعلــى ال ـ ‪ Y-axis‬تضــع عــدد األشــخاص الذيــن حتدثـوا عــن ورقتــك البحثيــة‬
‫‪ 10‬أو ‪ 20‬أو‪....‬شــخص‪ ،‬وســينتج منحــى معــن‪ ،‬فلــو رمســت خطًــا ينصــف املخطــط ويكــون خطــي فانظــر إىل أول‬
‫عــدد (‪ )h‬مــن األحبــاث أعلــى مــن عــدد معــن مــن االستشــهادات –ســتجد نقطــه حتقــق ذلــك إذا كان لديــك عــدد كايف‬
‫مــن األحبــاث– ومعــى ذلــك أن كل األحبــاث الواقعــة بعــد ذلــك الرقــم (‪ )h‬لديهــم عــدد مــن االستشــهادات أقــل مــن ذلــك‬
‫الرقــم وكل األحبــاث الواقعــة قبــل ال (‪ )h‬لديهــم عــدد مــن االستشــهادات أعلــى مــن ذلــك الرقــم‪ .‬ف ـ ال ـ (‪ )h‬الــي تُســتخدم‬
‫يف ال ـ ‪ h-index‬تُظهــر حجــم التأثــر الــذي ســببه حبثــك‪.‬‬
‫ويعارض الكثريون هذا املخطط لعدة أسباب منها‪:‬‬
‫• مــن الممكــن أن تكــون أنــت مــن تكلــم عــن بحثــك فــي بحــث آخــر ‪ ،))Self-Cycle‬ومــن الممكــن‬
‫أن تكــون قــد طلبــت مــن زمالئــك أن يستشــهدوا ببحثــك‪.‬‬
‫يدرســوه‬
‫ضــا أن ّ‬
‫• مــن الممكــن أن يكــون النــاس قــد اســتخدموا بحثــك فــي ورقــة بحثيــة لهــم‪ ،‬ومــن الممكــن أي ً‬
‫‪128‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬
‫فــي محاضــرة فــي جامعــة معينــة‪ ،‬أو يســتخدموه فــي عــرض تقديمــي (‪ )Powerpoint‬أو فــي منتــج‬
‫معيــن‪ ،‬فهنالــك الكثيــر مــن الوســائل التــي يهملهــا هــذا المخطــط‪ ،‬لــذا تعامــل معــه بحــذر‪ ،‬وال تلتفــت إليــه‬
‫عنــد بدايتــك فــي البحــث العلمــي ولكــن عنــد تقدمــك فــي المجــال وكتابتــك لعشــرة أبحــاث علــى ســبيل‬
‫المثــال‪.‬‬
‫• ومــا نعنيــه باســتخدام بحــث مــا فــي المحاضـرات هــو أن يكــون فــي محاضـرات الدراســات العليــا مقــررات‬
‫نســميها ‪ Seminars‬أو النــدوات وتعنــي أننــا فــي كل محاضــرة نأتــي ببحــث معيــن ونناقشــه فــي هــذه‬
‫المحاضــرة ونســتفيد منــه‪ ،‬وعلــى مــدار الفصــل الدراســي يتــم تــدارس عــدة أوراق بحثيــة تتحــدث عــن أمــر‬
‫معيــن‪ ،‬ولــو أن ورقتــك البحثيــة المنشــورة تــم اســتخدامها فــي ‪ Seminar‬فســيُحدث ذلــك تأثيـ ًـرا‪ ،‬لكــن‬
‫هــذا التأثيــر ال يظهــر فــي ال ـ ‪ ،H-Index‬فتأثيــر عملــك ال يعتمــد فقــط علــى األبحــاث المشــيرة إليــه بــل‬
‫هنــاك الكثيــر غيــر ذلــك‪.‬‬
‫وتعتمــد االستشــهادات كذلــك علــى عــدد الباحثــن املهتمــن بعملــك البحثــي واملطلعــن عليــه‪ ،‬وعــدد مــن حتــدث أو ذكــر‬
‫عملــك البحثــي يف حبــث آخــر‪ .‬دعــك مــن األحبــاث الــي تكلــم صاحبهــا عنهــا‪ ،‬فلــو أنــك نشــرت حبثًــا مــا مثـ ًـا مث نشــرت‬
‫تســعة أحبــاث بعــده ويف كل منهــا ذَ َكــرت حبثــك األول فهــذا ال يعــي أن عــدد االستشــهادات للبحــث األول تســعة ألهنــا‬
‫مجيعــا مــن عملــك أنــت‪ .‬انظــر إىل استشــهادات اآلخريــن‪ ،‬وموقــع ‪( Google Scholar‬الرابــط) حيتــوي علــى الكثــر‬ ‫ً‬
‫مــن قواعــد البيانــات‪ ،‬وذلــك حســب كل ختصــص‪.‬‬
‫وعلــى اجلانــب اآلخــر‪ ،‬فإنــك تبيــع فكرتــك بإرســالك حبــث مــا‪ ،‬وليــس ذلــك للقـراء ولكــن للمراجعــن واحملــرر‪ ،‬أو للجنــة‬
‫التحكيــم يف املؤمتــر‪ ،‬فيجــب أن تبيــع الفكــرة بشــكل جيــد‪ ،‬عليــك إقناعهــم بــأن املشــكلة الــي تقــدم حـ ًـا هلــا مهمــة‪ .‬وعــاد ًة‬
‫مــا يســتغرق الباحثــون وقتًــا يف حماولــة لشــرح الورقــة البحثيــة‪ ،‬واإلســهاب يف التوضيــح مــع ذكــر األمثلــة إىل أن يــرى املتلقــي‬
‫«متامــا هــذا‬
‫أن حــل املشــكلة جيــب أن يكــون بالطريقــة الــي ذكرهتــا‪ ،‬حبيــث عندمــا يقـرأ حلــك للمشــكلة يتبــادر إىل ذهنــه ً‬
‫هــو احلــل‪ ،‬هــذا مــا أريــده»‪ ،‬وعندهــا لــو مت رفــض حبثــك ســيكون الرفــض لغــر األســباب الــي ذكرناهــا مســب ًقا‪ ،‬فمــن املمكــن‬
‫ـي نظــر‪ ،‬األوىل أن املتلقــي ليــس ُمطّ ًلعــا مبــا فيــه الكفايــة يف جمالــك‪ ،‬فــإن مل يفهــم البحــث ســرفض‬ ‫أن يرفــض مــن وجهـ َ ْ‬
‫الورقــة البحثيــة ‪ -‬واألســباب تتنــوع ‪ -‬أو أن املتلقــي واحــد مــن كبــار اجملــال الــذي تكلمــت فيــه وملــم بكافــة تفاصيلــه‪،‬‬
‫فيســتخرج األخطــاء منــه‪ .‬لــذا‪ ،‬ســيكون أمامــك وجهــي نظــر تأخذمهــا بعــن االعتبــار أثنــاء كتابتــك للبحــث‪ ،‬وهــو أمــر‬
‫ـهل‪ ،‬حيــث ختاطــب مــن هــم خــارج ختصصــك ‪-‬وعــادة مــا يكــون ذلــك يف ال ـ ‪- Grant Proposals‬‬ ‫ليــس سـ ً‬
‫وختاطــب النــاس البارعــن يف ختصصــك‪.‬‬

‫السؤال الثامن‪ :‬كيف تبيع فكرتك؟‬


‫هــذا ســيأخذنا إىل نقطــة هامــة وهــي السالســة يف عــرض املوضــوع‪ ،‬فيجــب أن يشــعر قــارئ حبثــك وكأنــه يقـرأ روايــة‪ ،‬فــا‬
‫ختتلــط عليــه فجــأة نقطــة بأخــرى‪ ،‬ممــا يشــتت تركيــز القــارئ‪ ،‬وجيعلــه ميــل مــن القـراءة مث يتوقــف عــن القـراءة‪ ،‬وهــي حقيقــة‬
‫ُمــرة لكنهــا واقعيــة‪ ،‬وهــذا حيتــاج إىل تدريــب‪.‬‬
‫ويتم التدريب بما يلي‪:‬‬

‫‪129‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫اقرأ حبثًا يف التخصص الذي تعمل فيه مرة يف األســبوع على األقل‪ ،‬فحىت لو كنت متفر ًغا للدراســة فاالنتظام يف القراءة‬
‫ـهل خاصــة يف البدايــة‪ ،‬ويف املـرات األوىل تســتغرق منــك قـراءة البحــث حـوايل مخــس أو ســت ســاعات‪ ،‬مــع‬ ‫ليــس أمـًـرا سـ ً‬
‫ـرا يف القـراءة وعلــى درايــة‬
‫قـراءة بالتفصيــل‪ ،‬وقــد َتـَ ّـل حــى تصــل إىل النتائــج‪ ،‬ومــع الوقــت تــزداد معلوماتــك وتصبــح خبـ ً‬
‫ـف ببحــث كامــل كل أســبوع‪،‬‬ ‫باألجـزاء املهمــة مــن البحــث لتقرأهــا‪ .‬ولكــن يف مصــر مثـ ًـا يكــون أمامــك مهــام عديــدة فاكتـ ِ‬
‫ـرورا بذلــك بغــض‬
‫أثنــاء قراءتــك ســيمر عليــك أحبــاث مظهرهــا مجيــل مــن حيــث الكتابــة وجتــد القـراءة ســهلة وتكــون مسـ ً‬
‫النظــر عــن الفكــرة إذا مــا كانــت بارعــة أم ال لكنهــا مكتوبــة بشــكل جيــد‪ ،‬فاحتفــظ بثالثــة منهــا‪ ،‬واســأل نفســك‪ :‬ملــاذا‬
‫فضــل البحــث الســابق عليهــا؟ فتجــد بعــض األجوبــة‪ ،‬كأن يكــون الكاتــب‬ ‫تعتــر هــذه الورقــة البحثيــة جيــدة؟ وملــاذا مل تُ ّ‬
‫مثـ ًـا مل يشــرح الفكــرة بشــكل جيــد وهكــذا‪ ،‬وتقــوم بوضــع الئحــة باألســباب وراء جــودة الورقــة‪ ،‬وتعيــد مــرة واحــدة يف‬
‫األســبوع مــا ســنمليه عليــك‪:‬‬
‫اخــر ورقــة حبثيــة ممــا احتفظــت هبــا‪ ،‬واقـرأ منهــا جــزءًا سـواءً املقدمــة أو امللخــص‪ ،‬مث اقلــب هــذه الورقــة البحثيــة وابــدأ بكتابــة‬
‫امللخــص أو املقدمــة مــن عقلــك حبســب مــا فهمتــه منهــا دون الرجــوع إىل البحــث‪ ،‬مث قــارن بــن كتابتــك واملكتــوب يف‬
‫الورقــة البحثيــة‪ ،‬أيهمــا أفضــل؟ وملــاذا أفضــل؟ وكيــف أكتــب مثلــه؟ أو مــا الــذي كان بإمــكان الكاتــب فعلــه؟ وهكــذا‪،‬‬
‫وبعــد أن تنتهــي ابــدأ باجلــزء التــايل مــن البحــث‪.‬‬
‫وفيمــا يلــي بعــض الروابــط الــي ختــدم ختصصــات خمتلفــة كبدايــة هلــا‪ ،‬س ـواء أردت معرفــة معامــل التأثــر ‪Impact‬‬
‫‪ Factor‬جمللــة مــا‪ ،‬أو االستشــها ‪ ،Citation‬أو الباحــث ‪ ،Scholar‬وبعــض قواعــد البيانــات‪.‬‬
‫)الرابط( ‪• Thomson Reuters (Web of Knowledge):‬‬
‫)الرابط( ‪• Google scholar:‬‬
‫)الرابط( ‪• Scopus:‬‬
‫‪• Digital Libraries‬‬
‫)الرابط( ‪• ACM:‬‬
‫)الرابط( ‪• IEEE:‬‬

‫‪130‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫تمارين على الفصل الخامس‬

‫األسئلة المقالية‪( :‬يفضل أال تتجاوز إجابتك املقالية ‪ 400‬كلمة)‬


‫‪ .1‬كباحث‪ ،‬لماذا ومتى تنشر نتائجك البحثية؟‬
‫‪ .2‬ما أنواع النشر المختلفة؟‬
‫‪ .3‬مــا االختالفــات بيــن الورقــة المرجعيــة « ‪ » Review Paper‬والورقــة البحثيــة « ‪Research‬‬
‫‪» Paper‬؟‬
‫‪ .4‬ما المقصود بالنتائج السلبية « ‪ » Negative Results‬؟ هل من الممكن نشرها ؟ إذا كانت‬
‫اإلجابــة بنعــم‪ ،‬وضــح كيــف يتــم ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل علمي؟‬ ‫‪ .5‬قمت بتقديم بحث ما وتم رفضه‪ ،‬كيف تتصرف حيال ذلك‬

‫األسئلة االختيارية‪:‬‬
‫‪ .1‬أكثر الطرق عمليةً للحصول على بحث غير متاح‬
‫‪ o‬انسخ ولصق حمتوى البحث يف ملف وورد‬
‫‪ o‬احلصول على نسخة موثقة من صاحب البحث‬
‫‪ o‬البحث يف الشروحات املتعلقة باحملتوى العلمي للبحث‬
‫تشرع في كتابة النسخة األولية من بحثك؟‬
‫‪ .2‬متى ُ‬
‫‪ o‬عندما تبدأ العمل يف أحباثك‬
‫‪ o‬حينما حتصل على نتائج كافية‬
‫‪ o‬حينما تصل إلجابة على سؤالك البحثي‬
‫‪ o‬بعد االنتهاء من كتابة الرسالة‬
‫المسمى بـ «‪ »Single blind‬يعني‬
‫‪ .3‬نظام مراجعة األبحاث ُ‬
‫‪ o‬أن ترسل حبثك جمللة علمية واحدة‬
‫‪ o‬أنك تعرف املراجع لبحثك وليس العكس‬
‫‪ o‬أن املراجع سيعرفك وليس العكس‬

‫‪131‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫‪ .4‬متى تنشر بحثك؟‬
‫‪ o‬حينما تبدأ العمل يف حبثك‬
‫‪ o‬عندما حتصل على نتائج كافية‬
‫‪ o‬حينما تصل إلجابة على سؤالك البحثي‬
‫‪ o‬بعد االنتهاء من كتابة الرسالة‬

‫صح أو خطأ‪:‬‬
‫تماما كما قمت بها في الواقع عند كتابة البحث‬
‫‪ .1‬يجب أن تعرض أفكارك والتجارب التي قمت بها ً‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .2‬من المسموح به أن يعاد تقديم بحث تم نشره في مؤتمر للنشر في مجلة‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .3‬ليس عليك القيام بأي شيء بمجرد قبول بحثك للنشر‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .4‬حينمــا تقــوم بإرســال بحثــك للمراجعــة إلــى مجلــة علميــة فهنــاك احتمــال واحــد وهــو أن يتــم قبولهــا مــع‬
‫طلــب تعديــات جوهريــة‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫‪ .5‬من المفيد لمستقبلك البحثي من الناحية األكاديمية نشر أقل قدر من النتائج الممكن نشرها‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬

‫‪132‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫‪ .6‬مــن المهــم جـ ًدا تدويــن المالحظــات فــي كل خطــوة أثنــاء التجــارب المعمليــة وبذلــك لــن يفقــد الباحــث‬
‫أي معلومــات مهمــة قــد تؤثــر علــى اســتنتاجات التجــارب التــي قــام بهــا‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬
‫ـواء كان لمجلــة علميــة أو مؤتمــر دون‬
‫‪ .7‬قــد يتــم قبــول البحــث عنــد إرســاله للمراجعــة والتعديــل والنشــر سـ ً‬
‫احتوائــه علــى المصــادر العلميــة‬
‫‪ o‬صح‬
‫‪ o‬خطأ‬

‫‪133‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الخامس‬


‫الفصل السادس‬

‫‪6‬‬
‫الكتابة العلمية وعناصر الورقة البحثية‬

‫ال تجــزم بأنــك تفهــم فكــر ًة مــا جي ـ ًدا إال إذا أوقفــت أحــد املــارة يف الطريــق ورشحتهــا لــه‬
‫وفهمهــا‪ ،‬فــإن مل يفهمهــا فأنــت نفســك مل تفهمهــا‪.‬‬
‫‪-‬ريتشارد فينامن‪ ،‬نوبل ‪ 1965‬‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪135‬‬
‫الفصل السادس‬
‫الكتابة العلمية وعناصر الورقة البحثية‬

‫عزيــزي الباحــث‪ ،‬اهلــدف مــن وراء نشــر البحــث العلمــي إضافــة قيمــة إىل احمليــط العلمــي‪ ،‬ال الوصــول بكثــرة األوراق‬
‫البحثيــة إىل درجــة وظيفيــة معينــة‪ ،‬أو زيــادة عــدد منشــوراتك يف الســرة الذاتيــة‪ ،‬هلــذا جيــب عليــك ُحســن اختيــار اجمللــة‬
‫العلميــة الــي تنشــر هبــا‪ ،‬وأن تكــون ذات شــهرة علميــة عامليــة‪.‬‬
‫ومــن املبــادئ الــي جيــب اتباعهــا أثنــاء عمــل البحــث العلمــي كتابــة كل مــا تقــوم بعملــه منــذ اختيــار نقطــة البحــث الــي‬
‫تعمــل عليهــا‪ ،‬وليــس املقصــود الكتابــة العلميــة الــي ستشــكل هيــكل البحــث عنــد النشــر‪ ،‬ولكنهــا عمليــة تدويــن كل‬
‫التجــارب الناجحــة والفاشــلة‪ ،‬واخلط ـوات الــي مت اتباعهــا‪ ،‬مث يُســتخرج مــن ذلــك ‪ -‬يف هنايــة املطــاف ‪ -‬الــكالم املنظــم‬
‫ُ‬ ‫الــذي سيُنشــر يف الورقــة البحثيــة‪.‬‬
‫إن نتــاج مــا توصلــت إليــه مــن أرقــام‪ ،‬ورســوم بيانيــة‪ ،‬واســتنتاجات أثنــاء رحلــة البحــث العلمــي لــن يكــون ذا قيمــة لــو مل‬
‫يُنشــر يف جملــة علميــة مشــهورة‪ ،‬أو مؤمتــر علمــي‪ ،‬حــى خيــرج ذلــك اجملهــود إىل األوســاط العلميــة فيحقــق اهلــدف املنشــود‪.‬‬
‫جديــر بالذكــر أن اهليــكل العــام للبحــث العلمــي خيتلــف اختالفًــا طفي ًفــا مــن جملــة حبثيــة ألخــرى‪ ،‬ومــن ختصــص آلخــر‪،‬‬
‫ومــن مؤمتــر آلخــر‪ ،‬ولكــن هنــاك مســات رئيســية مشــركة يف موضــوع الكتابــة العلميــة للبحــث‪ ،‬وهــذا مــا ســنفصله فيمــا‬
‫ســيأيت ذكــره‪ ،‬دعونــا نــرى!‬

‫قبل بدء الكتابة العلمية‬


‫لقــد انتهينــا مــن مرحلــة حتليــل البيانــات‪ ،‬واخلــروج باالســتنتاجات‪ ،‬وهــا حنــن ذا يف مرحلــة كتابــة النتائــج‪ ،‬فيجــب عليــك‬
‫عزيــزي الباحــث أن تعــي ثالثــة أمــور‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا لم تكتب ما توصلت إليه من نتائج‪ ،‬فأنت لم تفعل شيئًا‪.‬‬
‫ضا لم تفعل شيئًا‪.‬‬ ‫‪ .2‬إذا كتبت ما توصلت إليه‪ ،‬ولم يقرأه أحد‪ ،‬فأنت أي ً‬
‫‪ .3‬إذا كتبــت مــا توصلــت إليــه‪ ،‬وتمــت قراءتــه‪ ،‬ولكــن أحـ ًدا لــم يفهــم شــيئًا ممــا كتبــت‪ ،‬فمــا زلــت لــم تفعــل‬
‫شيئًا‪.‬‬
‫اهلــدف مــن وراء البحــث العلمــي هــو التأثــر يف احمليــط العلمــي‪ ،‬ال جمــرد الفائــدة الشــخصية بزيــادة عــدد املنشــورات العلميــة‬
‫مفهومــا ملــن يقـرأه‪.‬‬
‫أو مــا شــابه‪ ،‬لــذا جيــب عليــك أن تكتــب مــا فعلــت‪ ،‬وأن تتــم قراءتــه‪ ،‬ويكــون ً‬
‫تكونــت لدينــا‬
‫بنــاءً علــى مــا ذكرنــا ســاب ًقا‪ ،‬إذا كانــت لدينــا نقطــة حبثيــة كبــرة‪ ،‬ويف طريــق البحــث حــول تلــك النقطــة‪ّ ،‬‬
‫جمموعــة مــن التســاؤالت‪ ،‬ومتثلــت أمامنــا النتائــج الــي جتيــب علــى تلــك التســاؤالت‪ ،‬وكانــت تكفــي للنشــر يف ورقــة علميــة‬
‫أو أكثــر‪ ،‬جيــدر هنــا االهتمــام مبوضــوع الكتابــة العلميــة للورقــة قبــل النشــر‪ ،‬فــا ينبغــي يف تلــك احلالــة النشــر السـريع لــكل‬
‫مــا توصلنــا إليــه‪ ،‬والــذي يُســمى (‪ ،)least publishable unit‬حيــث يصبــح النشــر ســيئ اإلخـراج‪ ،‬ولــن يتــم قبولــه‬
‫يف اجملــات العلميــة واملؤمتـرات‪ ،‬ومــن املمكــن أن يشــتهر عــن الباحــث ضعــف الكتابــة العلميــة‪ .‬فكيــف نتجنــب كل تلــك‬
‫األمــور؟ دعنــا نــرى ذلــك فيمــا ســيأيت‪.‬‬
‫بدايـةً عليــك أن تعــرف أن عمليــة نشــر ورقــة علميــة هــي عمليــة شــبيهة بالتســويق ملنتــج معــن‪ ،‬وإقنــاع املســتهلكني مبــدى‬
‫أمهيــة وقيمــة هــذا املنتــج‪ ،‬وليــس املقصــود هنــا التســويق الــذي حيــدث بعــد نشــر الورقــة العلميــة عــن طريــق وضــع الباحــث‬
‫منشــوراته العلميــة علــى موقــع إلكــروين خــاص بــه‪ ،‬أو نشــر البحــث بــن معارفــه مــن املهتمــن باألمــر‪ ،‬ولكــن املقصــود هنــا‬
‫هــو التســويق احلــادث أثنــاء كتابــة البحــث‪ ،‬واألســاليب املتبعــة يف الكتابــة جلــذب االنتبــاه‪ ،‬ويتأتــى ذلــك باتبــاع أمريــن‬
‫همــا‪:‬‬
‫• إقناع اآلخرين بقراءة هذا البحث‪.‬‬
‫• جــذب انتبــاه املهتمــن إىل فكــرة البحــث‪ ،‬والتأثــر فيهــم كمــا لــو أهنــا جرثومــة تصيــب العقــل وتالزمــه وال تفارقــه‪،‬‬
‫ومــن هنــا يقتنعــون بأمهيــة الفكــرة‪ ،‬وأهنــا هــي مــا كانـوا يبحثــون عنــه بالفعــل‪ ،‬ومــن هنــا يُقبلــون علــى البحــث بغــرض‬
‫االســتفادة مــن احملتــوى‪.‬‬
‫قبول عند نوعين من الناس‪:‬‬
‫واعلم أن عملية اإلقناع هذه ليست باألمر السهل‪ ،‬ألن ما تنشره جيب أن يلقى ً‬
‫النــوع األول‪ :‬مــن خــارج التخصــص الدقيــق للباحــث‪ ،‬فمثـ ًـا‪ :‬إذا كان الباحــث متخصــص يف هندســة احلاســبات ويوجــد‬
‫بعــض التخصصــات الدقيقــة يف هندســة احلاســبات مثــل‪ :‬هندســة الربجميــات‪ ،‬وهندســة املعاجلــات الدقيقــة واألنظمــة‬
‫متخصصــا يف هندســة الربجميــات يريــد أن يقـرأه‪،‬‬
‫ً‬ ‫املضمنــة‪ ،‬فرمبــا يُنشــر البحــث حتــت ختصــص املعاجلــات الدقيقــة‪ ،‬ولكــن‬
‫وفهمــا عنــده لرمبــا يســتفيد منــه يف بعــض األمــور‪.‬‬
‫فيجــب أن يلقــى قبـ ًـول ً‬
‫النــوع الثانــي‪ :‬املتخصصــون يف نفــس التخصــص الدقيــق للباحــث‪ ،‬مثــل‪ :‬أحــد كبــار العلمــاء‪ ،‬فيجــب أن يَلقــى مــا ينشــره‬
‫الباحــث قبـ ًـول حــن مطالعــة البحــث‪ ،‬ويكــون ذا قيمــة علميــة‪.‬‬
‫فمثـ ًـا ال يقــوم الباحــث بشــرح مبــادئ التخصــص مــن البدايــة أثنــاء عرضــه لفكرتــه البحثيــة فيلقــى نفــورا عنــد العـ ِ‬
‫ـال‬ ‫ً‬
‫املتخصــص‪ ،‬وعلــى العكــس ال يقــوم بالتوغــل يف األمــور العميقــة مباشــرة فينفــر غــر املتخصــص‪ ،‬ولــذا جيــب موازنــة األمــور‬
‫مــن أجــل إســعاد النوعــن‪ ،‬وجعلهــم يتعلقــون بالفكــرة مثــل اجلرثومــة كمــا ســبق وذكرنــا‪ .‬فكيــف حنقــق ذلــك؟ وكيــف نقــوم‬
‫بالتســويق ملــا نفعــل؟ جنيــب عــن هــذا السـؤال فيمــا يلــي!‬

‫سمات الكتابة العلمية‬


‫مــن أجــل حتقيــق اإلقنــاع املطلــوب‪ ،‬والتســويق للبحــث بطريقــة ســليمة‪ ،‬جيــب ‪ -‬وبشــكل حتمــي ‪ -‬أن تتميــز الكتابــة‬
‫العلميــة بالصفــات اآلتيــة علــى الرتتيــب‪:‬‬
‫أول‪ ،‬كتابة دقيقة‬
‫ً‬
‫جيــب أن تتميــز الكتابــة العلميــة بالدقــة‪ ،‬بــل بدرجــة عاليــة مــن الدقــة‪ ،‬ألن املكتــوب يف البحــث هــو كتابــة علميــة وليــس‬
‫كتابــة أدبيــة مــن ِشــعر وخالفــه‪ ،‬فمثـ ًـا يف شــرحنا خلط ـوات عمــل جتربــة معينــة‪ ،‬ال يصــح أن نكتــب مثـ ًـا‪« :‬لقــد ن ّفذنــا‬
‫هــذه التجربــة علــى عشــرة برامــج فقــط‪ ،‬ولكــن نكتــب مجيــع التفاصيــل بــكل دقــة‪ ،‬فتصبــح الصيغــة كالتــايل‪« :‬لقــد نفذنــا‬
‫هــذه التجربــة علــى عشــرة برامــج»‪ ،‬مــع ذكرهــم وذكــر صفــات كل برنامــج‪« ،‬وحصلنــا مــن كل برنامــج علــى النتائــج التاليــة‪،‬‬
‫وأخذنــا متوســط هــذه النتائــج لنصــل لالســتنتاج التــايل»‪ ،‬وهكــذا‪ .‬جيــب أن يكــون الــكالم غايــة يف الدقــة ليُفهــم بالشــكل‬

‫‪136‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫أول‪ ،‬ولكــن بوجهــة نظــر شــخص عــادي ال كاتــب‬ ‫املطلــوب‪ .‬ومبعــى آخــر‪ ،‬عنــد االنتهــاء مــن البحــث جيــب أن تقـرأه أنــت ً‬
‫البحــث‪ ،‬فــإذا تبــادرت بعــض التســاؤالت إىل ذهنــك أثنــاء القـراءة‪ ،‬فأنــت مل تصــل للدقــة املطلوبــة بعــد‪ .‬واعلــم أن قـراءة‬
‫البحــث قبــل النشــر مــن األمــور اهلامــة جـ ًـدا‪ ،‬ويف نفــس الوقــت مــن العمليــات الصعبــة واململــة علــى الباحــث‪ ،‬فتخيــل أثنــاء‬
‫كتابتــك لربيــد إلكــروين ألحــد األشــخاص‪ ،‬وأثنــاء مراجعتــك للربيــد قبــل إرســاله جتــد األمــر غايــة يف امللــل‪ ،‬ومتــر فــوق‬
‫كالمــا علميــا‪ ،‬وتـراوح صفحاتــه بــن عشــرة إىل ثالثــن صفحــة‪ ،‬لــذا فهــذا‬ ‫الســطور مــرور الكـرام‪ ،‬فمــا بالــك ببحــث حيــوي ً‬
‫األمــر ح ًقــا مــن األمــور الصعبــة‪ ،‬والــي حتتــاج إىل متريــن‪ ،‬لذلــك جتــد الكتابــة العلميــة لكثــر مــن الباحثــن ســيئة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ ،‬كتابة واضحة‬
‫جيــب أن تتميــز الكتابــة العلميــة بالوضــوح الشــديد اخلــايل مــن التعقيــد حــى يســهل الفهــم لغــر املتخصصــن‪ ،‬وال يقتصــر‬
‫فهــم موضــوع البحــث علــى املتخصصــن فقــط‪ ،‬فبعــد أن تنتهــي مــن الكتابــة وتتأكــد مــن دقتهــا‪ ،‬جيــب أن تراجــع مــا كتبــت‬
‫للتأكــد مــن وضــوح الــكالم‪ ،‬وعــدم تعـ ُّـذر فهمــه علــى القـراء‪.‬‬
‫ثالثًا‪ ،‬كتابة مختصرة‬
‫وهــي مــن األمــور الصعبــة جـ ًـدا أثنــاء الكتابــة‪ ،‬فمــن الســهل جـ ًـدا كتابــة حبــث يف مخســن صفحــة‪ ،‬ولكــن علــى النقيــض‬
‫مــن الصعــب جـ ًـدا كتابــة حبــث مــن عشــر صفحــات حيــوي نفــس املوضــوع‪ ،‬مــع احملافظــة علــى الدقــة والوضــوح‪.‬‬
‫وبنــاءً علــى مــا ســبق وأثنــاء الكتابــة العلميــة جيــب احلــرص كل احلــرص علــى الثالثــة أمــور الســابق ذكرهــم‪ ،‬وهــم‪ :‬الدقــة‬
‫والوضــوح واالختصــار‪ ،‬وبنفــس الرتتيــب املذكــور‪ ،‬ألنــه إن مل تتحقــق الدقــة مثـ ًـا فلــن يصبــح وضــوح الــكالم واختصــاره ذا‬
‫قيمــة‪ ،‬ألن املنشــود مــن البحــث لــن يتــم فهمــه‪.‬‬

‫مفكرة البحث‪ ...‬رفيق ودليل‬


‫ذكرنــا ســاب ًقا أن الباحــث جيــب أن يبــدأ يف الكتابــة منــذ بدايــة عملــه يف البحــث‪ ،‬بغــض النظــر عــن أن مــا يكتبــه ال يأخــذ‬
‫شــكل ورقــة حبثيــة حتــوي جتــارب ناجحــة وأخــرى فاشــلة‪ ،‬وأفــكار مت تنفيذهــا وأخــرى مل تنفــذ‪ ،‬ولكــن األهــم أن يكــون لديــه‬
‫عــدد كبــر مــن الصفحــات املكتوبــة‪ ،‬وهــذه مــن أوىل النصائــح الــي ينصــح هبــا الباحــث املقبــل علــى البحــث العلمــي‪ ،‬بــأن‬
‫ميتلــك مفكــرة للبحــث أو جملــة حبثيــة ال يقرأهــا غــره‪ ،‬وللباحــث حريــة االختيــار بــن أن تكــون هــذه اجمللــة ورقيــة أو علــى‬
‫احلاســب اآليل‪ ،‬وإن كان األفضــل أن تكــون علــى احلاســب اآليل مباشــرة‪ ،‬حــى يســهل عليــه بعــد ذلــك االقتبــاس منهــا‬
‫وأخــذ املعلومــات‪ ،‬وللباحــث هنــا مطلــق احلريــة يف تســجيل كل مــا يريــد مــن أفــكار ومعلومــات‪ ،‬ومــا توصــل إليــه أثنــاء‬
‫االطــاع علــى حبــث آخــر‪ ،‬والــذي سيســتخرج منهــا فيمــا بعــد البحــث الــذي سينشــره‪ ،‬ومــن املمكــن أيضــا أن تنبثــق لــه‬
‫مــن هــذه اجمللــة أفــكار أخــرى ألحبــاث جديــدة ســرجع إليهــا يف وقــت الحــق‪ ،‬ولكــي يتفــادى نســيان تلــك األفــكار جيــب‬
‫عليــه تســجيلها حــى يســهل الرجــوع إليهــا وتذكرهــا‪ ،‬مــن هنــا نــرى أمهيــة جملــة أو مفكــرة البحــث‪ ،‬فيجــب أن يعتــاد الباحــث‬
‫علــى الكتابــة حــى وإن كانــت نصــف صفحــة يوميًــا يف هــذه املفكــرة‪ ،‬فهــذا سيســاعد الباحــث علــى الرتكيــز والبحــث‬
‫مــن أجــل إجيــاد أشــياء ذات قيمــة كل يــوم لكتابتهــا‪ ،‬سـواء كانــت أفــكار‪ ،‬معلومــات جيــب دراســتها‪ ،‬أو رســم توضيحــي‬
‫جيــب حتليــل بياناتــه ‪..‬إخل‪ .‬مــن هنــا تعرفنــا علــى أمهيــة املفكــرة البحثيــة‪ ،‬وأهنــا أســهل بكثــر يف اســتخراج املعلومــات مــن‬
‫الكتابــة علــى شاشــة أو صفحــة بيضــاء ال حتــوي شــيئًا‪ ،‬فمنهــا يســهل اســرجاع النتائــج الــي توصلنــا إليهــا‪ ،‬واألدوات الــي‬
‫اعتمدنــا عليهــا يف عمــل البحــث‪ ،‬واألفــكار الــي درســناها‪ ،‬فاالعتمــاد علــى الذاكــرة هنــا ســيكون أمـًـرا غايــة يف الصعوبــة‪،‬‬

‫‪137‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫ألن الوضــع هاهنــا ليــس كتابــة ملذك ـرات شــخصية يســهل تذكرهــا‪ ،‬وإمنــا كتابــة علميــة‪ ،‬هدفهــا أن يفهــم الق ـراء مــا قــام‬
‫بــه الباحــث وحماولــة االســتفادة مــن ذلــك‪ ،‬والوصــول لنفــس النتائــج‪ ،‬هلــذا الســبب جيــب أن يكــون الــكالم دقي ًقــا‪ ،‬وهــذا‬
‫وخصوصــا إذا كان الباحــث يعمــل يف حبثــن يف نفــس الوقــت‪ ،‬أو يعمــل يف‬ ‫ً‬ ‫لــن يتأتــى باالعتمــاد علــى الذاكــرة وحســب‪،‬‬
‫البحــث مــع امتهانــه ملهنــة أخــرى كالتدريــس‪ ،‬وهلــذه األســباب مجعــاء جيــب علــى كل باحــث أن يصنــع لنفســه مــا يســمى‬
‫باملفكــرة أو اجمللــة البحثيــة اخلاصــة بــه‪.‬‬

‫خطوات الكتابة بتشويق وتسويق‬


‫كمــا لــو أنــه إعــان تليفزيــوين أو فيلــم يتــم اإلعــان عــن عرضــه يف دور الســينما‪ ،‬يريــد الباحــث التســويق ألحباثــه العلميــة‬
‫وجــذب القـراء هلــا‪ ،‬فرمبــا جيذبــك اســم لفيلــم معــن‪ ،‬وتريــد أن تشــاهده يف الســينما‪ ،‬ورمبــا دخلــت لتشــاهد الفيلــم فمللــت‬
‫منــه وتركتــه يف املنتصــف‪ ،‬أو أكملتــه حــى النهايــة‪ ،‬فنحــن هنــا نريــد لقـراء البحــث أن يكملــوه حــى النهايــة‪ .‬فكيــف نقــوم‬
‫بالكتابــة العلميــة الســليمة الــي تســاعدنا يف ذلــك؟ يوضــح الشــكل التــايل اختصــار للخطـوات اخلمــس يف تشــويق القــارئ‬
‫وتســويق الورقــة البحثيــة‬

‫شكل ‪ 1‬األدوار الرئيسية للورقة العلمية‬

‫الخطوة األولى‬
‫يف بــادئ األمــر نريــد جــذب االنتبــاه إىل البحــث‪ ،‬حــى يُقبِــل القــارئ عليــه‪ ،‬ولنعلــم جيـ ًـدا أن هــذا القــارئ هــو ً‬
‫أيضــا أحــد‬
‫الباحثــن والــذي ميكنــه الوصــول إىل اجملــات العلميــة‪ ،‬وأخبــار املؤمتـرات العلميــة ومــا إىل ذلــك‪ ،‬ورمبــا يعمــل علــى حبــث‬
‫آخر‪ ،‬فرييد أن يعرف ما توصل إليه الباحثون اآلخرون يف نفس نقطة البحث اليت يعمل عليها‪ ،‬وعندها يقوم بالبحث‬
‫عــن بعــض الكلمــات املتعلقــة بتلــك النقطــة‪ ،‬وتكــون نتيجــة حبثــه بعــض العناويــن ألحبــاث علميــة ذات صلــة مبــا يعمــل عليــه‬
‫هــذا الباحــث‪ .‬مــن هنــا جيــب أن جنــذب هــذا الباحــث إىل الورقــة العلميــة الــي نشـرناها مــن خــال عنـوان الورقــة‪ ،‬ومنهــا‬
‫تبــدأ أوىل خطـوات اجلــذب واإلقبــال علــى القـراءة‪.‬‬

‫‪138‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫الخطوة الثانية‬
‫بعــد أن جذبنــا القــارئ إىل عنـوان البحــث‪ ،‬ســيبدأ يف االطــاع علــى البحــث‪ ،‬ولكنهــا ســتكون جمــرد رؤيــة عامــة علــى مــا‬
‫قــام بــه الباحــث مــن عمــل يف حبثــه املنشــور لــرى إذا كان الباحــث قــد أجــاد يف كتابتــه العلميــة وســلك مســل ًكا جيـ ًـدا يف‬
‫عملــه‪ ،‬ومــن هنــا حيــدد إذا كان ســيكمل قـراءة الورقــة واالطــاع علــى املشــكلة أم ال‪.‬‬

‫الخطوة الثالثة‬
‫يف هــذه اخلطــوة يريــد الباحــث أن يُقنــع القــارئ بــأن املشــكلة الــي متــت دراســتها يف البحــث ذات قيمــة‪ ،‬وســينتفع منهــا‬
‫بشــكل أو بآخــر‪ ،‬ألن القــارئ رمبــا تكــون نقطتــه البحثيــة قريبــة مــن الــي متــت دراســتها يف البحــث املنشــور‪ ،‬لــذا فإقنــاع‬
‫القــارئ بأنــه ســينتفع مــن املنشــور أمــر بالــغ األمهيــة‪ ،‬وإن مل يقتنــع بأمهيــة املشــكلة فلــن يُكمــل قـراءة البحــث‪.‬‬

‫الخطوة الرابعة‬
‫بعــد اقتنــاع القــارئ بأمهيــة البحــث املنشــور‪ ،‬والقيمــة العلميــة للــكالم املكتــوب‪ ،‬نريــد أن نأخــذ بيــده حنــو حــل املشــكلة‪،‬‬
‫ـادرا علــى‬
‫وال يعــي ذلــك تقــدمي احلــل لــه بشــكل مباشــر‪ ،‬وإمنــا مســاعدته يف الوصــول إليــه خطــوة خبطــوة حــى يصبــح قـ ً‬
‫توقعــه وختيلــه بفضــل األدلــة الــي تشــر إليــه‪.‬‬

‫الخطوة الخامسة‬
‫بعــد أن عايــش القــارئ املشــكلة نقــدم لــه احلــل الــذي توصلنــا إليــه‪ ،‬وســيكون علــى اســتعداد تــام لقبــول ذلــك‪ ،‬ألنــه شــارك‬
‫يف احلــل أثنــاء القـراءة‪ ،‬وطاملــا أنــه علــى اســتعداد تــام لذلــك فقــد أفــدت هــذا القــارئ علــى الوجــه املطلــوب‪.‬‬
‫ولكــن كيــف نتّبــع تلــك اخلطـوات اخلمــس بشــكل عملــي يف كتابــة البحــث؟ يوضــح الشــكل التــايل النقــاط الرئيســية الــي‬
‫توجــد يف أي حبــث علمــي‪.‬‬

‫شكل ‪ 2‬األدوار الرئيسية للورقة العلمية‬

‫‪139‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫وبناء على الشكل السابق نستنتج ما يلي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ .1‬جلــذب القــارئ إىل القـراءة‪ ،‬جيــب أن يكــون العنـوان جذابًــا مبــا يكفــي للفــت االنتبــاه‪ ،‬ألن العنـوان هــو أول مــا‬
‫يُق ـرأ يف الورقــة‪ ،‬وال يُشــرط أن يكــون عن ـوان البحــث العلمــي أول مــا يتــم كتابتــه يف الورقــة البحثيــة‪ ،‬وإمنــا يفضــل‬
‫وعمومــا ليــس بالضــروري كتابــة الورقــة البحثيــة‬
‫ً‬ ‫بعــض الباحثــن أن يكــون العنـوان وملخــص البحــث آخــر مــا يُكتــب‪،‬‬
‫تباعــا أثنــاء الكتابــة‪.‬‬
‫بالرتتيــب‪ ،‬فالبعــض يفضــل تــرك بعــض املواضــع يف البحــث فارغــة‪ ،‬علــى أن يتــم ملؤهــا ً‬
‫‪ .2‬بعدمــا ينجــذب القــارئ إىل العنـوان ســيبدأ يف قـراءة ملخــص البحــث‪ ،‬وهــذا امللخــص سيســاعد القــارئ علــى‬
‫معرفــة املشــكلة الــي يعاجلهــا الباحــث‪ ،‬ومــدى صلــة هــذه املشــكلة باهتمامــات القــارئ البحثيــة‪.‬‬
‫‪ .3‬بعــد ذلــك يبــدأ يف قـراءة املقدمــة واخللفيــة العلميــة وتعريــف املشــكلة‪ ،‬وتلــك العناصــر هــي مــا تــؤدي إىل إقنــاع‬
‫القــارئ بأمهيــة املشــكلة‪ ،‬وأمهيــة السـؤال البحثــي املطــروح‪.‬‬
‫‪ .4‬مث نصحــب القــارئ جتــاه حــل املشــكلة خطــوة خبطــوة‪ ،‬وينبغــي أن نعلــم بأنــه مــن النــادر جـ ًـدا أن يقــوم الباحــث‬
‫حبــل مشــكلة مل يســبقه أحــد إىل التفكــر فيهــا‪ ،‬مــن هنــا ســيقوم الباحــث بذكــر حمــاوالت الباحثــن اآلخريــن ممــن‬
‫تعرضـوا لنفــس املشــكلة‪ ،‬أو مشــكلة أخــرى تشــاهبها‪ ،‬ونتحصــل مــن أولئــك الباحثــن علــى بعــض األفــكار‪ ،‬فمــن‬
‫هنــا ســنصطحب القــارئ بــن حمــاوالت الســابقني يف حــل تلــك املشــكلة‪ ،‬ونقــوم بالتعليــق علــى حماوالهتــم‪ ،‬فمثـ ًـا‪:‬‬
‫فكــرة الباحــث األول كانــت ســتكون فكــرة جيــدة حلــل املشــكلة لــو أضيــف هلــا أمـ ٌـر مــا –ونذكــر هــذا األمــر– ‪،‬‬
‫وفكــرة الباحــث الثــاين مل تكــن جيــدة ألن هبــا بعــض العيــوب وميكــن توضيحهــا باختصــار‪ .‬مــن هنــا تتكــون هــذه‬
‫النقــاط يف ذهــن القــارئ‪ ،‬ويبــدأ املشــاركة يف طريقــة حــل املشــكلة‪ ،‬وهــو مل ي ـََـر احلــل املقــدَّم يف الورقــة بعــد‪ ،‬ولكنهــا‬
‫ُ‬ ‫جمــرد وســائل مســاعدة ليكــون علــى علــم بكيفيــة تســيري األمــور جتــاه احلــل‪.‬‬
‫وذكــر التجــارب الســابقة‪ ،‬ونتائجهــا‪ ،‬ومــا ميكننــا اســتنتاجه مــن‬ ‫‪ .5‬مث نبــدأ يف طــرح الفكــرة املقدمــة حلــل املشــكلة‪ِ ،‬‬
‫تلــك النتائــج‪ ،‬وبذلــك يصبــح القــارئ متقبــا لــكل مــا يُذكــر‪.‬‬

‫ضع عنوانًا جي ًدا وجذابًا‬


‫بعــد أن اتفقنــا علــى أمهيــة أن تكــون الورقــة البحثيــة مشــوقة وميكــن تســويقها بســهولة‪ .‬علينــا أن هنتــم بوضــع العنـوان ألنــه‬
‫أول مــا تقــع عليــه عــن القــارئ وليــس امللخــص‪ ،‬فــا بــد للعنـوان أن جيــذب انتباهــه‪ .‬يفضــل البعــض كتابــة العنـوان وامللخــص‬
‫ـك كامــل احلريــة يف كتابــة األجـزاء بالرتتيــب الــذي ترتضيــه‪ .‬بعــد قراءتــه للعنـوان‬ ‫يف النهايــة‪ ،‬وهــذا األمــر ليــس خاطئًــا‪ ،‬فلَـ َ‬
‫يقـرأ امللخــص‪ ،‬وهــذا امللخــص ســيقنعه بــأن املشــكلة وحلهــا ســيعود بالنفــع علــى عملــه‪ .‬إذا وجــد أن امللخــص جيــد بعدمــا‬
‫جذبــه العنـوان يقــوم بفتــح امللــف اخلــاص بالورقــة البحثيــة‪ ،‬ويبــدأ يف قراءهتــا‪.‬‬
‫ـتقبل‪ ،‬كمــا‬
‫فاملقدمــة واخللفيــة وتعريــف املشــكلة هــي العناصــر الــي ســتُقنع القــارئ بأمهيــة املشــكلة ووجودهــا حاليًــا أو مسـ ً‬
‫يف أحبــاث العشــر خط ـوات إىل األمــام ‪ Ten-step-ahead Research‬الــي أش ـرنا إليهــا يف الفصــل الســابق‪،‬‬
‫عرفــه علــى مــا حتــاول حلــه يف هــذا البحــث‪.‬‬
‫حيــث تُ ّ‬
‫ـض مــع القــارئ خطــوة خبطــوة حــى توضــح لــه هــذا احلــل‪ ،‬واشــرح لــه طريقــة كل خطــوة‪ .‬مــن النــادر‬‫كــي تصــل للحــل‪ ،‬امـ ِ‬
‫جـ ًـدا أن حتــاول حــل مشــكلة مل يتطــرق هلــا أحــد مــن قبلــك‪ ،‬فبالتأكيــد ســتعرض حلـ ًـول ألنــاس أجــروا حمــاوالت حلــل هــذه‬
‫املشــكلة أو مشــكلة شــبيهة هلــا وحتــاول اســتخالص أفــكار منهــا‪ .‬اطلِّــع علــى أعمــال قــد صــدرت مــن قبــل وقــم بالتعليــق‬

‫‪140‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫علــى كل واحــد منهــا‪ ،‬مثـ ًـا هــذا احلــل لــه مميزاتــه لكــن يَلزمــه بعــض التعديــات كــي تســتخدمه يف مشــكلتك‪ ،‬أو أن ذاك‬
‫احلــل ســيئ لســبب مــا‪ ،‬فــإذا قمنــا بإضافـ ٍـة عليــه يصبــح أفضــل‪ ،‬وهكــذا يبــدأ ُّ‬
‫جتمــع النقــاط يف ذهــن القــارئ ويتضــح لــه أن‬
‫احلــل اجليــد ال بــد أن تتوفــر فيــه بعــض اخلصائــص‪.‬‬
‫الحــظ أنــك حــى اآلن مل ختــر القــارئ شــيئًا عــن احلــل ولكنــك أعطيتــه نبــذة خمتصــرة فقــط‪ ،‬وبعدمــا ينتهــي هــو مــن هــذه‬
‫اللعبة تبدأ يف ســرد فكرتك عليه بالتفصيل‪ ،‬مث ختربه عن التجارب اليت أجريتها ونتائجها وما اســتنتجته منها‪ ،‬وســيصبح‬
‫متقبـ ًـا للعمليــة يف هــذه احلالــة‪.‬‬
‫مــن املتوقــع أال يق ـرأ اجلميــع حبثــك حــى هنايتــه‪ ،‬فالبعــض ســيقرأ العن ـوان مث يرتكــه العتقــاده أنــه ه ـراء‪ ،‬والبعــض ســيقرأ‬
‫امللخــص فيكتشــف أن هــذا البحــث ليــس مــا يبحــث عنــه‪ ،‬والبعــض اآلخــر يق ـرأ املقدمــة واخللفيــة لرغبتــه يف االطــاع‬
‫علــى حبــث يتضمــن األعمــال الســابقة ويف هــذه احلالــة تكــون أنــت أشــبه بدليــل هاتــف‪ ،‬وال يُعتــر ذلــك أمـًـرا ســيئًا‪ ،‬ألنــك‬
‫هبــذا ستســاعد باحثًــا يف عملــه‪ ،‬الحــظ أنــك لــن تقــوم هبــذا العمــل مــن بــاب املفاخــرة‪ ،‬وكل مــا كتبتــه ســيعود بالنفــع علــى‬
‫غــرك مــن القـراء‪.‬‬
‫أيضــا يقـرأ احلــل نفســه لرغبتــه يف التعديــل عليــه أو االســتعانة بــه يف حــل مشــكلة شــبيهة هلــا‪ ،‬وبعدمــا يصــل ملرحلــة‬ ‫البعــض ً‬
‫احلــل ويأخــذ الفكــرة يصيبــه امللــل فــا جيــد داخلــه رغبــة يف قـراءة التجــارب والنتائــج ألهنــا تســتهلك وقتًــا طويـ ًـا وممـ ًـا فينهــي‬
‫األمــر عنــد هــذه املرحلــة‪ ،‬واالســتنتاج بــه تلخيــص للنتائــج وهبــذا يكــون نــال قس ـطًا مــن الفائــدة‪ .‬أمــا مــن يق ـرأ البحــث‬
‫للنهايــة فهــم أشــخاص يعملــون علــى نفــس نقطتــك أو أن أحدهــم يقــوم مبراجعــة لألحبــاث الســابقة وحيتــاج عملــك كــي‬
‫يضعــه فيهــا‪.‬‬
‫ال بــد أن جيــد القــارئ العمليــة بالتفصيــل‪ ،‬واملخطــط التــايل حيــدد لنــا فائــدة كل جزئيــة يف الورقــة البحثيــة مــن البدايــة حــى‬
‫كلمــة النهايــة‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫هيكل الورقة البحثية (‪)Paper structure‬‬
‫فضــل عنــد كتابــة الورقــة البحثيــة التفكــر مــن النهايــة إىل البدايــة‪ .‬فالســبب الوحيــد الــذي يدفــع الباحــث لنشــر البحــث‬
‫يُ َّ‬
‫هــو وصولــه إىل نتائــج يــود أن يعرضهــا علــى اآلخريــن‪ .‬لــذا‪ ،‬جيــب أن تَكتــب نتائــج حبثــك يف مجــل خمتصــرة‪ ،‬واضحــة‪،‬‬
‫وحمــددة‪ .‬فمثـ ًـا ميكنــك أن تذكــر أنــك أجريــت حبــث كــذا واســتخرجت هــذه النتائــج أو مل تصــل إىل نتائــج معينــة وتنتظــر‬
‫مــن يكمــل البحــث‪ .‬عليــك كذلــك أن تراعــي ُخلــو نتائجــك مــن أي إهبــام أو غمــوض عنــد قراءهتــا‪ ،‬حبيــث تكــون واضحــة‬
‫يسـ ُـهل فهمهــا دون لبــس فتكــون هكــذا مثـ ًـا‪« :‬العالقــة بــن عُ ْمــر اإلنســان وصحتــه طرديــة» أو «دخــل اإلنســان يتناســب‬
‫مباشــرًة مــع صحتــه»‪.‬‬

‫شكل ‪ 3‬يوضح هيكل الورقة البحثية‬

‫عناصر الورقة البحثية‬


‫دائمــا مــا يكــون الرتتيــب خمتلــف أو أن هنــاك بعــض النقــاط الغــر موجــودة أو مضــاف إليهــا نقــاط‬
‫يف أغلــب األحبــاث ً‬
‫أخــرى وذلــك حســب اجمللــة أو املؤمتــر‪ ،‬لكــن هــذا هــو الشــائع يف أي حبــث علمــي‪.‬‬
‫‪ .1‬العنوان‪.‬‬
‫‪ .2‬ملخص البحث‪ :‬وهو تلخيص للمشكلة اليت تقوم حبلها وما توصلت إليه يف النهاية‪.‬‬
‫‪ .3‬املقدمة‪ :‬وتبدأ يف جذب انتباه القارئ حنو التعريف باملشكلة‪.‬‬
‫‪ .4‬اســتعراض األحبــاث الســابقة واخللفيــة‪ :‬واخللفيــة هنــا ختتلــف عــن مراجعــة األحبــاث الســابقة‪ ،‬فمثـ ًـا قــد حيتــاج القــارئ‬
‫املتخصــص يف علــوم احلاســب عندمــا يطّلــع علــى حبثــك إىل القـراءة عــن املعــدات الــي ال يعــرف معلومــات تفصيليــة عنهــا‪،‬‬
‫فتشــر اخللفيــة إىل مــا حيتــاج إليــه ويكتبــه مــن لــه بــاع يف التخصــص‪ ،‬أمــا املراجعــة فيتــم فيهــا عــرض مــا توصــل إليــه مــن‬
‫ســبقوك‪.‬‬

‫‪142‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫‪ .5‬احلل املقرتح‪ :‬وفيه تعرض احلل اخلاص بك‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ .6‬اإلعداد التجرييب‪ :‬وفيه شرح لتجاربك وأحباثك وطرقك اليت سلكتها فيها‪.‬‬
‫‪ .7‬النتائج واملناقشات‪ :‬وهبا عرض للنتائج اليت توصلت إليها‪.‬‬
‫‪ .8‬ملخص النتائج اليت توصلت إليها‪ :‬ال يقتصر على امللخص فقط وسنتحدث عنه فيما بعد‪.‬‬
‫وفيما يلي نتعرض باحلديث عن كل جزء على ِحدة‪:‬‬

‫أوالً‪ ،‬العنوان‪:‬‬
‫مــن حديثنــا الســابق عنــه قــد تكــون استشــعرت أمهيتــه‪ ،‬فهــو مــا جيــذب انتبــاه القــارئ وهــو أول مــا يَنظــر إليــه قبــل أن‬
‫يقــرر قـراءة البحــث‪ .‬مــن خــال قراءتــك ألحبــاث كثــرة مــن األشــياء الــي جيــب أن تُلقــي نظــرة عليهــا هــي العنـوان وطريقــة‬
‫كتابتــه حيــث تقــع علــى عاتقــك مهمــة إثــارة إعجــاب القــارئ هبــذا العنـوان وتســاؤله يف قـرارة نفســه عمــا ســتتحدث عنــه‬
‫يف البحــث‪ .‬العن ـوان مــن أهــم األج ـزاء يف كتابــة البحــث العلمــي وكتابــة مقرتحــات املنــح لرغبتــك يف كســب املــال‪ ،‬ألن‬
‫ممتعــا‪.‬‬
‫القــارئ قــد يكــون بالتخصــص العــام وليــس الدقيــق‪ ،‬فيصبــح لز ًامــا عليــك أن جتــذب انتباهــه وتوفــر لــه عنوانًــا ً‬
‫للتــدرب علــى طريقــة كتابــة العنـوان‪ ،‬قــم باالطــاع علــى أحبــاث خاصــة بغــرك وقــم بقراءهتــا وألـ ِـق نظــرة علــى العنـوان مث‬
‫ضــر القــارئ للمشــكلة؟ هــل يعطــي القــارئ فكــرة عــن‬ ‫تســاءل‪ ،‬هــل العن ـوان جيــد؟ هــل جيــذب انتبــاه القــارئ؟ هــل ُي ِّ‬
‫املشــكلة الــي حتلهــا هــذه الورقــة أم ال؟ تلــك هــي العناصــر الــي جيــب أن تضعهــا يف اعتبــارك وأنــت تكتــب عنـوان البحــث‪.‬‬
‫عنــد كتابــة العنـوان هنــاك أشــياء علينــا أن حنــذر منهــا وأخــرى مســموح هبــا‪ ،‬أمــا مــا هــو مســموح فهــو أن تكــون العمليــة‬
‫متامــا كمــا قلنــا يف الســابق‪ ،‬فــا ينبغــي كتابــة عنـوان ُمكــون مــن ثالثــة أو أربعــة أســطر وكأنــك تنافــس امللخــص يف‬
‫واضحــة ً‬
‫طولــه يف هــذه احلالــة‪ .‬ينبغــي أن يكــون العنـوان عبــارة عــن ســطر واحــد فقــط‪ ،‬ال يصــح أن يكــون مجلــة‪ ،‬فليــس هنــاك فعــل‬
‫أو فاعــل أو مفعــول بــه‪ .‬هــي جمــرد كلمــات تعطــي فكــرة عامــة عمــا ســيذكر‪ .‬وأمــا مــا جيــب احلــذر منــه اســتخدام كلمــات‬
‫ال يعرفهــا ســوى املتخصــص الدقيــق ألن القــارئ غــر املتخصــص لــن ينتابــه رغبــة يف فتــح ورقتــك خاصــة إذا كتبــت مقــرح‬
‫منحــة وهــو مالــك املــال فلــن حتصــل عليــه بــا شــك إذا مل يفهــم العنـوان مهمــا كانــت الفكــرة بارعــة‪ ،‬ويف الوقــت نفســه‬
‫داع ألن نلجــأ هلــذا األمــر أثنــاء كتابــة العنـوان‪.‬‬
‫ال تُلقــي عليــه مزحــة‪ .‬مجيعنــا بالطبــع مشــهورون باملـزاح‪ ،‬فليــس هنــاك ٍ‬
‫ُ‬
‫عامــا جـ ًـدا‪ .‬ال تقــل لــه «يف أداء التسلســل اهلرمــي للذاكــرة «‪ ،‬فكلمــة «يف» تعــي‬ ‫واألمــر الثــاين‪ ،‬ال تســتخدم عنوانًــا ً‬
‫مجيعــا يف بوتقــة واحــدة‪ ،‬فأنــت تتحــدث عــن أداء التسلســل‬ ‫أنــك تقــدم أشــياء كثــرة مــع عــدم قدرتــك علــى وضعهــا ً‬
‫اهلرمــي للذاكــرة رغــم وجــود مليــون مشــكلة تتعلــق هبــذا األمــر‪ ،‬فكيــف ســتقوم حبلهــا؟ ثالــث األمــور الــي جيــب أن ننتبــه‬
‫عنــد التعامــل معهــا هــو إمكانيــة اســتخدامنا لكلمــات مشــهورة حيــب اجلميــع اســتخدامها هــذه الفــرة مثــل تقنيــة النانــو‬
‫وعلــم العصبيــات وعلــم البيانــات وعلــوم احلاســب‪ .‬جتنَّــب اســتخدام تلــك الكلمــات مــا مل تكــن متعلقــة بالبحــث وقمــت‬
‫باســتخدامها بالفعــل وليــس رغبـةً يف نيــل إعجــاب القــارئ‪ ،‬ألنــه ســيعلم بأنــك مل تســتخدمها ويف هــذه احلالــة قــد يتوقــف‬
‫عــن ق ـراءة حبثــك ويضعــك يف القائمــة الســوداء حــى وإن كان ذلــك يف عقلــه الباطــن فقــط حــى جيــد لــك أوراقًــا حبثيــة‬
‫أخــرى فيكــون لديــه انطبــاع مســبق بأنــك ال تســتخدم طريقــة واضحــة حمــددة يف كتابتــك‪ ،‬وســيعترب قراءتــه للبحــث حمــض‬
‫مضيعــة للوقــت‪.‬‬

‫‪143‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫مطروحــا بطريقــة جيــدة فالعنـوان ســيكون جيـ ًـدا كذلــك‪.‬‬
‫ً‬ ‫مــن املمكــن كذلــك أن يكــون العنـوان سـؤ ًال‪ ،‬وإذا كان السـؤال‬
‫ضــع يف اعتبــارك مــا جيــب ومــا ال جيــب فعلــه كمــا ذكرنــا مــن قبــل‪ ،‬وجيــب أن يكــون السـؤال ال يقبــل‬
‫يصــا َو َ‬
‫ولكــن كــن حر ً‬
‫اإلجابــة عليــه ب ـ «ال» دون ق ـراءة الورقــة‪ ،‬مبعــى أنــك إذا وضعــت س ـؤ ًال وق ـرأه أحدهــم وأجــاب عليــه ب ـ «ال» فلــن يق ـرأ‬
‫يصــا أثنــاء كتابــة العنـوان يف صيغــة سـؤال‪.‬‬
‫ورقتــك‪ ،‬فــا بــد أن تكــون حر ً‬
‫ثانيًا‪ ،‬الكلمات المفتاحية‪:‬‬
‫يَفــرض بعــض األشــخاص وجــود كلمــات مفتاحيــة بعــد امللخــص‪ ،‬وأغلــب اجملــات العلميــة وبعــض املؤمتـرات ُتــرك علــى‬
‫اســتخدام كلمــات حمــددة‪ ،‬هــذه الكلمــات احملــددة تســاعد قواعــد البيانــات يف اســتخراج الورقــة البحثيــة أثنــاء قيــام أحدهــم‬
‫بالبحــث عنهــا‪ ،‬لكــن هنــاك بعــض املؤمتـرات واجملــات ال تطلــب اســتخدام كلمــات حمــددة فــكان لز ًامــا أن يكــون العنـوان‬
‫هــو األهــم‪ ،‬ويف نفــس الوقــت هــذه الكلمــات مهمــة كذلــك ألنــك تســتخرجها مــن العنـوان أو العكــس‪ ،‬وألن اجملــات أو‬
‫املؤمتـرات ال يوجــد هبــا كلمــات حمــددة‪ ،‬فالعنـوان مهــم جـ ًـدا‪.‬‬

‫ثالثًا‪ ،‬الملخص‪:‬‬
‫هنــاك أشــخاص ُكثُــر يفضلــون كتابــة امللخــص كآخــر جــزء باعتبــار أن الورقــة البحثيــة هــي الرحلــة الــي يقطعهــا القــارئ‬
‫مــن املقدمــة حــى االســتنتاج‪ ،‬فيكــون لديــه امللخــص يف النهايــة‪ .‬ولكــن بعــد جــذب انتبــاه القــارئ بالعن ـوان يبــدأ بإلقــاء‬
‫نظــرة علــى امللخــص‪ ،‬فهــو مــا يقنعــه بــأن الورقــة فعـ ًـا تســتحق القـراءة‪ ،‬وال ينبغــي أن يكــون امللخــص طويـ ًـا ألن امللخــص‬
‫أيضــا‪ ،‬وتُذكــر فيــه املشــكلة‪ ،‬وهــو عــادة عبــارة عــن فقــرة‬
‫ال يُعتــر جــزءًا مــن الورقــة‪ ،‬وإمنــا تلخيــص هلــا وللنتائــج والفكــرة ً‬
‫أو اثنتــن يف أغلــب اجملــات واملؤمتـرات العلميــة حيــث يتضمــن ماهيــة املشــكلة الــي تقــوم حبلهــا وملــاذا تُعــد مهمــة إضافــة‬
‫الحــظ أن القــارئ يف بدايــة قراءتــه للورقــة لــن يكــون علــى علــم باحلــل وإمنــا هــو دورك يف تقــدمي‬ ‫الفكــرة العامــة للحــل‪ِ .‬‬
‫أجـزاء صغــرة لــه‪ ،‬فــا تكشــف كل احلكايــة يف امللخــص ولكــن تطــرح احلــل بصــورة عامــة مث مجلــة أو اثنتــن عــن النتائــج‬
‫مــع التوضيــح بــأن احلــل املقــدم مثــا قــاد إىل نتائــج أفضــل بنســبة مخســن باملائــة مــن أفضــل نتيجــة موجــودة حاليًــا‪ ،‬وهكــذا‪.‬‬

‫ابعا‪ ،‬المقدمة‪:‬‬
‫رً‬
‫يــرى الكثــرون أهنــا مملــة وال يعرفــون مــاذا يكتبــون فيهــا‪ ،‬ألهنــا ليســت مراجعــة لألحبــاث الســابقة‪ ،‬وال حتتــوي علــى شــرح‬
‫للنتائــج وال الفكــرة‪ ،‬وال تتشــابه مــع امللخــص أو االســتنتاج‪ ،‬إذا مــا املقدمــة؟ ومــاذا تكــون؟ الفكــرة أن امللخــص عبــارة عــن‬
‫فقــرة أو اثنتــن‪ ،‬تشــرح فيــه الفكــرة بطريقــة عامــة جـ ًـدا‪ ،‬وهنــا جتــذب انتبــاه القــارئ‪ ،‬فتبــدأ بشــرح املشــكلة بطريقــة تفصيليــة‬
‫أكثــر دون تفاصيلهــا الدقيقــة بالطبــع‪ .‬حــى هــذه اللحظــة مل ختــره باحلــل‪ ،‬بــل ذكــرت املشــكلة العامــة فقــط‪ ،‬فمثـ ًـا‪،‬‬
‫ذاكــرة احلاســب هــي ثــاين أبطــأ شــيء يف جهــاز احلاســوب بعــد وســائل التخزيــن‪ ،‬مبــا فيهــا القــرص الصلــب‪ ،‬فــإذا أردت‬
‫حتســن ســرعتها فتذ ُكــر يف امللخــص أن الذاكــرة أبطــأ جــزء يف احلاســوب ونريــد زيــادة ســرعتها‪ ،‬مــع ِذكــر الطريقــة وكيــف‬
‫قُمــت بتطبيقهــا عــن طريــق تغيــر بعــض األوامــر املوجــودة يف الربنامــج‪ ،‬وقــد أنتــج هــذا األمــر زيــادة الســرعة بنســبة ثالثــن‬
‫باملائــة‪ .‬ميكنــك كذلــك أن تذكــر يف املقدمــة أن الذاكــرة مكــون أساســي يف هيــكل احلاســوب مــن املعــاجل وحــى القــرص‬
‫الصلــب‪ ،‬وقــد تعــرض رمسًــا يوضــح أســباب بــطء الذاكــرة‪ ،‬ومــا ميكــن إمهالــه مــن هــذه األســباب ومــا ال يصــح إمهالــه بــل‬
‫يتــم اســتغالله يف حتســن ســرعة الذاكــرة‪ ،‬فيُعــد ذلــك مــن ضمــن إســهاماتك وهــو مــا قمــت بــه لتحســن ســرعة الذاكــرة‪،‬‬
‫مــع ذكــر التجــارب ونتائجهــا‪ ،‬وهبــذا تنتهــي املقدمــة‪.‬‬

‫‪144‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫ال تُ ِنه املقدمة دون ذكر إســهاماتك ‪ -‬حىت ولو قمت بعمل قائمة فيها أرقام أو نقاط ‪ -‬حســب اإلســهام الذي قمت‬
‫بــه‪ .‬والحــظ أن اإلســهام خيتلــف عــن الفكــرة‪ ،‬فالورقــة البحثيــة حتتــوي علــى فكــرة واحــدة فقــط‪ ،‬فكــرة قويــة‪ ،‬لكــن إســهامك‬
‫هــو أن توضــح أمهيــة املشــكلة إذا كنــت مــن أوائــل النــاس الذيــن توصلـوا إليهــا‪ ،‬وتذكــر احلــل املبدئــي الــذي توصلــت إليــه‪،‬‬
‫وتذكــر نظــام احملــاكاة أو التجربــة الــي اســتخدمتها يف تطبيــق هــذا احلــل ومــا توصلــت إليــه مــن نتائــج‪ .‬وبذلــك يصبــح لديــك‬
‫فكــرة واحــدة وعــدد مــن اإلســهامات‪ .‬وهــذا هــو الفــارق بــن الفكــرة واإلســهامات‪.‬‬
‫لذكــر اإلســهامات فائدتــان‪ ،‬أوالهمــا‪ :‬إقنــاع القــارئ أو املح ّكــم بأنــك قمــت بعمــل جيــد‪ ،‬ثانيتهمــا‪ :‬أن يُثبِــت املتبقــي‬
‫مــن الورقــة البحثيــة تلــك اإلســهامات‪ ،‬مثـ ًـا إذا وضحــت ُأمهيــة املشــكلة‪ ،‬فســيكون هنــاك جــزء امســه تعريــف املشــكلة‪،‬‬
‫ـاك مــا كــي توضــح بــه عملــك‪ ،‬أيضــا يوجــد‬ ‫توضــح فيهــا أنــك أظهــرت شــيئًا مــا‪ ،‬ومــا قمــت بــه مــن جتــارب باســتخدام حمـ ٍ‬
‫وجــه الورقــة البحثيــة‪ ،‬ولذلــك أي إســهام ســتضعه يف الورقــة البحثيــة‬ ‫جــزء لتجهيــز التجــارب‪ ،‬أمــا اإلســهامات فهــي الــي تُ ّ‬
‫بصيغــة غــر واضحــة ســيدفع بالقــارئ للتشــكيك يف مصداقيتــك‪ ،‬وأفضــل طريقــة لكتابــة كل إســهام أن تضــع بــن قوســن‬
‫يف آخــره اجلــزء الــذي يوضحــه‪ ،‬فتكتــب مثـ ًـا‪ ،‬لقــد وضحــت أمهيــة أمــر مــا‪ ،‬وهــذا يظهــر يف اجلــزء رقــم ثالثــة أو جــزء فرعــي‬
‫رقمــه «أربعــة – اثنــان» وهكــذا‪ ،‬ســينبهر القــارئ بتلــك اإلســهامات ممــا يقنعــه بكــون الورقــة البحثيــة رائعــة‪ ،‬وهبــذا تنتهــي‬
‫املقدمــة‪ .‬وللتذكــر مــرة أخــرى‪ ،‬الفــرق كبــر بــن الفكــرة واإلســهام‪ ،‬إذا كان هنــاك سـؤاال حبثيًــا وقمــت باإلجابــة عليــه فهــذه‬
‫هــي الفكــرة‪ ،‬أمــا اإلســهام فهــو احلــل نفســه للفكــرة وتوضيحــك ألمهيــة املشــكلة والنتائــج الــي توصلــت إليهــا مــن جتاربــك‪.‬‬
‫اقتباســا مــن ورقــة حبثيــة‪ ،‬مذكــور فيــه بشــكل صريــح أهنــا تتضمــن أربعــة إســهامات‪ ،‬أوهلــا توضيــح أمهيــة‬
‫يعتــر اجلــزء التــايل ً‬
‫ـرا عــرض املؤشـرات الــي‬ ‫املشــكلة‪ ،‬ثانيهــا أن البحــث يقــدم حـ ًـا هلــا‪ ،‬ثالثهــا عــرض تطبيــق عملــي للفكــرة أو احلــل‪ ،‬وأخـ ً‬
‫ـت هبــا احللــول للمشــكلة‪ .‬وهبــذا يصــل للقــارئ أن عــدد اإلســهامات يف الورقــة هــو أربعــة‪ .‬تَذكــر أنــك تقــوم حبــل‬ ‫قدمـ َ‬
‫مشــكلة واحــدة‪ ،‬وقمــت بتجزئتهــا ألربعــة أج ـزاء حــى يَسـ ُـهل علــى القــارئ اســتيعاهبا وال يتســاءل يف هنايــة قراءتــه عمــا‬
‫فعلتــه أو مــا إســهاماتك يف البحــث املقــدم‪ ،‬ويفضــل إذا عرضــت اإلســهامات يف شــكل نقــاط‪.‬‬
‫ُ‬

‫شكل ‪ 4‬مثال عىل ذكر اإلسهامات (‪)Source: Adaptive Block Placement Policy for Cache Hierarchies – Copyright: Mohamed Zahran et, al‬‬
‫وضوحــا‪ ،‬إليــك هــذا املثــال‪ ،‬باجلــدول التــايل أعلــى اليســار‬
‫ً‬ ‫حــى يتــم توضيــح طريقــة كتابــة اإلســهامات بشــكل أكثــر‬
‫مكتــوب أننــا نفضــل اســتبدال الذاكــرة العشـوائية وهــذا أمــر جيــد‪ ،‬ولكــن األســلوب غــر رمســي إضافــة إال أنــه غــر دقيــق‪.‬‬
‫أيضــا يف األســلوب ألن القــارئ قــد ال‬
‫كذلــك إذا ذكــرت يف البحــث أن احلــل الــذي تقدمــه حـ ًـا شــي ًقا‪ ،‬فثمــة مشــكلة ً‬
‫جيــد احلــل شــي ًقا أبـ ًـدا‪ ،‬األفضــل أن تكتــب التــايل‪ :‬حنــن نوضــح أن اســتبدال الذاكــرة العشـوائية حيقــق متوســط زيــادة ثالثــن‬

‫‪145‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫باملائــة يف األداء عــن الوضــع احلــايل وزيــادة مبقــدار اثنــن باملائــة يف التكلفــة‪ ،‬وبذلــك أصبحنــا واضحــن وخمتصريــن‪ ،‬فهــي‬
‫مجلــة واحــدة دقيقــة‪ .‬عنــد شــرح احلــل جيــب أن توضــح مــا الــذي قمــت بدفعــه‪ ،‬ال يوجــد أي شــيء دون مقابــل‪ ،‬إذا كنــت‬
‫ستحســن شــيئًا ال بــد أن تدفــع أمامــه شــيئًا آخــر‪ ،‬الفكــرة أن يكــون مــا قمــت بدفعــه أقــل ممــا كســبت‪ ،‬إذا مل تقــم بذلــك‬
‫ّ‬
‫فإمــا أنــك ختــدع القــارئ‪ ،‬أو أنــك ال تعــي مــا تقــوم بفعلــه بشــكل جيــد‪ ،‬نقطــة أخــرى‪ ،‬إذا نظرنــا للنقطــة الثانيــة علــى‬
‫اليســار‪ ،‬مذكــور هبــا أننــا نــدرس خصائصهــا‪ ،‬فمــاذا يعــي ذلــك؟ ومــا الــذي تــدرس خصائصــه؟ ومــا تلــك اخلصائــص؟ علــى‬
‫اليمــن مكتــوب أننــا نُثبــت أن نظــام الكتابــة قــوي وأن معــدل اإلخفــاق قــل مبقــدار مخســة وثالثــن يف املائــة‪ .‬النقطــة الثالثــة‪،‬‬
‫لقــد قمنــا بالتطبيــق عمليًــا‪ ،‬وقــد ال تثــر اهتمــام القــارئ هبــذه اجلملــة‪ ،‬ولكــن يُفضــل أن تكتــب‪« :‬لقــد اســتخدمنا ُماكيًــا‬
‫كامـ ًـا للنظــام» وهبــذا يصبــح لديــك شــيء ملمــوس تعرضــه علــى القــارئ‪ ،‬فمــن املمكــن أن يتواجــد حبثــك علــى اإلنرتنــت‬
‫فيمــا يُعــرف بتســويق البحــث‪ ،‬فتضــع احملاكــي علــى اإلنرتنــت بعــد انتهائــك مــن البحــث كــي يســتطيع أي شــخص آخــر‬
‫اســتخدامه‪ .‬العناصــر املكتوبــة علــى اليمــن ميكــن أن يُقيّمهــا باحــث آخــر يف جمالــك أو يقــوم بتجربــة األرقــام مــرة أخــرى‬
‫ليتأكــد مــن صحتهــا‪ ،‬أمــا اجلــزء املكتــوب علــى اليســار فــا يليــق بورقــة حبثيــة حــى وإن نــال إعجــاب القــارئ‪.‬‬

‫شكل ‪ 5‬جدول يوضح ما ميكن كتابته وما ال ميكن كتاباته يف الورقة البحثية‬

‫هنــاك خطــأ شــائع جنــده يف معظــم األحبــاث يف هنايــة املقدمــة وهــو قيــام الباحــث بالتحــدث تفصيليًــا عــن كل جــزء مــن‬
‫أجـزاء البحــث ومــا يقدمــه هــذا اجلــزء‪ ،‬وهبــذا حــول الورقــة البحثيــة لروايــة يقــف فيهــا املمثــل وخيــر اجلمهــور بتحركاتــه أو مــا‬
‫ســيفعله يف كل خطــوة‪ ،‬وهــو مــا ال يريــده اجلمهــور بالتأكيــد‪ ،‬حيــث يريــد اجلمهــور أن يشــاهد األمــر كلــه يســر بشــكل‬
‫طبيعــي‪ ،‬مثــل مــوج البحــر‪ ،‬وباملثــل يف الورقــة البحثيــة‪ ،‬تضيــع مســاحة كبــرة يف أمــر ليــس باملهــم يف حــن أنــك ملتــزم بعــدد‬
‫معــن مــن الصفحــات جتــرك عليــه املؤمتـرات واجملــات‪ ،‬وهــذا ال يعــي إنــكار أحقيــة القــارئ مبعرفــة ماهيــة هــذه األجـزاء‪،‬‬
‫ولكــن إذا أراد قـراءة جــزءًا مــا فســينتقل إليــه بــكل ســهولة‪ ،‬فكمــا ذكرنــا يف جــزء اإلســهامات بأننــا ننقــل القــارئ ألجـزاء‬
‫معينــة وبذلــك فأنــت هتكيــل الورقــة يف شــكل أفضــل وتوضــح لــه اإلســهام‪ ،‬فتصبــح البنيــة أفضــل‪ ،‬ويصبــح القــارئ علــى‬
‫درايــة بإســهامك أثنــاء قراءتــه ألجـزاء بعينهــا يف الورقــة‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬الخلفية‪:‬‬
‫ً‬
‫ذكرنــا مــن قبــل أنـواع ال ُقـراء ومنهــم نــوع يف التخصــص العــام وليــس يف ختصصــك الدقيــق‪ ،‬إذا بــدأت التحــدث يف حــل‬

‫‪146‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫صعــب قليـ ًـا‪ ،‬أي حيتــاج معلومــات دقيقــة جـ ًـدا يف هــذا اجملــال قــد يــرك القــارئ العــام الورقــة وإن كانــت ُمقــرح للحصــول‬
‫علــى منحــة فلرمبــا ال يكمــل قراءتــه ويرفــض املقــرح‪.‬‬
‫ـي قصــر وشــرح‪ ،‬أي أنــك ال تذكــر كل شــيء عــن اجملــال‪ ،‬ولكنــك‬ ‫ـرا‪ ،‬وانتبــه لكلمـ َ ْ‬
‫ـرحا قصـ ً‬
‫جــزء اخللفيــة جيــب أن يكــون شـ ً‬
‫تريــد أن تعطيــه مــا ســيحتاج إليــه مــن هــذا اجملــال ليفهــم الورقــة البحثيــة فقــط‪ ،‬ولــذا حتتــاج اخللفيــة الــروي يف التفكــر عنــد‬
‫كتابتهــا‪ .‬فيمكنــك أن تتســاءل مثــا‪ ،‬مــا الــذي حيتــاج إليــه شــخص مــن جمــال علــوم احلاســب وغــر متخصــص يف تصميــم‬
‫املعاجلــات متناهيــة الصغــر كــي يفهــم الورقــة البحثيــة ال ليفهــم تصميــم املعاجلــات متناهيــة الصغــر كلــه؟ وبذلــك يصبــح‬
‫األشــخاص ذوي التخصصــات غــر الدقيقــة ســعداء بقراءهتــم للورقــة‪ ،‬ويف هــذه احلالــة ســيكون مــن مشــجعي ورقتــك‪،‬‬
‫ـررا‪ .‬رمبــا يكــون هــذا األمــر ممـ ًـا لشــخص يف التخصــص الدقيــق وقــد‬ ‫سـواء كانــت ُمقــرح للحصــول علــى منحــة أو كان حمـ ً‬
‫ال يقـرأ جــزء اخللفيــة ويتعــداه إىل مــا بعــده وهــذا أمــر لــن يضايقــه يف شــيء‪.‬‬

‫سادسا‪ ،‬األعمال المتعلقة السابقة‪:‬‬


‫ً‬
‫أثنــاء قـراءة القــارئ للورقــة‪ ،‬وخــال رحلتــه للوصــول لفكرتــك‪ ،‬ال بــد وأن تعــرض عليــه أعمــال الســابقني املتعلقــة بعملــك‪،‬‬
‫فهــذه األعمــال قــد تكــون حـ ًـا ملشــكلة شــبيهة للمشــكلة الــي تعمــل عليهــا‪ ،‬وقــد يكــون إســهامك هــو أن تســتعني هبــذا‬
‫احلــل يف مشــكلتك وتطبقــه علــى حالــة أنــت بصددهــا فتشــر إىل صاحــب احلــل‪.‬‬
‫إذا قمــت باالطــاع علــى أحبــاث كثــرة ســتالحظ أن األعمــال املرتبطــة بعملــك يتــم ذكرهــا قبــل الفكــرة وأحيانـًـا قبــل‬
‫معــا‪ .‬إذا تَطـّـرق لفكرتــك أو نقطتــك البحثيــة الــي حتــاول‬
‫االســتنتاج‪ ،‬أي بعــد التجــارب واملناقشــة‪ ،‬وأحيانًــا تُكتــب فيهمــا ً‬
‫حلهــا أحدهــم مــن قبــل وكان احلــل اخلــاص بــك أفضــل مــن حلّــه‪ ،‬أو أن حلّــه بــه مــن األخطــاء الــي مل يتــم حتســينها أو‬
‫تصحيحهــا‪ ،‬بينمــا حلــك بــه بعــض تصحيــح واألفضليــة فتَ ْذكــر هــذه األعمــال قبــل فكرتــك‪ ،‬أمــا إذا كان عملــك مكمـ ًـا‬
‫معــا يف نظــام أكــر فتعــرض األعمــال املتعلقــة بعملــك بعــد التجــارب واملناقشــة‪،‬‬ ‫ألعمــال الســابقني ومــن املمكــن دجمهــم ً‬
‫أمــا إذا كان البحــث حيتــوي علــى احلالتــن‪ ،‬أي أنــك تقــوم بتحســن حلــول الســابقني وتدجمهــا مــع حلــول أخــرى فتقــوم‬
‫بوضــع جــزء قبــل الفكــرة وآخــر بعــد التجــارب واملناقشــة حســبما تقــوم بــه مــن حتســن أو دمــج‪.‬‬
‫ممــا يتــم مالحظتــه بكثــرة بــن الطــاب اجلــدد يف املاجســتري أو الدكتــوراه‪ ،‬أهنــم يذمــون الســابقني يف جــزء األعمــال الســابقة‬
‫أو املتعلقــة بعملهــم وقــد يصفوهنــم باحلمقــى يف تأكيــد منهــم بأهنــم األفضــل‪ ،‬ويغفــل هــؤالء أن الســابقني حــى وإن كانـوا‬
‫محقــى فإهنــم هــم مــن ســيقيّمون ورقــة الطالــب البحثيــة‪ ،‬أو ســيقرؤوهنا عنــد النشــر‪ ،‬وبفضــل عملهــم هــذا مــا اســتطعت‬
‫متامــا بعمــل‬
‫أنــت أن حتصــل علــى هــذه النقطــة البحثيــة‪ ،‬فأنــت حتــاول أن تضيــف علــى العمــل الســابق ال أن تســتبدله ً‬
‫جديــد‪ .‬مثــال‪ :‬إذا نظــرت لألرقــام القياســية لســباقات املائــة مــر يف األوملبيــاد يف القــرن العش ـرين ســتجدها تقــارب أرقــام‬
‫بطــوالت املــدارس يف وقتنــا احلاضــر وال يعــي ذلــك أهنــم غــر أصحــاء‪ ،‬ولكــن الفكــرة أنــك كلمــا وجــدت أمامــك هدفًــا‬
‫حتــاول اجتيــازه‪ .‬فلــو علمــت أن أفضــل رقــم يف هــذا الســباق هــو تســع ثـو ٍان مثـ ًـا الجتهــدت كــي تتخطــاه‪ ،‬وطاملــا أن مــن‬
‫ـهل عليــك وليــس كمــا لــو مل يكــن هنالــك حـ ًـا أصـ ًـا‪ ،‬ألن النقــد أســهل‬
‫ســبقوك وجــدوا حـ ًـا أصبــح حتســن احلــل أمـًـرا سـ ً‬
‫وضــح أن أفكارهــم‬‫مــن اإلبــداع ألول مــرة‪ .‬هــؤالء العلمــاء الســابقني هلــم الفضــل عليــك‪ ،‬فــا جيــب أن تتطــاول عليهــم بــل ِّ‬
‫كانــت مناســبةً لزماهنــم ولكــن هبــا بعــض النواقــص‪ ،‬وهــذا مــا ســتحاول معاجلتــه‪ ،‬وجيــب عليــك أن تســجل مــا مل تســتطع‬
‫معاجلتــه ألن هــذا هــو العلــم الصحيــح‪ ،‬فالكمــال هلل وحــده‪.‬‬
‫إن مل تذكــر إســهامات مــن ســبقوك فأنــت بــن أمريــن‪ ،‬أحدمهــا أن املراجــع لورقتــك البحثيــة ســيظن أنــك ال تعــرف شــيئًا‬

‫‪147‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫ـرا يف حــل مشــكلة قــد ُحلــت‬ ‫عــن جمالــك والتطــور احلــادث فيــه‪ .‬وهــذا أمــر ُمشــن ألنــك مــن املمكــن أن تضيــع وقتًــا كبـ ً‬
‫مــن قبــل‪ .‬وثانيهمــا قــد يظــن أنــك علــى درايــة بأعمــال مــن ســبقوك يف حــل هــذه املشــكلة ولكنــك مل تذكرهــا وهــو أمــر‬
‫أسـوأ مــن احلالــة األوىل‪ .‬ويف احلالتــن سـ َـرفض حبثــك‪ ،‬ويف احلالــة الثانيــة بالتحديــد ستكتســب مسعــة ســيئة عنــد املراجــع‪،‬‬
‫فيجــب عليــك أن تُعــر أعمــال الســابقني اهتمامــك ولذلــك تســتغرق مراجعــة األحبــاث الســابقة وقتًــا لكــي تقــومُ بعمــل‬
‫جيــد‪ .‬والســرد األديب ليــس معنــاه أن تقــول بــأن فــان قــام بكــذا وآخــر قــام بكــذا‪ ،‬ولكــن توضــح أن هــؤالء لديهــم مشــاكل‬
‫يف نقــاط حمــددة‪ ،‬واألفضــل مــن ذلــك أن تقــول بــأن تلــك املشــكلة ميكــن أن ُتــل بثــاث وجهــات نظــر‪ ،‬مث تذكرهــم‬
‫مجيعــا ومــن عمــل هبــم وبالطبــع جيــب أن تضــع املصــادر وعيــوب كل وجهــة نظــر أو القصــور هبــا وبذلــك تقــوم بالتصنيــف‬ ‫ً‬
‫لنوعيــات احللــول‪ .‬بعــد ذلــك تذكــر أن حبثــك ســيكون مــن وجهــة النظــر الثانيــة – مثـ ًـا – مــع ذكــر نقــاط القــوة هبــا‪ ،‬ومــا‬
‫قمــت بتحســينه وبذلــك تضــع القــارئ يف الصــورة فيعــرف مــا تقــوم بــه‪.‬‬

‫سابعا‪ ،‬الفكرة‪:‬‬
‫ً‬
‫بعــد أن ينتهــي القــارئ مــن االطــاع علــى حمتــوى ورقتــك البحثيــة ويبــدأ يف اســتنتاج أو ختمــن احلــل‪ ،‬يكــون عليــك أن‬
‫ختــره بــه‪ .‬وعندمــا تشــرح فكرتــك ختيــل أنــك تقــوم بشــرحها ألحدهــم وأنــك تقــف أمــام ســبورة‪ ،‬فمثــا كأن ختــره بوجــود‬
‫معادلــة مــا وأشــرت إىل احلــد الثــاين والثالــث وبــأن هــذه احلــدود تعتمــد علــى كــذا وكــذا كأنــك تشــرح‪ِ .‬‬
‫الحــظ بأنــك تشــرح‬
‫فكــرة عامــة وتعطيــه احلكمــة مــن الفكــرة فقــط دون الدخــول يف التطبيــق وبذلــك يكــون لــدى القــارئ البديهيــات ويصبــح‬
‫مــن املمكــن أن ختــره فيمــا بعــد بالتطبيــق‪ .‬قــد تتســاءل ملــاذا جيــب عليــك ذلــك؟ ألن القــارئ قــد ال يهمــه ســوى احلكمــة‬
‫أو الفكــرة األساســية للحــل وال يهمــه التفاصيــل والتطبيــق ومــا إىل ذلــك‪ ،‬فــا يريــد ســوى الفكــرة األساســية ليســتخدمها‬
‫أيضــا‬
‫يف شــيء آخــر‪ ،‬يف هــذه احلالــة لــن يكمــل قـراءة ورقتــك البحثيــة ألنــه يريــد هــذا اجلــزء حتديــدا وهبــذا تكــون قــد أفدتــه ً‬
‫كمــا أنــه ســيعطي مكانــة لعملــك املقــدم‪.‬‬
‫ُ‬
‫أثناء الكتابة‪ ،‬عليك أن تضع في اعتبارك‬
‫أن قــارئ ورقتــك البحثيــة ال بــد أن يتأكــد مــن ماهيــة فكرتــك‪ .‬ال جتعلــه بعــد انتهائــه مــن قراءهتــا يتســاءل عــن الفكــرة‪ ،‬مــاذا‬
‫كانــت بالضبــط؟ رغــم إعجابــه بالورقــة نفســها‪ .‬ال بــد أن تتأكــد بنســبة مائــة باملائــة أنــك أخربتــه باملشــكلة الــي تقــوم حبلهــا‬
‫عامــا‪ ،‬ال بــد وأن جتــد مجلــة يف الورقــة تذكــر ( الفكــرة األساســية مــن الورقــة البحثيــة هــي‪) ..‬‬ ‫يف الورقــة وال تــرك األمــر ً‬
‫حــى لــو كانــت اجلملــة بعــد هــذا اجلــزء عامــة‪ ،‬لكــن علــى األقــل ســيعرف القــارئ بــأن هــذه هــي الفكــرة أو ســيتعرف علــى‬
‫مــا تقــوم حبلــه‪ ،‬أو تســرد لــه مــا قدمتــه هــذه الورقــة‪ ،‬ال تدعــه يســتنتج وحــده‪ ،‬ألن القــارئ مــن املمكــن أال ميتلــك املعرفــة‬
‫الكافيــة هبــذا التخصــص وفكرتــك معتمــدة علــى عمــل أشــخاص آخريــن فتقــوم أنــت برتكيبهــم جنبًــا إىل جنــب ومــن مث‬
‫تضيــف اجلــزء اخلــاص بــك فيعتقــد هــو خطًــا أن كل هــذه األجـزاء ملــكك ومــن أفــكارك أنــت‪ ،‬فيصبــح لز ًامــا عليــك أن‬
‫ـكارا قيمــة جـ ًـدا لكــن خيطــئ بعــض‬‫ختــره مــن البدايــة باألج ـزاء الــي قمــت بإضافتهــا‪ .‬هنــاك أوراق حبثيــة كثــرة حتــوي أفـ ً‬
‫الباحثــن بعــدم حتديــد مــا قامـوا بــه وينتــج عــن هــذا عــدم قــدرة القــارئ علــى حتديــد دور الباحــث‪ ،‬مــن املمكــن أال يســتطيع‬
‫اإلشــارة إىل ورقتــك أو يشــر إليهــا فتضعــه يف مشــكلة‪.‬‬
‫يف مرحلــة جــذب القــارئ ولكــي تعــرض عليــه احلــل ال بــد أن يصــل القــارئ لنقطــة االنبهــار‪ ،‬هــذه هــي الفكــرة! وهــذا ال‬
‫يعــي أن تكــون الفكــرة معقــدة‪ ،‬مــن املمكــن أن تكــون الفكــرة بســيطة جـ ًـدا لكنــك جتعلــه يتســاءل ملــاذا مل تــدر بذهنــه‬
‫مــن قبــل؟ ويتأكــد مــن كوهنــا هــي احلــل للمشــكلة‪ .‬األفــكار كلمــا كانــت أبســط كلمــا كان إجيادهــا أصعــب ألن األفــكار‬

‫‪148‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫املعقــدة كثــرة والعثــور عليهــا ســهل‪ ،‬لكــن األصعــب هــو حــل نفــس املشــكلة بفكــرة أســهل وأبســط مثلمــا قــال أينشــتاين‬
‫يف مقولتــه املشــهورة‪ »:‬كل شــيء جيــب أن يكــون بســيطًا قــدر اإلمــكان «‪ ،‬دون أن تتحــول بالطبــع إىل هـراء‪ .‬يف بدايــة‬
‫ـادرا علــى حتديــد نقطــة االنبهــار هــذه بالضبــط يف الورقــة‪ ،‬لكــن مــع كتابتــك ألجـزاء‬
‫كتابتــك للورقــة البحثيــة لــن تكــون قـ ً‬
‫ـادرا علــى حتديــد اجلــزء الــذي ســيبهر القــارئ بعدمــا أخــذت بيــده خطــوة خبطــوة‬
‫كثــرة وعنــد اقرتابــك مــن النهايــة تصبــح قـ ً‬
‫يف البحــث وقمــت بتعريفــه علــى النقطــة األساســية‪ ،‬هــذه هــي نقطــة االنبهــار‪.‬‬
‫كل منهــا يف ورقــة حبثيــة منفصلــة وذلــك لســببني‪ ،‬أوهلمــا‪ :‬أنــك‬ ‫إذا كان لديــك العديــد مــن األفــكار اجليــدة عليــك أن تضــع ً‬
‫لــن تعلــم إىل أي نــوع ينتمــي قــارئ ورقتــك البحثيــة‪ ،‬أنــت كمــن يكتــب موســوعة «‪ .»Encyclopedia‬وثانيهمــا‪:‬‬
‫أن القــارئ لــن يســتطيع التمييــز هــل الفكــرة جيــدة أم ال؟ هــل هــو مهتــم هبــا أم ال؟ وهبــذا ســيدخل يف حالــة مــن احلــرة‪.‬‬
‫ميكنــك أن تبهــر القــارئ بفكرتــك اجليــدة وبالطريقــة الــي انتهجتهــا يف التجــارب‪ .‬ميكنــك أن تثبــت الفكــرة بعــدد خمتلــف‬
‫ختصصــا طبيًــا أو‬
‫ً‬ ‫مــن التطبيقــات أو التجــارب حســب التخصــص‪ ،‬إذا كان هندســيًا ال بــد وأن تبــي شــيئًا‪ ،‬أمــا إذا كان‬
‫كيميائيًــا أو فســيولوجيًا أو ســيكولوجيًا فــا بــد مــن التجــارب‪ ،‬مطلــوب منــك إهبــاره بالفكــرة وتطبيقهــا‪ ،‬ألن القــارئ قــد ال‬
‫اجعــا‪ .‬قــارئ‬
‫تعجبــه الفكــرة لكــن يُعجــب بطريقــة تطبيقهــا ويف هــذه احلالــة مــن املمكــن أن يقبــل الورقــة البحثيــة إذا كان ُمر ً‬
‫آخــر مــن املمكــن أال تُثــر طريقــة التطبيــق اهتمامــه ولكــن الفكــرة ذاهتــا أهبرتــه وأدرك أهنــا هــي مــا كان ينتظــره‪ .‬الحــظ أنــك‬
‫تتحــرك يف خــط أفقــي بــن مــن هــو خــارج ختصصــك الدقيــق وبــن مــن هــو داخلــه وال تريــد إغضابــه‪ ،‬وتتحــرك يف خــط‬
‫عجــب القــارئ بواحــدة أُعجــب باألخــرى‪.‬‬ ‫رأســي بــن الفكــرة والتطبيــق‪ ،‬حتتــاج أن تراعــي إحدامهــا فــإن مل يُ َ‬
‫إ ًذا‪ ،‬خيــرج القــارئ بالفكــرة عنــد انتهائــه مــن ق ـراءة ورقتــك البحثيــة‪ ،‬ولكــن مــا الفكــرة نفســها؟ ال تقــل لــه ســنضع هــذه‬
‫جوار تلك وســتعمل! ولكن قم بشــرح الفكرة وكيف حضرت إىل ذهنك واعطه األســباب اليت ترى أن فكرتك ســتعمل‬
‫بصـ ُـره كأنــك تعطيــه املعرفــة وليــس جمــرد معلومــة‪ ،‬عندمــا يقـرأ الورقــة ســرى كيــف تعمــل الفكــرة‬
‫مــن أجلهــا وبالتــايل أنــت تُ ِّ‬
‫وســيتمىن لــو كان بوســعه معرفــة هــذه املعلومــات مــن قبــل‪ ،‬فاحلكمــة هــي األهــم ألن بعــد عامــن أو ثالثــة لــن يتذكــر مــن‬
‫ق ـرأ ورقتــك كيــف قمــت بالتجربــة أو التطبيــق‪ ،‬ولكنــه ســيذكر بالتأكيــد الفكــرة العامــة وهــي احلكمــة مــن ورقتــك وهــذه‬
‫احلكمــة توضــع يف االســتنتاج‪.‬‬
‫أول‬
‫أثناء الكتابة‪ ،‬القارئ ً‬
‫جيــب أن يكــون القــارئ هــو احملــور األهــم لديــك‪ ،‬فــا ينبغــي عنــد كتابــة حبثــك أن يكــون هدفــك الرئيســي أن تتفاخــر بــه‬
‫أو أن تضعــه يف سـرتك الذاتيــة‪ ،‬بــل جيــب أن يكــون لزيــادة املعرفــة اإلنســانية وإفــادة النــاس‪ .‬ومبعــى آخــر‪ ،‬ال تكتــب قصــة‬
‫كفاحــك مــع البحــث واملصاعــب الــي واجهتــك‪ ،‬ألن هــذا كلــه وإن كان ذا أمهيــة كبــرة لــك إال أنــه ال ميثــل أي أمهيــة‬
‫للقــارئ وجيــب أن تبحــث عــن أفضــل طريقــة تشــرح هبــا فكرتــك للقــارئ وليــس لــك‪.‬‬
‫ولقــد ذكرنــا قبــل ذلــك أن التسلســل يف عمــل التجــارب ليــس بنفــس التسلســل الــذي ســتذكره يف البحــث‪ ،‬ألن اهلــدف‬
‫مــن ذكــره هــو أن يســاعد القــارئ علــى الفهــم‪ ،‬فتذكــر فيــه التجــارب الناجحــة وتتجنــب التجــارب الــي فشــلت ومل تؤثــر يف‬
‫دائمــا نُصــب عينيــك‪ ،‬فمــن املمكــن أن تشــرح بطريقــة مــا فــا يســتوعبها ال ُقـراء‪ ،‬ومــن‬
‫النتائــج‪ .‬وجيــب أن تضــع القــارئ ً‬
‫مجيعــا‪.‬‬
‫املمكــن أن تشــرح بطريقــة أخــرى فيســتوعبها معظمهــم‪ ،‬أو أن تشــرحها بطريقــة ثالثــة فيســتوعبوها ً‬
‫مــن الســهل علــى العامــل بالتدريــس أن يكتــب ورقـةً علميــة‪ ،‬لعلمــه بســيكولوجية القــارئ جيــداَ‪ ،‬وخبصــوص هــذا األمــر‪،‬‬
‫إذا وجــدت أن حبثــك مكتــوب بطريقــة صعبــة فاعلــم أنــك مل تفهــم الفكــرة حــى اآلن‪.‬‬

‫‪149‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫لــذا جيــب عليــك وضــع القــارئ أمــام ناظريــك‪ ،‬وأن تبحــث عــن أفضــل وســيلة إليصــال فكرتــك لــه واحــرص علــى أن ُت ِّســن‬
‫فهما للفكرة‪.‬‬
‫أسلوبك يف الكتابة أو أن تزداد ً‬
‫ثامنًا‪ ،‬األمثلة من أركان الورقة البحثية‪:‬‬
‫أهــم عامــل يف كتابــة الورقــة البحثيــة هــو ِذكــر أمثلــة كثــرة علــى الفكــرة‪ ،‬وهــذا حيتــاج إىل تفكــر ونظــر يف عملــك الــذي‬
‫أجنزتــه‪ .‬وكلمــا تدبــرت وشــرحت باألمثلــة ســتتعمق يف فهــم حبثــك أكثــر فأكثــر‪ ،‬وتســتطيع بعــد ذلــك أن حتســنه‪ .‬فاألمثلــة‬
‫مــن أهــم عناصــر الورقــة البحثيــة‪.‬‬
‫إن أفضــل األوراق البحثيــة الــي ُكتبــت علــى مــدار التاريــخ العلمــي هــي الــي تذخــر باألمثلــة‪ .‬ومــن األمثلــة نســتطيع أن‬
‫وتوضــع األمثلــة‬
‫نســتنتج التسلســل املنطقــي يف البحــث والــذي جيــذب القــارئ الســتكمال القـراءة ويعمــق الفكــرة يف ذهنــه‪َ .‬‬
‫يف أثنــاء الشــرح أو يف املقدمــة أو يف املراجعــة‪ ،‬فتذكــر أعمــال أنــاس آخريــن وتبــن القصــور يف عملهــم بوضــع مثــال يوضــح‬
‫هــذا القصــور وأنــك عاجلــت موضــع القصــور ببحثــك هــذا‪.‬‬
‫حيــث تســتخدمها لتُــرز مــا احتــوت عليــه مــن قصــور أو عقبــات كانــت ســببًا يف نشــأة فكــرة البحــث لديــك‪ ،‬وهــذا هــو‬
‫التسلســل املنطقــي الــذي دائمــا مــا يبــدأ بأمثلــة‪ .‬وإذا الحظــت ‪ -‬عزيــزي القــارئ ‪ -‬أن أفضــل املقــاالت الــي تُقـرأ ‪ -‬أيًــا‬
‫ـال كان‪ ،‬علمــي أو غــر علمــي ‪ -‬هــي املقــاالت‬ ‫كان مــكان هــذه املقــاالت جرائــد أو كتــب‪ ،‬وبــأي لغـ ٍـة كانــت ويف أي جمـ ٍ‬
‫بســط طريقــة الشــرح‪ .‬وهــذه األمثلــة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الــي تبــدأ دائمــا مبثــال أو بقصــة‪ ،‬ألهنــا بذلــك تعطيــك اإلطــار العــام للموضــوع ممــا يُ ّ‬
‫مــن املمكــن أن تضعهــا يف أثنــاء شــرح فكرتــك‪ ،‬أو يف املقدمــة‪ ،‬أو يف املراجعــة‪ ،‬حــى تُقنــع القــارئ بأمهيــة البحــث الــذي‬
‫تعمــل عليــه‪ ،‬ومــن املمكــن أن تضعهــا يف مراجعــة األحبــاث الســابقة‪.‬‬
‫التفاصيل والبرهان في الورقة البحثية‪:‬‬
‫بعــد أن قدمــت األمثلــة والبديهيــات تبــدأ يف شــرح تفاصيــل الفكــرة‪ ،‬وينبغــي أن تكــون عمليــة الشــرح دقيقــة‪ .‬كذلــك‪ ،‬ال‬
‫بــد أن يكــون عملــك مــررا‪ ،‬فتـ ِرز الســبب مــن كل شـ ٍ‬
‫ـيء فعلتــه‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬إذا ذكــرت يف ثنايــا البحــث أن قيمــة‬ ‫ُ ً ُ‬
‫س=‪ ،10‬إذن ال بــد وأن توضــح ســببًا علميًــا لذلــك – فــا يوجــد شــيئًا اعتباطيًــا يف العلــم ‪ -‬وإال ستســقط يف خطــأ‬
‫«لقــد قمــت بتجربتهــا وكانــت هــذه هــي النتيجــة»‪ .‬فأهــم عنصريــن يف البحــث مهــا‪ :‬التفاصيــل والتربيــر‪ ،‬فلــو توقــف القــارئ‬
‫ـائل ملــاذا؟ فمعــي ذلــك أن هنالــك شــيء خاطــئ يف عملــك قــد يــؤدي إىل رفــض أو تأجيــل نشــر البحــث‬ ‫للبحــث متسـ ً‬
‫حــى يرســل لــك احملــرر طالبًــا منــك تربيــر عرضــك لنقطــة مــا مبهمــة يف البحــث‪.‬‬

‫تاسعا‪ ،‬التجارب والمناقشة‪:‬‬


‫ً‬
‫يــأيت وقــت املرحلــة التاليــة وهــي أن تربهــن علــى صحــة فكرتــك‪ ،‬وذلــك يتأتــى مــن التجــارب الــي قمــت هبــا‪ ،‬فعندمــا‬
‫تبــدأ يف شــرح التجــارب –ولقــد ُكتبــت العديــد مــن املقــاالت يف اجملــات العلميــة مثــل‪Science، American :‬‬
‫‪ ،Science، Scientists‬عــن موضــوع شــرح التجــارب يف الورقــة البحثيــة ‪ -‬ال بــد وأن تشــرح األجهــزة والربامــج الــي‬
‫اســتخدمتها يف هــذه التجــارب حبيــث يكــون باســتطاعة مــن يقـرأ ورقتــك البحثيــة أن يــؤدي نفــس التجــارب الــي قمــت هبــا‪،‬‬
‫فــإن مل يســتطع فهــذا يــدل علــى وجــود خطــأ مــا يف عملــك وأن مــا قمــت بــه مــن جتــارب لــن يســتطيع أحــد أن يكررهــا‪.‬‬
‫هناك عدد من اخلطوات اليت جيب أن حترص عليها يف مناقشاتك‪:‬‬

‫‪150‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫أول‪ :‬أن تقارن نتائجك مع النتائج اليت توصل إليها باحثون آخرون‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيًا‪ :‬تستعرض من يؤيدك منهم يف نتائجك ومن يعارضك‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬توضح سبب حصول من يعارضك على نتائج خمالفة لك وملاذا توصل من يؤيدك إىل نفس نتائجك‪.‬‬
‫فالحــظ عزيــزي القــارئ أنــك مــن املمكــن أن يكــون لديــك فكــرة جديــدة‪ ،‬ولكــن آخــر لديــه فكــرة أفضــل‪ ،‬فــا بــد أن‬
‫يقارهنــا بفكرتــك فــإن مل يســتطع فهــذا يــدل علــي وجــود مشــكلة‪ ،‬وبعــض النــاس خيشــى مــن شــرح إعــدادات التجربــة ‪-‬‬
‫مثــل األجهــزة املســتخدمة وطريقــة توصيلهــا ‪ -‬ألنــه خيشــى خــروج نتائــج خمتلفــة لــدى مــن يقــوم بتكـرار نفــس التجــارب‪،‬‬
‫ـيء مــا‪ ،‬لذلــك إن أخطــأت يف شـ ٍ‬
‫ـيء ســيظهر بعــد ذلــك فمــن املمكــن أن تنبــه إليــه بــأن‬ ‫فيــدل ذلــك علــى خطئــه يف شـ ٍ‬
‫تنشــر يف جملـ ٍـة عــن هــذا اخلطــأ ‪ -‬لعــدم رغبتــك يف خــداع النــاس ‪ -‬وهــذا مــا يســاعد يف مســرة العلــم بــأن حيــاول اآلخــرون‬
‫تكرار جتاربك أو حتســينها أو اســتخدامها يف عملهم‪ ،‬لذلك فان إعدادات التجارب من أهم العناصر يف البحث‪ ،‬وإن‬
‫كانــت ختتلــف مــن جمــال آلخــر‪ ،‬حيــث يقــل وجودهــا يف اجملــاالت النظريــة مثــل الفيزيــاء النظريــة والــي تكــون معتمــدة يف‬
‫الغالــب علــي املعــادالت الرياضيــة‪ ،‬بينمــا يف اجملــاالت التطبيقيــة يتــم اســتخدام أجهــزة غاليــة الثمــن يصــل مثنهــا إيل ماليــن‬
‫فيوضــح الباحــث‬ ‫اجلنيهــات‪ ،‬بينمــا يف حالــة الباحثــن يف جمــال هندســة احلاســب‪ ،‬حيــث يتــم اســتخدام جهــاز احملــاكاة ِّ‬
‫نوعــه وطريقــة إعــداده واملدخــات الــي أدخلهــا إليــه‪.‬‬
‫لــذا – عزيــزي القــارئ – مــن املهــم جـ ًـدا التأكــد مــن صحــة إعــدادات التجــارب بــأن جتعــل نفســك يف موضــع القــارئ‬
‫وتســأل نفســك‪ ،‬هــل يســتطيع القــارئ أن يقــوم بنفــس التجــارب بعــد أن ينتهــي مــن قـراءة إعــدادات التجــارب الــي كتبتُهــا؟‬
‫أم ســيضطر أن يراســلين ليستفســر عــن كيفيــة عملــي للتجربــة؟‬
‫بعــد انتهائــك مــن شــرح إعــدادات التجــارب تبــدأ يف شــرح التجــارب نفســها‪ ،‬وتســتخرج بعــض األشــكال التوضيحيــة‪،‬‬
‫وأثنــاء ذلــك ال بــد وأن تبتعــد عــن ُجــل مــن قبيــل «كمــا نــرى مــن الشــكل البيــاين رقــم ســتة فــإن (س) تزيــد مــع (ص)‪،‬‬
‫ـام تــدل تلــك العالقــة؟ واألهــم مــن هــذا وذاك مــا احلــاالت الــي‬
‫ألن املهــم هــو ملــاذا تزيــد (س) مــع (ص)؟ واألهــم هــو عـ َ‬
‫ال تزيــد فيهــا ص بزيــادة س؟ ولكــن أن تكتفــي بقــول (س) تزيــد مــع (ص) فهــذا يعــرض ورقتــك البحثيــة للرفــض‪ ،‬لــذا‬
‫ـهل‪ ،‬فقــد يكــون لديــك فكــرة جيــدة والنتائــج الــي‬ ‫وجــب أن نضــع ذلــك نُصــب أعيننــا‪ ،‬ويف احلقيقــة فــإن هــذا ليــس سـ ً‬
‫حصلــت عليهــا مــن التجــارب جيــدةٌ جـ ًـدا‪ ،‬لكنــك ال تعلــم ســبب خــروج هــذه النتائــج هبــذه اجلــودة العاليــة‪ ،‬ومــرًة أخــرى‬
‫نتذكــر قــول القائــل «لقــد قمــت بتجربتهــا وكانــت هــذه هــي النتيجــة»‪ ،‬ويف بعــض األحيــان تكــون األرقــام الناجتــة كلهــا‬
‫جيــدة عــدا رقــم واحــد نتيجتــه ســيئة‪ ،‬فــا تعلــم ملــا هــذا الرقــم نتيجتــه ســيئة؟ فتبــدأ بالنظــر إىل خطـوات عملــك مــرة أخــرى‬
‫طويل‪ ،‬لذلك‬ ‫ـائل‪ :‬هل اخلطأ من جهاز احملاكاة أم من التجربة نفســها علي احلاســب؟ وهذه العملية تســتغرق وقتا ً‬ ‫متسـ ً‬
‫فالتحليــل يعــي أنــك ال تبــدأ بالنشــر مبجــرد خــروج نتائــج جيــدة يف البحــث‪ ،‬بــل بالعكــس فهــذه املناقشــة هــي الــي جتعــل‬
‫اآلخريــن يأخــذون احلكمــة النهائيــة مــن عملــك‪ ،‬فبعــد عامــن أو ثالثــة لــن يتذكــر اآلخــرون األرقــام ال ـواردة يف حبثــك‪،‬‬
‫ولكــن ســيتذكرون احلكمــة مــن عملــك‪.‬‬

‫عاشرا‪ ،‬االستنتاج والخاتمة‪:‬‬


‫ً‬
‫يف كل نقطــة تضعهــا يف اســتنتاجاتك‪ ،‬جيــب أن يكــون هلــا جــزء يف املناقشــات داخــل رســالتك‪ ،‬وهــذا يعــي أنــه ال بــد مــن‬
‫وجــود دالئــل علــى اســتنتاجاتك مصدرهــا هــو حبثــك ومقارناتــك بــن اســتنتاجاتك وغريهــا مــن االســتنتاجات الـواردة يف‬

‫‪151‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫األحبــاث الســابقة‪.‬‬
‫أمــا عــن اخلامتــة إن كانــت فكرتــك عــن اخلامتــة هــي تلخيــص الورقــة البحثيــة ‪ -‬كأن تســرد مــا قمــت بعملــه‪ ،‬وأن تقــول إننــا‬
‫قمنــا حبــل املشــكلة‪ ،‬واكتشــفنا أن هــذا احلــل أفضــل مــن احللــول األخــرى بنســبة ثالثــن باملائــة مثـ ًـا ‪ -‬مث تُنهــي اخلامتــة‬
‫عنــد ذلــك فــإن هــذا الــكالم ال وزن لــه‪ ،‬ألن مــن وصــل إىل هــذه النقطــة يعــرف هــذا الــكالم‪ ،‬وأنــت يف هــذه الفقــرة مل‬
‫تُضــف إليــه جديـ ًـدا‪ ،‬ولكــن الفكــرة مــن اخلامتــة هــي أن تلخــص للقــارئ الــرؤى‪ ،‬أي أنــك تعطــي القــارئ الفكــرة العامــة مــن‬
‫البحــث‪ ،‬فهــذا مــا ســيتذكره القــارئ‪.‬‬
‫حيبــذ البعــض وضــع خطــط العمــل املســتقبلية‪ ،‬فمثــا‪ ،‬توضــح بــأن احلــل املقــرح ليــس احلــل النهائــي‪ ،‬فلقــد قدمنــا حــل اجلــزء‬
‫األول مــن املشــكلة‪ ،‬أمــا اجلــزء الثــاين مــن املشــكلة فســنقوم بتقــدمي حلــه يف الورقــة البحثيــة التاليــة‪ ،‬فهــذا ممكــن وحيــدث‬
‫بكثــرة يف حــن أن بعــض النــاس خيشــون مــن وضــع خطــط العمــل املســتقبلية اخلاصــة هبــم حــى ال يســرقها البعــض ويعمــل‬
‫عليهــا‪ ،‬وهــذا ليــس باملنافســة الشـريفة فلــو كان هنــاك عمــل مســتقبلي فمــن األفضــل أن تذكــره‪.‬‬
‫وقــد يط ـرأ علــى ذهنــك ‪ -‬عزيــزي القــارئ ‪ -‬س ـؤال وهــو مــا الفــرق بــن امللخــص واخلامتــة؟ امللخــص هــو مــا تقــوم مــن‬
‫خاللــه بتلخيــص البحــث‪ ،‬فتذكــر مــا املشــكلة‪ ،‬وكيــف قمــت حبلهــا‪ ،‬ومــا النتائــج‪ .‬أمــا اخلامتــة‪ ،‬فمــن خالهلــا ختــر القــارئ‬
‫عــن ســبب وفلســفة خــروج هــذه النتائــج اجليــدة‪ ،‬وعــن ســبب مالئمــة احلــل الــذي قدمتــه‪ ،‬وعــن الصفــات الــي جيــب أن‬
‫تكــون موجــودة يف احلــل حــى يصبــح مناســبًا‪ ،‬ومــا ميكــن اســتخدامه فيــه‪ ،‬وباختصــار فــإن مــا يكتبــه الباحــث يف اخلامتــة‬
‫هــو مــا يريــد أن يتذكــره القــارئ بعــد عامــن مــن القـراءة‪ ،‬هــذا إن مل يقــم أحدهــم بعمـ ٍـل أفضــل ممــا قمــت بــه بعــد ذلــك‪،‬‬
‫فبعــض النــاس يقولــون إن قــوة الورقــة البحثيــة تُقــاس بعــدد األوراق البحثيــة الــي مت هتميشــها بســبب تلــك الورقــة البحثيــة‬
‫ألهنــا أفضــل منهــا‪ .‬ففــي جمــال التكنولوجيــا لــو ابتكــرت تقنيــة جديــدة وأخرجــت نتائــج أفضــل بعشــرة يف املائــة أو أعلــى مــن‬
‫أفضــل تقنيــة موجــودة فعــاد ًة مــا تســمى هــذه التقنيــة اجلديــدة»‪ Disruptive Technology‬التقنيــة اإلحالليــة»‬
‫وذلــك يعــي أنــك قمــت بعمــل شـ ٍ‬
‫ـيء جديـ ٍـد جـ ًـدا‪ ،‬ومــن املمكــن أن يتوقــف اســتخدام التقنيــات القدميــة وتُســتبدل بالتقنيــة‬
‫الــي قدمتهــا‪ ،‬أمــا إذا كانــت النتائــج تـراوح بــن مخســة إىل عشــرة باملائــة فهــذا هــو املعــدل الطبيعــي جلــودة العمــل‪ ،‬ومــن‬
‫املمكــن أن يســتخدمها النــاس أو ال يســتخدموهنا‪ .‬أمــا إن كانــت النتائــج أقــل مــن مخســة باملائــة‪ ،‬فعــاد ًة مــا يســمى ذلــك‬
‫باخلطــأ الصفــري لعــدم وجــود قياســات متطابقــة بنســبة مائــة باملائــة‪ ،‬فلــو حســنت النتائــج األصليــة بنســبة ثالثــة باملائــة –‬
‫مثـ ًـا– فــا قيمــة هلــا‪.‬‬

‫احذر السرقة األدبية‬


‫نفــرض عــدم رغبــة أحــد يف الغــش‪ ،‬ولكننــا نتعــرض هنــا لبعــض األشــياء الــي قــد تقــوم هبــا ويتــم اعتبارهــا يف اجملــات‬
‫نوعــا مــن الغــش يف حــن أنــك مل تقصــده‪.‬‬ ‫واملؤمت ـرات العلميــة ً‬
‫أول‪ ،‬ال ميكــن أن تقتبــس أي شــيء مــن ورقـ ٍـة حبثيـ ٍـة أخــري إال بعــد أن تذكــر مصدرهــا‪ .‬ثانيًــا‪ ،‬لــو نظــرت إىل أصــل كلمــة‬
‫ً‬
‫‪ plagiarism‬لرأيــت أنــه يــأيت مــن الكلمــة الالتينــة «خاطــف‪ ) plagiarius ،‬والــي تعــي أنــك خطفــت شــيئا‪ ،‬فلــو‬
‫أخــذت أكثــر مــن مجلتــن –تقريبًــا – مــن أي ورقــة حبثيــة أخــري يعــد ذلــك ســرقة أدبيــة‪ .‬ولكنــك إن أردت هــذا اجلــزء مــن‬
‫هــذا البحــث فيجــب أن تلخصــه بأســلوبك‪ ،‬وأن تذكــر املصــدر واملرجــع ال أن تقــوم بالقــص واللصــق‪ ،‬وإذا أردت اقتبــاس‬
‫صــورة أو شــكل بيــاين فــا ميكنــك ذلــك إال بعــد إذن الناشــر‪ ،‬مــع وجــوب ذكــر املرجــع هلــذه الصــورة أو الشــكل البيــاين‪،‬‬

‫‪152‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫وإن مل تفعــل فســيُعترب هــذا ســرقة‪.‬‬
‫أيضــا علــى أحباثــك الشــخصية الــي قمــت بنشــرها‪ ،‬فــا ينبغــي أن‬ ‫وال بــد أن تأخــذ يف االعتبــار أن هــذا األمــر ينطبــق ً‬
‫تقتبــس نصــف صفحــة مــن حبــث قمــت بنشــره الســتخدامه يف حبــث آخــر‪ ،‬ألن هــذا اجلــزء مت نشــره مــن قبــل وال ميكــن‬
‫نشــره مرتــن فيُعتــر ذلــك غــش ذايت ولــذا جيــب أن هتتــم جيـ ًـدا هبــذه اجلزئيــة‪ ،‬ألنــك مــن املمكــن أن تقــوم هبــا دون قصــد‬
‫وينتهــي األمــر برفــض الورقــة البحثيــة والتأثــر علــى مسعتــك البحثيــة أحيانًــا‪.‬‬
‫قــد يرغــب الباحــث يف أخــذ ورقــة حبثيــة كاملــة ليضعهــا يف كتــاب‪ ،‬ويف هــذه احلالــة جيــب أن يأخــذ حــق الطبــع مــن ناشــر‬
‫البحــث الــذي نشــره يف جملــة أو مؤمتــر‪ ،‬ويكــون هــذا اإلذن –غالبــا‪ -‬نظــر مبلــغ مــايل‪ ،‬وجيــب أن تأخــذ هــذه اجلزئيــة يف‬
‫االعتبــار‪ .‬مــن األمهيــة أن نركــز علــى بعــض املفاهيــم الــي نســتنبطها مــن حديثنــا الســالف‪ ،‬ومنهــا أن تقنيــة الكتابــة العلميــة‬
‫مهــارة وليســت موهبــة مثــل الشــعر والروايــة‪ ،‬ومبــا أهنــا مهــارة فيمكــن تعلمهــا‪ ،‬وال يصــح قــول القائــل بأنــه مولــود وليــس لديــه‬
‫مقطعــا مــن ورقــة‬
‫تلــك املهــارة‪ ،‬وقــد وضحنــا بالفصــل الســابق كيفيــة تعلمهــا‪ ،‬بــأن تقــوم خبطــوة مــا كل أســبوع‪ ،‬وأن تقـرأ ً‬
‫حبثيــة‪ ،‬مث تكتبــه بطريقتــك وتالحــظ الفــرق‪ ،‬فهــذا كلــه يرفــع مــن مهارتــك‪ ،‬وال يوجــد ســقف لتلــك املهــارة ولكــن جيــب أن‬
‫تطورهــا بشــكل مســتمر‪ ،‬وهــي بــا شــك عمليــة صعبــه كتعلــم أي مهــارة أخــري‪ ،‬ولكــن يف نفــس الوقــت جائزهتــا كبــرة‬
‫جـ ًـدا‪ .‬ولكــن ملــاذا يـَُعــد تعلــم تلــك املهــارة أمـًـرا صعبًــا؟ ألن قـراءة شــيء كتبتــه بنفســك رغبـةً يف حتســينه يـَُعــد أمـًـرا ممـ ًـا جــداٌ‪،‬‬
‫ـيء كتبــه شــخص آخــر مث تعيــد كتابتــه بأســلوبك مث املقارنــة بينهمــا عمليــة مملــة جـ ًـدا وتتطلــب تركيـًـزا‪ ،‬لذلــك‬ ‫وكــذا قـراءة شـ ٍ‬
‫قنعــا نفســه بأنــه أجنــز املطلــوب‪ ،‬ولكــن ذلــك لــن يــؤدي لتحســن املهــارة لديــه‪.‬‬ ‫قــد يلجــأ البعــض إىل املــرور سـر ًيعا عليهــا ُم ً‬
‫جيــب عليــك أن تــداوم علــى التدريــب‪ ،‬ومــن املعــروف أن التدريــب يكــون مصحوبًــا مبلــل‪ ،‬لــذا فمــن الطبيعــي أن تشــعر‬
‫بالضيــق والتعــب أثنــاء كتابــة ورقتــك البحثيــة وحماولــة حتســينها‪ ،‬ويتضمــن ذلــك اللغــة اإلجنليزيــة – لغــة العلــم حاليًــا ‪ -‬كمــا‬
‫كانــت اللغــة العربيــة يف الســابق هــي لغــة العلــم‪ ،‬فــكان العجــم مــن فــارس والــروم يتعلموهنــا ليفهمـوا األحبــاث الــي كانــت‬
‫تُكتــب يف ذلــك العصــر‪ ،‬ولكــن األمــر اجليــد أن اإلجنليزيــة املطلوبــة لفهــم أو كتابــة البحــث العلمــي أقــل مــن اإلجنليزيــة‬
‫املطلوبــة لقـراءة الروايــات اإلجنليزيــة والــي حتتــاج ملصطلحــات ومرادفــات أكثــر للتعبــر عــن األحاســيس املتضمنــة هبــا علــى‬
‫عكــس األحبــاث العلميــة‪.‬‬

‫أسئلة وأجوبة متعلقة بالفصل السادس‬


‫‪ .1‬هل توضع الجزئية التي تمت صياغتها بين عالمتي اقتباس‪ ،‬وما قاعدة االقتباس؟‬
‫ج‪ :‬بصفــة عامــة إن كنــت قــد اقتبســت بالنــص مجلــة أو مجلتــن‪ ،‬ينبغــي أن تضــع مــا اقتبســت بــن عالمــي اقتبــاس‪،‬‬
‫ولكــن إن اقتبســت أكثــر مــن ذلــك فيجــب أن ختتصرهــا بأســلوبك وال تضعهــا بــن عالمــي اقتبــاس مث تذكــر املرجــع‪،‬‬
‫اقتباســا لفكــرة شــخص آخــر‪.‬‬
‫ألن ذلــك يعــد ً‬
‫‪ .2‬ما البرامج المتميزة لكتابة البحث؟‬
‫ج‪ -‬شخصيًا ال أحبذ استخدام الـ ‪ MS Word‬يف الكتابة ولكن أفضل استخدام لغة معينه تدعى «‪،»latex‬‬
‫رمبــا تعلُّــم هــذه اللغــة صعــب إىل حـ ٍـد مــا‪ ،‬ولكــن ميزهتــا أهنــا ُمســتخدمة يف أي جمــال حتتــاج فيــه إىل معــادالت رياضيــة‬
‫ـهل للغايــة ‪ -‬ويوجــد الكثــر مــن الربامــج‬
‫أو برامــج خوارزميــة وخالفــه‪ .‬ومبجــرد تعلمــك هلــذه اللغــة يصبــح اســتخدامها سـ ً‬

‫‪153‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫الــي تدعــم هــذه اللغــة ‪ -‬فلــو أردت وضــع مرجــع يف املنتصــف يقــوم الربنامــج أوتوماتيكيًــا بضبــط أرقــام املراجــع‪ ،‬أو إذا‬
‫أيضــا حيــوي هــذه امليــزة وهنــاك [‪]end note‬‬ ‫أردت وضــع شــكل يف املنتصــف فإنــه يقــوم بذلــك‪ ،‬وبرنامــج الــوورد ً‬
‫ولكــن يفضــل اســتخدم»‪ »latex‬أو «‪ »BIB file‬مثــل ال ـ «‪ »bibliography file‬وهــو الــذي حيتــوي علــى‬
‫أمســاء املراجــع الــي اســتخدمتها‪ ،‬كمــا يوجــد برنامــج امســه»‪ »gan file‬وهــذه الربامــج هــي خيــار لــك ال إجبــار‪ ،‬فــكل‬
‫شــخص لــه طريقتــه‪.‬‬
‫‪ .3‬قمــت بعمــل ورقــة بحثيــة وكانــت النتائــج بنســبة ثمانيــة وتســعين بالمائــة‪ ،‬فــي حيــن قــام أحدهــم بأخــرى وبنتائــج‬
‫تصــل إلــى ‪%98.6‬؟‬
‫ج‪ -‬ال يعــد ذلــك مشــكلة‪ ،‬فمــن املمكــن أن تقــارن بــن البحثــن لتوضــح احلــاالت الــي مــن املمكــن أن يتــم اســتخدام‬
‫حلــك فيهــا واحلــاالت الــي يســتخدم فيهــا احلــل اآلخــر‪ .‬ولكــن جيــب أن تضــع يف االعتبــار أنــه مــن الـوارد أن تســتغرق‬
‫–مثـ ُـل‬ ‫ٍ‬
‫ـدورا‪ ،‬بــل عمــل دربــك شــخصيًا َ‬
‫وقتًــا طويـ ًـا يف حبــث مــا وال يتــم نشــره بعــد ذلــك‪ ،‬ولكــن هــذا ال يُعتــر عمـ ًـا مهـ ً‬
‫ـدرا‪ ،‬ولكنــك ستســتخدمه‬ ‫ِ‬
‫ذلــك َمثـ ُـل العـ ّداء الــذي يتــدرب علــى اجلــري طويـ ًـا قبــل الســباق– فهــذا التدريــب مل يَضــع هـ ً‬
‫معــا‪.‬‬
‫بعــد ذلــك‪ ،‬فعملــك إمــا أن يُنشــر‪ ،‬أو تتــدرب عليــه‪ ،‬أو االثنــن ً‬
‫‪ .4‬كيف يمكن أن أتدرب على تقنية الكتابة البحثية؟‬
‫ج‪ -‬أســلفنا أن أول خطــوة هــي حتســن القواعــد النحويــة لديــك وأهنــا عمليــة مملــة ولكــن ال بــد منهــا‪ ،‬وميكنــك البحــث‬
‫عــن مقــاالت عــن كيفيــة حتســن تقنيــة الكتابــة البحثيــة‪.‬‬
‫‪ .5‬ماذا لو نشرت بحثي في جامعة القاهرة؟‬
‫ج‪ -‬يف الوقــت احلاضــر إن اســتطعت أن تنشــر يف اخلــارج فهــذا أفضــل‪ ،‬ولكــن ضــع يف اعتبــارك أن اجملــات باخلــارج‬
‫ليســت مجيعها جيدة للنشــر‪ ،‬إذ أن هناك الكثري منها بال قيمة‪ .‬ويف أمريكا نفســها يوجد حوايل ثالثة آالف ومئتني‬
‫جامعــة‪ ،‬فاجلامعــات بعــد الرتتيــب اخلمســن األوىل هــي جامعــات ذات مســتوى متــدين‪ ،‬وقــد أســلفنا احلديــث عــن‬
‫اختيار الدورية املناســبة للنشــر–جملةً كانت أم مؤمتر– لذلك حاول أن ختتار الدوريات القوية ذات معامل تأثري عايل‬
‫ألن ذلــك ســيكون لــه مــردود أقــوى‪ ،‬وتتيــح لآلخريــن االطــاع علــى عملــك‪ ،‬وحــى إن مت رفضهــا –ال قــدر اهلل– أول‬
‫مــرة فــإن املالحظــات الــي ســتأتيك ســتجعلك دقي ًقــا وستســاعدك يف حتســن عملــك‪.‬‬
‫‪ .6‬هل تقصد بـ “‪ ”Latex‬برامج رسم المركبات الكيميائية؟‬
‫ج‪ »latex« -‬الــي حتدثــت عنهــا هــي لغــة وليســت برنامــج‪ ،‬فربنامــج ‪ MS Word‬مــن إحــدى نقــاط قوتــه‬
‫هــي الســهولة‪ ،‬فمــا تـراه علــى الشاشــة هــو نفســه الــذي ســيتم طباعتــه‪ ،‬علــى عكــس ال ـ «‪ ،»latex‬فمــا تـراه هــو مــا‬
‫تقصــده‪ ،‬فمــن املمكــن أن تطلــب مــن الربامــج الــي تســتخدم لغــة ال ـ «‪ »latex‬أن خيــرج علــى عموديــن أو ثالثــة‪،‬‬
‫وبعــد ذلــك ســيقوم بضبطــه ذاتيًــا‪.‬‬
‫‪ .7‬ما رأيك بـ «‪ »Mendeley desktop‬و«‪»Zotero‬؟‬
‫ج‪-‬برنامــج «‪ »Mendeley‬برنامــج جيــد‪ ،‬ولكــن لــكل شــخص طريقتــه‪ ،‬فأنــا شــخصيًا اســتخدمت برنامــج‬
‫«‪ »Mendeley‬ولكــن مل يعجبــي فيــه أنــه كان يضــع املراجــع كلهــا باســم خمتلــف لديــه‪ ،‬مث يضعهــا يف اجتــاه آخــر‪،‬‬
‫فأنــا أحــب وضــع املراجــع بطريقــة خمتلفــة‪.‬‬

‫‪154‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫تمارين على الفصل السادس‬

‫األسئلة المقالية‪( :‬يفضل أال تتجاوز إجابتك املقالية ‪ 400‬كلمة)‬


‫‪ .1‬كيف تحسن من مهارات الكتابة لديك؟‬
‫وواضحا أثناء كتابة ورقتك البحثية‪ ،‬لماذا؟ اذكر أمثلة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومختصرا‬
‫ً‬ ‫محددا‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬يجب أن تكون‬
‫تماما كما يفعل الفيروس‪ ،‬كيف ولماذا؟‬
‫‪ .3‬اجعل أفكارك تصيب عقل القارئين لبحثك‪ً ،‬‬
‫‪ .4‬ما أهمية الورقة البحثية؟‬
‫‪ .5‬ماهي االختالفات بين الملخص والخالصة في ورقتك البحثية؟‬
‫‪ .6‬لماذا ينبغي كتابة مراجعة عن األبحاث السابقة في مقدمة ورقتك البحثية؟‬
‫‪ .7‬اشرح أهم مكونات الورقة البحثية‪.‬‬
‫‪ .8‬حينما تكتب بحثك‪ ،‬ينبغي عليك أن تبدأ بأسهل األجزاء بالنسبة لك‪ ،‬لماذا؟ اذكر أمثلة‪.‬‬
‫‪ .9‬كثــرة اســتخدام المصــادر قــد تكــون مــن األخطــاء التــي يرتكبهــا الباحــث أثنــاء كتابــة الجــزء الخــاص بمراجعــة‬
‫األبحــاث الســابقة‪ ،‬لمــاذا؟ اذكــر أمثلة‪.‬‬
‫دليل لكل خالصة في بحثك‪ ،‬لماذا؟‬
‫‪ .10‬يجب عليك كباحث أن تعطي ً‬
‫‪ .11‬كيف تكتب خالصة دقيقة ومختصرة؟‬
‫‪ .12‬الورقة البحثية ليست وص ًفا للعمل‪ ،‬إنها العمل نفسه‪ ،‬اشرح ذلك واستشهد بمثال‪.‬‬

‫اختر اإلجابة الصحيحة‪:‬‬


‫‪ .1‬أي جزء في البحث يُستخدم لجذب القارئ؟‬
‫‪ o‬امللخص‬
‫‪ o‬املقدمة‬
‫‪ o‬عرض املشكلة‬
‫‪ o‬العنوان‬
‫‪ .2‬في الخالصة‪ ،‬تحتاج إلى أن‬
‫‪ o‬تعرض أهم االكتشافات‬
‫‪ o‬تعرض تطبيقات نتائجك‬

‫‪155‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫‪ o‬تعرض أوجه القصور يف نتائجك‬
‫‪ o‬مجيع ما سبق‬
‫أول إلى‬
‫‪ .3‬في جزء المقدمة من ورقتك البحثية‪ ،‬تحتاج ً‬
‫‪ o‬تعريف املشكلة‬
‫‪ o‬عرض فكرتك اجلديدة‬
‫‪ o‬عرض أهم نتائج حبثك‬

‫ضع كلمة صح أو خطأ‬


‫‪ .1‬يجب أن تستخدم االختصارات في عنوان البحث‪.‬‬
‫‪ .2‬يمكن استخدام االختصارات في ملخص البحث‪.‬‬
‫‪ .3‬مــن الهــام جـ ًدا تدويــن المالحظــات فــي كل خطــوة أثنــاء التجــارب المعمليــة وبذلــك لــن يفقــد الباحــث أي‬
‫معلومــات مهمــة قــد تؤثــر علــى اســتنتاجات التجــارب التــي قــام بهــا‪.‬‬

‫‪156‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السادس‬


‫الفصل السابع‬

‫‪7‬‬
‫مهارات وفنيات الكتابة العلمية‬

‫ما كُ ِت َب بال ُجهد‪ ،‬س ُيقرأ بال ُمتعة‪.‬‬


‫‪-‬صامويل جونسون‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪158‬‬
‫الفصل السابع‬
‫مهارات وفنيات الكتابة العلمية‬

‫يف هــذا الفصــل نتحــدث عــن الكتابــة‪ ،‬وتقنياهتــا‪ ،‬وأســلوهبا‪ ،‬وهيكلهــا يف األحبــاث ورســائل املاجســتري والدكتــوراه‪ ،‬وكيــف‬
‫ختتلــف األوراق البحثيــة عــن بعضهــا ‪ ،‬ومــا حمتــوى كل ورقــة حبثيــة‪.‬‬
‫تنقسم األوراق البحثية عامةً إىل أربعة أنواع‪:‬‬
‫مفهومــا جديـ ًـدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪ .1‬األورق النظريــة (‪ : )Theoretical Papers‬تتنــاول يف الغالــب فكــرة جديــدة أو‬
‫مثـ ًـا مفهــوم نظــري يف الفيزيــاء‪ ،‬أو الرياضيــات‪ ،‬أو يف العلــوم االجتماعيــة بشــكل عــام‪ ،‬ميكــن أن حتتــوي علــى جــزء‬
‫حســايب إذا كنــت تقــوم بعمــل منــاذج حســابية أو رقميــة (‪ )Models‬لنظريــة معينــة‪ ،‬وقــد حتتــوي علــى نظريــات كميــة‬
‫(‪)Qualitative‬غــر رقميــة كذلــك‪.‬‬
‫‪ .2‬األوراق التجريبيــة (‪ : )Experimental Paper‬غالبًــا مــا تتكــون مــن نتائــج القيــام بإج ـراء جتــارب‪،‬‬
‫وتوضح يف شــكل رســومات توضيحية أو بيانية (‪ )Graphs or Charts‬تُبني عالقات بني متغريات خمتلفة‪ ،‬وتبني‬
‫النتائــج الــي مت احلصــول عليهــا بعــد القيــام بقياســات معينــة‪.‬‬
‫‪ .3‬األوراق الصناعيــة (‪ :)Fabricational Papers‬عــاد ًة مــا تُكتــب عنــد صنــع جهــاز أو ُمع ـ ّدة معينــة‪،‬‬
‫أيضا على دراســة حاالت (‪)case studies‬‬ ‫وحتتوي على جزء وصفي كبري لطريقة تصنيع اجلهاز‪ ،‬وممكن أن حتتوي ً‬
‫لطريقــة ونتائــج عمــل أجهــزة معينــة‪.‬‬
‫‪ .4‬األوراق الطبية (‪ : )Clinical Papers‬أوراق هلا هيكل معني عند كتابتها ألهنا غالبًا ما حتتوي على نتائج‬
‫حبثيــة‪ ،‬وأرقــام وإحصائيــات الختبــار فرضيــة معينــة‪ ،‬وتوضيــح صحتهــا مــن عدمهــا أو بيــان خــاف معــن يف تنفيذهــا‪.‬‬

‫كتابة األبحاث العلمية‪:‬‬


‫مراجعة اإلنتاج الفكري‪:‬‬
‫أول جــزء يف بدايــة أي رســالة ماجســتري أو دكتــوراه هــو مــا نســميه مبراجعــة اإلنتــاج الفكــري‪ ،‬أو األحبــاث الســابقة‬
‫(‪ ،)Literature Review‬وهنــا تقــوم بذكــر األحبــاث الســابقة الــي قــام آخــرون بإجرائهــا يف النقطــة البحثيــة اخلاصــة‬
‫بــك‪ ،‬ومــا توصلـوا إليــه مــن نتائــج‪ ،‬ومــن تلــك النتائــج تقــوم باســتخراج األخطــاء والثغـرات والــي ســتبين عليهــا بعــد ذلــك‬
‫اختــاف حبثــك عمــا ســبقه‪.‬‬
‫ويتكون هيكل الورقة البحثية ‪-‬بغض النظر عن اختالف األنواع اليت حتدثنا عنها من قبل‪ -‬غالبًا من أجزاء ثابتة‪:‬‬
‫• ملخص البحث(‪.)Abstract‬‬
‫• املقدمة ومراجعة األحباث القدمية (‪)Introduction and Literature Review‬‬
‫• الطريقة التجريبية أو النموذج احلسايب (‪)Experimental Method or Mathematical Model‬‬
‫• النتائج (‪.)Results‬‬
‫• مناقشة النتائج (‪.)Discussion‬‬
‫• ملخص النتائج اليت توصلت إليها (‪.)Conclusion‬‬
‫• املراجع (‪.)References‬‬
‫يُعتــر اجلــزء اخلــاص مبراجعــة اإلنتــاج الفكــري‪ ،‬أو األحبــاث القدميــة أحــد األعمــدة األساســية يف هيــكل كتابــة أي ورقــة حبثيــة‬
‫وســنعرض هنــا األســاليب املتبعــة عنــد القيــام بتلــك النقطــة‪ .‬املقصــود مبراجعــة اإلنتــاج الفكــري هــو عمــل ملخــص و ٍ‬
‫اف‬
‫جــدا لــكل األحبــاث يف اجملـ ُ‬
‫ـال الــذي تعمــل عليــه يف الفــرة الــي تســبق حبثــك اخلــاص‪.‬‬ ‫ً‬
‫مثل أن جمال حبثك يف الفيزياء النظرية‪ ،‬عندها ستقوم بعمل خمتصر دقيق (‪ ،)Concise‬مؤثر (‪)Effective‬‬ ‫لنفرتض ً‬
‫ونقــدي (‪ )Critical‬لــكل األحبــاث الــي مت نشــرها ســاب ًقا‪ ،‬فتقــوم مثـ ًـا بســرد النظريــات الــي توصــل إليهــا ماكــس‬
‫بالنــك‪ ،‬هايزنبــرج‪ ،‬وشــرودجنر‪ ،‬وتقــوم بعقــد مقارنــة بــن تلــك األحبــاث بــأن تقــول مثـ ًـا أن النظريــة األوليّــة جيــدة‪ ،‬لكــن‬
‫النمــوذج اخلــاص هبــا ال ميكــن تطبيقــه علــى أمنــاط معينــة أو أنــه ُمبســط عــن الــازم‪ ،‬أي أنـّـك تســرد الثغـرات (‪)Gaps‬‬
‫‪ ،‬وهــذا هــو اجلــزء النقــدي يف البحــث ألنــه ال جيــب عليــك أن تقــوم بذكــر األعمــال الســابقة فقــط‪ ،‬بــل جيــب أن يكــون‬
‫أيضــا لتوضيــح األجـزاء العلميــة الناقصــة فيهــا‪ ،‬وبيــان كيفيــة اختــاف حبثــك يف معاجلــة‬ ‫عملــك علــى هــذه النقطــة نقديـًـا ً‬
‫وتطبيقــات تلــك األجـزاء‪.‬‬
‫يُفضــل أن حيتــوي جــزء مراجعــة اإلنتــاج الفكــري علــى مــا يســمى باجلــدال العلمــي‪ ،‬وبــه تتضــح النظريــات واآلراء املختلفــة‬
‫حــول النقطــة البحثيــة وتقــارن بــن التشــاهبات واالختالفــات بــن تلــك النظريــات‪ ،‬ومــن اجليــد أن يكــون علــى هيئــة ترتيــب‬
‫زمــي يف تنــاول النقطــة البحثيــة املعنيــة‪ ،‬بــأن تتنــاول مثـ ًـا بدايــة نظريــة مــا مث مــا طـرأ عليــا مــن تغـرات وتطــورات بعــد ذلــك‪.‬‬
‫وهبــذا تكــون قــد أوضحــت وجــه االختــاف بــن عملــك وأعمــال غــرك مــن حيــث اإلبــداع‪ ،‬وطــرح احللــول‪ ،‬وإكمــال‬
‫األج ـزاء الناقصــة‪ ،‬وهلــذا تكــون كتابــة هــذا اجلــزء يف البحــث مهم ـةً للغايــة‪.‬‬
‫الغرض من مراجعة اإلنتاج الفكري‪:‬‬
‫• التعريف باملنهجية واألساليب اليت مت استخدامها (‪.)Methodologies and Techniques‬‬
‫• اكتشــاف املتغ ـرات املهمــة املرتبطــة باملوضــوع‪ :‬عنــد التحــدث عــن نظريــات تتعلــق بالفيزيــاء‪ ،‬اهلندســة أو الفلســفة أو‬
‫أي موضــوع جيــب أن يكــون هلــا متغ ـرات‪.‬‬
‫• توضيح العالقات بني األفكار والتجربة‪.‬‬
‫• توضيــح املوضــوع أو املشــكلة والســبب الــذي دعــاك إىل دراســة تلــك الظاهــرة‪ ،‬فأنــت تدرســها مثـ ًـا ألهنــا ظاهــرة جديــدة‬
‫طارئــة مث توضــح مــا إذا كانــت ذات أمهيــة أم ال‪ ،‬كأن تقــوم بعمــل دراســة عــن مــرض البلهارســيا‪ ،‬أو االلتهــاب الكبــدي‬
‫مبصــر‪ ،‬فتوضــح أن هــذا املــرض يصيــب علــى ســبيل املثــال ‪ %20‬مــن الشــعب املصــري وهلــذا تقــوم بدراســته‪ ،‬لكــي يشــعر‬
‫القــارئ بأمهيــة املوضــوع الــذي تقــوم بعرضــه‪.‬‬
‫• بيان التفسري املنطقي ملدى أمهية املشكلة اليت تقوم بعرضها‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫• الربط بني الفكرة نظريًا وتطبيقاهتا العملية‪.‬‬
‫كل مــا ســبق مــن نقــاط متثــل مــا يُســمى مبراجعــة اإلنتــاج الفكــري‪ ،‬والــي جيــب اتباعهــا بعنايــة كــي تكــون رســالتك مرتابطــة‬
‫(‪ ،)Coherent‬وتــؤدي إىل اهلــدف الــذي تريــد الوصــول إليــه‪.‬‬
‫المشكالت العامة المرتبطة بكتابة مراجعة اإلنتاج الفكري‪:‬‬
‫‪ .1‬المستوى الكتابي‬
‫دائمــا بــأن يقومـوا بالكتابــة مبســتوى أمثاهلــم أو أعلــى مــن مســتواهم‪ ،‬ألنــه عنــد القيــام بــأي كتابــة‬
‫ويُنصــح طلبــة الدكتــوراه ً‬
‫نقديــة ال جيــب تبســيط املوضــوع أكثــر مــن الــازم فمــن يبحــث عــن مقــاالت ختــص النقطــة الــي تتحــدث عنهــا يف حبثــك‬
‫عــاد ًة مــا يكــون علــى درايــة باملوضــوع‪ ،‬فــا حاجــة للتبســيط الزائــد ألنــه غالبًــا مــا ســيكون يف مســتواك أو أعلــى‪.‬‬
‫‪ .2‬المصادر‬
‫وهــي األحبــاث الــي تذكرهــا‪ ،‬وجيــب أن تكــون أحباثـًـا خضعــت ملراجعــة األق ـران األكادمييــة (‪)Peer Reviewed‬‬
‫أي أهنــا موضوعــة حتــت بنــد ضبــط اجلــودة‪ ،‬مبعــى أهنــا أحبــاث ُروجعــت جيـ ًـدا مــن قبــل أشــخاص يف نفــس اجملــال ذوي‬
‫ثَِقــل علمــي‪ ،‬ونُشــرت يف جمــات علميــة متخصصــة ذات معامــل تأثــر جيــد وذات شــأن مثــل جملــة (‪ )Nature‬وجملــة‬
‫(‪ ،)Science‬وهــذا دليــل علــى أهنــا أحبــاث علميــة قويــة جـ ًـدا‪ .‬وجيــب اســتخدام تلــك األحبــاث فقــط كمصــادر لــك يف‬
‫مراجعتــك لإلنتــاج الفكــري‪.‬‬
‫‪ .3‬أسلوب الكتابة (‪)Style‬‬
‫ال تَســتخدم عبارات مثل (أنا فعلت) أو (أنا الحظت)‪ ،‬فاألســلوب الذي جيب اتباعه يســمى األســلوب العلمي املبين‬
‫للمجهول كأن تقول‪ُ :‬وِجد أنه ((‪ It was found‬أو (‪.)It was shown‬‬
‫‪ .4‬السرقة األدبية (‪)Plagiarism‬‬
‫ال جيــوز االقتبــاس بالنقــل أو النســخ أو أي عمليــة مشــاهبة‪ ،‬ولكــن ميكــن اقتبــاس وذكــر املرجــع الــذي اســتخدمته‪ ،‬وهــذه‬
‫هــي احلالــة الوحيــدة املســموح هبــا وإال ســتتعرض ملشــكلة كبــرة جـ ًـدا خاصــة يف الــدول الــي هتتــم حبقــوق امللكيــة الفكريــة‪.‬‬
‫‪ .5‬التخطيط(‪)Planning‬‬
‫أول‪ ،‬فــا جيــب البــدء باالسرتســال يف الكتابــة مباشــرة دون خطــة‬
‫بــل أن تقــوم بكتابــة حبثــك جيــب أن ختطــط لذلــك ً‬
‫واضحــة‪.‬‬
‫كيف تبدأ في عملية الكتابة؟‬
‫• البحــث عــن المراجــع البحثيــة‪ :‬عنــد كتابــة رســالة ماجســتري أو دكتــوراه أو حــى ورقــة حبثيــة عــاد ًة مــا يكــون لديــك‬
‫عــدد ضخــم مــن املراجــع البحثيــة‪.‬‬
‫• الترتيــب‪ :‬عنــد كتابــة رســالة الدكتــوراه‪ ،‬قــد يتطلــب ذلــك االستشــهاد بثالمثائــة حبــث وورقــة حبثيــة وكتــاب‪ ،‬فنحــن هنــا‬
‫أول أن تقــوم برتتيبهــا‪.‬‬
‫نتحــدث عــن عــدد ضخــم مــن املراجــع جيــب ً‬

‫‪160‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫• التجميع‪ :‬جتمع املصادر اليت تتحدث كلها عن موضوع معني‪ ،‬وتضعها يف جمموعة واحدة‪.‬‬
‫• المقارنــة‪ :‬جيــب أن تقــارن بــن نتائــج األحبــاث وبعضهــا‪ ،‬كأن تقــول إن هــذا البحــث عــرض املوضــوع بشــكل معــن‪،‬‬
‫لكــن البحــث اآلخــر عرضــه بشــكل أفضــل‪.‬‬

‫أسلوب الكتابة العلمية‬


‫ـددا مــن النقــاط اهلامــة وهــي أســلوب الكتابــة‪ ،‬واملنطــق يف الكتابــة‪ ،‬واختيــار الكلمــات‪ ،‬وتركيــب اجلمــل‪،‬‬
‫ونعــرض هنــا عـ ً‬
‫واجلــداول والرســوم التوضيحيــة وغريهــا‪.‬‬

‫مختصرا‪:‬‬
‫ً‬ ‫أول‪ :‬كن‬
‫ً‬
‫ال داعــي للســرد الطويــل‪ ،‬فاجلملــة الــي تقــول (أنــا آســف لقــول إنــي يف هــذه اللحظــة ال ميكنــي الوصــول إىل املعلومــات‬
‫الــي تريدهــا)‪ ،‬تعــي ببســاطة (أنــا ال أعــرف)‪.‬‬
‫فــا داعــي لقــول كالم كثــر وغــر مفهــوم‪ ،‬فاجلملــة الــي قــد تتكــون مــن ثالثــة أســطر ميكــن أن ُتتصــر يف ثــاث كلمــات‬
‫وهــذا موجــود يف الكتابــة العلميــة بشــكل شــائع‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال هناك مجل ميكن استبداهلا بكلمة واحدة مثل‪:‬‬
‫‪On account of the fact that‬‬ ‫‪As‬‬
‫‪If it is assumed that‬‬ ‫‪If‬‬
‫‪A sufficient number‬‬ ‫‪Enough‬‬
‫‪A greater length of time‬‬ ‫‪Longer‬‬
‫‪It might be that‬‬ ‫‪Perhaps‬‬
‫‪Make an examination of‬‬ ‫‪Examine‬‬
‫‪Take into consideration‬‬ ‫‪Consider‬‬
‫‪It is apparent that‬‬ ‫‪Hence, therefore‬‬
‫‪Come to the conclusion‬‬ ‫‪Conclude‬‬
‫‪In view of the foregoing‬‬ ‫‪So‬‬
‫‪In all other case‬‬ ‫‪Otherwise‬‬

‫‪161‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫حتديدا‪:‬‬
‫وهذا مثال ميكنك من خالله حتديد اجلملة األفضل واألكثر ً‬
‫‪“After a long and difficult development cycle due to factory renovation،‬‬
‫”‪the infrared controller will be ready for production.‬‬
‫‪“The infrared controller will be ready for production on March 4th. Its‬‬
‫”‪development cycle was slowed by the factory renovation.‬‬
‫هــل الحظــت الفــارق ودقــة الكتابــة وحتديــد األرقــام؟ َتنَّــب كذلــك أن تســتخدم ألفاظًــا مثــل تقريبًــا‪ ،‬أو مماثـ ًـا‪ ،‬أو غالبًــا‪،‬‬
‫ـتخدما‬
‫ومــددة ُمسـ ً‬ ‫ويُفضــل أن يكــون ‪ %٦٥‬وحــى ‪ %۸۰‬مــن النمــوذج اخلــاص بــك دقي ًقــا‪ ،‬وأن تضــع معلومــات دقيقــة ُ‬
‫عمومــا وجتنــب مــا ال داعــي لــه‪ ،‬ففــي إجنلـرا‬‫األرقــام والقيــم والنتائــج والتواريــخ كلمــا أمكــن ذلــك‪ .‬وينبغــي عليــك االختصــار ً‬
‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬جيــب أال تتجــاوز رســالة الدكتــوراه اخلمســن ألــف كلمــة‪ ،‬ولــو قـ ّدم الطالــب رســالة هبــا كلمــات أكثــر‬
‫مــن ذلــك يُطلــب منــه اختصارهــا‪ ،‬فــإذا وصلــت الرســالة إىل املمتحــن ووجــد أهنــا طويلــة يردهــا ثانيــة إىل الطالــب ويُبلغــه‬
‫أهنــا أطــول ممــا ينبغــي وأنــه ال ميلــك الوقــت الــكايف لقـراءة رســالة دكتــوراه مبثــل هــذا احلجــم‪.‬‬
‫وعلــى فــرض أن الصفحــة الواحــدة أحاديــة املســافة بــن الســطور «‪ »single space‬ميكــن أن حتتــوي علــى مخســمائة‬
‫كلمــة تقريبًــا‪ ،‬يكــون الــازم إلمتــام رســالة مــن مخســن ألــف كلمــة مائــة صفحــة وهــذا بالطبــع كحــد أقصــى‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬كن دقي ًقا‪:‬‬


‫انظر إىل اجلملة اآلتية « ‪.”John told Robert’s son that he should help him‬‬
‫إهنــا أشــبه باألحجيــة‪ ،‬ألنــك قــد ترتبــك وال تفهــم مــن سيســاعد مــن‪ ،‬فقــد يعــود الضمــر يف «أنــه» علــى ابــن روبــرت أو‬
‫علــى روبــرت نفســه‪ ،‬وقــد يعــود الضمــر يف «يســاعده» علــى جــون نفســه‪ .‬فــإذا قـرأت اجلملــة مرتــن ووجــدت أهنــا غــر‬
‫مفهومــة أو هلــا معــى آخــر حمتمــل‪ ،‬فينبغــي أال تكتبهــا إ ًذا‪ ،‬فعليــك أن تكــون دقي ًقــا يف كتابــة اجلمــل وتتجنــب الصياغــة‬
‫الــي حتمــل أكثــر مــن معــى خمتلــف‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬انتبه لعالمات الترقيم‪:‬‬


‫داع‪ ،‬بينمــا جيــب االنتبــاه جيـ ًـدا عنــد اســتخدام‬
‫أحيانـًـا كثــرة يســتخدم الطــاب النقطــة والفاصلــة والفاصلــة املنقوطــة دون ٍ‬
‫عالمــات الرتقيــم‪ .‬اجلملتــان التاليتــان مثـ ًـا‪:‬‬
‫(رئيس الوزراء قال زعيم املعارضة غيب)‬
‫(رئيس الوزراء قال «زعيم املعارضة غيب»)‬
‫(«رئيس الوزراء» قال زعيم املعارضة «غيب»)‬
‫اجلملــة األوىل ال تعــي شــيئًا‪ ،‬والثانيــة تعــي أن رئيــس الــوزراء وصــف زعيــم املعارضــة بأنــه غــي‪ ،‬أمــا الثالثــة فتقــول أن زعيــم‬
‫املعارضــة وصــف رئيــس الــوزراء بأنــه غــي‪ .‬مــن هنــا يتضــح أن جمــرد نقــل عالمــات التنصيــص مــن موضــع آلخــر حيــدث فارقًــا‬
‫ـرا جـ ًـدا يف املعــى‪ ،‬فــا بــد أن تنتبــه إىل اســتخدام عالمــات التنصيــص وعالمــات الرتقيــم ألهنــا مهمــة جـ ًـدا وال توضــع‬ ‫كبـ ً‬
‫جملــرد تزيــن الورقــة البحثيــة؛ بــل ألهنــا ركــن هــام وأساســي يف أســلوب الكتابــة‪.‬‬

‫‪162‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫ابعا‪ :‬انتبه الختالف معنى الكلمة باختالف موضعها‪:‬‬
‫رً‬
‫‪• Only the largest group was injected with the test compound.‬‬
‫‪• The largest group was only injected with the test compound.‬‬
‫‪• The largest group was injected with only the test compound.‬‬
‫‪• The largest group was injected with the only test compound.‬‬
‫ـرا جـ ًـدا يف‬
‫ـرا كبـ ً‬
‫الفــرق بــن األربــع مجــل هــو جمــرد نقــل موضــع كلمــة «فقــط ‪ »only‬مــن مــكان إىل آخــر‪ ،‬لكــن لــه تأثـ ً‬
‫املعــى‪ ،‬فاجلملــة األخــرة تعــي أنــه مت احلقــن مبركــب االختبــار الوحيــد‪ ،‬واجلملــة الــي تســبقها تعــي أنــه مت حقــن اجملموعــة‬
‫األكــر مبركــب االختبــار فقــط ومل يُســتخدم شــيء آخــر‪ ،‬واجلملــة الــي تســبقها تعــي أنــه مت حقنهــا فقــط ومل يتــم تعريضهــا‬
‫لشــيء آخــر كــدواء آخــر مثـ ًـا‪ ،‬أمــا اجلملــة األوىل فتعــي أن اجملموعــة األكــر فقــط هــي مــن مت حقنهــا مبركــب االختبــار‪.‬‬
‫جدا يف املعين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كبريا ً‬
‫ومن هنا يتضح أن تغيري موضع الكلمة من مكان آلخر ُيدث فارقًا ً‬
‫مباشرا‪:‬‬
‫خامسا‪ :‬كن ً‬
‫ً‬
‫مــن األخطــاء الشــائعة الــي يقــع فيهــا الكثــرون‪ ،‬أن تســتخدم نفيًــا بعــد نفــي كأن تقــول مثـ ًـا «هــذا التفاعــل ليــس غــر‬
‫ـادرا»‪ ،‬ف ُكــن مباشـ ًـرا يف كتابــة‬
‫شــائع»‪ ،‬ولكــن مــن املمكــن أن تقــول «هــذا التفاعــل شــائع» أو «هــذا التفاعــل ليــس نـ ً‬
‫املعلومــة وضعهــا بشــكل مرقّــم كلمــا أمكــن ذلــك‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬استخدم الزمن المناسب‪:‬‬


‫ً‬
‫يســتخدم زمــن املاضــي غالبًــا يف أســلوب الكتابــة العلميــة؛ ألنــك تتحــدث أو تصــف أشــياء قــد حدثــت أو جتــارب قمــت‬
‫أيضــا يف احلديــث عــن الوقائــع‪ ،‬واحلقائــق‪ ،‬كشــروق الشــمس كل يــوم مــن‬
‫هبــا بالفعــل‪ .‬ولكــن يُســتخدم زمــن املضــارع ً‬
‫الشــرق‪ ،‬فهــذه حقيقــة وحــدث حيــدث يوميًــا بشــكل مســتمر فيســتخدم الزمــن املضــارع لوصفهــا‪.‬‬
‫أما يف وصف األشياء اليت حدثت وانتهت بالفعل‪ ،‬كأن تقول «مت غلي العينة» أو «متت مراقبتها حتت امليكروسكوب»‪،‬‬
‫فتستخدم الزمن املاضي‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬تعلم متى تستخدم المبني للمعلوم والمبني للمجهول‪:‬‬


‫ً‬
‫تكــون الكتابــة العلميــة كلهــا غالبًــا بصيغــة املبــي للمجهــول أو ال ـ «‪ ،»Passive voice‬كأن تقــول مثـ ًـا «مت تنفيــذ‬
‫التجربــة ‪ ،»the experiment was performed‬فأنــت حتــاول بشــكل كبــر أن ختفــي شــخصية الكاتــب‪،‬‬
‫فأنــت يف هــذا اجملــال ال تريــد أن تظهــر شــخصيتك‪ ،‬بــل تريــد أن توضــح قيامــك هبــذا العمــل بشــكل علمــي وأنــك كجــزء‬
‫بشــري ال توجــد يف الصــورة‪.‬‬
‫ومــع ذلــك يف بعــض األحيــان قــد يُســتخدم املبــي للمعلــوم أو ال ـ «‪ »Active voice‬مثــل «لقــد وجدنــا ‪we‬‬
‫‪ ،»found‬وهــذا حيــدث عندمــا تقــوم جمموعــة مــن النــاس مبقارنــة أحباثهــا بأحبــاث جمموعــة أخــرى‪.‬‬

‫‪163‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫الجملة‪:‬‬
‫ثامنًا‪ :‬انتبه لصياغة ُ‬
‫عنــد صياغــة اجلملــة يُفضــل أن جتعلهــا قصــرة وســهلة الق ـراءة وال تكتــب اجلمــل الطويلــة‪ ،‬وإذا حاولــت ق ـراءة اجلملــة‬
‫ووجــدت أهنــا قــد تُفهــم بشــكل خمتلــف إذا قُـ ِرأت مرتــن‪ ،‬فعليــك اســتبداهلا وصياغــة مجلــة أخــرى‪ ،‬وعنــد بدايــة فقــرة جديــدة‬
‫أول باجلمــل الســهلة وال تبــدأ باجلمــل شــديدة الصعوبــة‪.‬‬ ‫ابــدأ ً‬

‫تاسعا‪ :‬انتبه إلى استخدام الفقرات‪:‬‬


‫ً‬
‫مــن األشــياء اهلامــة جـ ًـدا يف الكتابــة أن تنتبــه إىل اســتخدام الفقـرات «‪ ،»Paragraphs‬فحــاول أن تقســم موضوعــك‬
‫إىل جمموعــة مــن الفقـرات وأن تتعامــل يف كل فقــرة مــع فكــرة واحــدة‪ ،‬فأحيانــا ُيطــئ بعــض الطــاب يف أحباثهــم بكتابــة‬
‫صفحــة كاملــة دون تقســيم املوضــوع‪.‬‬
‫إن تقســيم املوضــوع إىل فقـرات ليــس فقــط لتقســيم األفــكار؛ بــل إلعطــاء القــارئ فرصــة للتوقــف قليـ ًـا‪ ،‬اللتقــاط أنفاســه‪،‬‬
‫ولينتقــل بسالســة مــن فكــرة إىل أخــرى‪ ،‬حيــث أن عقــل اإلنســان لديــه القــدرة أن يتعامــل مــع قطــع مــن املعلومــات‬
‫«‪ »chunks of information‬كل منهــا حتتــوي علــى حـوايل ســتة أو ســبعة بنــود‪ ،‬مبعــى آخــر‪ ،‬عندمــا تتحــدث‬
‫ـبعا أخــرى‪ ،‬وهلــذا الســبب‬‫إىل شــخص مــا‪ ،‬اعــرض عليــه ســبع أفــكار فقــط‪ ،‬وامنحــه الفرصــة لريتــاح قليـ ًـا مث اعــرض عليــه سـ ً‬
‫عنــد عــرض شــرح تقدميــي ال نضــع الكثــر مــن النقــاط والــكالم يف شـرائح احملاضــرة بــل حبــد أقصــى ســت أو ســبع نقــاط‬
‫حــى نعطــي فرصــة لعقــل الطالــب أن يســتوعب تلــك النقــاط‪.‬‬
‫واجلمــل يف الفقـرات جيــب أن تكــون مرتابطــة‪ ،‬فــا يصــح أن تتحــدث يف موضــوع وفجــأة تنتقــل إىل موضــوع آخــر‪ ،‬كأن‬
‫تتكلــم عــن فــروس اإليــدز مث تنتقــل فجــأة للحديــث عــن االلتهــاب الكبــدي الوبائــي أو الصدفيــة‪ ،‬بــل جيــب أن تكــون‬
‫أفــكارك يف الفقــرة مرتبــة ومرتابطــة‪.‬‬
‫ِ‬
‫استخدم الجداول‪:‬‬ ‫سابعا‪:‬‬
‫ً‬
‫كمــا ذكــرت مــن قبــل فــإن اســتخدام اجلــداول جــزء مهــم جـ ًـدا يف الكتابــة‪ ،‬فحــاول أن تضــع البيانــات يف جــداول ال نتائــج‬
‫أيضــا «مراجعــة مــا ســبق نشــره ‪ »literature review‬ومقارنــات النتائــج يف جــداول‪،‬‬ ‫جتاربــك فحســب‪ ،‬بــل ضــع ً‬
‫فوجــود اجلــدول يف حــد ذاتــه يعطــي القــارئ الفرصــة ليقــارن بنفســه بــن املوضوعــات والنتائــج املختلفــة‪.‬‬

‫ثامنًا‪ :‬اهتم بالصور‪:‬‬


‫لحــق بالصــور الشــرح أو التعليــق «‪ »caption‬اخلــاص هبــا‪ ،‬فمــن غــر املقبــول أن تضــع صــورة دون التعليــق‬ ‫جيــب أن يُ َ‬
‫متامــا‪ ،‬فــا يصــح أن تضــع صــورة وتكتــب‬
‫أيضــا جيــب أن حيتــوي علــى معلومــات كافيــة ً‬
‫عليهــا بشــكل كامــل‪ .‬والتعليــق ً‬
‫تعلي ًقــا مثــل «نتائــج البحــث»‪ ،‬بــل ينبغــي أن توضــح البحــث اخلــاص بــأي جتربــة‪ ،‬وكيفيــة تســجيل النتائــج‪ ،‬فاألمــر ال‬
‫كاف‪.‬‬‫يتوقــف علــى وضــع صــورة فحســب‪ ،‬بــل ال بــد مــن التعليــق عليهــا بشــكل واضــح و ٍ‬

‫تاسعا‪ :‬احرص على بعض القواعد العامة‬


‫ً‬
‫• حــاول‪ :‬مثــل (علــى النقيــض مــن) أو (باملقارنــة بــ)‪ ،‬أو باللغــة اإلجنليزيــة (‪ )Moreover‬أو (‪،)However‬‬
‫اســتخدام تلــك التعب ـرات توضــح التسلســل الفكــري الــذي تتنــاول املعضلــة مــن خاللــه أو الفكــرة الــي تعرضهــا‪.‬‬

‫‪164‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫تبعــا للموضــوع الــذي‬
‫• رتــب مصــادرك واخــر النمــط الــذي تريــد الرتتيــب بــه‪ ،‬مبعــى إذا أردت ترتيــب جمموعــة مــن املصــادر ً‬
‫تتناولــه فهــذا أمــر جيــد‪ ،‬كمــا تســتطيع ترتيبهــا كذلــك بشــكل زمــي‪.‬‬
‫• احــرص علــى أن يكــون كل جــزء يف البحــث مرتابطًــا وضمــن تسلســل فكــري كمــا ذكرنــا‪ ،‬مبعــى أن تــؤدي املقدمــات‬
‫كالمــا‬
‫إىل النتائــج‪ ،‬فــا يصــح أن تتحــدث عــن موضــوع مث تنتقــل إىل موضــوع آخــر ال صلــة لــه مبــا قبلــه‪ ،‬أو أن تكــرر ً‬
‫ـرا ال داعــي لــه‪.‬‬
‫كثـ ً‬
‫• احــرص علــى أن تكــون املراجعــة األدبيــة نقديــة ال وصفيــة‪ ،‬فــا تكــون جمــرد شــرح ملــا قــام بــه اآلخــرون‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬ال تعــرض‬
‫ـخصا واســتنتج منهــا إمكانيــة معاجلــة مــرض نقــص‬ ‫منوذجــا لتجربــة وأجــرى جتربــة علــى أربعــن شـ ً‬‫أن باحثًــا وضــع نظريــة أو ً‬
‫املناعــة املكتســب (اإليــدز)‪ ،‬فهــذا األســلوب غــر صحيــح! عليــك نقــد هــذه التجربــة وأن تبــن أنــه ال ميكــن تعميــم نتيجــة‬
‫العينــة الصغــرة مــن املرضــى علــى اجلميــع‪ ،‬وهــذا هــو املقصــود بالنقــد‪.‬‬
‫• حاول االستناد قدر اإلمكان إىل أوراق حبثية حديثة أو معاصرة‪.‬‬
‫• حــاول أال تــؤدي املراجعــة البحثيــة إىل مــا نطلــق عليــه (أســئلةً حبثي ـةً مركــزة)‪ ،‬فعلــى البحــث أن يُظهــر النواقــص وهــذا‬
‫هــو اهلــدف منــه‪ ،‬حيــث أن الغــرض مــن إجـراء البحــث هــو معاجلــة مشــكلة حمــددة‪ ،‬وإذا كانــت كتابتــك ال تظهــر هــذه‬
‫املشــكلة احملــددة فكتابتــك غــر جيــدة‪.‬‬
‫• جتنّــب اإلشــارة إىل األوراق البحثيــة الســابقة واحــدة تلــو األخــرى دون مناقشــة أفكارهــا‪ ،‬فهــذا عالمــة علــى املراجعــة‬
‫اجع األحباث باألفكار واملعىن دون االكتفاء مبراجعة فردية فقط‪ ،‬وســنوضح ذلك الح ًقا‬ ‫النقدية الســيئة‪ ،‬فاملفرتض أن تُر َ‬
‫يف هــذا الفصــل‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬تعلّم قواعد االستشهاد والمراجع‪:‬‬


‫ً‬
‫طبعــا اســتخدام أي طريقــة‬‫نصــل اآلن إىل اجلــزء األخــر يف أســلوب الكتابــة وهــو «االستشــهاد ‪ .»citation‬بإمكانــك ً‬
‫أرقامــا صغــرة أعلــى الكلمــات «‪ »superscript‬أو تضــع األرقــام بــن أقـواس‪ .‬األمــر‬ ‫لكتابــة هــذا اجلــزء‪ ،‬كأن تكتــب ً‬
‫مــروك لــك‪ ،‬لكنــك غالبًــا تتلقــى تعليمــات مــن اجلامعــة أو املــكان الــذي تــدرس بــه حــول النظــام املتبــع لديهــم يف كتابــة‬
‫ُ‬ ‫هــذا اجلــزء‪.‬‬
‫وإذا كنــت تستشــهد بورقــة حبثيــة هلــا مؤلــف واحــد فقــط فاكتــب امســه وجب ـواره الرقــم واحــد مثــل «‪ ،»)1( jones‬ولــو‬
‫كان هنــاك مؤلفــان للورقــة فاكتــب اســم كل منهمــا مثــل «(‪ ،»Jones and Smith )2‬ولــو كان ـوا ثالثــة مؤلفــن‬
‫أو أكثــر اكتــب مثـ ًـا «‪ »Jones et al‬و «‪ »et al‬كلمــة التينيــة تعــي «وآخــرون»‪ ،‬وإذا كنــت تستشــهد بأكثــر مــن‬
‫ورقــة حبثيــة كتبهــا «‪ »Jones‬واشــرك معــه آخــرون فاكتــب «‪ ،»Jones and co-workers‬مثــال علــى ذلــك‬
‫ورقــة حبثيــة نشــرها عــامل كبــر مثــل الدكتــور جمــدي يعقــوب فأنــت تتكلــم عــن إجنــاز الدكتــور جمــدي يعقــوب وجمموعــة كبــرة‬
‫ممــن اشــركوا معــه يف هــذا املوضــوع‪.‬‬

‫‪165‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫أمثلة لبعض األخطاء أثناء كتابة الورقة العلمية‪:‬‬
‫)‪(The -1source per -1paragraph-type‬‬ ‫‪ .1‬وجود مرجع واحد في الفقرة‬

‫شكل ‪ 1‬مثال عىل استخدام مرجع واحد يف فقرة كاملة‬

‫‪ -‬هذا مثال مأخوذ من رســالة ماجســتري لطالب كتب (‪ ،)Karadge et al.‬مث وضع رقم املرجع وبدأ بســرد حمتوى‬
‫مرجعــا واحـ ًـدا لفقــرة واحــدة‪.‬‬
‫ـيوعا‪ :‬أن تضــع ً‬
‫تلــك الورقــة‪ ،‬وهــذا مــن أكثــر أخطــاء الكتابــة شـ ً‬
‫‪ .2‬عرض تطورات بالغة القدم ‪!Going waaaaay back‬‬

‫شكل ‪ 2‬مثال عىل عرض تطورات بالغة القدم‬

‫‪166‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫توضــح الصــورة خطـأً آخــر يف أســلوب الكتابــة لــدى طالــب دكتــوراه عــن املـواد املتقدمــة املســتخدمة يف صناعــة الدراجــات‪.‬‬
‫قــد يبــدو إجـراء حبــث عــن الدراجــات أمـًـرا مضحـ ًكا‪ ،‬لكنــه بالنســبة للباحــث ليــس جمــرد شــيء عــن الدراجــات‪ ،‬بــل دراســة‬
‫عمليــة لزيــادة فــرص احلصــول علــى ميداليــة‪.‬‬
‫بــدأ الطالــب بعــرض قصــة الدراجــات منــذ الدراجــات الــي صنعــت يف ‪ 1490‬يف عهــد دافنشــي‪ ،‬وبالطبــع هــذه بدايــة‬
‫قدميــة جـ ًـدا‪ ،‬وال يلــزم ســرد املشــكلة منــذ القــدم بــل جيــب أن تكــون مـواد حبثــك كلهــا حديثــة وجماريــة للعصــر‪.‬‬
‫‪ .3‬وضع مراجع كثيرة لفقرة واحدة (‪)Citing too many references‬‬
‫مرجعا لفقرة!‬
‫من أخطاء الكتابة كذلك ما تبينه الصورة التالية حيث وضع الطالب ‪ً 13‬‬

‫شكل ‪ 3‬مثال عىل كرثة استخدام املراجع العلمية (‪)Source: Friction Stir Processing of Aluminum Alloys – Copyright: Rajeswari R. Itharaju‬‬
‫فتجنَّــب وضــع مراجــع كثــرة لفقــرة واحــدة جملــرد إظهــار معرفتــك وقراءتــك للكثــر مــن األورق البحثيــة؛ إذ ال يُعقــل أن‬
‫ملخصــا كافيًــا‪ ،‬وإذا‬
‫ً‬ ‫مرجعــا‪ ،‬اعــرض لــه‬
‫تكــون الفقــرة املكتوبــة قــد خلصــت كل هــذه األوراق املشــار إليهــا‪ .‬فــإذا وضعــت ً‬
‫كاف دون أن تكتفــي مبلخــص يف مجلــة واحــدة فحســب‪ ،‬فهــذا‬ ‫وضعــت مرجعــن أو أكثــر عليــك أن تقــارن بينهــم بشــكل ٍ‬
‫يف حــد ذاتــه قــد يثــر غضــب املمتحــن‪.‬‬

‫‪167‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫نماذج لبعض األمثلة الجيدة في كتابة الورقة العلمية‬
‫‪ .1‬الكتابة النقدية (‪:)Being Critical‬‬

‫شــكل ‪ 4‬للكتابــة النقديــة (‪Source: Effect of the forging pressure on the microstructure and residual stress‬‬
‫‪)4V linear friction welds – Copyright: J. Romero et, al–6Al–development in Ti‬‬

‫أشــار الكاتــب هنــا إىل ســت أوراق حبثيــة‪ ،‬مث قــام بعــد ذلــك مبــا نســميه (تفصيــل بعــد إمجــال)‪ ،‬حيــث بــدأ بالشــرح‬
‫التفصيلــي لــكل ورقــة حبثيــة ومــا عليهــا مــن نقــد‪ ،‬فأشــار مثـ ًـا إىل الورقــة األوىل‪ ،‬وأوضــح مشــكلة معينــة فيهــا‪ ،‬مث تنــاول‬
‫الثانيــة وانتقدهــا وهكــذا‪ ،‬وهــذا مــا حيبــذه ممتحــي طلبــة الدكتــوراه‪ .‬فاملراجعــة الســليمة هــي أن تقــوم مبراجعــة كل ورقــة‪،‬‬
‫وتوضــح مــا هبــا مــن نقــص ومــا املطلــوب عملــه لســد تلــك الفجــوة‪ .‬وحنــن بذلــك ال نتحــدث هنــا عــن نقــد الكاتــب نفســه‪،‬‬
‫ّ‬
‫بــل نقصــد البحــث بالتحديــد‪ ،‬وكل حبــث يؤخــذ منــه وي ـَُـرد عليــه مــا دمــت متلــك دليـ ًـا علميًــا يؤكــد مــا تقولــه‪.‬‬

‫‪168‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫‪ .2‬التلخيص (‪:)Summarizing‬‬

‫شكل ‪ 5‬مثال لتلخيص البيانات يف صورة جدول‬

‫هــذا اجلــدول يُلخــص نتائــج أوراق حبثيــة يف موضــوع معــن‪ ،‬وهــو مــن األشــياء الــي يُفضلهــا املمتحــن‪ .‬فمثـ ًـا ميكنــك‬
‫التحــدث عــن نســبة الشــفاء باســتخدام دواء معــن مت اختبــاره يف مصــر واهلنــد وماليزيــا إخل‪ .‬فلــو قمــت بعمــل جــدول‬
‫موضحــا فيــه اســم الــدواء‪ ،‬واجلرعــة‪ ،‬والبلــد‪ ،‬والعينــة املســتخدمة وهكــذا‪ ،‬مث ذكــرت املصــدر‪ ،‬تكــون‬
‫ً‬ ‫يلخــص هــذه النتائــج‬
‫ـدل مــن الســرد الطويــل‪.‬‬ ‫ائعــا بـ ً‬
‫تلخيصــا ر ً‬
‫ً‬ ‫قــد أجريــت‬

‫الخالصة‬
‫لنؤكد اآلن سر ًيعا على بعض النقاط في أسلوب الكتابة‪:‬‬
‫• تعــد «مراجعــة مــا ســبق نشــره ‪ُ »literature review‬مكونـًـا أساســيًا يف الكتابــة العلميــة وهــي جــزء خمتصــر‪،‬‬
‫ومؤثــر‪ ،‬ونقــدي‪ ،‬يبــن مــا مت الوصــول إليــه مــن نتائــج ســابقة ويبــن األجـزاء الناقصــة حــى يكــون باســتطاعتك تغطيتهــا‪.‬‬
‫وج ًها لشخص يف نفس مستواك أو أعلى‪ ،‬كذلك األوراق البحثية‬ ‫• أسلوب الكتابة يف هذا اجلزء جيب أن يكون ُم َّ‬
‫ـرف هبــا‪.‬‬
‫«‪ »papers‬املوجــودة بــه ال بــد أن تكــون عاليــة اجلــودة‪ ،‬وموجــودة يف جمــات أو دوريــات أو كتــب ُمعـ َ‬
‫وعنــد كتابــة هــذا اجلــزء تعــرض فكــرة واحــدة يف اجلملــة‪ ،‬وموضــوع واحــد يف الفقــرة‪ ،‬وجيــب إجــادة اســتخدام القواعــد‬
‫النحويــة وعالمــات الرتقيــم‪.‬‬
‫وكما ذكرنا من قبل هناك بعض األخطاء في هذا الجزء منها‪:‬‬
‫• أن تستشهد بورقة حبثية واحدة وتكتب عنها فقرة بالكامل‪ ،‬فهذا أسلوب غري صحيح يف الكتابة‪.‬‬
‫• أن تُســهب يف احلديــث عــن املوضــوع‪ ،‬فلــو كنــت تناقــش مثـ ًـا املـواد املســتخدمة يف صناعــة الطائـرات حاليًــا‪ ،‬ال تبــدأ‬

‫‪169‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫باحلديــث منــذ بدايــة اخـراع الطائــرة فهــذا غــر مطلــوب‪.‬‬
‫• أن تستشــهد بالعديــد مــن املراجــع جملــرد أن تُبــن للممتحــن أنــك ق ـرأت أوراقًــا كثــرة‪ ،‬وهــذا شــيء ســيء للغايــة‪،‬‬
‫أيضــا كيفيــة نقــد البحــث بشــكل‬
‫وأوضحنــا لكــم منــاذج األوراق البحثيــة اجليــدة الــي جيــب إدراجهــا يف هــذا اجلــزء‪ ،‬و ً‬
‫ســليم‪.‬‬
‫مث حتدثنــا عــن اجلــداول وأمهيتهــا وعــن كيفيــة تقســيم الورقــة البحثيــة إىل أج ـزاء خمتلفــة انطالقًــا مــن «االســتنتاج‬
‫‪ »conclusion‬إىل «املناقشــة ‪ »Discussion‬إىل «النتائــج ‪ »Results‬إىل «الطــرق التجريبيــة‬
‫‪ »Experimental methods‬وانتهــاءً ب ـ «املقدمــة ‪.»Introduction‬‬
‫مث حتدثــت عــن ضــرورة الكتابــة بشــكل خمتصــر‪ ،‬ودقيــق‪ ،‬والبعــد عــن اإلهبــام حبيــث يُفهــم املعــى جيـ ًـدا مــن املــرة األوىل‪،‬‬
‫ـرا عــن كيفيــة كتابــة املراجــع بشــكل ســليم‪.‬‬ ‫وعــن كيفيــة تكويــن اجلمــل وضــرورة اتبــاع القواعــد النحويــة‪ ،‬وأخـ ً‬

‫أسئلة وأجوبة متعلقة بالفصل السابع‬


‫‪ .1‬كيف أتعلم النقد الخاص بأي مقال؟ وهل هي مهارة قابلة للتعلم؟‬
‫انتقــاد البحــث يكــون بتوضيــح مــا كنــت ســتفعله لــو أنــك صاحــب هــذا البحــث أو لــو توفــرت للباحــث إمكانيــات ووســائل‬
‫يضــا‪ ،‬فأنــت تتســاءل‬
‫أفضــل‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬لــو كان حبثًــا طبيًــا ومت إجـراؤه علــى عينــة مــن املرضــى مكونــة مــن أربعــن مر ً‬
‫كاف؟ هــل كانـوا عشـرين رجـ ًـا وعشـرين امـرأة؟ هــل مت انتقاؤهــم بشــكل عشـوائي؟‬ ‫هــل األربعــون مريضــا عــدد إحصائــي ٍ‬
‫ً‬
‫هــل كان ـوا مــن خمتلــف أحنــاء البــاد؟ هــل كانــت هنــاك جمموعــة أخــرى مــن األصحــاء للمقارنــة «‪Comparative‬‬
‫‪ »group‬ومت إعطــاء الــدواء للمجموعتــن ومتابعــة تأثــره علــى كلتيهمــا؟‬
‫فهــذا هــو اجلــزء النقــدي‪ ،‬والــذي تتحــدث فيــه عــن ركــن مــن أساســيات البحــث العلمــي مت إغفالــه‪ ،‬وعمــا كنــت ســتفعله‬
‫أنــت كباحــث علمــي مرمــوق لــو كــررت نفــس البحــث مــرة أخــرى‪ ،‬فمثـ ًـا هــل تــرى عــدد التجــارب يف البحــث غــر ٍ‬
‫كاف‪،‬‬
‫أو لــو كان حبثًــا طبيًــا ‪ -‬ألن األحبــاث الطبيــة هــي حديــث الســاعة اآلن – هــل تــرى أن الباحــث قــد أغفــل عمــل حتليــل‬
‫إضايف؟‬
‫ولــو كان حبثــا اجتماعيًــا ألشــخاص مــن فئــة عمريــة بــن ‪ 15~12‬عــام‪ ،‬فهــل تــرى ضــرورة تكـرار التجربــة علــى فئــة عمريــة‬
‫أكــر مثـ ًـا بــن ‪ 20 -18‬عــام ملعرفــة تأثــر عمــر املراهقــة علــى النتائــج؟‬
‫هــل تــرى أنــك لــو كــررت التجربــة علــى أشــخاص يف دولــة أخــرى ســتتغري النتائــج؟ أو لــو قمــت بعمــل التجربــة يف دولــة‬
‫مثــل النرويــج –حيــث الطقــس البــارد– مث كررهتــا يف كينيــا –حيــث الطقــس احلــار– ســتصل إىل نتائــج خمتلفــة يف احلالتــن؟‬
‫ـدرس بشــكل أساســي‪ ،‬بــل إنــه شــيء ِشــبه فطــري حيــدث عندمــا تقـرأ الورقــة البحثيــة وتبــدأ‬
‫هــذا هــو النقــد وهــو شــيء ال يـُ ّ‬
‫يف التســاؤل عــن مــدى صحــة ومشوليــة البحــث ألغلــب الظــروف‪ ،‬وإذا كانــت هنــاك إمكانيــة لإلضافــة أو التعديــل عليــه‪.‬‬
‫‪ .2‬ما أقصى عدد من «االستشهادات ‪»Citations‬؟ وهل يفضل وضع الكثير منها؟‬
‫أنــت ال تضــع االستشــهادات إال لــو كنــت تريــد ذلــك‪ ،‬ألن زيادهتــا عــن الــازم يف حبثــك غــر مطلوبــة‪ .‬فعندمــا تضــع جــزءًا‪،‬‬
‫يكــون ذلــك لتقــول إنــك قـرأت هــذه الورقــة البحثيــة واســتخلصت منهــا تلــك النتائــج وأن ذلــك مهــم جـ ًـدا لبحثــك‪ ،‬أمــا إذا‬
‫‪170‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬
‫كانــت تلــك الورقــة الــي تريــد االستشــهاد هبــا ال تضيــف شــيئًا إىل حبثــك‪ ،‬وال تؤيــد أو تعــارض نتائجــك وليــس هلــا عالقــة‬
‫ببحثــك أصـ ًـا‪ ،‬فينبغــي إ ًذا أال تضعهــا‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا كنــت أعــد (‪ )Review paper‬هــل يجــب أن تحتــوي علــى انتقــاد للبحــث أو العمــل الــذي‬
‫قدمتــه أم مجــرد ســرد للعمــل الــذي قمــت بــه؟‬
‫ـادا ســلبيًا؛‬
‫كلمــة ‪ Review‬يف حــد ذاهتــا تعــي النقــد ألهنــا تعــي املراجعــة‪ ،‬فأنــت تنتقــد لكــن ليــس شــرطًا أن يكــون انتقـ ً‬
‫مثل أكتب عن حبثي (أن هذه الدراســة‬ ‫فكلمة النقد ال تعين بالضرورة النقد بالســلب‪ ،‬وقد تكون باملعىن اإلجيايب‪ ،‬فأنا ً‬
‫كانــت أكــر دراســة مكتملــة األركان عــن املوضــوع كــذا وكــذا)‪ .‬هــذا يعتــر نقـ ًـدا إجيابيًــا‪.‬‬
‫لكــن إذا كان هنــاك شــيئًا غــر مقبــول‪ ،‬كأن يقــرح شــخص مــا علــى ســبيل املثــال نظري ـةً جديــد ًة دون القيــام بتجــارب‬
‫إلثباهتــا‪ ،‬فهــو يســتحق النقــد علــى هــذه النقطــة ألنــه مل يقــدم التجــارب الــي تثبــت نظريتــه‪.‬‬
‫وهناك الكثري من النظريات اليت تُثبَت بعد سنوات من اقرتاحها‪ ،‬هلذا كان عدم وجود التجربة سببًا يستحق النقد‪.‬‬
‫‪ .4‬كيف يمكنني أن أعرف الـ (‪)Fabricated paper‬؟‬
‫تصنيــف األوراق البحثيــة هــذا قــد يكــون تصني ًفــا غــر دقيــق جـ ًـدا‪ ،‬ومــن املمكــن أن نتكلــم عــن تصنيفــات أخــرى كثــرة‪.‬‬
‫حيــث يغلــب هــذا النــوع مــن األوراق البحثيــة يف اجملــاالت العلميــة كالطــب واهلندســة‪ ،‬يف حــن أن بعــض األحبــاث الــي‬
‫تُنشــر يف العلــوم اإلنســانية والعلــوم االجتماعيــة واإلنســانيات والقانــون ال يكــون فيهــا هــذا التصنيــف‪ .‬وهــو تصنيــف يُعتمــد‬
‫عليــه بالطبــع‪ ،‬لكننــا نــرى أن أغلبيــة األوراق البحثيــة تلــزم أســلوبًا واحـ ًـدا يف الغالــب‪ ،‬حبيــث تفــرض نظريــة مث تعرضهــا‬
‫وتعــرض التجــارب الــي أجريتهــا وتناقشــها وتقــارن بينهــا وبــن مــا قــام بــه باحثــون آخــرون يف نفــس اجملــال‪.‬‬
‫‪ .5‬هل يجوز اقتباس فقرة ما من المرجع؟‬
‫بالطبــع ال‪ ،‬هــذا غــر وارد علــى اإلطــاق‪ ،‬فبإمكانــك أن تأخــذ فقــرة مــن املرجــع إذا كنــت تريــد شــيئًا دون تعديلــه‪ ،‬كأن‬
‫تكتــب فقــرة مــن مذكـرات حممــد جنيــب مثـ ًـا‪ ،‬ميكنــك إ ًذا أن تقتبــس منهــا ألنــك تريــد أن تقــوم بعمــل مرجــع لــكالم الرجــل‬
‫أيضــا‪ ،‬لكــن يف غالبيــة العلــوم التطبيقيــة كالطــب واهلندســة وغريهــا وحــى العلــوم‬ ‫كمــا قالــه أو كمــا كتبــه وتكتــب املرجــع ً‬
‫اإلنســانية ال تكــون يف حاجــة لنقــل َحـ ْـريف مــن املرجــع للبحــث اخلــاص بــك فــكل املعلومــات املوجــودة يف أي مرجــع ميكــن‬
‫تلخيصهــا وكتابتهــا بطريقتــك اخلاصــة مــع كتابــة املرجــع‪ ،‬لــذا تقــوم بتلخيصهــا مــع ذكــر املرجــع وتتجنــب النقــل احلــريف مــن‬
‫املرجــع ألنــه جرميــة علميــة إذا ارتكبــه طالــب دكتــوراه وال يســمحون لــه باحلصــول علــى الدرجــة‪.‬‬
‫‪ .6‬هل أكتب عنوان البحث بعد نهايته أم يكتب في البداية؟‬
‫املوضــوع خمتلــف قليـ ًـا يف اخلــارج يف أوروبــا أو أمريــكا‪ ،‬حيــث يوجهــك املشــرف إىل موضــوع وتعمــل عليــه وتعــدل فيــه‬
‫كمــا تريــد‪ ،‬لكــن هنــا يف مصــر فاملوضــوع خمتلــف حيــث تكــون عناويــن الرســائل معــدة ســل ًفا‪ ،‬بينمــا يف دول أخــرى ميكنــك‬
‫كتابتــه آخــر شــيء‪ ،‬وقــد حدثــت عــدة مشــكالت بســبب التـزام الشــخص بعنـوان ُمســب ًقا مث انتهــاء البحــث إىل موضــوع‬
‫ـكل ٍ‬
‫كاف‪.‬‬ ‫بعيــد ال يعــر العنـوان عنــه بشـ ٍ‬
‫معبرا عن رأي شخصي أم علمي أم ماذا؟‬
‫‪ .7‬هل يجب أن يكون أسلوب الناقد ً‬
‫لتوضيــح تلــك النقطــة جيــب التنويــه أن النقــد ليــس رأيـًـا شــخصيًا‪ ،‬بــل رأي العلــم يف حمتــوى البحــث ومــدى اكتمــال البحــث‬

‫‪171‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫وأركانــه‪ ،‬ال أن تقــول إنــك ال حتــب الكاتــب فحســب وهلــذا يكــون حبثــه ســيئًا!‬
‫موضوعــا دون أن تقــول الســبب العلمــي لذلــك‪ ،‬فالنقــد مثـ ًـا يف نقــص التجــارب أو العينــة الــي‬
‫ً‬ ‫كمــا ال ميكنــك أن تنتقــد‬
‫أجريــت عليهــا العمليــة أو اإلجـراءات نفســها أو مــا شــابه‪ .‬أو مثـ ًـا كمــا تــرون يف األخبــار أن أحــد األشــخاص اكتشــف‬
‫دواءً جديـ ًـدا لكــن دون جتــارب‪ ،‬فهــل تأكــدت أنــت مــن أعراضــه؟ ومــن نتائجــه؟ وقمــت بعمــل حبــث علمــي جيــد عليــه؟‬
‫وشــرحت النظريــة بشــكل جيــد؟ هــل إذا كان املريــض يعــاين مــن الضغــط والســكر والتليــف الكبــدي‪ ،‬هــل ســيأيت الــدواء‬
‫بنتائــج إجيابيــة؟‬
‫هــذا هــو املقصــود بالنقــد العلمــي وليــس نقـ ًـدا للشــخص نفســه‪ ،‬فعندمــا تقـرأ املقــال عليــك أن تشــعر وتلتــزم بوجهــة نظــر‬
‫العلــم فيــه ال جمــرد وجهــة نظــر شــخصية يف الكاتــب‪.‬‬

‫‪172‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل السابع‬


‫الفصل الثامن‬

‫‪8‬‬
‫أدوات ووســائل هامة في البحث العلمي‬

‫أنا أؤمن باإلبداع‪ ،‬وإحدى طرق تحصيل اإلبداع هي دعمه ماديًا وتعلّم األساسيات‪.‬‬
‫‪-‬بيل جيتس‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪174‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫أدوات ووســائل هامة في البحث العلمي‬

‫ســنتعرف يف هــذا الفصــل علــى األدوات الالزمــة الــي يتعــن علــى أي باحــث اســتخدامها‪ ،‬ونقصــد بــاألدوات جممــوع‬
‫وعمــوم األدوات الــي تَلــزم مجيــع أو علــى األقــل الغالبيــة العظمــى مــن الباحثــن علــى اختــاف ختصصاهتــم واألقســام الــي‬
‫يدرســون هبــا‪ ،‬فمنهــا مثـ ًـا األدوات الــي تَلــزم الباحــث للبحــث عــن فــرص دراســة أو حبــث علمــي ومنهــا أدوات البحــث‬
‫عــن املعلومــات ومطالعــة مــا وصــل إليــه العلــم يف جمــال معــن أو أدوات التعامــل مــع البيانــات وحتليلهــا واالســتفادة منهــا‪،‬‬
‫وكذلــك أدوات الكتابــة إىل آخــره‪.‬‬
‫وهــذا البــاب علــى مــا حيتويــه مــن أدوات يشــبه إىل حــد كبــر مشــروب الكوكتيــل الــذي سنرتشــف فيــه مــن كل عصــر‬
‫فاكهـ ٍـة رشــفةً فنصنــع كوكتيــل‪ ،‬ولكــن مشــروب الكوكتيــل ُمســتعار مــن خــارج بيئــة البحــث العلمــي‪ ،‬فــا تتوقــع أن تكــون‬
‫حياة البحث العلمي مثل ُشــرب الكوكتيل‪ ،‬فرمبا التشــبيه األقرب لبيئة البحث العلمي هو تشــبيهها بالنصل السويســري‪،‬‬
‫الــذي حيتــوي علــى أدو ٍ‬
‫ات عــدة مــن أدوات املعركــة أو القتــال‪ ،‬فبيئــة البحــث العلمــي أقــرب فعـ ًـا لبيئــة املعركــة‪.‬‬
‫قبل أن نبدأ في التعرف على هذه األدوات‪ ،‬نود اإلشارة إلى نقطتين هامتين‪:‬‬
‫أول‪ :‬مجيــع األدوات الــي ســنذكرها لــن يتــم ذكرهــا بالتفصيــل الــذي ســتتحقق معــه االســتفادة القصــوى مــن كل أداة‪،‬‬ ‫ً‬
‫عرضــا سـر ًيعا لــأدوات الرئيســية مــن بــاب لفــت انتباهــك لــأداة وأمهيتهــا وإمكانيــة االســتفادة منهــا يف‬
‫بــل ســيكون فقــط ً‬
‫املفصــل للموضــوع‪.‬‬
‫البحــث العلمــي‪ ،‬فاالســتعراض ســيكون أقــرب الســتعراض الفهرســت منــه إىل الشــرح َّ‬
‫ـامل جلميــع األدوات‪ ،‬فهنــاك أنـواع أخــرى مــن األدوات رمبــا تفيــد مجيــع الباحثــن أو الباحثــن‬ ‫ثانيًــا‪ :‬العــرض لــن يكــون شـ ً‬
‫يف ختصصــات بعينهــا‪ ،‬وكذلــك بعــض مــن األدوات الــي ســنذكرها ســتكون جمــرد أمثلــة وســيكون عليــك أن تبحــث أكثــر‬
‫نفعــا منهــا‪ ،‬وبالتــايل فــإن الغــرض مــن هــذا الفصــل‬
‫للتعــرف علــى األدوات األخــرى عســى أن جتــد أدوات أفضــل وأكثــر ً‬
‫هــو توجيهــك بتلميحــات وإشــارات حــول األدوات املفيــدة‪ ،‬شــيء قريــب ممــا حــدث عندمــا طلــب اإلمــام علــي ابــن أيب‬
‫ـدؤيل بــكل بســاطة ‪« :‬هــو كالم مــن اســم وفعــل وحــرف‬ ‫ـدؤيل أن يضــع علــم النحــو فقــال لــه الـ ّ‬
‫طالــب مــن أبــو األســود الـ ّ‬
‫وانـ ِـح هــذا النحــو»‪ ،‬ومــن مث أطلــق عليــه علــم النحــو‪ ،‬فنحــن يف هــذا البــاب ال منــدك بــكل املعلومــات ولكــن نـُْعلِ ُمــك فقــط‬
‫بأساســيات البحــث العلمــي مث عليــك أن تنحــو حنــو هــذا‪ ،‬فأرجــو أن تتلقــى هــذا الفصــل يف هــذا الســياق وهــذا اإلطــار‪.‬‬
‫نستعرض اآلن خمسة أنواع من األدوات‪:‬‬
‫‪ .1‬أدوات من املمكن أن تكون مصادر للمعلومات واملعارف املفيدة للباحثني‪.‬‬
‫‪ .2‬أدوات لتنظيــم الوقــت وتنظيــم كل مــا يتعلــق مبوضوعــات البحــث مــن أوراق أو مالحظــات أو نتائــج معمليّــة ومــا‬
‫إىل ذلــك‪.‬‬
‫‪ .3‬أدوات البحث للوصول إىل املعلومات املراد الوصول إليها‪.‬‬
‫‪ .4‬أدوات حتليل البيانات‪.‬‬
‫‪ .5‬أدوات كتابة وحترير األوراق العلمية‪.‬‬
‫أول‪ :‬مصادر المعلومات والمعارف للباحثين‪:‬‬
‫ً‬
‫األداة األولى‪:‬‬
‫عبــارة عــن املنافــذ اإلعالميــة واملنافــذ املتاحــة عــر اإلنرتنــت وعــر وســائل التواصــل االجتماعــي ملؤسســة علمــاء مصــر‪،‬‬
‫أيضــا صفحــات فرعيــة وهــي عبــارة عــن مشــروعات مثــل مشــروع «وعــي» ومشــروع «خطـوات»‬ ‫باإلضافــة إىل ذلــك هنــاك ً‬
‫وغريهــا مــن املشــروعات الــي ميكــن أن تكــون مفيــدة لــك‪ ،‬ونتشــرف بدعوتــك ملتابعــة مؤسســة علمــاء مصــر وذلــك لوجــود‬
‫خطــة طموحــة خلدمــة الباحثــن وجعــل املعلومــات واملعــارف املفيــدة للباحثــن يف شــى التخصصــات لدينــا‪ ،‬وكذلــك توفــر‬
‫تعامــل وتالقــي للباحثــن مــن ُمتلــف املواقــع البحثيــة ومــن خمتلــف التخصصــات وتشــجعيهم علــى التعــاون وتشــجيعهم‬‫بيئــة ُ‬
‫علــى العمــل املشــرك‪.‬‬
‫األداة الثانية‪ :‬موسوعة «خطوات» (الرابط)‬
‫هــذه األداة ُمقدمــة مــن مؤسســة علمــاء مصــر‪ .‬وهــي مــن األدوات الرياديــة الــي بدأهتــا املؤسســة‪ ،‬وحتتــوي علــى الكثــر‬
‫ممــا يُفيــد‪ ،‬ففيهــا معلومــات عــن خطـوات الوصــول إىل املواقــع الدراســية يف اجلامعــات الكــرى وخمتـرات البحــث الكــرى‪،‬‬
‫أيضــا قاعــدة بيانــات للمنــح الدراســية وحتتــوي علــى اخلط ـوات الســتة الالزمــة للســفر باخلــارج بدايــة مــن‬
‫ويوجــد هبــا ً‬
‫وصول إىل الوجود يف اخلارج واحلصول على الدرجة العلمية‪ ،‬هذا باإلضافة إىل أن املوســوعة‬ ‫االســتعداد املعريف والنفســي ً‬
‫حتتــوي علــى صفحــة هبــا روابــط لتخصصــات خمتلفــة حيــث يضــع الباحثــون بــكل ختصــص روابــط ومـوارد مفيــدة مرتبطــة‬
‫هبــذا التخصــص‪ ،‬جبانــب قصــص جنــاح وخدمــات أخــرى باملوســوعة‪.‬‬

‫شكل ‪ 1‬نافذة موسوعة خطوات‬

‫‪175‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫األداة الثالثة هي موقع “‪ ”Hotcourses‬الشبيه لموسوعة «خطوات» (الرابط)‬
‫وهــو موقــع عاملــي موجــود بعــدة لغــات ومنــه نســخة لإلمــارات باللغــة العربيــة‪ ،‬حيــث ميكــن مــن خاللــه البحــث عــن‬
‫اجلامعــات واملنــح الدراســية‪ ،‬وعمليــة البحــث عليــه سلِ َســة وميكنــك مــن خاللــه أن تصــل إىل معلومــات قيّمــة عــن املنــح‬
‫املتاحــة يف اجلامعــات يف شــى بقــاع العــامل‪.‬‬

‫شكل ‪ 2‬موقع ‪hotcourses‬‬

‫األداة الرابعة‬
‫ســتفيدك س ـواء كنــت مــن رواد البحــث العلمــي أو مــن الباحثــن عــن فــرص الســتكمال الدراســات العليــا وإج ـراء‬
‫األحبــاث يف اجلامعــات‪ ،‬فمــن املفيــد لــك أن تتعــرف علــى ترتيــب اجلامعــات‪ ،‬فهنــاك عــدة مواقــع تقــدم تصنيــف وترتيــب‬
‫للجامعــات حســب جــودة العمــل البحثــي والعمــل األكادميــي هبــا‪ ،‬ومــن هــذه املواقــع موقــع «‪( »US news‬الرابــط)‬
‫الــذي يرتــب اجلامعــات األمريكيــة‪ ،‬وهــذا الرتتيــب مهــم جـ ًـدا لــك كباحــث ألنــه يُعتــر مؤشـ ًـرا علــى أمهيــة الورقــة البحثيــة‬
‫تبعــا حلجــم اجلامعــة الــي صــدرت عنهــا‪ ،‬وكذلــك هنــاك مواقــع أخــرى مثــل “‪( ”Webometrics‬الرابــط) و‬ ‫ً‬
‫“‪(”shanghairanking‬الرابــط) والــي يشــر إليهــا النــاس بشــكل متكــرر وميكنــك االســتفادة منهــا‪ ،‬فمــن املهــم‬
‫جـ ًـدا أن متيــز بــن اجلامعــات حســب ترتيبهــا وحســبما يراهــا العــامل ويقارهنــا باجلامعــات األخــرى‪.‬‬

‫شكل ‪ 3‬املواقع املختصة بتقديم تصنيف وترتيب الجامعات‬

‫‪176‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫األداة الخامسة هي موقع ‪( thegradcafe.com‬الرابط)‬
‫أيضــا للباحثــن عــن الدراســة يف اخلــارج‪ ،‬فقبــل ظهــور هــذا املوقــع كان يتعــن عليــك إذا قدمــت‬ ‫وهــو مــن املواقــع املفيــدة ً‬
‫طلبًــا جلامعــة مــا أن تنتظــر نتائــج الطلبــات ملــدة شــهر أو اثنــن أو أكثــر ولكــن بعــد ظهــور هــذا املوقــع أصبــح مــن املمكــن‬
‫لــك أن تراســل املوقــع وتستفســر عــن طلــب قــد قدمتــه يف يــوم حمــدد ومل يصلــك مــن اجلامعــة قبــول أو حــى وصلــك رفــض‪،‬‬
‫فمــن املمكــن أن تبحــث فيــه باســم اجلامعــة لتعلــم هــل بــدأَت يف إرســال القبــول للمتقدمــن أم ال‪ ،‬وعلــى الرغــم مــن أنــه‬
‫أحيانـًـا يســبب بعــض مــن التوتــر العصــي‪ ،‬إال أنــه أداة مفيــدة يف اختــاذ بعــض القـرارات‪ ،‬فلرمبــا إجيــاد قبــول مــن جامعــة معينــة‬
‫يعطيــك فرصــة للتفكــر هــل ســتنتظر جامعــة أخــرى أم ســتقبل هبــذا العــرض أو مــا شــابه؟‬

‫شكل ‪ 4‬املوقع الخاص بـ ‪Gradcafe‬‬

‫األداة السادسة هي منصات التعليم اإللكتروني (‪)MOOC Platforms‬‬


‫حيــث أصبحــت هــذه املنصــات متوفــرة بكثــرة‪ ،‬ومــن أشــهرها موقــع كورســيرا (‪ ،)Coursera‬حيــث يتوفــر عليــه‬
‫اآلالف مــن الــدورات املقدمــة مــن جامعــات القمــة يف العــامل‪ ،‬حيــث يقــوم بإلقــاء احملاضـرات األســاتذة اجلامعيــون وغالبًــا‬
‫مــا يكونــون رقــم واحــد ُأو اخلمســة األوائــل يف ختصصاهتــم‪ ،‬فــإذا كنــت ُمقبـ ًـا علــى البحــث يف موضــوع جديــد أو حــى‬
‫غــر جديــد‪ ،‬فننصحــك بــأن تبحــث عــن دورة مــن دورات األساســيات يف هــذا املوضــوع‪ ،‬فهــذه الــدورات مهمــة جـ ًـدا لــك‬
‫كباحــث وســتختصر عليــك أوقاتًــا مــن املمكــن أال تــدرك إمكانيــة اختصارهــا بــأن تتلقــى دورة ملــدة مثـ ًـا ســتة أســابيع أو‬
‫مــا شــابه فيُغنيــك عــن قـراءة كتــب أو برنامــج تعليمــي (‪ )Tutorial‬أو مراجعــات البحــوث الســابقة (‪)Reviews‬‬
‫ومــا شــابه‪ ،‬وســيعرض املعلومــات بشــكل جــذاب ومفيــد‪.‬‬
‫وباإلضافــة إىل كورســيرا (‪ )Coursera‬يوجــد مواقــع أخــرى مثــل (‪ )Edx‬املقــدم مــن جامعــة ‪ ،MIT‬والــذي قــد‬
‫أيضــا هنــاك موقــع (رواق) الــذي أصبــح عليــه دورات‬
‫نقلتــه امللكــة رانيــا باللغــة العربيــة يف مشــروع حتــت اســم (إدراك)‪ ،‬و ً‬
‫كثــرة باللغــة العربيــة‪ ،‬فيمكنــك أن تســتفيد منهــا كمصــدر لتحصيــل املعــارف املفيــدة يف البحــث العلمــي‪.‬‬

‫‪177‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫شكل ‪ 5‬منصات التعليم اإللكرتوين املفتوح‬

‫ثانيًا‪ :‬أدوات تنظيم الوقت وأرشفة األوراق‪:‬‬


‫‪ -1‬أدوات تنظيم الوقت‪:‬‬
‫أ‌‪:Eisenhower Box -‬‬
‫هــي أداة ال حتتــاج معهــا إىل حتميــل أي مــن الربامــج أو مــا شــابه لكنــك حتتــاج إىل أن تزرعهــا يف رأســك‪ ،‬وهــي‬
‫مصفوفــة األولويــات والــي يســموهنا يف أمريــكا نســبةً للرئيــس األمريكــي الســابق ‪ Eisenhower‬الــذي يُقــال إنــه‬
‫هــو أول مــن ابتــدع هــذه املصفوفــة‪.‬‬
‫وتتكــون هــذه املصفوفــة مــن أربعــة مربعــات‪ ،‬مربــع (‪ )1‬ميثــل أشــياء مهمــة عاجلــة‪ ،‬مربــع (‪ )2‬ميثــل أشــياء مهمــة غــر‬
‫عاجلــة‪ ،‬مربــع (‪ )3‬أشــياء غــر مهمــة عاجلــة‪ ،‬مربــع (‪ )4‬أشــياء غــر مهمــة غــر عاجلــة‪ ،‬فباعتقــادك أنــت كباحــث‬
‫ناجــح أو إنســان ناجــح‪ ،‬بــأي مربــع ينبغــي أن تقضــي وقتًــا أكثــر؟ اخــر مــن ‪ 1‬إىل ‪4‬‬

‫شكل ‪ 6‬من أدوات تنظيم وفهرسة الوقت ‪Eisenhower Box‬‬

‫‪178‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫إجابــة السـؤال هــي املربــع رقــم (‪ )2‬والــذي ميثــل أشــياء مهمــة غــر عاجلــة‪ ،‬فأنــت كإنســان ناجــح وصاحــب رؤيــة‬
‫وقــدرة علــى التخطيــط حــاول قــدر املســتطاع قضــاء أغلــب أوقــات يومــك يف إجنــاز األشــياء املهمــة وغــر العاجلــة‪،‬‬
‫ألن هــذا املربــع هــو مربــع القيــادة و ُ‬
‫التخطيــط ورفيــق اإلنســان الــذي ميتلــك الرؤيــة‪.‬‬
‫أيضــا مربــع مهــم‪ ،‬ممــا يعــي أنــه إذا كان هنــاك أمــر مهــم وعاجــل‪،‬‬
‫وبالطبــع فــإن املربــع رقــم (‪ )1‬أشــياء مهمــة وعاجلــة ً‬
‫فدائمــا ســتقضي وقتــك يف مربــع‬
‫ـت إنســانًا صاحــب ختطيــط جيــد ً‬ ‫فعليــك أن تنجــزه اآلن وعلــى الفــور‪ ،‬لكــن لــو كنـ َ‬
‫رقــم (‪.)2‬‬
‫دائما يوجد هناك موعد هنائي ُمدد‪،‬‬ ‫إن عا َل البحث العلمي هو عا َل املواعيد النهائية‪ ،‬فلتســليم أوراقك البحثية ً‬
‫وموعدا هنائيًا لتسليمه‪.‬‬
‫ً‬ ‫مشروعا‬
‫ً‬ ‫ويف املؤمترات كذلك‪ ،‬وإن كنت تقوم بدراسة كورس معني‪ ،‬فإنه سيتضمن‬
‫دومــا يف املربــع‬
‫ومبــا أن البحــث العلمــي هــو عــامل املواعيــد النهائيــة‪ ،‬فيمكنــك أن تكــون كرجــل املطافــئ وتعيــش ً‬
‫دائمــا حتــت ضغــط موعــد التســليم ألنــك تركــت العمــل املهــم للحظــات األخــرة‬ ‫األول (املهــم والعاجــل)‪ ،‬فتصبــح ً‬
‫حــى أصبــح عاجـ ًـا‪ ،‬فيفاجئــك موعــد التســليم النهائــي وأنــت مل تُنجــز املهمــة بأكملهــا ممــا يســتلزم طلــب فرصــة‬
‫جديــدة فتقــوم بإرســال رســائل عــر الربيــد اإللكــروين للمنظمــن أو لورشــات العمــل أو للمؤمتــر مــن أجــل تأخــر‬
‫وقــت التســليم‪ ،‬فيتــم رفــض طلبــك‪ ،‬وبذلــك تكــون حياتــك أشــبه حبيــاة رجــل إطفــاء احلرائــق‪.‬‬
‫إ ّن حيــاة البحــث العلمــي مليئــة باملواعيــد النهائيــة‪ ،‬فمــن املهــم جــدًّا أن تكــون يف املربــع رقــم (‪ ،)2‬أمــا املربعــات‬
‫األخــرى مثــل املربــع رقــم (‪ )3‬والــذي ميثــل أشــياء غــر هامــة عاجلــة فيمكنــك أن تفـ ّـوض أحـ ًـدا مــا للقيــام هبــا‪ ،‬أو‬
‫ميكــن أن تقــوم هبــا يف أوقــات الفـراغ‪ ،‬أمــا املربــع رقــم (‪ )4‬أشــياء غــر مهمــة وغــر عاجلــة فيمكنــك أال تقــوم هبــا مــن‬
‫دائمــا‬
‫األســاس‪ ،‬فهنــاك أشــخاص يتورطــون يف تضييــع الوقــت يف األشــياء غــر املهمــة وغــر العاجلــة‪ ،‬فحــاول أنــت ً‬
‫أن حتددهــا وتســتثنيها مــن جدولــك‪.‬‬

‫شكل ‪ 7‬كيفية ترتيب املهام يف ‪Eisenhower Box‬‬

‫ب‪( Toodledo -‬الرابط)‪:‬‬


‫وهــو عبــارة عــن (‪ )To-do list‬أو قائمــة مهــام‪ ،‬وهــو مــن الربامــج ســهلة االســتخدام‪ ،‬ويوجــد هبــا حســاب‬
‫أيضــا ممي ـزات متقدمــة كمشــاركة قائمــة املهــام مــع آخريــن‪.‬‬
‫جمــاينّ حتصــل مــن خاللــه علــى مــا حتتــاج‪ ،‬ويوجــد هبــا ً‬
‫ومــن األدوات املشــاهبة هلــذه األداة‪ :‬التقــومي يف خدمــات الربيــد اإللكــروين مثــل‪Outlook Gmail( :‬‬

‫‪179‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫أيضــا‪ ،‬أو (‪ )Sticky notes‬الــي هــي عبــارة عــن‬ ‫‪ ،)Yahoo‬والــي ميكــن أن تســتخدمها لنفــس الغــرض ً‬
‫أوراق مالحظــات الصقــة تقــوم بكتابــة مهامــك عليهــا ولصقهــا أمامــك‪ ،‬والفكــرة املشــركة الــي جتمــع كل هــذه‬
‫ـادرا علــى كتابــة املهــام كــي ال تنســاها‪ ،‬ألن حيــاة البحــث العلمــي حتتــوي علــى كثــر مــن‬ ‫األدوات هــي أن تصبــح قـ ً‬
‫الضغــوط‪ ،‬فســيكون مــن الصعــب مــع هــذه الضغــوط أن حتتفــظ بــكل املهــام املطلوبــة منــك يف رأســك‪ ،‬وبالتــايل‬
‫فــا بـُ ّد لــك مــن أداة سـواء كانــت ورقــة أو برنامــج لتنظيــم املهــام وســردها‪ ،‬فتتأكــد أنــك متابــع للمهــام ومنفـ ٌذ هلــا‪،‬‬
‫وستشــعر بســعادة بالغــة عندمــا تنتهــي مــن مهمــة مــا وتضغــط علــى مربــع حــذف املهــام املنتهيــة أو تقــوم بتمزيــق‬
‫الورقــة الالصقــة‪ ،‬فستشــعر وقتهــا أنــك قــد قمــت بإجنــاز وتقدمــت خطــوة لألمــام‪.‬‬

‫شكل ‪ 8‬برامج توفر أوراق مالحظات مثل ‪ Toodledo‬و ‪Sticky Notes‬‬


‫ج – ‪:OneNote‬‬
‫هــي أداة ستكتشــف أمهيتهــا أثنــاء عملــك يف البحــث العلمــي ومــن خــال إجرائــك للتجــارب ُّ‬
‫وتنقلــك الســتعراض‬
‫البحــوث الســابقة‪ ،‬وتنقلــك بــن األوراق املختلفــة‪ ،‬فســيكون لديــك العديــد مــن األشــياء الــي تســتوجب كتابتهــا‬
‫سـواء كانــت النتائــج الــي ختــرج مــن التجــارب أو األشــياء الــي تقرؤهــا يف األوراق أو مالحظــات مهمــة حتتــاج إىل‬
‫االحتفــاظ هبــا‪ ،‬ولذلــك فإنــه يلزمــك أداة لتســجيل املالحظــات بطريقــة ســهلة وسـريعة‪ ،‬فكمــا يُقــال «العلــم صيــد‬
‫والكتابــة قيــد»‪ ،‬وحــن تعتقــد أنــه باســتطاعتك تذكــر كل األشــياء الــي تريــد فــإن ضغــوط العمــل البحثــي ســتجعلها‬
‫تتبخــر ولــن تنجــدك ذاكرتــك حــن حتــاول اللجــوء إليهــا‪.‬‬
‫ومــن هــذه األدوات (‪ ،)OneNote‬وهــذه األداة مــن باقــة (‪ ،)Microsoft office‬فــإذا كانــت‬
‫موجودة يف جهازك حاول االستفادة منها أو احبث عن أداة بديلة جمانية يف حالة عدم وجود (‪Microsoft‬‬
‫‪ )office‬لديــك‪ ،‬حيــث تعــد أداة رائعــة جـ ًـدا حيــث أنــه ال يوجــد هبــا أي قيــود خاصــة بالكتابــة هبــا كمــا يف‬
‫أيضــا أن تكتــب فيهــا خبــط اليــد‬
‫برنامــج ‪ Word‬وغــره‪ ،‬فتمكنــك مــن كتابــة الكلمــات يف أي مــكان‪ ،‬وبإمكانــك ً‬
‫أيضــا مــن تســجيل فيديــو ووضعــه يف مــكان مــا لتوثــق‬
‫أو تقــوم بإنشــاء رســم بيــاينّ أو تســجيل صــوت‪ ،‬ومتكنــك ً‬
‫تطــورات حبثــك‪ ،‬مثـ ًـا‪« :‬أنــا قمــت بالتجربــة ووجــدت أن لــون احمللــول مائــل للصفــرة»‪ ،‬فتســمح لــك بتســجيل كل‬
‫أول بــأول‪.‬‬
‫املالحظــات البحثيــة ً‬

‫‪180‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫وهــذه النقطــة تعــد بالغــة األمهيــة ألن كل النتائــج البحثيــة س ـواء الوســطية أو النهائيــة حتتــاج أن تكتبهــا‪ ،‬فــإذا مل‬
‫ومكلفــة‪ ،‬فقــم بتســجيل‬‫تكتبهــا يف نفــس اللحظــة‪ ،‬فســيكون الرجــوع هلــا وإعــادة إنتاجهــا الح ًقــا عمليــة ُمتعبــة ُ‬
‫النتائــج البحثيــة باســتخدام أدوات تســجيل املالحظــات‪.‬‬

‫شكل ‪ 9‬مثال عىل برنامج ‪ MS OneNote‬واستخداماته‬

‫‪ -2‬األدوات الخاصة بإدارة المراجع‪:‬‬


‫فــإذا قمــت بزيــارة مكتبــات الرســائل البحثيــة وتصفحــت رســائل املاجســتري والدكتــوراه‪ ،‬فســتجد بالصفحــات األخــرة مــن‬
‫هــذه الرســائل قائمــة املراجــع الــي تتضمــن األوراق املستشـ َـهد هبــا‪ ،،‬فســتجد مــا ال يقــل عــن مائــي مرجــع‪ ،‬وهــذا عــدد‬
‫كبــر‪ ،‬وينبغــي عليــك أن تبحــث عــن طريقــة لالحتفـ ُ‬
‫ـاظ هبــا وإدارهتــا‪ ،‬وأن تعــرف مــا قمــت بقراءتــه منهــا ومــا قــد حتتــاج أن‬
‫ضمنــه يف أوراقــك البحثيــة ويف رســالتك الــي ستنشــرها‪ ،‬ألنــه مــن ضمــن واجبــات الباحــث أن يقــوم باســتعراض األحبــاث‬ ‫تُ ّ‬
‫الســابقة لتكــون ورقتــك متضمنــة كل مــا توصــل إليــه العلــم يف هــذا املوضــوع‪ ،‬فمــن املهــم جـ ًـدا أن تقــوم بــإدارة املراجــع‪.‬‬
‫ومن أهم األدوات املوجودة يف هذا الصدد هي (‪Mendeley، Zotero، EndNote Refworks،‬‬
‫‪ ،)JabRef‬وهــي أدوات مفيــدة جـ ًـدا منهــا مــا هــو جمــاينّ مثــل (‪ ،)Mendeley، Zotero‬ومنهــا مــا يتوجــب‬
‫عليــك دفــع مقابــل لالشـراك هبــا واالســتفادة مــن خدماهتــا مثــل (‪.)Refworks، EndNote‬‬

‫شكل ‪ 10‬أمثلة عىل الربامج الخاصة بإدارة املراجع‬

‫والصــورة رقــم (شــكل ‪ )11‬توضــح واجهــة برنامــج (‪ ،)Mendeley‬فكمــا تــرى فإنــه بإمكانــك بســهولة أن تقــوم‬

‫‪181‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫بالبحــث عــن أي موضــوع‪ ،‬وهنــا قــد قمنــا بالبحــث عــن (‪.)Sentiment Analysis‬‬
‫وهــذا الربنامــج يذهــب بــك مباشــرة إىل حمــركات البحــث‪ ،‬أو يأتيــك مــن خــال قاعــدة بياناتــه بــاألوراق املوجــودة فيهــا‪،‬‬
‫وبســهولة جـ ًـدا ميكنــك أن تتنقــل بــن األوراق وتــرى املعلومــات اخلاصــة بــكل ورقــة‪ ،‬وميكنــك أن تــرى املؤلفــن ومعرفــة مــا‬
‫إذا كان هنــاك مؤل ًفــا قــد نشــر الكثــر يف موضــوع مــا‪ ،‬فتنقــر علــى امســه فيأتيــك الربنامــج بــكل أوراقــه البحثيــة‪ ،‬ومــن املمكــن‬
‫أن تصنــف األوراق يف جملــدات حســب ســنة نشــر البحــث أو حســب العناويــن الفرعيــة للموضــوع البحثــي‪ ،‬ومــن املمكــن‬
‫أيضــا إذا كان هنــاك ملــف ‪ PDF‬هلــذه األوراق أن تنقــر نقرتــن علــى االســم فــرى ملــف ال ـ ‪ PDF‬يف نفــس املــكان‪،‬‬ ‫ً‬
‫وكذلــك ميكنــك وضــع مالحظــات علــى هــذا امللــف‪.‬‬
‫أيضــا أن تقــوم بعمــل (‪ )Export‬أو اســتعراض ملصــادر األوراق البحثيــة فيقــوم الربنامــج بعــرض هــذه املصــادر‬ ‫وميكنــك ً‬
‫بشــكل معــن علــى برنامــج (‪ )word‬أو برنامــج (‪ )LaTeX‬كمــا ســنرى يف فصــل الحــق مــن الكتــاب‪ ،‬وبذلــك يكــون‬
‫بإمكانــك وضــع هــذه املصــادر بســهولة يف قائمــة املراجــع لديــك يف الرســالة أو الورقــة البحثيــة‪.‬‬
‫باإلضافــة إىل ذلــك يوجــد يف أغلــب تلــك األدوات مــا يُســمى باجملموعــات‪ ،‬واجملموعــة‪ :‬هــي عــدد مــن األشــخاص‬
‫املهتمــن مبوضــوع حبثــي معــن قامـوا بإنشــاء جمموعــة وضعـوا فيهــا كل األوراق املهمــة‪ ،‬أو الــي قرؤوهــا يف ذلــك املوضــوع‪،‬‬
‫وبذلــك تســتطيع العثــور علــى جمموعــة مهتمــة مبوضوعــك البحثــي‪ ،‬وهــذا ســيختصر عليــك الكثــر مــن الوقــت‪.‬‬

‫شكل ‪ 11‬نافذة برنامج ‪ - Mendeley‬أحد برامج إدارة املراجع‬

‫‪ -3‬خدمات وسائل التخزين السحابية (‪: )Cloud stores services‬‬


‫تســتخدم بشــكل متكــرر يف البحــث العلمــي أو غــره‪ ،‬ومنهــا (‪ )GoogleDrive‬والــي كانــت تســمى ســاب ًقا‬
‫(‪ )GoogleDocs‬والــي تع ـ ّد اآلن إحــدى خدمــات (‪.)GoogleDrive‬‬
‫أيضا (‪ )Dropbox‬و (‪ ،)Microsoft OneDrive‬وكل تلك األدوات متشاهبة وتؤدي الغرض‬ ‫ويوجد ً‬
‫ذاتــه وهــي ممتــازة جـ ًـدا ملشــاركة امللفــات‪ ،‬فمثـ ًـا إذا كان لديــك علــى حاســوبك يف املنــزل أداة (‪ ،)Dropbox‬وعلــى‬

‫‪182‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫أيضــا‪ ،‬فيمكنــك أن تعمــل علــى ملفاتــك يف العمــل مثـ ًـا مث تعــود إىل املنــزل لتجــد أن امللفــات ذاهتــا يف‬
‫حاســوب العمــل ً‬
‫احلالــة األخــرة الــي تركتهــم هبــا‪ ،‬فتتابــع عملــك مــن املنــزل دون أن حتتــاج إىل إرســال ملفاتــك بالربيــد اإللكــروين أو مــا‬
‫شــابه‪ ،‬فأنــت تقــوم بعمــل (‪ )Synchronization‬أو ُمز َامنــة لعملــك مــن األجهــزة املختلفــة الــي تعمــل عليهــا‪،‬‬
‫وللعلــم فاســتخدامها ســهل جـ ًـدا‪.‬‬

‫شكل ‪ 12‬أمثلة لوسائل التخزين السحابية‬

‫فعلــى ســبيل املثــال (‪ )Dropbox‬ســيكون عبــارة عــن جملــد كأي جملــد موجــود يف حاســوبك مــع أيقونــة صغــرة‬
‫يف زاويــة الشاشــة‪ ،‬ومبجــرد نقــرة مزدوجــة فــإن اجمللــد ســيُفتح لــك وتــرى امللفــات مــن أوراق حبثيــة عملــت عليهــا ألحــد‬
‫املؤمتـرات وغريهــا‪ ،‬وكذلــك ميكنــك طباعــة مــا شــئت مــن امللفــات‪ ،‬عــن طريــق تســجيل الدخــول علــى ‪ Dropbox‬أو‬
‫‪ GoogleDrive‬أو ‪ ،OneDrive‬فتصل إىل ملفك وتطبعه‪ ،‬وهذه كلها من األدوات الواجب استخدامها‬
‫لالســتفادة منهــا‪ ،‬فهــي األدوات األهــم يف مشــاركة امللفــات وختزينهــا ومزامنتهــا‪.‬‬

‫شكل ‪ 13‬صورة توضح االرتباط بني سحابة تخزين برنامج ‪ Dropbox‬والحاسوب الشخيص‬

‫‪183‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫ثالثًا‪ :‬أدوات الزمة للبحث للوصول للمعلومات‪:‬‬

‫شكل ‪ 14‬موقع خطوة البحث بني خطوات البحث العلمي‬

‫محركات البحث‪:‬‬
‫ـرا للباحثــن‪ ،‬فســتجد‬
‫اهتمامــا كبـ ً‬
‫ً‬ ‫مــن أهــم أدوات احلصــول علــى املعلومــات ‪ ،‬ومــن حســن احلــظ أن تلــك احملــركات ْأولَــت‬
‫أن أشــهر حمــركات البحــث مثــل‪ Google :‬و‪ Bing‬و‪ Yahoo‬جيلبــون لــك معلومــات تفيــدك كباحــث عندمــا‬
‫تبــدو مجلتــك الــي تبحــث عنهــا مرتبطــة بــأوراق حبثيــة‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال إذا كتبــت يف ‪ Google‬مجلــة‪:‬‬
‫«‪ ،»Automatic Text Summarization Survey‬فســتكون قــد أدخلــت مجلــة حــول موضــوع‬
‫حبثــي‪ ،‬فتقــوم حينهــا احملــركات جبلــب األوراق وعــرض كل ورقــة متضمنــة اســم املؤلــف‪ ،‬وســيعرض لــك عــدد م ـرات‬
‫أيضــا ميــزة مفيــدة لــك كباحــث‪،‬‬
‫االستشــهاد وكذلــك روابــط املقــاالت املتعلقــة باملوضــوع الــذي حبثــت عنــه‪ ،‬وهــي ً‬
‫فمحــركات البحــث بشــكل عــام تُعتــر مدخــل مهــم للوصــول لألحبــاث‪ ،‬فقدميـًـا كان يتعــن علــى الباحــث أن يذهــب‬
‫للمكتبــات ويق ـرأ مفاتيــح الوصــول للكتــب والدوريــات واملنشــورات مــن أجــل حتضــر حبثــه العلمــي‪ ،‬لكــن اليــوم وبوجــود‬
‫احلواســيب تســتطيع بنقــرة واحــدة أن تصــل إىل آالف املقــاالت لتكــون يف متنــاول يــدك‪.‬‬

‫شكل ‪ 15‬نتيجة عملية بحث عىل ‪Google‬‬

‫‪184‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫صممــة‬
‫وباإلضافــة إىل حمــركات البحــث الــي ذكرناهــا ســاب ًقا هنــاك حمــركات حبــث خاصــة باملواضيــع البحثيــة‪ ،‬وهــي ُم َّ‬
‫للباحثني ومن أشهرها ‪ Google Scholar‬و ‪ Microsoft Academic Search‬وهذان احملركان‬
‫يقدمــان خدمــات متشــاهبة‪ ،‬إال أنــه يف بعــض األحيــان حيتــوي أحدمهــا علــى خصائــص غــر موجــودة يف اآلخــر والعكــس‪.‬‬

‫شكل ‪ 16‬أمثلة ملحركات البحث األكادميية‬

‫مزايا وخصائص ‪:Google Scholar‬‬


‫يُســتخدم ‪ Google Scholar‬كأي حمــرك حبــث ولكنــه متخصــص يف املواضيــع البحثيــة‪ ،‬وتســتطيع ً‬
‫أيضــا مــن‬
‫خاللــه أن حتــدد هــل ســتبحث يف املقــاالت فقــط أم يف ب ـراءات االخ ـراع‪ ،‬وكذلــك ميكنــك – إن كنــت مثـ ًـا مــن أهــل‬
‫القانــون واحملامــاة – أن تبحــث يف القضايــا املرفوعــة يف احملاكــم‪ ،‬ومــا آلــت إليــه هــذه القضايــا‪.‬‬

‫شكل ‪ 17‬نافذة ‪ Google Scholar‬الرئيسية‬

‫فــإذا قمــت بالبحــث يف ‪ Google Scholar‬علــى ســبيل املثــال عــن «‪ »Gene Interaction‬فســتظهر‬
‫لــك النتائــج كمــا يف الصــورة رقــم (شــكل ‪ ،)18‬وجتــد علــى اجلهــة اليســرى مــن شاشــة البحــث إمكانيــة ختصيــص البحــث‬
‫خاصــا جبملــة حبثــك بالضغــط علــى‬
‫نبهــا ً‬ ‫أيضــا بإمكانــك مــن خاللــه أن تُنشــئ ُم ً‬ ‫مــن حيــث تاريــخ النشــر أو غــره‪ ،‬و ً‬
‫«‪ »Create Alert‬أي إنشــاء منبــه فيُطلــب منــك إدخــال بريــدك اإللكــروين‪ ،‬وعنــد إضافــة حبــث جديــد متعلــق جبملــة‬
‫البحــث الــي كتبتهــا ســيقوم بإرســال رســالة عــر بريــدك اإللكــروين خيــرك فيهــا أن هنــاك ورقــة جديــدة مرتبطــة باملوضــوع‬
‫الــذي تبحــث عنــه‪ ،‬وذلــك مفيــد لــك كباحــث حيــث جينبــك إرســال ورقــة حبثيــة قــد مت نشــرها مــن قبــل‪ ،‬فيوفــر ذلــك عليــك‬
‫ـودا‪.‬‬
‫وقتًــا وجمهـ ً‬
‫كذلــك مــن مزايــا ‪ Google Scholar‬أنــه يعــرض لــك اســم الباحــث أو جمموعــة الباحثــن القائمــن علــى الورقــة‬

‫‪185‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫البحثيــة واملــكان الــذي نشــرت فيــه هــذه الورقــة و كذلــك دار النشــر وســنة النشــر‪ ،‬فاألشــخاص املنغمســون يف البحــث‬
‫دائمــا مــا تتجــه عيوهنــم ألمســاء الباحثــن الذيــن نشــروا حــول موضوعهــم والســنة الــي نشــروا فيهــا‪ ،‬وأيض ـاَ يقــوم‬ ‫العلمــي ً‬
‫هــذا احملــرك بذكــر عــدد مـرات ال ـ ‪ Citation‬أواالستشــهاد والــي تُعتــر أحــد معايــر جــودة الورقــة البحثيــة‪ُ ،‬فيتّــب لــك‬
‫حمــرك البحــث األوراق حســب عــدد مـرات االستشــهاد هبــا‪ ،‬وتُعتــر هــذه اخلاصيــة هامــة جـ ًـدا خاصــة عنــد عمــل اســتعراض‬
‫للبحــوث الســابقة (‪ ،)Literature review‬فعندمــا تصــل لورقــة مــا يف نتيجــة البحــث ورأيــت أنــه مــن املمكــن‬
‫االستشــهاد هبــا يف ورقتــك البحثيــة بــأن تكتــب أن تلــك الورقــة العلميــة قــد أجنــزت كــذا وكــذا‪ ،‬فمــا عليــك إال أن تذهــب‬
‫إىل ( ‪ ) Google Scholar‬وتــرى عــدد م ـرات االستشــهاد هلــذه الورقــة‪ ،‬وبالنقــر علــى الرابــط (‪)Cited by‬‬
‫ســيعرض لــك كل األحبــاث الــي استشــهدت هبــذه الورقــة‪ ،‬فتقـرأ مــاذا كتبـوا عنهــا لتســتفيد منهــم‪ ،‬فلعلــك أخطــأت يف فهــم‬
‫شــيء يف الورقــة فيصححــه لــك تعليــق اآلخريــن عليهــا‪ ،‬وتــرى كذلــك األشــياء الــي لفتــت انتبــاه غــرك يف الورقــة وكانــت ال‬
‫بــد أن تلفــت انتباهــك أو أنــه رمبــا مــن اخلطــأ اإلشــارة إىل الورقــة بــدون ذكــر هــذا الشــيء عنهــا‪.‬‬
‫جيدا أمهية عدد مرات االستشهاد بالنسبة للباحثني‪ ،‬بل ويساعدك على صياغة الـ (‪Literature‬‬ ‫فهذا احملرك يدرك ً‬
‫‪ )review‬يف صــورة قصــة بذكــر تاريــخ تطــور النقطــة الــي تعمــل عليهــا مــن خــال األحبــاث الســابقة ومــا أضافتــه ممــا يــدل‬
‫علــى كونــك ُملــم مبوضوعــك البحثــي جيـ ًـدا‪ ،‬فيمكنــك أن تبــدأ مثـ ًـا بورقــة نُشــرت عــام ‪ 1991‬وتكتــب أن تلــك الورقــة‬
‫وضحــت كــذا وكــذا مث تــرى كيــف بَــى عليهــا النــاس الذيــن استشــهدوا هبــا ســاب ًقا يف أحباثهــم‪ ،‬بعدهــا توضــح كيــف أن‬
‫باحثًــا مــا أتــى بعدهــا وبــى عليهــا وقــال كــذا وكــذا وجرهبــا باحــث آخــر فوجــد أن النتائــج خمتلفــة وهكــذا‪ ،‬فتكــون الصــورة‬
‫كاملــة أمامــك أثنــاء الكتابــة‪.‬‬

‫شكل ‪ 18‬خيارات البحث عىل ‪Google Scholar‬‬

‫ميكنــك أيضـاَ عــرض املقــاالت األخــرى املتعلقــة بنفــس املوضــوع بالضغــط علــى ( ‪ ، ) Related articles‬واحلصــول‬
‫على قائمة باملراجع مكتوبة بأكثر من طريقة من طرق تنســيق املراجع املشــهورة بالضغط على «‪ »Cite‬مث تقوم بنســخ‬
‫هــذا املرجــع (‪ )Copy‬ولصقــه يف ورقتــك البحثيــة (‪ )Paste‬أو احلصــول علــى قائمــة املراجــع بأكملهــا جاهــزة بعمــل‬

‫‪186‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫(‪ )Import‬هلا يف أحد الربامج مثل (‪ )Endnote، Refwork، etc‬واليت ميكنك االختيار بينها بسهولة‪.‬‬

‫شكل ‪19‬خدمة ‪ My Citation‬التي يوفرها ‪Google Scholar‬‬

‫كذلــك مــن األدوات الــي يقدمهــا ‪ Google Scholar‬خدمــة ( ‪ ) My citation‬الــي ميكنــك مــن خالهلــا‬
‫إنشــاء حســاب‪ ،‬ويصبــح لديــك صفحتــك اخلاصــة الــي تعــرض مــن خالهلــا األحبــاث الــي قــد نشـرهتا‪ ،‬وعنــد زيارتــك أحــد‬
‫صفحــات الباحثــن ســتجد قائمــة بــكل األحبــاث الــي مت نشــرها وعــدد ال ـ ‪ Citation‬وال ـ ‪ H index‬للباحــث‪ ،‬وكل‬
‫أيضــا لســهولة الوصــول إىل باقــي‬
‫املعلومــات الــي ختــص الورقــة واملشــاركني فيهــا‪ ،‬فهــي مفيــدة لــك كباحــث لعــرض أحباثــك و ً‬
‫الباحثني‪.‬‬
‫كذلــك ميكنــك أن تبحــث عــن اجملــاالت البحثيــة‪ ،‬فمثـ ًـا باختيــارك جمــال حبثــي معــن سـ ُـرتُّب لــك الباحثــن يف هــذا اجملــال‬
‫حســب عــدد مـرات االستشــهاد الــي حصلـوا عليهــا يف جممــوع أوراقهــم أو ال ـ ‪ H index‬اخلــاص هبــم وبالتــايل ميكنــك‬
‫أن تصــل ألهــم الباحثــن يف هــذا اجملــال أو الباحــث رقــم واحــد يف كل جمــال مــن خــال املقاييــس البحثيــة املســتخدمة يف‬
‫كل العــامل‪.‬‬

‫‪187‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫شكل ‪ 20‬منوذج لصفحة مؤلف عىل خاصية ‪ My Citation‬الخاصة ب‪Google Scholar‬‬

‫أيضــا مــا يُســمى « ‪ » Google Scholar Metrics‬والــي‬ ‫ومــن خصائــص «‪ً »Google Scholar‬‬
‫ميكــن الوصــول إليهــا بالضغــط علــى ‪ Metrics‬يف الصفحــة الرئيســية‪ ،‬وهــو يعــرض لــك كمــا بالصــورة (شــكل ‪)21‬‬
‫كل اجملــات واملؤمت ـرات يف التخصصــات العامــة أو الفرعيــة‪ ،‬فيعــرض لــك كل املؤمت ـرات واجملــات ويرتبهــا حســب ال‬
‫‪ H index‬وهــو أحــد املعايــر الــي تعــر عــن مكانــة الباحــث أو اجمللــة البحثيــة فمثـ ًـا ســتجد يف الصــورة (شــكل ‪)21‬‬
‫علــى رأس القائمــة اجملــات املشــهورة عامليــا مثــل ‪ Nature‬و ‪The New England Journal of‬‬
‫‪ Medicine‬و ‪.Science‬‬
‫وعلــى يســار الشاشــة ســتجد قائمــة بالتخصصــات‪ ،‬وبالضغــط علــى أي ختصــص ســيَعرض لــك كل املؤمتـرات اخلاصــة بــه‪،‬‬
‫وميكــن االســتفادة مــن ذلــك عندمــا حتتــوي ورقتــك البحثيــة علــى مســامهة جديــدة ومفيــدة وتســتحق أن تشــارك يف مؤمتــر‬
‫كبــر فيمكنــك مراســلة القائمــن علــى هــذا املؤمتــر‪ ،‬وإذا مل تُوفَّــق فيــه‪ ،‬راســل األقــل تأثـ ً‬
‫ـرا وهكــذا‪.‬‬

‫شكل ‪ 21‬ترتيب املجالت البحثية باستخددام خاصية ‪Google Scholar Metrics‬‬

‫‪188‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫مزايا وخصائص ‪:Microsoft Academic Search‬‬
‫مــن األدوات أيضــا حمــرك حبــث «‪ »Microsoft Academic search‬والــذي ال زال يف طــور التجريــب‪،‬‬
‫وبــه تقريبًــا نفــس املزايــا املوجــودة يف حمــرك حبــث «‪ »Google Scholar‬مــع بعــض الفـوارق‪ ،‬فمثـ ًـا جوجــل يغطــي‬
‫ـددا أكــر مــن األوراق العلميــة‪.‬‬ ‫عـ ً‬

‫شكل ‪ 22‬النافذة الرئيسية لـ ‪Microsoft Academic Search‬‬

‫إال أنــه يتميــز بطريقــة عــرض جذابــة‪ ،‬وميكنــك مــن خاللــه أن تتبــع املســار البحثــي ألحــد الباحثــن مــن حيــث عــدد األحبــاث‬
‫الــي نشــرها خــال ســنوات رحلتــه البحثيــة‪ ،‬وعــدد مـرات االستشــهاد الــذي مت مــن أوراقــه‪ ،‬وذلــك عــن طريــق خمطــط بيــاين‬
‫جــذاب يقدمــه املوقــع يوضــح فيــه هــذه الرحلــة‪ ،‬فــرى ُمنحــى جنــاح الباحثــن وكيــف أن النجــاح يــأيت بعــد ســنوات كثــرة‬
‫مــن العمــل اجلــاد‪.‬‬

‫شكل ‪ 23‬تتبع مسار أحد الباحثني من خالل ‪Microsoft AcademicResearch‬‬

‫‪189‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫كما ميكنك أيضا مشاهدة املشاركني هلذا الباحث يف أحباثه من خالل الضغط على(‪)Co-author Graph‬‬

‫شكل ‪ 24‬خاصية ‪Co-author Path‬‬

‫وهنالــك أيضــا «‪ »Co-author Path‬والــي متكنــك مــن إدخــال امســك كباحــث لديــه بعــض املنشــورات البحثيــة‬
‫خاصــة يف جمــال الرياضيــات أو اجملــاالت القريبــة منهــا كاإلحصــاء ومــا شــابه‪ ،‬فــرى املســافة بينــك وبــن (بيــل إردوس)‪،‬‬
‫فتتعــرف علــى رقــم إردوس اخلــاص بــك‪ .‬هنــاك مــا يســمى ب ـ (‪ ، )Erdos number‬حيــث أن (إردوس) هــو‬
‫وســي بأبــو الرياضيــات لكونــه نشــر ‪ 1500‬حبثًــا وهــذا أكــر عــدد أحبــاث قــد نُشــرت يف الرياضيــات‬
‫باحــث يف الرياضيــات ُ‬
‫ومنــه قــرر النــاس عمــل رقــم (إردوس) للمقارنــة بــن الباحــث وهــذا العـ ِ‬
‫ـال عــن طريــق رقــم يوضــح كــم حبثًــا نشــرت مــع‬
‫ـددا مــن‬
‫العــامل إردوس سـواء بطريــق مباشــر أو غــر مباشــر‪ ،‬واعتُمــدت الطريقــة فيمــا بعــد وأصبــح لــكل باحــث ميتلــك عـ ً‬
‫املنشــورات مــا يســمى برقــم إردوس‪ ،‬فكمــا تــرى يف الصــورة (شــكل ‪ )25‬الباحــث (‪ )Richard‬يعتــر رقــم إردوس‬
‫لــه هــو ‪ ،4‬فبينــه وبــن العــامل إردوس ‪ 3‬أشــخاص حيــث أن العــامل إردوس ميثــل رقــم صفــر والباحــث ميثــل رقــم ‪ ،4‬فأقصــر‬
‫طريــق بينــه وبــن إردوس ‪.4‬‬

‫شكل ‪ 25‬التعرف عىل رقم إردوس باستخدام خاصية ‪Co-author Path‬‬

‫‪190‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫قواعد البيانات األكاديمية والمكتبات الرقمية‪:‬‬
‫وهــي خمتلفــة عــن حمــركات البحــث‪ ،‬فبعضهــا عــام حيتــوي علــى عــدة ختصصــات وبعضهــا يقتصــر علــى ختصصــات معينــة‬
‫ومــن أمثلتهــا‪:‬‬
‫عامــا‪ ،‬فبــه كل مــا خيــص العلــوم الطبيــة واإلكلينيكيــة والصيدليــة والكيميــاء و‬
‫• موقــع «‪ »Pubmed‬والــذي يعتــر ً‬
‫كل مــا خيــص صحــة اإلنســان وحــى حتليــل اللغــات‪.‬‬
‫• موقع «‪ »IEEExplore‬وهو خاص هبندسة الكهرباء والعلوم املتفرعة عنها‪.‬‬
‫• موقع «‪ »Arxiv.org‬اخلاص بأرشــفة الكثري من اجملالت واملؤمترات بشــكل آيل‪ ،‬ومن مميزاته أنه جماين مقارنة‬
‫باملواقــع األخــرى الــي يتطلــب الوصــول إىل بعــض أوراقهــا دفــع اشـراك شــهري‪ ،‬كمــا ميكنــك مــن خاللــه رفــع ورقتــك‬
‫العلميــة إذا مل تُوفــق يف نشــرها يف أحــد اجملــات أو املؤمتـرات‪ ،‬فتصبــح متاحــة للجميــع ليســتفيدوا منهــا ويستشــهدوا هبــا‬
‫يف أحباثهــم‪ ،‬فهنــاك علــى هــذا املوقــع عــدد ليــس بقليــل مــن األحبــاث اهلامــة الــي يستشــهد هبــا الباحثــون‪ ،‬والــي قــد مت‬
‫رفــض نشــرها مــن قبــل يف جمــات علميــة أو مؤمتـرات‪، ،‬فمــن املفيــد لــك إذا مل تُوفــق يف نشــر حبثــك أن تعرضــه علــى‬
‫ـهورا مــن حيــث ال تــدري‪.‬‬
‫أحــد هــذه املواقــع‪ ،‬فرمبــا تصبــح بســببها باحثًــا مشـ ً‬
‫وهنــاك مشــكلة تواجــه كل الطلبــة يف العــامل العــريب وهــي أن معظــم اجلامعــات ال توفــر طريقــة للوصــول إىل قواعــد البيانــات‬
‫املشــهورة مثــل ‪ Science، Pubmed، IEEExplore‬أو توفرهــا بشــكل حمــدود جـ ًـدا مــع شــرط اجللــوس‬
‫يف مكتبــة اجلامعــة فقــط أو أن تكــون يف جمــال ختصصــك فقــط‪ ،‬وذلــك خبــاف مــا حيــدث يف اجلامعــات الكــرى بالعــامل‬
‫العــريب أو اجلامعــات باخلــارج‪.‬‬
‫وللتخفيــف مــن وطــأة هــذه املشــكلة‪ ،‬فــإن بعــض املواقــع علــى اإلنرتنــت ومواقــع التواصــل االجتماعــي تقــوم بإنشــاء‬
‫(‪ )Groups‬جمموعــات تقــوم بتوفــر األوراق البحثيــة‪ ،‬وهنــاك طريقــة أخــرى ممكــن أن تســتخدمها وهــي مراســلة‬
‫الباحــث صاحــب الورقــة لريســل لــك منهــا نســخة غــر حمميــة‪ ،‬أي النســخة غــر النهائيــة والــي تطابــق بشــكل كبــر جـ ًـدا‬
‫ـرا ميكنــك احلصــول علــى الورقــة البحثيــة عــن طريــق احلصــول علــى رســائل الدكتــوراه‪ ،‬فــإن‬
‫النســخة النهائيــة املنشــورة‪ .‬وأخـ ً‬
‫دائمــا داخــل رســالة الدكتــوراه‪ ،‬ألن الرســالة مــا هــي إال جتميــع األوراق البحثيــة الــي مت‬
‫موضــوع الورقــة البحثيــة موجــود ً‬
‫نشــرها‪ ،‬وســتجد رســالة الدكتــوراه غالبًــا متوفــرة بشــكل جمــاين علــى موقــع اجلامعــة أو صفحــة الباحــث‪ ،‬فمــا عليــك إال أن‬
‫أيضــا عليهــا بعــض اإلضافــات‪.‬‬
‫تبحــث عنهــا هنــاك وســتجدها كمــا هــي بــل ورمبــا ً‬
‫ولــو دخلــت علــى الرابــط املوجــود بالصــورة (شــكل ‪ ،)26‬فســتجد علــى موقــع ‪ Wikipedia‬قائمــة شــبه شــاملة بأهــم‬
‫قواعــد البيانــات العامــة والتخصصية‪.‬‬

‫شكل ‪ 26‬أمثلة لقواعد البيانات األكادميية واملكتبات اإللكرتونية‬

‫‪191‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫ابعا‪ :‬أدوات الزمة لتحليل البيانات (‪:)Data analysis‬‬
‫رً‬
‫وتتــر فيهــا النظريــات واالفرتاضــات‪،‬‬
‫كل حبــث البــد أن حيتــوي علــى جمموعــة مــن البيانــات الــي تُبــى عليهــا االســتنتاجات ُ‬
‫ســنعرض هنــا جمموعــة مــن األدوات الــي تســاعدك يف حتليــل هــذه البيانــات‪.‬‬
‫وبعض هذه األدوات يف متناول اليد ال حتتاج منك كثري من اجلهد‪ ،‬منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫• حمــول الوحــدات (‪ )Unit converter‬والــذي حيــول مــن وحــدة إىل أخــرى‪ ،‬فمثـ ًـا باســتخدامه يسـ ُـهل عليــك‬
‫التحويــل مــن اهلكتــار إىل القــدم املربــع‪ ،‬وميكنــك الوصــول إليــه عــن طريــق حمــرك حبــث ‪ Google‬فتكتــب عليــه مثـ ًـا‬
‫«‪ »acre to square feet 1‬فيقــوم بفتــح هــذا احملــول‪.‬‬

‫شكل ‪ 27‬خاصية تحويل الوحدات عىل موقع البحث ‪Bing‬‬

‫• رســم الدوال باســتخدام ‪ ،Google‬فبإمكانك إدخال دالة رياضية ما كجملة حبث‪ ،‬ســيقوم ‪ Google‬برمسها‬
‫لــك رمسًــا بيانيًــا ميكنــك نســخه بعــد ذلــك بواســطة عمــل‪.Screenshot‬‬

‫شكل ‪ 28‬خاصية رسم الدوال من ‪Google‬‬

‫‪192‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫ومــن األدوات اهلامــة جـ ًـدا يف التعامــل مــع البيانــات برنامــج ‪ ،MS Excel‬وبالرغــم مــن أن أغلــب النــاس يعرفونــه جيـ ًـدا‬
‫إال أنــه حيتــوى علــى أشــياء قــد َتفــى علــى الكثرييــن‪ ،‬فربنامــج إكســيل يســمح لــك بســهولة إدخــال جــدول مــن البيانــات‬
‫وإج ـراء الكثــر مــن العمليــات احلســابية علــى صفــوف وأعمــدة اجلــدول‪ ،‬فمثـ ًـا إذا أردت حســاب (‪Standard‬‬
‫‪ )Deviation‬أي معامل االحنراف لبيانات الصف األول فتحدد الصف وتكتب دالة معامل االحنراف «‪ »SD‬يف‬
‫احلقــل األخــر الفــارغ بنهايــة الصــف‪ ،‬مث تضغــط زر «‪ »Enter‬فيظهــر لــك فيــه ناتــج معامــل االحنـراف لبيانــات الصــف‪،‬‬
‫مث ميكنــك بعــد ذلــك نقــل تلــك الدالــة لباقــي الصفــوف أي حســاب معامــل احنـراف بقيــة الصفــوف بــدون كتابــة الدالــة‬
‫مــرة أخــرى‪ ،‬وذلــك عــن طريــق ســحب احلقــل الــذي َكتبــت فيــه الدالــة ســاب ًقا بالفــأرة ألســفل فيظهــر معامــل احنـراف باقــي‬
‫أيضــا يف احلقــول التاليــة‪ ،‬وهنــاك الكثــر مــن الــدوال الــي تســاعدك كباحــث يف حتليــل البيانــات‪.‬‬
‫الصفــوف ً‬

‫شكل ‪ 29‬استخدام برنامج ‪ Ms Excel‬يف تحليل البيانات‬

‫وهناك بعض األدوات اخلفية يف برنامج إكسيل‪ ،‬واليت ننصحك كباحث باالستفادة منها‪ ،‬وهذه األدوات قد ال يعرفها‬
‫فعلــة وال ظاهــرة افرتاضيًــا‪ ،‬منهــا ‪Toolpak‬‬ ‫حــى حمــريف الربنامــج واملتخصصــن فيــه‪ ،‬وهــي عبــارة عــن أدوات غــر ُم ّ‬
‫‪ Analysis‬ولتفعيلهــا اذهــب إىل التبويــب ‪ File‬واخــر ‪ Options‬مث ‪ add-ins‬مث ‪ Go‬مث قــم باختيــار خانــة‬
‫‪ Toolpak Analysis‬لتفعيلهــا مث اضغــط ‪ ،OK‬حينهــا ســتجد أن الربنامــج قــد أضــاف ًزرا جديـ ًـدا حتــت تبويــب‬
‫‪ Data‬امســه «تحليــل البيانــات ‪.»Data Analysis -‬‬

‫‪193‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫شكل ‪ 30‬أداة ‪ ToolPack Analysis‬يف برنامج ‪Ms Excel‬‬
‫وإذا ضغطــت علــى هــذا الــزر يف وجــود أي بيانــات ُمدخلــة‪ ،‬فســتظهر قائمــة هبــا الكثــر مــن العمليــات الــي يلــزم إجراؤهــا‬
‫أثنــاء العمــل يف البحــث العلمــي‪ ،‬مثــل حســاب «معامــل االرتبــاط ‪ »Coefficient of Correlation -‬بــن‬
‫متغرييــن‪ ،‬أو إج ـراء «اختبــار الداللــة – ‪ »Significance test‬بــن نتائــج حماولتــن حبثيتــن‪ ،‬أو حســاب «املــدرج‬
‫التكـراري‪ »Histogram -‬لشــيء مــا‪ ،‬أو حســاب «فـرات الثقــة ‪ ،»confidence intervals-‬وأمــور أخــرى‬
‫كثــرة ستكتشــفها بنفســك عنــد اســتخدام هــذه األداة‪.‬‬
‫بصفــة عامــة فــإن برنامــج إكســيل يتضمــن خصائــص وأدوات مفيــدة جـ ًـدا‪ ،‬كمــا أنــه متــاح واألغلبيــة متلكــه بالفعــل‪ ،‬لــذا‬
‫ال يبقــى ســوى تفعيلــه واالســتفادة مــن خصائصــه‪ .‬كتدريــب لــك –عزيــزي القــارئ– احبــث عــن أداة تُســمى «اجلــداول‬
‫احملوريــة ‪ »Pivot Tables -‬وتعلّــم كيــف تســتفيد منهــا بنفســك‪.‬‬

‫شكل ‪ 31‬أدوات تحليل البيانات يف برنامج ‪Ms Excel‬‬

‫‪194‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫أيضا بعض األدوات والربامج األخرى اليت ميكن االســتفادة منها‪ ،‬مثل برنامج «ماتالب‪»MATLAB -‬‬ ‫ســنذكر ً‬
‫ـتخدم يف حتليــل البيانــات‪ ،‬والماتــاب هــو خمتــر املصفوفــات أو ‪ .Matrix Lab‬وهنــاك بديـ ًـا جمانيًــا لــه حيتــوي‬ ‫املسـ َ‬
‫ـرا املاتــاب‬ ‫ـ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ـبه‬
‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ـرة‬
‫ـ‬ ‫خ‬ ‫األ‬ ‫ـخ‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫الن‬
‫و‬ ‫‪،OCTAVE‬‬ ‫ـج‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫نا‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ص‬ ‫خصائ‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫ئ‬ ‫باملا‬ ‫ـعني‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ايل‬
‫و‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ـى‬‫ـ‬ ‫عُ‬
‫ل‬
‫ً‬
‫يف واجهــة االســتخدام‪ ،‬لــذا فهــو يوفــر علــى الباحثــن الكثــر مــن عنــاء كتابــة األك ـواد إذا كان يلــزم كتابــة كــود حلســاب‬
‫«التغايــر‪ ،»Covariance -‬أو حســاب «التبايــن‪ ،»Variance -‬أو حــى «رســم بيــاين ‪ »Plot‬لشــيء مــا‪ ،‬أو‬
‫أيــة حســابات أخــرى‪ ،‬حيــث حيتــوي برنامــج ‪ OCTAVE‬علــى ذات األكـواد املســتخدمة يف الماتــاب‪ ،‬لكــن مــع‬
‫اختالفــات طفيفــة جـ ًـدا ال يالحظهــا إال مــن اهتــم بــأدق التفاصيــل‪ ،‬وهــي ســهلة االكتشــاف جـ ًـدا‪ .‬علــى اجلانــب اآلخــر‬
‫يتفــوق برنامــج ‪ OCTAVE‬علــى املاتــاب بأنــه جمــاين‪ ،‬ويشــغل مســاحة أصغــر علــى جهــاز احلاســوب إذا مل يكــن‬
‫بــه ذاكــرة كافيــة‪.‬‬
‫هنــاك أيضــا حزمــة أخــرى مــن الربامــج مثــل ‪ ،Wolfram Mathematica9‬وملــن يعمــل يف جمــال اإلحصــاء‬
‫برناجمــا ‪ SPSS‬و ‪.R‬‬

‫شكل ‪ 32‬أمثلة لربامج تحليل البيانات‬

‫خامسا‪ :‬أدوات الزمة لكتابة األوراق البحثية وتحريرها‪:‬‬


‫ً‬
‫ونستعرض يف هذا الصدد أربعة أنواع من األدوات‪:‬‬
‫‪ .1‬أدوات اللغــة‪ :‬ونشــرح فيهــا كيفيــة التغلــب علــى العقبــات والتحديــات الــي تواجهــك كباحــث أثنــاء الكتابــة‪،‬‬
‫حيــث أن األوراق البحثيــة تُكتــب باللغــة اإلجنليزيــة وهــي ليســت لغتــك األوىل‪ ،‬لــذا مــن املمكــن أن تواجــه بعــض‬
‫املشــكالت أثنــاء الكتابــة‪.‬‬
‫‪ .2‬أدوات الرسومات التوضيحية ‪.Illustration‬‬
‫‪ .3‬أدوات تنسيق وحترير الورقة البحثية ‪.Styling and editing‬‬
‫‪ .4‬أدوات كتابة املراجع واالستشهاد ‪.Referencing and citation‬‬
‫‪ .1‬أدوات اللغة‪:‬‬
‫متامــا عــن اســتخدام برامــج الرتمجــة اآلليــة ‪Machine translators‬‬ ‫أنصحــك بــل أنبهــك عزيــزي الباحــث باالمتنــاع ً‬
‫كمرتجم‪ .‬فمن أسـوأ األخطاء اليت قد ترتكبها كباحث أن تكتب يف جمالك باللغة العربية مث ترتك أمر الرتمجة لإلجنليزية‬
‫جلوجــل‪ ،‬إن هــذا خطــأ فــادح وال يرغــب أي باحــث أن يضــع امســه علــى ورقــة علميــة مكتوبــة هبــذه الطريقــة الســيئة‪ .‬لــذا‬

‫‪195‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫فتجنــب اســتخدام برامــج الرتمجــة اآلليــة كمرتجــم‪ ،‬إمنــا ميكنــك اســتخدامها فقــط كقواميــس‪ ،‬س ـواء قواميــس مفــردات أو‬
‫للحصــول علــى ترمجــات ُمقرتحــة للجمــل القصــرة وشــبه اجلمــل‪ ،‬مــع احلــذر الشــديد أثنــاء هــذا االســتخدام‪ .‬يدعــي البعــض‬
‫أن ترمجــة موقــع ‪ Bing‬أفضــل مــن ترمجــة جوجــل‪ ،‬وهنــاك باحثــون عــرب ضمــن فريــق الباحثــن املهمــن العاملــن علــى‬
‫ترمجــة ‪ ،Bing‬مــن هــؤالء باحــث مصــري صاحــب أثــر كبــر يف جنــاح املوقــع‪ .‬علــى أي حــال جيــب التأكيــد مــرة أخــرى‬
‫علــى اســتخدامه فقــط كقامــوس أو احلصــول علــى ترمجــات مقرتحــة دون الذهــاب إىل أبعــد مــن ذلــك‪.‬‬
‫ـرا بشــأن كتابــة‬
‫تُعــد حمــركات البحــث مــن األدوات الــي ميكــن االســتفادة منهــا أيضــا جبانــب القواميــس‪ ،‬فــإذا كنــت متحـ ً‬
‫كلمــة أو شــبه مجلــة أو حــى مجلــة معينــة‪ ،‬بإمكانــك أن تكتبهــا يف حمــرك البحــث وحتصــل علــى نصائــح واقرتاحــات‬
‫لكيفيــة الكتابــة‪ .‬علــى ســبيل املثــال إذا مل تعــرف هــل تكتــب «‪ »Replace with‬أم «‪ ،»Replace by‬فاكتــب‬
‫فمثل‬
‫االختيارين يف جوجل «‪ »Replace with or Replace by‬ستجد أن هناك من طرح سؤ ًال مشاهبًا‪ً ،‬‬
‫ســتجد يف موقــع ‪( Englishforums‬الرابــط) الكثــر مــن األســئلة الــي قــد ختطــر ببالــك مــن هــذا النــوع‪ ،‬وســتجد‬
‫متخصصــن قــد أجابوهــا ونصحـوا مــى يُســتخدم تعبــر ‪ ،Replace by‬ومــى يُســتخدم تعبــر ‪،Replace with‬‬
‫ـيوعا‪ ،‬إخل‪.‬‬
‫وأيهمــا أنســب‪ ،‬وأيهمــا أكثــر شـ ً‬

‫شكل ‪ 33‬موقع ‪Englishforums‬‬

‫كمــا ميكنــك اســتخدام حمــركات البحــث يف حيلــة أخــرى‪ ،‬فمثـ ًـا إذا مل تكــن متأكـ ًـدا مــن اســتخدام تعبــر «النتائــج‬
‫العمليــة‪ »Experimental Results -‬أم تعبــر «نتائــج التجريــب –‪،»Experimentation Results‬‬
‫فمــا عليــك ســوى أن تضــع كال منهمــا بــن عالمــي تنصيــص « « وتبحــث عنهــا يف حمــرك البحــث الــذي تســتخدمه‪،‬‬
‫ســتجد أن نتائــج تعبــر «‪ »Experimental Results‬تعــدت الســبعة مليــون وثالمثائــة ألــف نتيجــة‪ ،‬بينمــا عــدد‬
‫نتائــج تعبــر «‪ »Experimentation Results‬تقريبــا ثــاث وثالثــن ألــف وســبعمائة نتيجــة‪ .‬كذلــك ســتجد‬
‫حمــرك البحــث قــد اســتغرق زمنًــا أطــول لعــرض نتائــج تعبــر «‪ ،»Experimental Results‬ممــا يعــي أن هــذا‬
‫ـتخداما يف األوراق البحثيــة‪ ،‬فهــو األصــح‪ .‬ميكنــك اســتخدام هــذه احليلــة مــع كلمــات‬ ‫ـيوعا واسـ ً‬ ‫التعبــر هــو األكثــر شـ ً‬
‫مفــردة أو حــى مجــل كاملــة‪ ،‬لتقــرر إذا كانــت تركيبــة مجلــة مــا شــائعة أم ال‪ .‬تُســتخدم هــذه احليلــة كداللــة أو إشــارة علــى‬
‫االختيــار الصحيــح‪ ،‬لكــن ال تؤخــذ نتائجهــا بشــكل حاســم وقاطــع‪ .‬أحيانـًـا يظهــر الفــرق بوضــوح كاملثــال املذكــور‪،‬‬
‫فالتبايــن بــن ثــاث وثالثــن ألــف نتيجــة ل ـ «‪ »Experimentation Results‬وح ـوايل ســبعة مليــون نتيجــة ل ـ‬

‫‪196‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫«‪ »Experimental Results‬تبايــن كبــر ال ميكــن جتاهلــه‪ .‬وميكــن اســتخدام هــذه الطريقــة يف حمركــي البحــث‬
‫‪ Bing‬أو ‪.Google‬‬

‫شكل ‪ 34‬اختالف عدد نتائج البحث التي تحصل عليها عند استخدامك كلمتي ‪ Experimental Results‬و ‪Experimentation Results‬‬

‫مــن األدوات املفيــدة أيضــا والصــادرة عــن شــركة مايكروســوفت‪ ،‬أداة «مختب ـرات مايكروســوفت للترجمــة – ‪labs‬‬
‫‪.»Microsoft translator‬‬
‫منتجــا لالســتخدام‪ ،‬فهــي أداة حبثيــة للتجربــة فحســب‪ ،‬لكنهــا مفيــدة جـ ًـدا للحصــول‬‫وهــذه األداة للعــرض فقــط وليســت ً‬
‫علــى تركيبــات مجــل خمتلفــة ومفــردات متعــددة‪ .‬فكرهتــا ببســاطة أن املســتخدم يكتــب مجلــة مــا‪ ،‬فتقــوم األداة بعــرض الطــرق‬
‫األخــرى املســتخدمة للتعبــر عــن نفــس املعــى باســتخدام كلمــات أخــرى‪ ،‬لذلــك فهــي مــن األدوات املفيــدة لكتابــة مفــردات‬
‫ـدل مــن تكـرار نفــس الكلمــة يف الورقــة البحثيــة بأكملهــا‪.‬‬
‫متنوعــة بـ ً‬
‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬إذا كتبــت مجلــة «‪This paper describes two ways for solving the‬‬
‫ـدل مــن تك ـرار كلمــة «طريقــة ‪ »way-‬ميكــن‬ ‫‪ ،»problem‬ســتجد اقرتاحــات بديلــة لــكل كلمــة يف اجلملــة‪ ،‬فبـ ً‬
‫ـدل مــن اســتخدام «‪ – describes‬تصــف» ميكــن‬ ‫ـدل منهــا‪ ،‬وبـ ً‬
‫اســتخدام كلمــة «أســلوب ‪ »method -‬بـ ً‬
‫ـدل مــن اســتخدام كلمــة‬ ‫اســتخدام كلمــة «تشــرح – ‪ »explains‬أو كلمــة «تناقــش – ‪ .»Discusses‬أيضــا بـ ً‬
‫«‪ -two ways‬طريقتــان» ميكــن اســتخدام تعبــر «‪ – the ways‬الطــرق»‪ ،‬وبــدال مــن كلمــة «‪»to solve‬‬
‫ميكنــك اســتخدام كلمــات‪ »for solving – to address – for addressing« :‬كمفــردات أخــرى ملعــى‬
‫ـدل مــن اســتخدام «‪ -problem‬مشــكلة» ط ـوال الوقــت‪ ،‬ميكــن كتابــة كلمــة‬ ‫«حــل» أو «عــرض»‪ .‬وكذلــك بـ ً‬
‫«‪ – issue‬أمــر»‪ .‬هــذا املثــال البســيط يوضــح تعــدد االختيــارات الــي تطرحهــا األداة ومــدى تنــوع املفــردات املمكنــة‪،‬‬
‫ومــا عليــك إال أن تكتــب اجلملــة مث ختتــار مــن االقرتاحــات الكثــرة الــي تعرضهــا األداة لنفــس املعــى‪.‬‬

‫شكل ‪ 35‬منوذج لطريقة عمل ‪Microsoft Lab Translator‬‬

‫‪197‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫هنــاك جمموعــة أخــرى مــن األدوات تُســتخدم لتقييــم الورقــة البحثيــة بكاملهــا‪ ،‬أو فقــرة أو أي نــص بصفــة عامــة‪ .‬الكثــر مــن‬
‫هــذه اخلدمــات متوفــر مببالــغ ليســت كبــرة وميكــن شـراؤها‪ ،‬لكــن لألســف القليــل جـ ًـدا منهــا متوفــر جمانًــا‪ .‬مــن اخلدمــات‬
‫اجملانيــة خدمــة ‪ Paper Rater‬والــي توفــر للباحــث تقريـًـرا عــن الورقــة البحثيــة الــي يُدخلهــا‪ .‬يشــمل التقريــر األخطــاء‬
‫أيضــا املفــردات الــي‬
‫اللغويــة سـواء مؤءاألخطــاء اهلجائيــة أو األخطــاء النحويــة‪ ،‬أو غريهــا مــن األخطــاء‪ .‬يشــمل التدقيــق ً‬
‫يُنصــح باســتبداهلا إذا كانــت شــاذة يف ســياقها مثـ ًـا‪ ،‬وغريهــا مــن معايــر التقييــم اللغويــة‪ .‬كذلــك تعطــي هــذه اخلدمــة نســبة‬
‫مئويــة للجــزء املنســوخ يف الورقــة البحثيــة‪ ،‬وتســتطيع اكتشــاف مــا يُســمى ب ـ «الســرقة األدبيــة – ‪ ،»plagiarism‬وكمــا‬
‫حرمــات يف البحــث العلمــي‪.‬‬ ‫أوضحنــا يف فصــل ســابق مــن الكتــاب فهــذا األمــر يُعــد مــن املُ ّ‬
‫ونصهــا واملراجــع املســتخدمة فيهــا‬
‫والســتخدام هــذه اخلدمــة اجملانيــة‪ ،‬عليــك أن تُدخــل عن ـوان الورقــة البحثيــة ونوعهــا‪ّ ،‬‬
‫مفصــل بــه درجــة للورقــة –‪ A‬مثـ ًـا–‬
‫إىل آخــره مــن البيانــات املطلوبــة يف اخلانــات احملــددة‪ ،‬فيقــوم املوقــع بإعطائــك تقريــر َّ‬
‫والتعديــات املقرتحــة‪ ،‬مثــل كتابــة أول حــرف مــن كلمــة «‪ »Wikipedia‬كحــرف كبــر « ‪ ،»capital‬أو تعديــل‬
‫ـدل مــن‬
‫مجعــا‪ ،‬مثــل مجلــة «يشــمل التهديــد‪ »The threat contains-‬بـ ً‬ ‫ـردا أو ً‬ ‫الفعــل مــا إذا كان الفاعــل مفـ ً‬
‫«يشمل التهديدات ‪ ،»The threats contains -‬وغريها الكثري من التعديالت واالقرتاحات‪ .‬لن يتسع اجملال‬
‫لذكــر كل تفاصيــل هــذه اخلدمــة‪ ،‬لــذا أدعــوك لتصفحهــا بنفســك واالســتفادة منهــا‪ ،‬وتظهــر خدمــة ‪Paper Rater‬‬
‫يف أول النتائــج مبجــرد البحــث عنهــا يف أي حمــرك البحــث‪ ،‬ويُفضــل اســتخدام حمــرك ‪.Bing‬‬

‫شكل ‪ 36‬مثال توضيحي الستخدام خدمة ‪Paper Rater‬‬

‫‪198‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫شكل ‪ 37‬نتيجة التقييم باستخدام خدمة ‪Paper Rater‬‬
‫يوجــد خدمــات أخــرى كثــرة مشــاهبة خلدمــة «‪ ،»Paper Rater‬لكــن بعضهــا –كمــا أوضحنــا– ليــس جمانيًــا‪،‬‬
‫مثــل خدمــة «‪ »Turn it in‬الــي قامــت بش ـرائها الكثــر مــن اجلامعــات وفرضــت علــى طالهبــا قبــل تســليم رســائل‬
‫الدكتــوراه أو حــى األوراق العلميــة أحيانـًـا أن يســتخدموا هــذا الربنامــج ويســلموا التقريــر الــذي يقدمــه‪ ،‬فيظهــر فيــه إن كان‬
‫هنــاك عمليــات نســخ غــر مشــروع أو أخطــاء أو غــره‪ .‬هنــاك أيضــا برنامــج «‪ »Grammarly‬الــذي يقــدم اخلدمــة‬
‫عــر اإلنرتنــت وكذلــك عــن طريــق التطبيــق الــذي ميكــن تنزيلــه علــى احلاســوب‪.‬‬
‫تصحيحــا للقواعــد وتدقيقــا لغويًــا‪ ،‬وأيضــا حيتــوي برنامــج‬
‫ً‬ ‫ومــن اخلدمــات اجملانيــة برنامــج «‪ »AbiWord‬الــذي يقــدم‬
‫«‪ »Microsoft Word‬علــى تدقيــق لغــوي‪ ،‬س ـواء للهجــاء أو للقواعــد النحويــة‪ ،‬ويقــدم كذلــك اقرتاحــات‬
‫أيضــا‪.‬‬
‫للتعديــل‪ ،‬توجــد تلــك اخلاصيــة يف النســخة اإلجنليزيــة وحديثــا تضمنتهــا النســخة العربيــة ً‬
‫وقبــل أن ننتهــي مــن عنصــر أدوات اللغــة‪ ،‬بقــي أن نذكــر خدمــة أخــرى مهمــة تفيــدك كباحــث إذا كانــت متوفــرة لــدى‬
‫جامعتــك‪ .‬يقــدم قســم اللغــة اإلجنليزيــة يف كثــر مــن اجلامعــات العامليــة خدمــة‪« :‬تدقيــق لغــوي‪-‬‏‪»Proofreading‬‏‪،‬‬
‫فأغلــب هــذه اجلامعــات يــدرس هبــا طلبــة أجانــب ليســت اللغــة اإلجنليزيــة لغتهــم األوىل‪ .‬إذا كانــت اخلدمــة متوفــرة يف‬
‫اجلامعــة الــي تــدرس هبــا –ســتتأكد مــن هــذا األمــر ببحــث بســيط– فبإمكانــك أن تذهــب لقســم اللغــة اإلجنليزيــة‪ ،‬وجتلــس‬
‫بعــض الوقــت لتتناقــش مــع أحــد مقدمــي اخلدمــة وســيعطيك االقرتاحــات والنصائــح الالزمــة لتعديــل الورقــة البحثيــة‪.‬‬
‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬احتــاج أحــد أفـراد فريــق علمــاء مصــر يف عامــه األول لاللتحــاق باملاجســتري يف الواليــات املتحــدة إىل‬
‫مــن يســاعده يف التدقيــق يف «خطــاب الغــرض ‪ »Statement of Purpose‬و»خطــاب البحــث ‪Research‬‬
‫‪ »Statement‬أثنــاء تقدمــه للدكتــوراه‪ ،‬فعرضهــم علــى أحــد متخصصــي اللغــة يف قســم اللغــة اإلجنليزيــة جبامعتــه –‬
‫اضحــا واســتفاد مــن نصائحــه بشــدة‪.‬‬
‫جامعــة ميتشــجن– وبعــد التعديــل ظهــر الفــرق و ً‬
‫رمبــا تتوفــر هــذه اخلدمــة يف اجلامعــات املصريــة أو العربيــة بصفــة عامــة‪ ،‬فــإذا كانــت متوفــرة ننصحــك باالســتفادة منهــا‬
‫جبانــب الربامــج واخلدمــات اإللكرتونيــة الــي حتدثنــا عنهــا ســاب ًقا‪.‬‬

‫‪199‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫شكل ‪ 38‬أمثلة للخدمات التي تقدم تصحيح القواعد النحوية واكتشاف الرسقة األدبية‬

‫‪ .2‬أدوات العرض والتوضيح ‪:Illustration‬‬


‫املقصــود بــأدوات التوضيــح هــي األدوات الــي تُســتخدم يف رســم األشــكال التوضيحيــة لألفــكار يف الورقــة البحثيــة‪.‬‬
‫قدمــة مــن مايكروســوفت‬‫مــن أشــهر هــذه األدوات خدمــة ‪ Visio‬الــي يعرفهــا كثــر مــن الباحثــن‪ ،‬هــذه اخلدمــة ُم َ‬
‫ضمــن جمموعــة األوفيــس‪ .‬مــن ممي ـزات مايكروســوفت أهنــا تعقــد اتفاقيــة مــع كثــر مــن اجلامعــات لتوفــر «حزمــة برامــج‬
‫مايكروســوفت‪ »Microsoft office Package -‬جمانًــا للطلبــة‪ ،‬فســتجد مثـ ًـا طلبــة جامعــة «ميتشــجن»‬
‫وغريهــم مــن دارســي اجلامعــات العامليــة يســتخدمون برامــج مايكروســوفت –أو علــى األقــل برنامــج ‪ Visio‬ومــا يشــبهه–‬
‫جمانًــا‪ ،‬لــذا فبإمكانــك االســتفادة مــن هــذا الربنامــج وخصائصــه جمانـًـا‪ .‬علــى ســبيل املثــال ُيكــن رســم «أشــكال بيانيــة‬
‫‪ ،»Diagrams‬أو «خرائــط تدفــق ‪ ،»Flowcharts‬وغريهــا مــن العمليــات‪ ،‬فهــذا الربنامــج مــن األدوات املهمــة‬
‫جـ ًـدا إلضافــة األشــكال التوضيحيــة إىل األوراق العلميــة‪.‬‬

‫شكل ‪ 39‬برنامج ‪ Visio‬من ضمن مجموعة ‪Ms Office‬‬

‫هنــاك خدمــة جمانيــة أخــرى مــن خــال اإلنرتنــت تُســتخدم عــر املتصفــح مباشــرة‪ ،‬هــي خدمــة «‪ »Draw‬وميكــن زيارهتــا‬
‫عــر (الرابــط)‪.‬‬
‫ســتجد أن هبــا نســبة كبــرة مــن اخلصائــص املوجــودة يف برنامــج ‪ Visio‬لكــن اســتخدامها مــن خــال املتصفــح نفســه‪،‬‬
‫أيضــا مــن األدوات املهمــة‬
‫فيمكــن رســم وحفــظ وإرســال الرســوم علــى هيئــة صــورة ‪ ،PNG‬أو ‪ ،JPG‬إخل‪ .‬فهــذه ً‬
‫املفيــدة يف الرســم اإليضاحــي‪.‬‬

‫‪200‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫وهناك بعض الربامج األخرى مثل ‪ Coreldraw‬و‪ Adobe illustrator‬و‪ Autocad‬وغريها‪.‬‬

‫شكل ‪ 40‬خدمة ‪ draw.io‬إلنشاء األشكال التوضيحية‬


‫‪ .3‬أدوات التنسيق وتحرير الورقة البحثية ‪:Styling and editing‬‬
‫أغلب اجملالت البحثية واملؤمترات تعطيك إرشادات عن كيفية كتابة وتصميم الورقة البحثية‪ ،‬وباإلضافة هلذه اإلرشادات‬
‫فهــي تــزودك ب (‪ )Template‬أي قالــب جاهــز ميكــن اســتخدامه كنقطــة انطــاق لكتابــة الورقــة‪ ،‬حيــث تســتخدم‬
‫هــذه القوالــب يف أحــد الربناجمــن‪ ،‬إمــا برنامــج ‪ LaTeX‬أو ‪.MS Word‬‬
‫مثال‪ :‬مؤمتر ‪ ACL 2014‬املختص بالـ (‪ )Computational Linguistics‬ستجد أنه يعرض لك قالبني‬
‫أحدمها لربنامج ‪ LaTeX‬واآلخر ‪.MS Word‬‬

‫شكل ‪ 41‬مؤمتر ‪ 2014 ACL‬يعرض قالبني أحدهام لربنامج ‪ LaTeX‬واآلخر ‪MS Word‬‬

‫برنامج ‪:MS Word‬‬


‫بالضغــط علــى قالــب املســتند ســتظهر لــك صفحــة القالــب لتبــدأ بكتابــة ورقتــك البحثيــة‪ ،‬وحيمــل هــذا القالــب التنســيق‬
‫املطلــوب للكتابــة مبعــى أنــك لــن حتتــاج أن تغــر نــوع اخلــط أو حجمــه واهلوامــش واحملــاذاة وغــر ذلــك‪ ،‬عليــك فقــط أن‬
‫تدخــل بيانــات حبثــك مــن عنـوان ومؤلفــن وخالصــة البحــث ومــا إىل ذلــك‪.‬‬
‫برنامج ‪:Latex‬‬
‫برنامــج التكــس عبــارة عــن لغــة ترميزيــة (‪ )Markup Language‬حتتــاج إىل بعــض اجلهــد والتعلــم واملمارســة‪ ،‬فــإذا‬

‫‪201‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫أردت كتابــة معادلــة مــا باســتخدام هــذا الربنامــج‪ ،‬فســتكتبها بلغــة ترميزيــة أو أوامــر شــبه برجميــة يف ملــف الكتابــة‪ ،‬وعنــد‬
‫التحويــل مللــف امتــداده ‪ pdf‬فســتظهر لــك املعادلــة بشــكلها الفعلــي وليــس كرمــوز‪.‬‬
‫قــد يبــدو التعامــل مــع برنامــج التكــس صعبًــا يف البدايــة نتيجــة لوجــود هــذه األك ـواد مقارنــة بربنامــج ‪MS Word‬‬
‫الــذي تشــرع بالكتابــة فيــه مباشــرة‪ ،‬إال أنــه مفيــد جـ ًـدا عنــد كتابــة رســائل املاجســتري والدكتــوراه الطويلــة‪.‬‬
‫عنــد اســتخدام برنامــج التكــس فــإن املؤمتــر أو اجمللــة البحثيــة ســتعرض لــك عــدة ملفــات‪ ،‬امللــف األول والــذي ســتقوم‬
‫بإدخــال األكـواد عليــه يكــون امتــداده ‪ tex‬بينمــا امللفــات األخــرى تكــون امتداداهتــا ‪ pdf‬والــذي ســيخرج فيــه الصــورة‬
‫النهائيــة‪ ،‬و‪ bst‬اخلــاص بتصميــم الفهرســة للمراجــع‪ ،‬إضاف ـةً إىل ‪ sty‬اخلــاص بتصميــم الورقــة‪.‬‬
‫ومــن ممي ـزات الالتكــس أنــه إذا انتقلــت مــن مؤمتــر آلخــر لــه تعليمــات خمتلفــة يف الكتابــة فــكل مــا عليــك هــو أن تغــر‬
‫وتبعا له ســيتغري شــكل الورقة إىل التصميم اخلاص باملؤمتر أو اجمللة اجلديدة‬ ‫التصميم فقط أي امللف الذي امتداده ‪ً sty‬‬
‫الــي انتقلــت إليهــا‪ ،‬وهــذا ســيوفر عليــك الكثــر مــن الوقــت‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال لــو بــدأت يف كتابــة رســالة الدكتــوراه اخلاصــة‬
‫بك مث مت اإلعالن عن تعليمات جديدة خاصة بالشــكل والتصميم للرســائل‪ ،‬ســيكون من املرهق بالطبع أن تقوم بتغيري‬
‫تصميــم كل صفحــة علــى حــدة‪.‬‬
‫ومــن اجلديــر بالذكــر أن هنــاك خاصيــة بربنامــج ‪ MS Word‬متكنــك ً‬
‫أيضــا مــن تغيــر منــط الصفحــات دفعــة واحــدة‬
‫وتســمى (‪ )Apply document template‬لكــن برنامــج الليتكــس يــؤدي ذلــك بشــكل أســهل وأســرع‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫بعــد الدخــول إىل القالــب اخلــاص بالربنامــج ميكنــك أن تبــدأ مباشــرة بإدخــال البيانــات علــى امللــف ذي االمتــداد (‪)tex‬‬
‫فتكتــب العنـوان واســم املؤلــف وخالصــة البحــث‪ ،‬ولــن تضطــر لتغيــر نــوع وحجــم ولــون اخلــط حيــث مت حتديدهــم ســل ًفا‬
‫مــن خــال ملــف التنســيق ذو االمتــداد (‪.)sty‬‬

‫شكل ‪ 42‬مثال الستخدام برنامج ‪LaTeX‬‬

‫‪202‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫ويتطلب استخدام برنامج التكس وجود نوعني من األدوات‪:‬‬
‫مكتبــة هبــا تعريفــات خاصــة باللغــة الرتميزيــة للربنامــج (‪ )TEX distribution‬ومنهــا‪ Mik TEX :‬والــذي‬
‫ميكــن أن تصــل إليــه مــن (الرابــط)‪.‬‬
‫أيضا ‪.TexLive‬‬
‫ومنها ً‬
‫برنامــج لتحريــر النصــوص ولــك حريــة االختيــار لنــوع الربنامــج مثــل ‪ Notepad‬ومــا شــابه‪ .‬ومــن خــال (الرابــط)‬
‫ميكنــك االختيــار بــن برامــج حتريــر النصــوص املختلفــة‪ ،‬حيــث جتــد قائمــة هبــا العديــد مــن برامــج التحريــر منهــا ‪Win‬‬
‫‪ Edit‬وهــو ليــس برناجمًــا جمانيًــا إال أن ســعره مناســب ومزايــاه كثــرة فهــو يســاعدك يف كتابــة اجلــداول وإدراج املعــادالت‬
‫والكثــر مــن املهــام كمــا ميَكنــك مــن حتويــل ملفــك إىل ملــف امتــداده ‪ pdf‬بــكل ســهولة عــن طريــق الضغــط علــى‬
‫‪.PDFLaTeX‬‬

‫شكل ‪ 43‬واجهة استخدام برنامج ‪WinEdt‬‬

‫هناك مصادر ميكنك عن طريقها تعلم برنامج الالتكس بكل سهولة عرب (الرابط األول) و (الرابط الثاين) ‪.‬‬
‫ـاعدة عنــد اســتخدامك برنامــج الالتكــس ميكــن االســتفادة منهــا مثــل حمــرر املعــادالت )‪Latex‬‬ ‫هنــاك أدوات مسـ ِ‬
‫ُ‬
‫ـودا أو رمـ ًـزا معينًــا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ـيعطيها‬‫ـ‬ ‫س‬‫و‬ ‫ـادالت‬‫ـ‬ ‫ع‬ ‫امل‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫ب‬ ‫كتا‬ ‫ـه‬‫ـ‬ ‫ل‬ ‫خال‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـك‬‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ميك‬ ‫ـث‬‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫ـط)‬‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫(ال‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫‪Equation‬‬ ‫‪Editor‬‬
‫وكل مــا عليــك فعلــه أن تنســخ هــذا الرمــز إذا احتجــت إىل كتابتهــا أو تكرارهــا وســتظهر مباشــرة يف النــص‪.‬‬

‫‪203‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫شكل ‪ 44‬مثال ملحرر املعادالت (‪)Latex Equation Editor‬‬

‫أمــا بالنســبة للجــداول فيمكنــك االســتعانة ب ـ ‪ Latex Table Generator‬وهــو عبــارة عــن أداة الســتحداث‬
‫اجلــداول وبــه خصائــص كثــرة كدمــج اخلاليــا يف الصفــوف أو األعمــدة‪ ،‬وميكنــك أن تدخــل إليهــا البيانــات مباشــرة وهــذه‬
‫اخلصائــص قــد ال تكــون متوفــرة يف أدوات أخــرى مثــل برنامــج التحريــر ‪.Winedit‬‬

‫شكل ‪ 45‬مثال ملنشئ الجداول ‪LaTeX Table Generator‬‬

‫‪ .4‬أدوات كتابة المراجع واالستشهاد ‪Referencing and Citation‬‬


‫يف حالــة برنامــج ‪ MS Word‬ســتجد أن هنــاك تبويبًــا كامـ ًـا بــه العديــد مــن األزرار واألوامــر يُسـ َّـمى املراجــع‬
‫‪ References‬وجيــب عليــك دراســة هــذا التبويــب واختياراتــه وأوامــره بعنايــة‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال ســتجد بــه أمـًـرا يســمى‬
‫أيضــا إضافــة مالحظــات لتظهــر لــك‬ ‫‪ Table of Content‬ميكــن عــن طريقــه إدراج جــدول باحملتويــات كمــا ميكنــك ً‬
‫يف هنايــة الصفحــة مــن خــال أمــر ‪ ،Insert Footnote‬وكذلــك ميكنــك إدراج استشــهاد املراجــع ومــا شــابه ذلــك‪.‬‬
‫وفيمــا يلــي نتنــاول مثالــن عــن إدراج املراجــع يف ‪:MS Word‬‬

‫‪204‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫المثال األول‬
‫لــو أردت كتابــة تعليــق أو تعقيــب (‪ )Caption‬علــى جــدول مــا يف ورقتــك البحثيــة‪ ،‬فكمــا هــو موضــح بالصــورة (شــكل‬
‫‪ )46‬ستختار ‪ insert caption‬مث تقوم بكتابة تعليقك يف املربع احلواري الذي سيظهر لك‪.‬‬
‫المثال الثاني‬
‫أثنــاء كتابــة ورقتــك البحثيــة ســتحتاج يف بعــض املواضــع إىل اإلشــارة لنتائــج مــا قــد مت إدراجهــا يف جــدول ســابق‪ ،‬فتكتــب‬
‫مثـ ًـا ”‪ table 1‬يعــرض نتائــج كــذا”‪ ،‬وعندمــا تقــوم بذلــك ال تكتــب كلمــة (‪ )1 Table‬يدويـًـا‪ ،‬بــل قــم بالضغــط‬
‫علــى ‪ Cross Reference‬وســتظهر لــك قائمــة باجلــداول املوجــودة بالنــص ومــن مث اخــر اجلــدول املنشــود‪ ،‬ولديــك‬
‫معــا‪ ،‬أو رقــم‬
‫عــدة اختيــارات يف اإلشــارة للجــدول فمــن املمكــن أن تشــر إليــه برقــم اجلــدول فقــط‪ ،‬أو امســه ورقمــه ً‬
‫الصفحــة املوجــود هبــا اجلــدول‪ ،‬وهــذه اخلاصيــة مهمــة جـ ًـدا‪ ،‬فلــو أنــك كتبــت رقــم اجلــدول بــدون اســتخدام ‪Cross‬‬
‫‪ Reference‬وتغــر رقــم هــذا اجلــدول فســيكون عليــك إعــادة كتابــة التعليــق علــى اجلــدول مــن جديــد‪ ،‬ولكــن مــع هــذه‬
‫اخلاصيــة ســيتغري الرقــم تلقائيًــا ممــا يوفــر لــك الوقــت واجملهــود ويضمــن لــك الدقــة أثنــاء الكتابــة‪.‬‬

‫شكل ‪ 46‬مثال عىل استخدام ‪ MS Word‬يف إدارة املراجع‬

‫أيضــا عــن طريــق برنامــج ‪ MS Word‬أن تستشــهد بــاألوراق البحثيــة األخــرى الــي اســتعنت هبــا أثنــاء عمــل‬ ‫وميكنــك ً‬
‫الرســالة وتدرجها كمصادر ومراجع لرســالتك عن طريق الضغط على ‪ Insert Citation‬مث تدخل معلومات الورقة‬
‫الــي تريــد إيرادهــا مــن مؤلفــن وعنـوان وتاريــخ ومــا شــابه مث تضغــط ‪ .ok‬ويف النهايــة بعــد أن قمــت بــإدراج مجيــع املراجــع‪،‬‬
‫مجيعا يف قســم املراجع بنهاية الورقة عن طريق عمل فهرســة بالضغط على ‪ Bibliography‬واختيار‬ ‫ميكنك عرضها ً‬
‫التصميــم املناســب للفهرســة‪ ،‬وهــذه اخلاصيــة توفــر لــك الكثــر مــن الوقــت املهــدر إذا مــا كتبــت املراجــع بشــكل يــدوي‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪205‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬
‫شكل ‪ 47‬خاصية ‪ Create Bilbliography‬املوجودة يف برنامج ‪MS Word‬‬

‫أمــا يف حالــة برنامــج الالتكــس فــإذا أردت أن تســتفيد مــن خاصيــة ‪ Cross reference‬فتشــر مثـ ًـا إىل جــدول‬
‫أو صفحــة‪ ،‬فيكــون عــن طريــق إضافــة مــا يســمى ‪ label‬وتكتــب بداخلــه اســم اجلــزء الــذي تريــد أن تشــر إليــه الح ًقــا‬
‫وليكــن جــزء املقدمــة مثـ ًـا‪ ،‬فتكتبــه كالتــايل «‪ ،»Label(Sec: introduction(/‬فــإذا وصلــت للجــزء الــذي تريــد‬
‫أن تشــر فيــه إىل هــذه املقدمــة فتكتــب نفــس الكلمــة الــي كتبتهــا ســاب ًقا داخــل ال ـ ‪ Label‬مــع إضافــة ‪ ref‬قبلهــا كالتــايل‬
‫«‪ » )Label(Sec: introduction/‬وبذلــك تكــون قــد أشــرت إليهــا خباصيــة ‪ Cross reference‬الــي‬
‫تتضمــن الرتتيــب التلقائــي وغريهــا مــن املزايــا الــي ذكرناهــا ســاب ًقا‪.‬‬

‫شكل ‪ 48‬استخدام خاصية ‪ Cross Reference‬يف برنامج ‪LaTeX‬‬

‫‪206‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫طريقة إدراج «املراجع ‪ »citation‬عن طريق برنامج الالتكس‪:‬‬
‫كمــا ذكرنــا ســاب ًقا عنــد الكتابــة باســتخدام الالتكــس فــإن املؤمتــر أو اجمللــة يعطيــك جملـ ًـدا حيتــوي علــى جمموعــة مــن امللفــات‬
‫بامتــدادات خمتلفــة‪ ،‬وكان أحــد هــذه امللفــات امللــف املختــص بتصميــم فهرســة املراجــع والــذي حيمــل امتــداد ‪ bst‬أي‬
‫‪. Bibliography Style‬‬
‫أفضــل طريقــة إلضافــة املراجــع هــي إنشــاء ملــف جديــد وتســميه مثـ ًـا ‪ ،References.bib‬وجيــب أن يكــون امتــداده‬
‫‪ bib‬مــن ‪ bibliography‬ويتــم إدراج املراجــع فيــه كمــا ذكرنــا ســاب ًقا عــن طريــق ‪ Google scholar‬بالضغــط‬
‫علــى ‪ Cite‬والــذي ميكنــك مــن احلصــول علــى املراجــع بصيــغ خمتلفــة منهــا ‪ bibtex‬والــذي ســتقوم باختيــاره فتحصــل‬
‫علــى قاعــدة بيانــات جاهــزة حتتــوي علــى املراجــع ومــا عليــك إال أن تقــوم بعمــل نســخ ولصــق منهــا إىل ملفــك الــذي حيمــل‬
‫امتــداد ‪.bib‬‬
‫مرجعــا جبـوار فقــرة مــا‪،‬‬
‫وإذا احتجــت بعــد ذلــك أثنــاء الكتابــة يف ملفــك األساســي الــذي حيمــل امتــداد ‪ Tex‬أن تُــورد ً‬
‫فعليــك أن تســتخدم طريقــة ال ـ ‪ Label‬الــي ذكرناهــا ســاب ًقا ونســخ الكــود اخلــاص باملرجــع مــن ملــف املراجــع ولصقــه يف‬
‫امللــف األصلــي ‪.Tex‬‬
‫ويف هنايــة امللــف‪ ،‬اطلــب منــه اســتخدام أســلوب املراجــع (‪ )bibiliography style‬حبيــث حتــدد إدراج املراجــع‬
‫(‪ )bibiliography‬مــن ملــف معــن‪ .‬وبعدهــا مباشــرة عنــد تغيــره إىل صيغــة (‪ ،)PDF‬ســيُدرج كل املراجــع مــن‬
‫امللــف ويضعهــا يف أماكنهــا الصحيحــة‪ ،‬بالطريقــة الصحيحــة‪ .‬كمــا يف الصــورة (شــكل ‪)49‬‬

‫شكل ‪ 49‬قامئة املراجع بامتداد ‪ bib.‬و من خاللها ميكنك الحصول عىل قاعدة بيانات لألبحاث املستخدمة‬

‫‪207‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫أسئلة وأجوبة متعلقة بالفصل الثامن‬
‫‪ .1‬هل يمكن استخدام صور (الدوال) الموجودة على موقع جوجل كمصدر موثوق منه داخل ورقة علمية؟‬
‫ال يفضــل اســتخدام صــور (الــدوال) مــن موقــع جوجــل بداخــل ورقــة علميــة‪ ،‬ألنــه سـواء أُخــذت هــذه الصــورة عــن‬
‫طريــق عمــل نســخ للشاشــة «‪ »Print screen‬أو بــأي طريقــة أخــرى‪ ،‬فلــن تكــون علــى درجــة جيــدة مــن‬
‫الوضــوح والدقــة‪ ،‬كذلــك ســيكون مــن الصعــب ضبــط مقيــاس رمسهــا أو إحداثياهتــا‪ ،‬لــذا يُنصــح باســتخدامها فقــط‬
‫داخــل عــرض تقدميــي‪ ،‬أو خــال لقائــك مــع املشــرف علــى الرســالة‪ ،‬بغــرض الشــرح والتوضيــح‪ ،‬أمــا إذا كان حبثــك‬
‫حيتــاج ملثــل صــور هــذه (الــدوال)‪ ،‬فيُنصــح باســتخدام «‪ »Excel‬أو «‪ »Matlab‬للحصــول عليهــا‪.‬‬
‫‪ .2‬بعض الطالب قليلي الخبرة أو المعرفة بالتحليل اإلحصائي «‪ »statistical analysis‬وال يستطيعون‬
‫اســتخدام البرمجيات الخاصة‪ ،‬فبم تنصحهم؟‬
‫إذا كان ـوا بالفعــل حيتاجــون الســتخدام التحليــل اإلحصائــي يف أحباثهــم‪ ،‬فيجــب عليهــم أن يبحث ـوا عــن برامــج‬
‫تعليميــة أو دورات يف هــذا اجملــال‪ ،‬رمبــا جتــدون علــى موقــع (كورســيرا) دورة متعلقــة بالتحليــل اإلحصائــي أو بطــرق‬
‫البحــث «‪ ،»research method‬أي منهمــا حيتــوي علــى أساســيات وكيفيــة التحليــل اإلحصائــي أليــة‬
‫بيانــات‪ ،‬فالنصيحــة هنــا أن تبحثـوا عــن مصــادر للتعلــم‪ ،‬سـواء كانــت دروس مكتوبــة أو دورات أو أن تســتعني مبــن‬
‫لديــه خــرة يف هــذا األمــر‪.‬‬
‫‪ .3‬بخصــوص مولــد الدراســات االســتقصائية «‪ ،»survey generator‬هــل توجــد برمجيــات متاحــة بالفعــل‬
‫لالســتخدام‪ ،‬أم أن هــذا ال يـزال فــي طــور البحــث؟‬
‫ال توجد أداة من هذا النوع‪ ،‬لكن هناك بعض اجلهود البحثية إلنتاجها‪.‬‬
‫‪ .4‬بخصــوص المراجــع‪ ،‬هــل تتــم عمليــة البحــث باســتخدام محــركات بحــث أو مــن خــال برنامــج مــزود بقاعــدة‬
‫بيانات؟‬
‫علــى حــد علمــي‪ ،‬الربامــج الشــبيهة ب ـ « ‪ »Mendeley‬لديهــا قاعــدة بيانــات خاصــة بالربنامــج‪ُ ،‬تـ َّـزن فيهــا‬
‫األوراق البحثيــة الــي يتــم جتميعهــا مــن قواعــد البيانــات األخــرى املنتشــرة علــى اإلنرتنــت‪ ،‬سـواءً قامـوا بتخزيــن الورقــة‬
‫كاملــة أو علــى األقــل العن ـوان واملعلومــات الرئيســية للورقــة البحثيــة‪ ،‬إذا فمعلومــات الورقــة ُمزنــة داخــل قاعــدة‬
‫البيانــات اخلاصــة بالربنامــج‪.‬‬
‫البعــض اآلخــر مــن هــذه الربامــج‪ ،‬تســتخدم حمــركات حبــث مثــل ‪ ،Google Scholar‬وهنــاك ً‬
‫أيضــا‬
‫برنامــج ‪ Publish or Perish‬لكنــه غــر متخصــص ً‬
‫متامــا يف تنظيــم املراجــع‪ ،‬هــذان املوقعــان يســتخدمان‬
‫«‪ »Google Scholar‬و «‪ »Microsoft Academic Search‬للبحــث والوصــول‬
‫لــأوراق البحثيــة املطلوبــة‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة ل ـ ‪ Mendeley‬حتديـ ًـدا‪ ،‬فلديهــم قاعــدة بيانــات خاصــة‪ ،‬والــي يقومــون بتغذيتهــا وحتديثهــا‬
‫باســتمرار مــن املصــادر الرئيســية يف العــامل لــأوراق البحثيــة‪ ،‬فعندمــا تبحــث يقــوم الربنامــج بالبحــث عمــا أدخلتــه يف‬
‫عناويــن أو حمتــوى أو ملخــص األوراق البحثيــة املخزنــة عنــده‪.‬‬

‫‪208‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫‪ .5‬هل برنامج «‪ »Mendeley‬مجاني؟‬
‫نعــم‪ Mendeley ،‬جمــاين‪ ،‬ولكــن أمثالــه مــن الربامــج ك ـ ‪ endnote‬و‪ RefWork‬غــر جمانيــة‪ ،‬بينمــا‬
‫برنامــج ‪ zotro‬بعــض خدماتــه جمانيــة والبعــض اآلخــر برســوم‪.‬‬
‫‪ .6‬هل تحتوي قاعدة بيانات «‪ »Mendeley‬على أوراق من «‪”ScienceDirect‬؟‬
‫ال أعلم‪ ،‬بإمكانك الذهاب ملوقع الربنامج‪ ،‬وغالبًا يتم ذكر أمساء قواعد البيانات اليت جيمعون منها األوراق‪.‬‬

‫‪209‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫تمارين على الفصل الثامن‬
‫األسئلة المقالية‪:‬‬
‫ومرتَــب يف ورقتــك العلميــة؟ اذكــر مثــال‪( .‬يفضــل أال تتجــاوز‬
‫‪ .1‬وضــح كيــف تكتــب املصــادر بشــكل صحيــح ُ‬
‫إجابتــك املقاليــة ‪ 400‬كلمــة)‪.‬‬

‫األسئلة االختيارية‪:‬‬
‫‪ .1‬أداة الترجمة من مايكروسوفت تساعد صاحب البحث في‬
‫ٍ‬
‫بشكل واسع‬ ‫‪ o‬نشر البحث‬
‫‪ o‬البحث مباشرةً عن األحباث احلديثة‬
‫‪ o‬ترمجة الكلمات إىل مرادفاهتا من اللغات األخرى‬
‫‪ .2‬تحتاج إلى إذن بالدخول إلى كل قواعد المعلومات البحثية اآلتية ما عدا‬
‫‪PubMed‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪arXiv‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪IEEE Xplore‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪ISI web of Science‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪ .3‬كل هذه األدوات يمكن استخدامها لحفظ األبحاث ما عدا‬
‫‪Google Drive‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪Google Scholar‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪One Drive‬‬ ‫‪ o‬‬
‫‪Dropbox‬‬ ‫‪ o‬‬

‫ضع كلمة صح أو خطأ‬


‫‪ .1‬مــن محــركات البحــث المســتخدمة فــي الحصــول علــى أوراق بحثيــة منشــورة حديثًــا ‪Google‬‬
‫‪.Scholar‬‬
‫‪ .2‬من المسموح به استخدام مواقع لترجمة ورقة بحثية كاملة‪ ،‬وفي نفس الوقت من الممنوع استخدامها‬
‫فــي ترجمــة كلمـ ٍ‬
‫ـات قليلة من المحتوى‪.‬‬
‫ناجحــا‪ ،‬يجــب أن تقضــي معظــم الوقــت فــي منطقــة المهم‪/‬العاجــل مــن صنــدوق‬
‫ـخصا ً‬
‫‪ .3‬كــي تكــون شـ ً‬

‫‪210‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫(أيزنهــاور)‪.‬‬
‫‪ .4‬إلضافة المراجع إلى ورقتك البحثية‪ ،‬يمكنك أن تستخدم ‪.Mendeley and/or Endnote‬‬
‫ٍ‬
‫مسألة حسابية‪.‬‬ ‫‪ .5‬يمكن استخدام محرك بحث جوجل لحل‬
‫يصا ج ًدا عند استخدام أدوات الترجمة في ترجمة الورقة العلمية كاملة‪.‬‬
‫‪ .6‬يجب أن تكون حر ً‬
‫‪ .7‬يعتبــر ‪ LaTeX‬نظــام كتابــة عالــي المســتوى وهــو مناســب أكثــر مــن برامــج ال ـ ‪ MS Word‬لكتابــة‬
‫المعقدة‪.‬‬
‫الرمــوز العلميــة ُ‬

‫ ‬

‫‪211‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫تمارين عامة على الكتاب‬
‫‪ .1‬بأســلوبك الخــاص‪ ،‬قــم بتقديــم نفســك‪ :‬مؤهالتــك الدراســية – خبراتــك ‪ -‬خططــك المســتقبلية ومــا الــذي‬
‫تســعى وراء تحقيقــه فــي مجــال البحــث العلمــي‪( .‬يفضــل أال تتجــاوز إجابتــك املقاليــة ‪ 400‬كلمــة)‪.‬‬
‫‪ .2‬أنــت مدعــو للحديــث عــن موضــوع فــي مجــال دراســتك وإذا لــم تكــن قــد تخصصــت بعــد يمكنــك اختيــار‬
‫موضــوع فــي مجــاالت اهتمامــك‪ .‬لــك مطلــق احلريــة يف اختيــار املوضــوع ومــا عليــك إال اســتخدام لغــة بســيطة وتذكــر‬
‫أن القــارئ قــد يكــون غــر متخصــص يف جمــال دراســتك‪( .‬جيــب أال تقــل اإلجابــة عــن ‪ 300‬كلمــة وال تتعــدي ال ـ ‪400‬‬
‫كلمــة)‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬ميكنك أن تناقش اآليت‪:‬‬
‫• ملاذا حتب هذا اجملال أو ملاذا أنت متحمس لعمل أحباث علمية فيه؟‬
‫• ما أمهية هذا اجملال أو املوضوع لتطور البشرية؟‬
‫• ماذا تتوقع أن تكون مسامهتك يف هذا اجملال؟‬
‫• ماذا تتوقع أن حيمل املستقبل من تطورات يف هذا اجملال؟‬
‫ ‬

‫‪212‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل الثامن‬


‫الفصل التاسع‬

‫‪9‬‬
‫أسئلة إو�جابات حول البحث العلمي‬

‫البرش مولعون بالتساؤل‪ ،‬وهذا هو أساس العلم‪.‬‬


‫‪-‬رالف والدو إميرسون‪ ،‬شاعر أمرييك‬
‫أساسيات البحث العلمي‬ ‫‪214‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫أسئلة وإجابات حول البحث العلمي‬

‫أسئلة خاصة بمرحلة إعداد البحث‬


‫• كيفية إيجاد األفكار الجديدة؟‬
‫س‪ :‬ما مصادر األفكار الجديدة للورقة البحثية؟‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫األفــكار هلــا مصــادر كثــرة جـ ًـدا‪ ،‬منهــا اجملــات‪ ،‬أو األخبــار الــي تســمعها مــن وســائل اإلعــام‪ ،‬أو املؤمتـرات الــي حتضرهــا‪،‬‬
‫دائمــا‪،‬‬
‫أو نقاشــاتك اليوميــة مــن زمالئــك‪ ... ،‬إخل‪ .‬ومبــا أن جمــال عملــك هــو البحــث‪ ،‬فعليــك التهيــؤ الســتقبال األفــكار ً‬
‫فقــد تأتيــك مــن حيــث ال تعلــم‪ .‬أمــا املصــدر املتعــارف عليــه عنــد الباحثــن‪ ،‬هــو حضــور نــدوات علميــة ألحــد املتخصصــن‬
‫ـكارا جديــدة‪ .‬ومــن املصــادر الــي‬
‫يف نفــس جماهلــم البحثــي‪ ،‬هبــدف التعلــم‪ ،‬فمثــل هــذه النــدوات تفتــح أمامهــم آفاقًــا وأفـ ً‬
‫هتمــي شــخصيًا‪ ،‬مواقــع التواصــل االجتماعــي‪ ،‬لســهولة تصفحهــا‪ ،‬واحتوائهــا علــى الكثــر مــن اجملــات والصفحــات‬
‫ـرا‪ ،‬وداوم علــى االطــاع علــى الصفحــات العلميــة علــى‬ ‫العلميــة‪ .‬فاحــرص علــى أن توســع دائــرة اهتماماتــك‪ ،‬واق ـرأ كثـ ً‬
‫مواقــع التواصــل االجتماعــي‪ ،‬واحضــر املؤمت ـرات العلميــة‪ ،‬والنــدوات الــي تُقــام علــى شــبكة اإلنرتنــت‪ ،‬وتابــع املناقشــات‬
‫العلميــة قــدر اســتطاعتك‪ ،‬وتواصــل مــع اآلخريــن‪ ،‬وقــم بالدعــوة إىل جمموعــات عمــل يف جمالــك‪ ،‬حــى ولــو كان ذلــك عــن‬
‫ـدث علــى موقــع التواصــل االجتماعــي‪ .‬املهــم أن تبقــى يف ظــل أجـواء علميــة‪.‬‬ ‫طريــق حـ ٍ‬
‫ُ‬
‫س‪ :‬ما الطريقة التي يمكنني من خاللها الحصول على أطروحة بحثية (‪)Thesis‬؟‬
‫إذا كنــت تبحــث عــن نقطــة حبثيــة معينــة للعمــل عليهــا يف املاجســتري أو الدكتــوراه فعــادةً مــا يكــون عملــك مــع مشــرف‪،‬‬
‫ويقــوم هــذا املشــرف بطــرح بعــض األفــكار عليــك‪ ،‬مث ختتــار أنــت منهــا‪ ،‬وهــذا مــا حيــدث يف مصــر‪.‬‬
‫أمــا إذا كانــت الدراســة خــارج مصــر فإنــك تتقــدم عــادةً إىل مشــرف يعمــل علــى ‪ 3-2‬مشــروعات حبثيــة‪ ،‬وعندهــا ســيُبني‬
‫لــك أنــه يريــد منــك العمــل علــى مشــروع مــا مــن هــذه املشــاريع‪.‬‬
‫وعندمــا تبــدأ يف العمــل علــى هــذا املشــروع وتنخــرط فيــه وتتناقــش فيــه مــع زمالئــك ومــع االجتماعــات األســبوعية مــع‬
‫املشــرف ســتجد نقطــة لبحثــك‪.‬‬
‫ونقــول للذيــن ليــس لديهــم خــرة بالبحــث العلمــي‪ :‬إن األطروحــة البحثيــة (‪ )Thesis‬ســتظهر يف بدايــة األمــر بتوجيــه‬
‫مــن املشــرف وبعــد فــرة ســتتمرس أنــت علــى هــذه املهــارة‪ ،‬وتتكــون لديــك أفــكار كثــرة تستشــر املشــرف يف جدواهــا‪،‬‬
‫وســتتواىل األفــكار بعــد ذلــك‪ ،‬إال أنــك ســتحتاج غالبًــا مســاعد ًة مــن املشــرف يف بدايــة األمــر‪.‬‬
‫• هل من المسموح نقد البحث السابق‪ ،‬في بحث جديد؟‬
‫س‪ :‬إلــى أي حــد يُســمح لــي بــأن أنتقــد بحثــي الســابق فــي عمــل بحثــي جديــد‪ ،‬ومــا الطريقــة المتبعــة فــي ذلــك؟‬
‫وهــل لهــذا تأثيــر ســلبي علــى ســمعتي أو مكانتــي؟‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫هــذا املوضــوع حتكمــه الكثــر مــن األع ـراف املتداولــة داخــل األوســاط العلميــة‪ ،‬وليــس مــن اجليــد أن يصــرح أحدهــم يف‬
‫حبثــه اجلديــد قائـ ًـا‪ :‬كل مــا فعلتــه كان خط ـأً!ُ وحيــدث أحيانـًـا أن ينشــر مؤلــف مــا ورقــة حبثيــة‪ ،‬يف ســنة كــذا‪ ،‬مث ينشــر‬
‫نفــس املؤلــف ورقــة حبثيــة أخــرى بعــد عــدة ســنوات‪ ،‬فيهــا تنقيــح لنتائــج الورقــة األوىل‪ .‬وهــو مــا مــررت بــه قبـ ًـا؛ إذ ع ّقــب‬
‫أحــد الباحثــن علــى نتائجــه قائـ ًـا‪ :‬إن هــذه النتائــج التكميليــة هامــة جـ ًـدا‪ ،‬فهــي تُظهــر بعــض نقــاط الضعــف يف الدراســة‬
‫الســابقة‪ .‬وبالطبــع يتــم هــذا األمــر بشــكل دبلوماســي‪ ،‬فاللغــة املســتخدمة ال تكــون نقديــة‪ ،‬ألن أحـ ًـدا ال يهاجــم حبثــه‪،‬‬
‫وال يتوقــع مــن أحــد فعـ َـل ذلــك‪ ،‬فحــى ولــو كنــت تعــرض علــى حبــث شــخص آخــر فهنــاك لغــة معينــة للنقــد‪ ،‬واللغــة الــي‬
‫تســتخدمها لنقد نفســك هي لغة دبلوماســية توضح هبا للناس أنك خالل الفرتة ما بني البحث األول والثاين اكتشــفت‬
‫طرق أفضل‪ .‬ومىت شــعرت أن حبثك حيتاج إىل النقد أو االســتدراك‪ ،‬فيجب أن تقوم أنت‬ ‫أشــياء أخرى أو توصلت إىل ٍ‬
‫ً‬
‫بذلــك‪ .‬وال تنتظــر حــى يــأيت شــخص آخــر وينقــده لــك‪.‬‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫نظامــا معينًــا‪ ،‬وبعدهــا كل ســنة أو اثنتــن أقــوم بتطويــر‬
‫ســأضرب مثـ ًـال عمليًــا‪ ،‬لنفــرض أنــي صنعــت شــيئًا مــا‪ ،‬أو صممــت ً‬
‫هــذا النظــام ليكــون أفضــل مــن الســابق‪ ،‬فمــن الطبيعــي عندمــا أقــوم باملراجعــة‪ ،‬ســأقول –مثـ ًـا ‪ :-‬إن كفــاءة النظــام القــدمي‬
‫ـرق أفضــل‪ ،‬لعــدة أســباب‪ ،‬وهــي كــذا وكــذا‪ .‬وبالطبــع‬ ‫كانــت (كــذا)‪ ،‬ويف هــذا التطويــر اجلديــد نعــرض تصميمــا أفضــل بطـ ٍ‬
‫ً‬
‫ـس علــى اآلخريــن‪ ،‬بينمــا ال تفعــل‬ ‫عندمــا تنتقــد عملــك وعمــل اآلخريــن‪ ،‬جيــب أن يكــون النقــد بنفــس الكيفيــة‪ ،‬فــا تقـ ُ‬
‫ذلــك عندمــا يتعلــق األمــر بــك!‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫جيــب علــى الباحــث احلــذر‪ ،‬خاص ـةً مــن اجملــات واملؤمت ـرات الــي تتبــع أســلوب التقييــم األعمــى (‪)blind review‬‬
‫سيكشــف شــخصيته للمح ّكمــن‪ .‬لــذا عليــه االلتـزام ببعــض النقــاط‬ ‫ِ‬ ‫دون معرفــة الكاتــب؛ ألنــه إذا انتقــد عملــه بصراحــة‪،‬‬
‫الفنيــة يف كتابــة النقــد وأن يــرع يف ذلــك بــأن يذكــر أمســاء الباحثــن الســابقني دون أن يشــر إىل أنــه املقصــود هبــا‪ .‬وهنــاك‬
‫طريقــة أخــرى يســتخدمها البعــض يف مرحلــة التحكيــم وهــي القــول بــأن النقــد مقــدم مــن جمهــول (‪Anonymous‬‬
‫‪ ،)Citation‬ويف املرحلــة النهائيــة عندمــا تُقبــل الورقــة‪ ،‬ويُدعــى لتســليم النســخة النهائيــة‪ ،‬يغــر قليـ ًـا يف هــذه الفقــرة‪،‬‬
‫ويذكــر االســم صراح ـةً (اســم الباحــث أو امســه)‪ .‬ســأذكر مثـ ًـال علــى مــا قالــه د‪ .‬خالــد حــدث معــي شــخصيًا‪ ،‬حيــث‬
‫كنــت قــد عملــت يف ورقــة حبثيــة علــى آليــة معينــة‪ ،‬مث بعــد ذلــك بفــرة أتيــت بآليــة أفضــل‪ ،‬فقمــت بنقــد طريقــي الســابقة‪،‬‬
‫وقلــت إن نتيجتهــا كانــت كــذا‪ ،‬والنتيجــة احلاليــة أفضــل‪ ،‬والطريقــة األقــدم مل تكــن قــادرة علــى معاجلــة احلــاالت التاليــة‪...‬‬
‫إخل‪ .‬فهــذا نقــد علمــي ليــس فيــه جتريــح‪ ،‬وهــو جمــرد تعامــل علمــي حبــت مــع املســألة‪ ،‬بغــض النظــر عــن األشــخاص‪ ،‬سـواء‬
‫حتدثــت عــن نفســي أو عــن اآلخريــن‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا لو لم أحصل على نتائج إيجابية من البحث؟‬
‫هــذا أمــر متكــرر وطبيعــي‪ ،‬هنــاك أوراق حبثيــة تقــوم بعــرض نتائــج ســلبية هبــدف االســتفادة مــن التجربــة وعــدم خوضهــا‬
‫دائمــا علــى إجابــات وافيــة لــكل مشــكلة نقــوم بالبحــث عــن حلهــا‪ .‬رســاليت للدكتــوراه‬
‫مــرة أخــرى‪ .‬يســتحيل أن حنصــل ً‬
‫اســتغرقت أربــع ســنوات ونصــف منهــا ثــاث ســنوات مــرت يف دراســة بعــض املـواد األساســية وطــرق حبثيــة خاطئــة مــررت‬
‫هبــا‪.‬‬

‫‪215‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫س‪ :‬كيف أتجنب مصادر البحث غير الموثوقة؟‬
‫اســأل‪ ،‬اســأل‪ ،‬اســأل‪ ،‬كمــا ميكنــك إرســال رســالة (إين حبثــت عــن مصــادر يف جمــال كــذا‪ ،‬فمــاذا عنهــا؟ أهــي جيــدة أم‬
‫ال؟) يوجد الكثري من املتخصصني العاملني يف اجملال العلمي‪ ،‬فإذا أردت أن تسأل مؤسسة علماء مصر‪ ،‬فسيجتهدون‬
‫قــدر اإلمــكان يف اإلجابــة عــن س ـؤالك‪ ،‬لكــن كمــا ذكــرت ســابقاً حــاول أن تســأل أســئلة مل جتــد إجابتهــا عنــد حبثــك‬
‫علــى حمــرك البحــث‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف أعد خطة زمنية للبحث (‪)Time Plan‬؟‬
‫هنــاك مقــال علــى موســوعة خطـوات ميكنــك االســتعانة بــه‪( :‬الرابــط) كمــا يوجــد رابــط لعــدة مقــاالت ميكنــك قراءهتــا‬
‫حــول املوضــوع‪.‬‬
‫مكررا؟‬
‫س‪ :‬هل من الواجب أن يكون البحث العلمي جدي ًدا أم يمكن أن يكون ً‬
‫مكررا‪ ،‬ولكن بشرط أن خترج منه بنتيجة جديدة‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ :‬إذا اكتشفت أن األرض بيضاوية‬ ‫ميكن أن يكون ً‬
‫الشــكل‪ ،‬وجــاء شــخص آخــر ببحــث لــه نفــس النتائــج‪ ،‬إ ًذا ال بــد مــن وجــود اختــاف‪ ،‬فــإذا كنــت تؤكــد علــى نتائــج‬
‫البحــث الســابق‪ ،‬فمــا االختــاف؟ هــل اتبعــت طُرقًــا خمتلفــة لتصــل إىل هــذه النتيجــة؟ فــا بــد أن يكــون هنــاك إســهام أو‬
‫إضافــة جديــدة‪ ،‬فهــذه اإلضافــة تعتــر نقطــة االختــاف‪.‬‬
‫ـخصا مــا كان يحــاول نشــر ورقــة بحثيــة‪ ،‬لكنهــا ُرفضــت بســبب اللغــة‪ ،‬كيــف تتعامــل فــي هــذه‬
‫س‪ :‬بفــرض أن شـ ً‬
‫الحالــة مــع المشــرف؟‬
‫أعتقــد أن هنــاك مواقــع علــى شــبكة اإلنرتنــت ُتكنــك مــن إرســال مســتندات لتتــم مراجعــة جــودة اللغــة اإلجنليزيــة‪ ،‬ويوجــد‬
‫أيضــا يف أقســام اللغــة يف بعــض اجلامعــات مــن يــؤدي هــذه اخلدمــة جمانـًـا‪ ،‬كمــا ميكنــك أن ترســل ورقتــك البحثيــة تلــك إىل‬
‫ً‬
‫أحــد أصدقائــك‪ ،‬وليــس بالضــرورة أن يكــون ذا خلفيــة علميــة‪ ،‬لكــن األهــم أن تكــون لغتــه األم هــي اإلجنليزيــة‪ ،‬فتطلــب‬
‫منــه معاجلــة األخطــاء اللغويــة‪ ،‬بغــض النظــر عــن احملتــوى العلمــي‪.‬‬
‫فـفي مثل هذا املوقف ‪ -‬عند رفض ورقتك البحثية بسبب اللغة ‪ -‬جيب عليك أن تقوم خبطوتني‪:‬‬
‫أول‪ :‬أن تلجأ إلحدى الطرق اليت ذكرناها ملعاجلة تلك األخطاء اللغوية سر ًيعا‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيًا‪ :‬عليك أن ُتســن مســتواك يف قواعد اللغة اإلجنليزية‪ ،‬وأنت لســت حباجة إىل حصيلة مفردات كبرية‪ ،‬لتقوم بكتابة‬
‫ورقــة حبثيــة‪ ،‬بــل األهــم هــو إتقــان قواعــد كتابــة اللغــة اإلجنليزيــة‪ ،‬ف ــأنت حتتــاج إىل حصيلــة مفــردات إجنليزيــة كبــرة إذا أردت‬
‫كتابــة روايــة أو شــعر‪ ،‬لكــن الورقــة البحثيــة ال تتطلــب هــذه الدرجــة مــن التعقيــد‪ ،‬وكــن علــى ثقــة بــأن مســتواك يف اللغــة‬
‫اإلجنليزية يف الكتابة الفنية (‪ )Technical writing‬سيتحســن ‪ -‬بشــكل ما أو ب ــآخر ‪ -‬أثناء قراءتك لعدد كبري‬
‫مــن األوراق البحثيــة‪ ،‬وبــأن تتبــع مــا تطرقنــا لــه ســاب ًقا‪.‬‬

‫‪216‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫• أيهما أفضل؟ ورقة بحثية طويلة أم قصيرة؟‬
‫س‪ :‬التفضيل بني البحث الطويل أو القصري‪ ،‬وأيهما أختار؟‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫يف احلقيقــة ال تفضيــل بــن األمريــن‪ ،‬فــكل لــه بابــه وموضوعــه‪ ،‬حيــث تســاهم األوراق القصــرة مســامهة بســيطة يف الغالــب‬
‫أو تقــوم مبجــرد طــرح فكــرة دون التوســع يف حماولــة إثباهتــا‪ ،‬وميكــن أن تعــرض نتيجــة ســلبية‪ ،‬أو غريهــا مــن األهــداف الــي‬
‫ختتلــف مــن جمــال آلخــر‪ .‬أمــا الورقــة الطويلــة فتســتخدم غالبًــا للمســامهات األكــر‪ ،‬مثــل عــرض جمموعــة مــن التجــارب أو‬
‫ـكل موضوعــه‪،‬‬‫جمموعــة مــن الشـواهد واألدلــة الــي وصــل هلــا الباحــث‪ ،‬والــي تثبــت صحــة الفرضيــات املوجــودة يف الورقــة‪ .‬فلـ ٍ‬
‫وليــس هنــاك شــيء مقــدم علــى اآلخــر‪ .‬لكــن إذا كان لديــك موضــوع يســتحق أن يُنشــر يف ورقــة طويلــة‪ ،‬فــاألوىل واألفضــل‬
‫أن ينشــر يف ورقــة طويلــة‪ ،‬وال يكــون عــبء الكتابــة أو خشــية النقــد حاجـًـزا بينــك وبــن كتابــة الورقــة الطويلــة‪ .‬فــا أفضليــة‬
‫ُمطلقــة ألي منهمــا‪ ،‬وكل حبســب موضوعــه وحالتــه‪.‬‬
‫(د‪ .‬أحمد ماضي)‬
‫هنــاك مــن يقســم األحبــاث الطويلــة إىل ورقــات حبثيــة أصغــر؛ لينشــرها يف أحبــاث صغــرة‪ ،‬وهــذه طريقــة غــر ســليمة‪ .‬وقــد‬
‫حدث معي ذات مرة أ ْن كان هناك حبث تطلب الكثري من العمل‪ ،‬واســتغرق ســنة ونص ًفا وحىت ســنتني تقريبًا‪ ،‬ونشـرناه‬
‫يف جملــة مــن أفضــل اجملــات يف جمالنــا‪ ،‬وهــي جملــة الكيميــاء الطبيــة (‪،)Journal of Medicinal Chemistry‬‬
‫فاكتشــفنا أن هــذه اجمللــة حتيــل البحــث القصــر إىل النشــر يف جملــة أخــرى بديلــة خمصصــة للمقــاالت أو األحبــاث القصــرة‪،‬‬
‫(‪ )Sister Journal‬تشــاركها نفــس الناشــر والتفاصيــل األخــرى‪ ،‬ولكــن باســم آخــر‪ ،‬وهــو (‪ACS Medicinal‬‬
‫‪ )Chemistry‬فعندمــا كتبنــا البحــث األول وصــل إىل حـوايل ســبعني صفحــة بالبيانــات وكل مــا يتعلــق بــه‪ ،‬أمــا البحــث‬
‫ـرا جـ ًـدا‪ ،‬مــن عشــر صفحــات تقريبًــا‪ ،‬وكان متعل ًقــا خب ـواص الكيماويــات‪ ،‬فلــم تتجــاوز الكتابــة فيــه‬
‫الثــاين فــكان صغـ ً‬
‫ـت صفحــات‪ .‬وهنــاك بعــض اجملــات املخصصــة لألحبــاث القصــرة‪ ،‬وتســمى (‪ )Letters‬مثــل‪Medicinal( :‬‬ ‫سـ ّ‬
‫‪ )Chemistry Letters‬و(‪ )Tetrahedron Letters‬و(‪،)Organic Chemistry Letter‬‬
‫فدائمــا (‪ )Letters‬تكــون صغــرة (صفحتــن أو ثالثــة) ملعاجلــة مشــكلة معينــة بشــكل مبســط جـ ًـدا غــر معتمــدة علــى‬ ‫ً‬
‫جتــارب موســعة أو نتائــج كثــرة أو حتليــات كبــرة‪ .‬فــا حتــاول أن تتعمــد تقســيم حبثــك إىل العديــد مــن األحبــاث الصغــرة؛‬
‫للنشــر يف أكــر عــدد مــن اجملــات‪ ،‬فلــو كانــت النقطــة واحــدة واملوضــوع واحــد‪ ،‬فاألفضــل نشــر حبــث واحــد ملـ ّـم بكافــة‬
‫ـورا يف جملــة كبــرة‪ ،‬أفضــل مــن أن تكــون نفــس النقطــة موزعــة يف عــدة جمــات صغــرة‪،‬‬ ‫التفاصيــل‪ ،‬وأن يظــل البحــث منشـ ً‬
‫كمــا أن هــذا يطعــن يف أمانــة الباحــث ومصداقيتــه وفحــوى البحــوث الــي ينشــرها‪.‬‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫يف احلقيقــة ال توجــد قواعــد صارمــة يف هــذه العمليــة‪ ،‬واإلجابــة علــى هــذا الس ـؤال تتوقــف علــى النتائــج الــي لديــك‬
‫والظــروف الــي متــر هبــا‪ .‬فهنــاك أوقــات متتلــك فيهــا نتيجــة صغــرة لكنهــا مهمــة جـ ًـدا‪ ،‬ويكــون عليهــا تنافــس كبــر جـ ًـدا‪،‬‬
‫ـبق يف هــذه النقطــة‪ .‬فاملوضــوع‬‫ولــو تأخــرت لكــي تعـ ّد ورقــة حبثيــة متكاملــة‪ ،‬سيســبقك اآلخــرون بالوصــول وتســجيل سـ ٍ‬
‫ينطــوي علــى تنافســية عاليــة‪ ،‬واجلميــع حيــاول إضافــة املزيــد إىل رصيدهــم العلمــي والعملــي‪ .‬وميكنــك يف هــذه احلالــة عمــل‬
‫مالحظات أو ما يُســمى بـ(‪ )Short Communication‬يف بعض اجملالت‪ ،‬وهي غالبًا ال تزيد عن صفحتني‪،‬‬
‫ويكــون املوضــوع كلــه عبــارة عــن جتربــة أو جتربتــن صغريتــن‪ .‬فليــس هنــاك قاعــدة حتكــم العمليــة‪ ،‬ولكــن بالطبــع كلمــا‬

‫‪217‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫كانــت الورقــة كاملــة كلمــا كانــت أفضــل‪ .‬كمــا أن بعــض اجملــات ذات معامــل التأثــر العــايل‪ ،‬إذا أرســلت هلــا حبثًــا طويـ ًـا‬
‫ـرا‪ ،‬فــإن البحــث الطويــل جيــد‪ ،‬والبحــث القصــر جيــد‪،‬‬ ‫ووافقــت عليــه‪ ،‬تشــرط أن ختتصــر مــن حبثــك حــى تنشــر لــك‪ .‬وأخـ ً‬
‫ولــكل حالــة مميزاهتــا وعيوهبــا ووقتهــا املناســب‪ ،‬وأنــت صاحــب القـرار يف النهايــة‪.‬‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫علــى كل حــال أي جملــة هلــا مواصفــات خاصــة بالبحــث‪ ،‬وليــس اهلــدف مــن التطويــل هــو اإلطالــة مــن أجــل اإلطالــة فقــط‬
‫أو إثبــات اطــاع الباحــث علــى مجيــع النقــاط املتعلقــة ببحثــه‪ .‬بــل اهلــدف مــن هــذه املواصفــات‪ ،‬هــو أن تكــون الورقــة‬
‫البحثيــة كاملــة ومركـ َـزة؛ لكــي يكــون البحــث أفضــل وتزيــد نســبة االستشــهاد بــه‪.‬‬
‫• كيفية زيادة فرص االستشهاد بالورقة البحثية؟‬
‫س‪ :‬ما الطرق اليت تساعد على زيادة معدل االستشهاد بالورقة البحثية؟‬
‫(د‪ .‬معتز عطا اهلل)‬
‫ـال‪ ،‬ومــن‬‫أكثــر مــا يزيــد مــن فــرص االستشــهاد بالبحــث هــو النشــر يف جمــات ذات معــدل استشــهاد (معامــل تأثــر) عـ ٍ‬
‫أهــم هــذه اجملــات وأكثرهــا انتشـ ًـارا‪ ،‬جملــة إلســفري (‪ )Elsevier‬اهلولنديــة‪ ،‬مث س ـرينجر ‪ ))Springer‬األملانيــة‪،‬‬
‫ووايلــي (‪ )Wiley‬األمريكيــة‪ .‬كمــا أن هنــاك مواقــع عامليــة معروفــة لــدى كل اجلامعــات ويفضــل النشــر فيهــا‪ ،‬مثــل‬
‫(‪ .)ScienceDirect.com‬يل علــى ســبيل املثــال حبثــان متقاربــان جـ ًـدا‪ ،‬نشــرت األول يف إلســفري ‪))Elsevier‬‬
‫فاستشــهد بــه ‪ 80‬مــرة يف مــدة كانــت تقــارب ‪ 8‬ســنوات‪ ،‬أمــا اآلخــر فلــم أنشــره يف جملــة هلــا معــدل استشــهاد عـ ٍ‬
‫ـال لــذا‬
‫مل يُستشــهد بــه إال أربــع م ـرات فقــط‪ .‬لــذا‪ ،‬يكــون للناشــر دور مهــم جـ ًـدا يف هــذه العمليــة‪.‬‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫العامــل األساســي لزيــادة نســبة االستشــهاد هــو جــودة حمتــوى الورقــة البحثيــة‪ .‬ومــن العوامــل األخــرى الــي تزيــد مــن نســبة‬
‫أيضــا‪ ،‬إتاحــة البيانــات الــي مت االعتمــاد عليهــا يف الورقــة البحثيــة‪ ،‬س ـواءً علــى الربيــد اإللكــروين أو مــن‬
‫االستشــهاد ً‬
‫خــال بعــض املؤمتـرات واجملــات الــي تتيــح رفــع البيانــات الــي اســتخدمها الباحــث لنشــرها كمرفقــات مــع الورقــة البحثيــة‪.‬‬
‫ـدادا أكــر مــن النــاس لالطــاع علــى هــذه‬ ‫فلــو اســتفدت مــن هــذه النقطــة وجعلــت هــذه البيانــات متاحــة‪ ،‬فســتُغري أعـ ً‬
‫البيانــات‪ ،‬وبالتــايل يُقتبــس مــن ورقتــك البحثيــة‪ ،‬وكذلــك لــو كان حبثــك يف جمــال يتطلــب كتابــة برنامــج كمبيوتــر أو‬
‫اســتخدام أداة معينــة‪ ،‬وقمــت بإتاحــة هــذه التفاصيــل أو األكـواد للنــاس‪ ،‬فســيكون هنــاك فرصــة أكــر لالســتعانة بالكــود‬
‫الــذي نشـرته‪ ،‬وبالتــايل يتــم االستشــهاد بورقتــك البحثيــة‪ .‬كذلــك االهتمــام بعنـوان الورقــة البحثيــة وملخصهــا أمــر يف غايــة‬
‫األمهيــة؛ فــإذا كان العنـوان أو التلخيــص بالقــدر الــذي يكفــي جلــذب الباحثــن لالطــاع علــى بقيــة الورقــة البحثيــة‪ ،‬فهــذا‬
‫بالتأكيــد ســيزيد مــن فــرص االستشــهاد‪.‬‬
‫(د‪ .‬معتز عطا اهلل)‬
‫ـهادا‪ ،‬هــي تلــك الــي تتعــرض جيـ ًـدا ألعمــال الســابقني يف نفــس اجملــال‬
‫ويضــاف إىل مــا ســبق أن أكثــر األوراق استشـ ً‬
‫(‪ ،)literature review‬فكثــر مــن الباحثــن حيبــون االطــاع علــى هــذه النوعيــة مــن األحبــاث‪ ،‬وتكــون فــرص‬
‫االستشــهاد هبــا عاليــة‪ .‬لــذا تكــون كتابــة املقدمــة مث عــرض األحبــاث واألعمــال املتعلقــة بعملــك بطريقــة قويــة مــن عوامــل‬
‫زيــادة عــدد م ـرات االستشــهاد ببحثــك‪.‬‬

‫‪218‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫• أسئلة خاصة بالمشرف والفريق البحثي‪:‬‬
‫س‪ :‬مــا حــل المشــاكل التــي تحــدث بيــن مشــرفي رســائل الماجســتير أو الدكتــوراه؟ والتــي قــد تصــل إلــى أن يرفــض‬
‫أحدهــم النشــر حتــى لــو تــم أغلــب البحــث فــي معملــه! وهــل هنــاك ترتيــب للمؤلفيــن أو ترتيــب إلســهام كل منهــم‪،‬‬
‫بحيــث يتــم علــى أساســه ترتيــب أســمائهم فــي النشــر؛ تجنبًــا لحــدوث المشــاكل؟‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫هــذا الس ـؤال متــت اإلجابــة عليــه بصــورة موســعة وشــيقة يف الفصــل الرابــع‪ ،‬والــذي كان بعن ـوان (أخالقيــات البحــث‬
‫العلمــي)‪ .‬ويُفضــل الرجــوع إليــه‪ ،‬ملــن يرغــب يف التوســع وربــط النقــاط ببعضهــا‪ .‬ويف احلقيقــة ال يوجــد شــيء مثــايل يف‬
‫هــذا العــامل‪ ،‬وهنــاك العديــد مــن املشــكالت فيــه سـواءً يف الوطــن العــريب أو خارجــه‪ ،‬ومنهــا ظلــم بعــض األســاتذة لطالهبــم‬
‫أول علــى البحــث‪ ،‬وليــس للطالــب حيلــة يف هــذا املوضــوع‪ .‬ولكــن ميكــن جتنــب حدوثــه مــن البدايــة‪،‬‬ ‫بوضــع أمسائهــم ً‬
‫باالختيــار اجليــد للمشــرف‪ ،‬وقــد مت احلديــث عــن االختيــار يف الفصــول الســابقة باســتفاضة‪ .‬وبفضــل اهلل ليســت لــدي‬
‫جتــارب شــخصية مــع هــذه املشــكلة‪ ،‬فاملشــرف اخلــاص يب كان متعاونـًـا‪ ،‬وال يضــع امســه يف الورقــة إال إذا ســاهم فيهــا‪.‬‬
‫(د‪ .‬أحمد ماضي)‬
‫هنــاك جمــات كثــرة حاليًــا تشــرط عنــد كتابــة األمســاء ذكــر اإلســهام الــذي ق ّدمــه كل فــرد‪ ،‬وبذلــك تكــون نســبة عــدم ذكــر‬
‫جدا‪ .‬وكما ذكر د‪ .‬خالد حل املشــكلة يكمن يف االختيار اجليد للمشــرف‬ ‫ـهاما يف الورقة قليلة ً‬
‫اســم الباحث األكثر إسـ ً‬
‫منــذ البدايــة‪ ،‬عــن طريــق البحــث يف منشــوراته الســابقة‪ ،‬ومعرفــة كيفيــة تعاملــه مــع هــذه النقــاط واإلجـراءات البحثيــة بنــاءً‬
‫علــى ذلــك‪ .‬وأمــا عــن جتربــي فقــد كانــت جيــدة؛ ألن املشــرفة علينــا كانــت جتلــس معنــا وتالحــظ مــن قــام بأغلــب العمــل‪،‬‬
‫فتقــرح أن يُكتــب امســه ف البدايــة‪ ،‬مث الثــاين والثالــث وهكــذا‪ ،‬وبالفعــل خيــرج اجلميــع راضــن برتتيــب أمسائهــم‪ ،‬والــذي‬
‫أساســا علــى مســامهتهم‪.‬‬
‫هــو مبــي ً‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫هنــاك أعـراف حبثيــة عامليــة ميكــن االسرتشــاد هبــا عنــد االختــاف حــول كتابــة األمســاء‪ ،‬ومنهــا كتابــة أمســاء الطلبــة القائمــن‬
‫علــى البحــث يف البدايــة وكتابــة اســم املشــرف يف النهايــة‪ ،‬فمــن الشــاذ أن يُكتَــب اســم املشــرف يف البدايــة‪ ،‬إال يف حــاالت‬
‫نــادرة يكــون هلــا تربيــر واضــح‪ .‬وبالنســبة لتجربــي‪ ،‬فقــد عملــت علــى أكثــر مــن ورقــة يف خمتــر مــا‪ ،‬وكان العمــل علــى الورقــة‬
‫الواحدة مشــرًكا بني جمموعة من الطالب‪ ،‬وكان املشــرف اخلاص بنا يســألُنا يف بداية كل ورقة عن الشــخص الذي يريد‬
‫أن يقودهــا‪ ،‬ومهمــة هــذا الشــخص أن يديــر العمــل وجيمــع مكونــات الورقــة‪ ،‬ويف مرحلــة الكتابــة عليــه أن يكتــب وجيمــع‬
‫ـهاما يف الورقــة‪ ،‬مث تتابــع كتابــة األمســاء‬
‫أول ألنــه األكثــر إسـ ً‬‫كتابــات اآلخريــن وغريهــا مــن األعمــال‪ ،‬وهلــذا يُكتــب امســه ً‬
‫علــى حســب األدوار واجملهــود‪.‬‬
‫س‪ :‬هل أقوم باختيار المشرف قبل نقطة البحث أم العكس؟‬
‫دائما‪ .‬فيمكن‬
‫متاحا ً‬ ‫دائما‪ ،‬وال ذاك ً‬ ‫متاحا ً‬
‫جيب عليك البحث عن الفرصة املتاحة أكثر بالنســبة لك؛ ألنه ليس هذا ً‬
‫أن يكــون لديــك يف القســم أســتاذ قــد أتــى للتــو مــن اخلــارج‪ ،‬ولديــه أفــكار جديــدة‪ ،‬فأنــت يف هــذه احلالــة تقــرر حتضــر‬
‫املاجســتري علــى الفــور؛ لكــي تتعلــم منــه مهــارات (‪ )Skills‬ســتفيدك فيمــا بعــد عنــد اختيــار جمالــك املفضــل‪ ،‬وكذلــك‬
‫العكــس ميكــن أن تبــدأ بنقطــة البحــث‪ ،‬وتقــوم بالبحــث عــن األســاتذة الذيــن يعملــون هبــا‪ ،‬ولكــن هــل ســيكون لديــك‬

‫‪219‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫التنــوع (‪ )Variety‬مــن الدكاتــرة حــى تتمكــن مــن اكتســاب األفــكار‪ ،‬واملهــارات الــي لديهــم؟‬
‫ســتجد مقالــة عــن هــذا املوضــوع مكتوبــة يف موســوعة «خط ـوات» جيــدر بــك قراءهتــا جيـ ًـدا (الرابــط)‪ .‬علــى أي حــال‪،‬‬
‫فاختيــار املشــرف هــو دائم ـاً كأي اختيــار يف حياتــك‪ ،‬بــه نســبة ُماطــرة‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف أتعامل مع المشرف إن اختلفت معه في نقطة ما؟‬
‫ناعمــا جــدًّا‪ ،‬كأن جتــد مشــرفًا يُعطيــك حريــة اختيــار النقطــة البحثيــة وإدارة األمــور‬
‫التعامــل مــع املشــرف إمــا أن يكــون ً‬
‫كيفمــا تشــاء واللجــوء إليــه فقــط يف حالــة وجــود سـؤال لديــك‪ ،‬واملشــكلة هنــا هــو أنــه يريــد منــك القيــام بــكل شــيء‪ ،‬أمــا‬
‫امليــزة فهــو أنــك ســتتمكن مــن عمــل كل مــا تريــده دون أن مينعــك أحــد مــن ذلــك‪ ،‬كمــا أنــك قــد جتــد العكــس‪ ،‬لــذا عليــك‬
‫أن تتعلــم التعامــل يف املواقــف احلرجــة‪.‬‬
‫فدائمــا مــا يكــون‬ ‫ِ‬
‫فــإذا مل ختتلفــا فهــذا جيــد‪ ،‬أمــا إذا اختلفتمــا فغالبًــا مــا يكــون أحدكمــا خمطئًــا‪ ،‬وبغــض النظــر عــن املخطــئ ً‬
‫كالم املشرف موضع تقدير‪.‬‬
‫ـخاصا‬
‫ومــن املمكــن أن يكــون هــذا التفاهــم أفضــل يف املتوســط كلمــا ذهبــت إىل جامعــات أحســن إذ أنــك ســتجد أشـ ً‬
‫كثرييــن ملســاعدتك‪ ،‬لكنــك إن أحسســت أنــك ال متلــك أي دعــم‪ ،‬فحــاول إمــا أن تُقنعــه أو تتعامــل مــع املوقــف مبرونــة‬
‫كأي موقــف مــن مواقــف احليــاة‬
‫ـدل مــن الســفر أو المنــح؟‬
‫س‪ :‬هــل هنــاك وســيلة للتواصــل مــع الفــرق البحثيــة فــي مصــر عــن طريــق اإلنترنــت‪ ،‬بـ ً‬
‫وهــل توجــد تجــارب ســابقة فــي هــذا الموضــوع؟‬
‫(د‪ .‬أحمد نجا)‬
‫أمتــى بالفعــل أن يكــون هنــاك تواصــل بــن األســاتذة املصريــن املقيمــن يف اخلــارج‪ ،‬ممــن لديهــم فــرق حبثيــة‪ ،‬وبــن الطــاب‬
‫املوجوديــن داخــل مصــر‪ .‬فلــو حــدث هــذا‪ ،‬ســيكون مــن الســهل علــى املصريــن املقيمــن يف اخلــارج أن يقنعـوا زمالءهــم‬
‫األجانــب مبشــاركتهم يف اإلش ـراف علــى الطلبــة املصريــن‪ ،‬وهــذا ســيحقق فكــرة التواصــل الــي نتحــدث عنهــا‪ .‬ومجيعنــا‬
‫نعــرف التعهيــد ((‪ ،Outsourcing‬وهــو اســتخدام كفــاءات وقــوى مبرتبــات منخفضــة لتوفــر املــال‪ ،‬مثــل الشــركات‬
‫األجنبيــة الــي تصنــع منتجــات حتتــاج إىل كفــاءات عاليــة والــي حتتــاج بدورهــا إىل متويــل كبــر‪ ،‬لــذا تتجــه هــذه الشــركات‬
‫متامــا يف اجملــال البحثــي‪،‬‬
‫إىل بلــدان توجــد هبــا نفــس الكفــاءات‪ ،‬ولكــن مبرتبــات أقــل‪ ،‬كالصــن واهلنــد‪ .‬وهــو مــا حيــدث ً‬
‫ـكارا حباجــة إىل التنفيــذ‪ ،‬يبحــث عــن مســاعد لــه يف بلــده‪ ،‬وقــد يكلفــه هــذا الباحــث الكثــر مــن‬ ‫فاألســتاذ الــذي ميلــك أفـ ً‬
‫املــال‪ .‬لــذا إن َوجــد البديــل يف مصــر وبنفــس الكفــاءة العلميــة‪ ،‬ســيتجه إليــه‪ .‬ولــو اســتطعنا إثبــات وجــود طــاب أكفــاء‬
‫يف مصــر‪ ،‬وإجيــاد وســيلة جيــدة للتواصــل معهــم‪ ،‬فســيأيت إليهــم املشــرف بنفســه ليشــرف عليهــم ويعطــى احملاضـرات ورمبــا‬
‫أيضــا‪ .‬هــو فقــط حيتــاج إثباتًــا يؤكــد لــه أنــه حيصــل علــى النتائــج الــي يريدهــا‪ .‬وهــو أمــر ممكــن احلــدوث‪ ،‬لكنــه حيتــاج‬
‫ميوهلــم ً‬
‫إىل تعاون األســاتذة املوجودين داخل مصر‪ ،‬وحيتاج إىل قنوات تتيح التواصل معهم‪ .‬وقد ينتج عن هذا إشـراف مشــرك‬
‫بــن األشــخاص املقيمــن يف مصــر وخارجهــا‪ .‬ومــن إجيابيــات هــذا األمــر أن الطالــب ســيبقى داخــل مصــر ولــن نعــاين مــن‬
‫ـص يف العقــول وامل ـوارد البش ـرية الــي تســافر وال تعــود مــرة أخــرى‪ .‬فنحــن حنلــم جبعــل مصــر مكانًــا جاذبـًـا لألحبــاث‪،‬‬ ‫نقـ ٍ‬
‫ـتحيل‪.‬‬
‫ونعلــم أنــه حلـ ٌـم كبــر لكنــه ليــس مسـ ً‬

‫‪220‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫• مؤسسات التمويل في مصر‪:‬‬
‫ـواء كانــت داخــل مصــر أم‬
‫س‪ :‬مــا الهيئــات التمويليــة التــي يمكنــك االســتفادة منهــا فــي البحــوث والمشــاريع؟ سـ ً‬
‫خارجهــا؟‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫بالنســبة للمؤسســات الداعمــة داخــل مصــر‪ ،‬فقــد مت نشــر قائمــة جتمعهــم‪ ،‬ميكنكــم الرجــوع إليهــا‪ ،‬كمــا تســاهم مؤسســة‬
‫مصــر اخلــر يف مثــل هــذه األمــور‪.‬‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫دعمــا مــن خــارج مصــر‪ ،‬فهنــاك مؤسســات حبثيــة أمريكيــة ُتـ ّـول أحباثـًـا خــارج أمريــكا‪،‬‬
‫وبالنســبة للمؤسســات الــي تقــدم ً‬
‫مثــل (‪ ،)NIH- National Institute of Health‬وهــو مركــز حبثــي مدعــوم بشــكل مباشــر مــن احلكومــة‬
‫األمريكيــة‪ ،‬ويدعــم بعــض املشــروعات داخــل مصــر عــن طريــق مؤسســات مصريــة يشــاركها يف العمــل‪ .‬ويهمهــم أن تكــون‬
‫الفكــرة مهمــة وتســتحق الدعــم‪ ،‬وأن يكــون األشــخاص الذيــن يقومــون بالبحــث مؤهلــن للقيــام بــه‪ ،‬وعنــد اقتناعهــم بذلــك‬
‫ـخي‪.‬‬
‫ال يــرددون أبـ ًـدا يف تقــدمي دعمهــم السـ ّ‬
‫س‪ :‬هل توجد مراكز بحثية في مصر؟‬
‫نعــم‪ ،‬توجــد مراكــز حبثيــة كثــرة جــداً‪ ،‬أنصحــك بالدخــول علــى موقــع ‪( Royal Society‬الرابــط)‪ ,‬فهــو حيتــوي‬
‫علــى كميــة هائلــة مــن املصــادر (‪ )Resources‬اخلاصــة باملراكــز البحثيــة‪ .‬فنحــن يف احلقيقــة نعــاين مــن مشــكلة كبــرة‬
‫متامــا نقــاط األمهيــة‪ ،‬وال‬
‫يف اإلعــام‪ ،‬وهــي أننــا دائمــا نتشــارك األخبــار املضحكــة أو املثــرة للســخرية فيمــا بيننــا‪ ،‬وهنمــل ً‬
‫جتــد عليهــا أي إقبــال‪.‬‬
‫س‪ :‬توجــد مشــكلة كبيــرة تواجــه مراكــز األبحــاث فــي مصــر وهــي عــدم التعــاون بيــن المعامــل‪ ،‬فمــا الحــل لهــذه‬
‫المشــكلة؟‬
‫يف احلقيقــة‪ ،‬هــذه املشــكلة موجــودة بالفعــل‪ ،‬وأرى أن مــن طــرق حلهــا هــو الرتكيــز علــى دور الفــرد؛ ألن الفــرد هــو الــذي‬
‫ســيغري اجملتمــع فيمــا بعــد‪ .‬فيجــب أال نركــز علــى مشــكالت اجملتمــع بــدون تغيــر أنفســنا‪ ،‬ونؤمــن بــأن اجليــل اجلديــد يف‬
‫املســتقبل هــو الــذي ســيجد احلــل للتغلــب علــى مشــكالهتم‪ .‬التعــاون بــن املعامــل حيتــاج إىل مــال وآليــات وحيتــاج إىل أُنــاس‬
‫يدركــون ح ًقــا معــى التعــاون‪ ،‬فمث ـاً عندمــا نقــوم بعمــل ورقــة حبثيــة (‪ ،)Paper‬مــن ســيضع امســه علــى الورقــة البحثيــة؟‬
‫وغــر ذلــك مــن األمــور‪ .‬فهــذه األشــياء إذا مل تكــن موجــودة بالفعــل‪ ،‬فســتأخذ وقتًــا حــى تكــون موجــودة‪ .‬فأنــت وأمثالــك‬
‫ممــن تعرضـوا هلــذه املشــكلة هــم مــن ســيحاولون حلهــا يف األجيــال املســتقبلية‪ ،‬وهــذا مــا حتــاول فعلــه مؤسســة علمــاء مصــر‬
‫عــن طريــق عــرض بعــض التجــارب الــي مــر هبــا أشــخاص‪ ،‬وقــد تكــون هــذه التجــارب مؤملــة أحيانـًـا؛ حــى تســتطيع أن‬
‫تتفاداهــا يف املســتقبل‪ ،‬فــا داعــي ألن متــر بنفــس التجربــة مــرة أخــرى‪.‬‬
‫س‪ :‬هل هناك مقابل مادي للبحث العلمي على المستوى الفردي؟‬
‫ـب تفكــر الباحــث علــى‬ ‫طبعـاً‪ ،‬البحــث العلمــي لــه مقابــل إنســاين ومــادي يف كل بقــاع األرض‪ ،‬لكــن مــن اخلطــأ أن ينصـ ّ‬
‫املقابــل املــادي فقــط‪ ،‬فالعلــم قيمــة يف ذاتــه‪ ،‬لكــن كل إنســان علــى علــم بظروفــه وجيــب أن حيقــق كفايتــه املاديــة بــا شــك‪.‬‬

‫‪221‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫س‪ :‬هل العمل في المجال األكاديمي أو التدريس الجامعي يؤثر إيجابًا أم سلبًا على البحث العلمي؟‬
‫ـاعدا أثنــاء دراســتك البحثيــة هــو موضــوع حيتــاج إىل إدارة‬
‫مدرســا مسـ ً‬
‫عقــد بعــض الشــيء‪ .‬أن تكــون ً‬ ‫هــذا املوضــوع ُم َّ‬
‫وقتــك بشــكل دقيــق جـ ًـدا‪ .‬عندمــا تقــوم بالتقــدمي علــى منحــة دراســية ســتجد نفســك أمــام خياريــن‪ :‬أن حتصــل علــى‬
‫وظيفــة مســاعد باحــث أثنــاء دراســتك البحثيــة‪ ،‬فيكــون وظيفتــك هــي إجـراء البحــوث الــي هــي أصـ ًـا موضــوع دراســتك‪،‬‬
‫ـاعدا‪ ،‬ويف هــذه احلالــة ســتكون ُمشـتَّت الذهــن بعــض الشــيء بــن دراســتك البحثيــة‬ ‫مدرســا مسـ ً‬
‫اخليــار الثــاين أن تكــون ً‬
‫والقيــام مبهامــك الوظيفيــة كمــدرس‪ ،‬لكــن جيــب أن تعـ َـي جيــداً أن التدريــس ســيكون ميــزة إضافيــة لــك يف املســتقبل كخــرة‬
‫ســابقة‪ ،‬فــأي مؤسســة تعليميــة ستشــرط اخلــرة يف جمــال التدريــس كمسـ ّـوغ للتعيــن‪ .‬وجيــب أن هتتــم أيضـاً بتقييــم الطــاب‬
‫“‪ ”Student Evaluation‬فاجلامعــات املتميــزة ســتهتم بتقييــم الطــاب لــك أثنــاء فــرة عملــك كمــدرس‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يُشترط أن أكون عضو هيئة تدريس لكي أتمكن من نشر ورقة بحثية؟‬
‫هــذا املوضــوع مهــم ج ـ ّدا‪ ،‬أعتقــد أنــه يتوجــب عليــك أن تُــدرج اســم املؤسســة الــي تعمــل هبــا (‪ )affiliation‬مــاذا‬
‫ســتكتب؟ ميكنــك أيضـاً أن تســأل الناشــر حــول هــذا السـؤال‪ ،‬وهــل جيــب أن تتوفــر شــروط معينــة لــدى مــن ينشــرون فيمــا‬
‫يتعلــق باملؤهــات ومــكان العمــل‪ ،‬ميكــن أن جنيــب عــن هــذا السـؤال بنــوع مــن التفصيــل يف فصــل النشــر‪.‬‬
‫س‪ :‬هل البحث العلمي مرتبط بالجامعات فقط دون غيرها؟‬
‫بالتأكيــد ال‪ ،‬فالبحــث العلمــي غــر مرتبــط باجلامعــات فقــط‪ ،‬فتوجــد أماكــن كثــرة يتــم هبــا حبــث علمــي ونشــر علمــي‬
‫أيضــا الشــركة الــي تعمــل هبــا‪ ،‬إذا كان‬
‫(‪ )Publications‬مثــل اجلامعــات‪ ،‬مثــل املراكــز البحثيــة‪ ،‬واملراكــز اجملتمعيــة‪ ،‬و ً‬
‫يف الشــركة الــي تعمــل هبــا قســم ألحبــاث التطويــر (‪ ،)RMD‬فيمكنــك عمــل حبــث(‪ ،)Research‬و ميكنــك أن‬
‫ـرا‪ ،‬فتجــد مثـاً يف املؤمتـرات اخلاصــة باهلندســة‬
‫تنشــره (‪ ،)Publication‬و ســيكون باســم الشــركة‪ ،‬و هــذا حيــدث كثـ ً‬
‫اإللكرتونيــة أن أغلــب النشــر (‪ )Publications‬الــي تعــرض بــه تكــون مــن شــركات؛ ألهنــم املص ّدريــن األساســن‬
‫(‪ ،)Apple‬و (‪ ،)Intel‬و‬‫ُ‬ ‫للتكنولوجيــا (‪ ،)Technology‬و مــن أمثلــة هــذه الشــركات (‪ ،)Samsung‬و‬
‫غريهــم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل معيار البحث فقط هو النشر أم أن وظيفة مساعد باحث تكفي؟‬
‫أنــت وظيفتــك اآلن هــي مســاعد باحــث‪ ،‬فمــا اهلــدف إذا مل ترغــب يف النشــر؟ املفــروض أنــك تســعى لنشــر حبثــك؛ ألن‬
‫البحــث عندمــا يُنشــر يــرك أثـ ًـرا بــأن مــا مت نشــره لــه قيمــة علميــة مميــزة‪ .‬أيض ـاً أنــا ال أنكــر أن هنــاك كثــر مــن البحــوث‬
‫العلميــة مل تُنشــر ألســباب وظــروف عديــدة‪ ،‬ولكــن فلتحــاول بقــدر اإلمــكان أن تنشــر حبثــك حــى تنتقــل إىل اخلطــوة الــي‬
‫تليهــا‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف لطالب تخرج بمعدل درجات منخفض أن يستمر في البحث العلمي؟‬
‫ميكنك التقدم لدراســة الدبلوم أوالً ملدة عام أو اثنني على حســب اجلامعة اليت تدرس فيها‪ ،‬مث تقوم بعد ذلك بتســجيل‬
‫املاجســتري‪ .‬وال بد من االهتمام بنشــر أحباث علمية أثناء فرتة دراســتك كي تســتطيع إكمال مشـوارك البحثي‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف أعرف األبحاث الحالية في أي دولة في العالم؟‬
‫يوجــد موقــع امســه (‪( )Google Scholars‬الرابــط)‪ .‬هــذا املوقــع مهــم جـ ًـدا‪ ،‬وعلــى األرجــح ال يوجــد أي باحــث‬

‫‪222‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫يف العــامل مل يتطــرق هلــذا املوقــع ملــا لــه مــن أمهيــة‪ .‬قــم بالدخــول علــى هــذا املوقــع والبحــث عــن أي جمــال تريــده‪ ،‬وســتجد‬
‫النتائــج الــي ســتظهر لــك تصنــف إىل نوعــن‪ :‬أحبــاث علميــة‪ ،‬وبـراءات اخـراع‪.‬‬

‫البحث العلمي والمجاالت المختلفة‬


‫س‪ :‬كيف يقوم طالب جامعي في مرحلة البكالوريوس بالمشاركة في األبحاث العلمية؟‬
‫ميكــن للطالــب يف مرحلــة البكالوريــوس أن يقــوم مبراســلة مشــرف أكادميــي يف أي جامعــة عــن طريــق الربيــد اإللكــروين‬
‫خصوصــا تلــك األحبــاث الــي ال يوجــد هبــا جتــارب معمليــة‪ .‬عليــك أن تقــوم‬ ‫ً‬ ‫اخلــاص بــه لطلــب املشــاركة يف البحــث‬
‫بتقــدمي نفســك وسـرتك الذاتيــة ومــا قمــت بقراءتــه مــن أوراق حبثيــة ختــص اجملــال وتذكــر رغبتــك يف املشــاركة «اجملانيــة» يف‬
‫البحــث‪ .‬تطويــر مهــارات التواصــل مفيــد جـ ًـدا يف رحلتــك العمليــة‪.‬‬
‫ابــدأ وحــاول وتعامــل مــع التجــارب األوىل يف البحــث العلمــي ألن كل هــذا يَصــب يف مهاراتــك‪ ،‬وهــذا ينطبــق علــى أيــة‬
‫مهــارة‪ ،‬إذ جتــد األشــخاص الناجحــن يف الرياضــة أو يف كــرة القــدم أو اإلســكواش أو يف التزحلــق علــى اجلليــد قــد تدربـوا‬
‫ـخصا أصغــر منــك يتزحلــق أفضــل منــك ألــف مــرة‪ ،‬وهــذا ألنــه بــدأ تعلُّــم املهــارة منــذ صغــره وتــدرب عليهــا‪،‬‬
‫ـرا‪ ،‬فتجــد شـ ً‬ ‫كثـ ً‬
‫فكلمــا بــدأت مبكـًـرا كلمــا كان أفضــل‪.‬‬
‫س‪ :‬أنا في الصف الثاني الثانوي‪ ،‬هل البحث العلمي مفيد بالنسبة لي؟‬
‫سوف يكون له فائدة‪ ،‬سوف يكون له فائدة‪ ،‬سوف يكون له فائدة‪.‬‬
‫خصوصــا بكليــة نظريــة ككليــة التجــارة‬
‫ً‬ ‫س‪ :‬كيــف أقــوم بإج ـراء بحــوث علميــة فــي جامعــة غيــر مهتمــة بالبحــث‪،‬‬
‫مث ـاً؟‬
‫مــن املهــم جــداً أال حتصــر نفســك يف الكليــة أو اجلامعــة الــي تــدرس فيهــا‪ ،‬باســتخدام اإلنرتنــت ميكنــك احلصــول علــى‬
‫كميــة هائلــة مــن املصــادر «‪ »Resources‬وفــرص للتعلــم أو البحــث العلمــي يف أي مــكان يف العــامل‪.‬‬
‫س‪ :‬كيــف أقــوم بإج ـراء بحــث علمــي لظواهــر طبيعيــة غيــر موجــودة فــي البلــد التــي أدرس فيهــا كالبحــث فــي‬
‫البراكيــن فــي جامعــة مصريــة؟‬
‫ميكنــك مراســلة جامعــة يف بلــد حتــوي هــذه الظواهــر‪ ،‬لكــن إىل أن يتــم قبولــك جيــب أن تقــوم بتطويــر مهــارات البحــث‬
‫العلمــي لديــك عــن طريــق البحــث يف اجملــاالت املتاحــة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل نحتاج إلى أبحاث قومية في مجال الذرة؟‬
‫حنــن حنتــاج إىل أحبــاث قوميــة‪ ،‬وأحبــاث غــر قوميــة‪ ،‬وأحبــاث تفيــد العلــم كلــه وخباصــة مصــر؛ نظـراً ألنــه وطننــا‪ ،‬ولكــن حنتــاج‬
‫إىل أن نبــدأ مــن أنفســنا‪ ،‬ونعــرف كيفيــة عمــل البحــث‪ .‬فأحــد أســباب عمــل هــذا الكتــاب هــو املنافســة الشــديدة يف‬
‫البحــث العلمــي‪ ،‬وحنــن نــرى أن هــذا اجلــزء ال يتــم تدريســه يف أي مــكان كمنهــج أكادميــي ونتمــى أن يتــم تدريســه‪ ،‬وأن‬
‫يعرفــه الكثــر مــن النــاس‪ ،‬لذلــك فأنــا أشــجع كل فــرد منكــم أن يــأيت املــرة القادمــة ومعــه شــخص أو اثنــن أو أكثــر‪ ،‬حــى‬
‫وإن مل يشــارك يف البحــث العلمــي‪ ،‬ولكــن علــى األقــل فأنــت حتتــاج أن يكــون والــدك ووالدتــك ُمقدريــن لقيمــة البحــث‬

‫‪223‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫أيضــا أمتــى أن ننظــر إىل البحــث العملــي أو مــا‬
‫العلمــي؛ لكــي جتــد مــن يشــجعك ويعاونــك إذا احتجــت ألي شــيء‪ .‬و ً‬
‫نريــد أن نتعلمــه ككنــز اسـراتيجي‪ ،‬ســيخرج وســيكون لــه حمصلــة وقيمــة كبــرة يف وقــت مــا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل مجال الكمبيوتر والبرمجة له أبحاث متعددة في مصر؟‬
‫نعــم‪ ،‬لــه أحبــاث كثــرة يف مصــر‪ .‬فــأي جمــال تســتخدم فيــه الكمبيوتــر ولغــات الربجمــة ســتجد بــه جمــاالت كثــرة‪ ،‬وخاصـةً‬
‫أن مصــر مــن األمــم (‪ )Nations‬املحبــة للتكنولوجيــا جـ ًـدا‪.‬‬
‫ُ‬
‫س‪ :‬مــا الحــل األنســب فــي األبحــاث التــي ال يوجــد فيهــا تجــارب نظـ ًـرا لصعوبتهــا مثــل نظريــة االنفجــار العظيــم‬
‫(‪ ،)Big Bang‬أو الثقــوب الســوداء (‪ )Black Holes‬أو مــا إلــى ذلــك؟‬
‫إذا فرضنــا أنــك يف مــكان ال توجــد بــه جمموعــة عمــل‪ ،‬وال معمــل‪ ،‬لكنــك يف الوقــت نفســه حتــب ذلــك التخصــص‪ .‬يكــون‬
‫احلــل هنــا أن تتجــه إىل اجلانــب النظــري مــن هــذا التخصــص‪.‬‬
‫ف ــعلى ســبيل املثــال‪ :‬يف جمــال الفيزيــاء تُوجــد الفيزيــاء النظريــة ((‪ Theoretical Physics‬واملختصــون يف هــذا اجملــال‬
‫دائمــا بكتابــة املعــادالت‪ ،‬وتُوجــد كذلــك الفيزيــاء التطبيقيــة (‪ ،)Applied Physics‬واملختصــون يف‬ ‫هــم مــن يقومــون ً‬
‫أيضــا‬
‫دائمــا ألن يكونـوا موجوديــن يف املعمــل‪ ،‬ف ــكما يوجــد علــم الفلــك (‪ )Astronomy‬توجــد ً‬ ‫هــذا اجملــال حيتاجــون ً‬
‫الفيزيــاء الفلكيــة (‪ ،)Astrophysics‬وفيــه ميكنــك أن تقــوم بإنشــاء برامــج حمــاكاة (‪)simulation software‬‬
‫لبعــض املفاهيــم أو التجــارب يف هــذا اجملــال‪ ،‬كمــا هــو احلــال يف نظريــة االنفجــار العظيــم والثقــوب الســوداء ‪ -‬ومهــا‬
‫شــيئان خمتلفــان باملناســبة ‪ -‬ف ــيمكنك كتابــة بعــض الربامــج الــي حتاكــي هــذه الظواهــر‪ ،‬وميكــن كذلــك أن جتدهــا علــى‬
‫شــبكة اإلنرتنــت‪ ،‬أو تتجــه إىل اجلانــب النظــري يف هــذا اجملــال‪ .‬ومــن حســن حــظ اجليــل احلــايل وجــود الكثــر مــن املواقــع‬
‫اإللكرتونيــة الــي تســمح لــك ب ــالدخول إليهــا‪ ،‬وعمــل حســابات شــخصية مثــل موقــع‪ amazon.com :‬لتقــوم بعمــل‬
‫حمــاكاة وكتابــة برامــج ومــا إىل ذلــك‪.‬‬
‫هنــاك عــدة طــرق للوصــول‪ ،‬ف ــإما أن تتجــه إىل اجلانــب النظــري‪ ،‬أو تبــدأ يف عمــل منــاذج حمــاكاة ُمصغــرة‪ ،‬أو قــد ميكنــك‬
‫أيضــا عــن طريــق التحــدث مــع جمموعــة تعمــل يف نفــس اجملــال أن تبــدأ يف العمــل معهــم عــن بُعــد‪ ،‬لكــن عليــك يف هــذه‬
‫ً‬
‫احلالــة أن تكــون علــى درايــة وعلــم هبــذا اجملــال‪ ،‬حيــث إن أول سـؤال ســيتبادر إىل ذهنهــم هــو‪ :‬كيــف سنســتفيد مــن هــذا‬
‫الشــخص؟‬
‫فيجب أن تُظهر الفائدة اليت ستقدمها هلم‪.‬‬
‫نظرا لندرتها؟‬
‫س‪ :‬كيف أجد نقطة بحث مشتركة في مجال المحاسبة مع مجاالت أخرى ً‬
‫ميكــن أن يرشــدك الفصــل الثــاين إىل بدايــة الطريــق إلجيــاد نقطــة حبــث أو علــى الطريــق نفســه‪ ،‬وأعتقــد أن مــن املهــم جـ ًـدا‬
‫بالنســبة ملــن يريــدون املشــاركة يف البحــث العلمــي أن حيــددوا مــا غايتهــم مــن ذلــك‪ ،‬هــل هــذا بســبب اهتمامــك بتنميــة‬
‫املــكان الــذي أنــت فيــه بالبحــث العلمــي‪ ،‬أو أهنــا فرصــة عمــل‪ ،‬أو لكــي جتــي املزيــد مــن املــال‪ ،‬يوجــد أســباب عــدة‪ ،‬وال‬
‫جيــب أن تكــون كلهــا مثاليــة‪ ،‬املهــم أن تعــرف دافعــك وبعــد ذلــك تســتطيع معرفــة الطريــق الــذي ميكنــك مــن خاللــه حتقيــق‬
‫هدفــك‪.‬‬
‫كأن تبحــث يف جمــال احملاســبة أو غــره وإىل جانــب الشــغف عليــك أن تعــرف اجملــال بالضبــط‪ ،‬حــاول أن تقـرأ حــول مــا‬
‫فعلــه الذيــن مــن قبلــك‪ ،‬أن تقـرأ املقــاالت البحثيــة‪ ،‬ومــن املمكــن أن يكــون يف اإلصــدار الثــاين مــن السلســلة موضــوع حــول‬

‫‪224‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫ومتصــره‪ ،‬ومعرفــة نقــاط الضعــف فيــه ونقــده‪.‬‬
‫كيفيــة قـراءة حبــث ُ‬
‫يوجــد مثـاُ مــن هــو ُمولَــع مبجــال اهلندســة املدنيــة‪ ،‬ويريــد أن يعمــل مهندســا مدنيًــا ويعمــل يف جمــال البحــث العلمــي ليفيــد‬
‫اجملتمــع باهلندســة ألن فيهــا بنــاء اجملتمــع مثـ ًـا‪.‬‬
‫حســنًا‪ ،‬تريــد أن تطــور وتضيــف إىل مــا فعلــوه‪ ،‬اقـرأ إ ًذا مــا نُشــر مــن قبــل وحــاول أن تعــرف التحديــات املوجــودة والنقــاط‬
‫الــي مل يصــل فيهــا معظــم الباحثــن إىل نتائــج جديــدة‪ ،‬وهلــا مســتقبل واعــد وهكــذا‪.‬‬

‫ أسئلة متعلقة بالسفر والحصول على المنح الدراسية‬


‫س‪ :‬كيف أحصل على منحة دراسية؟‬
‫ســتجد خطـوات تفصيليــة علــى موقــع علمــاء مصــر (الرابــط)‪ .‬وميكنــك أيضـاً إرســال رســالة نصيــة علــى صفحــة الفيــس‬
‫بــوك اخلاصــة باملؤسســة‪( .‬الرابــط)‪ .‬أو الربيــد اإللكــروين ‪cs@egyptscholars.org‬‬
‫س‪ :‬هنــاك صعوبــات تواجــه طــاب مرحلــة مــا بعــد الدكتــوراه عنــد الســفر والبحــث عــن المنــح‪ ،‬فهــل هنــاك خبـرات‬
‫أو اقتراحــات لمصــادر التمويــل والمنــح؟‬
‫(د‪ .‬معتز عطا اهلل)‬
‫يف الســابق كان مــن الســهل علــى مــن قــام بالدكتــوراه داخــل وطنــه أن يقــدم علــى منصــب حبثــي‪ ،‬لكــن األمــر صــار عصيًــا‬
‫بعــض الشــيء ألن أغلــب الــدول تشــدد علــى التأشــرة‪ .‬ورغــم صعوبــة األمــر‪ ،‬هنــاك بعــض اجملــاالت املفتوحــة مثــل‪ :‬اهليئــة‬
‫األملانيــة للتبــادل العلمــي وتعــد مــن أفضــل األماكــن الــي تقــدم املنــح ســنويًا‪ ،‬وكذلــك منحــة هامبــورج‪ ،‬وبالنســبة للمنــح‬
‫األمريكيــة ميكنــك التواصــل مــع ‪ Amideast‬ملعرفتهــا‪ .‬ويكــون التقــدمي يف تلــك املنــح عــن طريــق مراســلة أحــد األســاتذة‬
‫يف البلــد الــذي تــود الســفر إليــه‪ ،‬وإخبــاره أنــك تريــد عمــل أحبــاث مــا بعــد الدكتــوراه معــه‪ ،‬وإذا شــعر أنــك مناســب لــه‬
‫ســيقبلك ويرســل لــك دعــوة للمجــيء والعمــل‪ .‬وممــا يزيــد مــن نســبة قبولــك‪ ،‬أن تكــون قــد نشــرت مســب ًقا يف إحــدى‬
‫اجملــات العامليــة أو يف املؤمت ـرات والدوريــات الــي هلــا معــدل تأثــر عــايل‪ .‬وهنــاك منحــة أملانيــة أخــرى باســم (الاليتــس)‪،‬‬
‫ومنحــة مــن اليابــان باســم (املومبــوق كاتاديســي)‪ ،‬وميكنــك التعــرف عليهــا أكثــر‪ ،‬بالتواصــل مــع املركــز الثقــايف اليابــاين‪،‬‬
‫منحــا أخــرى مــن بريطانيــا تســمى (امليتنــق تلشــب‪ .).......‬وهنــاك منحــة مــاري كــوري نســبةً إىل العاملــة‬ ‫كمــا أن هنــاك ً‬
‫البولنديــة احلائــزة علــى نوبــل مرتــن‪ ،‬وهلــا مركــز مقــره يف أوروبــا يســاعد الباحثــن مــن مجيــع أحنــاء العــامل يف قضــاء فــرة يف‬
‫أوروبــا‪ ،‬وتكــون لديهــم مــدة كافيــة للبحــث العلمــي سـواءً يف اجملــال العلمــي أو النظــري‪ .‬وقــد يســتمر البحــث ملــدة ســنتني‬
‫تســتطيع خالهلــا الدخــول ألي معمــل قــد يســاعدك يف حبثــك‪ .‬لكــن نســبة القبــول يف هــذا املركــز (‪ ،)%5‬ويعتمــد القبــول‬
‫علــى أن تكــون لديــك ســرة ذاتيــة قويــة وبيــان غــرض متقــن وممتــاز‪ .‬واهلــدف مــن تلــك املنحــة هــو جلــب املهــارات ألوروبــا‪،‬‬
‫فــا بــد مــن فائــدة تعــود علــى البلــد املضيــف‪ ،‬وهــي جــذب أفضــل العلمــاء مــن كل دول العــامل مبختلــف خرباهتــم ومهارهتــم‬
‫وعقلياهتــم مــن خــارج أوروبــا إىل داخلهــا‪.‬‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫هنــاك الكثــر مــن اجلامعــات الــي تنظــر إىل أحبــاث مــا بعــد الدكتــوراه علــى أهنــا وظيفــة ميكــن التقــدمي والتنافــس عليهــا‪،‬‬

‫‪225‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫ويكــون التقــدمي مبراســلة أســتاذ يف إحــدى اجلامعــات وسـؤاله إن كان حباجــة إىل باحــث للعمــل علــى مشــروع مــا‪ .‬كمــا أن‬
‫هنــاك شــركات تتيــح فــرص عمــل لباحثــي مــا بعــد الدكتــوراه‪ ،‬كاملختـرات البحثيــة يف شــركات مثــل شــركة مايكروســوفت‪،‬‬
‫ـورا فقــط علــى اجلامعــات‪.‬‬
‫وجوجــل‪ ،‬أي أن عمــل الباحــث ليــس مقصـ ً‬
‫(د‪ .‬أحمد ماضي)‬
‫منحــا ألحبــاث مــا بعــد الدكتــوراه‪ .‬ويف أمريــكا ميكنــك مراســلة أحــد األســاتذة ممــن ميلكــون‬
‫(الفولربايــت إجييبــت) تعطــي ً‬
‫متويـ ًـا حبثيًــا‪ ،‬ولديهــم مــكان شــاغر‪ ،‬فــإن وجــد أنــك مؤهــل لألحبــاث الــي يعمــل عليهــا وأنــك نشــرت أحباثًــا جيــدة‪،‬‬
‫فســيقبل طلبــك وســيمكنك مــن االنضمــام لفريقــه‪ .‬لدينــا علــى ســبيل املثــال يف جامعتنــا الكثــر مــن الوافديــن احلاصلــن‬
‫علــى شــهادات دكتــوراه مــن اهلنــد‪ ،‬وروســيا‪ ،‬والصــن‪ ،‬قادمــن إلينــا كباحثــن ملرحلــة مــا بعــد الدكتــوراه لقضــاء ثــاث أو‬
‫مخــس ســنوات‪.‬‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫وميكن االستعانة مبوسوعة خطوات‪ ،‬اليت حتوي العديد من التفاصيل اليت قد تفيدكم‪( .‬الرابط)‬
‫س‪ :‬هل يوجد فرص في مجال علوم الحاسوب الستكمال الدراسات العليا خارج مصر؟ وكيف؟‬
‫املوضــوع بســيط‪ ،‬ويتــم عــن طريــق مراســلة اجلامعــات باخلــارج‪ ،‬والفــرص يف الوقــت احلــايل أســهل مــن املاضــي‪ .‬لكــن‪،‬‬
‫لنفــرض أنــك تراســل جامعــة مــا‪ ،‬ســنجد أن هنــاك يف الوقــت ذاتــه علــى ســبيل املثــال ‪ 1000‬طالــب آخــر مــن مجيــع أحنــاء‬
‫العــامل يراســلون نفــس اجلامعــة‪ .‬لــذا قبــل أن تبــدأ يف مراســلة تلــك اجلامعــة عليــك أن تقــوم ببعــض اخلطـوات‪.‬‬
‫أول‪ :‬قــم بالدراســة والتحــري عــن تلــك اجلامعــة‪ ،‬هــل يوجــد يف تلــك اجلامعــة أســاتذة حتــب أن تعمــل معهــم؟ وكذلــك جيــب‬ ‫ً‬
‫أن تكــون قــد قـرأت يف اجملــال الــذي تنــوي البــدء يف درجــة املاجســتري أو الدكتــوراه فيــه‪ ،‬فيجــب التأكــد مــن وجــود أســاتذة‬
‫يف هــذا اجملــال يف تلــك اجلامعــة‪ ،‬مث ر ِاســل هــذا األســتاذ اجلامعــي ً‬
‫أول ال اجلامعــة ذاهتــا‪ ،‬وليكــن خطابــك هلــذا األســتاذ يف‬
‫بعضــا مــن أحباثــه‪ ،‬وأن لديــك بعــض األفــكار يف تلــك املواضيــع‪ ،‬ومــا إىل ذلــك‪ ،‬حــى‬
‫علمــه مــن خالهلــا أنــك قـرأت ً‬ ‫صــورة تُ ْ‬
‫يفهــم األســتاذ أنــك قمــت بقـراءة أحباثــه واالطــاع علــى أعمالــه‪ ،‬ولســت تراســله فحســب باســتخدام القوالــب النمطيــة‬
‫علــى شــاكلة‪ ( :‬إنــه مــن دواعــي ســروري ويشــرفين أن أعمــل معــك‪.) .....‬‬
‫يدا إلكرتونيًّا‪ ،‬فلن يهتم هبذا النوع منها‪.‬‬
‫فاألستاذ يأتيه يوميًا حوايل ‪ 60-50‬بر ً‬
‫لــذا جيــب أن يكــون خطابــك إليــه خطابًــا علميًــا‪ ،‬وبعــد ذلــك ســيتطرق احلديــث بينكمــا إىل إمكانيــة توافــر أماكــن شــاغرة‬
‫لضمــك إىل جمموعــات العمــل البحثــي لديــه ومــا إىل ذلــك‪.‬‬
‫ـورا إىل تلــك اجلامعــة‪ .‬وعندمــا ترســل إىل جامعــة مــا وحتصــل منهــا علــى منحــة‪ ،‬تكــون هــذه‬
‫ويف حــال موافقتــه أرســل فـ ً‬
‫املنحــة واحــدة ممــا يلــي‪:‬‬
‫مســاعد بحثــي (‪ :)Research Assistant‬ومهامــك ســتتلخص يف أنــك ســتعمل مــع أســتاذ يف معملــه أو يف‬
‫اجملموعــة البحثيــة اخلاصــة بــه‪ ،‬ويف هــذه احلالــة ســيكون األســتاذ اجلامعــي هــو املتكفــل بتكاليــف املنحــة‪ ،‬فســتعمل أنــت يف‬
‫أحبــاث هــذا األســتاذ‪ ،‬وتأخــذ راتبًــا علــى ذلــك‪.‬‬
‫مــدرس مســاعد (‪ :)Teaching Assistant‬ويف هــذه احلالــة تكــون اجلهــة املاحنــة هــي اجلامعــة أو القســم الــذي‬

‫‪226‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫ترغــب يف االنضمــام إليــه‪ ،‬وســتعمل كمعيــد‪ ،‬وتســاعد األســتاذ يف التدريــس وليــس يف األحبــاث‪ ،‬ولكــن يوجــد شــرط يف‬
‫هــذا النــوع مــن املنــح‪ ،‬وهــو أن تكــون لغتــك اإلجنليزيــة علــى مســتوى عـ ٍ‬
‫ـال‪ ،‬ألنــك ســتقوم بالتدريــس للطــاب‪.‬‬
‫زمالــة (‪ :)Fellowship‬وتكــون علــى شــكل منحــة ماليــة دون أن تُفـ َـرض عليــك أيــة مســؤوليات‪ ،‬وهــذا النــوع مــن‬
‫املنــح عــادة مــا يكــون لألقليــات (‪ )Minorities‬مثــل البنــات أو األفارقــة األمريكيــن أو ملواطــي الواليــات املتحــدة‬
‫األمريكيــة‪ ،‬ألن تلــك اجلهــات املاحنــة تريــد أن تشــجع املواطنــن األمريكيــن للتســجيل يف برامــج الدراســات العليــا‪ ،‬حيــث‬
‫كثريا من الشــعب األمريكي ال يتجه إىل البدء يف الدراســات العليا‪ ،‬لكنهم يفضلون العمل احلر‪ ،‬وإنشــاء الشــركات‪،‬‬ ‫أن ً‬
‫والعمــل كرؤســاء‪ ،‬وهــذا النــوع مــن العمــل‪.‬‬
‫أول‪ ،‬وبالطبع تكون قد قرأت أعماله ولديك بعض األســئلة‬ ‫فكما قلنا‪ :‬إن أهم خطوة هي أن تراســل األســتاذ اجلامعي ً‬
‫أو املناقشــات الــي ســتوجهها لــه‪ .‬واحــذر أن تراســل أكثــر مــن أســتاذ جامعــي يف نفــس الوقــت ويف نفــس القســم‪ ،‬ألنــه‬
‫دائمــا مــا يــدور ح ـوار بــن األســاتذة يف هــذه املواضيــع‪ ،‬وعندهــا ســيظهر هلــم أنــك تــود القــدوم إىل تلــك اجلامعــة بأيــة‬
‫ً‬
‫طريقــة‪ ،‬باإلضافــة إىل مــا تطرقنــا لــه يف حديثنــا‪.‬‬
‫أيضــا أن جتتــاز اختبــار التوفــل (‪ ،)TOEFL‬وكذلــك امتحــان ال ـ ‪ ،GRE‬فتحســن مســتواك يف اللغــة‬ ‫جيــب عليــك ً‬
‫اإلجنليزيــة أمــر ضــروري جــدًّا‪ ،‬وال مفــر منــه‪ ،‬ألهنــا لغــة العلــم يف وقتنــا احلــايل‪ .‬وأســهل مــا يف اللغــة اإلجنليزيــة القواعــد‬
‫أول‪ ،‬وتعلــم جتنــب األخطــاء اللغويــة‪ ،‬مث اجتــه إىل املفــردات (‪،)Vocabulary‬‬ ‫(‪ ،)Grammar‬لــذا‪ ،‬ادرس القواعــد ً‬
‫ألهنــا أقــل أمهيــة مــن القواعــد‪.‬‬
‫س‪ :‬هــل يمكننــي الحصــول علــى منحــة لدراســة الماجســتير فــي الخــارج فــي مجــال مســاعد رغــم حصولــي علــى‬
‫الدكتــوراه؟ وهــل عامــل الســن عائــق فــي ذلــك؟‬
‫إذا كانــت لديــك شــهادة دكتــوراه وأردت احلصــول علــى ماجســتري يف اخلــارج يف جمــال مســاعد‪ ،‬حــى إذا كان اجملــال‬
‫ـرا إال إذا كانــت هنــاك منــح معينــة تشــرط ذلــك‪ ،‬لكــي مل‬ ‫متامــا فــا مشــكلة يف هــذا‪ ،‬وال أحــد ســيهتم بســنك كثـ ً‬
‫خمتل ًفــا ً‬
‫َأر موضــوع الســن يف شــروط أي جامعــة‪ .‬بالعكــس‪ ،‬ففــي جمــال اهلندســة يكــون هنــاك أشــخاص كوريــون مث ـاً يعملــون‬
‫يف (‪ )Samsung‬ملــدة عشــر ســنني‪ ،‬وبعــد ذلــك يقــرر أحدهــم التقــدم للحصــول علــى الدكتــوراه مــع أنــه يفصلــه عــن‬
‫البكالوريــوس مخــس عشــرة ســنة‪ ،‬ومــع ذلــك يســتكمل دراســته بشــكل طبيعــي‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا أختار إن كانت لدي طريقتان لعمل ماجستير؟‬
‫اخرت الطريق الذي لديك شغف أكثر لعمله‪ ،‬والذي سيوفر لك فرصة مستقبلية جيدة‪.‬‬
‫خصــص ورقــة وأعقــد مقارنــة بــن الطريــق األول للماجســتري أو القـرار الــذي تريــد‬ ‫بالنســبة ملوضــوع االختيــار بشــكل عــام‪ّ ،‬‬
‫اختــاذه‪ ،‬ملــاذا ختتــاره أو ال‪ ،‬اكتــب كل مــا تســتطيع‪ ،‬مث حــاول أن تقيِّمــه‪ ،‬وافعــل األمــر ذاتــه مــع اجملــال الثــاين‪ ،‬أنــا أتكلــم‬
‫هنــا عــن اختــاذ القـرار وهــو مهــارة بســيطة جـ ًـدا‪ ،‬افعــل األمــر ذاتــه مــع االختيــار الثــاين‪ ،‬وانظــر مــن الــذي حصــل علــى تقييــم‬
‫أعلــى وتــوكل علــى اهلل‪.‬‬
‫املهــم هــو أن تغطــي كل النقــاط اهلامــة وســتظهر لــك أمــور كثــرة‪ :‬مســتقبله‪ ،‬تكلفتــه‪ ،‬كل هــذا‪ ،‬وأنــت أدرى مــا هــي‬
‫اإلمكانيــات الــي ســتحصل عليهــا مــن خاللــه‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا أفعل لتُقبَل سيرتي الذاتية في طلب الدكتوراه؟‬

‫‪227‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫مــن الضــروري أن تطلــع علــى حماضــرة علــى قنــاة اليوتيــوب ملؤسســة علمــاء مصــر حــول كيفيــة كتابــة الســرة الذاتيــة‪ ،‬ومــن‬
‫الضــروري لــكل مــن يرغــب مبراســلة األســاتذة باخلــارج االطــاع عليهــا‪ ،‬وقــد تكــون طويلــة إال أن الســرة الذاتيــة هــي البــاب‬
‫الــذي ســتطرق بــه علــى النــاس ويســتحق اجلهــد الــذي ســتبذله فيــه‪.‬‬
‫عنوان احملاضرة اخلاصة بكتابة السرية الذاتية‪ :‬كيفية كتابة السرية الذاتية لشباب الباحثني (الرابط)‪.‬‬
‫س‪ :‬تقديري جيد ج ًدا‪ ،‬فهل من الممكن قبولي في جامعة لها ترتيب خارج مصر؟‬
‫متامــا وقــد مت قبــويل ولكــن ال تعتمــد علــى التقديــر فقــط‪ ،‬فيجــب أن يكــون لديــك‬
‫نعــم‪ ،‬فأنــا تقديــري جيــد جـ ًـدا مثلــك ً‬
‫ـخصا حاصـ ًـا علــى‬
‫مهــارات (‪ )Skills‬جيــدة‪ ،‬وخـرات جيــدة‪ ،‬حبيــث تســتطيع التقــدمي مــن خالهلــا‪ .‬وميكــن أن جتــد شـ ً‬
‫ممتــاز مــع مرتبــة الشــرف‪ ،‬ولكــن ال ميتلــك املهــارات (‪ )Skills‬الالزمــة الــي مــن خالهلــا يســتطيع التســويق لنفســه‪ ،‬وبالتــايل‬
‫ال يتــم قبولــه‪ .‬فهنــاك بعــض املهــارات الــي جيــب أن تكــون أساســية لديــك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل التقدير العام في الجامعة ضروري للسفر للخارج؟‬
‫نعــم ضــروري جـ ًـدا‪ ،‬وخباصــة إذا كنــت مل تنتـ ِـه مــن دراســة البكالوريــوس‪ ،‬ولكــن إذا انتهيــت مــن دراســة البكالوريــوس‪،‬‬
‫فســوف تقــوم بعمــل جمهــود إضــايف لكــي تُكمــل دراســة باخلــارج‪ .‬هــذا املوضــوع يف غايــة األمهيــة؛ ألنــي أجــد يف بعــض‬
‫األحيــان طالبًــا ذي عقليــة متميــزة جـ ًـدا‪ ،‬ولكــن يقــوم بتشــتيت نفســه يف أشــياء كثــرة أثنــاء دراســته‪ .‬فاملفــروض يف هــذه‬
‫احلالــة هــو الرتكيــز علــى الدراســة؛ لكــي تتمكــن فيمــا بعــد مــن احلصــول علــى تقديــر عـ ٍ‬
‫ـال ‪ ،‬ومــن العمــل يف الصناعــة‬
‫(‪ .)Industry‬فيجــب عليــك الرتكيــز علــى أولوياتــك‪ ،‬فاألولويــة األوىل حالي ـاً هــي حصولــك علــى تقديــر عــايل يف‬
‫اجلامعــة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما المهارات التي يلزم تعلُمها حتى أتمكن من تحضير الماجستير والدكتوراه بالخارج؟‬
‫أنصحــك بالدخــول علــى هــذا موقــع علمــاء مصــر (الرابــط)‪ ،‬ســتجد فيــه اخلطــوة الثانيــة امسهــا (اســتعد)‪ .‬قُــم بقراءهتــا كلهــا‪،‬‬
‫وســتجد يف هــذا املوقــع الكثــر مــن املهــارات اهلامــة‪..‬‬
‫س‪ :‬هل توجد أي مشكلة لخريجي الجامعات الخاصة؟‬
‫إذا كنــت حاصـ ًـا علــى تقديــر عــايل‪ ،‬فالتحــدي (‪ )Challenge‬الــذي ســتواجهه هــو‪ :‬هــل هــذه اجلامعــة ُمعــرف هبــا‬
‫باخلــارج أم ال؟ فمثـ ًـا جامعــة القاهــرة ختتلــف عــن أيــة جامعــة أخــرى‪ ،‬فجامعــة القاهــرة ُمعــرف هبــا يف مجيــع أحنــاء العــامل‪.‬‬
‫هــذا التحــدي ســيكون لــه تأثــر واضــح‪ ،‬ولكــن هــذا ال مينعــك مــن التقــدمي‪.‬‬
‫س‪ :‬أنــا أدرس فــي جامعــة عربيــة خــارج مصــر فــي الســنة النهائيــة ولكنهــا أكاديميًــا ليســت جامعــة جيــدة فمــاذا‬
‫أفعــل؟‬
‫أيضــا جيــب عليــك‬ ‫ِ‬
‫بغــض النظــر عــن اجلامعــة الــي تــدرس هبــا‪ ،‬أنــه دراســتك بتفــوق‪ ،‬مث قُــم بالتقــدمي يف جامعــة أفضــل منهــا‪ً .‬‬
‫موحــا‪ ،‬ولكــن كــن واقعيًــا (‪ ،)Realistic‬فليــس مــن العقــل أن ختاطــر بــكل مــا معــك مــن مــال بالتقــدمي‬ ‫أن تكــون طَ ً‬
‫علــى أفضــل عشــر جامعــات يف العــامل‪ ،‬ولكــن جيــب عليــك التنويــع يف اجلامعــات الــي تقــدم إليهــا‪.‬‬
‫س‪ :‬أنا تخرجت من كلية الهندسة بتقدير جيد‪ ،‬فهل يمكن قبولي في جامعة لها ترتيب على مستوى العالم؟‬
‫عال‪ ،‬وقم بعمل حبث (‪)Research‬‬ ‫حاول التقدمي على جامعة باخلارج‪ ،‬ولكن ليس بالضروري أن يكون هلا ترتيب ٍ‬

‫‪228‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫حبيــث يكــون لــه قيمــة علميــة مميــزة‪ ،‬وهــذا ســيمنحك نقطــة قــوة كبــرة للقبــول يف اجلامعــات ذات الرتتيــب األعلــى علــى‬
‫العامل‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف أعرف مواعيد التقديم على الجامعات بالخارج؟‬
‫تفاصيــل التقــدمي علــى اجلامعــات باخلــارج‪ :‬يف أي شــهر ســتبدأ‪ ،‬ومــا إىل ذلــك مــن التفاصيــل‪ ،‬فهــي تعتمــد علــى اجلامعــات‬
‫نفســها‪ ،‬فيجــب عليــك الدخــول علــى موقــع اجلامعــة الــي تــود التقــدمي هبــا ومعرفــة كل التفاصيــل‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الذي تهتم به الجامعات في التقديم؟‬
‫هتتــم اجلامعــات بأمــور كثــرة‪ ،‬ميكنــك أن تبحــث عنهــا يف (موســوعة خطـوات)‪ ،‬فهــذه املوســوعة حتتــوي علــى الكثــر مــن‬
‫املصــادر (‪ )Resources‬اهلامــة‪( .‬الرابــط)‬
‫س‪ :‬هل أقوم باختيار (‪ )TOEFL‬أم (‪ )IELTS‬لكي أتمكن من السفر للخارج؟‬
‫هذا يعتمد على الدولة اليت ترغب بالتقدمي يف جامعتها‪ ،‬هل هي معرتفة بـ (‪ )TOEFL‬أم (‪!)IELTS‬‬
‫س‪ :‬هــل مــن األفضــل أن أبــدأ االمتيــاز مــن اآلن اعتمــادا علــى نفســي‪ ،‬أم أســتلم‪ ،‬وأتخصــص وأحصــل علــى‬
‫الماجســتير والدكتــوراه؟‬
‫فضــل أن يقــوم اجلميــع بالتجربــة بنفســه‪ ،‬فــإن يف التخبــط ومــا يصاحبــه مــن احلصــول علــى معلومــات هــو مبثابــة خــرة‬ ‫يُ َّ‬
‫ســوف تســتفيد هبــا أنــت أوالً قبــل أي شــخص آخــر‪ ،‬وال يُعـ ّد هــذا مضيعــة للوقــت‪ ،‬فــإذا مــا وجــدت فيهــا الفرصــة إلشــباع‬
‫فخــض التجربــة مباشــرة‪.‬‬ ‫رغبتــك‪ُ ،‬‬
‫س‪ :‬هــل تُعــد الجامعــات المصنفــة ضمــن الترتيــب المائــة فــي العالــم فــي مجال علوم الكمبيوتر «‪Computer‬‬
‫‪ »science‬من الجامعات الجيدة؟‬
‫نعــم‪ ،‬تعتــر مــن اجلامعــات اجليــدة‪ ،‬ولكــن ميكنــك أن تركــز أكثــر علــى اجلامعــات املصنفــة ضمــن الرتتيــب ال ـ ‪ 50‬يف العــامل‬
‫يف جمــال علــوم الكمبيوتــر‪.‬‬
‫س‪ :‬هــل أســافر إلكمــال دراســتي فــي الواليــات المتحــدة األمريكيــة‪ ،‬وأبــدأ فــي مراســلة جامعــات فــي الخــارج مــن‬
‫اآلن؟‬
‫أكيــد‪ ،‬أبــدأ يف مراســلة اجلامعــات مــن اآلن‪ ،‬إذا مــا كنــت يف الســنة األخــرة بالكليــة (ســنة التخــرج)‪ ،‬وليــس الســنة قبــل‬
‫األخــرة‪ ،‬فــإذا مــا كنــت يف الســنة األخــرة بالكليــة ابــدأ يف استكشــاف خريطــة املوضــوع لتتعــرف عليهــا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يمكن تحضير دكتوراه بدون ماجستير؟‬
‫نعــم‪ ،‬إذا ســافرت أمريــكا ميكنــك حتضــر دكتــوراه بــدون ماجســتري؛ ألن طبيعــة املاجســتري يف أمريــكا حتديـ ًـدا يتكــون مــن‬
‫كورســات (‪ )Courses‬صعبــة جــداً‪ ،‬وحتتــاج إىل جمهــود (‪ )Effort‬كبــر يــكاد يقــرب أو يتجــاوز يف بعــض األحيــان‬
‫اجملهــود املبــذول يف عمــل البحــث (‪ )Research‬يف املاجســتري العــادي‪ ،‬ويتــم هبــا أيض ـاً تدريــس مهــارات (‪)Skills‬‬
‫كثــرة جـ ًـدا لتســاعدك بعــد ذلــك إذا أردت حتضــر الدكتــوراه أو العمــل يف الصناعــة (‪ .)Industry‬فيمكنــك أن تســافر‬
‫بــدون احلصــول علــى ماجســتري لتقــوم بتحضــر الدكتــوراه إذا كنــت تُقــدِّم يف جامعــات أمريــكا‪ ،‬ولكــن أعتقــد أنــه إذا كنــت‬

‫‪229‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫مــن مصــر‪ ،‬ســتكون فرصــك أكثــر إذا قمــت بتحضــر املاجســتري أوالً‪ ،‬ولكــن قــم بالتقــدمي علــى الدكتــوراه؛ ألن التقــدمي‬
‫ـرا ويف نفــس الوقــت ال تنتظــر فرصــة قبولــك بالدكتــوراه‪ ،‬ولكــن قــم بالتقــدمي علــى املاجســتري يف مصــر‬
‫سيســتغرق وقتًــا كثـ ً‬
‫أو يف أوروبــا‪ ،‬فهــم أســهل مــن أمريــكا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل أقوم بعمل دبلوم قبل السفر لتحضير الماجستير؟‬
‫هــذا يعتمــد علــى مــا تنُــص عليــه الئحــة اجلامعــة الــي تــود التقــدمي هبــا‪ ،‬فــإذا نظرنــا إىل جامعــة القاهــرة جنــد أن الالئحــة تنــص‬
‫علــى أنــه إذا كنــت حاصـاً علــى تقديــر مقبــول‪ ،‬فــا ميكنــك حتضــر املاجســتري إال بعــد عمــل دبلومــة أوالً ملــدة ســنتني‪.‬‬
‫فيلــزم عليــك أوالً أن تبحــث يف الئحــة اجلامعــة الــي تــود االلتحــاق هبــا ومعرفــة الشــروط اخلاصــة هبــا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يمكن تحقيق نفس المستوى من دون السفر؟‬
‫نعــم‪ ،‬ممكــن جــدًّا‪ ،‬يف جمــال مثــل علــوم احلاســوب مثـاً‪ ،‬قــد ال يتطلــب أن تســافر إىل اخلــارج‪ ،‬الغايــة مــن الســفر إىل اخلــارج‬
‫ليســت جمرد احلصول على الشــهادة يف جمال ما‪ ،‬فخربة الســفر والدراســة يف اخلارج أمر خمتلف متام عن الذهاب لتحضر‬
‫دروســا لشــخص مــا ومتضــي حياتــك يف املعمــل وانتهــى‪ .‬كالّ‪ ،‬األمــر يتعــدى إىل أبعــد مــن ذلــك فالســفر جتربــة واحتــكاك‬ ‫ً‬
‫بأنــاس مل تعرفهــم مــن قبــل‪ ،‬وهــذا مفيــد جـ ًـدا ألنــك ســتتعامل مــع أشــخاص مــن انتمــاءات ودول خمتلفــة‪ ،‬وهــذا يف حــد‬
‫ذاتــه ســوف يُكســبك خــرة‪ ،‬ولدينــا يف مصــر قصــور يف هــذا اجلانــب‪ ،‬وعلــى األرجــح أن األشــخاص الذيــن ســيحاولون‬
‫املســامهة يف حــل هــذه املشــكلة هــم العاملــون يف جمــال البحــث العلمــي ألهنــم أكثــر قابليــة للعمــل مــع األشــخاص بغــض‬
‫النظــر عــن هويتهــم‪ ،‬طاملــا جيمعنــا هــدف حمــدد فســوف نعمــل كلنــا لتحقيقــه‪ ،‬دون الرتكيــز علــى جنســية هــذا أو ذاك‪ ،‬ويف‬
‫أيضــا مــن الناحيــة املثاليــة‪.‬‬
‫بعضــا‪ ،‬وهــذا ً‬
‫مجيعــا يف رقـ ّـي بعضهــم ً‬
‫ـرض أن يســاهم البشــر ً‬ ‫النهايــة مــن املُفـ َ‬

‫أسئلة متعلقة بسوق العمل‬


‫• المجال األكاديمي أم المجال الصناعي؟‬
‫س‪ :‬هل أتوجه إلى المجال األكاديمي أم المجال الصناعي؟ وأيهما أفضل؟‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫هــذا املوضــوع واســع جـ ًـدا ويطــول احلديــث فيــه‪ ،‬وكمــا هــو معــروف‪ ،‬ال يوجــد شــيء خيلــو مــن املميـزات والعيــوب‪ ،‬وهكــذا‬
‫ـكل لــه مميزاتــه وعيوبــه‪ .‬ولــو اسرتســلنا يف الــكالم عــن املمي ـزات والعيــوب‪،‬‬
‫احلــال مــع اجملالــن الصناعــي واألكادميــي‪ ،‬فـ ٌ‬
‫فلــن تكفينــا عشـرات الصفحــات لإلجابــة علــى هــذا السـؤال‪ .‬وبالنســبة يل يف بدايــة مســريت العمليــة كنــت أفضــل اجملــال‬
‫ـات كافيــة عنــه‪ ،‬حــى أنــي كنــت أقلــل‬
‫مهتمــا بــه جـ ًـدا‪ ،‬أمــا عــن اجملــال الصناعــي فلــم تكــن لــدي معلومـ ٌ‬
‫األكادميــي‪ ،‬وكنــت ً‬
‫مــن شــأن الصناعيــن قائـ ًـا أن الكفــاءة لألكادمييــن! ولكــن عندمــا ســافرت إىل اخلــارج‪ ،‬بــدأت أرى الصــورة بشــكلها‬
‫دور يقــوم بــه‪ ،‬وكل منهمــا يكــون مناســبًا لفــرة مــن‬ ‫ٍ‬
‫الطبيعــي‪ ،‬ووجــدت أنــه ال ميكــن تفضيــل جمــال علــى اآلخــر‪ ،‬فــكل لــه ٌ‬
‫الفـرات‪ ،‬فمثـ ًـا عنــد الســفر إىل أمريــكا‪ ،‬يف بدايــة األمــر ال تكــون لديــك إقامــة دائمــة؛ لــذا يكــون مــن الصعــب العمــل‬
‫يف اجملــال الصناعــي‪ ،‬حيــث أن الشــركات ال تقــوم بإهنــاء أوراق اإلقامــة للقادمــن اجلــدد‪ .‬وهلــذا ال توجــد إجابــة حمــددة‬
‫هلــذا الس ـؤال واألمــر متوقــف عليــك‪ ،‬فاســأل نفســك‪ ،‬مــا اهتمامــايت الشــخصية؟ ومــا املفاتيــح الــي أمتلكهــا وأســتطيع‬

‫‪230‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫اســتخدامها؟ وأيــن أرى نفســي بعــد عــدة ســنوات مــن اآلن؟ وأيهمــا يضيــف إىل رصيــدي أكثــر؟ عندهــا فقــط ســتختار‬
‫اجملــال املناســب لــك‪.‬‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫أُؤكــد علــى مــا قالــه د‪ .‬إســام‪ ،‬أن االختيــار خيتلــف باختــاف الظــروف املتاحــة‪ .‬لنفــرض مثـ ًـا أنــك متخــرج مــن كليــة‬
‫اهلندســة‪ ،‬وأهنيــت حتضــر الدكتــوراه يف هــذا اجملــال‪ ،‬فإمــا أن ختتــار اجملــال األكادميــي‪ ،‬كأســتاذ جامعــي‪ ،‬أو ختتــار اجملــال‬
‫الصناعــي يف شــركة معينــة‪ ،‬ولــو توفــر اجملــاالن للشــخص يف نفــس الوقــت‪ ،‬فحــاول اختيــار األفضــل واألنســب لــك‪ ،‬فمثـ ًـا‬
‫عنــد توافــر فرصــة للعمــل داخــل جامعــة (‪ )MIT‬والشــخص لــه ميــول أكادمييــة فبالتأكيــد عليــه اختيــار هــذا الطريــق‪.‬‬
‫أمــا لــو كانــت الفرصــة األكادمييــة املتوفــرة داخــل جامعــة صغــرة‪ ،‬ويقابلهــا فرصــة أخــرى للعمــل داخــل شــركة كبــرة مثــل‬
‫مهندســا‪ ،‬فاألفضــل يف هــذه احلالــة االنضمــام إىل اجملــال الصناعــي‪ .‬وميكنــك فيمــا‬
‫ً‬ ‫مايكروســوفت أو جوجــل‪ ،‬إذا كنــت‬
‫بعــد الرجــوع إىل العمــل األكادميــي‪.‬‬
‫وحــى لــو كانــت لديــك ميــول ألي مــن اجملالــن‪ ،‬ســيتحكم الواقــع والفــرص املتاحــة أمامــك يف األمــر‪ .‬ويف كلتــا احلالتــن‬
‫ســتعمل يف البحــث والتطويــر‪ ،‬لكــن الفكــرة تكمــن يف الس ـؤال الــذي تطرحــه علــى نفســك‪ ،‬وهــو «بــأي طريقـ ٍـة تفضــل‬
‫إفــادة البش ـرية؟»‪.‬‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫وإضافــة إىل مــا ســبق‪ ،‬فالق ـرار حتكمــه عوامــل كثــرة‪ ،‬فمــن ممي ـزات العمــل األكادميــي مثـ ًـا احلريــة واملرونــة يف أوقــات‬
‫خصوصــا يف الواليــات املتحــدة‬
‫ً‬ ‫العمــل‪ ،‬واإلجــازات تكــون أكــر مقارنــة باجملــال الصناعــي‪ ،‬ومــن عيوبــه الصعوبــة يف التقييــم‬
‫األمريكيــة‪ ،‬فكلمــا تــدرج الباحــث يف جمــال البحــث والتطويــر داخــل العمــل األكادميــي‪ ،‬يكــون التقييــم أصعــب وأدق‬
‫ملزمــا بــدوام يومــي‪ ،‬وقــد تتســم ســاعات العمــل‬ ‫بشــكل أكــر‪ ،‬فيكــون الضغــط أكــر‪ ،‬لكــن يف اجملــال الصناعــي تكــون ً‬
‫ببعــض املرونــة لكــن االلتـزام يكــون أكــر‪ ،‬كمــا أن هنــاك إجــازات أقــل‪ ،‬لكــن املرتبــات تكــون أعلــى مــن اجملــال األكادميــي‪،‬‬
‫فالشــركات تدفــع رواتــب أكــر مــن اجلامعــات‪ ،‬فــكل هــذه العوامــل جيــب أن تؤخــذ بعــن االعتبــار‪ .‬وأنــا شــخصيًا أفضــل‬
‫العمــل األكادميــي‪ ،‬وأحــب التدريــس‪ ،‬والعمــل البحثــي بشــدة‪ ،‬ومــع ذلــك فقــد اجتهــت للمجــال الصناعــي‪ .‬ومــن أهــم‬
‫العوامــل الــي دفعتــي إليــه‪ ،‬هــو أنــي مغــرب ولســت واث ًقــا مــن أن بقائــي هنــا ســيدوم طويـ ًـا‪ ،‬والعمــل األكادميــي يتطلــب‬
‫التز ًامــا زمنيًــا وســأحتاج إىل الكثــر مــن الوقــت حــى أســتطيع أن آيت بإجنــاز يعــرف بــه النــاس‪ ،‬كتخريــج طالــب دكتــوراه‬
‫مثـ ًـا‪ ،‬والــذي يتطلــب مخــس ســنوات علــى األقــل‪ .‬كل هــذه االعتبــارات تتحكــم يف قراراتنــا‪ ،‬واملوضــوع بالفعــل حيتــاج إىل‬
‫نقــاش أوســع‪ ،‬حــى نســتمع إىل وجهــات نظــر خمتلفــة‪.‬‬
‫(د‪ .‬أحمد ماضي)‬
‫متاحــا‬
‫كطالــب دكتــوراه‪ ،‬أعتقــد أن تفكــري يتمحــور حــول جتريــب األدويــة يف جمــال العمــل الصيــديل‪ ،‬ولــذا ســيكون ً‬
‫يل العمــل يف منصــب باحــث مــا بعــد الدكتــوراه‪ ،‬وتوجــد هــذه املناصــب يف الشــركات‪ ،‬فتســتطيع بذلــك أن جتمــع بــن‬
‫العمــل األكادميــي‪ ،‬واجملــال الصناعــي‪ ،‬وأنــت بذلــك ختطــو خطــوة وسـطًا‪ ،‬تعــرف هبــا تطــورات اجملالــن‪ ،‬وبنــاءً علــى ذلــك‬
‫وتكــم مبعايــر حمــددة‪ .‬ففــي‬ ‫تقــوم باالختيــار‪ .‬وكمــا أوضــح د‪ .‬أجمــد‪ ،‬فــإن اجملالــن ال خيل ـوان مــن العيــوب واملمي ـزات‪ُ ،‬‬
‫اجملــال الصناعــي مثـ ًـا‪ ،‬إذا كنــت تعمــل يف شــركة أدويــة‪ ،‬ســتضطر إىل عمــل مــا‪ ،‬يُطلــب منــك‪ ،‬وتنفــذه دون أي نقــاش‪.‬‬
‫ورمبــا تُعلمــك الشــركة بعــد عــدة أســابيع أن متويــل هــذا املوضــوع قــد انتهــى‪ ،‬وتطلــب منــك االنتقــال إىل موضــوع آخــر‬

‫‪231‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫أيضــا‪ ،‬فأنــت تعمــل كباحــث ومطــور‪ ،‬لكنــك حمكــوم خبطــة‬ ‫ال عالقــة لــه بــاألول‪ ،‬ويتــم نقلــك إىل مــكان آخــر خمتلــف ً‬
‫الشــركة‪ .‬وبالطبــع كلمــا زاد احرتافــك يف ختصصــك كلمــا كان قبولــك يف الصناعــة أســهل‪ ،‬وكلمــا كانــت خلفيتــك العلميــة‬
‫قويــة‪ ،‬كلمــا زادت فــرص ترقيتــك‪ .‬ولنضــرب مثـ ًـال آخــر‪ ،‬إذا كنــت تــدرس يف علــم البيولوجيــا فســتحتاج إىل التعامــل مــع‬
‫ـادرا علــى التعامــل مــع اآلخريــن يف اجملــاالت املختلفــة‪ ،‬كلمــا زادت‬ ‫الكيمائيــن‪ ،‬ومــع الباحثــن املنافســن‪ ،‬وكلمــا كنــت قـ ً‬
‫فــرص ترقيتــك‪ .‬وهنــاك شــيء مهــم جـ ًـدا‪ ،‬وهــو أنــه يف عــامل الصناعــة إذا كنــت تفكــر بإبــداع‪ ،‬ســتأخذ مكانــة مرموقــة‬
‫بســهولة‪ ،‬أمــا إذا كنــت مثــل اإلنســان اآليل‪ ،‬فلــن تســتطيع إح ـراز أي تقــدم‪ .‬أعــرف كيمائيًــا حمرتفًــا جـ ًـدا يف ختصصــه‪،‬‬
‫لكــن قدرتــه تكمــن يف تنفيــذ املطلــوب منــه فقــط‪ ،‬أمــا إذا طلــب منــه إدارة مشــروع أو وضــع خطــة مســتقبلية ملشــروعه فإنــه‬
‫لــن يســتطيع‪ ،‬وهــو أمــر خاطــئ بــكل تأكيــد‪ .‬وكلمــة صناعــة هنــا ال يُقصــد هبــا الشــركات فقــط‪ ،‬بــل الصناعــة مبفهومهــا‬
‫األوســع‪ ،‬فمثـ ًـا مــن يعملــون يف كليــة احلقــوق أو اهلندســة وتكــون لديهــم مكاتــب خاصــة خــارج اجلامعــة‪ ،‬والعيــادات‬
‫خارج اجلامعة بالنســبة لألطباء‪ ،‬كل هذا يندرج حتت جمال الصناعة‪ .‬وباالنتقال إىل اجملال األكادميي ستســتطيع فعل ما‬
‫تريــد‪ ،‬إال أن املشــكلة يف هــذه احلالــة أنــك ســتظل مقيـ ًـدا‪ ،‬لكنــك هــذه املــرة ســتتقيد بالتمويــل الــذي يــأيت إليــك‪ .‬واملنافســة‬
‫خصوصــا يف‬
‫ً‬ ‫يف هــذا اجملــال كبــرة جـ ًـدا‪ ،‬ونســبة املنــح الــي تــأيت للحاصلــن علــى الدكتــوراه نــادرة‪ ،‬فالوضــع صعــب جـ ًـدا‪.‬‬
‫ـرا لتأمــن مكانــة مرموقــة لنفســك يف اجلامعــة الــي تعمــل هبــا‪ ،‬ويف املســار الــذي اخرتتــه‪،‬‬
‫بداياتــك؛ ألنــك ســتواجه ضغطًــا كبـ ً‬
‫حــى تصــل إىل درجــة الربوفيســور‪ .‬ويف النهايــة أنــت ســيد قـرارك‪ ،‬وال بــد أن تقــارن اجلهتــن‪ ،‬وختتــار مــا تـراه مناســبًا لــك‪،‬‬
‫عوضــا عنــك‪ .‬وال تنســى ضــرورة أن تتأمــل اجلانبــن النفســي واملــادي؛ فــا أنكــر أن املاديــات‬ ‫فــا أحــد يســتطيع أن خيتــار ً‬
‫مقتنعــا وراضيًــا عــن عملــك‪ ،‬فرمبــا حتصــل علــى الكثــر مــن األمـوال لكنــك ال تكــون‬ ‫شــيء مهــم‪ ،‬إال أن األهــم أن تكــون ً‬
‫ـعيدا‪ ،‬فهــذا التـوازن يعتمــد علــى الشــخص‪ ،‬هــل يفضــل أن يكــون أكادمييًــا‬ ‫ـعيدا‪ .‬ورمبــا حتصــل علــى القليــل وتكــون سـ ً‬ ‫سـ ً‬
‫أم صناعيًــا؟‬
‫س‪ :‬د‪ .‬أحمد نجا هل تشعر بالرضا عن اختيارك للمجال األكاديمي؟‬
‫فتحولــت إىل اجملــال الصناعــي ومــا‬ ‫هــذا سـؤال صعــب‪ ،‬يف البدايــة جلــأت إىل اجملــال األكادميــي‪ ،‬لكــي مل أجــد راحــي فيــه‪ّ ،‬‬
‫ـتمرا فيــه‪ ،‬وهــذا ال يعــي أنــه أفضــل مــن األكادميــي بــل هــو قـرار يرجــع إىل الشــخص‪ .‬ورمبــا علــى أن أذكــر بعــض‬ ‫زلــت مسـ ً‬
‫مميـزات اجملــال األكادميــي‪ ،‬ومنهــا الشــعور باحلريــة؛ فيمكنــك مثـ ًـا أن تصــدر ورقــة حبثيــة يف شــهر أو اثنــن‪ ،‬لكــن مهمتــك‬
‫األساســية علــى اجلانــب اآلخــر ســتكون الشــرح والتوضيــح للطــاب‪ ،‬فلــو كان حلمــك العمــل واالكتشــاف والبحــث يف‬
‫املعمــل‪ ،‬فســتجد نفســك أمــام موضــوع آخــر مل تكــن ترغــب فيــه‪ ،‬وهــذا يعتمــد علــى اختيــارك للجامعــة؛ هــل ســتتجه إىل‬
‫جامعــة خمتصــة بالبحــث العلمــي أم جامعــة مهتمــة بالعمــاء؟ والعميــل هنــا هــو الطالــب‪ .‬وإذا ذهبــت إىل جامعــة مهتمــة‬
‫بالبحــث العلمــي‪ ،‬فســيكون أمامــك طريــق واضــح يف البحــث العلمــي‪ ،‬وهــذا أكثــر مــن رائــع‪ ،‬فرمبــا تكــون يف يــوم مــن‬
‫األيــام مشــرفًا علــى مخســة أو ســتة طــاب دكتــوراه وماجســتري‪ ،‬ولديــك منــح جيــدة‪ ،‬ولديــك رؤيــة متكاملــة ملــا تريــد فعلــه‪،‬‬
‫ـرا أن يكــون‬ ‫فهــذا ســيكون ممتـ ًـازا بالتأكيــد‪ .‬وقــد يدخــل الشــخص يف اجملــال الصناعــي مــن حيــث ال يــدري‪ ،‬فيحــدث كثـ ً‬
‫مشــروع رســالة الدكتــوراه ُمنتَ ًجــا معينًــا‪ ،‬أو قــد تــأيت فكــرة معينــة للطالــب أثنــاء البحــث يف مرحلــة الدكتــوراه‪ ،‬وهــذه الفكــرة‬
‫تكــون عبــارة عــن مشــروع معــن‪ .‬ومــن يــوم إىل آخــر جنــد شــركات ناشــئة جديــدة‪ ،‬والقائمــون عليهــا طــاب دكتــوراه ُجــدد‪،‬‬
‫لديهــم منتــج معــن قابــل للتنفيــذ‪ ،‬فيقومــون بالتســويق لــه‪ ،‬وهنــا جيــد الطالــب نفســه فيمــا بعــد يف اجملــال الصناعــي‪ .‬ويف‬
‫اجملــال الصناعــي‪ ،‬ســتختفي احلريــة‪ ،‬وســتجد املواعيــد النهائيــة الــي ال تنتهــي‪ ،‬فــإذا أردت العمــل يف الصناعــة‪ ،‬ال بــد أن‬
‫تنجــز املطلــوب منــك يف وقــت حمــدد‪ ،‬وإذا مل تنهــه‪ ،‬فقــد حتــدث مشــاكل كبــرة جـ ًـدا‪ .‬ومــن املعــروف كذلــك أن العميــل‬
‫ـعيدا حــى ولــو مل يكــن عملــك‬ ‫ـعيدا‪ ،‬ســتكون سـ ً‬
‫هــو حمــور ومركــز وجمــال اهتمــام اجملــال الصناعــي‪ ،‬فــإذا كان العميــل سـ ً‬

‫‪232‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫جيـ ًـدا مبــا فيــه الكفايــة‪ ،‬ف ِرضــى العميــل وااللتـزام باملواعيــد مــن أهــم األمــور يف اجملــال الصناعــي‪ .‬وهنــاك أشــخاص يدخلــون‬
‫جملــال الصناعــة مث يعــودون إىل احليــاة األكادمييــة مــرة أخــرى‪ ،‬وهنــاك أشــخاص جيمعــون بــن االثنــن‪ ،‬فمثـ ًـا لدينــا يف مصــر‪،‬‬
‫خرجيــو كليــة اهلندســة املدنيــة يعملــون يف اجلامعــة‪ ،‬ويف نفــس الوقــت لديهــم مكاتــب خاصــة يباشــرون فيهــا أعمـ ًـال أخــرى‪،‬‬
‫فهــذا نــوع مــن الصناعــة‪ .‬واجلمــع مــا بــن االثنــن مســؤولية صعبــة جـ ًـدا ألنــك ســتميل إىل اجلانــب الــذي يــدر عليــك عائـ ًـدا‬
‫ـرا‪،‬‬‫همل اجلانــب األكادميــي والطــاب‪ .‬وأخـ ً‬ ‫ماديًــا أعلــى؛ لــذا ســيتغلب اجلانــب الصناعــي غالبًــا‪ ،‬وعلــى اجلانــب اآلخــر ســيُ َ‬
‫مجيعــا‪ ،‬هــو الصناعــة‪ ،‬أمــا‬
‫فــإن احليــاة األكادمييــة تعــود لــك أنــت‪ ،‬وال بــد أن أذكــر أن الطريــق األســهل‪ ،‬واملعــروف للنــاس ً‬
‫الطريق األصعب فهو الطريق األكادميي‪ ،‬فإذا أردت أن حتصل على مكانة مرموقة يف احلياة األكادميية‪ ،‬فهذا ســيتطلب‬
‫ـودا كبرييــن جـ ًـدا‪ .‬وسـواءً عملــت كباحــث مــا‬ ‫ـرا‪ ،‬وألجــل الوصــول إىل مــكان مثــل هــذا ســتأخذ وقتًــا وجمهـ ً‬‫منــك جهـ ًـدا كبـ ً‬
‫بعــد الدكتــوراه أو عملــت باألحبــاث منــذ البدايــة لكــي تُثبــت نفســك‪ ،‬أو عملــت مــع أســاتذة متميزيــن‪ ،‬ال بــد أن حتــدد‬
‫ســبب دراســتك للدكتــوراه؟ أألنــك تريــد العمــل يف الصناعــة أم ألنــك تريــد اجملــال األكادميــي؟ فــإذا أردت العمــل يف اجملــال‬
‫األكادميــي‪ ،‬ال بــد أن تذهــب إىل جامعــة متميــزة وتعمــل حتــت إش ـراف مشــرف متميــز‪ ،‬مث تصــر وتصــر حــى تنــال مــا‬
‫تريــد‪ .‬والطــاب الــذي يتوجهــون إىل اجملــال األكادميــي‪ ،‬عــاد ًة مــا يكونــون واعــن جـ ًـدا للتطبيــق العملــي ومكانــه‪ ،‬ويبــدؤون‬
‫يف العمــل قبــل أن انتهائهــم مــن رســالة الدكتــوراه‪ .‬فمثـ ًـا إذا كان موعــد مناقشــة الطالــب يف شــهر مايــو أو أبريــل فهــو‬
‫يبــدأ يف البحــث عــن عمــل مــن شــهر أغســطس أو ســبتمرب مثـ ًـا‪ ،‬مث يبــدأ يف املراســلة ويذكــر أنــه ســينتهي مــن الدكتــوراه‬
‫ـتعدا للعمــل يف شــهر كــذا‪ .‬وتكــون املراســلة ألكثــر مــن مــكان‪ ،‬وهــذه اخلطـوات تكــون مشــاهبة‬ ‫يف تاريــخ كــذا ويكــون مسـ ً‬
‫خلطـوات التقــدمي علــى منحــة دكتــوراه‪ ،‬تليهــا إجـراء املقابلــة لكــي يتعرفـوا علــى جمــال عملــك‪ ،‬وهــذه اخلطـوات تأخــذ وقتًــا‬
‫ـرا جـ ًـدا‪ ،‬وحتتــاج إىل الصــر واملواصلــة وعــدم اليــأس والتحــول مباشــرة إىل جمــال الصناعــة؛ ألنــك مبجــرد اجتاهــك إىل‬ ‫كبـ ً‬
‫الصناعــة ســتتأخر أكادمييًــا‪ ،‬وســيقل إنتاجــك البحثــي‪ ،‬حــى لــو كانــت لديــك الرغبــة يف البحــث‪ ،‬فالعمــل مــن الســابعة‬
‫متزوجــا ولديــك أوالد‪ ،‬فحــى يومــا الســبت‬‫صباحــا وحــى التاســعة مســاء‪ ،‬لــن يــرك لــك فرصــة للبحــث‪ ،‬خاصـةً إذا كنــت ً‬ ‫ً‬
‫واألحــد‪ ،‬ســتكون مضطـ ًـرا فيهمــا للقيــام ببعــض املهــام العائليــة الــي أخرهتــا طـوال األســبوع‪ ،‬وهكــذا‪ .‬فمثـ ًـا‪ ،‬منــذ إهنائــي‬
‫للدكتــوراه اخلاصــة يب عــام ‪ ،2004‬مل أجهــز ســوى أربــع ورقــات حبثيــة يف مــدة جتــاوزت اآلن العشــر ســنوات! ولتعلــم أنــك‬
‫لــو دخلــت جمــال الصناعــة فســيكون مــن الصعــب جـ ًـدا أن تتحــول إىل اجملــال األكادميــي‪ ،‬إال إذا حافظــت علــى األحبــاث‬
‫اخلاصــة بــك‪ ،‬وعلــى نشــاطك العلمــي؛ لــذا ال أســتطيع توجيــه أحــد إىل أي مــن اجملالــن‪ ،‬ومــا قلتــه هــو نظــرة عامــة علــى‬
‫اجلهتــن‪ ،‬وأرجــو أن تكــون مفيــدة لكــم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل فرص العمل في الخارج متاحة بشكل كبير‪ ،‬بعد الدراسة أم ال؟‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫يف ظــل الظــروف احلاليــة فــرص العمــل قليلــة جـ ًـدا؛ بســبب زيــادة عــدد اخلرجيــن‪ ،‬وقــد أجــرت جملــة ‪ Nature‬دراســة‬
‫وضحــت فيهــا زيــادة عــدد األشــخاص علــى عــدد األماكــن املتاحــة‪ ،‬وهــذا يقلــل الفــرص بســبب كثــرة التنافــس عليهــا‪.‬‬
‫فاألمــر صعــب جـ ًـدا‪ ،‬وعــدد اخلرجيــن يتزايــد‪ ،‬وعــدد الوظائــف يتناقــص‪ ،‬واألمــر يعكــس االنطبــاع الســائد أن احليــاة بســيطة‬
‫ردا فقــط‪ .‬ال أحــاول‬ ‫ومجيلــة‪ ،‬فالضغــط كبــر جـ ًـدا‪ .‬ولكــي حتصــل علــى وظيفــة‪ ،‬جيــب أن تتقــدم عشـرات املـرات؛ لتتلقــى ً‬
‫يومــا بعــد يــوم‪ ،‬وهلــذا يتطلــب‬
‫إحباطكــم‪ ،‬بــل العكــس‪ ،‬أريــد فقــط أن أضعكــم أمــام الصــورة الواقعيــة‪ ،‬فاملنافســة تــزداد بشــدة ً‬
‫ـودا وعمـ ًـا وتفوقًــا‪ ،‬وأن تثبــت ملــن هــم حولــك وللمســؤولني أنــك جديــر بالوظيفــة‪.‬‬ ‫املوضــوع جمهـ ً‬
‫(د‪ .‬أحمد نجا)‬

‫‪233‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫أؤكــد علــى كالم الدكتــور إســام‪ ،‬وبالفعــل العمــل يف اجملــال األكادميــي صعــب جـ ًـدا‪ ،‬وقــد حــدث يف أحــد الســنوات أن‬
‫ـرا مــن اخلرجيــن مل يتــم تعيينهــم‪ ،‬فــأدى هــذا إىل تراكــم أعــداد خرجيــي هــذه الســنة مــع الســنة الــي تليهــا‪ ،‬وقِــس علــى‬
‫كثـ ً‬
‫هــذا‪.‬‬
‫وأشــر هنــا إىل ميــزة صغــر الســن فهــي ممتــازة‪ ،‬فكلمــا كنــت أصغــر ســنًا‪ ،‬كلمــا كانــت معلوماتــك حديثــة وواضحــة يف‬
‫ذهنــك أكثــر‪ .‬كمــا أن فــرص العمــل يف اجملــال الصناعــي أكــر بكثــر مــن فــرص العمــل يف اجملــال األكادميــي‪ ،‬فــإذا كنــت‬
‫متميـًـزا يف جمالــك‪ ،‬ســتجد فــرص عمــل كثــرة يف شــركات كبــرة‪ ،‬كمــا أن هنــاك قانونًــا يتيــح لــك البحــث عــن عمــل أو أخــذ‬
‫دورة تدريبيــة‪ ،‬ملــدة ســنة بعــد املاجســتري والدكتــوراه‪ ،‬ممــا يتيــح لــك وقتًــا للبحــث عــن عمــل معــن‪.‬‬
‫ات عاليــة وإثبــات جــدارة‪ ،‬كمــا أن‬ ‫والســوق يف اجملــال الصناعــي مفتــوح وبــه العديــد مــن الفــرص‪ ،‬لكنــه حيتــاج إىل مهــار ٍ‬
‫ـت نفســك يف هــذا العمــل‪ ،‬ســتزداد فــرص انتقالــك لشــركات أكــر‬ ‫أول عمــل ســتلتحق بــه ســتجد فيــه صعوبــة مــا‪ ،‬وإذا أثبـ ّ‬
‫ومناصــب أعلــى‪.‬‬
‫س‪ :‬هل الدراسة بالخارج تجعلنا نخسر العمل الحكومي داخل مصر؟‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫نعــم لألســف‪ ،‬وقــد حــدث هــذا األمــر معــي شــخصيًا‪ ،‬ألنــه مبوجــب القانــون املصــري‪ ،‬ال تُتــاح لــك اإلجــازة ألكثــر مــن‬
‫ســنة وال يتــاح لــك العمــل باخلــارج وأنــت يف وظيفــة حكوميــة‪ .‬وق ـرار االختيــار بينهمــا مــن أصعــب مــا يكــون‪ ،‬ألنــه ال‬
‫أيضــا‪ .‬وأنصحكــم بعــدم املخاطــرة يف مثــل هــذا األمــر ألن‬
‫يتعلــق بشــخصك فقــط بــل بأسـرتك وقــد حيــدد لــك حياتــك ً‬
‫الظــروف يف اخلــارج تــزداد صعوبــة‪.‬‬
‫اسلت أستا ًذا ولم يرد؟‬
‫ماذا أفعل إن ر ُ‬
‫ال تفعل شيئًا‪ ،‬وإمنا راسل أستا ًذا آخر أو أرسل له مرة أخرى كل شهر حىت حتصل على رد‪.‬‬
‫بالنســبة ملــن خيطــط للدراســة باخلــارج أو مــن لــه أحبــاث ولديــه الفرصــة لاللتحــاق ببحــث علمــي معــن‪ ،‬فــا يوجــد مشــكلة‬
‫ـددا مــن الدكاتــرة ويســأهلم عــن رأيهــم‪.‬‬
‫يف أن يراســل عـ ً‬
‫س‪ :‬ماذا لو وجدت فرصة عمل جيدة قبل البدء في الدكتوراه؟‬
‫إن وجــدت فرصــة عمــل تنمــي مهاراتــك العلميــة قبــل أن تقــرر عمــل دكتــوراه فســيكون أمـ ًـرا مفيــدا جــدًّا‪ُ ،‬كتَّــاب هــذه‬
‫ـرا‪ ،‬ولديهــم جتــارب عــدة فاشــلة وناجحــة‪ ،‬فاحــرص علــى قـراءة كل‬ ‫الفصــول ‪ -‬مــا شــاء اهلل ‪ -‬متفوقــون يف جماالهتــم كثـ ً‬
‫الفصــول واســتوعبها جيّــدا‪ ،‬وأعتقــد أنــك ســتحتاج إىل ق ـراءة الفصــل الواحــد أكثــر مــن مــرة علــى حســب املرحلــة الــي‬
‫ـجل األســئلة‪ ،‬فكمــا قُلنــا يف أول الرحلــة جيــب أن يكــون معــك آلــة تصويــر وجيــب أن تســجل‬ ‫تكــون فيهــا‪ ،‬وإىل أن تُسـ ّ‬
‫أسئلتك وكل شيء مررت به‪  .‬‬

‫‪234‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫أسئلة متنوعة أخرى‬
‫س‪ :‬كيف أتأكد من أني أقوم بالتعلم الذاتي «‪ »self-learning‬بشكل سليم؟‬
‫القاعدتــان األوىل والثانيــة متالزمتــان‪ .‬داوم علــى التعلــم مــن املصــادر ذات الثقــة والــدورات ذات الســمعة اجليــدة عامليًــا‪ ،‬مث‬
‫دائمــا التأكــد مــن حصولــك علــى املعلومــة الصحيحــة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أكثــر مــن سـؤال ذوي اخلــرة يف جمــال ختصصــك حــى يتسـ ّـى لــك ً‬
‫س‪ :‬ما الفائدة من دورات ذات قيمة علمية جيدة لكن غير مهمة في السيرة الذاتية؟‬
‫دائمــا‬
‫جيــب أن تُغـ ّـر مــن هــذا النمــط التقليــدي يف التفكــر‪ .‬املوضــوع ال يتوقــف علــى سـرتك الذاتيــة فحســب‪ .‬احــرص ً‬
‫علــى أن تتعلــم كــي تفيــد نفســك واجملتمــع مــن حولــك‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف أتغلب على مشكلة التشتت في مواضيع متعددة في نفس الوقت؟‬
‫ال أنصحــك هبــذا‪ .‬عليــك أن تقــوم بالرتكيــز يف موضــوع واحــد واإلبــداع فيــه؛ ال أحــد يبــدع يف كل شــيء‪ .‬هــذا التشــتت‬
‫ـرا مــن اجلهــد والفشــل يف بــادئ األمــر‪،‬‬
‫نابــع مــن عــدم القــدرة علــى إدارة الوقــت بشــكل مناســب‪ .‬فــإدارة الوقــت حتتــاج كثـ ً‬
‫مث بعــد ذلــك ســيصبح األمــر عــادة مكتســبة‪ .‬لــو ق ـرأت جتــارب الناجحــن لوجــدت هبــا الكثــر مــن التجــارب الفاشــلة‪.‬‬
‫دائمــا‪ ،‬بــل أحيانــا يتعلــم اإلنســان مــن فشــله أكثــر مــن جناحــه‪ ،‬فالنجــاح أحيانــا يصيــب البعــض بالغــرور‪،‬‬
‫ال أحــد ينجــح ً‬
‫وهــذا يــؤدي بــه للفشــل يف هنايــة األمــر‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا أفعل ألحفظ المعلومات التي تعلمتها؟‬
‫هــذا سـؤال مهــم‪ ،‬عندمــا تقــوم بدراســة األساســيات فمــن الـوارد أن تنســاها يف وقــت مــا‪ ،‬فمــا العمــل؟ مــا املفــروض أن‬
‫تفعلــه؟ هــل ميكــن ألحدكــم أن يكتــب يل مــا العمــل إن كنــت أدرس األساســيات ونســيتها يف وقــت مــا؟‬
‫اإلجابــة هــي أن أقــوم مبراجعتهــا‪ .‬أنــا شــخصيًا ختصصــي مثـ ًـا الكهربــاء وأراجــع دروس الكليــة تقريبًــا كل ســنتني‪ ،‬أفتــح‬
‫املرجــع‪ ،‬وأق ـرأ‪ ،‬وأتذ ّكــر‪ ،‬وأعلِّــم‪ ،‬وأخربــش وأقــوم بــكل تلــك األمــور الظريفــة‪.‬‬
‫دائمــا رئيســيًا بالنســبة إليــك‪ ،‬ألنــك ســتعتمد علــى الفهــم بشــكل أساســي لكــن‬
‫جيــب أن يكــون موضــوع املراجعــة هــذا ً‬
‫ـورا ستنســاها‪.‬‬
‫هنــاك أمـ ً‬
‫س‪ :‬كيف أنمي مهارة اإلبداع لدي؟‬
‫الــرد علــى هــذا السـؤال حيتــاج كتبًــا وحماضـرات‪ ،‬ألن اإلبــداع حيتــاج إىل سلســلة منفصلــة‪ ،‬ولكــن هنــاك بعــض األمــور الــي‬
‫جيــب أن تأخذهــا بعــن االعتبــار‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التجربة دائماً تُفضَّل أن تكون يف التخصص الذي تفضله‪.‬‬
‫ثانيــا‪ :‬اطّلــع علــى مــا كتبــه اآلخــرون ممــن ســبقوك يف هــذا اجملــال‪ ،‬اطّلــع علــى قصــص حياهتــم‪ ،‬ألن هنــاك يف النهايــة‬
‫طريقــة تفكــر معينــة هــي الــي تســاعدك علــى اإلبــداع‪ ،‬ولكــن اإلبــداع كمهــارة ميكنــك أن تتعلمهــا ألنــه يف النهايــة هنــاك‬
‫مصــادر معينــة يف احليــاة‪ ،‬باإلضافــة إىل مالحظاتــك الــي تالحظهــا يف حياتــك جيــب أن تكــون حمــل اهتمــام لكــي تســتطيع‬
‫أن تلتقــط فرصــة ميكنــك أن تُبــدع فيهــا‪ .‬وجنــد أن األشــخاص املهتمــن بريــادة األعمــال يكــون اإلبــداع ركيــزة أساســية‬
‫يف شــخصياهتم‪ ،‬كمــا جنــد كتبًــا مثــل كتــاب لبيــر دريكــر «‪ »Peter Drucker‬بعن ـوان «‪innovation and‬‬

‫‪235‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫معــا البــد أن يق ـرأ هــذا الكتــاب‪ ،‬أو يق ـرأ ملخــص الكتــاب‪.‬‬
‫‪ ،»entrepreneurship‬ملــن يرغــب يف ربــط االثنــن ً‬
‫س‪ :‬ما أكثر ما يحفز الشخص للعمل في مجال معين؟‬
‫أكثــر مــا ســيحفزك يف جمالــك الــذي تعمــل فيــه هــو قـراءة قصــص جنــاح ألشــخاص يف هــذا اجملــال‪ ،‬وكذلــك قـراءة قصصهــم‬
‫ـرا بعــد ذلــك‪.‬‬
‫الشــخصية‪ ،‬هــذا ليــس مضيعـةً للوقــت‪ ،‬إمنــا ســتجد فارقًــا كبـ ً‬
‫س‪ :‬كيف أحصل على أعلى تقدير في الجامعة؟‬
‫جدا‪،‬‬
‫اجتهد يف الفهم‪ ،‬من الضروري الرجوع إىل القواعد العشــرة املوجودة يف احملطة الرابعة‪ ،‬وســوف جتد اســتفادة كبرية ً‬
‫قــم بتعليــق هــذه القواعــد علــى احلائــط لتكــون أمامــك باســتمرار‪ ،‬وحــاول تطبيقهــا‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف كانت تجربتك مع دراسة الهندسة الطبية؟‬
‫جمــال اهلندســة الطبيــة هــو فــرع متداخــل “‪ ”inter-discipline‬جيمــع بــن فــروع علميــة كثــرة‪ ،‬حــى وقــت قريــب مل‬
‫تكــن هنــاك أقســام متخصصــة يف اهلندســة الطبيــة يف املرحلــة اجلامعيــة‪ .‬هلــذا جيــب علــى مــن يريــد التخصــص يف اهلندســة‬
‫لمــا بالعلــوم األساســية «كالرياضيــات والفيزيــاء اهلندســية» حــى يســتطيع أن يُبــدع يف هــذا اجملــال‪.‬‬
‫الطبيــة أن يكــون ُم ً‬
‫س‪ :‬مجال االتصاالت في مصر محدود‪ ،‬فما العمل؟‬
‫ـدودا وال يوجــد منــو أكثــر مــن الــذي تعرفــه مصــر يف جمــال االتصــاالت!! إذا كانــت لديــك مشــكلة يف هــذا‬
‫كيــف يكــون حمـ ً‬
‫اجملــال‪ ،‬فأنــت ال تبحــث جيّـ ًـدا‪ .‬الواقــع هــو أن املصــادر يف جمــال علــوم احلاســوب واالتصــاالت متوفــرة يف مصــر أكثــر مــن‬
‫أي وقــت ســبق‪ ،‬حــاول فقــط الوصــول إىل املصــادر الصحيحــة‪ .‬أعتقــد أن هنــاك جمموعــة امسهــا (‪ ،)Basis##‬ميكنــك‬
‫البحــث عنهــا يف اإلنرتنــت‪ ،‬وأن تراســلها لتســأهلا‪.‬‬
‫س‪ :‬مشــكلة تحديــد المجــال‪ ،‬أنــا هنــا فــي مجــال الهندســة الميكانيكيــة ولكــن المجــال متســع جـ ًدا كيــف يمكننــي‬
‫تحديــد أولوياتــي بــه؟‬
‫أنــت علــى األرجــح يف ســنوات مــا قبــل التخــرج (‪ )Undergraduate‬كيــف حتــدد اجملــال!‪ ،‬عندمــا يكــون الطالــب‬
‫تائهــا بعــض الشــيء‪ ،‬وهــذا ليــس خطـأً‪ ،‬لكنــه كلمــا تَعلّــم أساســيات أكثــر كلمــا‬
‫يف ســنوات مــا قبــل التخــرج فإنــه يكــون ً‬
‫عــرف إىل أيــن يريــد أن يصــل‪ .‬هــل تذكــرون شــرحية اهلــرم؟ يكــون لديــك يف البدايــة ُمعطيــات كثــرة تتميــز يف فهمهــا وبعــد‬
‫ذلــك تبــدأ بتحديــد األدوات واألمــور الــي حتبهــا وتريــد العمــل عليهــا‪.‬‬

‫‪236‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫خاتمة‬
‫(د‪ .‬أحمد نجا)‬
‫أحــد أهــداف هــذا الكتــاب‪ ،‬هــو أن يقــوم املصريــون املقيمــون يف اخلــارج بعمــل شــيء للمصريــن يف الداخــل‪ ،‬حــى ولــو‬
‫حماضـرات بســيطة‪ .‬فهــذه ســتكون نـواة للمصريــن باخلــارج لكــي حياولـوا تكويــن فــرق حبثيــة‪ ،‬متــد أيديهــا للطلبــة املوجوديــن‬
‫داخــل مصــر‪ ،‬وحياولـوا القيــام بأحبــاث مشــركة‪.‬‬
‫(د‪ .‬إسالم حسين)‬
‫أمتــى أن يكــون هــذا الكتــاب قــد عــاد عليكــم بالنفــع‪ ،‬وأنــا ســعيد جـ ًـدا برؤيــي لشــباب يف مثــل ســنكم يهتمــون بتخصيــص‬
‫ســاعات يوميــة أو أســبوعية للتعلــم‪ ،‬يف وســط جمتمــع ال يقـ ّدر قيمــة العلــم‪ ،‬وال يعــرف معنــاه! وال يعــرف ماهيــة البحــث‬
‫دائمــا بــإذن‬
‫ـور جـ ًـدا بكــم ألنكــم األمــل‪ ،‬ويف يــوم مــن األيــام ســيكون لكــم دور مــا‪ .‬وحنــن معكــم ً‬
‫العلمــي‪ .‬لــذا أنــا فخـ ٌ‬
‫اهلل‪ ،‬فــا تــرددوا يف االستفســار عــن أي شــيء وســنحاول الــرد بقــدر اإلمــكان‪.‬‬
‫(د‪ .‬أمجد أبو جبارة)‬
‫مجيعــا‪ ،‬وأهنئكــم بأنكــم أصبحتــم علــى بدايــة الطريــق‪ ،‬وأمتــى أن يعــود عليكــم الوقــت الــذي قضيتمــوه‬
‫أيضــا فخــور بكــم ً‬
‫أنــا ً‬
‫معنــا بالنفــع‪ ،‬وبالنتائــج املثمــرة يف حياتكــم البحثيــة والعمليــة ‪ -‬إن شــاء اهلل ‪ . -‬كمــا أطلــب منكــم عــدم االكتفــاء‬
‫باملعلومــات الــي حصلتــم عليهــا مــن هــذا الكتــاب‪ ،‬ألهنــا جمــرد إشــارات وحمــاوالت لتقريــب الصــورة إليكــم‪ ،‬لكــن اخلــرة‬
‫احلقيقيــة‪ ،‬هــي اخلــرة الــي ســتأخذوهنا عندمــا تبــدؤون بالعمــل علــى البحــث‪ ،‬وتعانــون مــن صعوباتــه‪ ،‬واخلالفــات بــن‬
‫الباحــث والباحثــن اآلخريــن أو مــع املشــرف وكيفيــة التعامــل مــع أخطــاء ســابقة وتصحيحهــا يف أحبــاث الحقــة‪ ...‬إخل‪.‬‬
‫كل هــذه املهــارات ال بــد أن تتعلمهــا بنفســك‪ .‬وكذلــك أمتــى أن تعلمـوا أن اخلــرة البحثيــة ال تــأيت مــن احملاضـرات‪ ،‬وإمنــا‬
‫هــي شــيء تراكمــي‪ .‬فاســتمروا حــى ولــو شــعرمت بــأن الصــورة غــر واضحــة بالكامــل‪ ،‬وأنــا متأكــد أن هنــاك بعــض النقــاط‬
‫املضيئــة الــي بــدأت تظهــر‪ ،‬فاســتمروا يف املتابعــة والس ـؤال‪ ،‬ويف مراســلة الباحثــن‪ .‬ابعث ـوا لنــا رســائل علــى الربيــد‪ ،‬وســنرد‬
‫ويومــا بعــد يــوم ســتصلون‬
‫ـرا‪ ،‬اعلمـوا أن مــن أدمــن طــرق البــاب فإنــه يُفتــح لــه‪ ،‬فاســتمروا يف ســعيكم‪ً ،‬‬ ‫–بــإذن اهلل‪ . -‬وأخـ ً‬
‫إىل مرادكــم ‪ -‬إن شــاء اهلل ‪. -‬‬
‫(د‪ .‬أحمد ماضي)‬
‫ـكرا الطالعكــم عليــه‪ .‬فقــط أود أن أؤكــد علــى نقطتــن يف غايــة األمهيــة‪ ،‬مهــا‬
‫ـكرا ملــن شــارك يف إعــداد الكتــاب‪ ،‬وشـ ً‬
‫شـ ً‬
‫العزميــة واإلصـرار‪ .‬فــإذا كانــت لديــك فكــرة‪ ،‬متســك هبــا‪ ،‬وحــاول أن تصــل إليهــا‪ .‬وليــس بالضــرورة أن تكــون كل الطــرق‬
‫وميســرة‪ ،‬فهنــاك أوقــات جتــد نفســك مضطـ ًـرا لالنعطــاف قليـ ًـا‪ ،‬لكنــك يف آخــر األمــر‪ ،‬ســتصل إىل م ـرادك‬‫مســتقيمة ُ‬
‫–بــإذن اهلل‪. -‬‬
‫كما أنصحكم باالبتعاد عن نصائح األشــخاص الذين فشــلوا يف طريقهم ومســرهتم؛ ألن أي شــخص فشــل يف الطريق‬
‫الــذي تريــد املضـ ّـي فيــه‪ ،‬كل مــا ســيفعله هــو إحباطــك‪ ،‬وقــد يغــر رغبتــك يف املواصلــة‪ .‬وهــذا أمــر مــررت بــه شــخصيًا‪ .‬لــذا‬
‫دائمــا إىل األشــخاص الناجحــن؛ ألهنــم سريشــدونك إىل الطريــق الصحيــح‪ ،‬وســيزودونك باحلمــاس‬ ‫ـتمع‬ ‫ـ‬‫حــاول أن تسُ‬
‫ً‬
‫ـخاصا حولــك يشــجعونك علــى إكمــال الطريــق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ـتجد‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـك‬‫ـ‬ ‫ن‬ ‫لك‬ ‫‪،‬‬ ‫ـا‬
‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫قل‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ث‬ ‫تتع‬ ‫ـد‬
‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ـك‪.‬‬
‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ط‬ ‫ـال‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫واإلصـرار الالزمــن إلك‬

‫‪237‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫وحنــن حنــاول إفادتكــم قــدر اإلمــكان دون مقابـ ٍـل‪ ،‬فحاولـوا أن تســتفيدوا مــن هــذه املعلومــات قــدر اإلمــكان‪ .‬وال تــردوا يف‬
‫مراســلتنا سـواءً علــى صفحــة علمــاء مصــر‪ ،‬أو علــى اجملموعــة اخلاصــة بالبحــث العلمــي‪ ،‬أو علــى صفحاتنــا الشــخصية‪.‬‬
‫وســنقوم بالــرد عليكــم بــإذن اهلل‪.‬‬
‫الحظــة بيننــا وبــن الشــعوب املتقدمــة‪ ،‬اهلــوة الثقافيــة الكبــرة‬
‫كمــا أوصيكــم بالقـراءة‪ ،‬مث القـراءة مث القـراءة‪ ،‬فمــن الفــروق املُ َ‬
‫أيضــا‪ ،‬فتجــد الكاتــب هنــاك‪ ،‬سـواءً كتــب كتابًــا أو قصـةً‪ ،‬كأنــه‬ ‫جـ ًـدا‪ .‬فهــم يقــرؤون بنهـ ٍم شــديد‪ ،‬بــل ويقــدرون الكتّــاب ً‬
‫ممثل ســينمائي من شــدة الشــهرة‪ ،‬فهناك الكثري من األفالم املشــهورة كـ «هاري بوتر»‪ ،‬و»ملك اخلوامت»‪ ،‬وغريها‪ ،‬مبنية‬
‫أصـ ًـا علــى روايـ ٍ‬
‫ـات شــهرية‪ ،‬وهلــذا مت حتويلهــا إىل أفــام‪.‬‬
‫تلفازا‪ ،‬ألهنم جيدونه مضيعةً للوقت!‬
‫كما أن بعض الناس يف اخلارج ال ميلكون ً‬
‫مهتمــا بالعلــم‪ ،‬عليــك أن تقـرأ‪ .‬األحبــاث موجــودة ومتوفــرة‪ ،‬وإذا مل تتوفــر األحبــاث الــي تريدهــا‪ ،‬ميكننــا أن‬
‫لــذا إذا كنــت ً‬
‫نرســلها لــك‪ ،‬لتســتفيد منهــا‪ ،‬وتوســع مــداركك‪ .‬فالقـراءة كمــا أشـرنا ســاب ًقا مــن أهــم طــرق احلصــول علــى أفــكار جديــدة‪.‬‬
‫أمتــى أن تكونـوا قــد اســتفدمت مــن هــذا الكتــاب‪ ،‬وأســأل اهلل أن يوفقكــم‪.‬‬
‫(د‪ .‬خالد األشموني)‬
‫عظيمــا‪ ،‬أســأل‬
‫ـودا ً‬
‫أود أن أشــكر اجلميــع‪ ،‬خاصـةً فريــق املتطوعــن‪ ،‬وعلــى رأســهم د‪ .‬أســامة ود‪ .‬مــروة‪ ،‬اللــذان بــذال جمهـ ً‬
‫اهلل أن جيزيهــم عنــه خــر اجلـزاء‪.‬‬
‫مجيعــا «ألن كل عقــل يفـ ِرق»‪ .‬فحاولـوا االســتفادة مــن خدماهتــا‪،‬‬ ‫ـك لكــم وليســت لنــا‪ ،‬هــي لنــا ً‬
‫مؤسســة علمــاء مصــر ملـ ٌ‬
‫وشــجعوا اآلخريــن علــى املشــاركة فيهــا‪ .‬وال تســتصغروا مــن املعــروف شــيئًا‪ .‬انشــروا األفــكار‪ ،‬وروابــط الــدورات‪ ،‬وانقل ـوا‬
‫املعلومــات لزمالئكــم‪ ،‬وافعلـوا مــا تســتطيعون فعلــه إليصــال املعلومــات ألكــر قــدر ممكــن مــن النــاس‪ ،‬حــى تعــم الفائــدة‪.‬‬
‫حنــن حنلــم باليــوم الــذي يــأيت فيــه الوافــدون مــن كل مــكان‪ ،‬ليدرس ـوا يف اجلامعــات املصريــة‪ .‬ولكــي يتحقــق عليكــم‬
‫باالســتمرار يف البحــث العلمــي؛ ألن البحــث والعلــم والصناعــة‪ ،‬هــم البوابــة الــي تتقــدم مــن خالهلــا األمــم‪ ،‬والــي ســتتقدم‬
‫مصــر مــن خالهلــا إن شــاء اهلل‪.‬‬
‫ ‬

‫‪238‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫مصادر هامة للمزيد عن البحث العلمي‬
1. Popper: The Logic of Scientific Discovery
2. Research Methods for Business
3. The Craft of Research
4. How to get a PhD: A Handbook for Students and Their Supervisors by Es-
telle Phillips.
5. The craft of research by Wayne C. Booth.
6. Your PhD coach: how to get the PhD experience you want by Jeff Gill au-
thor.
7. Scientific Writing=Thinking in Words
8. The Elements of Style
9. Successful Publishing in Scholarly Journals.
10. Writing Successful Science
11. The Elements of Technical Writing
12. Abraham P (2000) Duplicate and salami publications. Journal of Postgrad-
uate Medicine, 46: 67.
13. David B. Resnik. What is Ethics in Research & Why is it Important?
14. Elsevier Ethics in Research and Publications Course http://www.elsevier.
com/ethics/home
15. The University of Michigan›s online Program for Education and Evalua-
tion in Responsible Research
16. Scholarship http://my.research.umich.edu/peerrs/
17. The Office of Research Integrity http://ori.hhs.gov/

239 ‫ الفصل التاسع‬- ‫أساسيات البحث العلمي‬


18. National Institute of Health Training in the Responsible Conduct of Re-
search http://grants.nih.gov/training/responsibleconduct.htm
19. Missouri State University Research Ethics Workshop
20. A Guide to Research Ethics- University of Minnesota
21. National Statement on Ethical Conduct in Human Research (Australia)
22. An introduction to ethics issues and principles in research involving hu-
man participants (Canterbury Christ Church University)
23. The ethics of research involving animals (Nuffield Council on Bioethics)
24. ES Series on Scientific Research
25. European Textbook on Ethics in Research
26. http://ori.hhs.gov/blog/ori-closes2011-four-cases-involving-plagiarism
27. Office of Research Integrity U.S. Department of Health and Human Ser-
vices. Definition of Research Misconduct
28. http://www.uiowa.edu/~cyberlaw/writing/CUNY1213.html
29. European Textbook on Ethics in Research (2010)
30. http://www.bbc.com/news/uk-scotland-edinburgh-east-fife-22186220
31. Committee on Publication Ethics (COPE), How to handle authorship dis-
putes: a guide for new researchers.
32. http://www.wame.org/ethics-resources/duplicate-submission

240 ‫ الفصل التاسع‬- ‫أساسيات البحث العلمي‬


‫مصادر للحصول على األوراق البحثية مجانًا‬
‫‪1. The public library of science: (Link) where all articles are free.‬‬
‫‪2. The Proceeding of National Academy of Sciences: (Link) where articles‬‬
‫‪more than six months old are available for free.‬‬
‫‪3. The Directory of Open Access Journals: (Link) where you can find free‬‬
‫‪journals on many different topics‬‬

‫محاضرات ودورت تدريبية ُمقترحة‬


‫‪ .1‬حماضــرة علــى موقــع علمــاء مصــر علــى اليوتيــوب نتنــاول فيهــا كيفيــة عــرض إجنــازك العلمــي أمــام اجلمهــور‪ ،‬وهــي تعتــر‬
‫ُمكملـةً هلــذا الفصــل‪ .‬ميكنــك أن جتدهــا علــى هــذا (الرابــط)‪.‬‬
‫جدا حتسني اللغة‪( .‬الرابط)‬ ‫‪ .2‬دورات اللغة‪ ،‬من الضروري ً‬
‫‪ .3‬إدارة املشروعات‪( .‬الرابط)‬
‫‪ .4‬حل املشكالت‪( .‬الرابط)‬
‫‪ .5‬إدارة الوقت‬
‫‪ .6‬اإلبداع‬

‫‪......................................................‬‬

‫‪241‬‬ ‫أساسيات البحث العلمي ‪ -‬الفصل التاسع‬


‫ـي‬
‫«متــى أردت أن تــرف بالعلــم‪ ،‬وتُنســب إليــه‪ ،‬وتكــون مــن أهلــه‪ ،‬قبــل أن ت ُعطـ َ‬
‫العلــم مالــه عليــك؛ احتجــب عنــك نــوره‪ ،‬وبقــي عليــك رســمه وظهــوره‪ ،‬ذلــك العلــم‬
‫عليــك ال لــك‪ ،‬وذلــك أن العلــم يشــر إىل اســتعامله‪ ،‬فــإذا مل تســتعمل العلــم يف مراتبــه‬
‫رحلــت بركاتــه‪».‬‬
‫الخطيب البغدادي صاحب كتاب «اقتضاء العلم العمل»‬
‫ــا للدارســن‬ ‫مفص ً‬
‫دليــا ّ‬
‫يف كتابهــا الثــاين‪ ،‬تقــدم مؤسســة علــاء مــر ً‬
‫ـرض شــامل لطريــق البحــث‬ ‫والعاملــن يف مجــال البحــث العلمــي؛ بــد ًءا بعـ ٍ‬
‫العلمــي‪ ،‬مــرو ًرا مبنهــج البحــث العلمــي وأخالقياتــه‪ ،‬وانتهــا ًء بتقنيــات‬
‫الكتابــة العلميــة واألدوات املســاعدة للباحــث‪ .‬كــا يضــم الكتــاب فصـ ًـا‬
‫خاصــا باإلجابــة عــى أبــرز األســئلة وأكرثهــا شــيو ًعا بــن ُمريــدي مجــال‬ ‫ً‬
‫البحــث العلمــي والدارســن‪ ،‬وســتجد كذلــك يف نهايــة كل فصــلٍ أســئلة‬
‫تدريبيــة ت ُجيــب عليهــا بنفســك لتتشــيط ذاكرتــك‪.‬‬
‫ونهــدف مــن هــذا الكتــاب إىل نــر الوعــي بالبحــث العلمــي وأسســه‬
‫الصحيحــة بــن جميــع املهت ّمــن باملجال‪ ،‬ال ســيام الراغبــن يف ارتيــاده أو من‬
‫هــم عــى وشــك التعمــق فيــه‪ .‬وقــد عنينــا يف هــذا الكتــاب بعرضــه بشــكل‬
‫مبســط وواضــح ليناســب جميــع فئــات الطــاب والباحثــن يف مختلــف‬
‫ـرض ســطحي‪ ،‬كــا‬ ‫املجــاالت دون إغفــال للمســائل الهامــة أو االكتفــاء بعـ ٍ‬
‫عنينــا بذكــر أمثلــة ومــوارد أخــرى ملســاعدتك يك تجعــل مــن هــذه التجربــة‬
‫شــيئًا مثمـ ًرا عمل ًيــا‪.‬‬
‫صــدر هــذا الكتــاب عــى ِغـرار «سلســلة أساســيات البحــث العلمــي» التــي‬
‫انبثقــت منهــا النــواة األوىل لربنامــج «معمــل علــاء مــر»‪ ،‬وفيــه يتــدرب‬
‫املشــاركون عمل ًيــا عــى مــا يضمــه الكتــاب الــذي ُص ّمــم ليكــون مرج ًعــا‬
‫يســهل مــن خاللــه الوصــول إىل مــا يحتــاج إليــه الباحــث خــال رحلــة‬
‫ـاق الرحلــة ويرشــدك إىل الخطــوات‬ ‫البحــث العلمــي‪ ،‬ودليـ ًـا مي ّهــد لــك مشـ ّ‬
‫الواجــب عليــك اتباعهــا دون إمــا ٍل أو تعقيــد‪.‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة إىل الكتــاب األول «دليلــك للدراســات العليــا بالخــارج»‬
‫الــذي يتنــاول رحلتــك بعــد التخــرج نحــو عــامل البحــث العلمــي بالخــارج‬
‫ـب مــع هــذا الكتــاب عونًــا لــك‬‫بصــورة شــاملة‪ ،‬والــذي يقــف جن ًبــا إىل جنـ ٍ‬
‫يف ســعيك وراء تحصيــل العلــوم واإلضافــة إليهــا ورفعــة شــأن مجتمعاتنــا‬
‫«ألن كل عقــل يفــرق!»‬

You might also like