You are on page 1of 15

‫من هم الذين أنعم اللــه عليهم ومن هم المغضوب عليهم ومن هم الضالين‬

‫َّال َ‬
‫ين "‬ ‫علَ ِ‬
‫يه ْم َوالَ الض ِ‬ ‫ب َ‬
‫ير ال َمغضُو ِ‬
‫غ ِ‬‫يه ْم َ‬ ‫ِين أَنعَمتَ َ‬
‫ع َل ِ‬ ‫صرا َط الَّذ َ‬ ‫"‬

‫يقول اللـــه فى سورة الفاتحة‪:‬‬


‫ِين (‪ِ )4‬إ َّياكَ نَ ْعبُ ُد و ِإيَّاكَ‬
‫يم (‪َ )3‬ما ِل ِك يَ ْو ِم الد ِ‬
‫الر ِح ِ‬
‫مـن َّ‬
‫)الرحْ ِ‬ ‫ين (‪َّ 2‬‬‫ب ا ْل َعالَ ِم َ‬ ‫يم ِِ (‪)1‬ا ْلح َْم ُد ِ‬
‫ّلل َر ِ‬ ‫الر ِح ِ‬‫من َّ‬‫الرحْ ِ‬
‫هللا َّ‬
‫س ِم ِ‬‫ِب ْ‬
‫يه ْم َوالَ‬ ‫ع َل ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ير ال َمغضُو ِ‬ ‫يه ْم َ‬
‫غ ِ‬ ‫ع َل ِ‬ ‫ِين أَنعَمتَ َ‬ ‫الص َرا َط ال ُمست َ ِقي َم (‪ )6‬ص )‪ِ &ou6‬ص َرا َط الَّذ َ‬ ‫ست َ ِعينُ (‪ )5‬اه ِدنَا ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫ين (‬ ‫علَ ِ‬
‫يه ْم َوالَ الض َِّال َ‬ ‫ب َ‬
‫ير ال َمغضُو ِ‬ ‫غ ِ‬‫يه ْم َ‬ ‫ِين أَن َعمتَ َ‬
‫ع َل ِ‬ ‫ين (‪ِ ) 7‬ص َرا َط ا َّلذ َ‬
‫َّال َ‬
‫الض ِ‬
‫هذه اآلية الكريمة حددت ثالث أنواع من البشر‪ ،‬ال ُمنعم عليهم والمغضُوب عليهم وأخيرا الضالين‪ .‬ولنبدء أوال‬
‫بالنوع الثانى وهو المغضُوب عليهم ثم نتطرق إلى النوع الثالث وهو الضالين ثم فى النهاية نتكلم عن ال ُمنعم‬
‫الضالين؟‬ ‫هم‬ ‫ومن‬ ‫عليهم‬ ‫المغضُوب‬ ‫هم‬ ‫من‬ ‫نفسه‪،‬‬ ‫يطرح‬ ‫هنا‬ ‫والسؤال‬ ‫عليهم‪,‬‬
‫هل نأخذ اإلجابة من كتب التفاسير والتراث أم نعود إلى كالم رب العالمين الذى بيده األمر والنهى وله الحكم فى‬
‫األولى واآلخرة وهو القادر على كل شئ ‪.‬‬

‫إن عامة المسلمين ي عتقدون أن تفسير هذه اآلية الكريمة من سورة الفاتحة هو المكتوب فى كتب التفاسير وما‬
‫ينشره الدعاة على المنابر فى كل مناسبة‪ .‬وإذا سألت أى مسلم من عامة الشعب ما هو معنى المغضوب عليهم‬
‫يقول اليهود وإذا سالته من هم الضالين يقول بكل ثقة انهم النصارى‪ .‬وبنفس المنطق إذا ذكرت كلمة مشرك أو‬
‫كافر أو منافق إلى آخر هذه الصفات التى ورد الكثير منها فى القرءآن الكريم يقولون هذا ال ينطبق علينا المسلمين‬
‫السالم ‪.‬‬ ‫عليه‬ ‫–‬ ‫محمد‬ ‫أمة‬ ‫غير‬ ‫من‬ ‫شخص‬ ‫أى‬ ‫على‬ ‫ينطبق‬ ‫بل‬

‫من أين جاء هذا التعليل والتفسير؟ من أين جائت هذه الفكرة أن المغضوب عليهم هم اليهود بنوع الخصوص و‬
‫الضالين هم النصارى ومعظم التفاسير تحصر المغضوب عليهم على اليهود والضالين هم النصارى على وجه‬
‫الخصوص وهذا الحصر والقصر بهذه الصورة هى تخالف ما جاء فى القرءآن الكريم ‪.‬‬
‫منذ سنين طويلة كان يقلقنى ما أقرأ فى كتب التفسير عن هذه اآلية الكريمة والتى سببت بعض الفضول للوقوف‬
‫على حقيقة هذا األمر فقمت بإجراء تدبر ودراسة هذه األية واضعا القرءآن هو المصدر الوحيد – والذى هو‬
‫دائما المصدر الوحيد فى دراساتى القرآنية – للوصول إلى أقرب ما يمكن للحقيقة وقد قررت أن اشارككم فى ما‬
‫توصلت إليه ‪.‬‬
‫فدعنا نتجول مع بعض المفسرين الذين قاموا بتفسير هذه اآلية الكريمة واألدلة التى بُنى عليها هذا التأويل ‪:‬‬
‫تفسير ابن كثير‬
‫علَي ِْه ْم َوا ْلفَ ْرق َبيْن‬‫ِين أ َ ْن َع ْمت َ‬
‫علَى الَّذ َ‬ ‫طوف َ‬ ‫علَى َما قُ ْلنَا ُه ِم ْن أَنَّهُ ِإنَّ َما ِجي َء ِلتَأ ْ ِكي ِد النَّ ْفي ِلئ ََّال ُيت َ َو َّهم أَنَّهُ َم ْع ُ‬‫فَ َيدُل َ‬
‫َق َوا ْلعَ َمل بِ ِه َوا ْليَ ُهود فَقَدُوا‬ ‫علَى ا ْل ِع ْلم ِبا ْلح ِ‬
‫شت َ ِملَة َ‬‫اإلي َمان ُم ْ‬ ‫احد ِم ْن ُه َما فَ ِإنَّ َط ِريقَة أ َ ْهل ْ ِ‬ ‫ال َّط ِريقَتَي ِْن ِليُجْ ت َ َنب كُل َو ِ‬
‫ضب‬ ‫ستَحَقَّ ا ْل َغ َ‬ ‫َارى ِألَنَّ َم ْن َ‬
‫ع ِل َم َوت َ َركَ اِ ْ‬ ‫ضب ِل ْليَ ُهو ِد َوالض ََّالل ِلل َّنص َ‬ ‫َان ا ْل َغ َ‬‫َارى فَقَدُوا ا ْل ِع ْلم َو ِل َهذَا ك َ‬ ‫ا ْلعَ َمل َوالنَّص َ‬
‫ُون إِلَى َط ِريقَة ِألَنَّ ُه ْم لَ ْم يَأْتُوا ْاأل َ ْمر ِم ْن بَابه‬ ‫ش ْيئ ًا لَ ِكنَّ ُه ْم َال يَ ْهتَد َ‬ ‫اصد َ‬
‫ِين َ‬ ‫َارى لَ َّما كَانُوا قَ ِ‬ ‫ف َم ْن لَ ْميَ ْعلَم َوال َّنص َ‬ ‫بِ ِخ َال ِ‬
‫ضب َك َما‬ ‫ع َل ْي ِه َل ِك ْن أ َ َخص أ َ ْوصَاف ا ْليَ ُهود ا ْلغَ َ‬ ‫ضال َم ْغضُوب َ‬ ‫ص ِاري َ‬ ‫ض ُّلوا ‪َ ,‬وكُل ِم ْن ا ْليَ ُهود َوال َّن َّ‬ ‫َو ُه َو اِتِ َباع ا ْلحَق َ‬
‫ع ْن ُه ْم " قَ ْد َ‬
‫ضلُّوا‬ ‫علَ ْي ِه " َوأ َ َخص أ َ ْوصَاف النَّص َ‬
‫َارى الض ََّالل َك َما قَا َل تَعَالَى َ‬ ‫ب َ‬ ‫َّللا َو َ‬
‫غ ِض َ‬ ‫قَا َل تَعَالَى َ‬
‫ع ْن ُه ْم " َم ْن لَعَنَهُ َّ‬
‫سبِيل " َوبِ َهذَا جَا َءتْ ْاألَحَادِيث َو ْاآلثَار‪.‬‬ ‫ضلُّوا ع َْن َ‬
‫س َواء ال َّ‬ ‫يرا َو َ‬ ‫ضلُّوا َك ِث ً‬‫ِم ْن قَبْل َوأَ َ‬
‫نفهم من تفسير ابن كثير اآلتى ‪:‬يقول ان طريقة أهل اإليمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به‪ ،‬ولكن اليهود‬
‫فقدوا العمل‪ ...‬فما هو ا لحق الذى يتكلم عنه ابن كثير‪ ،‬فالمعروف ان الحق هو رساالت اللــه التى جائت لهداية‬
‫البشر أو بمعنى آخر هو رسالة موسى عليه السالم‪ -‬التوراة – فماذا حدث منهم‪ ،‬قالوا ان العامة من شعبهم ال‬
‫يستطيعون فهم المراد منها وعلى ذلك فقام رجال الدين لديهم بكتابة كتاب آخر مبسط حتى يمكن للعامة من‬
‫الشعب أن يفهموه فأصدروا كتاب التلمود‪ ،‬فبهذا إبتعدوا عن الحق ولم يعملوا به‪ .‬فما بال عامة المسلمين اليوم‪،‬‬
‫هل هم يؤمنون بالحق الذى جاء من رب السماوات واألرض‪ ،‬أقول نعم‪ ،‬ولكن نرى أن رجال الدين فى األمة‬
‫المسلمة واألجهزة الدينية التى طالما توجههم فى دعوتهم التى ينشرونها ويعلمونها لشعوبهم لم يبتعدوا كثيرا‬
‫عما فعله اليهود مع رسالتهم السماوية‪ .‬فمنذ قديم الزمن وحتى اليوم نجد أن كتاب اللــه المنزل على رسوله‬
‫عليه السالم‪ ،‬ال يُتبع برغم اإليمان به وبديال له اخذوا فى وضع كتب أخرى لعامة المسلمين لكى يتبعوها وهى‬
‫– على حسب زعمهم – انها أسهل فى الفهم وتفسر ما جاء فى كتاب اللــه الكريم واللـه يقول ‪:‬‬
‫يرا "الفرقان(‪ ،)33‬فجاؤوا بمئات الكتب والتى إخترعوا لها‬
‫س ً‬‫س َن ت َ ْف ِ‬ ‫" َو َال يَأْتُونَكَ بِ َمث َ ٍل إِ َّال ِجئْ َناكَ بِا ْلح ِ‬
‫َق َوأَحْ َ‬
‫أسماء ما أنزل اللــه بها من سلطان فكان كتب األحاديث النبوية واألحاديث القدسية وما سموه السنة النبوية‬
‫الشريفة‪ .‬فإذا كان تفسير ابن كثير مبنى على هذه النقطة بالنسبة لليهود فما هو تفسيره لما حدث من أمة محمد‪.‬‬
‫فاليهود عندهم التلمود والمسلمين عندهم كتاب البخارى ومسلم وغيرهما من كتب الحديث‪ .‬فإذا طبقنا طريقة‬
‫تفسير ابن كثير فيجب ان نقول ان المسلمين منذ صدور هذه الكتب بين أيدى الناس‪ ،‬ال بد ان ينطيق عليهم ما‬
‫قرره ابن كثير لليهود فعلى ذلك هل يمكن ان نقول ان أغلب المسلمين اليوم ‪,‬قد حل بهم غضب اللــه ألنهم علموا‬
‫الحق ولم يتبعوه‪.‬‬
‫ولنقرأ ما يقوله رب العباد رب اليهود ورب المسلمين‪ ،‬رب كل شئ ‪...‬‬
‫ب لَك َ‬
‫َان‬ ‫اّلل ِ َو َل ْو آ َم َن أ َ ْه ُل ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫ون بِ َّ ِ‬ ‫وف َوتَ ْنه َْو َن ع َِن ا ْل ُم ْنك َِر َوت ُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫اس تَأ ْ ُم ُر َ‬ ‫ُك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة أ ُ ْخ ِر َجتْ ِللنَّ ِ‬
‫ون (‪ )110‬لَ ْن َيض ُُّرو ُك ْم إِ َّال أَذًى ۖ َو ِإ ْن يُقَاتِلُو ُك ْم يُ َولُّو ُك ُم ْاأل َ ْد َب َ‬
‫ار ث ُ َّم َال‬ ‫سق ُ َ‬ ‫ون َوأَ ْكث َ ُر ُه ُم ا ْلفَا ِ‬ ‫َخي ًْرا لَ ُه ْم ۚ ِم ْن ُه ُم ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون (‪)111‬آل عمران‬ ‫يُ ْنص َُر َ‬
‫اس َو َبا ُءوا‬ ‫َّللا َو َح ْب ٍل ِم َن ال َّن ِ‬ ‫الذلَّةُ أَي َْن َما ث ُ ِقفُوا إِ َّال بِ َح ْب ٍل ِم َن َّ ِ‬ ‫ع َلي ِْه ُم ِ‬
‫نعم إن اللــه سبحانه وتعالى قال " ض ُِربَتْ َ‬
‫َٰ‬ ‫س َكنَةُ ۚ َٰ َذ ِلكَ ِبأَنَّ ُه ْم كَانُوا َي ْكفُ ُر َ‬
‫َق ۚ َذ ِلكَ بِ َما‬ ‫ون ْاأل َ ْنبِيَا َء بِغَي ِْر ح ٍ‬ ‫َّللا َو َي ْقت ُلُ َ‬
‫ت َّ ِ‬ ‫ون ِبآ َيا ِ‬ ‫ع َلي ِْه ُم ا ْل َم ْ‬
‫َّللا َوض ُِر َبتْ َ‬ ‫ب ِم َن َّ ِ‬ ‫ض ٍ‬‫بِغَ َ‬
‫ُون (‪)112‬آل عمران‬ ‫عص َْوا َوكَانُوا يَ ْعتَد َ‬ ‫َ‬
‫فال يصح ان نقف عند هذه اآلية ونصدر حكما شامال فاألولى ان نقرأ اآليات التى تلتها فيقول رب العزة‬
‫اّلل َوا ْليَ ْو ِم‬ ‫ُون )‪(113‬يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِب َّ ِ‬ ‫س ُجد َ‬ ‫َّللا آنَا َء اللَّ ْي ِل َو ُه ْم يَ ْ‬
‫ت َّ ِ‬ ‫ب أ ُ َّمةٌ َقائِ َمةٌ َيتْلُ َ‬
‫ون آيَا ِ‬ ‫س َوا ًء ِ ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫سوا َ‬ ‫"لَ ْي ُ‬
‫ين (‪َ )114‬و َما َي ْف َعلُوا‬ ‫ت َوأُو َٰلَ ِئكَ ِم َن ال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬ ‫ُون ِفي ا ْل َخي َْرا ِ‬‫س ِارع َ‬‫وف َو َي ْنه َْو َن ع َِن ا ْل ُم ْنك َِر َويُ َ‬ ‫ْاآل ِخ ِر َو َيأ ْ ُم ُر َ‬
‫ون ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫ين (‪)115‬آل عمران‬ ‫ع ِلي ٌم ِبا ْل ُمت َّ ِق َ‬ ‫ِم ْن َخي ٍْر فَ َل ْن يُ ْكفَ ُرو ُه َو َّ‬
‫َّللاُ َ‬
‫أنظر إلى التشابه فى األلفاظ بين‪:‬‬
‫اّللِ" (المسلمين )‬ ‫ون بِ َّ‬ ‫وف َوت َ ْنه َْو َن ع َِن ا ْل ُم ْنك َِر َوت ُ ْؤ ِمنُ َ‬ ‫ون ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫اآلية رقم ‪ " 110 #‬تَأ ْ ُم ُر َ‬
‫وف َويَ ْنه َْو َن ع َِن ا ْل ُم ْنك َِر(أهل الكتاب )‬ ‫اّلل َوا ْليَ ْو ِم ْاآل ِخ ِر َو َيأ ْ ُم ُر َ‬
‫ون ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫ون ِب َّ ِ‬ ‫واآليةرقم ‪ " 114 #‬يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ش ْيئ ًا لَ ِكنَّ ُه ْم َال يَ ْهتَد َ‬
‫ُون‬ ‫اصد َ‬
‫ِين َ‬ ‫َارى لَ َّما كَانُوا قَ ِ‬
‫هذا بالنسبة لليهود فماذا عن النصارى‪ ،‬يقول ابن كثير‪َ " ،‬والنَّص َ‬
‫ضلُّوا "‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ا ْلحَق‬ ‫اِتِ َباع‬ ‫َو ُه َو‬ ‫بَابه‬ ‫ِم ْن‬ ‫ْاأل َ ْمر‬ ‫يَأْتُوا‬ ‫َل ْم‬ ‫َط ِريقَة ِألَنَّ ُه ْم‬ ‫إِلَى‬
‫يقول ابن كث ير ما معناه ان النصارى ضلوا ألنهم لم يأتوا األمر من بابه وهو اتباع الحق فضلوا‪ ،‬والسؤال هنا‬
‫يطرح نفسه فنقول هل اغلبية المسلمين فى األرض أتوا األمر من بابه أو بمعنى هل اغلبية المسلمون يتبعون‬
‫َق ِم ْن َربِ ُك ْم َف ِ‬
‫آمنُوا‬ ‫سو ُل بِا ْلح ِ‬
‫الر ُ‬ ‫الحق‪ ...‬وما هو الحق الذى نتكلم عنه‪ ،‬يقول رب العزة " َيا أَيُّهَا النَّ ُ‬
‫اس قَ ْد جَا َء ُك ُم َّ‬
‫ع ِلي ًما َح ِكي ًما " النساء (‪) 170‬‬ ‫َّللاُ َ‬‫َان َّ‬ ‫ض ۚ َوك َ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬
‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬ ‫َخي ًْرا لَ ُك ْم ۚ َو ِإ ْن ت َ ْكفُ ُروا فَ ِإنَّ ِ َّ ِ‬
‫ّلل َما فِي ال َّ‬

‫تفسير الجاللين ‪:‬‬


‫"و َال"‬ ‫ع َلي ِْه ْم" َو ُه ْم ا ْل َي ُهود َ‬‫غيْر ا ْل َم ْغضُوب َ‬‫ِين ِل ِصلَ ِت ِه ِب ِه ‪َ " .‬‬ ‫ِين أَ ْن َع ْمت َ‬
‫ع َلي ِْه ْم" ِبا ْل ِهدَا َي ِة َو ُي ْبدَل ِم ْن الَّذ َ‬ ‫" ِص َراط الَّذ َ‬
‫ب َو ِإلَ ْي ِه‬ ‫َّللا أ َ ْعلَم ِبال َّ‬
‫ص َوا ِ‬ ‫سوا َي ُهو َد َو َال نَص َ‬
‫َارى َو َ َّ‬ ‫َارى َونُ ْكتَة ا ْل َبدَل إفَادَة أَنَّ ا ْل ُم ْهتَد َ‬
‫ِين َل ْي ُ‬ ‫ين" َو ُه ْم ال َّنص َ‬ ‫َّال َ‬
‫غيْر "الض ِ‬ ‫َو َ‬
‫يرا‬‫س ِلي ًما َكثِ ً‬ ‫سلَّ َم ت َ ْ‬‫علَى آله َوصَحْ به َو َ‬ ‫سيِدنَا ُم َح َّمد َو َ‬ ‫َ‬ ‫علَى‬ ‫َ‬ ‫َّللا‬
‫َّ‬ ‫صلَّى‬ ‫ا ْل َم ْر ِجع َوا ْل َمآب َو َ‬

‫أما بالنسبة للجاللين فقد نهج تفسير ابن كثير وقد اضاف اليه هذه العبارة فى تفسيره " أَنَّ ا ْل ُم ْهتَد َ‬
‫ِين لَ ْي ُ‬
‫سوا يَ ُهو َد‬
‫َارى"‪ .‬قد حكم فى تفسيره على ان اليهود والنصارى باإلجماع انهم غير مهتدين‪ ،‬ولنقرأ فى كتاب اللــه‬ ‫َو َال َنص َ‬
‫من سورة المائدة‬
‫ِين َقالُوا ِإنَّا‬ ‫ِين أَش َْركُوا ۖ َو َلت َ ِجدَنَّ أ َ ْق َربَ ُه ْم َم َو َّدةً ِللَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا ا َّلذ َ‬ ‫ِين آ َمنُوا ا ْليَ ُهو َد َوالَّذ َ‬ ‫َاوةً ِل َّلذ َ‬
‫عد َ‬‫اس َ‬ ‫"لَت َ ِجدَنَّ أ َ َ‬
‫ش َّد ال َّن ِ‬
‫سو ِل ت َ َر َٰى أ َ ْعيُنَ ُه ْم‬ ‫َٰ‬
‫س ِمعُوا َما أ ُ ْن ِز َل ِإ َلى َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ون (‪َ ) 82‬و ِإذَا َ‬ ‫ين َو ُر ْهبَا ًنا َوأَنَّ ُه ْم َال يَ ْ‬
‫ست َ ْك ِب ُر َ‬ ‫س َ‬ ‫سي ِ‬ ‫َار َٰى ۚ َذ ِلكَ ِبأَنَّ ِم ْن ُه ْم قِ ِ‬
‫نَص َ‬
‫ِين (‪) 83‬واقول هنا فى نقطة الهداية‪،‬‬ ‫ون َربَّ َنا آ َم َّنا َفا ْكت ُ ْب َنا َم َع الشَّا ِهد َ‬‫َق ۖ يَقُولُ َ‬ ‫يض ِم َن الد َّْم ِع ِم َّما ع ََرفُوا ِم َن ا ْلح ِ‬ ‫ت َ ِف ُ‬
‫انها ليس فى مقدورنا ان نحكم على من هم المهتدون بغير األخذ بكتاب اللــه فيقول سبحانه لحسم هذا األمر فى‬
‫ِين "(‪) 117‬‬ ‫س ِبي ِل ِه ۖ َو ُه َو أ َ ْع َل ُم ِبا ْل ُم ْهتَد َ‬
‫سورة األنعام " ِإنَّ َر َّبكَ ُه َو أ َ ْع َل ُم َم ْن َي ِض ُّل ع َْن َ‬

‫تفسير الطبرى ‪:‬‬


‫س ِم ْعت‬ ‫س َماك بْن ح َْرب ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬‬ ‫ش ْعبَة ع َْن ِ‬ ‫َو َح َّدثَنَا ُم َح َّمد بْن ا ْل ُمثَنَّى ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬ح َّدثَنَا ُم َح َّمد بْن َج ْعفَر ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬ح َّدثَنَا ُ‬
‫سلَّ َم " إِنَّ ا ْل َم ْغضُوب َ‬
‫ع َلي ِْه ْم ‪:‬‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سول َّ‬ ‫عدِي بْن حَاتِم قَا َل ‪ :‬قَا َل ِلي َر ُ‬ ‫عبَّاد بْن ُحبَ ْيش يُحَدِث ع َْن َ‬ ‫َ‬
‫ص َعب ‪,‬‬ ‫الرحْ َمن ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬ح َّدثَنَا ُم َح َّمد بْن ُم ْ‬ ‫عبْد َّ‬ ‫س ِلم بْن َ‬ ‫سن ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬ح َّدثَنَا ُم ْ‬
‫ع ِلي بْن ا ْل َح َ‬‫ا ْليَ ُهود ‪َ ". * -‬و َح َّدث َ ِني َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫َّللا‬ ‫سأ َ ْلت ال َّن ِبي َ‬
‫عدِي بْن حَاتِم َقا َل ‪َ :‬‬ ‫س َماك بْن ح َْرب ‪ ,‬ع َْن ُم ِري بْن قَ َط ِري ‪ ,‬ع َْن َ‬ ‫س َل َمة ‪ ,‬ع َْن ِ‬ ‫ع َْن َح َّماد بْن َ‬
‫ع َلي ِْه ْم " َقا َل ‪ُ " :‬ه ْم ا ْليَ ُهود " ‪َ - 164 .‬و َح َّدث َ َنا ُح َميْد بْن‬ ‫غيْرا ْل َم ْغضُوب َ‬ ‫س َّل َم ع َْن َق ْول َّ‬
‫َّللا َج َّل َوع ََّز ‪َ " :‬‬ ‫ع َل ْي ِه َو َ‬‫َ‬
‫ش ِقيق ‪ :‬أَنَّ َر ُج ًال أَتَى‬ ‫َّللا بْن َ‬ ‫َّامي ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬ح َّدث َ َنا ِبشْر بْن ا ْل ُمفَضَّل ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬ح َّدثَنَا ا ْل ُج َري ِْري ع َْن َ‬
‫عبْد َّ‬ ‫سعَدَة الش ِ‬ ‫َم ْ‬
‫َّللا ؟ َقا َل ‪:‬‬
‫سول َّ‬ ‫َاصر َيا َر ُ‬‫ِين تُح ِ‬ ‫َاصر َوادِي ا ْلقُ َرى فَقَا َل ‪َ :‬م ْن َهؤ َُال ِء الَّذ َ‬ ‫ع َل ْي ِه َو َ‬
‫س َّل َم َو ُه َو ُمح ِ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّللا َ‬
‫سول َّ‬ ‫َر ُ‬
‫ع َلي ِْه ْم ‪ :‬ا ْل َي ُهود " ‪َ * .‬و َح َّدثَ ِني يُونُس ‪َ ,‬قا َل ‪ :‬أ َ ْخ َب َر َنا اِبْن َو ْهب ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬ح َّدث َ ِني اِبْن َزيْد ‪ ,‬ع َْن‬ ‫" َهؤ َُال ِء ا ْل َم ْغضُوب َ‬
‫َّللا َج َّل ِذكْره ; فَقَا َل‬
‫ضب ِم ْن َّ‬ ‫ف فِي ِصفَة ا ْل َغ َ‬ ‫علَي ِْه ْم " ا ْليَ ُهود‪ .‬قَا َل أَبُو َج ْعفَر ‪َ :‬و ْ‬
‫اخت ُ ِل َ‬ ‫أَبِي ِه ‪ ,‬قَا َل ‪ " :‬ا ْل َم ْغضُوب َ‬
‫ع َل ْي ِه ‪ِ ,‬إ َّما فِي ُد ْن َيا ُه ‪َ ,‬وإِ َّما ِفي‬ ‫ب َ‬ ‫غ ِض َ‬ ‫عقُوبَته بِ َم ْن َ‬ ‫ع َل ْي ِه ِم ْن َخ ْلقه إِحْ َالل ُ‬
‫ب َ‬ ‫غ ِض َ‬ ‫علَى َم ْن َ‬ ‫َّللا َ‬‫ضب َّ‬ ‫بَ ْعضه ْم ‪َ :‬‬
‫غ َ‬
‫ين " ‪55 43‬‬ ‫سفُونَا اِ ْنتَقَ ْمنَا ِم ْن ُه ْم َفأ َ ْغ َر ْق َنا ُه ْم أَجْ َم ِع َ‬‫َف بِ ِه َن ْفسه َج َّل ِذك ُْرهُ فِي ِكتَابه فَ َقا َل ‪ " :‬فَ َل َّما آ َ‬ ‫آخ َرته ‪َ ,‬ك َما َوص َ‬ ‫ِ‬
‫علَ ْي ِه َو َجعَ َل ِم ْن ُه ْم ا ْل ِق َردَة َوا ْل َخنَ ِازير‬ ‫ب َ‬ ‫غ ِض َ‬ ‫َّللا َو َ‬ ‫َو َك َما قَا َل ‪ " :‬قُ ْل َه ْل أُنَبِئ ُك ْم بِش ٍَر ِم ْن ذَ ِلكَ َمثُوبَة ِع ْند َّ‬
‫َّللا َم ْن َلعَنَهُ َّ‬
‫"‬
‫س َما ِعيل بْن‬ ‫س ْفيَان بْن ُ‬
‫ع َي ْينَة ‪ ,‬ع َْن إِ ْ‬ ‫َّللا بْن َج ْع َفر ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬ح َّدث َ َنا ُ‬
‫عبْد َّ‬ ‫َح َّدثَنَا أَحْ َمد بْن ا ْل َو ِليد َّ‬
‫الر ْم ِلي ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬ح َّدث َ َنا َ‬
‫سلَّ َم ‪َ { :‬و َال الض ِ‬
‫َّال َ‬
‫ين }‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سول َّ‬ ‫عدِي بْن أَبِي حَاتِم ‪,‬قَا َل ‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫أَبِي َخا ِلد ‪ ,‬ع َْن ال َّ‬
‫ش ْع ِبي ‪ ,‬ع َْن َ‬
‫س َماك ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬‬
‫س ِم ْعت‬ ‫ش ْعبَة ع َْن ِ‬ ‫َارى‪َ " * -‬ح َّدثَنَا ُم َح َّمد بْن ا ْل ُمثَنَّى ‪ ,‬أ َ ْن َبأ َ َنا ُم َح َّمد بْن َج ْعفَر ‪ ,‬أ َ ْنبَأَنَا ُ‬ ‫قَا َل ‪ " :‬ال َّنص َ‬
‫سلَّ َم ‪ " :‬إِنَّ الض ِ‬
‫َّال َ‬
‫ين ‪:‬‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّللا َ‬
‫سول َّ‬ ‫عدِي بْن حَاتِم ‪ ,‬قَا َل ‪ :‬قَا َل ِلي َر ُ‬ ‫عبَّاد بْن ُحبَيْش يُحَدِث ع َْن َ‬ ‫َ‬
‫صعَب ‪,‬‬ ‫اال ‪َ :‬ح َّدثَنَا ُم َح َّمد بْن ُم ْ‬‫الرحْ َمن ‪َ ,‬ق َ‬ ‫عبْد َّ‬ ‫سن ‪ ,‬قَا َل ‪َ :‬ح َّدثَنَا ُم ْ‬
‫س ِلم َو َ‬ ‫ع ِلي بْن ا ْل َح َ‬‫َارى " ‪َ - * .‬و َح َّدث َ ِني َ‬ ‫ال َّنص َ‬
‫صلَّى‬ ‫سأ َ ْلت النَّ ِبي َ‬ ‫عدِي بْن حَاتِم ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬‬‫س َماك بْن ح َْرب ‪ ,‬ع َْن ُم ِري بْن َق َط ِري ‪ ,‬ع َْن َ‬
‫سلَ َمة ‪ ,‬ع َْن ِ‬
‫ع َْن َح َّماد بْن َ‬
‫ون " ‪174 .‬‬ ‫َارى ُه ْم الضَّالُّ َ‬‫ين " قَا َل ‪ " :‬النَّص َ‬ ‫سلَّ َم ع َْن قَ ْول َّ‬
‫َّللا " َو َال الض َِّال َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َّ‬
‫أما الطبرى فقد جاء بما قاله ابن كثير وايضا ما جاء فى تفسير الجاللين ولكنه اسند رأيه إلى حديث عدى ابن‬
‫حاتم الذى كان نصرانيا واسلم وكان يشق عليه حين سمع قول اللـــه تعالى من سورة التوبة " ات َّ َخذُوا أَحْ َب َ‬
‫ار ُه ْم‬
‫َّللاِ‪31 " ...‬‬ ‫َو ُر ْهبَانَ ُه ْم أ َ ْربَا ًبا ِم ْن د ِ‬
‫ُون َّ‬
‫فجاء إلى الرسول وهو ُمعترض على انهم اى النصارى لم يعبدوهم‪ ،‬قال عدى ابن حاتم للرسول " انا كنت منهم‬
‫ما عبدناهم‪ "...‬فما كان جواب الرسول " الم يكن يحرموا ويحللوا لكم قال عدى نعم فرد الرسول عليه‪ ،‬فهذه‬
‫عبادتكم‪ ".‬فى الواقع انى إستشهدت بهذا الحديث ألنه جاء فى تفسير الطبرى إسم عدى ابن حاتم‪ ،‬والذى يقودنى‬
‫إلى موقف المسلمين اليوم الذى هو ليس بغريب عن حال المسلمين بعد وفاة الرسول عليه السالم وحتى اآلن‪.‬‬
‫نستنتج من هذا ان الذى يُحلل ويُحرم ويضع القوانين للبشر هو اللــه وحده ال يشرك فى حكمه احدا‪ .‬وان من‬
‫أحد مفاهيم العبادة ان ال نأخذ تعاليمنا والحرام والحالل إال من كتاب اللــه القرءآن الكريم فنجد ان اللــه سبحانه‬
‫وتعالى يقول‬
‫ين ‪ *...‬قُ ْل َم ْن ح ََّر َم‬ ‫س ِرفُوا ۚ ِإ َّنهُ َال يُ ِح ُّ‬
‫ب ا ْل ُم ْ‬
‫س ِر ِف َ‬ ‫س ِج ٍد َو ُكلُوا َواش َْربُوا َو َال ت ُ ْ‬ ‫" َيا َب ِني آ َد َم ُخذُوا ِزينَت َ ُك ْم ِع ْن َد ك ُِل َم ْ‬
‫‪32-31‬‬ ‫األعراف‬ ‫"‬ ‫ق‪...‬‬ ‫الر ْز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫ت‬‫َوال َّط ِي َبا ِ‬ ‫ِل ِع َبا ِد ِه‬ ‫أ َ ْخ َر َج‬ ‫الَّ ِتي‬ ‫َّللا‬
‫َّ ِ‬ ‫ِزينَةَ‬
‫َّللا ‪ "...‬هذا سؤال إستنكارى وفى نفس الوقت هو امر للرسول ان يعلنه لقومه وألن اللــه‬ ‫"قُ ْل َم ْن ح ََّر َم ِزينَةَ َّ ِ‬
‫يعلم انه سيأتى الوقت على هذه األمة ان يبتعدوا عن كالم رب العزة ويتبعوا غير كالم اللــه واوامره ونواهيه‪،‬‬
‫فنرى انهم يقولون ان الرسول قد حرم لبس الحرير والذهب للرجال‪ .‬فإذا صح هذا القول فمعناه اوال ان الرسول‬
‫يعصى امر ربه بعد ان قا ل له " قل " واألمر الثانى ان هذه األمة إذا إتبعت هذا القول فإنهم قد وقعوا فى نفس‬
‫المشكلة التى اقلقت عدى ابن حاتم وكان رد الرسول عليه بأن هذه عبادة‪ .‬وحاشى للــه ان يقول ذلك رسولنا‬
‫الكريم ويعصى اوامر ربه ولكن نحن الذى إتبعنا اوامر ونواهى من خارج كتاب اللــه وعلى ذلك يجب ان ينطبق‬
‫علينا تفسير وتعليل الطبرى بأننا اليوم والبارحة اننا ضالين ألننا حرمنا ما أحل اللــه لنا واتبعنا غير كالم اللــه‬
‫الذى ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه‪ .‬واألمثلة كثيرة فى هذا الموضوع تستحق بحث منفصل فى‬
‫المستقبل القريبب ‪.‬‬
‫تفسير القرطبى ‪:‬‬
‫ين‬ ‫ين " َم ْن ُه ْم فَا ْل ُج ْم ُهور أَنَّ ا ْل َم ْغضُوب َ‬
‫ع َلي ِْه ْم ا ْليَ ُهود ‪َ ,‬والض َِّال َ‬ ‫علَي ِْه ْم " و" الض ِ‬
‫َّال َ‬ ‫ف فِي " ا ْل َم ْغضُوب َ‬ ‫ا ُ ْخت ُ ِل َ‬
‫س َالمه ‪,‬أ َ ْخ َر َجهُ‬
‫صة إِ ْ‬ ‫عدِي ْبن حَاتِم َوقِ َّ‬ ‫سلَّ َم فِي َحدِيث َ‬ ‫ع َل ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫س ًرا ع َْن ال َّنبِي َ‬‫َارى ; َوجَا َء ذَ ِلكَ ُمفَ َّ‬ ‫ال َّنص َ‬
‫س ْبحَانه فِي ا ْليَ ُهود ‪" :‬‬ ‫سير أَ ْيضًا قَ ْوله ُ‬ ‫َامعه ‪َ .‬وش َِه َد ِل َهذَا الت َّ ْف ِ‬ ‫سنَده ‪َ ,‬والتِ ْر ِمذِي فِي ج ِ‬ ‫سي ِفي ُم ْ‬ ‫أَبُو د ُ‬
‫َاو َد ال َّطيَا ِل ِ‬
‫علَي ِْه ْم " [ ا ْل َفتْح ‪َ ] 6 :‬وقَا َل‬ ‫َّللا َ‬
‫ب َّ‬‫غ ِض َ‬‫َّللا " ا ْلبَقَ َرة ‪َ 61 :‬وآل ِع ْم َران ‪َ . 112 :‬وقَا َل ‪َ " :‬و َ‬ ‫ب ِم ْن َّ‬ ‫ض ٍ‬ ‫َوبَا ُءوا بِ َغ َ‬
‫سبِيل " ا ْل َمائِدَة ‪َ . 77 :‬وقِي َل ‪ " :‬ا ْل َم ْغضُوب‬ ‫ضلُّوا ع َْن َ‬
‫س َواء ال َّ‬ ‫ضلُّوا َكثِ ً‬
‫يرا َو َ‬ ‫ضلُّوا ِم ْن قَبْل َوأ َ َ‬
‫َارى ‪ " :‬قَ ْد َ‬ ‫فِي النَّص َ‬
‫ين " ا ْل ُم َنافِقُ َ‬
‫ون‪.‬‬ ‫علَي ِْه ْم " ا ْل ُمش ِْرك َ‬
‫ُون ‪َ .‬و " الض َِّال َ‬ ‫َ‬
‫أما بالنسبة لتفسير القرطبى‪ ،‬فقد جاء بشئ مختلف عما قاله الباقين من المفسرين ولكن لم يخرج كثيرا عن‬
‫اإلطار العام لكل المفسرين إال ان قال انهم اختلفوا فى معنى المغضوب عليهم والضالين ولكن رجع مرة ثانية‬
‫ين ال َّنص َ‬
‫َارى" وجاء فى آخر تعليقه بأن المغضوب عليهم‬ ‫وقال " فَا ْل ُج ْم ُهور أَنَّ ا ْل َم ْغضُوب َ‬
‫ع َلي ِْه ْم ا ْليَ ُهود ‪َ ,‬والض َِّال َ‬
‫هم المشركون والضالين هم المنافقون ‪.‬‬
‫والسؤال هنا يفرض نفسه‪ ،‬هل اللــه سبحانه وصف أهل الكتاب بأنهم مشركون؟ ومن هم المنافقون؟‬
‫ولنقرأ ما انزل اللــه فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ‪:‬‬
‫َّللاُ َي ْخت َ ُّ‬
‫ص ِب َرحْ َم ِت ِه َم ْن‬ ‫ين أَ ْن يُنَ َّز َل َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم ِم ْن َخي ٍْر ِم ْن َر ِب ُك ْم َو َّ‬ ‫ِين َك َف ُروا ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب َو َال ا ْل ُمش ِْر ِك َ‬ ‫َما َي َو ُّد ا َّلذ َ‬
‫يم " البقرة ‪105‬‬ ‫َّللاُ ذُو ا ْل َف ْ‬
‫ض ِل ا ْل َع ِظ ِ‬ ‫َيشَا ُء ۚ َو َّ‬
‫فى هذه اآلية ال كريمة نجد ان اللــه قال " الذين كفروا من أهل الكتاب " فهناك جزء قليل من أهل الكتاب ليسوا‬
‫كفار واألغلبية عكس ذلك وأيضا وضحت اآلية بأن هناك اناس مشركون‪ ،‬وإذا نظرنا إلى اآلية التالية من سورة‬
‫المائدة التى تقول ‪:‬‬
‫َّللا َر ِبي َو َربَّ ُك ْم ۖ ِإنَّهُ َم ْن‬
‫س َرائِي َل ا ْعبُدُوا َّ َ‬ ‫سي ُح ا ْبنُ َم ْريَ َم ۖ َو َقا َل ا ْل َم ِ‬
‫سي ُح يَا بَ ِني إِ ْ‬ ‫ِين َقالُوا ِإنَّ َّ َ‬
‫َّللا ُه َو ا ْل َم ِ‬ ‫َلقَ ْد َكفَ َر ا َّلذ َ‬
‫َار " المائدة ‪72‬‬ ‫ين ِم ْن أَ ْنص ٍ‬ ‫ار ۖ َو َما ِلل َّظا ِل ِم َ‬‫علَ ْي ِه ا ْل َجنَّةَ َو َمأ ْ َواهُ النَّ ُ‬ ‫َّللا َ‬ ‫اّلل فَقَ ْد ح ََّر َم َّ ُ‬
‫يُش ِْر ْك بِ َّ ِ‬
‫فهنا بدء اللــه سبحانه بقوله " لقد كفر " فمن قال إن المسيح ابن مريم هو اللــه فقد كفر ولكن نالحظ ان فى‬
‫نهاية اآلية وضع اللــه قانونه اإللهى بأن من يقول ويعتقد ذلك فقد أشرك انظر إلى ختام اآلية الت قال فيها‬
‫سبحانه " إنه من يشرك باللــه " فهنا من قال هذا القول فقد كفر وأشرك فى نفس الوقت ‪.‬‬
‫أما تعريف المنافقون بإختصار ما جاء فى سورة التوبة غيرها كثير فى القرءآن الكريم نكتفى بواحدة منها‪" :‬‬
‫َّللا‬
‫سوا َّ َ‬ ‫ُون أ َ ْي ِد َي ُه ْم ۚ َن ُ‬
‫وف َو َي ْق ِبض َ‬ ‫ض ۚ َيأ ْ ُم ُر َ‬
‫ون ِبا ْل ُم ْنك َِر َو َي ْنه َْو َن ع َِن ا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫ض ُه ْم ِم ْن َب ْع ٍ‬‫ون َوا ْل ُم َنا ِفقَاتُ َب ْع ُ‬ ‫ا ْل ُم َنا ِفقُ َ‬
‫سبُ ُه ْم ۚ‬
‫ي َح ْ‬ ‫ِين فِيهَا ۚ ِه َ‬ ‫ار َن َ‬
‫ار َج َهنَّ َم َخا ِلد َ‬ ‫ت َوا ْل ُكفَّ َ‬
‫ين َوا ْل ُمنَافِ َقا ِ‬
‫َّللاُ ا ْل ُم َنافِ ِق َ‬
‫ع َد َّ‬
‫ون * َو َ‬ ‫سق ُ َ‬‫ين ُه ُم ا ْلفَا ِ‬
‫سيَ ُه ْم ِإنَّ ا ْل ُمنَافِ ِق َ‬ ‫فَنَ ِ‬
‫اب ُم ِقي ٌم " التوبة ‪67,68‬‬ ‫ع َذ ٌ‬
‫َّللاُ ۖ َولَ ُه ْم َ‬
‫َولَعَنَ ُه ُم َّ‬
‫فاآليات فى هذا الصدد كثيرة ولكن هل نستطيع أن نقول أن غضب اللــه يحل على أهل الكتاب خاصة أم هناك‬
‫رأى آخر يوضح هذه النقطة‪ ،‬والجواب هو أن نرجع إلى كتاب اللــه ونبحث عن األسباب التى تحل بصاحبها‬
‫اللــه ‪.‬‬ ‫بغضب‬ ‫أوال‬ ‫ولنبدء‬ ‫بالضالل‪،‬‬ ‫مرتكبيها‬ ‫يوصف‬ ‫التى‬ ‫واألسباب‬ ‫اللــه‬ ‫غضب‬
‫عند تدبر آيات اللــه فى القرءآن الكريم نجد أن اآلسباب التى تؤدى إلى غضب اللــه‪ ،‬نختصرها فى اآلتى ‪:‬‬
‫ع َذا ًبا‬ ‫ع َل ْي ِه َولَعَنَهُ َوأَ َ‬
‫ع َّد لَهُ َ‬ ‫ب َّللاُ َ‬ ‫‪1-‬قتل مؤمنا متعمدا " َو َمن يَ ْقت ُ ْل ُم ْؤ ِمنًا ُّمتَعَ ِمدًا فَج ََزآ ُؤهُ َج َهنَّ ُم َخا ِلدًا فِيهَا َو َ‬
‫غ ِض َ‬
‫ع َِظي ًما " {‪ }93‬النساء‬
‫ب أَتُجَا ِدلُو َن ِني ِفي‬ ‫ض ٌ‬‫غ َ‬ ‫س َو َ‬ ‫علَ ْيكُم ِمن َّر ِب ُك ْم ِرجْ ٌ‬ ‫‪2-‬الجدال فى اسماء ما نزل اللــه بها من سلطان "قَا َل قَ ْد َوقَ َع َ‬
‫ين "{‪ }71‬األعراف‬ ‫ان فَانت َ ِظ ُرواْ ِإ ِني َم َعكُم ِم َن ا ْل ُمنت َ ِظ ِر َ‬ ‫س ْل َط ٍ‬‫س َّم ْيت ُ ُمو َها أَنت ُ ْم َوآ َبآؤكُم َّما نَ َّز َل َّللاُ ِبهَا ِمن ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫س َماء َ‬
‫‪3-‬الهروب من الجهاد فى سبيل اللــه " َو َمن يُ َو ِل ِه ْم َي ْو َمئِ ٍذ ُدبُ َرهُ إِالَّ ُمتَح َِرفا ً ِل ِقتَا ٍل أ َ ْو ُمتَحَيِزا ً إِلَى فِئ َ ٍة َفقَ ْد‬
‫األنفال‬ ‫{‪}16‬‬ ‫ا ْل َم ِص ُ‬
‫ير‬ ‫س‬‫َوبِئْ َ‬ ‫َج َهنَّ ُم‬ ‫َو َمأ ْ َوا ُه‬ ‫َّللا‬
‫ِ‬ ‫بَاء بِ َغ َ‬
‫ضبٍ ِم َن‬
‫ع َل ْي ِه َ‬
‫غ َ‬
‫ض ِبي‬ ‫غ َ‬
‫ض ِبي َو َمن يَحْ ِل ْل َ‬ ‫ت َما َر َز ْقنَا ُك ْم َو َال ت َ ْطغَ ْوا فِي ِه فَيَ ِح َّل َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم َ‬ ‫‪4-‬الكفر بنعمة اللــه " ُكلُوا ِمن َطيِبَا ِ‬
‫فَقَ ْد َه َوى " {‪ }81‬طه‬
‫ش َهدَاء إِ َّال أَنفُ ُ‬
‫س ُه ْم‬ ‫ون أ َ ْز َوا َج ُه ْم َولَ ْم يَكُن لَّ ُه ْم ُ‬
‫ِين يَ ْر ُم َ‬ ‫‪5-‬والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء " َوالَّذ َ‬
‫ين {‪}7‬‬ ‫َان ِم َن ا ْلكَا ِذ ِب َ‬
‫علَ ْي ِه ِإن ك َ‬ ‫سةُ أَنَّ لَ ْعنَتَ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫ين {‪َ }6‬وا ْل َخ ِ‬
‫ام َ‬ ‫صا ِدقِ َ‬‫اّلل إِنَّهُ لَ ِم َن ال َّ‬
‫ت بِ َّ ِ‬ ‫شهَادَا ٍ‬ ‫شهَا َدةُ أ َ َح ِد ِه ْم أ َ ْربَ ُع َ‬
‫فَ َ‬
‫علَ ْيهَا ِإن ك َ‬
‫َان‬ ‫َّللا َ‬
‫ب َّ ِ‬‫ض َ‬‫غ َ‬ ‫سةَ أَنَّ َ‬
‫ام َ‬ ‫ين {‪َ }8‬وا ْل َخ ِ‬ ‫اّلل إِنَّهُ لَ ِم َن ا ْلكَا ِذ ِب َ‬
‫ت ِب َّ ِ‬
‫شهَادَا ٍ‬ ‫ش َه َد أ َ ْربَ َع َ‬‫اب أَ ْن ت َ ْ‬
‫ع ْنهَا ا ْلعَ َذ َ‬ ‫َويَد َْرؤا َ‬
‫صا ِدقِ َ‬
‫ين {‪ }9‬النور‬ ‫ِم َن ال َّ‬
‫ضةٌ ِعن َد َربِ ِه ْم‬ ‫يب لَهُ ُح َّجت ُ ُه ْم د ِ‬
‫َاح َ‬ ‫ست ُ ِج َ‬ ‫َّللا ِمن بَ ْع ِد َما ا ْ‬
‫ون ِفي َّ ِ‬ ‫ِين يُحَا ُّج َ‬ ‫‪5-‬الذين يحاجون فى اللــه " َوالَّذ َ‬
‫شدِي ٌد {‪ }16‬الشورى‬ ‫اب َ‬ ‫عذَ ٌ‬
‫ضبٌ َولَ ُه ْم َ‬
‫غ َ‬‫علَي ِْه ْم َ‬
‫َو َ‬
‫ين‬‫ت َوا ْل ُمش ِْر ِك َ‬ ‫ين َوا ْل ُم َنافِ َقا ِ‬ ‫ِب ا ْل ُم َنافِ ِق َ‬
‫‪6-‬المنافقين والمنافقات والمشركين (الظانين باللــه ظن السوء) " َويُعَذ َ‬
‫ساءتْ‬ ‫ع َّد لَ ُه ْم َج َهنَّ َم َو َ‬ ‫علَي ِْه ْم َولَ َعنَ ُه ْم َوأَ َ‬‫َّللاُ َ‬
‫ب َّ‬‫غ ِض َ‬ ‫س ْو ِء َو َ‬
‫علَي ِْه ْم دَائِ َرةُ ال َّ‬
‫س ْو ِء َ‬‫اّلل َظنَّ ال َّ‬ ‫ت ال َّظ ِ‬
‫ان َ‬
‫ين ِب َّ ِ‬ ‫َوا ْل ُمش ِْركَا ِ‬
‫يرا {‪ }6‬الفتح‬
‫َم ِص ً‬
‫علَى َمن‬ ‫َّللا َب ْغيا ً أَن يُنَ ِز ُل َّللاُ ِمن َف ْ‬
‫ض ِل ِه َ‬ ‫س ُه ْم أَن َي ْكفُ ُرواْ ِب َما أنَ َز َل ُ‬
‫شت َ َر ْواْ ِب ِه أَنفُ َ‬ ‫‪7-‬الكفر بما أنزل اللــه " ِبئْ َ‬
‫س َما ا ْ‬
‫اب ُّم ِهينٌ {‪ }90‬البقرة‬ ‫عذَ ٌ‬ ‫ب َو ِل ْلكَافِ ِر َ‬
‫ين َ‬ ‫ض ٍ‬‫غ َ‬ ‫علَى َ‬ ‫ب َ‬ ‫ض ٍ‬‫يَشَاء ِم ْن ِع َبا ِد ِه َفبَآؤُواْ بِغَ َ‬
‫ونالحظ هنا ان فى بعض األحيان يقترن الغضب مع اللعنة كما هو واضح من اآلية ‪ 6‬من سورة الفتح فى‬
‫المنافقين والمنافقات والمشركين وفى النساء اآلية ‪ 93‬عن مؤمن يقتل مؤمنا عمدا‪ .‬ونالحظ أيضا ان هناك‬
‫غضب مضاعف كما قال سبحانه فى سورة البقرة اآلية ‪ 90‬عن الكفر بما أنزل اللــه‪ .‬والنوع الثالث من غضب‬
‫اللــه انه يقترن بالرجس كما قال فى سورة األعراف اآلية ‪ 71‬الجدال فى اسماء ما نزل اللــه بها من سلطان ‪.‬‬
‫هذه هى بعض اآلسباب التى تؤدى إلى إحالل غضب اللـــه على مرتكبى هذه اآلثام والكبائر ‪.‬‬
‫هل يمكن أن نستنبط من هذه اآليات الكريمة‪ ،‬وغيرها كثير‪ ،‬هل يمكن القول بأن المغضوب عليهم هم اليهود‬
‫فقط‪ ،‬فإذا تدبرنا فى هذه األمثلة القليلة نجد أن غضب اللــه يحل على أى إنسان يدخل ضمن هذه اآلثام والذنوب‬
‫التى من أجلها يحل غضب اللــه عليه وإن اللــه ليس بظالم للعبيد وال يريد الكفرلعباده ‪.‬‬

‫التالية ‪:‬‬ ‫اآليات‬ ‫فى‬ ‫فنجدها‬ ‫واللعنة‬ ‫الضالل‬ ‫أسباب‬ ‫فى‬ ‫تدبرنا‬ ‫وإذا‬
‫اطينِ ِه ْم قَالُواْ إِ َّنا َمعَ ْك ْم إِنَّ َما نَحْ نُ ُم ْ‬
‫ستَه ِْزئ َ‬
‫ُون‬ ‫شيَ ِ‬‫ِين آ َمنُواْ قَالُواْ آ َم َّنا َوإِ َذا َخلَ ْواْ إِلَى َ‬ ‫‪1-‬المنافقين " َوإِذَا لَقُواْ ا َّلذ َ‬
‫ضالَلَةَ بِا ْل ُهدَى فَ َما َربِحَت‬‫شت َ ُر ُواْ ال َّ‬ ‫ون {‪ }15‬أ ُ ْولَـئِكَ الَّذ َ‬
‫ِين ا ْ‬ ‫ئ بِ ِه ْم َويَ ُم ُّد ُه ْم فِي ُ‬
‫ط ْغيَانِ ِه ْم يَ ْع َم ُه َ‬ ‫ستَه ِْز ُ‬
‫{‪َّ }14‬للاُ يَ ْ‬
‫ِين {‪ }16‬البقرة‬ ‫َارت ُ ُه ْم َو َما كَانُواْ ُم ْهتَد َ‬
‫تِج َ‬
‫ون بِ ِه ث َ َمنًا قَ ِليالً أُولَـئِكَ َما يَأ ْ ُكلُ َ‬
‫ون فِي‬ ‫شت َ ُر َ‬
‫ب َويَ ْ‬ ‫ون َما أ َ َ‬
‫نز َل َّللاُ ِم َن ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫‪2-‬يكتمون ما أنزل اللــه " ِإنَّ الَّذ َ‬
‫ِين يَ ْكت ُ ُم َ‬
‫ضالَلَةَ‬‫شت َ َر ُواْ ال َّ‬ ‫اب أ َ ِلي ٌم {‪ }174‬أُو َلـ ِئكَ الَّذ َ‬
‫ِين ا ْ‬ ‫عذَ ٌ‬ ‫ار َوالَ يُك َِل ُم ُه ُم َّللاُ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َوالَ يُ َز ِك ِ‬
‫يه ْم َولَ ُه ْم َ‬ ‫طونِ ِه ْم ِإالَّ ال َّن َ‬‫بُ ُ‬
‫علَى ال َّن ِار {‪ }175‬البقرة‬ ‫صبَ َر ُه ْم َ‬‫اب ِبا ْل َم ْغ ِف َر ِة فَ َما أَ ْ‬‫ِبا ْل ُهدَى َوا ْل َعذَ َ‬
‫ضالَالً‬ ‫ض َّل َ‬‫اّلل َف َق ْد َ‬ ‫َّللا الَ يَ ْغ ِف ُر أَن يُش َْركَ ِب ِه َويَ ْغ ِف ُر َما د َ‬
‫ُون َذ ِلكَ ِل َمن يَشَاء َو َمن يُش ِْر ْك ِب ِ‬ ‫‪3-‬الشرك باللــه " ِإنَّ َ‬
‫َب ِعيدًا }‪{116‬النساء‬
‫الالً َب ِعيدًا }‪{167‬النساء‬ ‫ض َ‬ ‫ض ُّلواْ َ‬ ‫َّللا َق ْد َ‬‫س ِبي ِل ِ‬ ‫صدُّو ْا عَن َ‬ ‫ِين َك َف ُرواْ َو َ‬ ‫‪4-‬الذين كفروا وصدوا " ِإنَّ ا َّلذ َ‬
‫ي أَ َ‬
‫نز َل ِمن‬ ‫سو ِل ِه َوا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب الَّ ِذ َ‬ ‫علَى َر ُ‬ ‫سو ِل ِه َوا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب الَّذِي نَ َّز َل َ‬ ‫آمنُواْ بِ ِ‬
‫اّلل َو َر ُ‬ ‫ِين آ َمنُواْ ِ‬ ‫‪5-‬الكفر البين " َيا أَيُّهَا الَّذ َ‬
‫ضالَالً بَ ِعيدًا }‪{136‬النساء‬ ‫َ‬ ‫ض َّل‬‫َ‬ ‫اآلخ ِر فَقَ ْد‬
‫ِ‬ ‫س ِل ِه َوا ْل َي ْو ِم‬ ‫قَ ْب ُل َو َمن يَ ْكفُ ْر بِ ِ‬
‫اّلل َو َمالَئِ َكتِ ِه َو ُكتُبِ ِه َو ُر ُ‬
‫اس بِغَي ِْر ِع ْل ٍم إِنَّ َ‬
‫َّللا الَ يَ ْهدِي‬ ‫علَى ِ‬
‫َّللا َك ِذبًا ِليُ ِض َّل ال َّن َ‬ ‫‪6-‬اإلفتراء على اللــه كذبا ‪" .....‬فَ َم ْن أ َ ْظلَ ُم ِم َّم ِن ْافت َ َرى َ‬
‫ين {‪ }144‬األنعام‬‫ا ْلقَ ْو َم ال َّظا ِل ِم َ‬
‫ين أ َ ْو ِليَاء ِمن د ِ‬
‫ُون‬ ‫اط َ‬ ‫ضالَلَةُ ِإنَّ ُه ُم ات َّ َخذُوا ال َّ‬
‫شيَ ِ‬ ‫‪7-‬إتخاذ أولياء من دون اللــه "فَ ِريقًا َهدَى َوفَ ِريقًا حَقَّ َ‬
‫علَي ِْه ُم ال َّ‬
‫ُون {‪ }30‬األعراف‬ ‫ون أَنَّ ُهم ُّم ْهتَد َ‬
‫سبُ َ‬
‫الل ِه َويَحْ َ‬
‫َّللا َما َال َيض ُُّر ُه َو َما َال َينفَعُهُ َذ ِلكَ ُه َو الض ََّال ُل ا ْلبَ ِعي ُد }‪{12‬الحج‬ ‫ُون َّ ِ‬‫‪8-‬الدعاء لغير اللــه "يَ ْدعُو ِمن د ِ‬
‫َّللا ال َّظا ِل ِم َ‬
‫ين َويَ ْفعَ ُل َّللاُ َما‬ ‫ت فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْن َيا َو ِفي ِ‬
‫اآلخ َر ِة َويُ ِض ُّل ُ‬ ‫ِين آ َمنُواْ بِا ْلقَ ْو ِل الثَّابِ ِ‬ ‫‪9-‬الظالمين "يُث َ ِبتُ ُ‬
‫َّللا الَّذ َ‬
‫يَشَاء {‪ }27‬إبراهيم‬
‫َّللاُ َو َما لَ ُهم ِمن نَّ ِ‬
‫اص ِر َ‬
‫ين {‪}29‬‬ ‫ِين َظلَ ُموا أ َ ْه َواء ُهم ِب َغي ِْر ِع ْل ٍم فَ َمن يَ ْهدِي َم ْن أَ َ‬
‫ض َّل َّ‬ ‫‪10-‬إتباع الهوى " بَ ِل اتَّبَ َع ا َّلذ َ‬
‫الروم‬
‫سولُهُ أ َ ْم ًرا أَن َيك َ‬
‫ُون‬ ‫َّللاُ َو َر ُ‬
‫ضى َّ‬ ‫َان ِل ُم ْؤ ِم ٍن َو َال ُم ْؤ ِمنَ ٍة ِإ َذا َق َ‬
‫‪11-‬مخالفة أمر اللــه وعدم إطاعة الرسول " َو َما ك َ‬
‫ض َال ًال ُّم ِبي ًنا }‪{36‬األحزاب‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض َّل‬ ‫سولَهُ فَقَ ْد‬
‫َّللا َو َر ُ‬‫َّ َ‬ ‫ص‬‫لَ ُه ُم ا ْل ِخ َي َرةُ ِم ْن أ َ ْم ِر ِه ْم َو َمن َي ْع ِ‬
‫َّللا َك ِذ ًبا أَم بِ ِه ِج َّنةٌ بَ ِل الَّذِي َن َال يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون بِ ْاآل ِخ َر ِة فِي ا ْلعَذَا ِ‬
‫ب َوالض ََّال ِل‬ ‫‪12-‬عدم اإليمان باآلخرة "أ َ ْفت َ َرى َ‬
‫علَى َّ ِ‬
‫ا ْلبَ ِعي ِد }‪{8‬سبأ‬
‫ور ِمن َّربِ ِه فَ َو ْي ٌل ِل ْلقَا ِ‬
‫سيَ ِة قُلُوبُ ُهم ِمن ِذك ِْر‬ ‫علَى نُ ٍ‬ ‫س َال ِم فَ ُه َو َ‬ ‫صد َْرهُ ِل ْ ِ‬
‫ْل ْ‬ ‫َّللاُ َ‬‫‪13-‬اإلبتعاد عن ذكر اللــه "أَفَ َمن ش ََر َح َّ‬
‫ين }‪{22‬الزمر‬ ‫َّللا أ ُ ْو َلئِكَ ِفي َ‬
‫ض َال ٍل ُم ِب ٍ‬ ‫َّ ِ‬
‫ت قَالُوا بَ َلى قَالُوا فَا ْدعُوا َو َما ُدعَاء ا ْلكَافِ ِر َ‬
‫ين‬ ‫‪14-‬عدم إتباع ما جاء به الرسل "قَالُوا أ َ َو َل ْم ت َكُ تَأ ْ ِتي ُك ْم ُر ُ‬
‫س ُلكُم بِا ْل َبيِ َنا ِ‬
‫ض َال ٍل }‪{50‬غافر‬ ‫ِإ َّال فِي َ‬
‫ون أَنَّهَا ا ْلحَقُّ أ َ َال ِإنَّ‬
‫ون ِم ْنهَا َويَ ْعلَ ُم َ‬ ‫ش ِفقُ َ‬
‫ِين آ َمنُوا ُم ْ‬
‫ون ِبهَا َوالَّذ َ‬ ‫ِين َال يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ست َ ْع ِج ُل ِبهَا الَّذ َ‬
‫‪15-‬التكذيب بالساعة "يَ ْ‬
‫ض َال ٍل بَ ِعي ٍد }‪{18‬‬ ‫ع ِة َل ِفي َ‬ ‫سا َ‬
‫ون ِفي ال َّ‬ ‫ار َ‬ ‫ا َّلذ َ‬
‫ِين يُ َم ُ‬
‫ْس لَهُ ِمن دُو ِن ِه أَو ِل َياء‬ ‫ض َولَي َ‬ ‫س ِب ُم ْع ِج ٍز ِفي ْاأل َ ْر ِ‬
‫َّللا فَلَ ْي َ‬
‫ي َّ ِ‬‫‪16-‬عدم إستجابة الدعوة إلى اللــه " َو َمن َّال يُ ِج ْب دَا ِع َ‬
‫ين }‪{32‬األحقاف‬ ‫أ ُ ْولَ ِئكَ ِفي َ‬
‫ض َال ٍل ُّم ِب ٍ‬
‫َق َوالَ تَتَّبِعُواْ أ َ ْه َواء قَ ْو ٍم قَ ْد َ‬
‫ضلُّواْ‬ ‫‪17-‬الغلو فى الدين وإتباع الهوى "قُ ْل يَا أ َ ْه َل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب الَ ت َ ْغلُواْ فِي دِينِ ُك ْم َ‬
‫غي َْر ا ْلح ِ‬
‫سبِي ِل }‪{77‬المائدة‬ ‫س َواء ال َّ‬ ‫ضلُّواْ عَن َ‬ ‫ِمن قَ ْب ُل َوأَ َ‬
‫ضلُّواْ َك ِثيرا ً َو َ‬
‫َار ا ْلبَ َو ِار {‪َ }28‬ج َهنَّ َم‬ ‫ِين بَ َّدلُواْ نِ ْع َمةَ ِ‬
‫َّللا ُك ْف ًرا َوأ َ َحلُّواْ قَ ْو َم ُه ْم د َ‬ ‫‪18-‬تبديل النعمة وجعل للــه أندادا "أَلَ ْم ت َ َر إِلَى ا َّلذ َ‬
‫ير ُك ْم إِلَى النَّ ِار {‪ }30‬إبراهيم‬ ‫ّلل أَندَادًا ِليُ ِضلُّواْ عَن َ‬
‫سبِي ِل ِه قُ ْل ت َ َمتَّعُواْ فَ ِإنَّ َم ِص َ‬ ‫س ا ْلقَ َر ُ‬
‫ار {‪َ }29‬و َجعَلُواْ ِ ِ‬ ‫صلَ ْونَهَا َوبِئْ َ‬
‫يَ ْ‬

‫لقد عرضنا فى ما تقدم نوعين من الناس الذى وصفتهم اآلية الكريمة موضوع البحث وهم المغضوب عليهم‬
‫والضالين‪ ،‬واآل ن ننتدبر الصنف األول الذى ذكرته االية الكريمة وهم " الذين أنعمت عليهم " او بتعبير آخر "‬
‫الذى أنعم اللــه عليهم " فيجب أوال ان نتعرف على ما هى النعمة التى تتكلم عنها اآلية الكريمة وثانيا من هم‬
‫الذين أنعم اللــه عليهم ‪.‬‬
‫َّللا لَغَفُ ٌ‬
‫ور َر ِحي ٌم" النحل‪18‬‬ ‫يقول اللــه سبحانه وتعالى عن نعمه ‪َ " :‬و ِإ ْن ت َ ُعدُّوا ِن ْع َم َة َّ ِ‬
‫َّللا َال تُحْ ُ‬
‫صو َها ِإنَّ َّ َ‬
‫إن هذه النعم لقد خلقها وجعلها وسخرها لكل اآلنام‪ ،‬لكل البشر كفار ومشركين ومؤمنين ويهود ونصارى وحتى‬
‫الملحدين فهم جميعا فيها سواء‪ .‬هذه النعم التى ال تُعد وال تُحصى فهذه النعم لكل البشر واآليات عن نعم اللــه‬
‫كثيرة جدا فى القرءآن الكريم وال تخلى سورة من سور القرءآن إال واللــه سبحانه يذكر نعمه على البشر وما‬
‫كان عمل هؤالء بهذه النعم هل زادتهم إيمانا أم كفرا وعنادا‪ .‬ولكن هناك نعمة أعظم وأجل من كل هذه النعم التى‬
‫نتمتع بها فى الدنيا‪ ،‬أما هذه النعمة فهى نعمة خالصة للمؤمنين من أى نوع من البشر إذا آمن بها وإتبع ما جاء‬
‫فيها سواءا كان يهوديا أو نصرانيا أو مسلما أو غير ذلك‪ ،‬طالما آمن بها وصدق هذا اإليمان بالعمل وإتبع ما‬
‫عظيما ‪.‬‬ ‫فوزا‬ ‫فاز‬ ‫فقد‬ ‫والحرام‬ ‫الحالل‬ ‫من‬ ‫فيها‬ ‫جاء‬
‫إنها نعمة القرءآن الكريم الذى تأذن اللــه بفضله على البشرية جمعاء فانزلها نعمة تُسمع وتقرأ ويتعبد بها فقال‬
‫عز من قائل فى سورة البقرة ‪: 5-2‬‬
‫ص َالةَ َو ِم َّما َر َز ْقنَا ُه ْم يُ ْن ِفقُ َ‬ ‫َٰ‬
‫ون * َوالَّذ َ‬
‫ِين‬ ‫ب َويُ ِقي ُم َ‬
‫ون ال َّ‬ ‫ون ِبا ْلغَ ْي ِ‬
‫ِين يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ين * الَّذ َ‬ ‫ْب ۛ فِي ِه ۛ ُهدًى ِل ْل ُمت َّ ِق َ‬ ‫اب َال َري َ‬ ‫"ذَ ِلكَ ا ْل ِكتَ ُ‬
‫علَ َٰى ُهدًى ِم ْن َر ِب ِه ْم ۖ َوأُو َٰ َلئِكَ ُه ُم ا ْل ُم ْف ِل ُح َ‬
‫ون‬ ‫ون * أُو َٰلَ ِئكَ َ‬ ‫ون ِب َما أ ُ ْن ِز َل ِإ َل ْيكَ َو َما أ ُ ْن ِز َل ِم ْن َق ْب ِلكَ َو ِب ْاآل ِخ َر ِة ُه ْم يُوقِنُ َ‬
‫يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫*‬
‫وقال سبحانه فى القرءآن الكريم عن القرءآن‪ ،‬ورسوله عليه السالم‪َ " ،‬ما أَ ْنتَ ِب ِن ْع َم ِة َر ِبكَ ِب َمجْ نُ ٍ‬
‫ون" القلم (‪2‬‬
‫وقال له أيضا " َوأ َ َّما ِب ِن ْع َم ِة َر ِبكَ فَحَد ْ‬
‫ِث " الضحى (‪11‬‬
‫فما هى هذه النعمة التى أمر اللــه بها رسوله ان يُحدِث بها‪ ،‬هى القرءآن الكريم " وذكر بالقرءآن من يخاف‬
‫وعيد‪" .‬‬
‫فإذا سألت معظم عامة المسلمين اليوم وما اشبه اليوم بالبارحة‪ ،‬إذا سألت من هم الذين أنعم اللــه عليهم يكون‬
‫الرد حاسما وبكل تأكيد انهم أمة محمد ونسى باقى خلق اللــه‪ .‬فمن أين جائت هذه الفكرة اننا نحن أمة محمد‬
‫"عليه السالم" فقط الذى أنعم اللــه عليهم دون سواهم‪ .‬هذا يدل على ان الغالبية العظمى ال يتدبرون القرءآن‬
‫وال يتذكرون ولكن يتبعوا ما يقال على المنابر والدعاة فى كل مشارق األرض ومغاربها وكل هذه الكتب واألحاديث‬
‫التى هى ظنية والسنة التى نسبوها لرسولنا الكريم وخاتم األنبياء ونسوا ان الرسول يوم القيامة سيتبرأ من أمته‬
‫ويشكوا إلى ربه فيقول فى سورة الفرقان ‪: 30-27‬‬
‫يال *‬ ‫يال * َيا َو ْي َلت َ َٰى لَ ْيت َ ِني لَ ْم أَت َّ ِخ ْذ فُ َالنًا َخ ِل ً‬
‫س ِب ً‬
‫سو ِل َ‬ ‫علَ َٰى َي َد ْي ِه َيقُو ُل َيا لَ ْيتَ ِني ات َّ َخ ْذتُ َم َع َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ض ال َّظا ِل ُم َ‬‫" َو َي ْو َم َي َع ُّ‬
‫ب ِإنَّ قَ ْو ِمي ات َّ َخذُوا َٰ َهذَا‬ ‫سو ُل َيا َر ِ‬ ‫الر ُ‬ ‫وال * َوقَا َل َّ‬‫ان َخذُ ً‬ ‫ش ْي َطانُ ِل ْ ِ‬
‫ْل ْن َ‬
‫س ِ‬ ‫َان ال َّ‬‫الذك ِْر َب ْع َد ِإ ْذ جَا َء ِني َوك َ‬ ‫ض َّل ِني ع َِن ِ‬ ‫َل َقدْأَ َ‬
‫ورا ‪ *".‬ما هو سبيل الرسول‪ ...‬القرءآن‪ ،‬ما هو الذكر‪ ...‬القرءآن‪ ،‬وكيف كان هجر القرءآن؟‬ ‫آن َم ْه ُج ً‬ ‫ا ْلقُ ْر َ‬
‫والجواب على هذا السؤال يحتاج إلى بحث منفصل‪ .‬ولو تدبر عامة المسلمين ونفذوا ما أمرهم ربهم بتدبر‬
‫القرءآن كما قال " أفال يتدبرون القرءآن أم على قلوب اقفالها ؟ " فالتدبر نوع من العبادة وإطاعة اوامر اللــه‬
‫سبحانه وال نتكل على آراء اآلخرين‪ ،‬يمكن أن نسمع ونقرأ ولكن فى النهاية البد من التأكد من ما نسمعه أو‬
‫نقرأه هو ما امر به الخالق فى كتابه الكريم‪ .‬ألم يتدبروا قول اللــه ويتخذوا منه عبرة ودرس يجب اإلنتباه له‬
‫بكل جدية وحزم فى سورة العنكبوت ‪: 67‬‬
‫َّللا يَ ْكفُ ُر َ‬
‫ون"‬ ‫اس ِم ْن ح َْو ِل ِه ْم ۚ أَفَ ِبا ْل َب ِ‬
‫اط ِل يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون َو ِبنِ ْع َم ِة َّ ِ‬ ‫ف النَّ ُ‬ ‫"أ َ َو َل ْم يَ َر ْوا أَ َّنا َجعَ ْل َنا ح ََر ًما ِ‬
‫آم ًنا َويُت َ َخ َّط ُ‬
‫ألم يتدبروا قول اللــه فى سورة لقمان ‪: 20‬‬
‫اس َم ْن‬‫علَ ْي ُك ْم ِن َع َمهُ َظا ِه َرةً َو َبا ِطنَةً َو ِم َن النَّ ِ‬ ‫ض َوأ َ ْ‬
‫س َب َغ َ‬ ‫ت َو َما ِفي ْاأل َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬‫س َّخ َر َل ُك ْم َما ِفي ال َّ‬ ‫"أ َ َل ْم ت َ َر ْوا أَنَّ َّ َ‬
‫َّللا َ‬
‫ير ‪".‬‬ ‫ُم ِن ٍ‬ ‫ِكتَا ٍ‬
‫ب‬ ‫َو َال‬ ‫ُهدًى‬ ‫َو َال‬ ‫ِع ْل ٍم‬ ‫ِب َغي ِْر‬ ‫َّللا‬
‫َّ ِ‬ ‫ِفي‬ ‫يُجَا ِد ُل‬
‫وفى موضع آخر وفى مناسبة اخرى قال سبحانه فى سورة األحزاب ‪: 9‬‬
‫َّللا‬
‫َان َّ ُ‬ ‫س ْلنَا َ‬
‫ع َلي ِْه ْم ِري ًحا َو ُجنُودًا لَ ْم ت َ َر ْو َها ۚ َوك َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم ِإ ْذ جَا َءتْ ُك ْم ُجنُو ٌد فَأ َ ْر َ‬ ‫اذك ُُروا نِ ْع َمةَ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫ِين آ َمنُوا ْ‬‫" َيا أَيُّهَا ا َّلذ َ‬
‫ِين فِي قُلُوبِ ِه ْم‬ ‫يرا "‪ .‬وبعد بضعة آيات فى نفس السياق يقول سبحانه ‪َ :‬وإِ ْذ يَقُو ُل ا ْل ُمنَافِقُ َ‬
‫ون َوالَّذ َ‬ ‫ون َب ِص ً‬ ‫بِ َما ت َ ْع َملُ َ‬
‫ورا (‪12‬‬ ‫سولُهُ إِ َّال ُ‬
‫غ ُر ً‬ ‫ع َدنَا َّ‬
‫َّللاُ َو َر ُ‬ ‫ض َما َو َ‬ ‫َم َر ٌ‬
‫هذه اآليات وغيرها الكثير تخاطب قوم قالوا انهم قوم محمد عليه السالم‪ ،‬ويخاطب فيها المؤمنون فهل هؤالء‬
‫قد انعم اللــه عليهم من دون باقى البشر !‪...‬‬
‫ما هو السبب الذى يجعلنا نعتقد ان الذين أنعم اللــه عليهم هم امة محمد عليه السالم‪ ،‬دون اى قوم آخر‪ .‬لقد‬
‫جاء القرءآن للعرب اوال ثم لباقى البشر ثانيا‪ ،‬فماذا حدث‪ ،‬هجرنا القرءآن الكريم!‪......‬‬
‫وأنظر إلى قول اللــه فى الذين أنعم اللــه عليهم‪ ،‬وأن هذه بعض األمثلة فيجب أن نقرأ ما قبل وما بعد هذه اآليات‬
‫حتى نُلم بكل حقائق هذه النعمة ‪:‬‬

‫س َن‬ ‫صا ِل ِح َ‬
‫ين ۚ َو َح ُ‬ ‫َاء َوال َّ‬
‫ش َهد ِ‬ ‫الصدِي ِق َ‬
‫ين َوال ُّ‬ ‫علَي ِْه ْم ِم َن ال َّن ِب ِي َ‬
‫ين َو ِ‬ ‫َّللا َ‬ ‫سو َل َفأُو َٰ َل ِئكَ َم َع الَّذ َ‬
‫ِين أ َ ْن َع َم َّ ُ‬ ‫الر ُ‬‫َّللا َو َّ‬‫" َو َم ْن يُ ِط ِع َّ َ‬
‫ع ِلي ًما " النساء ‪70,69‬‬ ‫اّلل َ‬ ‫َّللا ۚ َو َكفَ َٰى بِ َّ ِ‬
‫ض ُل ِم َن َّ ِ‬ ‫أُو َٰلَ ِئكَ َرفِي ًقا * َٰ َذ ِلكَ ا ْل َف ْ‬

‫ين ِم ْن ذُ ِريَّ ِة آ َد َم َو ِم َّم ْن َح َم ْلنَا َم َع نُوحٍ َو ِم ْن ذُ ِريَّ ِة ِإب َْرا ِهي َم َوإِ ْ‬
‫س َرا ِئي َل َو ِم َّم ْن‬ ‫ع َلي ِْه ْم ِم َن النَّبِ ِي َ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫"أُو َٰلَ ِئكَ الَّذ َ‬
‫ِين أَ ْنعَ َم َّ‬
‫س َّجدًا َوبُ ِكيًّا " مريم ‪58‬‬ ‫الرحْ َٰ َم ِن َخ ُّروا ُ‬‫ع َلي ِْه ْم آيَاتُ َّ‬ ‫َه َد ْينَا َواجْ ت َ َب ْي َنا ۚ إِ َذا تُتْ َل َٰى َ‬

‫ث ِم ْن ِعبَا ِدنَا َم ْن ك َ‬
‫َان ت َ ِق ًّيا " مريم ‪63‬‬ ‫"تِ ْلكَ ا ْل َجنَّةُ الَّ ِتي نُ ِ‬
‫ور ُ‬

‫وفقنا اللــه لما يحب ويرضى ودائما وأبدا نقول فى كل دقيقة من حياتنا الدنيوية ونأمل من اللــه السميع العليم‬
‫ان يتقبل دعائنا ‪:‬‬

‫علَ ِ‬
‫يه ْم َوالَ الض َِّال َ‬
‫ين " (‪) 7‬‬ ‫ب َ‬
‫ير ال َمغضُو ِ‬
‫غ ِ‬‫يه ْم َ‬ ‫ِين أَنعَمتَ َ‬
‫علَ ِ‬ ‫الص َرا َط ال ُمست َ ِقي َم (‪ِ )6‬ص َرا َط ا َّلذ َ‬
‫"اه ِد َنا ِ‬

‫لكن ال يخطر لي ابدا ان اليهود هم فقط المغضوب عليهم و ال يخطر لي‬ ‫‪ .‬كمان‬
‫ابدا ان النصارى هم فقط الضالين‬
‫المغضوب عليهم والضالين ‪ ..‬ليسوا اليهود والنصارى كما عُلمنا في أديان‬
‫سنية والشيعية!!‬
‫المذاهب ال ُ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫معروف ومعلوم من كتاب هللا إن إبليس أبى واستكبر وعصى أمر ربه عندما أمره‬
‫هللا جل جالله بالسجود لسيدنا آدم يوم خلقه‪ ...‬ويبين الحوار الذي تم بين هللا جل‬
‫جالله خالق سيدنا آدم وبين ابليس (لعنه هللا‪)..‬‬
‫في قوله تعالى‪:‬‬
‫وحي‬ ‫س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ فِي ِه ِمن ُّر ِ‬ ‫ون {‪َ }28‬ف ِإذَا َ‬ ‫سنُ ٍ‬ ‫ص ْلصَا ٍل ِم ْن َح َم ٍإ َّم ْ‬ ‫ق بَشَرا ً ِمن َ‬ ‫َوإِ ْذ قَا َل َر ُّبكَ ِل ْل َمالَئِ َك ِة ِإنِي َخا ِل ٌ‬
‫ِين {‪َ }31‬قا َل يَا‬ ‫اجد َ‬ ‫س ِ‬ ‫ُون َم َع ال َّ‬ ‫يس أَبَى أَن يَك َ‬ ‫ون {‪ِ }30‬إالَّ ِإ ْب ِل َ‬ ‫ُ‬
‫س َج َد ا ْل َمآلئِكَة ُكلُّ ُه ْم أَجْ َمعُ َ‬ ‫ِين {‪}29‬فَ َ‬ ‫اجد َ‬ ‫فَقَعُواْ لَهُ َ‬
‫س ِ‬
‫ون {‪}33‬‬ ‫سنُ ٍ‬ ‫ص ْلصَا ٍل ِم ْن َح َم ٍإ َّم ْ‬ ‫س ُج َد ِلبَش ٍَر َخلَ ْقتَهُ ِمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين {‪}32‬قا َل لَ ْم أكُن ِأل ْ‬ ‫اجد َ‬ ‫س ِ‬ ‫ُون َم َع ال َّ‬ ‫َ‬
‫يس َما لَكَ أالَّ ت َك َ‬ ‫إِ ْب ِل ُ‬
‫ون‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نظ ْرنِي إِلى يَ ْو ِم يُ ْب َعث َ‬ ‫َ‬
‫ب فأ ِ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين {‪}35‬قا َل َر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عل ْيكَ الل ْعنة إِلى يَ ْو ِم الد ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫قَا َل فَاخ ُرجْ ِمنهَا ف ِإنكَ َر ِجي ٌم {‪َ }34‬و ِإنَّ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫{‪}38‬‬ ‫ا ْل َم ْعلُ ِ‬
‫وم‬ ‫ت‬ ‫ا ْل َو ْق ِ‬ ‫وم‬
‫َي ِ‬ ‫{‪ِ }37‬إلَى‬ ‫ا ْل ُمن َظ ِر َ‬
‫ين‬ ‫ِم َن‬ ‫فَ ِإ َّنكَ‬ ‫{‪}36‬قَا َل‬
‫ين {‪َ }40‬قا َل َهذَا‬ ‫ين {‪ِ }39‬إالَّ ِعبَادَكَ ِم ْن ُه ُم ا ْل ُم ْخلَ ِص َ‬ ‫ض َوأل ُ ْغ ِويَنَّ ُه ْم أَجْ َم ِع َ‬ ‫ب ِب َما أَ ْغ َو ْيت َ ِني أل ُ َز ِي َننَّ َل ُه ْم فِي األ َ ْر ِ‬ ‫قَا َل َر ِ‬
‫}وإِنَّ َج َهنَّ َم لَ َم ْو ِع ُد ُه ْم‬ ‫ين {‪َ 42‬‬ ‫َ‬
‫س ْلطانٌ إِالَّ َم ِن اتَّبَ َعكَ ِم َن ا ْل َغا ِو َ‬ ‫علَي ِْه ْم ُ‬ ‫ْس َلكَ َ‬ ‫ست َ ِقي ٌم {‪ِ }41‬إنَّ ِعبَادِي لَي َ‬ ‫ي ُم ْ‬ ‫ع َل َّ‬‫ط َ‬ ‫ِص َرا ٌ‬
‫سو ٌم {‪ }44‬الحجر‬ ‫ب ِم ْن ُه ْم ُج ْز ٌء َّم ْق ُ‬ ‫ب ِلك ُِل بَا ٍ‬ ‫س ْبعَةُ أَب َْوا ٍ‬ ‫ين {‪}43‬لَهَا َ‬ ‫أَجْ َم ِع َ‬

‫ففي هذه اآليات غضب واضح من هللا تعالى على ابليس (لعنه هللا)‪ ...‬وقد ترددت‬
‫في القرآن الكريم عبارات الطاغوت‪ ..‬وعباد الطاغوت (إشارة إلى إبليس اللعين‬
‫وجنوده من الجن واإلنس‪).‬‬
‫فالغضب هنا واضح جلي على ابليس وجنوده واتباعه من شياطين الجن واالنس‪...‬‬
‫اما فيما يخص الضالين‪ ...‬فالداللة هنا واضحة تماما‪ ..‬وهم من يضلهم ابليس‬
‫وأعوانه وجنوده عن الصراط المستقيم‪...‬‬
‫ولقوله تعالى‪:‬‬
‫ان َّم ِري ٍد {‪}3‬‬ ‫ش ْي َط ٍ‬ ‫َّللا ِبغَي ِْر ِع ْل ٍم َويَت َّ ِب ُع ُك َّل َ‬
‫اس َمن يُ َجا ِد ُل ِفي َّ ِ‬ ‫َو ِم َن النَّ ِ‬
‫ير {‪ }4‬الحج‬ ‫س ِع ِ‬‫ب ال َّ‬ ‫علَ ْي ِه أَنَّهُ َمن ت َ َو َّالهُ فَأَنَّهُ يُ ِضلُّهُ َويَ ْهدِي ِه إِلَى َ‬
‫ع َذا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ُكتِ َ‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫ان َخذُوالً {‪ }29‬الفرقان‬ ‫س ِ‬ ‫ش ْي َطانُ ِل ْ ِ‬
‫ْلن َ‬ ‫َان ال َّ‬ ‫الذ ْك ِر بَ ْع َد ِإ ْذ َجاءنِي َوك َ‬ ‫ضلَّنِي ع َِن ِ‬ ‫لَقَ ْد أ َ َ‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫ُون {‪ }24‬النمل‬ ‫س ِبي ِل فَ ُه ْم َال يَ ْهتَد َ‬ ‫ص َّد ُه ْم ع َِن ال َّ‬ ‫ش ْي َطانُ أ َ ْع َمالَ ُه ْم فَ َ‬‫َو َزيَّ َن لَ ُه ُم ال َّ‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫عدُو ُّم ِضل ُّمبِي ٌن {‪}15‬‬ ‫ان إِنَّهُ َ‬ ‫ش ْي َط ِ‬ ‫ع َم ِل ال َّ‬ ‫علَ ْي ِه قَا َل َه َذا ِم ْن َ‬ ‫ضى َ‬ ‫سى فَقَ َ‬ ‫فَ َوك ََزهُ ُمو َ‬
‫القصص‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫ون {‪}59‬‬ ‫ازوا ا ْليَ ْو َم أَيُّ َها ا ْل ُمجْ ِر ُم َ‬ ‫امت َ ُ‬
‫َو ْ‬
‫ين {‪}60‬‬ ‫عدُو ُّمبِ ٌ‬ ‫ان ِإنَّهُ لَ ُك ْم َ‬ ‫ش ْي َط َ‬ ‫أَلَ ْم أ َ ْع َه ْد ِإلَ ْي ُك ْم َيا َب ِني آ َد َم أَن َّال ت َ ْعبُدُوا ال َّ‬
‫ست َ ِقي ٌم {‪}61‬‬ ‫َوأ َ ْن ا ْعبُدُونِي َه َذا ِص َرا ٌ‬
‫ط ُّم ْ‬
‫ون {‪}62‬‬ ‫ض َّل ِمن ُك ْم ِج ِبالً َك ِثيرا ً أَفَلَ ْم تَكُونُوا ت َ ْع ِقلُ َ‬ ‫َولَقَ ْد أ َ َ‬
‫ُون {‪}63‬‬ ‫عد َ‬ ‫َه ِذ ِه َج َهنَّ ُم الَّتِي كُنت ُ ْم تُو َ‬
‫ون {‪ }64‬يس‬ ‫صلَ ْو َها ا ْليَ ْو َم بِ َما كُنت ُ ْم ت َ ْكفُ ُر َ‬ ‫ا ْ‬
‫والداللة االخرى هنا‪ ..‬واضحة تماما‪ ..‬في سورة أُخرى‪ ..‬واضح فيها غضب هللا‬
‫جل جالله‪ ..‬على إبليس (لعنه هللا) ومن أتَبعوا وأضلهم إبليس‪ ..‬أجمعين‪ ..‬ووعدهم‬
‫هللا جل جالله‪ ..‬بنار الجحيم (جهنم يصلونها وبئس المصير‪)..‬‬
‫في قوله تعالى‪:‬‬
‫س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ فِي ِه ِمن‬ ‫ين {‪}71‬فَ ِإ َذا َ‬ ‫ق بَشَرا ً ِمن ِط ٍ‬ ‫إِ ْذ قَا َل َربُّكَ ِل ْل َم َالئِ َك ِة إِنِي َخا ِل ٌ‬
‫يس‬‫ون {‪}73‬إِ َّال إِ ْب ِل َ‬ ‫س َج َد ا ْل َم َالئِكَةُ ُكلُّ ُه ْم أَجْ َمعُ َ‬ ‫ِين {‪}72‬فَ َ‬ ‫اجد َ‬ ‫س ِ‬ ‫وحي فَقَعُوا لَهُ َ‬ ‫ُّر ِ‬
‫ين {‪}74‬‬ ‫َان ِم ْن ا ْلكَافِ ِر َ‬ ‫ست َ ْكبَ َر َوك َ‬ ‫ا ْ‬
‫ست َ ْكبَ ْرتَ أ َ ْم كُنتَ ِم َن ا ْل َعا ِل َ‬
‫ين‬ ‫َي أ َ ْ‬‫س ُج َد ِل َما َخلَ ْقتُ بِيَد َّ‬ ‫يس َما َمنَ َعكَ أَن ت َ ْ‬ ‫قَا َل يَا ِإ ْب ِل ُ‬
‫{‪}75‬‬
‫ين {‪}76‬‬ ‫قَا َل أَنَا َخي ٌْر ِم ْنهُ َخلَ ْقتَنِي ِمن نَّ ٍار َو َخلَ ْقتَهُ ِمن ِط ٍ‬
‫اخ ُرجْ ِم ْن َها فَ ِإنَّكَ َر ِجي ٌم {‪}77‬‬ ‫قَا َل فَ ْ‬
‫ِين {‪}78‬‬ ‫علَ ْيكَ لَ ْعنَتِي ِإلَى يَ ْو ِم الد ِ‬ ‫َو ِإ َّن َ‬
‫ون {‪}79‬‬ ‫نظ ْر ِني ِإلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَث ُ َ‬ ‫ب فَأ َ ِ‬ ‫قَا َل َر ِ‬
‫ين {‪}80‬‬ ‫قَا َل فَ ِإنَّكَ ِم َن ا ْل ُمن َظ ِر َ‬
‫وم {‪}81‬‬ ‫ت ا ْل َم ْعلُ ِ‬‫إِلَى يَ ْو ِم ا ْل َو ْق ِ‬
‫ين {‪}82‬‬ ‫قَا َل فَبِ ِع َّزتِكَ َأل ُ ْغ ِويَنَّ ُه ْم أَجْ َم ِع َ‬
‫ين {‪}83‬‬ ‫ِإ َّال ِعبَادَكَ ِم ْن ُه ُم ا ْل ُم ْخلَ ِص َ‬
‫ق أَقُو ُل {‪}84‬‬ ‫ق َوا ْل َح َّ‬ ‫قَا َل فَا ْل َح ُّ‬
‫ين {‪ }85‬ص‬ ‫َأل َ ْم ََل َ َّن َج َهنَّ َم ِمنكَ َو ِم َّمن ت َ ِب َعكَ ِم ْن ُه ْم أَجْ َم ِع َ‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫يس لَ ْم‬ ‫س َجدُواْ إِالَّ إِ ْب ِل َ‬ ‫س ُجدُواْ آل َد َم فَ َ‬ ‫ص َّو ْرنَا ُك ْم ث ُ َّم قُ ْلنَا ِل ْل َمآلئِ َك ِة ا ْ‬
‫َولَقَ ْد َخلَ ْقنَا ُك ْم ث ُ َّم َ‬
‫س ُج َد ِإ ْذ أ َ َم ْرت ُكَ قَا َل أَنَا ْ َخي ٌْر ِم ْنهُ َخلَ ْقتَنِي‬ ‫ِين {‪}11‬قَا َل َما َمنَعَكَ أَالَّ ت َ ْ‬ ‫اجد َ‬ ‫س ِ‬ ‫يَكُن ِم َن ال َّ‬
‫ين {‪}12‬‬ ‫ِمن نَّ ٍار َو َخلَ ْقتَهُ ِمن ِط ٍ‬
‫ين {‪}13‬قَا َل‬ ‫صا ِغ ِر َ‬ ‫اخ ُرجْ ِإنَّكَ ِم َن ال َّ‬ ‫قَا َل فَا ْه ِب ْط ِم ْن َها فَ َما يَكُونُ لَكَ أَن تَت َ َكبَّ َر ِفي َها فَ ْ‬
‫ين {‪}15‬قَا َل فَبِ َما أ َ ْغ َو ْيتَنِي‬ ‫ون {‪}14‬قَا َل إِنَّكَ ِم َن ال ُمن َظ ِر َ‬ ‫نظ ْرنِي إِلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَث ُ َ‬ ‫أَ ِ‬
‫ست َ ِقي َم {‪}16‬‬ ‫أل َ ْقعُد ََّن لَ ُه ْم ِص َرا َطكَ ا ْل ُم ْ‬
‫ِيه ْم َو ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم َوع َْن أ َ ْي َمانِ ِه ْم َوعَن َ‬
‫ش َمآئِ ِل ِه ْم َوالَ ت َ ِج ُد‬ ‫ث ُ َّم آلتِيَنَّ ُهم ِمن بَي ِْن أ َ ْيد ِ‬
‫ين {‪}17‬‬ ‫أ َ ْكث َ َر ُه ْم شَا ِك ِر َ‬
‫َلن َج َهنَّ َم ِمن ُك ْم أَجْ َم ِع َ‬
‫ين‬ ‫اخ ُرجْ ِم ْن َها َم ْذؤُوما ً َّم ْد ُحورا ً لَّ َمن ت َ ِب َعكَ ِم ْن ُه ْم أل َ ْم َّ‬ ‫قَا َل ْ‬
‫{‪ }18‬األعراف‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫س ُج ُد ِل َم ْن َخلَ ْقتَ ِطينا ً‬ ‫يس قَا َل أَأ َ ْ‬ ‫س َجدُواْ إَالَّ إِ ْب ِل َ‬ ‫س ُجدُواْ آل َد َم فَ َ‬ ‫َوإِ ْذ قُ ْلنَا ِل ْل َمآلئِ َك ِة ا ْ‬
‫{‪}61‬‬
‫ي لَئِ ْن أ َ َّخ ْرت َ ِن ِإلَى يَ ْو ِم ا ْل ِقيَا َم ِة ألَحْ تَنِك ََّن ذُ ِريَّتَهُ إ َالَّ‬ ‫قَا َل أ َ َرأ َ ْيتَكَ َهـ َذا الَّذِي ك ََّر ْمتَ َ‬
‫علَ َّ‬
‫قَ ِليالً {‪}62‬‬
‫اذ َه ْب فَ َمن ت َ ِب َعكَ ِم ْن ُه ْم فَ ِإ َّن َج َهنَّ َم َج َزآ ُؤ ُك ْم َج َزاء َّم ْوفُورا ً {‪}63‬‬ ‫قَا َل ْ‬
‫علَي ِْهم ِب َخ ْي ِلكَ َو َر ِج ِلكَ َوش َِار ْك ُه ْم ِفي‬ ‫ص ْو ِتكَ َوأَجْ ِل ْب َ‬ ‫ست َ َط ْعتَ ِم ْن ُه ْم ِب َ‬ ‫ست َ ْف ِز ْز َم ِن ا ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫ْس لَكَ‬ ‫غ ُرورا ً {‪}64‬إِ َّن ِعبَادِي لَي َ‬ ‫ش ْي َطانُ إِالَّ ُ‬ ‫األ َ ْم َوا ِل َواأل َ ْوال ِد َو ِع ْد ُه ْم َو َما يَ ِع ُد ُه ُم ال َّ‬
‫ان َو َكفَى بِ َر ِبكَ َو ِكيالً {‪ }65‬اإلسراء‬ ‫س ْل َط ٌ‬ ‫علَي ِْه ْم ُ‬ ‫َ‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫سقَ ع َْن أ َ ْم ِر‬ ‫َان ِم َن ا ْل ِج ِن فَفَ َ‬ ‫يس ك َ‬ ‫س َجدُوا ِإ َّال إِ ْب ِل َ‬ ‫س ُجدُوا ِآل َد َم فَ َ‬ ‫َو ِإ ْذ قُ ْلنَا ِل ْل َم َالئِ َك ِة ا ْ‬
‫ين َب َدالً {‪}50‬‬ ‫ظا ِل ِم َ‬‫س ِلل َّ‬ ‫عدُو ِبئْ َ‬ ‫َر ِب ِه أَفَتَت َّ ِخذُونَهُ َوذُ ِريَّتَهُ أ َ ْو ِل َياء ِمن دُو ِني َو ُه ْم لَ ُك ْم َ‬
‫الكهف‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫يس أَبَى {‪}116‬‬ ‫س َجدُوا ِإ َّال إِ ْب ِل َ‬ ‫س ُجدُوا ِآل َد َم فَ َ‬ ‫َو ِإ ْذ قُ ْلنَا ِل ْل َم َالئِ َك ِة ا ْ‬
‫شقَى {‪}117‬‬ ‫عدُو لَّكَ َو ِل َز ْو ِجكَ فَ َال يُ ْخ ِر َجنَّ ُك َما ِم َن ا ْل َجنَّ ِة فَت َ ْ‬ ‫فَقُ ْلنَا يَا آ َد ُم ِإ َّن َه َذا َ‬
‫ع ِفي َها َو َال ت َ ْع َرى {‪}118‬‬ ‫ِإ َّن لَكَ أ َ َّال ت َ ُجو َ‬
‫ض َحى {‪}119‬‬ ‫َوأَنَّكَ َال ت َ ْظ َمأ ُ فِي َها َو َال ت َ ْ‬
‫ش َج َر ِة ا ْل ُخ ْل ِد َو ُم ْل ٍك َّال يَ ْبلَى‬‫علَى َ‬ ‫ش ْي َطانُ قَا َل يَا آ َد ُم َه ْل أ َ ُدلُّكَ َ‬ ‫س إِلَ ْي ِه ال َّ‬ ‫س َو َ‬ ‫فَ َو ْ‬
‫{‪}120‬‬
‫صى‬ ‫ع َ‬ ‫ق ا ْل َجنَّ ِة َو َ‬ ‫علَي ِْه َما ِمن َو َر ِ‬ ‫ان َ‬ ‫س ْوآت ُ ُه َما َو َط ِفقَا يَ ْخ ِصفَ ِ‬ ‫فَأَك ََال ِم ْن َها فَبَدَتْ لَ ُه َما َ‬
‫آ َد ُم َربَّهُ فَغَ َوى {‪ }121‬طه‬
‫وهي كلها حوارات آخرى تبَين بوضوح‪ ..‬غضب آخر من هللا عز وجل على ابليس‬
‫(اللعين) واتباعه من الجن واالنس من المغضوب عليهم والضالين‪ ..‬من الذين‬
‫أضلهم إبليس وجنوده من الجن واإلنس عن إتباع الحق والصراط المستقيم!!!‬
‫ويضلهم ويوجههم إلى صراط الجحيم‪ ،‬مذمومين مدحورين ُمهانين‪ ..‬وانه قد حلت‬
‫عليهم اللعنة والغضب إلى يوم الدين‪ ..‬وهم ممن اكد هللا جل جالله من خالل جميع‬
‫الكتب السماوية‪ ..‬غضب هللا جل جالله عليهم وبشَرهم‪ ..‬بأنهم من أصحاب جهنم‪..‬‬
‫نار الجحيم يصلونها مدؤومين مدحورين‪.‬‬
‫أما ما رأيته في معظم كتب التفسير‪ ...‬من أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن‬
‫الضالين هم النصارى!!! فهذا قول لم اجد في كتاب هللا ما يبرره أو يؤكده!!!‬
‫وهو تفسير يتعارض ويتناقض تناقضا كليا مع روح وجوهر ومضمون القرآن‬
‫الكريم‪ ..‬وال يمت الى الحقيقة بصلة!!!‬
‫فاليهود والنصارى هم أهل كتب سماوية توحيدية مثلنا تماما‪ ...‬وأرسل هللا إليهم‬
‫سل (عليهم جمبعا السالم) مثلنا تماما!!! ومنهم المؤمنون ومنهم‬ ‫والر ُ‬
‫ُ‬ ‫األنبياء‬
‫الكافرون… مثلنا مثلهم تماما‪.‬‬
‫كذلك وهذا االدعاء بأن نحكم عليهم غيابيا بأنهم‪ ..‬المغضوب عليهم والضالين‬
‫هو إدعاء وحكم باطلين‪.‬‬
‫لقد حاول البعض ممن يدعون علمهم بالعلوم الشرعية والفقهية والتفسير بأن‪..‬‬
‫ينصبوا أنفسهم قضاة‪ ..‬وجالدين في آن واحد!!! وألن هذا الحكم الخارج على‬
‫شريعة هللا جل جالله‪ ..‬قد أدى بنا بالنتيجة الى‪ ..‬أننا أنكرنا (الرساالت والرسل‬
‫واالنبياء السابقين)‪ ..‬وهذا بالضرورة يقودنا الى الكفر (والعياذ باهلل‪).‬‬
‫وال يجوز بأي حال من األحوال ان نعلم ابنائنا تلكم التفسيرات الخاطئة‬
‫الباطلة!!! والتي ال تمت الى كتاب هللا (القرآن الكريم) واإلسالم والحقيقة‬
‫بصلة‪ ...‬وهي تفسيرات عدوانية تفتقر إلى الدليل والمصداقية‪ ،‬وتتناقض تناقضا‬
‫كليا‪ ،‬وتتعارض تعارضا واضحا وكليا مع روح ومضمون وجوهر كتاب هللا‬
‫(القرآن الكريم) حينما يأتي على ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى في‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬
‫وبحكم إننا جميعا أهل كتب توحيدية سماوية‪ ،‬فما ينطبق علينا‪ ..‬ينطبق عليهم‬
‫تماما‪ ..‬فمنا من آمن باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحا‪ ..‬ومنا من أتبع إبليس‬
‫اللعين وكفر‪ ،‬وهذا ينطبق على جميع أهل الكتاب‪...‬‬
‫حيث يقول ربنا جل جالله في كالم واضح وال يقبل الشك والموجه إلى سيدنا‬
‫محمد‪ ..‬حول من آمنوا من اليهود والنصارى والصابئين‪..‬‬
‫قوله تعالى‪:‬‬
‫اّلل َوا ْليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫ين َم ْن آ َم َن ِب َّ ِ‬
‫صا ِبئِ َ‬ ‫ارى َوال َّ‬ ‫ص َ‬ ‫ِين َهادُواْ َوالنَّ َ‬ ‫ِين آ َمنُواْ َوالَّذ َ‬ ‫ِإ َّن الَّذ َ‬
‫ون {‪}62‬‬ ‫علَي ِْه ْم َوالَ ُه ْم يَحْ َزنُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫صا ِلحا ً فَلَ ُه ْم أَجْ ُر ُه ْم ِعن َد َر ِب ِه ْم َوالَ َخ ْو ٌ‬ ‫َوع َِم َل َ‬
‫البقرة‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫نجي َل َو َما أ ُ ِ‬
‫نز َل إِلَ ْيكُم‬ ‫ش ْي ٍء َحت َّ َى ت ُ ِقي ُمواْ الت َّ ْو َراةَ َو ِ‬
‫اإل ِ‬ ‫علَى َ‬ ‫قُ ْل يَا أ َ ْه َل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب لَ ْ‬
‫ست ُ ْم َ‬
‫علَى‬‫س َ‬ ‫ط ْغيَانا ً َو ُك ْفرا ً فَالَ تَأ ْ َ‬
‫نز َل ِإلَ ْيكَ ِمن َّر ِبكَ ُ‬ ‫ِمن َّر ِب ُك ْم َولَيَ ِزيد ََّن َكثِيرا ً ِم ْن ُهم َّما أ ُ ِ‬
‫ين {‪}68‬‬ ‫ا ْلقَ ْو ِم ا ْلكَا ِف ِر َ‬
‫اّلل َوا ْل َي ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫ارى َم ْن آ َم َن ِب َّ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ون ْ َوالنَّ َ‬ ‫صابِ ِئ َ‬ ‫ِين َهادُوا َوال َّ‬ ‫ِين آ َمنُواْ َوالَّذ َ‬ ‫ِإ َّن الَّذ َ‬
‫ون {‪}69‬‬ ‫علَي ِْه ْم َوالَ ُه ْم يَحْ َزنُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫صا ِلحا ً فَلَ ُه ْم أَجْ ُر ُه ْم ِعن َد َربِ ِه ْم َوالَ َخ ْو ٌ‬ ‫َوع َِم َل َ‬
‫المائدة‬
‫وهنا نرى آيتين متطابقتين جاءتا في سورتين منفصلتين في القرآن الكريم‪..‬‬
‫وفي الكتاب (القرآن الكريم‪)..‬‬
‫قوله عز وجل‪:‬‬
‫أال إن أولياء هللا ال خوف عليهم وال هم يحزنون {‪ }62‬يونس‬
‫وهنا شبَه هللا سبحانه وتعالى من آمن باهلل واليوم االخر وعمل صالحا منا‪ ..‬ومن‬
‫اليهود والنصارى والصابئين بأولياء هللا وال خوف عليهم وال هم يحزنون‪..‬‬
‫ونالحظ أمر هللا جل جالله إلى الرسول (المائدة ‪ )68‬بأن يقُول يا أهل الكتاب‬
‫لستم على شيء حتى تقيموا التوراة واإلنجيل وما اُنزل إليكم من ربكم‪ ...‬وهي‬
‫آية واضحة بأن يكون كل منا على دينه (ملته وشريعة هللا ومنهاجه) ويتبعون‬
‫كُتب هللا جل جالله السماوية‪ ...‬وليس كما عُلمنا خطأ بأن القرآن الكريم جاء‬
‫ليلغي الديانات والرساالت السماوية األخرى!!! بل جاء القرآن الكريم ُمصدقا‬
‫للرساالت والديانات السماوية األخرى‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫س ُجد َ‬
‫ُون‬ ‫َّللا آنَاء اللَّ ْي ِل َو ُه ْم َي ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ون آ َيا ِ‬ ‫ب أ ُ َّمةٌ قَآ ِئ َمةٌ َيتْلُ َ‬
‫س َواء ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫سوا ْ َ‬ ‫لَ ْي ُ‬
‫وف َويَ ْن َه ْو َن ع َِن ا ْل ُمن َك ِر‬ ‫ون بِا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫اآلخ ِر َويَأ ْ ُم ُر َ‬
‫اّلل َوا ْليَ ْو ِم ِ‬ ‫ون بِ ِ‬ ‫{‪ }113‬يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ين {‪}114‬‬ ‫صا ِل ِح َ‬ ‫ت َوأ ُ ْولَـئِكَ ِم َن ال َّ‬ ‫ُون فِي ا ْل َخي َْرا ِ‬ ‫س ِارع َ‬ ‫َويُ َ‬
‫ين {‪ }115‬آل عمران‬ ‫َو َما يَ ْفعَلُواْ ِم ْن َخي ٍْر فَلَن يُ ْكفَ ُر ْوهُ َوَّللاُ َ‬
‫ع ِلي ٌم بِا ْل ُمت َّ ِق َ‬
‫وأنظروا وضوح كالم هللا في اآلية الكريمة أعاله‪ ..‬والذي ال يقبل التأويل أو‬
‫التحريف‪ ..‬وكيف اننا كفرا وعدوانا‪ ..‬قد جعلناهم المغضوب عليهم والضالين!!!‬
‫ومنهم جهال وسفاهة ومتعمدا من نسب ذلك القول الباطل إلى رسول هللا سيدنا‬
‫محمد‪ ,‬ظلما وعدوانا بعد موته بمئات السنين‪ ...‬والرسول بريء منهم ويخاف‬
‫رب العالمين بأن يقولوه هكذا كالم!!!‬
‫وقوله تعالى‪:‬‬
‫ّلل الَ‬
‫ين ِ ِ‬‫ش ِع َ‬ ‫نز َل ِإلَي ِْه ْم َخا ِ‬ ‫نز َل ِإلَ ْي ُك ْم َو َما أ ُ ِ‬‫اّلل َو َما أ ُ ِ‬
‫ب لَ َمن يُ ْؤ ِمنُ ِب ِ‬ ‫َو ِإ َّن ِم ْن أ َ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب‬
‫سا ِ‬ ‫س ِري ُع ا ْل ِح َ‬ ‫َّللا ث َ َمنا ً قَ ِليالً أ ُ ْولَـ ِئكَ لَ ُه ْم أَجْ ُر ُه ْم ِعن َد َر ِب ِه ْم ِإ َّن َّللاَ َ‬‫ت ِ‬ ‫ون ِبآ َيا ِ‬‫شت َ ُر َ‬ ‫َي ْ‬
‫{‪}199‬‬
‫ون {‪}200‬‬ ‫َّللا لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُح َ‬
‫طواْ َواتَّقُواْ َ‬ ‫صابِ ُرواْ َو َرابِ ُ‬‫صبِ ُرواْ َو َ‬ ‫ِين آ َمنُواْ ا ْ‬ ‫يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫آل عمران‬
‫وواضح تماما من اآلية الكريمة أعاله‪ ..‬ان من أهل الكتاب من يؤمن باهلل وما‬
‫أُنزل إلينا (القرآن الكريم) ويؤمنون بما اُنزل إليهم من رساالت توحيدية سماوية‬
‫(التوراة واإلنجيل والزبور) وهم خاشعين هلل وحده ال شريك له‪ ،‬وال يشترون‬
‫بآيات هللا ثمنا قليال‪..‬‬
‫ويبين هللا بأن اولئك لهم أجرهم عند ربهم وإن هللا سريع الحساب‪..‬‬
‫ووجدت كذلك أن بعض المفسرين من المجتهدين الشيوخ المدَعين من أصحاب‬
‫سنية والشيعية ) مشرعوا الممالك والسالطين واألمراء والمشائخ‬ ‫المذاهب ( ال ُ‬
‫(لالسف الشديد) من عزا هذا التفسير‪ ..‬الى رسول األمة الصادق األمين محمد‪,‬‬
‫سئل عن‬ ‫بعد موته وإنقطاع الوحي عنه بأكثر من ‪ 250‬عاما ؟؟؟ بأنه قال عندما ُ‬
‫المغضوب عليهم والضالين‪ ...‬بأن اليهود هم المغضوب عليهم!!! وأن النصارى‬
‫هم الضالون!!!‬
‫إذ ال يمكن أن يطلق سيدنا محمد ‪ ,‬تلكم األحكام!!! والتي تتعارض وتتناقض‬
‫تناقضا واضحا مع روح ومضمون وجوهر القرآن الكريم‪ ...‬وهو الرسول والنبي‬
‫المبعوث لسائر االمم‪ ...‬رحمة وبشيرا ونذيرا‪ ،‬والذي آمن بما انزل اليه وما انزل‬
‫من قبله من رساالت وأنبياء‪..‬‬
‫ولقوله تعالى‪:‬‬
‫ب ِإ َّن قَ ْو ِمي ات َّ َخذُوا َه َذا ا ْلقُ ْر َ‬
‫آن َم ْه ُجورا ً {‪ }30‬الفرقان‬ ‫سو ُل يَا َر ِ‬ ‫َوقَا َل َّ‬
‫الر ُ‬
‫وفي مجمل القرآن الكريم تأكيد وإعتراف وتصديق واضحين بأن سيدنا محمد‪,‬‬
‫جاء متمما ومصدقا لرساالت وكتب سماوية‪ ..‬ورسل وأنبياء سبقوه‪ ..‬علموا‬
‫الناس مكارم االخالق‪...‬‬
‫وهنا تأتي لضرورة أن ال تكون أحكامنا‪ ..‬نطلقها جزافا ودون علم بآيات وأحكام‬
‫هللا في القرآن الكريم ال ُمنزل شامال لجميع خلقه في السموات واألرض‪ ..‬و ُمنزال‬
‫بالرسالة لَلعراب واألميين من غير أهل ال ُكتُب السماوية (اليهود والنصارى‪ ،‬ألن‬
‫لديهم كُتبهم السماوية والمنزلة إليهم)‪ ..‬والقائمة كلها على التوحيد واليُسر‬
‫والتبشير والوسطية واإلعتدال والرحمة والعفو والمغفرة والتوبة‪ ..‬ليخرج الناس‬
‫من الظلمات إلى النور (بإذن ربهم األعلى‪).‬‬
‫وال يجوز بأي حال من األحوال أن تكون أحكامنا متشددة أو منفرة‪ ..‬وخاصةً انه‬
‫والوسطية‪.‬‬ ‫اإلعتدال‬ ‫بأمة‬ ‫وميزنا‬ ‫هللا‬ ‫وصفنا‬ ‫قد‬
‫وأية أحكام تتعارض وتتناقض مع القرآن الكريم ونصوصه الواضحة‪ ..‬هي أحكام‬
‫باطلة‪.‬‬
‫إن القول بأن الرسول سيدنا محمد‪ ,‬قد قال بأن اليهود والنصارى هم المغضوب‬
‫عليهم والضالون‪ ...‬فهذا قول ضعيف ُمفترى‪ ...‬وال يمت إلى الدين اإلسالمي‬
‫والحقيقة بصلة‪ ...‬وال يطلقه إال الجاهلون أعداء هللا وكتاب هللا ورسول هللا‬

You might also like