You are on page 1of 5

‫ياسين الصبار ‪ ،‬طالب باحث بماستر قانون األعمال‬

‫التسويق الهرمي في المغرب ‪ ،‬بين القانون و الواقع‬

‫يعتبر التسويق الهرمي من األمور الدخيلة على مجتمعنا المغربي ‪ ،‬خصوصا في‬
‫السنوات األخيرة حيث يالحظ تزايد عدد الشركات التجارية التي تعتمد نظام التسويق‬
‫الهرمي للمنتجات و األرباح ‪ ،‬و تستغل هذه الشركات الضعف المادي و الفكري لألفراد‬
‫لتقوم بإغوائهم بالدخول في هذه الشركات و التعامل معها كمروجين لمنتجاتها أو‬
‫كعمالء تجاريين ‪ ،‬كل هذا مقابل حصولهم على امتيازات مالية و مادية في حالة بيعهم‬
‫نسبة معينة من المنتجات أو مساهمتهم في جذب أعضاء جدد لهذه الشركات ‪.‬‬

‫و قد ثار خالف و نقاش حاد حول مدى مشروعية ما تقوم به هذه الشركات ‪ ،‬و وصل‬
‫الحد لتدخل القضاء و مؤسسة بنك المغرب إلغالق هاته الشركات و متابعة مسيريها‬
‫بتهم ثقيلة ‪ ،‬و ذلك بعدما توصلت السلطات بشكايات عديدة من أشخاص تم النصب‬
‫عليهم عن طريق إقناعهم بأرباح خيالية في حالة التحاقهم بالشركة أو التعامل معها‬
‫كبائعين ‪ ،‬و هنا يطرح التساؤل حول مدى مشروعية التسويق الهرمي الذي تعتمده هاته‬
‫الشركات ؟ و المسؤولية التي يتحملها صاحب الشركة أو ممثلها القانوني في حالة‬
‫استخدامه لنظام التسويق الهرمي ؟‬

‫لإلجابة عن هذه األسئلة البد أوال من التطرق للقانون ‪ 1 31.08‬المتعلق بحماية المستهلك و‬

‫عالقته بهذا النوع من الشركات و األنظمة التسويقية ‪ ،‬ثم نعرج على مسؤولية مسيري‬
‫الشركات الهرمية الجنائية و المدنية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.03‬صادر في ‪ 14‬من ربيع األول ‪ 18( 1432‬فبراير ‪ )2011‬بتنفيذ القانون ‪ 31.08‬القاضي بتحديد‬
‫تدابير لحماية المستهلك ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المحور األول ‪ :‬التسويق الهرمي في القانون ‪31.08‬‬

‫بالرجوع للقانون ‪ 31.08‬المتعلق بحماية المستهلك الصادر سنة ‪ 2011‬و بالضبط المادة ‪58‬‬
‫منه نجدها تنص على ما يلي ‪:‬‬

‫" يمنع ما يلي ‪:‬‬

‫‪ . 1‬البيع بالشكل الهرمي أو بأي طريقة أخرى مماثلة يتعلق خاصة بعرض منتوجات‬
‫أو سلع أو خدمات على المستهلك ‪ ،‬مع إغرائه بالحصول على المنتوجات أو السلع‬
‫أو الخدمات المذكورة بالمجان أو بسعر يقل عن قيمتها الحقيقية و بتعليق البيع على‬
‫توظيف سندات أو تذاكر للغير أو على جمع اشتراكات أو تقييدات ‪.‬‬

‫‪ . 2‬اقتراح قيام المستهلك بجمع اشتراكات أو تقييد نفسه في قائمة مع إغرائه‬


‫بالحصول على مكاسب مالية ناتجة عن تزايد هندسي لعدد األشخاص المشتركين أو‬
‫المقيدين " ‪.‬‬

‫بالرجوع للفصل المذكور يتبين أن المشرع المغربي تدخل من خالل قانون ‪ 31.08‬للحد‬
‫من الشركات التجارية التي تعتمد نظام التسويق الهرمي و ذلك لما يشكله من استغالل‬
‫للمستهلك‪ 2‬بوصفه الحلقة الضعيفة ‪ ،‬و كذلك ألن هذا النوع من التسويق مخالف لمبادئ‬

‫المنافسة الشريفة بين الشركات التجارية و خصوصا عنصر الثقة و االئتمان ‪.‬‬

‫أما بخصوص العالقة التي تربط المستهلك بهذه الشركات فليس لها أي ضابط قانوني ‪،‬‬
‫حيث يالحظ من خالل التجارب الواقعية أن الشخص يتعامل مع هذه الشركات دون أن‬
‫يكون له صفة شريك وال وجود لعقد قانوني يؤطر و يحمي العالقة بين المستهلك و هذه‬

‫‪ - 2‬عرفت المادة ‪ 2‬من قانون ‪ 31.08‬المستهلك بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية‬
‫منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة الستعماله الشخصي أو العائلي ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الشركات ‪ ،‬و هذا ناتج عن كون أغلب هذه الشركات هي في األصل شركات وهمية‪ 3‬و‬

‫غير مستوفية للشروط القانونية لتأسيس الشركات و إدارتها ‪.‬‬

‫بخصوص المتعاملين مع هذه الشركات فيجوز لهم أن يحتجوا ضد الشركة بمخالفتها‬


‫للقانون و خصوصا المادة ‪ 58‬من قانون ‪ 31.08‬المتعلق بحماية المستهلك ‪ ،‬و إضافة إلى‬
‫ذلك يمكن أن يتابع المسير أو صاحب الشركة الهرمية بتهم جنائية أو مدنية ‪ ،‬و هذا ما‬
‫سنتطرق له بعده ‪.‬‬

‫المحور الثاني ‪ :‬مسؤولية مسيري الشركات الهرمية‬

‫بالنسبة للمسؤولية التي تثار في مواجهة مسيري الشركات الهرمية فهي إما مسؤولية‬
‫مدنية تقصيرية أو مسؤولية جنائية ‪ ،‬مع إمكانية متابعة المسير ببعض العقوبات الواردة‬
‫بالقانون ‪. 31.08‬‬

‫‪ -‬مسؤولية المسير المدنية ‪ :‬اعتمادا على الفصل ‪ 4 77‬و ‪ 5 78‬من قانون‬

‫االلتزامات و العقود فإنه يمكن للمتضرر من أعمال الشركات الهرمية أن يطالب‬


‫بتعويض لجبر الضرر الذي تعرض له ‪ ،‬سواء كان ضررا ماديا أو معنويا ‪ ،‬كل‬
‫ذلك مع وجوب احترام شروط و أركان قيام المسؤولية (خطأ ‪ ،‬ضرر ‪ ،‬عالقة‬

‫سببية) ‪.‬‬

‫‪ -‬مسؤولية المسير الجنائية ‪ :‬زيادة على المسؤولية المدنية لمسير و ممثل‬


‫الشركات الهرمية يمكن أن يتابع بمسؤولية جنائية تتمثل خصوصا في جريمة‬

‫‪ - 3‬الشركة الوهمية هي الشركة التي يكون مقرها اإلجتماعي غير موجود في الواقع أو الشركاء أو المسيرين للشركة وهميون و ال‬
‫وجود لهم في الواقع ‪ ،‬و في القانون المدني يطلق على هذه الحالة الصورية في العقود ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ " :‬كل فعل ارتكبه االنسان عن بينة و اختيار و من غير يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا‬
‫للغير ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك العل هو السبب المباشر في حصول الضرر " ‪.‬‬

‫‪ - 5‬الفصل ‪ 78‬ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ " :‬كل شخص مسؤول عن الضرر المادي أو المعنوي الذي أحدثه ال بفعله فقط و لكن بخطئه أيضا و ذلك‬
‫يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر ‪.‬‬
‫و كل شرط مخالف لذلك يكون عديم األثر " ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫النصب و االحتيال المنصوص عليها في الفصل ‪ 450‬من القانون الجنائي ‪ ،‬و‬
‫الذي جاء في نصه ما يلي ‪:‬‬

‫" يعد مرتكبا لجريمة النصب ‪ ،‬و يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ‪ ،‬و‬
‫غرامة من ‪ 500‬إلى ‪ 5000‬درهم ‪ ،‬من استعمل االحتيال ليوقع شخصا في الغلط‬
‫بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغالل ماكر لخطأ وقع في غيره و‬
‫يدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول‬
‫على منفعة مالية أو لشخص آخر ‪.‬‬

‫و ترتفع عقوبة الحبس إلى الضعف و الحد األقصى للغرامة إلى ‪ 100‬ألف درهم‬
‫إذا كان مرتكب الجريمة أحد األشخاص الذين استعانوا بالجمهور في إصدار‬
‫أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص أو أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة أو‬
‫مؤسسة تجارية أو صناعية " ‪.‬‬

‫من خالل الفصل أعاله يتبين أن مسير الشركة يمكن أن يتابع بجريمة النصب و‬
‫االحتيال إذا ثبت أنه استعمل وسائل احتيالية و تضليلية قصد ايقاع الغير في شباكه و‬
‫سلبه أمواله ‪ ،‬و تشدد العقوبة إن كان هذا الشخص يمارس أفعاله في إطار شركة أو‬
‫باستعمال الجمهور و األوراق التجارية كما هو الحال بالنسبة للشركات التي تستخدم‬
‫التسويق الهرمي ‪.‬‬

‫إذن من خالل كل ما سبق يتبين أن المشرع سعى بكل ما يملك من أجل الحد من‬
‫الشركات الهرمية و سعى كذلك لحماية المتعاملين معها من خالل القانون ‪ ، 31.08‬و‬

‫رغم هذا كله يالحظ أن انتشار هذا النوع من الشركات في الواقع لم تحد منه هذه‬
‫اإلجراءات و يوما بعد اآلخر يتزايد المنتسبون لهذه الشركات ‪ ،‬و هنا نتساءل هل‬
‫المقتضيات القانونية التي تمنع التسويق الهرمي كافية لوجدها للحد من هذا النوع من‬
‫التجارة ؟‬

‫‪4‬‬
5

You might also like