You are on page 1of 10

‫الصبر في القرآن الكريم‬

‫الشيخ ‪ :‬يوسف القرضاوي‬


‫الصبر من أبرز الخألقا القرآنية الللتي عنللي بهللا الكتللاب‬
‫العزيز في سورة المكية والمدنيللة‪ .‬وهللو أكللثر خأُلللق‪ -‬بضللم‬
‫الخاء‪ -‬تكرر ذكره في القرآن‪.‬‬
‫يقول المام الغزالي في كتللاب »الصللبر والشللكر« مللن‬
‫»ربع المنجيات«من كتابه‪» :‬إحياء علوم الدين«‪ :‬ذكللر الللله‬
‫تعالى الصبر في القرآن في نيف وسللبعين موضللعا للل إحيللاء‬
‫علوم الدين ج ‪4‬ص ‪ 61‬د دار المعرفة‪ ،‬بيروت ل ‪.‬‬
‫وينقل العلمة ابن القيللم فللي »مللدارج السللالكين«عللن‬
‫المللام أحمللد قللوله‪ :‬الصللبر فللي القللرآن فللي نحللو تسللعين‬
‫موضعا ل مدارج السالكين ج ‪ 2‬ل ‪.‬‬
‫وكذلك ينقل أبو طالب المكي في »قوت القلللوب«عللن‬
‫بعض العلماء قوله‪ :‬أي شيء أفضل من الصبر‪ ،‬وقللد ذكللره‬
‫الله تعالى في كتابه في نيف وتسعين موضعا؟!‬
‫ول نعلم شيئا ذكره الله تعللالى هللذا العللدد إل الصللبر! للل‬
‫قوت القلوب ج ‪ 1‬ص ‪.197‬‬
‫والنلللاظر فلللي»المعجلللم المفهلللرس للفلللاظ القلللرآن‬
‫الكريم«يجد مادة »ص ب ر«بكل مشتقاتها قللد وردت فللي‬
‫القرآن مائة مرة وبضع مرات‪.‬‬
‫ول تنافي في رأيي بين هللذه التقللديرات علللى اخأتلفهللا‪،‬‬
‫وبين الإحصللاء الرقمللي للمعجللم المفهللرس‪ ،‬لن الموضللع‬
‫الواحد قد ذكر فيه مادة »ص ب ر«أكثر من مللرة فيحسللبها‬
‫بعضهم موضعا واحدا‪ ،‬وبعضهم موضعين أو أكثر‪ .‬مثال ذلك‬
‫م‬ ‫عععا و‬
‫قب نت ت ن‬ ‫ن و‬ ‫في قوله تعالى في أواخأللر سللورة»النحللل«‪ ] :‬و‬
‫وإ إ ن‬
‫خي نععرر‬
‫و و‬ ‫م لو ت‬
‫هعع و‬ ‫صععب ونرت ت ن‬‫ن و‬ ‫ول وئ إعع ن‬
‫ه و‬
‫م ب إعع إ‬
‫قب نت ت ن‬
‫عععو إ‬‫مععا ت‬ ‫ل و‬ ‫مث نعع إ‬‫قتبوا ب إ إ‬‫عععا إ‬ ‫ف و‬‫و‬
‫وول‬
‫م و‬ ‫ه ن‬‫ن علِى إ‬ ‫حوز ن‬ ‫وول ت و ن‬
‫ه و‬‫ك إ إصل إباللِ إ‬ ‫صب نتر و‬ ‫ما و‬ ‫و و‬‫صب إنر و‬ ‫وا ن‬ ‫ن و‬ ‫ري و‬
‫صاب إ إ‬‫إللِ ص‬
‫ن[ }النحل‪. {127:‬‬ ‫مك تترو و‬‫ما ي و ن‬
‫م ص‬‫ق إ‬ ‫ضي ن ق‬ ‫في و‬ ‫ك إ‬ ‫تو ت‬
‫فالمادة هنا ذكرت أربع مرات في آيتين‪ ،‬بحيث يمكن أن‬
‫تحسللب موضللعا واحللدا‪ ،‬وأن تحسللب موضللعين باعتبللارين‪.‬‬
‫وفي قصة موسي مللع العبللد الصللالح فللي سللورة الكهللف للل‬
‫تردد ذكر الصبر عدة مللرات‪ ،‬ويمكللن‬ ‫ّ‬ ‫اليات ‪ 67‬وما بعدها ل‬
‫واحدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫موضعا‬ ‫اعتبارها كلها‬
‫}الحلللزاب‪{35:‬‬ ‫ت[‬
‫صععاب إورا إ‬
‫وال ص‬
‫ن و‬
‫ري و‬
‫صععاب إ إ‬ ‫وقللوله تعللالى‪ ] :‬و‬
‫وال ص‬
‫موضع واحد بل شك‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫والصبر في اللِغة‪ :‬الحبس والكف‪ .‬ومنه‪ُ :‬قتللل فلن‬
‫صبرا‪ ،‬إذا أمسك وحبس‪.‬‬
‫ن‬
‫عو و‬
‫ن ي وععدن ت‬ ‫ع ال صعع إ‬
‫ذي و‬ ‫معع و‬ ‫سعع و‬
‫ك و‬ ‫صب إنر ن و ن‬
‫ف و‬ ‫ومنه قوله تعللالى‪ ] :‬و‬
‫وا ن‬
‫عي نن وععا و‬
‫ك‬ ‫وول ت و ن‬
‫عععدت و‬ ‫ه و‬
‫هعع ت‬
‫ج و‬
‫و ن‬
‫ن و‬
‫دو و‬
‫ريعع ت‬
‫ي يت إ‬
‫شعع ي‬
‫ع إ‬
‫وال و‬
‫ة و‬
‫دا إ‬
‫غعع و‬
‫م إبال و‬
‫هعع ن‬
‫ورب ص ت‬
‫م[ }الكهف‪ {28:‬أي‪ :‬احبس نفسك معهم‪.‬‬ ‫ه ن‬
‫عن ن ت‬‫و‬
‫ويقال الصبر‪ :‬الجزع‪ .‬كما في قوله تعالى على لسان‬
‫و‬ ‫و‬
‫ن‬ ‫مععا ل ون وععا إ‬
‫معع ن‬ ‫صععب ونرونا و‬
‫م و‬ ‫عن وععا أ ن‬
‫ز ن‬ ‫ج إ‬
‫واءر علِين وععا أ و‬ ‫أهللل النللار‪ ] :‬و‬
‫سعع و‬
‫ص[ }إبراهيم‪.{21:‬‬ ‫حي ق‬ ‫م إ‬ ‫و‬
‫وهو في القرآن يعني‪ :‬حبس النفس على ما تكللره‪،‬‬
‫غععاءو‬‫صععب وتروا اب نت إ و‬
‫ن و‬ ‫ذي و‬‫وال ص إ‬‫ابتغاء مرضاة الله كما قال تعالى‪ ] :‬و‬
‫م[ }الرعد‪.{22:‬‬ ‫ه ن‬
‫ه ورب ي إ‬
‫ج إ‬‫و ن‬
‫و‬
‫تتسع دائرة‬ ‫وما تكرهه النفس أنواع وألوان شتى‪ ،‬ولهذا ّ‬
‫الصبر فتشمل مجالت رحبة أكثر مما يقف عنده عادة كثير‬
‫من الناس إذا ذكرت كلمة»الصبر«‪.‬‬
‫ويقول المام الغزالي‪:‬‬
‫»اعلِم أن الصبر ضربان«‪:‬‬
‫مل المشاقا بالبدن والثبللات‬ ‫أحدهما‪ :‬ضرب بدني‪ ،‬كتح م‬
‫عليها‪ ،‬وهو‬
‫إما بالفعل‪ ،‬كتعاطي العمال الشاقة‪ ،‬إما من العبللادات‬
‫أو من غيرها‪ .‬وإما بالحتمال كالصبر على الضرب الشديد‪،‬‬
‫والمرض العظيم‪ ،‬والجراحات الهائلة‪.‬‬
‫محمللودا إذا وافللق‬‫ً‬ ‫قععال الغزالععي‪ :‬وذلللك قللد يكللون‬
‫الشرع‪.‬‬
‫ولكللن المحمللود التللامّ هللو الضللرب الخأللر‪ ،‬وهللو الصللبر‬
‫النفسي عن مشتهيات الطبع ومقتضيات الهوى‪.‬‬
‫صبرا عن شهوة البطللن والفللرج‬ ‫ً‬ ‫ثم هذا الضرب إن كان‬
‫سمّي "عفصة"‪.‬‬
‫وان كللان علللى احتمللال مكللروه اخأتلفللت أسللاميه عنللد‬
‫الناس باخأتلفا المكروه الذي غلب عليه الصبر‪.‬‬
‫فللإن كللان فللي مصلليبة اقتصللر علللى اسللم »الصععبر«‬
‫وتضاده حالة تسمي »الجزع والهلِع« وهللو إطلقا داعللي‬
‫الهوى ليسترسل في رفع الصوت‪ ،‬وضللرب الخللدود‪ ،‬وشللق‬
‫الجيوب وغيرها‪.‬‬
‫مي »ضععبط النفععس«‬ ‫وإن كان في احتمال الغنللى سلل ّ‬
‫وتضاده حالة تسمّى »البطر«‪.‬‬ ‫م‬
‫وإن كان في حرب ومقاتلة سللُمي»شجاعة« ويضللاده‬
‫»الجبن«‪.‬‬
‫حلِمععا«‬ ‫وإن كللان فللي كظللم الغيللظ والغضللب سللمي» إ‬
‫مر«‪.‬‬ ‫ويضاده »التذ م‬
‫للمّي‬ ‫وإن كان في نائبة مللن نللوائب الزمللان مُضللجِرة‪ ،‬س ُ‬
‫»سعععة الصععدر« ويضللاده »الضععجر والتععبرم وضععيق‬
‫الصدر«‪.‬‬
‫وإن كللان فللي إخأفللاء كلم سللمّي »كتمععان السععر«‬
‫وسللمي صللاحبه »كتومللا«‪ .‬وإن كللان عنللد فضللول العيللش‬
‫سمي»زهدا« ويضاده »الحرص«‪.‬‬
‫صلللبرا عللللى قلللدر يسلللير ملللن الحظلللوظ‬ ‫ً‬ ‫وإن كلللان‬
‫سمي»قناعة« ويضللاده »الشصره« فللأكثر أخألقا اليمللان‬
‫داخأل في الصبر‪.‬‬
‫ولذلك لما سئل عليه السلم مرة عن اليمان قال‪» :‬هو‬
‫الصبر« لنه أكثر أعماله وأعزها‪ ،‬كما قال‪» :‬الحج عرفة«‪.‬‬
‫وقد جمع الله تعالى أقسام ذلللك‪ ،‬وسللمّى الكلللّ صللبرا‪،‬‬
‫سععاإء )أي المصلليبة(‬ ‫ن‬
‫فععي الب وأ و‬ ‫ن إ‬‫ري و‬
‫صععاب إ إ‬ ‫فقللال تعللالى‪ ] :‬و‬
‫وال ص‬
‫ت‬
‫س)أي المحاربللة( أول وئ إعع و‬ ‫ن‬
‫ك‬ ‫ن الب وععأ إ‬
‫حيعع و‬ ‫ء )أي الفقللر( و‬
‫و إ‬ ‫ضععصرا إ‬
‫وال ص‬
‫و‬
‫}البقرة‪{177:‬‬ ‫ن[‬ ‫مت ص ت‬
‫قو و‬ ‫م ال ت‬
‫ه ت‬ ‫وتأول وئ إ و‬
‫ك ت‬ ‫صدو ت‬
‫قوا و‬ ‫ن و‬ ‫ال ص إ‬
‫ذي و‬
‫فإذن هذه أقسام الصبر باخأتلفا متعلقاتهللا‪ ،‬ومللن يأخأللذ‬
‫المعاني من السامي يظللن أن هللذه الحللوال مختلفللة فللي‬
‫ذواتها وحقائقها‪ ،‬مللن حيللث رأى السللامي مختلفللة‪ ،‬والللذي‬
‫يسلك الطريق المسللتقيم‪ ،‬وينظللر بنللور الللله تعللالى يلحللظ‬
‫طلع على حقائقها‪ ،‬ثم يلحظ السامي فإنها‬ ‫المعاني أول‪ ،‬في ّ‬
‫وضعت دالة على المعاني‪.‬‬
‫فالمعاني هي الصول واللفاظ هي التوابع‪ .‬ومن يطلب‬
‫الصول من التوابع ل بد أن يزل«ل إحياء علوم الدين ج ‪4‬ص‬
‫‪ 66‬ل وهذا كلم نفيس‪ ،‬وتحقيق جليل‪.‬‬
‫ومن هنا نفهم كيللف جعللل القللرآن الصللبر وحللده منللاط‬
‫الفلحا فللي الخأللرة ودخأللول الجنللة‪ ،‬واسللتحقاقا التحيللة مللن‬
‫الملئكة‪ ،‬وذلك في مثل قوله تعالى فللي شللأن البللرار مللن‬
‫ريةرا[ }النسان‪. {12:‬‬ ‫ح إ‬‫و و‬ ‫ة و‬ ‫جن ص ة‬
‫صب وتروا و‬
‫ما و‬ ‫م بإ و‬‫ه ن‬
‫جوزا ت‬ ‫عباده‪ ] :‬و‬
‫و و‬
‫ة )أ ي‬ ‫غنر و‬
‫فعع و‬ ‫ن ال ت‬
‫و و‬
‫جععوز ن‬‫ك يت ن‬ ‫وفي شأن عباد الرحمللن‪] :‬تأول وئ إعع و‬
‫سولةما[ }الفرقان‪. {75:‬‬ ‫و و‬ ‫ة و‬ ‫حي ص ة‬
‫ها ت و إ‬ ‫في و‬
‫ن إ‬
‫و و‬ ‫وي تلِ و ص‬
‫ق ن‬ ‫صب وتروا و‬
‫ما و‬ ‫الجنة(ب إ و‬
‫وفي شأن أولي اللباب من عباده الخأيار‪] :‬والملئاكعع ت‬
‫ة‬
‫م‬
‫ع و‬ ‫م و‬
‫فن إ ن‬ ‫صب ونرت ت ن‬
‫ما و‬
‫م بإ و‬ ‫سول ر‬
‫م علِيك ت ن‬ ‫ن علِيهم من ك ي‬
‫ل باب و‬ ‫يدخلِو و‬
‫ر[ }الرعد‪{24:‬‬
‫دا إ‬
‫قوبي ال ص‬‫ع ن‬
‫ت‬
‫فالصبر هنا يحمل في طّياته جملة شعب اليمان وأخألقا‬
‫الإسلم‪.‬‬
‫الصبر خصيصة إنسانية‪:‬‬
‫ولما كان الإنسان هو المخلوقا العاقل المكلف المبتلى‪،‬‬
‫كان الصبر خأصيصة من خأصائصه الممّيزة‪.‬‬
‫يقول المام الغزالي في تحلِيل معنى الصبر‬
‫وبيان حقيقته‪:‬‬
‫»الصبر خأاصّية الإنس‪ ،‬ول يتصللور ذلللك فللي البهللائم ول‬
‫الملئكة‪ ،‬أما البهائم فلنقصانها‪ ،‬وأما الملئكة فلكمالها‪.‬‬
‫وبيانه‪ :‬أن البهائم سلللطت عليهللا الشللهوات‪ ،‬وصللارت‬
‫مسللخرة لهللا فل بللاعث لهللا علللى الحركللة والسللكون إل‬ ‫ّ‬
‫الشللهوة‪ ،‬وليللس فيهللا قللوة تصللادم الشللهوة وتردهللا عللن‬
‫مقتضاها‪ ،‬حتى يسمي ثبات تلك القوة في مقابلللة مقتضللى‬
‫الشهوة »صبراً«‪.‬‬
‫ردوا للشللوقا إلللى‬‫وأما الملئكة علبهم السلم‪ ،‬فإنهم جُلل ّ‬
‫حضرة الربوبية والبتهاج بدرجة القللرب منهللا‪ ،‬ولللم تسلللط‬
‫عيهم شهوة صادفة صادة عنها‪ ،‬حتى يحتاج إلى مصادمة مللا‬
‫يصرفها عن حضرة الجلل بجند آخأر يغلب الصوارفا‪.‬‬
‫وأما الإنسان فللإنه خألللق فللي ابتللداء الصللبا ناقصللا مثللل‬
‫البهيمة‪ ،‬لم يخلق فيه إل شهوة الغذاء الذي هو محتاج إليلله‪،‬‬
‫ثم تظهر شهوة اللعب والزينة‪ ،‬ثم شللهوة النكللاحا )الشللهوة‬
‫الجنسية( على الترتيب‪ .‬وليس له )يعني في طفولته( قوة‬
‫الصبر البتة‪ .‬إذ الصبر عبارة عن ثبات جند فللي مقابلللة جنللد‬
‫آخأللر‪ ،‬قللام القتللال بينهمللا لتضللادّ مقتضللياتهما ومطالبهمللا‪.‬‬
‫وليس في الصبي إل جند الهوى كما في البهائم‪.‬‬
‫أن الللله تعللالى بفضللله وسللعَة‬
‫ثم يللبّين المللام الغزالللي ّ‬
‫جوده‪ ،‬أكرم الإنسان ورفع درجته عن البهائم‪ ،‬فأمللده ‪-‬عنللد‬
‫مقاربة البلللوغ‪ -‬بقللوتين‪ :‬قللوة تهللديه إلللى معرفللة الحقللائق‬
‫الكبيرة‪ ،‬بها يعرفا الله ورسوله‪ ،‬ويعرفا المصالح المتعلقة‬
‫بالعواقب‪ ،‬وبهللا يتميللز عللن البهيمللة الللتي ل تهتللدي إل إلللى‬
‫مقتضللى شللهواتها فللي الحللال فقللط‪ ،‬فصللار الإنسللان بنللور‬
‫الهداية يعرفا أن اّتباع الشللهوات للله مغبّللات مكروهللة فللي‬
‫العاقبة‪.‬‬
‫أزَره فللي‬‫كملة للولى ُتؤّيد الإنسان وتشدم ْ‬ ‫وقوة أخأرى مُ ّ‬
‫معركتلله مللع الهللوى وجنللد الشلليطان‪ ،‬بهللا يللدفع فللي نحللر‬
‫الشهوات فيجاهدها بتلللك القللوة‪ ،‬حللتى يللدفع عللداوتها عللن‬
‫نفسه‪.‬‬
‫م هللذه الصللفة الللتي بهللا فللارقا‬
‫قللال الغزالللي‪» :‬فلنسلل ّ‬
‫الإنسان البهائم فللي قمللع الشللهوات وقهرهللا )باعثللا دينيللا(‬
‫ولنسللمّ مطالبللة الشللهوات بمقتضللياتها )بللاعث الهللوى(‪،‬‬
‫وليفهم أن القتللال قللائم بيللن بللاعث الللدين وبللاعث الهللوى‪،‬‬
‫والحرب بينهمللا سللجال‪ ،‬ومعركللة هللذا القتللال قلللب العبللد‪.‬‬
‫ومدد باعث الدين من الملئكة الناصرين لحزب الله تعللالى‪،‬‬
‫ومدد باعث الشهوة من الشللياطين الناصللرين لعللداء الللله‬
‫تعالى‪ .‬فالصبر عبارة عللن ثبللات بللاعث الللدين فللي مقابلللة‬
‫باعث الشهوة‪ .‬فإن ثبت حتى قهره واسللتمر علللى مخالفللة‬
‫الشللهوة فقللد نصللر حللزب الللله‪ ،‬والتحللق بالصللابرين‪ .‬وإن‬
‫تخاذل وضعف حتى غلبته الشهوة ولم يبر في دفعها التحللق‬
‫باتباع الشياطين« ل إحياء علوم الدين ج ‪ 4‬ص ‪62‬ل ‪63‬هل‪.‬‬
‫ضرورة الصبر‬
‫وترجع عناية القرآن البالغة بالصبر‪ ،‬إلى ما له من قيمللة‬
‫كلبيرة دينيلة وخألقيلة‪ ،‬فليلس هلو ملن الفضلائل الثانوي ة أو‬
‫المكمّلللة‪ ،‬بللل هللو ضللرورة لزمللة للإنسللان ليرقللى ماديللا‬
‫ومعنويا‪ ،‬ويسعد فرديا واجتماعيا‪ ،‬فل ينتصر ديللن ول تنهللض‬
‫دنيا إل بالصبر‪.‬‬
‫الصبر ضرورة إنسانية‪:‬‬
‫فالصبر ضرورة دنيوية‪ ،‬كما هو ضرورة دينية‪.‬‬
‫فل نجاحا في الدنيا‪ ،‬ول فلحا في الخأرة إل بالصبر‪.‬‬
‫في الدنيا‪ :‬ل تتحقق المال‪ ،‬ول تنجح المقاصد‪ ،‬ول يؤتي‬
‫عمل أكله‪ ،‬إل بالصبر‪ ،‬فمن صبر ظفر‪ ،‬ومن عدم الصبر لم‬
‫يظفر بشيء‪.‬‬
‫لول صبر الزارع على بذره ما حصد‪ ،‬ولول صبر الغللارس‬
‫على غرسه ما جنى‪.‬‬
‫ولول صبر الطالب علللى درسلله مللا تخللرج ‪ ،‬ولللول صللبر‬
‫المقاتل في ساحا الوغى ما انتصر‪ .‬وهكذا كل الناجحين فللي‬
‫الدنيا إنما حققوا آمالهم بالصبر‪ ،‬استمرأوا المر‪ ،‬واسللتعذبوا‬
‫العذاب‪ ،‬واستهانوا بالصعاب‪ ،‬ومشوا على الشوك‪ ،‬وحفروا‬
‫الصخور بالظافر‪ ،‬ولم يبالوا بالحجللار تقللف فللي طريقهللم‪،‬‬
‫والطعنات تغرس في ظهورهم‪ ،‬وبالشللراك تنصللب للإيقللاع‬
‫بهم‪ ،‬وبالكلب تنبح من حولهم‪ ،‬بل مضوا في طريقهللم غيللر‬
‫وانين ول متوقفين‪ ،‬مغضين العيللن علللى القللذى‪ ،‬سللاحبين‬
‫الذيول على الذى‪ ،‬متذرعين بالعزيمللة‪ ،‬متسلللحين بالصللبر‪،‬‬
‫وصدقا الشاعر القائل‪:‬‬
‫وقل من جدّ في أمر يحاوله=واستصحب الصبر إلا فللاز‬
‫بالظفر‬
‫قد يعثرون ثللم ل يلبثللون أن ينهضللوا‪ ،‬وقللد يخطئللون ثللم‬
‫يوشكون أن يصلليبوا‪ ،‬قللد يجرحللون ثللم ل يلبللث جرحهللم أن‬
‫ينللدمل‪ ،‬وقللد يفشلللون مللرة ومللرة فل يلقللون السلللحا ول‬
‫يستسلمون لليأس‪ ،‬ول يفقدون نور المللل‪ .‬شللعارهم قللول‬
‫الشاعر الحكيم‪:‬‬
‫ل تيأسن وإن طالت مطالبه=إذا استعنت بصبر أن ترى‬
‫فرجا‬
‫أخألق بذي الصللبر أن يحظللي بحللاجته= ومللدمن القللرع‬
‫للبواب أن يلجا‬
‫عشللاقا المجللد‪ ،‬وخأطّللاب للعللالي‪ ،‬وطلّب‬
‫ّ‬ ‫لقللد عللرفا‬
‫السيادة‪ ،‬أن الرفعة في الدنيا كالفوز في الخأرة‪ ،‬ل تنللال إل‬
‫وتجرع غصللص اللم‪ ،‬والصللبر عللن‬ ‫م‬ ‫بركوب متن المشقات‪،‬‬
‫كثير مما يحب‪ ،‬وعلى كثير ممللا يكللره‪ .‬وبللدون هللذا ل يتللم‬
‫قق أمل‪ ،‬ومللن تخي ّللل غيللر هللذا الطريللق كللان‬ ‫عمل‪ ،‬ول يتح ّ‬
‫كالذي قال لبن سيرين‪ :‬إني رأيتنللي فللي النللوم أسللبح فللي‬
‫غير مللاء‪ ،‬وأطيللر بغيللر جنللاحا!!فقللال للله‪ :‬أنللت رجللل كللثير‬
‫الماني والحلم‪ :‬تتمنى ما ل يقع‪ ،‬وتحلم بما ل يتحقق!!‬
‫وفي شعر الحكللم نقللرأ كللثيرا فللي هللذا المعنللي‪ .‬يقللول‬
‫أحدهم‪:‬‬
‫ل تحسب المجد تمرا ً أنت آكله= لللن تبلللغ المجللد حللتى‬
‫تلعق الصبرا‬
‫ويقول المتنبي‪ ،‬وقد كان طموحا لمنصب الولية‪:‬‬
‫ل يبلغ المجد إل سيد فطللن=لمللا يشللق علللى السللادات‬
‫فعال‬
‫ّ‬
‫لول المشقة ساد الناس كلهم= الجللود يفقللر‪ ،‬والإقللدام‬
‫قتّال!‬
‫وفي قصيدة أخأرى يقول مخاطبا نفسه‪:‬‬
‫ذرينللي أنللل مللا ل ينللال مللن العل= فصللعب العل فللي‬
‫الصعب والسهل في السهل!‬
‫تريدين إدراك المعللالي رخأيصللة= ول بللد دون الشللهد‬
‫من إبر النحل!!‬
‫وإذا كللانت هللذه طبيعللة الطريللق الموصللل إلللى العل‬
‫والمجد‪ ،‬فل سبيل إلى اجتيازها إل بالصبر‪ ،‬ول يقدر عليها إل‬
‫الصابرون‪.‬‬
‫والصبر مفتاحا ما يرجى= وكل صعب به يهون‬
‫فاصبر وإن طالت الليالي= فربما أسلس الحرون‬
‫وربما نيل باصطبار= ما قيل‪ :‬هيهات ل يكون‬
‫هذا إذا نظرنا إلى النجللاحا فللي الللدنيا‪ .‬فكيللف إذا نظرنللا‬
‫إلى الفلحا في الخأرة؟!‬
‫إن الحاجة إلى الصبر تبدو هنا أوكد‪ ،‬والضرورة إليه أشد‬
‫وألزم‪.‬‬
‫يقول أبللو طللالب المكللي فللي كتللابه »قللوت القلللوب«‪:‬‬
‫»اعلم أن الصللبر سللبب دخأللول الجنللة‪ ،‬وسللبب النجللاة مللن‬
‫النار‪ ،‬لنه جاء في الخبر‪» :‬حفّللت الجنّللة بالمكللاره‪ ،‬وحفّللت‬
‫النار بالشهوات"‪ .‬فيحتاج المؤمن إلى صبر علللى المكللاره‪،‬‬
‫ليدخأل الجنة‪ ،‬وإلى صبر عن الشهوات‪ ،‬لينجوَ مللن النللار« للل‬
‫قوت القلوب ج ‪1‬ص ‪.200‬‬
‫وفي مقام آخأر يقول‪» :‬واعلم أن كللثرة معاصللي العبللاد‬
‫في شيئين‪ :‬قلة الصللبر عمللا يحبللون‪ ،‬قللة الصللبر علللى مللا‬
‫يكرهون« ل المرجع السابق ل ‪.‬‬
‫خأاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الصبر إذن ضرورة للناس عامّة وللمؤمنين‬
‫والقرآن يشير إلى ضرورة الصبر وأهميته‪ ،‬حيللن يحللدثنا‬
‫عن خألق الإنسان وما حفّ به من ابتلء ومكابدة ومعاناة‪.‬‬
‫فعع و‬
‫ج‬ ‫م و‬
‫شععا ق‬ ‫ةأ ن‬ ‫ن ن تطن و ق‬
‫معع ن‬ ‫ن إ‬ ‫سععا و‬‫قن وععا ال إن ن و‬ ‫خلِ و ن‬
‫يقول تعالى‪] :‬إ إن صععا و‬
‫صيةرا[ }النسان‪. {2:‬‬ ‫عا ب و إ‬ ‫مي ة‬ ‫علِ نوناهت و‬
‫س إ‬ ‫ج و‬‫ف و‬‫ه و‬ ‫ن وب نت وإلِي إ‬
‫د[ }البلد‪. {4:‬‬ ‫في ك وب و ق‬ ‫ن إ‬ ‫سا و‬ ‫قونا ال إن ن و‬ ‫خلِ و ن‬
‫قدن و‬ ‫ويقول‪] :‬ل و و‬
‫ومشقة‪ ،‬لما يعانيه منذ مولده مللن شللدائد‬ ‫ّ‬ ‫أي في شدّة‬
‫الحياة الممزوجة اللذات باللم‪ ،‬وما يعلانيه بعلد بلللوغه ملن‬
‫البتلء بالمسللئولية وأمانللة التكليللف‪ ،‬الللتي تنللوء بحملهللا‬
‫السموات والرض والجبال‪ ،‬وما يعانيه من الناس مللن حللدة‬
‫اللسان‪ ،‬وأذى البدن وحسد النفس‪.‬‬
‫ضرورة الصبر للِمؤمنين‪:‬‬
‫وإذا كان هذا شأن الإنسان بصفة عامة‪ ،‬فأهللل اليمللان‪-‬‬
‫تعرضللا للذى والمحللن والبتلء فللي‬ ‫م‬ ‫على وجلله خأللاص‪-‬أشللد‬
‫أمللوالهم وأنفسللهم وكللل عزيللز لللديهم فقللد اقتضللى نظللام‬
‫الكللون أن يكللون لهللم أعللداء يمكللرون بهللم ويكيللدون لهللم‬
‫ويتربصللون بهللم الللدوائر‪ ،‬كللذلك جعللل الللله لدم إبليللس‪،‬‬
‫ولإبراهيللم نمللروذ‪ ،‬ولموسللى فرعللون‪ ،‬ولمحمللد أبللا جهللل‬
‫وأمثاله‪.‬‬
‫ن‬
‫ج ي‬ ‫وال إ‬
‫س و‬ ‫ن ال إن ن إ‬‫طي و‬‫شويا إ‬ ‫وا و‬ ‫عدت و‬ ‫ي و‬ ‫ل ن وب إ ي‬ ‫علِ نونا ل إك ت ي‬
‫ج و‬‫ك و‬ ‫وك وذول إ و‬ ‫»] و‬
‫}النعام‪{112:‬‬ ‫ل ت‬
‫غتروةرا[‬ ‫و إ‬ ‫ف ال و‬
‫ق ن‬ ‫ختر و‬
‫ض تز ن‬ ‫م إ إولى ب و ن‬
‫ع ق‬ ‫ه ن‬
‫ض ت‬
‫ع ت‬
‫حي ب و ن‬
‫تيو إ‬
‫وكذلك يكون المؤمنون من أتباع النبياء‪ ،‬هم أشد الناس‬
‫بلء بعد النبياء المثل فالمثل‪.‬‬
‫ظلللن أن طريلللق اليملللان مفروشلللة بالزهلللار‬
‫ّ‬ ‫وملللن‬
‫والرياحين‪ ،‬فقد جهللل طبيعللة اليمللان بالرسللالت‪ ،‬وطبيعللة‬
‫أعداء الرسالت‪.‬‬
‫ولعللل هللذا الحسللبان أوالللوهم داخأللل نفللوس بعللض‬
‫المؤمنين في العهد المكي بعد أن أصللابهم مللن العللذاب مللا‬
‫ن ي تت نورك تععوا‬ ‫و‬ ‫و‬
‫سأ ن‬ ‫ب الن صععا ت‬ ‫س و‬ ‫ح إ‬ ‫أصابهم‪ ،‬فنزل قوله تعالى‪] :‬ألم أ و‬
‫و‬ ‫و‬
‫م‬‫ه ن‬ ‫ن و‬
‫قب نلِ إ إ‬ ‫م ن‬ ‫ن إ‬‫ذي و‬‫فت وصنا ال ص إ‬
‫قدن و‬ ‫ول و و‬ ‫ن و‬ ‫فت وتنو و‬‫م ول ي ت ن‬
‫ه ن‬‫و ت‬‫مصنا و‬ ‫قوتلوا آ و‬ ‫ن يو ت‬ ‫أ ن‬
‫ن[ }العنكبللوت‪{3:‬‬ ‫ذإبي و‬ ‫ن ال و‬
‫كا إ‬ ‫م ص‬‫علِ و و‬‫ول وي و ن‬
‫قوا و‬ ‫صدو ت‬ ‫ن و‬ ‫ذي و‬‫ه ال ص إ‬
‫ن اللِ ت‬
‫م ص‬‫علِ و و‬
‫فلِ وي و ن‬
‫و‬
‫‪..‬‬
‫بل في العهد المدني نجد القرآن المدني ينفي مثل هللذا‬
‫الحسبان الواهم في مثل قللوله تعللالى فللي سللورة البقللرة‪:‬‬
‫ن‬ ‫]أ وم حسبت ت و‬
‫وا‬‫خلِ وعع ن‬
‫ن و‬ ‫ذي و‬‫ل ال صعع إ‬
‫مث وعع ت‬ ‫م و‬ ‫ما ي وأت إك ت ن‬ ‫ول و ص‬
‫ة و‬ ‫جن ص و‬‫ختلِوا ال و‬ ‫ن ت ودن ت‬‫مأ ن‬ ‫ن و إ ن ن‬
‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ل‬‫قععو و‬ ‫حت صععى ي و ت‬ ‫زلوا و‬ ‫وتزل إ‬ ‫ضصراءت و‬ ‫وال ص‬ ‫ساءت و‬ ‫م الب وأ و‬ ‫ه ت‬‫ست ن ت‬‫م ص‬ ‫م و‬ ‫قب نلِ إك ت ن‬‫ن و‬‫م ن‬ ‫إ‬
‫ه‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫سو ت‬
‫صور اللِعع إ‬ ‫ن نو ن‬
‫ه أل إ إ ص‬ ‫صتر اللِ إ‬ ‫موتى ن و ن‬ ‫ه و‬ ‫ع ت‬‫م و‬‫متنوا و‬ ‫نآ و‬ ‫ذي و‬ ‫وال إ‬ ‫ل و‬ ‫الصر ت‬
‫ب[ }البقرة‪. {214:‬‬ ‫ري ر‬ ‫و‬
‫ق إ‬
‫الجّنة إذن ل بد لها مللن ثمللن‪ ،‬وهللي سلللعة الللله‪ ،‬وهللي‬
‫سلعة غالية فل مفر من الثمن‪ .‬وقد دفعه أصحاب الدعوات‬
‫من قبل‪ ،‬فل بد أن يدفعه إخأوانهم من بعللد‪ .‬وهللذا هللو ثمللن‬
‫الجنة‪ :‬الصبر على البأساء تصيب الموال‪ ،‬والضللراء تصلليب‬
‫البللدان‪ ،‬والزلزلللة تصلليب النفللوس‪ .‬ول بللد أن يبلللغ هللذا‬
‫الزلزال النفسي من الشدة إلى حدّ يقللول عنللده الرسللول‪-‬‬
‫أي رسول‪ -‬والذين آمنوا معه‪ :‬ملتى نصللر اللله؟يسلتبطئونه‬
‫فقد طال انتظارهم له‪ ،‬وطالت فترة الذى عليهم‪ ،‬وطللالت‬
‫شماتة العدو بهم‪ ،‬فمتى يجيء إذن نصر الله الموعود؟!‬
‫وفي أعقاب غزوة أحد‪ ،‬التي مسّ المسلللمين فيهللا مللن‬
‫القرحا ما مسهم‪ ،‬وفقدوا سبعين شهيدا من أبطالهم‪ ،‬ينزل‬
‫مععا ي و ن و‬ ‫القرآن فيقول‪]» :‬أ وم حسبت ت و‬
‫علِععم إ‬ ‫ول و ص‬
‫ة و‬ ‫ختلِوا ال و‬
‫جن صعع و‬ ‫ن ت ودن ت‬
‫مأ ن‬‫ن و إ ن ن‬
‫}آل عمران‪{142:‬‬ ‫ن[‬‫ري و‬ ‫صاب إ إ‬ ‫م ال ص‬ ‫علِ و و‬
‫وي و ن‬ ‫م و‬ ‫من نك ت ن‬‫دوا إ‬ ‫ه ت‬‫جا و‬ ‫ن و‬ ‫ذي و‬ ‫ه ال ص إ‬‫اللِ ت‬
‫مععا ي و ن و‬ ‫و‬ ‫و‬
‫علِععم إ‬ ‫ول و ص‬ ‫ن ت تت نورك تععوا و‬ ‫مأ ن‬ ‫سب نت ت ن‬
‫ح إ‬ ‫م و‬ ‫وفي سورة التوبة‪] :‬أ ن‬
‫وول‬‫ه و‬‫ن اللِعع إ‬ ‫دو إ‬ ‫ن ت‬ ‫معع ن‬
‫ذوا إ‬ ‫خعع ت‬ ‫م ي وت ص إ‬‫ول وعع ن‬‫م و‬ ‫من نك تعع ن‬
‫دوا إ‬ ‫هعع ت‬ ‫جا و‬ ‫ن و‬ ‫ذي و‬ ‫ه ال ص إ‬‫اللِ ت‬
‫ن[ }التوبة‪:‬‬ ‫ملِو و‬ ‫ت‬ ‫ع و‬‫ما ت و ن‬
‫خإبيرر ب إ و‬ ‫ه و‬ ‫واللِ ت‬ ‫ة و‬ ‫ج ة‬ ‫وإلي و‬ ‫ن و‬ ‫مإني و‬
‫ؤ إ‬ ‫م ن‬ ‫و‬
‫ول ال ت‬ ‫ه و‬ ‫سول إ إ‬ ‫ور ت‬
‫‪{16‬‬
‫ومن هنا أمر القرآن المؤمنين أن يستعينوا بعدّتي الصبر‬
‫والصلة على مللا يللواجههم مللن محللن فللي سللبيل دعللوتهم‪،‬‬
‫و‬ ‫و‬
‫من تععوا‬
‫نآ و‬ ‫هععا ال صعع إ‬
‫ذي و‬ ‫فقللال تعللالى فللي سللورة البقللرة‪] :‬ي وععا أي م و‬
‫}البقللرة‪:‬‬ ‫ن[‬
‫ري و‬
‫صععاب إ إ‬
‫ع ال ص‬
‫معع و‬
‫ه و‬
‫ن اللِعع و‬ ‫صول إ‬
‫ة إإ ص‬ ‫وال ص‬
‫ر و‬
‫صب ن إ‬
‫عيتنوا إبال ص‬
‫ست و إ‬
‫ا ن‬
‫‪{153‬‬
‫اتخللذهم الللله‬ ‫ثم عزاهم فيمن فقدوا من أحبللابهم ممللن ّ‬
‫ه‬
‫ل اللِعع إ‬
‫سععإبي إ‬
‫فععي و‬
‫ل إ‬ ‫ن يت ن‬
‫قت وعع ت‬ ‫قوتلوا ل إ و‬
‫معع ن‬ ‫وول ت و ت‬
‫شللهداء فقللال‪ ] :‬و‬
‫ن ول ت و ن‬ ‫أ وموات ب ن و‬
‫}البقرة‪{154:‬‬ ‫ن[‬
‫عترو و‬
‫ش ت‬ ‫ول وك إ ن‬
‫حوياءر و‬
‫لأ ن‬ ‫ن و ر و‬
‫ثم بّين مللا ينتظرهللم مللن ألللوان البلء مؤكللدا ذلللك بلم‬
‫ن‬
‫معع و‬
‫ء إ‬
‫ي ق‬ ‫م بإ و‬
‫شعع ن‬ ‫ول ون وب نلِ تعع و‬
‫ون صك ت ن‬ ‫القسم‪ ،‬ونون التوكيللد‪ ،‬إذ يقللول‪ ] :‬و‬
‫ت‬ ‫والث ص و‬
‫مععورا إ‬ ‫س و‬ ‫وال ون ن ت‬
‫فعع إ‬ ‫ل و‬
‫وا إ‬
‫معع و‬
‫و‬
‫ن ال ن‬
‫م و‬
‫ص إ‬
‫ق ق‬ ‫ون و ن‬
‫ع و‬ ‫جو إ‬‫وال ت‬ ‫ف و‬
‫و إ‬‫خ ن‬‫ال و‬
‫ن[ }البقرة‪{155:‬‬ ‫ري و‬‫صاب إ إ‬
‫ر ال ص‬
‫ش إ‬‫وب و ي‬
‫و‬
‫فالبلء هنا بلء عام‪ ،‬يصيب القلللوب بللالخوفا‪ ،‬والبطللون‬
‫بالجوع‪ ،‬والموال بللالنقص‪ ،‬والنفللس بللالموت‪ ،‬والثمللرات‬
‫بالفات‪ ،‬ومن لطف الله تعالى ورحمته هنللا أنلله جعللل البلء‬
‫»بشيء من الخوفا والجللوع ونقللص‪ « . .‬وتنكيللر» شلليء«‬
‫هنا‪ -‬كما يدل علبه السللياقا‪ -‬للتقليللل والتحقيللر؛ لن مللا هللو‬
‫أكثر وأكللبر ل يطيقللونه‪ ،‬فمسللهم بشلليء قليللل ضللئيل مللن‬
‫البلء‪ ،‬تخفيفا عنهم‪ ،‬ورحمة بهم‪ ،‬وتقديرا لضعفهم‪.‬‬
‫ومثل هذا التأكيد على ضرورة البلء للمؤمنين خأاصة مللا‬
‫م‬‫سععك ت ن‬ ‫وأ ون ن ت‬
‫ف إ‬ ‫وال إك ت ن‬
‫م و‬ ‫مع و‬
‫و‬
‫فعي أ ن‬
‫ن إ‬ ‫جللاء فللي قللوله تعللالى‪] :‬ل وت تب نلِ وعع ت‬
‫و ص‬
‫ت‬
‫ن‬ ‫ن ال صعع إ‬
‫ذي و‬ ‫معع و‬
‫و إ‬‫م و‬‫قب نلِ إك ت ن‬
‫ن و‬
‫م ن‬‫ب إ‬ ‫ن أوتتوا الك إوتا و‬ ‫ذي و‬‫ن ال ص إ‬ ‫م و‬
‫ن إ‬‫ع ص‬‫م ت‬
‫س و‬ ‫ول وت و ن‬‫و‬
‫و‬ ‫قوا و‬‫وت وت ص ت‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫أو ن‬
‫عععنزم إ‬
‫ن و‬ ‫م ن‬ ‫ن ذول إك إ‬ ‫فإ إ ص‬ ‫صب إتروا و‬‫ن تو ن‬
‫وإ إ ن‬‫ذىً كإثيةرا و‬ ‫شوركوا أ ة‬
‫ر[ }آل عمران‪{186:‬‬
‫ت‬
‫مو إ‬ ‫ال ت‬
‫وهنا نجد الية تقرن بين أهللل الكتللاب والمشللركين فللي‬
‫إيذاء المؤمنين‪ ،‬مع اخأتلفهما في الذين والوجهة‪ ،‬ولكن هذا‬
‫الخأتلفا يللزول عنللد مللا يكللون العللدو هللو أهللل اليمللان‬
‫والتوحيد‪ .‬كما رأينا اليهود يتفقللون ملع المشللركين الللوثنيين‬
‫في حللرب النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‪ ،‬وكمللا نللري فللي‬
‫عصرنا كيف تتفق الصهيونية العالميللة والشلليوعية الدوليللة‪،‬‬
‫والصللليبية الغربيللة والشللرقية علللى أمللة الإسلللم ودعللوة‬
‫الإسلم‪ ،‬ولهذا قال علماؤنا‪ :‬الكفر كله ملللة واحللدة‪ ،‬وقللال‬
‫ضه و‬
‫عتلِوهت‬ ‫ض إ إصل ت و ن‬
‫ف و‬ ‫ع ق‬
‫ول إوياءت ب و ن‬
‫مأ ن‬‫ع ت ت ن‬ ‫ن كو و‬
‫فتروا ب و ن‬ ‫وال ص إ‬
‫ذي و‬ ‫الله تعالى‪ ] :‬و‬
‫سادر ك وإبيرر[‬ ‫و‬
‫}النفال‪{73:‬‬ ‫و و‬
‫ف و‬ ‫ض و‬
‫في النر إ‬
‫ة إ‬
‫فت نن و ر‬ ‫ت وك ت ن‬
‫ن إ‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬مجلة الزهر السنة ‪ 49‬ربيع الخأللر ‪1397‬هللل‬
‫الجزء الرابع‪.‬‬

You might also like