You are on page 1of 78

‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬

‫دكتور عبد الحليم عويس‬

‫‪1‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫إهداء‪. . .‬‬
‫ل أزال أؤمأ ن بأ ن ثم ة دورا ك بيرا ينتظ ر المأ ة المس لمة ‪ ،‬ول‬
‫أزال أؤمأ ن بأ ن حرك ة التاري خ الت ي ه ي مأ ن س نن الل ه س وف‬
‫توق ف هذه المأ ة أمأام قدره ا المحتوم‪ . . .‬لتؤدي واجبه ا نح و‬
‫البشرية التائهة‪. . .‬‬

‫فإلى الذين يساعدون التاريخ ‪ ،‬كي تقف هذه المأة في مأكانها‬


‫الصحيح‪ . . .‬وكي تؤدي دورها الصحيح‪. . .‬‬

‫إليهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وحدهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أهدي ‏هذا ‏الكتاب ‏‪.‬‬

‫بي يدي هذه الصفحات‬


‫المكتبة السإلمية والتاريخية حافلة بالدراسإات والقصص حول الصفحات الوضضضيئة مضضن تاريخنضضا ‪ .‬‏ولكضضم كتضضب الكضضاتبون‬
‫حول صناع الحضارة السإلمية ‪ ،‬ولكم أطنبوا في الحديث عن أبطالنا ‪ ،‬وعن فضلنا على أوربا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وغير أوربا ‪ .‬‏‬

‫ولقد ظهر تاريخنا مضضن خلل الضضتركيز ‪ ،‬وكضضأنه تاريضضخ أسإضطوري ‪ ،‬وكضضأن الضضذين عاشضضوه وأسإضهموا فضي صضنعه ملئكضضة ليسإضوا‬
‫بشرا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولقد كان هذا المنهج في التناول خطي ار من عدة وجوه ‪ :‬‏‬

‫‪ ‬أول ‪ :‬‏لنه ترك مهمة التحليل العلمي لتاريخنضا كتاريضخ بشضر لهضم م ازيضضا وغ ارئضضز ‪ -‬‏لعضضداء هضضذا التاريضخ ‪ ،‬ف ارحضوا‬
‫يركضضزون علضضى الج ضوانب السإضضلبية فضضي هضضذا التاريضضخ ‪ ،‬وصضضادف هضضذا هضضوى مضضن بعضضض العقليضضات الضضتي كضضانت تسإضضأم‬
‫الضضتركيز علضضى الماضضضي بهضضذه الصضضورة غيضضر الموضضضوعية ‪ ،‬وبالتضضالي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏انسإضضاقت هضضذه العقليضضات وراء جماعضضة‬

‫‪2‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫المسإتشرقين الذين يدرسإون تاريخنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏من نقطة النطلقا المحددة ‪ ،‬وهي تشويه هذا التاريخ وأصحاب هضضذا‬
‫التاريخ !‏‏!‏‏ ‏‬

‫‪ ‬ثاانيييا ‪ :‬‏وفضضي غمض ضرة النبهضضار العقلضضي بالمناهضضج السإتشض ضراقية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ضضضاعت بحكضضم رد الفعضضل حقضضائقا موضضضوعية‬
‫تتصل بهذا التاريخ ‪ ،‬وانقسإم الناس حول هضذا التاريضخ قسإضمين ‪ :‬‏ ‏قسإضم يرفضضه بالجملضة ‪ ،‬ويضراه عقبضة فضي طريضقا‬
‫التقدم والمسإتقبل ‪ ،‬وقسإضم آخضر يضراه كضل شضيء ‪ ،‬ويضراه مضن جانبه العضالمي اليجابي هضو النمضوذج الحرفضي الضذي‬
‫يجب إعادته وتكرار نمطه ‪ .‬‏‬

‫وبين طرفي النقيض‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يمكن أن توجد الحقيقة ‪ ،‬ويمكن أيضا أن تسإقط الحقيقة ‪!.‬‏‏!‏‏ ‏‬

‫‪ ‬ثاالثا ‪ :‬‏لقد صرفنا منهج التركيز على المدح عضضن السإضتفادة الحقيقيضضة مضضن تاريخنضضا ‪ ،‬ولعضضل بعضض النضضاس قضضد وقضضر‬
‫في أذهانهم بفعل هذا التركيز ‪ ،‬أن ما نعانيه في هذا القرن من مشضضكلت حضضارية ‪ ،‬ومضضن تحضضديات مصضيرية ‪،‬‬
‫هضضو نمضوذج لضم يتكضضرر فضي تاريخنضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضضم يشضضعرون ‪ -‬‏لضذلك ‪ -‬‏بيضأس شضضديد ‪ ،‬ولعلهضضم يحسإضضون ‪ ،‬إوان كضانوا ل‬
‫يفصضضحون بأننضضا لضضن نعضضود إلضضى اسإضضتئناف مسإضضيرتنا ‪ -‬‏نحضضن المسإضضلمين ‪ -‬‏وبأننضضا لضضم يعضضد لضضدينا مضضا يمكضضن أن نعطيضضه‬
‫للحياة في عصر القوة النووية والمركبات الفضائية ‪ ،‬نحن الذين نسإتورد السإاعات والسإيارات واللت البسإضضيطة‬
‫!‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫إن هذا الكتاب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يتناول " ‏أوراقا ذابلة من حضارتنا " ‏من خلل تركيزه على سإقوط دول إسإلمية بعضها كان درسإا‬
‫أبديا حين كانت المراض خبيثة وفتاكة ‪ ،‬وحينما ذهبنا نطلب الدواء من عدونا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فكانت فرصضضته لعطائنضضا السإضضموم‬
‫القاتلة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولعل هذا الدرس لم يتضح بجلء إل في الندلس وجزر البحر البيض المتوسإط كصقلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ولعضضل مضضن الملحظضضات التاريخيضضة أن القضضرن الضضذي شضضاهد سإضضقوط غرناطضضة ‪ -‬‏آخضضر مصضضارعنا فضضي النضضدلس ‪1492‬م‪ ،‬كضضان‬
‫نفسإه الذي شاهد سإنة ‪1453‬م ‪ -‬‏الفتح السإلمي الخالد للقسإطنطينية ‪ ،‬ذلك الفتح الذي كان من آثضاره عنضضد النصضاف‬
‫التاريخي حماية المسإلمين لفترة تزيد على خمسإة قرون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫لقد سإقطت الندلس‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كعضو اجتمعت فيه كل عناصر السإقوط ‪ ،‬وكان ل بد مضضن بضضتره‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فحقضت عليضضه كلمضضة الض‬
‫!‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولقد ظهرت قوة أخرى فتية زاحفة من أواسإط آسإيا كي تبني للسإلم تاريخا جديضدا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولقضد أرعبضت هضذه القضوةة الحقضادد‬
‫الوربية الصليبية ثلثة قرون على القل ‪ .‬‏‬

‫إن درس الندلس ل يجوز أن يغيب عن بالنا ‪ ،‬ولقد كانت عناصر السإقوط فيه تتشكل من عدة نقاط بارزة ‪ :‬‏‬

‫أول ‪ :‬‏الصراع العنصري الجنسإي‬ ‫‪‬‬


‫ثاانيا ‪ :‬‏ارتفاع رايات متعددة بعيدة عن راية السإلم الواحدة المتصلة بالنفوس والعقول ‪ .‬‏‬ ‫‪‬‬
‫ثاالثا ‪ :‬‏اسإتعانة مسإلمي الندلس بالعداء ضد بعضهم البعض‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬ ‫‪‬‬

‫‪3‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وكضضل العوامضضل الخضضرى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تضضدور حضضول هضضذه النقضضاط بطريقضضة أو بضضأخرى !‏‏ ‏!‏‏ ‏ولقضضد دفضضع مسإضضلمو النضضدلس جميعضضا ثمضضن‬
‫أخطائهم ‪ :‬‏دفع الحكام الثمضن حيضن أذلهضم الض وسإضلبهم ممضالكهم ‪ ،‬وهضل ننسإضى أشضعار ابضن عبضاد البائسإضة ‪ ،‬حيضن أذلضه الض‬
‫على يد المرابطين في " ‏أغمات " ‏بالمغرب القصى ؟؟ وهل ننسإى قولة ابضن صضمادح حضاكم " ‏ألمريضة " ‏وهضو يمضوت ‪ :‬‏"‬
‫نغص علينا كل شيء حتى الموت " ‏؟ وهل ننسإى دموع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أبي عبد ال ‪ -‬‏آخر ملوك غرناطة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حين رحلت بضضه‬
‫سإضضفينة العضضار مودعضضة آخضضر وجضضود إسإضضلمي فضضي أوربضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏رحلضضت بضضه علضضى أنغضضام الم ضواج الهائجضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكلمضضات أمضضه‬
‫المسإكينة تدوي في سإمعه ‪ :‬‏" ‏ابك مثل النسإاء ملكا لم تحفظه حفظ الرجال " ‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولقد دفع الشعب السإلمي الثمن حين اسإتسإلم لمثال هؤلء الملوك ‪ .‬‏ولم يأخذ علضضى أيضضديهم ‪ ،‬فضضأحرقت دوره ‪ ،‬وسإضضلبت‬
‫أمواله ‪ ،‬وأرغم على تبديل دينه ‪ ،‬بل وتغيير اسإمه ‪ ،‬وحرمته الصليبية الثمة أبسإط حقوقا النسإان !‏‏!‏‏ ‏‬

‫على أن " ‏الوراقا الذابلة من حضارتنا " ‏كانت مجرد تغيير في هيئة الحكم بحثا عن طموح شخصي ‪ ،‬أو انطلقا من‬
‫دعوى عنصرية ‪ ،‬أو دفاعا عن نعرة مذهبية‪ ،‬أو فشل من دولة كضضبيرة جامعضضة كالعباسإضضيين والمضضويين فضضي السإضضيطرة علضضى‬
‫كل ما تحت يدها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مما يمنح الفرصة للمطامع أن تظهر ‪ ،‬وللنعرات أن تحكم ‪ .‬‏‬
‫ونحن ل نسإتطيع القول ‪ :‬‏بضأن هضذه الوراقا كضانت كلهضا خيض ار أو شض ار ‪ ،‬ولعضل بعضضها كضان لفتضة قويضة للضدول الكضبرى كضي‬
‫تسإضضير فضضي الطريضضقا السإضضلمي الصضضحيح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كمضضا أننضضا كضضذلك ل نميضضل إلضضى القضضول ‪ :‬‏بضضأن هضضذه الصضضفحات الضضتي أدت إلضضى‬
‫تغيير دولة بدولة أو حكم بحكم كانت تسإير بالمة في طريقا الهاوية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فل شك أن ثمة مزايا أخرى يمكن أن تكضضون‬
‫قد تناثرت على الطريقا ‪ .‬‏‬

‫إنني ل أميل إلى ما يعتقده البعض من أن التاريخ يسإير في طريقا عمضودي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏سإضواء إلضضى أعلضى أو علضى أسإضفل‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫ع ضضن تجرب ضضة تاريخن ضضا السإ ضضلمي تكش ضضف لن ضضا أن حرك ضضة التاري ضضخ ف ضضي دائض ضرة الحض ضضارات الك ضضبرى الجامع ضضة ‪ -‬‏كالحض ضضارة‬
‫السإلمية ‪ -‬‏حركة لولبية ‪ -‬‏إن صح هذا التعبير ‪ -‬‏فثمة انحناءة إلى أسإفل في جانب تقابلها انحناءات إلى أعلى في‬
‫جضوانب أخضضرى ‪ ،‬فهضضي حركضضة دوريضضة تنتظمهضضا م ارحضضل الهبضضوط والصضضعود‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الهبضضوط بفعضضل التنضضاحر والفسإضضاد الضضداخليين ‪،‬‬
‫والصعود بفعل السإتجابة لتحديات خارجية قوية ‪ .‬‏ومن اللفت للنظر أن مراحل الهبوط ‪ -‬‏في التجربة التاريخية لهذه‬
‫المة ‪ -‬‏قد ارتبطت بأوضاع داخلية ‪ ،‬فهذه المة لم تضرب من خارجها بقدر ما ضربت من داخلها ‪ ،‬بل إن العضضداء‬
‫الخارجين لم ينفذوا إليهضا إل مضن خلل السإضوس الضذي ينخضر فيهضا مضن الضداخل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولقضد أفادنضا العضداء بتضدخلهم كضثي ار ‪،‬‬
‫وغالبضضا مضضا كضضان لتضضدخلهم فضضضل إيقضضاظ الضضضمير السإضضلمي ‪ ،‬أو إعلن الجهضضاد العضضام ‪ ،‬أو إظهضضار " ‏صضضلح ديضضن " ‏أو "‬
‫سإيف دين " ‏مما من شأنه أن يجمع المسإلمين تحت راية واحدة ‪ .‬‏‬

‫لقد كانت المة المسإلمة قادرة بما فيها من عناصر القوة الكامنة على السإتجابة للتحديات الخارجية ‪ ،‬كأروع مضضا تكضضون‬
‫السإتجابة للتحديات ‪ ،‬ولو لم ترهقا هذه المة ‪ -‬‏في أغلضب م ارحضل تاريخهضا ‪ -‬‏بحكضام يشضلون حركتهضا ‪ ،‬ويخنعضون أمضام‬
‫أعدائها ‪ ،‬ويبددون من طاقتهضا حفاظا علضى أنفسإضهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لضو لضم تكضن هضذه الظضاهرة مسإتشضرية علضى هضذا النحضو ‪ ،‬ولضو أن‬
‫هذه المة قد تركت لفطرتها وتراثها وقيمها وحضارتها التي غرسإها ورعاها السإلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لضو تضم هضضذا لكضان فضي المكضضان‬
‫أن تحدث منعطفات كثيرة في تاريخ هذه المة ‪ .‬‏هي لصالحها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولحسإاب رقيها وازدهارها‪ .‬‏‬

‫لقضضد حضضاولت مضضن خلل هضضذه الوراقا الذابلضضة أن أمضضد الطضضرف ‪ -‬‏فضضي تاريخنضضا السإضضلمي ‪ -‬‏إلضضى آفضضاقا ثلثضضة ‪ :‬‏النضضدلس ‪-‬‬
‫أوروبا ‪ -‬‏والمشرقا العربي بخلفتيه الكبيرتين ‪ -‬‏العباسإية والفاطمية ‪ -‬‏والدول التي تبعتهما ‪ ،‬ثضم المغضرب العربضي‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وهي الجنحة الثلثة الشهيرة التي تزعمت العالم السإلمي ‪ ،‬ومثلث القيضادة الفكريضة والسإياسإضية بالنسإضبة لمسإضلمي العضالم‬
‫‪ .‬‏‬

‫ولم تكن الوراقا التي اخترتها إل مجرد نماذج من هذه الجنحة ‪ .‬‏ولربمضا كضانت هنضاك دول أخضرى كفيلضة بمضدنا بشارات‬
‫من شارات طريقا السإقوط‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكن السإتقصاء ‪ ،‬فضل عن صعوبته ‪ ،‬لم يكن من أهداف هذه الصفحات ‪ .‬‏‬

‫إن هضضذا البحضضث‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وجبضضة خفيفضضة مضضن وجبضضات تاريخنضضا ‪ .‬‏لكنهضضا وجبضضة مضضن نضضوع خضضاص‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ليسإضضت ازخضرة بضضأنواع الدسإضضم‬
‫والمشهيات ‪ ،‬فإن جسإم الحضارة كأجسإام الفراد ‪ -‬‏ل يسإتقيم بالدسإم الدائم !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وهضضذا البحضضث دعضضوة لتش ضريح تاريخنضضا مضضن جديضضد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبج ضرأة ‪ ،‬فلن نشضضرحه نحضضن ‪ -‬‏بإنصضضاف ‪ -‬‏أولضضى مضضن أن نضضتركه‬
‫لدعياء المنهج العلمي يشرحونه ‪ -‬‏بحقد وعنف إواجحاف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وهو كذلك بحث للذين يقرءون تاريخنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ليتعلموا ‪ ،‬أو ليناقشوا ‪ ،‬أو ليعرفوا معالم المسإتقبل ‪ .‬‏‬

‫وتبقى في النهاية كلمة ‪:‬‬

‫لسإضضوف تبقضضى هضضذه المضضة ‪ ،‬ولسإضضوف تضضؤدي دورهضضا ‪ ،‬لسإضضوف تقضضوم مضضن عثرتهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هكضضذا يقضضول لنضضا معلمنضضا العظيضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏"‬
‫تاريخنا " ‏ذو الربعمائة وألف سإنة ‪ -‬‏أطال ال عمره!‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولقد كبونا كثيرا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثم قمنا‬

‫ولقد حاربنا العالم كله ذات يوم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ونجونا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وانتصرنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فقط ثمة شرط واحد ‪ :‬‏أن نعرف من أيضضن نبضضدأ ‪ ،‬إوالضى‬
‫أية غاية نريد !‏‏!‏‏ ‏ودائما يعلمنا تاريخنا أن آخر أمتنا لن يصلح إل بما صلح به أولها ‪ .‬‏‬

‫ ‏ ‏ ‏ ‏‬

‫‪5‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫آخر خطواتنا في أوروبا‬
‫قصة " ‏الغنيمة " ‏في تاريخنا غريبة ‪ ،‬والدرس الذي تلقيه علينا ‪ -‬‏كذلك ‪ -‬‏أغرب!‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد بدأت أولى هزائمنا بسإبب الغنيمة ‪ ،‬ولقد وقفنا مرغمين ‪ -‬‏عند آخر مضضدى وصضضلت إليضه فتوحاتنضضا ‪ ،‬بسإضبب الغنيمضة ‪-‬‬
‫كذلك !‏‏!‏‏ ‏‬

‫فقصة الغنيمة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هي قصة الهزيمة في تاريخنا ‪ .‬‏‬

‫كان قائد المعركة الولضى هضو الرسإضول عليضه الصضلة والسإضلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وخالف الرمضاة أمضره‪ ،‬وخضافوا مضن أن تضضيع فرصضتهم‬
‫في الغنيمة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فكانت " ‏أحد " ‏وشهد الجبل العظيم اسإتشهاد سإبعين رجل من خيرة المسإلمين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بسإبب الغنيمة‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏نعم بسإبب الغنيمة !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وكان قائد المعركة الخيرة " ‏عبدالرحمن الغافقي " ‏آخر مسإلم قاد جيشا إسإلميا منظما لجتياز جبال الضبرانس ‪ ،‬ولفتضح‬
‫فرنسإا ‪ ،‬وللتوغل ‪ -‬‏بعد ذلك ‪ -‬‏في قلب أوروبا ‪ .‬‏‬

‫وهضضزم الغضضافقي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏سإضضقط شضضهيدا فضضي سإضضاحة " ‏بلط الشضضهداء " ‏إحضضدى معضضارك التاريضضخ الخالضضدة الفاصضضلة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وتضضداعت‬
‫أحلم المسإضضلمين فضضي فتضضح أوربضضا ‪ ،‬وطضضووا صضضفحتهم فضضي هضضذا الطريضضقا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان ذلضضك لنفضضس السإضضبب الضضذي اسإضضتفتحنا بضضه‬
‫دروس الهزيمة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أعني بسإبب الغنيمة ‪ .‬‏‬

‫ومنذ تم السإتقرار في المغرب العربي‪ ،‬إواسإبانيا السإلمية ‪ ،‬وهم يطمحون إلى اجتياز جبال البرانس وفتح ما وراءهضضا ‪،‬‬
‫هكذا أراد " ‏موسإى بن نصير " ‏لكن الخليفة الوليضضد بضن عبضد الملضك " ‏خشضي أن يغضامر بالمسإضلمين فضي طريضقا مجهولضة ثضم‬
‫فكضضر علضضى نحضضو جضضدي " ‏السإضضمح بضضن مالضضك الخضضولني " ‏والضضي النضضدلس مضضا بيضضن عضضامي ‪ 100‬‏ ‪-‬ضض ‏‪ 102‬‏هجريضضة ‪ ،‬وتقضضدم‬
‫فاسإتولى على ولية " ‏سإبتماية " ‏إحدى المناطقا السإاحلية المطلة علضضى البحضضر البيضضض المتوسإضضط جنضضوب فرنسإضضا ‪ ،‬وعضضبر‬
‫‪ -‬‏بذلك ‪ -‬‏" ‏السإمح " ‏جبضال الضبرانس ‪ ،‬وتقضدم فنضزل في أرض فرنسإضا منعطفضا نحضو الغضرب حيث مجضرى نهضر الجضارون ‪،‬‬
‫مسإتوليا فضي طريقضه على مضا يقضابله مضن البلضدان ‪ ،‬حضتى وصل إلضى ‪ -‬‏تولضوز ‪ -‬‏فضي جنضوب فرنسإضا ‪ -‬‏لكضن لضم يسإضتطع أن‬
‫يسإتقر فيها ‪ ،‬وقتل السإمح ‪ ،‬وتراجعت فلول جيشه تحت قيادة أحد قواده " ‏عبد الرحمن الغافقي " ‏فكأن السإمح لضضم ينجضضح‬
‫إل في السإتيلء على سإبتماية ‪ .‬‏‬

‫ثم واصل الوالي الجديد بعد " ‏عنبسإة بن سإحيم الكلبي " ‏التقدم نحو أوربا ‪ ،‬إوان كان قد غير طريقا السإير ‪ ،‬وتمكن من‬
‫الوصضول إلضى " ‏أوتضان " ‏في أعضالي نهضر الضرون ‪ ،‬لكنضه لضم يكضن حضذ ار فلضم يضؤممن طريضقا عضودته فانتهى المضر بقتلضه وعضاد‬
‫جيشه إلى أربونة في سإبتماوية ‪ .‬‏‬

‫لكن عبد الرحمن الغافقي ‪ ،‬كان الشخصية الحاسإمة التي أرادت التقدم نحو أوربا وحرصضت عليضضه ‪ ،‬وكضان عبضضد الرحمضضن‬
‫مشضضبعا بضضروح اليمضضان والرغبضضة فضي الثضضأر لمضضا أصضضاب المسإضضلمين مضضن قبضضل حيضضن قتضضل " ‏السإضضمح " ‏وحيضضن رجضضع هضضو بضضالجيوش‬

‫‪6‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫السإضضلمية إل ضضى سإضضبتماوية ‪ -‬‏وق ضضد أعلضضن الغضضافقي الضضدعوة للجهضضاد فضضي الن ضضدلس كله ضضا وفضضي أفريقي ضضة ‪ ،‬وقضضد جضضاءته وفضضود‬
‫المتطوعين من كل مكان ‪ ،‬كما أنه من جانبه اسإتعد اسإتعدادا كبي ار لهذا الغزو ‪ -‬‏‪ .‬‏‬

‫ولقد التقضى المسإضلمون ‪ -‬‏عربضا وب اربضرة ‪ -‬‏بالمسإضضيحيين بيضن بلضضدتي " ‏تضضورو " ‏و " ‏بضواتيه " ‏علضى مقربضة مضن بضاريس ‪ ،‬وكضان‬
‫قائد النصارى " ‏شارل مارتل " ‏وزير دولة الفرنجة وأميضن القصر ‪ ،‬بينمضا كضان " ‏عبضد الرحمضن الغضافقي " ‏‪ -‬‏يقضود جيضوش‬
‫المسإلمين ‪.‬‬

‫وكانت المعركة شديدة قاسإية اسإضتمرت قريبضا مضن سإضبعة أيام ‪ ،‬وكضان الجيضش الفرنجضي وحلفاؤه أكضثر مضن جيش العضرب ‪،‬‬
‫ولكن المسإلمين أحسإنوا البلء في القتال ‪ ،‬وكاد النصر يتم لهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لول أن ظهرت قضية " ‏الغنائم " ‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد عرف المسإيحيون أن لدى الجيش السإلمي غنضائم كضضثيرة حصضل عليهضضا مضن معضاركه أثنضاء تقضدمه مضن قرطبضة حضتى "‬
‫بواتيه "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وقد أثقلت هذه الغنائم ظهور المسإلمين ‪ ،‬وكان من عادة العرب أن يحملوا غنائمهم معهم ‪ ،‬فيضضعوها وراء جيشضهم مضع‬
‫حامية تحميها ‪ .‬‏‬

‫وقد فهم النصارى هذا ‪ ،‬ونجحوا في ضرب المسإلمين عن طريقا التركيز على هذا الجانب ‪ ،‬لقد شضضغلوهم مضضن الخلضضف ‪.‬‬
‫مضضن جضضانب الحاميضضة المكلفضضة بح ارسإضضة الغنضضائم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضضم يفطضضن المسإضضلمون للتخطيضضط النصضراني ‪ ،‬فاسإضضتدارت بعضضض فرقهضضم‬
‫لحماية الغنائم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبالتالي اختل نظام الجيش السإلمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ففرقة تسإتدير لحماية الغنائم ‪ ،‬وأخرى تقاتل النصضضارى‬
‫من المام‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وعبث ض ضضا ح ض ضضاول عب ض ضضدالرحمن الغ ض ضضافقي إنق ض ضضاذ نظ ض ضضام الجي ض ضضش السإ ض ضضلمي ‪ ،‬إل أن سإ ض ضضهما أص ض ضضابه وه ض ضضو يب ض ضضذل مح ض ضضاولته‬
‫المسإتميتة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فوضع حدا لمحاولت النقاذ ‪ ،‬وأصبح جيش المسإلمين دون قيادة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وتقدم النصارى فأخذوا بخنضضاقا‬
‫المسإلمين من كل جانب وقتلوا من جيشهم الكثير !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقضضد كضضانت " ‏بلط الشضضهداء " ‏سإضضنة ‪ 114‬‏هجريضضة آخضضر خط ضوات المضضد السإضضلمي فضضي اتجضضاه أوربضضا ‪ ،‬أو علضضى القضضل آخضضر‬
‫خطواته المشهورة ‪ .‬‏‬

‫ثم توقف المد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لن بريقا المادة غلب على إشعاعات اليمان !‏‏!‏‏ ‏‬

‫والذين يسإقطون في هاوية البحث عن الغنائم ل يمكن أن ينجحوا في رفع راية عقيدة أو حضارة ‪ .‬‏‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫أحفاد " صقر قريش " يسقطون‬
‫خلفة ولدت من خلفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولئن كان أبو مسإلم الخراسإاني ‪ ،‬وأبو عبيد ال السإفاح قد اسإضتطاعا أن يقضضيا علضى دولضة‬
‫الخلفة الموية بدمشقا سإنة ‪ 132‬‏هض ‪ ،‬وأن يقتل مروان بضن محمضد بحلضوان مصضر ‪ ،‬فيقتل بقتلضضه آخضر خليفضة أمضضوي فضي‬

‫‪7‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫المشرقا العربي‪ ،‬فإن هذه الخلفة المنهارة ‪ ،‬قد نبتت لها بضذرة غريبضضة الشضضكل والتكضوين فضي أرض تفصضضلها عنهضضا بحضار ‪،‬‬
‫وآلف الميال ‪ .‬‏‬

‫وقد اسإتطاع عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ‪ ،‬أن يكون هو الفارس لهذه النبتة فضي النضدلس‬
‫‪ ،‬بعد مطاردة عنيفة تصلح أن تكون عمل روائيا عظيما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ونجح " ‏صقر قريش " ‏العجيب في أن يهرب أمام الجنود العباسإيين حتى وصل إلى فلسإضضطين ‪ ،‬ومنهضضا إلضضى مصضضر ‪ ،‬ثضضم‬
‫إلى المغرب بعد خمس سإنوات من التجول والتخفي عن عيون العباسإيين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫لقد كان يحكم الندلس آنضضذاك يوسإضضف بضن عبضد الرحمضن الفهضري نيابضة عضن العباسإضيين ‪ ،‬وقضضد حضاول الفهضضري مقاومضة تسإضلل‬
‫وتجمعات عبدالرحمن الداخل ‪ ،‬لكنه هزم أمامه عندما التقيا سإنة ‪ 139‬‏هض ‪ ،‬ودخل عبد الرحمن قرطبة ‪ ،‬فتأسإس بضضذلك‬
‫للمضضويين الضضذين سإضضقطوا فضضي دمشضضقا علضضى يضضد العباسإضضيين ‪ ،‬ملضضك جديضضد فضضي النضضدلس السإضضلمية ‪ .‬‏لضضم تنجضضح كضضل محضضاولت‬
‫العباسإيين على عهد جعفر المنصور فضي اسإضترداد النضدلس ‪ ،‬كمضا لم تنجضح محاولت ملضك الصضليبيين " ‏شضارلمان " ‏فضي‬
‫اسإتغلل الظروف والقضاء على صقر قريش ‪ ،‬واسإتتب بذلك المر للفرع الموي الذي تكون في الندلس ‪ .‬‏‬

‫لقد عاش عبد الرحمن الداخل يبني ويقوي من دعائم دولته أكثر من ثلثين سإنة بعد ذلك ‪ .‬‏‬

‫فلما مات سإنة ‪ 172‬‏ه ض كضان قضد تضرك وراءه دولضة قويضة البنيضان توارثهضا أبنضاؤه مضن بعضده‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تولهضا هشضام ابنضه ‪ ،‬ثضم عبضد‬
‫الرحمن الثضاني ‪ ،‬إلضى أن وصضل المضر إلضى عبضد الرحمضن الثضالث الملقب بالناصضر ‪ ،‬الضذي اعتضبر عهضده قمضة مضا وصضلت‬
‫إليه الندلس الموية من ازدهار وتقدم ‪ .‬‏‬

‫وقضضد دام حكضضم الناصضضر هضضذا نصضضف قضضرن مضضن الزمضضان ‪ .‬‏نعمضضت النضضدلس فيضضه بخيضضر فضضترات حياتهضضا فضضي ظلل السإضضلم ‪،‬‬
‫وطلبضضت ود الدولضضة المماليضضك النصضرانية المحيطضضة بهضضا ‪ ،‬وأصضضبحت قرطبضضة ‪ ،‬والمضضدن الندلسإضضية الخضضرى ‪ ،‬كعبضضة العلضضوم ‪،‬‬
‫ومقصد طلب العلم‪ ،‬وعواصم الثقافة العالمية الراقية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وفي سإنة ‪ 350‬‏هض مات عبد الرحمن الناصضر هضذا ‪ ،‬فضتربع علضى عضرش النضدلس مضن بعضده ولضده الحكم بضن عبضد الرحمضن‬
‫الناصر ‪ ،‬ثم حفيده هشام الضعيف الذي تسإلط عليضضه الحجضاب وأبضرز هضؤلء الحجضاب المنصضور محمضد بضن عبضد الض بضن‬
‫أبضضي عضضامر ‪ ،‬الضضذي حكضضم باسإضضم المضضويين بمعونضضة أم الخليفضضة " ‏صضضبح " ‏وتمكضضن مضضن تحويضضل الخلفضضة لنفسإضضه ولبنضضائه مضضدة‬
‫قصيرة ‪ ،‬مكونا خللها الدولة المنسإوبة إليه ‪ ،‬والمسإماة بالدولة العامرية ‪ .‬‏‬

‫ثضضم عضضادت أمضضور المضضويين إليهضضم فضضترات قصضضيرة قلقضضة ‪ ،‬إلضضى أن قضضضي عليهضضم قضضضاء أخيض ار فضضي النضضدلس سإضضنة ‪ 422‬‏ه ض ‪،‬‬
‫وعلى أنقاضهم قامت مجموعة دويلت هزيلضة في النضدلس عضرف عهضدها بعهضد ملضوك الطوائضف ‪ ،‬الضذي كضان مضن أكضثر‬
‫عهود المسإلمين في الندلس تفككا وضعفا وانحدا ار نحو هاوية السإقوط ‪ .‬‏‬

‫لق ضضد قضضضى علضضى الم ضضويين فضضي الن ضضدلس عضضاملن بضضارزان ‪ -‬‏أولهمضضا ‪ :‬‏أن هضضؤلء المضضويين لضضم يفهمض ضوا طبيعضضة التك ضضوين‬
‫الندلسإي ‪ ،‬أو فهموه ولم يقوموا بما تتطلبه طبيعته ‪ ،‬وأبرز سإضمات هضذا التكضوين ‪ ،‬وجضود النصضارى فضي ترقضب دائضم ليضة‬
‫ثغ ضرة ينفضضذون منهضضا ‪ ،‬وتبضضاين الجنضضاس الضضتي تعيضضش علضضى أرضضضهم وتسإضضتظل برايتهضضم ‪ ،‬ل يجمعهضضا إل أقضضوى وشضضيجة فضضي‬

‫‪8‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫التاري ضضخ وهضضي السإ ضضلم ‪ .‬‏ولضضم يكضضن هنضضاك م ضضن حضضل حضضضاري لمواجهضضة طبيع ضضة ه ضضذا التكضضوين إل تعميضضقا " ‏السإضضلمية "‬
‫وتجديدها بين الحين والحيضن ‪ ،‬بحركضات جهضاد مسإضتمرة ضضد المماليضك النصضرانية المتحفضزة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وحركضات جهضاد تمتضص‬
‫المشاكل الجنسإية الداخلية ‪ ،‬وفي الوقت نفسإه توقف النصارى عند حدودهم وتجعلهم في موقف الدفاع ل الهجوم ‪ .‬‏‬

‫والعامل الثاني البارز كذلك ‪ ،‬هو ترك بعض هضضؤلء الخلفضاء المضضور لةحججضابهم أو نسإضائهم ‪ ،‬ممضضا مكضن لرجضضل كالمنصضضور‬
‫بن أبي عامر سإرقة الخلفة دون جهد ‪ .‬‏‬

‫ومن حقائقا التاريخ التي نسإتفيدها من الوعي به وبقوانينه ‪ ،‬أن الدولة التي ل تفهم طبيعة تكوينها ‪ ،‬وتعمل على إيجضاد‬
‫حل دائم ملئم لهذه الوضعية ‪ ،‬تكون معرضة للزوال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهذا هو المر الذي آلت إليه أمور بني أميضضة فضضي النضضدلس‬
‫بعد حياة دامت قريبا من ثلثة قرون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫وسقط مالوك الطوائف‬
‫عندما أوشكت الخلفة الموية في الندلس على السإقوط ‪ ،‬لم تسإقط دفعة واحدة ‪ .‬‏‬

‫لقد جرى عليها ما جرى على الفاطميين بعد ذلك في مصر ‪ ،‬وما جرى على المماليك أيضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقد ضاعت الزعامة‬
‫منهم عبر انقلب سإلمي لم ترقا فيه قطرة دم ‪ -‬‏بالمعنى المباشر للنقلبات الدموية ‪ -‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد ولي أمر الخلفة طفل في السإابعة مضن عمضره يضدعى " ‏هشضاما " ‏ولمضا لم يكضن بإمكضانه حكم البلد ‪ ،‬فقضد كضانت أمضه "‬
‫صبح " ‏وصية عليه ‪ ،‬ولم تسإتطع صبح هذه أن تنفرد بالسإلطة ‪ ،‬فقد أشركت معهضا فضي المضر رجل مضن أغضرب الرجال‬
‫وأقدرهم يدعى " ‏المنصور بن أبى عامر "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وقد نجح هذا المنصور في أن يعبر النقلب السإلمي بنجاح ‪ ،‬ويحضول الخلفضة المويضة في النضدلس إلضى ملضك ينتسإضب‬
‫!‏‏!‏‏ ‏وان كان لبني أمية السإم الرمزي والخلفة الصورية ‪ .‬‏‬
‫إ‬ ‫إليه ‪ ،‬ويرثه أبناؤه من بعده‬

‫‪9‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ولم يمض أكثر من أربعين سإنة حتى كانت دولة العامريين قد أصبحت آخر ومضة تمثلت فيها دولة الخلفضضة المويضضة‬
‫فضضي النضضدلس ‪ ،‬وبسإضضقوط دولضضة العضضامريين الضضتي قضضامت علضضى غيضضر أسإضضاس ‪ ،‬انفضضرط عقضضد النضضدلس ‪ ،‬وظهضضر بهضضذه الرض‬
‫الطيبة عصر من أضعف وأردأ ما عرف المسإلمون من عصور الضعف والتفكك والضياع ‪ .‬‏‬

‫لقد ورث خلفة المويين أكضثر مضضن عشضرين حاكمضا فضي أكضثر مضضن عشضرين مقاطعضضة أو مدينضة ‪ ،‬وقضضد انقسإضم هضضؤلء الحكضام‬
‫إلضضى بربضر وصضقالبة وعضرب ‪ ،‬وكضضانت بينهضم حضضروب قوميضة لضم يخمضضد أوارهضضا طيلضة السإضنوات الضتي حكمضوا فيهضا ‪ ،‬ولقضضد تضضرك‬
‫هضضؤلء الملضضوك المسإضضتذلون الضضضعاف الملضضوك النصضضارى يعيشضضون بهضضم ويتقضضدمون فضضي بلدهضضم ‪ ،‬وانشضضغلوا هضضم بحروبهضضم‬
‫الداخليضضة ‪ ،‬وباسإضضتعداء النصضضارى ضضضد بعضضضهم البعضضض ‪ ،‬وتسإضضابقوا علضضى كسإضضب النصضضارى ‪ ،‬وامتهن ضوا فضضي ذلضضك كرامتهضضم‬
‫وك ارمضضة السإضضلم ‪ ،‬فضضدفعوا الجزيضضة وتنضضازلوا طوعضضا عضضن بعضضض مضضدنهم للنصضضارى ‪ ،‬وحضضاربوا فضضي جيضضوش النصضضارى ضضضد‬
‫المسإلمين من إخوانهم في المدن الخرى من أرض الندلس السإلمية ‪ .‬‏‬

‫ول يسإتطيع المرء أن يزعم أن باسإتطاعته أن يحصي كل مسإاوئ الفترة المسإماة بفترة ملوك الطوائف ‪ .‬‏‬

‫ولقد أدى التنافس بين هؤلء الملوك إلضى رفعضة منزلضة الشضعراء والدبضاء والمطربيضن ‪ ،‬ولضم يكضن ذلضك حبا فضي الدب ‪ ،‬ول‬
‫إعجابضضا بفضضن الطضضرب ‪ ،‬إوانمضضا كضضان ذلضضك مضضن جملضضة أسإضضاليبهم فضضي حضضرب بعضضضهم البعضضض ‪ ،‬وفضضي محاولضضة تحصضضيل المجضضد‬
‫والشهرة المزيفين‪ .‬‏‬

‫وقد اشتهر من بين هؤلء الملوك المتنافسإين أسإرة بني عباد ‪ ،‬التي نبغ فيها المعتمد بن عباد كأمير مشضضهور عضاطفي ‪،‬‬
‫وكشاعر كبير ذي قلم سإيال !‏‏!‏‏ ‏‬
‫ولقد اسإتفحل الخلف والتنافس بين هؤلء الملوك ‪ ،‬كما اسإتفحل كضضذلك ضضعف كضل منهضضم ‪ ،‬وكضان مضضن نتائضضج ذلضضك طمضضع‬
‫النصارى في إشبيلية وفي المدن الندلسإية الخرى ‪ .‬‏‬

‫ولئن كان للمعتمد بن عباد من فضل ‪ ،‬فإن ذلك الفضضل لضن يكضون إل في محضاولته مقاومضة هضذا الخطر حيضن رأى دنضوه‬
‫من أبواب المسإلمين ‪ .‬‏‬

‫ولضضم يكضضن أمضضامه مضضن مخضضرج غيضضر السإضضتعانة بقضضوة المغضضرب العربضضي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فاسإضضتعان بضضالمرابطين فضضي المغضضرب القصضضى ‪،‬‬
‫وعنضضدما كضضان بقيضضة ملضضوك الطوائضضف يبضضدون خشضضيتهم مضضن المعتمضضد ‪ ،‬قضضال لهضضم كلمتضضه المشضضهورة ‪ :‬‏" ‏لن أرعضضى الجمضضال فضضي‬
‫صحراء العرب خير من أرعى الخنازير في أرض الصليبيين " ‏‪ .‬‏‬

‫ولقضضد تقضضدم زعيضضم المرابطيضضن يوسإضضف بضضن تاشضفين فعضضبر البحضضر و جبضل طضضارقا ‪ ،‬لنجضضدة المسإضضلمين فضضي النضضدلس وحقضقا فضضي "‬
‫معركة الزلقة " ‏سإنة ‪ 479‬‏هض ‪ -‬‏‪ 1086‬‏م ‪ -‬‏انتصا ار كبي ار سإضاحقا علضى النصضارى كضان مضن أثضره مضد عمضر السإضلم في‬
‫الندلس فترة أخرى من الزمن ‪ .‬‏‬

‫ولقضضد تضضبين ليوسإضضف بضضن تاشضفين بعضضد ذلضضك أن ملضضوك الطوائضضف هضضؤلء ليسإضوا أهل للبقضضاء فضضي م اركضضز السإضلطة فضضي النضضدلس ‪،‬‬
‫وجاءته النضداءات والفتضاوى مضن العلمضاء كضالغزالي بوجضوب السإضتيلء على النضدلس فاسإضتولى علضى النضدلس وأعضاد إليهضا‬
‫وحدتها ‪ ،‬وطرد هؤلء الطائفيين الذين كانوا يخشون قدومه ‪ ،‬ويفضل بعضهم النصارى عليه ‪ .‬‏‬

‫‪10‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وفضي مدينضة " ‏أغمضات " ‏بضالمغرب القصضى عاش " ‏ابضن عبضاد " ‏أشضهر ملضوك الطوائضف بقيضة أيضامه فقيض ار ذليل ل يجضد مضا‬
‫يكفيه !‏‏!‏‏ ‏‬

‫إن هذه هي النتيجة الطبيعية لكل ملوك طوائف في كل عصر ‪ ،‬فالذين يخشون الموت سإيموتون قبضضل غيرهضضم ‪ ،‬والضضذين‬
‫يحسإبون للفقر حسإابه مضحين بكرامة دينهم ووجود أمتهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏سإوف يصيبهم الفقر من حيث ل يشعرون ‪ .‬‏‬

‫ولقد نسإي ملوك الطوائف هذه الحقائقا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فنغص ال كل شيء عليهم حتى الموت ‪ ،‬كما قال ابضضن صضضمادح الطضضائفي‬
‫حاكم " ‏ألمرية " ‏وهو يحتضر ويسإمع أصداء الهجوم على قصره ‪ ،‬فليبحث ملضوك الطوائضف في كضل عصضر عضن الحيضاة‬
‫‪ ،‬حتى ل يبحثوا ذات يوم عن الموت فل يجدوه ‪ ،‬وحتى لينغص ال عليهم كل شيء حتى المضضوت‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فتلضضك سإضضنة الض‬
‫‪ .‬‏‬

‫ولن تجد لسإنة ال تبديل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫قصة الفردوس المفقود‬
‫كانت السإنوات الولى من القرن الخامس الهجري ‪ -‬‏الحضادي عشر الميلدي ‪ -‬‏تحمضل في أحشضائها وبضاء خطيض ار على‬
‫الندلس السإلمية ‪ .‬‏‬

‫لقضضد سإضضقطت الدولضضة العامريضضة ‪ ،‬آخضضر حاميضضة للدولضضة المويضضة فضضي النضضدلس ‪ ،‬ولقضضد ظهضضر أن أحفضضاد عبضضد الرحمضضن الضضداخل‬
‫المويين أقل من أن يقوموا بعبء حماية السإلم الندلسإي ‪ .‬‏‬

‫وكان البربر قد هاجر كثير منهم إلى الندلس بحثا عن سإلطة أو زعامة ‪ ،‬وكان الصضضقالبة وهضضم مجموعضضة مضضن النضضازحين‬
‫إلضضى النضضدلس مضضن طوائضضف مسإضضيحية مختلفضضة ‪ ،‬كضضان هضضؤلء الصضضقالبة يشضضكلون بضضدورهم عنص ض ار مضضن عناصضضر الوجضضود فضضي‬
‫الحياة السإبانية السإلمية ‪ .‬‏‬

‫ومن هذه القوميات المتناطحة تشكل الوجود الندلسإي غرة القرن الخضضامس الهجضضري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فلمضضا سإضقطت خلفضضة المضضويين‬
‫السإلمية في الندلس ‪ ،‬نتيجة امتصاص طاقتها في مشاحنات داخليضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تحركضت كضل هضضذه الطوائضف المقيمضة فضوقا‬
‫أرض الندلس السإلمية تبحث عن السإلطة والمتلك ‪ .‬‏‬

‫وبدل من أن تتحد قواهم في وجه المسإيحيين المجاورين لهم وبدل من أن يرفعوا راية السإضضلم والجهضاد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كأمضضل ينقضذ‬
‫أندلسإهم من التحدي الصليبي المتربص بهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بضدل مضن هضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أعلنضوا أحقاد القوميضة الطائفيضة والنعضرات الجنسإضية‬
‫!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وظهر في الندلس أكثر من عشرين دولة يتقاسإمها الندلسإيون والبربر والعرب والصقالبة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ففي كضل مدينضة دولضة ‪،‬‬
‫بل ربما اقتسإم المدينة أكثر من طامع ومنافس‪ .‬‏‬

‫‪11‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫واسإضضتمر أمضضر هضضذه الضضدول أو هضضذه المضضدن المتنافسإضضة الضضتي عضضرف حكامهضضا بملضضوك الطوائضضف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏اسإضضتمر أمرهضضا أكضضثر مضضن‬
‫خمسإين سإنة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏امتهن فيها السإلم والمسإضلمون ‪ ،‬وتوسإضل كضل ملضضك منهضضم بالنصضارى ضضضد إخضوانه المسإضلمين ‪ ،‬ووقضضف‬
‫ابن حيان " ‏‪ -‬‏مؤرخ الندلس ‪ -‬‏يسإتشف ما وراء الحجب ويقول لبناء جنسإه ‪ :‬‏‬

‫فما المقام بها إل مان الغلط‬ ‫يا أهل أندلس شدوا رواحلكم‬

‫ثاوب الجزيرة مانسول مان الوسط‬ ‫الثوب ينسل مان أطرافه وأرى‬

‫كيف الحياة ماع الحيات في سفط‬ ‫مان جاور الشر ل يأمان بوائقه‬

‫لقضضد فشضضل ملضضوك الطوائضضف فضضي أن يلم ضوا شضضعثهم ‪ ،‬وأن يتكتل ضوا ضضضد النصضضارى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ومضضن عجيضضب المقضضادير أن " ‏ألفونسإضضو‬
‫السإادس " ‏ملك قشتالة وليون واسإتوريا ‪ ،‬كان يتظاهر بحماية هضضؤلء الملضوك المسإضلمين ‪ ،‬ويأخضضذ منهضضم الجزيضة والتضاوات‬
‫ال ضضتي يرفضضع م ضضن قيمته ضضا سإضضنة بع ضضد أخ ضضرى ‪ ،‬واسإ ضضتطاع أن يع ضضد عضضدته م ضضن الت ضضاوات الضضتي يفرض ضضها عليه ضضم ليلتهمهضضم بهضضا‬
‫كلهضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان آخضضر مضضا التهمضضه ألفونسإضضو مضضن أرض المسإضضلمين تحضضت سإضضمع وبصضضر هضضؤلء السإضضلميين بضضل وبمسإضضاعدة‬
‫بعضهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مدينة طليطلة سإنة ‪ 478‬‏هض ‪1085‬م ‪ .‬‏‬

‫وعند هذه الموقعة تأكد لدى أكبر ملك من ملوك الطوائف " ‏المعتمد بضضن عبضضاد " ‏أن ألفونسإضضو يريضضد اللتهضضام‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول أقضل‬
‫من اللتهام الكامل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفكر المعتمد في وسإيلة النقاذ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وضعته القدار أمام حل واحد لم يكن له خيار فيه ‪ .‬‏‬

‫لقد قرر أن يسإتنجد بالمرابطين المسإلمين الموجودين في المغرب القصى كقوة إسإلمية ناشئة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وقضضد نجضضح المرابطضضون فضضي إيقضضاف الزحضضف النص ضراني ‪ ،‬وأذل ضوا كبريضضاء ألفونسإضضو ‪ ،‬واسإضضتردوا كضضثي ار مضضن مضضدن السإضضلم ‪ ،‬ولضضم‬
‫يحاول الندلسإيون بناء أنفسإهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لم يحاولوا صنع التقضدم مضن خلل الضذات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضد اعتضادوا تسإضول النصضر واسإضتيراد‬
‫البقاء من إخوانهم المغاربة المسإلمين ‪ .‬‏‬

‫وحقيقة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏نعم حقيقة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بقيت الندلس إسإضلمية باسإضتيرادها النصضر أيضام المرابطيضن ثضم أيضام الموحضدين ثضم أيضام بنضي‬
‫مريضضن‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبقيضضت مملكضضة غرناطضضة السإضضلمية وحضضدها أكضضثر مضضن مضضائتي سإضضنة تصضضارع المضضوت ‪ -‬‏كوهجضضة الشضضمس قبضضل‬
‫الغروب ‪ .‬‏‬

‫ولكن قانون الحضارة كان قد قال كلمته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فإن الذين فشلوا في أن يخلقوا مضضن أنفسإضضهم قضضوة قضضادرة علضى الحيضاة مضضا كضضان‬
‫ينفعهم أن يشتروا النصر أو يسإتوردوه ‪ .‬‏‬

‫وفضضي سإضضنة ‪897‬ه ض ‪ -‬‏ ‏‪1542‬م ‪ -‬‏سإضقطت غرناطضضة آخضر ممالضضك السإضضلم فضي النضضدلس ‪ ،‬وطضضرد المسإضضلمون شضضر طضضردة ‪.‬‬
‫وكانت هذه هي النهاية التي تنبأ بها الشاعر ابضن حيان وغيضره مضن هضؤلء الضذين أدركضوا قانون البقاء الضذي هضو مضن سإضنة‬
‫ال ‪ .‬‏‬

‫نعم ‪ .‬‏‪ .‬‏أدركوا أن التاريخ ل يقوم بالسإتيراد ‪ ،‬ول تنتصر حركة تقدمه بالمتسإولين !‏‏ ‏‬

‫‪12‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫وقصة أخرى مان الندلس‬
‫كانت الحالة سإيئة للغاية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعندما تصل حركة التاريخ إلى طريقا مسإدود بعد أن يفسإضضقا أهضل القضرى ويخلعضوا طاعضضة‬
‫ال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏في هذه الحال يكون ل أمل إل فضي شضيء واحضد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هضو الضزوال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضذه هضي المعادلضضة الوحيضدة الصضحيحة‬
‫في تفسإير التاريخ ‪ :‬‏خروج على قوانين ال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إمهال نسإبي مضن الض قضد يغضري الخضارجين على القضانون بالتمضادي‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫تجمع لعوامل الفناء ‪ .‬‏إغلقا لباب العودة ‪ .‬‏إبادة وموت في شكل مجموعة من الكوارث !‏‏!‏‏ ‏‬

‫إوالضضى الحضضالتين الخي ضرة ومضضا قبلهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وصضضلت حضضال النضضدلس فضضي القضضرن السإضضابع الهجضضري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ذلضضك القضضرن الضضذي شضضهد‬
‫سإقوط معظم القلع والمدن السإلمية الندلسإية ‪ ،‬ولم تفلت منه ‪ -‬‏إلضى حيضن ‪ -‬‏سإضضوى مملكضة غرناطضة ‪ ،‬الضضتي لضم تلبضث‬
‫بعد قرنين ‪ -‬‏أن لقيت حتفها ‪ .‬‏‬

‫وعلضضى امتضضداد النضضدلس ‪ -‬‏ش ضرقيه وغربيضضه ‪ -‬‏بضضدأت حركضضة مضضا يسإضضمى بالسإضضتيراد الصضضليبي تسإضضوقا المسإضضلمين المفككيضضن ‪،‬‬
‫المتناطحين باللفاظ ‪ ،‬المقسإمين في ولئهم بين ملوك النصارى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تسإوقهم إلى حتفهم الخير ‪ .‬‏‬

‫وبعد سإقوط الموحدين فضي النضدلس ‪ ،‬انفضرط عقضد هضؤلء ‪ ،‬فلم يعضد يجمعهضم جامع مضن خلفضة إسإضلمية جامعضة ‪ ،‬أو مضن‬
‫اسإتجابة لتحد خارجي ‪ ،‬أو من عقيضضدة متفوقضة تشضتعل أعمضاقهم بهضا ‪ ،‬ويبحثضون عضن رفعهضضا أكضضثر ممضا يبحثضضون عضن رفعضضة‬
‫أنفسإهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولذا ؛ فقد تبع سإقوط الموحدين التمهيد لسإقوط كضثير مضن مضدن النضدلس كمرسإضية وبلنسإضية وقرطبضة والشضرقا‬
‫الندلسإي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثم الغرب الندلسإي الذي كانت عاصمته إشبيلية !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقضضد عضضرف أهضضل إشضضبيلية بعضضد سإضضقوط الموحضضدين ‪ ،‬أنهضضم ل بضضد لهضضم مضضن حمايضضة خارجيضضة بعضضد أن فشضضلوا فضضي العتمضضاد علضضى‬
‫الذات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقد أرسإلوا بيعتهم إلى المير أبي زكريا الحفصي أمير الحفصيين في تونس هؤلء الذين لمعوا بعد سإضضقوط‬
‫الموح ضضدين ‪ ،‬لك ضضن الرجضضال ال ضضذين أرسإضضلهم الميضضر الحفصضضي إلضضى إشضضبيلية أسإضضاءوا معامل ضضة الن ضضاس وأظه ضضروا الفسإضضاد‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫فاضطر أهل إشبيلية لخراجهم ‪ ،‬وبدءوا في العتماد على أنفسإهم ‪ ،‬وألغضوا معاهضدة ذليلضة كضانت قضد عقضضدت بينهضم وبيضضن‬
‫ملضضك قشضضتالة النصض ضراني فرنانضضدو الثضضالث ‪ ،‬وقتلض ضوا " ‏ابضضن الجضضد " ‏صضضاحب مشضضروع المعاهضضدة المضضذكورة ونصضضير السإياسإضضة‬
‫المسإتذلة للنصارى ‪ .‬‏‬

‫وكان هذا نذي ار ببداية النهاية لشبيلية ‪ ،‬إل أنهم قد فقدوا العون السإلمي الخضارجي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأعلنضوا ‪ -‬‏بقطعهضم المعاهضدة‬
‫‪ -‬‏حربا على قشتالة ‪ ،‬لم تكن ظروفهم مهيأة لدخولها ‪ .‬‏‬

‫‪13‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وقضضد شضضهدت سإضضنة ‪644‬هض ض دايضضة التحضضرك النص ضراني ضضضد إشضضبيلية ‪ ،‬واسإضضتولى الصضضليبيون علضضى حاميضضة إشضضبيلية فضضي هضضذا‬
‫العام‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكان ذلك بمسإاعدة ابن الحمر ملك غرناطة وفقا لمعاهدته مع فرناندو‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏ ‏‬

‫وفضضي العضضام التضضالي تقضضدمت الجيضضوش النصضرانية مضرة أخضضرى علضضى إشضضبيلية ‪ ،‬وقضضد نجحضضت فضضي السإضضتيلء علضضى عشضرات مضضن‬
‫المدن السإلمية بفضل تدخل ابن الحمر ‪ ،‬ومنعه هذه المدن من القتال بحجة أن القتال عبث‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وتضضم حصضار إشضضبيلية وتطويقهضضا مضضن جميضضع الجهضات بالكتضضائب النصضرانية ‪ .‬‏وبالكتيبضضة الضضتي يقودهضضا ابضضن الحمضضر المسإضضلم ‪،‬‬
‫مشتركين جميعا ‪ -‬‏باسإم وحدة الطبقضة العاملضة فيمضا نظضن !‏‏!‏‏ ‏‪ -‬‏في تشضريد أهلهضا وسإضحقا دعضوة السإضلم بهضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولعضل‬
‫وجضضود اريضضة محاربضضة إسإضضلمية يلمحهضضا المسإضضلمون المحاصضضرون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان أشضضد ض ضربة تلقاهضضا بعيضضون وقلضضوب باكيضضة أهضضل‬
‫إشبيلية المسإتبسإلون !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد وقف أهل إشبيلية الشرفاء نحوا من سإنة يدافعون الحصار النصراني المدعوم من ابن الحمر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقد نجحوا في‬
‫إيقاع النصارى في أكثر من كمين وأصابوهم بالهزيمة غير مرة ‪ .‬‏‬

‫وقد حاولوا ‪ -‬‏وهضم فضي حصضارهم ‪ ،‬السإضتنجاد بضالمغرب دون جضدوى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بينمضا تضوالت النجضدات علضى النصضارى ‪ ،‬حضتى‬
‫نجحوا بسإببها في منضع المضؤن عضن المسإضلمين المحاصضرين في إشضبيلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فنفضدت القضوات وبضدأ شضبح الجضوع يضدب فضي‬
‫أوصال المدينة المجهدة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وكضضان قضضضاء الضض‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وخضضرج المسإضضلمون الشضضبيليون مضضن مضضدينتهم وفضضقا شضضروط المعاهضضدة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏خرجضوا نضضازحين إلضضى مضضدن‬
‫إسإلمية أسإبانية أخرى لم تلبث أن أسإقطت !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لو كان هؤلء المسإلمون في مئات المدن الضتي اسإتسإضلمت دون قتضال بواسإضطة ابضن الحمضر أو خوفا مضن المضوت‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لو‬
‫كان قضد اتحضدوا وقضاتلوا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو لو أنهضم قضاتلوا تحضت أي ظضرف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أكضانت النتيجضة سإتصضبح شض ار مضن هضذا الحال الضذي‬
‫لقيه المسإلمون في الندلس ؟‬

‫لكنها سإنة ال في حركة التاريخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فعندما يتم الخروج على قوانين ال تتجمضع عوامضل الفنضاء فيغلضقا بضاب العضودة‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫فتتحققا البادة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ويتحققا الموت في شكل مجموعة من الكوارث‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏سإنة ال ولن تجد لسإنة ال تبديل !‏‏!‏‏ ‏‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫ركن الفردوس يسقط‬

‫‪14‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫حين تذهب إلى التاريخ تتلقى منه تلقي التلميذ المتعلم ‪ ،‬وليس تلقي التلميذ المتحجر المكابر ‪ ،‬يروعك أنك تقض أر نفسإضضك‬
‫ومجتمعضضك وأحضضداث عصضضرك فضضي بعضضض صضضفحاته ‪ ،‬وتكضضاد تحضضس بضضأن مضضا يضضدور حولضضك ليضضس إل آخضضر طبعضضة مضضن كتضضاب‬
‫التاريخ ‪ ،‬وأن الضضذين يظنضون أنفسإضهم آخضر حلقضات التاريضضخ ‪ -‬‏أي أفضضلها ‪ -‬‏أو يظنضون أنفسإضهم خضارج دائضرة التاريضخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫هؤلء وأولئك قوم مخدوعون ‪ ،‬يمتازون بالغباء الشديد والسإذاجة المفرطة ‪ .‬‏‬

‫إن قصضضة خروجنضضا مضضن النضضدلس لضضم تكضضن قصضضة عضضدو قضضوي انتصضضر علينضضا بقضضدر مضضا كضضانت قصضضة هزيمتنضضا أمضضام أنفسإضضنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫قصة ضياعنا وأكلنا بعضنا بعضا كما تأكل الحيوانات المنقرضة بعضها بعضا ‪ .‬‏‬

‫وكان سإقوط " ‏قرطبة " ‏أكبر معاقل السإلم في الندلس سإنة ‪633‬هض لنهاية لسإقوطنا التام في الندلس ‪ .‬‏‬

‫وقضضد اضضضطر ابضضن الحمضضر مؤسإضضس مملكضضة غرناطضضة إلضضى أن يهضضادن ملضضك قشضضتالة الصضضليبي‪ ،‬وأن يعقضضد معضضه صضضلحا لمضضدة‬
‫عشضرين سإضضنة ‪ ،‬وأن يسإضضلم لضضه ‪ -‬‏بنضضاء علضضى شضضروط الصضلح ‪ -‬‏مدينضضة جيضان ومضضا يلحضضقا بهضضا مضضن الحصضضون والمعاقضضل ‪ ،‬وأن‬
‫ينزل عن أرجونة وبيع الحجار وقلعة جابر وأرض الفرنتيرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏واعترف بالطاعة لملك قشضضتالة وتعهضضد بضضأن يضضؤدي إليضضه‬
‫جزية سإنوية قدرها مائة وخمسإون ألف مرافيدي ‪-‬العملضضة السإضضبانية ‪ -‬‏وأن يعضاونه فضي حروبضضه ضضد أعضضدائه ‪ -‬‏المسإضلمين‬
‫‪ -‬‏!‏‏ ‏وعنضضدها اسإضضتغل ملضضك قشضضتالة هضضذا الصضضلح ليتفضضرغ لضضضرب المسإضضلمين الخريضضن ‪ ،‬هضضاجم مدينضضة إشضضبيلية قاعضضدة غربضضي‬
‫النضضدلس كلضضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضانت هنضضاك كتيبضضة إسإضضلمية أرسإضضلها ابضضن الحمضضر تهاجمهضضا معضضه ‪-‬باسإضضم التقدميضضة !‏‏!‏‏ ‏‪ -‬‏فسإضضرعان مضضا‬
‫سإقطت إشبيلية السإضلمية حاضضرة الثقافضة السإضلمية الرفيعضة ‪ -‬‏بيضد فرنانضدو الثضالث ملضك قشضتالة سإضنة ‪646‬هض وبمعونضة‬
‫ابن الحمر ‪ -‬‏مؤسإس مملكة غرناطة العظيم ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولم تعد إشبيلية إلى السإلم منذ ذلك اليوم !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وعنضضدما كضضاد أمضضد الصضضلح بيضضن ابضضن الحمضضر وبيضضن ملضضوك قشضضتالة ينتهضضي بعضضد العش ضرين سإضضنة ‪ ،‬سإضضعى ابضضن الحمضضر لتجديضضد‬
‫الصلح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفي سإبيل ذلك تنازل لقشتالة عن عدد كبير من بلد السإلم قيل إنها بلغت أكثر من مائة بلد وحصن !‏‏‬

‫وأنا ل ألوم ابن الحمر وحده‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إنما ألوم ملوك الطوائف جميعا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقد كان كل شضيء ممكنضا بالنسإضبة لهم ‪ -‬‏وفضي‬
‫عرفهم ‪ -‬‏عدا شيئا واحدا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫كضضان الضضترامي فضضي أحضضضان العضضدو ممكنضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان التنضضازل لضضه عضضن الرض ممكنضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان الخلف بيضضن بعضضضهم‬
‫وبعض لدرجة السإتنجاد بالعدو ممكنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أجل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كان كل هذا ممكنا إل شيئا واحدا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إل العودة إلضضى السإضلم‬
‫الصحيح الخالي من حب السإلطة واسإتعباد الدنيا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والمر بالعتصام بحبل ال وحده وعدم التفرقة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كل شضيء‬
‫كان ممكنا ‪ -‬‏في عرفهم ‪ -‬‏إل هذا ‪ .‬‏‬
‫وبالطبع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فإن لنا أن نتوقع ظهور كثير من الحركضضات التقدميضة والقوميضة والجدليضة فضي مثضل هضذا المنضضاخ الفاسإضضد‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫وبالتأكيضضد ‪ .‬‏لضضول بضضروز مثضضل هضضذه النزعضضات الضضتي ل شضضك فضضي أن النصضضارى قضضد سإضضاعدوا علضضى ترويجهضضا ‪ ،‬لضضول هضضذا لصضضبح‬
‫المكان خاليا وملئما لبروز الحل الوحيد الصحيح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الحل السإلمي ‪ .‬‏‬

‫وفضضي الشضضرقا الندلسإضضي كضضان شضضيء مضضن هضضذا يحضضدث علضضى نحضضو أعضضتى وأقسإضضى ‪ ،‬ففضضي " ‏بلنسإضضية "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان آخضضر أم ضراء‬
‫الموحدين هناك " ‏أبو زيد بن أبي عبد ال " ‏يلجأ بعد انهيار ملكه في بلنسإية تحت ضضربات منافسإضضه " ‏أبضضي جميضضل زيضضان‬

‫‪15‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫"‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان هضضذا الموحضضدي العضضاقا الجاحضضد يشضضهد مضضع ملضضك أرج ضوان كضضل غزواتضضه ضضضد المسإضضلمين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضضم يكتضضف بهضضذا‬
‫المصير التعس‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فاتخذ ق ارره الثوري الحاسإم " ‏باعتناقا النصرانية"‪!...‬‏‏!‏‏ ‏‬

‫وبينمضضا كضضانت مضضدن بلنسإضضية الكضضبرى وق ارهضضا وحصضضونها تتضضداعى مضضا بيضضن سإضضنوات ‪63-636‬هض ض ‪ ،‬كضضان " ‏أبضضو زيضضد " ‏يبضضذل‬
‫جهوده مع النصارى في حروبهضم ضضد السإضضلم‪ ..‬‏ويعضاونهم فضي التعضرف علضى نقضاط الضضضعف لضضدى أبنضاء دينضه السإضابقا ‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسإه كان ابن الحمر يسإاعد ملك قشتالة بكتائبه ضد إخوانه المسإلمين ‪ .‬‏‬

‫وتسإضضألني لمضضاذا طردنضضا مضضن النضضدلس ؟ فضضأقول لضضك ‪ :‬‏لن الض ل يظلضضم النضضاس شضضيئا ولكضضن النضضاس أنفسإضضهم يظلمضضون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثضضم‬
‫أقول لك عبرة التاريخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏قانون سإقوطنا ‪ :‬‏" ‏حين يبحث كل عضو منا عن نفسإه تسإقط سإائر العضاء " ‏‪ .‬‏‬

‫مان قصص سقوطنا في أوروبا‬


‫سقوط غرناطة‬
‫كان بقاء مملكة غرناطة السإلمية في الندلس قرنين من الزمان معجزة من معجزات السإلم ‪ .‬‏‬

‫فهضضذه الجزي ضرة السإضضلمية العائمضضة فضضوقا بحضضر الصضضليبية المتلطضضم المضواج والطافضضح بالحقضضد والمكضضر التضضاريخيين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هضضذه‬
‫الجزي ضرة مضضا كضضان لهضضا أن تصضضمد صضضمودها المشضضهور إل لن طبيعضضة الصضضمود كامنضضة فضضي العقيضضدة والمبضضادئ السإضضلمية ‪.‬‬
‫وبدون العقيدة السإلمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ما كضان لهضذه الجزيضرة أن تصضمد وحضدها فضي النضدلس بعضد أن سإضقطت كضل المضدن والقلع‬
‫السإلمية منذ قرنين من الزمان ‪ .‬‏‬

‫كان قانون " ‏السإتجابة للتحدي " ‏هو الذي أبقى غرناطة حية زاخرة بالفكر السإلمي والرقي الحضاري هذين القرنين‪.‬‬
‫‪ .‬‏‪ .‬‏وكان شعور الغرناطيين بأنهم أمام عدو محيط بهم من كل جانب ‪ ،‬ينتظضضر الفرصضضة للتهضضامهم ‪ ،‬وبضضأنه ل أمضضل لهضم‬

‫‪16‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫فضي اسإضضتيراد النصضر مضضن العضالم السإضلمي ‪ ،‬وبضضأنه ل بضد لهضم مضضن العتمضضاد علضى أنفسإضضهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان هضضذا الشضعور بضاعثهم‬
‫الكبر على السإتعداد الدائم ‪.‬؟ ورفع راية الجهاد والتمسإك بإسإلمهم ‪ .‬‏‬

‫وبهضضذا نجحضضت غرناطضضة فضضي أن تظضضل إلضضى سإضضنة ‪1492‬م ‪ -‬‏‪ 897‬‏ه ض ‪ -‬‏سإضضيدة النضضدلس السإضضلمي ومنضضارة العلضضوم وشضضعلة‬
‫الحضارة السإلمية الباقية في أوربا ‪ .‬‏‬

‫لكن العوام القريبة مضن عام السإضقوط شضهدت تطضو ار فضي الحيضاة الندلسإضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فعلى المسإضتوى النصضراني بضدأ " ‏اتحضاد "‬
‫كضضبير يضضضم أكضضبر مملكضضتين مسإضضيحيتين منضضاوئتين للسإضضلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهمضضا مملكتضضا أرج ضوان وقشضضتالة ‪ ،‬وقضضد اندمضضج الثنضضان فضضي‬
‫اتحاد توجاه بزواج " ‏إيزابيل " ‏ملكة قشتالة مضن " ‏فرنانضد " ‏ملضك أرجضوان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضان الحلضم الضذي يضراود الزوجيضن الملكيضن‬
‫الكضضاثوليكيين ليلضضة زفافهمضضا هضضو دخضضول غرناطضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضضاء شضضهر عسإضضلهما فضضي الحمض ضراء ‪ ،‬ورفضضع الصضضليب فضضوقا بضضرج‬
‫الح ارسإضضة فضضي غرناطضضة ‪ -‬‏أكضضبر أبراجهضضا ‪ -‬‏وعلضضى المسإضضتوى السإضضلمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان " ‏خلف " ‏كضضبير قضضد دب داخضضل مملكضضة‬
‫غرناطة ول سإيما بين أبناء السإرة الحاكمة ‪ ،‬وتم تقسإيم مملكة غرناطة المحدودة قسإمين ‪ ،‬يهدد كضل قسإضم منهمضضا الخضر‬
‫ويقف له بالمرصاد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏قسإم في العاصمة الكبيرة " ‏غرناطة " ‏يحكمه أبو عبد ال محمد علي أبضضو الحسإضضن النصضضري ‪-‬‬
‫آخر ملوك غرناطة ‪ -‬‏وقسإم في " ‏وادي آش " ‏وأعمالها يحكمه عمه أبو عبد ال محمد المعروف بالزغل ‪ .‬‏‬

‫وقضضد بضضدأ الملكضضان الكوثوليكيضضان هجومهمضضا علضضى " ‏وادي آش " ‏سإضضنة ‪ 894‬‏هض ض ‪ ،‬ونجحضضا فضضي السإضضتيلء علضضى وادي آش‬
‫وألمرية وبسإطة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وغيرها ‪ ،‬بحيث أصبحا على مشارف مدينة غرناطة ‪ .‬‏‬

‫وقد أرسإل إلى السإلطان أبي عبد ال النصري يطلبان منه تسإليم مدينة الحمراء الزاهرة ‪ ،‬وأن يبقى هو حيا فضي غرناطضضة‬
‫تحضضت حمايتهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكمضضا هضضي العضضادة فضضي الملضضوك الضضذين يركبهضضم التاريضضخ وهضضو يضضدور إحضضدى دو ارتضضه ‪ ،‬كضضان هضضذا الملضضك‬
‫ضعيفا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لم يحسإب حسإابا لذلك اليضوم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولقضد عضرف أن هضذا الطلضب إنمضا يعنضي السإتسإضلم بالنسإضبة لخر ممالضك‬
‫السإضضلم فضضي النضضدلس فرفضضض الطلضضب ودارت الحضضرب بيضضن المسإضضلمين والنصضضارى واسإضضتمرت عضضامين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يقودهضضا ويشضضعل‬
‫الحمية في نفوس المقاتلين فيها فارس إسإلمي من هؤلء الذين يظهرون كلمعة الشمس قبل الغروب " ‏موسإضضى بضضن أبضضي‬
‫الغسإان " ‏‪ .‬‏‬

‫وبفضل هذا الفارس وأمثاله وقفت غرناطة في وجه الملكين الكاثوليكيين عامين وتحملت حصارهما سإبعة أشهر‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬

‫لكن مع ذلك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لم يكن ثمة شك في نهاية الصراع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فأبو عبد ال الذي لم يحفظ ملكضضه حفضظ الرجضال ‪ .‬‏والنقسإضام‬
‫العائلي والخلف الداخلي في المملكة فضي مقابضل اتحضاد تضام في الجبهضة المسإضيحية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مضافا إلضى ذلضك حصاد تاريضخ‬
‫طويل من الضياع والقومية الجاهلية والصراع بعيدا عن السإلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏عاشته غرناطة وورثتضه ممضا ورثتضه عضن الممالضك‬
‫السإلمية السإبانية السإاقطة ‪ .‬‏‬

‫كل هذه العوامل قد عملت على إطفاء آخر شمعة إسإلمية في الندلس ‪ .‬‏‬

‫وعندما كان أبو عبد ال ‪ -‬‏آخر ملوك غرناطة هذا ‪ -‬‏يركب سإفينته مقلعا عن غرناطة السإلمية ‪ ،‬مودعا آخر أرض‬
‫تنفسإت في مناخ إسإلمي في أوروبا بعد ثمانية قرون عاشتها في ظلل السإلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫‪17‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫في هذا الموقف الدرامي العنيف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بكى أبو عبد ال ملكضه ‪ ،‬وملضك السإضلم المضاع‪ ،‬وتلقى مضن أمضه الكلمضات الضتي‬
‫حفظها التاريخ " ‏ابك مثل النسإاء ملكا لم تحفظه حفظ الرجال " ‏‪ .‬‏‬

‫والحقا أن أمه بكلمتها تلك ‪ ،‬إنما كانت تلطمه وتلطم حكاما في السإلم كثيرين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بكوا مثل النسإاء ملكا لم يحفظضضوه‬
‫حفظ الرجال !‏‏!‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫الدولة الماوية ‪ . .‬دولة الفتوحات ‪ . .‬تسقط !‏‏!‏‏‬
‫في عام ‪ 41‬‏هض ‪ -‬‏‪661‬م ‪ ،‬ويسإمى عام الجماعة ‪ -‬‏تنازل الحسإن بن علي بن أبي طالب رضي الض عنضضه ‪ ،‬عضضن حضضرب‬
‫معاوية بن أبي سإفيان ‪ ،‬الضذي كضان واليضا علضى الشضام منضذ عهضد عمضر بضن الخطاب ‪ ،‬والضذي رفضض مبايعضة علضي بضن أبضي‬
‫طالب ‪ -‬‏رابع الخلفاء الراشدين ‪ -‬‏متذرعا بأن عليا قد فرط في الثأر من قتلة عثمان بن عفان ثضضالث الخلفضضاء ال ارشضضدين‪.‬‬
‫‪ .‬‏‪ .‬‏رضي ال عنهم جميعا ‪ .‬‏‬

‫وبتنازل الحسإن اسإتقر المر لمعاوية فأصبح خليفة المسإلمين ‪ ،‬وقضامت دولضة بنضي أميضة الضتي تنتسإضب إلضى أميضة بضن عبضد‬
‫شمس بن عبد مناف ‪ ،‬فحكمت نحو تسإضعين عامضا ‪ -‬‏‪ 41‬‏ ‪ /‬‏ ‪132‬ه ض ‪ -‬‏‪ 661‬‏ ‪ /‬‏ ‪750‬م ‪ -‬‏ونقلت عاصضمة الحكضم مضن‬
‫مدينة رسإول ال صلى ال عليه وسإلم بالحجاز إلى دمشقا بالشام ‪ .‬‏‬

‫كان نظام الحكم في عهد بني أمية عائليا ‪ ،‬وقد تداول الحكم أربع عشرة خليفة أولهم معاويضضة وآخرهضضم مضضروان بضضن محمضضد‬
‫الذي قتله العباسإيون في " ‏أبو صير " ‏من حلوان مصر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫الخلفاء الماويون ‪:‬‬

‫‪ 1‬‏‪ -‬‏كان معاوية أول الخلفاء المويين ومؤسإس دولتهم ‪ ،‬وكان مولده بالخيف من منى قبل الهجرة بخمس عشرة سإضضنة‬
‫وأمه هند بنت عتبة‪ ،‬وأبوه أبو سإفيان ‪ ،‬وقد أسإلموا جميعا في فتح مكة ‪ .‬‏‬

‫‪18‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وأصبح معاوية من كتاب الوحي لرسإول ال صلى ال عليه وسإضلم ‪ ،‬واشضضترك فضي حضضروب الضضردة مضع أخيضضه وأبيضضه ‪ ،‬ثضضم وله‬
‫عمر جزءا من بلد الشام ‪ ،‬فلما جاء عثمان رضي ال عنه جمع الشام كلها تحت حكمه ‪ .‬‏‬

‫‪ 2‬‏‪ -‬‏وبموت معاوية سإنة ‪60‬هض بايع المسإلمون ابنه يزيد ‪ ،‬ما عضضدا الحسإضضين بضضن علضي وعبضضد الض بضضن الزبيضر وعبضضد الض بضضن‬
‫عمر ‪ ،‬وقد وقف الولن منه موقف العداء ‪ ،‬وقتل في عهده الحسإين ‪ ،‬في كربلء ‪ ،‬وحكضم ثلث سإضضنوات ثضضم مضضات سإضضنة‬
‫‪64‬هض ‪ ،‬وعمره ثمانية وثلثون عاما ‪ .‬‏‬

‫‪ 3‬‏‪ -‬‏ثم تولى معاوية بن يزيد ‪ ،‬بوصاية أبيه ‪ ،‬لكنه كان ورعا زاهدا فتنازل عن الخلفة بعد ثلثة أشهر ‪ .‬‏‬

‫‪ 4‬‏‪ -‬‏وقد وقعت حروب انتهت في " ‏مرج راهط " ‏بين المضويين وعبضد الض بضن الزبيضر ‪ ،‬وأصضبح مضروان بضن الحكم خليفضة‬
‫علضضى الشضضام وحضضدها ‪ ،‬وبقضضي ابضضن الزبيضضر خليفضضة علضضى سإضضائر المصضضار ‪ ،‬حضضتى ظهضضر عبضضد الملضضك بضضن مضضروان ‪ ،‬فتمكضضن مضضن‬
‫توحيد العالم السإلمي الشرقي تحت إمرته ‪ ،‬ولذا اعتبر المؤسإس الثاني للدولة الموية ‪ .‬‏‬

‫‪ 5‬‏‪ -‬‏وكضضانت لعبضضد الملضضك أيضضاد عظيمضضة ‪ ،‬فقضضد عضضرب الضضدواوين وضضضرب العملضضة ‪ ،‬وبقضضي فضضي الحكضضم اثنيضضن وعشضرين عامضضا ‪،‬‬
‫وتضضوفي سإضضنة ‪86‬هض ض ‪ ،‬فتضضولى بعضضده ابنضضه الوليضضد بضضن عبضضد الملضضك ‪ ،‬الضضذي حكضضم عش ضرة أع ضوام ‪ ،‬وتمضضت فضضي عهضضده إصضضلحات‬
‫داخليضضة عظيمضضة وفتوحضضات إسإضضلمية كضضبرى علضضى يضضد قضضادة عظضضام مثضضل محمضضد بضضن القاسإضضم الثقفضضي فاتضضح السإضضند‪ ،‬وموسإضضى بضضن‬
‫نصير فاتح الندلس ‪ .‬‏‬

‫‪ 6‬‏‪ -‬‏ثضضم جضضاء بعضضده أخضضوه سإضضليمان بضضن عبضضد الملضضك فحكضضم ثلثضضة أعضوام لضضم تتقضضدم فيهضضا الدولضضة شضضيئا ‪ ،‬ل مضضن الضضداخل ول مضضن‬
‫الخارج ‪ ،‬ومات سإنة ‪99‬هض ‪ ،‬فوسإد المر لعظم شخصية في تاريخ بني أمية ‪ ،‬على الرغم من أنه لم يحكم إل عضضامين‬
‫‪ ،‬وهو عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬الذي اعتبره البعض ‪ -‬‏خامس الخلفضاء ال ارشضدين ‪ -‬‏لكضثرة مضا عمضل مضن إصضلحات خلل‬
‫الفترة الوجيزة التي حكم فيها ‪ .‬‏‬

‫لقد راقب عمر الولة بحذر ‪ ،‬وأخذ على أيديهم وطرد القسإاة منهم ‪ ،‬وانتشر السإلم في عهضضده انتشضا ار كضضبي ار لنضضه وضضضع‬
‫الجزية عمن يعتنقا السإلم ‪ ،‬وكان ولة السإوء ل يفعلضضون ذلضضك ‪ ،‬ويضروي ابضن عبضد الحكضم ‪ ،‬ملخصضا عهضد عمضضر بضن عبضد‬
‫العزيضضز ‪ ،‬فضي قضضوله الضوجيز " ‏إنمضضا ولضي عمضضر بضن عبضد العزيضز سإضضنتين ونصضفا فضذلك ثلثضون شضضه ار ‪ ،‬فمضا مضضات حضضتى جعضل‬
‫الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول ‪ :‬‏اجعلوا هذا حيث ترون فضي الفقضراء ‪ ،‬فمضا يضضبرح حضتى يرجضع بمضضاله يتضذكر مضضن يضضضعه‬
‫فيهم فل يجده ‪ ،‬فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس " ‏‪ .‬‏‬

‫‪ 7‬‏‪ -‬‏ثم ولي المر بعده يزيد بن عبضد الملضك ‪ ،‬بعهضضد مضضن أخيضه سإضليمان بعضد ابضضن عمضضه عمضضر بضن عبضد العزيضز ‪ ،‬وهضو ابضضن‬
‫تسإضضع وعشضرين سإضضنة ‪ .‬‏فضضدامت خلفتضضه أربضضع سإضضنوات وشضضه ار ‪ ،‬ثضضم مضضات بعضضدها دون أن يضضترك أثض ار ذا بضضال اللهضضم إل إخمضضاده‬
‫لفتنة يزيد بن المهلب ‪ .‬‏‬

‫‪ 8‬‏‪ -‬‏وولي بعده هشام بن عبد الملك ‪ ،‬فمكضضث فضي الخلفضضة عشضرين عامضضا حضاول فيهضضا تقليضضد عمضر بضضن عبضضد العزيضضز ‪ ،‬ولضضم‬
‫ينجح في ذلك نجاحا كبي ار ‪ ،‬إوان كانت الدولة قد اتسإعت في عهده ‪ ،‬ففتحت قيسإارية وبلد الخزر ‪ ،‬وأرمينية ‪ ،‬وشضضمال‬
‫آسإيا الصغرى ‪ ،‬وجزءا كبي ار من بلد الروم ‪ .‬‏‬

‫‪19‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫لكن الحوال الداخلية لم تكن مسإتقرة على عهضده وتضوفي في عضام ‪125‬هض ‪ ،‬وتضرك الحكم للوليضد بضن يزيضد بضن عبضد الملضك‬
‫الضضذي يعتضضبر عهضده ‪ -‬‏الضذي لضم يضضدم أكضضثر مضن عضام إل قليل ‪ -‬‏مضن أسإضوأ عهضود الدولضة المويضضة ‪ ،‬ظلمضا وانتقامضا مضضن أبنضضاء‬
‫سإلفه هشام فضل عن عنصريته وخلعته ‪ .‬‏‬

‫‪ 9‬‏‪ -‬‏ولم يكن للخليفتين اللذين وليا بعده يزيد بضن الوليضضد بضن عبضد الملضك ‪ ،‬إوابراهيضضم ابضضن الوليضد أثضضر يضذكر ‪ ،‬ولضم يضضدم حكضم‬
‫كضل منهمضضا إل ثلثضضة أشضضهر ‪ ،‬ولضضم تسإضتقم لهمضا المضضور ‪ ،‬وكضانت أيامهمضا ‪ ،‬وأيضضام سإضابقهما الوليضضد بضن يزيضد ‪ ،‬فرصضضة ذهبيضة‬
‫نجح فيها العباسإيون في تعبئة النفوس وتنظيم الصفوف ‪ ،‬للنقضاض على الدولة ‪ .‬‏‬

‫‪ 10‬‏‪ -‬‏فلما آلت الخلفة لمروان بن محمد ‪ -‬‏آخر خلفاء بني أمية في المشرقا لم يسإتطع أن يقضر قواعضضد الدولضضة ‪ ،‬علضى‬
‫الرغضضم مضضن أنضضه " ‏كضضان أشضضجع بنضضي أميضضة وأقضضدرهم علضضى تحمضضل الخطضضار "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فسإضضقطت الدولضضة فضضي عهضضده ‪ ،‬بعضضد فتنضضة‬
‫واضطرابات دامت خمس سإنوات ‪ ،‬وكان سإقوطها في سإنة ‪132‬هض ‪ .‬‏‬
‫وكضضانت دولضضة بنضضي أميضضة دولضضة عربيضضة تتعصضضب للعضضرب وللتقاليضضد العربيضضة ‪ ،‬وللغضضة العربيضضة ‪ ،‬ولضضم يسإضضتطع معظضضم خلفائهضضا أن‬
‫يرتفعوا على مسإتوى المسإاواة والعدل في السإلم ‪ .‬‏‬

‫لكضضن مضضع ذلضضك كضضان لهضضذه الدولضضة أيضضاد طضضولى علضضى المسإضضلمين لعضضل مضضن أهمهضضا جهودهضضا العظيمضضة فضضي مجضضال الفتوحضضات‬
‫السإلمية ‪ .‬‏‬

‫فتوحات الدولة الماوية ‪:‬‬

‫اتسإعت فتوحات الدولة الموية اتسإاعا عظيما ‪ ،‬منذ عهد معاوية الذي لم تكد تسإتقر له الوضاع حضضتى جهضضز الجيضضوش‬
‫وأنشأ السإاطيل ‪ ،‬وأرسإل قواده إلضى أطضراف الدولضة لتثضبيت دعائمهضا ‪ ،‬بعضد أن حاول الفضرس والضروم اسإضتغلل فضترة الفتنضة‬
‫بين علي ومعاوية رضي ال عنهما ‪ .‬‏‬

‫وقد أخضعت هذه الجيوش ثورة فارسإية هدفت إلى المتنضضاع عضن دفضضع الجزيضة ‪ .‬‏ثضضم تضوغلت جيوشضضه شضرقا ‪ ،‬فعضضبرت نهضضر‬
‫جيحون ‪ ،‬وفتحت بخارى وسإمرقند وترمذ ‪ .‬‏‬

‫ومن الجهة الرومانية ‪ ،‬كان الرومان قد أكثروا من الغارات على حدود الدولة السإلمية في الناحية الشمالية الغربيضضة ‪،‬‬
‫فأعد معاوية لهم الجيوش ‪ ،‬وانتصر عليهم في مواقع كثيرة ‪ .‬‏‬

‫وبأسإضضطوله ال ضضذي بلغ ضضت ع ضضدته ‪ 1700‬‏سإ ضضفينة ‪ ،‬اسإ ضضتولى عل ضضى ق ضضبرص ورودس وغيرهم ضضا م ضضن ج ضضزر ال ضضروم ‪ -‬‏كم ضضا ق ضضام‬
‫بالمحاولضضة الولضضى لفتضضح القسإضضطنطينية عاصضضمة الدولضضة الرومانيضضة الش ضرقية سإضضنة ‪48‬هض ض ‪ ،‬فأرسإضضل جيشضضا بضضإمرة ابنضضه يزيضضد ‪،‬‬
‫وجعضضل تحضضت إمرتضضه عضضددا مضضن خيضرة الصضضحابة كعبضضد الض بضضن عبضضاس وعبضضد الض بضضن الزبيضضر وعبضضد الض بضضن عمضضر وأبضضي أيضضوب‬
‫النصاري ‪ ،‬لكن المحاولة لم تنجح !‏‏!‏‏ ‏‬

‫ومن الشمال الفريقي ‪ -‬‏تونس والجزائر والمغرب القصى ‪ -‬‏امتضد الفتضح السإضلمي‪ ،‬فأرسإضل " ‏معاويضة " ‏عقبضة بضن ابضن‬
‫نافع سإنة ‪50‬هض فضي عشضرة آلف مقاتضل ‪ ،‬لتثضبيت فتحهضا‪ ،‬وقضد عمضل عقبضة على نشضر السإضلم بيضن الضبربر ثضم بنضى مدينضة‬

‫‪20‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫القيروان ‪ ،‬وفي عهضد ابنضه الخليفضة " ‏يزيضد " ‏وصضل عقبضة فضي اكتسإاحه للشضمال الفريقضي حضتى المحيضط الطلسإضي غربضا ‪،‬‬
‫وقال هناك كلمته المأثورة " ‏وال لول هذا البحر لمضيت في سإبيل ال مجاهدا " ‏‪ .‬‏‬

‫وفي الشرقا اتجهت جيوش عبد الملضك بضن مضروان ‪ -‬‏الخليفضة المضوي الخضامس ‪ -‬‏إلضى التوسإضع في بلد مضا وراء النهضر ‪،‬‬
‫وكانت القيادة في هذا الركن للمهلب بن أبي صفرة وليزيد بن عبد الملك ‪ .‬‏وكان من أبرز الفتوحات في عهد الوليد بن‬
‫عبد الملك فتح بلخ ‪ ،‬والصفد ‪ ،‬ومرو ‪ ،‬وبخارى ‪ ،‬وسإمرقند ‪ ،‬وذلك كله على يدي قتيبة بن مسإلم ‪ .‬‏‬

‫أما محمد بن القاسإم الثقفي فقد فتح السإند ‪ -‬‏باكسإتان ‪ -‬‏‪ ،‬وفتح مسإلمة بن عبد الملك فتوحات كثيرة في آسإيا الصغرى‬
‫‪ ،‬منهض ضضا فتحض ضضه لحصض ضضن طوالض ضضة وحصض ضضن عموريض ضضة ‪ ،‬وهرقلض ضضة ‪ ،‬وسإض ضضبيطة ‪ ،‬وقمونيض ضضة ‪ ،‬وطرسإض ضضوس‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كمض ضضا حاصض ضضر‬
‫القسإطنطينية أيام سإليمان بن عبد الملك ‪ .‬‏‬

‫وفي أوربا فتح موسإى بن نصير الندلس ‪ ،‬وبقيت في حوزة المسإلمين ثمانية قرون ‪ -‬‏‪ 92/898‬‏هض ‪ -‬‏وكان جزاؤه مضضن‬
‫بني أمية جزاء سإنمار !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وقد حاول عنبسإة بن سإحيم الكلبي غزو جنوب فرنسإا وفتضح سإضبتماية ‪ ،‬وبرغونيضة ‪ ،‬وليضون ‪ -‬‏ونجضح المسإضلمون في ذلضك‬
‫نجاحا مؤقتا ‪ ،‬حتى انتهت هذه المحاولت بعيضد موقعضة بلط الشضهداء الضتي قادهضا عبضد الرحمضن الغضافقي ‪ -‬‏بقليضل ‪ .‬‏ولضم‬
‫يكن لهذه الفتوحات صدى حقيقي ‪ ،‬لنها كانت أشبه بحملت جهادية فردية ‪ .‬‏‬

‫ولماذا سقط هؤلء العظماء ؟‬

‫ك ضضان معاوي ضضة رض ضضي الض ض عن ضضه ‪ -‬‏بل ري ضضب ‪ -‬‏أح ضضد ده ضضاة الع ضضرب القلئ ضضل ‪ ،‬وك ضضان رج ضضل دول ضضة وخ ضضبير سإياسإ ضضة بمعن ضضى‬
‫الكلمضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بيضضد أنضضه كضضانت هنضضاك حقيقضضة حضضارية ينبغضضي عليضضه إدراكهضضا وهضضي ‪ :‬‏أن الحضضضارة حيضضن ينفصضل جسإضضدها عضضن‬
‫دماغهضضا ل يمكضضن أن تكضضون قابلضضة للبقضضاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حيضضن يحضضدث انشضضقاقا بيضضن روح المضضة وجهضضاز عملهضضا المضضادي تحضضدث الليضضة‬
‫القاتلة وتسإير القافلة بل روح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تماما كما يسإير الذي قطع رأسإه من جسإده ‪ ..‬‏إنه ل بضضد مضضن أن يسإضقط بعضضد خطضوات‬
‫!‏‏!‏‏ ‏‬

‫ومنذ قامت الدولة الموية ‪ ،‬واعتمد فيها نظام وراثة الخلفة كرها عن المة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫منذ هذا الحدث وثمة انفصال بين جسإد المة وروحها ذاقت منه المة السإلمية مر الهوال ‪..‬وكضضان أحضضد السإضضباب ‪،‬‬
‫بل أهم السإباب في سإقوط الدولة الموية ‪ .‬‏‬

‫لقضضد تشضضكلت طبقضضة تعطضضي نفسإضضها امتيضضا از جنسإضضيا غريضضب الشضضكل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فهضضي لمجضضرد أنهضضا مضضن الضضبيت المضضوي ‪ ،‬حضضتى ولضضو‬
‫افتقضضدت كضضل صضضلحيات الوجضضود والحكضضم بعضضد ذلضضك ‪ ،‬ل بضضد أن تقضضف فضضي الصضضف الول‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأن تقضضود وتحكضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏‬
‫والدهى من ذلك أن هذه الدولة اعتمدت العنصرية العربية المسإتعلية حقا تتكئ عليه في سإيادتها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وظلمها !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وهذه الظاهرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تلد أمراضا حضارية خبيثة كلها شؤم وبلء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فإن هذه الطبقة سإرعان ما يحاول كضضل واحضضد منهضضا‬
‫الحصول على حقا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أكثر شرعية جنسإضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكضي يصل إلضى الحكضم ‪ ،‬وبالتضالي يلجأ إلضى الضدس والخديعضة والقتضل‬

‫‪21‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫والغتيضضال ويسإضضود الطبقضضة الحاكمضضة جضضو مضضن الص ضراع الضضداخلي يمنعهضضا عضضن أن تضضؤدي للمضضة أي شضضيء ‪ ،‬ويكضضون كضضل هضضم‬
‫الحاكمين أن يحافظوا على الموقع الذي يقفون فيه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هكذا كان المر بين المويين ول سإيما في اليضضام الخيضرة مضضن‬
‫عمرهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أيام الوليد بن يزيد‪ ،‬ومروان بن محمد ‪ .‬‏‬
‫ومن المراض الخطيرة التي تلدها ظاهرة النفصام المشضئومة اسإضتعانة هضؤلء الحضاكمين بطبقضة تتضولى هي فضي الحقيقضة‬
‫المضضر ‪ ،‬وتسإضضتبد بالمضضة ‪ ،‬وحيضضن تسإضضتغيث المضضة ل تجضضد مضضن يغيثهضضا ‪ ،‬إذ يكضضون الحكضام فضي واد آخضضر بعيضضد عنهضضا ‪ ،‬بضضل إن‬
‫هؤلء الحكام يعتقدون أنهم بوجودهم في مراكز السإلطة مدينون لهؤلء العمال أو الولة الغاشمين الظالمين ‪ .‬‏‬

‫وقد زخرت صفحات التاريخ بعديد من هؤلء الجبابرة الذين أسإاءوا إلى المسإلمين والسإلم إسإاءات بالغة كالحجاج بضن‬
‫يوسإف الثقفي في المشرقا ‪ ،‬والوالي عبد ال ابن الحبحاب في المغرب ‪ .‬‏‬

‫ولقد أسإاءت هذه الطبقة المصطنعة العازلة إلى تاريخ المويين نفسإه أيما إسإاءة ‪ ،‬وزينت للخلفاء المويين كل جضضور ‪،‬‬
‫وعملت في المسإضلمين عمضل كسإضرى وقيصضر فضي شضعبيهما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضانت ‪ -‬‏يعلضم الض ‪ -‬‏بلء على المسإضلمين أي بلء !‏‏!‏‏‬
‫وقد كانت سإببا في نجاح الخوارج ‪ ،‬وفي إشعال ثورات بربرية ‪ ،‬في سإاحة الندلس والمغرب ‪ .‬‏‬

‫وبتضأثير الطغيضان الضذي سإضاس بضه الضولة جمضاهير المسإضلمين ‪ ،‬انصضرف النضاس إلضى أمضورهم ‪ ،‬تضاركين أمضور الدولضة في يضد‬
‫الفئضضة الحاكمضضة بضضل انصضرفوا إلضضى النضضدماج فضضي كضضل حركضضات الخضضروج علضضى الدولضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد تمخضضض كضضل ذلضضك عضضن ميلد‬
‫تنظيم من أدقا التنظيمات في تاريخ النقلبات السإياسإية ‪ ،‬وهو التنظيم العباسإي الذي رفع الراية العلوية ‪ -‬‏الرضا مضضن‬
‫آل البيت ‪ -‬‏أيام سإريته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إلى أن وصل إلى الحكم ‪ .‬‏‬

‫ولم يك هذا التنظيم لينجح ويجد المناخ والعناصر الصالحة إل نتيجة سإياسإة الولة الغريبة عن روح السإلم ‪ .‬‏‬

‫وقد اختلف المؤرخون في سإقوط هذه الدولة العظيمضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏دولضة الفتوحضات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد رأى بعضضهم ‪ ،‬وهضم محقضون ‪ ،‬أنضه‬
‫النزاع بين المضرية واليمانية ‪ ،‬الذي ابتدأ منذ أيام مؤسإس الدولة الموية معاوية ‪ ،‬قد أدى إلى ضياع بني أمية ‪ .‬‏‬

‫ويرى بعضهم أن مصرع الحسإين بن علي في كربلء كان الداء القاتل الذي تفاقم حتى قضى عليها ‪ .‬‏‬

‫ورأى آخضضرون أن العامضضل الهضضام الضضذي أدى إلضضى سإضضقوط بنضضي أميضضة هضضو تعصضضب المضضويين للعضضرب‪ ،‬ممضضا أدى إلضضى خضضروج‬
‫الموالي على الدولة الموية وهم غير العرب الذين دخلوا في السإلم عقب الفتح العربي في فارس ومصر والمغرب ‪.‬‬

‫وما لبث هؤلء أن أصبحوا أعداء للعرب من بني أمية ول شضك أن سإضلوك الوليضد ابضن يزيضد الضذي أدى إلضى مصضرعه كضان‬
‫من أبرز السإباب المباشرة في فسإاد الحوال‪ .‬‏‬

‫كما أن السإتبداد الفردي عامل من عوامل سإقوط الدولة قال به كثيرون ‪ .‬‏‬

‫وقد تكون كل هذه السإباب صحيحة ‪ ،‬بل قد تكون متداخلة ‪ ،‬لكننا نميل إلى سإبب جوهري نراه أكبر السإباب وأبرزهضضا‬
‫‪ ،‬وهضضو العنصض ضرية المويضضة الضضتي جعلتهضضم يرفعضضون العضضرب علضضى حسإضضاب غيرهضضم‪ ،‬ويضضثيرون الحقضضاد فضضي بقيضضة الطوائضضف‬
‫المسإلمة!‏‏!‏‏ ‏‬

‫‪22‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وتبقى عبرة التاريخ الخيرة في سإقوط الدولة الموية ‪ .‬‏فإن نصر بضن سإضيار ‪ -‬‏والضي خ ارسإضان ‪ -‬‏كضان علضى عهضضد مضروان‬
‫بضضن محمضضد آخضضر خلفضاء المضضويين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان نصضضر هضضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كمضضا كضضان مضضروان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان كلهمضضا مضضن خيضرة مضضن أنجبضضت‬
‫الدولة الموية‪ ..‬‏هذا في الولة ‪ ،‬وذلك في الخلفاء ‪ .‬‏‬

‫لكنهما ظه ار بعد أن اتسإعت خروقا الدولة علضى أي ارقضضع ‪ ،‬وكضان رصضضيد الدولضضة مضن الفسإضاد والتحلضل والظلضم والضضضعف ‪،‬‬
‫قد أصبح أكبر وأضخم من طاقة أي إنسإان ‪ .‬‏‬

‫لقد كانت حركة التاريخ التي هي من سإنة ال قد قالت في الدولة الموية كلمتها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقد حاول " ‏نصضضر " ‏أن يسإضضتعمل‬
‫ذكاءه في إنقاذ الدولة ‪ ،‬إذ كان يسإتشف ببصضيرته الوقضادة أن ثمضة أمضو ار تضبينت للدولضة ‪ ،‬وأن دولضة المضويين على وشضك‬
‫الرحيل ‪ ،‬وكم كاتب الخليفة المضضوي الخيضر " ‏مضضروان " ‏فضي ذلضك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولكضن دون جضدوى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد اتسإضع الخضرقا ووجضضب‬
‫أن ينهار البناء !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وكان مروان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مشغول بسإداد " ‏شيكات " ‏سإابقيه من الديون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏في بنك الضياع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فلم يمكنه أن يسإتجيب ل "‬
‫لنصضضر " ‏ول لضضضميره الضضذي كضضان يحضضس بقضضرب الكارثضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هكضضذا تفعضضل الضضدول بنفسإضضها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏نتيجضضة ظلمهضضا ‪ .‬‏وت اركضضم هضضذا‬
‫الظلم ‪ .‬‏‬

‫وعندما سإقطت الدولة الموية سإنة ‪132‬هض ‪ ،‬ولقي مروان المسإكين مصرعه في حلوان بمصر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كان كتاب التاريخ‬
‫يطضضوي إحضضدى صضضفحاته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يطويهضضا بعنضضف لن أبطالهضضا أرادوا لنفسإضضهم هضضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حيضضن ارح ضوا ينفصضضلون عضضن ضضضمير‬
‫المضضة ووجضضدانها ‪ ،‬ويعزلضضون أنفسإضضهم عضضن شضضعوبهم ‪ -‬‏بطبقضضة مضضن العمضضال الظضضالمين الغاشضضمين وبعنص ضرية عربيضضة قوميضضة‬
‫ظالمة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقد فتحوا كثي ار من الراضي ‪ ،‬لكنهم فشلوا في أن يفتحوا القلوب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والعقول !‏‏!‏‏ ‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫سقوط الدولة الطولونية في ماصر‬
‫النتصضار فضي معركضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والحصضول علضى مكسإضب وقضتي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والوصضول إلضى السإضلطة‪ ..‬‏هضذه كلهضا ليسإت هضي قضضية‬
‫التاريخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول معركة التقدم البشري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بل هي عموما ليسإت من عوامل تحريك التاريخ إلى المام أو الخلف على‬
‫نحو واضح وضخم‪ ..‬‏إن النتصار فضي معركضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏قضضد ل يعنضي الهزيمضضة الحقيقيضة للعضداء ‪ ،‬فحيضضن ل تتضوافر العوامضضل‬
‫الحقيقية للنصر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يصبح أي نصر مرحلي عمليضة تضضليل ‪ ،‬واسإضتم ار ار للسإضير الخطضأ ‪ ،‬وتماديضا فضي طريضضقا الوصضول‬
‫إلى الهزيمة الحقيقية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هكذا سإار التاريضخ فضي م ارحضل كضثيرة مضن تطضوراته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كان النصضر بدايضة الهزيمضة ‪ ،‬وكضانت‬
‫الهزيمة بداية للنصر !‏‏ ‏‬

‫‪23‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وحي ضضن يص ضضل إنسإ ضضان م ضضا إل ضضى الحك ضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏دون أن يك ضضون مع ضضدا إع ضضدادا حقيقي ضضا للقي ضضادة ‪ ،‬ودون أن يك ضضون ف ضضي مسإ ضضتوى‬
‫أمته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يكون وصوله على هذا النحو هو المسإمار الخير الذي يدقا في نعش حياته وحياة الممثل لهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏ ‏‬

‫والتاريخ في دوراته غريب وهو يعلمنا أنه ل توجد قاعدة ثابتة للتحول ترتكز على أسإس متينة ‪ ،‬اللهم إل قاعدة التغيير‬
‫من الداخل المرتكزة على عقيدة لها جذورها في أعماقا النفس ‪ ،‬ولهضضا انسإضجامها مضضع حركضضة الكضون ولهضضا صضلحياتها فضي‬
‫البقاء والنتشار والخلود !‏‏ ‏‬

‫وعندما أعلن " ‏أحمد بن طولون " ‏مؤسإس الدولة الطولونية في مصر انفصاله عن الدولة العباسإية بعضضد سإضنة ‪254‬ه ‪،‬‬
‫كان ينقصه الوعي بحركة التاريضخ والشضروط الضضرورية للتغييضر ‪ ،‬وكضان بإنشضائه هضذه الدولضة ليضس أكضثر مضن " ‏انقلبضي "‬
‫سإيطر على الحكم في ظل أوضاع معينة مرت بها الدولة العباسإضية ‪ ،‬سإضضمحت لضه ولمثضضاله بإظهضار مطضامحهم فضي مزيضضد‬
‫من السإلطة والشضهرة والرغبضة الجامحضة فضي السإضيطرة ‪ .‬‏لم يحضاول هضذا الرجل ‪ -‬‏مضا دام قضد وصل إلضى مسإضتوى الثقضة لضدى‬
‫الجهاز العباسإي الحاكم ‪ -‬‏أن يتقضدم بإصضلحاته ‪ ،‬وأن يبحضث عضن السإضبل المؤديضة لحمايضة الدولضة السإضلمية الجامعضة ‪،‬‬
‫إوانما راح في إغراقا في عبودية الذات يبحث عن اسإتغلل الظروف لصالحه ‪ .‬‏‬

‫ومنضضذ اسإضضتقر فضضي مصضضر سإضضنة ‪254‬ه وهضضو يحضضاول جمضضع كضضل مقاليضضد السإضضلطة فضضي يضضده ‪ ،‬فيتخضضذ مضضن الجضراءات مضضا يجعلضضه‬
‫الرجل الوحيد في مصر ‪ ،‬وليس الرجل التابع لدولة إسإلمية كبرى تسإتطيع عزله وتولية غيره ‪ .‬‏وقد عضضزل ‪ -‬‏فضضي سإضضبيل‬
‫ذلك ‪ -‬‏عامل الخراج الذي عينضضه العباسإضضيون علضى مصضر ‪ -‬‏وتمكضضن مضضن التحكضم فضي الشضئون الماليضضة إلضضى جضانب الشضئون‬
‫الدارية والعسإكرية ‪ .‬‏‬

‫ودخل أحمد بن طولون في صراع مع الدولة العباسإية الجامعة وانتصر على أخي الخليفة أبي أحمد " ‏الموفقا " ‏واتخضضذ‬
‫من الجراءات الثورية ما يكفل له الوقوف على قدميه لصد أي هجوم عباسإي ‪ .‬‏‬

‫لكنضضه فضضي الحقيقضضة لضضم يكضضن فضضي حاجضة إلضضى هجضضوم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فنشضضأته علضضى النحضضو السإضابقا تحمضضل فضضي أحشضائها النهايضضة الطبيعيضضة‬
‫العاجلة ‪ .‬‏ورأت الخلفة من الحكمة أن تسإضتغله ‪ .‬‏بضدل أن تضدخل معضه في صضراع ‪ ،‬وكلفتضه بمهضام جديضدة ‪ ،‬منهضا حمايضة‬
‫الثغور الشامية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ومات أحمد بن طولون تاركا دولة تقف كلها على أقدامه وحده وليسإضضت لهضضا أقضضدام أخضضرى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مضضن‬
‫عناصر الحياة التاريخية والحضارية ولذا فإنها بموته وقعت على الرض‪ ..‬‏وعلى الرغم من كضل مضا أبضداه " ‏خمارويه "‬
‫ابنضضه مضضن اتبضضاع لسإياسإضضة أبيضضه ‪ ،‬ومضضن تمسإضضك بمعضضالم اسإضضتقلل وقضضوة دولتضضه المسإضضتقلة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إل أنضضه لضضم يعضضد أن يكضضون مرحلضضة‬
‫عبرها التاريخ ليدخل بالدولة ‪ -‬‏فو ار ‪ -‬‏في مرحلة الفول والفناء ‪ .‬‏‬

‫فبعد خمارويه انغمس المراء الطولونيون في لهوهم ‪ ،‬وتفشت ظاهرة حب السإلطة والسإتقلل لدى عمالهم في القاليم‬
‫‪ .‬‏وانقلب الثوريون على أنفسإهم ‪ ،‬أو بالتعبير الدارج‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بضضدأت طلئضضع الثضضورة يأكضضل بعضضها البعضض ‪ .‬‏وقضضد ولضي المضضر‬
‫بعد خمارويه ثلثة من آل طولون لم يزد حكمهم على عشر سإنوات ‪ ،‬ولم تسإتفد البلد المصرية أو الشامية منهم شضضيئا‬
‫غير الفوضى والتنافس بين الطامعين في السإلطة أو الفسإضاد الضضذي نجضم عضضن الضضترف ‪ ،‬وعضن السإضتبداد وغيبضة المضضة عضضن‬
‫الرقابضضة أو الحكضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفضضي هضضذه الحضضال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لضضم يكضضن المضضر متعبضضا بالنسإضضبة للدولضضة العباسإضضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فتقضضدمت جيوشضضها‬
‫لسإترداد مصر من خامس الولة الطولضونيين وهضو " ‏شضيبان " ‏الضذي كضانت الفوضى قضد وصضلت فضي عهضده قمتهضا وأعلى‬
‫معدلت خطورتها ‪ ،‬وشهدت سإنة ‪ 292‬‏هض دخضول هضذه الجيضوش إلضى القطائع في القضاهرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ومضن فضوقا المنضبر أعلضن‬

‫‪24‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫إزالة الدولة الطولونية التي لم تسإتطع أن تحكم أكثر من أربعين سإنة عاشتها في صضراع خضارجي وعاشضت معظمهضضا فضي‬
‫صراع داخلي ‪ ،‬مع شعب لم يهضم حركتها التي لم يكن لها المبرر الحضاري الهام لحداث التغيير ‪ .‬‏‬

‫وعادت مصر إلى حظيرة الدولة العباسإية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعلى امتداد تاريخنا سإجلت صفحاته عشرات مضن النقلبضات وسإضجلت‬
‫أسإماء مئات النقلبيين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولكنهضم ‪ -‬‏جميعضا وبل اسإضتثناء ‪ -‬‏لضم يقضدموا مضا يتضوازى مضع أحجام الخسإائر الضتي كبضدوها‬
‫لمتهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لن النقلب ليس الوسإيلة التاريخية المهيئة للتغيير ‪ ،‬إذ هو موجة انفعالية سإرعان مضضا تنحسإضضر محدثضضة رد‬
‫فع ضضل انحسإ ضضاري عني ضضف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ودائم ضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏دائم ضضا أثبت ضضت ك ضضل تقلب ضضات تاريخن ضضا كم ضضا أثبت ضضت ك ضضل تط ضضورات الحض ضضارة " ‏أن‬
‫النقلب يدفع إلى انقلب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأن حركة التاريخ ل تندفع بالعنف والنفعال " ‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫الصفاريون وقصة سقوطهم‬
‫تاريخنا السإلمي العظيم كتاب كامل من التكاملية التاريخية ‪ ،‬يضم بين صفحاته كل صور التقدم والتأخر ‪ .‬‏‬

‫وهو معلم عظيم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏اشتملت تجاربه على نوعيات من كل تجارب التاريخ البشري‪ ،‬وليس ذلضضك لن القضرآن العظيضضم قضضد‬
‫حكضضى علضضى نحضضو تركيضضبي كضضل صضضور التقلضضب والحركضضة والهبضضوط والرتقضضاء الضضتي مضضر بهضضا المضضوكب البشضضري ‪ ،‬والضضتي تغنضضي‬
‫التطضضور التضضاريخي السإضضلمي وتكفضضل لضضه الندفاعضضة العاقلضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ليضضس مضضرد المضضر إلضضى ذلضضك وحسإضضب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بضضل لن كتضضاب‬
‫التاريخ السإلمي نفسإه قد شاء ال له أن يكون من التكامليضة والحبكضة والتنضوع بحيضث يصضلح كمرجضع تضال للقضرآن والسإضنة‬
‫يرجع المسإلمون إليه ويتعلمون منه ‪ ،‬ويتلقون تلقي التلميذ من السإتاذ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫إننضا ل نضدعو إلضى رفضضض تأمضضل المضضوكب البشضري المتحضضرك الضضذي يتحضضرك إلضضى جانبنضضا ومضن حولنضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أبضدا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فكضل مضضا‬
‫هنالك أننا ل بد أن ندرس أنفسإنا قبل أن ندرس الخرين ‪ .‬‏‬

‫والعجيب في أمر الدولة العباسإية التي عاشت أكثر من خمسإة قضرون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أسإضتاذا وقائضضدا زمنيضضا وروحيضا ‪ -‬‏مضضع اختلف‬
‫في الدرجة ‪ -‬‏العجيب أن هذه الدولة قد اشتملت على باب كامل من أبواب تاريخنا تكاملت له البدايضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والعقضضدة‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏والنهاية‪ .‬‏‬

‫‪25‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وكما تعرضت هذه الدولة لعلل النفصال عنها بوضوح منذ منتصف القرن الثالث الهجري ببروز الدولة الطولونية في‬
‫مصضضر ‪ ،‬فإنهضضا كضضانت تتعضضرض علضضى امتضضداد النصضضف الثضضاني مضضن القضضرن الثضضالث المضضذكور لهضضذه العلضضل علضضى امتضضداد أرضضضها‬
‫كلها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كانت حركات النفصال التي كضضانت ل تضزال تخطضضب فضي المغضضرب باسإضم الخليفضة العباسإضي " ‏حركضات الغالبضة‬
‫والرسإاميين والدارسإة " ‏بدل من هذا أصبح الفاطميون حركة عصيان وتمرد علني‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بل وخروج على اليديولوجيضضة‬
‫العباسإية ‪ .‬‏‬

‫ومضضن الغريضضب أن حركضضة خضضروج أخضضرى تحمضضل نفضضس العضضداء السإياسإضضي والعسإضضكري للخليفضضة العباسإضضي ‪ ،‬إوان كضضانت لضضم تخضضرج‬
‫أيديولوجيا ‪ ،‬كانت قضد بضرزت فضي خ ارسإضان وتمخضضت عضن صضراع عسإضكري اتبعضضه انفصضال عضن الدولضة فضي سإضضنة ‪254‬ه‬
‫وهي السإنة نفسإها التي برزت فيها الدولة الطولونية وسإميت حركة النفصال في خراسإان هضضذه باسإضضم " ‏الدولضضة الصضضفارية‬
‫" ‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وكضضان لخ ارسإضضان ‪ -‬‏كمضضا هضضو معضضروف ‪ -‬‏وضضضع خضضاص فضضي الدولضضة إذ كضضان هضضؤلء الخ ارسإضضانيون يشضضعرون بضضأنهم أصضضحاب‬
‫فضضضل علضضى الدولضضة العباسإضضية ‪ ،‬وبضضأن سإضضيدهم " ‏أبضضا مسإضضلم الخ ارسإضضاني " ‏هضضو المؤسإضضس الكضضبر فضضي رأيهضضم للدولضضة العباسإضضية ‪،‬‬
‫لكنهم ‪ -‬‏وهذا رأيهم كذلك ‪ -‬‏جوزوا جزاء " ‏سإنمار " ‏حيضن قتضل أبضو جعفضر المنصضور الثضاني ثضاني الخلفاء العباسإضيين أبا‬
‫مسإلم هذا ‪ .‬‏‬

‫وقد تجاوزت الخلفة العباسإية عن خراسإان بعض الشيء بدافع من الوفاء والمجاملة ‪ ،‬وتركضضت " ‏لطضضاهر بضضن الحسإضضين "‬
‫الذي قدم للدولة خدمات جليلة فرصة التحكم في خرسإان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏له ولبنائه من بعده فضي إطضار الخلفضضة الجامعضة والسإضضمع‬
‫والطاعة لدولة الخلفة عاصمة وخليفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حربا وسإلما ‪ .‬‏‬

‫لكن منتصف القرن الثالث شهد بروز جماعة من المجاهدين الحريصين على بقاء هيبة الخلفة ‪ .‬‏تمكضن " ‏يعقضوب بضن‬
‫الليضضث الصضضفري " ‏مضضن التصضضال بهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والسإضضيطرة عليهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وتحويلهضضا إلضضى جماعضضة خادمضضة لضضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏نجضضح بهضضا فضضي‬
‫تأسإيس " ‏الدولة الصفارية"‪ .‬‏‬

‫وقد اسإتطاع يعقوب أن يجتذب إلى تأييده عددا من المتطوعين الجضدد ‪ ،‬فعظم جيشضه‪ ،‬واسإضتطاع أن يحضدث القلضقا لضدى‬
‫دولضة الخلفضضة ‪ ،‬وبضضالقلقا إواظهضار تعضاونه مضضع الدولضة ‪ ،‬وحروبضه تظضاه ار لمصضلحتها ‪ ،‬ثضضم باصضطدامه بهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏اصضضطداما‬
‫فاشل كاد‬

‫يلقى حتفه فيه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بكل هذا سإكتت الخلفة عن هذه الحركات التي ولضضدت لتمضضوت ‪ ،‬ولضضم يلبضضث يعقضضوب أن مضضات متضضأث ار‬
‫بجراحه سإنة ‪256‬هض في سإابور ‪ .‬‏‬

‫وخلفضضه أخضضوه عمضضرو بضضن الليضضث‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأقضضرت الخلفضضة وليتضضه علضضى خ ارسإضضان ولواحقهضضا كالسإضضند وسإجسإضضتان وكرمضضان وفضضارس‬
‫وأصبهان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فأظهر عمرو الطاعة الكاملضة للخلفضة ‪ ،‬لكنضه ‪ -‬‏أمضام كضرم الخلفضة ‪ -‬‏قضد زاد فضي أطمضاعه ‪ ،‬ودخضل في‬
‫معضضارك مضضع السإضضامانيين فضضي بلد مضضا وراء النهضضر ‪ ،‬واسإضضتطاع السإضضامانيون بقيضضادة إسإضضماعيل بضضن نصضضر السإضضاماني أسإ ضره فضضي‬
‫إحدى المعارك ‪ ،‬وسإيروه مكبل إلى الخليفة العباسإضي المعتضضد ‪..‬وأحضضر إلضى مجلضس الخليفضة المعتضضد محمضول علضى‬
‫جمل ذي سإنامين ‪ ،‬وسإجن حتى مات في سإجنه سإنة ‪287‬هض ‪ .‬‏‬

‫‪26‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫واضضضطرب أمضضر الصضضفاريين لمضضدة ثلثضضة أع ضوام بعضضد ذلضضك ‪ ،‬وسإضضقطوا كمضضا تسإضضقط كضضل حركضضة انفعاليضضة ترتكضضز علضضى طمضضوح‬
‫شخصي ‪ ،‬وتفتقد الوعي بحركة التاريخ وبأيديولوجية قتالية واضحة تسإتأهل الموت في سإبيلها ‪ .‬‏‬

‫ودائمضضا يعلمنضضا التاريضضخ السإضضلمي العظيضضم مضضن تجربضضة النقلب ‪ ،‬الضضذي سإضضماه المؤرخضضون غيضضر المحضضددين بعمضضقا لرصضضيد‬
‫المصطلحات " ‏الدولة الصفارية " ‏؛ يعلمنا التاريضخ السإضضلمي العظيضم أن " ‏النضضدفاع غيضضر الموضضضوعي وغيضضر المتناسإضقا‬
‫مع روح التطور ل مصير له إل الموت السإريع " ‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫الخشيديون على خطى الطولونيين يسقطون !‏‏!‏‏‬
‫فضضي ق ضوانين الحضضضارة ‪ :‬‏أن المضضادة والضضروح ل تفنيضضان فنضضاء مطلقضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأن بضضذور الخيضضر والشضضر ل يمكضضن أن تمضضوت موتضضا‬
‫أبديا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأن الخير أو الشر يتحولن إلى مضادة خام‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لميلد جديضد سإضواء كضان هضذا الميلد انبعاثضة خير أو انبثاقضة‬
‫شر ‪ .‬‏‬

‫وبوسإع علماء الحضارة أن يقضدموا نمضاذج عديضدة تضبين بوضضوح أن " ‏الخمضر العتيقضة " ‏ل يمكضن أن تضذوب دون أن تضدخل‬
‫فضضي صضضنع مضضآدب حضضضارية جديضضدة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تمامضضا كالجسإضضم الميضضت الضضذي يضضدخل فضضي أجسإضضام أخضضرى حيضضة يمنحهضضا مضضن طضضاقته‬
‫الذاهب ضضة طاق ضضات جدي ضضدة مندفع ضضة للحي ضضاة والب ضضداع ‪ ،‬وكم ضضا يأك ضضل النسإ ضضان لح ضضوم ال ضضدواجن والحيوان ضضات الخ ضضرى الحلل‬
‫والسإضضماك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثضضم يتحضضول هضضو يومضضا إلضضى طعضضام يسإضضهم فضضي إحيضضاء حيوانضضات أخضضرى‪ ..‬‏أو فضضي منضضح الرض بعضضض الم ضواد‬
‫الكيماوية والحضضارات تمضضر بنفضضس الطريضضقا الضدائري الخالضد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فأثينضضا برقيهضضا الفلسإضفي والدبضضي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تتحضول إلضى خميضرة‬
‫حضارة لروما ‪ ،‬والحضارة الوربية تقوم على خميرة الحضارة السإلمية وبقايا الحضارات الرومانية ‪ .‬‏‬

‫وعندما زرع أحمد بن طولون منشئ الدولة الطولونية أولى بذور الحركات النفصالية في مصر عن الخلفضة العباسإضية‬
‫الجامعة والم ‪ ،‬بدأت بزرعه لهذه البضذرة الخبيثضة بضضذور النفصضام تضدب فضي نفضوس قضضوى كضضثيرة جياشضة بالفوضضى ‪ .‬‏ ازخضرة‬
‫بالطموح الشخصي‪ ،‬ناقمة على قيادة العباسإيين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الجامعة ‪ .‬‏متأثرة بعوامل قومية من تلك العوامل الضضتي تضضدمر روح‬
‫الحضضضارة وتبشضضر بمسإضضتقبل ضضضائع ميضضت‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد كضضانت دولضضة ابضضن طولضضون مثضضال لكضضثير مضضن الضضدويلت الضضتي شضضذت علضضى‬
‫الخلفضضة ‪ ،‬وشضضيدت أبنيتهضضا المتداعيضضة علضى أنقضاض الخلفضضة ‪ ،‬ولضضم يعضد لكضضثير منهضضا علقضضة بالخلفضة أكضضثر مضن العضتراف‬
‫بسإلطة الخليفة السإمية ‪ .‬‏‬

‫وبعد السإقوط المتوقع لهضذه الدولضضة عضادت مصضر وسإضورية إلضضى حكضم العباسإضضيين ‪ ،‬بيضد أن بضضذرة النفصضال ‪ -‬‏كمضضا ذكرنضا ‪-‬‬
‫كانت قد زرعت في نفوس قوى كثيرة ‪ ،‬جائشة بالفوضى فوارة بالنوازع القومية الوثنية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فما كادت دولة ابن طولون‬

‫‪27‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫تمضضوت حضضتى حلضضت محلهضضا بعضضد برهضضة زمنيضضة قصضضيرة ‪ -‬‏فضضي مصضضر ‪ -‬‏دولضضة الخشضضيديين الضضتي أسإسإضضها " ‏محمضضد بضضن طغضضج "‬
‫والتي عاشت آيلة للسإقوط بين سإنوات ‪ -‬‏‪ 323‬‏‪ /‬‏‪358‬هض ‪ -‬‏‪ 935‬‏‪ /‬‏‪969‬م ‪ .‬‏‬

‫وكضضانت بدايضضة الدولضضة نظي ضرة لنفضضس البدايضضة الضضتي انطلقضضت منهضضا الدولضضة الطولونيضضة ‪ ،‬فمحمضضد ابضضن طغضضج وكضضل إليضضه مضضن قبضضل‬
‫الخلفة العباسإية أمر مصر لتنظيم أحوالها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فنظم أحوالها لنفسإه واسإتقل بالمر ‪ ،‬واسإتولى على سإضضورية وفلسإضضطين‬
‫وضم مكة والمدينة إلى دولته ‪ .‬‏‬

‫وبموت ابن طغج حكم بعده ابنان له صغيران لم يكن لهما من الحكم إل اسإمه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكانت مقاليضد المضضور فضي الحقيقضة‬
‫منوطة بيد عبد خصي حبشي يدعى " ‏كافور " ‏" ‏أبا المسإك " ‏‪ -‬‏كان ابضن طغضج الضذي لقضب بالخشضيد ‪ -‬‏قضد اشضتراه مضن‬
‫تاجر زيت بثمانية دنانير ‪ .‬‏‬
‫وقد اسإتقل هذا العبد الحبشي بإدارة مصر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‪ -‬‏وكانت له مضع شاعر العصضر أبضي الطيضب المتنضبي قصضص مشضهورة‬
‫‪ -‬‏كما أن هذا العبد الخصي نافس دولة الحمدانيين التي ظهرت في شمال سإورية ‪ .‬‏‬

‫وعض ضضبر خمسإض ضضة حكض ضضام ضض ضضعاف باسإض ضضتثناء أولهض ضضم محمض ضضد بض ضضن طغض ضضج ‪ -‬‏مشض ضضت الدولض ضضة مسإض ضضرعة فض ضضي طريقهض ضضا إلض ضضى المض ضضوت‬
‫المحققا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فلم يكن الحاكمان التاليان لمؤسإسإي الدولة إل تابعين لكافور ‪ -‬‏كما ذكرنا ‪ -‬‏وبموت كافور وتولي " ‏أبي‬
‫الفوارس أحمد " ‏سإقطت الدولة سإقوطا مروعا على يد جوهر الصقلي قائد المعز لدين ال الفاطمي سإنة ‪358‬هض ‪ .‬‏‬

‫ولم يقدر لهذه الدولة أن تخلف شيئا يذكر من المآثر العامة ‪ ،‬كما أن الحياة الدبية والفنية لم تكن ذات بال فيها ‪ ،‬ولضضم‬
‫يظهر كلمعضة الشضمس المتوهجضة إل ذلضك الضضيف البضاحث عضن فضضلة مضن كضأس الحكم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يضدعم بهضا غضروره الشضعري‬
‫وتفوقه الجدير بالتقدير في ميدان الكلمة المسإيطرة المرة !‏‏!‏‏ ‏وعندما ضن عليه كافور بفضضضلة الكضضأس هضضرب مضضن مصضر‬
‫دون " ‏تأشيرة خروج " ‏ولقي حتفه جزاء له‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بعد أن ترك حقده على السإلطة ممثل في أشهر أبياته ‪ :‬‏‬

‫إن العبيد لنجاس ماناكيد‬ ‫ل تشتر العبد إل والعصا ماعه‬

‫مريدا بذلك أشهر حكام الدولة الخشيدية " ‏كافور " ‏‪ .‬‏‬

‫ولضضو لضضم يصضضل جضضوهر إلضضى حضضدود مصضضر لسإضضقطت الدولضضة الخشضضيدية بفعضضل عامضضل آخضضر ‪ ،‬فعنضضدما ل يكضضون هنضضاك مضضبرر‬
‫للوجود‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ل يكون ثمة مبرر للبقاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول تفعل القوى الخارجية التي تسإيطر على المم والشعوب سإضضوى أن تتقضضدم‬
‫في فراغ دون أن تصطدم بجدران حضارية أو صخور قوية راسإخة بالعقيدة " ‏بمبرر الوجود‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ومؤهل البقاء " ‏!‏‏ ‏‬

‫‪28‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫سقوط الساماانيين في فارس‬
‫كمضا ل تلضد الطفضرات غيضر الطبيعيضة إل طفضرات مضضادة اندفاعيضة ‪ -‬‏هكضذا تحضضولت أرض خ ارسإضان ‪ -‬‏منضذ أن ابتضدع فيهضا‬
‫سإنة النفصال عن العباسإيين بنو طاهر ‪ ،‬ولئن كان بنو طاهر قضد أفلتضوا مضن العقضاب المضاد ‪ ،‬لنهضم لم يكونضوا حركضة‬
‫ثورية عنيفة ‪ ،‬إوانما كانت انفصال هادئا في حدود السإلطة الرسإمية المشروعة ‪ ،‬سإلطة الخلفة العباسإية الم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لئن‬
‫كان هذا قد تضم لهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فضإن المضور قضد اسإضتفحلت مضن بعضدهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأصضبح الشضذوذ هضو القاعضدة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وانقلبضت الرض‬
‫الخراسإانية إلى أرض للثورات المذهبية والجنسإضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولعضل هضضذا كضضان مضن أكضبر عوامضضل القضضاء علضى الضدور التضاريخي‬
‫الذي كان يمكن أن يلعبه الخراسإاني في صنع الحضارة السإلمية النسإانية ‪ .‬‏‬

‫فحيثما حل العنف واللمشروعية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وانسإاقت الجماهير دون تعقل خلف رايات متعددة ‪ ،‬وخلف كلمات مبهمضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫فقدت بالتالي قدرتها على الرؤية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقدرتها على العطاء الحضاري ‪ ،‬أصبحت لعبة في يضد كضل نضاعقا سإضواء كضان ذا‬
‫صوت طبيعي أو مصطنع ‪ .‬‏‬

‫وهكذا شرب الطاهريون النفصاليون من نفس الكضأس الضتي أذاقوهضا للعباسإضيين ‪ ،‬فقضام الصفاريون عليهضم واسإضتولوا علضى‬
‫حكم خراسإان سإنة ‪261‬هض بقيادة يعقوب ابن الليث الصفاري ‪ .‬‏‬

‫وكان بنو سإامان الذين يرجع نسإبهم إلى سإامان أحد نبلء " ‏بلخ " ‏قد نشأوا عمال مسإلمين لبني طاهر‪ .‬‏ثم لم يلبث ضوا أن‬
‫اسإ ضضتأثروا بفضضارس ومضضا وراء النه ضضر م ضضن ‪ 874‬‏هض ض إل ضضى سإضضنة ‪999‬م وك ضضان ذلضضك علضضى أش ضضلء النقلبيي ضضن النفصضضاليين ‪:‬‬
‫الطاهريين والصفاريين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكان مؤسإس دولتهم الول هو نصر بن أحمد ‪ ،‬إل أن موطضضد الدولضضة هضضو إسإضضماعيل الضضذي‬
‫قدر له أن يهزم يعقوب بن الليث الزعيم الصفاري وأن يصيبه بجروح قاتلة ‪ .‬‏‬

‫وفي عهد ملكهم نصر الثاني بن أحمضد ‪ -‬‏‪ 913‬‏ ‪ /‬‏ ‪ 943‬‏ ‪ -‬‏وهضو ال اربضع مضن ملضوكهم ‪ ،‬وسإضعوا ملكهضم إلضى أعظضم حضدود‬
‫وصلوا إليها ‪ ،‬فاسإتولوا على سإجسإتان وكرمان وجرجان وما وراء النهر وخراسإان وتمتعوا بسإلطة مسإتقلة ‪ ،‬إوان كانوا لضضم‬
‫يقطعوا الصلة الرسإمية السإلمية بالخليفة العباسإي في بغداد ‪ .‬‏‬

‫وقد قدمت هضضذه الدولضة بعضضض مظضاهر التقضضدم العلمضضي والدبضي سإضواء مضضن ناحيضة اللغضضة أو الدب شضع ار ونضثرا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضانت‬
‫النهضة الفارسإية فيها أبضرز مضن النهضضة العربيضة مضن ناحيضة فكرهضا وطابعهضا العضام باعتبارهضا دولضة فارسإضية ‪ ،‬ففيهضا ظهر‬
‫الرازي الشهير ‪ ،‬وقدم كتابه المنصوري في الطضب إلضى أحضد ملوكهضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضان ابضن سإضينا أحضد المضترددين علضى مكتبضات‬
‫بخارى عامة الدولة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ووضع الفردوسإي أشعاره بالفارسإية لمرائها ‪ .‬‏‬

‫علضضى أن أسإضضلوب الطف ضرات غيضضر الطبيعيضضة الضضتي ل بضضد لهضضا أن تلضضد طف ضرات مضضضادة انفعاليضضة ‪ ،‬لضضم يلبضضث أن ظهضضر كقضضانون‬
‫حضاري ل بد له من أن يؤدي دوره مع الدولة السإامانية ‪ ،‬كما أداه مضضع الطضضاهريين ومضضع الصضفاريين ‪ ،‬ومضضع الطولضضونيين‬
‫والخشيد ‪ ،‬فلم تنج الدولة بالتالي مضن عناصر التهضديم والفوضضى الضتي قضضت على مضا سإضواها مضن الحركضات النقلبيضة‬
‫في ذلك العصر ‪ .‬‏‬

‫‪29‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وبالضضضافة إلضضى المشضضاكل الخارجيضضة الضضتي كضضانت تسإضضببها الخلفضضة للدولضضة كلمضضا أتيضضح لهضضا ذلضضك ‪ ،‬وفضضضل عضضن سإضضرعة تضوالي‬
‫الم ضراء علضضى الحكضضم بتضضأثير الص ضراع الضضداخلي بيضضن السإ ضرة الحاكمضضة ‪ ،‬وبتضضأثير مطضضامع الكضضبراء العسإضضكريين الضضذي يظنضضون‬
‫أنفسإهم أولى بالحكم لنه ل يوجد من يفوقهم في حكم البلد ‪ ،‬فكلهم أصحاب حقا في مغانم النقلب النفصالي ‪ .‬‏‬

‫بالضضضافة إلضضى هضضذا وذاك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ظهضضر خطضضر جديضضد يهضضدد كيضضان السإضضامانيين ويضضؤذن بضضأفول شمسإضضهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولقضضد بضضدا أنهضضم‬
‫يكادون يشربون من نفس ما أذاقوه للخلفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تماما كما شرب غيرهم من النفصاليين ‪ .‬‏‬

‫وقد ظهرت القبائل التركية البدوية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وارتفضع نجمهضا فضي الدولضة ‪ ،‬وسإضيطرت على الشضئون الداخليضة للدولضة ‪ ،‬وتحضولت‬
‫القضوة تضدريجيا مضن أيضدي السإامانيين إلضى أيضدي التضراك المضوالي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وحضتى قصضورهم كضان التضراك يتمتعضون بنفضوذ كضبير‬
‫فيها ‪ .‬‏‬

‫وقد نجح الغزنويون الذين كانوا من الموالي التراك في انتزاع الجنوب ‪ ،‬كما وقعت المنطقة الشمالية مضضن نهضضر جيحضون‬
‫في أيدي خانات تركسإتان " ‏اليلقا " ‏الذي قدر لهم أن يسإتولوا على عاصمة السإامانيين " ‏بخارى " ‏ثم لم يلبثوا ‪ -‬‏بعد‬
‫تسإع سإنوات ‪ -‬‏أن التهموا الدولة السإامانية !‏‏!‏‏‪ .‬‏‬

‫ولضم تكضن الدولضة السإضامانية أكضثر مضن حركضة قوميضة غرقضت فضي إحيضاء تراثهضا الخاص ‪ ،‬كمضا أنهضا لضم تكضن أكضثر مضن حركضة‬
‫انقلبية قامت بأسإلوب الطفرة غير الطبيعية وانتهت كذلك بأسإلوب الطفضرة غيضضر الطبيعيضضة سإضضنة ‪308‬ه ض بعضضد أن عاشضت‬
‫في ظل حماية ‪ -‬‏ضعف الخلفة ‪ -‬‏قرنا من الزمان !‏‏!‏‏ ‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫البويهيون الذين سطوا على الخلفة يسقطون !‏‏!‏‏‬
‫بينمضضا كضضانت الدولضضة العباسإضضية تسإضضتجمع قواهضضا وتلتقضضط أنفاسإضضها بعضضد تخلصضضها مضضن حركضضات النشضضقاقا فضضي خ ارسإضضان ومصضضر‬
‫أخريضات القضرن الثضالث للهجضرة ‪ ،‬بينمضا هضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضانت الدولضة تنتقضل بسإضرعة لتضدخل فضي طضور جديضد ذي معضالم جديضدة لضم‬
‫تشضضهدها مضضن قبضضل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبضضدخولها هضضذا الطضضور شضضهدت انفصضضال ضضضخما بيضضن أرسإضضها وجسإضضدها ظضضل هضضو السإضضمة العامضضة‬
‫المسإيطرة عليها لحين زوالها رسإميا من محاضر التاريخ سإنة ‪656‬هض ‪ .‬‏‬

‫‪30‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫إن المر لم يكن مجرد حركة انشقاقا هذه المرة ‪ ،‬كما أنه لم يكن مجرد السإتئثار بحكم جزء من الدولضضة ‪ ،‬مضضع رفضضع اريضضة‬
‫الدولضضة ‪ ،‬كمضضا أنضضه لضضم يكضضن ثضضورة انفعاليضضة مذهبيضضة أو سإياسإضضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد كضضان المضضر أعمضضقا مضضن ذلضضك بكضضثير‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد كضضان‬
‫أسإلوبا جديدا في التعامل مع الدولضة العباسإضية الجامعضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد كضان احتضواء لهضا أو بتعضبير آخضر سإضضيطرة عليهضا وفضضرض‬
‫نضضوع مضضن الوصضضاية علضضى خليفتهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولول مضرة فضضي تاريضضخ الدولضضة السإضضلمية نضضرى بعضضض الخلفضضاء ‪ -‬‏علضضى نحضضو واضضضح‬
‫وعنيف ‪ -‬‏لعبة في يد بعض المغامرين ‪ ،‬ونرى بعض الخلفاء يعزلون ويولون دون أن يكون لهم من المر شيء‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫يفعل باسإمهم كل شيء ويخطب لهم على كل منبر وتعلن باسإمهم الحروب التي ل ناقة لهم فيهضا ول جمل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وليضس‬
‫هضضذا وحسإضضب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بضضل لول م ضرة تصضضبح الخلفضضة عبثضضا يهضضرب منضضه الخلفضضاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وينضضأى عنضضه المحضضترمون لنفسإضضهم لن‬
‫مصير الخليفة غالبا الجر من قدميه أو الجوع الشديد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وبدأ العالم السإلمي يترنح منذ هذا الحدث الضخم الذي انفصل فيه رأس المة عن جسإدها ‪ .‬‏‬

‫وقضضد حمضضل كضضبر هضضذا المضضر الخطيضضر ‪ ،‬الت ضراك مضضن الجنضضد الضضذين كضضانوا يمضضرون آخضضر القضضرن الثضضالث فضضترة تمضضزقا داخلضضي ‪،‬‬
‫وانقلب ضد الخلفاء الذين أتوا بهم ‪ ،‬بادئ المر لحمايتهم منذ أن انتشرت هذه السإنة السإيئة ‪ .‬‏‬

‫فلمضضا وصضضل أحمضضد بضضن بضضويه المؤسإضضس الحقيقضضي للدولضضة البويهيضضة ) ‏‪ 334‬‏ ‪-‬ضض ‏‪ 447‬‏(‏ ‏إلضضى بغضضداد‪ ،‬بعضضد أن كضضاتب الخليفضضة‬
‫المسإتكفي ‪ ،‬ووافقا الخير على دخوله بغداد فدخلها في يسإر ودون مشقة وفتحت له أبضواب بغضداد ‪ ،‬واسإضضتقبله الخليفضة "‬
‫المسإتكفي " ‏ولقبه معز الدولة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفضرح النضاس بضه لينقضذهم مضن الفوضضى الضتي أحضدثها الجنضد التضراك فضي جهاز الدولضة‬
‫وبين الشعب ‪ .‬‏‬

‫لما تم هذا الدخول وتحضولت بضضه الدولضة إلضى حمايضة البضويهيين الرسإضمية ‪ ،‬بعضد أن كضضان خضضضوعها للتضراك مجضرد نشضاز أو‬
‫انقلب في داخل السإلطة يعتقد الناس أنه طارئ ل بد أن يزول ‪ .‬‏‬

‫لمضضا تضضم ه ضضذا ك ضضانت الخلفيضضة التاريخي ضضة فضضي ذه ضضن البضضويهيين واضضضحة‪ ،‬وك ضضان دخضضولهم بغ ضضداد بمثاب ضضة تقل ضضد صض ضريح لقيضضادة‬
‫الخلفضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقيضضادة المسإضضلمين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد فهضضم الخلفضضاء أنفسإضضهم هضضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فلضضم يحضضاولوا منافسإضضة البضضويهيين فضضي السإضضلطة‬
‫التنفيذية أو السإياسإية ‪ .‬‏‬
‫بيضضد أن المضضر لضضم يقضضف عنضضد هضضذه الحضضدود بالنسإضضبة للبضضويهيين ‪ ،‬فلقضضد تمضضادوا فضضي المضضر‪ ،‬وقضضد زعمضوا لنفسإضضهم نسإضضبا سإاسإضضانيا‬
‫فارسإيا‪ ،‬وبما أنهم كانوا يعتنقون المضذهب الشضيعي الزيضدي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فقضد حاولوا فضرض المنضاخ الشضيعي على النضاس ‪ ،‬بضل إن‬
‫أحمضضد بضضن بضضويه المضضذكور حضضاول تغييضضر الخلفضضة العباسإضضية إلضضى خلفضضة شضضيعية لضضول نصضضيحة أصضضحابه لضضه بضضأن يتجنضضب ذلضضك‬
‫خشية العواقب ‪ .‬‏‬

‫ولم يعد للخليفة في ظلهم حتى حقا تعيين كتابه ووزرائه ‪ ،‬وقد منع وارد الخليفة عنه ‪ ،‬ولم يعد يصضله إل مرتضب شضهري‬
‫اسإتبدل به مرتب سإنوي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثم اقتطع منه بعد ذلك بحجج واهية ‪ ،‬وقد بلغ إذلل بعض الخلفاء مبلغضضه المسإضضتكفي عضضن‬
‫الخلفة وعزل الخليفة الطائع وعزل غيرهما ‪ ،‬وقد عزل المطيع ل نفسإه بعد أن رأى أنه ل قيمة له !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وقضضد وقضضع البويهيضضون فيمضضا وقضضع فيضضه التضراك ‪ ،‬فقضضد أحضضدثوا الفوضضضى فضضي البلد وصضضادروا المضوال ‪ ،‬ودخلضوا مضضع النضضاس فضضي‬
‫صراع عنيف من أجل الحصول على الموال ‪ .‬‏‬

‫‪31‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وخلل أكثر من قرن ظل البويهيون يسإضضيطرون علضى خلفضضة العباسإضيين ‪ ،‬ولضضم يفعلضوا فيهضضا شضيئا ذا بضال سإضوى أن يضضضيفوا‬
‫إلى صورة الجند التراك مزيدا من ملمح الطيش والرعونة ‪ .‬‏‬

‫وكمضضا هضضي العضضادة فضضي أمثضضال هضضذه السإضضر المتسإضضلطة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أنهضضا سإ ضريعة النقسإضضام علضضى نفسإضضها شضضديدة التنضضافس فيمضضا بينهضضا‪،‬‬
‫وهك ضضذا سإ ضضقطت السإض ضرة البويهي ضضة إل ضضى حض ضضيض النقسإ ضضام والتناط ضضح ال ضضداخلي‪ ..‬‏وع ضضانى المسإ ضضلمون م ضضن وراء تن ضضاطحهم‬
‫وتسإلطهم الشيء الكثير ‪ .‬‏‬

‫إن سإيطرة عنصر من العناصر المتعصبة قوميا أو المتأثرة بخلفية تاريخية لم تتخلضص مضن شضوائبها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هضو أبضرز مضا‬
‫واجه ركب مسإيرتنا الحضارية والتاريخية ‪ .‬‏‬

‫وبالقوميضضة المتعصضضبة وبأصضضحاب النزعضضات المشضضبوهة وذوي الضضولء لحضضضارات معاكسإضضة لنضضا ولخطنضضا الحضضضاري ‪ ،‬بهضضؤلء‬
‫تمت عملية سإقوطنا المتكرر في مراحل تاريخنا ‪ .‬‏‬

‫لكن تاريخنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الذي تتدخل فيه إرادة ال بحفظ هذا الدين كي يظل المعلم الثابت المضيء في ليضضل البشضرية الطويضضل‬
‫المظلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫هذا التاريخ يجد مع كل نكبة تاريخية ‪ ،‬أو فترة من فضترات التضداعي والهبضوط ‪ ،‬مضن يعيضد إلضى الجسإم حيضويته ويمنضع عنضه‬
‫السإقوط القاتل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهكذا انبعث ‪ -‬‏من جديد ‪ -‬‏من بيضن التضراك أنفسإضضهم عنصضر إسإضلمي مجاهضد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أعضاد للخلفضة‬
‫شبابها ‪ ،‬ونجح قائد التراك السإلجقة " ‏طغرلبك " ‏سإنة ‪ 447‬‏هض في أن يقضي على دولة البويهيين ‪ .‬‏‬

‫وبين عشية وضحاها سإقط البويهيون الذين أثبت تاريخهم أنهم غير أهل لتحمل أمانات التاريضخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد تعبضت المضة‬
‫مضضن ج ضراء سإياسإضضتهم أشضضد التعضضب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لن التاريضضخ يعلمنضضا دائمضضا أنضضه " ‏بانفصضضال رأس المضضة عضضن جسإضضدها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تتعطضضل‬
‫طاقات الحياة فيها " ‏‪ .‬‏‬

‫‪32‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫سقوط النفصاليين في طبرستان‬
‫في كل دولة جامعة كالدولة العباسإية ‪ ،‬يمكن لي راغب في السإلطة أن يجد مندوحة للقيام بثورة ولرفضضع اريضضة النفصضال‬
‫‪ ،‬إواقامة حكم ذاتي له ولبنائه‪ .‬‏‬

‫فثمة قوميات مختلفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏من السإهل اسإتجاشة عواطف كل منها القومية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وثمة أوطان مختلفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏من السإهل الضرب على وتر السإتقلل ودعوى الحرية الذاتية فيها ‪ .‬‏‬

‫وثمة عقائد مختلفة ‪ .‬‏سإواء عقائد مخالفة تماما ‪ ،‬أو عقائد منشقة على العقيدة الصضضل ‪ ،‬وبالتضضالي يمكضضن الضضضرب علضى‬
‫وتر من ينضمون إلى هذه العقيدة المضادة أو المنشقة ‪ ،‬من أجل سإيطرة العقيدة المضادة على العقيدة الصل ‪ .‬‏‬

‫وثمة لفتات أخرى كثيرة يمكن أن يجد فيها كضل ارغضب في التمضرد ‪ -‬‏التضبرير الضذي يسإضهل لضه أمضام الجماهير ‪ -‬‏لسإضيما‬
‫الغوغضضاء الضضذين يجضضرون وراء كضضل نضضاعقا بضضدون وعضضي ‪ -‬‏عمليضضة الثضضورة والنفصضال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضانت هضضذه أكضضبر التحضضديات الضضتي‬
‫واجهت الدولة العباسإية الجامعة ‪ .‬‏‬

‫وكضضان طضضابع النفصضضال فضضي طبرسإضضتان وبلد اليمضضن مختلفضضا عضضن محضضاولت السإضضتقلل بالسإضضلطة فقضضط ‪ ،‬كضضان يحمضضل بضضذرة‬
‫النشقاقا الروحي عن الخلفة العباسإية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كان يحمل بين يديه دعوى آل البيت والترويج لحقيتهم في الخلفة ‪ .‬‏‬

‫وفي طبرسإتان في النصف الول من القرن الثالث للهجرة ضغط علضى الفلحيضضن القطضاع المت ازيضضد ‪ ،‬وقضضد أقطضضع الخليفضضة‬
‫العباسإي محمد بن عبد ال بن طاهر ‪ -‬‏حاكم بغداد ‪ -‬‏أراضي في طبرسإتان لم تكفه ‪ ،‬فقام بوضضع يضده علضى الراضي‬
‫المجاورة له‪ ،‬مما جعل الفلحين يضجون من ذلك ‪ .‬‏‬

‫وقد اسإتغل بعضهم هذه الفرصة ‪ ،‬فقاموا بإعلن الثورة على القطاع ووعدوا السإكان برفع الجحضاف والظلضم وفضضي سإضنة‬
‫‪250‬ه وبالتحديد ‪ -‬‏قام الحسإن بن زيد بإعلن ثورته وجمع حوله عددا كبي ار من الفلحين ‪ ،‬واسإضضتولى علضى طبرسإضضتان‬
‫وجرجضضان ‪ ،‬ونجضضح فضضي إقامضضة إمضضارة مسإضضتقلة باسإضضمه ‪ -‬‏وظلضضت دولتضضه قائمضضة حضضتى سإضضنة ‪287‬ه حيضضن ظهضضر السإضضامانيون‬
‫فأزاحوها ‪ -‬‏بسإهولة ‪ -‬‏عن المنطقة كلها ‪ .‬‏‬

‫‪33‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ومضضع ذلضضك ظلضضت هضضذه الضضدعوة الشضضعار المسإضضكين أو قميضضص عثمضضان الضضذي يتمسإضضح فيضضه الراغبضضون فضضي السإضضلطة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضضم‬
‫يصلون إلى أغراضهم عن طريقا رفع رايات مختلفة بحسإب الظروف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ليكن الشعار القضاء على السإضتغلل ‪ ،‬أو‬
‫محاربة القطاع المهم الوصول إلى الغاية ‪ .‬‏‬
‫ولم يمض إل قليل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أربعة عشضر عامضا فقضط‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حضضتى ظهضر متمسإضضح جديضضد فضي آل الضبيت !‏‏!‏‏ ‏ومضضن الغريضضب أن هضذا‬
‫الثائر الجديد " ‏حسإن بن علي الطروش " ‏الذي لقب نفسإه " ‏بناصر الحقا " ‏سإار علضى نفس الطريضقا الضذي سإضارت فيضه‬
‫الحركة السإابقة التي تزعمها الحسإن بن زيد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فقد قام في طبرسإتان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد رفضضع شضضعار " ‏القضضضاء علضضى القطضاع "‬
‫وأبرز سإلح آل البيت ‪ ،‬وكما هو المرتقب ‪ ،‬التف حوله الفلحون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ونجح في الوصول إلى السإلطة ‪ .‬‏‬

‫وكما هو المنتظر كذلك ‪ ،‬لم تلبث هذه الحركة على مسإضرح السإلطة فضي طبرسإضتان أكضثر مضن ثلثضة عشضر عامضا ) ‏‪301‬‬
‫‪-‬ضض ‏‪314‬هض (‏ ‏وانكشفت حقيقتها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولقيت حتفها بفعل عاصفة " ‏الزياريين " ‏الذين أطاحوا بحكم الطروش ‪ ،‬وحكمضوا‬
‫جرجان وطبرسإتان بين أعوام ) ‏‪ 315‬‏‪ -‬‏‪417‬هض (‏ ‏ثم زالوا كما زال غيرهم ‪ .‬‏‬

‫وفض ضضي جنض ضضوبي الجزي ض ضرة العربيض ضضة ظهض ضضرت دعض ضضوة الزيض ضضديين رافعض ضضة اريض ضضة آل الض ضضبيت ‪ ،‬متمسإض ضضحة فض ضضي شض ضضعار القضض ضضاء علض ضضى‬
‫القطاع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد نجضح يحيضى بضن الحسإضين مضن أحفاد القاسإضم الرسإضي أحضد كبضار علمضاء المضذهب الزيضدي في إقامضة حكم‬
‫لنفسإه متخذا من " ‏صعدة " ‏عاصمة له ‪.‬‬

‫وقد حكمت الدولة الزيدية مضدة طويلضة بلغضت قريبضضا مضضن أربعضضة قضرون ونصضضف ‪ .‬‏واعتمضضدت هضضذه الدولضة فضي تكوينهضا علضى‬
‫أسإضضس أكضضثر أصضضالة مضضن مجضضرد " ‏القضضضاء علضضى القطضضاع "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبضضذا حققضضت لنفسإضضها انتصضضا ار وشضضهرة كضضبيرة علضضى امتضضداد‬
‫العالم السإلمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكانت في الحقا من الحركات الممتازة في التاريخ السإلمي ‪ .‬‏‬

‫وأيا كان المر ‪ ،‬فقد كان شعار " ‏القضاء على القطاع " ‏قميص عثمان الذي تمسإحت فيه دول كثيرة وحركات أكثر‪.‬‬
‫‪ .‬‏‪ .‬‏ولم تتضح الرؤيضضة عنضضد هضذه الحركضضات أو تلضك الضضدول إل أن تحقيضضقا علج اقتصضادي مضؤقت ل يكفضي لقامضضة دولضة ‪،‬‬
‫فضل عن أن ينشئ حضارة ل تضيف جديدا لموكب البشرية ‪ .‬‏‬

‫إن حجم العلج ل بد أن يكون مسإاويا لحجضم المضرض ‪ .‬‏كمضا أن مضن الضضروري أن تكضون نوعيضة الضدواء مناسإضبة لنوعيضة‬
‫المرض‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أما علج ظاهرة اقتصادية بالوصضضول علضى قمضة السإضلطة السإياسإضضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فهضو جرعضة كضضبيرة مضن العلج قضضد‬
‫تكفي للقتل والموت ‪ .‬‏‬

‫ومضضن هنضضا أخفقضضت كضضل الحركضضات الزاعمضضة القضضضاء علضضى القطضضاع ‪ ،‬لنهضضا بعضضد أن نجحضضت‪ ،‬أو أصضضدرت قرارهضضا بإصضضلح‬
‫الوضضضع القتصضضادي ‪ -‬‏إذا حضضدث ‪ -‬‏تجضضد نفسإضضها فضضي ف ضراغ ‪ ،‬وتجضضد أن مضضبرر وجودهضضا قضضد انتهضضى ولضضم يعضضد ثمضضة مضضا وجضضب‬
‫السإتمرار والبقاء‬

‫‪34‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫قصة سقوط الحمدانيين‬
‫مضضن " ‏تغلضضب " ‏‪ -‬‏إحضضدى قبائضضل العضضرب الكضضبرى ‪ -‬‏انبثقضضت دولضضة بنضضي حمضضدان ‪ ،‬جاعلضضة مضضن الموصضضل ‪ -‬‏أول المضضر ‪-‬‬
‫عاصمة لها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكان ذلك سإنة ‪317‬هض ‪ -‬‏‪929‬م – على يد زعيم الدولة حمدان بن حمدون ‪ .‬‏‬

‫كان على هذه الدولة الناشئة أن تلعب دورا ماصيريا في عدة جبهات ‪:‬‬

‫في محاولة تضميد جروح الدولة العباسإضية مضن الطعنضات المتتاليضة مضن التضراك الضذين اسإضتبدوا بهضا‪ ،‬وحولضوا خلفاءهضا إلضى‬
‫دمى للتسإلية واللهو‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأيضا من الطعنات النفصالية التي تصيب الدولة من كل صوب ‪ .‬‏‬

‫في مقاومة الغارات البيزنطيضة الضتي يقودهضا المضبراطور الرومضاني " ‏شميشضقا " ‏رغبضة في السإضتيلء علضى بيضت المقضدس‪،‬‬
‫وفي مقاومة المبراطور البيزنطي " ‏نقفور فوقاس " ‏الذي حاول بكل قوته السإيطرة على حلب والثغور المتاخمة لحضضدود‬
‫الدولة الرومانية ‪ .‬‏‬

‫فضضي مقاومضضة الحركضضة النفصضضالية الضضتي تحكضضم مصضضر الخشضضيدية ‪ ،‬وتريضضد فضضرض سإضضيطرة كاملضضة علضضى مصضضر وبلد الشضضام‬
‫والحجاز ‪ ،‬وتناوئ بالتالي أية حركة انفصالية أخرى تحاول بناء نفسإها على حسإابها ‪ .‬‏‬

‫لقضضد نجضضح الحسإضن بضضن عبضضد الض الحمضداني فضي أن يشضل نفضضوذ الضترك ‪ .‬‏وأن ينقضذ الخليفضة العباسإضي المتقضضي بضال مضضن اسإضتبداد‬
‫التضراك بضضه ‪ ،‬وقضضد رضضضي الخليفضضة العباسإضضي عضضن صضضنيعه ومنحضضه لقضضب أميضضر المضراء ومنضضح أخضضاه الم ارفضضقا لضضه لقضضب " ‏سإضضيف‬
‫الدولة " ‏لكنهما سإرعان ما هزما أمام التراك وخرجا من بغضداد عائضضدين إلضى عاصضضمتهما الموصضضل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏سإضنة ‪331‬ه ض ‪-‬‬
‫‪942‬م ‪ -‬‏‪.‬‬

‫ولمضضا تضضولى سإضضيف الدولضضة ‪ -‬‏وكضضان شضضجاعا كريمضضا ‪ -‬‏قضضام بعضضدة غضضارات لصضضد الضضبيزنطيين ‪ ،‬ونجضضح فضضي أن يطردهضضم مضضن‬
‫المناطقا التي تسإللوا إليها ‪ ،‬وواصل زحفه حتى دخل بلدهضضم واسإضضتولى علضى بعضض حصضضونهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والمهضم‪ ،‬زرع هيبتضه‬
‫في نفوسإهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وجدد شباب الرادة القتالية ‪ ،‬ولم تسإتطع بيزنطة أن تمد نفوذها إلى بلد الشام وفلسإطين ‪ .‬‏‬

‫وفي الجانب الخشيدي اسإتمر الحمدانيون في مقضاتلتهم تتبضع نفضضوذهم ‪ ،‬لكنهضم أيضام سإضيف الدولضضة خسإضضروا أمضامهم معركضضة‬
‫في قنسإرين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وانتهى المر بصلح وضع حدود الصراع المسإتمر بين جبهتيهما ‪ .‬‏‬

‫كانت هذه هي التحديات التي واجهتها دولة الحمدانيين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقد نجحت الدولة في بعضها وأخفقضضت فضضي أكثرهضضا ‪ ،‬ولقضضد‬
‫بدا سإيف الدولة الحمداني‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكأنه الرجل الوحيد الممثل لهذه الدولة ‪ .‬‏‬

‫كضضان سإضضيف الدولضضة بحضقا يملضضك أكضضبر رصضضيد مضضن أمجضاد الدولضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضضم يرفعضضه فضي سإضضجل التاريضضخ مضضا قضام بضضه مضضن حضضروب‬
‫خارجية وحسإب ‪ ،‬بل كانت له في مجال الحضارة والعمران الضداخلي مجضالت بضرز فيهضا أكضثر مضن بضروزه في المجالت‬
‫الخارجية ‪ .‬‏‬

‫‪35‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ولقد يبدو سإيف الدولة في أعين كثير من المؤرخين وكأنه هضارون الرشضيد أو المضأمون ‪ ،‬إوانضه ليعيضد إلضى الذهضان ذكضرى‬
‫تلضضك السإضضاحة العلميضضة الفكريضضة الضضتي مثلتهضضا بغضضداد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فضضي عصضضرها الضضذهبي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكضضن السإضضاحة كضضانت علضضى عهضضده‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫حلب الشهباء !‏‏!‏‏ ‏‬

‫كان سإيف الدولة ‪ -‬‏الذي احتضن المتنبي وأبا الفرج الصفهاني والفارابي وابن نباتة فضل عن أبي فراس الحمضضداني "‬
‫شاعر الدولة " ‏‪ -‬‏كان هذا الرجل يمثل قوة الدولة وقمة ما وصلت إليه من رفعة ‪ .‬‏‬

‫وظهرت الدولة بعده وكأنها بناء مائل للسإقوط ‪ .‬‏‬

‫وقد تولى الحكم بعد وفاة سإيف الدولة ثلثة خلفاء ضعاف حتى زالت في عهضضد أبضي المعضالي شضريف سإضضنة ‪394‬ه ض‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫أي أنها لم تعش بعد سإيف الدولة الذي مات سإنة ‪356‬هض أكثر من أربعين سإنة !‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫لقضد تمثلضت قضوة الدولضة الحمدانيضة فضي شخص ‪ ،‬وكعضادة الضدول الضتي ترتبضط بأشضخاص تسإضقط بسإقوطهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضان أكضبر‬
‫عامل حضاري زحزح الدولة الحمدانية عن مكانتها في التاريخ أنها فشلت في السإتجابة للتحدي الذي كضضان أقضوى منهضضا‬
‫‪ ،‬ولم تنهج النهج السإليم في مقاومته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏عن طريقا إيجاد وحدة إسإضضلمية تتجضضاوز الصضراعات الجزئيضضة لتضواجه الخطضضر‬
‫الحضاري الكبير‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعندما تفشضل دولضة فضي السإضتجابة للتحضدي الضذي يفرضضه القضدر عليهضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فإنهضا ‪ ،‬إوان قاومت‬
‫قليل ‪ ،‬فإنها ل بد أن تسإقط من قطار التاريخ ‪ .‬‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫السلجقة‪ . . .‬الذين أنقذوا الخلفة يسقطون‬
‫في تركسإتان ‪ -‬‏بدولة السإتعمار السإوفيتي ‪ -‬‏نشأت هذه السإرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولظروف ما هاجرت هذه السإضرة بقيضضادة كبيرهضضا "‬
‫سإضضلجوقا " ‏الضضذي تنسإضضب السإضرة إليضضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبيضضن خ ارسإضضان ‪ ،‬وبخضضارى ‪ ،‬وأصضضبهان ‪ ،‬تراوحضضت إقامتهضضا حضضتى اسإضضتقرت بمضضرو‬
‫حيث هاجمها السإلطان الغزنوي مسإعود ولكنه هزم أمامها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأصبحت الخطبة تلقى بمضضرو باسإضضم داود السإضضلجوقي‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏نجل سإلجوقا الكبير ‪ ،‬وكان هذا في سإنة ‪433‬هض ‪ .‬‏‬

‫‪36‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ومضن مضرو انتشضر سإلطان السإضلجقة إلضى الضري إوالى خضوارزم ‪ ،‬وبضدأ تضاريخهم يظهضر كقضوة لها كيانهضا المسإضتقل فضي العضالم‬
‫السإلمي خلل القرن الخامس للهجرة ‪ .‬‏‬

‫وقضضد نجح ضوا فضضي السإضضيطرة علضضى بلد كضضثيرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كخ ارسإضضان وأصضضبهان وهمضضذان وبخضضارى ‪ ،‬وامتضضد نفضضوذهم حضضتى الع ضراقا ‪.‬‬
‫والتحموا بالدولة العباسإية ‪ ،‬ثم أتيحت لهم فرصة ذهبية ‪ .‬‏إذ اسإتنصر بهم الخليفضضة العباسإضضي " ‏القضائم " ‏ضضضد ثضضائر شضضيعي‬
‫يضدعى " ‏البسإاسإضضيري " ‏عجضزت الخلفضة العباسإضية عضن مقضاومته ‪ ،‬فأسإضرعوا إلضضى انتهضاز الفرصضضة التاريخيضضة ودخضضل زعيمهضم‬
‫طغرل بك بغداد منتص ار على البسإاسإيري سإنة ‪447‬هض وكان هذا العام حدا فاصل في تاريضضخ السإضضلجقة إذ اعتضضبر بدايضضة‬
‫عصر نفوذ السإلجقة وسإيطرتهم على مصير الخلفة العباسإية الكبرى ‪ .‬‏‬

‫امتاز السإلجقة التراك في معاملتهم بالتدين ‪ ،‬وكانوا مظه ار للنسإضان الفطضري الضذي هضذبه السإضضلم ‪ ،‬إواذا مضضا اسإضضتثنينا‬
‫صو ار قليلة تحتمها الطبيعة البشرية التي ل تخلو من بعض القصور ‪ ،‬فإن هضؤلء السإضادة كضضانوا نموذجضا طيبضا حضضتى فضي‬
‫معضضاملتهم للخليفضضة العباسإضضي الضضذي حفظ ضوا لضضه عرشضضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إنهضضم لضضم يكون ضوا كالضضذين انتصضضر بهضضم المعتصضضم ‪ ،‬ولضضم يكون ضوا‬
‫كضضالبويهيين حينمضضا سإضضيطروا علضضى الخلفضضة وأذلضوا كبريضضاء الخلفضضاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أبضضدا لقضضد احضضترموا الخلفضضاء وأجلضضوهم ‪ ،‬وكضضان لهضضم ‪-‬‬
‫كذلك ‪ -‬‏فضل كبير في رفع راية السإلم ‪ ،‬وفي مد عمر الخلفة العباسإية أكثر من قرنين من الزمان ‪ ،‬كما أنهم بدأوا‬
‫مرحلضة جديضضدة مضن التوسإضضع السإضضلمي فضي اتجضاه آسإضضيا الصضضغرى ‪ ،‬ويقضال إن هضضذا التوسإضع كضان أحضد أسإضضباب قيضضام الحضروب‬
‫الصليبية ‪ .‬‏‬

‫ومضضن الظ ضواهر المتعلقضضة بسإياسإضضة هضضؤلء القضضوم الجتماعيضضة والفكريضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إلغضضاء أشضضهر ملضضوكهم " ‏ألضضب أرسإضضلن " ‏لنظضضام‬
‫المخابرات ولجوء أحد ملوكهم " ‏نظضام الملضك " ‏إلضى نظضام القطضاع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بإعطضاء الشخصضيات السإضلجوقية والشخصضيات‬
‫الخرى الكبرى إقطاعضات أو " ‏أتابكيضات " ‏لحسإابها الخاص ‪ .‬‏ومضن الظضواهر كضذلك الحملت الجهاديضة شضبه المنتظمضة‬
‫التي كانت خير علج للفوضى الداخلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كذلك من الظواهر صراع السإلجقة المسإتمر ضد حركات السإضضماعيلية‬
‫‪ ،‬ونجاحهم في تقليم أظفارهم ‪ .‬‏‬

‫وبعد صفحة تاريخية رائعة من صفحات الحضارة السإضلمية امتضدت بيضن سإضنوات ‪ 433‬‏ ‪-‬ض ‏‪ 619‬‏ ‪ ،‬قضدر للسإضلجقة أن‬
‫يأفل نجمهضم وأن تغضرب شمسإضهم بعضد أن حكضم منهضم واحضد وثلثضون زعيمضا سإضلجوقيا ‪ ،‬وبعضد أن قضدموا للخلفضة السإضلمية‬
‫الكبرى أجل الخدمات وحموها من كثير من عثرات السإقوط ‪ ،‬وقدموا للحضارة السإلمية يدا من أروع ما قضضدمت الضضدول‬
‫السإلمية من أياد ‪ .‬‏‬

‫بيد أن السإلجقة ‪ ،‬وقعوا ‪ ،‬وهم يسإيرون في الطريقا ‪ ،‬في أخطاء ظنوها خيرا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فانقلبت على دولتهم ش ار ‪ .‬‏‬

‫لقد لجأ السإلجقة ‪ -‬‏كما ذكرنا ‪ -‬‏إلى نظام القطاعات وأسإندوا معظمها إلى شخصيات سإلجوقية ‪ ،‬وقد حسإبوا أن هذا‬
‫من شأنه أن يشضغل السإضلجقة عضن التفكيضر فضي الحكضم ‪ ،‬وأن يرضضيهم بالبعضد عضن السإضلطة ‪ ،‬لكضن القطضاعيين السإضلجقة‬
‫سإرعان مضا حضاول كضل منهضم أن يكضون لنفسإضه مضن إقطاعضاته إمارة صضغيرة حضاولت كضل منهضا النفصضال عضن السإضلطة وهضو‬
‫عكضس مضضا كضان يهضضدف إليضضه السإضلجقة الحكضام ‪ ،‬وقضد أدى هضضذا إلضى تفكضضك وحضضدة السإضضلجقة إوالضى إجهضاد السإضلطة السإياسإضضية‬
‫الحاكمة ‪ ،‬إوالى توزع الدول بين عديد من المراء ‪ .‬‏‬

‫‪37‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫كما أن هذا الخطأ أدى إلى عدول السإلجقة عن طريقضضة اختيضضار زعمضائهم القديمضة الضضتي كضانت تعتمضد علضى الكفضاءة‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫إلى طريقة جعل الزعامة ووراثية ‪ .‬‏نظ ار لكثرة تنازع أمراء القطاعات عليها ‪ .‬‏‬

‫وم ضضن المض ضضاعفات ك ضضذلك ته ضضاون السإ ضضلجقة ‪ -‬‏ف ضضي ظ ضضل تفككه ضضم ‪ -‬‏أم ضضام حرك ضضات التم ضضرد الباطني ضضة ل سإ ضضيما الحرك ضضة‬
‫السإماعيلية بزعامضة قائضدها الحسإضن الصضباح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد قضدر لهضذه الحركضة أن تسإضتنفذ طاقضة كضبرى مضن طاقات السإضلجقة‬
‫الضضتي كضضان فضضي المكضضان اسإضضتخدامها فضضي القضضضاء علضضى حركضضات التفكضضك الضضتي أصضضيبت بهضضا الدولضضة أو الزعامضضة السإضضلجوقية‬
‫للخلفة العباسإية ‪ .‬‏‬

‫وتبقى كلمة التاريخ الموحية‪ :‬‏فإن السإلطة غير الحازمة ‪ ،‬والتي تقبل التهاون في وحدة الدول إرضاء لبعضضض العناصضضر‬
‫أو الشخصيات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هذه السإلطة سإتدفع ثمن تهاونها يوما ‪ .‬‏‬

‫إن عقضضال بعيضضر يمنضضع مضضن الحضضاكم ‪ -‬‏بغيضضر حضضقا ‪ -‬‏هضضو انتقضضاص لسإضضيادة الدولضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هكضضذا فهضضم أبضضو بكضضر رضضضي الض عنضضه‬
‫المور‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبهذا نجح في القضاء على المتمردين ‪ .‬‏‬

‫وهكذا كان يجب أن يفهم السإلجقة وغيرهم من زعماء الدول‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الذين يقبلون نصف الحكم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو شيئا مضضن الحكضضم‬
‫دون وعي منهم بأن سإيادة الدولة ل تتج أز ‪ ،‬وبأن أنصاف الحلول أو أرباعها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مقدمة طبيعية لزوال الحكم كله ‪ .‬‏‬

‫هكذا علمنا تاريخنا السإلمي العظيم ‪ .‬‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫سقوط دولة الفاطميين‬
‫حين تسإتعين بعدوك التاريخي وتفقد القدرة على الرؤية الصحيحة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فل ضضير في أن تمضوت‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فأنت فضي البضدء‬
‫إنسإان منتحر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫والتسإامح قضية كبرى من قضايا حضارتنا ‪ ،‬ومبدأ عظيم من مبادئ إسإلمنا ‪ ،‬لكن هذا التسإامح بضضترك النضضاس يحيضضون‬
‫وفضضقا معتقضضداتهم شضضيء ‪ ،‬وتسإضضليمك مقاليضضد المضضور لهضضذا الضضذي ينتمضضي روحيضضا إلضضى أعضضدائك ‪ ،‬ويشضضعر بتعضضاطف نحضضو مضضن‬
‫تحارب ‪ ،‬وتقل حضانته مهما يكن عن أخيك المسإضلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تسإضليمك هضضذا شضيء آخضر بعيضضد عضضن التسإضامح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إنضه نضوع‬
‫من الغفلة والحماقة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو بتعبير آخر نوع من النتحار!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وفي الدولة الفاطمية التي قامت في المغرب العربي سإضنة ‪298‬ه وانتقلضت قيادتهضا إلضى مصر سإضنة ‪362‬ه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضانت‬
‫ظاهرة العتمضاد علضى اليهضود والنصارى سإضمة مضن سإضمات الحكضم في الدولضة ‪ ،‬فمضن هضؤلء كضان كضثير مضن الضوزراء وجباة‬
‫الضضرائب والزكضضاة‪ ،‬والمسإتشضضارين فضضي شضضؤون السإياسإضضة والقتصضضاد والعلضضم ‪ ،‬ومنهضضم الطبضضاء والثقضضات لضضدى الحكضضام‪ ،‬إواليهضضم‬
‫تحال معظم العمال الجسإام ‪ .‬‏‬

‫‪38‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ولقضضد أحضضدثت هضضذه الظضضروف انفصضضاما بيضضن الفضضاطميين والشضضعب إلضضى جضضانب عوامضضل أخضضرى هامضضة حضضتى لقضضد كضضان النضضاس‬
‫يسإضضتجيرون مضضن تسإضضلط اليهضضود فضضي البلد فل يجضضارون ‪ ،‬وقضضد ظهضضرت فضضي ذلضضك أشضضعار كضضثيرة معروفضضة ‪ ،‬بضضل إن النضضاس قضضد‬
‫اضطروا إلى أن يلفتوا نظر العزيز ‪ -‬‏الحاكم الثاني في مصر ‪ -‬‏إلى هذه الظضاهرة الضتي كضان يبضدي تغضافل عنهضا ‪ ،‬وقضد‬
‫وضضضعوا لضضه صضضورة مضضن الضضورقا لرجضضل يطلضضب حاجضضة أثنضضاء مضضرور مضضوكبه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد مضضد الرجضضل يضضدا بورقضضة مكتضضوب فيهضضا ‪ :‬‏"‬
‫بالذي أعز اليهود بمنشا‪ ،‬وأعز النصارى بعيسإى ‪ ،‬وأذل المسإلمين بضضك إل مضضا قضضضيت ظلمضضتي " ‏وقضضد لمعضضت فضضي سإضضماء‬
‫الدولة الفاطمية أسإماء كثيرة من هؤلء ‪ ،‬فقد لمع يعقوب بن كلس ‪ -‬‏وسإضنورد تفصضيل عنضه بعضد ‪ -‬‏ومنصضضور بضن مقشضر‬
‫النص ضراني الطضضبيب صضضاحب الكلمضضة السإضضامية فضضي قصضضر العزيضضز ‪ ،‬وعيسإضضى بضضن نسإضضطورس الكضضاتب ‪ ،‬والمنجضضم ابضضن علضضي‬
‫عيسإى ‪ ،‬ويجين بن وشم الكواهي ‪ ،‬ومنشا اليهودي الذي كان نائب العزيز في الشام‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وغيرهم كثير ‪ .‬‏‬

‫وعندما وصل الحاكم بأمر الض إلضى الحكم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضو رجل أجمضع المؤرخضون على اضطراب عقلضه حضتى أنضه كضان يضأمر‬
‫بالشيء وينهى عنه أمر بهدم الكنائس التي بمصر ‪ ،‬لكنه سإضضرعان مضضا عضاد فضأمر ببنائهضضا ‪ ،‬وأطلضضقا مضن جديضد يضضد اليهضضود‬
‫فضضي البلد ‪ ،‬واسإضضتمر أمضضر اليهضضود والنصضضارى فضضي عهضضد الظضضاهر ‪ ،‬وعنضضدما قضضدر للحضضاكم الفضضاطمي السإضضادس فضضي مصضضر "‬
‫المسإتنصر بن علي الظاهر " ‏أن يصل إلى الحكم سإنة ‪427‬هض كانت الحالة قد بلغت قمتها من التدهور ‪.‬‬

‫وفي ظل سإياسإة اليهود وتحكمهم في مرافقا البلد أصبح قصر هذا الحاكم زاخ ار بالدسإائس التي يحيكهضضا القضواد ورجضضال‬
‫البلط والخصض ضضيان والنسإض ضضاء ‪ ،‬ويقض ضضف وراء كض ضضل هض ضضؤلء هض ضضذه الطوائض ضضف يض ضضديرون المعض ضضارك لصض ضضالحهم‪ ،‬ويرقبض ضضون الفض ضضائز‪،‬‬
‫ويفسإحون في شقة الخلف‪ .‬‏‬

‫وقد ذاقت البلد من الجوع والبؤس والنزاع على السإلطة ما أحالها إلى فوضى لم يشهد تاريخ مصر مثلها ‪ .‬‏‬
‫وقد صور المقريزي هذه الحالة في قوله ‪ :‬‏" ‏لم تجد البلد صلحا ول اسإتقام لهضضا أمضضر ‪ ،‬وتناقضضضت عليهضضا أمورهضضا ‪ ،‬ولضضم‬
‫يسإتقر عليها وزير تحمد طريقته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏" ‏على آخر كلمه الطويل الذي قال في آخره بأنه ‪ :‬‏" ‏تلشت المور واضمحل‬
‫الملك " ‏‪ ،‬وقد فكر ابن حمدان زعيم التراك في مصر في تغييضضر الخلفضضة الفاطميضضة إلضضى العباسإضضية ‪ ،‬وكضضانت حضال البلد‬
‫والفاطميين تسإمح بتحقيقا كل ذلك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لول سإوء سإياسإضة ابضن حمضدان لتبضاعه وانقلبهضم عليضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفضي هضذه السإضنوات‬
‫أكضضل النضضاس بعضضضهم بعضضضا ‪ ،‬وبيضضع الرغيضضف بمائضضة دينضضار ‪ ،‬وأكضضل النضضاس لحضضوم الكلب والحميضضر ‪ ،‬ولضضم ينتضضه المضضر إل‬
‫بسإضضقوط الدولضضة الفاطميضضة السإضضقوط الحقيقضضي حيضضن تضضرك حكامهضضا السإضضلطة تمامضضا وقبعضوا فضضي قصضضورهم ‪ ،‬وحمضضل أمانضضة الحكضضم‬
‫الوزراء العظام الذين كان أولهم وأعظمهم " ‏بدر الجمالي " ‏‪ .‬‏‬

‫وقد أصبح بيد هؤلء الوزراء كل مقاليد المور حتى أنهم لم يدعوا للخلفة ول للخليفضة فضي أغلضب الوقضضات إل بالسإضم ‪،‬‬
‫وكانوا يتحكمون في اختيضضار الخلفضاء وفضي عزلهضضم ‪ ،‬والمؤرخضضون المنصضضفون يعتضضبرون سإضقوط الدولضضة هضو تاريضضخ توليضضة بضدر‬
‫الجمضضالي أمضضور مصضضر سإضضنة ‪464‬هض ض ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضضم يفعضضل صضضلح الضضدين اليضضوبي حيضضن أسإضضقط الخطبضضة للفضضاطميين دون أيضضة‬
‫معارضة أو مقاومة حقيقية سإنة ‪567‬ه إل إسإقاط عهد الوزراء العظضام الضذين كضان آخرهضم شاور‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أمضا الفاطميون‬
‫فقد سإقطوا منذ مدة طويلة أي قبل ذلك بقرن ‪ .‬‏‬

‫ومضضن الغريضضب أن العزيضضز الفضضاطمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بلضضغ مضضن حبضضه لضضوزيره يعقضضوب بضضن كلضضس اليهضضودي أن تضضرك لضضه أمضضر الضضدعوة إلضضى‬
‫المذهب الفاطمي ‪ ،‬وكان هذا الخير يجلس بنفسإه يعلم الناس فقه الطائفة السإماعيلية ‪ ،‬وقد ألف نفسإه كتابا يتضضضمن‬
‫الفقضضه علضضى مضضا سإضضمعه مضضن المعضضز والعزيضضز الضضذي قضضال لضضه ‪ :‬‏" ‏وددت لضضو أنضضك تبضضاع فأبتاعضضك بملكضضي " ‏ولضضم يضضدرك العزيضضز أن‬

‫‪39‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ملكه كان قد بيع فعل بهذه السإياسإضة الضتي جعلضت عهضد الفاطميين فضي مصر عهضد شضدة وتناطضح وبضؤس ‪ .‬‏ووقضف هضؤلء‬
‫يسإضضتثمرون كضضل هضضذا ويتملقضضون الغ ارئضضز‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبقيضضت عضضبرة التاريضضخ عضضبرة للضضذين يطلبضضون النصضضر مضضن العضضداء ‪ ،‬والضضذين‬
‫يطلبون الحياة من السإم ‪ ،‬والذين ينسإون " ‏السإتراتيجية السإلمية العاليضة " ‏‪ :‬‏} ‏ولضن ترضضى عنضك اليهضود ول النصضارى‬
‫حتى تتبع ملتهم { ‏!‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫سقوط دولة صلحا الدين‬
‫مضضن أسإضرة كرديضضة مضضن أذربيجضضان هضضاجرت إلضضى العضراقا ‪ ،‬انبثضضقا فجضضر قائضضد هضضذه الدولضضة الضضتي لعبضضت بقيضضادته دو ار مضضن أروع‬
‫أدوار تاريخنا ‪ .‬‏‬

‫ولعضل " ‏صضلح الضضدين اليضوبي " ‏أروع بطضل قضضدمته الحضضارة السإضلمية علضى امتضداد القرنيضن السإضادس والسإضابع للهجضرة ‪،‬‬
‫وبه أفلت المسإلمون وأفلتت الحضارة السإلمية من غزو عالمي صليبي كاسإح كان يقوده أخبث صليبي عرفته أوروبا‬
‫الهمجية في عصورها المظلمة " ‏بطرس الناسإك " ‏‪ .‬‏‬

‫وقد كان لشضتراك صضلح الضدين مضع عمضه أسإضد الضدين شضيركوه في الحملت العسإضكرية الضتي كضان يرسإضلها نضور الضدين إلضى‬
‫مصر ‪ ،‬أثر كبير في تعميقا خبرته إوابراز مواهبه ‪ ،‬وما إن مات عمه أسإد الدين سإنة ‪ 564‬‏هض حضضتى أسإضضند إليضضه الخليفضضة‬
‫الفضضاطمي فضضي مصضضر " ‏العاضضضد " ‏الضضو ازرة ‪ ،‬ولقبضضه بالملضضك الناصضضر ‪ ،‬فظفضضر صضضلح الضضدين بحضضب الشضضعب واحضضترامه نظ ض ار‬
‫لحزمه وعدالته‪ .‬‏‬

‫ولضضم تضضأت سإضضنة ‪567‬هض ض أي بعضضد تضضوليته الضضو ازرة بثلث سإضضنوات حضضتى مضضات الخليفضضة العاضضضد " ‏فطضضويت صضضفحة الخلفضضة‬
‫الفاطمية في مصر وغيرها ‪ ،‬وعادت مصضر العاصضمة الفاطميضضة الولضضى عاصضمة كضبرى للعباسإضيين تحضت قيضادة الدولضضة‬
‫اليوبية وقائدها صلح الدين اليوبي ‪ .‬‏‬

‫كان أمام صلح الدين تحديات داخلية في مصر ‪ ،‬فإن الثضار الفكريضة الضتي خلفتهضضا الدولضضة الفاطميضضة كضضانت تحتضضاج إلضى‬
‫إعلن ثورة فكرية ‪ .‬‏‬

‫وكضضان أمضضام صضضلح الضضدين خلضضل اقتصضضادي منضضذ أيضضام المجاعضضة العظمضضى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أيضضام " ‏المسإتنصضضر " ‏ومضضا جضضر علضضى مصضضر‬
‫والعضضالم السإضضلمي الحكضضم الفضضاطمي مضضن ويلت تسإضضلط الضضوزراء العظضضام منضضذ " ‏بضضدر الجمضضالي " ‏‪ -‬‏‪ 464‬‏هض ض ‪ -‬‏إلضضى شضضاور‬
‫وضرغام ‪ .‬‏‬

‫‪40‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وكضضان بإمكضضان صضضلح الضضدين ‪ ،‬لضضو أنضضه قائضضد مخضضادع ‪ ،‬أن يعلضضن ثضضورة اقتصضضادية واجتماعيضضة ‪ ،‬ويلهضضي النضضاس عضضن حقيقضضة‬
‫الخطر الصليبي الذي يواجهونه !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لكن صلح الضدين لم يكضن هضذا القائضد المخضادع ‪ ،‬بحيضث يشضغل النضاس لحسإضاب العضداء عضن معركتهضم الحقيقيضة بمعضارك‬
‫جانبية ‪ .‬‏‬

‫وكان بإمكان صلح الدين أن يبحث عن " ‏اتفاقية جلء " ‏مع الصليبين أو عن " ‏حل سإلمي اسإتسإلمي " ‏حتى تنتهي‬
‫فترة تثبيته في الحكم ‪ ،‬ثم يعلن للناس أن الحكام السإابقين يتحملون المسإؤولية ‪ ،‬وأنضضه جضاء إلضضى الحكضضم بعضضد فضوات الوان‬
‫‪ ،‬وبالتالي يخضع العالم السإلمي لهذا الغزو الخبيث !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لكن صلح الدين لم يكن هذا القائد المخادع ‪ .‬‏‬

‫وفي مواجهة غزو صليبي عالمي أعلن صلح الدين ثورة إسإلمية عالميضة ‪ ،‬وأصضبح هضو رمزهضا ومحورهضا ‪ ،‬وكضان هضذا‬
‫هو الطريقا الوحيد ول يزال هو الطريقا ‪ .‬‏‬

‫لقد جاء توحيد العالم السإلمي جنبا إلى جنب مع الجهاد المسإتمر ضضضد الصضضليبية العالميضضة الحاقضضدة ‪ ،‬ولضضم يكضضن صضلح‬
‫الدين بالبله الذي يبحث عن أي حل بديل للجهاد‪ ،‬فوسإط الحروب الضتي تهضضز الكيضان المضضادي والمعنضوي والفكضري للمضة‬
‫ل يمكضضن إنجضضاح أي هضضدف بعيضضد عضضن الهضضدف الول ‪ ،‬وكضضل الهضضداف تضضأتي مضضن خلل هضضذا الهضضدف‪ ،‬لن الجمضضاهير تعتقضضد‬
‫أنهضضا عمليضضة تلهيضضة وخضضداع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد دخضضل صضضلح الضضدين عديضضدا مضضن المعضضارك قبضضل حطيضضن الشضضهيرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كموقعضضة " ‏مضضرج‬
‫عيون " ‏جنوب لبنان سإنة ‪ 575‬‏هض وموقعة " ‏مدينة صفد " ‏في السإنة نفسإها ‪ .‬‏‬

‫وعلى امتداد كل السإنوات كانت هناك معارك ل تحصى بين صلح الدين والصليبين ‪ .‬‏‬

‫وقد شن صلح الدين على الصليبيين حروبضا واسإضعة مضن أجضل اسإضتخلص إمضارات إسإضلمية اسإضتولى عليهضا الصليبيون‬
‫وأسإسإ ضوا فيهضضا إمضضارات صضضليبية مضضضى علضضى اسإضضتيلئهم عليهضضا قريبضضا مضضن تسإضضعين سإضضنة كأنطاكيضضة وطرسإضضوس والرهضضا وبيضضت‬
‫المقدس وطرابلس‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لم يكن صلح الدين سإاذجا ضعيفا متهاونا فيدعو إلضضى حضدود مضضا قبضل " ‏معركضضة " ‏مضا ‪ ،‬أو‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫" ‏اتفاقية " ‏ما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد كان الحقا السإلمي في عقيدته مقدسإا ل يقبل التفريط والمسإاومة !‏‏!‏‏ ‏‬

‫هكذا كان هذا الرجل العظيم ‪ ،‬صلح الدين الذي انتصر في حطين واسإترد بيت المقدس !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وبوفاة صلح الدين بقيت الدولة اليوبية التي تنسإب إليه تؤدي دورها قريبا من سإتين سإنة ‪ .‬‏‬

‫لكن هؤلء الحكام كانوا أقل من صلح الدين ‪ ،‬فلم يسإتطيعوا لعب الدور الذي لعبه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكان بعضهم متخاذل يضضؤمن‬
‫بإمكانية المفاوضات مع العدو الصليبي التاريخي ‪ ،‬كالملك الكامل الذي اسإضتجلب سإضخط العضالم السإضلمي كلضه ‪ ،‬حيضن‬
‫قام بتسإليم القدس للصليبيين ‪ ،‬وقد تمكن الصالح أيوب الذي جاء بعده من اسإتردادها ‪ .‬‏‬

‫‪41‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ومن الغريب أن هذه الدولة التي بدأت بعظيم من أعظم الرجال هو صلح الدين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وانتهضضت بملضضك عظيضضم كضضذلك هضضو‬
‫الملك الصالح ‪ ،‬كانت نهايتها على يد امرأة مملوكة مضضن هضضؤلء اللئضى يظهضضرن فضي عصضضور الضضعف ‪ ،‬ويسإضضاعدن علضى‬
‫سإقوط الدول ‪ .‬‏‬
‫إنها واحدة من هؤلء النسإوة القويات اللئى يجدن اللعضضب فضي خفضاء القصضضور ودسإضتورها ‪ ،‬متجضضردات مضضن كضضل خصضائص‬
‫النوثة الحقيقية ‪ ،‬مسإتغلت مظاهر هذه النوثة في القتل والتدمير‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إنها شجرة الدر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏التي قتلت ابن زوجها "‬
‫توران شاه " ‏لكي تنفرد بالحكم ‪ ،‬ثم شربت من نفس الكأس حين قتلها المماليك أخذا بثأر زوجها منها ‪ .‬‏‬

‫وعجبضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد قضضضي علضضى الدولضضة الضضتي قضضامت علضضى أكتافهضضا واحضضد مضضن أعظضضم الرجضضال علضضى يضضد مملوكضضة مهمضضا اختلفنضضا‬
‫حولها فإنها كذلك من أبرز نسإاء العالم ‪ .‬‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫مان عوامال سقوط العباسيين‬
‫من أعرقا الصفحات التي قدمناها للحضارة النسإانية ‪ ،‬وللتاريخ البشري صفحة الدولة العباسإية ‪ .‬‏‬

‫خمسإة قرون وأكثر ) ‏‪ 132‬‏هض ‪ 656‬‏هض (‏ ‏مرت على التاريخ البشري ‪ ،‬وهو يحني جبهته لهذه الدولة ‪ .‬‏‬

‫‪42‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وبالطبع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فليس من خصائص المسإضيرة البشضرية أن تظضل على وتيضرة واحضدة ‪ ،‬وهكضذا كضان شأن الدولضة العباسإضية في‬
‫مسإضيرتها ‪ ،‬يتعاورهضا المضد والجضزر ‪ ،‬واختلضضف عليهضا الحمضاة بيضن أتضراك وبضضويهيين وأتضراك سإضلجقة ‪ ،‬لكنهضا بقيضضت مضع ذلضك‬
‫رمز الهيبة التاريخية التي تفرض نفسإها على كل القوى ‪ ،‬مسإتمدة هذه الهيبة من رصيد الخلفة السإلمية الضضتي مثلضضت‬
‫وحدة الوجود السإلمي إلى فترة قريبة من عمر التاريخ ‪ .‬‏‬

‫ك ضضان قي ضضام ه ضضذه الدول ضضة حرك ضضة سإياسإ ضضية ق ضضامت عل ضضى تخطي ضضط ‪ ،‬لعل ضضه ل ضضم يت ضضوفر للمسإ ضضلمين ف ضضي ك ضضل ت ضضاريخهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏دق ضضة‬
‫وعمقا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وصب ار على النتائج ‪ ،‬واسإتغلل لكل القوى وسإرية ‪ ،‬وتوافر لكل مقومات النجاح ‪ .‬‏‬

‫ثم كان السإير التاريخي لهذه الدولضة معجضزة عجيبضة ‪ ،‬فوسإضط بحضار متلطمضة المضواج‪ ،‬وعضالم إسإضضلمي فسإضيح ل يمكضن ‪،‬‬
‫بل يتعذر اسإتمرار تماسإكه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأعداء خارجيين من عناصر متباينة المذاهب والجنس والميول ‪ .‬‏‬

‫وسإضضط هضضذا كلضضه شضضقت الدولضضة طريقهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول شضضك فضضي أنهضضا كضضانت بيضضن الحيضضن والحيضضن تتعضضرض لحركضضة تفكضضك مضضن هنضضا‪،‬‬
‫وحركة تمرد من هناك ‪ ،‬وبروز لحركة خروج في ناحية ثالثة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وغلبة عنصر من العناصر في مكان رابع ‪ .‬‏‬

‫ولكن مهما يكن‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فهذه هي طبيعة المسإيرة البشرية ‪ ،‬ولم يقدم لنا التاريخ على كثرة مضا قضضدم مدينضة فاضضلة خلضت مضن‬
‫كل النوازع البشرية وخلت من الصراع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والمد والجزر !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وعبر القرون الخمسإة تقلب في الحكم عشرات من الحكام‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بلغضوا سإضضبعة وثلثيضضن خليفضضة‪ ،‬أولهضضم أبضضو العبضضاس السإضفاح‬
‫ثم أبو جعفر المنصور‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقد برز منهم كثيرون كالمأمون والرشيد والمعتصم والواثقا والمتوكل والمهدي ‪ .‬‏‬

‫وكان آخرهم ومن أشأمهم أبو أحمد المسإتعصم الذي اسإتسإلم للتتار ‪ .‬‏‬

‫وظهرت أسإر قوية وعناصر كبيرة سإيطرت على الدولة أحيانا كالبرامكة وبني بويه والسإلجقة ‪ .‬‏‬

‫وتمتعضت دول كضثيرة بالسإضتقلل الفعلضي عضن الدولضة كضالطولونيين والخشضيديين فضي مصر ‪ ،‬وبنضي طضاهر فضي خ ارسإضان ‪،‬‬
‫وبنضضي سإضضامان فضضي فضضارس ومضضا وراء النهضضر ‪ ،‬والغزنضضويين فضضي أفغانسإضضتان والبنجضضاب والهنضضد ‪ ،‬وبنضضي بضضويه الضضذين لضضم يسإضضتقلوا‬
‫وحسإب بل تحكموا في الخلفاء أنفسإهم في شيراز في فارس‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثم السإلجقة ‪ .‬‏‬

‫وهكذا كما ذكرنا تعاورت كل ظروف المسإيرة التاريخية هذه الدولة ذات القرون الخمسإة !‏‏‪ .‬‏‬

‫وخلل رحلضضة الدولضضة العباسإضضية الطويلضضة فضضي التاريضضخ ‪ ،‬لضم يجضضد المؤرخضضون بضضدا مضضن تقسإضضيم هضضذه الدولضضة إلضضى عصضضور ثلثضضة ‪:‬‬
‫العصضضر الول ) ‏‪132‬هض ض ‪ -‬‏ ‏‪ 232‬‏هض ض (‏ ‏وفيضضه كضضانت السإضضلطة للخلفضضاء مضضا عضضدا المغضضرب والنضضدلس ‪ .‬‏والعصضضر الثضضاني )‬
‫‪232‬هض ‪ -‬‏‪ 590‬‏هض (‏ ‏وفيه ضاعت السإلطة من الخلفاء لتكون في يد التراك والبويهيين والعصضر الثضالث ) ‏‪ 590‬‏ه ض ‪-‬‬
‫‪ 656‬‏هض ض (‏ ‏وفيضضه عضضادت السإضضلطة إلضضى أيضضدي الخلفضضاء فضضي حضضدود بغضضداد ومضضا حولهضضا‪ ،‬دون بقيضضة أملك الخلفضضة الضضتي سإضضطا‬
‫عليها الطامعون ‪ .‬‏‬

‫وفي مثل دولة جامعة كبيرة ذات حياة حافلة كالدولة العباسإية يصعب الوصول إلى رأي أخير فضضي أسإضضباب انحللهضضا‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏‬

‫‪43‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫أكانت حركات النشقاق عن الدولة سبب هذا النحلل ؟‬

‫ل ‪ ،‬إن حركات النشقاقا هذه ظاهرة أو نتيجة من نتائج بروز عوامل النحلل ‪ .‬‏‬

‫أكضضان ظهضضور أو تحكضضم عناصضضر غيضضر عربيضضة فضضي الحكضضم مضضن أسإضضباب هضضذا النحلل ل ‪ ،‬فهضضذه العناصضضر قضضد وجضضدت فضضي‬
‫حضضضارات كضضثيرة وأيضضن هضضي الدولضضة الضضتي تخلضضو مضضن خضضدمات عناصضضر ليسإضضت منهضضا ؟‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثضضم إن هضضؤلء لضضم يصضضلوا إلضضى مضضا‬
‫وصضضلوا إليضضه إل فضضي ظضضل مظضضاهر النحلل الحقيقيضضة ‪ ،‬وأدى معظمهضضم خضضدمات للدولضضة كضضانت سإضضببا مضضن أسإضضباب بقائهضضا‬
‫وصمودها ‪ .‬‏‬

‫أكان ظهور حركات التمرد الديني كالقرامطة والحشاشين وغيرهم هو السإبب القوى في تحلل الدولة ؟‬

‫وممضضا ل شضضك فيضضه أن لهضضذه الحركضضات أثرهضضا الكضضبير فضضي ضضضياع " ‏الوحضضدة العقائديضضة " ‏وفضضي ضضضياع كضضثير مضضن مثضضل السإضضلم‬
‫الصافية خلل هذه العصور‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفي خلقا جو من الفوضى الفكرية والجتماعية والقتصضادية ‪ ،‬لكضن مضع ذلضك ‪ ،‬إوان‬
‫كان هذا سإبب قويا ‪ ،‬فليس هو السإبب القوى في سإقوط الدولة العباسإية ‪ .‬‏فما هضضي إذن عوامضضل تحلضضل الدولضضة العباسإضضية‬
‫ودخولها في طور الضمحلل ؟‬

‫ل شضضك فضضي أن العوامضضل السإضضابقة وغيرهضضا ‪ ،‬كضضان لهضضا تأثيرهضضا الكضضبير فضضي اضضضمحلل الدولضضة العباسإضضية وفضضي دخولهضضا مرحلضضة‬
‫الفول ‪ .‬‏‬

‫بيد أن أخطر العوامل التي أسإقطت خلفة العباسإضيين ‪ ،‬إهمضالهم لركضن هضام مضن أركضان السإضلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضو " ‏الجهضاد " ‏‪،‬‬
‫فبعد المعتصم المتولي أمور الدولة سإنة ) ‏‪ 833‬‏م (‏ ‏لم نسإمع عن معارك ذات شأن قامت بها الدولة ‪ ،‬ولم يكن مبدأ "‬
‫الجهاد الدائم " ‏حماية لهذه الدولة المترامية الطراف أحد أركان السإياسإة العباسإية ‪ .‬‏‬

‫لقد تقوقعوا في مشاكل الدولة الداخلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فحصرتهم مشاكلها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وماتوا ببطء ‪ ،‬ولو أنهم وجهوا طاقة المة نحضضو "‬
‫الجهاد " ‏ضد الصضليبيين ‪ ،‬لتغيضر أمضر الحركضات الهدامضضة الضضتي قضدر لهضا أن تظهضر وتنتشضضر ‪ ،‬وذلضك أن هضضذه الحركضات ل‬
‫تنتشضضر إل فضضي جضضو مليضضء بضضالركود والفسإضضاد ‪ ،‬والمنضضاخ الوحيضضد الصضضالح للقضضضاء عليهضضا هضضو المنضضاخ القتضضالي الضضذي يكشضضف‬
‫المعادن النقية ويذيب المعدن الرخيص ‪ .‬‏‬

‫لقضضد كضضانت الحاجضضة السإضضلمية ملحضضة فضضي ضضضرورة رفضضع اريضضة الجهضضاد ‪ ،‬وكضضانت الدولضضة السإضضلمية الضضتي تعرضضضت للنشضضقاقا‬
‫والتمزقا تحتاج إلى هذا الصمام ليحميها من جو السإكون والسإتسإلم ‪ .‬‏‬

‫لكضضن العباسإضضيين غضضزوا فضضي عقضضر دارهضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فضضذلوا ‪ ،‬ولضضم يرفعضوا اريضضة الجهضضاد ضضضد العضضدو الخضضارجي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فضضارتفعت اريضضات‬
‫العصيان الداخلي ‪ .‬‏‬

‫‪44‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وكضضان بإمكضضانهم أن يشضضغلوا الجنضضاس المختلفضضة الضضتي ضضضمتها الدولضضة فضضي هضضذه الحضضروب الجهاديضضة المسإضضتمرة ضضضد الغ ضزاة‬
‫والوثنيات المختلفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكنهم لم يفعلوا ‪ ،‬فتحركت النعرات القومية الجاهلية لتفتت الدولة‪ ،‬وتقسإم جسإمها تحضضت اريضضات‬
‫مختلفة ليسإت لها بالسإلم أو الجهاد صلة ‪ .‬‏‬

‫وفضضي سإضضنة ‪656‬هض ض ‪ -‬‏‪1258‬م ‪ -‬‏كضضان هولكضضو حفيضضد جنكيضضز خضضان يضضؤدب الضضذين اتجه ضوا إلضضى كضضل الطضضرقا إل طريضضقا‬
‫الجهاد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وحاولوا العلج بكل الوسإائل إل الوسإيلة السإلمية القوية الخالدة ‪ .‬‏‬

‫وقد هاجم هولكو بغداد وهدم أسإوارها ‪ ،‬وأعمل المنجنيقا فيها ‪ ،‬وحصضد بغضداد ‪ ،‬حضضتى لضم يعضضد ممكنضا القامضضة فيهضضا لشضضدة‬
‫روائحها المنفرة ‪ ،‬وعندما خضرج الخليفضة المسإتعصضم إليضه مسإتسإضلما بصحبة ثلثمائضة مضن أصحابه وقضضاته دون شضرط ‪،‬‬
‫أمر هولكو بقتلهم جميعا ‪ ،‬وطويت صفحة الخلفة العباسإية ‪ .‬‏‬

‫ذلضضك أن أسإضضلوب الحلم الرومانتيكيضضة السإضضاذجة ليضضس وسإضضيلة البقضضاء أو تشضضييد الحضضضارات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فالضضذين ل يملكضضون إرادة‬
‫الهجوم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يفقدون القدرة على الدفاع !‏‏!‏‏ ‏‬

‫سقوط خلفات ودول شرقية‬


‫المماليك أبطال عين جالوت يسقطون‬
‫كضضانوا دائمضضا أهضضل طعضضان ونضزال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضانوا أشضضقاء للسإضضيف والرمضضح ‪ ،‬هضضو هضضويتهم وهضضو مضضؤهلهم للحيضضاة والبقضضاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعلضضى‬
‫امتداد تاريخهم كضضان السإضضيف مقرونضا بهضم ‪ .‬‏وكضانوا عضضضد الدولضة السإضضلمية فضي كضضثير مضضن المواقضف ‪ ،‬وكضضانوا حماتهضا مضضن‬
‫أعدائها ‪ .‬‏‬

‫وفضي مقابضل ذلضضك عاشضوا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وتحملتهضضم شضضعوب مصضر والشضام ‪ ،‬وسإضضمحت لهضم بالسإضيطرة عليهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضم بضضدورهم كضضانوا‬
‫جيشها وأسإطولها وحماتها أمام كل غزو خارجي ‪ ،‬وكضانوا يخضضعون لتقاليضد البلد ول يعرفضون لهضم ولء إل للضدين الضذي‬
‫عاشوا به وربوا على تعاليمه ‪ ،‬إوال للسإلطان الذي يحكم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ثم مع تطورهم الداخلي أصبح ولؤهم للسإلطان الذي يحكمهم منهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ولقد شكلوا مجتمعا ذا هويضة خاصة ‪ ،‬لضه أسإضلوبه الخضاص فضي الحيضاة ‪ ،‬ولضه تربيتضه الخاصضة ولضه فكضره الخاص‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضد‬
‫كان مجتمعهم أشبه ما يكضون بضالمجتمع العسإضكري أو المجتمضع البحضري الضذي يعيضش للبحضر أو الجنديضة ‪ ،‬فالجنديضة عقلضه‬
‫وهي عاطفته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول ولء عنده لسإواها ‪ .‬‏‬

‫وعندما مات فجأة آخر سإلطين اليوبيين الملك الصالح أيوب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تكتمضت زوجضه شضجرة الضدر الخضبر لن بلد مصر‬
‫كانت في حرب مع لويس التاسإع الذي هزم وأبيد جيشه في دمياط والمنصورة ‪ ،‬ثم اسإتدعت الزوجة الملكة ابضضن زوجهضضا‬

‫‪45‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫" ‏تضضوران شضضاه " ‏لينقضضذ البلد ‪ ،‬فلمضضا جضضاء تضضوران وأنقضضذ البلد مضضن الصضضليبيين ‪ ،‬وحضضاول أن يسإضضتأثر بالسإضضلطة دبضضرت الم ضرأة‬
‫قتلضضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثضضم أقضضامت نفسإضضها بمسإضضاعدة المماليضضك ملكضضة علضى مصضضر ‪ ،‬وقضضد اختضضار المماليضضك كضضبيرهم عضضز الضضدين أيبضضك ليقضضوم‬
‫بمسإاعدة " ‏المملوكة " ‏التي صارت " ‏ملكة " ‏‪ -‬‏شضجرة الضضدر ‪ -‬‏فضضي إدارة شضضؤون مصضر ‪ ،‬وتطضضور المضر فضضتزوجت شضجرة‬
‫الدر من مسإاعدها عز الدين ‪ ،‬وتنازلت له عن السإلطة ‪ .‬‏‬

‫وهكضذا تضضم تنضازل آخضر مضضن ينتسإضضبون إلضى دولضضة اليضضوبيين بنسإضب إلضى كضضبير المماليضك ‪ ،‬ومضضع أن شضجرة الضدر تعتضبر البدايضة‬
‫التاريخيضضة لدولضضة المماليضك ‪ ،‬لكضضن البدايضضة الكضثر عمقضا وأحقيضة هضي الضضتي مثلهضا هضضذا التنضازل ‪ ،‬ثضضم اسإضضتأثر عضز الضدين أيبضضك‬
‫بالسإلطة سإبع سإنوات أحسإت فيها المملوكة القاتلضة بأنهضا سإضلبت كضل سإلطة ‪ ،‬فقضامت بقتضل زوجهضا الجديضد مثلمضا قتضل مضن‬
‫قبل ابن زوجها القديم ‪ .‬‏‬

‫لكن المماليك سإرعان ما قتلوها ثأ ار وانتقاما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏واسإتقر المر لدولة المماليك في مصر والشام ‪ .‬‏‬

‫والمماليضضك قسإضضمان ‪ :‬‏برجيضضة نسإضضبة إلضضى أب ضراج القلعضضة الضضتي كضضانوا يسإضضكنون فيهضضا بالقضضاهرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبحريضضة نسإضضبة إلضضى جزي ضرة‬
‫الروضة المطلة على النيضل الضتي كضانوا يسإضكنون فيهضا كضذلك ‪ ،‬ومضن أشضهر المماليضك الول برقضوقا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وآخرهضم قانصضوه‬
‫الغوري الذي سإقط تحت سإنابك خيل السإلطان سإليم سإنة ‪1527‬م‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬
‫ومضضن أشضضهر المماليضضك البحريضضة عضضز الضضدين أيبضضك وبيضضبرس والمنصضضور قلوون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد انتهضضى هضضؤلء مضضن قبضضل المماليضضك‬
‫البرجية بحوالي قرنين وكان المماليك البرجية أبطال عين جالوت يمثلون امتدادهم التاريخي ‪ .‬‏‬

‫لقضضد لعضضب المماليضضك البرجيضضة بخاصضضة فضضي تاريخنضضا دو ار لضضم تقضضم بضضه إل دول قليلضضة فضضي التاريضضخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد صضضدوا غضضارتين‬
‫حضارتين من أكبر وأشهر الغارات التي عرفها تاريخنا وتاريخ النسإانية ‪ .‬‏‬

‫كانت الولى يمثلها زحف هولكضو الضذي ينتمضون إليضه جنسإضيا ‪ ،‬لقضد صضدوه بعقيضدتهم السإضلمية الضتي لم يعضد لهضم ولء إل‬
‫لها ‪ -‬‏الحمد ل أن نظرية القومية العنصرية لم تكن ظهرت بعضد ‪ -‬‏وقضد وقفضوا أروع وقفضاتهم في صضده فضي عيضن جضالوت‬
‫الشهيرة رافعين راية واإسإلماه !‏‏!‏‏ ‏‬

‫ثضضم كضضانت الثانيضضة فضضي معضضاركهم الدائمضضة ضضضد الصضضليبيين الضضذين كضضانت لهضضم بقايضضا بعضضد صضضلح الضضدين ‪ ،‬فعلضضى يضضد السإضضلطانين‬
‫المنصضضور قلوون الضضذين تسإضضلم الحكضضم سإضضنة ‪ 678‬‏ه ض والسإضضلطان الشضضرف خليضضل الضضذي تضضولى الحكضضم سإضضنة ‪ 689‬‏ه ض ‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫على يد هذين السإلطانين فضل عن جهضضود بيضضبرس تهضاوت قلع الصضليبيين الباقيضضة والضضتي كضانوا قضضد تقضضدموا فضي بعضضضها‬
‫بعضضد صضضلح الضضدين كحصضضن المرقضضب وعكضضا وغيرهمضضا ‪ ،‬وطضضويت علضضى يضضد المماليضضك آخضضر صضضفحات الغضضزو الصضضليبي الضضذي‬
‫اسإتمر قرنين من الزمان وكان ذلك سإنة ‪ 960‬‏هض ‪ .‬‏‬

‫وقضضد تضضضافرت ظضضروف عالميضضة ‪ ،‬كاكتشضضاف رأس الرجضضاء الصضضالح وظضضروف إسإضضلمية كضضبروز الت ضراك ثضضم محمضضد علضضي ‪،‬‬
‫وظروف داخلية كانقسإام التراك على أنفسإهم ‪ .‬‏‬

‫تضافرت كل هذه الظروف على إنهضضاء الضدور الضذي قضام بضضه المماليضك ‪ ،‬لكضضن كضان أكضضبر سإضبب هضوى بالمماليضك وزحزحهضم‬
‫من مكانهم في التاريخ ‪ ،‬هو أنهم نسإوا الرسإالة التي عاشوا من أجلها وتعاقدوا مع الشعوب التي حكموها بشأنها ‪ .‬‏‬

‫‪46‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫نسإضضو رسإضالتهم فضضي الضضدفاع الخضضارجي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏نسإضوا السإضضيف ‪ ،‬وتبلضضدوا عنضضد أسإضضلوب معيضضن ‪ ،‬ولضضم يطضضوروا أنفسإضضهم ‪ ،‬ثضضم تطضضوروا‬
‫فانقلبوا من حماية خارجية للمة إلى متسإلطين داخليين عليها يمنعون حركتها وتطورها ‪ .‬‏‬

‫وبضضذا فقضضدوا دورهضضم فضضي التاريضضخ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وسإضضقطوا بعضضد أن أدوا للحضضضارة السإضضلمية الكضضثير‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأنقضضذوها مضضن أكضضبر خطريضضن‬
‫عالميين وهما التتار والصليبيون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ ‏‬
‫دول ماغربية تسقط‬
‫سقوط الغالبة في تونس‬
‫الحركضضات النفصضضالية فضضي العضضالم السإضضلمي ارتكضضزت علضضى عديضضد مضضن السإضضس المتباينضضة ‪ ،‬وجنحضضت كضضل منهضضا إلضضى حجضضة‬
‫تعطيها مشضروعية الوجضود والبقاء ‪ ،‬فبعضضها قضد التمضس السإضبب فضي النفصضال مضن نزعضة سإياسإضية ‪ ،‬وبعضضها قضد التمسإضه‬
‫من نزعة مذهبية ‪ ،‬وبعضها قد التمسإه من نزعة قومية ‪ ،‬وبعضها قد التمسإه من " ‏ضعف الخلفة " ‏‪ .‬‏‬

‫ولضضم نجضضد فضضي تاريضضخ هضضذه الحركضضات ذلضضك الشضجاع الصضريح الضضذي يعلضضن أن رغبتضضه فضضي النفصضضال ترجضضع إلضضى سإضضبب حقيقضي‬
‫واحد هو الرغبة في الوصول إلى السإلطة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وتملك الحكم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والمجد الدبي والمالي ‪ .‬‏‬

‫وفضضي فضضترة متقاربضضة بضضدأت الحركضضات النفصضضالية تظهضضر فضضي العضضالم السإضضلمي ‪ ،‬وكأنهضضا خصيصضضة جديضضدة مضضن خصضضائص‬
‫التطور التضاريخي لهضذه الفضترة ‪ ،‬فالنضدلس انقسإضمت عضن الخلفضة العباسإضية بقيضادة عبضد الرحمضن الضداخل ‪ -‬‏صقر قريضش‪-‬‬
‫ومثلت بوجودها آخر ومضة من ومضات وجود بني أمية ‪ ،‬وظلت باقية ثلثة قرون تمثضل هضذه الومضضضة ‪ ،‬وانقسإضم بنضضو‬
‫طضضاهر فضضي خ ارسإضضان انقسإضضاما تبع ضوا فيضضه دولضضة الخلفضضة العباسإضضية عكضضس بنضضي أميضضة فضضي النضضدلس ‪ ،‬وانقسإضضم فضضي مصضضر ابضضن‬
‫طولون في تاريخ قريب من هذا ‪ .‬‏‬

‫وكضضان ل بضضد للمغضضرب العربضضي ‪ ،‬وهضضو الرض الواقعضضة كجسإضضر تضضاريخي بيضضن المتضضداد العقائضضدي الضضذي وصضضل إلضضى مشضضارف‬
‫باريس وبدأ ينحسإر بعد موقعة بلط الشهداء و اسإتشهاد عبد الرحمن الغافقي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بينضضه وبيضضن مركضضز السإضضلم الصضضيل‬
‫ومهبط الوحي وأرض العرب أن تظهر فيه هذه الظاهرة ‪ .‬‏‬

‫والحقا أن الحركات النفصالية في المغرب العربي كضانت تملضك المضبرر في النفصال ‪ ،‬فإن عمضال بنضي أميضة كضانوا قضد‬
‫أسإاءوا السإيرة فيهم وعاملوهم " ‏كبربر " ‏أي كمواطنين من الدرجضة الثانيضة ‪ ،‬كمضا أن أهضل العضراقا بكضل مضا أثيضر بينهضم مضن‬
‫جدل كلمي وفتن عقائدية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏قد حملوا هذا الجدل وهذه الفتنة إليهم وحرضضوهم على خلفضاء بنضي أميضة ‪ ،‬وولضدوا فيهضم‬
‫الرغبة في النفصال ‪ .‬‏وعلى مشارف القرن الثالث الهجري كانت هنضاك دول ثلث منفصضضلة تحكضم المغضرب العربضضي ول‬
‫تخضع للخلفة العباسإية إل اسإما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهي ‪ :‬‏الدارسإضضة والغالبضضة والرسإضتميون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضانت هضذه الضضدول بوضضعها ذاك‬
‫تمثل الرض القابلة لي امتداد طموحي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ووجد فيها الفاطميون فيما بعد الرض الصالحة لغرس بذورهم ‪ .‬‏‬

‫‪47‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وكانت دولة الغالبة التي قامت في تونس سإنة ‪ 184‬‏هض أبرز الدول النفصالية في المغرب العربي ‪ .‬‏‬

‫وكان مؤسإسإها إبراهيم بن الغلب الذي أرسإله الخليفة العباسإي هارون الرشيد لخلقا السإتقرار فضي المغضرب العربضضي فضي‬
‫ظل حماية العباسإيين ‪ ،‬يتمتع بقدر كبير مضضن الشضجاعة والضضذكاء ‪ ،‬وقضد اتخضضذ إبراهيضضم مدينضضة القيضضروان عاصضمة لضه ‪ ،‬وبعضد‬
‫وفاته سإار بنو الغلب على منواله في توطيد أمن المغرب وتقوية أسإطوله وجيشه وتنمية موارده ‪ .‬‏‬
‫وكان أبرز ما قدمه الغالبة للسإلم هو فتحهم لصقلية وضمها إلى أرض السإلم ‪ ،‬بقيادة قائدهم أسإد بن الفضرات فضضي‬
‫عهضد أميرهضضم زيضضادة الض بضن إبراهيضم الغلضب ‪ ،‬الضذي تضولى الحكضم سإضنة ‪ 201‬‏ه ض ‪ ،‬كمضضا أنهضم تقضضدموا فاسإضتولوا علضى جنضوب‬
‫إيطاليا ‪ ،‬ويقال ‪ :‬‏إنهم واصلوا زحفهم حتى دقوا أبواب روما ‪ .‬‏‬

‫وقد ازدهرت الحركة القتصادية والعمرانية في أفريقيا التونسإضية علضى عهضضدهم ‪ ،‬كمضا أن المضضن قضضد سإضاد البلد وأصضضبحت‬
‫تونس على الجملة عامرة مزدهرة ازدها ار عظيما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد أسإسإضوا بضالقيروان عضدة مسإاجد لعبضت دو ار كضبي ار في تضدعيم‬
‫الحضضارة السإضلمية ‪ ،‬ومضضن أبرزهضضا جضامع الزيتونضضة الضذي أصضضبح فضي المغضرب كضالزهر فضي الشضرقا ولعضضب دو ار مهمضا فضي‬
‫الحياة العلمية السإلمية ‪ .‬‏‬

‫وقد اشتهر بعض ملوك الغالبة بالقسإضوة الشضديدة ‪ ،‬وكضان سإفك الضدماء عنضدهم أسإضهل مضن شضرب المضاء ‪ ،‬ولعضل هضذا مضن‬
‫أبرز ما أخذ عليهم ‪ ،‬وقضد مضد مضن عمرهضم في المغضرب انصضراف الخلفضة العباسإضية إلضى مشضكلتها المشضرقية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعضدم‬
‫قطعهم لكل أواصضر المضودة مضع الخلفضة العباسإضية ‪ ،‬وبالتضالي رضضيت الخلفضة في ظضل ظروفهضا بالقضدر الضذي يضدينون بضه‬
‫بالطاعضضة لهضضا ‪ .‬‏كمضضا أسإضضكتها انتصضضارات الغالبضضة فضضي معضضارك الجهضضاد ضضضد الصضضليبيين فضضي أوروبضضا والسإضضاحل الجنضضوبي‬
‫الوروبي وجزر البحر البيض المتوسإط ‪ .‬‏‬

‫هذا كله قد غفر لهم بعض أخطائهم وجعلهم يعيشون أكثر من قرن من الزمان يحكمضضون تضونس وملحقاتهضا ‪ ،‬ويحكمضون‬
‫صقلية ويفرضون هيبتهم على الدول الوروبية ‪ .‬‏‬

‫لكضضن الضضدول النفصضضالية ل يمكضضن أن تقضضف أمضضام الحضضضارات الجامعضضة الضضتي تمثضضل كيانضضا وجوديضضا لضضه أبعضضاده الحضضضارية‬
‫المتكاملة ‪ .‬‏‬

‫ومن هنا فلم يسإتطع الغالبة الصمود أمام الفاطميين الذين برزوا في المغرب بقيادة داعيتهم أبي عبيد الض المهضدي‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏فسإقطوا على يد الفاطميين هؤلء سإنة ‪ 296‬‏هض ‪ .‬‏‬

‫لقضضد سإضقطوا أول وقبضضل كضضل شضيء باعتبضضارهم حركضة انفصضالية ل تسإضتطيع أن تصضمد أمضام كيضضان حضضاري ازحضف لضضه اريضة‬
‫اليديلوجية يقف تحتها ‪ ،‬مهما اختلفنا في أبعاد هذه الراية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو هذه اليديلوجية ‪ .‬‏‬

‫‪48‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫سقوط دولة الخوارج في الجزائر‬
‫منذ خرج " ‏الخوارج " ‏عن طوع علي بن أبي طالب رضي ال عنه ‪ ،‬وتسإببوا في قتله على يضضد عبضضد الرحمضضن بضضن ملجضضم ‪،‬‬
‫وهم يشكلون على امتداد التاريخ السإلمي المادة الخام لكضثير مضن الحركضضات الثوريضضة ‪ .‬‏لقضضد انتشضر الخضوارج علضى امتضضداد‬
‫الرض السإلمية ولقد دخلوا في عديد من المعارك واجهوا في بعضها تصفية جسإضدية هائلضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكنهضم مضضع كضضل ذلضك‬
‫ظلوا شعلة ثورة في الرض السإلمية ‪ ،‬وشعارهم قول أحد روادهم " ‏قطري بن الفجاءة " ‏‪ :‬‏‬

‫فما نيل الخلود بمسإتطاع‬ ‫فصب ار في مجال الموت صب ار‬


‫فداعيه لهل الرض داع‬ ‫سإبيل الموت غاية كل حي‬

‫وبالطبع لم يكن المغرب السإلمي ‪ ،‬وهو تلك الرض السإلمية العذارء ليفلت من أيدي الخوارج ‪ .‬‏‬

‫لقد حاولوا بكل الطرقا أن يشكلوا على أرضه قوة إسإلمية خارجية ينشرون من خللها مبادئهم الخارجية ‪ .‬‏‬

‫وقد كان أهم بروز لهم سإنة ‪ 122‬‏هض في طنج برئاسإة " ‏ميسإرة المطغري " ‏‪ ،‬وقد عضضرف المغضضرب مضضن مضضذاهب الخضوارج ‪:‬‬
‫الصفرية والباضية ‪ ،‬وقد انتشرت الصفرية في الجهات الغربية ‪ ،‬بينمضا انتشضضرت الثانيضضة فضي النضواحي الشضرقية ‪ ،‬وكضضانت‬
‫أكثر القبائل البربرية ‪ -‬‏المغربية ‪ -‬‏الموالية للخوارج زناتة وهوارة ‪ .‬‏‬

‫بيد أن حركاتهم ظلت حركات ثورية فوضوية ‪ ،‬لم يقدر لها إلى منتصف القرن الثاني الهجري أن تنتظم في دولة‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫ولذا فمعظم حركاتهم ماتت وكانت تذوب في بوتقة المجتمعات المنظمة ‪ ،‬ل سإيما وقد أصيبت كثير مضن حركضاتهم بمضضا‬
‫أصيبت به الحركات التي تقف على الطرف الخر منهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أي أنهم أصضيبوا بكضثير مضن المغضالة والتطضرف ‪ ،‬والميضل‬
‫إلى نزعة التكفير إواراقة الدماء والقتل لوهى السإباب ‪ .‬‏‬

‫لكن مع بروز سإنة ‪ 144‬‏هجرية بدا وكأن الخوارج يسإتمتعون بإقامة دولة مسإتقرة لهم بالمغرب ‪ .‬‏‬

‫وقد نجح عبد الرحمن بن رسإتم الباضي عبر سإلسإلة من المغامرات والتعرض للموت غير مرة ‪ ،‬والتحايل علضضى جضضذب‬
‫القبائضضل البربريضضة ‪ .‬‏نجضضح فضضي إقامضضة دولضضة خارجيضضة تعتمضضد علضضى الضضبربر وعلضضى العضضرب والعجضضم وتتمركضضز فضضي مدينضضة جزائريضضة‬
‫يفصلها عن الصحراء الجزائرية أكضثر مضضن مضضائتي كيلضو مضتر ‪ ،‬وتقضضع فضي منطقضة النجضود ‪ ،‬وتتبضوأ مكانضا جيضضدا يحميهضضا مضضن‬
‫الغارات ‪ ،‬ويحميها كذلك من الشمس التي ل تكاد تظهر في سإمائها ) ‏!‏‏!‏‏(‏ ‏وهي مدينة " ‏تاهرت " ‏‪ .‬‏‬

‫وقد نجح عبد الرحمن بن رسإتم هذا في توطيد دعائم دولته خلل الفترة التي قدر له أن يحكمهضضا ) ‏‪ 144‬‏ ه ض ‪ 168‬‏ه ض (‏‬
‫وقد خلفه من بعده ابنه عبد الوهاب الذي بقي في حكم الدولة التي تنسإب إلى أبيه " ‏الدولة الرسإتمية " ‏عشضرين سإضضنة‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏ثم " ‏أفلح ابن عبد الوهاب " ‏الذي عمر أطول مدة عمرها حاكم رسإتمي ‪ ،‬فقد بقي في الحكم أكثر من خمسإين سإنة )‬
‫‪ 188‬‏ هض‪ -‬‏‪ 238‬‏هض (‏ ‏‪ ،‬ثم تتابع في حكم الدولة الرسإتمية خمسإة من المراء ‪ -‬‏أبو بكر بضضن أفلضضح‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فضأبو اليقظضان ‪،‬‬

‫‪49‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫فضضأبو حضضاتم ‪ ،‬فيعقضضوب بضضن أفلضضح ‪ ،‬فاليقظضضان ابضضن أبضضي اليقظضضان آخضضر أمرائهضضم ‪ -‬‏والضضذي لضضم يتمتضضع بضضالحكم أكضضثر مضضن عضضامين‬
‫عاشهما في اضضطراب ‪ ،‬ثضم غلبضه على أمضره الشضيعة الروافضض وقتلضوه فضي شضوال سإضنة ‪ 296‬‏للهجضرة ‪ ،‬وانتهضت بضه الدولضة‬
‫الرسإتمية التي حكمت جزءا كبي ار من أرض الجزائر " ‏تيهضضارت ومضضا حولهضا " ‏قرنضا ونصضضف قضرن مضن الزمضضان ) ‏‪144‬ه ض ‪-‬‬
‫‪ 296‬‏هض (‏ ‏) ‏وكان ظهورها الذي دعمه الرخاء القتصادي والجتماعي أبرز مثل لبروز دولة خارجية (‏ ‏‪ .‬‏‬

‫إن الخوارج الذين اشتهروا بالحمية والتفاني في سإبيل المبدأ ‪ ،‬قد تحولوا في ظل دولتهم الرسإتمية إلى رجال حكم ودولضة‬
‫أكثر منهم رجال عقيدة ودعوة ‪ .‬‏‬

‫وقد عاشت طوائف كثيرة مختلفضة النزعضة في ظضل دولتهضم الرسإضتمية حيضاة رغضدة طيبضة سإضهلة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبعضد أن كضان الخضوارج‬
‫أرباب سإيف سإقط السإيف من يدهم منذ أبو بكر بن أفلح ‪ ،‬وقد رضوا بسإلم يمكن لهم البقضضاء فضضي حضضدود مضضا حضضول تضضاهرت‬
‫‪ ،‬عقدوه مع جيرانهم الغالبة والدارسإة ‪ .‬‏‬

‫وجلي أن الذي ل يتقدم يكون عرضة للتأخر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهكذا تضضأخر الرسإضضتميون بعضضد أن فقضضدوا روحهضضم النضضالية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ودعنضا‬
‫من انحرافات كثيرة منهم لدرجة المغالة والتطرف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ودعنا كضذلك مضضن سإضضذاجة آخضر ملضوكهم " ‏اليقظضان " ‏واضضضطراب‬
‫الملك في يديه ‪ .‬‏‬

‫لقد عمل ذلك عمله في سإقوط الدولة الرسإتمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كما عمل في سإقوطها كذلك أخطر قانون من قضوانين الحضضضارة‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏وهو أن الدولة التي تفتقد راية حضارية جديرة بالنتشار والبقاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏دولة جديرة بالنحسإار والفناء‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫غروب الدارسة في المغرب القصى‬
‫في تخوم السإنوات التي تصل شطري القرن الثاني الهجري تفككت وحدة المغرب العربي ‪ -‬‏تونس ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬مراكش‬
‫‪ -‬‏وبضضدل مضضن خضضضوعه للضضدول السإضضلمية الجامعضضة سإ ضواء دولضضة المضضويين أو دولضضة العباسإضضية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بضضدل مضضن هضضذا انقسإضضم‬
‫المغ ضضرب السإ ضضلمي عل ضضى نفسإ ضضه إل ضضى ق ضضوى ثلث تحكمه ضضا زعام ضضات ثلث‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الرسإ ضضتميون ف ضضي تيه ضضارت ‪ -‬‏الج ازئ ضضر ‪-‬‬
‫والغالبة في تونس ‪ ،‬والدارسإة في المغرب القصى ‪ .‬‏‬

‫وليس من السإهل تلمس السإباب الحقيقية لهذا النفصال سإوى أنه مطية لتحقيقا أغراض شخصية ومذهبية ‪ .‬‏‬

‫‪50‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫بيد أن كثي ار من المؤرخين ل يفوتهم البحث عن أسإباب لكل الظواهر ‪ ،‬حضتى ولضو كضانت الظاهرة مجضردة حادث مفتعضل‬
‫يخلف نتائج مضادة ويكون حصاده وبال على المة التي خضعت له ‪ .‬‏‬

‫وليس من شك في أن الحياة ليسإت سإلبا كلها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبالتالي ليسإت إيجابا كلها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فنحضضن لضضن نعضضدم أن نجضضد فضضي الدولضضة‬
‫الحضضضارية الجماعيضضة سإضضلبيات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضذلك لضضن نعضضدم أن نجضضد فضضي كضضل الحركضضات النفصضضالية الضضتي تمثضضل فضضي رأينضضا بضوادر‬
‫غضضروب للحضضضارة الجامعضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لضضن نعضضدم أن نجضضد فيهضضا إيجابيضضات ‪ ،‬بيضضد أنضضه ل السإضضلبيات تصضضلح للحكضضم علضضى الدولضضة‬
‫الجامعض ضضة بض ضضالموت وبالنقضض ضضاض عليهض ضضا مض ضضن داخلهض ضضا ‪ ،‬ول اليجابيض ضضات تصض ضضلح كمض ضضبرر للوجض ضضود‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إذا قيسإض ضضت هض ضضذه‬
‫اليجابيات الجزئية بما تخلفه حركات النشقاقا من هدم فضي روح الحضضارة ‪..‬ومضن صضراع يجهضد الدولضة الجامعضة والبلضد‬
‫المنفصل معا ‪ .‬‏‬

‫وكان إدريس بن عبد ال بن الحسإين هو ) ‏قائد حركة النفصال عن دولة العباسإيين في المغرب القصى (‏ ‏‬

‫وكضضان إدريضضس هضضذا قضضد سإضضاهم مضضع إخضضوته ومضضع العلضضويين فضضي إشضضعال ثضضورة الحجضضاز ضضضد العباسإضضيين ‪ ،‬لكضضن الثضضورة فشضضلت ‪،‬‬
‫وأخمضضدت فهضضرب إدريضضس إلضضى بلد المغضضرب ‪ ،‬وهنضضاك اسإضضتطاع أن يجمضضع حضضوله بعضضض قبائضضل الضضبربر ‪ ،‬وأن يكضضون لضضه إمضضارة‬
‫مسإضضتقلة دامضضت ح ضوالي قرنيضضن مضضن الزمضضان‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان ذلضضك فضضي مطلضضع القضضرن الثضضالث الهجضضري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أي أن حركضضة إدريضضس‬
‫كانت متأخرة عن حركتي الرسإتميين في الجزائر والغالبة في تونس ‪ .‬‏‬

‫وقد نجح الخليفة العباسإي هارون الرشيد في أن يدس على إدريس من يدس له السإم في العسإل ‪ ،‬وكان الرشيد يضحك‬
‫ويتندر بقوله " ‏إن ل جنودا من عسإل " ‏لنه سإمه بواسإطة العسإل ‪ .‬‏‬

‫وقد ترك إدريس زوجته حامل فولدت بعد موته ذك ار التف البربر حوله وبايعوه باسإم إدريس الثاني ‪ .‬‏وفضضي عهضضد إدريضضس‬
‫الثضضاني هضضذا حضضاول العباسإضضيون بواسإضضطة ولء الغالبضضة الموجضضودين فضضي تضضونس لهضضم ‪ ،‬حضضاولوا القضضضاء علضضى الدارسإضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫لكنهم فشلوا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وركن العباسإيون إلى السإكوت‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏واسإتمرت الدولة الدريسإية كما ذكرنا قرنين من الزمان ‪ .‬‏‬
‫وكان من أعظم حكام الدارسإة يحيى الرابع بن إدريس الذي حكم ثمضاني عشضرة سإضنة ) ‏‪ 292‬‏ ه ض ‪ -‬‏‪ 310‬‏ه ض (‏ ‏وازدهضر‬
‫المغرب القصى في حكمه أيما ازدهار ‪ .‬‏‬

‫كما بلغت مدينة فاس عاصمة الدارسإة ذروة مجدها ‪ ،‬وأصبحت مرك از هاما من مراكز الحضارة السإلمية في أنحضضاء‬
‫المغضضرب العربضضي ‪ .‬‏وأيضضضا قضضد سإضضاعد الدارسإضضة علضضى رسإضضوخ قضضدم السإضضلم فضضي بلضضد المغضضرب بيضضن الضضبربر ‪ ،‬وانتشضضر السإضضلم‬
‫بواسإطة البربر في أفريقيا الغربية ‪ .‬‏‬

‫وكانت جامعة القرويين التي قضامت بضدور بضضارز فضي نشضر إوانمضاء الثقافضة السإضضلمية مضضن أهضم آثضار الدارسإضضة فضي المغضرب‬
‫السإلمي ‪ ،‬وقد قامت في المغرب بما قام به الزهر أو على نحو قريب منه في المشرقا العربي ‪ .‬‏‬

‫لقضضد كضضان الدارسإضضة أول دولضضة لهضا هضضذا الطضضابع فضضي التاريضضخ وفيمضضا نعتقضضد لضم تكضضن دولتهضضم شضضيعية إل بمقضضدار حضضب آل الضضبيت‬
‫والضضولء لهضضم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضضي صضضفة يشضضترك فيهضضا السإضضنة والشضضيعة معضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فحضضب آل الضضبيت مضضن حضضب الرسإضضول عليضضه الصضضلة‬
‫والسإلم ما كانوا قائمين على كتاب ال وسإنة رسإوله‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أما إذا خالف أحدهم كتاب الض وسإضنة رسإضوله‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فإنه يقف‬

‫‪51‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫مضضن الض موقضضف أي إنسإضضان " ‏يضا فاطمضضة بنضضت محمضضد اعملضي فضضإني ل أغنضضي عنضضك مضضن الض شضضيئا " ‏هكضضذا قضال الرسإضضول عليضضه‬
‫الصلة والسإلم !‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫ولهذا الوضوح في دولة الدارسإة أحبها أهل السإنة وانتصرت بهم ‪ ،‬وكانت القبائل البربرية السإنية في المغرب حاميتهم‬
‫وعماد دولتهم ‪ .‬‏‬

‫ولهذا السإبب عاشت دولة الدارسإة نحوا من قرنين من الزمان وأدت دو ار حضاريا ل بأس به في المغرب السإلمي ‪.‬‬

‫بيضضد أنهضضا كأيضضة حركضضة انفصضضالية كضضانت تفتقضضد مضضبرر الوجضضود والبقضضاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فظلضضت علضضى الرغضضم مضضن " ‏قرنيهضضا " ‏مجضضرد حركضضة‬
‫انفصالية ‪ .‬‏ولم تسإتطع ل جغرافيا ول فكريا أن تزيد على حدودها التي ضمها إدريس الول شيئا ذا بال ‪ .‬‏‬

‫وقضضد وقعضضت كضضذلك بيضضن عديضضد مضضن القضضوى الراغبضضة فضضي البتلع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقعضضت بيضضن المضضويين فضضي النضضدلس ‪ ،‬الضضذين كضضثي ار مضضا‬
‫سإضضددوا إليهضضا الطعنضضات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبيضضن مصضضر الضضتي انتقلضضت إلضضى الفضضاطميين منضضذ سإضضنة ‪ 359‬‏هض ض‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فوجه ضوا إلضضى الدارسإضضة‬
‫طعنات كذلك على الرغم من القرابة المذهبية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ول يمكن إغفال ضربات القبائل البربرية الراغبة في حكم نفسإها ‪ ،‬ل سإيما قبائل زناتة وهوارة ‪ .‬‏‬

‫وقد أدى ذلك كله على غروب شمس الدارسإة عام ‪ 375‬‏هض ‪ .‬‏‬

‫فانتهت إحضدى الحركضات النفصالية فضي تاريخنضا السإضلمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لن السإضقوط إوان كضثرت المقويضات والمسإضاعدات هضو‬
‫مصير كل الحركات النفصالية ‪ .‬‏‬

‫‪52‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫سقوط صقلية السلماية‬
‫بعد قرنين من فتضح المسإضلمين لصقلية علضى يضد الفقيضه أسإضد بضن الفضرات سإضنة ‪ 212‬‏ه ض كضان كضل شضيء يضؤذن بضالفول‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫كضضانت النضضدلس تعيضضش حالضضة ملضضوك الطوائضضف الضضذين تضضداعوا تضضداعي الضضبيت المفكضضك أمضضام زحضضف المرابطيضضن بقيضضادة رجلهضضم‬
‫المؤمن رجل العقيدة والدولة يوسإف بن تاشفين ‪ .‬‏‬

‫وكانت الجزائر وتونس تعانيان من هجمة القبائل العربية الهمجية الزاحفة تدمر كل شيء دون تعقل ‪ .‬‏‬

‫وكضضانت مصضضر قضضد ذهبضضت نضضضارتها علضضى يضضد الفضضاطميين الضضذين كضضانوا قضضد فقضضدوا نضضضارتهم كضضذلك ‪ ،‬بضضل كضضانت مصضضر الضضتي‬
‫يحكمهضضا الخليفضضة المسإتنصضضر تعضضاني مضضن مجاعضضات غريبضضة لعلهضضا لضضم تحضضدث فضضي تاريخهضضا بضضالمرة لدرجضضة أن النضضاس أكل ضوا‬
‫بعضهم بعضا وبيعت لحوم الكلب في السإواقا ‪ .‬‏‬

‫كان هذا هو الجو المحيط بصقلية الغلبية السإلمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏الجو الذي يطلقا عليضه مؤرخونضا عبضارة " ‏الحالضة السإضلمية‬
‫في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري"!‏‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫لكضن كضضل هضذا كضان أقضل مضضن أن يقتطضضع غصضضن صضقلية مضضن شضجرة السإضضلم إلضى اليضوم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لقضضد كضان ثمضضة سإضضبب آخضر أشضضد‬
‫وأقوى ‪ .‬‏‬

‫كضضان هنضضاك الهزيمضضة الداخليضضة الضضتي هضضي البضضاب الوحيضضد الضضتي تضضدلف منضضه كضضل اله ازئضضم ال ضواردة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان هنضضاك لصضضوص‬
‫المناصب وهواة الزعامات والمتمسإحون في أمجادهم العائلية ‪ .‬‏‬

‫كانت صقلية قضد فقضدت أمثضال فاتحهضا العظيضم أسإضد بضن الفضرات القاضضي والفقيضه والقائضد والشضهيد الضذي اسإضتحقا عضن جضدارة‬
‫بطولة فتح صقلية ‪ .‬‏‬

‫وحل جيل جديد تتنازعه التقاليد الوثنية النورمانيضضة وينظضضر بإعجضاب إلضى الجنضوب الوروبضي ‪ ،‬إوالضى تقاليضد العضدو الواقضف‬
‫بالبضضاب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعنضضدما حلضضت الهزيمضضة الداخليضضة علضضى هضضذا النحضضو‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضضان مضضن السإضضهل أن يضضدخل روجضضار بجيوشضضه ‪ ،‬وأن‬
‫تتحول صقلية إلى اليوم قلعة صليبية تكيد للسإلم ‪ .‬‏‬

‫‪53‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫كان روجضار قائضضد النورمضان المسإضتوطنين بضالغرب الفرنسإضضي واليطضالي يضترقب فرصضضة الوثضضوب علضى الج ازئضضر وتضونس‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫فضضضل عضضن صضضقلية ‪ ،‬وكمضضا هضضي العضضادة فضضي تاريخنضضا لضضم يسإضضتطع روجضضار أن يضضدخل إلضضى صضضقلية إل مضضن خلل أهلهضضا ‪ ،‬مضضن‬
‫خلل الهزيمة الداخلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فمبدأ الجهاد قد وقانا شر العداء الخارجيين ‪ ،‬أما حين تتفتت العقيدة وتنحل إرادة القتضضال‬
‫يبدأ العدو في الولوج ممتطيا أحد الصنام الباحثين عن الملك تحت أي شعار ‪ .‬‏‬

‫وفي معركة من المعارك الداخلية بيضن لصضوص الحكم هضزم أحضدهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ويسإضمى ابضن الثمنضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضم يجضد هضذا الرجضل‬
‫غضاضة في أن يطلب الوصول إلضى الحكضم عضن طريضقا السإضتعانة بالنورمضان المتحينيضن للفرصضة فضذهب إليهضم يسإضتعين‬
‫بهم ويطلعهم على خفايا الجزيرة ‪ ،‬ويمدهم بالعون إذا هم حاولوا السإتيلء عليها ‪ .‬‏‬

‫وبدأ من يومها الغزو النورماني لصقلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضضم تكضن القضوى السإضلمية المفككضضة المحيطضة بصضقلية بقضادرة قضدرة حقيقيضضة‬
‫على عمل شيء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بالرغم من أن تونس قد حاولت تقديم المسإاعدة ‪ .‬‏‬

‫وتسإاقطت كأوراقا الشجر في الخريف مدن السإلم الزاهرة في هضضذه الجزيضرة الضضتي قضدمت للسإضضلم والحضضارة السإضضلمية‬
‫عديدا من البطال في كل المجالت ‪ .‬‏‬

‫سإقطت " ‏مسإنة "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وسإقطت " ‏بلرم " ‏العاصمة ‪ .‬‏" ‏وماذر " ‏‪ .‬‏‬

‫وبعد جهاد طويل من أحد شباب السإلم الذين يظهرون كوهجة الشمس قبل المغيب " ‏ابضضن عبضاد " ‏سإضقطت سإرقوسإضة ‪،‬‬
‫ثضم خرجضت ولحقضت بهضضا ضضريانة فنضضوطس ‪ ،‬وسإضجلت سإضنة ‪ 484‬‏ه ض ‪ 1091‬‏م السإضقوط الكضبير لصضقلية فضي يضد عصضابات‬
‫النورمان‪ ..‬‏‬

‫وكما تمثلت الهزيمة الولى في بداية الهزيمة ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كما قدمتها في شخص ابن الثمنة كذلك تمثلت الهزيمضضة هنضضا فضضي‬
‫صورتين ‪ :‬‏‬

‫في صورة ابن حمود حاكم قصريانة إحدى المدن الصقلية التي سإقطت وكان هذا الرجل يزعم النسإضضب إلضضى العلضضويين‪ .‬‏‪.‬‬
‫‪ .‬‏لدرجة جعلت أحد المضضؤرخين الوروبييضضن يصضفه ) ‏بضالعلوي الضدنيء الرخيضص (‏ ‏مسإضلما بقضضضية علضضويته ‪ ،‬ولربمضضا كضضانت‬
‫صحيحة ‪ ،‬فكثير من دعاة العلوية كانوا خونة !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وقد تواطأ الرجل مع روجار لدرجة جلبت عليه سإخط المسإلمين في الجزيرة كلها‪ .‬‏‬

‫ولم ينته أمر هذا الخائن لمته إل بالنهاية الطبيعية ‪ ،‬إل أنه حرصا على مزيضد مضن الجضاه لضدى روجضار أعلضن نصضرانيته‬
‫وطلضضب مضضن روجضضار أن ينقلضضه إلضضى إيطاليضضا ليقضضضي بقيضضة حيضضاته هادئضضا آمنضضا ‪ ،‬وذهضضب الخضضائن ‪ ،‬ومضضع ذهضضاب السإضضلم مضضن‬
‫أعماقه وأعماقا أمثضاله مضن المنهضارين ذهبضت صضقلية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والصضورة الثانيضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تقضدمها لنضا صفحات التاريضخ فضي شضكل‬
‫رسإضضالة بعضضث بهضضا المسإضضمى الخليفضضة الفضضاطمي فضضي مصضضر إلضضى روجضضار تحمضضل تشضضفيا وتهنئضضة بالنصضضر المسإضضيحي ‪ ،‬وبعضضد أن‬
‫يوافقا خليفة المسإضلمين العظيضم روجضار على كضل أوصضافه للزعمضاء المسإضلمين فضي الجزيضرة ‪ ،‬تلضك الضتي وردت فضي رسإالته‬
‫وكيف أنهم جانبوا طريقا الخبرات واجترءوا في الطغيان ‪ ،‬واسإتعملوا الظلم‪ ،‬وتمادوا في الغي ‪ .‬‏‬

‫‪54‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫بعد ذلك ينهضي رسإالته بضأن مضن كضانت هضذه حضاله حقيقا بضأن تكضون الرحمضة نائيضة عنضه ‪ ،‬خليضقا بضأن يأخضذه الض مضن مضأمنه‬
‫أخذة رابية ‪ .‬‏‬
‫وهذا الكلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏صحيح ‪ .‬‏بيد أنه لن يغفر للخليفة المنهار في مصر المتمسإح كذبا في شضرف النبضوة أن يسإضقط ركضضن‬
‫من أركان دولة السإلم تابعا لحكمه دون أن يحرك سإاكنا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثم يخرج علينا بشعارات منمقة ل قيمة لها ‪ .‬‏‬

‫ولن يغفر له التاريخ كضذلك أنضه نفسإضه كضان لعبضة هزيلضة فضي قصضره بيضد الضوزراء العظام‪ ،‬وفضي ظضل أحضط مجاعضات عرفتهضا‬
‫مصر السإلمية ‪ ،‬إوانه بدوره كان حلقة في سإلسإلة مصائبنا الكثيرة ‪ .‬‏‬

‫وقضضد زار ابضضن جضضبير الرحالضضة المسإضضلم صضضقلية بعضضد سإضقوطها فوصضف أحضوال أهلهضضا تحضضت الحكضضم النصضراني ‪ ،‬بمضضا يجعلهضضا‬
‫قريبة من أحوال أهل الندلس ‪ ،‬فقد ضربوا عليهم إتاوة يؤدونها في فصلين من العام ‪ ،‬وحالوا بينهم وبين سإضضعة الرض‬
‫‪ ،‬ول جمعضضة لهضم يؤدونهضضا بسإضبب الخطبضضة المحظضورة عليهضم ‪ ،‬ويصضلون العيضاد بخطبضضة يضضدعون فيهضضا للعبضضاس ‪ ،‬ولهضضم بهضا‬
‫قاض وجامع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫ثم يختم ابن جبير حديثه عن أحوال المسإلمين في صقلية بقوله ‪ :‬‏‬

‫" ‏وبالجملضضة فهضضم غربضضاء عضضن إخ ضوانهم المسإضضلمين تحضضت ذمضضة الكفضضار ‪ ،‬ول أمضضن لهضضم فضضي أم ضوالهم ول فضضي حريمهضضم ول فضضي‬
‫أبنائهم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏" ‏‪ .‬‏‬

‫وكان هذا جزاء ما قدم زعماؤهم الخونة ‪ ،‬وسإادتهم الفاطميون المارقون‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫والمهم ‪ :‬‏سإقطت صقلية السإلمية !‏‏!‏‏ ‏‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫سقوط المرابطين بالمغرب‬

‫‪55‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫بدأت دولة المرابطين بالمغرب العربية بداية طيبة قوية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كانت هذه الدولة بحقا انبثاقة فكرة إسإلمية عظيمة الثر‬
‫في حياة الدعوة السإلمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هذه الفكرة تقوم على إبراز دور محدد قيادي للمسإجد السإلمي ‪ ،‬فالمسإجد ليس مجرد‬
‫دار لداء صلوات خمس مبتوتة الصلة بالحياة ‪ ،‬إوانما المسإجد السإضلمي دار تنطلضقا منهضا قيضادة البشضرية وتربيتهضا في‬
‫كل مرافقا الحياة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فهو إلى جانب كونه دار عبادة هو كذلك دار علم ‪ ،‬وهضضو دار قضضاء وهضضو مكتبضضة ‪ ،‬وهضضو مجلضضس‬
‫شضضورى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أي أن المسإضضجد فضضي الحقيقضضة نمضضوذج لكضضل الضضو ازرات والضضدواوين الضضتي تقضضود شضضؤون النضضاس وتضضوجه مصضضالحهم ‪،‬‬
‫وعلى هذا السإاس قامت فكرة الربطة التي أنشأها المرابطون والتي من خللها تكونت طليعة إسإضضلمية اسإضضتطاعت أن‬
‫تنشئ دولة المرابطين التي حمت المغرب السإلمي والندلس قرابة قرن من الزمان ‪ .‬‏‬

‫ومضت فترة القوة في هذه الدولة عندما مات أكبر شخصية مرابطة هي شخصية يوسإف بضضن تاشضضفين علضضى رأس المائضضة‬
‫الخامسإة ‪ ،‬وبالتحديد سإنة ‪ 500‬‏من الهجرة ‪ .‬‏‬

‫وبعد يوسإف ‪ ،‬ومع الجهود الضخمة التي بذلها خليفته وابنه علي بن يوسإف بدأت دولة المرابطين تضضدخل طضضور الفضضول‬
‫‪ .‬‏‬

‫وكان ذلك بتأثير سإبب قوي غريب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كان ذلك لن علي بن يوسإف هذا قد انصرف عن شؤون الحكم إلى حد كبير‬
‫‪ ،‬ولم يتحرك إل في مرات قليلة لم تكن كافية لسإضضد الثغضرات الضضتي فتحضت علضى الدولضضة فضي المغضضرب والنضضدلس ‪ ،‬وراح هضضذا‬
‫المير المرابطي يصوم النهار ويقوم الليل ويعكس بزهده إواهماله لشؤون دولتضضه فهمضا مغلوطضضا للسإضضلم بضل إنضضه وقضع فضي‬
‫خطأ كبير‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حين وقع تحت تأثير مجموعة كبار الفقهاء البارزين في دولته ‪ ،‬وكان ل يزيضضد عضضن كضونه لعبضضة صضضغيرة‬
‫في أيديهم ‪ .‬‏‬

‫ونتيجة غفلة علي بن يوسإضف هضذا ‪ ،‬وانصضراف الفقهضاء إلضى تكفيضر النضاس وجمضع الضثروات ‪ ،‬بضدأت مظاهر التحلضل تسإضود‬
‫قطاعات كبيرة من الدولة ‪ .‬‏‬

‫كانت الخمر تباع علنا في السإضواقا ‪ ،‬وكضان النبيضذ يشضرب دون حضرج ‪ ،‬وكضانت الخنضازير تمضرح فضي السإضواقا كالغنضام ‪،‬‬
‫واسإتولى أكابر المرابطين على إقطاعات كبيرة وذهبوا إلضضى السإضضتبداد فيهضضا ‪ ،‬واسإضضتولى النسإضضاء علضضى الحضوال " ‏وصضضارت‬
‫كل امرأة تشتمل على كل مفسإد وشرير وقاطع سإبيل وصاحب خمر وماخور " ‏‪ .‬‏‬

‫وكان ثمة مظهر آخر من مظاهر الفسإاد انتشر على عهد الخلفاء الضعاف المرابطيضضن‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هضضذا المظهضضر هضضو تحجضب‬
‫الرجال ‪ ،‬حضتى إن الرجل ل تبضدو منضه إل عينضه ‪ ،‬وبضروز النسإاء وظهضورهن فضي السإضواقا العامضة سإافرات ‪ ،‬واختلطهضن‬
‫بالرجال ‪ .‬‏لكن مفتاح المصائب الكبرى على المرابطين كانوا هم الفقهاء‬
‫لقد ذهبوا إلى تكفير كل من يحاول تأييد القواعد والصول الشرعية ‪ ،‬ل سإضضيما العقائضد بأدلضضة عقليضضة ‪ .‬‏وقضد يكونضضون علضى‬
‫خطأ أو على صواب ‪ ،‬فلسإنا نعرض لرائهم أو لراء غيرهم ‪ ،‬إوانمضضا الضضذي نقصضضده أن نظريضضة التكفيضضر هضضي دللضضة إفلس‬
‫وتحجضضر ‪ ،‬وليضضس مضضن حضضقا أحضضد أن يتعجضضل فيرمضضي النضضاس بضضالكفر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إذ ليضضس مضضن حضضقا أحضضد أن يتعجضضل فيرمضضي النضضاس‬
‫بالكفر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إذ ليس الكفر مفتاحضا يملكضه النضاس مضا لضم تظهضر أدلتضه الماديضة الضتي ل تقبضل الشضك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أمضا الخلف على‬
‫رأي فليس مجال تكفير‪ .‬‏‬

‫‪56‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وقضضد ذهضضب هضضؤلء الفقهضضاء فضضي اسإترسإضضالهم التكفيضضري هضضذا إلضضى تكفيضضر أعظضضم شخصضضية إسإضضلمية أنجبهضضا القضضرن الخضضامس‬
‫والسإضضادس الهجضضري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهضضي شخصضضية المضضام " ‏أبضضي حامضضد الغ ازلضضي " ‏المعضضروف بحجضضة السإضضلم بضضل إنهضضم ذهبض ضوا فضضي‬
‫غلوائهم أبعد مذهب ‪ ،‬فحرصا على امتيازاتهم التي يكتسإبونها من جدلياتهم في علوم الفقه التي تمثل الفروع‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أفتوا‬
‫بإحراقا كتب المام الغزالي ل سإيما كتابه الشهير " ‏إحياء علوم الضدين " ‏وكضضانت حجتهضضم فضي ذلضك اشضضتمال الكتضضاب علضى‬
‫بعضضض المسإضضائل الفلسإضضفية الكلميضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ممضضا اضضضطر السإضضلطان علضضي بضضن يوسإضضف الخاضضضع لتضضأثيرهم إلضضى إصضضدار أم ضره‬
‫بوج ضضوب إحض ضراقا الكت ضضاب " ‏إحي ضضاء عل ضضوم ال ضضدين " ‏ف ضضي جمي ضضع أنح ضضاء مملكت ضضه تنفي ضضذا لفت ضضوى الفقه ضضاء ‪ ،‬ث ضضم أن ضضذر بالوعي ضضد‬
‫الشديد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بل بالقتل واسإتلب مال كل من يوجد عنده الكتاب !‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫وكان هذا الحادث أبرز ألوان الجمود والتحجر والخوف على المتيازات الشخصية التي أظهرها الفقهاء ‪ .‬‏‬

‫وقد بلغ الحنقا بالمام الغزالي مبلغه ‪ ،‬فدعا على علي بن يوسإضف بضضن تاشضفين المرابطضي أن يمضزقا الض ملكضه‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حيضن‬
‫علم بالمر !‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫لقد كان منهج الفقه الذين تصدروا شؤون الدولة المرابطية يقوم علضى البتعضضاد عضضن المصضضدرين الرئيسإضضيين للتشضريع وهمضضا‬
‫القرآن والسإنة ‪ ،‬والتمسإك الشديد بآراء الفقهاء‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حتى ولو لم يعرفوا لها سإندا من الكتاب والسإنة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضضد بلضغ المضضر‬
‫بهم في هذا المر مبلغه ‪ ،‬حتى أن أحد الناس قال لرجل وهما في الطريقا ‪ :‬‏إن رسإول ال صضلى الض عليضضه وسإضضلم يقضضول‬
‫كذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فرد عليه الخر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكني أعتقد أن المام مالكا يقول كذا )!‏‏!‏‏(‏ ‏وهكذا ذهبت آراء الفقهاء في نظرهم مضضذهب‬
‫التقديس والغلو المبالغ فيه ‪ .‬‏‬

‫وقد أمات الفقهاء واجب " ‏الحسإبة "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهي المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬فلم يقوموا بتغييضر نضواحي التحلضل‬
‫الضضتي ظهضضرت فضضي الدولضضة ‪ ،‬وكضضان بإمكضضانهم لتمكنهضضم مضضن الحكضضم أن يقوم ضوا علضضى تغييرهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكنهضضم جضضاروا العامضضة فضضي‬
‫غرائزها وبحثوا عن أنفسإهم ‪ ،‬بل قاوموا المخلصين الذين حاولوا التغيير ورموهم بالتكفير والمروقا ‪ .‬‏‬

‫بقي أن نقول ‪ :‬‏إن الفقيه أبا القاسإم بن حمدين زعيم الفقهاء في هذه الفوضى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأكبر المكفرين للمام الغزالي ‪ ،‬بل‬
‫المكفر لكل من ق أر كتاب الحياء كان يمثل نموذجا لكثير من الدجالين المتاجرين بالسإلم ‪ ،‬والسإلم منهم براء ‪ .‬‏‬

‫ومع ألسإنة النار المندلعة من نسإخ كتاب الحياء التي أحرقت في مشهد علي بجامع قرطبة ‪ ،‬كانت ألسإنة نيران حركضضة‬
‫التاريضضخ الضضتي تقودهضضا سإضضنة الض الضضتي ل تتخلضضف ‪ ،‬تأكضضل دولضضة المرابطيضضن الضضتي تركضضت أمرهضضا لمجموعضضة مضضن ضضضيقي الفضضقا‬
‫ومرتزقة الكلمة ‪ ،‬هؤلء الذين ل يفهمون أصول السإلم ول روح السإضضلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول أصضضول الحكضم فضي السإضضلم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ول‬
‫روح الحكومة السإلمية الحقيقية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫‪57‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫سقوط دولة صنهاجة في تونس‬
‫عندما رحل الفاطميون إلى مصر سإنة ‪ 360‬‏هض ‪ ،‬بعد أن أسإسإوا دولتهم بالمغرب العربي وعاشوا فيها أكضضثر مضضن نصضضف‬
‫قضضرن ‪ ،‬خلفضوا وراءهضضم قبيلضضة بربريضضة كضضبرى تضضدعى صضضنهاجة كضضي تحكضضم المغضضرب العربضضي ‪ -‬‏تضضونس والج ازئضضر ‪ -‬‏نيابضضة عنهضضم‬
‫وباسإمهم‪ .‬‏‬

‫لقضضد كضضان انتقضال الفضضاطميين إلضضى مصضضر وتسإضضليمهم المضضور لهضضذه القبيلضضة البربريضضة الكضضبرى حضضدا فاصضضل فضضي أحضضداث المغضضرب‬
‫العربي ‪ ،‬إذ كان إعلنا ببداية عهد يحكم فيه الضبربر أنفسإضهم ويسإضتقلون بحكضم بلدهضم ‪ ،‬فضي ظل اعضتراف بسإضلطة الدولضة‬
‫الفاطمية وهو اعتراف من النوع الذي يمكن نقضه ‪ ،‬لنه ل تسإاعده قوى متمركزة عسإكرية‪ ،‬ول ولء جماهيري عقائدي‬
‫‪ ،‬وبالتالي فقد اعتبر هذا الحدث بداية عهد " ‏حكم البربر للبربر " ‏!‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫وقد نشأت بعد رحيل الفاطميين أول دولة بربرية كبرى في الجزائر وتونس هي " ‏دولة الصنهاجيين " ‏التي عرفت باسإضضم‬
‫" ‏دولة بني زيري " ‏نسإضبة إلضى أول حكامهضا " ‏بلكيضن بضن زيضري الصضنهاجي " ‏‪ ،‬وقضد نجضح بلكيضن هضذا في أن يقضي علضى‬
‫الفتن الداخلية وعلى الثورات القبائلية المجاورة على حدود البلد ‪ ،‬وحققا اسإتق ار ار كبي ار بالبلد إلى أن مضضات سإضضنة ‪373‬‬
‫هض ) ‏‪984‬م (‏ ‏فخلفه ابنه المنصور بن بلكين ‪ ،‬وكان من أعدل بني زيري ‪ ،‬فاسإتعمل السإياسإة والعنف معا ‪ ،‬ونجح في‬
‫تصفية خصومه باللين والحكمة والترهيب كذلك ‪ .‬‏‬

‫وقضد لمضس الفضاطميون النيضة لضضدى حكضام بنضضي زيضضري فضي السإضتقلل ‪ ،‬فحضاولوا وضضضع العراقيضضل فضي وجضه المنصضور ‪ ،‬إل أن‬
‫سإياسإته قد امتصت محاولتهم ‪ .‬‏‬

‫‪58‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وعندما مات سإنة ‪ 387‬‏هض خلفه ابنه باديس بن المنصور فسإار على سإياسإة أبيه ‪ ،‬ونجضضح فضي تحقيضضقا السإضضتقرار للدولضضة‬
‫‪ ،‬حتى مات سإنة ‪ 406‬‏هجرية ) ‏‪1015‬م (‏ ‏‪ .‬‏‬

‫لقضضد تضضولى المضر بعضضد بضاديس أعظضضم ملضوك بنضي زيضري علضى الطلقا " ‏المعضضز بضن بضاديس " ‏ولقضضد واجضه المعضز بضن بضاديس‬
‫وضعين جديدين كان لهما تأثير كبير في مسإتقبل الدولة ‪ :‬‏أما الوضضع الول‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فهضو قيضام حركضة انشضقاقا في الدولضة‬
‫قادها أحد أعمام أبيه ويدعى " ‏حمادا " ‏وكانت قد بدأت منذ عهد أبيضه واسإضتنفذت مضن طاقضة أبيضه الكضثير!‏‏!‏‏ ‏وأمضا الوضضع‬
‫الثاني فهو ميول المعز نفسإه ‪ ،‬إذا كان المعز قد تربى على يد رجال من رجالت السإنة المالكية ‪ ،‬ونشأ محبضضا للمالكيضضة‬
‫والسإنة ‪ .‬‏وقد حاول منذ ولي تغيير مذهب الدولة ‪ ،‬ففي سإنة ‪ 407‬‏تغاضي ‪ ،‬بل أوعز بطريقة غير مباشرة‪ ،‬بقتل عضضدد‬
‫كبير من مخالفي السإنة والجماعة في مذبحة كبيرة ‪ .‬‏‬

‫لقد كان ابن باديس واقعيا مع ظروفه وظروف دولته ‪ ،‬وبالتالي فقد قبل انشضقاقا جضزء مضن دولتضه فضي ظضل سإضضيادته ‪ ،‬هضذا‬
‫في الجانب الول ‪ .‬‏‬

‫وفي الجانب الثاني كان واقعيا مع ظروفه كذلك ‪ ،‬فتمهل في المضور ‪ ،‬ولضضم يقضم بتغييضر المضضذهب الشضيعي ‪ ،‬حيضث كضانت‬
‫دولة الفاطميين في القاهرة قوية تسإتطيع تأليب القوى عليه من داخل بلده وخارجها ‪ .‬‏‬

‫ولقضضد عضضاش المعضضز يحكضضم دولتضضه فضضي هضضدوء ‪ ،‬قريبضضا مضضن خمضضس وثلثيضضن سإضضنة ‪ ،‬أي إلضضى سإضضنة ‪ 441‬‏هض ض‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفضضي السإضضنة‬
‫الخيرة التي كان حاكم الدولة الفاطمية فيها هو المسإتنصر ‪ ،‬أعلن انفصاله عن دولة الفضاطميين ‪ ،‬إذ كضان المسإتنصضر‬
‫يعاني من تدهور كبير في الوضاع ‪ ،‬وكان المعز يعيش فترة تألقا شديد ‪ .‬‏‬

‫لكن الفاطميين في مصر لضم يسإتسإضلموا للضضربة الضتي سإضددها إليهضم المعضز ‪ ،‬وهضم في الضوقت نفسإضه ‪ ،‬كضانوا عاجزين عضن‬
‫توجيه ضربة مقابلة له ‪ ،‬خضوعا لظروفهم التي كانت تجنح إلى التدني والسإقوط والزمات القتصادية الشديدة ‪ .‬‏‬

‫ولم يعدم المسإتنصر الفاطمي أطول خلفاء السإلم بقاء في الحكم وسإيلة يضرب بها المعز ‪ .‬‏‬

‫وكضضانت الوسإضضيلة الضضتي رآهضضا هضضي إطلقا القبائضضل العربيضضة " ‏الهلليضضة " ‏كضضي تزحضضف علضضى المغضضرب العربضضي ‪ ،‬وقضضد اسإضضتدعى‬
‫رؤسإاءهم وأقنعهم بمحاولة امتلك المغرب وأرسإل إلى المعز خطابا بذلك ‪ .‬‏‬

‫وكضضانت هضضذه القبائضضل حجازيضضة اسإضضتوطنت مصضضر ‪ ،‬وتعيضضش بطريقضضة شضضبه فوضضضوية ‪ ،‬وقضضد تقضضدمت نحضضو المغضضرب فضضي أعضضداد‬
‫كبيرة يبالغ بعض المؤرخين فيزعمون أنها تتجاوز المليون ‪ .‬‏‬

‫لقضضد أتيضضح للمعضضز بضضن بضضاديس فرصضضة ترويضضض هضضذه القبائضضل ولكنضضه لضضم يوفضضقا إلضضى هضضذا النهضضج وكضضانت هضضذه أكضضبر أخطضضائه ‪.‬‬
‫وبالتضضالي فقضضد تقضضدمت هضضذه القبائضضل تهلضضك الحضضرث والنسإضضل وتخضضرب المضضدن والقضضرى ‪ ،‬حضضتى قضضضت علضضى حضضضارة القيضضروان‬
‫العظيمة ‪ .‬‏‬

‫كمضضا أن المعضضز لضضم يوفضضقا فضضي إعلن مواجهضضة حضضضارية فضضي مقابضضل غضضزوة حضضضارية ولقضضد كضضانت وشضضيجة السإضضلم كفيلضضة‬
‫بترويض هذه القبائل وباسإتغللها ‪ ،‬وبالتالي بإحباط الهدف الذي سإعى إليه المسإتنصر ‪ ،‬في إيثار الجماعة والسإنة ‪ .‬‏‬

‫‪59‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وعندما يفشل المغزوون حضاريا في إحداث غزو حضاري مضاد ل سإيما وأن هضضذه القبائضضل كضانت تجنضح إلضضى مضا جنضضح‬
‫إليه المغرب العربي يفقدون عنصر القدرة على البقاء ‪ .‬‏‬

‫إن الغزو الحضاري ل يقاوم بمجرد المقاومة ‪ ،‬بل ل بد من امتصاصه بغزو حضاري مضاد ‪ .‬‏‬

‫وهذه القاعدة قد غابت عن ذهن بني زيري في تونس ‪ ،‬فتهضاووا وتهضضاوت حضضارتهم‪ ،‬وللسإضف الشضديد فضإن هضضذه القاعضدة‬
‫ل تزال غائبة عن ذهن كثير من المخدوعين والمهزومين ‪ .‬‏‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫وسقوط بني حماد في الجزائر‬
‫ل يلضضد النفصضضال إل انفصضضال ‪ ،‬والسإضضير ضضضد سإضضنة ال ض محاولضضة انتحاريضضة ومضضن سإضضمات حركضضة التطضضور البشضضري أن الضضروح‬
‫العامة تؤدي دو ار مهما في عملية السإير التاريخي ‪ .‬‏‬

‫فضضإذا كضضانت الضضروح العامضضة متجهضضة إلضضى الخيضضر تسإضضابقا النضضاس إلضضى الخيضضر ‪ ،‬وهكضضذا تقضضدمت حركضضات الصضضلح ‪ ،‬وهكضضذا‬
‫اسإتقطبت أجيال في أيامها ‪ ،‬والمر نفسإه ينطبضقا علضى الشضر ‪ ،‬ولضم تمضت المضم إل بضالروح الشضريرة العامضة الضتي جعلضت‬
‫التحلل " ‏مودة " ‏والتفسإخ الخلقي " ‏فضيلة " ‏‪ ،‬والسإقوط تقدمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهكذا تحللت المة السإلمية في فضضترات تضضداعيها‪.‬‬
‫ ‏والضى انفصضال‬
‫‪ .‬‏‪ .‬‏فمن انفصال إلى خلفات كبرى ثلث ‪ -‬‏عباسإضية ببغضداد ‪ ،‬أمويضة بالنضدلس ‪ ،‬فاطميضة فضي مصر ‪ -‬إ‬
‫آخر في الندلس بين ملوك الطوائف‪ ،‬وفي المشرقا بين الشام ومصر واليمن ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬وفي المغرب العربي بيضضن بنضضي‬
‫زيري في تونس وزناتة ثم المرابطين في المغرب القصى ‪ ،‬وبني حماد في الجزائر ‪ .‬‏‬

‫ولقد كانت السإنوات الولضى مضن القضرن الخضامس الهجضري " ‏الحادي عشضر الميلدي " ‏مسإضرحا لمعضارك طويلضة دارت بيضن‬
‫بني زيري الذين يحكمون تونس ‪ ،‬وبني حماد الذين أحبوا تكوين إمارة مسإتقلة بهم في الجزائر ‪ ،‬بعد أن كضضان بنضضو زيضضري‬
‫يحكمون تونس والجزائر معا ‪ .‬‏‬

‫وعبر حروب طويلة خاضها حماد مؤسإس الدولضة مضع بنضي زيضري في ناحيضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ومضع زناتضة فضي المغضرب القصى مضن‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬عبر هذه الحروب اسإتطاع حماد بمسإاعدة ظضروف كضثيرة منهضا عنصضر المصضادفة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أن يسإضتقل بجضزء‬
‫كضضبير مضضن أرض الج ازئضضر السإضضلمية وكضضان ذلضضك سإضضنة ‪ 408‬‏هض ض ) ‏‪1016‬م (‏ ‏حيضضن نجضضح فضضي عقضضد صضضلح مضضع المعضضز بضضن‬
‫باديس حاكم تونس ‪ ) ،‬‏‪405‬هض ‪ -‬‏‪ 454‬‏هض (‏ ‏وأصبح الرجل الول في الجزائر ‪ .‬‏‬

‫ولقد عاشت هذه الدولة قريبا من مائة وأربعين سإنة وتعاور الحكم فيها تسإعة من الملوك كان من أشهرهم حماد نفسإه )‬
‫‪ 408‬‏ هض ض ‪ -‬‏ ‏‪ 419‬‏هض ض (‏ ‏والقائضضد بضضن حمضضاد )‪ 408‬‏ هض ض ‪ -‬‏‪ 466‬‏هض ض (‏ ‏والناصضضر بضضن علنضضاس ) ‏‪ 454‬‏ ‏هض ض ‪ -‬‏‪ 481‬‏هض ض (‏‬
‫والمنصور بن الناصر ) ‏‪ 481‬‏ ‏هض ‪ -‬‏‪ 498‬‏هض (‏ ‏‪ .‬‏‬

‫إلى أن وصضل الحكضم ليحيى بضن العزيضز الضذي حكضم مضا بيضن ) ‏‪ 515‬‏ ه ض ‪ -‬‏ ‏‪ 547‬‏ه ض (‏ ‏فكان سإلوكه ومجموعضة ظضروف‬
‫أخرى من أسإباب سإقوط الدولة على يد الموحدين سإنة ‪ 547‬‏هض ) ‏‪1152‬م (‏ ‏‪ .‬‏‬

‫‪60‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫لقد كانت دولة بني حماد انفصال من انفصال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وسإارت في طريقهضضا فكضان طريقهضضا علضى امتضداده ازخض ار بالمشضاكل ‪،‬‬
‫وعلى امتداد هذا التاريخ كانت الحروب شبه دائمة بين الحماديين وقبيلة زناتة وبني زيري ‪ .‬‏‬

‫مضافا إلى ذلك أن هذه الدولة لم تكن لها أهداف محددة ‪ ،‬اللهم إل هدف البقاء والسإيطرة ‪ .‬‏‬

‫وكان كثير من ملوكها يمتضضازون بالقسإضضوة الشضضديدة ‪ ،‬بضضل إن مؤسإسإضها حمضادا نفسإضضه اسإضضتعمل أسإضلوب الضدم كضي يبنضضي دعضضائم‬
‫دولته ‪ .‬‏‬

‫ولقد دمر مضدنا وقضرى أمنضت لعهضده ووثقضت فضي كلمضاته ‪ ،‬وكضان مكروهضا مضن جنضوده ‪ ،‬وقضد تتضابع هضذا النهضج فضي كضثير مضن‬
‫أحفاده كبلقين بن محمد ‪ ،‬وباديس ‪ ،‬وبعض أيام يحيى آخر المراء ‪ .‬‏‬

‫لقضضد كضضان يحيضضى بضضن عبضضد العزيضضز ‪ -‬‏آخضضر المضراء الحمضضاديين ‪ -‬‏عابثضضا لهيضضا ‪ ،‬وربمضضا كضضان لهضضوه ومجضضونه هضضذا هضضو السإضضبب‬
‫المباشر لسإقوط الدولة ‪ .‬‏‬

‫وأيضا من المحتمل أن بروز قوة كبرى في المغرب وهي قوة دولة الموحضضدين بقيضادة محمضضد بضضن تضضومرت ثضم خليفتضه " ‏عبضضد‬
‫المؤمن بن علي " ‏يحتمل أن يكون هذا كذلك هو السإبب المباشضر فضي السإضقوط‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏لكضضن مضع ذلضك يبقضى أن كضضل هضذا لضم‬
‫يكن إل المرحلة الخيرة في السإقوط وهي تلك المرحلة التي تركبهضا عجلت التاريضضخ لتقفضز بهضضا قفزتهضضا الخيضرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أمضا‬
‫السإباب الحقيقية لسإقوط الدولة فتتلخص في سإياسإضة الدولضة الخارجيضة الضضتي كضانت أكضبر عضار فضي تاريخهضضا وأكضبر لطمضضة‬
‫في وجهتها إلى نفسإها ‪ .‬‏‬

‫فلقد انتهجت هذه الدولة نهجا سإياسإيا ذاتيا يعتمد على البحث عن النفس حتى ولو سإقط العالم السإلمي كله ‪ .‬‏‬

‫وسإضقطت تكريضضت ‪ ،‬وسإضضقطت رودس ‪ ،‬وسإضقطت صضقلية وعاصضضمتها العظيمضضة " ‏بلضضرم "‪ ،‬وسإضقطت المهديضضة عاصضضمة أبنضضاء‬
‫عمومتهم في تونس ‪ .‬‏‬

‫سإقط كل هذا فلم تتحرك عواطف زعمضضاء هضضذه الدولضة ‪ ،‬بضل إنهضضم كضانوا يعقضضدون معاهضدات صضضداقة مضع المسإضضيحيين ‪ .‬‏ظنضا‬
‫منهضضم أن للصضليبيين عهضضدا أو شضرفا أو أمانضضة ‪ ،‬وناسإضضين قضضوله تعضضالى " ‏ولضضن ترضضضى عنضضك اليهضضود ول النصضارى حضضتى تتبضضع‬
‫ملتهم " ‏‪ .‬‏‬

‫ولقد أثبت لهم الصليبيون صضدقا منطضقا القضرآن فهضاجموهم بضالرغم مضن معاهضداتهم معهضم سإضنة ‪ 524‬‏ه ض ‪ ،‬وهضاجموهم في‬
‫المهدية سإنة ‪ 529‬‏هض ‪ .‬‏‬

‫وسإقطت دولة الحماديين ‪ ،‬لن كلمة التاريخ التي هي جزء من سإنة ال تقول ‪ :‬‏‬

‫إن الضضدول كضضالفراد ‪ ،‬تتآكضضل بالتدريضضج مضضا لضضم تبحضضث عضضن شضضملها المبعضضثر ‪ ،‬أو كمضضا يقضضول المثضضل العربضضي الصضضادقا ‪ :‬‏" ‏إنمضضا‬
‫أكلت يوم أكل الثور البيض " ‏‪ .‬‏‬

‫‪61‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وسإقطت دولة الحماديين سإنة ‪ 547‬‏هض على يد قوة إسإلمية جديدة ‪ .‬‏‬

‫دول ماغربية تسقط‬


‫والموحدون‪ . . .‬يسقطون‬
‫إنك تسإتطيع أن تنتصر في معركضة ‪ ،‬وأن تقهضر عضدوك وأن تحكضم بضالموت علضى مدينضة بريئضة ‪ ،‬وقضد يكضون ذلضك انتصا ار‬
‫لك ويمد التاريخ في عمرك عدة سإنوات !‏‏!‏‏‪ .‬‏‬

‫لكن‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أن تصنع حضارة وأن تبني دولة تبقى‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أن تمد التاريخ بصناع مبدعين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أن تفعل ذلك وأكثر منضضه ‪،‬‬
‫فهناك طريقا آخر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏طريقا ليس " ‏الدم " ‏من معالمه‪ ،‬بل هو أبرز صخوره وعوائقه ‪ .‬‏‬

‫هذه حقيقة من حقائقا الحضارة أكثر منها حقيقة من حقائقا التاريخ !‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫‪62‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫لكن هضذه الحقيقضضة غضابت عضن بنضضاة دولضة الموحضضدين الضضتي قضامت فضي المغضضرب والنضضدلس ق اربضضة قضضرن ونصضضف القضرن ) ‏‪524‬‬
‫‪ 668‬‏هض (‏ ‏‪ .‬‏‬

‫ومنذ تأسإيس هذه الدولضة سإضواء فكريضا " ‏أيضديلوجيا " ‏علضى يضد زعيمهضا الروحضي " ‏محمضد بضن تضومرت " ‏أو زعيمهضا السإياسإي‬
‫والعسإضضكري " ‏عبضضد المضضؤمن بضضن علضضي " ‏وأسإضضلوب الضضدم هضضو أبضضرز السإضضاليب الضضتي اعتمضضدت عليهضضا هضضذه الدولضضة فضضي إرسإضضاء‬
‫دعائمها ‪ .‬‏‬

‫لقضضد كضضانت دولضضة المرابطيضن هضي أبضضرز الضدول الضتي قضامت علضى أنقاضضضها هضضذه الدولضة الموحديضة ‪ .‬‏وقضد اسإضتعمل الموحضضدون‬
‫أقسإضضى الوسإضضائل الدمويضضة فضضي تصضضفية دولضضة المرابطيضضن الضضتي لضضم تكضضن أكضضثر مضضن دولضضة مسإضضلمة ‪ ،‬مهمضضا قيضضل عضضن حكامهضضا‬
‫الخيرين ‪ ،‬وقد أخذوا الناس بجرائر الحكام وقتلوا مع المحاربين والنسإاء والشيوخ ‪ ،‬وحكموا على مدن بأكملها بالموت‪.‬‬
‫‪ .‬‏‪ .‬‏هكضضذا فعل ضوا فضضي " ‏وه ضران " ‏فقضضد قتضضل الموحضضدون فيهضضا كضضل مضضن وجضضدوهم مضضع المرابطيضضن ‪ ،‬وعنضضدما التجضضأت جماعضضات‬
‫مرابطية على حصن من الحصون قطع الموحدون عنهم الماء فلجأ المرابطون إلى التسإضضليم بعضضد ثلثضضة أيضضام ‪ ،‬ومضضع أنهضضم‬
‫اسإتسإلموا فقد قتلهم الموحدون كبا ار وصغا ار ‪ ،‬وكان ذلك يوم عيد الفطر من سإنة ‪ 539‬‏هض !‏‏!‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫والشيء نفسإه أو قريب منه قام به الموحدون عند اسإتيلئهم على مدينة " ‏مراكش"‪ ،‬فعندما سإقطت المدينضضة بعضضد مقاومضضة‬
‫رائعة ودفاع مسإتميت قتل الموحدون مضن أبنضاء المدينضة مضن الجنضود والمضدنيين علضى حضد سإضواء نيفضا وسإضبعين ألضف رجضل ‪،‬‬
‫ولم يكتفوا بهذا العدد من الرجال ‪ ،‬بل إنهم اسإتباحوا المدينة ثلثة أيام فاسإتحر برجالها القتضل الضضذريع هضضذه اليضضام الثلثضة‬
‫الكئيبة ‪ ،‬لم ينج من أهلها إل من اسإتطاع الختفاء في سإرب أو غيره ‪ ،‬وقد قيل إنه عند النتهاء اليام الثلثة إواعلن‬
‫العفو عن الباقين من الحياء من أهلها لم يظهر حيا إل سإبعون رجل !‏‏!‏‏ ‏وباعهم الموحدون بين أسإارى المشركين ‪ .‬‏‬

‫وهكذا كانت البداية الثورية العنيفة الخاطئة لدولة الموحضضدين الضضتي نجحضت فضي إنقضاذ النضضدلس فضي موقعضضة " ‏الرك " ‏سإضضنة‬
‫‪ 591‬‏هجرية من التداعي وقامت على نحو ناجح بتوحيد المغرب العربي والندلس‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ومع ذلك بقيضت لعنضة " ‏الضدم "‬
‫وراءها لقد بقي قانون ال يطالب بالقصاص العادل ‪ ،‬قوانين ال أكبر من أن يحيط بها هذا النسإضضان المحضضدود التصضضور‬
‫والرؤية ‪ ،‬لقد قضى ال بعقوبة هذه الدولة من داخلها ‪ ،‬لقد تحول أسإلوب " ‏الدم " ‏إلى وسإيلة داخلية قتل بها الموحدون‬
‫بعضهم بعضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وخضعوا بذلك لقانون ال الذي ل يتخلف ‪ .‬‏‬

‫ولم يمر على انتصار الموحدين الخالد في موقعضة الرك أكضثر مضن ثمانيضة عشضر عامضا حضتى انتكضس الموحضدون نكسإضتهم‬
‫الضضتي كضضانت مضضن أسإضضباب تحطيضضم الوجضضود السإضضلمي فضضي النضضدلس كلهضضا ‪ ،‬وكضضان ذلضضك سإضضنة ‪ 609‬‏هجريضضة حيضضن هزمضوا شضضر‬
‫هزيمة في " ‏العقاب " ‏الضتي أبيضدت فيهضا جيضوش الموحضدين‪ ،‬وسإحقا نفضوذهم في النضدلس مضن جرائهضا ‪ ،‬ومنضذ هضذا الضوقت‬
‫وصرح الموحدين يتداعى تحت ضربات " ‏الدم " ‏وعلضى امتضداد خمسإضين سإضنة ) ‏‪ 609‬‏ ‏‪ 668‬‏ه ض (‏ ‏والموحضدون يقضضون‬
‫على أنفسإهم بأيديهم في معارك أهليضة داخليضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فالمضأمون " ‏الخليفضة " ‏الموحضدي العاشضر والرشضيد " ‏الحضادي عشر "‬
‫ويحيى المعتصم " ‏التاسإع " ‏ويوسإف المنتصر " ‏الخضامس " ‏وغيرهضم قضد اسإضتنفدت قضواهم في قتضال داخلي أبضاد كضثي ار مضن‬
‫عناصر الموحدين بل إن جهاز الدولة ‪ ،‬والعناصر الثائرة فيهضا قضضد تضضولت هضي قتضل الخلفضاء فضي الونضضة الخيضرة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فتضضم‬
‫قتضضل الخليفضضة الموحضضدي " ‏أبضضي محمضضد ‪ ،‬عبضضد الواحضضد الرشضضيد " ‏والخليفضضة العضضادل " ‏‪ ،‬بضضل إن الخليفضضة المضضأمون قتضضل أشضضياخ‬
‫الموحدين الذين خالفوه ‪ ،‬وكانوا أكثر من مائة ‪ ،‬فقضى بهذا السإلوب الدموي على خلصة الزعامة الموحدية ‪ .‬‏‬

‫‪63‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ومن خلف مسإيرة الدم والعنف بقي قانون ال في القصاص عبرة للذين يعتبرون ‪ ،‬فالدم هو طريقا الضضدم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أمضا الضضذين‬
‫يحاولون صنع النسإان أو صنع حضارة فلهم طريقا آخر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏طريقا آخر كريم ونظيف ‪ .‬‏‬

‫سقوطنا في العصر الحديث‬


‫سقوط آخر خلفة إسلماية‬
‫عندما تتشققا الحضارة تتحضضول إلضى ذرات متنضاثرة متنضضافرة ‪ ،‬شضأنها شضأن الجضضدار المتضضداعي الضضذي أصضابه التآكضل فتحضضولت‬
‫لبناته إلى لبنات منفصلة تسإقط عقب بعضها لبنة لبنة ‪ .‬‏‬

‫ويأخضضذ النهيضضار فضضي العمليضضة الحضضضارية شضضكل غريبضضا ‪ .‬‏وبضضدل مضضن النسإضضجام الضضذي كضضان سإضضمة الحضضضارة الناهضضضة تتنضضافر‬
‫أجزاء الحضارة السإاقطة أو السإائرة في طريضقا السإضقوط ‪ ،‬ويكضاد ينطبضقا على عمليضة السإضقوط التضاريخي قضول الض } ‏كلمضا‬
‫دخلت أمضة لعنضت أختهضا حضتى إذا اداركضوا فيهضا جميعضا قضالت أخراهم لولهضم ربنضا هضؤلء أضضلونا فضآتهم عضذابا ضضعفا مضن‬
‫النار { ‏‪ .‬‏‬

‫وعجيب كل العجب أمر هذا العصضر‪ ،‬وليضضس العجضب فضي هضضذا العصضر كضثرة مضضا بليضت بضضه المضضة السإضضلمية مضضن ه ازئضضم أو‬
‫انتكاسإ ضضات ‪ .‬‏ولي ضضس العج ضضب ك ضضذلك أن الم ضضة أص ضضبحت تطل ضضب دواءه ضضا م ضضن ع ضضدوها ‪ ،‬وترف ضضض " ‏الص ضضيدلية والط ضضبيب "‬
‫الحقيقييضضن ‪ ،‬كضضذلك ليضس العجضب فضي إصضرار عناصضر مضضن هضضذه المضضة بيضضدهم المضر علضى أن يتجنبضوا الصضواب ويلهثضوا‬
‫وراء طريقا الفناء والدمار ‪ .‬‏‬

‫نعم ؛ ليس أمر كل هذا بعجيب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فعملية السإقوط التاريخي تشهد مثل هذه النقلبات في المعايير ‪ .‬‏‬

‫تشهد انقلب الحقا في العقول إلى باطضل ‪ ،‬وانقلب المعضروف في السإلوك إلضى منكضر ‪ ،‬وانقلب السإضفلة إلضى قادة ‪،‬‬
‫وارتفاع السإخافة وانخفاض العلم والنور‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏نعم ‪ :‬‏ليس كل هذا بعجيب في العملية التاريخية ‪ .‬‏‬

‫‪64‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫إوانما العجيب أن تتنكر أمة لليد الكريمة التي أنقذتها ‪ ،‬وأن تبحث جادة عن نفسإها‪ ،‬عن طريقا لعن الذين أنقضضذوها لمضضدة‬
‫خمس قرون ‪ ،‬كأنها كانت تريد الغرقا من قديم‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبدل من البحث عن حلول عملية ‪ ،‬وشكر الضذين وقفضوا معهضا فضي‬
‫دورانها التاريخي والذين تربطهم بها صلت عقيدة وتاريخ وحضارة ‪ .‬‏‬

‫بضضدل مضضن هضضذا تحضضرف تاريخضضا لتلعنهضضم ‪ ،‬وتزيضضف الحقضضائقا لتحيضضل إليهضضم وحضضدهم أسإضضباب تخلفهضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏مضضع أنهضضا لضضم تسإضضتطع‬
‫بعدهم أن تتقدم شيئا ‪ .‬‏بل وقعت في أحابيل أشرار البشر ‪ .‬‏‬

‫كان هذا بالتحديد هو موقف بعض العرب من الدولة العثمانية ‪ ،‬التي حمت الحضارة السإلمية والعضضرب خمسإضضة قضضرون‬
‫من الزمان !‏‏!‏‏ ‏‬

‫يرجع نسإب التراك العثمانيين إلى قبائل الغزو التركية في بلد تركسإتان ‪ ،‬وعندما اجتاح المغضول تركسإضتان لجضأت هضذه‬
‫القبيلضضة التركيضضة إلضضى جنضضوب القوقضضاز حيضضث تضضوفي زعيمهضضا " ‏سإضضليمان " ‏وتسإضضلم القيضضادة بعضضده ابنضضه " ‏أرطغضضول " ‏الضضذي أنجضضب‬
‫عثمان بن " ‏أرطغول " ‏الذي تنتسإب الدولة إليه ‪ .‬‏‬
‫وعلى يد عثمان هذا تحولت الجماعات العثمانية من أسإلوبها القبلي إلى أسإضضلوب " ‏الدولضضة " ‏علضضى حسإضضاب أملك الدولضضة‬
‫البيزنطية ‪ ،‬وخلف عثمان ابنضه " ‏أورخان " ‏سإضنة ‪ 726‬‏ه ض واسإضتمر ملوكهضا يتتضابعون " ‏مضراد الول " ‏بايزيضد ابنضه ‪ ،‬محمضد‬
‫بن بايزيد ‪ ،‬مراد الثاني بن بايزيد ‪ ،‬محمد الثاني " ‏‪ -‬‏ومحمد الثاني هضذا هضو المعضروف في التاريضخ بمحمضد الفاتضح الضذي‬
‫ولضضي المضضور سإضضنة ‪ 854‬‏هض ض ) ‏‪1451‬م (‏ ‏والضضذي نجضضح فضضي السإضضتيلء علضضى القسإضضطنطينية وقتضضل المضضبراطور الضضبيزنطي "‬
‫قسإطنطين الحادي عشر " ‏سإنة ‪ 1453‬‏م فقضى بذلك على المبراطورية البيزنطية ‪ -‬‏‪ .‬‏‬

‫في ذلضك الضوقت كضان المماليضك فضي البلد العربيضة فضي حالضة اجضترار ماضضيهم ولضم يعضد لضديهم مضا يمكضن أن يعطضوه للوجضود‬
‫السإضضلمي ‪ ،‬وكضضان رأس الرجضضاء الصضضالح قضضد اكتشضضف ‪ ،‬وبضضدأت مصضضر تفقضضد جضضزءا كضضبي ار مضضن أهميتهضضا ‪ ،‬كمضضا أن قانصضضوه‬
‫الغضضوري لضضم يسإضضتطع إيقضضاف البرتغضضاليين الضضذين بضضدأوا يسإضضيطرون علضضى البحضضر البيضضض المتوسإضضط عنضضد حضضدود احضضترام المضضة‬
‫السإلمية ‪ .‬‏‬

‫وفي عهد سإليم الول سإنة ‪ 922‬‏هض ‪ -‬‏‪1516‬م ‪ -‬‏" ‏وزحف على مصر وقتل قانصضضوه الغضضوري ‪ -‬‏تحضت سإضضنابك الخيضضول‬
‫‪ -‬‏وشنقا طومان باي على باب زويلة بعد أن هزمه سإليم في موقعة الريدانية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏واسإتولى على مصر والشام ‪ .‬‏‬

‫ولضضم يت ضوان سإضضلطان الحجضضاز ‪ ،‬فأرسإضضل مفاتيضضح الكعبضضة للسإضضلطان سإضضليم ‪ ،‬وحكضضم الحجضضاز باسإضضم العثمضضانيين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وفضضي عهضضد‬
‫خليفة سإليم الول " ‏سإليمان القانوني " ‏دخلت معظم البلد العربية ‪ -‬‏اليمن الجزائر تونس ‪ ،‬م اركضضش العضراقا ليبيضضا ‪-‬‬
‫في حوزة العثمانيين ‪ .‬‏‬

‫ولم تمض أكثر من عشرين سإنة على اتجاه العثمانيين نحو البلد العربية حتى كضضان المشضضرقا العربضضي كلضضه خاضضضعا لهضم‬
‫‪ ،‬نعم ‪ :‬‏المشرقا العربي الذي كان آيل للسإقوط ومفكك الوصال في مطلع العصر الحديث وبداية النهضة الوروبيضضة ‪،‬‬
‫والضضذي لضضول ظهضضور العثمضضانيين الضضذين كضضانوا يخيفضضون أوروبضضا ويتقضضدمون فضضي أ ارضضضيها ‪ ،‬لضضول ظهضضورهم هضضذا لتحضضول المشضضرقا‬
‫العربي إلى أرض بكر لمغامرات الغرب الوروبي الخارج من أوحال العصور الوسإطى كما فعل بعد ذلك بأربعة قرون‬
‫بعد أن أسإقط الخلفة العثمانية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو بعد أن انتهى مما كان يسإميه تهويل لمره وخوفا منه ‪ :‬‏" ‏المسإألة الشرقية " ‏‪.‬‬

‫‪65‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫سقوطنا في العصر الحديث‬


‫خمسة قرون في حماية المسلمين‬
‫لمدة خمسإة قرون ظلت الخلفة العثماني تؤدي الدور الول والوحيد في حماية المسإلمين والعرب ‪ .‬‏‬

‫والغريب أن هذه القرون الممتدة من القرن الخامس عشر حتى مشارف القرن العشضرين لضم تحضضظ مضضن المضضؤرخين باهتمضضام‬
‫كاف ‪ ،‬بل إنها ووجهت بتفسإيرات غريبة عنصرية أو جدليضة ماديضة أو شضعوبية متطرفضة ‪ .‬‏ولم يحضدثنا هضؤلء المتطرفضون‬
‫عن حالة العرب مثل لو لم تكن هناك دولة عثمانية ‪ .‬‏أو لم يكن من المحتم أن تقع الدولضضة السإضضلمية والعربيضضة تحضضت‬
‫براثن الغزو الصليبي قبل وقوعها المعروف بهذه القرون ؟ !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد كان الوروبيضون قضد سإضيطروا علضى البحضر البيضض المتوسإضط ‪ ،‬وقضد نجحضوا في إخفضاء صضوت الشضرقا ‪ ،‬وبضدأ النهضضة‬
‫تنطلقا من أوروبا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏من مصانعها ‪ ،‬ومن تطور وسإائل التقنية بها ‪ ،‬وتقدم الفكر الجتماعي والسإياسإي ‪ .‬‏‬

‫ولم يكن بقدرة العروبة النائمة‪ ،‬والتي لم تسإتطع إلضضى الن أن تسإضتيقظ اليقظضة المرجضوة أن تقضف فضي وجضه هضضذا الزحضف ‪.‬‬
‫وعلى الرغم مضن تخلف العثمضانيين فضي بعضض النضواحي كمضا هضو معلضوم فقضد كضانت قضوتهم العسإضكرية تضدوي في أوروبضا ‪،‬‬
‫وكانت هذه القوة بالنسإبة للوربيين هي القضوة الضتي ل تغلضب ول تهضزم ‪ ،‬حضتى إن أوروبضا لضم تجتمضع علضى مسإألة إل علضى‬
‫اجتماعها على المسإألة الشرقية أو مسإألة التهام الرجل المريض " ‏الخلفة العثمانية " ‏‪.‬‬

‫وبالطبع فإن العثمانيين لم يسإتطيعوا شأنهم شأن العالم الذي كان قد بدأ يضدخل فضي طضضور عمليضة انقلب داخليضضة جديضدة‬
‫تمهيدا لميلد جديد لم يسإتطع العثمانيون بدورهم أن يواجهوا هذه الثورة العلمية الزاحفة ‪ .‬‏‬

‫وكمضضا هضضي عضضادة المتخلضضف حضضضاريا ‪ ،‬والمتقضضدم عنصضريا وعشضضائريا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ذهضضب العضضرب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وذهضضب غيرهضضم ‪ .‬‏إلضضى رمضضي‬
‫الخلفضضة العثمانيضضة حضضاميتهم بأنهضضا المسإضضئولة عضضن تخلفهضضم الضضذريع ‪ .‬‏وعنضضدما مضضاتت هضضذه الخلفضضة موتهضضا الحضضضاري قبضضل‬
‫موتها التاريخي سإرعان ما سإقط هؤلء فضي وهضدة الغضضزو الصضليبي ولضم تنفعهضضم عنصضريتهم القوميضة ‪ ،‬ومضع ذلضك ل ي ازلضضون‬
‫يكيلون للخلفة العثمانية الطعنات ‪ .‬‏‬

‫لقضضد كضضانت الدولضضة العثمانيضضة قويضضة بل شضضك طيلضضة القضضرون الضضتي حكمضضت فيهضضا إوالضي بدايضضة اضضضمحللها ‪ ،‬فلمضا بضضدأت سإضضنوات‬
‫الضضضمحلل تحضضولت أسإضضباب قوتهضضا إلضضى أسإضضباب ضضضعف ‪ .‬‏وهضضذا هضضو الشضضأن فضضي ق ضوانين الحضضضارة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏إن عوامضضل القضضوة‬
‫تتحضضول برتابتهضضا وعضضدم تجديضضدها لنفسإضضها إلضضى عالضضة علضضى حركضضة التطضضور ‪ ،‬ولقضضد أصضضبحت النكشضضارية ‪ ،‬وأصضضبحت وسإضضائل‬

‫‪66‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫الحضضرب التقليديضضة عالضضة علضضى حركضضة التقضضدم العثمضضاني ‪ ،‬وانقلبضضت العسإضضكرية العثمانيضضة الضضتي قضضدمت مضضا قضضدمت للحضضضارة‬
‫السإلمية إلى عبء تنوء به الدولة ‪.‬‬

‫وفي ظل قرون القوة التي عاشتها الدولة تمتعت بأنظمة ممتازة من حكومضضة مركزيضضة ‪ ،‬إلضضى مجلضضس وزراء ي أرسإضه الصضدر‬
‫العظم‪ ،‬إلى ديوان سإلطاني مكون من الوزراء وكبار الموظفين ‪ ،‬على القضاء الذي يرأسإه شيخ السإلم ‪ ،‬على نضواب‬
‫عن الجيش ‪.‬‬

‫أمضضا فضضي الوليضضات فكضضان يتضضولى أمضضر كضضل وليضضة والضضي " ‏الباشضضا " ‏الضضذي يعيضضن مضضن قبضضل الخليفضضة ‪ ،‬ويعضضاونه فضضي أعمضضال إدارة‬
‫الولية " ‏الديوان " ‏‪.‬‬
‫أما القضاء فكان يتوله قاضي القضاة ‪ -‬‏قاضي العسإكري ‪ -‬‏‪.‬‬

‫وقضضد قسإضضمت الوليضضات إداريضضا إلضضى سإضضناجقا ‪ ،‬عيضضن علضضى كضضل منهضضا حضضاكم سإضضمي بالسإضضنجقا‪ ،‬مهمتضضه الش ضراف علضضى شضضئون‬
‫القضضاليم والحفضضاظ علضضى المضضن ‪ ،‬وجمضضع الض ضرائب ‪ ،‬وفضضي كضضل وليضضة كضضان يوجضضد حضضاكم عسإضضكري وحاميضضة عسإضضكرية تسإضضاعد‬
‫الباشا على حفظ النظام والمن‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫كانت هذه هي خلصة تنظيمات الدولة ‪ ،‬وكانت هذه التنظيمضضات وسإضضائل قضضوة ‪ ،‬فلمضضا انقلبضضت دفضضة الحضضارة ‪ ،‬وظهضضر أن‬
‫حركضة التاريضخ لم تكضن في صضف الدولضة العثمانيضة تحضولت هضذه التنظيمضات مضن أدوات قضوة إلضى أدوات ضضعف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد‬
‫سإاعد هذا الضعف على تحقيقا أغراضه في تعجيز الدولة عن حماية الراضي الخاضعة لها عدة عوامل ‪ :‬‏‬

‫‪ ‬أول ‪ :‬‏ضعف بعض السإلطين وانغماسإهم في الترف ‪ .‬‏‬


‫‪ ‬ثاانيا ‪ :‬‏فسإاد أجهزة الدولة وانتشار الرشوة ‪ .‬‏‬
‫‪ ‬ثاالثا ‪ :‬‏تدخل رجال الحاشية في شئون الحكم ‪ .‬‏‬
‫‪ ‬رابعا ‪ :‬‏وثمة عوامل أخرى كثيرة عملت عملها في إفسإاد الحياة السإياسإية والعقائدية والفكرية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وجضضرت علضضى‬
‫الخلفة الويلت ‪ .‬‏‬
‫‪ ‬خاماسا ‪ :‬‏ومما ل شك فيه أن " ‏العداء " ‏الصليبين ‪ ،‬والعداء اليهود كجماعات الدونما والماسإضضونية ل شضضك‬
‫أن هؤلء جميعا كانوا عوامل إضعاف للخلفة العثمانية ‪ .‬‏‬

‫وكضضان أكضضبر عوامضضل نجضضاح اليهضضود والصضضليبيين فضضي ضضضرب الخلفضضة العثمانيضضة السإضضلمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هضضو بعثهضضم لمضضا يسإضضمى‬
‫بالنزعات العنصرية ‪ .‬‏القومية ‪ ،‬الطورانية للترك ‪ ،‬والقومية الكردية ‪ ،‬والبربرية وعشرات القوميات المعروفة الخرى ‪ .‬‏‬

‫وجضضروا هضضؤلء جميعضضا إلضضى تضضرك الخلفضضة العثمانيضضة فضضي محنتهضضا ‪ ،‬بضضل جضضروا إلضضى ضضضرب الخلفضضة والتجمضضع ضضضدها تحضضت‬
‫قيادات قومية عميلة للجمعيات اليهودية ‪ ،‬وقد نجضح بعضض أفضراد هضذه القيضادات نجاحا كضبي ار في تبضوؤ مناصضب كضبرى ‪،‬‬
‫وبالتالي في ضرب العثمانيين والسإلم في الصميم ‪ .‬‏‬

‫سقوطنا في العصر الحديث‬

‫‪67‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫الصراع العنصري كان سببا في انهيار آخر خلفة إسلماية‬


‫تعتضضبر قصضضة سإضضقوط الدولضضة العثمانيضضة مضضن القصضضص الغامضضضة الضضتي ل ازلضضت تحتضضاج إلضضى الضضدرس العميضضقا والتمحيضضص‬
‫الموضوعي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ونحاول إجمال أبرز عناصر هذه القصة في هذه السإطور‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏في خلل القرن الثامن عشضر كضانت‬
‫أوروبا تكتل أحقادها للنقضاض على الخلفة العثمانيضة واقتسإضام أملك " ‏الرجضل المريضض " ‏تركيضضا وأطلقضضت علضى هضذه‬
‫النزعضضة اسإضم " ‏المسإضألة الشضرقية " ‏باعتبضار تركيضضا العقبضضة " ‏الشضرقية " ‏الوحيضضدة الضتي تشضضكل خطض ار علضى الصضليبية الدوليضضة ‪.‬‬
‫وحماية حقيقية لبلد السإلم المتناثرة ‪ .‬‏‬

‫ولضضم يكضضد ينتهضضي هضضذا القضضرن حضضتى كضضانت القضضوى الصضضليبية الكضضبرى فضضي ذلضضك الضضوقت " ‏بريطانيضضا وفرنسإضضا والروسإضضيا " ‏تحضضاول‬
‫الوصول إلضى صضيغة ملئمضة للنقضضاض واقتسإضام الغنضائم ‪ .‬‏ل سإضيما وقضد اكتشفوا ضضعف الجضانب الضتركي في معركضة "‬
‫سإان جوتار " ‏وعلى أبواب " ‏فيينا " ‏عموما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏عندما ظهر تخلف العسإكرية العثمانية ‪ .‬‏‬

‫وفي سإنة ‪ 1798‬‏م كان صبي الثورة الفرنسإية التي وقضف اليهضود وراء مبادئهضضا " ‏نضابليون بونضضابرت " ‏يزحضف علضى مصضر‬
‫ليلقنها بمدافعه وخيوله وتحويله الزهر الشضريف إلضى إسإضطبل لخيضوله ‪ ،‬وتضدميره القضرى والمضدن علضى امتضداد الطريضقا بيضن‬
‫القاهرة والسإكندرية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يلقنها بهذه الوسإائل وبغيرها من الوسإائل الهمجية الوروبية كالخمور والتحلل الخلقي إواغ ضراء‬
‫الخادمضضات المص ضريات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏يلقضضن مصضضر والعضضالم السإضضلمي أو دروس القوميضضة ‪ ،‬والمدنيضضة والمبضضادئ الثلثضضة الماسإضضونية‬
‫المزيفة التي رفعتها الثورة الفرنسإية !‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولضضم يكضضد يمضضضي علضضى ذلضضك الحضضادث أكضضثر مضضن سإضضت سإضضنوات حضضتى كضضانت بريطانيضضا تحضضاول غضضزو العضضالم العربضضي مسإضضتهلة‬
‫وجودها فيه بغزو مصر سإنة ‪ 1807‬‏فيما يسإمى بحملة فريزر "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وبين هذه السإنوات ‪ ،‬وبالتحديضضد فضي سإضضنة ‪1803‬‬
‫نجضضح عميضضل فرنسإضضي فضضي أن يصضضل إلضضى الحكضضم ‪ ،‬ويعلضضن أكضضبر محاولضضة للنفصضضال عضضن الدولضضة العثمانيضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكضضان هضضذا‬
‫العميضضل الفرنسإضضي " ‏محمضضد علضضي باشضضا " ‏صضضدى باهتضضا رديئضضا للغضضزو النضضابليوني لمصضضر‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وكمضضا أهضضان نضضابليون بونضضابرت‬
‫الزهر بدل إيقاظه لو كان قائد ثورة ‪ ،‬كذلك أهان محمد علي الزهر وعلمضاءه وعلضى الرغضم مضن أن محمضد علضي كضان‬
‫مجضضرد " ‏عبضضد " ‏مملضضوك ل ينتمضضي إلضضى الضضدم العربضضي ‪ ،‬إل أنضضه رفضضع اريضضة القوميضضة باعتبارهضضا السإضضلح الضضبراقا الضضذي يمكضضن بضضه‬
‫ضرب الوحدة السإلمية والشعور بالمصير السإلمي الواحد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ثضم يتبضضع ذلضك وضضع العضرب علضى انفضراد كمضا حضضدث‬
‫فعل ‪ ،‬ولعل بعث " ‏محمضد علضي " ‏غيضر العربضي للفتنضة القوميضة لضضرب الخلفضة العثمانيضة لمصضلحة فرنسإضا أكضبر دليضل‬
‫على حقيقضة جضذور هضذه اللعبضة الضتي اخترعهضا تطضور الفكضر الوروبضي في عصضر النهضضة ‪ ،‬لكضي يقضضي على الشضعوب‬
‫ذات الوحضضدة اليديولوجيضضة كضضي تنفضضرد أوروبضضا بالتقضضدم وحضضدها ‪ ،‬بينمضضا تضضضيع الضضدول واليضضديولوجيات الخضضرى فضضي زحمضضة‬
‫النشقاقات القومية والجنسإية ‪ ،‬وهذا ما حدث !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وبعد أن كانت دولة الخلفضة المسإضكينة تقضف على تخضوم القضرن التاسإضع عشر تحضاول أن تفيضقا مضن سإضكرة لقائهضا المفاجئ‬
‫لمنتجات الحضارة الصناعية ‪ ،‬وتحضاول أن تبحضث عضن حل حضاري مضضاد‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وجضدت دولضة الخلفضة نفسإضها متخمضة‬
‫بالمشضضاكل العنص ضرية الضضتي أثارهضضا عملء الغضضرب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هضضؤلء العملء الضضذين أنهك ضوا قواهضضا ‪ ،‬وحضضاولوا أن يفرض ضوا عليهضضا‬
‫الضضدواء الوروبضضي لعلج أم ارضضضها دون تبصضضر بحقيقضضة أم ارضضضها ‪ .‬‏وبحقيقضضة اختلف بنائهضضا المضضادي والمعنضضوي ‪ ،‬ودون‬
‫وعي بالعلج الحضاري الناجع!‏‏ ‏‬

‫‪68‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وامتضضدادا للخضضروج الشضضاذ الضضذي أعلنضضه المملضضوك البضضقا " ‏محمضضد علضضي " ‏ظهضضرت محضضاولت أخضضرى للخضضروج وقضضام بهضضا " ‏بشضضير‬
‫الشهابي " ‏في لبنان ‪ ،‬وحركات في المغرب العربي ‪ ،‬بل وحركات داخل تركيا نفسإها ترفع القومية الطورانية ‪ .‬‏‬

‫هذا فضل عن حركات الخروج التي سإضبقت حركضة " ‏محمضد علضي " ‏تحت تضأثير دوافضع انفصضالية مختلفضة ‪ ،‬كحركضة علضي‬
‫بك الكبير سإنة ‪1773‬م في مصر ‪ ،‬وحركة الشيخ ضاهر العمر سإنة ‪1775‬م في فلسإطين ‪ ،‬وفخر الدين المعنضضى فضضي‬
‫لبنان قبل سإنة ‪1635‬م‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهكذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كانت الدولة العثمانية تعضضاني مضن الضضداخل أشضضد المعانضاة ‪ ،‬وتضواجه مضن الخضارج‬
‫بتحديات صليبية غربية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ففقدت على الطريقا بالتالي أملكها في أوروبا " ‏هنغاريا ‪ ،‬وبلغراد ‪ ،‬وألبانيا ‪ ،‬واليونضضان‬
‫‪ ،‬ورومانيا وصربية ‪ ،‬وبلغاريا " ‏‪ .‬‏‬

‫وأكضضبر الظضضن أن بعضضض أتبضضاع " ‏لضضورانس " ‏فضضي ذلضضك الضضوقت قضضد فرحضوا لسإضضقوط هضضذه البلد مضضن يضضد المبراطوريضضة السإضضلمية‬
‫الكبرى ‪ .‬‏‬

‫فهذا هو الهدف الحقيقي الذي سإاقهم إليه أسإيادهم من الصليبيين والماسإون !‏‏‬

‫سقوطنا في العصر الحديث‬


‫سقطوا حين ساعدوا على سقوطها‬
‫يضضدرج بعضضض الكتضضاب فضضي العضضالم العربضضي علضضى وصضضف الحركضضات المناهضضضة للدولضضة العثمانيضضة " ‏بالحركضضات السإضضتقللية "‬
‫‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏!‏‏!‏‏ ‏‬

‫وهذا التعبير يوازي بين حركات السإتقلل عن السإتعمار النجليزي والفرنسإي مثل وبين حركات التمرد علضضى الخلفضضة‬
‫العثمانيضضة ‪ .‬‏وفضضي تصضضور أصضضحاب هضضذا التعضضبير أن الدولضضة العثمانيضضة ل تعضضدو أن تكضضون اسإضضتعما ار ‪ .‬‏تمامضضا كالسإضضتعمار‬
‫النجليضضزي ‪ ،‬وبالتضضالي يعتضضبر النفصضضال عنهضضا اسإضضتقلل ‪ ،‬والنشضضقاقا عنهضضا تحضضر ار دون أيضضة تفرقضضة بينهضضا وبيضضن السإضضتعمار‬
‫الوروبي ‪ .‬‏‬

‫‪69‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وهؤلء الكتاب الذي يفرضون هذه الروح على دراسإة " ‏الخلفة السإلمية العثمانية " ‏يتعمضضدون الوقضوع فضي عضدة أخطضاء‬
‫!‏‏ ‏‬

‫‪ ‬أولهييا ‪ :‬‏التجاهضضل التضضام لوشضضيجة " ‏السإضضلم " ‏الضضتي تربضضط العثمضضانيين بضضالعرب ‪ ،‬وهضضي وشضضيجة غيضضر متضضوفرة فضضي‬
‫السإتعمار الوربي ‪ .‬‏‬

‫‪ ‬ثاانيهييا ‪ :‬‏ويتجاهضضل هضضؤلء كضضذلك أربعضضة قضضرون ‪ -‬‏أربعضضة أخمضضاس ‪ -‬‏ويضضذكرون قرنضضا واحضضدا هضضو فضضترة وقضضوف الدولضضة‬
‫العثمانيضضة فضضي موقضضف الضضدفاع عضضن حياتهضضا ‪ ،‬وتعلقهضضا فضضي سإضضبيل ذلضضك بضضأي خيضضط ‪ ،‬وتخبطهضضا تخبضضط المشضضرف علضضى‬
‫الغرقا !‏‏!‏‏ ‏‬

‫‪ ‬ثاالثهييا ‪ :‬‏وهضضؤلء يتجضضاهلون كضضذلك أن النفصضضال عضضن العثمضضانيين كضضان لحسإضضاب السإضضتعمار الوروبضضي ‪ ،‬وأنضضه هضضو‬
‫الضذي كضان يقضوده مغضذيا في العضرب روح النفصضال لمصضلحته !‏‏!‏‏ ‏وأن الضوعي الضديني والقضومي الصضحيح لضو كضان‬
‫موجودا لوجب التمسإك بالخلفة وقيادتها في هذه المرحلة على القل كضربة للسإتعمار الوربي !‏‏!‏‏ ‏‬

‫لقد قدمت حركات النفصال هضذه أكضبر خدمضة للسإضتعمار الوربضي ‪ ،‬وفضي الضوقت نفسإضه جضرت علضى المضة العربيضة أكضبر‬
‫الويلت ‪ .‬‏‬

‫وكان أكبر ويلتها مأسإاة فلسإطين ثم ما تبعها من هزيمة سإنة ‪1967‬م ‪ .‬‏‬

‫ولم يقف أمر خطأ هذه الحركات عنضد هضذا الحضد ‪ ،‬بضل إنهضا وقعضت فضي خطضأ " ‏أيضديولوجي " ‏آخر ‪ ،‬فتركيضا السإضلمية لضم‬
‫تكضن أبضدا حيضن بضدءوا ينشضقون عنهضا في مرحلضة " ‏اسإضتعمار " ‏‪ ،‬فالسإضتعمار مرحلضة تاريخيضة معينضة بحسإضب تعريفهضم لضه ‪،‬‬
‫تقضف فضي قمضة الهضضرم ال أرسإضمالي أي أنهضا مرحلضضة اقتصضادية تعنضضي تضضوفر رءوس المضوال لدرجضة تتطلضضب فتضح أسإضواقا جديضدة‬
‫وتضضوفير أيضضد عاملضضة ومضواد خضضام ‪ ،‬فهضضل كضضان العثمضضانيون يعيشضضون " ‏مرحلضضة السإضضتعمار " ‏هضضذه ؟ أم أنهضضم كضضانوا بحاجضضة إلضضى‬
‫مجرد إصلح اقتصادي بداخل تركيا نفسإها ؟‬

‫إن كضضثي ار مضضن المصضضلحين لضضم تفتهضضم هضضذه الحقيقضضة وعلضضى أرسإضضهم ‪ :‬‏" ‏الزعيضضم مصضضطفى كامضضل فضضي مصضضر ‪ ،‬وعبضضد العزيضضز‬
‫جضاويش ‪ ،‬ومحمضضد فريضد ‪ ،‬وغيرهضضم ‪ ،‬بضل إننضضي أشضضك كضثي ار فضي أن أكضثر الزعمضاء السإضضلميين الصضضلحيين كجمضال الضدين‬
‫الفغضضاني والشضضيخ محمضضد عبضضده‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أشضضك فضضي أن هضضذه الحقيقضضة فضضاتتهم ‪ .‬‏ومضضا كضضانت دعضضوة هضضؤلء دعضضوة انفصضضالية عضضن‬
‫الخلفضضة ‪ ،‬إوانمضضا كضضانت دعضضوة إلضضى إصضضلح أمضضر الخلفضضة الضضذي كضضان يميضضل إلضضى التضضداعي بفعضضل مضضؤثرات خارجيضضة كضضثيرة ‪،‬‬
‫ومؤثرات أخرى داخلية ‪ .‬‏‬

‫وقد وقعت هذه الحركات في خطأ آخر كبير ‪ .‬‏‬

‫فمن ضضذ أواخ ضضر الق ضضرن التاسإ ضضع عش ضضر أخ ضضذت الحرك ضضة الص ضضهيونية ال ضضتي ب ضضدأت تأخ ضضذ ش ضضكل تنظيمي ضضا واض ضضحا مرتكض ض از عل ضضى‬
‫اليديلوجية " ‏الصهيونية " ‏محاولة الوصول إلى أهدافها في إقامة دولة يهودية ‪ .‬‏‬

‫‪70‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وفي سإنة ‪1897‬م ‪ -‬‏والسإلطان عبد الحميد رحمه ال هو الحاكم ‪ -‬‏عقد المؤتمر الصهيوني بزعامة هرتزل في مدينة‬
‫" ‏بال " ‏بسإويسإ ار وهو المؤتمر المعروف باسإم " ‏مؤتمر بال " ‏ووضعت خطة إنشاء وطن قومي يهودي في فلسإطين ‪.‬‬

‫وقد حاول الصهاينة بقيادة هرتزل إقناع السإلطان عبد الحميد العثماني عدو القوميين العرب بالسإماح لهم بالهجرة إلى‬
‫فلسإضضطين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فرفضضض السإضضلطان رفضضضا قاطعضضا ولضضم يكتضضف بهضضذا ‪ ،‬بضضل وأصضضدر قانونضضا بمنضضع الهجضرة اليهوديضضة وبمنضضع إقامضضة‬
‫مسإتعمرات لليهود في فلسإطين ‪ .‬‏‬

‫وكضضان هضضذا هضضو " ‏قشضضة البعيضضر " ‏كمضضا يقولضضون الضضتي قصضضمت ظهضضر الرجضضل المظلضضوم ‪ ،‬فقضضد حضضرك الصضضهاينة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏حركضضات‬
‫التحرر والحركات القومية ‪ ،‬والسإتعمار النجليزي ‪ ،‬ووجضدت المبراطوريضة العثمانيضة نفسإضها أمضام طوفضان مضن المشضاكل‬
‫ل ينتهي ‪ ،‬كان أشدها وأبعدها أث ار حركات التمرد الداخلي ‪ ،‬ومن الغريضضب جضضدا أن يكضضون مشضضعلو الثضضورات ضضضد الخلفضضة‬
‫السإضلمية فضي داخل البلضدان العربيضة مضن الطوائضف السإضلمية أو السإضلمية المتطرفضة الضتي تحركهضا أيضديولوجيا وحركيضا‬
‫أيضضد أجنبيضضة ‪ ،‬لكضضن مضضع ذلضضك ‪ ،‬وبتضضأثير شضضعارات ب ارقضضة صضضنعها اليهضضود ‪ ،‬بتضضأثير هضضذا وغي ضره مضضن الوسإضضائل اندمضضج فضضي هضضذه‬
‫التجمعات المضادة للخلفة بعض العناصر السإلمية ‪ .‬‏‬

‫ولم تأت سإنة ‪1918‬م إل وكان السإلطان عبد الحميد المظلوم قد سإقط ‪ ،‬ووقعت جميضضع ا ل‬
‫لقطضار العربيضضة كمنضضاطقا نفضضوذ‬
‫لبريطانيضضا وفرنسإضضا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وأيضضضا صضضدر " ‏وعضضد بلفضضور " ‏المشضضئوم فضضي ‪ 2‬‏نوفمضضبر ‪1917‬م ‪ ،‬وبضضدأت فلسإضضطين تقضضع تحضضت‬
‫الظروف الممهدة للزوال ‪ ،‬وكانت أولى الخطوات في ذلك وقوعها تحت النتداب البريطاني في عام ‪1920‬م ‪ .‬‏‬

‫وبين الحربين العالميتين ) ‏‪1918‬م ‪ -‬‏‪1939‬م (‏ ‏كضان التطضبيقا العملضضي للمضؤامرة العالميضضة ‪ ،‬وأيضضا فضي الجضانب الخضضر‬
‫الحركضات الداخليضة الممتصضة للطاقضة والمبضددة لهضا والصضارفة عضن الخط الحقيقي لسإضتهلكها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كضان ذلضك كلضه يعمضل‬
‫على سإقوط الخلفة العثمانية ‪ ،‬وسإقوط العرب بدءا من فلسإطين !‏‏!‏‏ ‏‬

‫‪71‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫سقوطنا في العصر الحديث‬


‫وطوى اليهود‪ . . .‬آخر صفحاتنا المشرقة !‏‏‬
‫كان رفض السإلطان العظيم " ‏عبد الحميد " ‏تهويد فلسإطين لطمضة لضم ينضس اليهضود أن يردوهضا للخلفضة ردا سإخيا لم يكضن‬
‫بوسإع السإلطان عبدالحميد أن يتخيله !‏‏ ‏‬

‫فإلى جانب ما ذكرناه من تحريك للقوى المناوئة للدولة ‪ ،‬ومن غرس لبذور الفكرة العنصضرية المحاربضضة لل اريضضة السإضضلمية‬
‫الموحدة لربع البشر !‏‏!‏‏ ‏‬

‫إلضضى جضضانب هضضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هجضضم اليهضضود مضضن الضضداخل علضضى الدولضضة العثمانيضضة بواسإضضطة السإضلحة نفسإضضها الضضتي اسإضضتعملوها فضي كضضل‬
‫بل ضضدان الع ضضالم السإ ضضلمي‪ ،‬وه ضضي أسإ ضضلحة العنصض ضرية والتحضض ضرية‪ ،‬والحري ضضة ‪ ،‬والخ ضضاء ‪ ،‬والمسإ ضضاواة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهل ضضم جض ض ار م ضضن‬
‫الشضضعارات الضتي اصضطنعها الماسإضضون ‪ ،‬وروجضوا لهضا ‪ ،‬واسإضتعملوا بعضض المخضضدوعين لذاعتهضضا وتفضتيت اريضة المضة وقبلتهضا‬
‫وأهدافها !‏‏!‏‏ ‏‬

‫وكانت جماعة تركيا الفتضاة ثضم التحضاد والضترقي همضا الداتيضن اللضتين سإضخرهما اليهضود وطوعوهمضا لهضذا الغضرض ‪ .‬‏وكضانت‬
‫الكاتبضضة " ‏خالضضدة أديضضب " ‏إحضضدى المروجضضات علضضى المسإضضتوى الدبضضي والفكضضري لفكضرة القوميضضة الطورانيضضة ‪ ،‬بينمضضا كضضان زعمضضاء‬
‫تركيضضا الفتضضاة هضضم المنفضضذون علضضى المسإضضتويات الخضضرى لعمليضضة إحضضداث النقلب نحضضو تخلضضي تركيضضا عضضن هويتهضضا ورسإضضالتها‬
‫السإلمية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وقد أقحم هؤلء تركيا في الحرب العالميضة الولضى دون مضضبرر معقضول أو سإضبب يتعلضقا بهضا ‪ .‬‏فلمضا هضزم اللمضان ‪ ،‬أذعنضضت‬
‫تركيا للهزيمة بنفسإها ‪ ،‬وسإجل رسإميا سإقوط الكرامة العثمانية السإلمية بهدنة رودس في ‪1918‬م ‪ .‬‏‬

‫وقد غادر زعماء تركيضضا الفتضاة البلد ‪ ،‬فقصضضد أحضدهم " ‏أنضضور باشضا " ‏روسإضيا ‪ ،‬وقصضد " ‏طلعضضت باشضا " ‏ألمانيضا ‪ ،‬ولقضضد شضاء‬
‫ال أن يقتص منهم قصاصا دنيويا عاجل ‪ ،‬فلم يلبث " ‏أنور باشضا " ‏أن قتضل اغتيضضال فضي تركسإضضتان ‪ ،‬وأن يصضرع طلعضت‬
‫في برلين ‪ ،‬ويغتال جمال في تفليس " ‏أما الكاتبة خالدة أديب‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏التي طال بها العمر فترة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فلم تلبث أن طضضردت‬
‫شر طردة ‪ ،‬من تركيا بعد خلف حاد بينها وبين الزعيم اليهودي الكبير مصطفى كمال أتاتورك !‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولضضم تكضضد الحضضرب العالميضضة الولضضى توشضضك علضضى النتهضضاء حضضتى كضضانت الضضدول الوروبيضضة قضضد أتمضضت المسإضضرحية الهزليضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫لقتسإام أملك الخلفة السإلمية الخيرة ‪ ،‬ولبراز رجضل ينفضضذ مخططضاتهم وأطمضاعهم بحضذافيرها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وعلضى الرغضضم مضن‬

‫‪72‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫أن الكتابضضات السإتشض ضراقية والكتابضضات الصضضليبية واليهوديضضة والشضضيوعية تجمضضع علضضى إخفضضاء هضضذه الحقيقضضة ‪ ،‬فضضإن الحضضداث‬
‫بطبيعة تطورها تثبضت هضذه الحقيقضة ‪ ،‬ويكضاد يصضرح بهضذه الحقيقضة المسإتشضرقا " ‏كارل بروكلمضان " ‏على الرغضم مضن ذكضائه‬
‫الحضاد فضي تطويضع الحقضائقا ‪ ،‬وبترهضا إواضضفاء جضو إنشضائي حماسإضي عليهضا ‪ ،‬نعضم ‪ ،‬يكضاد يصضرح بهضضذا فضي كتضابه الشضضهير "‬
‫تاريخ الشعوب السإلمية الدولة السإضلمية بعضد الحضرب العالميضة الولضى " ‏وهضو يقضول ‪ :‬‏" ‏عنضد ذلضك‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏هيضأت الضدول‬
‫الحليفة لتركيا لحظ الحليفة الفرصة السإانحة للرجل الذي قضضدر لضضه أن ينشضضئ تركيضضة الحديثضضة يقصضضد اليهضضودي الضضدونمي‬
‫أتاتورك " ‏ولنا أن نتسإاءل ‪ :‬‏أي دول حليفة لتركيا تلك التي حولتهضا مضضن زعيمضضة روحيضة علضى القضل لربضضع البشضرية إلضى‬
‫دولة هزيلة تعيش بل ماض وبل حاضر وبل مسإتقبل ؟ وأي دول هذه التي سإاعدت هذا اليهودي على إلغاء الحروف‬
‫العربيضضة ‪ ،‬إوا ازلضضة الوقضضاف ‪ ،‬إواغلقا المسإضضاجد ‪ ،‬وقصضضر علمضضاء الضضدين علضضى ثلثمائضضة واعضضظ فضضي طضضول البلد وعرضضضها ‪،‬‬
‫وتحويضل مسإضجد " ‏أياصضوفيا " ‏الشضهير إلضى متحضف ‪ ،‬ومسإضجد محمضد الفاتضح إلضى مسإضتودع ‪ ،‬إوالغاء الشضريعة السإضلمية ‪،‬‬
‫واسإتبدال القبعة بلباس الرأس الوطني السإابقا " ‏الطربوش " ‏وفرض اللباس الوربي بالقوة ‪،‬وحضضذف اللغضضة العربيضضة واللغضضة‬
‫الفارسإية من مناهج التعليضم بضالمرة ‪ ،‬وبيضع الكتضب والمخطوطضات العربيضضة بضضأبخس الثمضضان ‪ ،‬فضضضل عضضن التعليضضم العلمضاني‬
‫الوروبي ‪ ،‬ليس في المجال التقني كما يجب أن يكون ‪ ،‬بل فقط في المجال النسإاني والدبي والديني !‏‏ ‏‪ .‬‏‬

‫إن إلغ ضضاء الخلفضضة السإ ضضلمية إواعلن الجمهوري ضضة التركيضضة فضضي ‪ 29‬‏أكتضضوبر سإ ضضنة ‪1923‬م ‪ ،‬وانتخ ضضاب مصضضطفى كم ضضال‬
‫أتضضاتورك مضضن قبضضل جمعيضضة لقبضضت نفسإضضها " ‏بالجمعيضضة الوطنيضضة " ‏‪ ،‬إن هضضذا كلضضه لضضم يكضضن يعنضضي سإضضقوط تركيضضا السإضضلمية فضضي‬
‫الحقيقة ‪ ،‬فكم من شعارات براقة زائفة ترفع ثم ل تلبث أن تزول ‪ .‬‏لكن تمكضضن التضضاتوركي " ‏الغضضازي " ‏مضضن السإضضيطرة علضى‬
‫البلد ‪ ،‬بمسإضضاعد ) ‏الضضدول الحليفضضة لتركيضضا (‏ ‏كمضضا يقضضول بروكلمضضان وأمثضضاله ‪ ،‬ثضضم الج ضراءات الخطي ضرة الضضتي ذكرناهضضا والضضتي‬
‫اتخذها أتاتورك بعد ذلك ‪ .‬‏‬

‫هذه في الحقيقة كانت اللغاء الحقيقي لتركيا السإلمية وللخلفة العثمانية ‪ .‬‏‬

‫ولم يكن الخليفة العثمضاني محمضد السإضادس الضذي عاصضر هضضذا النقلب ‪ ،‬كمضضا لضم يكضن الخليفضة الضذي وضضعه النقلبيضضون‬
‫مكضانه عبضد المجيضد بضن عبضد العزيضز " ‏لم يكضن هضذا وذاك أكضثر مضن تحفضتين تضاريخيتين‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تحملن معضالم صضورة هزيلضة‬
‫مهتزة ‪ ،‬لحقيقة كانت يوما ما عظيمة قوية ترعب أوربا كلها ‪ .‬‏‬

‫ومع ذلك فلقد أدرك مصطفى كمضال الضدونمي اليهضودي أن البقاء الرمضزي الصضوري لهضذه الحقيقضة القويضة العظيمضة يشضكل‬
‫فضضي حضضد ذاتضضه خط ض ار علضضى مخططضضاته الصضضهيونية‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولضضذا فلضضم يكضضد يملضضك السإضضلطة فضضي يضضده ويضضتربع بتضضؤدة علضضى عضضرش‬
‫السإيطرة لمدة خمسإة أشهر ‪ ،‬حتى أعلن إلغاء الخلفة السإضضلمية ‪ ،‬ثضم طضضرد آخضر خليفضضة للمسإضضلمين مضضن البلد فضي اليضضوم‬
‫الثالث من مارس سإنة ‪1924‬م ‪ .‬‏‬

‫ولعل العقلء وحدهم هم الضذين يسإألون ‪ :‬‏مضاذا اسإضتفادت تركيضا مضن هضذه الخطضوة ؟ ومضاذا كضان يمكضن أن تكسإضب لو أنهضا‬
‫مضت في طريقا الصلح مبقية على مركزها كزعيمة روحية إذا كانت هناك نية إصلح حقيقية ؟ ‪ .‬‏‬

‫ولع ضضل ه ضضذا وذاك يفسإض ضران للعقلء وح ضضدهم أن هن ضضاك أمض ض ار ك ضضان مبيت ضضا ‪ ،‬وأن الع ضضالم السإ ضضلمي والع ضضالم العرب ضضي كانضضا م ضضن‬
‫الهداف الرئيسإية لضرب الخلفة السإلمية ‪ ،‬ولم تكن أبدا تركيا هي المقصودة وحدها ‪ .‬‏‬

‫‪73‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وفعل تداعت تركيا وسإقطت ‪ ،‬فلم تقضم لها قائمضة حضتى اليضوم وتضداعى بعضدها ومعهضا العضالم السإضلمي بلضدا بلضدا ‪ ،‬وفكضت‬
‫أواصر الحب والوحدة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ونال العرب حظهم من كل ما أصاب العالم السإلمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولعل القدار قد لقنتهم أقسإضضى‬
‫الدروس ‪ ،‬حين زرعت في قلبهم شوكة الصهيونية ‪ .‬‏‬

‫تضضؤرقا مضضضجعهم ‪ ،‬وتنتقضضم للخلفضضة السإضضلمية وتطلعهضضم بجلء علضضى حقيقضضة كمضضال أتضضاتورك ‪ ،‬وحقيقضضة مخططضضاته‪ .‬‏‪ .‬‏‪.‬‬
‫وأيضا على حقيقة الذين سإاروا على هدى أتاتورك في فلسإطين العربية وفقا انقلبات يقف وراءها اليهضضود مسإضضتترين فضي‬
‫كلمات الشيوعية أو الحرية أو " ‏القومية "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ليزرعوا في القلب العربي أشواكا أخرى !‏‏!‏‏‪ .‬‏‬

‫سقوطنا في العصر الحديث‬


‫سقوط القوماية العربية‬
‫بعض ضضد سإض ضضقوط آل عثمض ضضان علض ضضى يض ضضد جمعيض ضضة التحض ضضاد والض ضضترقي وسإض ضضادتها اليهض ضضود يهض ضضود الض ضضدونما تفككض ضضت أوصض ضضال العض ضضالم‬
‫السإلمي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ونجح سإاطع الحصري وهو رجل أعجمي ل يسإتطيع الكلم بالفصضحى ويضضمر عضضداء شضديد للسإضلم‬
‫بتأثير تربيتضه الصضضهيونية نجضضح هضذا الرجضل فضي نشضر فكضرة القوميضضة بمفهومهضا العلمضضاني اللحضادي المعضادي للسإضضلم بيضن‬
‫العرب ‪ .‬‏‬

‫‪74‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫وكانت إنجلت ار سإيدة العالم آنذاك قد سإاعدت على إنشاء ما يسإمى بجامعة الدول العربيضة ‪ ،‬وهضي مؤسإسإضة لم يضر منهضا‬
‫العضضرب خي ض ار ‪ ،‬ولضضم تسإضضهم فضضي حضضل أيضضة مشضضكلة ‪ ،‬أو فضضي تحقيضضقا أي تقضضدم للعضضرب فضضي حاضضضرهم السإضضيف ‪ ،‬وحسإضضبها أنهضضا‬
‫فصلت العرب رسإميا عن العالم السإلمي وأشعرتهم بكيان مسإتقل وهمي ‪ .‬‏‬

‫وفي ظلل المد العربي على يد حفنة من الثوريين والمقامرين الشبان خسإر العرب جزءا كبي ار من أرضهم ‪ ،‬وسإضضاحت‬
‫في بلدهم دويلة يهودية ‪ ،‬ودرعها الغرب بأحدث السإلحة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والمعارف‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏والخبائث الخلقية ‪ .‬‏‬

‫وأم ضضام ه ضضذه الدويل ضضة الهزيل ضضة ال ضضتي ل يزي ضضد سإ ضضكانها ع ضضن )‪ 1‬‏ ‪ /‬ضض ‏‪(35‬‏ ‏م ضضن سإ ضضكان الع ضضرب سإ ضضقط القومي ضضون الع ضضرب أبش ضضع‬
‫سإقوط‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وكضان المقدمضة الطبيعيضة لنجضاح هضذه الدويلضة أنهضا سإضاعدت هضؤلء القضوميين الثضوريين وحضدهم على الصضعود إلضى الحكم ‪،‬‬
‫لن وجودهم هو وحده الكفيل بتحقيقا ما تريد إسإرائيل من ضمانات بقائها التي أهمها ‪ :‬‏‬

‫‪(1‬‏ إبعاد العرب عن عقيدة جامعة روحية تقاوم اليهودية التي يتسإلحون بها ‪ .‬‏‬
‫‪(2‬‏ ضمان إبقاء المة العربية في حالة اسإتيراد دائم ‪ ،‬لن الذين ل عقيدة لهم ل يسإتطيعون إبداع شيء ذاتي ‪.‬‬
‫‪(3‬‏ ضمان تفكك العرب ‪ ،‬تفككا دائما ‪ ،‬لن هؤلء القوميين والثوريين مجرد شضبان مغضامرين ‪ ،‬ل رصضيد لهضم مضن‬
‫عقيض ضضدة أو أصض ضضلة أو وعض ضضي تض ضضاريخي‪ ،‬ومض ضضن السإض ضضهل تلقينهض ضضم بعض ضضض شض ضضعارات‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو " ‏شض ضضعارات مضض ضضادة "‬
‫يصرخون بها ‪ ،‬وتضيع معها عقولهم وعقول الجماهير التي يقودونها ‪ .‬‏‬

‫وقد قامات هذه القوى الحاكمة الثورية بالواجب نحو العرب وإسرائيل على النحو المرسوم لها ‪:‬‬

‫‪ -1‬‏فصضادرت حريضات المضواطنين إوارادتهضم ‪ ،‬بحيضث لم يعضد للشضعوب العربيضة مضن المضر شضيء وأصضبحت هضذه الشضعوب‬
‫نسإضضبة عدديضضة مهيضضأة تقضضوم بالموافقضضة للحكضضام علضضى كضضل شضضيء بنسإضضبة ) ‏‪ 999%.99‬‏(‏ ‏وهضضي تقضضوم بالتصضضفيقا الحضضاد لكضضل‬
‫خطيب ‪ ،‬وتؤيد كل الق اررات ‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏أعلن ضضت ه ضضذه الحكوم ضضات الح ضضرب عل ضضى السإ ضضلم وق ضضد نجح ضضت ه ضضذه الق ضضوى ف ضضي إبع ضضاد السإ ضضلم ع ضضن مج ضضال الت ضضأثير‬
‫تماما‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏على القل في مسإتوى توجيه المور وقيادتها ‪ .‬‏‬

‫ففي عصر الطاغية جمال عبد الناصر ‪ ،‬أمكن من جعل الصلة شبهة ‪ ،‬وقراءة القرآن من طالب جامعي أم ار يضضضعه‬
‫في القائمة السإوداء ‪ ،‬وأمكن نشر الرعب ‪ ،‬وفرض الشيوعية ‪ ،‬حتى قضى ال عليضضه ‪ ،‬وخلضضص البلد مضضن شضضروره ‪ ،‬بعضضد‬
‫أن خلف تركة أخلقية ومادية وهزائم تحتاج لجيال طويلة كي تزال آثارها‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهيهات !‏‏!‏‏ ‏‬

‫‪75‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫ولما جاء خلفه أمكن تحوير السإلوب بعض الشيء ‪ ،‬ووضع على رأس العمل السإلمي المتصوفة والدجالين وحضضدهم‬
‫‪ ،‬كما ظل الخط الراعي للتحلل الخلقي في طريقه ‪ ،‬وعومل السإلميون وحدهم بقوانين اسإتثنائية وعسإكرية ‪ .‬‏‬

‫أما حزب البعث بجناحيه السإوري والعراقي فعداؤه للسإلم وتنكيله بأهله وفقا لتوجيهات الصليبي الحاقد ميشيل عفلقا‬
‫أمر مقرر كجزء من سإياسإة الحزب وأسإاسإياته الفكرية والحركية ‪ .‬‏‬

‫‪ 3‬‏‪ -‬‏نجحضضت أسإضضاليب هضضذه النظضضم فضضي الوصضضول إلضضى النتيجضضة الطبيعيضضة ‪ ،‬وفضضي إقضرار قواعضضد إسإضرائيل عسإضضكريا وسإياسإضضيا ‪،‬‬
‫كدولة ذات سإيادة تفصل العالم العربي عن بعضه البعض ‪ ،‬وتقف بالمرصاد لية بادرة نهضة حقيقية سإواء في مجضال‬
‫البعث السإلمي والوحدة العربية السإلمية ‪ .‬‏‬

‫وأصضضبحت إسإ ضرائيل بفضضضل هضضذه النظضضم ‪ ،‬الضضتي قتلضضت شضضعوبها وشضضلت قواهضضا كابوسإضضا ثقيل يضضؤمن أكضضثر أبنضضاء هضضذا الجيضضل‬
‫باسإتثناء المؤمنين منهم بأن زواله أمر شبه مسإتحيل ‪ .‬‏‬

‫وكان هذا هو حصاد التخطيط العالمي الصليبي الصهيوني الشيوعي الثوري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏القومي المشترك !‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولنهم بل عقيدة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولن القومية شعار ل يصلح لصناعة حضارة ول ليجاد وحدة جامعة شاملة ‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ولن التبعية‬
‫الفكرية أوسإع أبواب التبعية العامة التي تفرض الهزيمة والذل ‪ .‬‏‬

‫لهضضذا ولغي ضره أصضضبح العضضرب أشضضبه بضضدول عظمضضى ‪ ،‬الوحضضدة بيضضن الضضدول العربيضضة والخضضرى أصضضعب مضضن الوحضضدة بيضضن الدولضضة‬
‫العربية إواسإرائيل ‪ ،‬أو الوحدة بين بعضها وأمريكا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أو روسإيا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كما هو قائم فعل ‪ .‬‏‬

‫لقد أصبح معظم العالم العربي دول متقطعة الوصال ‪ ،‬أسإضيرة نظم يمينيضة وأخضرى يسإارية وليضس للسإضلم نصضيب فيهضا‬
‫سإياسإيا أو إداريا ‪ .‬‏وقد تمزقت وسإائل التوحيد كلها ‪ ،‬فل تكامل اقتصادي ‪ ،‬ول تكامل اجتماعي ‪ ،‬ول تنسإيقا سإياسإضضي ‪،‬‬
‫أو إعلمي ‪ ،‬وهلم ج ار ‪ .‬‏‬

‫وهضضم كأسإضضلفهم سإضضللة " ‏أبضضي جهضضل " ‏يتقضضاتلون لتفضضه السإضضباب ‪ ،‬ويقطعضضون العلقضضات بل مضضبرر كضضاف ‪ ،‬ويسإضضيرون فضضي‬
‫طريقهم دون مشورة وتكامل ‪ ،‬بضل كضل حسإضب مصالحه وتوجيهضات سإادته‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وقضد أصضبح العربضي ل يضأمن على نفسإضه‬
‫فضضي أي بلضضد عربضضي آخضضر ‪ ،‬بضضل أصضضبحت بلد الغضضرب هضضي المثوبضضة والمضضن ‪ ،‬كمضضا أن الملجضضأ والمضضن لم ضوالهم هضضي بنضضوك‬
‫اليه ضضود ف ضضي أمريك ضضا وأوروب ضضا ‪ ،‬والمنتج ضضع لتعلي ضضم أبن ضضائهم ولسإ ضضتراحاتهم وج ضضولتهم ه ضضي مرف ضضأ الم ضضن والحري ضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏أورب ضضا‬
‫العظيمة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وتقوم بينهم الحواجز الجمركية إواجضراءات الزيضضارة والقامضضة بدرجضة تجعضل زيضضارة الضدول الوربيضة أسإضضهل مضن‬
‫زيارة عربي دولة عربية أخرى ‪ .‬‏‬

‫وقضضد بلضضغ النحطضضاط بضضالعرب إلضضى أن صضضنفوا أنفسإضضهم طبقيضضا علضضى جنسإضضيات مختلفضضة تفصضضل بعضضضها بعضضضا ‪ ،‬فبعضضض دول‬
‫الخليج تصنف الشعوب العربية على هذا النحو ‪ :‬‏‬

‫‪(1‬‏ خليجي درجة أولى ‪ -‬‏وله سإائر الحقوقا السإياسإية والمادية ‪ -‬‏‪ .‬‏‬
‫‪(2‬‏ خليجي درجة ثانية ‪ -‬‏وله الحقوقا المادية فقط ‪ -‬‏‪.‬‬
‫‪(3‬‏ إيراني ‪ -‬‏وله حقا الحصول على الجنسإية بعد فترة وجيزة ‪ -‬‏‪ .‬‏‬

‫‪76‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫‪(4‬‏ عراقي ‪.‬‬


‫‪(5‬‏ سإوري ‪.‬‬
‫‪(6‬‏ فلسإطيني وأردني ‪.‬‬
‫‪(7‬‏ مصري‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏‬

‫وهكضضذا !‏‏!‏‏‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏وهكضضذا‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏تت ضوالى التصضضنيفات الضضتي تتبعهضضا حقضضوقا ماديضضة غيضضر متكافئضضة ‪ ،‬بضضالرغم مضضن تسإضضاوي المؤهضضل‬
‫والخبرة ‪ ،‬كما يتبعها احترام بقدر الدرجة الطبقية المحددة ‪ .‬‏‬

‫لقضضد انحطضضت القوميضضة العربيضضة بضضالعرب إلضضى أسإضضفل سإضضافلين ‪ ،‬ومضضن الغريضضب أنهضضم علضضى الرغضضم مضضن درس لبنضضان ‪ ،‬ومضضن درس‬
‫فلسإطين ‪ ،‬ومن الدروس المتكررة التي يلقنهضضا لهضم السإضضتعمار ول يتعلمضون ‪ ،‬فضإنهم إذا تخاصضموا ل يلجئضضون إلضى العلج‬
‫إل بإثض ضضارة النعض ضرة القليميض ضضة الوطنيض ضضة الضض ضضيقة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏" ‏مصض ضضر للمصض ضريين " ‏‪ " ،‬‏الهلل الخصض ضضيب " ‏‪ " ،‬‏وحض ضضدة المغض ضضرب‬
‫العربي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فبدل من أن يبحثوا عن دين يغير نفوسإهم وأخلقهم ‪ ،‬وبدل من البحث عن مركز آخر للوحدة في عصر‬
‫" ‏الوح ضضدات الك ضضبرى" ‏‪ " ،‬‏المريكت ضضان" ‏‪ " ،‬‏السإ ضضوقا الوربي ضضة المش ضضتركة" ‏‪ " ،‬‏دول حل ضضف وارسإ ضضو" ‏‪ " ،‬‏الكتل ضضة الشض ضرقية" ‏‪" ،‬‬
‫الكتلضضة الغربيضضة "‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏بضضدل مضضن هضضذا ينضضزوي كضضل منهضضم كأطفضضال ‪ ،‬مكتفيضضا بلعبضضة الوطنيضضة‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏ممزقضضا شضضمل العضضرب تمزيقضضا‬
‫جديدا ‪ .‬‏‬
‫وعلى أية حال‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فكما سإقطت النزعة الوطنيضة ‪ ،‬وأقام السإضتعمار النزعضة القوميضة بضديل للوحضدة السإضلمية الضتي دعضا‬
‫إليهضضا السإضضلطان عبدالحميضضد ‪ .‬‏وكضضاد يقضضضي بهضضا علضضى مخططضضات السإضضتعمار وينقضضذ العضضالم السإضضلمي كلضضه ‪ ،‬حضضتى جضضاء "‬
‫جماعة التحاد والترقي " ‏وأعوانهم من الماسإون في العالم العربي‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏فقضوا على الخليفة المجاهد العظيم ‪ .‬‏‬

‫أجل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏كما سإقطت النزعة الوطنية بعد فترة تاريخية حالكة نسإضجل هنضا " ‏سإقوط القوميضة العربيضة " ‏بعضد فضترة تاريخيضة‬
‫ثورية ل تقل حلكة وظلما عن الفترة السإتعمارية !‏‏!‏‏ ‏‬

‫ولم يبقا إل الحل الحضاري الشامل‪ .‬‏‪ .‬‏‪ .‬‏السإلم !‏‏!‏‏ ‏‬

‫تم تنيزيل هذه المادة مان‬


‫منبر التوحيد والجهاد‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫‪77‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬


‫أوراق ذابلة مان حضارتنا‬ ‫دراسة لسقوط ثالثاين دولة إسلماية‬

‫‪78‬‬ ‫مانبر التوحيد والجهاد‬

You might also like