You are on page 1of 7

‫تعددت التعارٌف حول إعطاء مفهوم شامل ودقٌق لتخلٌق الحٌاة العامة‪ ،‬بحٌث اعتبر البعض أن الدعوة إلى

التخلٌق هً دعوة‬
‫لمحاربة كل مظاهر الفساد‪ ،‬والعمل على ترسٌخ قٌم النزاهة والشفافٌة وكذا الدعوة إلى إقرار المساواة فً الحقوق وتكافإ‬
‫‪[1].‬الفرص‬

‫فً حٌن اعتبرها البعض أنها مجموعة من الضوابط والمبادئ الهادفة إلى التدبٌر الجٌد للشؤن المحلً والشؤن العام‪ ،‬لما فٌه من ضبط‬
‫لممارسات الموظف العمومً داخل اإلدارة‪ .‬مجهود ثنائً ومشترك ٌضم كل من الدولة وفعالٌات المجتمع المدنً‪ ،‬من أجل توحٌد‬
‫‪ [2].‬األهداف فً مواج هة القوى الفاسدة عبر خلق ارادة واعٌة تإمن بخطورة تؤثٌر الظاهرة على المصلحة العامة‬

‫ومما ال شك فٌه أن موضوع التخلٌق اإلداري أصبح ٌكتسً أهمٌة بالغة فً سٌاق التحدٌات الراهنة لبالدنا‪ ،‬حٌث أن تدبٌر المرافق‬
‫العامة ال ٌخلو من تصرفات ال أخالقٌة وغٌر سلٌمة‪ ،‬أ صبح معه الوضع ٌستلزم تحدٌد آلٌات ووسائل التخلٌق اإلداري أكثر من أي‬
‫وقت مضى‪ ،‬للتصدي لهذه السلوكات السلبٌة‪ ،‬فً نطاق أدبٌات وأخالقٌات تنبع من مبادئ وآلٌات ومإسسات الحكامة الجٌدة كوصفة‬
‫‪.‬ناجعة ضد كل داء إداري‪ ،‬أو كٌف ما كان نوعه ومجاله‬

‫الشامل فً متطلبات أساسٌة تشمل األبعاد االستراتٌجٌة والقانونٌة والتدبٌرٌة والمجتمعٌة ]‪ [3‬و بعدما تحددت معالم سٌاسة التخلٌق‬
‫والمإسسٌة‪ ،‬تؤكد أن تؤهٌل المنظومة المإسسٌة والعمل باستمرار على تماسك وتكامل أدوار مكوناتها لتطوٌر فعالٌتها‪ٌ ،‬شكل المدخل‬
‫‪ .‬الرئٌسً لضمان تحقٌق أهداف التخلٌق الشامل‬

‫‪ [4] ،‬وتتمٌز الحكامة الجٌدة بقٌامها على مجموعة من المرتكزات تجعل منها وصفة فعالة‪ ،‬ونوع من التدبٌر الواعً لبنٌات النظام‬
‫ٌهدف إلى التدبٌر الجٌد للشإون العامة وتخلٌق الحٌاة العامة‪ ،‬منها احترام مبدأ سمو القانون‪ ،‬ومكافحة الفساد والرشوة واحترام حقوق‬
‫‪[5].‬اإلنس ان وتشجٌع الدٌمقراطٌة والتنمٌة التشاركٌة‬

‫وقد أسس دستور ‪ 3122‬لمفهوم الحكامة الجٌدة ‪ ،‬كتعبٌر عن الفلسفة العامة من أجل التخلٌق والحد من الفساد واالختالالت وسوء‬
‫؛ وشكل قٌمة نوعٌة فً اتجاه توطٌد دولة الحق و القانون و تفعٌل الحكامة الجٌدة ]‪ [6‬التدبٌر الذي تعانً منه مإسسات الدولة والمجتمع‬
‫و الدٌمقراطٌة التشاركٌة و قد احتلت هذه المفاهٌم حٌزا مهما‪ ،‬وخصص الدستور لها بابا كامال‪ :‬الباب الثانً عشر‪ ،‬من ‪ 28‬فصال‬
‫(الفصول ‪ 265‬إلى ‪ٌ ،) 282‬نقسم إلى شقٌن‪ٌ ،‬تعلق األول بمبادئ عامة والثانً بتحدٌد المإسسات والهٌئات العاملة على تفعٌل هذه‬
‫‪.‬المبادئ‬

‫هذه المإسسات التً تعتبر جدٌدة دستورٌا ٌمكن تصنٌفها إلى مإسسات حقوقٌة لحماٌة الحقوق والحرٌات‪ ،‬كمإسسة الوسٌط‪ ،‬مإسسة‬
‫الجالٌة المغربٌة المقٌمة بالخارج ‪ ،‬المجلس الوطنً لحقوق االنسان‪ ،‬ومإسسات الحكامة الجٌدة كالهٌئة العلٌا لإلتصال السمعً‬
‫الب صري‪ ،‬و الهٌئة الوطنٌة للنزاهة و الوقاٌة من الرشوة و محاربتها و مجلس المنافسة وفئة ثالثة من الهٌئات المكلفة بالنهوض‬
‫بالتنمٌة البشرٌة والمستدامة والدمقراطٌة التشاركٌة و التً تحدد بقوانٌن و تؤلٌف و صالحٌات و تنظٌم قواعد تسٌٌر المإسسات و‬
‫الهٌئات السالفة كما نص على ذلك الفصل ‪ 282‬من الدستور‪ .‬وقد شرع فً تنزٌل هذه المقتضٌات بعد أن ضمت الحكومة المغربٌة‬
‫المنبثقة عن تشرٌعات ‪ 36‬نونبر ‪ 3122‬ألول مرة قطاعا حكومٌا مكلفا بتحدٌث القطاعات العامة والحكامة‪ ،‬فً إشارة قوٌة على‬
‫‪.‬اقتران تحدٌث اإلدارة باعتماد آلٌات الحكامة‬

‫وقد أكد د ستور ‪ 3122‬على مبدأ تخلٌق المرفق العام‪ ،‬حٌث ورد فً عدة مقتضٌات‪ ،‬من قبٌل الفقرة الثانٌة من الفصل ‪” :265‬‬
‫تخضع المرافق العمومٌة لمعاٌٌر الجودة والشفافٌة والمحاسبة والمسإولٌة‪ ،‬وتخضع فً تسٌٌرها للمبادئ والقٌم الدٌمقراطٌة التً‬
‫أقرها الدستور ”‪ .‬وكذا الفصل ‪ٌ ” :266‬م ارس أعوان المرافق العمومٌة وظائفهم وفقا لمبادئ احترام القانون والحٌاد والشفافٌة‬
‫‪ .‬والنزاهة والمصلحة العامة “‪ .‬وبذلك تتوطد أسس حكامة إدارٌة جٌدة وتترسخ أركان دولة الحكامة‬

‫هنا ٌجب أن نقر على أن هذه المإسسات تعتبر مكسبا للمملكة كآلٌات لتخلٌق المرفق العام وتكرٌ س دولة الحق والقانون وهٌئات‬
‫‪.‬لتوطٌد الدٌمقراطٌة التشاركٌة‬

‫‪.‬ذلك ما سنحاول النظر إلٌه من خالل الوقوف على دور بعض هذه المإسسات فً تخلٌق الحٌاة العامة‪ ،‬وترسٌخ الحكامة الجٌدة‬

‫الفرع األول‪ :‬دور المؤسسات الحقوقية في تخليق الحياة العامة‬


‫لعبت المإسسة الملكٌة أدوارا طالئعٌة فً دعم دولة القانون وبناء مجتمع دٌمقراطً ٌقوم على احترام مبادئ حقوق االنسان‪ ،‬من‬
‫خالل إحداث مجموعة من المإسسات الحقوقٌة‪ ،‬للسهر على تحدٌث اإلدارة وتخلٌقها والتصدي لكل ما من شؤنه أن ٌمس بهذا‬
‫‪ ).‬الورش‪ .‬أهم هذه المإسسات المجلس الوطنً لحقوق اإلنسان (أوال)‪ ،‬ومإسسة الوسٌط (ثانٌا‬

‫أوال‪ :‬المجلس الوطنً لحقوق اإلنسان‬

‫فً إطار التطور المستمر الذي طبع مجال حقوق اإلنسان والذي دشنه المغرب منذ سنة ‪ ، 2::1‬تم ارتقاء المجلس االستشاري‬
‫لحقوق اإلنسان بمبادرة ملكٌة إلى مجلس وطنً لحقوق اإلنسان وفق المعاٌٌر الدولٌة فً هذا الشؤن‪ ،‬حٌث تم توسٌع مجال‬
‫‪ ،‬باعتماد هٌكلة جدٌدة قائمة على اآللٌات الجهوٌة لحقوق اإلنسان فً شكل لجان تابعة له بسائر جهات ]‪[7‬تدخله واختصاصاته‬
‫كما ٌدخل ضمن اختصاصاته تلقً ومعالجة الشكاوى وزٌارة ‪ [8].‬المملكة تختص بمهام تتبع ومراقبة وضعٌة حقوق اإلنسان بالجهة‬
‫المإ سسات السجنٌة ومراقبة أماكن االعتقال ومراقبة ظروف السجناء‪ .‬وأصبح المجلس الوطنً لحقوق اإلنسان أكثر تطابقا مع‬
‫معاٌٌر ومبادئ إعالن بارٌس الخاص بمراكز ومإسسات حماٌة حقوق اإلنسان والنهوض بها‪ ،‬الصادرة بمقتضى الجمعٌة العامة‬
‫‪”[9].‬لألمم المتحدة سنة ‪ ، 2::5‬حٌث أضحى المجلس ٌصنف من قبل لجنة التنسٌق الدولٌة فً خانة “أ‬

‫لقد لعب المجلس الوطنً لحقوق اإلنسان دورا كبٌرا فً تعزٌز حكم القانون ‪ ،‬وإقامة العدل وضمان المساواة فً الحقوق والواجبات‬
‫من خالل مساهمته فً دراسة التشرٌعات الوطنٌة من حٌث مدى مالءمتها مع المعاٌٌر الدولٌة لحق وق اإلنسان‪ ،‬وتقدٌم المشورة‬
‫والرأي على مستوى تطوٌر وتحسٌن آلٌات الرقابة والحماٌة والوقاٌة فً هذا الشؤن‪ ،‬وذلك بغٌة ضمان العدل وتوفٌر سبل االنصاف‪،‬‬
‫وتحقٌق المساواة وإلقرار المسإولٌة والخضوع للشرعٌة القانونٌة‪ ،‬وإقرار الشفافٌة والنزاهة‪ ،‬وتحقٌق الحماٌة القانونٌة واالجتماعٌة‬
‫‪ [10].‬والمإسساتٌة لحقوق االنسان‪ ،‬والمساهمة فً تخلٌق الحٌاة العامة‬

‫كما نجح المجلس فً ظرف وجٌز من فرض مكانته على المستوى الدولً كمإسسة ذات مصداقٌة فً نظر الشركاء والفاعلٌن‬
‫الحقوقٌٌن الدولٌٌن‪ ،‬ونجح بالتالً فً عقد مجموعة من االتفاقٌات ومذكرات التفاهم‪ .‬ومن خالل تجربته المرصودة لمكافحة الفساد‪،‬‬
‫فإن عملٌة تخلٌق الحٌاة العامة هً صناعة مستمرة من أجل خلق التوازن المجتمعً‪ ،‬لذلك ٌنبغً على الحكومة والبرلمان وغٌرهما‬
‫من المإسسات التعاون مع المجلس من خالل تطوٌر أدوات للحوار والتفاعل معها وذلك بؤخذ المقترحات و اآلراء والتوصٌات بنوع‬
‫‪[11].‬من الجدٌة وباالعتماد على االحترافٌة والمهنٌة العالٌة‬

‫وعالوة على التقارٌر السنوٌة ٌصدر المجلس تقارٌر موضوعاتٌة تهم قضاٌا خاصة وقد أصدر فً هذا اإلطار‪ ،‬على سبٌل المثال ال‬
‫الحصر‪ ،‬تقرٌرا خاصا باألوضاع فً السجون‪ ،‬سنة ‪ 3123‬بعنوان‪ ” :‬أزمة السجون مسإولٌة مشتركة ‪ 211 :‬توصٌة من أجل‬
‫‪ ”.‬حماٌة حقوق السجٌنات والسجناء‬

‫أما تقرٌر سنة ‪ 3127‬حول الصحة النفسٌة‪ ،‬فقد شخص وضعٌة مإسسات الطب النفسً‪ ،‬والبنٌات والتجهٌزات‪ ،‬والموارد البشرٌة‪.‬‬
‫وخلص على أن الصحة النفسٌة جد متدهورة‪ ،‬وال تحظى بالمكانة الالئقة بها فً السٌاسات العمومٌة‪ ،‬ووضع مجموعة من التوصٌات‬
‫‪.‬من أجل النهوض بالصحة العقلٌة وحماٌة الحقوق األساسٌة للمرضى‬

‫دلٌل حول ” الحكامة الترابٌة وحقوق اإلنسان‪ /‬اآللٌات التشاركٌة ‪ IRI‬كما أصدر المجلس بشراكة مع المعهد الجمهوري الدولً‬
‫الجهوٌة “ ‪ ،‬وذلك تتوٌجا لبرنامج تقوٌة قدرات فاعلٌن من المجتمع المدنً باألقالٌم الصحراوٌة فً مجاالت حقوق اإلنسان‪ ،‬وأنظمة‬
‫‪ .‬الحكامة التشاركٌة التً حبل بها دستور ‪ ، 3122‬وخاصة الجانب الذي ٌهم اآللٌات التشاركٌة على مستوى التنظٌم الجهوي‬

‫ثانٌا‪ :‬مإسسة الوسٌط‬

‫عمل دستور ‪ 3122‬على إلغاء دٌوان المظالم وتعوٌضه بمإسسة الوسٌط التً تعمل على إنصاف المواطنٌن فً عالقتهم باإلدارة‬
‫العمومٌة‪ ،‬حٌث ٌنص الفصل ‪ 273‬من الدستور على أن‪ “ :‬الوسٌط مإسسة وطنٌة مستقلة ومتخصصة‪ ،‬مهمتها الدفاع عن الحقوق فً‬
‫نطاق العالقات بٌن اإلدارة والمرتفقٌن‪ ،‬واإلسهام فً ترسٌخ سٌادة القانون‪ ،‬وإشاعة مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬وقٌم التخلٌق والشفافٌة‬
‫فً تدبٌر اإلدارات والمإسسات العمومٌة والجماعات الترابٌة والهٌئات التً تمارس صالحٌات السلطة العمومٌة ”‪ .‬وقد حلت هذه‬
‫المإسسة محل “دٌوان المظالم ”‪ ،‬وتتمٌز هٌئة “الوسٌط ” فً تنظٌمها وعملها‪ ،‬بمقتضى المرسوم الملكً بتعٌٌن مندوبٌن جهوٌٌن‬
‫ٌدعون “الوسٌط الجهوي ” ‪ ،‬للنهوض عن قرب بحماٌة حقوق الناس ال عادٌٌن‪ ،‬من خالل إنصاف المشتكٌن المتضررٌن من أي‬
‫تصرف إداري‪ ،‬متسم بالتجاوز أو استغالل السلطة‪ ،‬وذلك فً نطاق سٌادة القانون‪ ،‬وتم تخوٌل “مإسسة الوسٌط ” صالحٌات البحث‬
‫والتحري والقٌام بمساعً الوساطة والتوفٌق‪ ،‬واقتراح المتابعة التؤدٌبٌة‪ ،‬أو إحالة األمر إلى النٌابة ا لعامة‪ ،‬طبقا للمقتضٌات القانونٌة‪،‬‬
‫وإمكانٌة إصدار توصٌات بتقدٌم المساعدة القضائٌة‪ ،‬ال سٌما لألشخاص الذٌن لٌست لدٌهم إمكانات أو فقراء ومعوزٌن‪ ،‬وٌندرج هذا‬
‫التغٌٌر فً إطار مواكبة اإلصالحات المإسساتٌة‪ .‬وتعمل هذه المإسسة وفق إطار مرجعً ٌستلهم أصوله وفلسفته من قرار الملك‬
‫فً التاسع من دٌسمبر ‪ 3112‬بمناسبة تخلٌد ذكرى الٌوم العالمً لحقوق ]‪ [12‬محمد السادس‪ ،‬القاضً بإحداث مإسسة دٌوان المظالم‬
‫‪.‬اإلنسان‬

‫وهذه المإسسة لٌست فقط غرفة لتسجٌل وتلقً الشكاٌات وإحالتها على اإلدارات المعنٌة‪ ،‬بقدر ما تعتبر مإسسة للتدخل والمساعدة‬
‫‪ ،‬إذ ٌتعٌن على ]‪[13‬على إٌجاد حلول عملٌة وواقعٌة لمطالب المشتكٌن وتظلماتهم‪ ،‬كلما كانت هذه المطالب عادلة وقانونٌة ثابتة‬
‫اإلدارة المعنٌة بالشكاٌات أو التظلمات المحالة علٌها من قبل الوسٌط أو أحد مندوبٌه الخاصٌن أو من الوسطاء الجهوٌٌن‪ ،‬أن تحٌط‬
‫المإسسة علما بموق فها إزاء مطالب المشتكٌن أو المتظلمٌن‪ ،‬وبجمٌع اإلجراءات والتدابٌر التً اتخذتها فً الشكاٌات المعروضة‬
‫علٌها‪ ،‬أو حسب الحالة بالحلول التً تقترحها على المشتكً أو المتظلم‪ ،‬حتى ٌتسنى رفع ما لحقه من ضرر أو تعسف أو شطط‪.‬‬
‫وٌجب أن تقوم اإلدارة بذلك خالل األجل الذي ٌحدد ه الوسٌط أو مندوبه الخاص أو الوسٌط الجهوي‪ ،‬وإذا تعذر علٌها ذلك فً األجل‬
‫‪ .‬المحدد‪ ،‬جاز لها أن ترفع طلبا إلى المإسسة من أجل تمدٌده قصد إعداد الجواب‪ ،‬شرٌطة ذكر األسباب الداعٌة إلى ذلك‬

‫كما ٌلعب الوسٌط دورا هاما فً ترسٌخ مبادئ الحكامة اإلدارٌة وتحسٌن أداء اإلدار ة حٌث ٌرفع فً إطار اختصاصاته‪ ،‬وبصفته قوة‬
‫اقتراحٌة لتحسٌن أداء اإلدارة والرفع من جودة الخدمات العمومٌة التً تقدمها‪ ،‬تقارٌر خاصة إلى رئٌس الحكومة تتضمن توصٌاته‬
‫‪:‬ومقترحاته الهادفة إلى إلى تخلٌق القطاع العمومً وذلك بالعمل على ما ٌلً‬

‫‪‬‬ ‫ترسٌخ قٌم الشفافٌة والتخلٌق والحكامة فً تدبٌر المرافق العمومٌة‪ ،‬والعمل على نشرها بٌن الموظفٌن والمرتفقٌن ؛‬

‫‪‬‬ ‫التقٌد بقٌم حقوق اإلنسان كما هو متعارف علٌها عالمٌا‪ ،‬وااللتزام بمراعاتها‪ ،‬والنهوض بها فً عالقة اإلدارة‬
‫؛]‪[14‬بالمرتفقٌن‬

‫‪‬‬ ‫مواكبة المستجدات‪ ،‬وإٌجاد الحلول لما ٌطفو على الساحة من إشكالٌات‪ ،‬ألن الجمود والتراتبٌة فً العمل اإلداري قد‬
‫ٌعوقان التقدم‪ ،‬خاصة فً خضم التغٌٌرات المتسارعة التً تتطلب التصحٌح والتكٌٌف؛‬

‫‪‬‬ ‫التحدٌث والتواصل عن بعد‪ ،‬ومكننة الخدمات‪ ،‬واالعتماد على المعلومٌات‪ ،‬مع العلم أن التحدٌث ٌجب أن ٌنصب على‬
‫؛]‪ [15‬وسائل العمل وعلى المساط ر‪ ،‬وعلى العقلٌات على الخصوص‬

‫‪‬‬ ‫إصالح ومراجعة النصوص التشرٌعٌة والتنظٌمٌة المتعلقة بمهام اإلدارة وسائر المرافق العمومٌة‪ ،‬وتحسٌن بنٌات‬
‫االستقبال واالتصال‪ ،‬وتبسٌط المساطر واإلجراءات اإلدارٌة لتٌسٌر ولوج المواطنٌن إلى الخدمات التً تقدمها اإلدارة فً‬
‫أحسن الظروف؛‬

‫وتتولى مإسسة الوسٌط تنظٌم منتدٌات وطنٌة أو إقلٌمٌة أو دولٌة إلغناء الفكر والحوار حول قضاٌا الحكامة الجٌدة‪ ،‬وتحدٌث المرافق‬
‫العمومٌة‪ ،‬فً نطاق سٌادة القانون‪ ،‬ومبادئ العدل واإلنصاف‪ .‬وتساهم المإسسة فً تعزٌز البناء الدٌمقراطً‪ ،‬من خالل العمل على‬
‫تحدٌث وإص الح هٌاكل ومساطر اإلدارة‪ ،‬وترسٌخ قٌم اإلدارة المواطنة‪ ،‬والتشبع بؤخالقٌات المرفق العمومً‪ .‬كما تساهم المإسسة‬
‫فً إحداث شبكات للتواصل والحوار بٌن الهئآت الوطنٌة واألجنبٌة‪ ،‬وكذا بٌن الخبراء من ذوي اإلسهامات الوازنة فً مجال الحكامة‬
‫‪ .‬اإلدارٌة الجٌدة‪ ،‬من أجل االنفتاح على مستجدات العصر‬

‫كما أن مإسسة الوسٌط نهجت خٌار الالتمركز‪ ،‬من خالل المضً فً فتح مندوبٌات‪ ،‬فً إطار سٌاسة القرب كنمط لمعالجة المشاكل‬
‫المحلٌة‪ .‬حٌث عمل الظهٌر على إسناد المهام المركزٌة إلى كل من وسٌط المملكة والكاتب العام وباقً الهٌاكل اإلدارٌة التنظٌمٌة‬
‫ا ألخرى وكذا المندوبون الخاصون‪ ،‬فٌما تم إسناد المهام ذات البعد الجهوي على وسطاء جهوٌٌن من أجل ممارسة اختصاصات على‬
‫المستوى الترابً‪ ،‬التً تم تفوٌتها من الوسٌط – باعتباره رئٌس المإسسة المركزٌة – إلى الوسطاء لمباشرتها محلٌا‪ ،‬لتقرٌب‬
‫‪ [16].‬المواطن المشتكً من سهولة إٌداع تظلماته بالسرعة الالزمة والمطلوبة‬

‫واستنادا إلى حصٌلة التقارٌر السنوٌة لمإسسة الوسٌط (‪ ،)3126 ،3125 ،3124 ،3123 ،3122‬عملت هذه األخٌرة على وضع‬
‫دراسات تهتم برصد الحصٌلة اإلدارٌة للمإسسة وكذا دراسة التقارٌر المحالة علٌها من طرف األجهزة اإلدارٌة من أجل تقٌٌمها‬
‫‪ .‬واستخالص مقترحات وتوصٌات عملٌة واستشرافٌة وبلوة إصالح إداري ٌخدم اإلدارة والمواطن على السواء‬

‫وتجدر اإلشارة كذلك‪ ،‬أن مإسسة الوسٌط قد ساهمت بشكل أو بآخر فً تشجٌع مختلف اإلدارات عن العدول عن سلوكاتها‬
‫‪ .‬الالمشروعة‪ ،‬واإلسهام فً تعدٌلها‪ ،‬األمر الذي ٌستدعً معه أجرأة توصٌاتها لما فٌه خدمة للمرتفق واسترجاع حقوقه‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور القضاء والمؤسسات الرقابية في تخليق الحياة العامة‬


‫ٌلعب القضاء دورا مهما فً تخلٌق الحٌاة العامة وذلك عن طرٌق زجر ومكافحة الظواهر اإلجرامٌة‪ ،‬فسٌاسة التجرٌم فً مجال‬
‫مكافحة الفساد تهدف إلى حماٌة مصالح المجتمع من أخطاره‪ ،‬و بالتالً محاولة التصدي لكل أثاره الوخٌمة على المستوى‬
‫االقتصادي‪ ،‬السٌاسً و االجتماعً (أوال)‪ ،‬كما أن المإسسات الرقابٌة أصبحت تساهم بشكل فعال فً حماٌة المال العام ومكافحة‬
‫‪ ).‬الفساد‪ ،‬كما هو الشؤن للمجلس األعلى للحسابات (ثانٌا) ‪ ،‬والهٌئة الوطنٌة للنزاهة والوقاٌة من الرشوة ومحاربتها (ثالثا‬

‫أوال‪ :‬القضاء‬

‫ٌشمل القضاء المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها وكذلك النٌابة العامة باعتبارها شعبة أصٌلة من شعب السلطة القضائٌة‪ ،‬وٌلعب هذا‬
‫القضاء من خالل المالحقة الجنائٌة لمرتكبً جرائم الفساد الدور األكثر فاعلٌة بهذا الشؤن‪ ،‬بحسبان أن هذه المالحقة ٌتحقق عن‬
‫طرٌقها الردع الخاص لمرتكبً جرائم الفساد‪ ،‬والردع العام لغٌرهم ممن قد تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم‪ ،‬وٌتطلب ذلك بطبٌعة‬
‫الحال أن تكون التشرٌعات الجنائٌة مشتملة على ما ٌإثم جمٌع صور الفساد القدٌمة من ها كالرشوة والحدٌثة كغسٌل األموال‪ ،‬إضافة‬
‫إلى وجود قضاء مستقل ومإهل ومتخصص لدٌه االمكانٌات البشرٌة والفنٌة والمادٌة بهذا الصدد ‪ ،‬فضال عن تشدٌد العقوبات‬
‫‪.‬الجنائٌة بالنسبة لمرتكبً جرائم الفساد من الموظفٌن العمومٌٌن وتلك الواقعة على األموال العامة‬

‫‪:‬ومن خالل إست قراء التشرٌع الجنائً ٌمكن إدراج الجرائم التالٌة فً جرائم الفساد على سبٌل المثال ال الحصر‬

‫جرائم االختالس والغدر الذي ٌرتكبه الموظفون العمومٌون‪ ،‬وقد تطرق إلٌها القانون الجنائً المغربً فً الفصول من ‪ 352‬إلى –‬
‫‪358‬؛‬

‫جرائم الرشوة واستغالل النفوذ فً الفصول من ‪ 359‬إلى ‪367‬؛ –‬

‫الشطط فً استعمال الموظفٌن للسلطة ضد النظام العام فً الفصول ‪ 368‬إلى ‪371‬؛ –‬

‫االخالل بإلزامٌة التصرٌح بالممتلكات فً الفصل ‪ 373‬مكرر؛ –‬

‫تزٌٌف أختام الدولة والدمغات والطوابع والعالمات فً الفصول من ‪453‬إلى ‪461‬؛ –‬

‫تزوٌر األوراق الرسمٌة أو العمومٌة فً الفصول من ‪ 462‬إلى ‪467‬؛ –‬

‫‪ .‬جرائم غسل األموال فً الفصول من ‪ 685- 2‬إلى ‪– 685- 8‬‬

‫ومن جهة أخرى ٌلعب القضاء اإلداري دور هاما فً مكافحة الفساد باعتباره الحامً للحقوق األساسٌة والحرٌات العامة ‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل الرقابة التً ٌمارسها على مشروعٌة أعمال اإلدارة ال سٌما عن طرٌق الطعون التً ٌقدمها أصحاب الشؤن بطلب إلغاء‬
‫القرارات اإلدارٌة النهائٌة استنادا ألحد أسباب عٌوب المشروعٌة الالحقة بها وعلى األخص عٌب اساءة استعمال السلطة أو‬
‫االنحراف بها الذي ٌكشف عن مظاهر الفساد المستشري فً مفاصل الجهاز اإلداري للدولة ‪ ،‬من الغلو فً توقٌع ا لعقوبات التؤدٌبٌة ‪،‬‬
‫واستعمال نزع الملكٌة لغٌر أغراض المنفعة العامة ‪ ،‬وتخطً األجدر واألكفؤ فً التعٌٌن والترقٌة بالوظٌفة العامة ‪ ،‬والمحاباة فً‬
‫شغل وظائف اإلدارة العلٌا ‪ ،‬وغٌر ذلك من صور الفساد اإلداري الذي من شؤنه أن ٌزعزع ثقة الجمهور فً اإلدارة وٌإدى إلى عدم‬
‫‪.‬احترام الوظٌفة العامة‬

‫والقضاء اإلداري لٌس مجرد قضاء تطبٌقً‪ ،‬وإنما هو فً األعم قضاء تكوٌنً إنشائً خالق ٌبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونٌة‬
‫التً تنشؤ بٌن الجهات اإلدارٌة فً تسٌٌرها للمرافق العامة من جهة‪ ،‬وبٌن األفراد من جهة أخرى‪ .‬وٌبتكر الحلول لما ٌعترض سبٌله‬
‫‪[17].‬من مآزق تحقٌقا لمهمة التوفٌق بٌن المصلحة العامة والمصلحة الخاصة‬

‫ثالثا‪ :‬القضاء الدستوري ومكافحة الفساد‪ :‬القضاء الدستوري هو الحامً للشرعٌة الدستورٌة فً الدولة القانونٌة عن طرٌق ممارسته‬
‫للرقابة على دستورٌة القوانٌن ‪ ،‬وبهذه المثابة فهو ٌقوم ب دور غٌر مباشر فً مكافحة الفساد من خالل ما ٌرفعه إلٌه ذوي الشؤن من‬
‫طعون على دستورٌة القوانٌن بناء على واحد أو أكثر من عٌوب الشرعٌة الدستورٌة ‪ ،‬فعلى سبٌل المثال ٌقرر القضاء الدستوري‬
‫إبطال النصوص التشرٌعٌة التً تحصن الطعن باإللغاء فً القرارات اإلدارٌة لمخالفة هذا التحصٌن لقواعد الدستور‪ ،‬وبطالن‬
‫التشرٌعات المخلة بالحقوق األساسٌة أو المبادئ الدستورٌة العامة ‪ ،‬وذلك لتؤكٌد سٌادة القانون فً الدولة مما ٌوفر بٌئة مناسبة‬
‫لمكافحة الفساد التشرٌعً الذي ٌنعكس حتما على صور الفساد األخرى ‪ ،‬وهو ما ٌتطلب أن ٌكون القضاء الدستوري مستقال ومإهال‬
‫‪.‬ومتخصصا ومنصوص علٌه فً الوثٌقة الدستورٌة نفسها‬
‫وحٌث أن مسار الرقابة الدستورٌة بالمغرب التً تعد دعامة دولة الحق والقانون‪ ،‬تمٌزت بالتذبذب والمحدودٌة‪ ،‬فقد عمل المشرع‬
‫الدستوري بمناسبة المراجعة الدستورٌة األخٌرة لسنة ‪ 3122‬بالنظر إلى سٌاقها الع ام والظرفٌة التً دعت إلٌها‪ ،‬إلى إحداث تحول‬
‫نوعً فً مجال الرقابة الدستورٌة التً تعد أساس دولة القانون وذلك بنصه على إحداث محكمة دستورٌة تعوض المجلس الدستوري‬
‫الذي وجهت إلٌه عدة انتقادات‪ ..‬كما أن هذه األهمٌة تظهر من خالل المالحظات الشكلٌة األولٌة التً ٌتبٌن من خاللها أن دستور‬
‫‪ 3122‬خص فً هندسته هذه المحكمة بستة فصول وذلك عوض أربعة فصول التً خصصت للمجلس الدستوري بمقتضى دستور‬
‫‪2::7 .‬‬

‫وقد شدد المشرع الدستوري وألول مرة فً اختٌار أعضاء المحكمة الدستورٌة باشتراط الكفاءة والنزاهة والتجرد باإلضافة إلى‬
‫التجربة الواسعة وا لتكوٌن العالً‪ ،‬زٌادة على توسٌع هامش حاالت التنافً بالنسبة للمهام التً ال ٌمكن الجمع بٌنها وبٌن عضوٌة‬
‫‪[18].‬المحكمة الدستورٌة استحضارا لعوامل استقاللٌة أعضاء المحكمة‬

‫ثانٌا‪ :‬المجلس األعلى للحسابات‬

‫حرص المغرب على غرار الدول المتطورة‪ ،‬على االرتقاء بالمجلس ا ألعلى للحسابات إلى مصاف مإسسة دستورٌة تضطلع بدور‬
‫المساهمة الفعالة فً عقلنة تدبٌر األموال العامة و تمارس كلٌا وظٌفتها كمإسسة علٌا للرقابة مستقلة بذات الوقت عن السلطة‬
‫‪.‬التشرٌعٌة و السلطة التنفٌذٌة‬
‫و هكذا وضح الباب العاشر من الدستور بؤن المجلس األعلى للحسابات ٌتولى ممارسة الرقابة العلٌا على تنفٌذ القوانٌن المالٌة و ٌبذل‬
‫مساعدته للبرلمان و الحكومة فً المٌادٌن التً تدخل فً نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون‪ ،‬و ٌرفع إلى الملك بٌانات جمٌع‬
‫‪.‬األعمال التً ٌقوم بها فً إطار تقرٌره السنوي‬

‫و فضال عن ذلك و فً إطار سٌاسة الالمر كزٌة‪ ،‬نص الدستور على إحداث المجالس الجهوٌة للحسابات المكلفة بمراقبة حسابات‬
‫‪.‬الجماعات المحلٌة و هٌئاتها و كٌفٌة قٌامها بتدبٌر شإونها‬
‫‪ .‬و لقد تم تتوٌج المقتضٌات الدستورٌة بإصدار القانون رقم ‪ 73- ::‬المتعلق بمدونة المحاكم المالٌة بتارٌخ ‪ٌ 24‬ونٌو ‪3113‬‬

‫و هكذا تم ت وضٌح الوظائف المخولة للمحاكم المالٌة بشكل أكثر جالء بهدف تؤمٌن ممارسة رقابة مندمجة و إقامة أفضل توازن فً‬
‫‪.‬مسإولٌات الخاضعٌن للرقابة و الوصول بالتالً إلى نظام عقوبات و متابعات أكثر عدال و إنصافا لهم‬

‫و ٌنبغً التذكٌر بؤن أهم الرقابات الممارسة من قبل المحاكم ا لمالٌة تهم الرقابة القضائٌة على مدى قانونٌة العملٌات المالٌة و مدى‬
‫مطابقتها للنصوص (البث فً الحسابات‪ ،‬التسٌٌر بحكم الواقع و التؤدٌب المتعلق بالمٌزانٌة و الشإون المالٌة)‪ ،‬و مراقبة التسٌٌر‬
‫‪ .‬المركزة على تقٌٌم نتائج أداء الوحدات المراقبة من حٌث الفعالٌة و االقتصاد و الكفاٌة‬

‫وقد وردت عدة تقارٌر للمجلس األعلى للحسابات نتٌجة التدقٌق فً مالٌة عدة جماعات ترابٌة تمخض عنها قرارات زجرٌة فً حق‬
‫المخالفٌن لشروط التدبٌر الرشٌد والحكٌم‪ ،‬الذي من مبادئه ربط المسإولٌة بالمحاسبة كمفهوم جدٌد وجب إعماله بتفعٌله ولٌس‬
‫االكتفاء بوصف المخالفات وضبطها خصوصا بعد تعمٌق استقاللٌة القضاء ترسٌخا لدولة الحق والقانون وفصل السلط‪ ،‬ولعل ذلك ما‬
‫حدى بوزارة الداخلٌة إلى توقٌع عقوبات قانونٌة من قبٌل العزل فً حق مجموعة من رإساء الجماعات مع إحالتهم إلى القضاء بتهم‬
‫‪[19].‬مرتبطة بؤدائهم لمهامهم‬

‫وبالن سبة لتقرٌر المجلس حول برنامج التنمٌة المجالٌة إلقلٌم الحسٌمة ” منارة المتوسط “ ‪ ،‬فقد وقف المجلس على عدة اختالالت‬
‫شابت مرحلتً إعداد وتنفٌذ هذا البرنامج‪ ،‬الشًء الذي أدى إلى بطء انطالقة البرنامج و تعثر إطالق المشارٌع‪ ،‬ونتج عن ذلك اتخاذ‬
‫‪.‬مجموعة من التدابٌر والعق وبات من طرف الملك فً حق عدد من الوزراء والمسإولٌن السامٌن‬

‫وعموما‪ ،‬فقد لعبت هٌئات الرقابة والحكامة دورا مهما فً تخلٌق الحٌاة العامة‪ ،‬على سبٌل المثال‪ ،‬فقد تم خالل سنة ‪ 3127‬تسجٌل‬
‫‪ 3::3‬متابعة تتعلق بجرائم الفساد‪ ،‬كما أحال المجلس األعلى للحسابات على وزارة العدل ‪ 68‬قضٌة فً إطار المادة ‪ 222‬من مدونة‬
‫المحاكم المالٌة‪ ،‬وقد أحٌلت جمٌعها على القضاء التخاذ اإلجراءات القانونٌة المناسبة‪ ،‬كما أحالت الوزارة تلقائٌا بناء على تقارٌر هذا‬
‫المجلس ‪ 66‬قضٌة‪ ،‬تهم مإسسات عمومٌة وجماعات ترابٌة رصدت بها أفعال ٌشتبه فً كونها تشكل جرائم معاقب علٌها‬
‫‪[20].‬قانونا‬

‫ثالثا‪ :‬الهٌئة الوطنٌة للنزاهة والوقاٌة من الرشوة ومحاربتها‬


‫لقد تم إحداث الهٌئة المركزٌة للوقاٌة من الرشوة بمقتضى مرسوم ‪ 24‬مارس ‪ ، 3118‬استجابة لمقتضٌات المادة السادسة من اتفاقٌة‬
‫األمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬كإطار مإسسً لدى الوزٌر األول ٌستهدف باألساس الوقاٌة من الرشوة وٌستقطب جمٌع المكونات‬
‫المعنٌة بهذا المجال من جهة‪ .‬ومن جهة ثانٌة فً إطار التزام الحكومة بتخلٌق الحٌاة العامة كشرط لقٌام عالقة مسإولة وشفافة مع‬
‫‪.‬المواطن‬

‫وقد تمكنت الهٌئة من تطوٌر مقاربات تشخٌص ظاهرة الفساد بتعزٌز مإشرا ت المالمسة باستثمار المقاربات القطاعٌة والقضائٌة‬
‫والتحصٌل الوثائقً لتشخٌص اختالالت الحكامة قبل التوجه نحو إطالق البحث الوطنً حول الرشوة‪ ،‬وعملت على تقٌٌم السٌاسات‬
‫المعتمدة فً هذا المجال‪ ،‬وتوجٌه مقترحات وتوصٌات إلى الجهات المعنٌة تهم مالءمة السٌاسة الجنائٌة وإصالح اختالالت حكامة‬
‫القطاعٌن العام والخاص وتدعٌم فعالٌة هٌئات المراقبة والمساءلة والنهوض بالتواصل والتحسٌس والشراكة‪ .‬كما عملت على تقدٌم‬
‫مجموعة من اآلراء االستشارٌة لمواكبة بعض المشارٌع الكبرى من قبٌل إصالح منظومة العدالة والجهوٌة الموسعة والحق فً‬
‫الحصول على المعلومات ومعالجة تضارب المصالح والنهوض بحكامة الحٌاة السٌاسٌة ووسائل االعالم وجمعٌات المجتمع المدنً‬
‫‪.‬والتنزٌل التشرٌعً للهٌئة الوطنٌة للنزاهة والوقاٌة من الرشوة ومحاربتها‬

‫وفً هذا اإلطار‪ ،‬أصدرت مجموعة من التقارٌر إما بمبادرة منها أو استجابة لمختلف طلبات إبداء الرأي نذكر منها على سبٌل‬
‫‪[21]:‬المثال‬

‫‪‬‬ ‫تقرٌر حول‪ ” :‬الجهوٌة الموسعة ومستلزمات الحكامة والوقاٌة من الرشوة ”؛‬

‫‪‬‬ ‫تقرٌر حول‪ ” :‬مكافحة الفساد السٌاسً واالنتخابً بالمغرب ”؛‬

‫‪‬‬ ‫تقرٌر حول‪ ” :‬وسائل االعالم المغربٌة ومحاربة الرشوة ”؛‬

‫‪‬‬ ‫تقرٌر حول‪ ” :‬المجتمع المدنً ا لمغربً ومكافحة الفساد ”؛‬

‫‪‬‬ ‫…”تقرٌر حول‪ ” :‬إصالح منظومة العدالة ومتطلبات مكافحة الفساد‬

‫وحٌث أن الهٌئة المركزٌة واجهت مجموعة من الصعوبات واالكراهات للقٌام بعملها على الوجه المطلوب‪ ،‬المتجلٌة أساسا فً‬
‫االفتقار إلى الشخصٌة المعنوٌة واالستقالل المالً‪ ،‬وضعف المٌزانٌ ة‪ ،‬وغٌاب اآللٌات التحفٌزٌة للموارد البشرٌة‪ .‬وبتعلٌمات ملكٌة‪،‬‬
‫‪.‬فقد تم تكرٌس هذه المإسسة دستورٌا كإحدى هٌئات الحكامة الجٌدة المختصة فً مكافحة مختلف مظاهر الفساد‬

‫خاتمــــة‬

‫وفً الختام فإنه ٌنبغً التؤكٌد على أن هذه المإسسات مهما كانت فاعلٌتها‪ ،‬فإنه ال ٌمكن أن ن حملها لوحدها مسإولٌة تخلٌق الحٌاة‬
‫العامة‪ ،‬ألن محاربة الفساد هو مسار طوٌل ومعقد ٌستوجب عالوة على هذه المإسسات واإلرادة السٌاسٌة القوٌة‪ ،‬مجهودا وتعبئة‬
‫جماعٌٌن من خالل إشراك كافة اإلدارات والهٌئات‪ ،‬وانخراط المجتمع المدنً واإلعالم والمواطنٌن من أجل القضاء على مسببات‬
‫الفساد ودعم الجانب التربوي والتوعوي من أجل وقف التطبٌع معه واالنتقال من التندٌد إلى التبلٌغ والحرص على إنزال القانون كلما‬
‫‪.‬تم ارتكاب فعل الفساد‬

‫وحٌث أننا اقتصرنا فً هذا البحث على دور المإسسات الوطنٌة فً تخلٌق الحٌاة العامة‪ ،‬فإنه بالموازاة مع ذلك‪ٌ ،‬نبغً تحٌٌن‬
‫النصوص المتعلقة بواجبات والتزامات الموظف األخالقٌة والمهنٌة والسٌما منها تلك المحددة فً النظام األساسً العام للوظٌفة‬
‫العمومٌة‪ ،‬أو بعض األنظمة األساسٌة الخاصة ببعض الهٌئات من موظفً الدولة (القضاة‪ ،‬المتصرفون‪ ،‬المهندسون‪ ،‬األطباء…) إذ‬
‫نجد البعض منها أصبح متجاوزا بفعل ما أصبحت تعرفه اإلدارة من مستجدات‪ ،‬زٌادة على أن تطور المجتمعات وبروز حاجٌات ال‬
‫ٌمكن تلبٌتها إال بواسطة قوانٌن تتماشى مع هذه المستجدات فً مختلف مجاالت تدبٌر المرافق العامة بإدخال آلٌات التدقٌق والحكامة‬
‫الجٌدة لمكافحة ظاهرة الفساد‪ ،‬ومواصلة العمل على تفعٌل ورش اإلدارة الرقمٌة لتكرٌس الشفافٌة‪ ،‬كل ذلك ٌعجل بضرورة تحٌٌن‬
‫النصوص القانونٌة وتحدٌث اإلدارة بشكل ٌتماشى مع ما ٌعرفه المجتمع من تطور‪ ،‬خاصة فٌما ٌتعلق بالجانب األخالقً على اعتبار‬
‫أن أول واجبات المرفق العام االلتزام بؤخالقٌات المهنة‪ ،‬وأن ٌعم ل المواطنٌن بإخالص ونزاهة على النحو الذي ٌقتضٌه االختٌار‬
‫الدٌمقراطً فً دولة الحق والقانون‪ ،‬وااللتزام بالمواطنة تعزٌزا النفتاح اإلدارة على محٌطها وترسٌخا لحكامة جٌدة‪ ،‬وهذا ما أكدته‬
‫الرسالة الملكٌة الموجهة إلى المتناظرٌن فً ندوة دعم أخالقٌات المرفق العام‪ …“ :‬وال ٌتؤتى ذلك إال بسمو األخالق واستقامتها…فإن‬
‫أول واجبات المرفق العام‪ ،‬أن ٌلتزم باألخالق الحمٌدة‪ ،‬وأن ٌخدم المواطنٌن باإلخالص الجدٌر بالشؤن العام والمصلحة العلٌا على‬
‫‪”.‬النحو الذي ٌقتضٌه االختٌار الدٌمقراطً فً دولة الحق والقانون‬

You might also like