You are on page 1of 24

‫" أمناط اشتغال االستعارة‬

‫يف البالغة اجلديدة "‬

‫أ‪ /‬سامية إدريس‬


‫جامعة عبد الرحمن ميرة ـ بجاية‬

‫متهيد‪:‬‬
‫نشأت البالغة العربية القدمية على غرار النقد يف أحضان الشعر وارتبطت‪،‬‬
‫مثلها مثل العلوم اللغوية بالقرآن‪ ،‬والبالغة لغة "من قوهلم بلغت الغاية إذا انتهيت إليها‬
‫و بلغتها غريي‪ ،‬ومبلغ الشيء منتهاه‪ ،‬واملبالغة يف الشيء االنتهاء إىل غايته‪ ،‬فسميت‬
‫البالغة بالغة ألنها تنهي املعنى إىل قلب السامع فيفهمه (‪ )...‬وهي البالغ أيضا ويقال‬
‫الدنيا بالغ ألنها تؤديك إىل اآلخرة والبالغة أيضا التبليغ يف قول اهلل عز وجل‪(" :‬هذا‬
‫بالغ للناس) ‪ . 1"...‬ويعرفها أبو هالل العسكري قائال‪" :‬البالغة كل ما تبلغ به املعنى‬
‫قلب السامع فتمكنه يف نفسه لتمكنه يف نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن"‪ 2‬ثم‬
‫يعقب‪(" :‬وإمنا) جعلنا حسن املعرض وقبول الصورة شرطا يف البالغة ألن الكالم إذا‬
‫كانت عبارته رثة ومعرضه خلقا مل يسم بليغا وإن كان مفهوم املعنى مكشوف‬
‫املغزى"‪.3‬‬
‫خيتصر كالم العسكري عن البالغة أهم السمات يف الفكر البالغي العربي‬
‫القديم‪ ،‬فكل من التعريف اللغوي واالصطالحي للبالغة يتضمن البعد "التداولي" الذي‬
‫حتيل إليه داللة اإلبالغ والتبليغ والعناية باملتلقي من زاوية احلرص على ايصال املعنى‬
‫كامال‪ ،‬وهو ما يعرب عنه بالوضوح والبيان‪ ،‬لكن هذه العناية وهذا احلرص على‬
‫الوضوح يبدو ثانويا أمام االهتمام بـ"الصورة املقبولة واملعرض احلسن"‪ ،‬فما يشكل‬
‫موضوع البالغة العربية القدمية هو العبارة أو الشكل أو الصياغة ـ ما دام الفصل بني‬
‫اللفظ واملعنى إمكانية قائمة ـ إضافة إىل ارتباط البالغة يف نشأتها بالقرآن مما جعلها‬
‫"حماولة لتفسري اخلطاب ومل تهدف إىل إنتاجه"‪ 4‬وقد احندرت البالغة العربية القدمية‪،‬‬
‫‪199‬‬
‫يف ولعها بالشكل من جهة‪ ،‬وهوسها باإلبانة والوضوح من جهة أخرى إىل تقسيمات‬
‫وتفريعات جتمدت على يدي نزعة تعليمية أفقدتها أصالتها وتلخيصات على ملخصات‬
‫لّت حركتها‪.‬‬
‫قامت البالغة العربية وعاشت "طيلة تارخيها بوصفها احتفاء بالشكل وتغييبا له‬
‫يف اآلن نفسه‪ ،‬اهتمام بالصياغة واللغة‪ ،‬وحرصا شديدا على وضوح املعنى والعمل على‬
‫اخرتاع اآلليات القادرة على إدراك ذلك الوضوح إن وقف دونه إشكال أو إلتباس"‪ 5‬أما‬
‫البالغة الغربية‪ ،‬فقد عرفت مسارا خمتلفا‪ ،‬حيث نشأت يف أحضان الفلسفة واملنطق‬
‫واهتمت باخلطابة وبأساليب اإلقناع وإنتاج اخلطاب أكثر من الشعر‪ ،‬حيث يعرف‬
‫أرسطو البالغة بأنها‪" :‬الكشف عن الطرق املمكنة لإلقناع يف أي موضوع كان"‪،6‬‬
‫وجعلها مخسة أقسام هي "االب تكار‪ ،‬الرتتيب‪ ،‬الصياغة‪ ،‬احلفظ واإللقاء "حيث‬
‫تشكل العبارة أو الشكل قسما واحدا من أقسام البالغة األرسطية‪ ،‬يف حني أن‬
‫الرتاث البالغي عند العرب مل يعرف هذه التقسيمات إمنا وضع نظرية ذات قوانني‬
‫تدمج املسلكني اخلطابي والشعري" فاملوروث البالغي العربي‪ ،‬سواء ما تعلق منه‬
‫بالشعر أو بالنثر‪ ،‬يوسم جانب كبري منه مبيسم اخلطابة"‪ 7‬وقد جعل البالغيون العرب‬
‫األقاويل اخلطابية‪ ،‬نثرا كانت أو شعرا‪ ،‬نوعني‪:‬‬
‫"‪ 1‬ـ أقاويل معتمدة على قياس منطقي أو استدالل أو حماكمة عقلية‪ ،‬وهي‬
‫غالبا ما تكون نثرية‪ 2 .‬ـ وأخرى تعتمد التخييل واحملاكاة واالستعانة بالكناية‬
‫واجملاز والتشبيه والتمثيل‪ ،‬واالستعارة‪ ،‬وغالبا ما تكون شعرية"‪ 8‬والغاية يف كل‬
‫منهما إلقناع املخاطب برأي أو بفكرة‪.‬‬
‫بعد هذا التمهيد املوجز يف التعريف بالبالغة وأهم الفروق بني البالغة العربية‬
‫والبالغة الغربية‪ ،‬سنتعرض إىل تعريفات االستعارة وتطور مفهومها بني البالغة‬
‫التقليدية والنظرة احلديثة لالستعارة مع الرتكيز على النظرية االستبدالية‪ ،‬النظرية‬
‫التفاعلية والنظرية التأويلية كما طرحها بول ريكور‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ ) 1‬ـ االستعارة يف البالغة العربية‪:‬‬
‫االستعارة يف اللغة "من قوهلم استعار املال إذا طلبه عارية" ‪ ،‬وممن عرفها من‬
‫‪9‬‬

‫اللغويني والنحاة العرب القدامى أبو عباس أمحد ثعلب (ت ‪ 281‬هـ) يف كتاب "قواعد‬
‫الشعر"حيث يقول فيها‪" :‬هي أن يستعار للشيء اسم غريه أو معنى سواء"‪ ،10‬وعند ابن‬
‫املعتز يف كتاب "البديع"‪" :‬إنها استعارة الكلمة لشيء مل يعرف بها من شيء قد عرف‬
‫بها"‪ .11‬ويعد اجلاحظ من األوا ئل الذين عرفوا االستعارة لونا بالغيا يف النقد العربي‬
‫القديم‪ ،‬وذلك يف كتابه "البيان والتبيني" بقوله‪" :‬تشبيه الشيء باسم غريه إذا قام‬
‫مقامه"‪ 12‬فهي اختاذ الشيء السم غري امسه‪ ،‬حيث يبقى مناط اإلحالة واحدا لكن‬
‫الدال األصلي يفسح اجملال لدال آخر ينوب عنه يف اإلحالة على هذا املرجع ‪ /‬املدلول‪.‬‬
‫أما أبوهالل العسكري فيعرفها‪" :‬االستعارة نقل العبارة عن موضع استعماهلا يف أصل‬
‫اللغة إىل غريه لغرض"‪ ،13‬ففي حني يتحدث اجلاحظ عن الكلمة (االسم) جند‬
‫العسكري يتحدث عن عبارة انتقلت من استعماهلا األصلي الذي حتدده أعراف اللغة‬
‫إىل استعمال آخ ر خيتلف عنه‪ ،‬فهناك دائما دال أصلي ينسحب لصاحل دال آخر ‪.‬‬
‫ويورد عبد القاهر اجلرجاني يف "أسرار البالغة" التعريف التالي‪" :‬اعلم أن‬
‫االستعارة يف اجلملة أن يكون للفظ أصل يف الوضع اللغوي معروفا تدل عليه الشواهد‬
‫على أنه اختص به حني وضع‪ ،‬ثم يستعمله الشاعر أو غري الشاعر يف غري ذلك األصل‬
‫وينقله إليه نقال غري الزم‪ ،‬فيكون هناك كالعارية"‪ .14‬يبدو تعريف اجلرجاني أكثر‬
‫تدقيقا حيث جيعل االستعارة يف اجلملة لكنه خيصص وقوعها يف اللفظ‪ ،‬وهو يزيد‬
‫على العسكري حني يستدل على االستخدام األصلي للفظة بوجود شواهد تؤكد‬
‫حتصصه فيه‪ ،‬فيكون استعم اهلا يف غري موضعها ونقلها إىل موضع ال تستخدم فيه يف‬
‫األصل على سبيل االستعارة ‪.‬‬
‫نستخلص من التعريفات السابقة وجود عنصرين لالستعارة هما ؛ الدال األصلي‬
‫الذي ميثل املشبه احملذوف والدال الذي ينوب عنه الذي ميثل املشبه به املثبت حيث‬
‫يستبدل األول بالثاني على أساس ع القة املشابهة‪ ،‬وحصول هذا االستبدال يتضمن‬
‫عملية تفكيك مزدوجة لعالمتني متباعدتني ظاهريا‪ ،‬تفكيك العالمة األوىل بفصل‬
‫الدال األصلي عن مرجعه ‪ /‬مدلوله وتغييب الدال األصلي‪ ،‬وتفكيك العالمة الثانية‬

‫‪201‬‬
‫بفصل الدال الذي ينوب عن الدال األصلي عن مرجعه دون مدلوله (حيث يكون هذا‬
‫األخري مبثابة القرينة) وتغييب هذا املرجع‪ ،‬والعملية الثالثة تتمثل يف تنصيب الدال‬
‫الثاني على مرجع الدال األول لتتحقق االستعارة‪.‬‬
‫يبدو وصفنا هذا تبسيطيا إىل حد ما بالنظر إىل إلتباس التشبيه البليغ‬
‫باالستعارة وبعض وجوه اجملاز األخرى يف الرتاث النقدي العربي‪ ،‬كما أن االستعارة قد‬
‫"تنتزع من متعدد" ـ إن صح التعبري ـ ولطاملا أثارت حتليالتها التطبيقية ارتباكا نظريا‬
‫كبريا تواصل حتى عند احملدثني مما حدا ببعض النقاد املعاصرين إىل التأكيد على‬
‫عدم تسطيح فهم القدامى لالستعارة والرتكيز على جوانب اللبس هذه لفهم عمق‬
‫اإلشكاليات اليت أثارها مبحث االستعارة عندهم‪" ،‬ارتاب النقاد يف طرق تبسيط‬
‫االستعارة‪ ،‬وجادلوا أنفسهم يف مبدئها أحقا يكون مبدأ االستعارة تشابها أو تناسبا؟‬
‫لقد غلب على املتلقي احلديث للرتاث النقدي هذا النحو من الفهم (‪ )...‬لقد خيل إلينا يف‬
‫تفهم االستعارة أن األمر يكاد ي كون متعة أو تسلية ال أمر مشكلة وتعقيد‪ .‬والغريب‬
‫أننا عزونا هذه النظرة إىل القدماء‪ .‬واحلقيقة أن االستعارة‪ ،‬على خالف هذا االنطباع‪،‬‬
‫هلا مكان جدي يف مناقشات اللغة‪ .‬إن معاجلة االستعارة يف النقد العربي معاجلة حافلة‬
‫باجلدل والريب (‪ )...‬ومهما يكن من أمر فقد استقر يف أنفس الذين قرأوا "دالئل‬
‫اإلعجاز" و"أسرار البالغة" أمر املشابهة‪ ،‬وغاب عنهم أمر الريب غيها‪ .‬واحتلت املشابهة‬
‫مكانا كبريا‪ ،‬ومل نكد نلتفت إىل بعض مساءالت النقاد هلذه الفكرة‪ .‬لقد اخرتنا‬
‫اجلانب الذلول من كتابات القدماء‪ .‬قل إننا حولنا اهلضاب والوديان أرضا مسطحة‬
‫ملساء"‪.15‬‬
‫لكن اجملال هنا ال يسمح باخلوض يف هذه املسائل وإن رأينا ضرورة يف اإلشارة‬
‫إليها‪ ،‬إال أننا مع ذلك لن خنتلف عن كون جممل ما قيل يف االستعارة يف الرتاث‬
‫النقدي العربي ال خيرج عن اإلطار العام لنظرية االستبدال اليت هيمنت بنفس القدر‬
‫على النظرة إىل االستعارة يف البالغة الغربية التقليدية‪.‬‬
‫‪ ) 2‬ـ االستعارة يف البالغة الغربية ‪:‬‬
‫يعرف أرسطو االستعارة بأنها‪" :‬نقل شيء عن امسه إىل اسم يعني شيئا آخر‪ ،‬نقل‬
‫يتم من اجلنس إىل النوع‪ ،‬أو من النوع إىل اجلنس‪ ،‬أو من النوع إىل النوع على اعتبار‬

‫‪202‬‬
‫عالقة التماثل "فاالستعارة حسب هذا امل فهوم هو انتقال للدوال ضمن املقوالت املنطقية‪،‬‬
‫لكن هذا االنتقال يظل حمكوما مببدأ التماثل الذي جييزه املنطق ويسمح بإقامة‬
‫عالقات مشابهة بينها‪" ،‬لقد سيطر املعتقد األرسطي ملفهوم االستعارة‪ ،‬املتمثل يف أنها‬
‫جمرد نقل‪ ،‬على العديد من الدراسات البالغية القدمية واحلديثة يف الشرق والغرب‬
‫على حد سواء ‪ .‬ويالحظ أن يف الكلمة اليونانية املشتقة منها كلمة استعارة ما يشري‬
‫إىل حتديد العملية اللغوية اليت بها يكون أحد أشكال املوضوعات منقوال إىل موضوع‬
‫آخر‪ ،‬وعليه فإنه يصح أن يكون هذا املوضوع األخري حاال حمل األول"‪ 16‬وهو التصور‬
‫نفسه لع مل االستعارة‪ ،‬والذي يفرتض عملية نقل بني األمساء‪ ،‬كما عند أرسطو حيث‬
‫قصر كالمه على األمساء دون بقية أجزاء الكالم اليت قد يطاهلا اإلجراء االستعاري‪،‬‬
‫أو عملية نقل بني مدلوالت تتسم بالتنافر أساسا‪ ،‬حيث يعرف دو مارسي‪Du Marsais‬‬
‫االستعارة بأنها‪" :‬الشكل الذي بواسطته ننقل الداللة اخلاصة باسم إىل داللة ال تتوافق‬
‫معه إال على سبيل مقارنة تكون يف الذهن"‪ .17‬يعرب دو مارسي يف هذا التعريف عن‬
‫مبدأ التماثل وعالقة املشابهة بالعملية الذهنية اليت تتوسطهما‪ ،‬فافرتاض وجود التماثل‬
‫يؤدي إىل املقارنة بني طريف االستعارة وينتج عن هذه املقارنة استخالص التشابه الذي‬
‫خيول للداللة بأن تنتقل من اسم إىل اسم‪ ،‬ويؤكد خاصة على مظهر التنافر الذي تزيله‬
‫عملية املقارنة بالنسبة للمتلقي‪ .‬أما فونتانيي ‪ Fontanier‬فريى أن االستعارة تتمثل يف‬
‫"تقديم فكرة حتت عالمة تكون ملفتة أكثر‪ ،‬أو معروفة أكثر‪ ،‬واليت ال تتعلق‪،‬‬
‫على كل حال‪ ،‬باألوىل بأي رابط آخر غري نوع من التوافق أو التماثل"‪ ،18‬تتميز دراسة‬
‫فونتانيي للصور البالغية يف تقسيمه هلا حسب العالقات بني األفكار اليت تتضمنها وما‬
‫حيكم االستعارة هي عالقات التماثل‪.‬‬
‫* النظرية االستبدالية‪:‬‬
‫إن القاسم املشرتك بني كل هذه التعريفات لالستعارة أنها تتصور اشتغاهلا‬
‫عملية استبدال بسيط بني مدلوالت ثابتة أو بني عنصرين‪" ،‬وتذهب النظرية االستبدالية‬
‫إىل أن االستعارة عالقة لغوية تقوم على املقارنة‪ ،‬شأنها يف ذلك شأن التشبيه‪ ،‬ولكنها‬
‫تتمايز عنه بأنها تعتمد على االستبدال‪ ،‬أو االنتقال بني الدالالت الثابتة للكلمات‬
‫املختلفة‪ ،‬أي أن املعنى ال يقدم فيها بطريقة مباشرة‪ ،‬بل يقارن أو يستبدل بغريه على‬

‫‪203‬‬
‫أساس من التشابه‪ .‬فإذا كنا نواجه يف التشبيه طرفني جيتمعان معا‪ ،‬فإننا يف‬
‫االستعارة نواجه طرفا واحدا حيل حمل طرف آخر ويقوم مقامه‪ ،‬لعالقة اشرتاك شبيهة‬
‫بتلك اليت يقوم عليها التشبيه"‪.19‬‬
‫تعترب النظرية االستبدالية االستعارة زينة وحتلية للغة‪ ،‬ينتج أثرها عن اجلمع بني‬
‫املألوف وغري املألوف‪ ،‬واللذة اليت جيدها القارئ تصدر عن إدراك واستجالء التشابه‬
‫والتماثل وراء مظهر التنافر الذي يقدمه الرتكيب االستعاري ‪.‬‬
‫تقوم بني طريف االستعارة جمموعة من التشابهات وجمموعة من االختالفات‬
‫كذلك‪ ،‬مبعنى أن التشابه جزئي بالضرورة و" لكي يكون للتشابه أهمية‪ ،‬فال بد أن‬
‫يكون هذا التشابه أكثر وضوحا من عنصر االختالف واملغايرة املوجودين بني طريف‬
‫االستعارة‪ ،‬كذلك جيب أن يكون جوهريا وهاما"‪ .20‬يذكرنا هذا الكالم بقاعدة‬
‫"مناسبة املستعار منه للمستعار له " يف نظرية عمود الشعر العربية‪ ،‬ويف ضوء الفكرة‬
‫نفسها يفهم حديث اآلمدي عن االستعارة حني يقول‪" :‬وإمنا استعارت العرب املعنى ملا‬
‫ليس له‪ ،‬إذا كان يقاربه أو يناسبه أو يشبهه يف بعض أحواله‪ ،‬أو كان سببا من‬
‫أسبابه‪ ،‬فتكون اللفظة املستع ارة حينئذ الئقة بالشيء الذي استعريت له‪ ،‬ومالئمة‬
‫ملعناه"‪.21‬‬
‫حيلل أنصار النظرية االستبدالية االستعارات ويشرحون اشتغاهلا انطالقا من‬
‫افرتاض "أن كل الوجوه األساسية للتشابه أو معظمها معدودة‪ ،‬وميكن حصرها‪،‬‬
‫لنصل إىل الفهم"‪ ،22‬ويعتقدون يف إمكانية ترمجة هذا التشابه إىل معنى حريف‪.‬‬
‫ويتم حتليل االستعارة على ثالث خطوات هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الفصل بني االستخدام احلريف‪ ،‬واالستخدام االستعاري‪ .‬إذ جيب أوال رصد‬
‫االستعارة حينما ال يستقيم التفسري احلريف فنلحظ وجود التعبري اجملازي عند موضع‬
‫معني من العبارة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ حتليل املشبه واملشبه به باستخدام عناصر داللية مللء الفراغات املوجودة بني‬
‫التفسري احلريف والتفسري االستعاري‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تعيني وجه الشبه‪" ،‬يبني ليتش أن رؤية وجه الشبه بشكل واضح تتم عندما‬
‫نفصل بني املشبه واملشبه به‪ ،‬ولكي نعثر على وجه الشبه هذا بني طريف االستعارة‪ ،‬ال‬

‫‪204‬‬
‫بد أن نسأل‪ :‬ما التشابه الذي يالحظ بني اخلطني األعلى واألسفل من التحليل"‪ ،23‬أي‬
‫بني التعبري احلريف والتعبري اجملازي‪ ،‬وجيعل اإلجابة على هذا التساؤل وحتديد أوجه‬
‫التشابه رهينا بـ" حدس شخصي"‪.‬‬
‫تعرضت النظرية االستبدالية لالستعارة إىل انتقاد شديد يف العصر احلديث‪،‬‬
‫ومن بني الذين أظهروا نقاط ضعفها ج ‪ .‬سورل الذي يعترب هذه النظرية‪ ،‬رغم جاذبيتها‪،‬‬
‫فاشلة ألنها ال تفيدنا يف معرفة كيفية إحصاء القيم والصفات املشرتكة بني املشبه‬
‫واملشبه به بدقة ووضوح "إذ ال توجد يف هذه النظرية أية قوة تفسريية من أجل االتكاء‬
‫عليها" يف حني أن " املهمة الكربى ألي نظرية يف االستعارة‪ ،‬هي االهتمام بشرح كيفية‬
‫متكن املتكلم واملستمع من االنتقال من (س [املشبه] هي ب [املشبه به]) إىل (س هي ر‬
‫[القيم والصفات املشرتكة])‪ ،‬بواسطة املرور أوال مبرحلة (س تشبه ب) فيما يتعلق‬
‫بـ(ر)‪ ،‬ومل تهتم النظرية االستبدالية بالكيفية اليت ميكن أن نستنتج بها وحندد‬
‫بواسطتها القيم اليت ميكن أن تعني لـ(ر)"‪ .24‬وال يرى سورل أن مسألة أخذ التشبيه‬
‫حرفيا ضرورية‪ ،‬فاستعارات كثرية ال يتوافر بني طرفيها "تشابه حريف مطابق"‪ ،‬وقد ال‬
‫يدل احملمول على شيء يف الواقع‪ ،‬كما يف عالقات املشابهة اليت حتيل إىل كائنات‬
‫خرافية وأسطورية‪ ،‬فاملشابهة‪ ،‬إذن‪" ،‬تقوم بدور أساسي حقا يف فهم االستعارة‪ ،‬ويف‬
‫إنتاجها ولكن إثباتها ليس بالضرورة إثبات مشابهة؛ ألن اإلثبات االستعاري يستمر‬
‫صادقا وإن كان معناه خاطئا‪ ،‬كما أن هناك استعارات ال تعتمد على أية مشابهة‬
‫حرفية‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫أ ـ االستعارات احلرارية حنو ‪ :‬جدال ساخن‪ ،‬واستقبال حار‪ ،‬وصداقة فاترة‪،‬‬
‫وبرود جنسي ‪...‬‬
‫ب ـ االستعارات املكانية ( الفضائية ) حنو‪ :‬الوقت يطري ‪.‬‬
‫جـ ـ االستعارات الزمانية حنو‪ :‬الساعات زحفت‪.‬‬
‫اخل‪.‬‬ ‫‪25‬‬
‫د ـ االستعارات الذوقية حنو‪ :‬شخص مر "‬
‫‪ ) 3‬ـ االستعارة يف النظريات احلديثة‪:‬‬
‫مارست الدراسات البالغية تأثريا كبريا على الدراسات اللغوية والداللية‬
‫احلديثة‪ ،‬وقد أسهمت هذه الدراسات بدورها يف جتديد املباحث البالغية‪ ،‬فقد عرفت‬

‫‪205‬‬
‫نظرية االستعارة دفعا جديدا على يد علماء الداللة واللسانيات الذين درسوها مبنظور‬
‫ثنائيات سوسور خاصة املتعلقة منها مبحوري اجملاورة ‪ syntagmatique‬واالستبدال أو‬
‫التداعي ‪ ، associative‬ففي تصنيفه ألمناط التغري الداللي ‪،‬اعتمد أوملان ‪Ullmann‬‬
‫على التمييز بني االستعارة والكناية‪ ،‬حيث ترتبط االستعارة مبحور االستبدال‬
‫والكناية مبحور اجملاورة‪ ،‬وهو يعترب أن لغة بدون استعارة وكناية ال وجود هلا‪" ،‬فهذين‬
‫العاملني حمايثني للبنية األساسية للكالم البشري"‪ ،26‬وهي الفكرة اليت بنى عليها‬
‫جاكبسون تعريفه لالستعارة حيث يعترب أن حمور االستبدال الذي يسميه حمور‬
‫االنتقاء ‪ selection‬ميثل االستعارة‪ ،‬وحمور التداعي الذي يسميه حمور الرتكيب‬
‫‪ combinaison‬ميثل الكناية‪" ،‬فالكناية تعتمد على تنضيد األشياء ضمن حمور‬
‫اجملاورة‪ ،‬واالستعارة تنظم هذه األشياء وفقا ملبدأ االنتقاء‪ ،‬وعلى استعمال الكناية‬
‫واالستعارة تتوقف طبيعة األسلوب الشخصي لدى كل كاتب"‪ ،27‬واالستعارة حسب‬
‫جاكبسون" صورة بالغية للتكافؤ‪ ،‬ألنها تقدم كيانا خمتلفا حلالة الكيان الذي‬
‫يشكل املوضوع الرئيس للصورة (‪ )...‬وهكذا تكون االستعارة ترابطية يف ميزتها‪،‬‬
‫وتستثمر العالقات العمودية للغة"‪ .28‬وقد كانت االنتقادات اليت وجهت إىل نظرية‬
‫االستعارة عند جاكبسون من الدوافع اليت أدت إىل تطوير نظريات االستعارة عموما‪.‬‬
‫عرفت الدراسات البالغية نهضة جديدة مع بداية السبعينات خاصة مع الفلسفة‬
‫التجريبية اإلجنليزية ممثلة يف أفكار جورج الكوف ‪ G. Lakoff‬ومــارك جونسون‬
‫‪ M. Jonson‬من خالل كتابهما "االستعارات اليت حنيا بها"‪ ،‬وأعمال مجاعة "‪." U‬‬
‫أحدثت الكوف وجونسون ثورة يف رؤية االستعارة وآليتها‪ ،‬فهما ال جيعالنها‬
‫حكرا على األدب وإمنا "أمرا من األمور اليت حنيا بها كاهلواء واملاء"‪ ،‬ويلخص‬
‫الدكتور عبد اهلل حراصي نظرية االستعارة اليت طرحها الكوف وجونسون يف النقاط‬
‫التالية‪: 29‬‬
‫االستعارة عملية ذهنية وليست لغوية‪ ،‬وما يصطلح عليه تقليديا بكوه استعارة‬
‫ليس إال جتليا لالستعارة الذهنية‪.‬‬
‫ال تقوم االستعارة على ال تشبيه وإمنا على التشكيل‪ ،‬فال يوجد بني بنية الفكر‬
‫واألفكار مثال ما يشبه عملية اإلبصار واإلدراك البصري‪ ،‬أي أن نظرية التشابه تسقط‬

‫‪206‬‬
‫هنا‪ ،‬يف حني أن هذا يدل على أننا نشكل تصورا وفهما معينا عن ظاهرة التفكري‪،‬‬
‫ونشكل بنية هذا التصور من خالل ظاهرة البصر املادية ‪.‬‬
‫وهي بذلك موجودة لدى كل الناس‪ ،‬يقول الكوف وتورنر ‪" :Turner‬االستعارة‬
‫أداة عادية حبيث نستعملها بدونة وعي منا‪ ،‬بشكل آلي وبأقل جمهود (‪( )...‬وهي)‬
‫تسمح لنا بفهم ذواتنا والعامل الذي نعيش فيه بطريقة أسهل من أمناط أخرى‬
‫للفكر"‪ ،30‬لكن‪ ،‬إذا كتنت االستعارة يف متناول اجلميع‪ ،‬فما الذي جيعلنا نهتم‬
‫باالستعارات األدبية اخلالقة ؟‬
‫"يرد الكوف وجونسون على هذا السؤال بقوهلما أن الشعراء يستخدمون نفس‬
‫االستعارات اليت يستخدمها غريهم ولكن إبداعهم يكمن يف رؤية جانب من نفس‬
‫االستعارة التصورية ال يستخدمه عامة الناس"‪. 31‬‬
‫تتمثل أهمية هذه النظرة لالستعارة يف بعدها الفلسفي واملعريف‪ ،‬ويف جعلها‬
‫ذهنية أوال تقوم على التشكيل ال التشبيه‪ ،‬وتظهر فعاليتها يف قدرتها على التجسيد‬
‫الذي ال ميكن للعقل البشري أن يستغين عنه‪ ،‬حيث تقوم االستعارة بتشكيل اجملاالت‬
‫الذهنية من خالل التعامل معها وكأنها ظواهر مادية‪ ،‬من خالل نقل بنية الظواهر‬
‫املادية إىل الظواهر اجملردة ‪.‬‬
‫أما مجاعة "‪ " U‬فقد نظرت إىل االستعارة من خالل منط اشتغاهلا‪ ،‬إذ ترجع‬
‫العملية االستعارية إىل التقريب الذي حيدث يف مستوى ما بني مدلولني متباعدين‬
‫ظاهريا‪ .‬نتحدث عن صعيد معطى ‪ degré donné‬لتعيني الكلمات اليت ننطلق منها‬
‫(اجلملة اليت ينتجها املؤلف)‪ ،‬وأصعدة منشأة ‪ degrés construits‬ينتجها القارئ‪ ،‬إن‬
‫تقاطع السيمات ‪ sémes‬بني الصعيدين يشكل مكونا قارا يكون وجوده سياقيا‬
‫حمضا يف املستوى الذي حيدث فيه األثر البالغي‪.‬‬
‫ال تقتصر ظاهرة االستعارة‪ ،‬حسب هذا الفهم‪ ،‬على كلمة وإمنا تنبثق عن‬
‫العملية االستعارية منذ أن تؤلف اجلملة بني حقول داللية غريبة عن بعضها وغري مألوفة‬
‫ولكنها قادرة على التقاطع‪ ،‬على األقل يف بعض سيماتها ‪.32‬‬

‫‪207‬‬
‫* النظرية التفاعلية‪:‬‬
‫تؤكد النظرية التفاعلية أن االستعارة تتجاوز االقتصار على كلمة واحدة‪ ،‬وهي‬
‫حتدث نتيجة التفاعل الذي حي صل بني "بؤرة اجملاز" واإلطار احمليط بها‪" ،‬يتحدث‬
‫أصحاب النظرية التفاعلية عن شيئني هامني يف الرتكيب االستعاري هما‪ :‬بؤرة‬
‫االستعارة‪ ،‬واإلطار احمليط بها‪ .‬إن مثال‪" :‬انفجر الرئيس خالل املناقشة" حيتوي على‬
‫استعارة‪ ،‬إذ توجد كلمة على األقل تستخدم بكل جمازي يف أية مجلة استعارية (هنا‬
‫كلمة انفجر)‪ ،‬وكلمة تستخدم على األقل يف بقية اجلملة بشكل حريف‪ .‬ويطلق على‬
‫كلمة "انفجر"بؤرة االستعارة‪ ،‬وعلى بقية كلمات اجلملة "اإلطار احمليط باالستعارة"‪.‬‬
‫وجود إطار ما لكلمة معينة‪ ،‬ميكن أن ينتج عنه استعارة‪ ،‬بينما وجود إطار خمتلف‬
‫للكلمة نفسها قد يفشل يف خلق االستعارة‪ ،‬ومن ثم ال بد أن ندرك أن اإلطار يف اجلملة‬
‫قد يولد االستعمال االستعاري للبؤرة"‪ .33‬ال تقوم االستعارة وفق املنظور التفاعلي‬
‫بالضرورة على عالقة املشابهة فحسب‪ ،‬فقد تكون هناك عالقات أخرى‪" ،‬وقد بني‬
‫بالك أن استخدام االستعارة يعطي معنى جديدا‪ ،‬وهو خاص لتصور كالمي أمامنا‬
‫أكثر عموما‪ ،‬فإذا كان كل استخدام كالمي حيتوي على تغري داللي وليس على‬
‫تغيري حنوي أو صريف فحسب‪ ،‬مثل القلب لنظام الكالم العادي‪ ،‬فهو يشتمل على تغيري‬
‫الداللة احلرفية "‪ ،34‬ويرجع بالك التغري الداللي الذي نلمسه من خالل االستعارة إىل ما‬
‫اصطل ح عليه بـ"التداخل االستعاري"‪ ،‬الذي يقيمه بديال عن وجهة النظر املقارنة‪،‬‬
‫فاملعنى املستجد حيدث نتيجة حركية التداخل الداللي بني فكرتني يعرب عنهما لفظ‬
‫واحد‪ ،‬مبعنى أن داللة االستعارة حتصل من تداخلهما الذي يوجهه السياق طبعا ‪.‬‬
‫"وميكن أن يطبق هذا الكالم على املثال اآلتي‪" :‬الفقراء هم زنوج" هذا األمر يعين‬
‫أنه‪ ،‬يف سياق كالم معطى‪ ،‬فإن الكلمة البؤرة "الزنوج"‪ ،‬تأخذ معنى جديدا ليس هو‬
‫معناها األصلي متاما يف االستعماالت احلرفية‪ .‬وحيتاج السياق اجلديد "إطار االستعارة‬
‫"إىل توسيع معنى الكلمة ـ البؤرة ـ وجناح االستعارة مرتبط ببقاء القارئ واعيا لتوسع‬
‫ففهم‬ ‫‪35‬‬
‫وامتداد الكلمة‪ ،‬أي عليه إعادة اهتمامه للداللة القدمية واجلديدة يف آن"‬
‫االستعارة متعلق بقدرة القارئ على الربط بني فكرتني ؛ الفكرة اجلديدة‪ ،‬والفكرة‬
‫القدمية (احلرفية) ليقف على التغري يف الداللة الذي ينتج عن االستعارة‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫"وعندما يكون ا حلديث عن تداخل أو تفاعل فكرتني نشيطتني معا‪ ،‬أو عن‬
‫اإلضاءة املتداخلة‪ ،‬أو التعاون املتبادل‪ ،‬فهذا يعين استخدام استعارة تؤكد الوجوه‬
‫الديناميكية الستجابة القارئ اجليد لالستعارة اجليدة اليت ال يوجد فيها أي سخف‪.‬‬
‫إن التوتر وليد التفاعل بني املستعار منه واملستعار له‪ ،‬فليست العالقة جمدر أن‬
‫تشرح الصورة الفكرة‪ ،‬لكن ال بد أن تؤخذ باالعتبار تلك املعاني اليت تتولد حينما‬
‫يواجه املستعار منه واملستعار له أحدهما اآلخر"‪.36‬‬
‫يشرح التصور التفاعلي اشتغال امللفوظات االستعارية كاآلتي ‪ :‬تدخل العناصر‬
‫املكونة لالستعارة يف جمموعة من الع القات‪ ،‬إذ يتضمن امللفوظ االستعاري إسقاط‬
‫مجلة من االقرتانات الرتابطية‪ ،‬أو التضمينات املشرتكة على "املوضوع األساسي" وتعترب‬
‫هذه الرتابطات االستعارية من لوازم "موضوع ثانوي"‪ .‬يقوم منتج امللفوظ االستعاري‬
‫بانتقاء‪ ،‬حذف وتنظيم مالمح ومميزات املوضوع األولي بإسناد لوازم من املوضوع‬
‫الثانوي إليه‪ ،‬ويكون تفاعل املوضوعني دليال على أن حضور املوضوع األساسي حيث‬
‫القارئ على انتقاء وتفعيل بعض خصائص املوضوع الثانوي‪ ،‬ويدعوه إلنشاء مركب من‬
‫الرتابطات املوازية القادرة على مالءمة املوضوع األساسي مما يستوجب تغريات مماثلة‬
‫يف املوضوع الث انوي‪ .‬فالتفاعل يكون‪ ،‬إذن‪ ،‬بني مميزات املوضوعني األول والثاني وال‬
‫ميكن اختزاله يف عملية نقل بسيطة بني كلمتني تعوض إحداهما األخرى‪ ،‬والنظرية‬
‫التفاعلية تنفي جمانية االستعارة ألن إعادتها إىل معنى حريف أو لغة مباشرة‪ ،‬حني‬
‫يكون ذلك ممكنا‪ ،‬سيفقدها "حمتواها املعريف"‪.‬‬
‫* نظرية االستعارة عند بول ريكور ‪Paul Ricoeur‬‬
‫ينطلق ريكور يف حتليله لالستعارة من النظرية اهلريمينوطيقية للغة‪ ،‬ففي‬
‫املنظور السيميائي تكون الكلمة رمزا‪ ،‬أما يف املنظور الداللي فهي تصبح موضوعا‬
‫هلريمينوطيقا اخلطاب أو هريمينوطيقا النص‪ ،‬ويف إطار هذه اهلريمينوطيقا نستطيع‬
‫صنع معنى للنصوص واخلطابات‪ ،‬خاصة إذا كانت اللغة موظفة بطرقة خالقة‬
‫واستعارية‪.‬‬
‫يف مقال له حتت عنوان "االستعارة واملشكل املركزي للهريمينوطيقا"‪ 37‬حياول‬
‫بول ريكور أن يؤسس منوذجا لتأويل النصوص انطالقا من منوذج حتليل االستعارة‬

‫‪209‬‬
‫ويقيم حماولته هذه على اخلص ائص املشرتكة بني االستعارة واحلكي‪ ،‬وهي الفرضية‬
‫اليت شرحها يف كتابه "الزمن واحلكي" ‪ Temps et Réçit‬حيث يعترب أن أثر املعنى‬
‫الذي ينتج عن االستعارة وعن احلكي "يصدر عن الظاهرة املركزية نفسها واملتمثلة يف‬
‫اجلدة الداللية"‪ 38‬اليت ترتبط يف كليهما (االستعارة واحلكي) خبيال منتج يقارب بني‬
‫املتباعدات‪" ،‬إن هذا التغري يف املسافة داخل اجملال املنطقي هو من فعل اخليال املنتج‪،‬‬
‫واخليال ملنتج الذي يشتغل يف لعملية االستعارية هو‪ ،‬بالتالي‪ ،‬الكفاءة يف إنتاج أنواع‬
‫‪39‬‬
‫منطقية جديدة ( ‪ ) ...‬على الرغم من مقاومة املقوالت التصنيفية املستعملة يف اللغات"‬
‫حيلل ريكور بشكل دقيق أثر املعنى الذي حتدثه االستعارة ومصدر اجلدة الداللية‬
‫اليت نستشفها فيها‪.‬‬
‫بداية‪ ،‬حيدد ريكور االستعارة على مستوى اجلملة أو العبارة لكنه يؤكد أن‬
‫التحول االستعاري إمنا حيدث يف الكلمة اليت تكون بؤرة هذا التحول‪" ،‬فالكلمة هي‬
‫دائما حامل "املعنى املنبثق" الذي ختلعه عليها سياقات حمددة"‪ .40‬جيعل ريكور نظرية‬
‫التعدد الداللي متهيدا لنظرية االستعارة حيث ينطلق من فكرة أن "الكلمة تكتسب‬
‫معنى فعليا فقط داخل مجلة ما‪ ،‬وأن الوحدات املعجمية ـ كلمات املعجم ـ متلك معاني‬
‫ممكنة فحسب بسبب استخداماتها يف سياقات منوذجية ( ‪ ) ...‬فعلى املستوى املعجمي‬
‫متتلك الكلمات أكثر من معنى واحد‪ ،‬وإمنا فقط من خالل فعل التصفية السياقي‬
‫اخلاص أن حتقق يف مجلة حمددة جزءا من داللتها املمكنة وتكتسب ما ندعوه معنى‬
‫حمددا"‪ ،41‬وبالعودة إىل االستعارة‪ ،‬فإن "املعنى االستعاري للكلمة ليس شيئا ميكن‬
‫أن يوجد يف معجم‪ ،‬وبهذا املعنى فإننا نستطيع أن نستمر يف مقابلة املعنى االستعاري‬
‫باملعنى احلريف‪ ،‬إذا كنا نفهم من األخري أي معنى من املعاني اليت ميكن أن توجد بني‬
‫املعاني اجلزئية املشفرة بواسطة املخزون املعجمي‪ ،‬ولذلك السبب فإننا ال نعين باملعنى‬
‫احلريف ما يفرتض أنه املعنى الصلي أو األساسي أو األولي أو الشائع لكلمة ما على‬
‫املستوى املعجمي‪ ،‬وإمنا يكون املعنى احلريف هو جمموع احلقل الداللي‪ ،‬جمموع‬
‫االستخدامات السياقية املمكنة اليت تؤلف عدد دالالت كلمة ما"‪ 42‬جيعل ريكور‪،‬‬
‫إذن ‪ ،‬من املعنى احلريف للكلمة حمصلة استخداماتها يف سياقات منوذجية ومكافئا‬
‫جملموع احلقل الداللي هلذه الكلمة‪ ،‬وهو ينفي أن تكون االستعارة جمرد حتقق أحد‬

‫‪210‬‬
‫هذه الدالالت املمكنة يف سياق يفعلها‪ ،‬لكنه يؤكد مع ذلك على ان املعنى االستعاري‬
‫"جيب أن يكون سياقيا فحسب‪ ،‬أي معنى ينبثق بوصفهر الناتج الفريد واهلارب حلدث‬
‫سياق معني" فهو ال خيتلف يف طبيعته عن املعاني احلرفية املطروح آنفا‪" ،‬إن االستعارة‬
‫هي تغري سياقي للمعنى من بني هذه التغريات السياقية"‪.43‬‬
‫إذا كان ريكور يتفق مع النظرية التفاعلية يف هذه الفكرة ويف "أن كلمة ما‬
‫تتخذ معنى ا ستعاريا يف سياقات حمددة تتم فيها معارضتها بكلمات أخرى مأخوذة‬
‫حرفيا (و) أن التحول يف املعنى ينشأ بصورة أساسية من صدام بني معان حرفية تستبعد‬
‫االستخدام احلريف للكلمة موضع التناول وتوفر مفاتيح إلجياد معنى جديد قادر على‬
‫التوافق مع سياق اجلملة جاعال اجلملة ذات معنى يف ذلك املوقع" ويتفق معها "يف إحالل‬
‫‪44‬‬
‫نظرية داللية ذات كفاءة للتفاعل بني احلقول الداللية بنظرية االستبدال البالغية"‬
‫لكنه ينتقد حماولتهم لتفسري املعنى اجلديد الذي ينبثق من االستعارة احلية واليت‬
‫يعتربها جمرد كشوفات يف جمال التعدد يف احلقل الداللي للكلمة وإضافة إىل معناها‬
‫احلريف‪" ،‬إن "املدى املمكن لإلحياءات "ال يقول شيئا أكثر من "نظام االقرتانات‬
‫الرتابطية املألوفة"‪ ،‬بطبيعة احلال‪ ،‬إننا نوسع فكرة املعنى بتضمني " املعاني الثانوية "‬
‫كإحياءات داخل نطاق املعنى الكامل‪ ،‬إال أننا نظل نقيد العملية اإلبداعية لالستعارة‬
‫جبانب غري إبداعي من اللغة"‪.45‬‬
‫لكن ما هو مصدر اجلدة الداللية إذن؟ ومن أين ينبثق هذا املعنى اجلديد؟‬
‫قبل اإلجابة على هذا السؤال لنتوقف قليال عند تفريق ريكور بني نوعني من‬
‫االستعارات هما االستعارات احلية واالستعارات امليتة‪ .‬إن االستعارة اليت تصبح أثرا داال‬
‫يستج يب فقط لتغري املعنى الذي يعزز التعدد الداللي هي استعارة ميتة‪ ،‬أما االستعارة‬
‫احلية‪ ،‬فهي تنتج فعالية داللية جديدة‪ .‬يقول ريكور‪" :‬اجلدة الداللية هي طريقة‬
‫لالستجابة‪ ،‬بشكل مبدع‪ ،‬على سؤال تطرحه األشياء علينا‪ .‬يف بعض املواقف‪ ،‬مواقف‬
‫اخلطاب‪ ،‬ويف وسط اجتماعي معني ويف حلظة حمددة‪ ،‬شيء ما يطلب أن يقال مما‬
‫يقتضي اشتغاال على الكالم‪ ،‬اشتغاال للكالم على اللغة أن يواجه الكلمات‬
‫واألشياء‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬الرهان هو وصف جديد لعام التمثيالت"‪.46‬‬

‫‪211‬‬
‫وبالعودة إىل السؤال املطروح‪ ،‬يقول ريكور‪" :‬إن جوابا واحدا فقط يبقى‬
‫ممكنا‪ ،‬وهو أن من الضروري أ ن نتخذ منظور املستمع أو القارئ وأن نتناول جدة‬
‫املعنى املنبثق بوصفها النظري‪ ،‬ملوقع املؤلف‪ ،‬لبناء من موقع القارئ (‪ )...‬إن اللحظة‬
‫احلامسة من التفسري هي حلظة البناء لشبكة من التفاعالت تشكل السياق بوصفه‬
‫فعليا وفريدا‪ .‬وبعمل ذلك نوجه انتباهنا اجتاه احلدث الداللي الذي هو منتج يف نقطة‬
‫التقاطع بني حقول داللية عديدة"‪ 47‬ألن القارئ‪ ،‬حسب ريكور هو الكفيل بالكف‬
‫عن املعنى اجلديد املنبثق‪ ،‬وهو منتجه كذلك من خالل شبكة التفاعالت اليت‬
‫ينسجها من خيوط التقاطعات بني حقول داللية متعددة للكلمات اليت تدخل يف سياق‬
‫فريد وتشكله كذلك‪.‬‬
‫‪ )4‬ـ مناذج تطبيقية‪:‬‬
‫نتوصل يف ختام مداخلتنا إىل حتديد مقاربتنا لالستعارة من املزاوجة بني النظرة‬
‫القدمية والنظرة احلديثة هلا‪ ،‬فاالستبدال ـ كما أرى ـ ال ينفي التفاعل‪ ،‬والتفاعل‪،‬‬
‫بدوره‪ ،‬ال يقف عائقا يف وجه التأويل املبدع الذي يتمكن من النفاذ إىل "االستعارات‬
‫احلية"‪.‬‬
‫ننطلق يف حتليلنا لالستعارة من التفريق‪ ،‬يف مجلة العالمات اليت يشكلها‬
‫الرتكيب االستعاري‪ ،‬بني مستويني‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ مستوى "حقيقي" مباشر وغري مستعار‪ ،‬ونطلق عليه "املستوى املطابق ملرجعه"‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مستوى "ختييلي" أو غري مباشر ومستعار‪ ،‬ونطلق عليه "املستوى املفارق‬
‫ملرجعه"‪.‬‬
‫وي نضوي كال املستويني يف الصعيد املعطى‪ ،‬حيث جنعل املستوى املطابق‬
‫ملرجعه مكافئا ملا يسميه ماكس بالك "اإلطار"‪ ،‬و"املستوى املفارق ملرجعه" مكافئا‬
‫ملا يطلق عليه "البؤرة"‪ ،‬وقد تكون البؤرة جزءا منه فقط يف حالة ما إذا كانت‬
‫االستعارة مرشحة ‪.‬‬
‫يظهر املستويني معا يف ملفوظ االستعارة‪ ،‬وبالعودة إىل عناصر االستعارة يف‬
‫البالغة العربية‪ ،‬نالحظ أنها ميكن أن تلحق بهذا املستوى أو ذاك‪ ،‬فاملستعار منه وما‬
‫يالئمه من ترشيح يدرج ضمن املستوى املفارق ملرجعه‪ ،‬واملستعار له (يف حالة االستعارة‬

‫‪212‬‬
‫املكنية) وما يالئمه من جتريد يدرج ضمن املستوى املطابق ملرجعه‪ .‬أما القرينة‪ ،‬إذا‬
‫كانت لفظية‪ ،‬فقد تلحق بأحد املستويني‪( ،‬وقد جعل البالغيون العرب اعتبار الرتشيح‬
‫والتجريد مما يفضل عن القرينة)‪ ،‬واجتماع الرتشيح والتجريد يف االستعارة الواحدة‬
‫تعد إطالقا‪ ،‬فاإلطالق يكون إما خبلو االستعارة مما يالئم طرفيها أو حبضور ما يالئم‬
‫كليهما‪ ،‬ولنتوقف هنا قليال لنالحظ نباهة البالغيني العرب وتفطنهم آلثار املعنى يف‬
‫تباين درجاته قوة وضعفا‪ ،‬إذ جعلوا األثر الداللي الناجم عن خلو االستعارة مما يالئم‬
‫طرفيها معادال لألثر الناجم عن ثبوته‪ ،‬حبيث ال يرجح املتلقي أحدهما عن اآلخر‪.‬‬
‫سنعتمد يف قراء تنا لالستعارة من اعتبار العالمة ثالثية املبنى‪ ،‬والذي جيعل من‬
‫املرجع جزءا منخرطا يف كيان العالمة‪ ،‬حسب املفهوم السيميائي للعالمة‪.‬‬
‫يعرف بريس ‪ Peirce‬العالمة بأنها "شيء ما من شأنه أن يقوم مقام شيء آخر‪،‬‬
‫ويقوم مقامه بطرقة حمددة بالنسبة إىل شخص معني"‪ ،48‬وتقوم الذات املدركة (منتج‬
‫العالمة و‪ /‬أو متلقيها) أساسا لكل عملية سيميائية‪ ،‬وال يتحدد املرجع إال كجزء من‬
‫العالمة‪ ،‬فالعالمة كيان ثالثي املبنى يتكونة من ممثل (أو دال) ومؤول (أو مدلول)‬
‫وموضوع مشار إليه (أي املرجع)‪ .‬ويتحدد املرجع عن طريق اإلحالة إليه‪ ،‬وقد حدد كل‬
‫من ج براون ‪ Guillian Brown‬وج يول ‪ George Yule‬يف كتابهما " حتليل اخلطاب‬
‫" اإلحالة من منظور وظيفي كما يلي‪" :‬إن احمللل يثبت مرجعا يف تصوره العقلي‬
‫للخطاب ثم يربط اإلحاالت الالحقة بهذا املرجع بتصوره العقلي ال بالصيغة األصلية يف‬
‫النص"‪ 49‬ميكننا هذا التصور للعالمة من الفصل بني الدال واملدلول وبني الدال واملرجع‬
‫من جهة وبني املدلول واملرجع من جهة أخرى‪ ،‬وهو فصل ذو أهمية منهجية يف الكشف‬
‫عن عملية بناء شبكة من التفاعالت من خالل السيمات الداللية لكل من مدلول‬
‫املستعار له ومدلول املستعار منه‪.‬‬
‫حتدث االستعارة يف مجلة امللفوظ‪ ،‬أي يف سياق‪ ،‬ولكن التحول االستعاري ـ‬
‫على حد تعبري ريكور ـ يتم يف مفردة تكون بؤرة االستعارة‪ ،‬وهي النقطة اليت يتم‬
‫االستبدال فيها وتثار حوهلا عملية التفاعل وحتفز سريورة التأويل‪ ،‬وسنقسمها إىل‬
‫عالمتني ‪:‬‬
‫‪ ‬عالمة 'أ' ‪ ،‬تكافؤ املستعار له‪ ،‬وتتكون من الدال 'أ' واملدلول 'أ' واملرجع 'أ' ‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ ‬عالمة 'ب'‪ ،‬تكافؤ املستعار منه‪ ،‬وتتكون من الدال 'ب' واملدلول 'ب' واملرجع‬
‫'ب'‪.‬‬
‫تشتغل االستعارة عن طريق عملية تفكيك مزدوجة للعالمتني 'أ' و'ب' ؛ تفكيك‬
‫العالمة 'أ' بفصل الدال 'أ' عن مدلوله ‪ /‬مرجعه وتغييب الدال 'أ'‪ .‬تفكيك العالمة 'ب'‬
‫بفصل الدال 'ب' عن مرجعه دون مدلوله‪ ،‬وتغييب املرجع 'ب' ‪ .‬والعملية الثالثة تتمثل يف‬
‫تنصيب الدال 'ب' على املرجع 'أ' لتتحقق االستعارة‪ ،‬وإذا حددنا كون التفاعل يتم بني‬
‫املستوى املطابق ملرجعه واملستوى املفارق ملرجعه‪ ،‬فغن عملية التفاعل هذه تبدأ فعليا‬
‫عندما حياول القارئ حتديد "اجلام ع"‪ ،‬ويراد به وجه الشبه بني املستعار له واملستعار‬
‫منه‪ ،‬فعند هذه النقطة يشرع القارئ يف بناء شبكة التفاعالت أو "األصعدة املنشأة"‬
‫على أساس "الصعيد املعطى"‪ .‬وما حتاول النظريات احلديثة فعله هو البحث يف كيفية‬
‫توصل القارئ إىل حتديد اجلامع يف االستعارة وبالتالي فهمها‪.‬‬
‫نالحظ‪ ،‬إذن‪ ،‬أن البالغة العربية القدمية قد دققت يف حتديد مكونات‬
‫االستعارة وهو ما نعتربه دليال على كونها مل تطمئن إىل تصور بسيط لالستعارة على‬
‫أنها استبدال كلمة بأخرى‪ ،‬وإن كان الفكر البالغي العربي قاصرا يف مقاربة‬
‫االستعارة كـ" إنتاج "‪ ،‬فقد كان بارعا يف وصفها كـ" نتاج "‪.‬‬
‫سنعمد فيما يلي إىل حتليل االستعارات الواردة يف هذا املقطع القصري جدا‬
‫املأخوذ من اجملموعة القصصية "اللعنة عليكم مجيعا "للسعيد بوطاجني (منشورات‬
‫االختالف اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،1‬اكتوبر ‪ ،)2001‬من القصة املعنونة "من فضائح عبد‬
‫اجليب‪.‬‬
‫" ‪ ...‬كلمة واحدة مل أضف‪ .‬فكرت يف جدتي لعلها أو لعلها‪ .‬ها هي حية تنسج‬
‫مواال أعرفه‪ .‬كان املوال يذهب معي إىل اجلبل حيث أرعى املاعز وترعاني الصدف‪.‬‬
‫البقرة حية أيضا‪ ،‬تفقدت الديك املقدام‪ ،‬ها هو‪ .‬وها هو محارنا العبقري‪ ،‬مغين البلدة‬
‫الذي كان ينهق نهيقا موزونا ومقفى كلما رأى مسؤوال يتفقد التماثيل واالجنازات‬
‫الوهمية‪ ،‬وكان جدي يقول لي دائما‪ :‬إذا نهق احلمار فقد رأى منكرا‪ ،‬وظللت أردد‬
‫يف دخيليت ‪ :‬صدق احلمار ولو كذب‪ .‬ومع الوقت أحببت النهيق ورحت أقلد معزوفة‬

‫‪214‬‬
‫هذا احليوان األنيق‪ ،‬لكين مل أفلح‪ ،‬كنت أنهق كالعباد فأقلعت متأسفا لفقدان‬
‫جزء من مستقبلي" ( ص ‪).23‬‬
‫استعارة تصرحيية‬ ‫االستعارة ‪ " : 1‬تنسج مواال "‬
‫استعارة مكنية‬ ‫االستعارة ‪ " : 2‬املوال يذهب "‬
‫استعارة مكنية‬ ‫االستعارة ‪ " : 3‬ترعاني الصدف "‬
‫استعارة مكنية‬ ‫االستعارة ‪ " : 4‬الديك املقدام "‬
‫استعارة مكنية‬ ‫االستعارة ‪ " : 5‬محارنا العبقري "‬
‫استعارة مكنية‬ ‫االستعارة ‪ ( " : 6‬محارنا ) مغين "‬
‫استعارة مكنية‬ ‫االستعارة ‪ " : 7‬نهيقا موزونا ‪ /‬مقفى "‬
‫استعارة تصرحيية‬ ‫االستعارة ‪ : 8‬معزوفة هذا احليوان "‬
‫استعارة حية‬ ‫االستعارة ‪" : 9‬صدق احلمار ولو كذب"‬
‫متكننا من استخراج تسع استعارات من هذه الفقرة‪ ،‬صنفناها إىل ثالثة‬
‫أصناف‪ ،‬منها استعارتني تصرحييتني‪ ،‬ست استعارات مكنية‪ ،‬واستعارة حية‪،‬‬
‫وسنكتفي بتحليل مثال من كل صنف ( االستعارات ‪ 2 ،1‬و‪. ) 9‬‬
‫بؤرة االستعارة‬ ‫املستوى املفارق ملرجعه‬ ‫املستوى املطابق ملرجعه‬
‫تنسج‬ ‫تنسج‬ ‫‪ ..‬ها هي حية ‪ /‬مواال‬ ‫‪1‬‬
‫أعرفه‬
‫يذهب‬ ‫يذهب معي إىل اجلبل ‪...‬‬ ‫كان املوال‬ ‫‪2‬‬
‫يف االستعارة األوىل يشبه الكاتب عملية اإلنشاد بالنسج جبامع اإلحكام‬
‫واالنسجام وا لتسلسل الدقيق الذي يف يسم كال من اإلنشاد والنسج‪ .‬وذكر "أعرفه "‬
‫من باب التجريد‪.‬‬
‫ويف االستعارة الثانية يشبه املوال بشخص يرافق الكاتب إىل اجلبل جبامع املعرفة‬
‫واأللفة احملببة‪ ،‬لكنه حذف املشبه به وترك أحد لوازمه املتمثلة يف الذهاب واملرافقة‪،‬‬
‫وذكر "إىل اجلبل حيث أرعى املاعز" مما يالئم املستعار منه من باب الرتشيح ‪.‬‬
‫تقوم االستعارة التصرحيية على التقريب بني املتباعدات والتأليف بني املتنافرات‬
‫بعد املقارنة والكشف عن أوجه التماثل بينها‪ ،‬فمكمن اإلبداع يف االستعارة‬
‫التصرحيية هو يف ابتكار منتجها لعالقات جديدة بني العالمات‪ ،‬ويف إنشاء قارئها‬
‫‪215‬‬
‫لعالقات ال تكون بالضرورة مطابقة ملقاصد منتجها‪ ،‬فهامش التأويل يف االستعارة‬
‫التصرحيية هو ما مينحها جاذبيتها ـ إن صح التعبري ـ وقدرتها على إثارة التفاعل ضمن‬
‫هذا اهلامش الذي ال يتحدد مسبقا‪ ،‬كما أسلفنا‪ ،‬وإمنا هو من إنشاء القارئ‪.‬‬
‫فالكاتب‪ ،‬يف هذا املثال‪ ،‬يعقد مقارنة بني اإلنشاد والنسج‪ ،‬ويفرتض متاثال‬
‫بني العمليتني‪ ،‬وهو ما ال يتفق مع حقيقة مرجعية‪ ،‬بل يكون التماثل يف السيمات‬
‫الداللية (األصعدة املنشأة) اليت نستخلصها من خالل التفاعل بني املستوى املطابق‬
‫ملرجعه واملستوى املفارق ملرجعه‪.‬‬
‫املرجع‬ ‫الدال‬ ‫العالمة‬
‫اإلنشاد‬ ‫‪*1‬‬ ‫' أ'‬
‫‪*2‬‬ ‫تنسج‬ ‫' ب'‬
‫تشري ‪ *1‬إىل تغييب أو انسحاب الدال'أ' لصاحل الدال 'ب' و‪ *2‬إىل تغييب‬
‫املرجع 'ب' لصاحل املرجع 'أ' ويشري السهم إىل ربط عالقة جديدة بني الدال 'ب' واملرجع‬
‫'أ' حيث ينوب عن الدال 'أ' يف اإلحالة إليه‪.‬‬
‫أما التفاعل فهو حيدث على مستوى املدلوالت‪ ،‬وهو ال ينحصر يف بؤرة‬
‫االستعارة‪ ،‬كما أنهى ال حيدث فقط مبجرد استخراج السيمات الداللية من املستوى‬
‫املفارق ملرجعه وإسنادها للمستوى املطابق ملرجعه‪ ،‬ألن هناك عالقة جدلية بني‬
‫املستويني‪ ،‬وعملية االنتقاء ضمن السيمات الداللية اليت يقدمها أحد هذين املستويني ال‬
‫تكون ممكنة إال بالعودة إىل الثاني الختيارها‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫املستوى املفارق ملرجعه‬ ‫التفاعـل‬ ‫املستوى املطابق ملرجعه‬
‫( تنسج )‬ ‫(املوال)‬
‫حركة ‪ /‬إيقاع‬ ‫‪+‬‬ ‫الغناء ‪+‬‬ ‫ـ خصائص‬
‫األصابع‬ ‫ـ‬ ‫واإلنشاد‬
‫الرصف‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫( اللحن‪،‬‬
‫ـ خصائص اخليوط( صوفية‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫انسياب الصوت ومده‪،‬‬
‫قطنية ‪ /‬ملونة ‪)...‬‬ ‫‪+‬‬ ‫اندفاع اهلواء )‬
‫االنتظام‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫اإليقاع ( تقسيم الزمن‬
‫الدقة‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫انتظام النفس )‬
‫احلرفة‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ خصائص الصوت‬
‫القيمة االقتصادية النفعية‬ ‫ـ‬ ‫خصائص فيزيائية‪،‬‬
‫خمارج الصوت‪ ،‬ـ‬
‫الشفتني‪،‬‬ ‫اللسان‪،‬‬
‫‪...‬اخل‬ ‫‪+‬‬ ‫احلنجرة‬
‫‪..‬ـ‬
‫الوجدانية‬ ‫احلمولة‬
‫العاطفية‬
‫تشري ـ إىل السيمات الداللية اليت يتم إقصاؤها‪ ،‬و‪ +‬إىل السيمات الدالليةاليت‬
‫يتم إثباتها‪.‬‬
‫االستعارة ‪ 2‬مكنية‪ ،‬على خالف االستعارة التصرحيية اليت تبدو فيها عالقة‬
‫املشابهة أقوى وأدعى الستحضار اخليال‪ ،‬مبعنى إثارة شبكة من التفاعالت‬
‫و"االقرتانات الرتابطية"‪ ،‬فاالستعارة املكنية تقوم على التشخيص‪ ،‬وينطبق عليها إىل‬
‫حد بعيد قول الكوف وتورنر‪" :‬االستعارة أداة عادية حبيث نستعملها بدون وعي منا‪،‬‬
‫بشكل آلي وبأقل جمهود"‪ ،‬إذ ال يعدو التشخيص أن يكون وظيفة من وظائف‬
‫ا إلدراك‪ ،‬ونسبة االبتكار فيه ـ نظريا ـ أقل‪ ،‬ألن الصورة مبنية على عملية إسقاط‪ ،‬أو‬
‫ما يسمى يف وصف األثر البالغي لالستعارة بـ" إلباس اجملردات ثوب احملسوسات"‪ ،‬أما‬
‫‪217‬‬
‫األثر الداللي لالستعارة‪ ،‬يف هذا املثال‪ ،‬فهو ينجم عن إضافة الذهاب إىل اجلبل إىل‬
‫املوال‪ ،‬فليس املقصود هو تشبيه املوال بإنسان‪ ،‬وإمنا وصف أثر هذا املوال يف نفس‬
‫الكاتب باألثر الذي قد حيسه مع رفيق أليف وحمبب تعود عليه‪ ،‬يالزمه يف خرجاته‬
‫إىل اجلبل حيث يقوم برعي املاعز ‪.‬‬
‫لكن الدراسة املنفصلة لكل مثال على حدى لن تسعفنا قط على الوقوف عند‬
‫مجالياتهما‪ ،‬فبني االستعارة ‪ 1‬واالستعارة ‪ 2‬ترابط طريف حموره هذا "املوال" الذي‬
‫يتفاعل مع دالالت النسيج تارة ومعاني الرفقة واملؤانسة تارة أخرى‪ ،‬ويتقلب على‬
‫الوجهني يف سياق العبارة الواحدة مما خيلق لدى القارئ متعة إضافية حني يتفطن إىل‬
‫التالعب على هذين الوترين‪.‬‬
‫أما االستعارة ‪ ،9‬فنعتربها مثاال فريدا عما أمساه ريكور "االستعارات احلية"‪،‬‬
‫فنحن نؤوهلا كما يلي‪ :‬إن هذا احلمار الذي يصدق حتى وإن كذب‪ ،‬لن يكون سوى‬
‫القاص (الكاتب)‪ ،‬فحمارنا "ينهق حني يرى منكرا " كما يقول اجلد‪ ،‬واملنكر الذي‬
‫نهق له يف النص هو تفقد املسؤولني للتماثيل بدل البشر‪ ،‬ولالجنازات الوهمية وليس‬
‫لالجنازات اليت قد تفيد العباد‪ ،‬أو الواقعية على أقل تقدير حتى وإن كانت تضر‪،‬‬
‫فاملنكر هو هؤالء املسؤولني وما يفعلونه وال يفعلونه‪ ،‬إنهم "ما يأتي من فوق" أو‬
‫"السلطة الفاسدة"‪ ،‬ومن مهام الكاتب الكشف عن هذا الفساد‪ ،‬ففي موضع آخر من‬
‫القصة يقول "وها أنا أكتب القصة ألفضح الشر وأرحل عزيزا كرميا‪ ،‬شاهد عيان‬
‫على الزمن اآلثم‪ ،‬زمانهم" (ص ‪ ،)35‬أما الكذب الصادق هنا‪ ،‬فهو عملية القص‬
‫ذاتها‪ ،‬كما تدعمه شواهد عدة من القصة سياق االستعارة‪" ،‬هكذا فكرت وقتها‬
‫ورحت أقص على جدي حكايا مثرية عن عالقاتي الطيبة مع الريح‪ .‬كنت كذابا‬
‫ماهرا‪ ،‬وكان جدي يدعم هواييت مشجعا إياي على املضي يف سبيلي املنري حماوال‬
‫إخفاء ايتساماته الرائعة‪ ،‬حتى إذا احنرفت قليال أعادني إىل الصراط املستقيم قائال ‪:‬‬
‫هذه العقدة مفضوحة‪ .‬احبث عن عقدة أخرى ‪ .‬هذه الفكرة ليست مجيلة‪ ،‬لو كنت‬
‫مكانك لوضعت كذا‪ .‬إن أستاذا كبري ا يف حجمك ال حيق له أن خيط"" (ص ‪ .)34‬إن‬
‫احلمار ينهق حني يرى منكرا‪ ،‬حبسب املعتقد الشعيب والديين‪ ،‬واملنكر يف املعتقد‬
‫الشعيب والديين هم الشياطني من اجلن‪ ،‬لكن الكاتب استبدل شياطني اجلن‬

‫‪218‬‬
‫بشياطني اإلنس "الشياطني هم حنن‪ ،‬الشياطني هم حنن" (ص ‪ ،)23‬ويقصد بهم‬
‫املسؤول ني أو السلطة الفاسدة من أبناء اجليب‪ ،‬ونهيق احلمار هنا استنكار‬
‫وفضح للمنكر مبعناه اجملازي‪ ،‬كما أن هناك متاثال بني وظيفة احلمار ووظيفة‬
‫الكاتب ‪ /‬الطفل باعتبار ما سيكون‪ ،‬وهي الفضح‪ ،‬ويأتي الكذب‪ ،‬هنا‪ ،‬باحلمولة‬
‫اليت ورد بها يف القصة القصرية‪ ،‬وهي "القص وما يستلزمه من خيال شبه هنا بالكذب‬
‫لكن "على الصراط املستقيم"‪ ،‬يأتي ليحول التماثل املذكور إىل متاهي بني الكاتب‬
‫واحلمار‪ ،‬حيث يصدق الكاتب حتى وإن جلأ إىل السرد اخليالي‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ - 1‬أبو هالل العسكري‪" :‬الصناعتين" حققه وضبط نصه‪ :‬د‪ .‬مفيد قمحة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ 1404 ،2‬ه ‪ 1984‬م‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬عمر أوكان‪" :‬اللغة والخطاب"‪ ،‬افريقيا الشرق‪ ،‬بيروت ـ الدار البيضاء‪ ،2001 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 5‬أحمد دهمان‪" :‬تجليات الخطاب البالغي"‪ ،‬مجلة الموقف األدبي ـ مجلة أدبية شهرية تصدر عن‬
‫اتحاد الكتاب العرب بدمشق ـ العدد ‪ ،431‬آذار ‪ ،2007‬على موقع اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬
‫‪www .awu-dam.org‬‬
‫‪ - 6‬عمر أوكان‪" :‬اللغة والخطاب"‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ - 7‬سمير أبو حمدان‪" :‬اإلبالغية في البالغة العربية‪ ،‬منشورات عويدات الدولية‪ ،‬بيروت ـ باريس‪،‬‬
‫ط‪ ،1991 ،1‬ص ‪.109‬‬
‫‪ - 8‬المرحع نفسه‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 9‬سيد أحمد الهاشمي‪ :‬جواهر البالغة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ ،6‬ص ‪.239‬‬
‫‪ - 10‬د‪ .‬أحمد عبد السيد الصاوي‪" :‬مفهوم االستعارة في بحوث اللغويين والنقاد والبالغيين"‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف باالسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1988 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ - 11‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ - 12‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -13‬أبو هالل العسكري‪" :‬الصناعتين"‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪ -14‬عبد القاهر الجرجاني‪" :‬أسرار البالغة"‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد الفاضلي‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ـ‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1421 ،3‬هـ‪ 2001-‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -15‬د‪ .‬مصطفى ناصف‪" :‬النقد العربي نحو نظرية ثانية"‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬مارس ‪،2000‬‬
‫ص ‪.194‬‬
‫‪ -16‬د‪ .‬يوسف أبو العدوس‪" :‬االستعارة في النقد األدبي الحديث األبعاد المعرفية والجمالية"‪ ،‬األهلية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص ‪.47‬‬
‫‪17- BRIGITTE Nerligh: La Métaphore et la Métonomie ; aux sources‬‬
‫‪rhétoriques des théories sémantiques modernes, http://www.info-‬‬
‫‪métaphore.com.‬‬

‫‪220‬‬
‫‪18 -Fontanier : Les figures de styles, Flammation, Paris, 1988, P. 99.‬‬
‫‪ -19‬د‪ .‬يوسف أبو العدوس‪" :‬االستعارة في النقد األدبي الحديث األبعاد المعرفية والجمالية"‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ -20‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -21‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ - 22‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -23‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -24‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -25‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪26-BRIGITTE Nerligh: La Métaphore et la Métonomie; aux sources‬‬
‫‪rhétoriques des théories sémantiques modernes, http://www.info-‬‬
‫‪métaphore.com‬‬
‫‪ - 27‬ليونارد جاكسون‪" :‬ياكبسون بنيوية التأسيس واالستدراك"‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم خليل‪ ،‬مجلة نزوى‪،‬‬
‫العدد ‪ 10‬ابريل ‪ 1997‬على الموقع ‪. www.nizwa.com‬‬
‫‪ -28‬د‪ .‬يوسف أبو العدوس‪" :‬االستعارة في النقد األدبي الحديث األبعاد المعرفية والجمالية"‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -29‬د‪ .‬عبد اهلل حراصي‪" :‬االستعارة التجربة العقل المتجسد‪ ،‬عرض لمسار الفلسفة التجريبية‬
‫(‪ ،)1990-1980‬مجلة نزوى‪ ،‬العدد ‪ 20‬اكتوبر ‪ ،1999‬على الموقع ‪www.nizwa.com‬‬
‫‪30-BRIGITTE Nerligh: La Métaphore et la Métonomie ; aux sources‬‬
‫‪rhétoriques des théories sémantiques modernes, http://www.info-‬‬
‫‪métaphore.com‬‬
‫‪ -31‬د‪ .‬عبد اهلل حراصي‪" :‬االستعارة التجربة العقل المتجسد‪ ،‬عرض لمسار الفلسفة التجريبية‬
‫(‪ ،)1990-1980‬مجلة نزوى‪ ،‬العدد ‪ 20‬اكتوبر ‪ ،1999‬على الموقع ‪www.nizwa.com‬‬
‫‪32- Cédric Détienne : La métaphore en question, définition de la métaphore,‬‬
‫‪sur http://www.info-metaphore.com‬‬
‫‪ -33‬د‪ .‬يوسف أبو العدوس‪" :‬االستعارة في النقد األدبي الحديث األبعاد المعرفية والجمالية"‪،‬‬
‫ص‪.131‬‬
‫‪ -34‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -35‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ -36‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ -37‬بول ريكور‪" :‬االستعارة والمشكل الجوهري للهيرمينوطيقا"‪ ،‬ترجمة‪ :‬طارق نعمان‪ ،‬مجلة الكرمل‪،‬‬
‫العدد ‪ ،60‬صيف ‪ ،1999‬على الموقع ‪http://www.alkarmel.org:‬‬

‫‪221‬‬
‫‪38- Paul Ricoeur : Temps et Réçit, collection «l’ordre philosophique »,‬‬
‫‪Seuil, Paris, Tome I, Fevrier 1983, p 11.‬‬
‫‪ -39‬بول ريكور‪" :‬االستعارة والمشكل الجوهري للهيرمينوطيقا"‪ ،‬ترجمة‪ :‬طارق نعمان‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪ -40‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪ -41‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -42‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -43‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪ -44‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -45‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫‪46 -BRIGITTE Nerligh : La Métaphore et la Métonomie ; aux sources‬‬
‫‪rhétoriques des théories sémantiques modernes, http://www.info-‬‬
‫‪métaphore.com‬‬
‫‪ - 47‬بول ريكور‪" :‬االستعارة والمشكل الجوهري للهيرمينوطيقا"‪ ،‬ترجمة‪ :‬طارق نعمان‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪ - 48‬ميجان الرويلي وسعد البازغي‪" :‬دليل الناقد األدبي"‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء ـ‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ ،2000 ،2‬ص ‪.108‬‬
‫‪ - 49‬ج براون وج يول‪" :‬تحليل الخطاب"‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد لطفي الزليطني ومنير التركي‪ ،‬النشر‬
‫العلمي والمطابع‪ ،‬جامعة الملك سعود‪ ،‬الرياض‪ ،1997 ،‬ص ‪.240‬‬

‫‪222‬‬

You might also like